You are on page 1of 18

‫جامعة األزهر‬

‫كلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنين بالقاهرة‬

‫مشروع بحث‬

‫‪ :‬أصول الفقه‬ ‫مادة‬

‫مقدم من الطالب ‪ :‬عرفان واحد‬

‫‪ :‬األولى‬ ‫المقيد بالفرقة‬

‫‪ :‬انتظام‬ ‫حالة الطالب‬

‫‪16107 :‬‬ ‫رقم الجلوس‬

‫‪ :‬إندونيسيا‬ ‫الجنسية‬

‫‪B9697594 :‬‬ ‫رقم الجواز‬


‫المقدمة‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫الحمد هلل الذي رفع قدر العلم والعلماء في األكوان وجعلهم مصابيح األنام إلى ما فيه رضا الرحمن‬
‫القرن‪ .‬فتخرج‬
‫والحمد هلل الذي اختار األزهر الشريف قبلة ورم از للعلم واإلتقان وجعله حفيظا ووعاء لمنهج آ‬
‫من ساحته األكابر والعلماء الربانيون‪.‬‬

‫ثم نصلى ونسلم على حبيب الواهب المنان سيدنا محمد سيد ولد عدنان وعلى أله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬فلما كان علم أصول الفقه من العلوم الجليلة الباقية ما بقيت الشريعة اإلسالمية ألنه العلم الذي‬
‫به يقتدر على معرفة األحكام الشرعية التي يترتب عليها الفوز بالسعادة الدنيوية واألخروية لذلك تشتد الحاجة‬
‫إلى علم أصول الفقه ألنه العلم الذي يبحث عن أحوال األدلة الشرعية الكلية وعن أحوال التراجيح عند‬
‫تعارض األدلة وعن أحوال االجتهاد‪.‬‬

‫هذا البحث كتبته الستيفاء المشروع البحثي للفصل الدراسي الثاني بجامعة األزهر من كلية الدراسات‬
‫اإلسالمية والعربية‪ ،‬والبحث يتضمن فيه المباحث التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬المبادئ العشرة ونشأته‬


‫ب‪ .‬أقسام الحكم الشرعي ومتعلقاته جميعها‬
‫ج‪ .‬الواجب وأقسامه باالعتبارات المختلفة والمسائل المتعلقة به‬
‫د‪ .‬أركان الحكم وشروط التكليف والمسائل المتعلقة بتلك الشروط‬
‫ه‪ .‬وضع اللغات موضحا سبب الوضع و الموضوع والموضوع له وفائدة الوضع والواضع وطريق معرفة‬
‫اللغات‬
‫العرض‬

‫أ‪ .‬المبادئ العشرة ونشأته‬


‫‪ .1‬تعريف اصول الفقه‬

‫وأصول الفقه مركب إضافي نقل عن معناه اإلضافي وجعل علما على الفن المدون المخصوص من‬
‫غير نظر إلى األجزاء ‪ ،‬فله معنيان‪:‬‬

‫األول ‪ :‬باعتبار كونه مركبا إضافيا معناه في اللغة ‪ :‬ما يبني عليه الفهم ‪ ،‬ومعناه في االصطالح ‪ :‬أدلة‬
‫العلم باألحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية‬

‫الثاني ‪ :‬باعتبار كونه علما على الفن المخصوص هو ‪ :‬معرفة دالئل الفقه إجماال وكيفية االستفادة منها‪،‬‬
‫وحال المستقند‬

‫تعريف األصول في اللغة فهو ‪ :‬ما يبنى عليه غيره وأما معناه في االصطالح ‪ :‬فيطلق على أربعة‬
‫معان هي الدليل الراجح ‪ .‬اي ‪ .‬الراجح من األمرين القاعدة المستمرة الصورة المقيس عليها‬

‫تعريف الفقه اما المعنى اللغوي إنه الفهم مطلقا سواء وافق غرض المتكلم أم لم يوافقه ‪ ،‬وهو أعم من‬
‫أن يكون فهم ألمر دقيق ام جلي في االصطالح فهو ‪ :‬العلم باألحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها‬
‫التفصيلية‬

‫‪ .2‬موضوع علم أصول الفقه‬

‫الجمهور من األصوليين يقولون ‪ :‬إن موضوع علم أصول الفقه هو األدلة الشرعية اإلجمالية من حيث‬
‫إثبات األحكام الشرعية بجزئياتها بطرق االجتهاد بعد الترجيح عند تعارضها‬

‫‪ .3‬استمداد علم أصول الفقه‬


‫• من علم اللغة العربية‪.‬‬
‫• من علم الكالم ‪ ،‬ويسمى ( علم العقيدة وعلم أصول الدين وعلم التوحيد )‪.‬‬
‫• من تصور األحكام الشرعية‬

‫‪ .4‬حكم تعلم أصول الفقه‬

‫وطلب العلم فضيلة عظيمة‪ ،‬ومرتبة شريفة ال يوازيه عمل‪ ،‬وطلب العلم عموما ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬فرض عين أي يجب على كل مكلف تحصيله‪ ،‬وهو تعلم ما تصح به عقيدته وعبادته ‪،‬‬
‫وما تسعد به حياته‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬فرض كفاية وهو ما تخاطب به األمة ليعملوا على تحققه في المجتمع اإلسالمي بما‬
‫يحقق المصلحة ويدفع المضرة‬

‫‪ .5‬الفوائد والغاية من دراسة علم أصول الفقه‬

‫"الغاية والهدف من أصول الفقه " هي ‪ :‬الوصول إلى معرفة األحكام الشرعية التي يترتب عليها الفوز‬
‫بالسعادة في الدنيا واآلخرة‬

‫‪ .6‬أما فائدة علم أصول الفقه‬


‫القدرة على استنباط األحكام الشرعية من أدلتها‪.‬‬ ‫•‬
‫أن أصول الفقه من اكبر الوسائل لحفظ الدين وصون أدلته وحججه من شبه المتحللين وتضليل‬ ‫•‬
‫الملحدين‬
‫هو العلم الذي يكون المجتهد المفكر والفقيه المثمر ويقضي على دعوى غلق باب االجتهاد‪.‬‬ ‫•‬
‫أن دراسة علم اصول الفقه تعين على فهم سائر العلوم األخرى كالتفسير والحديث والفقه وغير ذلك‬ ‫•‬

‫‪ .7‬واضع علم أصول الفقه‬

‫يعتبر الشافعي رضي هللا عنه هو أول من وضع علم أصول الفقه ‪ ،‬وأول من جعل هذا العلم فنا‬
‫قائما بذاته في كتابه " الرسالة"‬

‫‪ .8‬نشأة علم أصول الفقه‬

‫أصول الفقه في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكان الرسول صلى هللا عليه وسلم وأعلم بما‬
‫ينزل عليه من القرآن الكريم ‪ ،‬وبما يقوله بأمر ربه من السنة النبوية المطهرة ‪ ،‬فلم يكن في حاجة إلى قواعد‬
‫أصولية ‪ ،‬أو ضوابط فقهية تعينه على استنباط األحكام ألنه صلى هللا عليه وسلم يستطيع فهم الحكم من‬
‫النص العربي فإن أشكل عليه شيء سأل عنه صلى هللا عليه وسلم‬

