Professional Documents
Culture Documents
\’Ïm’]m’\;ϬeŞ
‹MKMM;H;;z·LOON
√ÁÜÊi’\Â;Öçfi÷’;ÎÅËŒ¬’\;Ñ\Ä
\’ô]ÁÖ’\;H;ÏÁÄʬâ’\;ÏËdÖ¬’\;Ï“÷⁄⁄
·]0503310067;Àh
5 بين يدي الكتاب
C Cسبب التأليف:
لقد بذل سلفنا الصالح جهو ًدا كبير ًة يف بيان االعتقاد الصحيح ،وبيان
ليقرب ما صنَّفه
ما يضا ُّده والر ّد على المخالفين .وقد جاء هذا الكتاب ِّ
السلف لطالب العلم ولعامة المسلمين؛ حيث جمعنا مسائل االعتقاد يف
كتاب واحد شامل لها ،وقمنا باالقتصار على تقرير االعتقاد الصحيح دون
6
ميسرة واضحة،
الخوض يف الردود ،كما حرصنا على صياغته بعبارات َّ
وترتيبه ترتي ًبا موضوع ًّيا ،ونرجو أن نكون بذلك قد ح َّققنا هدفين :أحدهما:
المساهمة يف تقريب علوم السلف .واآلخر :سد حاجة شديدة يف المكتبة
ميسر العبارة ،شامل لجميع مباحث االعتقاد.
العقدية ،وهي :إيجاد كتاب ّ
اهلل إبراز أدلة وجود الرب التي ينكرها الملحد ،بينما المقصود من
باب الربوبية إثبات الربوبية المستلزمة أللوهية اهلل التي يجادل فيها
المشرك ،كما قد نورد اآلية الكريمة أو الحديث الشريف يف أكثر من
موضع بحسب وجه االستشهاد هبما ،والحاجة إليهما.
5)5عند الحاجة قد نذكر بعض النقول عن أئمة السلف التي توضح
المراد من اآلية والحديث ،ونقتصر على ما يبين القول الحق فيها
دون إيراد الشبهة أو قول المخالف؛ لئال يتلقى المتعلم الشبهة ،أو
يتضلع من أقوال المخالفين قبل أن يتم َّكن من تأصيل هذا العلم يف
قلبه وفهمه .ونرجو أن يمنح ذلك القارئ -بإذن اهلل -حصان ًة من
الزلل يف هذه المسألة؛ لما قد أحاط هبا من خالف عقدي مشهور،
كمسائل الصفات ،والقدر ،وغيرها.
6)6تعمدنا أن نبتعد عن التعريفات والمصطلحات الكالمية الحادثة
التي ما أنزل اهلل هبا من سلطان.
7)7جعلنا الكتاب على هيئة كتب وأبواب ،كما فعل أوائل المصنفين
يف العلم الشرعي الشريف ،ولم نستخدم التقسيمات المعاصرة:
مبحث ومطلب ،ورتبناه على أصول اإليمان .قال ابن أبي العز
الحنفي( :وأحسن ما ير َّتب عليه كتاب أصول الدين ترتيب جواب
النبي ﷺ لجربيل حين سأله عن اإليمان ،فقال« :أن تؤمن
باهلل ومالئكته »...فيبدأ بالكالم على التوحيد والصفات وما يتعلق
بذلك ،ثم بالكالم على المالئكة ،ثم ثم إلى آخره)(((.
8)8قمنا بوضع ملخص لكل كتاب يف بدايته نسرد فيه جميع مسائل
الكتاب بدون أدلة.
تخريجا
ً 9)9وفيما يخص تخريج األحاديث فقد قمنا بتخريجها
مختصرا ،فنبدأ بالكتب الستة حسب ترتيبها المعروف ،ثم نرتب
ً
بحسب الوفيات ،ولرغبتا يف تصغير حجم الكتاب فقد اكتفينا
بالتخريج بدون الكالم على األحاديث إال يف أضيق نطاق.
موضوعات أشرف العلوم ،وقدمناها إلى طالب هذا الفن مستشهدين لكل
خالصا
ً مسألة بآية أو حديث أو هبما م ًعا .ونسأل اهلل أن يجعل هذا العمل
لوجهه الكريم ،مواف ًقا لسنة نبيه وخليله وأمينه على وحيه ،ناف ًعا لعباده،
حجة وشاهدً ا لنا يوم أن نلقى ربنا.
العلم وأهله خير الجزاء لقاء ما قدموا من نصح خالص ورأي سديد.
والحمد هلل رب العالمين ،وصلى اهلل وسلم وبارك على خير خلقه،
وعلى آله وصحبه أجمعين.
مكة الـمكرمة
اليوم الثامن من ذي الحجة
لعام تسعة وثالثين وأربع مائة وألف من الهجرة النبوية
11 المقدمة
المقدمة
وبه نستعين ،وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم.
الحمد هلل كما ينبغي لجالل وجهه وعظيم سلطانه ،وأشهد أن ال إله
إال اهلل وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير،
كثيرا ،أما بعد:
تسليما ً
ً وأشهد أن محمدً ا عبده ورسوله ﷺ
فهذا كتاب نذكر فيه ما يجب على المسلم اإليمان به مما ورد يف الكتاب
والسنة ،وقد نذكر بعض أقوال الصحابة والتابعين وأتباعهم لشرح آية أو
حديث ،أو إليراد قول يحدِّ د المراد من اآلية أو الحديث .وقد قسمناه إلى
كتب وأبواب ،والتزمنا فيه االختصار قدْ ر اإلمكان ،واالقتصار على المسائل
الالزمة ،وابتعدنا عن الخوض فيما خاض فيه المتأخرون من مصطلحات
وأتم
لم ترد يف الكتاب وال يف السـنة النبوية -على صاحبها أفضل الصالة ّ
التسليم -يقول اهلل حا ًّثا على ا ِّتباع دينه ،واالعتصام بحبله ،واالقتداء
برسوله ﷺ( :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [آل عمران:
.]103وقال ( :ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [الزمر.]55 :
فنقول -وباهلل التوفيق:
كتاب بدء ْ
الخلق
14
ملخــص الكـتـــاب
نؤمن أن اهلل خالق كل شيء ،وأن اهلل كان ولم يكن شيء غيره ،وال شيء
قبله ،وكان عرشه على الماء ،وخلق الماء قبل أن يخلق السماء واألرض،
ثم خلق السموات واألرض ،وكانتا رت ًقا ففتقهما.
