Professional Documents
Culture Documents
إعداد:
التوقيع رقم البطاقة الجامعة اسم الطالب العدد
23000212 MOHAMAD HAZIMI BIN YUSRI 1
فهرس الموضوعات
الصفحة الموضوع العدد
2 المقدمة 1
الحمدهلل الذي عّلم بالقلم ،عّلم اإلنسان ما لم يعلم ،والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله
وصحبه ومن وااله ،وبعد .الحمدهلل نحمده ونستعينه ونعوذبه من شرور أنفسنا ومنه سيئات
أعمالنا من يهده هللا فال مضل له ومن يضلله فال هدى له أشهد ان ال إله إال هللا وأشهد أن محمد
عبده ورسوله وعلى اله وصحبه ،أما البعد:
فإننا نشكر هللا الذي أكرمنا بطلب العلم الشرعي ويسر في إعداد هذا البحث .مواضيعنا ،هم" :
الشريعة اإلسالمية في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم وهو عهد اإلنشاء والتكوين ".
هذا الموضوع يبحث عن الشريعة اإلسالمية في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم .ومن أهداف
هذا البحث العلمي مما يلي:
.١أن يعرف عن المقدمة الشريعة اإلسالمية في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم
.٢أن يعرف اقسام عن العهود التشريعية
.۳أن يبين احوال الشريعة اإلسالمية في فترة األولى وهو فترة مكية
.٤أن يشرح عن احوال الشريعة اإلسالمية في فترة األولى وهو فترة مدنية
الشريعة لغة :من قعل الثالثي َش َر َع ،وهو نهج الطريق الواضح .وتطلق على الطريقة المستقيمة
كما ورد في قوله عز وجل،
1
( ُثَّم َجَع ْلَناَك َع َلٰى َش ِر يَعٍة ِّم َن اَأْلْم ِر َفاَّتِبْع َها َو اَل َتَّتِبْع َأْهَو اَء اَّلِذ يَن اَل َيْع َلُم وَن )
كلمة "شرع" موجودة في كتاب هللا أيضا ،قال هللا تعالى :
2
( َش َر َع َلُك ْم ِم َن الِّديِن )
أي أن شرع هللا لنا من الدين خير األديان وأفضلها ،وأزكاها وأطهرها وهي دين اإلسالم.و
شرعه هللا للمصطفين المختارين من عباده.
الشريعة اصطالحا :الشريعة اصطالًح ا تعني نظاًم ا أو قانوًنا دينًيا يحدد القواعد والتوجيهات
التي يجب على أتباع دين معين اتباعها في حياتهم اليومية .الدليل على هذا المفهوم يمكن العثور
عليه في الكتاب المقدس لهذا الدين .على سبيل المثال ،في اإلسالم ،القرآن الكريم هو الدليل
الرئيسي على الشريعة اإلسالمية ،حيث يحتوي على التوجيهات واألوامر التي يجب على
المسلمين اتباعها في حياتهم واالمتناع عن بعض األفعال المحظورة وفًقا لتعاليم الدين .قال هللا
في القرآن الكريم،
3
( َو َم ن َّلْم َيْح ُك م ِبَم ا َأنَز َل ُهَّللا َفُأوَٰل ِئَك ُهُم اْلَك اِفُروَن )
هذه اآلية تشرح المفهوم العام لكلمة "الشريعة" في اإلسالم .حيث تعبر "الشريعة" عن النظام أو
القانون الديني الذي يحدد اإلرشادات والقواعد التي يجب على أتباع الدين اتباعها في حياتهم
اليومية.
هللا
عهد الرسو ل )1
هذا العهد كانت سنواته قليلة ،ألنها لم تزد عن ٢٢سنة .وبضعة أشهر ،ولكن كانت آثاره جليلة
ألنه خلف نصوص .األحكام في القرآن والسنة ،وخلف عدة أصول تشريعية كلية .وأرشد إلى
عدة مصادر ودالئل يتعرف بها حكم ما ال نص على حكمه .وبهذا خلف أسس التشريع الكامل .
الفترة األولى :مدة وجود الرسول بمكة وهي ١٢سنة وبضعة أشهر من بعثته إلى حين هجرته
في هذه الفترة كان المسلمون أفرادًا قالئل مستضعفين لم تتكون منهم أمة ولم تكن لهم شئون دولة.
