You are on page 1of 81

‫استنباط األحكام من اآليات واألحاديث في المعامالت‬

‫ه ّذبه ورتّبه‬
‫محمد روفيذال ابراهيم‬
‫محاضر كلية الشريعة والقانون‪ ,‬قسم الشريعة‬

‫‪1‬‬
‫التمهيد‬

‫إن استنباط الفقه قد نشأ يف عصر كبار الصحابة وكان يتصدى للقضاء واإلفتاء خنبة من‬ ‫َّ‬
‫فقه اء الص حابة س يدنا عم ر بن اخلط اب وعلي بن أيب ط الب وابن مس عود وابن عب اس‬
‫وغريهم الكثري الذين كانوا على إملام تام بلغة القرآن فما كانوا يقولون يف فتاواهم من‬
‫غري قيد وال انضباط ‪ ،‬بل كانوا على علم تام باللغة العربية اليت نزل هبا القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫توض ح هبا الس نة وك انوا على دراي ة تام ة بأس باب ال نزول ‪ ،‬وأس رار التش ريع ومقاص ده ‪،‬‬
‫وورود األح اديث ‪ ،‬ومعرف ة الناس خ من املنس وخ ‪ ،‬واجملم ل من املبني واملطل ق من املقي د ‪،‬‬
‫فضال عن صفاء الذهن وسرعة الفهم وسالمة الفطرة وذكاء القرحية وتوفر امللكة الفقهية‬
‫اليت اكتسبوها من صحبة الرسول ﷺ الطويلة لذلك كانوا يف غىن عن تدوين هذا الفن‬
‫ولكن يف الواق ع مل يكون وا مبع زل عن تط بيق مبادئ ه ورعاي ة قواع ده يف قض ائهم وفقههم‬
‫بس بب ص حبتهم للن يب ﷺ وأخ ذهم عن ه ‪ .‬فك انوا إذا أرادوا الوق وف على حكم من‬
‫األحكام جلأوا إىل كتاب اهلل تعاىل فإن مل جيدوا فيه ذهبوا إىل سنة رسوله الكرمي مث إن مل‬
‫جيدوا اجتهدوا وحبثوا عن األشباه واألمثال والنظائر‪. 1‬‬

‫فالصحابة مل حيكموا بفرع إال وله مستند إىل أصل يف نفوسهم ‪ ،‬ولكنهم قد يعربون عن‬
‫هذا االرتباط وقد يرتكون ذلك وقد خلف من بعدهم خلف ساروا على هنجهم فإذا‬
‫مسعنا سيدنا علي بن أيب طالب يقول يف عقوبة شارب اخلمر ‪":‬إذا شرب هذى وان هذى‬

‫‪ 1‬جمموعة الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية ‪ ، 20/221 :‬واألشباه والنظائر ‪ ،‬للسيوطي ‪ :‬ص‪ 3‬وما بعدها ‪ ،‬وأصول الفقه‬
‫تارخيه ورجاله ‪ :‬ص ‪26-25‬‬
‫‪2‬‬
‫اف رتى وإذا اف رتى جيب أن حيد ح د الق ذف" فق د أدركن ا أن ه ك ان ينهج منهج احلكم‬
‫باملآل أو احلكم بسد الذرائع –وهي من قواعد األصول‪. 2‬‬

‫تعريف إستنباط األحكام‬

‫املراد بـ (إس تنباط) يع ين اس تخراج املع اين الدقيق ة والفوائ د اخلفي ة من اآلي ات القرآني ة‬
‫واألح اديث النبوي ة وه و الطري ق الص حيح الس تخراج األحك ام اخلفي ة من الق رآن الك رمي‬
‫والسنة وهو علم أشار إليه السيوطي يف كتابه اإلتقان يف العلم اخلامس والستني‪.‬‬

‫املراد بـ (األحكام) مجع مفرده حكم واحلكم إثبات أمر الخر أو نفيه عنه‪.‬‬

‫ونريد باملنهج االستداليل ‪ -‬ههنا‪ -‬تلك األسس واملصادر واجبة االعتبار ضمن عناصر‬
‫املنهجي ة املثلى يف فق ه املع امالت املالي ة املعاص رة‪ ،‬وقب ل الش روع يف بي ان تل ك املنطلق ات‬
‫واألسس من املناسب التقدمي مبراتب االستدالل الفقهي‪ ،‬ذلك أن املتفحص ملدونات الفقه‬
‫اإلس المي يف جمال املع امالت املالي ة ليلح ظ ب روز ثالث م راتب يف منهجي ة االس تدالل‬
‫الفقهي‪ ،‬وميكننا جتلية الفصل بني هذه املراتب على النحو التايل‪:‬‬

‫إن الفقهاء املتقدمني قد دونوا فقه املعامالت املالية وفق منهجية واضحة تقوم على أساس‬
‫تص نيف وإف راد العق ود واملع امالت املالي ة الرئيس ة يف أب واب وفص ول خاص ة مث دراس ة م ا‬
‫يتضمنه كل عقد أو معاملة من األحكام التفصيلية التابعة‪.‬‬

‫‪ 2‬كنز العمال ‪ ،‬للمتقي اهلندي ‪ ، 5/701 :‬واإلحكام يف أصول األحكام البن حزم ‪ ، 7/452 :‬وإجابة السائل‬
‫شرح بغية اآلمل ‪ ،‬للصنعاين ‪ :‬ص‪. 173‬‬
‫‪3‬‬
‫المحاضرة األولى‬

‫إن الفقهاء يف طريقهم إىل استنباط أحكام فروع املعامالت املالية إمنا ينطلقون من أصول‬
‫االستدالل العامة يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬واملتمثلة يف العلوم الداللية الثالثة؛ وهي‪ :‬أصول‬
‫الفق ه‪ ،‬والقواع د الفقهي ة‪ ،‬والمقاص د الش رعية‪ ،‬بي د أن ه ذا املنهج االس تداليل الع ام ال‬
‫يقتص ر على فق ه املع امالت املالي ة فق ط‪ ،‬إمنا ه و منهج ع ام جلمي ع أب واب الفق ه اإلس المي‬
‫ومسائله‪ ،‬واليت منها ‪-‬بطبيعة احلال‪ -‬فقه املعامالت املالية‪.3‬‬

‫المنهج االستداللي العام‬ ‫‪.1‬‬

‫استنباط األحكام بالمنهج االستداللي العام له مطالب‬

‫المطلب األول‪ :‬النظر الى ألفاظ النص ـ باعتبارات مختلفة وهو تفسير النصوص‬

‫و ينقسم اىل قسمني ‪:‬واضح ومبهم‬

‫‪ ‬المطلب الث اني ‪ :‬النظ ر في دالل ة‪ ‬ألف اظ النص الى رتب ة المع نى ومنزلت ه المفه وم من‬
‫اللفظ‬

‫‪ .1‬الوقوف على ألفاظ اللغة العربية وكيفية داللتها على األحكام وما فيها من املباحث‬
‫اللغوية ‪.4‬‬

‫‪ 3‬د‪ .‬رياض منصور اخلَليفي التجديد يف فقه املعامالت املالية املعاصرة مفهومه مشروعيته جماالته‬
‫‪ - 4‬يراجع ‪ :‬بذل النظر ‪ 13‬وقواطع األدلة ‪ 1/34‬واحملصول ‪ 1/55‬والبحر احمليط ‪ 5 /2‬وعلم أصول الفقه‬
‫خلالف ‪. 147/‬‬
‫‪4‬‬
‫داللة اللفظ عند َغرْي احلنفيّة على احلُكْم‪:‬‬

‫حمل النطق‪ 5‬أي م ا يَ ُد ّل على احلُكْم‬ ‫ِ‬


‫دل علي ه اللف ظ يف ّ‬
‫الق ْس م األول ‪ :‬املنط وق وه و م ا ّ‬
‫بلفظه وصيغته ومنظومه‪.‬‬
‫ِ‬
‫الق ْسم الثاين ‪ :‬ما يَ ُد ّل على احلُكْم ال بلفظه وإمَّنَا بفحواه ومفهومه وهو امل َس َّمى بـ" املفهوم‬
‫ُ‬ ‫‪6‬‬
‫"‪.‬‬

‫َن َهج كثري ِمن األصوليّني يف تقسيم املفهوم موافَقة وخمالَفة ‪.7‬‬

‫المطلب الث الث من مط الب اس تنباط األحك ام بالمنهج االس تداللي العام‪:‬النظ ر في ما‬
‫تشتمل عليه النصوص من افراد‬

‫أ‪ -‬الخاص ‪ :‬هو ما وضع لشيء واحد ال حيتمل غريه وحكم اخلاص يتناول مدلوله ويدل‬
‫عليه دالله قطعية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬العام ‪ :‬اللفظ الذي وضع لكثريين غري حمصورين على سبيل االستغراق ‪.‬‬
‫‪ - 5‬ابن مفلح ‪ :‬هو مَشْس الدِّين أبو َعْبد اهلل حُمَ َّمد بن مفلح بن حُمَ َّمد بن مفرج امل ْق ِدسي احلَْنبَلِي رمحه اهلل تعاىل ‪،‬‬
‫َ‬
‫أصويل ‪ُ ،‬ولِد بَِبْيت امل ْق ِدس َسنَة ‪ 708‬هـ ‪ِ .‬من مصنَّفاته ‪ :‬الفروع ‪ ،‬أصول الفقه ‪ ،‬اآلداب الشَّرعيّة ‪ُ .‬ت ُويِّف‬ ‫ّ‬ ‫فقيه‬
‫َ‬
‫الذ َهب ‪ 6/199‬والفتح املبِني‬ ‫ُّرر الكامنة ‪ 4/26‬وشذرات َّ‬ ‫اجع ‪ :‬الد َ‬ ‫رمحه اهلل تعاىل بدمشق َسنَة ‪ 763‬هـ ‪ .‬يَُر َ‬
‫ُ‬
‫‪2/189‬‬
‫تقي الدين أبو البقاء حُمَ َّمد بن شهاب الدين بن َأمْح َد بن عبد العزيز بن علِ ّي الفتوحي املصري‬ ‫‪ -‬الفتوحي ‪ :‬هو ّ‬
‫‪6‬‬

‫احلنبلي ‪ ،‬الشهري بـ" ابن النجار " رمحه اهلل تعاىل ‪ُ ،‬ولِد مبصر َسنَة ‪ 898‬هـ ‪ِ ..‬من مصنَّفاته ‪ :‬منتهى اإلرادات ‪،‬‬
‫املسمى بـ" خمتصر التحرير " ‪ُ .‬ت ُويِّف رمحه اهلل تعاىل مبصر َسنَة ‪ 979‬هـ ‪ ,‬شذرات الذهب ‪8/39‬‬ ‫الكوكب املنري َّ‬
‫شرح الكوكب املنري ‪6 ، 1/5‬‬ ‫واألعالم ‪ 6/233‬ومقدمة ْ‬
‫‪ - 7‬خمتصر املنتهى مع َش ْرح العضد ‪172 ، 2/171‬‬
‫‪5‬‬
‫ج‪ -‬المشترك ‪ :‬هولفظ موضوع لكل واحد من معنيني او اكثر مثل ( القرؤ ) يطلق على‬
‫احليض والطه ر ( املوىل ) يطل ق على الس يد والعب د (الص الة) لف ظ مش رتك بني املغف رة‬
‫واالستغفار‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬النظر في صفة اللفظ من حيث االطالق والتقييد ‪.‬‬

‫أ‪ -‬املطلق ‪ :‬لفظ يدل على فرد شائع يف جنسه ‪،‬بدون قيد يقلل من هذا الشيوع‬

‫ب‪ -‬املقيد ‪ :‬هو اللفظ اخلاص الدال على ماهية مقيدة يقلل من شيوع املراد يف جنسه‪ ‬‬

‫المطلب الخ امس‪ :‬النظ ر فيم ا تس تعمل في ه االلف اظ في المع اني ‪ ,‬وه و الحقيق ة‬
‫والمجاز‪..‬‬

‫أ‪ -‬احلقيقة هي وضع اللفظ فيما وضع له ‪ ,‬يف اصطالح التخاطب ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اجملاز هو وضع اللفظ املستعمل يف معىن غري موضوع له ‪ ,‬لعالقة خمصوصة ‪.‬‬

‫المنهج االستداللي الخاص أو منهجية الضوابط‬ ‫‪.2‬‬


‫المنهج االس تداللي الخ اص وه و م ا ميكن أن نص طلح علي ه باس م "منهجي ة الض وابط"‪،‬‬
‫وحاص له‪ :‬أن الفقه اء ك انوا يتبع ون جمموع ة من األص ول والض وابط الش رعية يف فق ه‬
‫‪8‬‬
‫املعامالت املالية‪.‬‬

‫‪ 8‬د‪ .‬رياض منصور اخلَليفي التجديد يف فقه املعامالت املالية املعاصرة مفهومه مشروعيته جماالته‬
‫‪6‬‬
‫الضوابط الشرعية في فقه المعامالت المالية‬

‫املش روعية والطيب ات‪ ,‬والرتاض ي‪ ,‬واألخالق الطيب ة ‪ ,‬و أن تك ون خالي ة من الغش‬
‫واالحتك ار واخلداع والتدليس والغ رر والغنب والربا والتطفيف والكذب والسحت وكل‬
‫صور أكل أموال الناس بالباطل ‪.‬‬

‫منهجية الضوابط‬
‫ونعين مبنهجية الضوابط وجود جمموعة من الضوابط االستداللية غري الظاهرة واليت تتكرر‬
‫يف مواضع من االستدالل‪ ،‬ميكننا تلخيص هذه الضوابط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -١‬قاعدة األصل يف املعامالت املالية الصحة واإلباحة‪.‬‬
‫‪ -٢‬قاعدة الربا‪.‬‬
‫‪ -٣‬قاعدة الغرر واجلهالة‪.‬‬
‫‪ -٤‬قاعدة امليسر والقمار‪.‬‬
‫‪ -٥‬قاعدة الغش والتغرير واخلداع ومنه الغنب‪.‬‬

‫‪ -٦‬قاعدة اإلفضاء إىل ترك واجب أو فعل حمرم ‪ -‬نصاً أو داللة‪.-‬‬

‫أهمية إعمال منهجية الضوابط‬

‫تتجلى أمهية األخذ مبنهجية الضوابط من خالل األوجه التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬إهنا تيسر طرق اجملتهدين واملفتني للوصول إىل حكم املعاملة املالية املعاصرة من خالل‬
‫معايري واضحة وحمددة ضمن منهجية تعني اجملتهد على حتري اإلصابة ما أمكن‪.‬‬
‫ب‪ .‬إن فيها إعماالً ملنهجية معتمدة أخذ هبا الفقهاء يف استنباطهم أحكام املعامالت املالية‬
‫‪7‬‬
‫ت‪ .‬إن التقريب بني أصول االستدالل اخلاصة من خالل منهجية الضوابط يتيح تضييق موارد‬
‫اخلالف الفقهي يف املسائل املالية املعاصرة‪ ،‬كما تكشف الكثري من املذاهب الشاذة‪.‬‬
‫ث‪ .‬إن ه ذه املنهجي ة متث ل ناف ذة الفقي ه إىل مواق ع املقاص د للمع امالت املالي ة يف الش ريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫نماذج من عناية المتقدمين بمنهج اإلستداللي الخاص‪ /‬منهجية الضوابط‬

‫قال ابن العريب يف بيان املعاين املنهي عنها يف املعامالت املالية‬

‫(إن بي ان الق رآن حمكم فيم ا حيل وحيرم من ال بيوع‪ ،‬باعتب ار الواق ع ال ذي ن زلت في ه‪ ،‬وإن‬
‫الش ارع ق د حص ر م وارد احلرام‪ ،‬وأح ل م ا وراء ذل ك‪ ،‬كم ا ذك ر ابن الع ريب أن املع اين‬
‫املنهي عنها يف البيوع وصح النقل فيها عن رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬هي ستة‬
‫ومخسون معىن‪ ،‬وبعد أن عدها قال( فهذه ستة ومخسون معىن حضرت اخلاطر ‪ -‬أوردناه‬
‫حس ب نس قها يف ال ذكر‪ ،‬وهي ترج ع يف التقس يم الص حيح ال ذي أوردن اه يف املس ائل إىل‬
‫سبعة أقسام‪:‬‬

‫ما يرجع إىل صفة العقد‬ ‫أ‪.‬‬


‫ما يرجع إىل صفة املتعاقدين‬ ‫ب‪.‬‬
‫ما يرجع إىل صفة العوضني‬ ‫ت‪.‬‬
‫وإىل حال العقد‬ ‫ث‪.‬‬
‫وقت العقد كالبيع وقت نداء يوم اجلمعة‪ ،‬أو يف آخر أجزاء الوقت املعني للصالة‬ ‫ج‪.‬‬
‫وال خترج عن ثالثة أقسام؛ وهي‪ :‬الربا‪ ،‬والباطل‪ ،‬والغرر‪ ،‬ويرجع الغرر بالتحقيق‬
‫إىل الباطل‪ ،‬فيكون قسمني على اآليتني‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وه ذه المن اهي تت داخل‪ ،‬ويفص لها المع نى‪ ،‬ومنه ا أيض ا‪ :‬م ا ي دخل يف الرب ا والتج ارة‬
‫ظاهراً‪ ،‬ومنها‪ :‬ما خيرج عنها ظاهراً‪ ،‬ومنها‪ :‬ما يدخل فيها باحتمال‪ ،‬ومنها‪ :‬ما ينهى عنها‬
‫مصلحة ‪ (.‬للخلق وتأليفاً بينهم ملا يف التدابر من املفسدة‪.‬‬

‫وقال أيضا يف موضع آخر معلق اً على آية النهي عن أكل الباطل يف سورة البقرة ما نصه‬
‫(هذه اآلية من قواعد املعامالت‪ ،‬وأساس املفاوضات ينبين عليها‪ ،‬وهي أربعة‪ :‬هذه اآلية‪،‬‬
‫َأحل الّله الْبيع‪ ‬وحرم‪ ‬الربا) وأحاديث الغرر‪ ،‬واعتبار املقاصد واملصاحل‪،‬‬
‫وقوله تعاىل (و‪َّ ‬‬
‫وقد نبهنا على ذلك يف مسائل الفروع‪.‬‬

‫القواعد واألحكام الشرعية للمعامالت‬

‫حيكم املعامالت القواعد الشرعية اآلتية ‪:‬‬

‫عدم خمالفة مقاصد الشريعة‪ :‬حيث فيها مصاحل العباد ىف الدنيا واآلخرة وهى ‪:‬‬ ‫ا‪-‬‬
‫حفظ الدين والنفس والعقل والعرض واملال ‪.‬‬
‫تناولت الشريعة الكليات ‪ ،‬وتركت التفاصيل والفرعيات لتتكيف حسب ظروف‬ ‫ب‪-‬‬
‫الزمان واملكان‬
‫باب االجتهاد مفتوح ملن تتوافر فيه شروطه ىف ما مَلْ يرد بشأنه نص صريح من‬ ‫ج‪-‬‬
‫القرآن والسنة واإلمجاع ‪ ،‬ورأى مجهور الفقهاء مرجح على آراء اآلحاد ‪.‬‬
‫األصل ىف املعامالت احلل ما مل يرد بشأنه نص صريح من القرآن والسنة واإلمجاع‬ ‫د‪-‬‬
‫‪.‬‬
‫الرتاضى التام بني املتعاملني ‪ ،‬واملؤمنني عند شروطهم إالّ شرطاً أحل حراماً أو‬ ‫ه‪-‬‬
‫َحَّرم حالالً ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫و‪ -‬املعروف عرفا كاملشروط شرطاً ىف ما مل يرد به نص من القرآن والسنة اإلمجاع ‪.‬‬
‫ز‪ -‬النظر ىف العقود واملعامالت إىل املقاصد واملعاىن ‪ ،‬ال إىل األلفاظ واملباىن ‪.‬‬
‫ح‪ -‬مشروعية املقاصد ومشروعية الوسائل لتحقيقها ‪.‬‬
‫ط‪ -‬حرمة وبطالن املعامالت الىت تفتح الباب إىل املفاسد ‪ ،‬ودرء املفاسد ُم َقدَّم على‬
‫جلب املصاحل ‪.‬‬
‫ي‪ -‬ال حتايل على شرع اهلل والعربة باملقاصد وليس بالسبل والوسائل ‪ ،‬وااللتزام بشرع‬
‫اهلل عبادة ‪.‬‬
‫ك‪ -‬ال ضرر وال ضرار ‪،‬واألصل ىف املضار احلظر والتحرمي ‪ ،‬والضرر يدفع بقدر‬
‫اإلمكان ويتحمل الضرر اخلاص لتجنب الضرر العام ‪.‬‬
‫الضرورات تبيح احملظورات ‪ ،‬والضرورة تقاس بقدرها ومن ضوابطها الشرعية ما يلى ‪:‬‬
‫أن تؤدى إىل مهلكة ‪.‬‬
‫أن تكون ملجئة ‪.‬‬
‫أن تكون قائمة ‪.‬‬
‫تزال دون تعدى وال رغبة وال تنزه ‪.‬‬
‫ل‪ -‬التوثيق واالشهاد حلفظ النفوس واألموال واملعامالت ‪.‬‬
‫م‪ -‬تقوم املعامالت على القيم اإلميانية واألخالقية ‪.‬‬
‫ن‪ -‬ـ جتديد النيّة بأن املعامالت عبادة ‪ ،‬وأن الدين املعاملة ‪.‬‬

‫الضابط العام في إعمال منهجية الضوابط‬


‫عدم التعجل ىف املنع أوالتجويز قبل التحق ق من موازنة مقتضى املقاصد الشرعية‬ ‫ا‪-‬‬
‫واملصاحل الراجحة‬

‫‪10‬‬
‫املقارنة بني األدلة واملقاصد‬ ‫ب‪-‬‬
‫الكيفيات املقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة أو حلفظ مصاحلهم العامة‬ ‫ج‪-‬‬
‫‪9‬‬
‫يف تصرفاهتم اخلاصة‪.‬‬

‫النماذج التطبيقية لمنهج االستداللي الخاص (الميسر والقمار)‬

‫ضابط ما يكون قماراً‬

‫ض ابطه ‪ :‬أن يك ون ك لٌّ من المق امرين غانم اً أو غارم اً ‪ ،‬مبع ىن ‪ :‬أ ّن ك ل واح د منهم‬
‫خيرج مبلغ اً فمن ف از منهم أخ ذ ك ل املب الغ ال يت ُدفعت ‪ ،‬وك لٌّ ق د دخ ل متوقع اً ف وزه‬
‫وغلبه ‪ ،‬فصار واحد منهم غامناً وأصبح البقية غارمني خاس رين ‪ .‬فكل صورة من صور‬
‫التعامل املايل يتحقق فيه هذا الضابط فهو القمار وهو احملرم باتفاق العلماء ‪ ،‬والقمار كله‬
‫‪10‬‬
‫حرام بإمجاع العلماء‪ ‬‬

‫مسابقات يدخلها القمار‬


‫وجود عنصر املنافسة‬ ‫ا‪-‬‬
‫وجود عنصر املخاطرة‬ ‫ب‪-‬‬
‫وجود عنصر املشاركة من املتنافسني يف قيمة اجلائزة‬ ‫ج‪-‬‬

‫المسابقات التي تدخل فيها عناصر القمار والميسر‪:‬‬

‫‪ 9‬مقاصد الشريعة العامة؛ البن عاشور (‪ ،)200‬مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها؛ لعالل الفاسي (‪ ،)45‬و‬
‫نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب؛ للريسوين (‪)6‬‬
‫‪ 10‬نقل اإلمجاع اإلمام القرطيب يف تفسريه‬
‫‪11‬‬
‫مسابقات اليت تقوم على احلظ وليس العمل واجلد أو االستفادة املشروعة من املوقع أو‬ ‫ا‪-‬‬
‫اخلدمة‪.‬‬
‫التح ريض على ش راء خدم ة ليس املش رتى ىف حاج ة إليه ا ولكن غايت ه الك ربى ه و‬ ‫ب‪-‬‬
‫املكافأة‬
‫مسابقات اليت تنتهى ىف هناية املطاف إىل فريق رابح وفريق خاسر وبذلك تدخل ىف‬ ‫ج‪-‬‬
‫نطاق القمار‬
‫مس ابقات ال يت ال تس اهم ىف التنمي ة االقتص ادية وزي ادة القيم ة املض افة حيث أهنا‬ ‫د‪-‬‬
‫عمليات وساطة غري ضرورية ‪.‬‬
‫مسابقات اليت حتض (تدفع) الشباب على التفكري ىف السعى وراء املكافأة ولو بطرق‬ ‫ه‪-‬‬
‫غري مشروعة وليس العمل اجلاد املنتج‪.‬‬
‫مس ابقات تكون معلوم ات خفي ه غ ري معلن ة ح ول من وراء ه ذا النظ ام املريب ال ذى‬ ‫و‪-‬‬

