You are on page 1of 84

‫املدخل إىل علوم احلديث‬

‫إعداد‬

‫الدكتور حممد حمي الدين عبدالرمحن االردد‬

‫أكادميية الدراسات اإلسالمية‬


‫جامعة مااليا بنيالم فوري‬
‫كلنتان دار النعيم‬
Hak Cipta © Mohd Muhiden Abd Rahman

Diterbitkan oleh:
Mohd Muhiden Abd Rahman
Akademi Pengajian Islam Universiti Malaya Nilam Puri
16010 Kota Bharu Kelantan
Tel: 013-9285075
Email: muhiden@um.edu.my

© Mohd Muhiden Abd Rahman Cetakan Pertama: Jun 2017

Hak Cipta terpelihara. Tiada bahagian daripada buku ini boleh disalin semula dalam
mana-mana cara tanpa kebenaran bertulis daripada penulis.

Perpustakaan Negara Malaysia Cataloguing-in-Publication Data

Mohd Muhiden Abd Rahman 1964-


Al-madkhal ila ulum al-hadith / Mohd Muhiden Abd Rahman.
ISBN 978-983-44097-2-2
1. Hadith—Authorities. 2. Hadith—History. 3. Hadith--Critisim,
interpretation, etc. I. Title
297.125

Diuruscetak dan diedarkan oleh


Koperasi Kakitangan Akademi Pengajian Islam Universiti Malaya Nilam Puri

2
‫فهرس الموضوعات‬

‫فهرس الموضوعات ‪3 .........................................................‬‬


‫المقدمة ‪5 .....................................................................‬‬
‫السنة ومكانتها في اإلسالم‪7 ...................................................‬‬
‫تعريف السنة لغة واصطالحا ‪7 ...........................................‬‬
‫مكانة السنة في اإلسالم ‪8 ................................................‬‬
‫عمل الصحابة ‪13........................................................‬‬
‫إجماع األمة ‪14..........................................................‬‬
‫عالقة الحديث بالقرآن ‪15.................................................‬‬
‫نبذة تاريخية عن نشأة علوم الحديث ‪21.........................................‬‬
‫تعريف علوم الحديث وأشهر المصنفات فيها‪23.................................‬‬
‫تعريف علوم الحديث ‪23..................................................‬‬
‫موضوعها‪23........................................................... .‬‬
‫ثمرتها‪23............................................................... .‬‬
‫أشهر المصنفات في علوم الحديث‪23.....................................‬‬
‫تعريفات أولية في علوم الحديث ‪27.............................................‬‬
‫الحديث ‪27...............................................................‬‬
‫الخبر ‪27.................................................................‬‬
‫األثر ‪27.................................................................‬‬
‫تقسيم الحديث بالنسبة إلى قائله ‪30.............................................‬‬
‫الحديث القدسي ‪30.......................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫المرفوع ‪32...............................................................‬‬
‫الموقوف ‪34..............................................................‬‬
‫المقطوع ‪36..............................................................‬‬
‫تقسيم الحديث بالنسبة إلى عدد الرواة أو باعتبار وصوله إلينا ‪37................‬‬
‫الحديث المتواتر‪38.......................................................‬‬
‫أشهر المصنفات فيه ‪40............................................‬‬
‫حديث اآلحاد ‪41.........................................................‬‬
‫المشهور ‪42........................................................‬‬
‫العـ ـزيز ‪45..........................................................‬‬
‫الغ ـ ـريب ‪46.........................................................‬‬
‫تقسيم الحديث بالنسبة إلى قبوله ورده ‪48.......................................‬‬
‫الحديث المقبول ‪49.......................................................‬‬
‫الصحيح ‪49........................................................‬‬
‫الحسن ‪55..........................................................‬‬
‫الصحيح لغيره ‪57...................................................‬‬
‫الحسن لغيره ‪58.....................................................‬‬
‫الحديث المردود ‪60.......................................................‬‬
‫الحديث الضعيف ‪61.....................................................‬‬
‫المردود بسبب سقط من اإلسناد ‪64........................................‬‬
‫المردود بسبب طعن في الراوي ‪66........................................‬‬
‫الموضوع ‪67.............................................................‬‬
‫أشهر كتب الحديث ومؤلفيها ‪72................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫للاِِِِالرِِِح ِِنِِِِالرِِحِِِيِ‬
‫ِب ِِسِمِ ِ‬

‫المقدمة‬

‫الحمد هلل الذي من على المسلمين بإنزال القرآن الكريم‪ ،‬وتكفل بحفظه في الصدور‬

‫والسطور إلى يوم الدين‪ ،‬وجعل من تتمة حفظه حفظ سنة سيد المرسلين‪ .‬والصالة‬

‫والسالم على سيدنا ونبينا محمد الذي أوكل هللا إليه تبيان ما أراده من التنزيل‬
‫الحكيم‪ ،‬فقام صلى هللا عليه وسلم مبينا له بأقواله‪ ،‬وأفعاله‪ ،‬وتقريراته‪ ،‬بأسلوب‬

‫واضح مبين‪.‬‬

‫أما بعد‪ :‬فهذا الكتاب هو الكتاب المقرر على طلبة مركزاإلعدادي بأكاديمية‬

‫الدراسات اإلسالمية بنيالم فوري كلنتان دار النعيم لمادة المدخل إلى علوم‬

‫الحديث‪ .‬فهي مادة من المواد األساسية التي قررت على الطلبة‪ .‬ومن أهداف هذه‬

‫المادة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ -1‬يعرف علوم الحديث ونبذة تاريخية عن نشأتها‬

‫‪ -2‬يتعرف على المصطلحات الحديثية والموضوعات الرئيسية في علوم الحديث‬

‫‪ -3‬يميز بين الحديث المقبول والمردود‬

‫‪ -4‬يتعرف على المصادر األساسية في الحديث‬


‫وهذا الكتاب يحتوي على الموضوعات المختارة في علوم الحديث جمعتها‬

‫وأعددتها من بعض كتب علوم الحديث المعتبرة وفق المنهج المقرر‪ ،‬منها‪ :‬السنة‬

‫ومكانتها في اإلسالم‪ ،‬تعريفيات أولية لعلوم الحديث ‪،‬عالقة الحديث بالقرآن‪ ،‬نبذة‬

‫تاريخية عن نشأة علوم الحديث وأشهرالمؤلفات فيها‪ ،‬وتقسيم الحديث باعتبار قائله‬

‫وعدد رواته وقبوله ورده وأشهر كتب الحديث ومؤلفيها‪.‬‬

‫فجاء الكتاب بحمد هللا تعالى – في نظري‪ -‬مناسبا جيدا إن شاء هللا تعالى‬

‫بما هو مقرر على طلبة المرحلة التأهيلية‪ ،‬والكمال هلل تعالى وحده‪.‬‬

‫وأسأله تعالى أن ينفع طلبة العلم به‪ ،‬وأن يجعله في ميزان حسناتي وإنه‬

‫تعالى خير مسئول والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫نيالم فوري ‪1438 /6 /10‬هـ الموافق ‪2017 /3 /9‬م‬

‫وكتبه العبد الفقير إلى عفو ربه محمد محي الدين بن عبدالرحمن األرشدي‬

‫‪6‬‬
‫السنة ومكانتها في اإلسالم‬

‫تعريف السنة لغة واصطالحا‬

‫السنة لغة ‪ :‬السنة في اللغة مشتقة من فعل (سن) بفتح السين المهملة وتشديد النون‪،‬‬

‫أو من فعل (سنن)‪ ،‬وهذه المادة تفيد أن الشيء تكرر حتى أصبح قاعدة‪ .‬ولها عدة‬

‫معان‪ ،‬واألصل فيها‪ :‬الطريقة والسيرة‪.‬‬


‫السنة اصطالحا‪ :‬يختلف تعريف السنة في اصطالح العلماء بحسب مجال‬

‫تعريفها‪ ،‬في علم الحديث‪ ،‬أو األصول‪ ،‬أو الفقه‪ .‬ولكن التعريف المشهور هو‪ :‬ما‬

‫أضيف إلى النبي صلى هللا عليه وسلم من قول أو فعل أو تقريرأو صفة خلقيا أو‬

‫خلقيا‪ .‬وتنقسم السنة الى ثالثة أنواع أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫السنة القولية‪ :‬وهي ما تحدث به الرسول في مختلف األغراض والمناسبات‬

‫مما يتعلق بالتشريع مثل ما روي أن رسول هللا قال‪ " :‬إنما األعمال بالنيات وإنما‬

‫لكل امرىء ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوله فهجرته إلى هللا ورسوله‪،‬‬

‫ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه‪".‬‬

‫السنة الفعلية‪ :‬وهي أفعاله التي نقلها لنا الصحابة‪ ،‬مثل وضوءه وأدائه‬

‫الصلوات الخمس بهيئاتها وأركانها وأدائه لمناسك الحج‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫السنة التقريرية‪ :‬وهي سكوته عن فعل الغير أو عن قوله‪ ،‬سواء أكان ذلك‬

‫بمحضر الرسول أو بمجلس آخر كما جاء عن أبي سعيد الخذري قال‪ :‬خرج‬

‫رجالن في سفر‪..‬فحضرت الصالة وليس معهما ماء‪،‬فتيمما صعيدا طيبا‪.‬فصليا‪ ،‬ثم‬

‫وجدا الماء في الوقت‪ .‬فأعاد أحدهما الصالة والوضوء ولم يعد اآلخر‪ .‬ثم أتيا‬

‫رسول هللا‪ ،‬فذكروا له ذلك‪ .‬فقال للذي لم يعد‪" :‬أصبت السنة وأجازتك صالتك"وقال‬

‫للذي توضأ وأعاد‪" :‬لك األجر مرتين"‬

‫وال تكون السنة مصد ار للتشريع إال إذا قصد بها ذلك‪ .‬فعاداته من أكل وشرب‬

‫وما إلى ذلك‪ .‬وسيرته الخاصة كقيامه الليل‪..‬وتزوجه أكثر من أربعة‪ .‬وما صدر‬

‫عنه بحسب تجربته في شؤون الحياة كالتجارة وتنظيم الجيش ال يدخل بالضرورة‬

‫في باب التشريع‪.‬‬

‫مكانة السنة في اإلسالم‬

‫للسنة النبوية مكانة عظيمة في التشريع اإلسالمي‪ ،‬فهي األصل الثاني بعد القرآن‬

‫الكريم‪ ،‬والتطبيق العملي لما جاء فيه‪ ،‬وهي الكاشفة لغوامضه‪ ،‬المجلية لمعانيه‪،‬‬

‫الشارحة أللفاظه‪ ،‬وإذا كان القرآن قد وضع القواعد واألسس العامة للتشريع‬

‫واألحكام‪ ،‬فإن السنة قد عنيت بتفصيل هذه القواعد ‪ ،‬وبيان تلك األسس‪ ،‬وتفريع‬

‫‪8‬‬
‫الجزئيات على الكليات‪ ،‬ولذا فإنه ال يمكن للدين أن يكتمل وال للشريعة أن تتم إال‬

‫بأخذ السنة جنبا إلى جنب مع القرآن‪ .‬وقد جاءت اآليات المتكاثرة واألحاديث‬

‫المتواترة آمرة بطاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬واالحتجاج بسنته والعمل بها‪،‬‬

‫إضافة إلى ما ورد من إجماع األمة وأقوال األئمة في إثبات حجيتها ووجوب األخذ‬

‫بها‪.‬‬

‫‪ -1‬أدلة الكتاب‬

‫دلت عدة آيات من القرآن الكريم على حجية السنة ‪ ،‬ووجوب متابعة النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن ذلك‬

‫اآليات التي تصرح بوجوب طاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم واتباعه ‪،‬‬

‫والتحذير من مخالفته وتبديل سنته‪ ،‬وأن طاعته طاعة هلل‪ ،‬كقوله سبحانه ‪ { :‬يـا‬

‫أيـها الذين آمـنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وال تبطلوا أعمالكم } (محمد ‪، )33‬‬

‫وقوله تعالى ‪{ :‬من يطع الرسول فقد أطاع هللا ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا‬

‫} (النساء‪ ، )80‬وقوله ‪{:‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ‪ ،‬واتقوا هللا‬

‫إن هللا شديد العقاب } (الحشر ‪.) 7‬‬

‫اآليات التي رتبت اإليمان على طاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم والرضا‬

‫بحكمه‪ ،‬والتسليم ألمره ونهيه كقوله تعالى ‪{ :‬وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قضى‬

‫‪9‬‬
‫هللا ورسوله أم ار أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص هللا ورسوله فقد ضل‬

‫ضالال مبينا } (األحزاب ‪ ، )36‬وقوله سبحانه ‪{:‬فال وربك ال يؤمنون حتى‬

‫يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا‬

‫تسليما} (النساء ‪ ، )65‬وقوله ‪{:‬إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى هللا ورسوله‬

‫ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } ( النور‪.)51‬‬

‫اآليات التي تبين أن السنة في مجملها وحي من هللا عز وجل ‪ ،‬وأن الرسول‬

‫صلى هللا عليه وسلم ال يأتي بشيء من عنده فيما يتعلق بالتشريع ‪ ،‬وأن ما حرم‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بسنته‪ ،‬مثل ما حرم هللا في كتابه ‪ ،‬كقوله سبحانه‬

‫‪{:‬ولو تقول علينا بعض األقاويل ألخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم‬

‫من أحد عنه حاجزين} (الحاقة ‪ ،)47-44‬وقوله جل وعال‪{ :‬قاتلوا الذين ال يؤمنون‬

‫باهلل وال باليوم اآلخر وال يحرمون ما حرم هللا ورسوله وال يدينون دين الحق من‬

‫الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } (التوبة‪، ) 29:‬‬

‫وقوله جل وعال ‪{ :‬الذين يتبعون الرسول النبي األمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم‬

‫في التوراة واإلنجيل ‪ ،‬يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات‬

‫‪10‬‬
‫ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم واألغالل التي كانت عليهم }‬

‫(األعراف‪.)157‬‬

‫اآليات الدالة على أن الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم – مبين للكتاب وشارح‬

‫له‪ ،‬وأنه يعلم أمته الحكمة كما يعلمهم الكتاب‪ ،‬ومنها قوله تعالى ‪ {:‬وأنزلنا إليك‬

‫الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (النحل ‪ ،)44‬وقوله ‪{ :‬وما أنزلنا‬

‫عليك الكتاب إال لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} (النحل‬

‫‪ ،)64‬وقوله ‪{ :‬لقد من هللا على المؤمنين إذ بعث فيهم رسوال من أنفسهم يتلو‬

‫عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ‪ ،‬وإن كانوا من قبل لفي ضالل‬

‫مبين} (آل عمران ‪ ، )164‬وقد ذهب أهل العلم والتحقيق إلى أن المراد بالحكمة‬

‫سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬كما يقول اإلمام الشافعي رحمه هللا تعالى‬

‫(الرسالة ص ‪ " : )78‬فذكر هللا الكتاب وهو القرآن‪ ،‬وذكر الحكمة‪ ،‬فسمعت من‬

‫أرضى ‪ -‬من أهل العلم بالقرآن ‪ -‬يقول‪ :‬الحكمة سنة رسول هللا صلى هللا عليه‬

‫وسلم وهذا يشبه ما قال ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬ألن القرآن ذكر‪ ،‬وأتبعته الحكمة ‪ ،‬وذكر‬

‫هللا منه على خلقه‪ :‬بتعليمهم الكتاب والحكمة‪ ،‬فلم يجز ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬أن يقال‬

‫الحكمة هنا إال سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وذلك أنها مقرونة بالكتاب‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫وأن هللا افترض طاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وحتم على الناس اتباع أمره‪،‬‬