وكان هم الرسول فيها موجها إلى بث الدعوة إلى توحيد هللا وتحويل وجوه الناس عن األوثان
واألصنام .وإتقاء أذى الذين وقفوا في سبيل دعوته وأمعنوا في كيده وكيد
من آمن به ،فلم يوجد في هذه الفترة مجال وال داع إلى التشريع العملي وسن القوانين المدنية
والتجارية ونحوها ،ولهذا لم توجد في السور المكية بالقرآن مثل :يونس ،والرعد والفرقان ،
ويس ،والحديد ،آية من آيات األحكام العملية ،وأكثر آياتها خاص بالعقيدة والخلق والعبر من
سير عد ،الماضين .
والفترة الثانية :مدة وجود الرسول بالمدينة ،وهي عشر سنوات بالتقريب من تاريخ هجرته إلى
تاريخ وفاته .في هذه الفترة عز اإلسالم وكثر عدد المسلمين وتكونت منهم امة وصارت لهم
شؤون دولة ،وذللت العقبات في سبيل الدعوة ودعت الحاجة إلى التشريع وسن القوانين لتنظيم
عالقة أفراد األمة الناشئة بعضهم ببعض ،وتنظيم عالقاتهم بغيرهم في حالتي السلم والحرب،
ولهذا شرعت بالمدينة أحكام الزواج والطالق واإلرث والمداينة والحدود وغيرها .والسور
المدنية بالقرآن مثل :البقرة وآل عمران والنساء .والمائدة .واألنفال .والتوبة .والنور .
واألحزاب ،هي التي اشتملت على آيات األحكام مع ما اشتملت عليه من آياتكان للتشريع في عهد
الرسول مصدران :الوحي اإللهي ،واجتهاد الرسول نفسه.
هذا العهد ابتدًا بوفاة رسول هللا في سنة ١١للهجرة وانتهى في أواخر القرن األول الهجري.
وأطلقنا عليه عهد الصحابة ألن السلطة التشريعية فيه توالها رؤوس أصحاب الرسول .ومنهم
من عاش إلى العقد العاشر الهجري مثل أنس بن مالك الذي توفي سنة ٩٣هـ .
وهذا العهد هو عهد التفسير التشريعي وفتح أبواب االستنباط فيما ال نص فيه من الوقائع .فإن
رؤوس الصحابة صدرت عنهم آراء كثيرة في تفسير نصوص األحكام في القرآن والسنة تعد
مرجعًا تشريعيًا لتفسيرها وتبيينها .وصدرت عنهم فتاوى كثيرة باحكام في وقائع ال نص فيها :
تعتبر أساسًا لالجتهاد واالستنباط.
كانت مصادر التشريع في هذا العهد ثالثة :القرآن ،والسنة ،واجتهاد الصحابة .فكانت إذا
عرضت حادثة أو وقعت خصومة نظر أهل الفتيا من الصحابة في كتاب هللا فإن وجدوا فيه نصًا
يدل على حكمها أمضوه .وإن لم يجدوا في كتاب هللا نصًا وعلموا من السنة ما يدل على حكمها
أمضوه ،وإن لم يجدوا ما يدل على حكمها في القرآن أو السنة اجتهدوا في معرفة حكمها
واستنبطوه بالقياس على ما ورد فيه النص أو بما تقتضيه روح التشريع ومصالح الناس .وحجتهم
في الرجوع إلى القرآن والسنة ما ورد في آيات كثيرة من األمر بطاعة هللا والرسول ،ورد
المتنازع فيه إلى هللا والرسول ،والتسليم لما قضى به هللا والرسول
عهد واألئمة المجتهدين )3
هذا العهد ابتدأ في أول القرن الثاني الهجري وانتهى في أواسط القرن الرابع الهجري فهو
بالتقريب ٢٥٠سنة .رسمي عهد التدوين واألئمة المجتهدين ألن حركة الكتابة والتدوين نشطت
فيه ،فدونت السنة ،وفتاوى المفتين من الصحابة والتابعين وتابعيهم وموسوعات في تفسير
القرآن وفقه األئمة المجتهدين ،ورسائل في علم أصول الفقه ،وألن مواهب عدد كبير من رجال
االجتهاد والتشريع ظهرت فيه وسترات فيهم روح تشريعية كان لها أثر خالد في التقنين واستنباط
األحكام لما وقع وما يحتمل وقوعه.
وهذا هو العهد الذهبي للتشريع اإلسالمي فقد نما فيه ونضج .وأثمر ثروة تشريعية أغنت الدولة
اإلسالمية بالقوانين واألحكام على سعة أرجائها واختالف شؤونها وتعدد مصالحها.
