You are on page 1of 41

‫القواعد األصولية‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬إميان قبوس‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل وكفي ‪ ،‬والصالة والسالم على النيب اجملتىب‬
‫القواعد ألصولية ‪:‬‬

‫نبدأ بالتعريف ؛ وذلك ألمرين‪:‬‬

‫‪ -1‬أنه ال ميكن اخلوض يف علم إال بعد تصوره ‪ ،‬والتصور يستفاد من التعريف‪.‬‬

‫‪ -2‬أن من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل يف حتقيقه وحتصيله ‪.‬‬

‫علم القواعد األصولية ‪ ،‬مركب من كلمتني ‪ :‬قواعد و أصول‬

‫‪ ‬القواعد ‪:‬‬

‫لغة ‪ :‬األساس ومجعها قواعد ‪ ،‬فهي أسس الشيء وأصوله الذي يبىن عليه ذلك الشيء سواء كان‬
‫ذلك البناء حسي كقواعد الدار أو معنوي كقواعد الدين ‪.‬‬

‫أما اصطالحًا ‪ :‬هي قضية كلية تنطبق على جزئياهتا ‪.‬‬

‫‪ ‬أصول ‪:‬‬
‫األصول مجع أصل ‪ ،‬وهو يف اللغة ما ينبين عليه غريه سواء كان البناء حسي أو معنوي ‪ ،‬فاألول‬
‫كإطالقهم األصل على أساس الدار والشجرة ‪ ،‬والثاين ‪ :‬كقوهلم احلقيقة أصل اجملاز‪.‬‬
‫أما في االصطالح فأصول الفقه باعتباره لقب وعلم ‪ ،‬يعرف بتعريفني‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريف بالنظر الى موضوعه‪:‬‬

‫معرفة أدلة الفقه اإلمجالية ‪ ،‬وكيفية استفادة األحكام منها ‪ ،‬وحال املستفيد‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف أصول الفقه بالنظر إلى فائدته‬

‫العلم بالقواعد اليت يتوصل هبا إ ىل استنباط األحكام الشرعية العملية من أدلتها ‪.‬‬

‫األصولي يبحث في األدلة اإلجمالية ‪ ،‬والفقيه يبحث في األدلة التفصيلية ‪ ،‬فما الفرق بينهما؟‬
‫معنى اإلجمال لغة ‪ :‬يطلق على ثالث معاني ‪:‬‬

‫‪ -1‬اجلمع ‪ :‬ومن ذلك أمجل احلساب ‪.‬‬


‫‪ -2‬اإلهبام ‪ :‬ومن ذلك مسألة جمملة ‪،‬أي ‪:‬مبهمة‬
‫‪ -3‬اإلذابة ‪ :‬ومن ذلك قوهلم ‪ :‬هذا شحم مجيل أي مذاب ‪.‬‬
‫و األدلة اإلمجالية ‪ :‬يتحقق فيها معىن اجلمع واإلهبام ؛ ألهنا جتمع أحكام جزئيات كثرية من غري‬
‫ذكر حكم مسألة معينة ‪ ،‬فمثًال‪ " :‬األمر املطلق يقتضي الوجوب " يدخل فيه كل أمر مطلق يف‬
‫الكتاب والسنة ‪ ،‬لكنه مل ينص على األمر بالوضوء أو األمر بسرت العورة ‪ ،‬أو األمر بالزكاة‬
‫أو ‪.....‬‬

‫أما معنى التفصيل ‪ :‬فهو البيان ‪ ،‬كما يف قوله تعاىل ‪  :‬وكذلك نفصل اآليات ‪ ‬يعين نبينها ‪ ،‬فهذه‬
‫األدلة تبني أحكام املسائل اليت تتضمنها ‪ .‬فقوله تعاىل‪  :‬أقيموا الصالة ‪ ‬دليل تفصيلي على وجوب‬
‫الصالة ‪ .‬وهذا حبث الفقيه ‪.‬‬

‫تعريف القواعد األصولية باعتباره علًم ا ولقًبا ‪ :‬قضية كلية تنطبق على جميع جزئياتها‪.‬‬

‫تعريف القاعدة الفقهية ‪ :‬هي قضية كلية تنطبق على أكثر جزئياهتا ‪.‬‬
‫الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة األصولية ‪:‬‬

‫الفقهية‬ ‫األصولية‬ ‫من حيث‬


‫هي عبارة عن جمموعة أحكام متشاهبة‬ ‫القواعد األصولية بالنسبة للفقه تعترب‬ ‫الفائدة‬
‫ترجع إىل علة واحدة جتمعها ‪،‬‬ ‫الضابط وامليزان الستنباط الفقه ‪.‬‬
‫وتفيد الفقيه يف اإلملام باملسائل املتعددة ‪.‬‬
‫قاعدة أغلبية تنطبق على أكثر جزئياهتا‬ ‫قاعدة كلية تنطبق على جميع جزئياهتا‬ ‫الشمول‬
‫متأخرة يف الوجود الذهين ويف الواقع (من‬ ‫ليست متأخرة عن الفروع الفقهية يف‬ ‫الوجود‬
‫حيث التأليف ) عن الفروع الفقهية ‪.‬‬ ‫الذهن وإن كانت متأخرة عنها يف‬ ‫الذهني‬
‫التأليف‬
‫املسائل الفرعية املتشاهبة‬ ‫االستمداد مستمدة من علم اللغة والكالم وتصور‬
‫األحكام الشرعية‬
‫تتعلق بأفعال املكلفني‬ ‫الموضوع تتعلق باألدلة الشرعية‬
‫أهمية دراسة القواعد األصولية ‪:‬‬

‫‪ -1‬القدرة على استنباط األحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية ‪.‬‬


‫‪ -2‬فهم األحكام اليت استنبطها اجملتهدون السابقون حق الفهم واالطمئنان إىل ما ذهبوا إليه واحلكم‬
‫على املسائل اليت مل ينص عليها إمام املذهب وذلك بالتخريج على قواعده ‪.‬‬
‫‪ -3‬حفظ الدين وصون أدلته الكربى عن شبهة املظلني فبواسطة علم أصول الفقه نستطيع الرد على‬
‫من أنكر القياس وخرب الواحد وغري ذلك من األدلة الشرعية ‪.‬‬
‫‪ -4‬املقارنة بني املذاهب الفقهية يف املسألة الواحدة وترجيح أقوى األقوال فيها ؛ وذلك ألن الرتجيح‬
‫يعود إىل قوة وصحة الدليل وهذا يعتمد على القواعد األصولية ‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلعانة على فهم سائر العلوم األخرى كالتفسري واحلديث والفقه والعقيدة ؛ ألن علم أصول الفقه‬
‫حيقق قوة اإلدراك للحقائق والكشف عن دفائن هذه العلوم وكيفية النظر فيها واالستفادة ‪.‬‬
‫‪ -6‬االطالع على قدر كبري من حلكم والغايات يف الشريعة ‪.‬‬
‫‪ -7‬معرفة أن املذاهب الفقهية قد سارت على وفاق منهج معني فريتفع بذلك الشكوك عن تلك‬
‫املذاهب وأصحاهبا ‪.‬‬
‫‪ -8‬الوقوف على أهم أسباب اختالفات الفقهاء ؛فإن من أسباب اخلالف الفقهي اختالفهم يف القواعد‬
‫األصولية ‪،‬وبذلك يعلم طالب العلم أن هذه القواعد مل تكن اعتباطية ‪.‬‬
‫نشأت القواعد األصولية ‪:‬‬
‫‪ -1‬كان املسلمون األوائل يف عهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم يتلقون األحكام بواسطة ما‬
‫يوحى إىل لنيب صلى اهلل عليه وسلم سواء كان قرآن أو قوله أو فعله ‪ ،‬فلم يكونوا حباجة إىل‬
‫االجتهاد ‪ ،‬ومن تعذر عليه الرجوع إىل النيب صلى اهلل ليه وسلم جيتهد ومثال ذلك قصة معاذ‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬بعد انتقال النيب ‪‬إىل الرفيق األعلى ‪:‬‬

‫كانوا يستنبطون األحكام من الكتاب والسنة وهذان املصدران العمدة يف التشريع ‪ ،‬والقرآن‬
‫نزل باللغة العربية والسنة كذلك ‪ ،‬والصحابة عرب لذلك كان لديهم القدرة على‬
‫االستنباط ‪،‬أضف إىل ذلك مصاحبتهم للنيب صلى اهلل عليه وسلم ففهموا وعقلوا املقاصد‬
‫الشرعية ‪،‬فلم يدونوا لقواعد األصولية ‪.‬‬

‫‪ -3‬عصر التابعني ‪:‬‬

‫فكانوا كذلك يستنبطون األحكام من الكتاب والسنة ومل يكونوا حباجة إىل التدوين ؛وذلك‬
‫لقرهبم من عهد الصحابة ‪ ،‬ولتمكنهم من اللغة العربية ومعرفتهم لناسخ واملنسوخ ‪..‬ومل تكن‬
‫الوقائع كثرية ‪.‬‬

‫‪ -4‬بعد انقضاء عهد الصحابة واتساع رقعة الدولة اإلسالمية خصوصًا يف عصر الدولة العباسية‬
‫اختلطت األمة العربية بغري العرب (العجم) فأدى ذلك لضعف اللسان العريب ‪،‬إضافة إىل بعد‬
‫العهد برواة األحاديث ‪ ،‬وكثرة اخلالف بني اجملتهدين وتنوع طرق استنباطهم واجتهادهم من‬
‫ذلك ظهور مدرسيت احلديث والرأي ‪ ،‬فسلك كل جمتهد طريقة الجتهاده‪ ،‬يف ذلك الوقت‬
‫بعث عبد الرمحن بن مهدي إىل اإلمام الشافعي يطلب منه أن يكتب له قواعد يستفيد منها يف‬
‫االستنباط فكتب له رسالة تكلم فيها عن القرآن والسنة والناسخ واملنسوخ واالحتجاج خبرب‬
‫الواحد وحجية اإلمجاع والقياس واالستحسان وغري ذلك من املوضوعات األصولية ‪.‬‬

‫فأول مؤلف يف أصول الفقه هو كتاب الرسالة لإلمام الشافعي ‪.‬‬

‫‪ -5‬بعد اإلمام الشافعي اختلف العلماء يف طريقة التأليف ألصول الفقه وظهرت عدة طرق أوهلا‬
‫طريقة اجلمهور وتسمى كذلك طريقة املتكلمني وطريقة الشافعية ‪ ،‬واألصح هو املسمى األول‬
‫؛ وذلك ألن ممن كتب على هذه الطريقة ُينابذ علم الكالم كاإلمام السمعاين – رمحه اهلل‪،-‬‬
‫كما أن علماء املالكية واحلنابلة كتبوا على هذه الطريقة ‪ ،‬فتخصيص هذه الطريقة بالشافعية‬
‫ليس باألمر الدقيق ‪ ،‬وإن كانوا هم أول من كتب يف هذه الطريقة ‪.‬‬

‫وتتميز هذه الطريقة بـ ‪:‬‬

‫اهتمامهم بتحقيق املسائل األصولية وما فيها من اخلالف أكثروا من األدلة العقلية ومن املسائل الكالمية ‪،‬‬
‫ومل يتطرقوا إىل الفروع الفقهية إال مبا خيدم القاعدة األصولية ‪ .‬ونلخص ما متيزت به طريقة اجلمهور ‪:‬‬
‫‪ )1‬االهتمام بتحرير القاعدة األصولية ‪.‬‬
‫‪ )2‬إقامة األدلة والرباهني على صحة هذه القاعدة ‪.‬‬
‫‪ )3‬اإلكثار من ذكر األدلة العقلية‪.‬‬
‫‪ )4‬دفع االعرتاضات اليت قد ترد على القاعدة ‪.‬‬
‫‪ )5‬عدم النظر إىل الفروع الفقهية إال بقدر ما خيدم القاعدة األصولية ‪.‬‬

‫من أهم الكتب التي ألفت على هذه الطريقة ‪:‬‬

‫‪ )1‬كتاب العمد للقاضي عبد اجلبار املعتزيل املتويف (‪415‬هـ)‬


‫‪ )2‬كتاب املعتمد ألبو حلسني البصري املعتزيل املتويف (‪436‬هـ)‬
‫‪ )3‬كتاب الربهان إلمام احلرمني عبد امللك بن يوسف اجلويين (أبو املعايل) ت (‪478‬هـ)‬
‫‪ )4‬كتاب املستصفى لإلمام حجة اإلسالم أبو حامد حممد الغزايل ‪ ،‬ت(‪505‬هـ)‬

‫الكتب العمدة التي جمعت ما في الكتب األربعة السابقة ‪:‬‬

‫‪ -1‬كتاب احملصول لإلمام فخر اإلسالم الرازي ‪،‬ت(‪606‬هـ)‬


‫‪ -2‬كتاب اإلحكام يف أصول األحكام لسيف الدين اآلمدي ‪،‬ت(‪631‬هـ)‬
‫ـ‬
‫الطريقة (‪ : )2‬طريقة الحنفية (الفقهاء)‪:‬‬
‫مسيت بطريقة حلنفية ؛ ألهنم الذين كتبوا على هذه الطريقة ‪.‬‬
‫ومسيت بطريقة الفقهاء ؛ ألهنم بنوا املسائل األصولية على الفروع الفقهية ‪.‬‬

‫ميزات هذه لطريقة ‪:‬‬

‫‪ )1‬بناء القواعد األصولية على الفروع الفقهية عند أئمتهم ‪.‬‬


‫‪ )2‬إقامة ألدلة على حجية القاعدة ‪ ،‬ودفع االعرتاضات اليت قد ترد عليها ‪.‬‬
‫‪ )3‬ال يكثرون من املسائل الكالمية واألدلة العقلية ‪.‬‬

