Professional Documents
Culture Documents
مشروع بحث
:إندونيسيا الجنسية
الحمد هلل الذي رفع قدر العلم والعلماء في األكوان وجعلهم مصابيح األنام إلى ما فيه رضا الرحمن
القرن .فتخرج
والحمد هلل الذي اختار األزهر الشريف قبلة ورم از للعلم واإلتقان وجعله حفيظا ووعاء لمنهج آ
من ساحته األكابر والعلماء الربانيون.
ثم نصلى ونسلم على حبيب الواهب المنان سيدنا محمد سيد ولد عدنان وعلى أله وأصحابه أجمعين.
وبعد ،فلما كان علم أصول الفقه من العلوم الجليلة الباقية ما بقيت الشريعة اإلسالمية ألنه العلم الذي
به يقتدر على معرفة األحكام الشرعية التي يترتب عليها الفوز بالسعادة الدنيوية واألخروية لذلك تشتد الحاجة
إلى علم أصول الفقه ألنه العلم الذي يبحث عن أحوال األدلة الشرعية الكلية وعن أحوال التراجيح عند
تعارض األدلة وعن أحوال االجتهاد.
هذا البحث كتبته الستيفاء المشروع البحثي للفصل الدراسي الثاني بجامعة األزهر من كلية الدراسات
اإلسالمية والعربية ،والبحث يتضمن فيه المباحث التالية:
وأصول الفقه مركب إضافي نقل عن معناه اإلضافي وجعل علما على الفن المدون المخصوص من
غير نظر إلى األجزاء ،فله معنيان:
األول :باعتبار كونه مركبا إضافيا معناه في اللغة :ما يبني عليه الفهم ،ومعناه في االصطالح :أدلة
العلم باألحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية
الثاني :باعتبار كونه علما على الفن المخصوص هو :معرفة دالئل الفقه إجماال وكيفية االستفادة منها،
وحال المستقند
تعريف األصول في اللغة فهو :ما يبنى عليه غيره وأما معناه في االصطالح :فيطلق على أربعة
معان هي الدليل الراجح .اي .الراجح من األمرين القاعدة المستمرة الصورة المقيس عليها
تعريف الفقه اما المعنى اللغوي إنه الفهم مطلقا سواء وافق غرض المتكلم أم لم يوافقه ،وهو أعم من
أن يكون فهم ألمر دقيق ام جلي في االصطالح فهو :العلم باألحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها
التفصيلية
الجمهور من األصوليين يقولون :إن موضوع علم أصول الفقه هو األدلة الشرعية اإلجمالية من حيث
إثبات األحكام الشرعية بجزئياتها بطرق االجتهاد بعد الترجيح عند تعارضها
وطلب العلم فضيلة عظيمة ،ومرتبة شريفة ال يوازيه عمل ،وطلب العلم عموما ينقسم إلى قسمين:
القسم األول :فرض عين أي يجب على كل مكلف تحصيله ،وهو تعلم ما تصح به عقيدته وعبادته ،
وما تسعد به حياته.
القسم الثاني :فرض كفاية وهو ما تخاطب به األمة ليعملوا على تحققه في المجتمع اإلسالمي بما
يحقق المصلحة ويدفع المضرة
"الغاية والهدف من أصول الفقه " هي :الوصول إلى معرفة األحكام الشرعية التي يترتب عليها الفوز
بالسعادة في الدنيا واآلخرة
يعتبر الشافعي رضي هللا عنه هو أول من وضع علم أصول الفقه ،وأول من جعل هذا العلم فنا
قائما بذاته في كتابه " الرسالة"
أصول الفقه في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وكان الرسول صلى هللا عليه وسلم وأعلم بما
ينزل عليه من القرآن الكريم ،وبما يقوله بأمر ربه من السنة النبوية المطهرة ،فلم يكن في حاجة إلى قواعد
أصولية ،أو ضوابط فقهية تعينه على استنباط األحكام ألنه صلى هللا عليه وسلم يستطيع فهم الحكم من
النص العربي فإن أشكل عليه شيء سأل عنه صلى هللا عليه وسلم
في عهد الصحابة ،نرى أن بعض القواعد األصولية بدأ الصحابة يذكرونها أو يشيرون إليها كالقياس
والنسخ والتخصيص ولكننا مع ذلك نجزم أن قواعد أصول الفقه بقيت غير مدونة وغير ملتزم ذكرها
في عهد التابعين ،وجاء التابعون بعد أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .فاستمرت قواعد التشريع
واالستنباط والتي سميت بعد ذلك بعلم أصول الفقه معموال بها و ملتزمة في االستنباط وإن لم تكن مكتوبة
وال مدونة
في عهد األئمة ،وفيه كثر االجتهاد واالستنباط حيث بدأ األئمة يذكرون أحكامهم االجتهادية مقرونة
بالقواعد األصولية واألدلة التفصيلية أحد لم يدون كتابا مستقال في أصول الفقه قبل الشافعي أو على األقل
لم يصل إلينا منهم شيء في أصول الفقه ،وأن المكتبة اإلسالمية لم تحفظ لنا كتابا قبل كتاب الشافعي
كتابا مستقال في أصول الفقه ،فالشافعي إذن هو مؤسس هذا العلم على غير نظير سابق
الحكم الشرعي :كما سبق :ما يدرك ثبوته أو نفيه عن طريق الشرع أو هو الحكم المستفاد من الشرع
وينقسم إلى قسمين:
األول :الحكم العملي :وهو خطاب هللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفين باالقتضاء أو التخيير أو الوضع.