واألسباب التي أدت إلى نمو الفقه اإلسالمي و نشاط حركة االجتهاد في هذا العهد كثيرة ولكن
أهمها ما ياتي :
اوًال :إن الدولة اإلسالمية في هذا العهد اتسعت رقعتها ،وتباعدت أطرافها وشملت
برعايتها كثيرًا من الشعوب المختلفة األجناس والعادات والمعامالت والمصالح ،ألن حدود
الدولة اإلسالمية امتدت شرقًا إلى الصين وغربًا إلى بالد األندلس .وهذه البلدان وشعوبها ال بد
لها من قوانين يرجع إليها قضاتها ووالتها ،وفتاوى يرجع إليها أفرادها وال مصدر .التقنين و
اإلفتاء إال مصادر الشريعة .لهذا بذل العلماء جهودهم في الرجوع إلى هذه المصادر ،و استمدوا
من نصوص الشريعة وره حها ،و ما أقامه الشارع من ثالثلها ،أحكام ما طرأ للدولة .من
مصالح و حاجات بل زاد نشاطهم فشرعوا أحكامًا لحوادث فرضية ،وبهذا النشاط لم يضق
التشريع اإلسالمي بحاجة ولم يقصر عن مصلحة .والنشاط السياسي يبث روح النشاط في كل
شؤون الدولة
وثانيا :إن الذين تصدوا للتقنين واإلفتاء في ذلك العهد وجدوا طرق التشريع ممهدة ،وصعابه
ميسرة ،ألنهم وجدوا المصادر التشريعية في متناولهم ووجدوا كثيرًا من الوقائع والمشاكل قد
عالجها سلفهم من قبلهم .فالقرآن مدون ومنشور بين خاصة المسلمين .عامتهم والسنة مدون
أكثرها من بدء القرن الثاني الهجري .وكذلك فتاوى الصحابة والتابعين .فاليسر الذي وجده
مجتهدو ذلك العهد في رجوعهم إلى القرآن والسنة والنور الذي لمحوه من فتاوى سلفهم من
الصحابة وتابعيهم ،ومن آثارهم في تفسير النصوص كانا من عوامل نشاطهم ،ووفرة إنتاجهم
والخلف يستثمر عقله و عقل سلفه.
وثالثا :إن المسلمين في ذلك العهد كانوا شديدي الحرص على أن تكون جميع أعمالهم من
عبادات ومعامالت وعقود وتصرفات على وفق أحكام الشريعة اإلسالمية .فلهذا كانوا في كلياتهم
وجزئياتهم يرجعون إلى أولي العلم والفقه يستفتونهم عن الحكم الشرعي .وكذلك كان الوالة
والقضاة فيما يعرض لهم من الخصومات يرجعون إلى المفتين ورجال التشريع ،فكان المجتهدون
في ذلك العهد موردًا ال ينقطع واردوه من أفراد ووالة وقضاة ومن هذا اتصلت جهودهم ونما
إنتاجهم.
ورابعا :إن ذلك العهد نشأت فيه أعالم لهم مواهبهم واستعداداتهم ،وساعدتهم البيئة التي عاشوا
فيها على استثمار هذه المواهب واالستعدادات .فتكونت الملكة التشريعية لكثير من أفذاذهم أمثال
أبي حنيفة وأصحابه ومالك وأصحابه والشافعي وأصحابه وأحمد وأصحابه وغيرهم من
معاصريهم من األئمة والمجتهدين واقتدوا بهذه الملكات على تنمية الفقه اإلسالمي وسد الحاجة
التشريعة للدولة .فالبيئة اإلسالمية في ذلك العهد أنضجت عقول ذوي المذاهب من رجاله .ألن
العقول الراجحة كالبذر الصالح إذا وجد التربة الطيبة والجو المالئم نما و آتى ثمراته :وال خير
في صالح البذر إذا خبثت التربة وفسد الجو ،كما أنه ال خير في طيب التربة وحسن الجو إذا
فسد البذر.
كانت مصادر التشريع في هذا العهد أربعة :القرآن .والسنة واإلجماع .واالجتهاد بالقياس أو بأي
طريق من طرق االستنباط .