‫أشهر الكتب المؤلفة على هذه الطريقة ‪:‬‬


‫‪ )1‬أصول اجلصاص أبو بكر الرازي ويسمى بـ (الفصول يف األصول ) ‪،‬ت(‪370‬هـ)‬
‫‪ )2‬كتاب أصول البزدوي ويسمى بـ (كنز الوصول إىل معرفة األصول) لفخر اإلسالم علي بن حممد‬
‫بن احلسن بن عبد الكرمي البزدوي ‪/‬ت(‪482‬هـ) املعروف بأيب العسر‪.‬‬
‫‪ )3‬كتاب أصول السرخسي ألبو بكر بن عبد اهلل السرخسي ‪،‬ت( ‪483‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ )4‬كتاب ملنار حلافظ الدين النسفي ‪،‬ت(‪710‬هـ)‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الطريقة (‪ : )3‬طريقة المتأخرين في القرن (‪ )7‬للهجرة وتسمى كذلك "الجمع بين‬


‫الطريقتين"‪:‬‬
‫من الكتب المؤلفة على هذه الطريقة ‪:‬‬
‫‪ )1‬أول كتاب ألف على هذه الطريقة كتاب بديع النظام ملظفر الدين الساعايت اجلامع بني ‪:‬‬
‫( أصول البزدوي ‪ ،‬واإلحكام لألمدي )‪،‬ت(‪694‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ )2‬كتاب تنقيح األصول لصدر الشريعة احملبويب مجعه من ‪ ( :‬أصول البزدوي ‪ ،‬واحملصول‬
‫للرازي ‪ ،‬وخمتصر ابن احلاجب )‪،‬ت(‪747‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ )3‬كتاب مجع اجلوامع لتاج الدين ابن السبكي ألفه من مائة كتاب ‪،‬ت(‪771‬هـ) ‪.‬‬

‫الطريقة (‪ : )4‬طريقة تخريج الفروع على األصول ‪:‬‬

‫وهو العلم الذي يبني اخلالف واألثر الفقهي الستنباط األحكام بناء على تقرر يف اخلالف من القاعدة‬
‫األصولية ‪.‬‬

‫من أهم الكتب المؤلفة على هذه الطريقة ‪:‬‬

‫‪ )1‬تأسيس النظر للقاضي أيب زيد الدبوسي ‪ ،‬ت(‪430‬هـ) مجع فيه (‪)86‬أصل ‪ ،‬وهو أول كتاب‬
‫تناول القواعد األصولية ‪( .‬حنفي )‪.‬‬
‫‪ )2‬ختريج الفروع على األصول لشهاب الدين حممود بن أمحد الزجناين املقتول على يد التتار ‪،‬قسم‬
‫هذا الكتاب على ألبواب الفقهية ) ‪،‬ت(‪656‬هـ) ‪(.‬شافعي )‪.‬‬
‫‪ )3‬كتاب مفتاح الوصول إىل بناء الفروع على األصول للتلمساين الشريف ‪،‬ت(‪771‬هـ) ‪(.‬مالكي )‪.‬‬
‫‪ )4‬كتاب التمهيد يف ختريج الفروع على األصول لإلمام مجال الدين األسنوي ‪،‬ت(‪772‬هـ)‪.‬‬
‫(شافعي )‪.‬‬
‫‪ )5‬القواعد والفوائد األصولية أليب احلسن عال الدين علي البعلي احلنبلي املشهور بابن اللحام ‪ ،‬ت(‬
‫‪803‬هـ)‪.‬‬

‫الطريقة (‪ : )5‬طريقة بناء األصول على مقاصد الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬

‫وهو العلم الذي يعتين بيان املصاحل واحلكم والغايات اليت راعاها الشرع عند التشريع لتحقيق مصاحل العباد‬
‫‪.‬‬

‫من الكتب المؤلفة على هذه الطريقة ‪:‬‬

‫‪ )1‬كتاب املوافقات للشاطيب‬


‫‪ )2‬كتاب القواعد الكربى لإلمام الغز بن عبد السالم ‪.‬‬
‫‪ )3‬كتاب مقاصد الشريعة البن عاشور ‪(.‬مالكي معاصر )‬
‫____________________________________________________________‬

‫قاعدة ‪ :‬ال تكليف على الصبي والمحنون والناسي والغافل والنائم والمغمى عليه‬
‫التكليف لغة ‪ :‬طلب ما فيه كلفة ومشقة ‪.‬‬
‫اصطالًح ا ‪ :‬اخلطاب بأمر أو هني ‪.‬‬
‫شروط التكليف‪ :‬للتكليف شروط بعضها يرجع إىل املكلف وبعضها يرجع إىل الفعل املكلف به ‪.‬‬
‫أما شروط املكلف ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون عاقًال‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون بالًغا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يفهم اخلطاب‬
‫فخرج بشرط العقل ‪ :‬اجملنون وإن كان بالًغا ‪ ،‬فإنه ال ميكن تكليفه ‪.‬‬
‫وخرج بشرط البلوغ ‪ :‬الصيب ‪ ،‬وإن كان عاقٌال ‪ ،‬فإنه ال ميكن تكليفه ‪.‬‬
‫وخرج بشرط الفهم ‪ :‬النائم والغافل والساهي ‪ ،‬فإنه ال ميكن تكليف هؤالء لعدم الفهم وهي‬
‫يف حالتهم تلك‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة تكليف الصبي غير المميز‬
‫هو‪ :‬الذي ال مييز وال يفرق بني األشياء ‪ ،‬فال مييز الطيب من اخلبيث ‪ ،‬واجليد من السيء ‪ ،‬وهو ما دون‬
‫سبع سنوات ‪.‬‬
‫فهذا ال تكليف عليه ؛ لعدم فهمه اخلطاب الوارد من الشارع ‪ ،‬ولعدم صحة النية والقصد منه‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة تكليف الصبي المميز‬
‫هو‪ :‬الذي مُي يز األشياء ‪ ،‬فيميز اجليد من السيء ‪ ،‬والطيب من اخلبيث ‪ ،‬وهو من جتازو سن السابعة من‬
‫عمره ‪.‬‬
‫واختلف العلماء يف تكليفه على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ -1‬اجلمهور ‪ :‬الصيب املميز غري مكلف ؛ ألنه وإن كان مميز لألشياء ويفهم اخلطاب إال أن‬
‫الشارع وضع عنه التكليف ؛ ألن العقل والفهم يتزايد تزايًد ا غري واضح ‪ ،‬فال ميكن الوقوف‬
‫على أول وقت فهم اخلطاب ؛ لذلك جعل الشارع له عالمة وهو البلوغ‪.‬‬
‫‪ -2‬رواية عن اإلمام أمحد ‪ :‬الصيب املميز مكلف ؛ ألنه مييز احلقائق ويفهم اخلطاب ‪ ،‬فقد توفر فيه‬
‫الشروط اليت تشرتط يف البالغ – وهي العقل والفهم – فهو إذًا مكلف ‪.‬‬
‫‪ -3‬رواية عن اإلمام أمحد وابن سريج من الشافعية ‪ :‬التفريق بني الصيب املميز البالغ عشر سنني‬
‫وبني الصيب املميز أقل من عشر سنني ‪ ،‬فالبالغ عشر سنني يكلف بالصالة ‪ ،‬أما من هو أقل‬
‫فال يكلف ‪.‬‬
‫وأجاب اجلمهور على القول الثالث‪ :‬بأن األمر بالصالة لسبع والضرب عليها لعشر ‪ ،‬ليس من جهة‬
‫الشارع وإمنا من جهة الويل ‪ ،‬فاخلطاب كان موجه لألولياء ال للصبيان ‪ ،‬مث األمر والضرب هنا‬
‫للتأديب ‪.‬‬
‫من الفروع فقهية للقاعدة ‪:‬‬
‫إذا خلت املميزة مباء يسري يف طهارهتا ‪ ،‬وقلنا ال جيوز للرجل التطهر مبا خلت به املرأة بناء على املذهب‬
‫احلنبلي ‪ ،‬فهل جيوز للرجل التطهر مبا خلت به املميزة ؟‬
‫‪ -‬إذا قلنا أن املميزة مكلفة ‪ ،‬فال جيوز للرجل التطهر هبذا املاء‪.‬‬
‫إذا قلنا أن املميزة ليست مكلفة ‪ ،‬فيجوز للرجل التطهر هبذا املاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬تكليف الناسي والغافل والنائم والمغمى عليه‬
‫اختلف يف ذلك على مذهبني‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الناسي والغافل والنائم واملغمى عليه غري مكلفني حالة النسيان والغفلة والنوم واإلغماء ‪،‬‬
‫ذهب إىل ذلك مجهور العلماء‪.‬‬
‫وهو الصحيح ؛ ألن هؤالء يف تلك احلالة فقدوا شرط فهم اخلطاب ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الناسي والغافل والنائم واملغمى عليه مكلفون ‪ ،‬ذهب إىل ذلك بعض احلنفية ‪.‬‬
‫واستدلوا على تكليفهم ‪ :‬بأن هؤالء لو أتلفوا شيًئا وهم يف تلك احلالة لوجب ضمان املتلف ‪،‬‬
‫والوجوب من األحكام التكليفية ‪ ،‬فلو مل يكونوا مكلفني ملا وجب عليهم شيء‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية‪:‬‬
‫إذا متضمض فسبق املاء إىل حلقه من غري قصد وهو ذاكر للصوم ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -‬صومه صحيح وال قضاء عليه عند الشافعية واحلنابلة ‪.‬‬
‫‪ -‬جيب عليه القضاء عند احلنفية ‪.‬‬
‫‪ -‬املالكية ‪ :‬يقضي يف الفرض والواجب وال قضاء عليه يف التطوع ‪.‬‬
‫احملرم إذا تطيب أو ليس ناسًيا ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -‬ال تلزمه الفدية عند الشافعية واملالكية‪.‬‬
‫‪ -‬تلزمه الفدية عند احلنفية واحلنابلة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة تكليف المكره‬
‫املكره على قسمني‪:‬‬
‫‪ -1‬املكره الـُم لَج أ ‪ ،‬وهو‪ :‬من محل على أمر يكرهه وال يرضاه ‪ ،‬وال يتعلق به قدرته واختياره ‪.‬‬
‫كمن ألقي من شاهق على مسلم فقتله ‪ ،‬أو ُألقي على مال فأتلفه ‪ ،‬فهذا غري مكلف اتفاًقا ؛ ألنه‬
‫مسلوب القدرة غري خمتار كاآللة ‪.‬‬
‫‪ -2‬املكره غري الـُم لجأ ‪ ،‬وهو ‪ :‬من مُح ل على أمر يكرهه وال يرضاه ‪ ،‬ولكن تتعلق به قدرته‬
‫واختياره وإرادته ‪ ،‬كمن قيل له ‪ :‬اقتل أخاك املسلم وإال قتلناك ‪ ،‬أو اقطع يد أخاك وإال‬
‫قطعناك‪.‬‬
‫فهذا اختلف فيه األصوليون‪:‬‬
‫‪ -‬أنه مكلف ‪ ،‬وذهب إىل ذلك مجهور العلماء ‪.‬‬
‫وهو الصحيح ؛ ألن شروط التكليف قد توفرت فيه ‪ ،‬فما املانع من تكليفه ؟‬
‫‪ -‬أن املكره غري امللجأ غري مكلف ‪ ،‬ذهب إىل ذلك املعتزلة وبعض الشافعية واحلنابلة ‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا أكره احلاج على الوطء قبل التحلل األول فهل يفسد حجه؟‬
‫‪ -‬يفسد حجه ؛ ألن املكره مكلف‪.‬‬
‫‪ -‬ال يفسد حجه ؛ ألن املكره غري مكلف‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا اكره على طالق زوجته ‪ ،‬فهل يقع الطالق ؟‬
‫‪ -‬يقع الطالق ؛ ألن املكره مكلف ‪.‬‬
‫‪ -‬ال يقع الطالق ؛ ألن املكره غري مكلف‪.‬‬
‫‪ -3‬املكره إذا قتل من يرث منه ‪ ،‬هل مينع ذلك من املرياث ؟‬
‫‪ -‬مينع من املرياث ؛ وهو الصحيح ؛ ألنه مكلف قادر على االمتناع ‪.‬‬
‫‪ -‬ال مينع من املرياث ‪ ،‬بل يرث ؛ ألن املكره غري مكلف ‪.‬‬
‫القاعدة ‪ :‬القراءة الشاذة‬
‫يشرتط يف القرآن ثالثة شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬موافقة العربية ولو بوجه‪.‬‬
‫‪ -2‬موافقة أحد املصاحف العثمانية‪.‬‬
‫‪ -3‬صحة سندها‪.‬‬
‫ويف ذلك يقول اجلزري يف " طيبة النشر"‬
‫وكاَن الرسِم احتماًال حيوي‬ ‫َفُك ما وافَق وجه حنِو‬
‫ُل‬
‫فهذه الثالث ـ ـ ـةُ األركـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاُن‬ ‫وصَّح إسنادًا هو القرآن‬
‫شذوده لو أنه يف السبعِة‬ ‫وحيثما خيتُل ركَّن أثبت‬
‫من أمثلة القراءة الشاذة‪:‬‬
‫قراءة عائشة وحفصة –رضي اهلل عنها ‪ : -‬حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى صالة‬ ‫‪-1‬‬
‫العصر‪‬‬
‫‪ -2‬قراءة ابن عباس ‪  ‬ال جناح عليكم أن تبتغوا فضًال من ربكم يف مواسم احلج ‪‬‬
‫‪ -3‬قراءة ابن مسعود ‪  ‬السارق والسارقة فاقطعوا أمياهنما ‪‬‬
‫‪ -4‬قراءة ُأيب بن كعب ‪  ‬الذين يؤلون ممن نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فيهن فإن اهلل‬
‫غفور رحيم ‪‬‬
‫‪ -5‬قراءة ُأيب بن كعب ‪  ‬فعدة من أيام آخر متتابعات ‪‬‬
‫أقوال األصوليني يف املسألة ‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬حجة ‪ ،‬وهو مذهب احلنفية واحلنابلة والتحقيق من مذهب الشافعي ‪.‬‬
‫ودليلهم يف ذلك‪ :‬املنقول ال خيرج من حالني‪:‬‬
‫أما أن يكون قرآًنا ‪ ،‬أو يكون خًربا عن النيب ‪‬‬
‫وعلى كل التقديرين جيب العمل به ‪ ،‬وكل ما وجب العمل به فهو حجة ‪.‬‬
‫املذهب الثاين‪ :‬ليس حجة ‪ ،‬وهو مذهب املالكية والشافعية‬
‫ودليلهم يف ذلك‪ :‬أن املنقول ال خيلوا من حالني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أما أن ينقلها على أهنا قرآن ‪ ،‬وبالتايل فهو نقل خطأ ‪ ،‬نظًر ا لوروده عن الواحد فال حيتج‬
‫به ؛ ألن القرآن متواتر‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬نقلها على أهنا ليست بقرآن ففيه احتمالني‪:‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬أنه أورده يف معرض البيان فهو مذهًبا له ‪ ،‬فال يكون حجة على غريه‪.‬‬
‫االحتمال الثاين‪ :‬أن يكون أورد املنقول استناًد ا إىل خرب قد مسعه إىل النيب ‪ ، ‬ولكن هذا احتمال ‪ ،‬وإذا‬
‫تطرق االحتمال إىل الدليل بطل االستدالل به ‪.‬‬
‫من التطبيقات الفقهية على القاعدة األصولية‪:‬‬
‫هل يشرتط التتابع يف الصيام يف كفارة اليمني‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -‬الذين قالوا القراءة الشاذة حجة قالوا‪ :‬جيب التتابع يف الصيام ‪.‬‬
‫‪ -‬الذين قالوا القراءة الشاذة ليست حجة مل يوجبوا التتابع يف الصيام‪.‬‬
‫هل النفقة جتب على كل ذي رحم حمرم ‪ :‬اختلف الفقهاء على قولني‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -‬الذين قالوا القراءة الشاذة حجة ‪،‬قالوا‪ :‬جتب النفقة لكل ذي رحم حمرم لقراءة ابن مسعود‪:‬‬
‫‪ ‬وعلى الوارث ذي الرحم احملرم مثل ذلك ‪‬‬
‫‪ -‬الذين قالوا القراءة الشاذة ليست حجة قالوا‪ :‬ال جتب النفقة إال على الوالدين واملولودين‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قاعدة ‪ :‬األمر المطلق يفيد الوجوب‬
‫اختلف علماء األصول يف صيغة ( افعل ) إذا جتردت عن القرائن ماذا تقتضي حقيقة على مذاهب كثرية ‪ ،‬من أمهها‪:‬‬
‫‪ -1‬أهنا حقيقة يف الوجوب ‪ ،‬جماًز ا يف غريه ‪ ،‬وهو قول أكثر العلماء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أهنا حقيقة يف الندب ‪ ،‬وجماًز ا يف غريه ‪ ،‬وهو مذهب بعض الشافعية وكثري من املعتزلة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أهنا تقتضي اإلباحة ‪ ،‬وال حتمل على غريها من الوجوب والندب إال بقرينة ‪ ،‬وهو مذهب بعض‬
‫الشافعية ‪.‬‬
‫‪ -4‬التوقف يف معىن صيغة ( افعل ) حىت يرد دليل أو قرينة تدل على املعىن املراد ‪ ،‬وهو مذهب كثري من‬
‫األشاعرة‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية على القاعدة ‪:‬‬
‫اختالفهم يف اإلشهاد على املراجعة هل هو واجب أم ال ؟‬
‫لقوله تعاىل‪  :‬فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن مبعروف أو فارقهن مبعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ‪‬‬
‫‪ -‬فأصحاب املذهب األول يقولون ‪ :‬إن األمر املطلق يف قوله تعاىل‪ :‬وأشهدوا ‪ ‬للوجوب ‪ ،‬فيجب‬
‫اإلشهاد على املراجعة وإن تركه فهو آمث ‪.‬‬
‫‪ -‬أما أصحاب املذهب الثاين القائلني‪ :‬إن األمر املطلق للندب فقالوا ‪ :‬األمر يف قوله ‪ ‬وأشهدوا ‪‬‬
‫للندب ‪ ،‬فاإلشهاد مندوب إليه ‪ ،‬فإن تركه فال إمث عليه ‪ ،‬فاآلمر املطلق يف اآلية للندب‪.‬‬
‫‪ -‬أما أصحاب املذهب الثالث القائلني بأن األمر املطلق لإلباحة فقالوا‪ :‬األمر يف قوله ‪ ‬وأشهدوا ‪‬‬
‫لإلباحة ‪ ،‬فإن تركه أو فعله فال إمث عليه وال أجر له ‪.‬‬
‫‪----------------------------------------------------------------‬‬
‫قاعدة ‪ :‬األمر بعد الحظر‬
‫صورة القاعدة ‪ :‬أن يأيت أمر بعد حظر – أي بعد هني – سابق له ‪.‬‬
‫مثاله ‪ :‬قوله تعاىل‪  :‬وإذا حللتم فاصطادوا ‪ ، ‬األمر فاصطادوا جاء بعد حظر الصيد وحترميه على احملرم‪.‬‬
‫اختلف األصوليون على أقوال كثرية يف املسألة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن األمر بعد احلظر يقتضي اإلباحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن األمر بعد احلظر يقتضي االستحباب‪.‬‬
‫‪ -3‬أن األمر بعد احلظر يقتضي الوجوب كما لو مل يتقدمه حظر‪.‬‬
‫‪ -4‬األمر بعد احلظر حكمه حكم ما كان قبل احلظر ‪ ،‬فإن كان األمر قبـل احلظـر لإلباحـة فهـو بعـد‬
‫احلظــر لإلباحــة ‪ ،‬وإن كــان واجًب ا فهــو بعــد احلظــر واجًب ا ‪ ،‬وإن كــان مســتحًبا فهــو بعــد احلظــر‬
‫مستحًبا‪.‬‬
‫‪ -5‬األمــر إن كــان بعــد احلظــر أمــر صــريح بلفظــه ‪ ،‬كمــا لــو قــال ‪ :‬أمــرتكم بالصــيد إذا حللتم ‪ ،‬أو‬
‫أوجبت عليكم الصيد إذا حللتم ‪ ،‬ففي هذه احلالة يقتضي الوجوب ‪.‬‬
‫أما إذا كان األمر بصيغة " افعل " فإنه يقتضي اإلباحة ‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية‪:‬‬
‫‪ -1‬حكم زيارة القبور للرجال‬
‫اختلف يف ذلك على قولني‪:‬‬
‫الق ـ ــول األول‪ :‬أن زي ـ ــارة القب ـ ــور مباحـ ــة ؛ ألن الرس ـ ــول ‪ ‬ق ـ ــال‪ " :‬كنتم هنيتكم عن زيـ ــارة القبـ ــور أال‬
‫فزوروها " وهو أمر بعد النهي ‪ ،‬واألمر بعد النهي لإلباحة ‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن زيارة القبور مندوب إليها ؛ ألن األمــر بزيارهتا ‪ ،‬وإن كــان بعــد هني ‪ ،‬لكن الرســول ‪‬‬
‫علله بأنه " يذكر املوت واآلخرة " ‪ ،‬وذلك مطلوب شرًعا‪.‬‬
‫‪-2‬حكم النظر إىل املخطوبة‬
‫اختلف يف ذلك على قولني ‪:‬‬
‫القول األول‪:‬إن النظر إليها مباح ؛ ألنـه أمـر بعـد هني ؛ حيث هني عن النظـر إىل املرأة األجنبيـة ‪ ،‬مث أمـر‬
‫بالنظر إليها يف قوله ‪ " : ‬اذهب فانظر إليها " ‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن النظر إليها مندوب إليه ؛ ألن األمر وإن كـان أمـًر ا بعـد هني لكنـه معلـل بعلـة تـدل على‬
‫أنه أريد باألمر الندب ‪ ،‬وهي ‪ :‬قوله ‪ " :‬فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قاعدة‪( :‬األمر المطلق هل يقتضي التكرار؟ )‬
‫التكرار ‪ :‬تأيت بالفتح والكسر ‪ ،‬وال يقصد به إعادة الفعل ‪،‬وإمنا يقصدون به استيعاب مجيع الزمان بالفعل‬
‫‪.‬‬