كقوله تعالى ( :أقيموا الصالة ) فإنه يفيد إيجاب الصالة ،وكقوله تعالى ( :وال تقربوا الزنا ) فإنه
يفيد تحريم الزنا.
الثاني :الحكم االعتقادي :وهو خطاب هللا تعالى المتعلق بما يقصد اعتقاده كقوله تعالى ( :قل هو
هللا أحد ) فإنه يفيد ثبوت الوحدانية له تعالى واعتقادها.
• الحكم التكليفي :هو خطاب هللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفين باالقتضاء أو التخيير
• الحكم الوضعي :خطاب هللا تعالى بجعل الشيء سبباً أو شرطا أو مانعا ،أو صحيحا أو فاسداً .
.1السييية :جعل الشيء سببا ،كجعل الدلوك سببا إليجاب الصالة به والقتل العمد والعدوان سببا إليجاب
القصاص.
.2شرطية :جعل الشيء شرطا ،كجعل الطهارة شرطا في صحة الصالة.
.3المانعية :جعل الشيء مانعا ،كجعل الحيض مانعا من صحة الصوم والنجاسة مانعا من صحة البيع .
.4كون الشيء صحيحا :اعتباره كذلك في نظر الشارع ،كاعتبار الصالة صحيحة في نظر الشارع إذا
أقيمت مستوفية ألركانها وشروطها .
.5كون الشيء فاسدا :اعتباره كذلك في نظر الشارع كاعتبار الصالة فاسدة إذا لم تقع مستوفية ألركانها
وشروطها .
.1السبب :الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم
.2الشرط :الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من عدمه عدم الحكم وال يلزم من وجوده وجود الحكم
وال عدمه
.3المانع :الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده عدم الحكم وال يلزم من عدمه وجود الحكم
وال عدمه.
.4الصحيح :الفعل الذي يترتب عليه األثر المقصود منه سواء أكان عبادة ام معاملة.
.5الفاسد :الفعل الذي ال يترتب عليه األثر المقصود منه سواء أكان عبادة ام معاملة.
الوجوب قد يتعلق بأمر معين كالصالة والصوم ويسمى بالواجب المعين وهذا ال خالف في أن الواجب
هو ذلك األمر المعين وقد يتعلق بأمور معينة على سبيل التخيير بينهما كخصال كفارة اليمين ونصب أحد
المستعدين الإلمامة العامة أي الذين لهم أهلية القيام بها ويسمى بالواجب المخير وقد اختلفوا فيما هو الواجب
من هذه األمور المعينة ؟ فذهب الجمهور إلى أن :الواجب احدها من غير تعيين ،فيحصل االمتثال بفعل
أي واحد منها ،فمن أتي بإحدى خصال الكفارة من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فقد
أتي بالواجب.
وقالت المعتزلة :الكل واجب على معنى أنه ال يجوز ترك الكل وال يجب فعل الكل ،فلو فعل المكلف
أي واحد حصل به االمتثال ولو أتي بالجميع أو ترك الجميع استحق ثواب فعل الواجب أو عقاب تركه على
أحدها من غير تعيين ،فال خالف بين قولهم ،وقول الجمهور في المعنى ،وذهب بعضهم :إلى أن
الواجب معين عند هللا تعالى دون الناس فإذا فعله المكلف فقد فعل ما عينه هللا ،وإذا فعل غيره فقد سقط
عنه الواجب ألنه فعل ما يقوم مقامه ،وقيل عند الحنث في اليمين يلهم هللا كل واحد أن يفعل ما عينه له.