‫في عهد الصحابة‪ ،‬نرى أن بعض القواعد األصولية بدأ الصحابة يذكرونها أو يشيرون إليها كالقياس‬
‫والنسخ والتخصيص ولكننا مع ذلك نجزم أن قواعد أصول الفقه بقيت غير مدونة وغير ملتزم ذكرها‬
‫في عهد التابعين‪ ،‬وجاء التابعون بعد أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬فاستمرت قواعد التشريع‬
‫واالستنباط والتي سميت بعد ذلك بعلم أصول الفقه معموال بها و ملتزمة في االستنباط وإن لم تكن مكتوبة‬
‫وال مدونة‬

‫في عهد األئمة‪ ،‬وفيه كثر االجتهاد واالستنباط حيث بدأ األئمة يذكرون أحكامهم االجتهادية مقرونة‬
‫بالقواعد األصولية واألدلة التفصيلية أحد لم يدون كتابا مستقال في أصول الفقه قبل الشافعي أو على األقل‬
‫لم يصل إلينا منهم شيء في أصول الفقه ‪ ،‬وأن المكتبة اإلسالمية لم تحفظ لنا كتابا قبل كتاب الشافعي‬
‫كتابا مستقال في أصول الفقه ‪ ،‬فالشافعي إذن هو مؤسس هذا العلم على غير نظير سابق‬

‫ب‪ .‬أقسام الحكم الشرعي ومتعلقاته جميعها‬

‫الحكم الشرعي ‪ :‬كما سبق ‪ :‬ما يدرك ثبوته أو نفيه عن طريق الشرع أو هو الحكم المستفاد من الشرع‬
‫وينقسم إلى قسمين‪:‬‬

‫األول ‪ :‬الحكم العملي ‪ :‬وهو خطاب هللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفين باالقتضاء أو التخيير أو الوضع‪.‬‬

‫كقوله تعالى ‪ ( :‬أقيموا الصالة ) فإنه يفيد إيجاب الصالة ‪ ،‬وكقوله تعالى ‪ ( :‬وال تقربوا الزنا ) فإنه‬
‫يفيد تحريم الزنا‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬الحكم االعتقادي ‪ :‬وهو خطاب هللا تعالى المتعلق بما يقصد اعتقاده كقوله تعالى ‪ ( :‬قل هو‬
‫هللا أحد ) فإنه يفيد ثبوت الوحدانية له تعالى واعتقادها‪.‬‬

‫أقسام الحكم العملي‪ :‬الحكم التكليفي‪ ،‬الحكم الوضعي‬

‫• الحكم التكليفي‪ :‬هو خطاب هللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفين باالقتضاء أو التخيير‬

‫حاصله ان الحكم التكليقي ينقسم باعتبار ذاته إلى خمسة أقسام‪:‬‬

‫‪ .1‬اإليجاب ‪ :‬خطاب هللا تعالى المتعلق بطلب الفعل طلبا جازما‬


‫‪ .2‬الندب ‪ :‬خطاب هللا تعالى المتعلق بطلب الفعل طلبا غير جازم‬
‫‪ .3‬التحريم ‪ :‬خطاب هللا تعالى المتعلق بطلب ترك الفعل طلبا جازما‬
‫‪ .4‬الكراهة ‪ :‬خطاب هللا تعالى المتعلق بطلب ترك الفعل طلبا غير جازم‬
‫‪ .5‬اإلباحة ‪ :‬الخطاب الذي خير الشارع فيه المكلف بين الفعل والترك‬
‫متعلقات الحكم التكليفي‬
‫هذا تقسيم للحكم التكليفي باعتبار متعلقه ‪ ،‬وهو فعل المكلف ألن متعلقات الحكم التكليفي هي أفعال‬
‫المكلفين ‪ ،‬وتنقسم إلى خمسة أقسام باعتبار تعلق أقسام الحكم الخمسة بها ‪ ،‬فالفعل الذي تعلق به اإليجاب‬
‫يسمى واجبا ‪ ،‬والفعل الذي تعلق به الندب يسمى مندوبا ‪ ،‬والفعل الذي تعلق به التحريم يسمى محرما‪،‬‬
‫والفعل الذي تعلقت به الكراهة يمسمى مكروها ‪ ،‬والفعل الذي تعلقت به اإلباحة يسمى مباحا ‪.‬‬

‫وإليك تعاريف هذه األقماء الخمسة‪:‬‬

‫‪ .1‬الواجب ‪ :‬الفعل الذي طلبه الشارع طلبا جازما‬


‫‪ .2‬المندوب‪ :‬الفعل الذي طلبه الشارع طلبا غير جازم‬
‫‪ .3‬المحرم ‪ :‬الفعل الذي طلب الشارع تركه طلبا جازما‬
‫‪ .4‬المكروه ‪ :‬الفعل الذي طلب الشارع تركه طلبا غير جازم‬
‫‪ .5‬المباح ‪ :‬الفعل الذي خير فيه الشارع بين اإلتيان به وعدم اإلتيان به‬

‫• الحكم الوضعي‪ :‬خطاب هللا تعالى بجعل الشيء سبباً أو شرطا أو مانعا ‪ ،‬أو صحيحا أو فاسداً ‪.‬‬

‫ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسام ‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬السييية ‪ :‬جعل الشيء سببا‪ ،‬كجعل الدلوك سببا إليجاب الصالة به والقتل العمد والعدوان سببا إليجاب‬
‫القصاص‪.‬‬
‫‪ .2‬شرطية ‪ :‬جعل الشيء شرطا ‪ ،‬كجعل الطهارة شرطا في صحة الصالة‪.‬‬
‫‪ .3‬المانعية ‪ :‬جعل الشيء مانعا‪ ،‬كجعل الحيض مانعا من صحة الصوم والنجاسة مانعا من صحة البيع ‪.‬‬
‫‪ .4‬كون الشيء صحيحا ‪ :‬اعتباره كذلك في نظر الشارع ‪ ،‬كاعتبار الصالة صحيحة في نظر الشارع إذا‬
‫أقيمت مستوفية ألركانها وشروطها ‪.‬‬
‫‪ .5‬كون الشيء فاسدا ‪ :‬اعتباره كذلك في نظر الشارع كاعتبار الصالة فاسدة إذا لم تقع مستوفية ألركانها‬
‫وشروطها ‪.‬‬