ونؤمن أن اهلل جعل هذا الخلق شاهدً ا على ربوبيته المستلزمة أللوهيته،
فهو الخالق الحق ،وما سواه مخلوق تبارك ربنا وتعالى ،وهو اإلله الحق،
وما سواه مربوب ال يستحق أن ُي ْعبد ،أو ُي ْرجى ،أو ُي ْقصد.
ونؤمن أن العرش الكريم خلق عظيم من خلق اهلل ،بل هو أعظم
مخلوقاته.
تحف بعرش الرحمن ،وأن اهلل فوق
ُّ ونؤمن أن المالئكة
عرشه ،فوق سمواته ،بائن من خلقه.
ونؤمن أن اهلل خلق القلم الذي كتب مقادير كل شيء ،وأن أقالم التقدير
متعددة.
ونؤمن أن اهلل خلق الكرسي ،وهو أعظم المخلوقات بعد العرش.
ونؤمن أن اهلل خلق السموات واألرض وما بينهما يف ستة أيام من أيام
ِ
المخلوقات اهلل ،وأن اهلل رفع السموات بغير عمد ،وأن اهلل خلق هذه
15 كتاب بدء الخلق
ِ ِ
العظيم َة لح َك ٍم عظيمة ال ُيحاط هبا ،وقد أتقن اهلل خلقها ُ
وصنْعها.
ونؤمن أن هذا الكون بسمواته وأرضه وجباله وكل ما فيه سيكون له
حال آخر يوم القيامة.
ونؤمن أن اهلل خلق الشمس والقمر بالحق ،وأنه جعلهما
ٍ
مسخرات بأمره ،وخلق النجوم والكواكب لحكم عظيمة ،وأن النجوم
تضر ،وال تؤثر يف الحوادث السماوية واألرضية،
والكواكب ال تنفع وال ّ
ومن اعتقد أهنا مؤثرة بذاهتا فقد كفر ،أو أشرك.
ونؤمن أن اهلل خلق المالئكة من نور ،وجعلهم متفاوتين يف الخلق.
َّ
الجان من مارج من نار ،وأن خلق الجن متقدِّ م ونؤمن أن اهلل خلق
على خلق آدم ،وأن رأس الشياطين إبليس ،وأنه هو الذي أغوى
األبوين حتى أخرجهما من الجنة.
ونؤمن أن إبليس استكرب عن السجود ،فغضب اهلل عليه ،ولعنه ،وطرده،
وأن الجن مخاطبون بالشرائع ،ومكلفون.
ونؤمن أن اهلل أخرب مالئكته أنه سيجعل يف األرض خليفة لعمارهتا
بالعبادة .وب َّين الحق أن هذا الخليفة هو آدم ،وأنه سيخلقه من تراب ،وهذا
أطوارا.
ً الرتاب جعله اهلل طينًا ،ثم خلقه
ونؤمن أن اهلل خلق آدم بيده الشريفة ،وأسجد له مالئكته ،وخلق له من
زوجا ليسكن إليها ،وهي حواء ،وأسكنهما الجنة ،ثم أهبطهما إلى
نفسه ً
األرض.
16
ونؤمن أن الناس ك َّلهم من ذرية آدم ،وآدم من تراب ،فال فضل ألحد
على أحد إال بالتقوى.
ونشهد أن اهلل خلق الناس على الفطرة.
ونؤمن أن الروح من أمر اهلل ،وأن البشر ال يعلمون من شأهنا إال ما
أطلعهم اهلل عليه ،وأن األرواح مخلوقة هلل.
ونؤمن أن األرواح تموت ،ومو ُتها مفارق ُة البدن.
أمم أمثا ُلنا.
يدب على األرض من دابة ٌ ونؤمن أن َّ
كل ما ُّ
ونعلم أن اهلل خلق كل دابة من ماء ،وجعل من كل شيء زوجين ،وكل
هذه المخلوقات إلى الهالك ،إال ما استثناه اهلل ،عز شأنه وتعالى.
17 كتاب بدء الخلق
بــاب
اهلل خالق كل شيء
[الزمر.]68 :
ونؤمن أن اهلل جعل هذا الخلق شاهدً ا على ربوبيته المستلزمة أللوهيته، املخلوقات
شواهد عىل
فتارة يجعل خلقه لهذا الخلق دالاًّ على ذلك ،كما يف قوله تعالى( :ﯩ ربوبية اهلل
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)
[لقمان .]11 :وتارة يذكر الحق أن أكرب مخلوق فيها -وهو العرش -دل على
ذلك كما يف قول الحق سـبحانه( :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النمل:
،]26وقال ﷺ« :سبحان اهلل ِ عدَ د َخ ْل ِق ِه .سبحان اهلل ِ ِر َضا َن ْف ِس ِه .سبحان اهلل ِ
ُ ْ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ
ان اهلل ِ ِمدَ ا َد ك َِل َماتِ ِه»((( .فزنة العرش أثقل األوزان .وتارة ِز َن َة َع ْر ِش ِهُ .س ْب َح َ
المخلوقات الكبير َة دليلاً على ذلك ،كما يف قوله جل شأنه( :ﯬ ِ يجعل
ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [البقرة .]29 :وتارة يجعل فر ًدا من أفراد هذه المخلوقات
دليلاً على ذلك ،كما يف قوله ( :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓ ﯔ) [فاطر.]27 :
وتارة يجعل أضعف مخلوق وأصغره دليلاً على ذلك ،كما يف قوله
تعالى( :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [البقرة .]26 :فهو الخالق الحق ،وما سواه مخلوق
تبارك ربنا وتعالى ،وهو اإلله الحق ،وما سواه مربوب ال يستحق أن يعبد،
أو يرجى ،أو يقصد.