‫أتى من بالد ال نعرف هويتها علماً‬


‫مسابقات تقود إىل سلسلة من النصب واالحتيال ‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬
‫إض افة تك اليف اجلوائز واملكاف آت إىل أس عار الس لع واخلدمات فهن ا ي ؤدى إىل غالء‬ ‫ح‪-‬‬
‫األسعار بدون منفعة إضافية ‪.‬‬
‫مسابقات أسهم يف قيمة جوائزها أو يف جزء من قيمتها املتسابقون‬ ‫ط‪-‬‬

‫‪12‬‬
‫النماذج التطبيقية لمنهج االستداللي الخاص (الغرر والربا)‬

‫اختالف العلم اء املعاص رين يف تك ييفهم لعق د الت أمني أو التكاف ل من النم اذج الدال ة على‬
‫أمهية اعتبار املصلحة والضرورة واجلاحة وقاعدة الغرر والربا يف استنباط األحكام يف فقه‬
‫املعامالت املالية املعاصرة ‪.‬‬

‫واختالفهم يف احلكم راج ع إىل تك ييفهم لعق د الت أمني فمنهم من كيف ه على أن ه عق د‬
‫معاوض ة ونف وا ص فة املعاوض ة على ه ذه العق ود وإدخاهلا يف دائ رة الت ربع مث الوص ول من‬
‫ذل ك إىل الق ول بع دم ت أثري الغ رر الف احش يف ه ذه العق ود‪ ،‬ألن الغ رر الف احش ي ؤثر يف‬
‫املعاوضات دون التربعات ‪.11‬‬

‫الذين اعتربوه من عقود املعاوضة أجروا عليه قواعد وأصول املعامالت املالية‪ ،‬فوجدوا أن‬
‫فيه ربا وقمار وغرر‪...‬فحرموه‪.‬‬

‫ومنهم من كيفه على أنه من عقود املنفعة اليت أجازهتا الضرورة وحاجة الناس اليت تقتضي‬
‫التيس ري ورف ع احلرج عنهم ‪ .‬املنفع ة ليس ت من األص ناف الس تة ال واردة يف ح ديث الرب ا‬
‫وحقيق ة ه ذه املنفع ة أن املبادل ة تك ون بني األقس اط ال يت ي دفعها املؤمن ل ه واألم ان ال ذي‬
‫يض منه املؤمن‪ .12‬الت أمني طري ق تع اوين منظم الزاح ة األض رار ال يت تق ع على رؤوس‬
‫أص حاهبا من املخ اطر ال يت يتعرض ون هلا‪ ،‬ه و يف ذات ه ج ائز ش رعا جبمي ع ص وره الثالث‬

‫‪ 11‬حسني حامد حسان‪ ،‬حكم الشريعة اإلسالمية يف عقود التأمني‬


‫‪ 12‬سليمان بن إبراهيم بن ثنيان‪ ،‬التأمني وأحكامه‬
‫‪13‬‬
‫وهي‪ :‬الت أمني على األش ياء والت أمني ض د املس ؤولية املس مى تأمين ا ض د الغ ري‪ ،‬والت أمني‬
‫‪13‬‬
‫املسمى خطأ بالتأمني على احلياة جائز شرعا‬

‫ي‪-‬‬

‫المحاضرة الثانية ‪ :‬استنباط األحكام من آيات وآحاديث المعامالت‬

‫النصوص الشرعية فى البيع‬


‫‪14‬‬
‫الربَا )‬
‫َأح َّل اللّهُ الَْبْي َع َو َحَّر َم ِّ‬
‫(و َ‬‫قال اهلل تعاىل َ‬

‫‪ 13‬مصطفى الزرقا‪ ،‬نظام التأمني ‪164‬‬

‫هذه اآلية صرحية يف ِح ِّل البيع‪ ،‬وإن كانت مسوقة ألغراض أخرى غري إفادة احلل وهي‬ ‫‪14‬‬

‫نفي املماثلة بني البيع والربا وهذا املعىن هو املقصود األصلي الذي سيقت اآلية من أجله‬
‫‪14‬‬
‫‪15‬‬
‫(وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إاَّل َأ ْن تَ ُكو َن جِت َ َار ًة)‬
‫‪16‬‬
‫(وأشهدوا إذا تبايعتم)‬

‫اح ةَ مَجِ يعِ َه ا إاَّل‬ ‫ِ‬ ‫الش افِعِي َإنَّه ا ع َّامةٌ فَِإ َّن لَ ْفظَه ا لَ ْف ُ ٍ‬
‫ظ عُ ُم وم َيَتنَ َاو ُل ُك َّل َبْي ٍع َو َي ْقتَض ي إبَ َ‬ ‫َ‬ ‫قَ َال َّ ُّ َ َ‬
‫يل‬ ‫ما خ َّ ِ‬
‫صهُ الدَّل ُ‬ ‫َ َ‬

‫ادو َن َه ا َومَلْ يَُبنِّي ْ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم َن َهى َع ْن بُيُ ٍ‬


‫وع َك انُوا َي ْعتَ ُ‬ ‫يل هِلََذا الْ َق ْو ِل َّ‬
‫َأن النَّيِب َّ َ‬
‫ِ‬
‫والدَّل ُ‬
‫اجْلَاِئَز‬

‫يد بِ ِه الْعم وم وِإ ْن دخلَ ه الت ِ‬ ‫ِ‬


‫يص َو ُه َو َم ا جَيْ ِري َعلَى‬
‫َّخص ُ‬
‫ُُ ُ َ َ َ ُ ْ‬ ‫وم ُأِر َ‬
‫وعلَى َه َذا يِف الْعُ ُم وم إنَّهُ عُ ُم ٌ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫عُ ُمومه َوِإ ْن َد َخلَهُ خَت ْص ٌ‬
‫يص‬

‫ص ٍ‬
‫يص‬ ‫ف فِيه ا م ا مَل ي ُقم دلِي ل خَت ْ ِ‬
‫وز ااِل ْس تِ ْداَل ل هِب ِذ ِه اآْل ي ِة الْ َك ِرميَ ِة يِف الْمس اِئ ِل الْم ْخَتلَ ِ‬
‫جيُ ُ‬
‫َ َ َْ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وم‬‫وِإخراجها ِمن الْعم ِ‬
‫َ َْ ُ َ ْ ُُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إن ََّها جُمْ َملَةٌ اَل يُ ْع َق ُل مْن َها ص َّحةُ َبْي ٍع م ْن فَ َساده إاَّل بَِبيَان النَّيِب ِّ َ‬
‫الْ َم ْعىَن الْ ُمَر َاد ِمْنهُ ُم ْش ِك ٌل َأِلنَّهُ لَ َّما مَلْ يَ ُك ْن الْ ُمَر ُاد ِم ْن اللَّ ْف ِظ َما َوقَ َع عليه االسم وتبينا َّ‬
‫َأن لَهُ‬
‫َش َراِئ َط مَلْ تَ ُك ْن َم ْع ُقولَ ةً يِف اللغ ة خ رج اللف ظ بالش رائط عن موض وعه يف اللغ ة إىَل َم ا‬
‫ط الش َّْر ِع‬ ‫ت َعلَْي ِه َشَراِئ ُ‬ ‫اسَت َقَّر ْ‬
‫ْ‬
‫‪15‬‬
‫(رفِ َع الْ َقلَ ُم َع ْن ثَاَل ثَ ٍة َع ْن َّ‬
‫الص يِب ِّ َحىَّت َيْبلُ َغ َو َع ْن النَّاِئ ِم َحىَّت‬ ‫ِ‬
‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ه َو َس لَّ َم ُ‬
‫ق ال َ‬
‫يح ِم ْن ِرَوايَ ِة َعلِ ٍّي وعائش ة رض ي اهلل‬ ‫صح ٌ‬
‫يث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْس َتْيق َظ َو َع ْن الْ َم ْجنُ ون ح ىت يفي ق) احْلَ د ُ َ‬
‫ِ‬
‫عنهما‪ 17‬‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َن َهى َع ْن َبْي ِع الْغََرِر َرَواهُ ُم ْسلِ ٌم‬ ‫َرَوى َأبُو ُهَرْيَرةَ َر ِضي اللَّهُ َعْنهُ َّ‬
‫َأن النَّيِب َّ َ‬ ‫َ‬

‫ص اللَّهُ‬ ‫اض ِمْن ُك ْم قَ َ‬


‫ال الْعُلَ َم اءُ َخ َّ‬ ‫َأي لَ ِك ْن لَ ُك ْم َأ ْكلُ َه ا بِتِ َج َار ٍة َع ْن َت َر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫هو ِ‬
‫اس ت ْثنَاءٌ ُمْن َقط ٌع ْ‬
‫َُ ْ‬
‫‪15‬‬

‫سبحانَه وَتعاىَل اَأْل ْكل بِالنَّه ِي َتْنبِيها علَى َغ ِ ِه لِ َكونِِه معظَم الْم ْقص ِ‬
‫ود‬ ‫ً َ رْي ْ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُْ َ ُ َ َ‬
‫الر ْج َع ِة‬ ‫َأن اِإْل ْشهاد علَى ع ْق ِد الْبي ِع واِإْل ج ارِة وس اِئِر الْع ُق ِ‬
‫ود َغرْيِ النِّ َك ِ‬
‫اح َو َّ‬ ‫ب الشافعي َّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َم ْذ َه ُ‬
‫‪16‬‬

‫ب‬‫ب ولَْيس بِو ِاج ٍ‬


‫ُم ْستَ َح ٌّ َ َ َ‬
‫ف‬ ‫اُأْلم ِة ِم ْن َّ‬
‫الس لَ ِ‬ ‫ور َّ‬ ‫هِب‬ ‫و ْ ِ َّ ِاِل ِ ِ‬
‫استُدل ل ْست ْحبَاب بقوله تعاىل (وأشهدوا إذا تبايعتم) َو َ َذا قَ َال مُجْ ُه ُ‬ ‫َ‬
‫ف وقَالَت طَاِئَفةٌ جَيِ ب اِإْل ْشهاد علَى الْبي ِع وه و َف رض اَل ِزم يع ِ ِ ِ‬
‫ي َه َذا َع ْن‬
‫ص ى بَت ْرك ه َرَو َ‬ ‫َ ُ َ َْ َ ُ َ ْ ٌ ٌ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َواخْلَلَ ِ َ ْ‬
‫اع بَِن ْق ٍد َأ ْش َه َد ومل يكتب‬
‫ال َوَكا َن ابْ ُن عُ َمَر إذَا بَ َ‬ ‫ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس قَ َ‬
‫ِ‬ ‫يح ِة َّ‬ ‫يث َّ ِ‬‫واحتَ َّج اجْل مهور بِاَأْلح ِاد ِ‬
‫اش َتَرى َومَلْ يُْن َق ْل‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم بَ َ‬
‫اع َو ْ‬ ‫َأن النَّيِب َّ َ‬ ‫الصح َ‬ ‫َ ْ ُْ ُ ُ َ‬
‫الصحابةُ يِف َزمنِ ِه وب ْع َده ومَحَلُوا اآْل يةَ الْ َك ِرميَةَ َعلَى ااِل ْستِ ْحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫ك َّ َ َ‬ ‫ك َوَك َذل َ‬‫اد يِف ذَل َ‬
‫اِإْل ْش َه ُ‬

‫‪17‬الصىب واجملنون ال يصح بيعهما الن البيع تصرف يف املال فلم يفوض إىل الصىب واجملنون‬
‫كحفظ املال‬
‫‪16‬‬
‫ص لَّى اللَّهُ عليه وسلم هنى عن املعاومة وىف بعضها عن‬ ‫وروى َج ابٌِر َر ِض ي اللَّهُ َعْن هُ َّ‬
‫َأن النَّيِب َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ‪18‬‬
‫بيع السنني) َرَواهُ ُم ْسل ٌم‬

‫َّس لِي ِم َعلَى َّ‬


‫الص يِب ِّ َوقَ ْد َ‬
‫ص َّر َح‬ ‫وب الت ْ‬
‫ِ‬
‫ص َّح الَْبْي ُع لَ ِزَم مْن هُ ُو ُج ُ‬
‫وج ه َّ ِ ِ‬
‫الداَل لَ ة م ْن احلديث َأنَّهُ لَ ْو َ‬ ‫َُْ‬
‫ِ ِ‬ ‫الداَل لَ ِة ِمْن هُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫إس َقا ُط‬
‫ض ى احْلَديث ْ‬ ‫َأن ُم ْقتَ َ‬ ‫يل َو ْج هُ َّ‬
‫ب عليه شئ َوق َ‬ ‫الص يِب َّ اَل جَي ُ‬
‫َأن َّ‬ ‫احْلَد ُ‬
‫َأْق َوالِِه َوَأْف َعالِِه‪ ‬‬

‫وص َعلَْي ِه يِف قوله تعاىل (وابتل وا اليتامى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ص ٌ‬ ‫اس البيع َعلَى ح ْفظ الْ َمال ََأِلنَّهُ جُمْ َم ٌع َعلَْيه َوَمْن ُ‬ ‫قيَ ُ‬
‫اح فَِإ ْن آنَ ْستُ ْم ِمْن ُه ْم ُر ْش ًدا فَ ْاد َفعُوا ِإلَْي ِه ْم أمواهلم)‬
‫حىت إذا بلغوا النِّ َك َ‬
‫يفهم من اآلي ة بدالل ة العب ارة أن ه جيب على أولي اء األيت ام أن خيت ربوا عقلهم و فهمهم و‬
‫ص الحيتهم ف إن بل غ عقلهم درج ة‪ ‬الكم ال‪ ‬يس لموهنم أم واهلم‪  .‬ويفهم منه ا أيض ا بدالل ة‬
‫اإلشارة عدم صحة بيع من مل يبلغ سن البلوغ ومن ال عقل له لعدم صحة تسليم املال‬
‫هلم‪.‬‬

‫‪ 18‬ال جيوز بيع املعدوم كالثمرة الىت مل ختلق‬


‫اب الْغَ َرِر َواَل مُيْ ِك ُن‬
‫ت احْل اج ةُ إىَل ارتِ َك ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ هِل‬
‫ْ‬ ‫‪ .2‬إن َبْي َع الْغَ َرِر بَاط ٌل َ َذه األح اَديث إال إ َذا َد َع ْ َ َ‬
‫ااِل ْحرِت َ ُاز َعْنهُ إاَّل مِب َ َشق ٍَّة َْأو َكا َن الْغََرُر َح ِق ًريا َج َاز الَْبْي ُع َوِإاَّل فَاَل‬
‫ض م ع اختِاَل ِ‬ ‫الش رب ِمن م ِاء ِّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫الس َقاء بِع َو ٍ َ َ ْ‬ ‫ُأجَرٍة َو جيوز ُّ ْ ْ َ‬ ‫‪ .3‬وعلى ه ذا جيوز ُد ُخ ول احْلَ َّم ِام بِ ْ‬
‫استِ ْع َم ِال الْ َم ِاء َْأو ُمكْثِ ِه ْم يِف احْلَ َّم ِام‬
‫َّاس يِف ْ‬ ‫َأح َو ِال الن ِ‬ ‫ْ‬
‫‪17‬‬
‫َأن النَّيِب َّ ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪َ -‬ن َهى َع ْن َبْي ِع الْ َك الِِئ‬ ‫‪-‬ر ِضي اللَّهُ َعْن ُه َما َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َعن ابْن عُ َمَر َ َ‬
‫يف ص‪ - 249‬كت اب‬ ‫ض عِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بِالْ َك الِِئ ‪َ ,‬ي ْعيِن ‪ :‬ال دَّيْ ِن بِال دَّيْ ِن‪َ .‬رَواهُ ِإ ْس َح ُ‬
‫اق‪َ ,‬والَْب َّز ُار بِِإ ْس نَاد َ‬
‫بلوغ املرام من أدلة األحكام ‪ -‬النهي عن بيع الكالئ بالكالئ يعين الدين بالدين‬

‫ورواه ال دارقطين‪ ،‬والطح اوي‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬وال بيهقي‪ ،‬وض ّعفه مجع َغف ري من أه ل العلم‪ ،‬وذل ك لتف رد موس ى بن عبي دة‬
‫حتل عندي عنه الرواية‪ ،‬وال أعرف‬
‫الزبيدي‪ ،‬به‪ .‬قال احلافظ يف «التلخيص» (‪« :)26 /3‬قال أمحد بن حنبل‪ :‬ال ّ‬
‫أيضا‪ :‬ليس يف هذا صحيح يصح‪ ،‬لكن إمجاع الناس على أنه ال جيوز بيع دين بدين‪.‬‬ ‫هذا احلديث عن غريه‪ ،‬وقال ً‬

‫ض الْ َم َس اِئ ِل َكَبْي ِع الْ َعنْي ِ الْغَاِئبَ ِة َوَبْي ِع احْلِْنطَ ِة يِف ُس ْنبُلِ َها َويَ ُك و ُن‬ ‫ف الْعُلَ َم اءُ يِف َب ْع ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ .4‬وقَ ْد خَت ْتَل ُ‬
‫اختِاَل ُفهم مبنِيًّا علَى ه ِذ ِه الْ َق ِ‬
‫اع َد ِة‬ ‫ْ ُ ْ َْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُّح بيع الدين لِع َدِم الْ ُق ْدرِة علَى الت ِ‬ ‫‪ .5‬اَل ي ِ‬
‫ض ُم ْش رَتِي الدَّيْ ِن‬ ‫َّس لي ِم وقيل يَص ُّح بِ َش ْرط َأ ْن َي ْقبِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س فَ ِإ ْن َت َفَّرقَ ا َقْب ل َقْب ِ‬ ‫ض يِف الْ َم ْجلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ض بَ ا ُع ال دَّيْ ِن الْع َو َ‬ ‫ال دَّيْ َن َّْن ُه َو َعلَْي ه َوَأ ْن َي ْقبِ َ‬
‫َأح ِدمِه َا بَطَ َل الْ َع ْق ُد‬
‫َ‬
‫‪ .6‬علة منع بيع الْ َك الِِئ بِالْ َك الِِئ ‪َ ,‬ي ْعيِن ‪ :‬الدَّيْ ِن بِالدَّيْ ِن ما يشتمل عليه من الغرر لعدم القدرة‬
‫على تس ليم املبيع وم ا يفض ي إلي ه من الرب ا كزي ادة يف الق در نتيج ة زي ادة يف األج ل‬
‫واملخاطرة‪ ،‬فيدخل ضمن أصول عامة دلت الشريعة على اعتبارها‬
‫‪ .7‬من صور بيع الْ َكالِِئ بِالْ َكالِِئ املعاصر الشراء عرب اإلنرتنت ‪ ،‬إذا كان الدفع عند االستالم‪ ‬‬
‫ت الْ َم ِال‬ ‫‪ .8‬وال جيوز بي ِع الْج ِام ِكيَّ ِة َأِلنَّه بيع ما لَيس ِعْن َده وهو َأ ْن ي ُكو َن لِرج ٍل جام ِكيَّةٌ يِف بي ِ‬
‫َْ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫ُ َْ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫اج إىَل َد َر ِاه َم ُم َع َّجلَ ٍة َقْب َل َأ ْن خُتْ َر َج اجْلَ ِام ِكيَّ ِة َفَي ُق َ‬
‫ول لَ هُ َر ُج ٌل‪ :‬بِ ْعتيِن َج ِام ِكيَّتَ ك الَّيِت‬ ‫َوحَيْتَ َ‬
‫ص ِم ْن َحق ِِّه يِف اجْلَ ِام ِكيَّ ِة‬ ‫ِ‬
‫قَ ْد ُرَها َك َذا ب َك َذا‪َ ،‬أْن َق َ‬
‫‪ .9‬جيوز بي ع الربن امج ه و ال دفرت املكت وب في ه أوص اف م ا يف الوع اء والص ندوق من الثي اب‬
‫املبيع ة‪ ،‬في ذكر يف ه ذا ال دفرت ع دد وص فات املبيع لك ثرة املش قة يف ح زم األوراق وف ك‬
‫رباطه وإعادته لكثرهتا‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫وه ْم) سورة النساء‬
‫َوا ْكس ُ‬
‫ُ‬ ‫وه ْم فِ َيه ا‬ ‫ِ‬
‫الس َف َهاء َْأم َوالَ ُك ُم الَّيِت َج َع َل اللّ هُ لَ ُك ْم قيَام اً ‪َ  ‬و ْارُزقُ ُ‬
‫(والَ ُتْؤ تُواْ ُّ‬
‫َ‬
‫‪19‬‬
‫اآلية(‪. )5‬‬
‫‪20‬‬
‫قوله عليه الصالة والسالم (ال تبع ما ليس عندك )‬
‫رواه أبو داود يف كتاب البيوع واإلجارات‪ ،‬باب يف الرجل يبيع ما ليس عنده‪ ،‬برقم ( ‪ )3503‬والرتمذي يف كتاب‬
‫‪.‬‬ ‫البيوع‪ ،‬باب ما جاء يف كراهية بيع ما ليس عندك‪ ،‬برقم (‪)1232‬‬

‫‪19‬يفهم من اآلي ة بدالل ة العب ارة هنى اهلل األولي اء أن يؤت وا ه ؤالء أم واهلم خش ية إفس ادها‬
‫وإتالفها ألن اهلل جعل األموال قياما لعباده يف مصاحل دينهم ودنياهم ‪.‬‬
‫وأفاد النص باإلشارة ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ه جيب عليهم أن يعمل وا يف أم وال السفهاء ما يفعلونه يف أم واهلم‪ ،‬من احلفظ والتصرف‬
‫وعدم التعريض لألخطار‬
‫‪ .2‬وأن نفقة اجملنون والصغري والسفيه يف ماهلم إذا كان هلم مال‬
‫‪ .3‬أن ق ول ال ويل مقب ول فيم ا يدعي ه من النفق ة املمكن ة والكس وة؛ ألن اهلل جعل ه مؤمتن ا على‬
‫ماهلم فلزم قبول قول األمني‪.‬‬

‫‪20‬يفهم من احلديث بدالل ة العب ارة هني من أن ي بيع الرج ل م ا ليس عن ده ألن ه إذا ب اع م ا‬
‫ليس عن ده فليس ه و على ثق ة من حص وله ب ل ق د حيص ل ل ه وق د ال حيص ل فيك ون غ ررا‬
‫وأف اد النص بالدالل ة هني ه ﷺ عن بي ع الغ رر كاملش رتي املس وق ال ذي ي دفع مبلغ ا لش راء‬
‫الس لعة أو للحص ول على ح ق التس ويق‪ ،‬توس ال هبذا الش راء أو ال دفع للحص ول على‬
‫العموالت واألرباح االحتمالية وهي جمهولة التحقق‪ ،‬وهذا عني الغرر‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫س ِّم ْن َع َم ِل‬ ‫اب و ْ ِ‬
‫اَألزالَ ُم ر ْج ٌ‬ ‫ين َآمنُ واْ ِإمَّنَ ا اخْلَ ْم ُر َوالْ َمْيس ُر َو َ‬
‫اَألنص ُ َ‬ ‫قول ه تع اىل (يَ ا َأيُّ َه ا الذ َ‬
‫اجتَنِبُوهُ لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن) املائدة ‪.2190:‬‬ ‫ِ‬
‫الشَّْيطَان فَ ْ‬
‫عن جابر أنه مسع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول (إن اللّه حرم بيع اخلمر وامليتة‬
‫واخلنزير واألصنام) فقيل يا رسول اللّ ه أرأيت شحوم امليتة فإنه يطلى به السف ويدهن هبا‬
‫اجللود ويستصبح هبا الناس فقال‪( ‬هو ح رام)‪ ‬مث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‬
‫عن د ذل ك (قات ل اللّ ه اليه ود إن اللّ ه ملا ح رم ش حومها مجل وه مث ب اعوه ف أكلوا مثن ه)‪ 22‬رواه‬
‫اجلماعة‪.‬‬
‫ِ‬
‫اه ِ‬ ‫ب َوَم ْه ِر الْبَغِ ِّي َو ُح ْل َو ِان الْ َك‬
‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه و َس لَّم ‪َ -‬ن َهى َع ْن مَثَ ِن الْ َك ْل ِ‬
‫ن) رواه‬
‫َ َ‬ ‫َأنَّهُ ‪َ -‬‬
‫‪23‬‬
‫البخارى‬