‫تحرير محل النزاع ‪:‬‬


‫أن األمر إذا اقرتنت به قرينة تدل على التكرار يعمل هبذه القرينة فيحمل على التكرار ‪ ،‬وإذا اقرتنت به‬
‫قرينة تدل على ملرة الواحدة فيعمل هبا فيحمل على املرة الواحدة ‪.‬‬

‫مثال القتران القرينة ‪:‬‬

‫مثال على التكرار ‪:‬‬

‫قوله تعاىل ‪":‬وأتوا الزكاة " هذا األمر مطلق ‪ ،‬ولكن جاءت قرينة دالة على التكرار وهي فعل النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم فإنه كان خيرجها كل سنة ‪.‬‬

‫مثال على المرة الواحدة ‪:‬‬

‫احلج ‪،‬قال ‪ " :‬يا أيها الناس إن اهلل كتب عليكم احلج فحجوا " وهو مطلق ‪ ،‬والقرائن ‪ " :‬لو قلت نعم‬
‫لوجبت ‪ "...‬أو كما قال ‪ ،‬و" احلج مرة واحدة " ‪.‬‬

‫األقوال في المسألة ‪:‬‬

‫القول األول ‪ :‬أن األمر املطلق ال يقتضي التكرار وإمنا يقتضي املرة الواحدة ‪ ،‬واستدلوا على ذلك بعدة‬
‫أدلة منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن األمر يدل على جمرد الطلب (طلب إيقاع الفعل ) وهذا حيصل باملرة الواحدة وما زاد على‬
‫ذلك فهو قول من غري دليل وهو حتكم ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬أن األمر املطلق يقتضي التكرار واستدلوا بأدلة من أشهرها ‪:‬‬

‫‪ -1‬قياس األمر على النهي ‪،‬فإن ترك املنهي عنه يكون مستدمي فكذلك األمر يكون مثله‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬قول إمام احلرمني يف الربهان والرازي وابن احلاجب ‪:‬‬

‫أن األمر املطلق ال يقتضي التكرار وال املرة الواحدة وإمنا يدل على جمرد إيقاع الفعل ‪ ،‬ولكن ألن من‬
‫ضروريات إيقاع الفعل املرة الواحدة فكان يلزم املرة الواحدة (فاملرة لواحدة الزمة )‪.‬‬
‫من األمثلة على القاعدة ‪:‬‬

‫‪ )1‬قوله تعاىل ‪ ":‬يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم "هذا األمر مطلق‬
‫فهل يقتضي املرة الواحدة أم التكرار ؟‬
‫القول األول ‪ :‬قالوا جيب الوضوء عند القيام لكل صالة ؛وهذا ألهنم يقولون أن األمر املطلق‬
‫يقتضي التكرار ‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬ال جيب الوضوء عند القيام لكل صالة وهم القائلون ‪:‬أن ألمر املطلق ال يقتضي‬
‫التكرار‪.‬‬
‫‪ )2‬قال ‪ ": ‬إذا مسعتم األذان فقولوا مثل ما يقول املؤذن "‬
‫القول األول ‪ :‬وجوب الرتديد مع املؤذن كل ما مسع األذان ‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬أنه يكفي الرتديد مرة واحدة عند مساع األذان ‪.‬‬
‫‪ )3‬الصالة على النيب ‪ ‬لقوله ‪ ":‬خبل من ذكرت عنده ومل يصلي علي "ويف رواية "بعد" أو كما‬
‫قال ‪.‬‬
‫القول األول ‪ :‬يلزم تكرار الصالة عليه يف كل مرة يذكر فيها يف اجمللس الواحد ‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬يكفي الصالة عليه مرة واحدة يف اجمللس‪.‬‬
‫______________________________‬