بــاب
خلق العرش العظيم
ونؤمن أن العرش خلق عظيم من خلق اهلل ،بل هو من أعظم مخلوقاتـه،
عظيم ،فقال : ٌ وإذا وصفه العظيم بأنه عظيم فهو -ح ًّقا -
(ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النمل .]26 :ووصفه بأنه مجيد ،فقال
المولى عز شأنه( :ﯓ ﯔ ﯕ) [الربوج ،]15 :وهو مع عظمته مخلوق
مربوب ،قال اهلل تعالى( :ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)
قوائم؛ قال
ُ «...و َخ َل َق َع ْر َش ُه َع َلى الماء»((( .وله
َ [المؤمنون .]86 :وقال ﷺ:
ُون َأو َل من ي ِف ُيقَ ،فإِ َذا َأنَا بِموسى ِ ِ ِ
آخ ٌذ ُ َ ون َي ْو َم الق َي َامةَ ،ف َأك ُ َّ َ ْ ُ
َّاس َي ْص َع ُق َ ﷺ« :الن ُ
ش»(((. بِ َقائِ َم ٍة ِم ْن َق َوائِ ِم ال َع ْر ِ
والعرش فوق السموات ،واهلل فوق العرش ،قال ﷺ« :إِ َّن َع ْر َش ُه َع َلى العرش فوق
َس َم َواتِ ِه َل َهك ََذا َ -و َق َال بِإِ ْص ُب ِع ِه مِ ْث َل ا ْل ُق َّب ِة َع َل ْي ِه َ -وإِ َّن ُه َل َيئِ ُّط بِ ِه َأطِ َ
ا لسمو ا ت ،
الر ْح ِل
يط َّ واهلل فـــوق
ب»((( .ويف رواية« :إِ َّن اهللَ َف ْو َق َع ْر ِش ِهَ ،و َع ْر ُش ُه َف ْو َق َس َم َواتِ ِه»(((. الراكِ ِ بِ َّ
ال���ع���رش
ونؤمن أن تحت العرش من الكنوز الربانية ما ال يقدر قدره إال اهلل ،فقد الكنوز التي
حتت العرش
أخرجه مسلم ( )522دون موطن الشاهد ،والطيالسي ( ،)418وابن أبي شيبة في (((
المصنف ( ،)32306وأحمد ( )23251واللفظ له .وغيرهم.
أخرجه البزار ( ،)3966وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)35491وهناد في الزهد (((
( ،)1013وأحمد في المسند ( )21415واللفظ له ،وفي الزهد (.)401
أخرجه البخاري ( ،)4712ومسلم ( ،)194والترمذي ( ،)2434وابن ماجه (.)3307 (( (
أخرجه أبو داود ( ،)2520وابن المبارك في الجهاد ( ،)62وابن أبي شيبة (،)19678 (((
وأحمد.)2388(
22
َبوالعرش مع الكتاب المذكور يف قوله ﷺَ « :ل َّما َق َضى اهَّللُ الخَ ْل َق َكت َ
ت َغ َضبِي»((( هما أعلى ش :إِ َّن َر ْح َمتِي َغ َل َب ْ
فِي كِتَابِ ِهَ ،ف ُه َو ِعنْدَ ُه َف ْو َق ال َع ْر ِ
المخلوقات ،قال ﷺَ ...« :فإِ َذا س َأ ْلتُم اهَّلل َفس ُلوه ِ
الف ْر َد ْو َس؛ َفإِ َّن ُه َأ ْو َس ُط َ ُ َ َ ُ
ِ ِ ِ
الجنَّة»(((. الر ْح َم ِنَ ،ومنْ ُه َت َف َّج ُر َأن َْه ُار َ الجنَّةَ ،و َأ ْع َلى َ
الجنَّةَ ،و َف ْو َق ُه َع ْر ُش َّ َ
اس��ت��واء اهلل ونؤمن أن اهلل ُم ْست ٍَو على عرشه استوا ًء يليق بجالله ،قال تعالى( :ﮅ
عىل العرش
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ)
[األعراف ،]54 :وقال الحق جل يف عاله( :ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [الفرقان.]59 :
وقد سـئل ربيعة الرأي عن قـول اهلل ( :ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ) [طه :]5 :كيف استوى؟ قال« :الكيف مجهـول ،واالستواء غير
ُ
اإليمان بذلك كله»(((. علي وعليكم
معقول ،ويجب َّ
وجاء رجل إلى مالك بن أنس فقال :يا أبا عبداهلل( :ﮉ ﮊ ﮋ
كو ْج ِد ِه من
ﮌ) :كيف استوى؟ قال :فما رأينا مال ًكا وجد من شيء َ
مقالته ،وعلاَ ه ُّ
الر َح َضا ُء ،وأطرق ،وجعلنا ننتظر ما يأمر به فيه ،قال :ثم
ُس ِّري عن مالك ،فقال« :الكيف غير معقول ،واالستواء منه غير مجهول،
واإليمان به واجب ،والسؤال عنه بدعة ،وإين ألخاف أن تكون ضالاًّ ،ثم
أمر به ،فأخرج»(((.
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [اإلسراء.]42 :
بــاب
خـــلق الــمـــاء
ونؤمن بأن اهلل جل يف عـاله خلق الماء قبل أن يخلق السماء واألرض،
ِ
الماءُ ،ث َّم َخ َل َق َان َع ْر ُش ُه َع َلى
َان اهَّللُ َو َل ْم َيك ُْن َش ْي ٌء َق ْب َل ُهَ ،وك َ
قال ﷺ« :ك َ
َ ِ
حي ،قال الحق الس َم َوات َواأل ْر َض» ،وجعل اهلل من الماء كل شيء ٍّ
(((
َّ
سبحانه( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [األنبياء ،]30 :وأن اهلل جعله آية من
آيات ربوبيته وألوهيته ،قال تعالى( :ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟ ﯠ) [البقرة.]22 :
عز من قائل( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
وقال َّ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ
ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الرعد ،]4 :وقال تعالى:
(ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ)
[الفرقان]54 ،53 :؛ فجعل من الماء بحرين مختلفين ،وجعل بينهما ِح ْج ًرا
بشرا ،وجعل من ً
وبرزخا ،فال يبغي أحدهما على اآلخر ،كما جعل من الماء ً
وصهرا ،فتبارك اهلل أحسن الخالقين ،وأمثال هذه اآليات كثير.