ويعرف هذا المذهب بمذهب التراجم ،ألن كال من األشاعرة والمعتزلة ينقله عن اآلخر ،فاألشاعرة
ترجم به المعتزلة ،والمعتزلة ترجم األشاعرة دليل الجمهور :
استدل الجمهور على أن الواجب أحدها من غير تعيين :بأن تعيين واحد منها للوجوب ال يجتمع مع
التخيير بينها ،ألن التعيين يحيل جواز ترك ذلك الواحد ،إذ لو جاز تركه لما كان واجبا ،والغرض أنه
واجب والتخيير يجوز
تركه وإال انتفى التخيير ،وقد ثبت الثاني وهو التخيير في خصال الكفارة اتفاقا ،فانتفى األول وهو
التعيين وثبت عدم التعيين .وقد اعترض الخصم على هذا الدليل :
الوجوب أن تعلق بوقت معين ألداء الواجب فيه فهذا الوقت إما أن يساوي فعل الواجب أو ينقص عنه
أو يزيد عليه ،فإن ساواه كصوم رمضان فال كالم في أنه يجب األداء بأول الوقت وهو المسمى بالواجب
المضيق.
وإن نقص عنه فيمتنع التكليف به بناء على امنتاع التكليف بالمحال الستحالة إيقاع الفعل في وقت ال
يسعه إال إذا كان المقصود منه إتمامه بعد وقته فيجوز إلنتفاء التكليف بالمجال حينئذ ،وذلك كوجوب الظهر
مثال على من طهرت من الحيض وقد بقي من وقته ما يسع تكبيرة اإلحرام بناء على القول بأن الصالة
تدرك بها في وقتها .
وإن زاد عليه وهو المسمى بالواجب الموسع فاختلفوا في الوقت الذي يجب فيه األداء:
فذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يجب بأول الوقت وجوبا موسعا فيجوز فعله في أنه جزء من أجزاء ا في
أي جزء من أجزائه ،واستدل عليه البيضاوي بأنه ليس جزء من األجزاء أولى بوجوب أدائه فيه من بعض
ألن األمر به لم يعين له جزءا معينا منها وقال أكثر المتكلمين :ال يجوز ترك األداء في الجزء األول إال
بشرط العزم عليه في الجزء الثاني وإال جاز ترك الواجب بال بدل لكنه ال يجوز اتفاقا ورد هذا القول بوجهين:
أحدهما :أن العزم لو كان بدال عن الفعل لتأدى به الواجب ألن بدل الشيء هو ما يقوم مقامه وهو
باطل إجماعاً .والثاني :لو وجب العزم عند تركه في الجزء الثاني أيضا لتعدد البدل والمبدل واحد وهو
ممتنع اتفاقا ،هذا ما قاله البيضاوي.
والرد القوي هو منع االتفاق على عدم جواز الترك في أول الوقت بدون بدل فأنا نقول بجوازه.
وذهب بعض الشافعية :إلى اختصاص وجوب األداء بأول الوقت ،فلو أدى في آخره كان قضاء ،
وهو مردود بأنه تخصيص بال مخصص .وذهب الحنفية :إلى اختصاص وجوب األداء بآخر الوقت فلو
أدي في أوله كان تعجيال يسقط به الواجب .وقال الكرخي من الحنفية :من فعل في أول الوقت إن بقي
على صفة التكليف إلى آخره كان ما فعله واجبا ،وإن لم يبق عليها لطرو جنون أو حيض ونحوهما في
آخر الوقت كان ما فعله نفال ،واحتجوا على ما ذهبوا إليه :بأنه لو وجب األداء في أول الوقت لما جاز
تركه فيه لكنه يجوز اتفاقا
وأجيب :يمنع المالزمة ألنه وجوب موسع ،فالمكلف مخير بين األداء في أي جزء من أجزاء الوقت.
وقد يتناول بعضا غير معين كوجوب الجهاد وصالة الجنازة والحرف والصنائع التي البد منها لحياة
المجتمع ،ويسمى فرض كفاية ،ألن فعل البعض له كاف في تحصيل المقصود منه وخروج الكل عن
عهدة التكليف به.
فإذا ظن كل واحد أن غيره قد فعله سقط عن الكل واختص فاعله بثوابه و إن ظن أن غيره لم يفعله
وجب على الكل و يأثمون بتركه.
❖ المسألة الرابعة :مقدمة الواجب
وجوب الواجب المطلق :يستلزم وجود الفعل المقدور للمكلف الذي يتوقف عليه وجود ذلك الواجب
وهو المسمى بمقدمة الواجب المطلق.