‫متعلقات الحكم الوضعي‬


‫استتبع تقسيم الحكم الوضعي تقسيم متعلقاته فتنقسم متعلقاته إلى خمسة أقسام وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬السبب ‪ :‬الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم‬
‫‪ .2‬الشرط ‪ :‬الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من عدمه عدم الحكم وال يلزم من وجوده وجود الحكم‬
‫وال عدمه‬
‫‪ .3‬المانع ‪ :‬الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده عدم الحكم وال يلزم من عدمه وجود الحكم‬
‫وال عدمه‪.‬‬
‫‪ .4‬الصحيح ‪ :‬الفعل الذي يترتب عليه األثر المقصود منه سواء أكان عبادة ام معاملة‪.‬‬
‫‪ .5‬الفاسد ‪ :‬الفعل الذي ال يترتب عليه األثر المقصود منه سواء أكان عبادة ام معاملة‪.‬‬

‫ج‪ .‬الواجب وأقسامه باالعتبارات المختلفة والمسائل المتعلقة به‬

‫ينقسم الواجب إلى أقسام مختلفة باعتبارات مختلفة‪:‬‬


‫التقسيم األول ‪ :‬باعتبار المكلف‬
‫‪ :‬الفعل الذي طلبه الشارع من المكلف طلبا جازما وال يسقط بفعل البعض‬ ‫‪ .1‬الواجب العيني‬
‫‪ :‬الفعل الذي طلبه الشارع من المكلفين طلبا جازما ويسقط بفعل البعض‬ ‫‪ .2‬الواجب الكفائي‬

‫التقسيم الثاني ‪ :‬باعتبار ذاته‬


‫‪ :‬الفعل الذي طلب الشارع من المكلف اإلتيان به بعينه طلبا جازما‬ ‫‪ .1‬الواجب المعين‬
‫‪ :‬الفعل الذي طلب طلبا جازما وخير الشارع فيه المكلف أن يفعل أي فرد من أفراده‬ ‫‪ .2‬الواجب المخير‬
‫التي حصل فيها التخيير‬

‫التقسيم الثالث ‪ :‬باعتبار وقته‬


‫‪ :‬الفعل الذي طلب طلبا جازما في وقت ال يزيد عليه وأن ينقص‬ ‫‪ .1‬الواجب المضيق‬
‫‪ :‬الفعل الذي طلب طلبا جازما في وقت ليسع الفعل وغيره‬ ‫‪ .2‬الواجب الموسع‬

‫❖ المسألة األولى ‪ :‬الواجب المخير‬

‫الوجوب قد يتعلق بأمر معين كالصالة والصوم ويسمى بالواجب المعين وهذا ال خالف في أن الواجب‬
‫هو ذلك األمر المعين وقد يتعلق بأمور معينة على سبيل التخيير بينهما كخصال كفارة اليمين ونصب أحد‬
‫المستعدين الإلمامة العامة أي الذين لهم أهلية القيام بها ويسمى بالواجب المخير وقد اختلفوا فيما هو الواجب‬
‫من هذه األمور المعينة ؟ فذهب الجمهور إلى أن ‪ :‬الواجب احدها من غير تعيين ‪ ،‬فيحصل االمتثال بفعل‬
‫أي واحد منها ‪ ،‬فمن أتي بإحدى خصال الكفارة من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فقد‬
‫أتي بالواجب‪.‬‬

‫وقالت المعتزلة ‪ :‬الكل واجب على معنى أنه ال يجوز ترك الكل وال يجب فعل الكل ‪ ،‬فلو فعل المكلف‬
‫أي واحد حصل به االمتثال ولو أتي بالجميع أو ترك الجميع استحق ثواب فعل الواجب أو عقاب تركه على‬
‫أحدها من غير تعيين ‪ ،‬فال خالف بين قولهم ‪ ،‬وقول الجمهور في المعنى ‪ ،‬وذهب بعضهم ‪ :‬إلى أن‬
‫الواجب معين عند هللا تعالى دون الناس فإذا فعله المكلف فقد فعل ما عينه هللا ‪ ،‬وإذا فعل غيره فقد سقط‬
‫عنه الواجب ألنه فعل ما يقوم مقامه ‪ ،‬وقيل عند الحنث في اليمين يلهم هللا كل واحد أن يفعل ما عينه له‪.‬‬

‫ويعرف هذا المذهب بمذهب التراجم ‪ ،‬ألن كال من األشاعرة والمعتزلة ينقله عن اآلخر ‪ ،‬فاألشاعرة‬
‫ترجم به المعتزلة ‪ ،‬والمعتزلة ترجم األشاعرة دليل الجمهور ‪:‬‬

‫استدل الجمهور على أن الواجب أحدها من غير تعيين ‪ :‬بأن تعيين واحد منها للوجوب ال يجتمع مع‬
‫التخيير بينها ‪ ،‬ألن التعيين يحيل جواز ترك ذلك الواحد ‪ ،‬إذ لو جاز تركه لما كان واجبا ‪ ،‬والغرض أنه‬
‫واجب والتخيير يجوز‬

‫تركه وإال انتفى التخيير ‪ ،‬وقد ثبت الثاني وهو التخيير في خصال الكفارة اتفاقا ‪ ،‬فانتفى األول وهو‬
‫التعيين وثبت عدم التعيين‪ .‬وقد اعترض الخصم على هذا الدليل ‪:‬‬

‫بمنع أن التعيين ال يجتمع مع التخيير الحتمال‪:‬‬

‫‪ .1‬أن الواجب المعين في حق كل مكلف هو ما علم هللا أنه سيختاره‬


‫‪ .2‬أو أن هللا تعالى يعين للوجوب ما يختاره المكلف‬
‫‪ .3‬أو أن الواجب المعين يسقط بفعل غيره من األمور المخير فيها‬

‫❖ المسألة الثانية ‪ :‬الواجب الموسع‬

‫الوجوب أن تعلق بوقت معين ألداء الواجب فيه فهذا الوقت إما أن يساوي فعل الواجب أو ينقص عنه‬
‫أو يزيد عليه ‪ ،‬فإن ساواه كصوم رمضان فال كالم في أنه يجب األداء بأول الوقت وهو المسمى بالواجب‬
‫المضيق‪.‬‬

‫وإن نقص عنه فيمتنع التكليف به بناء على امنتاع التكليف بالمحال الستحالة إيقاع الفعل في وقت ال‬
‫يسعه إال إذا كان المقصود منه إتمامه بعد وقته فيجوز إلنتفاء التكليف بالمجال حينئذ‪ ،‬وذلك كوجوب الظهر‬
‫مثال على من طهرت من الحيض وقد بقي من وقته ما يسع تكبيرة اإلحرام بناء على القول بأن الصالة‬
‫تدرك بها في وقتها ‪.‬‬

‫وإن زاد عليه وهو المسمى بالواجب الموسع فاختلفوا في الوقت الذي يجب فيه األداء‪:‬‬
‫فذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يجب بأول الوقت وجوبا موسعا فيجوز فعله في أنه جزء من أجزاء ا في‬
‫أي جزء من أجزائه ‪ ،‬واستدل عليه البيضاوي بأنه ليس جزء من األجزاء أولى بوجوب أدائه فيه من بعض‬
‫ألن األمر به لم يعين له جزءا معينا منها وقال أكثر المتكلمين ‪ :‬ال يجوز ترك األداء في الجزء األول إال‬
‫بشرط العزم عليه في الجزء الثاني وإال جاز ترك الواجب بال بدل لكنه ال يجوز اتفاقا ورد هذا القول بوجهين‪:‬‬