‫قاعدة ‪ :‬األمر المطلق هل يقتضي الفور أو جواز التراخي‬


‫هذه املسألة فرع للمسألة السابقة‪:‬‬
‫فمن قال األمر املطلق يقتضي التكرار ‪ ،‬فهو يقتضي الفور ؛ ألنه من ضرورياته ؛ ألن تكرار الفعل‬
‫يلزم أن يفعل من أول ما صدرت لفظة األمر ويتكرر‪.‬‬
‫ومن قال األمر ال يقتضي التكرار فهل يقتضى الفور أم ال ؟‬
‫اختلفوا ‪:‬‬
‫وقبل ذكر االختالف نريد أن نبني معىن الفور والرتاخي ‪:‬‬
‫الفور‪ :‬إيقاع الفعل يف أول أزمنة اإلمكان ‪ ،‬أي املبادة واملسارعة ‪ ،‬يف أول وقت األزمنة املمكنة ‪.‬‬
‫يقابله الرتاخي‬
‫الرتاخي‪ :‬تأخري الفعل أول أزمنة اإلمكان ‪.‬‬
‫وحمل النزاع يف هذه املسألة يف األوامر املطلقة أي اليت ليس هلا وقت معلوم البداية والنهاية‪.‬‬
‫أما الواجبات املقيدة وهي اليت هلا وقت معلوم البداية ومعلوم النهاية فليست هذه املسألة مفروضة‬
‫فيها ؛ كالصالة الظهر ‪ ،‬فإهنا وجبت مقيدة جيوز للمكلف أن يوقع الصالة يف أول وقتها أو‬
‫وسطه أو آخره‪.‬‬
‫فهذه املسألة إذًا مفروضة يف األمر املطلق الذي مل تقرتن به قرينة ‪ ،‬فإن اقرتنت به قرينة يعمل هبا ‪،‬‬
‫مثال‪ " :‬قول األستاذ‪ :‬أحفظ اآلن " ‪ ،‬حيمل على الفور ‪.‬‬
‫" وقول األستاذ‪ :‬أحفظ اليوم "‪ ،‬قرينة حتمل على الرتاخي يف أول اليوم أو وسطه أو آخره ‪.‬‬
‫الواجبات املطلقة هل األمر فيه على الفور أو جواز الرتاخي ؟‬
‫اختلف األصوليين على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ -1‬أن األمر يقتضي الفور ‪ ،‬وهذا هو مذهب املالكية واحلنابلة ‪ ،‬واستدلوا على ذلك بأدلة منها‬
‫قوله تعاىل‪  :‬سارعوا إىل مغفرة من ربكم ‪ ، ‬فأمر اهلل باملسارعة يف إيقاع الواجبات ‪،‬‬
‫والقاعدة‪ :‬أن األمر املطلق يقتضي الوجوب ‪ ،‬فدل ذلك على أن األمر يقتضي الفور‪.‬‬
‫‪ -2‬القول الثاين‪ :‬أن األمر املطلق ال يقتضي الفور وإمنا يدل على جواز الرتاخي ‪ ،‬وهذا مذهب‬
‫أكثر احلنفية والشافعية ‪ ،‬واستدلوا على ذلك بأن األمر يدل على طلب إيقاع الفعل من غري‬
‫تعرض لزمان إيقاع الفعل ‪ ،‬فيكون إجياب األمر يف أول أزمنة اإلمكان قوًال من دليل وحتكم ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن األمر يدل على جمرد إيقاع الفعل ‪ ،‬وال حيمل على الفور أو الرتاخي إال وجدت قرينة تدل‬
‫على هذا ‪ ،‬وهذا القول اختيار مجاعة من احملققني كاجلويين يف الربهان وأيب حامد الغزايل‬
‫والرازي واآلمدي وابن احلاجب‪.‬‬
‫وهذه المسألة انبنى عليها خالف في عند الفقهاء ‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ / 1‬مسألة قضاء الصلوات املفروضة ‪ ،‬هل جتب على املبادرة يف الصالة أم جيوز له التأخري ؟‬
‫ذهب أكثر الفقهاء إىل أنه جيب عليه املبادرة يف الصالة ؛ لقوله ‪ " : ‬من نام عن صالة أو‬
‫نسيها فليصلها ذكرها " فقوله ‪ " :‬فليصلها " أمر ؛ ألن الفعل املضارع املقرتن بالم األمر من‬
‫صيغ العموم ‪ ،‬والقاعدة أن األمر املطلق يقتضي الفور‪.‬‬
‫والقول الثاين؛ قال به بعض الفقهاء ‪ :‬جيوز تأخري القضاء ؛ ألن قوله " فليصلها " أمر والقاعدة‬
‫عندنا أن األمر يدل على جواز الرتاخي‪.‬‬
‫‪ /2‬من ملك نصاًبا وحال عليه احلول وجبت فيه الزكاة ‪ ،‬فإذا تلف النصاب بعد التمكن من‬
‫األداء فهل جيب عليه الضمان أم ال جيب الضمان ؟‬
‫اختلف الفقهاء على قولني‪:‬‬
‫منهم من قال جيب عليه الضمان ؛ ألنه جيب عليه ‪ ،‬املبادرة بالزكاة ؛ ألن األمر املطلق‬
‫يقتضي الفور ‪ ،‬وقد آخرها مع امكانه فيلحقه الضمان‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬ال جيب عليه الضمان ؛ ألنه جيوز له تأخري الزكاة ‪.‬‬
‫‪ / 3‬وجوب املبادرة بكفارة القتل اخلطأ واليمني والظهار والوطء يف هنار رمضان ‪ ،‬للقائلني أن‬
‫األمر املطلق يقتضي الفور‪.‬‬
‫ووجوهبا على الرتاخي عند القائلني بأن األمر املطلق ُيفيد جواز الرتاخي ‪.‬‬
‫‪ /4‬ومن املسائل الفقهية املشهورة يف هذا الباب ‪ ،‬مسألة وجوب احلج ‪ ،‬فالقائلني بأن األمر املطلق‬
‫يقتضي الفور ‪ ،‬قالوا ‪ :‬جيب احلج على الفور عند االستطاعة ‪ ،‬ومن قال أن األمر يدل على جواز‬
‫الرتاخي ‪ ،‬قال أن احلج جيب على الرتاخي ‪.‬‬
‫العموم‬
‫العام ‪ :‬اللفظ املستغرق جلميع ما يصلح له دفعة بال حصر ‪.‬‬

‫دالالت التعريف‪:‬‬

‫‪ -1‬اللف ــظ‪ :‬جنس يش ــمل ك ــل م ــا يتلف ــظ ب ــه مما يتك ــون من ح ــروف هجائي ــة ‪ ،‬س ــواء ك ــان مهمًال أو‬
‫مستعمًال ‪ ،‬عاًم ا أو خاًص ا ‪ ،‬مطلق أو مقيد‪.‬‬

‫وحيرتز بـ ــه عن الفعـ ــل فإنـ ــه ال يوصـ ــف بـ ــالعموم حقيقـ ــة ؛ وهلذا يقـ ــول األصـ ــوليون‪ :‬العمـ ــوم من عـ ــوارض‬
‫األلفاظ ‪ ،‬يعين من صفات األلفاظ ‪ ،‬فمثًال صالة النـيب ‪ ‬ركعـتني يف جـوف الكعبـة " فعـل " فال يعم صـالة‬
‫الفــرض وصــالة النفــل ‪ ،‬وإمنا خيتص بأحــدمها وهي صــالة النفــل ‪ ،‬وبنــاء على هــذا ال تصــح صــالة الفريضــة‬
‫داخل الكعبة‪.‬‬

‫‪ -2‬املستغرق جلميع ما يصلح له ‪ :‬حيرتز به عن شيئني‪:‬‬

‫اخلاص كزيد أو هذا ؛ ألنه ال يتناول إال واحًد ا‪.‬‬


‫املطلق كقوله تعاىل‪  :‬فتحرير رقبة ‪ ‬؛ ألن عمومه بديل ‪ ،‬خبالف العام عمومه استغراقي مشويل ‪.‬‬

‫الفرق بين المطلق والعام ‪:‬‬

‫أن عموم املطلق عموم بديل ‪ ،‬أما عموم العام فهو مشويل ‪.‬‬

‫مثال املطلق ‪ :‬أكرمي طالبة ‪ ،‬العموم فيه بديل فلو أكرمت أي طالبة حصل اإلكرام ‪.‬‬

‫مثال العام ‪ :‬أكرمي الطالبات ‪،‬يلزمها إكرام الكل ولو أنقصت أحد لعوقبت ‪.‬‬

‫‪-3‬بال حصر حُي رتز به عن شيئني‪:‬‬

‫أمساء العدد كمئٍة وألٍف ؛ ألهنا تستغرق مجيع أفرادها مع حصر ؛ ألن هلا غاية تقف عندها‬ ‫‪-‬‬
‫‪.‬‬

‫املشرتك ؛ " كلفظ عني " يستغرق مجيع أفراده ولكن مع حصر ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫هل هناك فرق بين العام والعموم؟‬

‫العام ‪ :‬وصف اللفظ‪.‬‬

‫والعموم ‪ :‬وصف للمعىن " االستغرق "‬

‫فعند تعريف العموم نقول‪ :‬استغراق اللفظ جلميع ما يصلح له دفعة واحدة بال حصر‪.‬‬

‫اخلصوص لغة‪ :‬ضد العموم‪.‬‬

‫واصطالًح ا‪ :‬كون اللفظ خاًص ا‪.‬‬

‫اخلصوص ==== يقابل العموم‬

‫اخلاص ==== يقابل العام‬

‫فاخلاص هو‪ :‬اللفظ الدال على حمصور بشخص أو عدد‪.‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المفرد المحلى باأللف والالم‬


‫صيغ العموم ‪ :‬هي األلفاظ الدالة عليه ‪ ،‬ومعرفتها يف غاية األمهية ؛ ألنه ال يصح أن يقال هذه اآلية عامــة ‪،‬‬
‫أو هذا احلديث عام إال إذا ُبينت جهة العموم فيه ‪.‬‬

‫ومن صيغ العموم ‪ :‬املفرد احمللى باأللف والالم ‪.‬‬

‫وقد اختلف األصوليون يف إفادته للعموم‪:‬‬

‫المذهب األول‪ :‬يفيد العموم ‪ ،‬وهو مذهب كثري من العلماء ‪ ،‬لألدلة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ص ــحة االس ــتثناء من املف ــرد احمللى ب ــأل وه ــذا ي ــدل على إفادت ــه للعم ــوم ‪ ،‬ومث ــال ذل ــك قول ــه‬
‫تعــاىل‪ :‬إن اإلنســان لفي خســر إال اللــذين آمنــوا ‪ ‬فقولــه ‪ " :‬اإلنســان " مفــرد حملى بــأل ‪،‬‬
‫واستثىن منه املؤمنون ‪ ،‬فلو مل يكن املفرد احمللى بأل يفيد العموم ملا جاز االستثناء منه‪.‬‬

‫أن املفرد احمللى بأل يؤكـد مبا يؤكـد بـه العمـوم ‪ ،‬مثالـه قولـه تعـاىل‪  :‬كـل الطعـام كـان حًال‬ ‫‪-‬‬
‫لبــين إســرائيل ‪ ‬فلفــظ الطعــام مفــرد حملى بــأل ‪ ،‬وأكــد بلفــظ " كــل " ‪ ،‬فلــو مل يكن املفــرد‬
‫احمللى بأل يفيد العموم ‪ ،‬ملا جاز تأكيده با يؤكد به العموم ‪.‬‬

‫المذهب الثاني‪ :‬أن املفرد احمللى بأل ال يفيد العموم ‪ ،‬ودليلهم‪:‬‬

‫أن املف ــرد احمللى ب ــأل ل ــو ك ــان يفي ــد العم ــوم لل ــزم من ــه أن ــه إذا ق ــال‪ " :‬لبس ــت الث ــوب " أن ــه لبس مجي ــع ثي ــاب‬
‫العامل ‪ ،‬وهذا ال ميكن ‪ ،‬فدل على أنه ال يفيد العموم‪.‬‬

‫من الفرع الفقهية املخرجة على القاعدة ‪:‬‬

‫إذا قال الزوج‪ :‬الطالق يلزمين ‪ ،‬أو أنت الطالق ‪ ،‬فهل يلزمه ثالث أو واحدة إذا مل ينوه ؟‬ ‫‪-1‬‬

‫اختلفوا على قولني‪:‬‬

‫األول‪ :‬لزوم الثالث ‪ ،‬بناء على أن املفرد احمللى يفيد العموم‪.‬‬


‫الثاين‪ :‬لزوم طالقة واحدة ‪ ،‬ألن أل هنا للعهد وليست للعموم ‪ ،‬إذا معىن املعهود‪ :‬الطالق السين ‪ ،‬وهو أن‬
‫يطلقها واحدة ‪.‬‬

‫حكم بول هبيمة األنعام ‪ ،‬اختلفوا على قولني‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫األول‪ :‬مجيع األبوال جنسـة ‪ ،‬اسـتدالًال بقولـه ‪ " ‬تـنزهوا من البـول ‪ ،‬فـإن عامـة عـذاب القـرب منـه " ‪ ،‬فـالبول‬
‫مفرد حملى بأل فيفيد عموم األبوال‪.‬‬

‫الث ــاين‪ :‬للحنابل ــة ‪ ،‬محل ــوا األل ــف والالم يف الب ــول على العه ــد ‪ ،‬وه ــو ب ــول اآلدمي ‪ ،‬ألن اإلنس ــان أك ــثر م ــا‬
‫يتنجس من بول لنفسه ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ‬

‫المفرد المضاف‬
‫اختلف فيه على مذهبني‪:‬‬

‫‪-1‬يعم ‪ ،‬وهذا مذهب اجلمهور ‪.‬‬

‫‪-2‬املفرد املضاف ال يعم ‪ ،‬حكي هذا عن الشافعية واحلنفية ‪.‬‬

‫من الفروع الفقهية على القاعدة ‪.‬‬

‫‪-1‬إذا قال الرجل‪ :‬زوجيت طالق ‪ ،‬وعبدي حر ‪ ،‬ومل ينو معيًنا فما احلكم؟‬

‫القول األول‪ :‬تطلق مجيع زوجاته ‪ ،‬وُيعتق مجيع عبيده ؛ ألن املفرد املفرد املضاف يعم ‪.‬‬

‫القول الثاين‪ :‬تطلق إحداهن ‪ ،‬ويعتق أحد عبيده ‪ ،‬وخيرج بالقرعة ‪ ،‬وهذا اختاره ابن مقدامة يف املغين‪.‬‬

‫‪-2‬إذا وقف على ولده الدار ‪ ،‬فقال‪ :‬أوقفت داري على ولدي ‪ ،‬هل يدخل أوالد األبناء ؟‬

‫القول األول ‪ :‬الدار بني األوالد وأوالد األبناء ؛ ألن ولدي مفرد مضاف إىل ياء املتكلم فتفيد العموم‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬الدار لألوالد فقط ‪ ،‬وال يدخلوا أوالد األبناء ؛ ألن اللفظ ال يشملهم‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :‬النكرة في سياق النفي والنهي والشرط‬


‫من صيغ العموم كذلك ‪:‬‬

‫‪ ‬النكرة في سياق النفي ‪:‬‬

‫قالوا ‪ :‬هي من أقوى صيغ العموم ‪ ،‬وذكر ذلك اإلمام العالئي ‪:‬أهنا من أقوى صيغ العموم يف جانب‬
‫النفي كما أن (كل) من أقوى صيغ العموم يف اإلثبات ‪.‬‬