ما ال يتم الواجب إال به ،أو ما يتوقف عليه الواجب هو ما يطلق عليه مقدمة الواجب.
ومقدمة الواجب هذه ،هل تجب على المكلف أم ال ،قبل الكالم على ذلك البد أن نعلم أن مقدمة الواجب
على نوعين :مقدمة وجوب ،مقدمة وجود .
أما مقدمة الوجوب ،فهي ما يتوقف عليها ثبوت الواجب في الذمة .وذلك كالبلوغ بالنسبة للصالة ،
واالستطاعة بالنسبة إلى الحج ،وملك النصاب بالنسبة للزكاة والقتل خطا بالنسبة إلى الكفارة الواجبة.
فإن كل هذه الواجبات من صالة وحج ،وكفارة ،يتوقف وجوب كل منهما على حصول المقدمة
المذكورة .وأما مقدمة الوجود :فهي ما يتوقف عليها وجود الواجب كامال ومبرئا للذمة ومسقطا للقضاء فيما
فيه قضاء .وذلك كالطهارة بالنسبة للصالة ،وغسل جزء من الرأس بالنسبة لغسل الوجه في الوضوء ،
والتلفظ بصيغة العتق بالنسبة للعتق.
فإن كل هذه الواجبات ال توجد وال تقع من المكلف إال بحصول تلك المقدمات ،فال يمكن أن توجد
صالة صحيحة مسقطة للقضاء إال بحصول الطهارة -مع بقية الشروط واألركان األخرى على ما هو
معروف في الفقه -وكذا في بقية األمثلة األخرى.
يتضح مما سبق أن مقدمة الواجب إن توقف وجوبه عليها سميت :مقدمة رجوب
وإن توقف وجوده عليها سميت مقدمة وجود .بعد هذا نستطيع أن نحرر محل النزاع فنقول:
إنه بالنظر إلى مقدمة الوجوب ،يتضح لنا أنها غير مقدورة للمكلف .وذلك كالبلوغ بالنسبة للصالة
،واالستطاعة بالنسبة للحج ،وملك النصاب بالنسبة لزكاة ،فهذه وأمثالها غير مقدورة للمكلف .
لذا فقد اتفق العلماء على أنها غير واجبة على المكلف ،ألن شرط التكليف هو القدرة على المكلف
به ،وهذه غير مقدورة ،فال يطالب المكلف بها.
وأما بالنظر إلى مقدمة الوجود نجد أنها مقدورة للمكلف كالطهارة بالنسبة للصالة وغسل جزء من
الرأس بالنسبة لغسل الوجه في الوضوء والنطق بصيغة العتق بالنسبة للعتق الواجب في الكفارة فهذه وأمثالها
مما هو مقدور للمكلف من مقدمة الوجود ( )۱موضع خالف بين العلماء .
د .أركان الحكم وشروط التكليف والمسائل المتعلقة بتلك الشروط
.1الحاكم :إن الدارس للبحث الخاص بالحاكم في علم أصول الفقه يخرج من هذه الدراسة بنتيجة محددة
خالصتها أن أبحاث علماء األصول في هذا الموضوع كانت تحاول تجلية وتوضيح الجواب على
السؤالين التاليين:
.1من هو الحاكم بمعنى منشي الحكم ومشرعه ؟
.2من هو معرف الحكم ومظهره أهم الرسل أم العقل ؟
اتفق علماء اإلسالم سلفاً وخلفاً على أن الحاكم بمعنى منشئ الحكم ومشرعه هو هللا تبارك وتعالى
واشتهر من أقوالهم ال حكم إال هلل " وقد استدل العلماء على ما ذهبوا إليه بقول هللا تعالى:
ۡي ٱ حل َفَٰصل َ
خحُح ُ ح ُ ا ا َ ُ ُّ ح َ ا َ ُ َ َ
ِي٥٧ ِ إ ِ ِن ٱۡلكم إَِّل ِلِلِِۖ يقص ٱۡلق ِۖوهو
َ حُ ح ُ ا ح َ ح َ
ۡي١٢
ل ٱلكب ِ ِ فٱۡلكم ِلِلِ ٱلع ِ ِِ
ِۡيةُ م حِن أَ حمره حِم َو َمن َي حع ِص ٱ ا َ
لِل
ا ُ َ َ ُ ُُ َ ح ً َ َ ُ َ َُ ُ ح
ۡل َ َ َ َ َ َ ح َ َ ح
َو َما َكن ل ُِمؤم ِٖن َوَّل ُمؤم َِن ٍة إِذا قَض ٱلِل ورسولۥ أمرا أن يكون لهم ٱ
ِ ۗۡ
ولۥ َف َق حد َض ال َض َل َٰ اٗل ُّمب ا
ينا٣٦ َو َر ُس َ ُ
ِ
مذهب األشاعرة :خالصة هذا المذهب أن األحكام الشرعية ال تعرف إال عن طريق الرسل وأن العقل
ال يستقل بإدراك الحكم في أي فعل من األفعال فهم يرون أن أساس الحسن والقبح إنما هو الشرع ال العقل
أساس مذهب األشاعرة :بنى األشاعرة مذهبهم على أنه ليس في األفعال صفات حسن أو قبح ذاتية
بسببها يطلب هللا فعلها أو تركها بل يطلب فعل ما يشاء فيكون حسناً وترك ما يشاء فيكون قبيحاً وال سبيل
للعقل إلى العلم بحسن فعل أو قبحه إال متى علم بطلب هللا فعله او الكف عنه على لسان رسله
.2المحكوم عليه :المكلف الذي تعلق حكم الشارع بفعله وتوجه خطابه.