‫فال يجوز أن يقال لقول‪ :‬فرض إال لكتاب هللا ثم سنة رسوله‪ :‬لما وصفنا من أن هللا‬

‫جعل اإليمان برسوله مقرونا باإليمان به ‪ "...‬أهـ‪.‬‬

‫‪ -2‬أدلة السنة‬

‫وأما السنة فقد ورد فيها ما يفوت الحصر‪ ،‬ويدل داللة قاطعة على حجية السنة‬
‫ولزوم العمل بها ومن ذلك ‪:‬‬

‫األحاديث التي يبين فيها صلى هللا عليه وسلم بأنه قد أوحي إليه القرآن‬

‫وغيره ‪ ،‬وأن ما بينه وشرعه من األحكام فإنما هو بتشريع هللا تعالى له ‪ ،‬وأن العمل‬

‫بالسنة عمل بالقرآن‪ ،‬وأن طاعته طاعة هلل‪ ،‬ومعصيته معصية هلل جل وعال‪ ،‬كقوله‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬يوشك الرجل متكئا على أريكته‪ ،‬يحدث بحديث من حديثي‪،‬‬

‫فيقول‪ :‬بيننا وبينكم كتاب هللا عز وجل‪ ،‬فما وجدنا فيه من حالل استحللناه‪ ،‬وما‬

‫وجدنا فيه من حرام حرمناه‪ ،‬أال وإن ما حرم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مثل‬

‫ما حرم هللا) رواه ابن ماجة‪ ،‬وفي رواية أبي داود‪ ( :‬أال إني أوتيت الكتاب ومثله‬

‫معه‪ ،‬أال يوشك رجل شبعان على أريكته يقول ‪ :‬عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه‬

‫من حالل فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه)‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وقوله‪( :‬من أطاعني فقد أطاع هللا ‪ ،‬ومن عصاني فقد عصى هللا ‪ ،)...‬وفي‬

‫حديث آخر‪( :‬كل أمتي يدخلون الجنة إال من أبى‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول هللا ومن يأبى؟‬

‫قال‪ :‬من أطاعني دخل الجنة‪ ،‬ومن عصاني فقد أبى)‪.‬‬

‫األحاديث التي يأمر فيها عليه الصالة والسالم بالتمسك بسنته‪ ،‬وأخذ الشعائر‬

‫والمناسك عنه‪ ،‬واستماع حديثه وحفظه وتبليغه إلى من لم يسمعه‪ ،‬وينهى عن‬

‫الكذب عليه ‪ ،‬ويتوعد من فعل ذلك بأشد الوعيد‪ ،‬كقوله‪( :‬تركت فيكم شيئين لن‬

‫ت ضلوا بعدهما كتاب هللا وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) رواه البيهقي‬

‫وغيره‪ ،‬وقوله‪( :‬فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ‪ ،‬تمسكوا بها وعضوا‬

‫عليها بالنواجذ) رواه أبو داود‪ .‬وقوله ‪ -‬كما في البخاري ‪( : -‬إن كذبا علي ليس‬

‫ككذب على أحد ‪ ،‬من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)‪.‬‬

‫عمل الصحابة‬

‫وعلى ذلك كان عمل الصحابة رضي هللا عنهم من االحتجاج بسنته صلى هللا عليه‬

‫وسلم واالقتداء بهديه‪ ،‬وامتثال أوامره ‪ ،‬والرجوع إليه في الدقيق والجليل‪ ،‬فكانوا‬

‫أحرص الخلق على مالحظة أقواله وأفعاله وحفظها والعمل بها‪ ،‬وبلغ من اقتدائهم‬

‫أنهم كانوا يفعلون ما يفعل ويتركون ما يترك‪ ،‬من دون أن يعلموا لذلك أي سبب أو‬

‫‪13‬‬
‫حكمة كما روى البخاري عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال‪" :‬اتخذ رسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم خاتما من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب‪ ،‬ثم نبذه النبي‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقال‪( :‬إني لن ألبسه أبدا) فنبذ الناس خواتيمهم‪" .‬‬

‫وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال‪ " :‬بينما رسول هللا‬

‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره‪ ،‬فلما‬

‫رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ‪ ،‬فلما قضى صالته قال‪ :‬ما حملكم على إلقائكم‬

‫نعالكم‪ ،‬قالوا ‪ :‬رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬

‫وسلم‪ :‬إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذ ار‪" .‬‬

‫إجماع األمة‬

‫ولو تتبعنا آثار السلف ومن بعدهم من األئمة‪ ،‬لم نجد أحدا ‪ -‬في قلبه ذرة من‬

‫اإليمان وشيء من النصيحة واإلخالص ‪ -‬ينكر التمسك بالسنة واالحتجاج بها‬

‫والعمل بمقتضاها‪ ،‬بل على العكس من ذلك ال نجدهم إال متمسكين بها‪ ،‬مهتدين‬

‫بهديها‪ ،‬حريصين على العمل بها‪ ،‬محذرين من مخالفتها‪ ،‬وما ذاك إال ألنها أصل‬

‫من أصول اإلسالم وعليها مدار فهم الكتاب‪ ،‬وثبوت أغلب األحكام‪ ،‬فعلى حجية‬

‫السنة انعقد إجماعهم‪ ،‬قال اإلمام الشافعي رحمه هللا (إعالم الموقعين ‪":)525/1‬‬

‫‪14‬‬
‫أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لم يكن‬

‫له أن يدعها لقول أحد من الناس‪".‬‬

‫وقال اإلمام ابن حزم عند قوله تعالى ‪{:‬فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى هللا‬

‫والرسول إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر} (النساء ‪" :)59‬األمة مجمعة على أن‬

‫هذا الخطاب موجه إلينا وإلى كل من يخلق ويركب روحه في جسده إلى يوم‬

‫القيامة من الجنة والناس ‪ ،‬كتوجهه إلى من كان على عهد رسول هللا صلى هللا‬

‫عليه وسلم وكل من أتى بعده وال فرق" أهـ ( اإلحكام في أصول األحكام ‪.)97/1‬‬

‫عالقة الحديث بالقرآن‬

‫إن مهمة الرسول صلى هللا عليه وسلم األساسية التبليغ والبيان‪ ،‬يقول هللا عز وجل‪:‬‬

‫﴿ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وّللا‬

‫يعصمك من الناس إن ّللا ال يهدي القوم الكافرين ﴾ [المائدة‪.]67 :‬‬

‫ويقول جل جالله عن المهمة األخرى لرسوله‪ ﴿ :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبين‬

‫للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ﴾ [النحل‪.]44 :‬‬

‫‪15‬‬
‫لذا فكل ما قاله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أو فعله يحمل على هاتين‬

‫المهمتين‪ ،‬ومن هنا جاءت السنة إما كالمؤكدة للقرآن أو كالمبينة والمفسرة للقرآن أو‬

‫كالمشرعة المستقلة‪ ،‬وتفصيل ذلك كالتالية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬السنة مقررة ومؤكدة لما ورد في القرآن الكريم‪:‬‬

‫القرآن الكريم اشتمل ع لى العقائد (أركان اإليمان) وعلى العبادات (أركان اإلسالم)‬

‫فتأتي سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تقرر ذلك وتؤكده فمثال‪ :‬في قوله تعالى‪:‬‬

‫﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن باَّلل ومالئكته وكتبه ورسله‬

‫ال نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ﴾‬

‫[البقرة‪.]285 :‬‬

‫حيث وردت أركان اإليمان الستة نجد تقرير ذلك في حديث جبريل الذي رواه‬

‫عمر بن الخطاب رضي هللا عنه وفيه‪ ..." :‬ثم قال‪ :‬يا محمد أخبرني عن اإليمان؛‬

‫فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬اإليمان‪ :‬أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله‬

‫وباليوم اآلخر وبالقدر خيره وشره‪ .‬فقال‪ :‬صدقت‪ ،‬فعجبنا له يسأله ويصدقه‪"...‬‬

‫الحديث‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وجاءت اآليات الكريمة تفرض على المسلمين العبادات في آيات متعددة كما‬

‫في قوله تعالى‪ ﴿:‬إن الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ﴾ [النساء‪،]103 :‬‬

‫﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم‬

‫تتقون﴾ [البقرة‪ ﴿ ،]183 :‬وَّلل على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيال﴾ [آل‬

‫عمران‪ ﴿ ،]97 :‬خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن‬

‫صالتك سكن لهم وّللا سميع عليم ﴾ [التوبة‪.]103 :‬‬

‫وجاء تقرير هذه العبادات وتوكيدها في قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫"بني اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا وإقام‬

‫الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وصوم رمضان" إلى أحاديث كثيرة تؤكد كل عبادة‬

‫منها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬السنة النبوية كالمفسرة والمبينة للقرآن وهي إما تفصل ما أجمله‬
‫القرآن أو تقيد مطلقه أو تخصص عامه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السنة تفصل لما أجمل في القرآن‪:‬‬

‫لقد جاءت آيات القرآن في كثير من القضايا مجملة‪ ،‬ففصلها رسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم بقوله أو بتطبيقه العملي لما ورد في القرآن الكريم‪ .‬فمثال في‬

‫‪17‬‬
‫قوله تعالى‪ ﴿ :‬وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ﴾‬

‫[النور‪.]56 :‬‬

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعلم الصحابي المسيء في صالته ‪:-‬‬

‫"إذا قمت إلى الصالة فكبر ثم اق أر ما تيسر معك من القرآن‪ ،‬ثم اركع حتى تطمئن‬

‫راكعا‪ ،‬ثم ارفع حتى تعتدل قائما‪ ،‬ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا‪ ،‬ثم ارفع حتى‬

‫تطمئن جالسا‪ ،‬ثم افعل ذلك في صالتك كلها‪".‬‬

‫كما أن الرسول صلى هللا عليه وسلم بين إقامة الصالة بفعله‪ ،‬فصلى وقال‪:‬‬

‫"صلوا كما رأيتموني أصلي"‪ .‬ففي هذا كله وغيره تفصيل لمجمل القرآن‪ ،‬وهو نوع‬

‫من أنواع البيان لما نزل عليه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السنة النبوية تخصص عام القرآن‪:‬‬

‫ففي قوله تعالى‪ ﴿ :‬يوصيكم ّللا في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين﴾ [النساء‪:‬‬

‫‪ ،]11‬جاء الحكم بأن األوالد جميعا يرثون من آبائهم وأمهاتهم‪ ،‬ولكن السنة النبوية‬

‫خصصت هذا العموم (ال يتوارث أهل ملتين وال يرث مسلم كاف ار‪ ،‬وال كافر مسلما)‪.‬‬

‫فلو كان األب كاف ار واالبن مسلما أو العكس فال توارث بينهما‪ ،‬وكذلك إذا كان‬

‫الزوج مسلما والمرأة كتابية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ ﴿ :‬وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير‬

‫مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ﴾ [النساء‪ ،]24 :‬أحل هللا‬

‫تعالى النكاح بالنساء غير الالتي ذكرن في آيات المحرمات من النساء‪ ،‬وهذا‬

‫الحكم خصصته السنة النبوية‪ .‬يقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال تنكح‬

‫المرأة على عمتها وال على خالتها‪".‬‬

‫وفي قوله تعالى‪ ﴿ :‬حرمت عليكم الميتة والدم ﴾ [المائدة‪ ،]3 :‬حيث جاء في‬

‫اآلية تحريم جميع الميتات وجميع الدماء‪ .‬وخصص رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫هذا العموم بقوله‪" :‬أحلت لنا ميتتان‪ ،‬ودمان‪ ،‬فأما الميتتان فالحوت والجراد‪ ،‬وأما‬

‫الدمان فالكبد والطحال"‪ ،‬وقال عن البحر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"‪ .‬وهذا‬

‫أيضا لون من ألوان البيان لما ورد في القرآن الكريم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬السنة النبوية تقيد مطلق القرآن الكريم‪:‬‬

‫ففي قوله تعالى‪ ﴿ :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكاال من ّللا‬

‫وّللا عزيز حكيم ﴾ [المائدة‪.]38 :‬‬

‫‪19‬‬
‫حيث جاءت اليد مطلقة‪ ،‬واليد في اللغة تطلق على الطرف العلوي من‬

‫األصابع إلى الكتف‪ ،‬فجاءت السنة النبوية القولية والفعلية بتقييد هذا اإلطالق‬

‫فحددت اليد باليمنى والقطع من الرسغ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬السنة النبوية تشرع أحكاما وتشريعات لم ترد في القرآن‬

‫الكريم أحيانا‪:‬‬

‫فيجب على المسلمين أن يأخذوا بما شرعه لهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫وتقدم معنا قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أال إني أوتيت القرآن ومثله معه‪".‬‬

‫وقوله تعالى‪ ﴿ :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ [الحشر‪:‬‬

‫‪ ،]7‬فوجب األخذ بما شرعه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن الذهب والحرير حيث‬

‫أخذ الذهب بيمينه والحرير بشماله وقال‪" :‬إن هذين حرام على ذكور أمتي حل‬

‫إلناثها"‪ ،‬كما ثبت عن ابن عمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬أن رسول هللا صلى هللا‬

‫عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الحمر األهلية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫نبذة تاريخية عن نشأة علوم الحديث‬

‫يالحظ الباحث المتفحص أن األسس واألركان األساسية لعلم الرواية ونقل األخبار‬

‫موجودة في الكتاب العزيز والسنة النبوية‪ .‬فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى ‪" :‬‬

‫يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا "(الحجرات‪ . )6 :‬وجاء في السنة‬

‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬نضر هللا ام أر سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب‬

‫مبلغ أوعى من سامع " رواه الترمذي‪ .‬وفي رواية " فرب حامل فقه إلى من هو أفقه‬

‫منه ‪ ،‬ورب حامل فقه ليس بفقيه" رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة‪.‬‬

‫ففي هذا اآلية الكريمة وهذا الحديث الشريف مبدأ التثبت في أخذ األخبار‬

‫وكيفية ضبطها باالنتباه لها ووعيها والتدقيق في نقلها لآلخرين‪.‬‬

‫وامتثاال ألمر هللا تعالى ورسوله صلى هللا عليه وسلم فقد كان الصحابة‬

‫رضي هللا عنهم يثبتون في نقل األخبار وقبولها ‪ ،‬ال سيما إذا شكوا في صدق‬

‫الناقل لها ‪ ،‬فظهر بناء على هذا موضوع اإلسناد وقيمته في قبول األخبار أوردها‬

‫‪ ،‬فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين قال‪ " : :‬لم يكونوا يسألون عن‬

‫اإلسناد ‪ ،‬فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم ‪ ،‬فينظر إلى أهل السنة‪ ،‬فيؤخذ‬

‫حديثهم وينظر إلى أهل البدع فال يؤخذ حديثهم‪ .‬وبناء على أن الخبر ال يقبل إال‬

‫‪21‬‬
‫بعد معرفة سنده فقد ظهر علم الجرح والتعديل ‪ ،‬والكالم على الرواة ‪ ،‬ومعرفة‬

‫المتصل أو المنقطع من األسانيد ‪ ،‬ومعرفة العلل الخفية ‪ ،‬وظهر الكالم في بعض‬

‫الرواة لكن على قلة ‪ ،‬لقلة الرواة المجروحين في أول األمر ‪.‬‬

‫ثم توسع العلماء في ذلك حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلق بالحديث‬