‫والنكرة في سياق النفي لها حالتان ‪:‬‬

‫‪ /1‬إذا دخلت عليها (من) يف هذه احلالة سوف تكون نصًا يف العموم ‪ ،‬ومثال ذلك قوله تعاىل ‪ ":‬وما‬
‫من إله إال اهلل "‬

‫‪ / 1‬أن تكون ظاهرة يف العموم وهذا إذا مل تسبقها (من) مثال ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ":‬ليس‬
‫يف مال زكاة حىت حيول عليه احلول " ‪.‬‬

‫‪ ‬النكرة في سياق النهي ‪ :‬فإنها تعم‬

‫من ذلك ‪ /1‬قوله تعاىل ‪ ":‬اعبدوا اهلل وال تشركوا به شيئًا "‬

‫‪ /2‬قوله ‪ ": ‬ال تلقوا الركبان وال بيع حاضر لبادي "‬

‫‪ ‬النكرة في سياق الشرط ‪ :‬تعم‬

‫مثل ‪ /1‬قوله تعاىل ‪":‬إن جتتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخًال كرميا" ‪.‬‬

‫‪ /2‬قال ‪ " :‬من آوى ضالة فهو ضال ما مل يعرفها "‪.‬‬

‫‪ ‬النكرة في سياق اإلثبات ‪:‬ال تدل على العموم‬


‫من ذلك قوله تعاىل ‪ ":‬وليكتب كاتب بالعدل "‪.‬‬
‫فال تعم إال يف حالة واحدة ‪ (:‬إذا جاءت من باب االمتنان ) مثاله ‪:‬‬
‫‪ /1‬قوله تعاىل ‪ :‬وأنزلنا من السماء ماءًا طهورًا ‪ ‬عامة يف مجيع املياه ‪.‬‬
‫‪ /2‬قوله تعاىل ‪ :‬خيرج من بطوهنا شراب خمتلف ألوانه فيه شفاء للناس ‪ ‬العسل شفاء لكل داء ؛‬
‫ألن النكرة هنا جاءت من باب االمتنان ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قاعدة ‪ :‬ألفاظ الجموع المنكرة‬
‫ألفاظ اجلموع املنكرة ‪ :‬كمسلمني ‪ ،‬مؤمنني ‪ ،‬اختلفوا فيها على قولني‪:‬‬
‫‪ -1‬تفيد العموم ‪ ،‬وهو مذهب بعض الشافعية واجلبائي من املعتزلة‪.‬‬
‫‪ -2‬ال تفيد العموم ‪ ،‬وحتمل على أقل اجلمع اثنني‪ .‬وهو مذهب اجلمهور‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية‪:‬‬
‫‪-1‬إذا نذر الصدقة بدراهم أو نذر عتق عبيد أو صوم أيام أو أن يتوضأ بغرفات أو حلف ليتزوجن‬
‫زوجات ‪ ،‬فإنه حيمل على الثالثة على القول األول ‪ ،‬وحيمل على االثنني على القول الثاين‪.‬‬
‫‪- 2‬مثال آخر‪ :‬لو قال السيد لعبده‪ :‬أكرم الزيدين أو الرجال ‪ ،‬فعلى املذهب األول إذا أكرم العبد‬
‫ثالثة ُعَّد مطيع ‪ ،‬وعلى الذهب الثاين إذا أكرم العبد اثنني ُعَّد كرمي‪.‬‬
‫____________________________________________________‬
‫قاعدة ‪ :‬هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب‬
‫إذا حدثت حادثة فنزلت آية يف حكمها أو ورد حديث بشأهنا بلفظ عام ‪ ،‬فهل يكون احلكم‬
‫خاًص ا نظًر ا إىل سببه ‪ ،‬أو يكون عاًم ا نظًر ا إىل لفظه ؟‬
‫اختلف يف ذلك على مذهبني‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب ‪ ،‬وهو مذهب مجهور العلماء‪.‬‬
‫من أدلتهم‪:‬‬
‫‪ -‬أن احلجة يف لفظ الشارع ال يف السبب‪.‬‬
‫‪ -‬إمجاع الصحابة على تعميم األحكام الواردة على سبب خاص‪.‬‬

‫املذهب الثاين‪ :‬العربة خبصوص السبب ال بعموم اللفظ ‪ ،‬وهو رواية عن مالك والشافعي ‪.‬‬
‫من أدلتهم‪ :‬لو كان اخلطاب على سبب خاص عامًا جلاز إخراج السبب عن العموم باالجتهاد‬
‫كما يف غريه من الصورة الداخلة حتت العموم ‪ ،‬وإخراج السبب خالف اإلمجاع ‪.‬‬
‫رد أصحاب املذهب األول‪ :‬أنه ال جيوز إخراج السبب ؛ ألن اللفظ تناوله قطعًيا ‪ ،‬وتناول غريه‬
‫ظين؛ لذلك قلنا‪ :‬داللة العام ظنية ‪ ،‬فمن ورد اخلطاب بسببه ال جيوز ختصيصه ‪ ،‬وأما غريه فيجوز‬
‫ختصيصه بدليل معترب‪.‬‬
‫نوع الخالف‪ :‬معنوي ‪ ،‬فأصحاب الفريق األول قصدوا دخول األحكام بطريق النص واللفظ‪.‬‬
‫أما أصحاب الفريق الثاين‪ :‬قصدوا دخول األحكام بطريق القياس‪.‬‬
‫والفرق بني ما ثبت بالنص والقياس من وجهني‪:‬‬
‫‪ -1‬احلكم الثابت عن طريق عموم النص أقوى من احلكم الثابت عن طريق القياس‪.‬‬
‫‪ -2‬احلكم الثابت عن طريق النص ينسخ وُينسخ به ‪ ،‬أما احلكم الثابت عن طرييق القياس فال‬
‫ينسخ ‪ ،‬وال ُينسخ به ‪.‬‬
‫من الفروع الفقهية على القاعدة‪:‬‬
‫‪-1‬ما األفضل للمسافر الصيام أم الفطر ؟‬
‫احلديث يف صحيح البخاري عن جابر بن عبد اهلل –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يف‬
‫سفر ‪ ،‬فرأى زحاًم ا ورجًال قد ظلل عليه ‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا ؟ فقالوا‪ :‬صائم ‪ .‬فقال‪ :‬ليس من الرب‬
‫الصوم يف السفر "‬
‫القول األول‪ :‬األفضل الفطر مطلًق ا للمسافر ‪ ،‬سواء وجد مشقة أو مل جيد أخًذ ا بعموم قوله ‪: ‬‬
‫" ليس من الرب الصيام يف السفر "‬
‫القول الثاين‪ :‬هذا احلديث ورد على سبب خاص ‪ ،‬فهو مقصور على من كان يف مثل حاله ‪،‬‬
‫بدليل صيام النيب ‪ ‬يف سفره عام الفتح ‪ ،‬فال يعم كل مسافر وإمنا من يشق عليه الصيام ‪.‬‬
‫‪-2‬حكم أكل ذبيحة املسلم تارك التسمية عمًد ا‪.‬‬
‫الفريق األول‪- :‬اجلمهور‪ : -‬ال جيوز أكلها إذا تركها عمًد لعموم قوله تعاىل‪  :‬وال تأكلوا مما مل‬
‫يذكر اسم اهلل عليه‪‬‬
‫الفريق الثاين‪ :‬جيوز أكلها ألن اآلية وردت على سبب خاص وهو ما رواه ابن عباس ‪ " : ‬أن‬
‫املشركني قالوا‪ :‬أما ما قتل ربكم فمات فال تأكلونه ! وأما ما قتلتم أنتم وذحبتم فتأكلونه !‬
‫فأوحى اهلل إىل نبيه ‪ ‬وال تأكلوا مما مل يذكر اسم اهلل عليه ‪." ‬‬
‫الفريق الثاين‪ - :‬الشافعية ‪ : -‬جيوز أكل ذبيحة املسلم إذا ترك التسمية عمًد ا ؛ ألن اآلية وردت‬
‫على سبب خاص وهي امليتة ‪ ،‬فال تعم ذبيحة املسلم‪.‬‬
‫____________________________________________________‬
‫قاعدة ‪ :‬االستثناء إذا تعقب جمًال متعاطفة‬
‫االستثناء لغة ‪ :‬مأخوذ من ثنيته عن الشيء إذا صرفته عنه‪.‬‬
‫ويف االصطالح‪ :‬أن خيرج ب ـ " إال " " أو إحدى أخواهتا بعض ما مشله العموم السابق‪.‬‬
‫أدواته‪ :‬إال ‪ ،‬غري ‪ ،‬سوى ‪ ،‬ليس ‪ ،‬ال يكون ‪ ،‬خال ‪ ،‬عدا ‪ ،‬حاشا ‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يصدر املستثىن واملستثىن منه من متكلم واحد‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون املستثىن من جنس املستثىن منه‪.‬‬
‫‪ -3‬أال يستغرق املستثىن املستثىن منه‪.‬‬
‫االستثناء الواقع بعد مجل متعاطفة بالواو هل يرجع إليها مجيًعا ‪ ،‬أو يرجع إىل اجلملة األخرية‬
‫فقط ؟‬
‫حمل اخلالف يف هذه املسألة إذا مل يكن هناك قرينة تدل على إرادة اجلميع ‪ ،‬أو قرينة تدل على أن‬
‫املراد اجلملة األخرية ‪ ،‬فإن كان هناك قرينة وجب العمل مبا تقتضي تلك القرينة ‪.‬‬
‫فمثال االستثناء الذي يعود إىل اجلميع بقرينة قوله تعاىل‪  :‬والذين ال يدعون مع اهلل إًهلا آخر وال‬
‫يقتلون النفس اليت حرم اهلل إال باحلق وال يزنون ‪ ...‬مث قال يف آخر اآلية ‪  :‬إال من تاب وآمن‬
‫وعمل صاًحلا ‪  ...‬فإنه يرجع إىل اجلميع اتفاًقا‪.‬‬
‫ومثال االستثناء الذي يرجع إىل اجلملة األخرية بقرينة قوله تعاىل‪  :‬ومن يقتل مؤمًنا خطأ فتحرير‬
‫رقبة مؤمنة ودية مسلمة إىل أهلة إال أن يصدقوا ‪ ‬فإن االستثناء راجع إىل اجلملة األخرية ؛ ألن‬
‫حترير الرقبة حق هلل ‪ ،‬فال يسقط بإسقاط أولياء الدم‪.‬‬
‫حكم االستثناء الواقع بعد اجلمل املتعاطفة بالواو مع عدم القرينة ‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬أنه يرجع إىل مجيع اجلمل ‪ ،‬وهو مذهب مجهور العلماء ‪ ،‬ودليلهم‪:‬‬
‫أن اجلمل املتعاطفة يف حكم اجلملة الواحدة ‪ ،‬واالستثناء شبيه الشرط ‪ ،‬ويف الشرط يرجع على‬
‫اجلميع ‪ ،‬فكذلك االستثناء ‪.‬‬
‫املذهب الثاين‪ :‬االستثناء يرجع إىل اجلملة األخرية ‪ ،‬وهو مذهب احلنفية ‪ ،‬ودليلهم‪:‬‬
‫العموم ثبت يف كل صورة بيقني ‪ ،‬وعود االستثناء إىل مجيعها مشكوك فيه ‪ ،‬فال يرفع اليقني‬
‫بالشك‪.‬‬
‫رد عليهم اجلمهور‪ :‬بأن العموم ال يثبت قبل متام الكالم ‪ ،‬ومتام الكالم إمنا يكون باالستثناء ‪،‬‬
‫وكالمكم ينتقض بقولكم بعود الشرط على اجلميع ‪.‬‬
‫مثال فقهي ‪ :‬قوله تعاىل‪ :‬والذين يرمون احملصنات مث مل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم مثانني جلدة‬
‫وال تقبلوا هلم شهادة أبًد ا وأولئك هم الفاسقون إال الذين تابوا‬
‫املذهب األول‪ :‬االستثناء راجع إىل اجلملتني‪  :‬وال تقبلوا هلم شهادة أبدًا ‪ ‬وقوله ‪  :‬وأولئك هم‬
‫الفاسقون ‪ .‬فبالتوبة تقبل شهادته ويزال وصف الفسق عنه‪.‬‬
‫املذهب الثاين‪ :‬االستثناء راجع إىل اجلملة األخرية فقط‪  :‬وأولئك هم الفاسقون ‪ ،‬فقالوا‪ :‬التوبة‬
‫ال تسقط عدم قبول الشهادة ‪ ،‬بل شهادته تبقى مردودة ‪ ،‬ولكن التوبة ترفع عنه وصف الفسق‬
‫فقط ‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬الشرط إذا تعقب جمًال‬
‫ال نقصد بالشرط هنا ‪ ،‬الشرط يف احلكم الوضعي – ما يلزم من عدمه العدم ‪ ،‬وال يلزم من‬
‫وجوده الوجود ‪ ،‬وال عدم لذاته‪-‬‬
‫فليس هذا املقصود هنا ‪ ،‬وإمنا املقصود بالشرط هنا‪ :‬أن خيرج بصيغة التعليق مثل " إن " وحنوها‬
‫بعض ما يشمله اللفظ ‪.‬‬
‫حنو‪ :‬أكرم بين متيم إن نزلوا بيننا ‪ .‬أكرم الطالبات إذا اجتهدوا‪.‬‬
‫فإذا ورد الشرط بعد مجل متعاطفة هل يرجع على اجلميع أم على األخري ؟‬
‫باالتفاق يرجع على الكل ‪ ،‬حنو أكرم قريًش ا وأعط متيًم ا إن نزلوا بدارنا‪.‬‬
‫فإن الشرط يعود على اجلملتني ‪ :‬فإكرام قريًش ا إن نزلوا ‪ ،‬وإعطاء متيم إن نزلوا‪.‬‬
‫الصفة إذا تعاقبت مجًال‬
‫الصفة يف اللغة ‪ :‬النعت ‪.‬‬
‫ويف االصطالح‪ :‬ما أشعر مبعىن يف أفراد العام حنو قوله تعاىل‪ " :‬فمن ما ملكت أميانكم من فتياتكم‬
‫املؤمنات " ‪ ،‬أكرم بين متيم الداخلني ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬الوصف بعد المتعدد‪:‬‬
‫إذا وقعت الصفة بعد متعدد وصلح عودها للجميع ‪ ،‬رجعت إىل اجلميع حنو‪:‬‬
‫وقفت داري على أوالدي وأوالدهم احملتاجني ‪.‬‬
‫وهذا مذهب اجلمهور ‪ ،‬و خالف احلنفية فقالوا‪ :‬الوصف بعد اجلمل يرجع إىل األخري فقط‪.‬‬
‫تقدمي الصفة على متعدد‪:‬‬
‫إذا تقدمت الصفة كانت صًف ا للجميع على الصحيح ‪ ،‬حنو‪ :‬وقفت داري على حمتاجي أوالدي‬
‫وأوالدهم ‪.‬‬
‫فتشرتط احلاجة يف األوالد وأوالد األوالد‪.‬‬
‫توسط الصفة‪:‬‬
‫إذا توسطت الصفة فاملختار أهنا ختص ما وليته فقط ‪ ،‬مثال‪ :‬وقفت داري على أوالدي احملتاجني‬
‫وأوالدهم ‪.‬‬
‫فاشرتاط احلاجة فقط يف األوالد دون أوالدهم‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قاعدة‪ :‬عموم المقتضى‬