• أن يرد الخطاب الشرعي الذي يفيد التكليف فال يكلف الشخص بفعل وال يترك إال بعد ورود خطاب الشارع
بذلك أما قبله فال.
من المعلوم أن الحكم عند األشاعرة هو خطاب هللا تعالى ،وهو كالمه النفسي األزلي المتعلق بأفعال
المكلفين باالقتضاء أو التخيير فلزم من ذلك أن األمر والنهي والتخيير ثابتة في األزل وليس ثم ما مرادهم
أن الحكم تعلق به تعلقا تنجيزيا حتى يكون مأمو ار أو مكتسبا أو منج از حالة عدمه فإن ذلك معلوم البطالن
،ألنه أولى بعدم التكليف على هذا النحو من الصبا والحنون الموجودين وإنما أرادوا أنه تعلق به تعلقا
صلوحيا وسمي أيضا معنويا وعقليا ومعناه أن األمر مثال موجود في األزل والمعدوم الذي سيوجد يكون
مأمو ار بذلك األمر عند وجود استكماله شرائط التكليف أما المعلوم الذي لن يوجد كذلك فلن يتعلق به الحكم
مطلقا.
وخالف في ذلك كل من أنكر الكالم النفسي القديم فأنكروا التعلق المعنوي وقالوا أن المعدوم ال يجوز
الحكم عليه .وقد استدل أهل السنة على دعواهم وبأنه لو لم يجز الحكم على المعدوم لما كنا مأمورين بحكم
الرسل صلى هللا عليه وسلم ألنا لم نكن موجودين في زمنه أيضا لكن التالي باطل باإلجماع.
فإن قيل الرسول لهم يأمرنا وإنما أخبرنا في عصره إنا سنكون مأمورين بكذا.
فإن قيل في عصر الرسول صلى هللا عليه وسلم لو من يسمع منه الخبر ويبلغه لمن بعده إلى أن يصل
إلينا ففيه حينئذ فائدة بخالف األمر في األزل حيث ال مأمور وال سامع فإنه ال فائدة منه حينئذ فيكون سفها
.قلنا هذا مبني على القبح العقلي ،وهو باطل ومع هذا فال نسلم أنه سفه ،که أنه ال سفه في أن يكون في
نفس الواحد منا طلب التعلم من ابن سيولد له.
المذهب األول :أن يمتنع واليه ذهب كل من منع التكليف بالمحال وبعض من أجازه
المذهب الثاني :أنه يجوز ،وإليه ذهب البعض اآلخر ونقل القوالن األشعري
والمختار األول :ألنه لو جاز تكليفه ،لكان المطلوب منه في حال غفلته اإلتيان بالفعل ألمر هللا
تعالى دون مجرد الفعل من غير امتثال لقوله صلى هللا عليه وسلم " :إنما األعمال بالنيات " ولو كان
المطلوب ما ذكر لكان عالما بالتكليف به ألن االمتثال هو قصد إيقاع المأمور على سبيل الطاعة ،وذلك
يستلزم سبق علمه بتوجه األمر إليه به لكن التالي باطل ألن الفرض أنه غافل.
واعترض على هذا الدليل بانه منقوض بوجوب المعرفة اي يبطل وجوبها على أنها واجبة باإلجماع
فيكون باطال ،وبيان إبطالها أن إيجاب معرفة هللا إنما يكون للجاهل به وإال لزم تحصيل الحاصل وحينئذ
يقال لو كلف الجاهل بمعرفة هللا لكان المطلوب منه اإلتيان بها امتثاال ولو كان كذلك لكان عالماباألمر.