‫من ناحية ضبطه وكيفية تحمله وأدائه ‪ ،‬ومعرفة ناسخه من منسوخه وغريبه وغير‬

‫ذلك ‪ ،‬إال أن ذلك كان يتناقله العلماء شفويا ‪.‬‬

‫ثم تطور األمر وصارت هذه العلوم تكتب وتسجل‪ ،‬لكن في أمكنة متفرقة‬

‫من الكتب ممزوجة بغيرها من العلوم األخرى كعلم األصول وعلم الفقه وعلم‬

‫الحديث ‪ ،‬مثل كتاب الرسالة وكتاب األم لإلمام الشافعي ‪.‬‬

‫وأخي ار لما نضجت العلوم واستقر االصطالح ‪ ،‬واستقل كل فن عن غيره ‪،‬‬

‫وذلك في القرن الرابع الهجري ‪ ،‬أفرد العلماء علم المصطلح في كتاب مستقل ‪،‬‬

‫وكان من أول من أفرده بالتصنيف القاضي أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن بن‬

‫خالد الرامهرمزي المتوفي سنة ‪360‬هـ في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي‬

‫والواعي" ‪ :‬وسأذكر أشهر المصنفات في علم المصطلح من حين إفراده بالتصنيف‬

‫إلى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫تعريف علوم الحديث وأشهر المصنفات فيها‬

‫تعريف علوم الحديث‬

‫تشتمل علوم الحديث على علمين أساسيين‪ ،‬وهما علم الحديث رواية وعلم الحديث‬

‫دراية‪.‬‬

‫‪ ‬علم الحديث رواية‪ :‬هو علم يشتمل على أقوال النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫وأفعاله وتقريراته وصفاته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها‪.‬‬

‫‪ ‬علم الحديث دراية‪ :‬هو علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن‬

‫من حيث القبول والرد‪ .‬وهو العلم الذي بين أيدينا اآلن وهو مشهور بعلم‬

‫المصطلح أو علوم الحديث أو أصول الحديث‪.‬‬

‫موضوعها‪.‬‬

‫السند والمتن من حيث القبول والرد‪.‬‬

‫ثمرتها‪.‬‬

‫تمييز الصحيح من الضعيف من األحاديث‪.‬‬

‫أشهر المصنفات في علوم الحديث‬

‫‪ -1‬المحدث الفاصل بين الراوي والواعي‬

‫‪23‬‬
‫صنفه القاضي أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خالد الرامهرمزي‬

‫المتوفي في سنة ‪360‬هـ لكنه لم يستوعب أبحاث المصطلح كلها ‪ ،‬وهو أول‬

‫من صنف في هذا العلم‪.‬‬

‫‪ -2‬معرفة علوم الحديث‬

‫صنفه أبو عبدهللا محمد بن عبدهللا الحاكم النيسابوري المتوفي سنة ‪405‬هـ‬

‫لكنه لم يهذب األبحاث ولم يرتبها الترتيب الفني المناسب‪.‬‬

‫‪ -3‬الكفاية في علم الرواية‬

‫صنفه أبو بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادي المشهور المتوفي‬

‫سنة ‪463‬هـ‪ ،‬وهو كتاب حافل بتحرير مسائل هذا الفن‪ ،‬وبيان قواعد الرواية‪،‬‬

‫ويعتبر من أجل مصادر هذا العلم "‬

‫‪ -4‬علوم الحديث‬

‫صنفه أبو عمرو عثمان بن عبدالرحمن الشهرزوري المشهور بابن الصالح‬

‫المتوفي سنة ‪643‬هـ وكتابه هذا مشهور بـ "مقدمة ابن الصالح" وهو من‬

‫أجود الكتب في المصطلح جمع فيه مؤلفه ما تفرق في غيره من كتب‬

‫‪24‬‬
‫الخطيب ومن تقدمه‪ ،‬لكنه لم يرتبه على الوضع المناسب ألنه أماله شيئا‬

‫فشيئا‪ ،‬وهو مع هذا عمدة من جاء بعده من العلماء‪.‬‬

‫‪ -5‬التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير‬

‫صنفه محيي الدين يحيي بن شرف النووي المتوفي سنة ‪676‬هـ‪ ،‬وكتابه هذا‬

‫اختصار لكتاب "علوم الحديث" البن الصالح ‪ ،‬وهو كتاب جيد‪ ،‬لكنه مغلق‬

‫العبارة أحيانا ‪.‬‬

‫‪ -6‬تدريب الراوي في شرح تقريب النووي‬

‫صنفه جالل الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة ‪911‬هـ ‪،‬‬

‫وهو شرح لكتاب تقريب النووي كما هو واضح من اسمه‪ ،‬جمع فيه مؤلفه من‬

‫الفوائد الشيء الكثير‪.‬‬

‫‪ -7‬فتح المغيث في شرح ألفية الحديث‬

‫صنفه محمد بن عبدالرحمن السخاوي المتوفى سنة ‪902‬هـ ‪ ،‬وهو شرح على‬

‫ألفية العراقي‪ ،‬وهو من أوفى شروح األلفية وأجودها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -8‬نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر‬

‫صنفه الحافظ ابن حجر العسقالني المتوفى سنة ‪852‬هـ‪ ،‬وهو جزء صغير‬

‫مختصر جدا‪ ،‬لكنه من انفع المختصرات وأجودها ترتيبا‪ ،‬ابتكر فيه مؤلفه‬

‫طريقة في الترتيب والتقسيم لم يسبق إليها‪ ،‬وقد شرحه مؤلفه بشرح سماه "‬

‫نزهة النظر" كما شرحه غيره ‪.‬‬

‫‪ -9‬المنظومة البيقونية‬

‫صنفها عمر بن محمد البيقوني المتوفى سنة ‪1080‬هـ‪ ،‬وهي من المنظومات‬

‫المختصرة‪ ،‬إذ ال تتجاوز أربعة وثالثين بيتا‪ ،‬وتعتبر من المختصرات النافعة‬

‫المشهورة‪ ،‬وعليها شروح متعددة ‪.‬‬

‫‪ -10‬قواعد التحديث‬

‫صنفه محمد جمال الدين القاسمي المتوفى سنة ‪1332‬هـ وهو كتاب محرر‬

‫مفيد‪ ،‬وهناك مصنفات أخرى كثيرة يطول ذكرها اقتصرت على ذكر المشهور‬

‫منها‪ ،‬فجزي هللا الجميع عنا وعن المسلمين خير الجزاء ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫تعريفات أولية في علوم الحديث‬

‫الحديث‬

‫لغة‪ :‬الجديد والخبروالكالم‪ .‬ويجمع على أحاديث على خالف القياس ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا ‪ :‬ما أضيف إلى النبي صلى هللا عليه وسلم من قول أو فعـل‬ ‫‪-‬‬

‫أو تقرير أو صفة خلقيا وخلقيا‪.‬‬

‫الخبر‬

‫لغة‪ :‬النبأ ‪ .‬وجمعه أخبار ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا‪ :‬فيه ثالثة أقوال وهي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ )1‬هو مرادف للحديث‪ :‬أي إن معناهما واحد اصطالحا‪.‬‬

‫‪ )2‬مغاير له‪ :‬فالحديث ما جاء عن النبـي صـلى هللا عليـه وسـلم‪ .‬والخبـر مـا‬

‫جاء عن غيره ‪.‬‬

‫‪ )3‬أعم منه‪ :‬أي إن الحديث ما جاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم والخبر‬

‫ما جاء عنه أو عن غيره‪.‬‬

‫األ ثر‬

‫لغة‪ :‬بقية الشيء‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪27‬‬
‫اصطالحا‪ :‬فيه قوالن هما‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ )1‬هو مرادف للحديث‪ :‬أي أن معناهما واحد اصطالحا‪.‬‬

‫‪ )2‬مغاير له‪ :‬وهو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلسناد‪ :‬له معنيان‪:‬‬

‫‪ )1‬عزو الحديث إلى قائله مسندا ‪.‬‬

‫‪ )2‬سلسلة الرجال الموصلة للمتن ‪ .‬وهو بهذا المعنى مرادف للسند ‪.‬‬

‫‪ -2‬السند‪:‬‬

‫لغة‪ :‬المعتمد‪ .‬وسمي كذلك ألن الحديث يستند إليه ويعتمد عليه ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا‪ :‬سلسلة الرجال الموصلة للمتن‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -3‬المتن‪:‬‬

‫لغة‪ :‬ما صلب وارتفع من األرض‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا‪ :‬ما ينتهي إليه السند من الكالم‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -4‬المسند‪ ( :‬بفتح النون )‬

‫لغة‪ :‬اسم مفعول من أسند الشيء إليه بمعنى عزاه ونسبه له‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا‪ :‬له ثالثة معان‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ )1‬كل كتاب جمع فيه مرويات كل صحابي على حدة ‪.‬‬

‫‪ )2‬الحديث المرفوع المتصل سندا ‪.‬‬

‫‪ )3‬إن يراد به " السند " فيكون بهذا المعنى مصد ار ميميا‪.‬‬

‫‪ -5‬المسند ‪ ( :‬بكسر النون )‬

‫هــو مــن ي ــروي الحــديث بســنده ‪ .‬سـ ـواء أكــان عن ــده علــم بــه‪ .‬أم ل ــيس لــه إال مج ــرد‬

‫الرواية‬

‫‪ -6‬المحدث‪:‬‬

‫هــو مــن يشــتغل بعلــم الحــديث روايــة ود اريــة ويطلــع علــى كثيــر مــن الروايــات وأحـوال‬

‫رواتها‪.‬‬

‫‪ -7‬الحافظ ‪ :‬فيه قوالن ‪:‬‬

‫‪ )1‬مرادف للمحدث عند كثير من المحدثين‪.‬‬

‫‪ )2‬وقيل هو أرفع درجة من المحدث ‪ .‬بحيث يكون مـا يعرفـه فـي كـل طبقـة‬

‫أكثر ممايجهله‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -11‬الحاكم‪:‬‬

‫هو من أحاط علما بجميع األحاديث حتى ال يفوته منها إال اليسير علـى رأي بعـض‬

‫أهل العلم‪.‬‬

‫تقسيم الحديث بالنسبة إلى قائله‬

‫ينقسم الحديث بالنسبة إلى قائله أو من أسند إليه إلى أربعة أقسام وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬الحديث القدسي‬

‫المرفوع‬ ‫‪-1‬‬

‫الموقوف‬ ‫‪-2‬‬

‫المقطوع‬ ‫‪-3‬‬

‫وإليك بحث هذه األقسام تفصيال على التوالي‪.‬‬

‫الحديث القدسي‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬القدسي نسبة إلـى " القـدس" أي الطهـر‪ .‬أي الحـديث المنسـوب إلـى‬ ‫أ‪-‬‬

‫الذات القدسية‪ .‬وهو هللا سبحانه وتعالى ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ب‪ -‬اصطالحا ‪ :‬هو ما نقل إلينا عن النبي صلي هللا عليـه وسـلم مـع إسـناده‬

‫إياه إلى ربه عز وجل ‪.‬‬

‫‪ -2‬الفرق بينه وبين القرآن‬

‫هناك فروق كثيرة أشهرها ما يلي‪:‬‬

‫أن القـرآن لفظـه ومعنـاه مـن هللا تعــالى‪ ،‬والحـديث القدسـي معنـاه مــن هللا‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ولفظه من عند النبي صلي هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ب‪ -‬والقرآن يتعبد بتالوته‪ ،‬والحديث القدسي ال يتعبد بتالوته‪.‬‬

‫ج‪ -‬القـرآن يشــترط فــي ثبوتــه التـواتر‪ ،‬والحــديث القدســي ال يشــترط فــي ثبوتــه‬

‫التواتر‪.‬‬

‫‪ -3‬عدد األحاديث القدسية‬

‫واألحاديــث القدســية ليســت بكثيـرة بالنســبة لعــدد األحاديــث النبويــة وعــددها يزيــد علــى‬

‫المائتي حديث‪.‬‬

‫‪ -4‬مثالههه ‪ :‬مــا رواه مســلم فــي صــحيحه عــن أبــي ذر رضــي هللا عنــه عــن النبــي‬

‫صلى هللا عليه وسلم فيما روي عن هللا تبـارك وتعـالى أنـه قـال" يـا عبـادي إنـي‬

‫حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فال تظالموا ‪"...‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -5‬صيغ روايته‬

‫لراوي الحديث القدسي صيغتان يروي الحديث بأيهما شاء ‪ ،‬وهما ‪:‬‬

‫قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬قال هللا تعالى‪ ،‬فيما رواه عنه رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪ -6‬أشهر المصنفات فيه‬

‫اإلتحاف ــات الس ــنية باألحادي ــث القدس ــية ‪ ،‬لعب ــدالرؤوف المن ــاوي جم ــع في ــه ‪/272 /‬‬

‫حديثا‪.‬‬

‫المرفوع‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬اسم مفعول من فعل " رفـع " ضـد وضـع " كأنـه سـمي بـذلك لنسـبته‬ ‫أ‪-‬‬

‫إلى صاحب المقام الرفيع‪ ،‬وهو النبي صلي هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‪ :‬ما أضيف إلى النبي صـلي هللا عليـه وسـلم مـن قـول أو فعـل‬

‫أو تقرير أو صفة‪.‬‬

‫‪ -2‬شرح التعريف ‪ :‬أي هو ما نسب أو مـا أسـند إلـى النبـي صـلي هللا عليـه وسـلم‬

‫سواء كان هذا المضاف قـوال للنبـي صـلي هللا عليـه وسـلم أو فعـال أو تقريـ ار أو‬

‫‪32‬‬
‫صفة وسواء كان المضيف هو الصـحابي أو مـن دونـه ‪ ،‬متصـال كـان اإلسـناد‬

‫أو منقطعا‪ ،‬فيدخل فيـه المرفـوع الموصـول والمرسـل والمتصـل والمنقطـع ‪ ،‬هـذا‬

‫هو المشهور في حقيقته‪ ،‬وهناك أقوال أخرى في حقيقته وتعريفه ‪.‬‬

‫‪ -3‬أنواعه‬

‫يتبين من التعريف أن أنواع المرفوع أربعة وهي‪:‬‬

‫المرفوع القولي ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬المرفوع الفعلي‪.‬‬

‫ج‪ -‬المرفوع التقريري‪.‬‬

‫د‪ -‬المرفوع الوصفي ‪.‬‬

‫‪ -4‬أمثلة‬

‫مثــال المرفــوع القــولي ‪ :‬أن يقــول الصــحابي أو غي ـره ‪ " :‬قــال رســول هللا‬ ‫أ‪-‬‬

‫صلي هللا عليه وسلم كذا ‪. " ...‬‬

‫ب‪ -‬مثــال المرفــوع الفعلــي ‪ :‬أن يقــول الصــحابي أو غي ـره ‪ " :‬فعــل رســول هللا‬

‫صلي هللا عليه وسلم كذا ‪. " ...‬‬

‫‪33‬‬
‫ج‪ -‬مثال المرفوع التقريري‪ :‬أن يقول الصحابي أو غيره " فعـل بحضـرة النبـي‬

‫صلي هللا عليه وسلم كذا " وال يروي إنكاره لذلك الفعل‪.‬‬

‫د‪ -‬مثال المرفوع الوصفي ‪ :‬أن يقول الصـحابي أو غيـره ‪ " :‬كـان رسـول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم أحسن الناس خلقا " ‪.‬‬

‫الموقوف‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغـ ــة‪ :‬اسـ ــم مفعـ ــول مـ ــن " الوقـ ــف " كـ ــأن ال ـ ـراوي وقـ ــف بالحـ ــديث عنـ ــد‬ ‫أ‪-‬‬

‫الصحابي‪ ،‬ولم يتابع سرد باقي سلسلة اإلسناد‪.‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‪ :‬ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير‪.‬‬