‫‪ 21‬ويفهم من اآلية بداللة العبارة وجوب اجتناب اخلمر وامليسر واألنصاب واألزالم وعلة‬
‫هذا االجتناب وصف هذه األفعال بأهنا رجس من عمل الشيطان‬
‫مثال امليسر املعاصر العموالت االحتمالية الناجتة من التسويق مقابل ما دفعه املشرتي‬
‫املسوق جمهولة التحقق‪ ،‬ميكن أن تزيد عما دفعه فيغنم أو تنقص أو تنعدم فيغرم‪.‬‬

‫‪ 22‬ويفهم من اآلي ة بدالل ة العب ارة وج وب اجتن اب اخلم ر وامليت ة واخلنزير واألص نام وامل ْع ىن‬
‫َ‬
‫ألجله ثبتَت احلرمة وهي عدم املنفعة املباحة‪ ‬وهذا امل ْعىَن املعلوم لغ ةً جَي عل احلرم ةَ ثابت ةً يف ُك ّل‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ما ال منفعة فيه بيعا وشراء و ثبتَت بذلك حرمة بيع األسد ألنه ال منفعة فيه وملا كان األمر‬
‫باالجتناب داال على وجوب الرتك فُهم منه التحرمي فكانت هذه األفعال حمرمة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المحاضرة الثالثة ‪ :‬النصوص الشرعية فى الخيار‬

‫عن أيب هري رة ‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪( -‬أن رس ول اهلل ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ -‬هنى عن‬
‫التلقي للركب ان) و ق ال (ال تلق وا الركب ان لل بيع ) ويف رواي ة (ال تلق وا الس لع فمن تلق اه‬
‫فاشرتى منه فإذا أتى صاحب السلعة السوق فهو باخليار )‪.24‬‬

‫‪ 23‬ويفهم من اآلية بداللة العبارة أي بنفس ألفاظها على حرمة مثن الكلب وداللة احلديث‬
‫على احلكم من حيث دالل ة اقتض اء ه و أن اإلنس ان ليس ل ه عالق ة ب الكلب ولكن ل ه‬
‫عالقة بفعل خاص بالكلب وهو بيعه وأكل مثنه فيكون املعىن حترمي بيع الكلب‪.‬‬
‫يم ةَ َعلَى ُمْتلِ ِف ِه والعلة يف حترمي بيع‬‫اهر النَّه ِي حَت ِرمي بي ِع الكلب و ِمن اَل ِزِم َذلِك َأ ْن اَل قِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َوظَ ُ ْ ْ ُ َْ‬
‫الكلب عند الشافعي‪ ‬جناسته مطلقا وهي قائمة يف املعلم وغريه وعلة املنع عند من ال يرى‬
‫جناس ته النهي عن اختاذه واألم ر بقتل ه ول ذلك خص من ه م ا أذن يف اختاذه وي دل علي ه‬
‫ح ديث‪ ‬ج ابر‪ ‬ق ال(‪ ‬هنى رس ول اهلل ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ -‬عن مثن الكلب إال كلب‬
‫صيد) أخرجه‪ ‬النسائي‪.‬‬

‫‪ 24‬هنى الن يب ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ -‬عن ذل ك وجع ل للب ائع اخلي ار إذا ق دم الس وق‬
‫فوجد األمر خبالف ما قالوه ‪.‬‬
‫احلديث يفيد النهي عن تلقي السلع قبل ورودها السوق‬
‫املعىن يف ذلك كراهية الغبن ويشبه أن يكون قد تقدم من عادة أولئك أن يتلق وا الركبان‬
‫قب ل أن يق دموا البل د ويعرف وا س عر الس وق فيخ ربوهم أن الس عر س اقط والس وق كاس دة‬
‫والرغبة قليلة حىت خيدعوهم عما يف أيديهم‪ ،‬ويبتاعون منهم بالوكس من الثمن‪.‬‬
‫اجلمه ور أخ ذوا بظ اهر احلديث فق الوا‪ :‬ال جيوز تلقي الركب ان واختلف وا ه ل ه و حمرم أو‬
‫مكروه فقط‪ .‬ويف كتب احلنفية أنه يكره التلقي يف حالتني‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( إذا تبايع الرجالن فكل واحد منهما باخليار مامل‬
‫يتفرقا وكانا مجيعا ‪ ،‬أو خيري أحدمها اآلخر ‪ ،‬فإن خري أحدمها اآلخر ‪ ،‬فتبايعا على ذلك‬
‫فق د وجب ال بيع وإن تفرق ا بع د أن تبايع ا ومل ي رتك واح د منهم ا ال بيع فق د وجب ال بيع )‬
‫متفق عليه ‪. 25‬‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َف َق َ‬ ‫َأن ِحبَّا َن بن منقد كان خيدع يف البيع فَ َذ َكرت َذلِ ِ‬
‫ال‬ ‫ك للنَّيِب ِّ َ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫ي َّ‬ ‫ُر ِو َ‬
‫ك اخْلِيَ ُار ثَاَل ثًا‪ 26‬‬
‫ت َف ُق ْل اَل ِخاَل بَةَ َولَ َ‬‫إ َذا بِ ْع َ‬

‫‪ .1‬أن يضر بأهل البلد‬


‫‪ .2‬وأن يلبس السعر على الواردين‪.‬‬
‫واردا يف الركب ان فهو غنب فال ف رق يف نظ ر الش ارع من جه ة آح اد‬ ‫وإن ك ان احلديث ً‬
‫الن اس كون ه مثاًل من خ ارج البل د أو كون ه من أه ل البل د واجلامع بينهم ا ه و التغري ر من‬
‫حيث اجلمل ة لالس تواء يف أص ل الدالل ة ‪ -‬ش رح املنتقى (اجلزء الس ادس) ‪ -‬ح ديث‪ :‬ب ع‪،‬‬
‫وقل ال خالبة‪.‬‬
‫فهذا احلديث نص يف إثبات خيار اجمللس ال حيتمل تأويال وقد أخذ منه أيضا أهنما إذا‬ ‫‪25‬‬

‫تبايعا بشرط نفي اخليار أنه يصح على ذلك ‪.‬‬


‫ما استنبط من الحديث ‪:‬‬
‫الش رع ِإِل ْثب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫يح يِف اجْلُ ْملَ ة َو َم ْعىَن اَل خاَل بَ ةَ اَل َغنْب َ َواَل َخد َيع ةَ َو َج َعلَ َه ا َّ ْ ُ َ‬
‫صح ٌ‬ ‫احْلَ د ُ َ‬
‫‪26‬‬

‫اخْلِيَا ِر إ َذا قَاهَلَا‪.‬‬


‫وت اخْلِيَا ِر‬
‫إعاَل م ِمْنه بِثُب ِ‬
‫ك اخْل يَ ُار ْ ٌ ُ ُ‬
‫َقولُه صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم ولَ َ ِ‬
‫ُ َْ َ َ َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ليس يف احلديث إثبات ِخيَ َار الْغَنْب ِ ‪ ‬‬
‫‪22‬‬
‫المحاضرة الرابعة ‪ :‬النصوص الشرعية فى الربا‬

‫‪27‬‬
‫قال تعاىل (وأحل اهلل البيع وحرم الربا)‬

‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫اهر َأِلنَّه لَ و َك ا َن يثْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ووج ه َّ ِ ِ‬


‫ت اخْل يَ ُار بِ الْغَنْب ِ لََبَّينَ هُ النَّيِب ِّ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫الداَل لَ ة مْن هُ ظَ ٌ ُ ْ‬ ‫ََ ْ ُ‬ ‫‪-‬‬
‫َو َسلَّ َم َومَلْ حَيْتَ ْج َأ ْن َيعُ َّد ا ْشرِت َا َط ِخيَا ِر الثَّاَل ِث َْأو َأ ْن جَيْ َع َل لَهُ اخْلِيَ َار ثَاَل ثًا‬
‫ب اخْلِيَا ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب فِ ِيه َواَل تَ ْدلِيس َّ‬ ‫ِإ‬
‫ك فَا ْنَت َفى ُموج ُ‬ ‫ض َك َذل َ‬ ‫َأِلن الْ َف ْر َ‬ ‫َ‬ ‫يع اَل َعْي َ‬ ‫َّن الْ َمبِ َ‬ ‫‪-‬‬
‫اج ةً بِثَ َم ٍن َكثِ ٍري َو ُه َو َيَت َومَّهُ َه ا َج ْو َهَر ًة فَاَل ِخيَ َار لَ هُ َواَل نَظَ َر إىَل َم ا‬ ‫اش َتَرى ُز َج َ‬ ‫َوِإ ْن ْ‬ ‫‪-‬‬
‫ث مَلْ يَُر ِاج ْع َْأه َل اخْلِْبَر ِة‬‫ص َري ِمْنهُ َحْي ُ‬ ‫الت ْق ِ‬ ‫َي ْل َح ُقهُ ِم ْن الْغَنْب ِ َّ‬
‫َأِلن َّ‬
‫ص اَل لِْلغَنْب ِ َوهِلَ َذا لَ ْو َك ا َن َم َع العيب يس اوى أض عاف‬ ‫يب لِ َّلن ْق ِ‬
‫وت اخْلِيَ ا ِر يِف الْمعِ ِ‬
‫َ‬ ‫وثُبُ ُ‬ ‫‪-‬‬
‫اَأْلس َو ِاق‬ ‫يمتُ هُ بِاخْنِ َف ِ‬ ‫الر ُّد ولَ و َتعيَّب يِف ي ِد الْب اِئ ِع َثبت اخْلِي ار ولَ و َن َقص ِ‬
‫اض ْ‬ ‫تقَ‬ ‫مثنه لَ هُ َّ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ‬
‫فال‪ -‬ص‪ - 326‬كتاب اجملموع شرح املهذب ‪ -‬باب بيع املصرات والرد بالعيب‬
‫تأويل "ال خالبة" يف إثبات اخليار الثالث وليس بسديد‬ ‫‪-‬‬
‫فسروه بنفىي الغش والتدليس‬ ‫مجهور أصحاب الشافعي ّ‬ ‫‪-‬‬
‫و نص الشافعي إثبات اخليار حلبان بن منقذ يف كل ما يشرتيه وإن مل يشرط اخليار كان‬ ‫‪-‬‬
‫خاصا به‪-‬إرشاد الفقيه إىل معرفة أدلة التنبيه ج ‪2‬‬

‫(وح رم الرب ا) فمن الرب ا م ا ه و بي ع ومن ه م ا ليس ب بيع وه و رب ا أه ل اجلاهلي ة ‪ ،‬وه و‬ ‫‪27‬‬

‫الق رض املش روط في ه األج ل وزي ادة م ال على املس تقرض‪ .‬ويف س ياق اآلي ة م ا أوجب‬
‫ختصيص ما هو ربا من البياعات من عموم قوله تعاىل (وأحل اهلل البيع)‪.‬‬
‫(وأحل اهلل البيع) حيتج به يف جواز بيع ما مل يره املشرتي‬
‫‪23‬‬
‫‪28‬‬
‫راض مْن ُكم)‬ ‫قال تعاىل ( اَل تَْأ ُكلُوا َأموالَ ُكم بينَ ُكم بِالْ ِ‬
‫باطل ِإاَّل َأن تَ ُكون جتار ًة عن تَ ٍ‬

‫قال تعاىل (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إىل اهلل ومن عاد فأولئك‬
‫‪29‬‬
‫أصحاب النار هم فيها خالدون‪).‬‬

‫وحيتج فيمن اشرتى حنطة حبنطة بعينها متساوية أنه ال يبطل باالفرتاق قبل القبض وذلك‬
‫ألنه معلوم من ورود اللفظ لزوم أحكام البيع وحقوقه من القبض والتصرف والملك‬
‫وما جرى مجرى ذلك‬
‫اقتضى‬ ‫‪28‬‬

‫إباحة األكل قبل االفتراق وبعده من غير قبض‬ ‫‪.1‬‬


‫وإباحة أكله ملشرتيه قبل قبض اآلخر بعد الفرقة ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ق ال بعض هم أي من ك ان ال يعلم ب التحرمي مث علم ب التحرمي و انتهى عن الرب ا فل ه م ا‬ ‫‪29‬‬

‫سلف من الربا و ال إمث عليه‬


‫وقيل من جاءه موعظة من ربه فامتنع فله ما مضى من ذنبه أي صفح له وغفر ما مضى‬
‫ِِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ين َك َفُرواْ ِإن يَ َنت ُهواْ يُ ْغ َف ْر هَلُ ْم َّما قَ ْد َسلَ َ‬
‫من ذنبه كما هو قوله تعاىل‪ :‬قُل للَّذ َ‬
‫يدخل فيه من كان يعلم بالتحرمي مث تاب من الربا و رجع عنه فكل ما أخذه قبل توبته‬
‫فهو حالل عليه ال جيب عليه رده‪ -‬ابن تيمية رمحه اهلل ‪،‬جمموع الفتاوى‬
‫وعلى رأي من قال بأن اآلية ختص فقط من كان جاهال بالتحرمي مث ت اب من الربا و أن‬
‫من كان عاملا بالتحرمي مث نزع عنه و تاب فعليه إخراج ما كسبه من الربا قبل توبته‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫وروي عن ابن عمر وج ابر عن الن يب ص لى ااهلل علي ه وس لم أن ه ق ال يف خطبت ه ي وم حجة‬
‫الوداع مبكة ‪ -‬وقال جابر بعرفات إن كل ربا كان يف اجلاهلية فهو موضوع ‪ ،‬وأول ربا‬
‫أضعه ربا العباس بن عبد املطلب‪ 30‬صحيح البخاري‬

‫وفيما روي يف خطبة النيب صلى ااهلل عليه وسلم ضروب من األحكام‬ ‫‪30‬‬

‫كل ما طرأ على عقد البيع قبل القبض مما يوجب حترميه فهو كاملوجود يف حال وقوعه‬ ‫ا‬
‫وما طرأ بعد القبض مما يوجب حترمي ذلك العقد مل يوجب يف فسخه‬
‫إذا اشرتى رجل مسلم صيدا مث أحرم البائع أو املشرتي بطل البيع ألنه قد طرأ عليه ما‬ ‫ب‬
‫يوجب حترمي العقد قبل القبض كما أبطل ااهلل تعاىل من الربا ما مل يقبض ألنه طرأ عليه‬
‫ما يوجب حترميه قبل القبض‬
‫وإن ك انت اخلم ر مقبوض ة مث أس لما أو أحرم ا مل يبط ل ال بيع كم ا مل يبط ل ااهلل الرب ا‬ ‫ج‬
‫املقبوض حني أنزل التحرمي‬
‫وفيها داللة على أن هالك املبيع يف يد البائع وسقوط القبض فيه يوجب بطالن العقد‬ ‫د‬
‫ودالل ة اآلي ة ظ اهرة يف أن قبض املبيع من متام ال بيع وأن س قوط القبض ي وجب بطالن‬
‫العقد ‪ ،‬وهو قول أصحاب الشافعي ‪ ،‬وقال مالك ‪ :‬ال يبط ل والثمن الزم للمشرتي‬
‫إذا مل مينعه‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪31‬‬
‫قال تعاىل (يا أيها الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا اهلل لعلكم تفلحون)‬
‫سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪.130‬‬

‫ول اللَّ ِه‬ ‫ي َوَأيِب ُهَر ْي َر َة َر ِض ي اللَّهُ َعْن ُه َم ا َّ‬ ‫ب عن َأيِب س عِ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫َأن َر ُس َ‬ ‫َ‬ ‫يد اخْلُ ْد ِر ِّ‬ ‫َ‬ ‫َع ْن َسعيد بْ ِن الْ ُم َس يَّ ِ َ ْ‬
‫ال َأ ُك ُّل مَتْ ِر َخْيَب َر‬ ‫اس َت ْعمل ر ُجاًل َعلَى َخْيَب ر فَ َج اء ُهم بِتَ ْم ٍر َجنِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫يب َف َق َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ه َو َس لَّ َم ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ال اَل َت ْف َع ْل بِ ْع اجْلَ ْم َع‬‫اعنْي ِ بِالثَّاَل ثَ ِة َف َق َ‬ ‫اعنْي ِ َو َّ‬
‫الص َ‬ ‫الص َ‬‫اع ِم ْن َه َذا بِ َّ‬ ‫ال ِإنَّا لَنَْأ ُخ ُذ َّ‬
‫الص َ‬ ‫َه َك َذا َف َق َ‬
‫ِ ‪32‬‬
‫ك‬ ‫َّر ِاه ِم َجنِيبًا َوقَ َ‬
‫ال يِف الْ ِم َيز ِان ِمثْ َل َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫بِالد ِ‬
‫َّراه ِم مُثَّ ْابتَ ْع بالد َ‬
‫َ‬

‫ال تن ايف بني ه ذه اآلي ة وقول ه (وخ رم الرب ا) ألن الرب ا يف اآلي ة األوىل ع ام يف الزي ادة‬ ‫‪31‬‬

‫مطلقاً‪ ،‬والثانية ال تنايف ذلك العموم وهذا يدل على أنه مل يقصد من قوله تعاىل (َأضعافاً‬
‫مضاع َفةً) الداللة على أنه إذا كان غري مضاعف حيل أكله‪.‬‬

‫يؤخروا‪،‬‬
‫حل األجل زادوا يف الّثَمن على أن ّ‬ ‫‪ .2‬قال جماهد كانوا يبيعون البيع إىل أجل‪ ،‬فإذا ّ‬
‫ين َآمنُ واْ الَ تَْأ ُكلُواْ ِّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َأض َعافًا‪ ،‬انتصبت على‬
‫اع َفةً‪ْ .‬‬
‫ض َ‬‫َأض َعافاً ُّم َ‬
‫ٱلربَا ْ‬ ‫فأنزل اهلل ‪ :‬يَآ َأيُّ َه ا ٱلذ َ‬
‫احلال‬

‫الشرح‬ ‫‪32‬‬

‫(استعمل رجال على خيرب) امسه سواد بن غزية ‪.‬‬

‫وقول ه يف آخ ره " وق ال يف امليزان مث ل ذل ك " أي واملوزون مث ل ذل ك ال يب اع رط ل‬


‫برطلني‪.‬‬

‫وقال الداودي‪ ،‬أي ال جيوز التمر بالتمر‪ ،‬إال كيال بكيل أو وزنا بوزن‬
‫‪26‬‬
‫في مناط حكم الربا وعلته‬

‫ذك رت األح اديث النبوي ة الص حيحة س تّة أص ٍ‬


‫ناف رئيس يّة من أص ناف األم وال الربويّ ة‪،‬‬ ‫ّ ّ‬
‫الفضة‬
‫وهي‪ :‬القمح‪ ،‬والشَّعري‪ ،‬واحلنطة‪ ،‬والتّمر‪ ،‬وامللح‪ ،‬وال ّذهب‪ ،‬و ّ‬

‫هب تِربُه ا‬
‫الص امت ‪-‬رض ي اهلل عن ه‪ -‬ق ال‪( :‬ال َّذهب بال َّذ ِ‬
‫ُ‬ ‫ومن ذل ك م ا رواه عب ادة بن ّ‬
‫دي مِب ُد ٍي‪ ،‬و َّ‬ ‫الفض ةُ َّ ِ ِ‬
‫بالش ع ِري ُم ٌ‬
‫دي‬ ‫الش عريُ َّ‬ ‫البِّر ُم ٌ‬
‫الب ُّر ب ُ‬
‫بالفض ة تربُه ا وعينُه ا‪ ،‬و ُ‬ ‫وعينُه ا‪ ،‬و َّ‬
‫بامللح م مِب‬ ‫مِب ُد ٍي‪ ،‬والتَّمر بالتَّم ِر م مِب‬
‫دي ُد ٍي‪ ،‬فمن ز َاد أ ِو َ‬
‫ازداد فقد أرىب‪،‬‬ ‫امللح ِ ُ ٌ‬ ‫دي ُد ٍي‪ ،‬و ُ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ُ‬
‫الرب‬
‫بأس ببي ِع ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬‫وال بأس ببي ِع َّ‬
‫َأكثرمها يداً بيد‪ ،‬و َّأما النّسيئةُ فال وال َ‬
‫الفض ةُ ُ‬
‫هب بالفضَّة و َّ‬ ‫َ‬
‫‪33‬‬
‫أما نسيئةً فال) أبو داود‪ ،‬عن عبادة بن الصامت‬ ‫يدا ٍ‬
‫بيد‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫َأكثرمها ً‬
‫بالشَّعري والشَّعريُ ُ‬

‫ٍ‬
‫أطعمة‬ ‫تفاض ل بيع هذه األصناف مع بعضها على‬
‫وقد قاس العلماء احلُرمة احلاصلة يف ُ‬
‫‪33‬‬

‫أخرى تشرتك معها يف العِلّة‪:‬‬

‫الصفة الوظيفيّة اليت ُوِجد من أجلها‪ ،‬فإنّه يشرتك معه يف العِلّة؛‬


‫كل ما اشرتك يف ِّ‬
‫إ ّن ّ‬ ‫‪.1‬‬

‫فيحرم التّفاضل فيها أو‬


‫الفض ة يف كون امسها نَقداً‪ُ ،‬‬
‫النّقود الورقيّة تشرتك مع ال ّذهب و ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫العوض ني أو كليهم ا‪ ،‬وك ذلك تش رتك ال ُّذرة م ع القمح‬
‫َألج ٍل م ع ت أخري أح د َ‬ ‫بيعه ا َ‬
‫لالدخ ار‪ ،‬ويش رتك التّم ر م ع اجلمي د‬
‫َّخ ذ ّ‬‫الش عري يف كوهنا مطعوم اً أو يف كوهنا ُتت َ‬
‫و ّ‬
‫الزبيب يف االقتِيات‪ ،‬ويشرتك امللح مع ما يستخدمه النّ اس؛ لتحسني أطعِمتهم من‬ ‫وّ‬
‫فاض ل ُمطلق اً يف مثل هذه األصناف‪ -‬عبد الكرمي‬
‫الصنف َح ُرم التّ ُ‬
‫املأكوالت‪ ،‬فإذا احّت د ّ‬
‫بن علي بن حمم د النمل ة (‪1420‬هـ‪1999-‬م)‪ ،‬امله ذب يف علم أص ول الفق ه املق ارن (الطبع ة األوىل)‪،‬‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫الرياض‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،‬صفحة‪ ،2072 :‬جزء‪ّ .5 :‬‬
‫‪27‬‬
‫حديث مسرة ‪ :‬هنى صلى اهلل عليه وسلم عن بيع احليوان باحليوان نسيئة‪.‬‬

‫هذا احلديث عارضه حديث ابن عمرو‬

‫ِ‬ ‫ال (َأمريِن رس ُ ِ‬ ‫َرَوى َعْب ُد اللَّ ِه بْ ُن َع ْم ِرو بْ ِن الْ َع ِ‬


‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم أن ّ‬
‫أجهز‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫اص قَ َ َ َ َ ُ‬
‫جيشا فنفدت االبل فأمرين أن آخذ على قالص الصدقة فكنت آخذ البعري بالبعريين إىل ابل‬
‫إسنَ ِاد ِه نَظٌَر لَ ِك ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَْيه َفَي ْقتَضي َأنَّهُ عنده َح َس ٌن َوِإ ْن َكا َن يِف ْ‬ ‫الصدقة) َرَواهُ َأبُو َد ُاود َو َس َك َ‬
‫يح َع ْن َعْب ِد اللَّ ِه بن عمرو بن العاصى‬ ‫يح فَ َذ َكَرهُ بِِإ ْسنَ ِاد ِه َّ‬
‫الص ِح ِ‬ ‫اه ٌد ِ‬
‫صح ٌ‬ ‫َ‬
‫ال الْبيه ِقي لَه ش ِ‬
‫قَ َ َ ْ َ ُّ ُ َ‬

‫وك ذلك ح ديث أيب راف ع ‪ ( :‬استس لف ص لى اهلل علي ه وس لم بك راً‪ ،‬فلم ا ج اء ص احب‬
‫البكر قال‪ :‬أوفوه‪ ،‬قال أبو رافع ‪ :‬فبحثت فلم أجد بك راً يف اإلبل‪ ،‬وإمنا وجدت رباعي اً‪،‬‬
‫فذكرت ذلك لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬أعطه إياه‪ ،‬إن خريكم أحسنكم وفاءً‬
‫)‪.34‬‬