‫أحدهما ‪ :‬أن العزم لو كان بدال عن الفعل لتأدى به الواجب ألن بدل الشيء هو ما يقوم مقامه وهو‬
‫باطل إجماعاً‪ .‬والثاني ‪ :‬لو وجب العزم عند تركه في الجزء الثاني أيضا لتعدد البدل والمبدل واحد وهو‬
‫ممتنع اتفاقا ‪ ،‬هذا ما قاله البيضاوي‪.‬‬

‫والرد القوي هو منع االتفاق على عدم جواز الترك في أول الوقت بدون بدل فأنا نقول بجوازه‪.‬‬

‫وذهب بعض الشافعية ‪ :‬إلى اختصاص وجوب األداء بأول الوقت ‪ ،‬فلو أدى في آخره كان قضاء ‪،‬‬
‫وهو مردود بأنه تخصيص بال مخصص‪ .‬وذهب الحنفية ‪ :‬إلى اختصاص وجوب األداء بآخر الوقت فلو‬
‫أدي في أوله كان تعجيال يسقط به الواجب ‪ .‬وقال الكرخي من الحنفية ‪ :‬من فعل في أول الوقت إن بقي‬
‫على صفة التكليف إلى آخره كان ما فعله واجبا ‪ ،‬وإن لم يبق عليها لطرو جنون أو حيض ونحوهما في‬
‫آخر الوقت كان ما فعله نفال ‪ ،‬واحتجوا على ما ذهبوا إليه ‪ :‬بأنه لو وجب األداء في أول الوقت لما جاز‬
‫تركه فيه لكنه يجوز اتفاقا‬

‫وأجيب ‪ :‬يمنع المالزمة ألنه وجوب موسع ‪ ،‬فالمكلف مخير بين األداء في أي جزء من أجزاء الوقت‪.‬‬

‫ومما تقدم يتضح وجوب المذهب األول‪.‬‬

‫❖ المسألة الثالثة ‪ :‬الواجب الكفائي‬


‫الوجوب قد يتناول كل واحد من المكلفين كوجوب الصلوات الخمس‪ ،‬أو واحدا معينا كوجوب التهجد‬
‫في حقه عليه الصالة والسالم ويسمى فرض عين ألنه مطلوب من كل عين أي ذات من المكلفين‪.‬‬

‫وقد يتناول بعضا غير معين كوجوب الجهاد وصالة الجنازة والحرف والصنائع التي البد منها لحياة‬
‫المجتمع ‪ ،‬ويسمى فرض كفاية ‪ ،‬ألن فعل البعض له كاف في تحصيل المقصود منه وخروج الكل عن‬
‫عهدة التكليف به‪.‬‬

‫فإذا ظن كل واحد أن غيره قد فعله سقط عن الكل واختص فاعله بثوابه و إن ظن أن غيره لم يفعله‬
‫وجب على الكل و يأثمون بتركه‪.‬‬
‫❖ المسألة الرابعة ‪ :‬مقدمة الواجب‬

‫وجوب الواجب المطلق ‪ :‬يستلزم وجود الفعل المقدور للمكلف الذي يتوقف عليه وجود ذلك الواجب‬
‫وهو المسمى بمقدمة الواجب المطلق‪.‬‬

‫ما ال يتم الواجب إال به ‪ ،‬أو ما يتوقف عليه الواجب هو ما يطلق عليه مقدمة الواجب‪.‬‬

‫ومقدمة الواجب هذه ‪ ،‬هل تجب على المكلف أم ال ‪ ،‬قبل الكالم على ذلك البد أن نعلم أن مقدمة الواجب‬
‫على نوعين ‪ :‬مقدمة وجوب‪ ،‬مقدمة وجود ‪.‬‬

‫أما مقدمة الوجوب ‪ ،‬فهي ما يتوقف عليها ثبوت الواجب في الذمة ‪ .‬وذلك كالبلوغ بالنسبة للصالة ‪،‬‬
‫واالستطاعة بالنسبة إلى الحج ‪ ،‬وملك النصاب بالنسبة للزكاة والقتل خطا بالنسبة إلى الكفارة الواجبة‪.‬‬

‫فإن كل هذه الواجبات من صالة وحج ‪ ،‬وكفارة ‪ ،‬يتوقف وجوب كل منهما على حصول المقدمة‬
‫المذكورة‪ .‬وأما مقدمة الوجود ‪ :‬فهي ما يتوقف عليها وجود الواجب كامال ومبرئا للذمة ومسقطا للقضاء فيما‬
‫فيه قضاء‪ .‬وذلك كالطهارة بالنسبة للصالة ‪ ،‬وغسل جزء من الرأس بالنسبة لغسل الوجه في الوضوء ‪،‬‬
‫والتلفظ بصيغة العتق بالنسبة للعتق‪.‬‬

‫فإن كل هذه الواجبات ال توجد وال تقع من المكلف إال بحصول تلك المقدمات ‪ ،‬فال يمكن أن توجد‬
‫صالة صحيحة مسقطة للقضاء إال بحصول الطهارة ‪ -‬مع بقية الشروط واألركان األخرى على ما هو‬
‫معروف في الفقه ‪ -‬وكذا في بقية األمثلة األخرى‪.‬‬

‫يتضح مما سبق أن مقدمة الواجب إن توقف وجوبه عليها سميت ‪ :‬مقدمة رجوب‬

‫وإن توقف وجوده عليها سميت مقدمة وجود‪ .‬بعد هذا نستطيع أن نحرر محل النزاع فنقول‪:‬‬

‫إنه بالنظر إلى مقدمة الوجوب ‪ ،‬يتضح لنا أنها غير مقدورة للمكلف ‪ .‬وذلك كالبلوغ بالنسبة للصالة‬
‫‪ ،‬واالستطاعة بالنسبة للحج ‪ ،‬وملك النصاب بالنسبة لزكاة ‪ ،‬فهذه وأمثالها غير مقدورة للمكلف ‪.‬‬

‫لذا فقد اتفق العلماء على أنها غير واجبة على المكلف ‪ ،‬ألن شرط التكليف هو القدرة على المكلف‬
‫به ‪ ،‬وهذه غير مقدورة ‪ ،‬فال يطالب المكلف بها‪.‬‬