‫‪ -2‬شرح التعريف‬

‫أي ه ــو م ــا نس ــب أو أس ــند إل ــى ص ــحابي أو جم ــع م ــن الص ــحابة سـ ـواء ك ــان ه ــذا‬

‫المنسوب إليهم قوال أو فعال أو تقري ار ‪ ،‬وسواء كان السند إليهم متصال أو منقطعا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -3‬أمثلة‪:‬‬

‫مثال الموقوف القولي‪ :‬قول الراوي ‪ ،‬قال على بـن أبـي طالـب رضـي هللا‬ ‫أ‪-‬‬

‫عنه ‪ " :‬حدثوا الناس بما يعرفون ‪ ،‬أتريـدون أن يكـذب هللا ورسـوله " رواه‬

‫البخاري‬

‫ب‪ -‬مثال الموقوف الفعلي‪ :‬قول البخاري‪ " :‬وأم ابن عباس وهـو متـيمم " رواه‬

‫البخاري‬

‫ج‪ -‬مثـال الموقـوف التقريـري‪ :‬كقـول بعـض التـابعين مـثال ‪ " :‬فعلـت كـذا أمـام‬

‫أحد الصحابة ولم ينكر علي " ‪.‬‬

‫‪ -4‬هل يحتج بالموقوف ؟‬

‫الموقــوف كمــا عرفــت قــد يكــون صــحيحا أو حســنا أو ضــعيفا ‪ ،‬لكـن حتــى ولــو ثبتــت‬

‫صــحته فهــل يحــتج بــه؟ والجـواب عــن ذلــك أن األصــل فــي الموقــوف عــدم االحتجــاج‬

‫ب ــه ‪ .‬ألن ــه أقـ ـوال وأفع ــال ص ــحابة ‪ .‬لكنه ــا إن ثبت ــت فأنه ــا تق ــوي بع ــض األحادي ــث‬

‫الضعيفة كمـا فـي المرسـل ـ ألن حـال الصـحابة كـان هـو العمـل بالسـنة‪ ،‬وهـذا إذا لـم‬

‫يكن له حكم المرفوع ‪ ،‬أما إذا كان من الذي له حكم المرفوع فهو حجة كالمرفوع ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المقطوع‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬اسم مفعول من " قطع " ضد " وصل"‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫أو من دونه من قول أو فعل ‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫ب‪ -‬اصطالحا‪ :‬ما أضيف إلى التابعي‬

‫‪ -2‬شرح التعريف‬

‫أي هو ما نسب أو أسند إلى التابعي أو تـابع التـابعي فمـن دونـه مـن قـول أو فعـل ‪،‬‬

‫والمقطــوع غيــر المنقطــع ‪ ،‬ألن المقطــوع مــن صــفات المــتن ‪ ،‬والمنقطــع مــن صــفات‬

‫اإلســناد ‪ ،‬أي أن الحــديث المقطــوع مــن كــالم التــابعي فمــن دونــه ‪ ،‬وقــد يكــون الســند‬

‫متصال إلى ذلك التابعي ‪ ،‬على حين أن المنقطع يعني أن إسناد ذلك الحـديث غيـر‬

‫متصل ‪ ،‬وال تعلق له بالمتن ‪.‬‬

‫‪ -3‬أمثلة‬

‫مثال المقطوع القولي‪ :‬قول الحسن البصري في الصالة خلف المبتدع‪" :‬صـل وعليـه‬

‫بدعت ــه" ‪ -‬مثـ ــال المقطـ ــوع الفعلـ ــي ‪ :‬قـ ــول إب ـ ـراهيم بـ ــن محمـ ــد بـ ــن المنتشـ ــر‪" :‬كـ ــان‬

‫مسروق يرخي الستر بينه وبين أهله‪ ،‬ويقبل على صالته ويخليهم ودنياهم "‬

‫‪ 1‬التابعي هو من لقي الصحابي مسلما ً ومات على اإلسالم‪.‬‬


‫‪36‬‬
‫‪ -4‬حكم االحتجاج به‬

‫المقطوع ال يحتج به في شـيء مـن األحكـام الشـرعية ‪ ،‬أي ولـو صـحت نسـبته لقائلـه‬

‫‪ ،‬ألنــه كــالم أو فعــل أحــد المســلمين ‪ ،‬لكــن أن كانــت هنــاك قرينــة تــدل علــى رفعــه ‪،‬‬

‫كقــول بعــض الــرواة ‪ :‬ـ عنــد ذكــر التــابعي ـ " يرفعــه " مــثال فيعتبــر عندئــذ لــه حكــم‬

‫المرفوع المرسل ‪.‬‬

‫‪ -5‬إطالقه على المنقطع‬

‫أطلق بعض المحـدثين كالشـافعي والطب ارنـي لفـظ " المقطـوع " وأرادوا بـه " المنقطـع "‬

‫أي الذي لم يتصل إسناده ‪ ،‬وهو اصطالح غير مشهور ‪ .‬وقـد يعتـذر للشـافعي بأنـه‬

‫قال ذلك قبل استقرار االصطالح أما الطبراني فإطالقه ذلك تجو از عن االصطالح‪.‬‬

‫‪ -6‬من مظنات الموقوف والمقطوع‬

‫مصنف ابن أبي شيبة ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬مصنف عبدالرزاق ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تفاسير ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر ‪.‬‬

‫تقسيم الحديث بالنسبة إلى عدد الرواة أو باعتبار وصوله إلينا‬

‫ينقسم الحديث باعتبار عدد الرواة أو وصوله إلينا إلى قسمين‪:‬‬


‫‪37‬‬
‫‪ -1‬فان كان له طرق بال حصر عدد معين فهو المتواتر ‪.‬‬

‫‪ -2‬وإن كان له طرق محصورة بعدد معين فهو اآلحاد‪.‬‬

‫ولكل منهما أقسام وتفاصيل ‪ ،‬وإليك بيانها وتفصيلها كالتالية‪:‬‬

‫الحديث المتواتر‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬هو اسم فاعـل مشـتق مـن المتـواتر أي التتـابع‪ ،‬تقـول تـواتر المطـر‬ ‫‪-‬‬

‫أي تتابع نزوله‪.‬‬

‫اصــطالحا‪ :‬مــا رواه عــدد كثيــر تحيــل العــادة تواطــؤهم علــى الكــذب‪ .‬أي‬ ‫‪-‬‬

‫هــو الحــديث أو الخبــر الــذي يرويــه فــي كــل طبقــة مــن طبقــات ســنده رواة‬

‫كثيرون يحكم العقل عادة باستحالة أن يكون أولئـك الـرواة قـد اتفقـوا علـى‬

‫اختالق هذا الخبر‪.‬‬

‫‪ -2‬شروطه‬

‫يتبين من التعريف أن التواتر ال يتحقق في الخبر إال بشروط أربعة وهي‪:‬‬

‫أن يرويه عدد كثير ‪ .‬وقد اختلف في أقل الكثرة على أقوال المختـار أنـه‬ ‫أ‪-‬‬

‫عشرة أشخاص‬

‫‪38‬‬
‫ب‪ -‬أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب ‪. 1‬‬

‫د‪ -‬أن يكون مستند خبرهم الحس ‪ .‬كقولهم سمعنا أو رأينـا أو لمسـنا أو ‪....‬‬

‫أم ــا إن ك ــان مس ــتند خب ــرهم العق ــل‪ .‬ك ــالقول بح ــدوث الع ــالم م ــثال ‪ .‬ف ــال‬

‫يسمي الخبر حينئذ متوات ار ‪.‬‬

‫‪ -3‬حكمه‬

‫المتـواتر يفيــد العلــم الضــروري‪ ،‬أي اليقينــي الــذي يضــطر اإلنســان إلــى التصــديق بــه‬

‫تصــديقا جازمــا كمــن يشــاهد األمــر بنفســه كيــف ال يتــردد فــي تصــديقه‪ ،‬فكــذلك الخبــر‬

‫المتواتر‪ .‬لذلك كان المتواتر كله مقبوال وال حاجة إلى البحث عن أحوال رواته‪.‬‬

‫‪ -4‬أقسامه‬

‫ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما‪ ،‬لفظي ومعنوي‪.‬‬

‫المت ـواتر اللفظــي‪ :‬هــو مــا ت ـواتر لفظــه ومعنــاه‪ .‬مثــل حــديث " مــن كــذب‬ ‫أ‪-‬‬

‫على معتمدا فليتبوأ مقعده من النار " رواه بضعة وسبعون صحابيا ‪.‬‬

‫ب‪ -‬المتواتر المعنوي‪ :‬هو ما تواتر معناه دون لفظة‪.‬‬

‫‪1‬وذلك كأن يكونوا من بالده مختلفة‪ .‬وأجناس مختلفة‪ .‬ومذاهب مختلفة وما شابه ذلك‪ .‬وبناء على ذلك فقد يكثر‬
‫عدد المخبرين وال يثبت للخبر حكم المتواتر‪ .‬وقد يقل العدد نسبيا ً ويثبت للخبر حكم المتواتر ‪ .‬وذلك حسب‬
‫أحوال الرواة‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫مثــل ‪ :‬أحاديــث رفــع الي ـدين فــي الــدعاء ‪ .‬فقــد ورد عنــه صــلى هللا عليــه وســلم نحــو‬

‫مائة حديث‪ .‬كل حديث منها فيه أنه رفع يديه في الـدعاء ‪.‬لكنهـا فـي قضـايا مختلفـة‬

‫فكــل قضــية منهــا لــم تتـواتر‪ ،‬والقــدر المشــترك بينهــا ـ وهــو الرفــع عنــد الــدعاء ـ تـواتر‬

‫‪1‬‬
‫باعتبار مجموع الطرق‪.‬‬

‫‪ -5‬وجوده‬

‫يوج ــد ع ــدد ال ب ــأس ب ــه م ــن األحادي ــث المتـ ـواترة ‪ ،‬منه ــا ح ــديث الح ــوض ‪ ،‬وح ــديث‬

‫المس ــح عل ــى الخف ــين ‪ ،‬وح ــديث رف ــع اليـ ـدين ف ــي الص ــالة وح ــديث نض ــر هللا أمـ ـ ار‪،‬‬

‫وغيرها كثير ‪ ،‬لكن لو نظرنا إلى عدد أحاديث اآلحاد لوجدنا أن األحاديـث المتـواترة‬

‫قليلة جدا بالنسبة لها ‪.‬‬

‫أشهر المصنفات فيه‬

‫لقد اعتني العلماء بجمع األحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مسـتقل ليسـهل علـى‬

‫الطالب الرجوع إليها‪ .‬فمن تلك المصنفات‪:‬‬

‫األزهــار المتنــاثرة فــي األخبــار المت ـواترة ‪ :‬للســيوطي ‪ .‬وهــو مرتــب علــى‬ ‫أ‪-‬‬

‫األبواب‪.‬‬

‫ب‪ -‬قطف األزهار للسيوطي أيضا ‪ .‬وهو تلخيص للكتاب السابق ‪.‬‬

‫‪1‬تدريب الراوي جـ‪ 2‬ـ ص ‪180‬‬


‫‪40‬‬
‫ج‪ -‬نظم المتناثر من الحديث المتواتر ‪ :‬لمحمد بن جعفر الكتاني ‪.‬‬

‫حديث اآلحاد‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬اآلحاد جمع أحد بمعني الواحد‪ ،‬وخبر الواحد هو مـا يرويـه شـخص‬ ‫‪-‬‬

‫واحد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اصطالحا‪ :‬هو ما لم يجمع شروط المتواتر‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -2‬حكمه‬

‫يفيد العلم النظري ‪ ،‬أي العلم المتوقف على النظر واالستدالل ‪.‬‬

‫أقسامه بالنسبة إلى عدد طرقه‬ ‫‪-3‬‬


‫يقسم خبر اآلحاد بالنسبة إلى عدد طرقه إلى ثالثة أقسام‪.‬‬

‫مشهور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عزيز‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫غريب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬نزهة النظر ص ‪26‬‬


‫‪41‬‬
‫المشهور‬

‫‪ -1‬تعريفه‪:‬‬

‫لغــة ‪ :‬هــو اســم مفعــول مــن " شــهرت األمــر " إذا أعلنتــه وأظهرتــه وســمى‬ ‫‪-‬‬

‫بذلك لظهوره ‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬ما رواه ثالثة ـ فأكثر في كل طبقة ـ ما لم يبلغ حد التواتر‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -2‬مثاله‪ :‬حديث " أن هللا ال يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس‪" .....‬‬

‫‪ -3‬المستفيض‪:‬‬

‫لغــة‪ :‬اســم فاعــل مــن " اســتفاض " مشــتق مــن فــاض المــاء وســمى بــذلك‬ ‫‪-‬‬

‫النتشاره‪.‬‬

‫اصطالحا ‪ :‬اختلف في تعريفه على ثالثة أقوال وهي ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ o‬هو مرادف للمشهور‪.‬‬

‫‪ o‬هو أخص منه ‪ ،‬ألنه يشترط فـي المسـتفيض أن يسـتوي طرفـا إسـناده‬

‫‪ ،‬وال يشترط ذلك في المشهور‪.‬‬

‫‪ o‬هو أعم منه أي عكس القول الثاني‪.‬‬

‫‪1‬أخرجه الشيخان والترمذي وابن ماجه وأحمد ‪.‬‬


‫‪42‬‬
‫‪ -4‬المشهور غير االصطالحي‪:‬‬

‫ويقصد به ما اشتهر على األلسنة من غير شروط تعتبر‪ ،‬فيشمل‪:‬‬

‫ما له إسناد واحد ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬وما له أكثر من إسناد ‪.‬‬

‫ج‪ -‬وما ال يوجد له إسناد أصال ‪.‬‬

‫‪ -5‬أنواع المشهور غير االصطالحي‪:‬‬

‫له أنواع كثيرة أشهرها ‪:‬‬

‫مشــهور بــين أهــل الحــديث خاصــة ‪ :‬ومثالــه حــديث أنــس " أن رســول هللا‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫صلي هللا عليه وسلم قنت شه ار بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان "‬

‫ب‪ -‬مش ــهور ب ــين أه ــل الح ــديث والعلم ــاء والعـ ـوام‪ :‬مثال ــه " المس ــلم م ــن س ــلم‬

‫‪2‬‬
‫المسلمون من لسانه ويده"‬

‫‪3‬‬
‫ج‪ -‬مشهور بين الفقهاء‪ :‬مثاله حديث " أبغض الحالل إلى هللا الطالق "‬

‫‪1‬أخرجه الشيخان‬
‫‪2‬متفق عليه ‪.‬‬
‫‪3‬صححه الحاكم في المستدرك وأقره الذهبي لكن بلفظ " ما أحل هللا شيئا أبغض إليه من‬
‫الطالق‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫د‪ -‬مشــهور بــين األصــوليين‪ :‬مثالــه حــديث " رفــع عــن أمتــي الخطــأ والنســيان‬

‫وما استكرهوا عليه " صححه ابن حبان والحاكم ‪.‬‬

‫ه‪ -‬مشهور بين النحاة ‪ :‬مثاله حديث " نعم العبد صهيب لو لم يخف هللا لـم‬

‫يعصه " ال أصل له ‪.‬‬

‫و‪ -‬مشـ ــهور بـ ــين العامـ ــة ‪ :‬مثالـ ــه حـ ــديث " العجلـ ــة مـ ــن الشـ ــيطان" أخرجـ ــه‬

‫الترمذي وحسنه ‪.‬‬

‫‪ -6‬حكم المشهور‬

‫المشـ ــهور االصـ ــطالحي وغيـ ــر االصـ ــطالحي ال يوصـ ــف بكونـ ــه صـ ــحيحا أو غيـ ــر‬