‫داللة االقتضاء‪ :‬داللة اللفظ على الزم يتوقف صدق الكالم أو صحته عقًال أو شرًعا عليه‪.‬‬
‫صورة المسألة ‪ :‬اللفظ حيتمل عدة معاين يستقيم الكالم بواحد منها ‪ ،‬أيقدر مــا يعم تلــك األلفــاظ‬
‫أو يقدر واحد منها ؟‬
‫القول األول ‪ ،‬للجمهور‪ :‬أنه يقدر ما يعم تلك األلفاظ ‪ ،‬وجعلوا للمقتضـى عموًم ا ‪ ،‬وهـذا يسـمى‬
‫"عموم املقضى"‬
‫ودليلهم يف هذا‪ :‬أن املقتضى مبنزلة املنصوص فيثبت له احلكم بالعموم كالنص‪.‬‬
‫وألنـ ــه ال خيلـ ــوا من إضـ ــمار الكـ ــل أو البعض أو عـ ــدم اإلضـ ــمار ‪ ،‬والقـ ــول بعـ ــدم اإلضـ ــمار خالف‬
‫اإلمجاع‪ ،‬وليس إضمار البعض أوىل من البعض ‪ ،‬فلم يبقى إال إضمار اجلميع‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ ،‬للحنفيـة‪ :‬أنـه يقـدر واحـد من املعـاين فقـط ‪ ،‬فلم يقولـوا بعمـوم املقتضـى ‪ ،‬وذلـك بنـاء‬
‫على أن العموم من عوارض األلفاظ ‪ ،‬واملقتضى معىن فال عموم له ‪.‬‬
‫وألن التقدير ضرورة ‪ ،‬الضرورة تقدر بقدرها ‪ ،‬فال حاجة إلثبات العموم‪.‬‬
‫أثر القاعدة على الفرع الفقهية‪:‬‬
‫‪ /1‬حكم من تكلم يف صالته ناسًيا أو خمطًئا أو جاهًال‬
‫ذهب اجلمهور ‪ :‬إىل أن من تكلم يف صالته بكالم قليل ناسًيا أو خمطًئا أو جاهًال ال تبطل صالته ‪.‬‬
‫واحتجوا بعموم املقتضى يف احلديث ‪ " :‬رفع عن أميت اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "‬
‫فإن صورة اخلطأ واقعة وال بد من إضمار شيء حىت يصح الكالم ‪ ،‬فاملضمر واملقتضى هو‪" :‬حكم‬
‫" أي رفــع حكم اخلطــأ ‪ ،‬فــاجلمهور جعلــوا لفــظ " حكم " عاًم ا يشــمل احلكم الــدنيوي‪ :‬وهــو عــدم‬
‫البطالن‪ .‬واحلكم األخروي‪ :‬وهو عدم املؤاخذة‪.‬‬
‫وأيدوا كالمهم بقصة ذي اليدين‪.‬‬
‫وذهب احلنفية ‪ :‬إىل أن من تكلم يف صالته ناسًيا أو خمطًئا أو جاهًال بطلت صالته ‪.‬‬
‫فحملوا احلديث " رفع عن أميت اخلطأ ‪ " ...‬على رفع اإلمث فقط ‪ ،‬ومل يقولوا بعموم املقتضــى ‪ ،‬فال‬
‫جيوز تقدير احلكم مبا يعم الدنيا واآلخرة ‪ ،‬بل إما هذا أو هذا ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وأيدوا كالمهم حبديث معاوية بن احلكم " إن هذه الصالة ال يصح فيها شيء من كالم الناس"‬
‫‪ /2‬حكم أكل اخلاطئ واملكره يف الصيام‬
‫ذهب الشـ ــافعية واحلنابلـ ــة إىل أن صـ ــيامه صـ ــحيح وال قضـ ــاء عليـ ــه ‪ ،‬واحتجـ ــوا بعم ــوم املقتضـ ــى يف‬
‫احلديث " رفع عن أميت اخلطأ ‪ " .....‬فاملضمر" حكم " وهــو يعم احلكم الــدنيوي‪ :‬عــدم البطالن ‪،‬‬
‫واحلكم األخروي ‪ :‬عدم املؤاخذة ‪.‬‬
‫أم ــا احلنفي ــة‪ :‬ف ــذهبوا إىل أن املك ــره واخلاطئ إذا أكال يف الص ــيام فال إمث عليهم ــا ‪ ،‬لكن جيب علي ــه‬
‫القضاء ‪ ،‬فجعلوا املضمر ها وهو " احلكم " ال عموم له ‪ ،‬بل له معىن واحــد وهــو احلكم األخــروي‬
‫‪ :‬عدم املؤاخذة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ‬
‫قاعدة‪ :‬عموم المشترك‬
‫إذا وردت يف نص من النصوص الشرعية كلمة هلا معنني أو أكثر ‪ ،‬فإن كانت هناك قرينة تدل‬
‫على أحد املعنني فال خالف بالعمل بالقرينة ؛ كقوله تعاىل‪  :‬وال تنكحوا ما نكح آباءكم ‪‬‬
‫فالنكاح له معنني الوطء والعقد‪ ،‬واملراد به هنا العقد ‪ ،‬للسياق ‪.‬‬

‫‪ 1‬والراجح في هذه المسألة قول الجمهور ‪ ،‬ويحمل حديث معاوية على الكالم المتعمد ‪ ،‬كما أن حديث ذو اليدين أصح من حديث معاوية بن الحكم ؛ ألنه في‬
‫الصحيحين‪.‬‬
‫أما إذا مل تكن هناك قرينة تعني املعىن املراد من املشرتك فهل يصــح أن يــراد باملشــرتك كــل واحــد من‬
‫معانيه فيثبت احلكم للجميع ‪ ،‬أو ال يصح بل جيب تعني واحد ؟‬
‫هذه هي املسألة ‪ :‬عموم املشرتك ‪ ،‬واختلفوا على قولني‪:‬‬
‫‪ -1‬املشرتك له عموم ‪ ،‬وهو مذهب اجلمهور ‪ ،‬فيحمل على مجيع معانيه ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪ ،‬بأن اللفظ استوت نســبته إىل كــل واحـد من املعــاين ‪ ،‬فليس تعني البعض أوىل‬
‫من البعض ‪ ،‬فيحمل على اجلميع احتياًطا ‪.‬‬
‫‪ -2‬املشرتك ال عموم له وهو مذهب احلنفية ‪ ،‬واحتجوا يف ذلك ‪:‬‬
‫ب ــأن أه ــل اللغ ــة وض ــعوا ه ــذا االس ــم لك ــل واح ــد من املس ــميات على س ــبيل الب ــدل ‪ ،‬ال على س ــبيل‬
‫اجلمع‪ ،‬فإذا محل على اللفظ على اجلميع كان استعماًال له يف ضد ما وضع له ‪.‬‬
‫من فروع القاعدة ‪:‬‬
‫‪ -1‬موجب القتل العمد‬
‫‪-‬عند اجلمهـور ‪ :‬التخيـري بني القصـاص والديـة ؛ لقولـه تعـاىل‪  :‬ومن قتـل مظلوًم ا فقـد جعلنـا لوليـه‬
‫سلطاًنا ‪ ‬فلفظ السلطان مشرتك حيتمل الدية وحيتمل القصاص‪.‬‬
‫وأيدوا قوهلم حبديث‪ " :‬من قتل له قتيل فأهله بني خريتني ‪ :‬إن أحبوا فالقود ‪ ،‬وإن احبوا فالعقل "‬
‫‪-‬احلنفية‪ :‬ذهبوا إىل عدم التخيري بني القصاص والدية ‪ ،‬بل أوجبوا القصاص ‪ ،‬وقــالوا‪ :‬ال يعــدل عن‬
‫القصــاص إىل الديــة إال برضــا اجلاين ؛ ألن املشــرتك ال عمــوم لــه ‪ ،‬ودعمــوا قــوهلم بقولــه تعــاىل‪  :‬يــا‬
‫أيه ــا ال ــذين آمن ــوا كتب عليكم القص ــاص يف القتلى ‪ ، ‬فق ــد ذك ــر اهلل القص ــاص فق ــط ومل ي ــذكر‬
‫الدية ‪ ،‬فدل أن القصاص هو الواجب املتعني‪.‬‬
‫‪ -2‬مثال آخر ‪ :‬مشول لفظ املوىل للمعِتق واملعَتق‬
‫لفظ املوىل مشرتك بني املعِتق واملعَت ق ‪ ،‬وبنـاء عليـه لـو قـال قائـل ‪ :‬وقفت داري على املوايل ‪ ،‬وكـان‬
‫له مواٍل قد أعتقوه ‪ ،‬وله مواٍل قد أعتقهم ‪ ،‬فمن يستحق الوقف ؟‬
‫ذهب الشافعية‪ :‬إىل أنــه يقســم بني املعِتقني واملعَتقني ‪ ،‬بنــاء على أصـله من اســتعمال املشــرتك يف كـٍل‬
‫معانيه ‪.‬‬
‫وذهب أبــو حنيفــة‪ :‬إىل أن الوقــف للمعَت ق – أي املوىل األســفل – وكأنــه رأى أن الوقــف فيــه معــىن‬
‫القربة فكان صرفه إىل املعَتق أوىل ‪.‬‬
‫وكما اختلفوا يف الوقف على املوايل اختلفوا أيًض ا يف الوصية هلم‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مسألة‪ :‬هل العام في األشخاص عام في األحوال ؟‬
‫يضرب األصوليون مثًال للقاعدة ‪:‬‬
‫‪ / 1‬قوله تعاىل ‪ ":‬قاتلوا املشركني " فهي عامة يف كل مشرك ‪ ،‬فمن قال أن العموم يف األشخاص‬
‫يستلزم عموم األحوال واألزمنة والبقاء يقول معىن اآلية ‪ :‬أقتلوا أي مشرك على أي حال كان ويف‬
‫أي زمان ومكان ‪ ،‬وال خيرج غري ذلك إال مبا خص بالدليل‪.‬‬
‫والذين قالوا ‪ :‬إن العموم يف األشخاص ال يستلزم منه العموم (أي مطلق يف األحوال واألزمان‬
‫واألمكنة) فقالوا ‪ :‬معىن اآلية أهنا ال تعم كل مشرك ‪ ،‬قالوا إذا جاء يف السنة مثًال " ال تقتلوا أهل‬
‫الذمة " قالوا هذا موافق لألمر ال خمالف ‪.‬‬
‫‪ / 2‬قوله تعاىل ‪":‬وحنكم بينهم مبا أنزل اهلل " هذه اآلية احتج هبا القاضي أبو يعلى على جواز‬
‫القضاء يف املسجد فقيل له ‪ :‬هذا أمر باحلكم ال يدل على املكان ‪ ،‬فقال ‪ :‬هو أمر باحلكم يف‬
‫عموم األمكنة واألزمنة إال ما خص بالدليل ‪.‬‬
‫واملخالف يقول ‪ :‬أن العهدة يف القضاء تكون بالقضاء يف بيت القضاء أما القضاء يف املسجد‬
‫فيحتاج إىل دليل ‪.‬‬
‫(وهذه القاعدة ترتبط بقاعدة هل العموم املطلق يقتضي التكرار )‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مسألة داللة العام‬