ولو كان عالما به لكان عالما باألمر .لكن التالي باطل ألن الفرض أنه جاهل به .
بعده وأجيب بأن المعرفة مستثناة في حديث إنما األعمال بالنيات بالدليل العقلي ألنه لو اشترط فيها
النية لزم إما بتحصيل الحاصل إن كان هناك معرفة سابقة وأما اشتماله تحصيلها إن لم يكن هناك معرفة
سابقة وتخصيص الدليل السمعي ،العام جائ از إجماعا وعلى ذلك تكون المالزمة األولى المثبتة بالحديث
ممنوعة بالنسبة للمعرفة فال يكون الدليل مبطال لوجوبها.
وأعلم أنه مع قولنا بعدم تكليف الغافل فإنا نوجب عليه بعد زوال غفلته ضمان ما أتلفه من المال
وقضاء ما فاته من العبادات في زمن غفلته لوجود وذهبت سبب ذلك
اإلكراه هو حمل الغير على أن يفعل الفعل بدون قدرته وإرادته ،أو مع وجودهما .والمكره نوعان :
األول :الملجأ ،وهو من ال مندوحة له عما أكره عليه ،فلفقده القدرة واإلرادة كالملقى من شاهق على
شخص يقتله ،فهو مضطر إلى وقوع القاتل له
والثاني :غير الملجأ وهو من ال مندوحة له عما أكره عليه إال بالصبر على ما أكره به ،فهو فاقد
الرضي دون القدرة واإلرادة ،كمن قيل له :اقتل فال واال قتلتك .
والملجأ ال يجوز تكليفه بما الجئ إليه ،وال بنقيضه لعدم قدرته على ذلك ،فإن األول واجب الوقوع ،
والثاني ممتنع الوقوع ،وال قدرة له على واحد منهما وقيل يجوز تكليفه بناءا على جواز التكليف بما ال يطلق
.
واستدلوا على ذلك :بأنه قادر على امتثال ذلك ،بأن يأتي بالمكره عليه في الحالة األولى لداعي الشرع
ال لإلكراه ،وبأن يأتي بالنقيض في الحالة الثانية صاب ار على ما أكره به.
وذهبت المعتزلة على ما في األسلوي :إلى أنه يمتلع تكليفه بالمكره عليه .دون نقيضه .ألنه في
الحالة األولى يكون فعل المكره عليه إنما هو لداعي اإلكراه ،فال يثابا عليه فال يصح التكليف به ،بخالف
الحالة الثانية فإن فعل النقيض يكون أبلغ في إجابة داعي الشرح مما إذا لم يكن مكرها ،فيصبح التكليف
به.
ويرد على دليلهم على الدعوى األولى :يمنع الحصر المذكور ،فإنه يمكن أن يأتي به لداعي الشرع
،فإن األعمال بالنيات ،وهللا تعالى مطلع عليها ،كل ما في األمر أنه يخرج الفعل عن كونه مكرها عليه
عند صوره من المكلف
هذا :وقد نسب شارح جمع الجوامع إلى المعتزلة منع التكليف بالنقيض أيضا ،وللمسألة تحقيق هناك
ليس هذا محله
.3المحكوم به
والنوع الثالث التكليف به جائز وواقع باإلجماع ألنه تعالى كلف الثقلين باإليمان مع أنه قال تعالى ( :
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )
أما النوع األول والثاني :فقد اختلف العلماء في جواز التكليف بهما على ثالثة مذاهب:
األول :الجواز مطلقا :وإليه ذهب جمهور أهل السنة ،ودليلهم عليه أنه لو كان ممتنعا ،لكان امتناعه
لعدم إمكان االمتثال بفعل المطلوب وإذ ال فرق بينه وبين التكليف بالممكن إال ذلك .لكن امتناعه لذلك
باطل ،ألنه مبني على أن حكم هللا تعالى يستدعي فائدة وغرضا وذلك باطل كما بين في علم الكالم ،ولو
سلم ذلك فليست الفائدة منحصرة في االمتثال المذكور ،بل قد تكون الفائدة اعتقاد أحقية الحكم واإلذعان
لطاعته لو أمكن ،واختيار المكلف في مقدمات الفعل فيثاب أن فعل ذلك ويعاقب أن ترك.