‫صـحيح ‪ ،‬بــل منــه الصــحيح ومنــه الحسـن والضــعيف بــل والموضــوع ‪ ،‬لكــن إن صــح‬

‫المشهور االصطالحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب ‪.‬‬

‫أشهر المصنفات فيه‬ ‫‪-7‬‬


‫الم ـراد بالمصــنفات فــي األحاديــث المشــهورة هــو األحاديــث المشــهورة علــى األلســنة‬

‫وليس المشهورة اصطالحا ‪ ،‬ومن هذه المصنفات ‪.‬‬

‫المقاصد الحسنة فيما اشتهر على األلسنة للسخاوي ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪44‬‬
‫ب‪ -‬كشف الخفاء ومزيل اإللباس فيما اشتهر من الحديث علـى السـنة النـاس‬

‫للعجلوني ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث البـن‬

‫الديبغ الشيباني‬

‫العهههزيز‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغــة‪ :‬هــو صــفة مشــبهة مــن " عـز يعــز" بالكســر أي قــل و نـدر‪ ،‬أو مــن‬ ‫‪-‬‬

‫"عز يعز" بـالفتح‪ ،‬أي قـوي واشـتد‪ ،‬وسـمي بـذلك إمـا لقلـة وجـوده وندرتـه‪.‬‬

‫وإما لقوته بمجيئه من طريق آخر‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬أن ال يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -2‬شرح التعريف‬

‫يعني أن ال يوجد في طبقة مـن طبقـات السـند أقـل مـن اثنـين أمـا إن وجـد فـي بعـض‬

‫طبقــات الســند ثالثــة فــأكثر فــال يضــر‪ ،‬بشــرط أن تبقــي ولــو طبقــة واحــدة فيهــا اثنــان‪،‬‬

‫ألن العبرة ألقل طبقة من طبقات السند‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر ‪ 1‬وقـال بعـض العلمـاء‪:‬‬

‫إن العزيز هو رواية اثنين أو ثالثة‪ ،‬فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره‪.‬‬

‫‪ -3‬مثاله‪:‬‬

‫ما رواه الشيخان من حديث أنس ‪ ،‬والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول‬
‫صلي هللا عليه وسلم قال‪ " :‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده‬
‫‪2‬‬
‫والناس أجمعين"‬

‫ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ‪ ،‬ورواه عن قتادة شعبة وسعيد‬

‫ورواه عن عبدالعزيز إسماعيل بن عليه وعبدالوارث ‪ ،‬ورواه عن كل جماعة ‪.‬‬

‫‪ -4‬أشهر المصنفات فيه ‪:‬‬

‫لم يصنف العلماء مصنفات خاصة للحديث العزيز‪ ،‬والظاهر أن ذلك لقلته ولعدم‬
‫حصول فائدة مهمة‪ .‬من تلك المصنفات‪:‬‬

‫الغههههريب‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬هو صفة مشبهة‪ ،‬بمعنى المنفرد‪ ،‬أو البعيد عن أقاربه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا‪ :‬هو ما ينفرد بروايته راو واحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬انظر النخبة وشرحها له ص ‪21،24‬‬


‫‪2‬البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ -2‬شرح التعريف‬

‫أي هــو الحــديث الــذي يســتقل بروايتــه شــخص واحــد‪ ،‬إمــا فــي كــل طبقــة مــن طبقــات‬

‫السند‪ .‬أو في بعض طبقات السند ولو فـي طبقـة واحـدة‪ ،‬وال تضـر الزيـادة عـن واحـد‬

‫في باقي طبقات السند‪ ،‬ألن العبرة لألقل‪.‬‬

‫‪ -3‬مثاله‬

‫حديث " إنما األعمال بالنيات " ‪ 1‬تفرد به عمر بـن الخطـاب رضـي هللا عنـه ‪ :‬هـذا‬

‫وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عـدد مـن الـرواة‪ .‬مثـال‬

‫آخر ‪ :‬حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضي هللا عنه أن النبي صـلي هللا عليـه‬

‫وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر "‪ . 2‬تفرد به مالك عن الزهري ‪.‬‬

‫‪ -4‬من مظان الغريب ‪:‬‬

‫أي مكان وجود أمثلة كثيرة له‪.‬‬

‫مسند البزار ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬المعجم األوسط للطبراني ‪.‬‬

‫‪1‬أخرجه الشيخان ‪.‬‬


‫‪2‬أخرجه الشيخان‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ -5‬أشهر المصنفات فيه ‪:‬‬

‫غرائب مالك للدارقطني ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬األفراد للدارقطني أيضا ‪.‬‬

‫ج‪ -‬السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة ألبي داود السجستاني ‪.‬‬

‫تقسيم الحديث بالنسبة إلى قبوله ورده‬

‫ينقســم حــديث اآلحــاد ‪ -‬مــن مشــهور وعزيــز وغريــب ‪ -‬بالنســبة إلــى قبولــه ورده أو‬

‫قوته وضعفه إلى قسمين وهما‪:‬‬

‫مقبــول‪ :‬وهــو مــا تــرجح صــدق المخبــر بــه‪ ،‬وحكمــه‪ :‬وجــوب االحتجــاج والعمــل‬ ‫أ‪-‬‬

‫به‪.‬‬

‫ب‪ -‬مــردود ‪ :‬وهــو مــا لــم يتــرجح صــدق المخبــر بــه ‪ ،‬وحكمــه ‪ :‬أنــه ال يحــتج بــه وال‬

‫يجــب العمــل بــه ‪ ،‬ولكــل مــن المقبــول والمــردود أقســام وتفاصــيل وسـيأتي بيانهــا‬

‫وتفصيلها كاتالية‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫الحديث المقبول‬

‫يقسم المقبول بالنسـبة إلـى تفـاوت مراتبـه إلـى قسـمين رئيسـيين همـا‪ :‬صـحيح وحسـن‪.‬‬

‫وكل منهما يقسـم إلـى قسـمين همـا ‪ ،‬لذاتـه ولغيـره ‪ ،‬فتئـول أقسـام المقبـول فـي النهايـة‬

‫إلى أربعة أقسام هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬صحيح لذاته ‪.‬‬

‫‪ -2‬حسن لذاته ‪.‬‬

‫‪ -3‬صحيح لغيره‪.‬‬

‫‪ -4‬حسن لغيره ‪.‬‬

‫وإليك بحث هذه األقسام تفصيال‪:‬‬

‫الصحيح‬

‫‪ -1‬تعريفه‪:‬‬

‫لغــة‪ :‬الص ــحيح ض ــد الس ــقيم‪ ،‬وه ــو حقيق ــة ف ــي األجس ــام مج ــاز ف ــي الح ــديث‬

‫وسائر المعاني‪.‬‬

‫اصــطالحا ‪:‬مــا اتصــل ســنده بنقــل العــدل الضــابط عــن مثلــه إلــى منتهــاه م ـن‬

‫غير شذوذ وال علة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -2‬شرح التعريف ‪:‬‬

‫اشـ ــتمل التعريـ ــف السـ ــابق علـ ــى أمـ ــور يجـ ــب توفرهـ ــا حتـ ــى يكـ ــون الحـ ــديث‬

‫صحيحا‪ ،‬وهذه األمور هي‪:‬‬

‫اتصال السـند‪ :‬ومعنـاه أن كـل راو مـن رواتـه قـد أخـذه مباشـرة عمـن فوقـه‬ ‫أ‪-‬‬

‫من أول السند إلى منتهاه‪.‬‬

‫ب‪ -‬عدالة الرواة‪ :‬أي أن كل راو من رواته اتصـف بكونـه مسـلما بالغـا عـاقال‬

‫غير فاسق وغير مخروم المروءة‪.‬‬

‫تعريــف العدالــة ‪:‬هــي صــفة أو ملكــة تحمــل صــاحبها علــى التقــوى وفعــل‬

‫الحسن وترك القبيح‪.‬‬

‫ج‪ -‬ضــبط الــرواة ‪ :‬أي أن كــل راو مــن رواتــه كــان تــام الضــبط ‪ ،‬أمــا ضــبط‬

‫صدر أو ضبط كتاب‪.‬‬

‫د‪ -‬عــدم الشــذوذ‪ :‬أي أن ال يكــون الحــديث شاذا‪،‬والشــذوذ هــو مخالفــة الثقــة‬

‫لمن هو أوثق منه‪.‬‬

‫ه‪ -‬عــدم العلــة‪ :‬أي أن ال يكــون الحــديث معلـوال‪ ،‬والعلــة ســبب غــامض خفــي‬

‫يقدح في صحة الحديث‪ ،‬مع أن الظاهر السالمة منه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ -3‬شروطه‬

‫يتبـين مــن شـرح التعريــف أن شـروط الصــحيح التـي يجــب توفرهـا حتــى يكــون‬

‫الحديث صحيحا خمسة وهي‪ { :‬اتصال السند ـ عدالة الـرواة ـ ضـبط الـرواة ـ‬

‫عـدم العلـة ـ عـدم الشـذوذ } فـإذا اختـل شـرط واحـد مـن هـذه الشـروط الخمســة‬

‫فال يسمى الحديث حينئذ صحيحا ‪.‬‬

‫‪ -4‬مثاله‬

‫مــا أخرجــه البخــاري فــي صــحيحه قــال ‪ " :‬حــدثنا عبــدهللا بــن يوســف قــال أخبرنــا‬

‫مالــك عــن اب ـن شــهاب عــن محمــد بــن جبيــر بــن مطعــم عــن أبيــه قــال ســمعت‬

‫فه ــذا الح ــديث‬ ‫‪1‬‬


‫رس ــول هللا ص ــلى هللا علي ــه وس ــلم قـ ـ أر ف ــي المغ ــرب ب ــالطور "‬

‫صحيح ألن‪:‬‬

‫سـنده متصــل ‪ :‬إذ أن كــل راو مـن رواتــه ســمعه مـن شــيخه ‪ .‬وأمــا عنعنــة‬ ‫أ‪-‬‬

‫مال ــك واب ــن ش ــهاب واب ــن جبي ــر فمحمول ــة عل ــى االتص ــال ألنه ــم غي ــر‬ ‫‪2‬‬

‫مدلسين ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وألن رواته عدول ضابطون‪ :‬وهذا أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل‪.‬‬

‫‪1‬البخاري ـ كتاب اآلذان ‪.‬‬


‫‪2‬العنعنة ‪ :‬رواية الحديث عن الشيخ بلفظ " عن "‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ -1‬عبدهللا بن يوسف ‪ :‬ثقة متقن‬

‫‪ -2‬مالك بن أنس‪ :‬إمام حافظ‪.‬‬

‫‪ -3‬ابن شهاب الزهري ‪ :‬فقيه حافظ متفق على جاللته وإتقانه ‪.‬‬

‫‪ -4‬محمد بن جبير ‪ :‬ثقة ‪.‬‬

‫‪ -5‬جبير بن مطعم ‪ :‬صحابي‬

‫ج‪ -‬وألنه غير شاذ ‪ :‬إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه‬

‫د‪ -‬وألنه ليس فيه علة من العلل ‪.‬‬

‫‪ -5‬حكمه‬

‫وجــوب ‪ :‬العمــل بــه بإجمــاع أهــل الحــديث ومــن يعتــد بــه مــن األصــوليين والفقهــاء ‪،‬‬

‫فهو حجة من حجج الشرع ‪ ،‬ال يسع المسلم ترك العمل به ‪.‬‬

‫‪ -6‬ما هو أول مصنف في الصحيح المجرد ؟‬

‫أول مصــنف فــي الصــحيح المجــرد صــحيح البخــاري‪ ،‬ثــم صــحيح مســلم‪ .‬وهمــا أصــح‬

‫الكتب بعد القرآن ‪ ،‬وقد أجمعت األمة على تلقي كتابيهما بالقبول ‪.‬‬

‫صحيح البخاري‪:‬ألبي عبد هللا محمد بـن اسـماعيل الجعفـي مـوالهم البخـاري المتـوفي‬

‫سنة ‪256‬هـ رحمه هللا‪ .‬ثم تاله تلميذه النجيب مسلم‪،‬‬

‫‪52‬‬
‫صــحيح مســلم ‪:‬ألبــي الحســن مســلم بــن الحجــاج القشــيري النيســابوري المتــوفي ســنة‬

‫‪261‬هـ رحمه هللا‬

‫كم عدة األحاديث في كل منهما ؟‬

‫‪ -1‬البخـ ــاري‪ :‬جملـ ــة مـ ــا فيـ ــه ‪ 7275‬حـ ــديثا بـ ــالمكررة‪ ،‬وبحـ ــذف المكـ ــررة ‪4000‬‬

‫تقريبا‪.‬‬

‫‪ -2‬مسلم‪ :‬جملة ما فيه ‪ 12000‬بالمكررة وبحذف المكررة نحو ‪ 4000‬تقريبا‪.‬‬

‫أين نجد بقية األحاديث الصحيحة التي فاتت البخاري ومسلما ؟‬

‫نجدها في الكتب المعتمدة المشهورة كصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان‬
‫ومستدرك الحاكم والسنن األربعة وسنن الدارقطني والبيهقي وغيرها ‪.‬‬
‫وال يكفي وجود الحديث في هذه الكتب‪ ،‬بل ال بد من التنصيص على‬

‫صحته‪ ،‬إال في كتاب من شرط اال قتصار على إخراج الصحيح‪ ،‬كصحيح ابن‬

‫خزيمة‪.‬‬

‫‪ -7‬ما هو المحكوم بصحته مما رواه الشيخان ؟‬

‫مر بنا أن البخاري ومسلما ً لم يدخال في صحيحيهما إال ما صح وأن األمة تلقت‬
‫كتابيهما بالقبول ‪ .‬فما هي األحاديث المحكوم بصحتها والتي تلقتها األمة بالقبول يا‬
‫تري؟‬

‫‪53‬‬
‫والجواب هو‪ :‬أن ما روياه باإلسناد المتصل فهو المحكوم بصحته ‪ .‬وأما ما‬

‫حذف من مبدأ إسناده راو أو أكثر ـ ويسمي المعلق‪ 1‬وهو في البخاري كثير ‪ ،‬لكنه‬

‫في تراجم األبواب ومقدمتها ‪ ،‬وال يوجد شيء منه في صلب األبواب البته ‪ ،‬أما في‬

‫مسلم فليس فيه من ذلك إال حديث واحد في باب التيمم لم يصله في موضع آخر ـ‬

‫فحكمه كما يلي‪:‬‬

‫فما كان منه بصيغة الجزم‪ :‬كقال وأمر وذكر‪ ،‬فهو حكم بصحته عن‬

‫المضاف إليه‪.‬‬

‫ومـا لـم يكـن فيـه جـزم ‪ :‬كيــروى ويـذكر ويحكـي ‪ ،‬وروي وذكــر فلـيس فيــه‬ ‫أ‪-‬‬

‫حك ــم بصـ ــحته عـ ــن المضـ ــاف إليـ ــه ‪ ،‬ومـ ــع ذلـ ــك فلـ ــيس فيـ ــه حـ ــديث واه‬

‫إلدخاله في الكتاب المسمي بالصحيح ‪.‬‬

‫‪ -8‬معنى قولهم‪ " :‬متفق عليه "‪:‬‬

‫إذا قــال علمــاء الحــديث عــن حــديث " متفــق عليــه " فم ـرادهم اتفــاق الشــيخين ‪ ،‬أي‬

‫اتفاق الشيخين على صحته ‪ ،‬ال اتفاق األمة إال أن ابن الصـالح قـال‪ " :‬لكـن اتفـاق‬