‫الن ُق ِ‬
‫ود مَلْ حُيَ َّرْم‬ ‫اج ُّ‬ ‫َّ ِ‬
‫وس َرَو َ‬
‫ت الْ ُفلُ ُ‬‫اج ْ‬
‫وص يف املذهب الش افعي إذَا َر َ‬ ‫ص ُ‬ ‫يح الْ َمْن ُ‬
‫الص ح ُ‬ ‫‪.3‬‬
‫ِّ ِ ِ ِ‬
‫ض عِ ٌ‬ ‫يه وج ه َش اذٌّ َأنَّه حُي َّرم ح َك اه اخْل ر ِ‬
‫يف‪-‬ج ‪ 9‬ص‬ ‫اس انيُّو َن َوَه َذا َش اذٌّ َ‬
‫ُ َ ُ َ ُ َُ َ‬ ‫الربَا ف َيه ا َوف َ ْ ٌ‬
‫‪ - 395‬كتاب اجملموع شرح املهذب ‪ -‬باب الربا‬

‫‪34‬‬

‫مذهب أيب حنيفة و أمحد أن حديث مسرة نسخ احلديثني اآلخرين‪ ،‬وذُكِر أن سند‬ ‫‪.1‬‬
‫احلديث فيه مقال‪ ،‬وأنه مرسل‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم َن َهى َع ْن َبْي ِع الْ َك الِِئ بِالْ َك الِِئ‬ ‫روى ابْ ِن عُ َم ُر َر ِضي اللَّهُ َعْن هُ َّ‬
‫َأن النَّيِب َّ َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪35‬‬
‫قال أبو عبيدة هو النسيئة بالنسيئة‪َ -‬رَواهُ الد َ‬
‫يف مداره على موسى بن‬ ‫ض عِ ٍ‬ ‫َّارقُطْيِن ّ َوالَْبْي َهق ُّي بِِإ ْس نَاد َ‬
‫ضعِ ٌ‬
‫يف‬ ‫عبيدة الزيدى َوُه َو َ‬

‫اص يدل على أنه ال ربا يف احليوان‬ ‫حديث َعْب ِد اللَّ ِه بْ ِن َع ْم ِرو بْ ِن الْ َع ِ‬ ‫‪.2‬‬
‫متسك اجلمهور حبديث َعْب ِد اللَّ ِه بْ ِن َع ْم ِرو بْ ِن الْ َع ِ‬
‫اص وقالوا جبواز‪ ‬بيع احليوان‬ ‫‪.3‬‬
‫باحليوان نسيئة متفاضال مطلقا‪ ، ‬وشرط‪ ‬مالك‪ ‬أن خيتلف اجلنس‪ ‬‬
‫ومنع من ذلك مطلقا مع النسيئة‪ ‬أمحد بن حنبل‪ ‬وأبو حنيفة‪ ‬وغريه من‪ ‬الكوفيني‪ ‬‬ ‫‪.4‬‬

‫ب والْ ِفض َِّة والْمطْع ِ‬


‫وز َبْي ُع بَعِ ٍري بَِأبْعَِر ٍة َو َش ٍاة‬ ‫وم اَل حُيََّر ُم فِ ِيه ِّ‬
‫الربَا َفيَ ُج ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫‪َ .5‬ما ِسوى َّ ِ‬
‫الذ َه َ‬ ‫َ‬
‫بِ ِشي ٍاه وثَو ٍب بِثِي ٍ‬
‫اب‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫قال‪ ‬الشافعي‪ : ‬املراد به النسيئة من الطرفني وهي من بيع الكالئ بالكالئ وهو ال‬ ‫‪35‬‬

‫يصح عند اجلميع‬


‫ول بِعيِن ثَوب ا يِف ِذ َّميِت بِ ِ‬
‫ص َفتِ ِه َك َذا إىَل َش ْه ِر َك َذا‬ ‫ِ ٍِِ ٍِ‬
‫وز َبْي ُع نَس يَئة بنَس يَئة ب َأ ْن َي ُق َ ْ ْ ً‬ ‫‪ .2‬ال جَيُ ُ‬
‫ف‪-‬ج ‪ 9‬ص‪400‬‬ ‫اس ٌد بِاَل ِخاَل ٍ‬ ‫ول قَبِْلت وه َذا فَ ِ‬ ‫بِ ِدينَا ٍر م َّج ٍل إىَل وقْ ِ‬
‫ت َك َذا َفَي ُق ُ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َُؤ‬
‫‪ -‬كتاب اجملموع شرح املهذب ‪ -‬باب الربا‬

‫‪29‬‬
‫المحاضرة الخامسة‪ :‬النصوص الشرعية فى الصرف‬

‫ض ةُ‬‫ب َوالْ ِف َّ‬ ‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه و َس لَّم (قَ َال ال َّذ َهب بِال َّذ َه ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫الص ِام ِ‬
‫ت َّ‬
‫أن النَّيِب َّ َ‬ ‫‪ ‬روى عُبَ َاد َة بْ ِن َّ‬
‫الش عِ ِري َوالْ ِم ْل ُح بِ الْ ِم ْل ِح ِمثْاًل مِبِثْ ٍل يَ ًدا بِيَ ٍد فَ ِإ َذا‬
‫الش عِريُ بِ َّ‬
‫ض ِة والتم ر ب التمر وال رب ب الرب َو َّ‬ ‫بِالْ ِف َّ‬
‫اختلَ َف ِ ِ‬
‫ف شئتم إذا كان يدا بيد)‪ 36 ‬أخرجه مسلم يف صحيحه‬ ‫اف فَبِيعُوا َكْي َ‬
‫اَأْلصنَ ُ‬
‫ت َهذه ْ‬ ‫َْ ْ‬
‫(كتاب‪ :‬املساقاه‪ ،‬باب‪ :‬الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ‪ 44 /5‬ح ‪ ،)4148‬وأخرجه‬
‫اإلمام امحد يف مسنده (‪ 97 /3‬ح ‪.)11947‬‬

‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬وعنه رضي اهلل عنه أيضا قال‪ :‬قال رسول اهلل‪ :‬صلى اهلل عليه وسلم "الَ تَبيعُ وا الذ َه َ‬
‫ض َوالَ تَبِيعُ وا‪ ‬الْ َو ِر َق بالْ َو ِر ِق‪ِ ‬إالَّ ِمثْالً مِبِثْ ٍل‬‫ض َها َعلَى َب ْع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الذه ِ ِ مِبِ‬
‫ب ِإالَّ مثْالً ثْ ٍل َوالَ تُش فُّوا َب ْع َ‬ ‫بِ َّ َ‬
‫اج ٍز‪ -‬أخرجه البخاري يف صحيحه‬ ‫ض والَ تَبِيع وا ِمْنه ا َغاِئب ا بِن ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َها َعلَى َب ْع ٍ َ ُ َ ً َ‬ ‫َوالَ تُشفُّوا َب ْع َ‬
‫(كت اب‪ :‬ال بيوع‪ ،‬ب اب‪ :‬بي ع الفض ة بالفض ة‪ 74 /3 ،‬ح ‪ ،)2177‬ومس لم يف ص حيحه‬
‫(كتاب‪ :‬املساقاة‪ ،‬باب‪ :‬الربا‪ 42 /5 ‬ح ‪)4138‬‬

‫قوله‪ ‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال تُ ِشفُّوا" أي ال تفضلوا‪ ،‬يقال‪ :‬أشف عليه إذا فضله وفاقه‪،‬‬
‫الشف بالكسر الزيادة والنقصان وهو من األضداد‪ ،‬ابن حجر‪ :‬فتح الباري (‪،)139 /1‬‬
‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس(‪)521 /23‬‬

‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫وعن أيب بكرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل‪ :‬صلى اهلل عليه وسلم "ال تَبيعُ وا الذ َه َ‬
‫َّة َوالْ ِف َّ‬
‫الذهب بِالْ ِفض ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ب ِإال َس َواءً بِ َس َو ٍاء َوالْ ِف َّ‬
‫ض ةَ بِالْ ِف َّ ِ ِإ‬ ‫بِ َّ‬
‫الذ َه ِ‬
‫ض ةَ‬ ‫ض ة ال َس َواءً ب َس َواء َوبِيعُ وا َ َ‬
‫ف ِش ْئتُ ْم ‪ -‬أخرجه البخاري يف صحيحه (كتاب‪ :‬البيوع‪ ،‬باب‪ :‬بيع الذهب‬ ‫بِ َّ‬
‫الذ َه ِ‬
‫ب َكْي َ‬
‫بالذهب ‪ 74 /3‬ح ‪)21752‬‬

‫‪36‬‬

‫‪30‬‬
‫وعن عم ر بن اخلط اب رض ي اهلل عن ه أن ه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم‪:‬‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ ِإ‬ ‫ِ ِ ِإ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِإ‬
‫"الْ َور ُق بالذ َهب ربًا الَّ َهاءَ َو َهاءَ َوالُْبُّر بالُْبِّر ربًا الَّ َهاءَ َو َهاءَ َوالشَّعريُ بالشَّعري ربًا الَّ َهاءَ‬
‫َو َهاءَ َوالت َّْم ُر بِالت َّْم ِر ِربًا ِإالَّ َهاءَ َو َهاءَ ‪ -‬أخرجه مسلم يف صحيحه (كتاب‪ :‬املساقاه‪ ،‬باب‪:‬‬
‫الص رف وبي ع ال ذهب ب الورق نق دا ‪ 44 /5‬ح ‪ ،)4147‬وأخرج ه الرتم ذي يف س ننه‬
‫(كتاب‪ :‬البيوع‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف الصرف (‪ 524 /2‬ح ‪ ،)1243‬وأخرجه اإلمام امحد‬
‫يف مسنده (‪ 320 /5‬ح ‪)22779‬‬

‫وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬الدِّينَ ُار بِالدِّينَا ِر الَ فَ ْ‬
‫ض َل‬
‫ض َل َبْيَن ُه َم ا ‪ -‬أخرجه مسلم يف صحيحه (كتاب‪ :‬املساقاه‪،‬‬ ‫َبْيَن ُه َما َوالد ِّْر َه ُم بِالد ِّْر َه ِم الَ فَ ْ‬
‫‪37‬‬
‫باب‪ :‬الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ‪ 45 /5‬ح ‪)4153‬‬
‫وجه الداللة من األحاديث‪:‬‬ ‫‪37‬‬

‫أفادت عموم النصوص السابقة على ‪:‬‬


‫جواز بيع األثمان بعضها ببعض إذا توفرت فيها شروط صحته‪ ،‬وهذا هو الصرف‪.‬‬
‫نده إاَّل ما هو ِمن ِجْن ِس ه؛ فإنَّه ُي َق ِّو ُمه‬ ‫إذا أراد اإلنسا ُن ِشراء ش ٍ‬
‫س وليس ِع َ‬ ‫س اجلِْن ِ‬
‫يء ِمن ن ْف ِ‬ ‫َ َ‬
‫ْأس‬
‫س فال ب َ‬
‫َ ِ‬
‫اختلَف الج ْن ُ‬ ‫بالس ع ِر ويَبيعُ ه بالعُمل ِة‪ ،‬مثَّ يَ ْش رتي م ا ش اء ب الثَّم ِن‪َّ ،‬أما إذا‬
‫ِّ‬
‫َّفاض ِل‪ ،‬لكن ي ًدا ٍ‬
‫بيد‪.‬‬ ‫بالت ُ‬
‫ْ‬

‫األحكام‪:‬‬
‫ضِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعهُ ِدينَارا يِف ِّ ِ ِ‬
‫ان‬ ‫الذ َّمة ب َع َشَر ِة َد َراه َم يِف الذمة ووصفا اجْلَم َ‬
‫يع َومَلْ يَ ُك ْن الْع َو َ‬ ‫‪ .1‬لَ ْو بَ َ ً‬
‫ضا َقبل َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّح‬
‫الت َفُّرق َ‬ ‫ضَرمُهَا َْأو َذ َهبَا جُمْتَ َم َعنْي إلَْيه َما َوَت َقابَ َ ْ َ‬ ‫َحاضَريْ ِن مُثَّ َْأر َساَل َم ْن ْ‬
‫َأح َ‬
‫الَْبْي ُع َو َسلِ َما ِم ْن ِّ‬
‫الربَا‬
‫‪31‬‬
‫المحاضرة السادسة ‪ :‬النصوص الشرعية فى السلم‬

‫َّاس‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل َ َّ‬ ‫اس رض ي اهلل عنهم ا قَ َال‪ :‬قَ ِد َم َر ُس ُ‬ ‫َع ِن ابْ ِن عبَّ ٍ‬
‫ص لى اهللُ َعلَْي ه َو َس ل َم املَدينَ ةَ َوالن ُ‬
‫السنت ِ ‪َ ،‬ف َق َال‪ :‬من َأسلَف يِف مَتْ ٍر َف ْليس لِف يِف َكي ٍل معلُ ٍ‬
‫وم َو َو ْز ٍن‬ ‫يُ ْسلِ ُفو َن يِف الث َِّما ِر َّ‬
‫ْ َْ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫السنَةَ َو َّ ََ نْي‬
‫وم‪ 38،‬رواه اجلماعة‪.‬‬ ‫وم ِإىَل َأج ٍل معلُ ٍ‬ ‫معلُ ٍ‬
‫َ َْ‬ ‫َْ‬

‫ض َقْب َل ُم َف َارقَِة الْ َعاقِ َديْ ِن َج َاز‬


‫ص َل الْ َقْب ُ‬ ‫َأح ُدمُهَا يِف الْ َقْب ِ‬
‫ض َو َح َ‬ ‫‪َ .2‬ولَ ْو َو َّكاَل َْأو َ‬
‫ض الْبَاقِي بَطَ َل الْ َع ْق ُد‬‫ود َعلَْي ِه َوَت َفَّرقَا َقْبل َقْب ِ‬
‫َ‬
‫اح ٍد ِمْنهما نِصف الْمع ُق ِ‬
‫َُ ْ َ َْ‬
‫‪ .3‬وِإ ْن َقبض ُك ُّل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ض – ج‪ 9‬ص‪ - 404‬كتاب اجملموع شرح املهذب ‪ -‬باب الربا –‬ ‫يِف الَّذي مَلْ يُ ْقبَ ْ‬
‫ين وليس َم َع هُ إاَّل َع َش َرةٌ َج َاز َأ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي ال دينار ال ذي يُ َس ا ِوي ع ْش ِر َ‬ ‫‪َ .4‬ولَ ْو ََأر َاد َأ ْن يَ ْش رَت َ‬
‫ِ‬ ‫ي ْش ِ يه بِعِ ْش ِرين يِف ِذ َّمتِ ِه مُثَّ ي ْقبِ ِ‬
‫ض َها‬ ‫ض هُ مْن َه ا الْ َع َش َر َة الَّيِت َم َع هُ م ْن الث ََّم ِن فَ ِإ َذا َقبَ َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ رَت َ ُ‬
‫ت َعلَْي ِه ِم ْن مَثَ ِن ال دِّينَا ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض اهُ الْ َع َش َر َة الَّيِت بَقيَ ْ‬
‫ض َها قَ َ‬‫ض َها مْن هُ فَ ِإ َذا َقبَ َ‬ ‫اسَت ْقَر َ‬
‫ْ‬
‫الص ر ِ‬ ‫ال َّ ِ ِ‬
‫وز ‪-‬ص‪ - 147‬كت اب‬ ‫ص ا َأنَّهُ جَيُ ُ‬ ‫ف نَ ًّ‬ ‫الش افع َّي يِف َّ ْ‬ ‫ض ا‪ُ  ‬كلَّهُ َوقَ َ‬‫َوَت َقابَ َ‬
‫اجملموع شرح املهذب ‪ -‬فصل يف االحاديث الواردة يف حترمي ربا الفضل‬
‫ف يِف مَتْ ٍر) باملثنَّاة الفوقية‪،‬‬
‫َأس لَ َ‬
‫(م ْن ْ‬
‫قوله(السنةَ والسنتين) أي إىل السنة والسنتني قوله َ‬
‫‪38‬‬

‫(و َو ْز ٍن‬
‫أعم(‪.)٩‬قول ه َ‬ ‫هك ذا يف أك ثر األص ول‪ ،‬ويف بعض ها (ثَمَ ٍر) باملثلَّث ة وهي هبا ُّ‬
‫وم) فالواو مبعىن "أو"‪ ،‬واملقصود اعتبار الكيل فيما يُكال والوزن فيما يُوزن‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫معلِ ٍ‬
‫َْ‬
‫محل الواو على ظاهرها‪ ،‬مبعىن االشرتاك واجلمع‪ ،‬يلزم منه أن جيمع يف الشيء الواحد‬
‫الس لَم‪ ،‬وقي ل‪ :‬بتق دير الش رط‬ ‫من املس لَم في ه كياًل ووزنً ا‪ ،‬األم ر ال ذي مين ع من ص َّحة َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫أي‪ :‬يف كي ل معل وم إن ك ان كيليًّا‪ ،‬ووزن معل وم إن ك ان وزنيًّا‪ ،‬أو من أس لف يف‬ ‫ٍ‬
‫‪32‬‬
‫ِ ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َآمنُواْ َذا تَ َدايَنتُم ب َديْ ٍن ىَل َ‬
‫َأج ٍل ُّم َس ًّمى فَا ْكتُبُوهُ‪-‬‬
‫‪39‬‬
‫سورة البقرة آية ‪282‬‬ ‫يَا َأيُّ َها الذ َ‬

‫وزن ٍ‬
‫معلوم‪.‬‬ ‫موزون ف ْليسلف يف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫معلوم‪ ،‬ومن أسلف يف‬ ‫كيل ٍ‬
‫مكيل ف ْليُسلف يف ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ورا في ه‪ ،‬ب ل‬ ‫الس لَم يف التم ر‪ ،‬وليس حمص ً‬ ‫ف يِف مَتْ ٍر في ه دلي ٌل على ج واز َّ‬ ‫َأس لَ َ‬
‫‪ .2‬وقول ه‪َ :‬م ْن ْ‬
‫الس لَم يف الثم ار واحلنط ة‬ ‫دل على ج واز َّ‬ ‫ات أخ رى ت ُّ‬ ‫أعم وأمشل جمليء رواي ٍ‬ ‫احلديث ُّ‬
‫ٍ ِ‬
‫ف ‪....‬‬ ‫ف يِف َش ْيء َف ْليُ ْسل ْ‬ ‫َأسلَ َ‬
‫والشعري والزبيب وغري ذلك لقوله‪َ :‬م ْن ْ‬
‫ألن السلف‬ ‫دليل على اشرتاط تسليم رأس املال وقبضه مبجلس العقد‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ف فيه ٌ‬ ‫‪ .3‬وقوله‪َ :‬ف ْليُ ْسل ْ‬
‫وم»‪ ،‬ففيه‬ ‫ويؤكد هذا املعىن قوله‪ِ« :‬إىَل َأج ٍل معلُ ٍ‬ ‫وُأجل مثمنُه‪ِّ ،‬‬ ‫عبارةٌ عن بي ٍع عُ ِّجل مثنُه ِّ‬
‫َ َْ‬
‫إمجاع ا‬
‫املنهي عنه ً‬ ‫بدي ٍن ِّ‬ ‫نص على تعجيل الثمن وتأجيل املبيع لئاَّل يصري من قبيل بيع َدي ٍن َ‬ ‫ٌّ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم َع ْن َبْي ِع‬ ‫حلديث ابن عمر رضي اهلل عنهما مرفوعا‪َ :‬نهى رس ُ ِ‬
‫ول اهلل َ‬ ‫ً َ َُ‬
‫ال َكالِِئ بِال َكالِِئ ‪.‬‬
‫شيء‪ ،‬وما ليس كذلك فهو وع ٌد‬ ‫أن التسليف هو أن يعطي شي ا يف ٍ‬ ‫‪ .4‬الظاهر من احلديث َّ‬
‫َ ًئ‬
‫يقبض منه شيًئا‬ ‫ض مجيع رأس املال يف اجمللس‪ ،‬فإذا مل ْ‬ ‫بالسلف‪ ،‬لذلك اشرتط اجلمهور ْقب َ‬
‫السلَم‪.‬‬
‫يصح عقد َّ‬
‫يف جملس العقد مل َّ‬
‫ك رمحه اهلل ‪-‬خالفً ا للجمه ور‪ -‬بأن ه جيوز ت أخري قبض رأس املال إىل ثالث ة أيَّ ٍام‬ ‫‪ .5‬وي رى مال ٌ‬
‫معاوضة ال خيرج بتأخري قبضه بأن‬ ‫ٍ‬ ‫عقد‬
‫الس لَم ُ‬ ‫ألن عقد َّ‬ ‫بشرط يف العقد‪َّ ،‬‬‫فما دوهنا ولو ٍ‬
‫وكل ما قارب الشيءَ يُعطى‬ ‫تأخر القبض إىل آخر اجمللس‪ُّ ،‬‬ ‫يكون س لَ ًما‪ ،‬فأشبه ما لو َّ‬
‫ْمه‪ ،‬وال يكون له بذلك حكم الكالئ بالكالئ‪.‬‬ ‫ُحك َ‬
‫‪33‬‬
‫‪ .6‬وقوله (والناس يُسلفون يف الثمار) مجلةٌ حاليةٌ‪.‬‬
‫يصح النَّساء فيهما‪،‬‬
‫النص على اشرتاط أن يكون البدالن مما ُّ‬ ‫ط من داللة ِّ‬ ‫دليل مستنبَ ٌ‬
‫‪ .7‬فيه ٌ‬
‫نص‬
‫تفاد من دالل ة ِّ‬ ‫‪ .8‬احلديث مل يص ِّرح باش رتاط ص فة الش يء امل ْس لَم في ه‪ ،‬غ َري أن ه مس ٌ‬
‫ُ‬
‫الحديث‬
‫واحرتاز عن اجملهول من املكيل‬ ‫السلَم يف األعيان‬
‫احرتاز بالكيل عن َّ‬ ‫وم)‬‫‪ .9‬وقوله (يِف َكي ٍل معلُ ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ َْ‬
‫َ‬
‫معلوم ا باألمر الذي يُضبط وال خيتلف‪ ،‬وأنه‬
‫أن السلف جيب أن يكون ً‬ ‫واملوزون وبيا ُن َّ‬
‫مهما كان جمهواًل بَطَل‪.‬‬
‫وم) دلي ٌل على اش رتاط العلم باألج ل ب زم ٍن بعين ه‪ ،‬بالس نني أو‬ ‫‪ .10‬ويف قول ه (ِإىَل َأج ٍل معلُ ٍ‬
‫َ َْ‬
‫الشهور أو األيَّام‬
‫يقل االختالف فيها‪ ،‬كاحلصاد‬ ‫رواية أخرى التأقيت باملواسم اليت ُّ‬ ‫مالك وأمحد يف ٍ‬ ‫‪ .11‬وأجاز ٌ‬
‫وحنوه من األوقات اليت يقع فيها األجل معروفًا يف العادة‬

‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه‬ ‫ويؤيِّد هذا املذهب حديث عبد اهلل بن عم ٍرو رضي اهلل عنهما‪َّ :‬‬
‫«َأن النَّيِب َّ َ‬
‫وج املصد ِ‬
‫ِّق ‪ -‬الوكاء األسلم‪ ‬يف فقه حديث بيع السلم‬ ‫ي اِإل بِ َل ِإىَل ُخ ُر ِ ُ َ‬ ‫ِ‬
‫َو َسلَّ َم ََأمَرهُ َأ ْن يَ ْشرَت َ‬
‫بيع السلم كاالبتياع بثمن مؤجل وال فرق بني كون أحد العوضني مؤجالً يف الذمة‬ ‫‪39‬‬

‫ترخيص ا للحاجة وتيس ًريا على الن اس فه ذا حمض‬


‫ً‬ ‫وبني اآلخر واستُثين َع ْن َبْي ِع الغَ َر ِر‬
‫‪34‬‬
‫المحاضرة السابعة ‪ :‬النصوص الشرعية فى القرض‬
‫ىف حديث طويل عن ابن عمر رضى اهلل عنه‪ " ‬ومن ّفرج عن مسلم كربة فرج اهلل عنه هبا‬
‫كربة من كرب يوم القيامة‪ .‬ومن سرت مسلما سرته اهلل يوم القيامة رواه البخاري ومسلم‪،‬‬
‫واالثر عن أىب الدرداء يف مسند أمحد‪.‬‬
‫روى عن ابن مسعود فقد جاء مرفوعا وموقوفا بلفظ‪ ( ‬ما من مسلم يقرض مسلما قرضا‬
‫مرتني إال كان كصدقتها مرة) رواه ابن ماجه وىف إسناده سليمان بن بشري وهو مرتوك‬
‫قال الدارقطين‪ :‬الصواب أنه موقوف على ابن مسعود‬
‫‪ ‬وأم ا ح ديث أنس فق د أخرج ه ابن ماج ه مرفوع ا وفي ه‪ ( ‬الص دقة بعش رة أمثاهلا والق رض‬
‫بثمانية عشر) وىف إسناده خالد بن يزيد بن عبد الرمحن الشامي‪.‬‬