‫وأما بالنظر إلى مقدمة الوجود نجد أنها مقدورة للمكلف كالطهارة بالنسبة للصالة وغسل جزء من‬
‫الرأس بالنسبة لغسل الوجه في الوضوء والنطق بصيغة العتق بالنسبة للعتق الواجب في الكفارة فهذه وأمثالها‬
‫مما هو مقدور للمكلف من مقدمة الوجود (‪ )۱‬موضع خالف بين العلماء ‪.‬‬
‫د‪ .‬أركان الحكم وشروط التكليف والمسائل المتعلقة بتلك الشروط‬
‫‪ .1‬الحاكم ‪ :‬إن الدارس للبحث الخاص بالحاكم في علم أصول الفقه يخرج من هذه الدراسة بنتيجة محددة‬
‫خالصتها أن أبحاث علماء األصول في هذا الموضوع كانت تحاول تجلية وتوضيح الجواب على‬
‫السؤالين التاليين‪:‬‬
‫‪ .1‬من هو الحاكم بمعنى منشي الحكم ومشرعه ؟‬
‫‪ .2‬من هو معرف الحكم ومظهره أهم الرسل أم العقل ؟‬

‫الجواب عن السؤال األول‪:‬‬

‫اتفق علماء اإلسالم سلفاً وخلفاً على أن الحاكم بمعنى منشئ الحكم ومشرعه هو هللا تبارك وتعالى‬
‫واشتهر من أقوالهم ال حكم إال هلل " وقد استدل العلماء على ما ذهبوا إليه بقول هللا تعالى‪:‬‬

‫ۡي ٱ حل َفَٰصل َ‬
‫خحُ‬‫ح ُ ح ُ ا ا َ ُ ُّ ح َ ا َ ُ َ َ‬
‫ِي‪٥٧‬‬ ‫ِ‬ ‫إ ِ ِن ٱۡلكم إَِّل ِلِلِِۖ يقص ٱۡلق ِۖوهو‬

‫َ حُ ح ُ ا ح َ ح َ‬
‫ۡي‪١٢‬‬
‫ل ٱلكب ِ ِ‬ ‫فٱۡلكم ِلِلِ ٱلع ِ ِِ‬
‫ِۡيةُ م حِن أَ حمره حِم َو َمن َي حع ِص ٱ ا َ‬
‫لِل‬
‫ا ُ َ َ ُ ُُ َ ح ً َ َ ُ َ َُ ُ ح‬
‫ۡل َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ ح‬
‫َو َما َكن ل ُِمؤم ِٖن َوَّل ُمؤم َِن ٍة إِذا قَض ٱلِل ورسولۥ أمرا أن يكون لهم ٱ‬
‫ِ ۗۡ‬
‫ولۥ َف َق حد َض ال َض َل َٰ اٗل ُّمب ا‬
‫ينا‪٣٦‬‬ ‫َو َر ُس َ ُ‬
‫ِ‬

‫الجواب عن السؤال الثاني‪:‬‬

‫مذهب األشاعرة ‪ :‬خالصة هذا المذهب أن األحكام الشرعية ال تعرف إال عن طريق الرسل وأن العقل‬
‫ال يستقل بإدراك الحكم في أي فعل من األفعال فهم يرون أن أساس الحسن والقبح إنما هو الشرع ال العقل‬
‫أساس مذهب األشاعرة ‪ :‬بنى األشاعرة مذهبهم على أنه ليس في األفعال صفات حسن أو قبح ذاتية‬
‫بسببها يطلب هللا فعلها أو تركها بل يطلب فعل ما يشاء فيكون حسناً وترك ما يشاء فيكون قبيحاً وال سبيل‬
‫للعقل إلى العلم بحسن فعل أو قبحه إال متى علم بطلب هللا فعله او الكف عنه على لسان رسله‬

‫‪ .2‬المحكوم عليه‪ :‬المكلف الذي تعلق حكم الشارع بفعله وتوجه خطابه‪.‬‬

‫لكي يكون التكليف صحيحا يجب أن يتوفر في المكلف عدة شروط‪:‬‬

‫• أن يرد الخطاب الشرعي الذي يفيد التكليف فال يكلف الشخص بفعل وال يترك إال بعد ورود خطاب الشارع‬
‫بذلك أما قبله فال‪.‬‬

‫‪ 1‬سورة األنعام اآلية‪57 :‬‬


‫‪ 2‬سورة غافر اآلية‪12 :‬‬
‫‪ 3‬سورة األحزاب اآلية‪36 :‬‬
‫• علم المكلف بأدلة األحكام الشرعية ذلك أن ال يصح تكليفه بحكم من األحكام إال إذا علم دليل هذا الحكم‬
‫الذي كلف به بمعنی أنه البد أن يتصور الشيء ودليله فمثال إذا وجه إليه خطاب تحريم الخمر فقد علم‬
‫الدليل والبد كذلك أن يعرف الخمر بمعنی أنه ال يحرم عليه تناول مشروبا طالما أنه لم يعلمه وليس عنده‬
‫أية فكرة عنه‪.‬‬
‫• قدرة المكلف على فهم دليل التكليف إما بنفسه أو عن طريق سؤال غيره‬

‫المسألة األولى ‪ :‬في جواز الحكم على المعدوم‬

‫من المعلوم أن الحكم عند األشاعرة هو خطاب هللا تعالى ‪ ،‬وهو كالمه النفسي األزلي المتعلق بأفعال‬
‫المكلفين باالقتضاء أو التخيير فلزم من ذلك أن األمر والنهي والتخيير ثابتة في األزل وليس ثم ما مرادهم‬
‫أن الحكم تعلق به تعلقا تنجيزيا حتى يكون مأمو ار أو مكتسبا أو منج از حالة عدمه فإن ذلك معلوم البطالن‬
‫‪ ،‬ألنه أولى بعدم التكليف على هذا النحو من الصبا والحنون الموجودين وإنما أرادوا أنه تعلق به تعلقا‬
‫صلوحيا وسمي أيضا معنويا وعقليا ومعناه أن األمر مثال موجود في األزل والمعدوم الذي سيوجد يكون‬
‫مأمو ار بذلك األمر عند وجود استكماله شرائط التكليف أما المعلوم الذي لن يوجد كذلك فلن يتعلق به الحكم‬
‫مطلقا‪.‬‬

‫وخالف في ذلك كل من أنكر الكالم النفسي القديم فأنكروا التعلق المعنوي وقالوا أن المعدوم ال يجوز‬
‫الحكم عليه ‪ .‬وقد استدل أهل السنة على دعواهم وبأنه لو لم يجز الحكم على المعدوم لما كنا مأمورين بحكم‬
‫الرسل صلى هللا عليه وسلم ألنا لم نكن موجودين في زمنه أيضا لكن التالي باطل باإلجماع‪.‬‬