‫‪1‬وسيأتي بحثه تفصيال فيما بعد ‪.‬‬


‫‪54‬‬
‫األمــة عليــه الزم مــن ذلــك وحاصــل معــه‪ ،‬التفــاق األمــة علــى تلقــي مــا اتفقــا عليــه‬

‫‪1‬‬
‫بالقبول‬

‫الحسن‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬هو صفة مشبهة من " الحسن " بمعنى الجمال‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اصطالحا‪ :‬اختلفت أقوال العلماء فـي تعريـف الحسـن نظـ ار ألنـه متوسـط‬ ‫‪-‬‬

‫بين الصحيح والضعيف‪ ،‬وألن بعضـهم عـرف أحـد قسـميه‪ ،‬ولكـن تعريفـه‬

‫المختار‪ " :‬هو ما اتصل سنده بنقـل العـدل الـذي خـف ضـبطه عـن مثلـه‬

‫إلى منتهاه من غير شذوذ وال علة "‪.‬‬

‫‪ -2‬حكمه‬

‫هــو كالصــحيح فــي االحتجــاج بــه ‪ ،‬وان كــان دونــه فــي القــوة لــذلك احــتج بــه جميــع‬

‫الفقهاء ‪ ،‬وعملـوا بـه ‪ ،‬وعلـى االحتجـاج بـه معظـم المحـدثين واألصـوليين إال مـن شـذ‬

‫من المتشددين " وقد أدرجه بعض المتساهلين في نوع الصحيح كالحـاكم وابـن حبـان‬

‫وابن خزيمة ‪ ،‬مع قولهم بأنه دون الصحيح المبين أوال‪.2‬‬

‫‪1‬علوم الحديث ص ‪24‬‬


‫‪2‬انظر تدريب الراوي جـ ‪ 1‬ـ ص ‪160‬‬
‫‪55‬‬
‫‪ -3‬مثاله‬

‫مــا أخرجــه الترمــذي قــال‪" :‬حــدثنا قتيبــة حــدثنا جعفــر بــن ســليمان الضــبعي عــن أبــي‬

‫عم ـران الجــوني عــن أبــي بكــر بــن أبــي موســي األشــعري قــال‪ :‬ســمعت أبــي بحض ـرة‬

‫العــدو يقــول ‪ :‬ق ـال رســول هللا صــلي هللا عليــه وســلم‪ :‬إن أب ـواب الجنــة تحــت ظــالل‬

‫السـ ــيوف ‪ ...‬الحـ ــديث ‪ ،1‬فهـ ــذا الحـ ــديث قـ ــال عنـ ــه الترمـ ــذي‪ " :‬هـ ــذا حـ ــديث حسـ ــن‬

‫غريب"‪.‬‬

‫وكان هذا الحديث حسنا ألن رجال إسناده األربعة ثقات إال جعفر بن سليمان‬

‫الضبعي فإنه حسن الحديث‪ 2‬لذلك نزل الحديث عن مرتبة الصحيح إلى الحسن‪.‬‬

‫‪ -4‬الكتب التي من مظنات الحسن‪:‬‬

‫لم يفرد العلماء كتبا خاصة بالحديث الحسن المجرد كما افردوا الصحيح المجـرد فـي‬

‫كتــب مســتقلة لكــن هنــاك كتبــا يكثــر فيهــا وجــود الحــديث الحســن‪ .‬فمــن أشــهر هــذه‬

‫الكتب‪:‬‬

‫جــامع الترمــذي‪ :‬المشــهور بـ ـ " ســنن الترمــذي " فهــو أصــل فــي معرفــة‬ ‫أ‪-‬‬

‫الحسن‪ ،‬والترمذي هو الذي شهره في هذا الكتاب وأكثر من ذكره ‪.‬‬

‫‪1‬الترمذي ـ أبواب فضائل الجهاد ـ جـ‪ 5‬ـ ص ‪ 300‬من الترمذي مع شرحه تحفة األحوذي‬
‫‪2‬كما نفل الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ‪ 96/2‬ذلك عن أبي احمد‬
‫‪56‬‬
‫لك ــن ينبغ ــي التنب ــه إل ــى أن نس ــخه تختل ــف ف ــي قول ــه " حس ــن ص ــحيح "‬

‫ونحــوه‪ ،‬فعلــى طالــب الحــديث العنايــة باختيــار النســخة المحققــة والمقابلــة‬

‫على أصول معتمدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬س ــنن أب ــي داود‪ :‬فق ــد ذك ــر ف ــي رس ــالته إل ــى أه ــل مك ــة ‪ :‬أن ــه ي ــذكر في ــه‬

‫الصــحيح ومــا يشــبهه ويقاربــه ‪ ،‬ومــا كــان فيــه وهــن شــديد بينــه‪ ،‬ومــا لــم‬

‫يــذكر فيــه شــيئا فهــو صــالح‪ .‬فبنــاء علــى ذلــك‪ ،‬إذا وجــدنا فيــه حــديثا لــم‬

‫يبــين هــو ضــعفه ‪ ،‬ولــم يصــححه أحــد مــن األئمــة المعتمــدين فهــو حســن‬

‫عند أبي داود ‪.‬‬

‫ج‪ -‬سنن الدار قطني ‪ :‬فقد نص الدارقطني على كثير منه في هذا الكتاب‪.‬‬

‫الصحيح لغيره‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫هـ ــو الحسـ ــن لذاتـ ــه إذا روي مـ ــن طريـ ــق آخـ ــر مثلـ ــه أو أقـ ــوى منـ ــه ‪ .‬وسـ ــمى‬

‫صـ ــحيحا لغي ـ ـره ألن الصـ ــحة لـ ــم تـ ــأت مـ ــن ذات السـ ــند ‪ ،‬وإنمـ ــا جـ ــاءت مـ ــن‬

‫انضمام غيره له‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -2‬مرتبته‬

‫هو أعلى مرتبة من الحسن لذاته ‪ ،‬ودون الصحيح لذاته ‪.‬‬

‫‪ -3‬مثاله‬

‫حديث "محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول هللا صـلي هللا عليـه‬

‫‪1‬‬
‫وسلم قال‪ :‬لوال أن أشق على أمتي ألمرتهم بالسواك عند كل صالة"‬

‫قال ابن الصالح‪" :‬فمحمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق‬

‫والصيانة ‪ ،‬لكنه لم يكن من أهل اإلتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه‬

‫‪ ،‬ووثقه بعضهم لصدقه وجاللته ‪ ،‬فحديثه من هذه الجهة حسن ‪ ،‬فلما انضم إلى‬

‫ذلك كونه روي من أوجه أخر زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه ‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫وانجبر به ذلك النقص اليسير‪ ،‬فصح هذا اإلسناد ‪ ،‬والتحق بدرجة الصحيح‬

‫الحسن لغيره‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫هو الضعيف إذا تعددت طرقه‪ ،‬ولم يكن سبب ضعفه فسـق الـراوي أو كذبـه‪ .‬يسـتفاد‬

‫من هذا التعريف أن الضعيف يرتقى إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما‪:‬‬

‫‪1‬أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة ‪ ،‬وأخرجه الشيخان من طريق أبي الزناد عن األعرج عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫‪2‬علوم الحديث ص ‪32-31‬‬
‫‪58‬‬
‫أن يروي من طريق آخر فأكثر ‪ ،‬على أن يكـون الطريـق اآلخـر مثلـه أو‬ ‫أ‪-‬‬

‫أقوى منه‬

‫ب‪ -‬أن يكون سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع فـي سـنده‬

‫أو جهالة في رجاله‪.‬‬

‫‪ -2‬مرتبته‬

‫الحســن لغيـ ـره أدنــي مرتب ــة مــن الحس ــن لذاتــه ‪ .‬وينبنـ ـي علــى ذل ــك أنــه ل ــو تع ــارض‬

‫الحسن لذاته مع الحسن لغيره قدم الحسن لذاته ‪.‬‬

‫‪ -3‬حكمه‬

‫هو من المقبول الذي يحتج به ‪.‬‬

‫‪ -4‬مثاله‬

‫" ما رواه الترمذي وحسنه من طريق شعبة عن عاصم بن عبيد هللا عن عبدهللا بن‬

‫عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول هللا‬

‫صلي هللا عليه وسلم ‪ " :‬أرضيت من نفسك ومالك بنعلين ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فأجاز "‬

‫‪1‬‬
‫قال الترمذي ‪ " :‬وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي حدرد "‬

‫‪1‬الترمذي ‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫فعاصم ضعيف لسوء حفظه ‪ ،‬وقد حسن له الترمذي هذا الحديث لمجيئه‬

‫من غير وجه "‬

‫الحديث المردود‬

‫الحديث المردود وأسباب رده‬

‫‪ -1‬تعريفه‪:‬‬

‫هو الـذي لـم يتـرجح صـدق المخبـر بـه‪ .‬وذلـك بفقـد شـرط أو أكثـر مـن شـروط القبـول‬

‫التي مرت بنا في بحث الحديث الصحيح‪.‬‬

‫‪ -2‬أقسامه وأسباب رده‪:‬‬

‫لقــد قســم العلمــاء الخبــر المــردود إلــى أقســام كثي ـرة ‪ ، 1‬وأطلق ـوا علــى كثيــر مــن تلــك‬

‫األقسـام أســماء خاصـة بهــا ‪ ،‬ومنهـا مــا لـم يطلقـوا عليهـا اســما خاصـا بهــا بـل ســموها‬

‫باسم عام هو "الضـعيف" ‪ .‬أمـا أسـباب رد الحـديث فكثيـرة‪ ،‬لكنهـا ترجـع بالجملـة إلـى‬

‫أحد سببين رئيسيين هما‪:‬‬

‫سقط من اإلسناد ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬طعن في الراوي ‪.‬‬

‫‪1‬بلغ بها بعضهم نيفا ً وأربعين قسما ً ‪.‬‬


‫‪60‬‬
‫وتحــت كــل مــن هــذين الســببين أنـواع متعــددة ‪ ،‬ولهــا أبحــاث مســتقلة مفصــلة إن شــاء‬

‫هللا تعالى مبتدئا ببحث " الضعيف " الذي يعتبر هو االسم العام لنوع المردود ‪.‬‬

‫الحديث الضعيف‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغة‪ :‬ضد القوى‪ ،‬والضعف حسي ومعنوي‪ ،‬والمراد به هنا الضعف‬ ‫‪-‬‬

‫المعنوي‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬هو ما لم يجمع صفة الحسن‪ ،‬بفقد شرط من شروطه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫قال البيقوني في منظومته ‪:‬‬

‫فهو الضعيف وهو أقسام كثر‬ ‫وكل ما عن رتبة الحسن قصر‬

‫‪ -2‬مراتبه‬

‫وتتفــاوت م ارتــب الضــعف بحســب شــدة ضــعف رواتــه وخفتــه كمـا يتفــاوت الصــحيح ‪،‬‬

‫فمنــه الضــعيف‪ ،‬ومن ــه الضــعيف جــدا ومنـ ـه ال ـواهي ‪ ،‬ومنــه المنك ــر ‪ ،‬وشــر أنواع ــه‬

‫‪1‬‬
‫الموضوع‬

‫‪1‬انظر علوم الحديث ـ معرفة الموضوع ص ‪89‬‬


‫‪61‬‬
‫‪ -3‬مثاله‬

‫مــا أخرجــه الترمــذي مــن طريــق " حكــيم األثــرم " عــن أبــي تميمــة الهجيمــي عــن أبــي‬

‫هريرة عن النبي صلي هللا عليه وسلم قال ‪ " :‬من أتي حائضا أو امـرأة فـي دبرهـا أو‬

‫خرجـه " ال نعـرف هـذا‬


‫كاهنا فقـد كفـر بمـا أنـزل علـى محمـد " ثـم قـال الترمـذي بعـد إ ا‬

‫الحــديث إال مــن حــديث حكــيم األثــرم عــن أبــي تميم ـة الهجيمــي عــن أبــي هري ـرة " ثــم‬

‫قلـت ألن فــي إســناده حكيمــا‬ ‫‪6‬‬


‫قــال" وضــعف محمــد‪ 5‬هــذا الحــديث مــن قبــل إســناده"‪.‬‬

‫األثــرم‪ ،‬وقــد ضــعفه العلمــاء ‪ ،‬فقــد قــال عنــه الحــافظ ابــن حجــر فــي تقريــب التهــذيب "‬

‫فيه لين"‪.‬‬

‫‪ -4‬حكم روايته ‪:‬‬

‫يجــوز عنــد أهــل الحــديث وغيــرهم روايــة األحاديــث الضــعيفة والتســاهل فــي أســانيدها‬

‫من غير بيان ضـعفها ـ بخـالف األحاديـث الموضـوعة فأنـه ال يجـوز روايتهـا إال مـع‬

‫بيان وضعها ـ بشرطين ‪.‬‬

‫أن ال تتعلق بالعقائد‪ ،‬كصفات هللا تعالى‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬أن ال تكون في بيان األحكام الشرعية مما يتعلق بالحالل والحرام ‪.‬‬

‫‪ 5‬أي البخاري‪.‬‬
‫‪ 6‬الترمذي مع شرحه – جـ ‪ – 1‬ص ‪420 - 419‬‬
‫‪62‬‬
‫يعني يجوز روايتها في مثل المواعظ والترغيب والترهيب والقصص وما أشبه‬
‫ذلك ‪ ،‬وممن روي عنه التساهل في روايتها سفيان الثوري وعبدالرحمن بن مهدي‬
‫‪1‬‬
‫وأحمد بن حنبل‬

‫وينبغي التنبه إلى أنك إذا رويتها من غير إسناد فال تقل فيها ‪ :‬قال رسول‬

‫هللا صلى هللا عليه وسلم كذا ‪ ،‬وإنما تقول ‪ :‬روي عن رسول هللا صلى هللا عليه‬

‫وسلم كذا ‪ ،‬أو بلغنا عنه كذا وما أشبه ذلك لئال تجزم بنسبة ذلك الحديث للرسول‬

‫وأنت تعرف ضعفه ‪.‬‬

‫‪ -5‬حكم العمل به‬

‫اختل ــف العلم ــاء ف ــي العم ــل بالح ــديث الض ــعيف‪ ،‬وال ــذي علي ــه جمه ــور العلم ــاء أن ــه‬

‫يســتحب العمــل بــه فــي فضــائل األعمــال لكــن بشــروط ثالثــة‪ ،‬أوضــحها الحــافظ ابــن‬

‫حجر ‪ 2‬وهي‪:‬‬

‫أن يكون الضعف غير شديد ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬أن يندرج الحديث تحت أصل معمول به‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن ال يعتقد عند العمل به ثبوته‪ ،‬بل يعتقد االحتياط‪.‬‬

‫‪ -6‬أشهر المصنفات التي هي مظنة الضعيف ‪:‬‬

‫‪1‬انظر علوم الحديث ص ‪ 93‬والكفاية ص ‪ 134 - 133‬باب التشدد في أحاديث األحكام والتجوز في فضائل األعمال‪.‬‬
‫‪2‬انظر تدريب الراوي جـ ‪ 1‬ـ ص ‪ 298‬ـ ‪ 299‬وفتح المغيث جـ‪ 1‬ـ ص‪. 268‬‬
‫‪63‬‬
‫الكتب التي صـنفت فـي بيـان الضـعفاء ‪ :‬ككتـاب الضـعفاء البـن حبـان ‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫وكتــاب ميــزان االعتــدال للــذهبي ‪ ،‬فــأنهم يــذكرون أمثلــة لألحاديــث التــي‬