ً البشـر نس ًبا
كما جعله اهلل دليلاً على البعث ،فقال جل من قائل( :ﭑ ﭒ ﭓ ج��ع��ل اهلل
الـمـاء اً
دليل
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ عىل البعــث
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [فصلت.]39 :
وجعله جندً ا من جنوده ،فنصر به أولياءه ،قال المولى عز شأنه( :ﭲ
الـمـاء جند
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ من جنود اهلل
،]11 ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [األنفال:
بــاب
خلق القلم
ونؤمن أن اهلل خلق القلم الذي كتب ال َقدَ ر ،قال ﷺ« :إِ َّن َأ َّو َل َما َخ َل َق
اهَّلل ا ْل َق َلمَ ،ف َق َال َله :ا ْكتُبَ ،ق َال :رب ،وما َذا َأ ْكتُب؟ َق َال :ا ْكتُب م َق ِ
اد َير ك ُِّل ْ َ ُ َ ِّ َ َ ْ ُ َ ُ
ٍ
َش ْيء َحتَّى َت ُقو َم َّ
السا َعةُ»(((.
ونؤمن أن األقالم متعددة ،قال ﷺ -وهو يخرب عن اإلسراء والمعراج:
« ُث َّم ُعرِ َج بِي َحتَّى َظ َه ْر ُت لِ ُم ْست ًَوى َأ ْس َم ُع فِ ِيه َصرِ َ
يف األَ ْقلاَ مِ»(((.
وتكرر يف القـرآن والسنة الخبر عن كتابة المالئكة ألفعال العباد ،كما
(ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) يف قوله تعالى:
[االنفطار.]12- 10 :
[الزخرف.]80 :
بــاب
خلق الكرسي
كما أخرج البيهقي عن العباس بن محمد قال :سمعت أبا عبيد يقول:
«هذه األحاديث التي يقول فيها :ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب ِغ َي ِر ِه،
وإن جهنم ال تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها ،والكرسي موضع القدمين،
وهذه األحاديث يف الرواية هي عندنا حق ،حملها بعضهم عن بعض ،غير
أنَّا إذا ُسئ ْلنا عن تفسيرها ال نفسرها ،وما أدركنا أحدً ا يفسرها»(((.
= الحديث مشهور ،ولم يرو غيره مرفو ًعا في الكرسي ،ولهذا أوردناه مع ضعفه ونكارته.
((( األسماء والصفات ،للبيهقي (.)198 /2
31 كتاب بدء الخلق
بــاب
ْ
خلق السموات واألرض
ونؤمن أن اهلل خلق السموات واألرض وما بينهما يف ستة أيام من أيام
غوب ،قال المولى عز شأنه( :ﭯ ﭰ تعب وال ُل ٍ
مسه من ٍ اهلل ،وما َّ
[ق: ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ)
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)
[لقمان.]10 :
ونؤمن أن اهلل تعالى يمسك السموات واألرض أن تزوال ،قال تعالى:
اهلل تعــــاىل
يمســــك
السمــوات (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ
واألرض ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [فاطر.]41 :
ونؤمن أنه سبحانه الذي يمسك السماء أن تقع على األرض إال بإذنه،
قال تعالى( :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [الحج.]65 :
ونؤمن أن اهلل يد ِّبر أمر هذه المخلوقات ،ويحفظها ،وال
يؤوده ذلك ،قال الحق( :ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ
ﯼ ﯽ) [البقرة.]255 :
ونؤمن أن اهلل خلق هذه المخلوقات العظيمة ل ِ ِ
ح َك ٍم عظيمة ال ُيحاط هبا،
وصنْعها ،قال اهلل تعالى( :ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ
وقد أتقن اهلل خلقها ُ
ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ) [النمل،]88 :
(ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [الدخان: وقال :
،]38وقال الحق جل شأنه( :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭼ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [الحجر.]21-19 :
احتج اهلل بخلقه للسموات واألرض على ربوبيته المستلزمة
َّ وقد َخ ْلـــــق
السمــوات
أللوهيته ،فقال عز شأنه( :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ واألرض
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ دليـــل عىل
ربوبيــــــة
،]60وقال تعالى( :ﮭ ﮮ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [النمل: اهلل املستلزمة
أللوهيتــــه
33 كتاب بدء الخلق
ﯛ) ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ
[العنكبوت ،]61 :وقال ( :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ
ﰄ) [العنكبوت.]63 :
ونؤمن أن اهلل جعل األرض مكانًا لالبتالء ،فقال اهلل تعالى( :ﭤ ﭥ
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ
ومعاشا وكِفا ًتا ،قال تعالى:
ً مستقرا
ًّ ﭱ ﭲ ﭳ) [هود ،]7 :كما جعلها
(ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [طه .]55 :وقال جل شأنه:
(ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [المرسالت.]26 ،25 :
مت���ج���ي���د يمجد اهلل رب العالمين ،قال اهلل تعالى:
ونؤمن أن هذا الكون العظيم ِّ
ال����ك����ون
وتعظيمه هلل (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [اإلسراء ،]44 :ويخضع لعظمته ،قال اهلل
تعالى( :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ) [فصلت.]11 :
وي ْفرق هذا الكون ،ويخاف من تطاول العباد على الرب ،
قال المولى عز شأنه وتعالى سلطانه( :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) [مريم.]91 ،90 :
34
بــاب
خلق الشمس والقمر
ونؤمن أن اهلل خلق الشمس والقمر ،قال الحق( :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [األنبياء.]33 :
ونؤمن أن الشمس والقمر يجريان ،كما أخرب اهلل عن ذلك بقوله
( :ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [يس ،]40-38 :فتبارك اهلل
أحسن الخالقين.
ٍ
مسخرات بأمره؛ لتحقيق منافع العباد، ومن رحمته بعباده أن جعلهما
قال الحق جل يف عاله( :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ) [إبراهيم ،]33 :وقال تعالى( :ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ) [األعراف.]54 :
وقد خلق اهلل تعالى الشمس والقمر لحكم عظيمة ال ُيحاط هبا ،ومن
تلكم الحكم ما جاء يف قول الحق عز شأنه( :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [األنعام .]96 :قال ابن عباس
( :ﭬ ﭭ ﭮ) [األنعام ،]96 :يعني :عدد األيام والشهور
أيضا يف بيان بعض حكم خلق الشمس والقمر:
والسنين((( .وقال اهلل تعالى ً
(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
بــاب
خلق النجوم
ونؤمن أن اهلل خلق النجوم والكواكب لحكم عظيمة ،منها ما ذكره
الحق جل يف عاله يف قوله( :ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [النحل،]16 :
قال قتادة « :والعالمات :النجوم ،وإن اهلل إنما خلق هذه
النجـوم لثالث خصالت :جعلها زينة للسماء ،وجعلها ُي ْهتَدَ ى هبا ،وجعلها
رجو ًما للشياطين ،فمن تعاطى فيها غير ذلك :ف َقدَ رأي ُه ،وأخطأ حظه،
وأضاع نصيبه ،وتك َّلف ما ال علم له به»(((.