‫قلنا للعموم صيغ مستعملة تدل عليه فهل هذه الصيغ يف إفادهتا للعموم تفيد إفادة ظنية أم قطعية؟‬
‫اختلفوا يف ذلك على قولني ‪:‬‬
‫‪ /1‬اجلمهور ‪:‬‬
‫قالوا ‪ :‬داللة العام ظنية على كل فرد من أفراده ‪ ،‬فصيغ العموم تفيد وجوب العمل ولكن ليس‬
‫بالقطع على كل فرد من أفراده ؛ ألن هذه الصيغ مع إطالقها (عمومها ) قد دخلها التخصيص ‪.‬‬
‫‪ /2‬احلنفية ‪:‬‬
‫داللة العام داللة قطعية على كل فرد من أفراده ‪.‬‬
‫بين على هذه املسألة مسائل أصولية أخرى وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬المسألة األولى ‪( :‬هل يجوز تخصيص العام بخبر الواحد ‪ ،‬وبالقياس )‬
‫اختلف العلماء يف ذلك على قولني ‪:‬‬
‫املذهب األول ‪:‬‬
‫(اجلمهور ) ‪ :‬أنه جيوز ختصيصه ألن داللة خرب الواحد والقياس داللة ظنية والعموم داللته ظنية‬
‫والظين خيصص الظين ‪.‬‬
‫املذهب الثاين ‪:‬‬
‫( احلنفية )‪ :‬ال جيوز ختصيص العام خبرب الواحد وال بالقياس وذلك ؛ ألن العام داللته قطعية وداللة‬
‫خرب الواحد والقياس ظنية والظين ال خيصص القطعي ‪.‬‬
‫مثال فقهي مبني على هذا الخالف ‪:‬‬
‫أ‪ /‬تخصيص العام بخبر الواحد ‪:‬‬
‫مثاله ‪ /1 :‬قوله تعاىل ‪ ":‬وال تأكلوا مما مل يذكر اسم اهلل عليه " ‪ ،‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪":‬‬
‫ذبيحة املسلم حالل ذكر اسم اهلل عليها أو مل يذكر "‬
‫فاملذهب األول الذين يقولون ‪ :‬أن خرب الواحد خيصص العام ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذا احلديث خيصص عموم‬
‫اآلية فيجوز األكل من ذبيحة املسلم إذا مل يذكر اسم اهلل عليها ‪.‬‬
‫واملذهب الثاين قالوا ‪ :‬ال جيوز األكل من ذبيحة املسلم إذا مل يذكر اسم اهلل عليها ؛ ألن هذا خرب‬
‫واحد فال خيصص عموم آلية ‪.‬‬
‫‪ " /2‬فيما سقت السماء العشر " لفظ عام ‪ ،‬و" ليس فيما دون مخسة أوسق صدقة " خرب آحاد ‪،‬‬
‫اجلمهور قالوا ‪ :‬خيصص احلديث األول (العام ) باحلديث الثاين ( خرب الواحد) فاشرتطوا النصاب‬
‫يف زكاة األرض‪.‬‬
‫أما احلنفية ‪ :‬فأوجبوا الزكاة يف اخلارج من األرض بدون نصاب سواء كان قليًال أو كثريًا عمًال‬
‫باحلديث العام ‪.‬‬

‫ب‪ /‬تخصيص العام بالقياس ‪:‬‬


‫‪ / 1‬قوله تعاىل ‪ ":‬الزانية والزاين فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة "‪ ،‬وقوله تعاىل يف األمة ‪":‬‬
‫فإن أحصن فإن آتني بفاحشة فعليهن نصف ‪"...‬‬
‫األوىل عامة ‪ ،‬والثانية خاصة يف األمة ‪.‬‬
‫فقال العلماء يقاس العبد على األمة فإنه إذا زىن جيلد (‪ )50‬جلدة فخصص هذا القياس عموم اآلية‬
‫األوىل ‪.‬‬
‫وقال احلنفية ال خيصص عموم اآلية‬
‫‪ /2‬قوله تعاىل ‪ ":‬ومن دخله كان آمنا" فاتفق لعلماء على أن من اقرتف ما يوجب قصاصًا يف‬
‫النفس أو يف األطراف يف احلرم فإنه يقتص منه ‪ ،‬وكذلك من كان خارج حلرم يقتص منه ‪،‬‬
‫اخلالف فيمن جنا جناية خارج احلرم مث جلأ إىل احلرم هل يقتص منه داخل احلرم أم ال ؟‬
‫القول األول ‪( :‬احلنفية ) قالوا ‪ :‬ال يقتص منه داخل احلرم ولكن يضيق عليه حىت خيرج فإذا خرج‬
‫أقيم عليه احلد لعموم اآلية ‪-.‬وافقوا احلنابلة يف هذه املسألة ‪.-‬‬
‫القول الثاين ‪( :‬الشافعية واملالكية ) ‪ :‬خيصص عموم اآلية بالقياس فإنه من وجب عليه حدًا يف‬
‫احلرم يقام عليه احلد ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ‬المسألة الثانية ‪ :‬مسألة تعارض العام والخاص ‪:‬‬
‫وذلك فيما إذا ورد نص خاص ونص عام وكان كل منهما يدل على خالف اآلخر ‪ ،‬مثال ذلك‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬والذين يرمون احملصنات مث مل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم مثانني جلدة وال تقبلوا‬
‫هلم شهادة أبدًا و أولئك هم الفاسقون ‪ ‬مع قوله تعاىل ‪ :‬والذين يرمون أزواجهم ومل يكن هلم‬
‫شهداء إال أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات باهلل إنه ملن الصادقني ‪ ‬فالنص األول عام‬
‫يشمل كل حمصنة سوا كان زوجًا أو ال ‪ ،‬والنص الثاين خاص باألزواج دون غريهم ‪.‬‬
‫فاجلمهور الذين قالوا ‪ :‬إن داللة العام على مجيع أفراده داللة ظنية ال يقولون بالتعارض بني النصني‬
‫بل يعملون باخلاص فيما دل عليه ويعملون بالعام فيما دل عليه ؛ وذلك ألن داللة اخلاص عند‬
‫اجلمهور داللة قطعية وداللة العام ظنية ‪.‬‬
‫أما احلنفية فتمشيًا مع قاعدهتم من أن العام داللته داللة قطعية كاخلاص فيقولون بالتعارض ين‬
‫النصني يف القدر املشرتك بينهما فحينئذ ال خيلو احلال من أمرين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن جيهل التاريخ فال يعلم هل تقدم اخلاص أم العام ففي هذه حلالة البد من الرتجيح ‪.‬‬
‫من األمثلة على هذه احلالة ‪:‬‬
‫‪ /1‬مسألة بيع التمر الذي على النخل خبرسه مترًا (العرايا ) فاحلنفية ذهبوا إىل عدم جواز هذا البيع‬
‫سواء كان يف مخسة أوسق أو دوهنا واحتجوا يف ذلك بعموم قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ":‬الذهب‬
‫بالذهب والفضة بالفضة والرب بالرب والشعري بالشعري والتمر بالتمر وامللح بامللح مثًال مبثل يدًا بيد‬
‫" ‪ ،‬واحتجوا أيضًا بعموم حديث النهي عن املزابنة فلم يعمل احلنفية باحلديث اخلاص (حديث‬
‫العرايا) ورجحوا العام ‪ ،‬خالفًا للجمهور فقد قدموا دليل العرايا ؛ألنه خاص ‪.‬‬
‫وتأول احلنفية هنا قالوا ‪ :‬يف حديث العرايا املراد هبا هنا اهلبة أو العطية فإن الرجل هو الذي يهب‬
‫الرطب أوًال فري له الثاين هذه العطية فال يكون بيعًا ‪.‬‬
‫‪ /2‬نصاب زكاة اخلارج من األرض ‪ ،‬اجلمهور ‪ :‬اشرتطوا النصاب إذا بلغ مخسة أوسق ‪ ،‬أما‬
‫احلنفية قالوا ‪ :‬بوجوب الزكاة يف القليل والكثري يف اخلارج من األرض ‪،‬‬
‫واحلديث العام ‪ ":‬فيما سقت السماء العشر "وفيما سقي بالنضح نصف العشر "‪ ،‬واخلاص ‪":‬‬
‫ليس فيما دون مخسة أوسق صدقة "‬
‫وتأويل احلديث اخلاص هنا ‪ :‬إذا كان اخلارج من األرض معد للتجارة ؛ وذلك ألهنم كانوا‬
‫يقيسون بالوسق يف البيع ‪.‬‬

‫احلالة الثانية ‪ :‬أن يعلم التاريخ ‪:‬‬


‫ويف هذه احلالة املتأخر ينسخ املتقدم‬
‫‪ ‬فإذا كان املتأخر اخلاص ينسخ العام يف القدر املشرتك بينهما ‪.‬‬

‫مثال ذلك ‪:‬‬

‫‪" /1‬آية حد القذف " عامة يف كل قاذف ‪ ،‬و"آية اللعان " خاص باألزواج ‪ ،‬لكن علم التاريخ‬
‫وعلمنا أن اخلاص متأخر فينسخ العام يف القدر املشرتك بينهما ‪.‬‬
‫‪ " /2‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يرتبصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا"‪ ،‬وقوله تعاىل ‪":‬‬
‫وأوالت األمحال أجلهن أن يضعن محلهن "‪.‬‬
‫فاألوىل عامة يف كل متوىف عنها زوجها ‪ ،‬والثانية خاصة يف ذوات احلمل وهي املتأخرة لقول ابن‬
‫مسعود ‪ (:‬من شاء باهلته أن آية النساء الصغرى نزلت بعد آية النساء الكربى ) ‪.‬‬

‫‪ ‬إذا كان املتأخر العام فإنه سوف ينسخ اخلاص ‪.‬‬


‫مثال ذلك ‪ :‬حديث العرنيني حينما أذن هلم الرسول ‪ ‬بشرب أبوال اإلبل ‪ ،‬مع حديث " تنزهوا من‬
‫البول فإن عامة عذاب القرب منه " فاألول خاص يف أبوال اإلبل والثاين عام يف مجيع األبوال واملتأخر‬
‫العام وعلم ذلك ألن احلديث األول اشتمل على املثلية ‪ ،‬واملثلية إمنا كانت يف بداية اإلسالم مث حرمة‬
‫بعد ذلك ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قاعدة ‪ :‬المفهوم والمنطوق‬


‫المنطوق ‪ :‬هو ما فهم من داللة اللفظ قطعًا يف حمل النطق ‪.‬‬
‫ومثاله ‪ :‬قوله تعاىل ‪ :‬فال تقل هلما أف ‪ ‬فإنه دال مبنطوقه على حترمي التأفف ‪.‬‬
‫المفهوم ‪ :‬هو ما فهم من داللة اللفظ يف غري حمل النطق ‪.‬‬
‫مثاله ‪ :‬حترمي الضرب من قوله تعاىل ‪  :‬فال تقل هلما أف ‪. ‬‬
‫المفهوم على قسمين ‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم موافقة ‪ :‬إثبات حكم للمسكوت عنه موافق حلكم املنطوق به‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم خمالفة ‪ :‬إثبات حكم للمسكوت عنه خمالف حلكم املنطوق به‪.‬‬
‫مفهوم الموافقة ‪ :‬ينقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫فحوى اخلطاب‪ :‬وهو ما كان املفهوم أوىل باحلكم من املنطوق حنو‪ :‬فال تقل هلم أف فإهنا‬ ‫‪-1‬‬
‫تدل مبنطوقها على حرمة التأفيف للوالدين ‪ ،‬وتدل مبفهوم املوافقة على حرمة ضرهبا إذ هو‬
‫أوىل بالتحرمي من التأفيف ؛ ألنه أشد يف اإليذاء‪.‬‬
‫حلن اخلطاب وهو ما كان املفهوم مساوًيا للحكم املنطوق ‪ ،‬كداللة ‪ ‬إن الذين يأكلون‬ ‫‪-2‬‬
‫أموال اليتامى ظلمًا ‪ ‬بطريق املفهوم على حترمي إحراق أمواهلم ؛ ألنه مساو لألكل املنطوق‬
‫يف اإلتالف‪.‬‬
‫اتفق األصوليون على حجية مفهوم املوافقة ‪ ،‬وإمنا اختلفوا يف داللته هل هي مستفادة من جهة‬
‫اللفظ أو من جهة القياس‪.‬‬
‫الفائدة من اخلالف يف داللة مفهوم املوافقة ‪:‬‬

‫من قال‪ :‬يثبت من طريق اللفظ ‪ ،‬قال ‪ :‬جاز النسخ ؛ ألن النسخ ال يكون إال باخلطاب‪.‬‬

‫ومن قال ‪ :‬يثبت من طريق القياس ‪ ،‬قال ‪ :‬ال جيوز النسخ فالنسخ ال يكون بالقياس ‪.‬‬

‫ومنهم من قال ليس له فائدة ‪.‬‬

‫ــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مفهوم لمخالفة ‪:‬‬

‫‪ -1‬الجمهور ‪ :‬يرون أنه حجة ‪.‬‬


‫‪ -2‬الحنفية ‪ :‬أنه ليس حبجة يف األحكام الشرعية أما يف كالم البشر وخطاهبم فحجة ‪.‬‬

‫أدلة الجمهور ‪:‬‬

‫‪ ‬شرعية ‪:‬‬

‫قوله تعاىل‪ :‬ال جناح عليكم أن تقصروا من الصالة ‪ ...‬اآلية ‪ ،‬فقال يعلى بن أمية ‪ :‬ما بالنا نقصر‬
‫وقد أمنا ؟ فقال عمر رضي اهلل عنه ‪ :‬سألت النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال ‪ " :‬هي صدقة تصدق‬
‫اهلل هبا عليكم فاقبلوا صدقته"‪.‬‬