الثاني :المنع مطلقا :وإليه ذهب أكثر المعتزلة وإمام الحرمين والغزالي واستدلوا عليه:
أوال :بأن امتناع هذين النوعين ظاهر للمكلفين فال فائدة في طلبه منهم بخالف النوع الثالث المتفق
على جوازه ،فإن امتناع خفي عليهم ال يعلمه إال هللا تعالى وأجيب :بأن الفائدة المنتفيه بسبب ظهور
امتناعه هي تحصيله وله فوائد أخرى لم تنتف كما علم مما تقدم .
ثانيا :بأنه لو جاز التكليف به .لجاز تصور وجوده ،ألن المطلوب البد أن يتصوره الطالب ،لكن
التالي باطل.
والجواب منع بطالن التالي ،فإن المحال يحكم باستحالة وجوده وذلك فرع تصور وجوده ،تعلم
التصديق بوجود باطل ،ولكن الطلب ال يتوقف عليه .
الثالث :منع التكليف بما امتنع عادة وعقال ،وجوازه في الممتنع عادة فقط وإليه ذهب المعتزلة
واآلمدي ،ثم أن القائلين بالجواز اختلفوا في الموضوع ،والحق أنه لم يقع لقوله تعالى ( :ال يكلف هللا
نفسا إال وسعها ) لالستقراء فإن تتبعنا سائر التكاليف فلم نجد فيها تكليفا بواحد منهما .
والبعض ذهب على أنه وقع :ألن أبا جهل كلف بتصديق النبي صلى هللا عليه وسلم في جميع ما
جاء به ومن ذلك أنه ال يؤمن أي ال يصدق خب ار من أخباره فيكون مكلفة بتصديق هذا الخبر ويلزم من
تصديقه هذا الخبر تكذيبه فيه ألنه من األخبار التي قال أنه ال يصدق فيها وذلك محال للتناقض ،وقد
كلف به واجيب :بانه لم يقصد إبالغه هذا الخبر دفعا للتنافس وإنما قصد إبالغه و إعالم النبي صلى هللا
عليه وسلم به لييأس من إيمناه ،فال يكون أبو جهل مكلفا بالتصديق به.
اتفق الجميع على أن الكفار مكلفون بأصول الدين ،كاإليمان باهلل تعالى وعلى أن المرتد مكلف
بالفروع أيضا.
لذلك كان البد له من التعاون .والتعاون إنما يتم بواسطة التعارف ليتمكن كل من المتعاونين أن يعرف
صاحبه ما يجول بخاطره وما يكنه في نفسه مما هو محتاج إليه فمست الحاجة إلى وضع ما يكون به
التعارف.
.3الموضوع تعريف اإلنسان غيره ما يحتاج إليه يكون بواحد من ثالثة اللفظ ،اإلشارة المثال ،وبالمقارنة بينها
تجد أن اللفظ أعمها نفعا وأيسرها على اإلنسان .وذلك ألن اإلشارة إنما تكون في الموجود المحسوس وال
تكون في الغائب وال في المعدوم.
والمثال وهو الجرم الموضوع على شكل الشيء ليكون داال عليه إنما يتأتي في األمور المحسوسة دون
األمور المعقولة ومع قصوره هذا فإنه يبقي بعد اندفاع الحاجة به فيمكن معرفة مدلوله وقد تكون الحاجة
ماسة على عدم معرفته لكونه س ار من األسرار.
أما اللفظ فإنه يعبر به عن المحسوس والمعقول والموجود والمعدوم والحاضر والغائب ويمكن إخفاؤه
إذا دعت الحاجة إلى معرفة مدلوله ،وهو مع ذلك أيسر على اإلنسان وأسهل لكونه مركبا من حروف وهذه
الحروف عبارة عن أصوات تعرض للنفس عند إخراجه ومعلوم أن إخراج النفس ضروري لإلنسان فاستخدم
الضروري فيما ينتفع به اإلنسان انتفاعا كليا .
ولكون اللفظ أعم نفعا من اإلشارة والمثال وأيسر منهما على اإلنسان كانت الحاجة ماسة إلى وضعه
للتعريف به.
.4والموضوع له هو المعنى من حيث هو مقطع النظر عن كونه ذاتيا خارجي ألن اللفظ يدور معه وجودا
وعدما والدوران طريق من الطرق المعتبرة في اإلفادة ،فالواضع عند وضعه اللفظ للمعنى البد له من أن
يتصور المعنى الذي وضع اللفظ له ويكفي التصور الذهني ولو كان اللفظ مدلوله خارجي.
.5فائدة الوضع اإلشارة والغرض من وضع اللفظ بإزاء المعنى هو إفادة النسب اإلسنادية أو اإلضافية أو
التقييدية وذلك بالنسبة لأللفاظ المفردة وإفادة المعاني المركبة بالنسبة للمركبات .