ول اهللِ ﷺُ ،ث َّم وعن أبي موسى َ ق َالَ :ص َّل ْينَا ا ْلم ْغ ِر َب م َع رس ِ
َ َ ُ َ
ُق ْلنَاَ :ل ْو َج َل ْسنَا َحتَّى ن َُص ِّل َي َم َع ُه ا ْل ِع َشا َءَ .ق َالَ :ف َج َل ْسنَاَ ،ف َخ َر َج َع َل ْينَاَ ،ف َق َال:
ول اهللَِ ،ص َّل ْينَا َم َع َك ا ْل َم ْغ ِر َبُ ،ث َّم ُق ْلنَا :ن َْجلِ ُس اهنَا؟» ُق ْلنَاَ :يا َر ُس َ «ما ِز ْلت ُْم َه ُ َ
«أ ْح َسنْت ُْمَ ،أ ْو َأ َص ْبت ُْم»َ ،ق َالَ :ف َر َف َع َر ْأ َس ُه إِ َلىَحتَّى ن َُص ِّلي َم َع َك ا ْل ِع َشا َءَ ،ق َالَ :
َ
اءَ ،ف َق َال« :النُّجوم َأمنَ ٌة لِلسماءِ، َان كَثِيرا مِما ير َفع ر ْأسه إِ َلى السم ِ ِ
َّ َ ُ ُ َ َّ َ الس َماءَ ،وك َ ً َّ َ ْ ُ َ َ ُ َّ
ت َأتَى أِ
الس َما َء َما تُو َعدُ َ ،و َأنَا َأ َمنَ ٌة لَ ْص َحابِيَ ،فإِ َذا َذ َه ْب ُ ِ
َفإِ َذا َذ َه َبت الن ُُّجو ُم َأتَى َّ
ب َأ ْص َحابِي َأتَى ُأ َّمتِي أِ ِ
ونَ ،و َأ ْص َحابِي َأ َمنَ ٌة لُ َّمتيَ ،فإِ َذا َذ َه َ َأ ْص َحابِي َما ُيو َعدُ َ
ون»(((.
َما ُيو َعدُ َ
وقـال الحق جـل شأنه( :ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ال��ن��ج��وم
رج�������وم
ﮏ) [الملك.]5 : للشيا طيــن
اب النَّبِ ِّي ﷺ مِ َن وعن ابن عباس قالَ :أ ْخ َب َرنِي َر ُج ٌل مِ ْن َأ ْص َح ِ
ِ ِ ِ الأْ َن َْص ِ
اس َتن ََار،وس َل ْي َل ًة َم َع َر ُسول اهلل ﷺ ُرم َي بِن َْج ٍم َف ْ ارَ ،أن َُّه ْم َب ْين ََما ُه ْم ُج ُل ٌ
اه ِل َّي ِة ،إِ َذا ُر ِم َي بِ ِم ْث ِل
ون فِي ا ْلج ِ َف َق َال َلهم رس ُ ِ
َ «ما َذا ُكنْت ُْم َت ُقو ُل َ ول اهلل ﷺَ : ُ ْ َ ُ
ِ ِ اهلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمُ ،كنَّا َن ُق ُ
ات يمَ ،و َم َ ولُ :ولدَ ال َّل ْي َل َة َر ُج ٌل َعظ ٌ َه َذا؟» َقا ُلواُ :
ت َأ َح ٍد َو اَل لِ َح َياتِ ِه، ول اهللِ ﷺَ « :فإِنَّها اَل يرمى بِها لِمو ِ يمَ ،ف َق َال َر ُس ُ ِ
َ ُْ َ َ َ ْ َر ُج ٌل َعظ ٌ
شُ ،ث َّم َس َّب َح َأ ْه ُل َو َلكِ ْن َر ُّبنَا ْ اس ُم ُه ،إِ َذا َق َضى َأ ْم ًرا َس َّب َح َح َم َل ُة ا ْل َع ْر ِ
اء الدُّ ْن َياُ ،ث َّم َق َال: اء ا َّل ِذين ي ُلونَهم ،حتَّى يب ُلغَ التَّسبِيح َأه َل ه ِذ ِه السم ِ السم ِ
َّ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َ َْ َّ َ
شَ :ما َذا َق َال َر ُّبك ُْم؟ َف ُيخْ بِ ُرون َُه ْم َما َذا ش لِ َح َم َل ِة ا ْل َع ْر ِ ون َح َم َل َة ا ْل َع ْر ِ ين َي ُل َ ِ
ا َّلذ َ
ات َب ْع ًضاَ ،حتَّى َي ْب ُلغَ ا ْلخَ َب ُر َه ِـذ ِه َق َال»َ .ق َالَ « :فيستَخْ بِر بع ُض َأه ِل السمو ِ
َّ َ َ ْ َْ ُ َْ
ون إِ َلى َأ ْولِ َيائِ ِه ْمَ ،و ُي ْر َم ْـو َن بِ ِه،
الس ْم َعَ ،ف َي ْق ِذ ُف َج ُّن َّ ف ا ْل ِ الس َما َء الدُّ ْن َياَ ،فتَخْ َط َُّ
ون»(((. ون فِ ِيهَ ،و َي ِزيدُ َ َف َما َجاؤُ وا بِ ِه َع َلى َو ْج ِه ِه َف ُه َو َح ٌّقَ ،و َلكِن َُّه ْم َي ْقرِ ُف َ
وكان الشياطين يسرتقون السمع ،فلما ُبعث نبينا محمدٌ ﷺ ُمنِعوا
مقاعدهم من السمع ،قال المولى عز شأنه مخربًا عن ذلك( :ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [الجن ،]9 :وقال تعالى:
(ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الصافات.]10-6 :
ون إِ َلى السم ِ
اء الج ُّن َي ْص َعدُ َ َان ِ وعن ابن عباس قال« :ك َ
َّ َ
الو ْحيَ ،فإِ َذا َس ِم ُعوا ال َكلِ َم َة َزا ُدوا فِ َيها تِ ْس ًعاَ ،ف َأ َّما ال َكلِ َم ُة َف َت ُك ُ
ون َ َي ْست َِم ُع َ
ون
َ
ِ ِ
ول اهَّلل ﷺ ُمن ُعوا َم َقاعدَ ُه ْم، ِ ِ ِ
ون َباطلاً َ ،ف َل َّما ُبع َث َر ُس ُ َح ًّقاَ ،و َأ َّما َما َزا ُدو ُه َف َي ُك ُ
يسَ ،و َل ْم َت ُك ِن الن ُُّجو ُم ُي ْر َمى بِ َها َق ْب َل َذل ِ َكَ ،ف َق َال َل ُه ْم ِ لإِ
َف َذك َُروا َذل َك ِ ْبلِ َ
ضَ ،ف َب َع َث ُجنُو َد ُهَ ،ف َو َجدُ وا ث فِي األَ ْر ِ يسَ :ما َه َذا إِ اَّل مِ ْن َأ ْم ٍر َقدْ َحدَ َ إِ ْبلِ ُ
ول اهَّللِ ﷺ َقائِ ًما ُي َص ِّلي َب ْي َن َج َب َل ْي ِن ُ -أ َرا ُه َق َال :بِ َم َّكةََ -ف َل ُقو ُهَ ،ف َأ ْخ َب ُرو ُه، َر ُس َ
ض»(((. ث فِي الأْ َ ْر ِ ث ا َّل ِذي َحدَ َ َف َق َالَ :ه َذا ا ْل َحدَ ُ
ونؤمن أن النجوم والكواكب ال تنفع وال تضر ،وال تؤثر يف الحوادث ال��ن��ج��وم
و ا لكو ا كب
السماوية واألرضية ،ومن اعتقد أهنا مؤثرة بذاهتا فقد كفر أو أشرك ،فعن ال ت��ن��ف��ع
َّاس َع َلى َع ْه ِد النَّبِ ِّي ﷺَ ،ف َق َال النَّبِ ُّي ِ
ابن عباس قالُ :مط َر الن ُ
وال تضــر
َّاس َشاكِ ٌرَ ،و ِمن ُْه ْم كَافِ ٌر»َ ،قا ُلواَ :ه ِذ ِه َر ْح َم ُة اهللَِ ،و َق َال«أ ْص َب َح ِم َن الن ِ ﷺَ :
ت َه ِذ ِه آْال َيةُ( :ﯼ ﯽ َب ْع ُض ُه ْمَ :ل َقدْ َصدَ َق ن َْو ُء ك ََذا َوك ََذاَ ،ق َالَ « :فنَ َز َل ْ
(ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) ﯾ ﯿ) [الواقعةَ ،]75 :حتَّى َب َل َغ:
[الواقعة.(((»]82 :
ِ ِ ِ ِ
ان اف َع َلى ُأ َّمتي في آخرِ ز ََمان َها إِ َ
يم ٌ ف َما َأ َخ ُ«أ ْخ َو ُوقال رسول اهلل ﷺَ :
الس ْل َط ِ يب بِا ْل َقدَ ِرَ ،و َح ْي ُ ِ
ان»(((. ف ُّ بِالن ُُّجومَِ ،و َتكْذ ٌ
«م ِن ا ْق َت َب َس ِع ْل ًما
وهنى النبي ﷺ عن النظر يف النجوم ،قال النبي ﷺَ :
الس ْحرِ ،زَا َد َما زَا َد»(((. ِ ِ
م َن الن ُُّجومِ ،ا ْق َت َب َس ُش ْع َب ًة م َن ِّ
فال يجوز تع ُّلم النجوم إال بقدر ما ُي ْهتَدى به يف ٍّبر أو بحر؛ ألن تع ُّل َمها
«جا َء َر ُج ٌل إِ َلى َع ْب ِداهَّللِ ْب ِن يدعو إلى الكهانة ،فعن سعيد بن جبير َق َالَ :
اك َو ِذك َْريك بِ َت ْق َوى اهَّللَِ ،وإِ َّي َ
وص َ اسَ ،أو ِصنِيَ .ف َق َالُ :أ ِ
اسَ ،ف َق َالَ :يا َأ َبا َع َّب ٍ ْ َع َّب ٍ
اك َو َع َم َل اب النَّبِي ﷺ؛ َفإِ َّن َك لاَ َتدْ ِري َما َس َب َق َل ُه ْم مِ َن ا ْل َف ْضلَِ .وإِ َّي َ َأ ْص َح ِ
ِّ
اك َو ُم َجا َل َس َة الن ُُّجو ِم إِ اَّل َما ُي ْهتَدَ ى بِ ِه فِي َب ٍّر َأ ْو َب ْح ٍرَ ،فإِ َّن َها َتدْ ُعو إِ َلى ك ََهان ٍَةَ .وإِ َّي َ
اب َد ْع َو ُت ُهَ ،و َأ ْن ُي َزكَّى َع َم ُل ُه، ب َأ ْن ُت ْست ََج َ ون بِا ْل َقدَ ِرَ ،و َم ْن َأ َح َّا َّل ِذي َن ُي َك ِّذ ُب َ
َو ُي ْق َب َل مِنْ ُهَ ،ف ْل َي ْصدُ ْق َح ِدي َث ُهَ ،و ْل ُي َؤ ِّد َأ َما َن َت ُهَ ،و ْل ُي ْسلِ ْم َصدْ َر ُه ل ِ ْل ُم ْسلِ ِمي َن»(((.