‫القياس واملصلحة‬
‫واحلجة فيه ( إذا تداينتم بدين إىل أجل مسمى فاكتبوه) واللفظ عام فيدخل السلم يف‬ ‫‪.2‬‬
‫عمومه ألنه أحد نوعي البيع ‪ .‬وهذا يعم الثمن واملثمن‬
‫وإباحة السلم كان على وفق اإلرتفاق والمصلحة ‪ ،‬هذا يرتفق بتعجيل الثمن‪ ،‬وهذا‬ ‫‪.3‬‬
‫يرتفق برخص املثمن‬
‫‪35‬‬
‫قال النسائي‪ " ‬ليس بثقة "‪ ‬‬

‫وهو باب من أبواب الرب لقوله تعاىل‪ ( ‬وتعاونوا على الرب والتقوى )‪ ‬وقد كان القرض خريا‬
‫من الص دقة الهنا ق د ت دفع إىل من ه و غ ىن عنه ا‪ ،‬أم ا الق رض فال يس أله إنس ان إال وه و‬
‫‪40‬‬
‫حيتاج إليه‪.‬‬

‫االحكام‬ ‫‪40‬‬

‫‪ .1‬إن القرض مندوب إليه‬


‫‪ .2‬ال يصح القرض اال من جائز التصرف يف املال‪ ،‬النه عقد على املال فال يصح اال من‬
‫جائز التصرف فيه كالبيع‬
‫‪ .3‬ينعق د بلف ظ الق رض والس لف الن ه ق د ثبت ل ه ع رف االس تعمال‪ ،‬وميكن انعق اده مبا‬
‫يؤدى معىن ذلك‬
‫إلي بَ َدلَه" كان قرضا وإن مل يذكر البدل فهو هبة‬
‫إن قال "ملّكتك هذا على أن ترد ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫عند الشافعية االجل ال يدخل في القرض ألن االجل يقتضى جزءا من القرض‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫والقرض ال حيتمل الزيادة والنقصان يف عوضه‬
‫قال مالك يدخل االجل في ابتداء القرض بأن مقبوضه إىل أجل‪ ،‬ويدخل يف انتهائه‬ ‫‪.6‬‬
‫بأن يقرضه حاال مث يؤجله له فيتأجل‬
‫‪ .7‬ميلك املستق ِرض العني الىت استقرضها بالتصرف بالبيع أو اهلبة أو يتلفها أو تتلف يف‬
‫يده‬
‫يجوز قرض كل مال يملك بالبيع ويضبط بالوصف النه عقد متليك يثبت العوض‬ ‫‪.8‬‬
‫فيه يف الذمة كما يف السلم‬
‫‪36‬‬
‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم " استسلف من أعرايب بكرا فأمرين أن‬ ‫َأن رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫روى أبو َراف ٍع َّ َ ُ‬
‫أقضيه فقلت‪ :‬مل أجد يف االبل اال مجال خيارا رباعيا فقال اقضه‪ ،‬فإن خري الناس أحسنهم‬
‫قضاء رواه اجلماعة إال البخاري‬

‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم َن َهى عن س لف‬ ‫ب عن َأبِي ِه عن ج د ِ‬


‫ِّه َّ‬
‫َأن النَّيِب َّ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َر َوى َع ْم ُرو بْ ُن ُش َعْي ٍ َ ْ‬
‫وبيع والسلف هو القرض يف لغة أهل احلجاز‪ ،‬وروى عن أىب بن كعب واب ِن مس ع ٍ‬
‫ود َوابْ ِن‬‫َْ َ ُْ‬
‫‪41‬‬
‫اس َر ِض َي اللَّهُ َعْن ُه ْم أهنم هنوا عن قرض جر منفعة‬ ‫َعبَّ ٍ‬

‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم أن‬ ‫ال‪َ :‬أم ريِن رس ُ ِ‬


‫ول اللَّه َ‬ ‫روى عبد اهلل بن عمرو رضى اهلل عنهما قَ َ َ َ َ ُ‬
‫‪42‬‬
‫أجهز جيشا فنفدت االبل‪ ،‬فأمرين أن آخذ بعريا ببعريين إىل أجل‬

‫وأما ما ال يضبط بالصفة كاجلواهر وما عملت فيه النار‪ ،‬يصح قرضها و جيب رد‬ ‫‪.9‬‬

‫القيمة وقال أبو حنيفة ال جيوز كغريه مما ال يضبط بالوصف‬


‫األحكام‬ ‫‪41‬‬

‫ال جيوز قرض جر منفعة مثل أن يقرضه ألفا على أن يبيعه داره‬ ‫‪.1‬‬
‫جيوز اشرتاط أن يرد عليه دون ما أقرضه الن القرض جعل رفقا باملستقرض وشرط‬ ‫‪.2‬‬
‫النقصان ال خيرج به عن موضوعه‬
‫جيوز إق راض لرج ل إن ع رف ع ادة أن ه إذا اس تقرض زاد في الع وض‪ ‬ألن الزي ادة‬ ‫‪.3‬‬
‫مندوب إليها‪ ‬‬
‫ق ال الش افعية اخلرب يف احلي وان فه و وارد يف الس لم ب دليل أن ه ق ال‪ :‬كنت آخ ذ البع ري‬ ‫‪42‬‬

‫بالبعريين إىل أجل‪ ،‬والقرض ال يدخل االجل‬


‫‪37‬‬
‫المحاضرة الثامنه‪ :‬النصوص الشرعية فى الهبة‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َال‪ ‬هتادوا حتابوا‬


‫‪43‬‬
‫ت َعاِئ َشةُ َر ِضي اللَّهُ َعْن َها َّ‬
‫َأن النَّيِب َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َر َو ْ‬
‫أخرجه البخاري يف االدب املفرد والبيهقي وابن طاهر يف مسند الشهاب من حديث حممد‬
‫بن بك ري عن ض مام بن امساعيل عن موس ى ورواه مال ك يف املوط أ من طري ق ابن ش هاب‬
‫عن عروة عنها‪ ،‬وروى البيهقى من طريق ابن وهب عن مالك وغريه عن ابن شهاب‬

‫األحكام‬ ‫‪43‬‬

‫ما جاز بيعه من االعيان جاز هبته النه عقد يقصد به ملك العني‬ ‫‪.1‬‬
‫وما ال جيوز بيعه من اجملهول وما ال يقدر على تسليمه وما مل يتم ملكه عليه كاملبيع‬ ‫‪.2‬‬
‫قبل القبض ال جتوز هبته‬
‫ال جيوز هبة اجملهول أو غري اململوك أو جعله يف الذمة‬ ‫‪.3‬‬
‫وال جيوز تعليقها على شرط مستقبل النه عقد يبطل باجلهالة‬ ‫‪.4‬‬
‫‪38‬‬
‫ق ول الن يب ص لى اهلل علي ه وس لم الم س لمة‪ ‬إن رجعت ه ديتنا إىل النجاش ي فهى لك‪ ‬ك ان‬
‫وعدا‪ -‬املغين يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين‬

‫الس بِ ِيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال َعلَى ُحبِّه َذ ِوي ال ُق ْرىَب َوالْيَتَ َامى َوالْ َم َس اك َ‬
‫ني َوابْ َن َّ‬ ‫ق ول اهلل ع ز وج ل ( َوآتَى امل َ‬
‫َ‬
‫اب ) البقرة‪177:‬‬ ‫الرقَ ِ‬
‫ني َويِف ِّ‬‫و َّ ِئِ‬
‫السا ل َ‬ ‫َ‬

‫وش ِّحه عليه‪ .‬قال عبد‬ ‫ال علَى حبِّ ِه) وأعطى ماله يف حني حمبته إياه‪ِ ،‬‬
‫وض نِّه به‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫(وآتَى املَ َ َ ُ‬
‫َ‬
‫شحيح‪ ،‬تطيل األمل‪ ،‬وختاف الفقر‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح‬
‫ٌ‬ ‫اهلل بن مسعود‪ :‬تُعطيه وأنت‬

‫مؤدي املال على ُحبه‬


‫القرىب) ذوي قرابة ِّ‬
‫(ذوي ْ‬
‫اهلبة من األعطيات اليت حث الرسول صلى اهلل عليه وسلم عليها‪ ،‬فيقول‪ :‬هتادوا حتابوا ‪-‬‬
‫رواه النسائي عن أيب هريرة عن عائشة‬

‫كان الرسول صلى اهلل عليه وسلم يقبل اهلدية وحيث عليها لزيادة احملبة واملودة والرمحة بني‬
‫املسلمني‪ .‬ولقد أجازها الفقهاء من غري نكري ‪ ,‬وحكمها الفقهي أهنا من املندوبات ‪.‬‬

‫ب ‪ 44‬منه ا‪ -‬رواه احلاكم‬ ‫ِ‬


‫واهب أح ُّق هببت ه م ا مل يُثَ ْ‬
‫قول ه ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪" :-‬ال ُ‬
‫وصححه‪ ،‬والدارقطين وابن ماجه والطرباين‪ .‬‬

‫أي‪ :‬يعوض‪ ،‬فإنه يدل على‬ ‫‪44‬‬

‫عوض عنها‬
‫‪ .1‬حق الواهب بالرجوع يف هبته إذا مل يُ ّ‬
‫‪39‬‬
‫األحكام الشرعية للهبات‬

‫لق د تض منت الش ريعة اإلس المية القواع د الكلي ة ال يت تض بط اهلب ات ح ىت ال تتع ارض م ع‬
‫أحكام وقواعد النفقة والوصية واملرياث‪ ،‬أو تسبب خلال يف ترابط أفراد األسرة واجملتمع‪،‬‬
‫ومن هذه القواعد ما يلي‪:‬‬

‫أن يكون الشيء الموهوب معلوما‪ :‬وهناك اختالف بني الفقهاء يف هبة اجملهول‪،‬‬ ‫ا‪-‬‬
‫فمنهم من أج ازه ومنهم من مل جيزه‪ ،‬وال رأي األرجح ع دم إجازت ه ألن في ه غ ررا‬
‫وجهالة وهذه من األمور اليت حرمتها الشريعة اإلسالمية‬
‫توافر أركان الهبة وهي أربعة ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪ -‬ال واهب‪ :‬وه و املال ك لل ذات أو العني املوهوب ة ويش رتط أن يك ون ح را‬
‫عاقالبالغا غري مكره وال مدين وال حمجور عليه‪.‬‬
‫‪ -‬الموه وب ل ه‪ :‬وه و الش خص ال ذي ُوهب ل ه الش يء املوه وب وقبل ه ‪ ,‬وق د‬
‫يكون املوهوب له مجعية أو مؤسسة أوحنو ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬الشيء الموهوب‪ :‬وهي العني موضع اهلبة‪.‬‬

‫‪ .2‬ويدل مبفهوم املخالفة‪ /‬مفهوم الشرط على منع الواهب من الرجوع يف هبته إن‬
‫عُ ّوض عنها‬
‫مفهوم الشرط ليس حبجة عند احلنفية وعند أكثر املالكية والشافعية واحلنابلة حجة ‪-‬‬
‫الوجيز يف أصول الفقه اإلسالمي‬
‫املؤلف‪ :‬األستاذ الدكتور حممد مصطفى الزحيلي الناشر‪ :‬دار اخلري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق ‪ -‬سوريا‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1427 ،‬هـ ‪ 2006 -‬م عدد األجزاء‪2 :‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ -‬صيغة الهبة‪ :‬وهي ما يصدر عن الواهب داال على إنشاء اهلبة بأي صورة من‬
‫صور اإلثبات‪.‬‬
‫يك لِ ُم َعنَّي ٍ يِف احْلَيَ ِاة ‪َ ,‬فلَ ْم جَيُْز‬
‫يق اهْلِبَ ِة بِ َش ْر ٍط عند اجلمهور َأِلن ََّها مَتْلِ ٌ‬‫ِ ِ‬
‫ال يَص ُّح َت ْعل ُ‬ ‫‪.3‬‬
‫َت ْعلِي ُق َها َعلَى َش ْر ٍط ‪َ ,‬كالَْبْي ِع‬
‫اختار بعض العلماء جواز تعليق اهلبة بالشرط ‪ ،‬وهو قول بعض احلنفية واحلنابلة‬ ‫‪.4‬‬

‫المحاضرة التاسعة‪ :‬النصوص الشرعية فى العارية‬

‫تصح اعارة خنزير او آالت هلو‪ ،‬كما ال تصح‬


‫يحل االنتفاع به‪ ،‬فال ّ‬
‫تصح اعارة ما ّ‬
‫وإمنا ّ‬
‫مسه والقراءة فيه‪.‬‬
‫اعارة مصحف حلائض ونفساء‪ ،‬ألنه ال جيوز هلما ّ‬
‫واإلعارة تكون يف األعيان التي ال تستهلك باالستعمال‪ ،‬فإذا كانت تستهلك باالستعمال‬
‫– كالصابون مثال – فال تصح اعارهتا‪.‬‬

‫دل على مشروعيتها نصوص من الكتاب والسنّة‪ ،‬وانعقد على ذلك‬


‫اإلعارة مشروعة‪ ،‬وقد ّ‬
‫اإلمجاع‪.‬‬

‫قوله تعاىل‪ :‬فويل للمصلّني ‪ .‬الذين هم عن صالهتم ساهون‪ .‬الذين هم يراؤون ومينعون‬
‫املاعون )املاعون‪.(6-4 :‬‬

‫فقد ذكر اهلل تعاىل ان منع املاعون من صفات املكذب بيوم الدين واملهدَّد بالويل – وهو‬
‫فدل ذلك على ا ّن بذل الماعون امر مشروع ومطلوب‬
‫العذاب واهلالك – يوم القيامة‪ّ ،‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ .‬ومجهور املفسرين على ان المراد بالماعون ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض‪،‬‬
‫كالدلو واإلبرة ِ‬
‫والق ْدر وحنو ذلك‪ ،‬ويلحق به كل ما يف معناه‪.‬‬

‫روى انس رضى اهلل عنه‪ ،‬ان النيب صلى اهلل عليه وسلم استعار فرساً من ايب طلحة فركبه‪.‬‬
‫(اخرجه البخاري يف اهلبة‪ ،‬باب‪ :‬من استعار من الناس الفرس‪ ،‬رقم‪ .2484 :‬ومسلم يف‬
‫الفضائل ‪ ،‬باب ‪ :‬يف شجاعة النيب صلى اهلل عليه وسلم وتقدمه للحرب ‪ ،‬رقم‪)2307 :‬‬

‫روى جابر بن عبداهلل رضى اهلل عنه قال‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬ما‬
‫بقاع َق ْرقَ ٍر‪،‬‬
‫من صاحب ابل وال بقر وال غنم ال يؤدي حقها‪ ،‬اال ُأقعد هلا يوم القيامة ٍ‬
‫طحهُ ذات القرن بقرهنا‪ ،‬ليس فيها يومئ ًذ مجّاء وال‬ ‫تطؤه ذات الظِّْل َّ ِ‬
‫ف بظ ْلفها ‪ ،‬وتنَ ُ‬
‫مكسورة القرن‪ .‬قلنا ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬وما ح ّقها؟ قال‪ :‬اطرا ُق فحلها‪ ،‬واعارة دلوها‪،‬‬
‫ومحل عليها يف سبيل اهلل‪(.‬اخرجه مسلم يف الزكاة‪ ،‬باب ‪:‬‬
‫ومنيحتُها‪ ،‬وحلبها على الماء‪ٌ ،‬‬
‫‪45‬‬
‫امث مانع الزكاة‪ ،‬رقم‪.)988 :‬‬

‫حديث ُأمية بن صفوان بن ُأمية عن ابيه صفوان رضى اهلل عنه‪ :‬ان رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم استعار منه دروعاً يوم حنني‪ ،‬فقال‪ :‬أغصب يا حممد؟ فقال صلى اهلل عليه‬

‫قاع قرقر ‪ :‬ارض مستوية‪ .‬تطؤه ‪ :‬تدوسه‪ .‬الظلف‪ :‬ما يكون يف هناية القدم من البقر‬ ‫‪45‬‬

‫والغنم وحنوه ا‪ ،‬مجاء‪ :‬ال ق رن هلا‪ .‬اط راق فحله ا ‪ :‬اع ارة ال ذكر منه ا لي نزو على اناثه ا‪.‬‬
‫منيحته ا‪ :‬املنيح ة هي الش اة او البق رة او الناق ة‪ ،‬يعطيه ا مالكه ا لغ ريه لينتف ع بلبنه ا وحنوه‬
‫زمانا‪ ،‬مث يردها ملالكها‬
‫‪42‬‬
‫وسلم ‪" :‬ال‪ ،‬بل عاريَّة مضمونة" (اخرجه ابو داود يف البيوع واإلجارات‪ ،‬باب‪ :‬يف‬
‫‪46‬‬
‫تضمني العارية‪ ،‬رقم‪.)3562 :‬‬

‫"من‬
‫روى جابر بن عبداهلل رضى اهلل عنه قال‪ :‬مسعت النيب صلى اهلل عليه وسلم يقول‪َ :‬‬
‫كانت له أرض فليهبها أو ليُ ْعرها‪( .‬اخرجه مسلم يف البيوع‪ ،‬باب‪ :‬كراء األرض‪ ،‬رقم‪:‬‬
‫‪.)1536‬‬

‫ومعىن هذا ‪:‬‬ ‫‪46‬‬

‫معىن قوله‪ ( :‬بل عارية مضمونة ) أي‪ :‬سأرد لك هذا الشيء الذي أخذته منك‬ ‫‪.1‬‬
‫عارية وال أفرط فيه حىت يعود إليك كما أخذته‪.‬‬
‫وقصر يف حفظها ام‬
‫إن العني املستعارة إذا تلفت‪ ،‬سواء أتعدى باستعماهلا أم مل يتع ّد‪ّ ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يقصر ضمن املستعري ولو بآفة مساوية ألنه قبض مال غريه ملصلحة نفسه‪.‬‬
‫مل ّ‬
‫يضمن المستعير العين المستعارة بقيمتها يوم تلفها‬ ‫‪.3‬‬
‫ويضمن ما نقص منها بسبب االستعمال ان استعملها فيما ال تستعمل فيه عادة‬ ‫‪.4‬‬
‫‪43‬‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم "على اليد ما أخذت حىت تؤديه"‪( 47‬رواه أمحد يف مسنده‪،‬‬
‫وأصحاب السنن األربعة‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬يف مستدركه كلهم عن مسرة بن جندب رضي اهلل‬
‫عنه‪ ،‬وحسنه الرتمذي)‬

‫وجاء يف رواية من حديث صفوان بن امية رضى اهلل عنه‪ :‬انه صلى اهلل عليه وسلم قال له‪:‬‬
‫مؤد اة"‪( .‬الرتمذي‪ :‬البيوع‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف أن العارية مؤداة‪ ،‬ابو داود‪ :‬البيوع‪،‬‬
‫"عاريّة ّ‬
‫‪48‬‬
‫باب‪ :‬ما جاء ان العارية مؤداة‪ .‬ابن ماجة‪ :‬الصدقات ‪ ،‬باب ‪ :‬العارية)‪.‬‬

‫معىن احلديث‬
‫‪47‬‬

‫‪ .1‬إن من أخذ شيئاً بغري حق كان ضامناً له وال تربأ ذمته حىت يرده‬
‫‪ .2‬املراد باليد هنا‪ :‬صاحبها من إطالق البعض وإرادة الكل‪ ،‬وعرب باليد ألن هبا األخذ‬
‫واإلعطاء‬
‫‪ .3‬عموم احلديث يتناول املؤمتن ويفيد بقاء ما اؤمتن عليه يف ذمته حىت يؤديه‬
‫‪ .4‬صاحب اليد أمني؛ ألن صاحب العني قد ائتمنه‬
‫‪ .5‬الضمان غرم ما تلف وهذا أداء ملا بقي عند املؤمتن عليه حىت يؤديه‬
‫‪ .6‬الضمان عبارة عن غرامة التالف‪ ،‬ولو تلف بسبب تفريط منه أو تعد فيضمن‬
‫بسبب التفريط والتعدي‬
‫‪ .7‬بعض العلماء استدل هبذا احلديث على أن العواري تضمن ألن الصيغة صيغة إلزام‬

‫فإذا انتهت االعارة او فسخت‪ ،‬ووجب على املستعري رد العني املستعارة اىل املعري‪،‬‬ ‫‪48‬‬

‫وكان لردها عليه مؤونة ونفقة‪ ،‬كان ذلك على المستعير‪ ،‬ألن الرد واجب عليه‪ ،‬إذ انه‬
‫قبض العني ملنفعة نفسه‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫ندب اهلل تعاىل املسلمني اىل العارية اذ قال‪( :‬وتعاونوا على الرب والتقوى وال تعاونوا على‬
‫اإلمث والعدوان) (املائدة ‪. )2 :‬‬

‫شرع هلم ان ينتفع بعضهم بأمتعة بعض‪ ،‬بإذن منه ورضا‪ ،‬جلبا للمصلحة ودفعا للمضرة ‪،‬‬
‫ورفعا للحرج ‪ ،‬وحفظا من االرهاق والعنت مستجيبني لتوجيه رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم اذ يقول‪" :‬واهلل يف عون العبد ما كان العبد يف عون اخيه"‪.‬‬

‫حكم العاريَّة‪:‬‬

‫عقد العاريَّة يتضمن اباحة االنتفاع للمستعري‪ ،‬فهو ال ميلك املنفعة وامنا يباح له ان‬ ‫‪.1‬‬
‫ينتفع بالعني‬
‫ال ميلك املستعري ان يؤجر العني املستعارة ألحد‪ ،‬كما ال ميلك ان يعريها لغريه‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫العاريَّة مستحبة ومندوب اليها‬ ‫‪.3‬‬
‫وقد تصبح واجبة ‪ ،‬اذا توقف عليها انقاذ حياة انسان معصوم‬ ‫‪.4‬‬
‫نفقة املستعار على مالك العني ألن النفقة تبع للملك‪ ،‬واإلعارة تربع باملنفعة من‬ ‫‪.5‬‬
‫مالكها لينتفع هبا املستعري‪ ،‬فال جيب على املستعري يف مقابلها شئ‪.‬‬

‫المناقشة‬
‫إذا استعار شخص منك شيئاً هل يضمن أو ال يضمن؟ كشخص استعار منك السيارة مث‬
‫تلفت يف الطريق‪ ،‬هل نقول‪ :‬عليه الضمان أو ال ضمان عليه؟‬

‫‪45‬‬
‫المحاضرة العاشرة ‪ :‬النصوص الشرعية فى اإلجارة‪.‬‬

‫ض ِّي ُقوا َعلَْي ِه َّن َوِإن‬ ‫ق ال تع اىل (َأس ِكنوه َّن ِمن حيث س َكنتم ِّمن وج ِد ُكم واَل تُض ُّار ِ‬
‫وه َّن لتُ َ‬
‫ُْ َْ َ ُ‬ ‫ْ ُ ُ ْ َْ ُ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ُه َّن )‪-‬‬‫ُأج َ‬ ‫وه َّن ُ‬ ‫ض ْع َن مَح ْلَ ُه َّن فَِإ ْن َْأر َ‬
‫ض ْع َن لَ ُك ْم فَآتُ ُ‬ ‫ُك َّن ُأواَل ت مَح ْ ٍل فََأنف ُقوا َعلَْي ِه َّن َحىَّت يَ َ‬
‫‪49‬‬
‫(سورة الطالق ‪.)6‬‬

‫ت استَْأ ِجره ِإ َّن خير م ِن استَْأجرت الْ َق ِو ُّ ِ‬


‫ِ‬
‫ني(‪)26‬‬
‫ي اَأْلم ُ‬ ‫ت ِإ ْح َدامُهَا يَا َأبَ ْ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫قال اهلل (قَالَ ْ‬

‫دلت هذه اآلية على أن املطلقة اليت هلا ولد رضيع فإن هلا أن ترضع ذلك الولد‪ ،‬وهلا أن‬ ‫‪49‬‬