‫‪ ‬عقلية ‪:‬‬

‫أنه لو مل يكن حجة ملا كان من ذكر الصفة فائدة ‪.‬‬

‫أدلة الحنفية ‪:‬‬


‫‪ -1‬لو كان ذكر الصفة يدل على نفي الصفة فيما عداها فهذا إما أن يثبت بطريق العقل أو الشرع ‪،‬‬
‫والعقل ال مدخل له يف اللغات وطريق الشرع قسمان تواتر وآحاد والتواتر ال يسري إليه ‪ ،‬واآلحاد‬
‫يفيد الظن والظن يفيد خلطأ والسهو فال يصح أن ينزل الشرع للظن ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه حيسن االستفهام فدل على أنه ليس حبجة ‪.‬‬
‫أقسام مفهوم املخالفة ‪ :‬ينقسم إىل عدة أقسام مفهوم‪ :‬الوصف ‪ ،‬الشرط ‪ ،‬الغاية ‪ ،‬احلصر ‪ ،‬اللقب ‪،‬‬
‫العدد ‪ ،‬نذكر بعضها‪:‬‬
‫مفهوم الوصف‪ :‬مثاله قوله تعاىل‪  :‬إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ‪ ، ‬فمفهومه أن غري الفاسق‬ ‫‪-1‬‬
‫ال جيب التبني يف خربه ‪ ،‬فيجب قبول خرب الواحد العدل‪.‬‬
‫مفهوم الشرط حنو قوله تعاىل‪  :‬وإن كن أوالت محل فأنفقوا عليهن ‪ ‬فاملفهوم املخالف أن‬ ‫‪-2‬‬
‫غري أوالت احلمل ال جيب اإلنفاق عليهن‪.‬‬
‫مفهوم الغاية نحو قوله تعالى‪ :‬فال حتل له من بعد حىت تنكح زوًج ا غريه ‪ ،‬فاملفهوم املخالف‬ ‫‪-3‬‬
‫أهنا إذا نكحته حتل لألول بشرطه ‪.‬‬
‫ومن أمثلته أيًض ا قوله تعاىل‪  :‬وال تقربوهن حىت يطهرن ‪ ‬فما قبل الغاية ال جيوز وهو‬
‫الوطء ‪ ،‬وأما ما بعدها وهو الطهر جيوز فيه الوطء‪.‬‬
‫ومن أمثلته أيًض ا قوله تعاىل‪  :‬مث أمتوا الصيام إىل الليل ‪ ‬فما قبل الغاية جيب الصيام ‪ ،‬وما‬
‫بعدها إىل الليل يفطر‪.‬‬
‫مفهوم العدد ينقسم إلى قسمين ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ ‬ما يدل على ثبوت احلكم فيما زاد على العدد بطريق األوىل‬
‫مثاله ‪" :‬إذا بلغ املاء قلتني فال حيمل اخلبث " فإن ما زاد عن القلتني داخل من باب أوىل ‪.‬‬
‫‪ ‬ما ال يدل على ثبوت احلكم فيما زاد عن العدد بطريق األوىل ‪:‬‬
‫مثاله ‪ :‬لو أباح أو أوجب اجللد على املائة فإنه ال يدل على وجوب أو إباحة اجللد فوق املائة ‪ ،‬أما‬
‫ما نقص عن املائة ففيه خالف ‪.‬‬
‫مفهوم الحصر حنو قوله تعاىل ‪  :‬إمنا إهلكم اهلل ‪ ‬مفهوم املخالفة‪ :‬فغريه ليس بإله ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫شروط إعمال مفهوم المخالفة ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ال يرجع حكم املفهوم املخالف على أصـله املنطـوق بـه باإلبطـال ؛ ألن املفهـوم فـرع للمنطـوق ‪،‬‬
‫وال جيوز أن ُيقدم الفرع على األصل ‪ ،‬وُيسقطه‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ال تظهر أولوية املسكوت عنه بـاحلكم ‪ ،‬أو مسـاوته فيـه للمنطـوق ؛ ألن هـذا من مفهـوم املوافقـة‬
‫ال املخالفة‬

‫‪ -3‬أن ال يوجد يف املسكوت املراد إعطاءه احلكم دليل خاص ‪ ،‬فإن وجد دليل خاص فيقدم الدليل‬
‫اخلاص ‪،‬مثاله ‪/‬قول يعلى يف قصر الصالة ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يذكر القيد مستقًال ال تبعًا فلو كان تبعًا فال مفهوم له ‪،‬مثاله‪ /‬قوله تعاىل ‪ ":‬وال تباشروهن‬
‫وأنتم عاكفون يف املساجد" فلفظ املساجد ال مفهوم له ؛ ألنه تبعًا‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ال يكون املقصود من القيد املبالغة من التنفري مثاله‪ /‬قوله تعاىل ‪ ":‬يا أيها الذين أمنوا ال تأكلوا‬
‫الربا أضعافًا مضاعفة " فلفظ أضعافًا مضاعفة ال مفهوم خمالف له ؛ ألنه خرج خمرج التنفري من‬
‫الربا ‪ ،‬فالربا مجيعه حمرم سواء كن قليل أو كثري‪.‬‬
‫‪ -6‬أن ال يكون املقصود من القيد إظهار املنة واالمتنان ‪،‬مثاله ‪/‬قوله تعاىل ‪ ":‬هو الذي سخر البحر‬
‫لتأكلوا منه حلمًا طريا " فلفظ طرًيا ال مفهوم له ؛ ألن املقصود منه املنة واالمتنان ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ‬
‫قاعدة‪ :‬المطلق والمقيد‬
‫ملا انتهينا من العام واخلاص ناسب أن نتبعهما باملطلق واملقيد ؛ وذلك للشبه بينهما إذ املطلق عام عموم‬
‫بديل ‪ ،‬واملقيد مع املطلق مبنزلة اخلاص مع العام ‪.‬‬
‫ما الفرق بين المطلق والعام ؟‬

‫أن عموم املطلق عموم بديل ‪ ،‬أما عموم العام فهو مشويل ‪.‬‬

‫مثال املطلق ‪ :‬أكرمي طالبة ‪ ،‬العموم فيه بديل فلو أكرمت أي طالبة حصل اإلكرام ‪.‬‬

‫مثال العام ‪ :‬أكرمي الطالبات ‪،‬يلزمها إكرام الكل ولو أنقصت أحد لعوقبت ‪.‬‬

‫المطلق في اللغة ‪ :‬هو املرسل ‪ ،‬تقول ‪ :‬أطلقت الصيد ‪،‬أي ‪:‬أرسلته ‪.‬‬

‫وأما في اصطالح األصوليون ‪ :‬فهو اللفظ املتناول لواحد ال بعينه باعتبار حقيقة شاملة جلنسه ‪ ،‬فقولنا ‪:‬‬
‫اللفظ هذا جنس يشمل كل ملفوظ سواء كان مفيد أو غري مفيد ‪.‬‬

‫قولنا (المتناول لواحد) ‪ :‬هذا سوف خيرج اللفظ الغري مفيد ‪ ،‬وخيرج منه كذلك العام ؛ألن العام فيه‬
‫عموم مستغرق ‪ ،‬وخيرج ألفاظ األعداد املتناولة ألكثر من واحد ‪.‬‬

‫وقولنا ‪( :‬ال بعينه) ‪:‬خيرج منه أمساء األعالم ‪.‬‬

‫وقولنا ‪( :‬باعتبار حقيقة شاملة لجنسه )‪ :‬خيرج منه اللفظ املشرتك ‪ ،‬والواجب املخري ؛ ألن كل منهما ال‬
‫يكون حقيقة شاملة جلنسه ‪.‬‬

‫مثاله ‪ :‬قول األستاذ ألحد طالبه ‪ :‬أكرم طالبًا ‪ ،‬فهذا أمر قد تناول واحد من الطالب غري معني ومدلول‬
‫هذا األمر شائع يف جنسه فال يوجد طالب معني بل الواجب اختيار أي طالب فيكرمه ويعد ممتثًال لألمر ‪.‬‬

‫المقيد ‪:‬‬

‫في اللغة ‪ :‬هو ما يقابل املطلق ‪ ،‬وهو ما قيد بشيء من وصف أو شرط ‪.‬‬

‫في اصطالح أهل األصول ‪ :‬هو املتناول ملعني موصوف بأمر زائد على احلقيقة الشاملة جلنسه ‪.‬‬

‫مثاله ‪ :‬إذا قال األستاذ ألحد طالبه ‪ :‬أكرم الطالب اجملتهد ‪ ،‬فقيد لطالب هنا باالجتهاد ؛ ألن االجتهاد‬
‫وصف زائد عن احلقيقة الشاملة جلنس الطالب ‪.‬‬

‫حاالت المطلق مع المقيد (حرير محل النزاع )‪:‬‬


‫إن اللفظ إذا ورد مطلقًا ومل يرد تقييده أو العكس إذا ورد مقيدَا ومل يرد إطالقه يف هذه احلالة حيمل كل‬
‫منهما على حاله فيحمل املطلق على إطالقه واملقيد على تقيده ‪ ،‬فهذا ليس حمل البحث ‪.‬‬

‫أما حمل البحث ‪:‬أن اللفظ يأيت يف موضع مطلق ويأيت يف موضع آخر مقيد فهذا حمل اخلالف ‪.‬‬

‫وحاالت املطلق مع املقيد (‪ )4‬اثنتان متفق عليها و األخرى خمتلف فيها ‪:‬‬

‫الحاالت المتفق عليها ‪:‬‬

‫‪ ‬الحالة األولى ‪ :‬أن يتحد احلكم ويتحد السبب ‪:‬‬

‫يف هذه احلالة حيمل املطلق على املقيد باالتفاق ‪.‬‬

‫من األمثلة عليه ‪:‬‬

‫‪ / 1‬كفارة اليمني فقد ورد فيها نص مطلق "فصيام ثالثة أيام " وورد فيها نص مقيد وهي رواية ابن‬
‫مسعود‪":‬فصيام ثالثة أيام متابعات " ‪،‬فيحمل املطلق على املقيد فيجب التتابع يف صيام الكفارة ‪.‬‬

‫‪ /2‬قوله ‪ ":‬ال نكاح إال بويل وشاهدين "هذا خرب مطلق ‪ ،‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ":‬ال نكاح إال‬
‫بويل وشاهدي عدل "مقيد ‪ ،‬فهنا حيمل املطلق على املقيد فيشرتط العدالة يف الشهود ؛ ألن احلكم واحد‬
‫وهو ‪ :‬وجوب اإلشهاد يف النكاح ‪ ،‬والسبب واحد وهو‪ :‬االستيثاق يف عقود النكاح ‪.‬‬

‫‪ ‬الحالة الثانية ‪ :‬أن خيتلف احلكم وخيتلف السبب ‪:‬‬

‫مثاله ‪ " :‬والسارق والسارقة فقطعوا أيديهما " فأليدي هنا مطلقة ‪ ،‬وقوله يف آية الوضوء ‪ ":‬فاغسلوا‬
‫وجوهكم وأيديكم إىل املرافق "هنا األيدي مقيدة ‪.‬‬

‫احلكم خمتلف ‪ :‬يف األوىل وجوب القطع يف السرقة ‪ ،‬ويف الثانية وجوب الغسل ‪.‬‬

‫والسبب خمتلف ‪ :‬يف األوىل السرقة ‪ ،‬ويف الثانية هو احلدث ‪.‬‬

‫ففي هذه احلالة ال حيمل املطلق على املقيد ‪.‬‬

‫الحاالت المختلف فيها ‪:‬‬


‫‪ ‬الحالة األولى ‪ :‬اختالف احلكم واحتاد السبب ‪:‬‬

‫مثاله ‪ :‬آية الوضوء وتسمى آية التيمم فقال يف التيمم ‪ ":‬فامسحوا بوجوهكم وأيديكم "وهي مطلقة ‪،‬‬
‫وقال يف الوضوء ‪ ":‬فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إىل املرافق "هنا األيدي مقيدة‬

‫احلكم خمتلف ‪ :‬يف األوىل جوب املسح ويف الثانية وجوب الغسل ‪.‬‬

‫السبب واحد وهو ‪ :‬احلدث ‪.‬‬


‫يف هذه احلالة هل حيمل املطلق على املقيد ؟ اختلف فيه ‪:‬‬

‫األكثر قالوا ‪ :‬ال حيمل املطلق على املقيد ؛ ألن فائدة محل املطلق على املقيد هو تقليل االختالف‬
‫والتعارض يف األحكام ‪ ،‬فبما أن احلكم خمتلف فيه فما الداعي من محل املطلق على املقيد ؟‬

‫وقال بعض العلماء‪ :‬حيمل املطلق على املقيد ؛ الحتاد السبب ‪،‬وهم قليل ‪.‬‬

‫‪ ‬الحالة الثانية ‪ :‬احتاد حلكم واختالف السبب ‪:‬‬

‫مثاله ‪ :‬قوله تعاىل يف كفارة الظهار ‪ " :‬فتحرير رقبة " يف مطلقة ‪ ،‬أما يف كفارة القتل خلطأ قال‬
‫سبحانه ‪ ":‬فتحرير رقبة مؤمنة " فقيد الرقبة باإلميان ‪.‬‬

‫احلكم واحد ‪ :‬وجوب العتق ‪.‬‬

‫السبب خمتلف ‪ :‬يف األوىل الظهار ‪ ،‬ويف الثانية القتل اخلطأ ‪.‬‬

‫يف هذه احلالة هل حيمل املطلق على املقيد ؟ اختلف فيه ‪:‬‬

‫اجلمهور قالوا ‪ :‬حيمل املطلق على املقيد وبالتايل يشرتط اإلميان يف رقبة الظهار فال جتزي إال الرقبة املؤمنة ‪.‬‬

‫وخالف يف ذلك احلنفية فقالوا ‪ :‬ال حيمل املطلق على املقيد فيعمل باملطلق على إطالقه (فأي رقبة يف‬
‫الظهار جمزئة وال يشرتط فيها اإلميان )‪ ،‬وحيمل املقيد على تقييده (فيشرتط اإلميان يف كفارة اخلطأ)‪.‬‬

‫*من أسباب اخلالف يف هذه احلالة ‪:‬‬


‫هل داللة املطلق قطعية أم ظنية ؟‬

‫فاجلمهور قالوا‪ :‬أن داللته ظنية وبالتايل يقيد ‪.‬‬

‫واحلنفية قالوا ‪ :‬أن داللته قطعية و بالتايل ال يقيد ‪.‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني ‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف األنبياء واملرسلني‬

‫أ‪ .‬إميان بنت سامل قبوس‬

You might also like