‫صارت ضعيفة بسبب رواية أولئك الضعفاء لها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الكتـ ــب التـ ــي صـ ــنفت فـ ــي أن ـ ـواع مـ ــن الضـ ــعيف خاصـ ــة ‪ :‬مثـ ــل كتـ ــب‬

‫الم ارســيل والعلــل والمــدرج‪ ،‬غيرهــا ككتــاب الم ارســيل ألبــي داود ‪ ،‬وكتــاب‬

‫العلل للدارقطني ‪.‬‬

‫المردود بسبب سقط من اإلسناد‬

‫‪ -1‬المراد بالسقط من اإلسناد ‪:‬‬

‫الم ـراد بالس ـقط مــن اإلســناد انقطــاع سلســلة اإلســناد بســقوط راو أو أكثــر عمــدا مــن‬

‫بعــض الــرواة أو عــن غيــر عمــد‪ ،‬مــن أول الســند أو مــن آخـره أو مــن أثنائــه‪ ،‬ســقوطا‬

‫ظاه ار أو خفيا‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع السقط ‪:‬‬

‫يتنوع السقط من اإلسناد بحسب ظهور ‪ ،‬وخفائه إلى نوعين هما ‪:‬‬

‫ســقط ظــاهر‪ :‬وهــذا النــوع مــن الســقط يشــترك فــي معرفتــه األئمــة وغيــرهم‬ ‫أ‪-‬‬

‫من المشتغلين بعلوم الحديث ‪ ،‬ويعرف هذا السقط من عـدم التالقـي بـين‬

‫‪64‬‬
‫ال ـراوي وشــيخه ‪ ،‬إم ـا ألنــه لــم يــدرك عص ـره ‪ ،‬أو أدرك عص ـره لكنــه لــم‬

‫يجتمع به ( وليست له منه إجازة وال وجاده ) ‪ 1‬لذلك يحتـاج الباحـث فـي‬

‫األســانيد إلــى معرفــة تــارير الــرواة ألنــه يتضــمن بيــان مواليــدهم ووفيــاتهم‬

‫وأوقات طلبهم وارتحالهم وغير ذلك ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وقــد اصــطلح علمــاء الحــديث علــى تســمية الســقط الظــاهر بأربعــة أســماء‬

‫بحسب مكان السقط أو عدد الرواة الذين أسقطوا ‪ .‬وهذه األسماء هي‪:‬‬

‫‪ -1‬المعلق‪.‬‬

‫‪ -2‬المرسل‪.‬‬

‫‪ -3‬المعضل‪.‬‬

‫‪ -4‬المنقطع‪.‬‬

‫ج‪ -‬س ــقط خف ــي‪ :‬وه ــذا ال يدرك ــه إال األئم ــة الح ــذاق المطلع ــون عل ــى طـ ـرق‬

‫الحديث وعلل األسانيد‪ .‬وله تسميتان وهما ‪:‬‬

‫‪ -1‬المدلس‪.‬‬

‫‪ -2‬المرسل الخفي‪.‬‬

‫‪ 1‬اإلجازة ‪ :‬اإلذن بالرواية ‪ ،‬وقد يحصل الراوي عليها من شيخ لم يلتق به ‪ ،‬كأن يقول الشيخ أحيانا ً أجزت رواية‬
‫مسموعاتي ألهل زماني ‪ ،‬والوجادة بكسر الواو ‪ :‬أن يجد الراوي كتابا ً لشيخ من الشيوخ يعرف خطه ‪ ،‬فيروي ما في ذلك‬
‫الكتاب عن الشيخ ‪ ،‬وسيأتي تفصيل بحث اإلجازة والوجادة في باب طرق التحمل وصيغ األداء ‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫وإليك بحث هذه المسميات الستة مفصلة على التوالي‪.‬‬

‫المردود بسبب طعن في الراوي‬

‫‪ -1‬المردود بالطعن في الراوي ‪:‬‬

‫المـراد بـالطعن فـي الـراوي جرحـه باللسـان‪ ،‬والــتكلم فيـه مـن ناحيــة عدالتـه ودينـه ومــن‬

‫ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه‪.‬‬

‫‪ -2‬أسباب الطعن في الراوي ‪:‬‬

‫أســباب الطعــن فــي الـراوي عش ـرة أشــياء‪ ،‬خمســة منهــا تتعلــق بالعدالــة‪ ،‬وخمســة منهــا‬

‫تتعلق بالضبط‪.‬‬

‫أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫الكذب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫التهمة بالكذب ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫الفسق‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫البدعة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫الجهالة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫ب‪ -‬أما التي تتعلق بالطعن في الضبط فهي‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -1‬فحش الغلط ‪.‬‬

‫‪ -2‬سوء الحفظ ‪.‬‬

‫‪ -3‬الغفلة‪.‬‬

‫‪ -4‬كثرة األوهام‪.‬‬

‫‪ -5‬مخالفة الثقات ‪.‬‬

‫والتــالي بيــان عــن أن ـواع الحــديث المــردود بســبب مــن هــذه األســباب مبتــدئا بالســبب‬

‫األشد طعنا‪.‬‬

‫الموضوع‬

‫إذا كــان ســبب الطعــن فــي الـراوي هــو الكــذب علــى رســول هللا صــلي هللا عليــه وســلم‪،‬‬

‫فحديثه يسمى الموضوع‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريفه‬

‫لغــة‪ :‬هــو اســم مفعــول مــن " وض ـع الشــيء " أي " حط ـه " س ـمي بــذلك‬ ‫‪-‬‬

‫النحطاط رتبته‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول هللا صـلي‬ ‫‪-‬‬

‫هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -2‬رتبته‬

‫هــو شــر األحاديــث الضــعيفة وأقبحهــا ‪ .‬وبعــض العلمــاء يعتب ـره قســما مســتقال ولــيس‬

‫نوعا من أنواع األحاديث الضعيفة‪.‬‬

‫‪ -3‬حكم روايته‬

‫أجمــع العلمــاء علــى أنــه ال تحــل روايتــه ألحــد علــم حالــه فــي أي معنــى كــان إال مــع‬

‫بي ــان وض ــعه‪ ،‬لح ــديث مس ــلم‪" :‬م ــن ح ــدث عن ــي بح ــديث يـ ـرى أن ــه ك ــذب فه ــو أح ــد‬

‫‪1‬‬
‫الكاذبين"‬

‫‪ -4‬كيف يعرف الحديث الموضوع ؟‬

‫يعرف بأمور منها ‪:‬‬

‫إق ـرار الواضــع بالوضــع ‪ :‬كــإقرار أبــي عصــمة نــوح بــن أبــي م ـريم بأن ــه‬ ‫أ‪-‬‬

‫وضع حديث فضائل سور القرآن سورة سورة عن ابن عباس ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أو مــا يتنــزل منزلــة إقـ ارره ‪ :‬كــأن يحــدث عــن شــير ‪ ،‬فيســأل عــن مولــده ‪،‬‬

‫فيــذكر تاريخــا تكــون وفــاة ذلــك الشــير قبــل مولــده هــو ‪ ،‬وال يع ـرف ذلــك‬

‫الحديث إال عنده ‪.‬‬

‫‪1‬مقدمة مسلم بشرح النووي جـ ‪ 1‬ـ ص ‪. 62‬‬


‫‪68‬‬
‫ج‪ -‬أو قرينــة فــي الراوي‪:‬مثــل أن يكــون ال ـراوي رافضــيا والحــديث فــي فضــائل‬

‫أهل البيت‪.‬‬

‫د‪ -‬أو قرينـة فــي المــروي‪ :‬مثــل كــون الحـديث ركيــك اللفــظ‪ ،‬أو مخالفــا للحــس‬

‫أو صريح القرآن‪.‬‬

‫‪ -5‬دواعي الوضع وأصناف الوضاعين ‪:‬‬

‫التقــرب إلــى هللا تعــالى ‪ :‬بوضــع أحادي ــث ترغــب الن ـاس فــي الخيـ ـرات ‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫وأحاديــث تخــوفهم مــن فعــل المنكـرات ‪ ،‬وهـؤالء الوضــاعون قــوم ينتســبون‬

‫إلى الزهد والصالح ‪ ،‬وهم شر الوضاعين ألن الناس قبلت موضـوعاتهم‬

‫ثقــة به ــم ‪ ،‬ومــن هـ ـؤالء ميســرة ب ــن عبــد رب ــه ‪ ،‬فقــد روي اب ــن حبــان ف ــي‬

‫الضعفاء عن ابن مهدي قال ‪ :‬قلت لميسرة بن عبد ربه ‪ :‬من أين جئـت‬

‫‪1‬‬
‫بهذه األحاديث‪ ،‬من ق أر كذا فله كذا ؟ قال ‪ :‬وضعتها أرغب الناس "‬

‫ب‪ -‬االنتصــار للمــذهب ‪ :‬ال ســيما مــذاهب الفــرق السياســية بعــد ظهــور الفتنــة‬

‫وظهــور الفــرق السياســية كــالخوارج والشــيعة ‪ ،‬فقــد وضــعت كــل فرقــة مــن‬

‫األحاديـث مــا يؤيــد مــذهبها ‪ ،‬كحــديث " علـى خيــر البشــر ‪ ،‬مــن شــك فيــه‬

‫كفر "‬

‫‪1‬تدريب الراوي جـ‪ 1‬ـ ص ‪.283‬‬


‫‪69‬‬
‫ج‪ -‬الطعــن فــي اإلســالم ‪ :‬وه ـؤالء قــوم مــن الزنادقــة لــم يســتطيعوا أن يكيــدوا‬

‫لإلســالم جهــا ار ‪ ،‬فعمــدوا إلــى هــذا الطريــق الخبيــث ‪ ،‬فوضــعوا جملــة مــن‬

‫األحاديــث بقصــد تشــويه اإلســالم والطعــن فيــه ‪ ،‬ومــن ه ـؤالء محمــد بــن‬

‫ســعيد الشــامي المص ـلوب فــي الزندقــة ‪ ،‬فقــد روى عــن حميــد عــن أنــس‬

‫مرفوعــا " أنــا خــاتم النبيــين ال نبــي بعــدي إال أن يشــاء هللا ‪ " 1‬ولقــد بــين‬

‫جهابذة الحديث أمر هذه األحاديث وهلل الحمد والمنة ‪.‬‬

‫د‪ -‬التزلف إلى الحكام ‪ :‬أي تقرب بعض ضعفاء اإليمان إلى بعض الحكـام‬

‫بوض ــع أحادي ــث تناس ــب م ــا علي ــه الحك ــام م ــن االنحـ ـراف ‪ ،‬مث ــل قص ــة‬

‫غيــاث بــن إب ـراهيم النخعــي الكــوفي مــع أميــر المــؤمنين المهــدي ‪ ،‬حــين‬

‫دخــل عليــه وهــو يلعــب بالحمــام ‪ ،‬فســاق بســنده علــى التــوالي إلــى النبــي‬

‫صلي هللا عليه وسلم أنه قال ‪" :‬ال سبق إال فـي نصـل أو خـف أو حـافر‬

‫أو جن ــاح" فـ ـزاد كلم ــة "أو جن ــاح" ألج ــل المه ــدي‪ ،‬فع ــرف المه ــدي ذل ــك‪،‬‬

‫فأمر بذبح الحمام‪ ،‬وقال ‪ :‬أنا حملته على ذلك ‪.‬‬

‫‪1‬تدريب الراوي جـ ‪ 1‬ـ ص ‪.284‬‬


‫‪70‬‬
‫ه‪ -‬التكسب وطلب الرزق ‪ :‬كبعض القصاص الذين يتكسـبون بالتحـدث إلـى‬

‫النــاس ‪ ،‬فيــوردون بعــض القصــص المســلية والعجيبــة حتــى يســتمع إلــيهم‬

‫الناس ويعطوهم ‪ ،‬كأبي سعيد المدائني‪.‬‬

‫و‪ -‬قصد الشهرة ‪ :‬وذلك بإيراد األحاديث الغريبة التي ال توجـد عنـد أحـد مـن‬

‫شــيول الح ــديث‪ ،‬فيقبل ــون ســند الح ــديث ليس ــتغرب ‪ ،‬فيرغــب ف ــي س ــماعه‬

‫‪1‬‬
‫منهم ‪ ،‬كابن أبي دحية وحماد النصيبي"‬

‫‪ -6‬أشهر المصنفات فيه ‪:‬‬

‫كتاب الموضوعات ‪ :‬البـن الجـوزي ‪ ،‬وهـو مـن أقـدم مـا صـنف فـي هـذا‬ ‫أ‪-‬‬

‫الف ــن ‪ ،‬لكن ــه متس ــاهل ف ــي الحك ــم عل ــى الح ــديث بالوض ــع ‪ ،‬ل ــذا انتق ــده‬

‫العلماء وتعقبوه ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الآللـ ـ ــيء المصـ ـ ــنوعة فـ ـ ــي األحاديـ ـ ــث الموضـ ـ ــوعة ‪ :‬للسـ ـ ــيوطي ‪ ،‬هـ ـ ــو‬

‫اختصــار لكتــاب ابــن الجــوزي وتعقيــب عليــه ‪ ،‬وزيــادات لــم يــذكرها ابــن‬

‫الجوزي ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تنزيه الشريعة المرفوعة عن األحاديث الشنيعة الموضـوعة ‪ :‬البـن عـراق‬

‫الكناني ‪ ،‬وهو كتاب تلخيص لسابقيه ‪ ،‬وهو كتاب حافل مهذب مفيد ‪.‬‬

‫‪1‬المصدر السابق جـ‪ 1‬ـ ص ‪. 286‬‬


‫‪71‬‬
‫أشهر كتب الحديث ومؤلفيها‬

‫نتعرف من خالل هذه الفقرة على أشهر كتب الحديث ومؤلفيها‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬صحيح البخاري ‪ -2‬صحيح مسلم ‪ -3‬سنن أبي داود ‪ -4‬سنن الترمذي ‪-5‬‬

‫سنن النسائي ‪ -6‬سنن ابن ماجة ‪ -7‬سنن الدارمي ‪ -8‬موطأ مالك ‪ -9‬مسند‬

‫أحمد‬

‫‪ -1‬صحيح البخاري تأليف‪ :‬أبو عبد هللا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة‬

‫بن بردزبة البخاري(‪ 256-194‬هـ)‬

‫اإلمام البخاري‪ :‬وولد سنة ‪194‬هـ في البخارى وتوفي سنة ‪256‬هـ ‪ ،‬ووهبه‬

‫هللا منذ طفولته قوة في الذكاء‪ ،‬والحفظ من خالل ذاكرة قوية تحدى بها أقوى‬

‫االختبارات‪ ،‬التي تعرض لها في عدة مواقف‪ .‬وارتحل بين عدة بلدان؛ طلبا‬

‫للحديث الشريف‪ ،‬ولينهل من كبار علماء وشيول عصره في بخارى وغيرها‪.‬‬

‫وكان يحفظ مائة ألف حديث صحيح‪ ،‬ومائتي ألف حديث غير صحيح‪.‬‬

‫صحيح البخاري‪ :‬أول مصنف في الحديث الصحيح المجرد‪ ،‬وجاء مبوبا‬

‫على الموضوعات الفقهية‪ .‬وجملة أحاديث كتابه‪ 7275 :‬حديثا بالمكرر‪،‬‬

‫ومن غير المكرر ‪ 4000‬حديث‪ .‬واسمه‪" :‬الجامع الصحيح المسند المختصر‬

‫‪72‬‬
‫من حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وسننه وأيامه"‪ ،‬وهو أصح الكتب‬

‫بعد كتاب هللا ‪.‬‬

‫‪ -2‬صحيح مسلم تأليف‪ :‬أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري‬