‫فإن قيل الرسول لهم يأمرنا وإنما أخبرنا في عصره إنا سنكون مأمورين بكذا‪.‬‬

‫قلنا ‪ :‬وتعلق األمر بالمعدوم في األزل معناه كذلك كما تقدم‪.‬‬

‫فإن قيل في عصر الرسول صلى هللا عليه وسلم لو من يسمع منه الخبر ويبلغه لمن بعده إلى أن يصل‬
‫إلينا ففيه حينئذ فائدة بخالف األمر في األزل حيث ال مأمور وال سامع فإنه ال فائدة منه حينئذ فيكون سفها‬
‫‪ .‬قلنا هذا مبني على القبح العقلي ‪،‬وهو باطل ومع هذا فال نسلم أنه سفه ‪ ،‬که أنه ال سفه في أن يكون في‬
‫نفس الواحد منا طلب التعلم من ابن سيولد له‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬الغافل هو من ال يدري الخطاب كالساهي والقائم‪:‬‬

‫وقد اختلفوا في تكليفه حال غفلته على مذهبين‪:‬‬

‫المذهب األول ‪ :‬أن يمتنع واليه ذهب كل من منع التكليف بالمحال وبعض من أجازه‬
‫المذهب الثاني ‪ :‬أنه يجوز ‪ ،‬وإليه ذهب البعض اآلخر ونقل القوالن األشعري‬

‫والمختار األول ‪ :‬ألنه لو جاز تكليفه ‪ ،‬لكان المطلوب منه في حال غفلته اإلتيان بالفعل ألمر هللا‬
‫تعالى دون مجرد الفعل من غير امتثال لقوله صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬إنما األعمال بالنيات " ولو كان‬
‫المطلوب ما ذكر لكان عالما بالتكليف به ألن االمتثال هو قصد إيقاع المأمور على سبيل الطاعة ‪ ،‬وذلك‬
‫يستلزم سبق علمه بتوجه األمر إليه به لكن التالي باطل ألن الفرض أنه غافل‪.‬‬

‫واعترض على هذا الدليل بانه منقوض بوجوب المعرفة اي يبطل وجوبها على أنها واجبة باإلجماع‬
‫فيكون باطال ‪ ،‬وبيان إبطالها أن إيجاب معرفة هللا إنما يكون للجاهل به وإال لزم تحصيل الحاصل وحينئذ‬
‫يقال لو كلف الجاهل بمعرفة هللا لكان المطلوب منه اإلتيان بها امتثاال ولو كان كذلك لكان عالماباألمر‪.‬‬

‫ولو كان عالما به لكان عالما باألمر ‪ .‬لكن التالي باطل ألن الفرض أنه جاهل به ‪.‬‬

‫بعده وأجيب بأن المعرفة مستثناة في حديث إنما األعمال بالنيات بالدليل العقلي ألنه لو اشترط فيها‬
‫النية لزم إما بتحصيل الحاصل إن كان هناك معرفة سابقة وأما اشتماله تحصيلها إن لم يكن هناك معرفة‬
‫سابقة وتخصيص الدليل السمعي ‪ ،‬العام جائ از إجماعا وعلى ذلك تكون المالزمة األولى المثبتة بالحديث‬
‫ممنوعة بالنسبة للمعرفة فال يكون الدليل مبطال لوجوبها‪.‬‬

‫وأعلم أنه مع قولنا بعدم تكليف الغافل فإنا نوجب عليه بعد زوال غفلته ضمان ما أتلفه من المال‬
‫وقضاء ما فاته من العبادات في زمن غفلته لوجود وذهبت سبب ذلك‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬في تكليف المكره‬

‫اإلكراه هو حمل الغير على أن يفعل الفعل بدون قدرته وإرادته ‪ ،‬أو مع وجودهما‪ .‬والمكره نوعان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬الملجأ ‪ ،‬وهو من ال مندوحة له عما أكره عليه ‪ ،‬فلفقده القدرة واإلرادة كالملقى من شاهق على‬
‫شخص يقتله ‪ ،‬فهو مضطر إلى وقوع القاتل له‬

‫والثاني ‪ :‬غير الملجأ وهو من ال مندوحة له عما أكره عليه إال بالصبر على ما أكره به ‪ ،‬فهو فاقد‬
‫الرضي دون القدرة واإلرادة ‪ ،‬كمن قيل له ‪ :‬اقتل فال واال قتلتك ‪.‬‬

‫والملجأ ال يجوز تكليفه بما الجئ إليه ‪ ،‬وال بنقيضه لعدم قدرته على ذلك ‪ ،‬فإن األول واجب الوقوع ‪،‬‬
‫والثاني ممتنع الوقوع ‪ ،‬وال قدرة له على واحد منهما وقيل يجوز تكليفه بناءا على جواز التكليف بما ال يطلق‬
‫‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪ :‬بأنه قادر على امتثال ذلك ‪ ،‬بأن يأتي بالمكره عليه في الحالة األولى لداعي الشرع‬
‫ال لإلكراه ‪ ،‬وبأن يأتي بالنقيض في الحالة الثانية صاب ار على ما أكره به‪.‬‬

‫وذهبت المعتزلة على ما في األسلوي ‪ :‬إلى أنه يمتلع تكليفه بالمكره عليه ‪.‬دون نقيضه ‪ .‬ألنه في‬
‫الحالة األولى يكون فعل المكره عليه إنما هو لداعي اإلكراه ‪ ،‬فال يثابا عليه فال يصح التكليف به ‪ ،‬بخالف‬
‫الحالة الثانية فإن فعل النقيض يكون أبلغ في إجابة داعي الشرح مما إذا لم يكن مكرها ‪ ،‬فيصبح التكليف‬
‫به‪.‬‬

‫ويرد على دليلهم على الدعوى األولى ‪ :‬يمنع الحصر المذكور ‪ ،‬فإنه يمكن أن يأتي به لداعي الشرع‬
‫‪ ،‬فإن األعمال بالنيات ‪ ،‬وهللا تعالى مطلع عليها ‪ ،‬كل ما في األمر أنه يخرج الفعل عن كونه مكرها عليه‬
‫عند صوره من المكلف‬

‫هذا ‪ :‬وقد نسب شارح جمع الجوامع إلى المعتزلة منع التكليف بالنقيض أيضا ‪ ،‬وللمسألة تحقيق هناك‬
‫ليس هذا محله‬

‫‪ .3‬المحكوم به‬

‫المسألة األولى ‪ :‬في التكليف بالمحال‪.‬‬

‫من المحال ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ :‬الممتنع عادة وعقال مثل ‪ :‬الجمع بين الضدين‬ ‫• النوع األول‬


‫‪ :‬الممتنع عادة فقط ‪ ،‬كالمشي من الزمن ‪ ،‬والطيران من اإلنسان‬ ‫• النوع الثاني‬
‫‪ :‬الممتع لتعلق علم هللا تعالى بعظمه ‪ ،‬كاإليمان ممن علم هللا تعالى أنه لن يؤمن‪.‬‬ ‫• النوع الثالث‬

‫والنوع الثالث التكليف به جائز وواقع باإلجماع ألنه تعالى كلف الثقلين باإليمان مع أنه قال تعالى ‪( :‬‬
‫وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )‬

‫أما النوع األول والثاني ‪ :‬فقد اختلف العلماء في جواز التكليف بهما على ثالثة مذاهب‪:‬‬