هذا هو العهد الذي فترت فيه همم العلماء عن االجتهاد المطلق وعن الرجوع إلى المصادر
التشريعية األساسية الستمداد األحكام من نصوص القرآن والسنة ،واستنباط االحكام فيما ال نص
فيه باي دليل من االدلة الشرعية .والتزموا اتباع ما استمدوه من األئمة المجتهدين السابقين من
األحكام
ابتدأ هذا العهد من منتصف القرن الرابع الهجري بالتقريب حين طرأت على المسلمين عدة
عوامل سياسية ،وعقلية وخلقية واجتماعية ،أثرت في كل مظهر من مظاهر نهوضهم وأحالت
نشاطهم التشريعي إلى فتور .و وقفت حركة االجتهاد والتقنين ،وأماتت في العلماء روح
االستقالل الفكري فلم يردوا المعين الذي ال ينضب ماؤه وهو القرآن والسنة ،بل راضوا أنفسهم
على التقليد ،ورضوا أن يكونوا عالة على فقه األئمة السابقين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد
وأقرانهم ،وحصروا عقولهم في وحرموا على أنفسهم أن يخرجوا عن حدودها وبذلوا جهودهم
في ألفاظ أئمتهم وعباراتهم ال في نصوص الشارع ومبادئه العامة .وبلغ من ركونهم إلى أقوال
أئمتهم أن قال أبو الحسن الكرخي من علماء الحنفية كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا
فهو مؤول أو منسوخ -وبهذادوائر محدودة من فروع مذاهب هؤالء األئمة وأصولها .وقف
التشريع عند ما وصل إليه أئمة العهد السابق وقصر عن مسايرة ما يجد من التطورات
والمعامالت واالقضة والوقائع.
الفترة المكية
أنه لم يوجد في هذه الفترة مجال وال داع الى التشريع العملي وسن القوانين المدنية والتجارية
ونحوها ألن المسلمين قالئل ولم تتكون منهم أمة وال دولة .وقد وجه الرسول صلى هللا عليه وسلم
دعوته إلى توحيد هللا وتطهير وجوه الناس من عبادة األوثان واألصنام .ولهذا كان أكثر آيات
القرآن خاصا بالعقيدة والخلق والعبر من سير الماضين .المكي بين فترة البعثة المحمدية حتى
الهجرة النبوية المباركة إلى المدينة يركز في دعوة الناس والصحابة على وجه الخصوص على
تربية المسلمين األوائل على األخالق الفاضلة والقيم النبيلة ،وكان المسلمون في هذه المرحلة
األولى من الدعوة مستضعفين ،وكانوا الكفة الضعيفة في صراعهم مع الكفاروقد قام الرسول هللا
صلى هللا عليه وسلم في هذه الفترة باتخاذ كل أحوال الشريعة ألصحابه من أذى المشركين
وكيدهم.
بدأ النبي صلى هللا عليه وسلم هذه المرحلة المكية بالدعوة سرا إلى هللا تعالى ،كان يدعو إلى
ذلك سّر ا حذرا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبة لشركها ووثنيتها ،فلم يكن عليه
الصالة والسالم يظهر الّد عوة في المجالس العمومية لقريش ،ولم يكن يدعو إال من كانت تشّد ه
إليه قرابة أو معرفة سابقة.
لذلك كان التركيز في هذه المرحلة على بيان أصول الدين ،كاإليمان باهلل ورسوله واليوم
اآلخر ،وعلى مبادئ األخالق ومكارمها كالعدل واإلحسان والوفاء بالوعد وأخذ العفو والخوف
من هللا وحده ،والشكر له على امتنانه ،وتجنب مساوئ األخالق من الكذب والزنا والقتل ووأد
البنات والتطفيف في الكيل والميزان ،والنهي عن كل ما هو كفر أو شرك وما يتصل بهما من
الذبح لغير هللا واالستقسام باألزالم والطيرة وغير ذلك.
الفترة المدنية
أوال :هناك حاجة إلى التشريع وُس َّن القوانين لتنظيم عالقات التي نشأت بعد أن كثر عدد
المسلمين ،ولتنظيم عالقاتهم بغيرهم في حالتي السلم والحرب بعد أن تكونت لهم دولة.