فمثال لفظ زيد لم يوضع إلفادة الذات وإنما وضع إلفادة األخبار عن الذات بأي خبر من األخبار ككونه
عالما أو آكال أو قائما .
وليس الغرض من وضع األلفاظ المفردة تصور تلك المعاني المفردة لما يلزم عليه من الدور وذلك ألن
إفادة اللفظ لمعناه يتوقف على العلم بأن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى.
والعلم بأن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى يتوقف على تصور ذلك المعنى ألنه ال يتصور لشيء
مجهول ،ومن هنا يعلم أن تصور المعنی متقدم على العلم بالوضع فلو قلنا إن تصور المعنى قد استفيد
من الوضع لزم أن يكون تصور المعنى متأخ ار عن العلم بالوضع وقد فرضناه متقدما عليه وبذلك تكون
النتيجة أن تصور المعنى متقدم على العلم بالوضع متأخر عنه و هو دور.
فإن قيل يلزم كذلك الدور في إفادة األلفاظ المركبة لمعانيها المركبة بنفس البيان الذي قلتموه في األلفاظ
المفردة.
إذ يقال إفادة اللفظ لمعناه المركب يتوقف على العلم بأن هذا المركب قد وضع لهذا المعنى المركب
والعلم بان هذا اللفظ المركب قد وضع لهذا المعنى يتوقف على تصور ذلك المعنى المركب ،فتصور
المعنى المركب متقدم على الوضع فلو استفيد المعنى المركب من الوضع لزم أن يكون تصور المعنى
المركب متأخ ار عن الوضع .وقد فرضناه متقدما .و بذلك تكون النتيجة أن تصور المعنى المركب متقم
عن الوضع متأخر عنه وهو دور.
قلنا جوابا عن ذلك أن إفادة اللفظ المركب لمعناه ليس متوقفا على العلم بأن هذا اللفظ المركب قد وضع
لذلك المعنى المركب بل هو متوقفعلى العلم بأن ألفاظ هذا المركب قد وضعت لمعانيها المفردة ،وحينئذ فال
دور
.6الواضع للغات ،اختلف العلماء في الواضع لأللفاظ واللغات على أقوال أشهرها أربعة:
القول األول :أن الواضع للغات هو هللا تعالى وقد علمها ألدم ،وأدم عليه السالم علمها للبشر وهذا
القول ألبي الحسن األشعري واختاره اآلمدي وابن الحاجب
القول الثاني :أن الواضع لها هم البشر فهي اصطالحية وليست توقيفية وهذا القول ألبي هاشم من
المعتزلة.
القول الثالث :بعضها من وضع هللا تعالى وهو ما يكون به تعليم -االصطالح والبعض اآلخر
اختلف فيه النقل عن صاحب هذا القول فنقل عنه اإلمام الرازي أنه من وضع البشر جزما ونقل عنه
اآلمدي وابن الحاجب أنه محتمل ألن يكون من وضع هللا تعالى وأن يكون من وضع البشر وهذا لألستاذ
أبي إسحاق الشيرازي من الشافعية.
القول الرابع :الوقف وعدم الجزم براي معين من هذه اآلراء السابقة وهذا القول منقول عن جمهور
المحققين وهو مختار البيضاوي واإلمام الرازي.
• النقل المتواتر کلفظ السماء واألرض والحر والبرد وهذا الطريق يقيد القطع
• النقل بطريق اآلحاد مثل األلفاظ اآلتية :الفرس .القرء .الجون .البرد وغيرها من األلفاظ الواردة
في قواميس اللغة وهذا الطريق يفيد الظن والظن كاف في إثبات اللغة.
• النقل مع العقل مثل أن ينقل إلينا أن الجمع المعرف باأللف والالم يدخله االستثناء ثم ينقل أن
االستثناء هو إخراج ما يتناوله اللفظ فيحكم العقل بمقتضى هذا النقل أن الجمع المعرف باأللف والالم
عام
وأما العقل الصرف أي المجرد عن النقل فال تثبت به اللغة ألن اللغة البد فيها من الوضع والوضع
وقوع للممكن والعقل ال يبحث في وقوع الممكنات وإنما يبحث في الواجبات والمستحيالت والجائزات لذلك
لم تثبت اللغة بطريق العقل المحض
الخاتمة
أختتم هذا البحث طالب العفو عن كل األخطاء والغفالت ،كيفما كان الحال ما زلت في الفترة
التطورية في دراستي ،ال أستغني عن اإلصالح واإلرشاد .والتنساني من أن تذكرني في صالح دعائك في
آخر الكالم.