‫متتنع‪ ،‬فإن أرضعت استحقت أجر مثلها‪ ،‬فدلت اآلية على مشروعية اإلجارة‪ ،‬حيث أمر‬
‫اهلل بإعطاء الزوجة األجرة على الرضاع‪ ،‬فأجاز اإلجارة على الرضاع‪ ،‬وإذا جازت عليه‬
‫جازت على مثله وما هو يف معناه‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫ِ‬ ‫(قَ َال ِإيِّن ُأِري ُد َأ ْن ِ‬
‫ت‬‫ك ِإ ْح َدى ْابنَيَتَّ َه اَتنْي ِ َعلَى َأن تَ ْأ ُجَريِن مَثَ ايِن َ ح َج ٍج فَ ِإ ْن َأمْتَ ْم َ‬
‫ُأنك َح َ‬
‫ني)‪ - 50‬سورة‬ ‫ك ستَ ِج ُديِن ِإن َشاء اللَّه ِمن َّ حِلِ‬ ‫ع ْشراً فَ ِمن ِع ِ‬
‫ند َك َو َما ُأِر ُ‬
‫يد َأ ْن ُ‬
‫الصا َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َأش َّق َعلَْي َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫القصص‪27 .‬‬

‫َأج راً )‪- 51‬سورة‬ ‫ِ‬


‫ت اَل خَّتَ ْذ َ‬
‫ت َعلَْي ه ْ‬
‫ض فََأقَام ه قَ َ ِ‬
‫ال لَ ْو ش ْئ َ‬ ‫( َف َو َج َدا فِ َيه ا ِج َداراً يُِر ُ‬
‫يد َأ ْن يَن َق َّ َ ُ‬
‫الكهف ‪)77‬‬

‫ق ال ص لى اهلل علي ه وس لم يف ح ديث أيب هري رة رض ي اهلل عن ه‪ :‬ق ال اهلل تع اىل‪ :‬ثالث ة أن ا‬
‫خصمهم يوم القيامة؛ رجل أعطى يب مث غدر‪ ،‬ورجل باع حراً فأكل مثنه‪ ،‬ورجل استأجر‬
‫أجرياً فاستوىف منه ومل يعطه أجره ‪ -‬رواه البخاري‬

‫قوله– صلى اهلل عليه وسلم– ‪ :‬ورجل استأجر أجرياً فاستوىف منه ومل يعطه أجره‪ .‬يدل‬
‫‪52‬‬
‫صراحة على مشروعية اإلجارة‪.‬‬

‫حيث طلب والد املرأتني من موسى– عليه السالم – أن يؤجره نفسه لرعي الغنم مقابل‬ ‫‪50‬‬

‫ع وض معل وم وه و تزوجيه أح دى ابنتي ه‪ ،‬وواف ق موس ى على ذل ك‪ ،‬ف دل ذل ك على أن‬


‫اإلجارة كانت مشروعة عندهم‪ ،‬ومل ِ‬
‫يأت يف شرعنا ما مينعها‪ ،‬وشرع من قبلنا شـرع لنا‬
‫إذا ُسكت عنه‪.‬‬

‫ت َعلَْي ِه‬ ‫ف ُذكر يف هذه اآلية أن موسى– عليه السالم – قال للخضر‪ :‬لَ ْو ِشْئ َ‬
‫ت التَّخَ ْذ َ‬ ‫‪51‬‬

‫َأج ًرا‪ ،‬وكما سبق فإن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ُسكت عنه‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪47‬‬
‫(أن النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬هنى عن عسب الفحل)‪ :‬متفق عليه‪ ,‬ويف لفظ‪( :‬هنى‬
‫‪53‬‬
‫عن ضراب اجلمل)‬

‫اإلجارة من العقود اليت أجازها الشرع استحسانا مبنيا على العادة والعرف وإال فهي ال‬ ‫‪52‬‬

‫تص ح ألهنا متلي ك املن افع ىف احلال واملن افع معدوم ة والعق د على املع دوم ال جيوز‪ ،‬وإمنا‬
‫جوزت حلاجة الناس إليها وتعارفهم هبا‪.‬‬

‫وقد اعتمد الفقهاء على العادة والعرف يف استنباط كثري من املسائل الفرعية لإلجارة مثل‬
‫إجارة األراضى لزراعتها فالعرف إذا قضى بزراعتها أصنافا معينة وجب على املستأجر أال‬
‫يتجاوزها إىل ما يضر باألرض وكذلك التقيد بالعرف ىف االستعمال‪.‬‬

‫مورد عقد اإلجارة هنا‬ ‫‪53‬‬

‫‪ .1‬املاء الذي خيلق منه الولد فيكون عقد اإلجارة الستيفاء عني غائبة فلم جيز كإجارة الغنم‬
‫ألخذ لبنها‬
‫‪ .2‬إال أن يكرتي فحل لطراق ماشية كثرية‪ ,‬كفحل يرتكه يف إبله أو تيس يف غنمه فإن هذا‬
‫إمنا يكرتي مدة معلومة‬
‫‪ .3‬فإن احتاج إنسان إىل ذلك ومل جيد من يطرق له جاز له أن يبذل الكراء‬
‫‪ .4‬وال بأس أن يعطيه إذا مل جيد من يطرق له وذلك بذل مال لتحصيل منفعة مباحة تدعو‬
‫احلاجة إليها فجاز‬
‫‪48‬‬
‫وأما القياس فإن عقد اإلجارة يُقاس على عقد البيع يف جوازه‪ ،‬حيث أن البيع عقد على‬
‫األعيان‪ ،‬واإلجارة عقد على املن افع‪ ،‬واحلاجة إىل املنافع كاحلاجة إىل األعيان‪ ،‬فلما جاز‬
‫العقد على األعيان جاز العقد على املنافع‪.‬‬

‫مورد عقد اإلجارة‬

‫ذهب مجهور الفقهاء من احلنفية واحلنابلة واملالكية وأكثر الشافعية إىل أن مورد عقد‬
‫اإلجارة هو املنافع ألهنا هي اليت جيوز التصرف فيها وألن األجر يدفع يف مقابلة املنافع ‪,‬‬

‫‪ .5‬وإن أطرق إنسان فحله بغري إجارة وال شرط فأهديت له هدية‪ ,‬أو أكرم بكرامة لذلك فال‬
‫بأس به ألنه فعل معروفا فجازت جمازاته عليه‪ ,‬كما لو أهدى هدية‬
‫‪ .6‬وال جيوز عند أكثر الفقهاء إجارة الشجر والكرم للثمر ذاته ‪ ,‬ألن الثمر عني ‪ ,‬واإلجارة‬
‫بيع املنفعة ‪ ,‬ال بيع العني‬
‫‪ .7‬وال جيوز استئجار اآلجام اليت فيها املاء للسمك وغريه ‪ ,‬من القصب والصيد ‪ ,‬ألن كل‬
‫ذلك عني‬
‫‪ .8‬ال جتوز إجارة الربك أو البحريات لالصطياد فيها ‪ ,‬أي ليصاد منها السمك‬
‫‪ .9‬وال جيوز عند اجلمهور استئجار الفحل للضراب ‪ ,‬ألن املقصود منه النسل ‪ ,‬بإنزال املاء ‪,‬‬
‫وهو عني وقد ثبت أنه صلى اهلل عليه وسلم هنى عن عسب الفحل أي كرائه‬
‫‪ .10‬وال جيوز استئجار الدراهم والدنانري واملكيالت واملوزونات ‪ ,‬ألنه ال ميكن االنتفاع هبا إال‬
‫بعد استهالك أعياهنا ‪,‬واملعقود عليه يف اإلجارة‪ :‬هو املنفعة ‪ ,‬ال العني‬
‫‪ .11‬واستثنوا إجارة الظئر‪( ‬املرضع)‪ ‬للضرورة وأجاز املالكية كراء الفحل للنزو على اإلناث‬
‫‪49‬‬
‫وهلذا تضمن املنفعة دون العني وما كان العوض يف مقابلته فهو املعقود عليه‪ .‬ويرتتب على‬
‫هذا‪:‬‬

‫مورد عقد اإلجارة العين التي تحدث شيئا فشيئا مع بقاء أصلها‬

‫خالف ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من قبلهم ‪ ,‬وقالوا جبواز عقد اإلجارة على العني اليت‬
‫حتدث شيئا فشيئا مع بقاء أصلها كاملنفعة فتصح اإلجارة على لنب الظئر وماء البئر ألن‬
‫املاء واللنب ملا ك ان ح دوثهما ش يئا بع د ش يء م ع بق اء األص ل كان ا كاملنفع ة‪ .‬فق د قاس ا‬
‫األعيان اليت تتجدد مع بقاء األصل على املنفعة الشرتاكهما يف علة احلدوث والتجدد مع‬
‫بقاء األصل‪.‬‬

‫قال ابن القيم إن األصل الذي سار عليه الفقهاء‪( ‬وهو أن املستحق بعقد اإلجارة إمنا‬
‫هو املنافع ال األعيان)‪ ‬أصل فاسد ‪ ,‬فهو مل يدل عليه كتاب ‪ ,‬وال سنة ‪ ,‬وال إمجاع ‪,‬‬
‫وال قياس صحيح ‪ ,‬بل الذي دلت عليه األصول‪:‬‬

‫إن األعيان اليت حتدث شيئا فشيئا مع بقاء أصلها ‪ ,‬حكمها حكم املنافع ‪ ,‬كالثمر يف‬
‫الش جر ‪ ,‬واللنب يف احلي وان ‪ ,‬واملاء يف الب ئر ‪ ,‬ول ذلك س وى بني العني واملنفع ة يف‬
‫الوق ف فج از وق ف املنفع ة كالس كىن ‪ ,‬وج از وق ف العني كوق ف املاش ية لالنتف اع‬
‫بلبنها‪.‬‬

‫وك ذلك س وي بينهم ا يف التربع ات ‪ ,‬كالعاري ة ملن ينتف ع باملت اع ‪ ,‬مث ي رده ‪ ,‬املنيح ة‬
‫(اهلب ة)‪ ‬ملن يش رب لنب الش اة مث يرده ا ‪ ,‬والق رض ملن ينتف ع بال دراهم مث ي رد ب دهلا ‪,‬‬
‫فكذلك يف اإلجارة تارة تكون على منفعة ‪ ,‬وتارة تكون على عني حتدث شيئا فشيئا‬

‫‪50‬‬
‫م ع بق اء األص ل ‪ ,‬كلنب الظ ئر ونف ع الب ئر ‪ ,‬ف إن ه ذه األعي ان ملا ك انت حتدث ش يئا‬
‫فشئيا مع بقاء األصل كانت كاملنفعة‪.‬‬

‫واجلامع بينهما هو حدوث املقصود بالعقد شيئا فشيئا ‪ ,‬سواء أكان احلادث عينا أم‬
‫منفعة‪.‬واألخذ برأي ابن القيم رمحه اهلل أوجد سعة وفرجا وتيسريا يف عمل الناس اليوم‬
‫فعال وقانونا يف إجارة األعيان ‪ ,‬كاملراعي والبحريات واألنعام احمللوبة (‪mawsu'ah‬‬
‫‪.)fiqh al-muamalat‬‬
‫‪54‬‬
‫‪.‬‬

‫المناقشة‬

‫م ا حكم أخ ذ األج رة على احلم ل حبيث يق ول ال آخ ذ من ك مبلغ ا من املال على‬ ‫‪.1‬‬


‫الضراب حىت حتمل البهيمه؟‬
‫إنس ان عن ده فح ل‪ ،‬فيأتي ه ص احب الناق ة فيطل ق فحل ه عليه ا‪ ،‬مث يكارم ه بكيس ش عري‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫بشيء من العلف للجمل دون مشارطة بيع‪.‬‬
‫هل ينطبق حكم تأجري الفحل على التلقيح الصناعي ؟‬ ‫‪.3‬‬

‫التلقيح الص ناعي ه و جتمي ع الس ائل املن وي من ذك ر ممت از الص فات و يوض ع يف‬
‫أمبوالت و تباع لتخصيب اإلناث صناعيا‬

‫‪ 54‬املغين موفق الدين أبو حممد عبد اهلل بن قدامة املقدسي احلنبلي اجلزء الواحد والعشرون ( – كتاب اجلارات)‬
‫‪51‬‬
‫المحاضرة الحادية عشر‪ :‬النصوص الشرعية فى الوكالة‬

‫اق َبْينِ ِه َم ا فَ ْاب َعثُوا َح َك ًم ا ِم ْن َْأهلِ ِه َو َح َك ًم ا ِم ْن َْأهلِ َه ا‪- 55) ‬‬


‫ق ال تع اىل (‪َ  ‬وِإ ْن ِخ ْفتُ ْم ِش َق َ‬
‫النساء‪-35 :‬‬

‫اَأْلر ِ‬ ‫ِئ‬
‫ض ‪) ‬‬ ‫اج َع ْليِن َعلَى َخ َزا ِن ْ‬
‫وقول ه ‪ -‬تع اىل ‪ -‬حكاي ة عن يوس ف ‪ -‬علي ه الس الم (‪ْ  ‬‬
‫يوسف‪ -55 :‬أي‪ :‬وكيالً‪.‬‬

‫َأح َد ُك ْم بَِو ِرقِ ُك ْم َه ِذ ِه ِإىَل الْ َم ِدينَ ِة‪- 56) ‬الكهف‪-19 :‬‬


‫(‪ ‬فَ ْاب َعثُوا َ‬

‫تدل اآلية عند حصول النزاع بني الزوجني واشتدَّ‪ ،‬يعنَّي ح َك ِ‬


‫مان يكونان وكيل ِ‬
‫ني‬ ‫َُ ُ َ‬
‫‪55‬‬

‫ِ‬
‫ينظران يف األمر‪.‬‬ ‫عنهما‪،‬‬

‫قصه اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬عن أصحاب الكهف من غري نكري فكان‬‫فهذا من باب التوكيل‪ ،‬وقد َّ‬ ‫‪56‬‬

‫شريعة لنا؛ ألنه مل يَ ِرد يف شرعنا ما ينسخه‪ ،‬واألصل‪ :‬أن شرع َمن قبلنا شرع لنا ما مل‬
‫ي ِر ْد ناسخ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ ‬جاء يف الصحيحني أنه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بعث السعاة ألخذ الزكاة‪ ،‬ومنها أن‬
‫رس ول اهلل ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪َّ -‬‬
‫وكل عم رو بن أمي ة الض مري يف قب ول نك اح أم‬
‫حبيبة رملة بنت أيب سفيان ‪ -‬رضي اهلل عنهما‪.‬‬

‫وكل حكيم بن ِح َزام بش راء األض حية‪ ،‬وك ذا‬


‫روي أن الن يب ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪َّ -‬‬
‫‪57‬‬
‫عُ ْر َوة البارقي‪ ،‬كما َّ‬
‫وكل عمر بن أم َسلَمة بالتزويج‪.‬‬

‫يؤهله للقيام بأعمال‬


‫يؤت القدرة والكفاءة وما ِّ‬
‫احلاجة تدعو إليها‪ ،‬ألن من الناس َمن مل َ‬
‫‪57‬‬

‫أمس احلاجة إليها‪.‬‬


‫قد يكون يف ِّ‬

‫ورفعا للحرج الذي جاء‬ ‫وتيسريا للمعاملة ً‬ ‫ً‬ ‫فكانت املصلحة يف تشريع الوكالة سدًّا للحاجة‬
‫ش رع اهلل ‪ -‬تعاىل ‪ -‬برفعه؛ إذ ق ال – تع اىل (‪َ  ‬و َم ا َج َع َل َعلَْي ُك ْم يِف الدِّي ِن ِم ْن َح َر ٍج‪- ) ‬‬
‫احلج‪.78 :‬‬

‫جيوز التوكيل يف إقامة دعوى يف حد السرقة وحد القذف والزنا؛ ألن رسول اهلل ‪ -‬صلى‬
‫أنيس إىل‬ ‫اهلل عليه وسلم ‪َّ -‬‬
‫وكل ُأنَ ً‬
‫قال‪(:‬واغد يا ُ‬
‫ُ‬ ‫يس ا يف إثبات واستيفاء حد الزنا؛ حيث‬
‫وفرق أبو حنيفة وحممد بني اإلثبات واالستيفاء‪.‬‬
‫امرأة هذا‪ ،‬فإن اعرتفت فارمجها)‪َّ ،‬‬
‫‪ ‬‬
‫ويف ك ل م ا يتعل ق حبق وق العب اد ب أفرادهم على أهنم أف راد ال مجاع ة؛ ك البيع‪ ،‬والش راء‪،‬‬
‫تصح الوكالة فيها باتفاق‬
‫والزواج‪ ،‬والطالق‪ ،‬والشركة‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬فمثل هذه احلقوق ُّ‬
‫العلماء‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫ف كِتَابً ا بِ َأ ْن حَيْ َفظَيِن يِف‬ ‫ت ُأميَّةَ بْن َخلَ ٍ‬ ‫ف َر ِض َي اللَّهُ َعْن هُ قَ َ‬ ‫عب ِد ال رَّمْح ِن ب ِن ع و ٍ‬
‫ال َك اَتْب ُ َ َ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َْ‬
‫ِ ِِ ِ ِ‬ ‫ِ مِب‬
‫ف ال رَّمْح َ َن‬ ‫َأع ِر ُ‬ ‫ال اَل ْ‬ ‫ص اغيَته بِالْ َمدينَ ة َفلَ َّما ذَ َك ْر ُ‬
‫ت ال رَّمْح َ َن قَ َ‬ ‫َأح َفظَ هُ يِف َ‬ ‫ص اغيَيِت َ َّكةَ َو ْ‬ ‫َ‬
‫ت ِإىَل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َكاتِبيِن بِامْسِ ِ‬
‫ك الَّذي َكا َن يِف اجْلَاهليَّة فَ َكاَتْبتُهُ َعْب َد َع ْم ٍرو َفلَ َّما َكا َن يِف َي ْوم بَ ْد ٍر َخَر ْج ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‬‫ص ا ِر َف َق َ‬ ‫جب ٍل ُأِلح ِرزه ِحني نَام النَّاس فََأبصره بِاَل ٌل فَخ رج حىَّت وقَف علَى جَمْلِ ٍ ِ‬
‫س م ْن اَأْلنْ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫ََ ْ َ ُ َ َ ُ ْ ََ ُ‬
‫ِ‬ ‫ف اَل جَن وت ِإ ْن جَن ا ُأميَّةُ فَخ رج مع ه فَ ِر ِ‬
‫ص ا ِر يِف آثَا ِرنَا َفلَ َّما َخش ُ‬
‫يت‬ ‫يق م ْن اَأْلنْ َ‬ ‫َُأميَّةُ بْ ُن َخلَ ٍ َ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ٌ‬
‫َأِلش غَلَ ُه ْم َف َقَتلُ وهُ مُثَّ ََأب ْوا َحىَّت َيْتَبعُونَ ا َو َك ا َن َر ُجاًل ثَِقياًل َفلَ َّما‬
‫ت هَلُ ْم ْابنَ هُ ْ‬ ‫َأ ْن َي ْل َح ُقونَ ا َخلَّ ْف ُ‬
‫وف ِم ْن حَتْيِت َحىَّت‬ ‫الس ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َأِلمَن َع هُ َفتَ َخلَّلُ وهُ ب ُّ ُ‬
‫ت َعلَْي ه َن ْفس ي ْ‬ ‫ت لَهُ ْاب ُر ْك َفَب َر َك فََألْ َقْي ُ‬‫َْأد َر ُكونَا ُق ْل ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك اَأْلثَ َر يِف ظَ ْه ِر‬ ‫َأح ُد ُه ْم ِر ْجلي بِ َسْيف ِه َو َكا َن َعْب ُد الرَّمْح َ ِن بْ ُن َع ْوف يُِرينَ ا َذل َ‬ ‫اب َ‬ ‫َأص َ‬
‫َقَتلُوهُ َو َ‬
‫‪58‬‬ ‫ال َأبو عبد اللَّ ِه مَسِ ع يوسف صاحِل ا وِإبر ِ‬ ‫ِِ‬
‫يم َأبَاهُ‬‫اه‬
‫َ ُ ُ ُ َ ً َ َْ ُ‬ ‫قَ َدمه قَ َ ُ َْ‬

‫ي د الوكي ل على م ا وك ل في ه ي د أمان ة‪ ،‬فال يض من إال بالتع دي ح ىت ول و ك انت الوكالة‬


‫يده ِ‬
‫كيده‪ ،‬فكما‬ ‫جبُعل؛ ألن الوكيل نائب عن ِّ‬
‫املوكل يف التصرف فيما حتت يده‪ ،‬فكانت ُ‬
‫أن املالك ال يضمن ما تلف يف يده من ِملكه‪ ،‬فكذلك وكيله‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬ ‫‪58‬‬

‫قوله‪( :‬عن صاحل بن إبراهيم) يأيت تصرحيه بالسماع منه آخر الباب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬كاتبت أمية بن خلف) أي كتبت بيين وبينه كتابا‪.‬‬
‫ويف رواية اإلمساعيلي عاهدت أمية ابن خلف وكاتبته‪.‬‬
‫قوله‪( :‬بأن حيفظين يف صاغييت) الصاغية بصاد مهملة وغني معجمة خاصة الرجل‪ ،‬مأخوذ‬
‫من صغى إليه إذا مال‪.‬‬
‫قال األصمعي‪ :‬صاغية الرجل كل من مييل إليه‪ ،‬ويطلق على األهل واملال‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الصر ِ‬
‫َوقَ ْد َو َّك َل عُ َم ُر َوابْ ُن عُ َمَر يِف َّ ْ‬
‫‪59‬‬
‫ف‬

‫وقال ابن التني‪ :‬رواه الداودي ظاعنيت بالظاء املشالة املعجمة والعني املهملة بعدها نون‪ ،‬مث‬
‫فسره بأنه الشيء الذي يسفر إليه قال ومل أر هذا لغريه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ال أعرف الرمحن) أي ال أعرتف بتوحيده‪ ،‬وزاد ابن إسحاق يف حديثه أن أمية بن‬
‫خلف كان يسميه عبد اإلله‪.‬‬
‫قوله‪( :‬حني نام الناس) أي رقدوا‪ ،‬وأراد بذلك اغتنام غفلتهم ليصون دمه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فقال‪ :‬أمية بن خلف) بالنصب على اإلغراء‪ ،‬أي عليكم أمية‪.‬‬
‫ويف رواية أيب ذر بالرفع على أنه خرب مبتدأ مضمر أي هذا أمية‪.‬‬
‫قول ه‪( :‬خلفت هلم ابن ه) ه و علي بن أمي ة‪ ،‬مساه ابن إس حاق يف روايت ه يف ه ذه القص ة من‬
‫وجه آخر‪ ،‬وسيأيت مزيد بسط هلذه القصة يف شرح غزوة بدر‪ ،‬ونذكر تسمية من باشر‬
‫قتل أمية ومن باشر قتل ابنه علي بن أمية ومن أصاب رجل عبد الرمحن بالسيف إن شاء‬
‫اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ووجه أخذ الرتمجة من هذا احلديث أن عبد الرمحن بن عوف وهو مسلم يف دار اإلسالم‬
‫فوض إىل أمية بن خلف وهو كافر يف دار احلرب ما يتعلق بأموره‪ ،‬والظاهر إطالع النيب‬
‫صلى اهلل عليه وس لم ومل ينكره‪ ،‬قال ابن املنذر‪ :‬توكيل املس لم حربيا مستأمنا‪ ،‬وتوكيل‬
‫احلريب املستأمن مسلما ال خالف يف جوازه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكان رجال ثقيال) أي ضخم اجلثة‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫اس َت ْع َم َل َر ُجالً َعلَى َخْيَب َر‪ ،‬فَ َج اءَ ُه ْم بِتَ ْم ٍر‬
‫الس الم‪ْ ،‬‬ ‫َأبُو َس عِيد‪َ ،‬وَأبُو ُهَر ْي َر َة‪َّ ،‬‬
‫َأن النَّىِب ّ‪ ،‬عليه َّ‬
‫اعنْي ِ‬
‫الص َ‬‫اعنْي ِ ‪َ ،‬و َّ‬ ‫الص َ‬‫اع بِ َّ‬ ‫الص َ‬‫ال‪ِ :‬إنَّا لَنَْأ ُخ ُذ َّ‬ ‫ال‪َ( :‬أ ُك ُّل مَتْ ِر َخْيَب َر َه َك َذا)‪ ‬؟‪ ‬قَ َ‬‫يب‪َ  ،‬ف َق َ‬ ‫َجنِ ٍ‬
‫َّر ِاه ِم َجنيبًا)‬
‫ِ ‪60‬‬ ‫ِ‬ ‫ال‪( :‬الَ َت ْفعل‪ ،‬بِ ِع اجْل مع بِالد ِ‬
‫َّراه ِم‪ ،‬مُثَّ ْابتَ ْع بالد َ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫بِالثَّالَثَِة‪َ  ،‬ف َق َ‬