‫(‪ 204-261‬هـ )‬

‫اإلمام مسلم‪ :‬ولد سنة ‪204‬هـ بنيسابور‪ ،‬وتوفي سنة ‪261‬هـ‪ .‬رحل إلى‬

‫العراق‪ ،‬والحجاز‪ ،‬ومصر‪ ،‬والشام‪ ،‬وسمع من علمائها‪ ،‬وشارك البخاري في‬

‫بعض شيوخه‪ ،‬وروى عن البخاري والزمه ودافع عنه‪ ،‬وحذا حذوه‪ .‬وكان شديد‬

‫الورع‪ ،‬فطنا حافظا زاهدا‪ .‬وممن رووا عنه اإلمام الترمذي‪.‬‬

‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب نفيس جمع فيه مؤلفه ‪3033‬حديثا‪ ،‬واشترط فيها‬

‫الصحة من ثالثمائة ألف حديث مسموعة‪ ،‬واختار منها ‪ 3033‬حديثا‬

‫صحيحا فقط ‪ ،‬أجمعت األمة على صحته وهو ثاني الصحيحين‪ ،‬ورتبه على‬

‫األبواب الفقهية‪ ،‬وهو كتاب جامع لألحكام‪ ،‬واآلداب‪ ،‬واألخالق‪ ،‬والعقائد‪،‬‬

‫وغير ذلك ‪.‬‬

‫‪ -3‬سنن أ بي داود تأليف‪ :‬سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن‬

‫عمر األزدي السجستاني (‪ 275-202‬هـ )‬

‫‪73‬‬
‫اإلمام أبو داود‪ :‬ولد في إقليم متاخم سجستان بالهند سنة ‪202‬هـ وتوفي سنة‬

‫‪275‬ه‪ ،‬رحل إلى الشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬وبغداد‪ ،‬والحجاز‪ ،‬وكان ورعا تقيا‪ .‬قال‬

‫عنه إبراهيم الحربي "ألين ألبي داود الحديث كما ألين لداود عليه السالم‬

‫الحديد ‪".‬‬

‫سنن أبي داود‪ :‬كتاب جمع أبو داود فيه السنن واألحكام‪ ،‬ولما صنفه عرضه‬

‫على أحمد بن حنبل فاستحسنه‪ .‬ولم يقصر أبو داود سننه على الصحيح‪ ،‬بل‬

‫خرج فيه الصحيح‪ ،‬والحسن‪ ،‬والضعيف‪ ،‬والمحتمل‪ ،‬وما لم يجمع على تركه‪.‬‬

‫وكان يري العمل بالضعيف في فضائل األعمال‪ ،‬إذا لم يكن هناك غيره‪.‬‬

‫ويعد الكتاب من مظان الحديث الحسن‪ ،‬حيث جمعه من خمسمائة ألف‬

‫حديث‪ ،‬انتقى منها ‪ ،4800‬ومن أحسن شراحه معالم السنن للخطابي‪.‬‬

‫سنن الترمذي تأليف‪ :‬أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن‬

‫الضحاك السلمي الترمذي (‪ 279-209‬هـ )‬

‫اإلمام الترمذي‪ :‬ولد سنة ‪209‬هـ‪ ،‬في مدينة ترمذ‪ ،‬وبها توفى سنة ‪279‬هـ ‪.‬‬

‫رحل إلى الحجاز‪ ،‬والعراق‪ ،‬وخراسان‪ ،‬وجمع وصنف ودرس‪ ،‬ثم رجع إلى‬

‫ير حتى مات ‪.‬‬


‫ترمذ‪ ،‬وعقد مجالسه‪ ،‬حتى ابتلي بالعمى‪ ،‬ومكث ضر ا‬

‫‪74‬‬
‫سنن الترمذي‪ :‬يعد الكتاب كتاب فقه وحديث‪ ،‬ولم يقصره على الصحيح‪ ،‬بل‬

‫فيه الصحيح وغيره‪ ،‬واشترط على نفسه أن ال يخرج حديثا‪ ،‬إال وقد عمل به‬

‫فقيه‪ ،‬أو احتج به محتج ‪.‬‬

‫‪ -4‬سنن النسائي تأليف‪ :‬أبو عبد الرحمن أحمد بن على بن شعيب بن على بن‬

‫سنان بن البحر الخراساني (‪ 303 -215‬هـ )‬

‫اإلمام النسائي‪ :‬ولد في مدينة نساء سنة ‪215‬هـ وتوفي سنة ‪303‬ه‪ .‬حفظ‬

‫القرآن صغيرا‪ ،‬ولما بلغ ارتحل في طلب‪ ،‬واختلفوا في موطن دفنه‪ :‬فقالوا‪:‬‬

‫بين الصفا والمروة‪ ،‬وقيل‪:‬بالرملة بفلسطين‪ ،‬وقيل‪ :‬بيت المقدس‪ .‬وكان رحمه‬

‫هللا فقيها‪ ،‬ورعا‪ ،‬قال الدراقطني‪ :‬كان النسائي أفقه مشاير مصر‪ ،‬وكان‬

‫شافعي المذهب ‪.‬‬

‫سنن النسائي‪ :‬ألف النسائي كتاب السنن الكبرى‪ ،‬وجمع فيه الصحيح‪،‬‬

‫والحسن‪ ،‬وما يقاربه‪ ،‬ثم اختصره في كتاب سماه المجتبى من السنن (السنن‬

‫الصغرى) ورتبه على الموضوعات‪ ،‬واألبواب الفقهية‪ .‬قال بعض العلماء‪ :‬إن‬

‫درجة كتاب النسائي بعد الصحيحين؛ ألنها أقل السنن ضعيفا‪ .‬وانتقد ابن‬

‫‪75‬‬
‫الجوزي عليها عشرة أحاديث وليس حكمه مسلما به‪ ،‬ففيها الصحيح‪،‬‬

‫والضعيف‪ ،‬والحسن‪ ،‬والضعيف فيها قليل ‪.‬‬

‫‪ -5‬سنن ابن ماجه تأليف‪:‬أبو عبد هللا محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزويني‬

‫(‪273-209‬ه)‬

‫اإلمام ابن ماجة‪ :‬ولد في سنة ‪209‬ه في قزوين ونشأ محبا للعلم‪ ،‬شغوفا‬

‫بالحديث‪ ،‬وارتحل إلى مكة‪ ،‬والعراق‪ ،‬الشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬وسمع من شيوخها‪،‬‬

‫فسمع من أصحاب مالك‪ ،‬والليث بن سعد‪ ،‬وسمع من أبي بكر بن أبي شيبة‪،‬‬

‫وكان ذا علم‪ ،‬وفقه‪ ،‬وفضل‪ ،‬وتوفى رحمه هللا تعالى في ‪273‬هـ ‪.‬‬

‫سنن ابن ماجه‪ :‬من أجل كتبه‪ ،‬وأعظمها وأبقاها على الزمان‪ ،‬وبها عرف‬

‫واشتهر‪ ،‬وقد رتبها على الكتب واألبواب‪ ،‬وقد اختلف العلماء حول منزلتها‬

‫من كتب السنة‪ .‬وقد أحسن وأجاد حينما بدأ كتابه بباب اتباع سنة رسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم وساق فيه األحاديث الدالة على حجية السنة‪ ،‬ووجوب‬

‫اتباعها والعمل بها‪ .‬وفي سنن ابن ماجه‪ :‬الصحيح‪ ،‬والحسن‪ ،‬والضعيف‪ ،‬بل‬

‫والمنكر والموضوع على قلة‪ .‬ومهما يكن من شيء‪ ،‬فاألحاديث الموضوعة‬

‫قليلة بالنسبة إلى جملة أحاديث الكتاب‪ ،‬التي تزيد عن أربعة آالف حديث‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫فهي لم تغض من قيمة الكتاب‪ ،‬وسنن ابن ماجه أصل من أصول السنة‪،‬‬

‫وينبوع من ينابيعها ‪.‬‬

‫‪ -6‬موطأ مالك تأليف‪ :‬أبو عبد هللا مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن‬

‫عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث‪ ،‬األصبحي‬

‫المدني (‪179-93‬ه)‬

‫اإلمام مالك‪ :‬ولد بالمدينة في سنة ‪93‬ه وهو شير اإلسالم‪ ،‬إمام دار الهجرة‪،‬‬

‫وصاحب أحد المذاهب الفقهية األربعة‪ ،‬ومات فى صفر سنة ‪179‬ه ‪ .‬قال‬

‫محمد بن سعد‪ :‬وكان مالك ثقة‪ ،‬مأمونا‪ ،‬ثبتا ورعا‪ ،‬فقيها‪ ،‬عالما‪ ،‬حجة‪ .‬وقال‬

‫الحافظ أبو بكر الخطيب‪ :‬حدث عنه الزهرى‪ ،‬وزكريا بن دويد الكندى‪ ،‬وبين‬

‫وفاتهما مئة و سبع وثالثون سنة أو أكثر من ذلك‪ .‬وروى له الجماعة ‪.‬‬

‫موطأ مالك‪ :‬خير كتاب أخرج للناس في عهده‪ .‬قال فيه الشافعي ـ رحمه هللا ـ‬

‫‪":‬ما ظهر على األرض كتاب بعد كتاب هللا‪ ،‬أصح من كتاب مالك"‪ .‬وقال‬

‫البخاري عن الموطأ‪" :‬من أصح األسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر"‪.‬‬

‫وقال اإلمام مالك نفسه عن كتابه هذا‪" :‬عرضت كتابي هذا على سبعين‬

‫فقيها من فقهاء المدينة ‪ ،‬فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ"‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد‬ ‫‪ -7‬مسند أحمد تأليف‪:‬‬

‫الشيبانى(‪241-164‬ه)‬

‫اإلمام أحمد‪ :‬ولد ببغداد سنة ‪164‬ه ونشأ بها ومات بهاسنة ‪241‬ه‪ ،‬وطاف‬

‫البالد فى طلب العلم‪ ،‬ودخل الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام‬

‫والجزيرة ‪ .‬وقال ابن حبان فى "الثقات"‪ :‬كان حافظا متقنا فقيها مالزما للورع‬

‫الخفى‪ .‬وقال محمد بن إبراهيم البوشنجى‪ :‬ما رأيت أجمع فى كل شىء من‬

‫أحمد‪ ،‬وال أعقل وهو عندى أفضل‪ ،‬وأفقه من الثورى‪.‬‬

‫مسند أحمد‪ :‬هو كتاب نفيس‪ ،‬وكان القصد من تدوينه تقييد األحاديث‬

‫وتدوينها حرصا عليها من الضياع بموت الحفاظ‪ ،‬فجمع فيه اإلمام أحمد ما‬

‫يزيد على ثمانمائة من الصحابة‪ ،‬وقد اتبع اإلمام أحمد في كتابه الترتيب‬

‫على المسانيد‪ ،‬فكان يأتي بأحاديث الصحابي‪ ،‬فيرويها بأسانيدها متتالية‪،‬‬

‫غير مصنفة على الموضوعات واألبواب الفقهية‪ .‬وبدأه المؤلف بمسانيد‬

‫العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬وبعض من يتعلق بهم‪ ،‬وكان من منهجه الذي اتبعه‬

‫في اختيار األحاديث هو األخذ عمن يثبت عنده صدقه وديانته‪ ،‬والمشهور‬

‫‪78‬‬
‫أن أحمد انتقى أحايث المسند من بين سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفا‬

‫حفظها‪ .‬وبالجملة فالكتاب من مظان الحديث الحسن ‪.‬‬

‫‪ -8‬سنن الدارمي تأليف‪ :‬أ بو محمد عبد هللا بن عبد الرحمن بن برهام الدارمي‬

‫السمرقندي (‪255-181‬ه)‬

‫اإلمام الدارمي‪ :‬ولد في سنة ‪181‬هـ في سمرقند‪ ،‬ثم شد الرحال فطاف بالبالد‬

‫طوال وعرضا‪ ،‬فسمع بخراسان والعراق والبصرة وواسط والكوفة وغيرها‪ .‬ومات‬

‫بعد صالة العصر‪ ،‬يوم التروية من سنة ‪255‬هـ عن خمسة وسبعين سنة‪.‬‬

‫سنن الدارمي ‪ :‬عده ابن الصالح‪ ،‬في المسانيد‪ ،‬فوهم في ذلك؛ ألنه مرتب‬

‫على األبواب‪ ،‬ال على المسانيد‪ .‬قال ابن حجر‪ :‬وأما كتاب (السنن)‪،‬‬

‫المسمى‪( :‬بمسند الدارمي) فإنه ليس دون (السنن) في المرتبة‪ ،‬بل لو ضم‬

‫إلى الخمسة‪ ،‬لكان أولى من ابن ماجة‪ ،‬فإنه أمثل منه بكثير‪ .‬قال العراقي في‬

‫(النكت)‪ :‬واشتهر تسميته‪( :‬بالمسند) كما سمى البخاري كتابه‪( :‬المسند‬

‫الجامع)‪ .‬إال أن (مسند الدارمي) كثير األحاديث المرسلة والمنقطعة‬

‫والمعضلة والمقطوعة كما ذكره البقاعي ‪.‬‬

‫تمت بحمد هللا‬

‫‪79‬‬
‫المصادروالمراجع‬

‫الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير‪ ،‬للدكتور أحمد‬

‫شاكر‪ ،‬مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت (‪ 1408‬ه)‬

‫تدريب الراوي في شرح تقريب النووي‪ ،‬للحافظ السيوطي‪ ،‬دار الكتب الحديثية‪،‬‬

‫بيروت (‪ 1385‬ه ‪1966/‬م)‬

‫تيسير المطلح الحديث للدكتور محمود الطحان‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‬

‫(م‪ /2004‬هـ ‪)1425‬‬

‫السنة ومكانتها في التشربع اإلسالمي للدكتور مصطفى السباعي‪ ،‬المكتب‬

‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت (‪1402‬ه‪1982/‬م)‬

‫علوم الحديث البن الصالح‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت (‪1401‬ه ‪1981/‬م)‬

‫فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي للحافظ السخاوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫بيروت (‪ 1403‬ه ‪1983/‬م)‬

‫الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬المدينة المنورة (بدون‬

‫تارير)‬

‫‪80‬‬
‫قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث لجمال الدين القاسمي‪ ،‬دار إحياء‬

‫الكتب العربية (‪ 1380‬ه ‪1960/‬م)‬

‫قواعد في علوم الحديث للتهاوني‪ ،‬شركة العبيكان للطباعة والنشر‪ ،‬الرياض‬

‫(‪ 1404‬ه‪1984/‬م)‬

‫منهج النقد في علوم الحديث للدكتور نورالدين عتر‬

‫ملخص علوم الحديث ‪ 1‬للمستوى الثالث لجامعة الملك الفيصل المملكة العربية‬

‫السعودية‬

‫المنهاج الحديث في علوم الحديث للدكتور شرف محمود القضاة‪ ،‬كواال لمبور‬

‫(‪2003‬م)‬

‫مدخل الحديث النبوي للدكتور عبدهللا كارينا البنداري‪ ،‬كلية الداسات اإلسالمية‬

‫جامعة األمير سونكال فرع فطاني(‪)2545‬‬

‫نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر للحافظ ابن حجر العسقالني‪،‬‬

‫مكتبة طيبة‪ ،‬المدينة المنورة (بدون تارير)‬


‫‪http://jid3.medharweb.net‬‬
‫‪http://www.alukah.net/sharia/0/72808/#ixzz4b526CvMg‬‬
‫‪http://www.e-kfu.com/t3303.html‬‬

‫‪81‬‬

You might also like