‫األول ‪ :‬الجواز مطلقا ‪ :‬وإليه ذهب جمهور أهل السنة ‪ ،‬ودليلهم عليه أنه لو كان ممتنعا ‪ ،‬لكان امتناعه‬
‫لعدم إمكان االمتثال بفعل المطلوب وإذ ال فرق بينه وبين التكليف بالممكن إال ذلك ‪ .‬لكن امتناعه لذلك‬
‫باطل ‪ ،‬ألنه مبني على أن حكم هللا تعالى يستدعي فائدة وغرضا وذلك باطل كما بين في علم الكالم ‪ ،‬ولو‬
‫سلم ذلك فليست الفائدة منحصرة في االمتثال المذكور ‪ ،‬بل قد تكون الفائدة اعتقاد أحقية الحكم واإلذعان‬
‫لطاعته لو أمكن ‪ ،‬واختيار المكلف في مقدمات الفعل فيثاب أن فعل ذلك ويعاقب أن ترك‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬المنع مطلقا ‪ :‬وإليه ذهب أكثر المعتزلة وإمام الحرمين والغزالي واستدلوا عليه‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬بأن امتناع هذين النوعين ظاهر للمكلفين فال فائدة في طلبه منهم بخالف النوع الثالث المتفق‬
‫على جوازه ‪ ،‬فإن امتناع خفي عليهم ال يعلمه إال هللا تعالى وأجيب ‪ :‬بأن الفائدة المنتفيه بسبب ظهور‬
‫امتناعه هي تحصيله وله فوائد أخرى لم تنتف كما علم مما تقدم ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بأنه لو جاز التكليف به ‪ .‬لجاز تصور وجوده ‪ ،‬ألن المطلوب البد أن يتصوره الطالب ‪ ،‬لكن‬
‫التالي باطل‪.‬‬

‫والجواب منع بطالن التالي ‪ ،‬فإن المحال يحكم باستحالة وجوده وذلك فرع تصور وجوده ‪ ،‬تعلم‬
‫التصديق بوجود باطل ‪ ،‬ولكن الطلب ال يتوقف عليه ‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬منع التكليف بما امتنع عادة وعقال ‪ ،‬وجوازه في الممتنع عادة فقط وإليه ذهب المعتزلة‬
‫واآلمدي ‪ ،‬ثم أن القائلين بالجواز اختلفوا في الموضوع ‪ ،‬والحق أنه لم يقع لقوله تعالى ‪ ( :‬ال يكلف هللا‬
‫نفسا إال وسعها ) لالستقراء فإن تتبعنا سائر التكاليف فلم نجد فيها تكليفا بواحد منهما ‪.‬‬

‫والبعض ذهب على أنه وقع ‪ :‬ألن أبا جهل كلف بتصديق النبي صلى هللا عليه وسلم في جميع ما‬
‫جاء به ومن ذلك أنه ال يؤمن أي ال يصدق خب ار من أخباره فيكون مكلفة بتصديق هذا الخبر ويلزم من‬
‫تصديقه هذا الخبر تكذيبه فيه ألنه من األخبار التي قال أنه ال يصدق فيها وذلك محال للتناقض ‪ ،‬وقد‬
‫كلف به واجيب ‪ :‬بانه لم يقصد إبالغه هذا الخبر دفعا للتنافس وإنما قصد إبالغه و إعالم النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم به لييأس من إيمناه ‪ ،‬فال يكون أبو جهل مكلفا بالتصديق به‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬في تكليف الكفار بالفروع‬

‫اتفق الجميع على أن الكفار مكلفون بأصول الدين ‪ ،‬كاإليمان باهلل تعالى وعلى أن المرتد مكلف‬
‫بالفروع أيضا‪.‬‬

‫واختلفوا في تكليف الكفار غير المرتدين بالفروع على ثالثة مذاهب‪:‬‬

‫• األول ‪ :‬انهم مكلفون بها مطلقا ‪ ،‬وإليه ذهب الجمهور‪.‬‬


‫• الثاني ‪ :‬أنهم غير مكلفين بها مطلقا ‪ ،‬وإليه ذهب الحنفية ‪.‬‬
‫• الثالث ‪ :‬إنهم مكلفون بالنواهي دون األوامر‪.‬‬
‫ه‪ .‬وضع اللغات موضحا سبب الوضع و الموضوع والموضوع له وفائدة الوضع والواضع‬
‫وطريق معرفة اللغات‬
‫‪ .1‬الوضع هو تخصيص شيء بشيء آخر بحيث إذا عرف األول عرف الثاني‬
‫‪ .2‬سبب الوضع خلق هللا اإلنسان اجتماعيا بطبعه ال يستقل بنفسه في تحصيل ما يحتاج إليه من غذاء ولباس‬
‫ومسكن وسالح فهو محتاج إلى من يشاركه في تحصيل هذه األمور ألنها متوقفة على صنائع شتى ال‬
‫يستقل اإلنسان بتعلمها فضال عن استعمالها‪.‬‬

‫لذلك كان البد له من التعاون ‪ .‬والتعاون إنما يتم بواسطة التعارف ليتمكن كل من المتعاونين أن يعرف‬
‫صاحبه ما يجول بخاطره وما يكنه في نفسه مما هو محتاج إليه فمست الحاجة إلى وضع ما يكون به‬
‫التعارف‪.‬‬

‫‪ .3‬الموضوع تعريف اإلنسان غيره ما يحتاج إليه يكون بواحد من ثالثة اللفظ ‪ ،‬اإلشارة المثال ‪ ،‬وبالمقارنة بينها‬
‫تجد أن اللفظ أعمها نفعا وأيسرها على اإلنسان ‪ .‬وذلك ألن اإلشارة إنما تكون في الموجود المحسوس وال‬
‫تكون في الغائب وال في المعدوم‪.‬‬

‫والمثال وهو الجرم الموضوع على شكل الشيء ليكون داال عليه إنما يتأتي في األمور المحسوسة دون‬
‫األمور المعقولة ومع قصوره هذا فإنه يبقي بعد اندفاع الحاجة به فيمكن معرفة مدلوله وقد تكون الحاجة‬
‫ماسة على عدم معرفته لكونه س ار من األسرار‪.‬‬

‫أما اللفظ فإنه يعبر به عن المحسوس والمعقول والموجود والمعدوم والحاضر والغائب ويمكن إخفاؤه‬
‫إذا دعت الحاجة إلى معرفة مدلوله ‪ ،‬وهو مع ذلك أيسر على اإلنسان وأسهل لكونه مركبا من حروف وهذه‬
‫الحروف عبارة عن أصوات تعرض للنفس عند إخراجه ومعلوم أن إخراج النفس ضروري لإلنسان فاستخدم‬
‫الضروري فيما ينتفع به اإلنسان انتفاعا كليا ‪.‬‬

‫ولكون اللفظ أعم نفعا من اإلشارة والمثال وأيسر منهما على اإلنسان كانت الحاجة ماسة إلى وضعه‬
‫للتعريف به‪.‬‬