ثالثا :كانت السلطة التشريعية في هذا العهد لرسول هللا وحده ،وما كان ألحد غيره من
المسلمين أن يستقل بتشريع حكم في واقعة لنفسه أو لغيره؛ ألنه مع وجود الرسول بينهم
وتيسر رجوعهم إليه فيما يعرض لهم ،لم يسوغ واحد منهم لنفسه أن يفتي باجتهاده في
حادثه ،أو يقضي باجتهاده في خصومة ،بل كانوا إذا عرضت الحادثة أو شجر الخالف أو
خطر السؤال أو االستفتاء رجعوا إلى الرسول هو يفتيهم ويفصل في خصوماتهم ،ويجيب
طعن أسئلتهم تارة بآية أو آيات قرانية يوحي إليه بها ربه ،وتارة باجتهاده الذي يعتمد فيه
على إلهام هللا له ،أو على ما يهديه إليه عقلة وبحثه وتقديره ،وكل ما صدر عنه من هذه
األحكام هو تشريع للمسلمين ،وقانون واجب عليهم أن يتبعوه سواء أكانت من وحي هللا أم
من اجتهاده نفسه.
رابعا :كان بعض الصحابة اجتهد في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلموقضي باجتهاده
في بعض الوقائع ،وتارة باجتهاده الذي يعتمد فيه على إلهام هللا له ،أو على ما يهديه إليه
عقلة وبحثه وتقديره ،وكل ما صدر عنه من هذه األحكام هو تشريع للمسلمين ،وقانون
واجب عليهم أن يتبعوه سواء أكانت من وحي هللا أم من اجتهاده نفسه.
وقد ورد أن بعض الصحابة اجتهد في عهد الرسول ،وقضى باجتهاده في بعض الخصومات ،أو
استنبط باجتهاده حكًم ا في بعض الوقائع مثل :علي بن أبي طالب ،الذي بعثه الرسول إلى اليمن
قاضًيا وقال له" :إن هللا سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان ،فال تقضين
حتى تسمع من اآلخر كما سمعت من األول ،فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء" ،ومثل معاذ بن
جبل الذي بعثه الرسول إلى اليمن وقال له" :بم تقضي إذا عرض لك قضاء ولم تجد في كتاب هللا
وال في سنة رسوله ما تقضي به"؟ فقال معاذ :أجتهد رأيي .فقال الرسول" :الحمد هلل الذي وفق
رسول رسول هللا لم يرضي هللا ورسوله".
ومثل حذيفة بن اليمان الذي أرسله الرسول للقضاء بين جارين اختصما في جدار بينهما ،وادعى
كل منهما أنه له ،وعمرو بن العاص الذي قال له الرسول يوما" :احكم في هذه القضية" ،فقال
عمرو :أجتهد وأنت حاضر ،قال" :نعم إن أصبت فلك أجران وإن أخطأت فلك أجر"،
والصحابيين اللذين خرجا في سفر وحضرتهما الصالة ،ولم يجدا ماء فتيمما وصليا ثم وجدا الماء
في الوقت ،فأما أحدهما فأداه اجتهاده إلى أن يتوضأ ،ويعيد الصالة وأما الثاني فأداه اجتهاده إلى
أن صالته األولى أجزأته ،وال إعادة عليه ولم يعدها.
ولكن هذه الجزئيات وأمثالها ال تدل على أن أحًدا غير الرسول كانت له سلطة التشريع في عهد
الرسول؛ ألن هذه الجزئيات منها ما صدر في حاالت خاصة تعذر فيها الرجوع إلى الرسول لبعد
المسافة أو خوف فوات الفرصة ،ومنها ما كان القضاء أو اإلفتاء فيه تطبيًقا ال تشريًعا وكل ما
صدر فيها من أي صحابي عن اجتهاده في أي قضاء أو أية واقعة لم يكن تشريعا للمسلمين،
وقانوًنا ملزًم ا لهم إال بإقرار الرسول ،فالرسول في حياته كانت في يده وحدة السلطة التشريعية،
وما صدر عن غيره لم يكن تشريعا إال بإقراره ،ولهذا لم يوجد في عهد الرسول رأيان في واقعة
ولم يعرف أحد من الصحابة في عهده بالفتيا أو االجتهاد.
خامسا :ومصدر الشريعة في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم هو الوحي اإللهي
واجتهاد الرسول نفسه .ومن تتبع آيات ألحكام َيَتَبَّيُن أن كل حكم قرآني إنما شرع لحادث
اقتضى تشريعه مثل اآلية التي حرمت الخمر والتي شرعت اإلرث وحکم اللعان بين
الزوجين وغيرها.وهکذا في بعض األحاديث .فوظيفة الرسول صلى هللا عليه وسلم في
اآليات القرابية هو تبليغه وتبيينه .وأما في األمور التي يحتاج إلى االجتهاد ،فوظيفة
الرسول صلى هللا عليه وسلم هو أن يبحث عن الحكم بما تهدي اليه المصلحة وروح
الشريعة .وال يقره هللا إال إذا كان صوابا .وأما إذا أخطأ فيه فإن هللا يرده إلى الصواب كما
حدث في مسألة افتداء سبعين أسرى بدر .وأما ما كان إلهم من هللا فوظيفة الرسول صلى
هللا عليه وسلم هو بقوله او فعله.