بــاب
خلق الـمالئكة
ونؤمن أن اهلل خلق المالئكة من نور ،ففي الصحيح عن عائشة
ان ِم ْن ت ا ْل َملاَ ئِ َك ُة ِم ْن ن ٍ
ُورَ ،و ُخ ِل َق ا ْل َج ُّ ول اهللِ ﷺُ :
«خ ِل َق ِ قالتَ :ق َال َر ُس ُ
ف َلك ُْم»(((. َارَ ،و ُخ ِل َق آ َد ُم ِم َّما ُو ِص َ
ارجٍ ِم ْن ن ٍ
َم ِ
بــاب
(((
خلق الجن والشياطين
َّ
الجان من مارج من نار ،قال الحق جل شأنه( :ﯗ ونؤمن أن اهلل خلق
أيضا( :ﯖ ﯗ ﯘ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [الحجر ،]27 :وقال ً
ت ا ْل َملاَ ئِ َك ُة ِم ْن
«خ ِل َق ِ
ﯙ ﯚ ﯛ) [الرحمن ،]15 :وقال رسول اهلل ﷺُ :
ف َلك ُْم»(((. َارَ ،و ُخ ِل َق آ َد ُم ِ م َّما ُو ِص َ
ارجٍ ِم ْن ن ٍ
ان ِم ْن َم ِ
ُورَ ،و ُخ ِل َق ا ْل َج ُّ
ن ٍ
الغايــة مـن ونؤمن أن اهلل خلق الجن واإلنس لعبادته ،قال اهلل( :ﭳ
خلق الثقلني
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الذاريات .]56 :والجن يكون فيهم ن ُُذ ٌر ،وال
يكون فيهم رسل ،قال اهلل تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [األحقاف:
ﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ
ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ) [ص:
،]179ودلت هذه اآلية على أن للجن قلو ًبا وآذانًا وعيونًا .وللشياطين
أصوات يستفزون هبا الخلق ،قال الحق جل يف عاله( :ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [اإلسراء.]64 :
غر أبويهـم ،قال المولى
وقد وعظ اهلل البشر؛ لئال يغرهم الشـيطان كما َّ
عز شأنه( :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [األعراف.]27 :
ونؤمن أن الشيطان -مع علمه أنه ال يستطيع إغواء عباد اهلل المخلصين- الشيطان ال
يستطيــــع
إغ�������واء يحاول هو وجنوده إغواءهم وإفساد عباداهتم عليهم ،قال المولى عز شأنه:
ع��ب��اد الله (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
المخلصيـن
ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [األنعام.]112 :
ار َح َةت َع َلي ال َب ِ ويف الحديث أن رسول اهلل ﷺ قال« :إِ َّن ِع ْفرِيتًا ِم َن ِ
الج ِّن َت َف َّل َ
َّ
الصلاَ ةََ ،ف َأ ْم َكنَنِي اهَّللُ ِمنْ ُهَ ،ف َأ َر ْد ُت َأ ْن َأ ْربِ َط ُه ِ
َ -أ ْو كَلِ َم ًة ن َْح َو َها -ل َي ْق َط َع َع َل َّي َّ
ج ِد َحتَّى ت ُْصبِ ُحوا َو َتنْ ُظ ُروا إِ َل ْي ِه ُك ُّلك ُْمَ ،ف َذك َْر ُت المس ِ
ار َية م ْن َس َو ِاري ْ
إِ َلى س ِ ٍ ِ
َ
ِ ِ ٍ أِ ِ
ب لي ُم ْلكًا اَل َينْ َبغي لَ َحد م ْن َب ْعدي»َ ،ق َال َر ْو ٌح: ِ ِ
َق ْو َل َأخي ُس َل ْي َم َ
انَ :ر ِّب َه ْ
«ما ِمنْك ُْم َف َر َّد ُه َخاس ًئا ،وعن ابن مسعود قال :قال رسول اهلل ﷺَ :
ِ (((
ول اهللِ؟ َق َال: اك َيا َر ُس َ ج ِّن»َ ،قا ُلواَ :وإِ َّي َ ِم ْن َأ َح ٍد ،إِ اَّل َو َقدْ ُوك َِّل بِ ِه َقرِي ُن ُه ِم َن ا ْل ِ
اي ،إِ اَّل َأ َّن اهللَ َأ َعانَنِي َع َل ْي ِه َف َأ ْس َل َمَ ،فلاَ َي ْأ ُم ُرنِي إِ اَّل بِخَ ْيرٍ»(((. «وإِ َّي َ
َ
وعن سربة بن أبي فاكه قال :سمعت رسول اهلل ﷺ يقول« :إِ َّن
ال ْسلاَ مَِ ،ف َق َال :ت ُْس ِل ُم َوت ََذ ُر ان َق َعدَ اِل ْب ِن آ َد َم بِ َأ ْط ُر ِق ِهَ ،ف َق َعدَ َل ُه بِ َطرِ ِيق إْ ِ الش ْي َط َ
َّ
يكَ ،ف َع َصا ُه َف َأ ْس َل َمُ ،ث َّم َق َعدَ َل ُه بِ َطرِ ِيق ا ْل ِه ْج َر ِة، اء َأبِ َِدين ََك و ِدين آبائِ َك وآب ِ
َ َ َ َ َ
س فِي اج ُر َوتَدَ ُع َأ ْر َض َك َو َس َما َء َكَ ،وإِن ََّما َم َث ُل ا ْل ُم َه ِ
اجرِ ك ََم َث ِل ا ْل َف َر ِ َف َق َال :ت َُه ِ
ادَ ،ف َق َال :تُج ِ جه ِ
اهدُ َ ،ف ُه َو َج ْهدُ َ اج َرُ ،ث َّم َق َعدَ َل ُه بِ َطرِ ِيق ا ْل ِ َ ال ِّط َو ِلَ ،ف َع َصا ُه َف َه َ
ِ س َوا ْلم ِ
اهدَ »، الَ ،ف ُت َقات ُل َف ُت ْقت َُلَ ،ف ُتنْك َُح ا ْل َم ْر َأةَُ ،و ُي ْق َس ُم ا ْل َم ُالَ ،ف َع َصا ُه َف َج َ النَّ ْف ِ َ
َان َح ًّقا َع َلى اهَّلل ِ َ أ ْن ُيدْ ِخ َل ُه َف َق َال رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺَ « :ف َم ْن َف َع َل َذلِ َك ك َ َ ُ
ِ
َان َح ًّقا َع َلى اهَّلل َ أ ْن ُيدْ ِخ َل ُه ا ْل َجنَّةََ ،وإِ ْن َغرِ َق ك َ
َان ا ْل َجنَّةََ ،و َم ْن ُقتِ َل ك َ
َان َح ًّقا َع َلى اهَّلل ِ َأ ْن ُيدْ ِخ َل ُه ِ
َح ًّقا َع َلى اهَّلل َأ ْن ُيدْ ِخ َل ُه ا ْل َجنَّةََ ،أ ْو َو َق َص ْت ُه َدا َّب ُت ُه ك َ
ا ْل َجنَّةَ»(((.