‫الوكالة باإلستثمار‬

‫قول ه‪( :‬فتجلل وه بالس يوف) ب اجليم أي غش وه ك ذا لألص يلي وأليب ذر‪ ،‬ولغريمها باخلاء‬
‫املعجم ة أي أدخل وا أس يافهم خالل ه " ح ىت وص لوا إلي ه وطعن وه هبا من حتيت " من ق وهلم‬
‫خللته بالرمح واختللته إذا طعنته به‪ ،‬وهذا أشبه بسياق اخلرب‪ ،‬ووقع يف رواية املستملي "‬
‫فتخلوه " بالم واحدة ثقيلة‪.‬‬

‫أثر عمر وصله سعيد بن منصور من طريق موسى ابن أنس عن أبيه " أن عمر أعطاه‬ ‫‪59‬‬

‫آنية مموهة بالذهب فقال له‪ :‬اذهب فبعها من يهودي بضعف وزنه‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬اردده‪،‬‬
‫فقال له اليهودي أزيدك‪ ،‬فقال له عمر ال إال بوزنه‬

‫وأما أثر ابن عمر فوصله سعيد بن منصور أيضا من طريق احلسن بن سعد قال " كانت يل‬
‫عند ابن عمر دراهم فأصبت عنده دنانري فأرسل معي رسوال إىل السوق فقال‪ :‬إذا قامت‬
‫على سعر فأعرضها عليه فإن أخذها وإال فاشرت له حقه‪ ،‬مث اقضه إياه " وإسناد كل منهما‬
‫صحيح‪.‬‬
‫يستفاد من احلديث‬ ‫‪60‬‬

‫يدا بيد مثل الصرف سواء‪ ،‬وهو شبيهه ىف املعىن‪ ،‬فلذلك ترجم هلذا‬ ‫‪ .1‬بيع الطعام بالطعام ً‬
‫احلديث باب الوكالة ىف الصرف‬
‫‪56‬‬
‫هي تف ويض مكت وب ع ادة يعطى لش خص أو مؤسس ة لين وب عن ه إلس تثمار‬ ‫‪‬‬

‫أموال ه مقاب ل أج ر يتم اإلتف اق علي ه‪ ،‬أو ب دون أج ر‪ ،‬وهي ج ائزة ش رعا وهلا‬
‫ض وابطها ومعايريه ا وأركاهنا‪ ،‬وهلا تفاص يل تتعل ق بالش روط والقي ود ال يت‬
‫ضبطتها الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ميكن أن تكون الوكالة باإلستثمار مقيدة بنوع من اإلستثمار‪ ،‬أو مبكان معني‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫أو بقي ود أخ رى‪ ،‬وجيوز أن تك ون مطلق ة وتتقي د ب العرف ومبا في ه املص لحة‬
‫للموكل وعدم الضرر به‪.‬‬
‫ميكن توكي ل املؤسس ات املالي ة والبن وك اإلس المية بإس تثمار األم وال‪ ،‬وفق ا‬ ‫‪‬‬

‫لشروط يتفق عليها‪ ،‬وحتت إشراف هيئة الرقابة الشرعية هبا‪.‬‬


‫جيوز للمص ارف اإلس المية قب ول األم وال على أس اس الوكال ة من البن وك‬ ‫‪‬‬

‫التقليدية واستثمارها يف أنشطتها املعتمدة من قبل هيئة الرقابة الشرعية‪ ،‬شريطة‬


‫أن يكون العقد خايل من الشروط والقيود اليت حتظرها الشريعة‬

‫‪ .2‬صحت الوكالة ىف هذا احلديث لقوله عليه السالم لعامل خيرب‪( :‬بع اجلمع بالدراهم)‪ ‬بعد‬
‫أن كان باع على غري السنة‬
‫‪57‬‬
58
‫المحاضرة الثانية عشر‪ :‬النصوص الشرعية فى الرهن والضمان‬

‫ض ا َف ْلُي َؤ ِّد الَّ ِذي‬ ‫ِ‬


‫وض ةٌ فَِإ ْن َأم َن َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم َب ْع ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(وِإ ْن ُكْنتُ ْم َعلَى َس َف ٍر َومَلْ جَت ُدوا َكاتبً ا فَ ِر َه ا ٌن َم ْقبُ َ‬
‫َ‬
‫اْؤ مُتِ َن ََأما َنتَهُ َولْيَت َِّق اللَّهَ َربَّهُ) ‪ -‬البقرة‪283 :‬‬
‫‪61‬‬

‫اختل ف الن اس يف ه ذه اآلي ة على ق ولني؛ فمنهم من محله ا على ظاهره ا ( َوِإ ْن ُكْنتُ ْم‬ ‫‪61‬‬

‫َعلَى َس َف ٍر)‪ ،‬مل جيوز ال رهن إال يف السفر؛ وهو قول جماه د من علماء التابعني؛ لكن‬
‫كافة العلماء على رد ذلك القول‪ ،‬وأن الرهن ليس من الضروري أن يكون الراهن‬
‫والمرتهن في سفر‪،‬‬

‫ذكر القرآن الكرمي لفظ السفر فقال ( َوِإ ْن ُكْنتُ ْم َعلَى َس َف ٍر)؟ ألنه هو الحالة الغالبة‬ ‫‪.2‬‬
‫ودا‪ ،‬لكن يف احلض ر يف اإلقام ة يك ون الك اتب‬
‫ال تي ال يك ون الك اتب فيه ا موج ً‬
‫موجودا فال حنتاج إىل رهن أحيانًا‪ ،‬أو يف غالب األحايني‪.‬‬
‫ً‬

‫ال رهن جيوز يف الس فر وجيوز يف احلضر‪ ،‬وليس من ش رطه أن يك ون يف الس فر؛ وأن‬ ‫‪.3‬‬
‫ذكر السفر يف اآلية إمنا ذكر ألنه الغالب‪" :‬أن النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬ابتاع يف‬
‫احلضر ورهن ومل يكتبه"‪.‬‬

‫إن ال رهن ج ائز وليس ب واجب أو ف رض م ع أن اهلل تع اىل يق ول (فَ ِر َه ا ٌن َم ْقبُ َ‬


‫وض ةٌ)‬ ‫‪.4‬‬
‫كلمة رهان تفيد األمر؛ أي فارهنوا عينًا مقبوضة‪،‬‬

‫الدليل على أن هذا األسلوب ليس املراد منه األمر أن اهلل ‪-‬سبحانه وتعاىل‪ -‬ذكر يف‬ ‫‪.5‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ا َف ْلُي َؤ ِّد الَّذي اْؤ مُت َن ََأما َنتَ هُ َولْيَت َِّق اللَّهَ‬ ‫نفس السياق قوله تعاىل (فَِإ ْن َأم َن َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم َب ْع ً‬
‫‪59‬‬
‫ما رواه البخاري يف صحيحه بسنده عن السيدة عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قالت (إن النيب‬
‫شعريا ألهله)؛‬
‫صاعا من ً‬‫ﷺرهن درعه عند يهودي ‪-‬يقال له‪ :‬أبو الشحم‪ -‬على ثالثني ً‬
‫‪62‬‬
‫أي لزوجاته‪.‬‬

‫الرهن من صاحبه الذي رهنه‪ ،‬له غُْنمه وعليه غُ ْرمه)‬


‫يغلق ُ‬‫قال ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم (ال ُ‬
‫ال ِ‬
‫نفس ه ع اد ًة‪ ،‬كم ا اتف ق الفقه اء على أن‬ ‫املرهتن حيف ظ املرهون حتت ي ده مبا حيف ظ ب ه م َ‬
‫نفقة أو مؤنة الرهن على املالك الراهن؛ ألن الشارع قد جعل الغُْنم والغُْرم للراهن‬

‫بعض ا‪ ،‬لكن الرهن يكون عند افتقاد‬


‫َربَّهُ) يعين ال داعي للرهن أصاًل إذا أمن بعضكم ً‬
‫هذا األمن والرغبة يف التوثيق‪،‬‬

‫اهلل ‪-‬سبحانه وتعاىل‪ -‬جعل الرهن وسيلة من وسائل االستيثاق‪ ،‬وهناك من الوسائل‬ ‫‪.6‬‬
‫األخرى ما قد يغين عنه كالكتابة أو الضمان أو الكفالة‪ ...‬إخل‪  .‬‬

‫(فَ ِر َها ٌن َم ْقبُ َ‬


‫وضةٌ) وفيه أنه ال يتم الرهن إال بقبض املرهتن الشئ املرهون ‪ .‬والقاعدة‬ ‫‪.7‬‬
‫الشرعية تقول ال يتم التربع إال بالقبض ‪ ‬فيعترب العقد فيها عدمي األثر قبل القبض ‪,‬‬
‫والتنفيذ هو املولد آلثار العقد‪.‬‬

‫وفي ه فائ دة أن ه رهن عن د يه ودي دالل ة على ج واز معامل ة أه ل الكت اب من النص ارى‪،‬‬ ‫‪62‬‬

‫نعاملهم فيما أباح ديننا املعاملة فيه من البيع والرهن والسلم وما إىل ذلك‪ ...‬‬

‫‪60‬‬
‫ورد عن النيب ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬قال (لنب الدر إذا كان مرهونً ا ملن يركبه بنفقته)‬
‫‪63‬‬
‫ويف رواية أخرى عند اإلمام أمحد (الرهن يركب بنفقته ولنب الدر يشرب بنفقته)‬

‫يعين‪:‬‬ ‫‪63‬‬

‫ا‪ -‬من ينف ق على الداب ة من حق ه أن يركبه ا ومن حق ه أن يأخ ذ لبنه ا‪ ،‬وعلى ال ذي‬
‫يركب ويشرب النفقات‬

‫وفهم اإلمام أمحد وإسحاق أن للمرتهن حق االنتفاع بالرهن إذا قام بمصلحته ول و‬ ‫ب‪-‬‬
‫لم يأذن له المالك‪،‬‬

‫واجلمه ور ق الوا ليس للم رتهن أن ينتف ع بش يء من ال رهن ومنفعت ه ونفقات ه على‬ ‫ج‪-‬‬
‫الراهن وتفصيل رأيهم كاآليت‪:‬‬

‫املالكية قالوا كل منافع الرهن إنما هي للراهن يعني للمدين ما لم يشترط‬ ‫أ)‬
‫الم رتهن ذلك ف إن اش رتطها ق ال ل ه‪ :‬أس لفك أو أقرض ك أو أبي ع ل ك ه ذه‬
‫السلعة بثمن مؤجل بشرط أن ترهن عندي‪ ،‬فإن اشترطها فهي له بشرط أن‬
‫يكون الدين بسبب البيع ال بسبب القرض‬

‫نفع ا فه و‬
‫املنفع ة بس بب الق رض رب ا عماًل بالقاع دة الفقهي ة‪ :‬ك ل ق رض ج ر ً‬ ‫ب)‬
‫نفعا للمقرض وهي قاعدة صحيحة‪ ،‬و‬ ‫ربا؛ يعين جر ً‬
‫‪61‬‬
‫لو اشرتط املرهتن ذلك بأن يتفقا على مدة للمنفعة ال مطل ًق ا‪ ،‬يقول مثاًل ‪ :‬أبيع‬ ‫ت)‬
‫لك هذا الثوب بكذا نسيئة بشرط أن تعطيين سيارتك أركبها يومني‪ ،‬ثالثة‪،‬‬
‫أسبوع‪ ...‬جيوز هذا عند املالكية‪.‬‬

‫الش افعية إهنم ي رون أن المنفع ة كله ا لل راهن بش رط أال يتص رف في ال رهن‬ ‫ث)‬
‫تص رفًا ينقص قيمته؛ حفاظً ا على مص لحة املرهتن‪ ،‬وتص رف ال راهن يك ون بع د‬
‫إذن املرهتن‪ ،‬أم ا املرهتن فال ينتف ع بش يء من ال رهن‪ ،‬ونفق ات ال رهن على ال راهن‬
‫وإن انتف ع املرهتن بش يء من ه خص م من ال دين‪ ،‬وإن اش رتط أن تك ون املنفع ة‬
‫للمرهتن فسد العقد‪  .‬‬

‫احلنفية ال يجيزون انتفاع الراهن بالرهن إال بعد إذن المرتهن‪ ،‬أما المرتهن فال‬ ‫ج)‬
‫ينتفع بشيء من الرهن إال بإذن الراهن‪ ،‬وبشرط أال يشرتط عليه ذلك يف العقد‪،‬‬
‫نفعا وهو ربا‪ ،‬وهم يقصدون بعدم اشرتاطه؛ أي عدم‬
‫قرضا جر ً‬
‫فإن اشرتطه كان ً‬
‫ذكره يف العقد‪.‬‬

‫احلنابل ة ف ّرق وا بين أن يك ون ال رهن مركوبً ا أو محلوبً ا أو غ ير ذل ك مم ا ال‬ ‫ح)‬


‫يحلب وال يركب‬
‫‪62‬‬
‫الضمانة‬ ‫‪.1‬‬

‫عن جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪ :‬تويف رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه‪ ،‬مث‬
‫أتينا به رسول اهلل ﷺ ليصلي عليه‪ ،‬فقلنا‪ :‬تصلي عليه؟ فخطا خطوة‪ ،‬مث قال) أعليه‬
‫دين؟( قلنا‪ :‬ديناران‪ ،‬فانصرف‪ ،‬فتحملهما أبوقتادة‪ ،‬فأتيناه‪ ،‬فقال‪ :‬أبوقتادة‪ :‬الديناران‬
‫حق الغرمي‪ ،‬وبرئ منهما امليت؟) قال‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫علي‪ ،‬فقال رسول اهلل ﷺ (قد أوىف اهللُ َّ‬‫ّ‬
‫فصلى عليه‪ ،‬مث قال بعد ذلك بيومني (ما فعل الديناران؟) قلت‪ :‬إمنا مات أمس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فع اد إلي ه من الغ د فق ال‪ :‬تض منتها ي ا رس ول اهلل‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ﷺ (اآلن ب ردت‬
‫‪64‬‬
‫جلدته) ‪ -‬أخرجه أمحد يف مس نده بإسناد حس ن‪ ،)14590( :‬وصححه احلاكم يف املس تدرك‪234( :‬‬
‫‪ ،)6‬وحسنه املنذري يف الرتغيب والرتهيب واللفظ له(‪)2791‬‬

‫ف إن ك ان مركوبً ا مركوبً ا ك الفرس مثاًل أو حملوبً ا مثاًل ك البقرة أو مركوبً ا‬ ‫‪‬‬


‫وحملوبًا كالناقة مثاًل جاز للمرتهن االنتفاع به في ذلك بالعدل‬

‫وم ا ال حيلب وال ي ركب ك األرض مثاًل أو ال دار أو احلائ ط حديق ة يع ين‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فيج وز االنتف اع من ج انب الم رتهن بش رط إذن ال راهن‪ ،‬وبش رط أال‬
‫يكون الرهن في مقابل القرض‬

‫انتف اع ال راهن ب الرهن جائز ب إذن املرهتن؛ ألنه يتعلق ب ه حقه؛ أي حق ه يف‬ ‫‪‬‬
‫االستيفاء‬

‫المعنى العام للحديث‬ ‫‪64‬‬

‫‪63‬‬
‫حق عليك احلق‪ ،‬وثبت عليك الغُْر ُم‪ ،‬وكنت غرميا‪.‬‬
‫فقوله (حق الغرمي) أي َّ‬

‫وروي عن احلسن عن مسرة عن النيب صلى ااهلل عليه وسلم قال (على اليد ما أخـذت حتـى‬
‫تؤديه) رواه أمحد وأبو داود وابن ماجة والرتمذي‪ ،‬وزاد أبو داود والرتمذي‬

‫كان رسول اهلل يف أول اإلسالم قبل أن يصلي على مسلم يسأل‪ ،‬هل عليه دين؟ فإن‬
‫قالوا نعم‪ :‬مل يصل عليه‪ ،‬إال إذا قام أحد من املسلمني يضمن هذا الدين‪ ،‬فإذا ضمنه‬
‫أحد‪ ،‬صلى عليه رسول اهلل ﷺ ومل يكن يسأل عن شيء من عمل املتوىف‪ ،‬وإمنا كان‬
‫يسأل عن دينه‪.‬‬

‫األحكام التي تؤخذ من الحديث‬

‫‪ .1‬جواز حتمل الواجب من غري الواجب عليه‪ ،‬كتحمل أيب قتادة دين امليت‪ ،‬والبد‬
‫من أداء الدين لكي ينفع امليت‪ ،‬وأنه ينفعه ذلك لشدة أمر الديْن؛ ألن رسول اهلل‬
‫ت رك الص الة ملن علي ه دين؛ ألن ص الة رس ول اهلل ﷺ ش فاعة وش فاعته مقبول ة‪،‬‬
‫والديْن ال يسقط إال بالتأدية‪.‬‬
‫‪ .2‬رفع العذاب عن امليت‪ ،‬البد من األداء‪ ،‬ويكون بالقضاء عنه‪ ،‬وهلذا قيل‪ :‬تتم براءة‬
‫املدين من وقت الس داد ال من وقت الض مان‪ ،‬ول ذلك س ارع رس ول اهلل ﷺ إىل‬
‫سؤال أيب قتادة عن القضاء فقال‪ :‬قد قضيتهما يا رسول اهلل‪ ،‬فقال رسول اهلل ﷺ‬
‫(اآلن بردت جلدته)‬
‫‪ .3‬يس تحب لإلم ام أو ل ويل أم ر املس لمني أن حيض على الس داد ك ل من ض من دين‬
‫ميت على اإلسراع يف القضاء‪ ،‬ويستحب كذلك لسائر املسلمني؛ ألنه من أعمال‬
‫‪64‬‬
‫‪65‬‬
‫قال قتـادة‪ :‬ثـم نسي احلسن فقال (هو أمينك ال ضمان عليه) يعين العارية‬
‫نهى النيب‪  ‬ﷺ عن ربح مامل يضمن ‪ -‬اخرجه امحد وابو داود‬
‫‪66‬‬

‫اخلري‪ ،‬حلديث(ما من مسلم فك رهان أخيه إال فك اهلل رهانه يوم القيامة (‬
‫‪ .4‬أن الض مان والكفال ة عن امليت ص حيحة‪ ،‬ويل زم الض امن والكفي ل م ا ض من ب ه‪،‬‬
‫سواء كان امليت غنيا‪ ،‬أو فقريا‪ ،‬وال رجوع يف مال امليت‪ ،‬وهبذا قال‪ :‬اجلمهور‪،‬‬
‫إال أن املالكي ة ق د أج ازوا الرج وع‪ ،‬إن ك ان ل ه م ال‪ ،‬واحلنفي ة اش رتطوا لص حة‬
‫مان‬ ‫الض‬
‫والكفالة أن يرتك امليت وفاء دينه‪.‬‬
‫‪ .5‬بع د الفتح قال رسول اهلل ﷺ (أنا أوىل ب املؤمنني من أنفسهم‪ ،‬فمن تويف وعليه‬
‫فعلي قضاؤه) ‪ ،‬وعلى ذلك قام رسول اهلل ” صلى اهلل عليه وسلم” بقضاء‬ ‫دين َّ‬
‫دين كل ميت سواء من مال رسول اهلل ﷺ أو من مال املصاحل‪ ،‬واحلديث نسخ‬
‫حديث الباب‪ ،‬وحتمل رسول اهلل ﷺ الديون بعد عام الفتح‪ ..‬وعن سليمان قال‪:‬‬
‫أمرنا رسول اهلل ﷺ أن نفدي سبايا املسلمني‪ ،‬ونعطي سائلهم‪ ،‬مث قال رسول اهلل‬
‫فعلي وعلى الوالة من بعدي يف بيت‬ ‫ﷺ (من ترك ماال فلورثته‪ ،‬ومن ترك دينا َّ‬
‫م ال املس لمني) وق ول الن يب ﷺ (أن ا أوىل ب املؤمنني من أنفس هم)؛ يع ين‪ :‬يف ك ل‬
‫ش يء؛ ألين اخلليف ة األك رب املم د لك ل موج ود‪ ،‬فحكمي عليهم أنف ذ من حكمهم‬
‫على أنفسهم‪ ،‬وهذا قاله ملا نزلت اآلية‪ ،‬فمن تويف ‪-‬بالبناء للمجهول‪-‬؛ أي‪ :‬مات‬
‫من املؤمنني فرتك عليه دينا فعلي قضاؤه‪ ،‬مما يفيء اهلل به من غنيمة وصدقة‪ ،‬وهذا‬
‫‪65‬‬
‫لمحاضرة الثالثة عشر‪ :‬النصوص الشرعية فى الوديعة والجعالة‬

‫اإليداع عقد جائز‪ ،‬وهي من عقود التربعات‪ ،‬ويستحب ملن تودع عنده الوديعة أن يقبلها‬
‫(وَت َع َاونُوا َعلَى الْرِب ِّ َو َّ‬
‫الت ْق َوى)‬ ‫مىت علم من نفسه القدرة على حفظها؛ وذلك لقوله تعاىل َ‬
‫املائدة‪.2 :‬‬

‫ناسخ لرتكه الصالة على من مات وعليه دين‪.‬‬


‫‪ .6‬إذا تعهد شخص بالوفاء مبا يف ذمة املدين من دين‪ ،‬فيجب على املتعهد (الضامن)‬
‫بأن يقوم بالوفاء بالتزامه‪ .‬وقد جاء يف كتاب الفقه املنهجي على املذهب الشافعي‬
‫(والكفي ل وه و الض امن ال ذي يل تزم ب أداء احلق املض مون)مبع ىن أن الض امن يل تزم‬
‫بأداء احلق املضمون وليس له أن يرجع‪ ،‬وينتهي ضمانه بعد األداء‪ .‬وهذا ما قاله‬
‫اإلمام البخ اري رمحه اهلل تعاىل يف صحيحه من تكف ل عن ميت دين اً فليس له أن‬
‫يرجع‪.‬‬

‫يف هذا دليل على أنه جيـب علـى اإلنسان رد ما أخذته يده من مال غريه بإعارة أو إجارة‬ ‫‪65‬‬

‫أو غريه ا‪ ،‬ح ىت ي رده إىل مالك ه‪ ،‬وب ه اس تدل من ق ال إن الودي ع واملس تعري ض امنان‪ ،‬وه و‬
‫صاحل لالحتجـاج علـى التـضمني ألن املأخوذ إذا كان على اليد اآلخذة حىت ترده‪ ،‬فاملراد‬
‫أنه يف ضماهنا‪ ،‬كما يشعر لفظ علـى‪ ،‬من غري فرق بني مأخوذ ومأخوذ ‪.‬‬
‫فيها احتماالن‬ ‫‪66‬‬

‫‪ .1‬ان يراد بالنهي بيع ما مل يضمن وجوده‪ ،‬فيكون هنيا عن بيع اجملهول‬
‫‪ .2‬ان يراد بالنهي بيع ما مل يقبض بان يكون الضمان كناية عن القبض‪ ،‬حيث‬
‫يكون من معاين الضمان االشتمال واالحتواء على الشيء‬
‫‪66‬‬
‫وملا رواه مسلم بسنده عن أيب هريرة أن النيب ﷺ قال (واهلل يف عون العبد ما كان العبد‬
‫يف عون أخيه) ‪ 67‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار‪ ,‬باب‪ :‬فضل‬
‫‪68‬‬
‫التهليل والتسبيح والدعاء‪.‬‬

‫ض ُك ْم َب ْعض اً َف ْلُي َؤ ِّد الَّ ِذي اْؤ مُتِ َن ََأما َنتَ هُ َولْيَت َِّق اهلل َربَّهُ) البق رة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ق ال اهلل تع اىل (فَ ِإ ْن َأم َن َب ْع ُ‬
‫ات ِإىَل َْأهلِ َها) النساء‪58 :‬‬ ‫(إن اهلل يْأمر ُكم َأ ْن ُت ُّدوا اَألمانَ ِ‬
‫َ‬ ‫‪ 283‬قوله َّ َ ُ ُ ْ َؤ‬
‫وعلى االحتمال الثاين ما مل يتم تسليمه أو تقدميه مثالً إذا باع البائع السلعة وسلّمها‬
‫للمشرتي فإنه حيق له ربح ما قام بتسليمه‪ ،‬أي‪ :‬يستحق الربح بعد األداء‬

‫التطبيق المصرفي‬

‫إن املؤسس ة تس تحق ال ربح واألج ر بع د األداء وتس ليم املض مون أو تقدميه‪ ،‬وال‬ ‫‪.1‬‬