سادسا :وقد سارت الشريعة اإلسالمية في عهد تكوينه على مبدأ التدرج ومبدأ التيسير أو
التخفيف ومبدأ الحفاظ على مصالح الناس ومعالجة حاجاتهم.
سابعا :ومجموعة آيات األحكام العملية ليست كثيرة ،وهي مفرقة في جملة سور .ففي
العبادات بأنواعها نحو ١٤٠آية ،وفي األحوال الشخصية من زواج وطالق وارث
ووصية وحجروغيرها نحو ۷۰آية وفي المعامالت المالية من بيع وإجارة ورهن
وشركة وتجارة ومداينة وغيرها نحو ۷۰آية ،وفي المجموعة الجنائية من عقوبات
وتحقيق جنايات نحو ٣٠آية ،وفي القضاء والشهادة وما يتعلق بها نحو ۲۰آية .ورد في
كل باب من هذه األبواب كثيرة من األحاديث ،يبين مجمل القرآن أو يثبت ما سكت عنه
القرآن وما إلى ذلك من وظيفة الحديث.
ثامنا :وكانت أساليب نصوص األحكام وصيغها متنوعة فالنصوص التي دلت على
التحريم عبرت تارة بالنهي عما حرم وتارة بالوعيد من فعله وتارة صرحت بأنه ال يحل
أو حرم والنصوص التي دلت على اإليجاب تارة عبرت باألمر بما وجب ،وتارة بالوعيد
على تركه وتارة صرحت بأنه وجب أو فرض أو كتب فالمناسبة التي اقتضت تشريع
الحكم الخاص اقتضت أسلوبا خاصا في بيانه .وسبب آخر في مورتنوع األساليب أن
القرآن كله قصد منها إعجاز الناس من إتيان بمثله ليكون برهانا على صدق الرسول
صلى هللا عليه وسلم وبعض النصوص يبين علة الحكم وحكمة تشريع وبعضها تقرر
الحكم مجردا عن بيان علته .وإذا كانت معللة بمصالح الناس فإن باب االجتهاد مفتوحا في
تشريع كل ما يحقق مصلحة أو يدفع مفسدة.
اهمية الشريعة اإلسالمية
الميزة األولى :الكمال:
تمتاز الشريعة اإلسالمية على القوانين الوضعية بالكمال؛ أي بأنها استكملت كل ما تحتاجه
الشريعة الكاملة من قواعد ومبادئ تكفل سد حاجات الجماعة في الحاضر القريب والمستقبل
البعيد.
أوًال ،يمكن أن تساعدنا دراسة تاريخ تطور التشريع اإلسالمي في عهد الرسول صلى هللا
عليه وسلم على فهم كيفية تطور الشريعة اإلسالمية وتطبيقها في ذلك الوقت.
ثانًيا ،يساعدنا على فهم كيفية تطبيق الشريعة اإلسالمية في سياق حديث.
ثالًثا ،يساعدنا على فهم كيفية تطبيق الشريعة اإلسالمية في سياقات مختلفة ،مثل البلدان
المختلفة أو في المجتمعات المختلفة.
وأخيرا ،نسأل هللا عز وجّل أن يبارك في عملنا هذا ويجعله في ميزان حسناتنا وينفع به
كل طالب علم .وصل هللا على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
.1شكري بن محمد .)2022( .المدخل إلى الشريعة اإلسالمية .أكاديمية الدراسات اإلسالمية
مركز التعليم بجامعة مااليا باجوق كلنتان دار النعيم.
.3الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم العويد )٢.١٩( .مقاصد الشريعة عند الصحابة
رضوان هللا عليهم.
رابط الموقع
1. https://islamonline.net/archive
3. Pejabat Mufti Wilayah Persekutuan - BAYAN LINNAS SIRI KE-175: ULAMA DAN
SISTEM PERUNDANGAN ISLAM: KE ARAH KEAMANAN DAN KEADILAN
)(muftiwp.gov.my
7. https://www.hmetro.com.my/amp/addin/2023/03/947258/pentauliahan-
dakwah-ilmu-di-zaman-nabi