‫‪ .4‬والموضوع له هو المعنى من حيث هو مقطع النظر عن كونه ذاتيا خارجي ألن اللفظ يدور معه وجودا‬
‫وعدما والدوران طريق من الطرق المعتبرة في اإلفادة ‪ ،‬فالواضع عند وضعه اللفظ للمعنى البد له من أن‬
‫يتصور المعنى الذي وضع اللفظ له ويكفي التصور الذهني ولو كان اللفظ مدلوله خارجي‪.‬‬
‫‪ .5‬فائدة الوضع اإلشارة والغرض من وضع اللفظ بإزاء المعنى هو إفادة النسب اإلسنادية أو اإلضافية أو‬
‫التقييدية وذلك بالنسبة لأللفاظ المفردة وإفادة المعاني المركبة بالنسبة للمركبات ‪.‬‬
‫فمثال لفظ زيد لم يوضع إلفادة الذات وإنما وضع إلفادة األخبار عن الذات بأي خبر من األخبار ككونه‬
‫عالما أو آكال أو قائما ‪.‬‬

‫وليس الغرض من وضع األلفاظ المفردة تصور تلك المعاني المفردة لما يلزم عليه من الدور وذلك ألن‬
‫إفادة اللفظ لمعناه يتوقف على العلم بأن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى‪.‬‬

‫والعلم بأن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى يتوقف على تصور ذلك المعنى ألنه ال يتصور لشيء‬
‫مجهول ‪ ،‬ومن هنا يعلم أن تصور المعنی متقدم على العلم بالوضع فلو قلنا إن تصور المعنى قد استفيد‬
‫من الوضع لزم أن يكون تصور المعنى متأخ ار عن العلم بالوضع وقد فرضناه متقدما عليه وبذلك تكون‬
‫النتيجة أن تصور المعنى متقدم على العلم بالوضع متأخر عنه و هو دور‪.‬‬

‫فإن قيل يلزم كذلك الدور في إفادة األلفاظ المركبة لمعانيها المركبة بنفس البيان الذي قلتموه في األلفاظ‬
‫المفردة‪.‬‬

‫إذ يقال إفادة اللفظ لمعناه المركب يتوقف على العلم بأن هذا المركب قد وضع لهذا المعنى المركب‬
‫والعلم بان هذا اللفظ المركب قد وضع لهذا المعنى يتوقف على تصور ذلك المعنى المركب ‪ ،‬فتصور‬
‫المعنى المركب متقدم على الوضع فلو استفيد المعنى المركب من الوضع لزم أن يكون تصور المعنى‬
‫المركب متأخ ار عن الوضع ‪ .‬وقد فرضناه متقدما ‪ .‬و بذلك تكون النتيجة أن تصور المعنى المركب متقم‬
‫عن الوضع متأخر عنه وهو دور‪.‬‬

‫قلنا جوابا عن ذلك أن إفادة اللفظ المركب لمعناه ليس متوقفا على العلم بأن هذا اللفظ المركب قد وضع‬
‫لذلك المعنى المركب بل هو متوقفعلى العلم بأن ألفاظ هذا المركب قد وضعت لمعانيها المفردة ‪ ،‬وحينئذ فال‬
‫دور‬

‫‪ .6‬الواضع للغات‪ ،‬اختلف العلماء في الواضع لأللفاظ واللغات على أقوال أشهرها أربعة‪:‬‬

‫القول األول ‪ :‬أن الواضع للغات هو هللا تعالى وقد علمها ألدم ‪ ،‬وأدم عليه السالم علمها للبشر وهذا‬
‫القول ألبي الحسن األشعري واختاره اآلمدي وابن الحاجب‬

‫القول الثاني ‪ :‬أن الواضع لها هم البشر فهي اصطالحية وليست توقيفية وهذا القول ألبي هاشم من‬
‫المعتزلة‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬بعضها من وضع هللا تعالى وهو ما يكون به تعليم ‪ -‬االصطالح والبعض اآلخر‬
‫اختلف فيه النقل عن صاحب هذا القول فنقل عنه اإلمام الرازي أنه من وضع البشر جزما ونقل عنه‬
‫اآلمدي وابن الحاجب أنه محتمل ألن يكون من وضع هللا تعالى وأن يكون من وضع البشر وهذا لألستاذ‬
‫أبي إسحاق الشيرازي من الشافعية‪.‬‬

‫القول الرابع ‪ :‬الوقف وعدم الجزم براي معين من هذه اآلراء السابقة وهذا القول منقول عن جمهور‬
‫المحققين وهو مختار البيضاوي واإلمام الرازي‪.‬‬

‫‪ .7‬طريق معرفة اللغة‬

‫يمكن معرفة أن اللفظ المعين موضوع للمعنى بواحد من أمور ثالثة‪:‬‬

‫• النقل المتواتر کلفظ السماء واألرض والحر والبرد وهذا الطريق يقيد القطع‬
‫• النقل بطريق اآلحاد مثل األلفاظ اآلتية ‪ :‬الفرس ‪ .‬القرء ‪ .‬الجون ‪ .‬البرد وغيرها من األلفاظ الواردة‬
‫في قواميس اللغة وهذا الطريق يفيد الظن والظن كاف في إثبات اللغة‪.‬‬
‫• النقل مع العقل مثل أن ينقل إلينا أن الجمع المعرف باأللف والالم يدخله االستثناء ثم ينقل أن‬
‫االستثناء هو إخراج ما يتناوله اللفظ فيحكم العقل بمقتضى هذا النقل أن الجمع المعرف باأللف والالم‬
‫عام‬

‫وأما العقل الصرف أي المجرد عن النقل فال تثبت به اللغة ألن اللغة البد فيها من الوضع والوضع‬
‫وقوع للممكن والعقل ال يبحث في وقوع الممكنات وإنما يبحث في الواجبات والمستحيالت والجائزات لذلك‬
‫لم تثبت اللغة بطريق العقل المحض‬

‫الخاتمة‬

‫أختتم هذا البحث طالب العفو عن كل األخطاء والغفالت‪ ،‬كيفما كان الحال ما زلت في الفترة‬
‫التطورية في دراستي‪ ،‬ال أستغني عن اإلصالح واإلرشاد‪ .‬والتنساني من أن تذكرني في صالح دعائك في‬

‫األماكن واألوقات المستجابة ألن أحصل على الغاية وأكون ّ‬


‫موحد األمة ومنذر القوم ومن العلماء المثّقفين‬
‫ال المثقفين العارفين الدين‪ .‬كما أن دعائي لن يغيب عنه ذكر أساتذة جامعة األزهر الشريف عموما‪ ،‬عسى‬
‫يمن عليهم الصحة والثبات والرحمة والهداية‪.‬‬
‫هللا أن ّ‬

‫وما توفيقي إال باهلل‪ ،‬عليه توكلت وإليه أنيب‪.‬‬

‫آخر الكالم‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

You might also like