‫تستحق املؤسسة ربح ما مل يضمن‪ ،‬أي‪ :‬ما مل يتم تسليمه أو تقدميه‪.‬‬


‫وعن دما يك ون هن اك ربح فإمنا يع ين ض مناً أن الب ائع ق ام فعالً خبدم ة حقيقي ة وعم ل‬ ‫‪.2‬‬

‫مشروع من وجهة النظر اإلسالمية ( ض وابط التج ارة يف االقتص اد اإلس المي حملم د جنيب محادي‬
‫اجلوعاين‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ص ‪ ،229‬نقال عن د‪ .‬رفيق يونس املصري – مصرف التنمية اإلسالمي‪ ،‬أو‬
‫حماولة جديدة يف الربا والفائدة والبنك – مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط ‪1981 ،2‬م‪ ،‬ص ‪)79‬‬
‫‪ .3‬وال خيتلف مفهوم الربح عند الفقهاء بوجه عام عن مفهومه اللغوي أو استعماله الوارد يف‬
‫الق رآن الك رمي‪ ،‬حيث إهنم يطلق ون ال ربح على م ا يتحص ل من زي ادة مس تفادة نتيج ة‬
‫_‬
‫االجتار تطوير األعمال املصرفية للدكتور سامي محود‪ ،‬مطبعة الشرق‪ ،‬ط ‪ 1402 ،2‬هـ – ‪ 1982‬م‪ ،‬ص‪ ،249‬نقال عن‬

‫الفقه اإلسالمي‬ ‫حممود السيد الفقي‪ ،‬دراسة مقارنة ملفهوم الربح يف‬

‫‪ )(67‬‬
‫‪67‬‬
‫(أد األمان ة إىل من ائتمن ك‪ ،‬وال ختن من‬‫وعن أيب هري رة ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ﷺ ِّ‬
‫خانك)‪ 69.‬رواه أبو داود‪ :‬كتاب اإلجارة‪ ،‬باب‪ :‬يف الرجل يأخذ حقه من حتت يده‪ ،‬والرتمذي‪ )1264( :‬وقال‬
‫حسن غريب‪ ،‬ويف سنده مقال‪.‬‬

‫‪ .1‬وإذا كانت الوديعة عقدا جائزا مباحا من حيث ذاته للفاعل والقابل‪ ،‬فرمبا يكون حكمه‬
‫الوج وب يف بعض األحي ان نق ل احلط اب عن ابن عرف ة قول ه (وق د يع رض وجوهبا‬
‫ٍ‬
‫كخائف َف ْق َدها ملوجب هالكه أو فقده إن مل يودعها مع وجود قابل هلا يقدر على‬
‫صبه) مواهب اجلليل‪.5/251 :‬‬ ‫ِ ٍ‬
‫كمودع شيء َغ َ‬ ‫حفظها‪ ،‬وحرمتها‬
‫‪ .2‬وك ذلك إن مل يكن هن اك من يق در على حفظه ا إال ش خص بعين ه‪ ،‬وال حف ظ هلا إال ب ه‬
‫جيب أيضا انظر سبل السالم‪.2/258 :‬‬

‫الوديع ة ش رعت حلاج ة الن اس إليه ا خاص ة عن د الس فر أو رمبا مل يس تطع ص احب‬ ‫‪.3‬‬
‫الوديعة أن حيفظها يف وقت معني أو يف مكان حمدد أو بكيفية معينة فيعهد هبا إىل من‬
‫يقدر على ذلك‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫فحكم عق د الوديع ة أن ه عق د ج ائز من الط رفني يف اجلملة فحكم عق د الوديع ة أن ه عق د‬


‫جائز من الطرفني يف اجلملة (مواهب اجلليل (‪ ، )5/251‬الوسيط يف املذهب ‪ ،‬الغزايل ‪ ،‬وعليه حواشي‬
‫دار السالم ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1417 ،‬هـ (‪ ، )4/500‬احلاوي (‪ ، )8/256‬روضة الطالبني ‪،‬‬
‫أبو زكريا حيىي النووي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان (‪ ، )5/289‬املغين ‪ ,‬ابن قدامة ‪,‬دار عامل الكتب‪,‬‬
‫الري اض‪ ,‬الطبع ه الثالث ة ‪1417‬هـ(‪ ، )9/256‬منتهى اإلرادات (‪ ، )2/256‬كشـاف القن اع عن منت اإلقن اع ‪،‬‬
‫البهويت ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1418 ،‬هـ (‪)4/204‬‬
‫‪68‬‬
‫يف الص حيحني وغريمها من ح ديث أيب س عيد أهنم نزل وا على حي من أحي اء الع رب ‪,‬‬
‫فاستضافوهم ‪ ,‬فأبوا ‪ ,‬فلدغ سيد ذلك احلي ‪ ,‬فسعوا له بكل شيء ‪ ,‬فأتوهم ‪ ,‬فقالوا ‪:‬‬
‫ه ل عن د أح د منكم من ش يء ؟ ق ال بعض هم ‪ :‬إين واهلل ألرقي ‪ ,‬ولكن واهلل لق د‬
‫استضفناكم فلم تضيفونا ؛ فما أنا براق لكم حىت جتعلوا لنا جعالً ‪ .‬فصاحلوهم على قطيع‬

‫ويطلق اجلائز يف مقابلة الالزم ‪ ،‬فالالزم ما ال يقبل الفسخ أو ما ال ميكن إبطاله واجلائز عكسه) املنثور يف القواعد ‪،‬‬
‫بدر الدين الزركشي (‪ . )2/304‬ألهنا نوع من الوكالة (كشاف القناع (‪ )4/204‬فمىت أراد ِ‬
‫املودع‬
‫تودع رده ا ؛ لقول ه تع اىل (إن اهلل ي أمركم أن ت ؤدوا األمان ات إىل‬
‫أخ ذ وديعت ه ل زم املس َ‬
‫أهلها) ‪ -‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪.58‬‬

‫والوديعة أمانة فهو مأمور بردها‬

‫ف إن أراد املس تودع رده ا على ص احبها لزم ه قبوهلا ؛ ألن املس تودع مت ربع بإمس اكها فال‬
‫يلزمه التربع يف املستقبل (املغين (‪). )9/256‬‬

‫قال يف احلاوي (ال خيلو حال من استودع وديعة من ثالثة أحوال ‪:‬‬

‫أحدها ‪ :‬أن يكون ممن يعجز عنها ‪ ،‬وال يثق بأمانته نفسه فيها ‪ ،‬فهذا ال جيوز له أن يقبلها‬
‫والحال الثانية‪ :‬أن يكون أمين اً عليها قادراً على القيام هبا وليس غريه ممن يقوم هبا ‪ ،‬فهذا‬
‫ممن قد تعني عليه قبوهلا ‪ ،‬ولزمه استيداعها ‪ ،‬كما تعني الشهادة على الشاهد إذا مل يوجد‬
‫من يتحملها سواه ‪ ،‬وكما يلزم اإلنسان خالص نفس يقدر على إحيائها إذا مل يوجد غريه‬
‫‪ ،‬ألن حرمة املال كحرمة النفس واحلالة الثالثة أن يكون أميناً عليها وقادراً على حفظها ‪،‬‬
‫وق د يوج د غ ريه من األمن اء عليه ا ‪ ،‬فه ذا من دوب إلي ه ‪ ،‬وإن مل جتب علي ه)‪ -‬احلاوي (‬
‫‪69‬‬
‫من غنم ‪ ,‬فانطلق ينفث عليه ويقرأ ‪ ( :‬احلمد هلل رب العاملني ) ؛ فكأمنا نشط من عقال ‪,‬‬
‫ف أوفوهم جعلهم ‪ ,‬وق دموا إىل الن يب ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ ,‬ف ذكروا ذل ك ل ه ‪ ,‬فق ال ‪:‬‬
‫( أصبتم ‪ ،‬اقتسموا و اجعلوا يل معكم سهماً )‪ 70‬رواه البخاري ( كتاب اإلجارة‪2276/‬‬
‫)‪.‬‬

‫‪ ، )8/256‬هناية احملتاج إىل شرح املنهاج ‪ ،‬مشس الدين حممد الرملي الشهري بالشافعي الصغري ‪ ،‬ومعه حاشية نور‬
‫الدين الشرباملسي وحاشية أمحد بن عبد الرازق املعروف باملغريب الرشيدي ‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب‬
‫احلل يب مبص ر ‪ ،‬الطبع ة األخ رية ‪1386 ،‬هـ ‪ ، )6/111( .‬بداي ة اجملته د وهناي ة املقتص د ‪ ،‬حممد بن أمحد بن رشد‬
‫احلفيد ‪ ،‬مكتبة ابن تيمية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1415 ،‬هـ ‪ ، )4/127( .‬مواهب اجلليل (‪)5/251‬‬
‫‪ ،‬التاج واإلكليل (‪.. )5/266‬‬

‫وقال النووي (قال أصحابنا لو تعني عليه قبول وديعة فلم يقبلها ‪ ،‬وتلفت فهو عاص ‪،‬‬
‫وال ضمان ؛ ألنه مل يلتزم احلفظ)‪( -‬روضة الطالبني ‪)5/314‬‬

‫وقال يف هناية احملتاج (وهلما) يعين للمالك (االسرتدادو) للوديع (الرد كل وقت) من‬
‫اجلانبني ‪ ،‬نعم حيرم الرد حيث وجب القبول ويكون خالف األوىل حيث ندب ومل يرضه‬
‫املالك (هناية احملتاج (‪). )6/115‬‬
‫()‪ ‬ومىت طالب صاحب الوديعة بوديعته من أودعها عنده وجب على املودع لديه أن‬ ‫‪69‬‬

‫يردها لصاحبها‬

‫فمن عمل العمل الذي جعلت عليه اجلعالة بعد علمه هبا ؛ استحق اجلعل ؛ ألن العقد‬ ‫‪70‬‬

‫اس تقر بتم ام العم ل وإن ق ام بالعم ل مجاع ة ؛ اقتس موا اجلع ل ال ذي علي ه بالس وية ؛ ألهنم‬
‫اشرتكوا يف العمل الذي يستحق به العمل العوض فاشرتكوا يف العوض ‪ ,‬فإن عمل العمل‬
‫‪70‬‬
‫( وملن جاءَ بِِه مِح ل بع ٍري وأنا به زعيم )‪- 71‬يوسف‪72:‬‬

‫‪The Application of Ju'alah in Islamic Finance: The Malaysian Perspective‬‬

‫قب ل علم ه مبا جع ل علي ه ؛ مل يس تحق ش يئاً ألن ه عم ل غ ري م أذون في ه ‪ ,‬فلم يس تحق ب ه‬
‫عوضاً ‪ ,‬وإن علم باجلعل يف أثناء العمل ؛ أخذ من اجلعل ما عمله بعد العلم ‪.‬‬

‫لرد مال ضائع‪ ،‬أو عمل ال يقدر عليه اجلاعل وال جيد من‬
‫إ ّن حاجة النّاس قد تدعو إليها ّ‬
‫تصح اإلجارة عليه جلهالته‪ ،‬فجازت شرعاً للحاجة إليها كاملضاربة‪.‬‬
‫يتطوع به‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫‪-‬أي ملن دل على سارق صواع امللك محل بعري ‪ ,‬وهذا جعل ‪ ,‬فدلت اآلية على جواز‬ ‫‪71‬‬

‫اجلعالة ‪.‬‬
‫‪71‬‬
72
‫المحاضرة الرابعة عشر‪ :‬النصوص الشرعية فى الشركة والمضاربة‬

‫الشركة‬

‫ثبتت مشروعية الشركة بالكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب‪ :‬فقوله تعاىل(فهم ش ركاء يف الثلث) ‪-‬النساء‪ -4 /12:‬وقوله سبحانه َّ‬
‫(وإن‬
‫كث رياً من اخلُلَط اء ليبغي بعضهم على بعض إال الذين آمن وا وعملوا الصاحلات‪ ،‬وقليل م ا‬
‫هم)‪ .‬واخللطاء‪ :‬هم الشركاء‪.‬‬

‫وهذا وإن كان ش رع من قبلنا‪ ،‬فإن ش رع من قبلنا شرع لنا‪ ،‬إذا مل يأت يف ش ريعتنا ما‬
‫ينسخه‪ .‬هذا عند مجهرة من العلماء‪.‬‬

‫وأما السنة‪ :‬ففي احلديث القدسي فيما يروى عن أيب هريرة رفعه إىل النيب ص لّى اهلل عليه‬
‫وس لم ق ال‪ :‬إن اهلل ع ز وج ل يق ول (أن ا ث الث الش ريكني م ا مل خين أح دمها ص احبه‪ ،‬ف إذا‬
‫خانه خرجت من بينهما)‪ 72‬رواه أبو داود واحلاكم وصحح إسناده‬

‫‪72‬‬

‫واملع ىن‪ :‬أن ا معهم ا باحلف ظ واإلعان ة‪ ،‬أم دمها باملعون ة يف أمواهلم ا وأن زل الربك ة يف‬ ‫‪.1‬‬
‫جتارهتما‪ ،‬فإذا وقعت بينهما اخليانة رفعت الربكة واإلعانة عنهما‪.‬‬
‫وق د بعث رس ول اهلل ص لّى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬والن اس يتع املون بالش ركة ف أقرهم‬ ‫‪.2‬‬
‫عليها‪ ،‬كما ثبت يف أحاديث كثرية‬
‫ي دل ه ذا احلديث بعمومه‪ ‬على ج واز أن واع الش ركات كلها‪ :‬ش ركة العن ان‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫واألبدان‪ ،‬والوجوه‪ ،‬واملضاربة‪ ،‬واملفاوضة وغريها من أنواع الشركات اليت يتفق‬
‫‪73‬‬
‫‪73‬‬
‫وقال عليه الصالة والسالم‪( :‬يد اهلل على الشريكني ما مل يتخاونا)‬

‫خرب السائب بن أيب السائب صيفي بن عائذ املخزومي أنه كان شريك النيب صلى اهلل عليه‬
‫وس لم قب ل املبعث يف التج ارة‪ ،‬فلم ا ج اء إلي ه ي وم الفتح ق ال‪ :‬مرحب اً ب أخي وشريكي‪ ،‬ال‬

‫عليها املتشاركان‪.‬‬
‫ومن من ع ش يئاً منه ا فعلي ه ال دليل ال دال على املن ع‪ ،‬وإال فاألص ل اجلواز‪ ،‬هلذا‬ ‫‪.4‬‬
‫احلديث‪ ،‬ومشوله‪ .‬وألن األصل اجلواز يف كل املعامالت‪.‬‬
‫‪73‬‬

‫ي دل الحديث على فضل الش ركات وبركتها‪ ،‬إذا بنيت على الص دق واألمان ة‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫فإن من كان اهلل معه بارك له يف رزقه‪ ،‬ويسر له األسباب اليت ينال هبا الرزق‪.،‬‬
‫الش ركات حيص ل فيه ا التع اون بني الش ركاء يف رأيهم ويف أعم اهلم‪ .‬وق د تك ون‬ ‫‪.2‬‬
‫أعم االً ال يق در عليه ا ك ل واح د مبف رده‪ ،‬وباجتم اع األعم ال واألم وال ميكن‬
‫إدراكها‪.‬‬
‫‪  ‬فإن الغالب أهنا حيصل هبا من الراحة ما ال حيصل بتفرد اإلنسان بعلمه‪ .‬وقد جيري‬ ‫‪.3‬‬
‫وي دير أح دمها العم ل م ع راح ة اآلخ ر‪ ،‬أو ذهاب ه لبعض مهمات ه‪ ،‬أو وقت مرض ه‪.‬‬
‫وهذا كله مع الصدق واألمانة‪ .‬فإذا دخلتها اخليانة ونوى أحدمها أو كالمها خيانة‬
‫اآلخ ر‪ ،‬وإخف اء م ا يتمكن من ه خ رج اهلل من بينهم ا‪ .‬وذهبت الربك ة‪ .‬ومل تتيس ر‬
‫األسباب‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ي داري وال مياري ‪ -‬أي ال خيالف وال ينازع ‪ ،-‬وهذا من الرسول عليه الصالة والسالم‬
‫تقرير للشركة‪.‬‬

‫أن الرباء بن عازب وزيد بن أرقم كانا شريكني فاشرتيا فضة بنقد ونسيئة‪ .‬فبلغ رسول اهلل‬
‫ص لى اهلل علي ه وس لم فأمرمها أن م ا ك ان بنق د ف أجيزوه‪ ،‬وم ا ك ان بنس يئة ف ردوه ‪ -‬رواه‬
‫البخاري مبعناه‬

‫المضاربة‬

‫املضاربة مشروعة استحسانا على خالف القياس لدى أكثر الفقهاء‪ ،‬ملا فيها من اجلهالة يف‬
‫األجرة والعمل‪ ،‬ودليل مشروعيتها السنة‪ ،‬واإلمجاع‪ ،‬واملصلحة‪ ،‬وهلذا فإن الفقهاء ال‬
‫يتوسعون فيها‪ ،‬ألن ما ثبت على خالف القياس ال يتوسع فيه‪.‬‬

‫من السنة ما روي‪ :‬أن العباس بن عبد املطلب إذا دفع ماال مضاربة اشرتط على صاحبه أن‬
‫ال يسلك به حبرا وال ينزل به واديا وال يشرتي به ذات كبد رطبة فإن فعل فهو ضامن‬
‫‪74‬‬
‫فرفع شرطه إىل رسول اهلل ﷺ فأجازه‬

‫ومن اآلثار ما روي‪ :‬أن عمر بن اخلطاب أعطى رجال مال يتيم مضاربة وكان يعمل به‬
‫بالعراق‪ ،75‬وعن ابن مسعود وحكيم بن حزام‪ ،‬أهنما قارضا ( أي عمال باملضاربة )‪ ،‬وال‬
‫خمالف هلما يف الصحابة‪.‬‬

‫‪ )(74‬أخرجه البهيقي يف السنن الكربى ‪.6/111‬‬


‫‪ )(75‬أخرجه البهيقي يف املعرفة ( نصب راية للزيلعي ‪.) 115 ,4/114‬‬
‫‪75‬‬
‫وقد جاء يف املوطأ(‪ )76‬عن زيد بن أسلم عن أبيه‪ ،‬أنه قال‪ :‬خرج عبد اهلل وعبيد اهلل ابنا‬
‫عمر بن اخلطاب يف جيش إىل العراق‪ .‬فلما قفال مرا على أيب موسى األشعري‪ ،‬وهو أمري‬
‫وس َّه َل‪ ،‬مث قال‪ :‬لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫البصرة‪ ،‬فرحب هبما َ‬
‫بلى‪ ،‬ها هنا مال من مال اهلل أريد أن أبعث به إىل أمري املؤمنني ‪ ،‬فأسلفكماه‪ ،‬فتبتاعان به‬
‫متاعا من متاع العراق‪ ،‬مث تبيعانه باملدينة‪ ،‬فتؤديان رأس املال إىل أمري املؤمنني ويكون‬
‫الربح لكما‪ ،‬فقاال‪ :‬وددنا ذلك‪ ،‬ففعل‪ ،‬وكتب إىل عمر بن اخلطاب‪ ،‬أن يأخذ منهما‬
‫املال‪ ،‬فلما قدما باعا فأرحبا‪ ،‬فلما دفعا ذلك إىل عمر‪ ،‬قال‪ :‬أكل اجليش أسلفه مثل ما‬
‫أسلفكما؟ قاال‪ :‬ال‪ ،‬فقال عمر بن اخلطاب‪ :‬ابنا أمري املؤمنني فأسلفكما‪ ،‬أديا املال ورحبه‪،‬‬
‫فأما عبد اهلل‪ ،‬فسكت‪ ،‬وأما عبيد اهلل‪ ،‬فقال‪ :‬ما ينبغي لك يا أمري املؤمنني هذا‪ ،‬لو نقص‬
‫هذا املال أو هلك لضمناه‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أدياه‪ ،‬فسكت عبد اهلل‪ ،‬وراجعه عبيد اهلل‪ ،‬فقال‬
‫رجل من جلساء عمر‪ :‬يا أمري املؤمنني‪ ،‬لو جعلته قراضا‪ ،‬فقال عمر‪ :‬قد جعلته قراضا‪،‬‬
‫فأخذ عمر رأس املال ونصف رحبه‪ ،‬وأخذ عبد اهلل وعبيد اهلل ‪ -‬ابنا عمر بن اخلطاب ـ‬
‫نصف ربح املال‪.‬‬

‫وجاء فيه أيضا‪ 77‬عن العالء بن عبد الرمحن‪ ،‬عن أبيه عن جده أن عثمان بن عفان أعطاه‬
‫ماال قراضاً يعمل فيه‪ ،‬على أن الربح بينهما‪.‬‬

‫أسند اإلمام البيهقي رمحه اهلل يف الكربى إىل ابن عباس حديثا متصال نصه (كان العباس‬
‫() كتاب الفرائض ‪ ،‬باب ‪ ،1‬صفحة ‪.687‬‬ ‫‪76‬‬

‫() املوطأ ص‪.688‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪76‬‬
‫بن عبد املطلب إذا دفع ماال مضاربة اشرتط على صاحبه أن ال يسلك به حبرا وال ينزل به‬
‫واديا و ال يشرتي به ذات كبد رطبة ‪ ،‬فإن فعل فهو ضامن ‪ ،‬فرفع شرطه إىل رسول اهلل‬
‫ﷺ فأجازه‪.‬‬

‫وروى أبو نعيم وغريه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ضارب خلدجية رضي اهلل عنها‬
‫وهو ابن مخس وعشرين سنة‪ ،‬إذ سافر مباهلا مضاربا إىل الشام قبل أن يتزوجها وكان معه‬
‫غالمها ميسرة فربح رحبا عظيما كانت له حصة منه‪ .‬ووجه الداللة منه أن النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم حكاه بعد البعثة مقررا له‪.‬‬

‫عن عب د اهلل وعبي د اهلل بن عم ر أهنم ا لقي ا أب ا موس ى األش عري بالبص رة منص رفهما من‬
‫غزوة هناوند فتسلفا منه ماال وابتاعا منه متاعا وفدما به املدينة فباعاه ورحبا فيه‪ ،‬وأراد عمر‬
‫أخذ رأس املال والربح معا فقاال‪ :‬لو كان تلف كان ضمانه علينا فكيف ال يكون رحبه‬
‫لنا؟ فقال رجل يا أمري املؤمنني لو جعلته قراضا فقال‪ :‬جعلته قراضا وأخذ منهما نصف‬
‫‪78‬‬
‫الربح‪.‬‬

‫على هذا األثر اعتمد اإلمام الشافعي الستشهاده وانعقاد اإلمجاع له ووجه االستدالل‬ ‫‪78‬‬

‫منه على ثالثة أوجه‪:‬‬

‫أن وجه االستدالل به قول اجلليس لو جعلته قراضا وإقرار عمر له على صحة هذا‬ ‫ا‪-‬‬
‫القول فكانا معا دليلني على صحة القراض ولو علم عمر فساده لرد قوله فلم يكن‬
‫م ا فعل ه معهم ا قراض ا ال ص حيحا وال فاس دا‪ ،‬ولكن اس تطابا طه ارة أنفس هما مبا‬
‫أخ ذه من رحبهم ا الس رتابته ب احلالل واهتم ا ب ه أب ا موس ى باملي ل ألهنم ا ابن ا أم ري‬
‫‪77‬‬
‫املؤمنني‪ ،‬األمر الذي ينفر منه اإلمام العادل ونأباه طبيعة اإلسالم‪.‬‬

‫أن عمر رضي اهلل عنه أجرى يف الربح حكم القراض الفاسد ألهنما عمال على أن‬ ‫ب‪-‬‬
‫يكون الربح هلما‪ ،‬ومل يكن قد مت يف املال عقد العمل بأجرة املثل‪ ،‬وقدره بنصف‬
‫الربح فرده عليهما أجرة وهذا اختيار أيب إسحاق املروزي‪.‬‬
‫أن عمر رضي اهلل عنه أجرى عليهما يف الربح حكم القراض الصحيح وإن مل يتقدم‬ ‫ج‪-‬‬
‫معهما عقد ألنه كان من األمور العامة فاتسع حكمه عن العقود اخلاصة‪ ،‬فلما رأى‬
‫املال لغريمها والعمل منهما ومل يرمها متعديني فيه جعل ذلك عقد قراض صحيح‪.‬‬

‫فعلى هذا الوجه يكون القول والفعل معا دليال‪ .‬وروى الشافعي عن عمر رضي اهلل عنه‬
‫أنه دفع ماال قراضا على النصف‪.‬‬

‫‪78‬‬
TAKAFUL MUDHARABAH MODEL

79
MUSYARAKAH INVESTMENT

MUSYARAKAH FINANCING

80
81

You might also like