وإذا كان الخبيث ال ييأس من التس ُّلط على األنبياء ،فغيرهم
من باب َأ ْو َلى ،فعن أبي العالء أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي
ان َقدْ َح َال َب ْينِي َو َب ْي َن َصلاَ تِي َوقِ َرا َءتِي ول اهللِ ،إِ َّن َّ
الش ْي َط َ ﷺ فقالَ :يا َر ُس َ
َبَ ،فإِ َذا َأ ْح َس ْس َت ُه ِ
ان ُي َق ُال َل ُه خنْز ٌ ول اهللِ ﷺَ « :ذ َ
اك َش ْي َط ٌ َي ْلبِ ُس َها َع َليَ ،ف َق َال َر ُس ُ
َّ
َ ِ ِ ِ ِ ِ
َف َت َع َّو ْذ بِاهلل منْ ُهَ ،واتْفل َعلى َي َسارك ثلاَ ثا» .قال :فف َعل ُت ذل َك ،فأذ َه َب ُه ُ
اهلل ْ َ َ ْ َ َ َ َ ً َ َ َ ْ
َعنِّي(((.
ان َي ْجرِي ِم ِن ا ْب ِن ويف «صحيـح البخاري» :قال رسول اهلل ﷺ« :إِ َّن َّ
الش ْي َط َ
وبوب ابن بطة لهذا المعنى يف كتابه «اإلبانة»، آ َد َم َم ْج َرى الدَّ مِ»(((َّ .
فقال« :باب اإليمان بأن الشيطان مخلوق ُم َس َّلط على بني آدم يجري منهم
مجرى الدم إال من عصمه اهلل منه ،ومن أنكر ذلك فهو من الفرق الهالكة»(((.
ِ
ووار ٌد من الشيطان، ونعلم أن ابن آدم يتوارد عليه ِ
وار ٌد من الملك، وارد الشيطان
علـى القلـب
وب َّين لنا نبينا ﷺ كيف نتقي وارد الشيطان ،فعن عبداهلل بن مسعود
ان َلم ًة بِاب ِن آدم ،ولِ ْلم َل ِ قال :قال رسول اهلل ﷺ« :إِ َّن لِ َّ
ك َل َّمةًَ ،ف َأ َّما لش ْي َط ِ َّ ْ َ َ َ َ
ك َفإِي َعا ٌد بِالخَ ْيرِ الشر و َتك ِْذيب بِالح ِّق ،و َأما َلم ُة الم َل ِ الش ْي َط ِ
َ َّ َّ َ َ ٌ ان َفإِي َعا ٌد بِ َّ ِّ َ َل َّم ُة َّ
ك َف ْل َي ْع َل ْم َأ َّن ُه ِم َن اهَّللَِ ،ف ْل َي ْح َم ِد اهَّللََ ،و َم ْن َو َجدَ الح ِّقَ ،ف َم ْن َو َجدَ َذلِ َ ِ
َوت َْصد ٌيق بِ َ
الر ِجيمُِ ،ث َّم َق َر َأ( :ﯔ ﯕ ﯖ ان َّ األُ ْخ َرى َف ْل َي َت َع َّو ْذ بِاهَّلل ِ ِم َن َّ
الش ْي َط ِ
ﯗ ﯘ) اآل َي َة [البقرة.(((»]268 :
ونؤمن أن اهلل يحفظ عباده المؤمنين من كيد الشياطين ما داموا
ك َيا َر ِّب ،اَل َأ ْب َر ُحان َق َالَ :و ِعزَّتِ َ يستغفرون ،ففي «المسند»« :إِ َّن َّ
الش ْي َط َ
الر ُّبَ :و ِعزَّتِي َو َجلاَ لِي ِِ ِ
اح ُه ْم في َأ ْج َساده ْمَ ،ق َال َّ ت َأ ْر َو ُ ُأ ْغ ِوي ِع َبا َد َك َما َد َام ْ
اَل َأز َُال َأ ْغ ِف ُر َل ُه ْم َما ْاس َت ْغ َف ُرونِي»(((.
ونعلم أن الشيطان يتمثل بصورة اآلدمي أو بما يأذن اهلل له فيه من الصور، ال��ش��ي��ط��ان
ول اهَّللِ ﷺ ففي «صحيح البخاري» عن أبي هريرة قالَ :و َّك َلنِي َر ُس ُ
يتمثل بـمـا
ي�����أذن اهلل
آت َف َج َع َل َي ْح ُثو مِ َن ال َّط َعا ِم َف َأ َخ ْذ ُت ُهَ ،ف ُق ْل ُت: ان َف َأ َتانِي ٍ َاة َر َم َض َ ظ َزك ِ ح ْف ِ بِ ِ ل��ه فيه من
ال���ص���ور
يثَ -ف َق َال :إِ َذا َأوي َت إِ َلى فِر ِ الح ِد َ لأَ َر َفعن ََّك إِ َلى رس ِ ِ
اش َك َ َْ ول اهَّلل ﷺ َ -ف َذك ََر َ َ ُ ْ َ
ان َحتَّى ـك مِ َن اهَّللِ َحافِ ٌظَ ،ولاَ َي ْق َر ُب َك َش ْي َط ٌ َفا ْق َر ْأ آ َي َة ال ُك ْر ِس ِّيَ ،ل ْن َي َز َال َع َل ْي َ
اك َش ْي َط ٌ
ان»(((. وبَ ،ذ َ
ك َو ُه َو ك َُذ ٌ ُت ْصبِ َحَ ،ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺَ :
«صدَ َق َ
وقد كان أهل الجاهليـة -لفرط جهلهم -يعوذون بسادات الجن ،فال
يزيدهم ذلك إال خو ًفا ورهقـًا ،قال اهلل تعالى مخربًا عن ذلك( :ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الجن.]6 :
ونؤمن أن ُع َّباد األوثان إنما يعبدون الجن ،قال تعالى مخربًا عن
حقيقة معبوداهتم( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ) [سبأ.]41 ،40 :
ونعلم أن الشـيطان يغـري اإلنسان بالكفر ،ثم يتخلى عنه يف الدنيا،
كما قـال تعالى مخربًا عنه( :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [الحشر ،]16 :وكما يغريه
بالكفر يغريه بالسحر ،ويع ّلمه إياه ،قال الحق مخربًا عن ذلك( :ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [البقرة.]102 :
ال��ش��ي��ط��ان ونعلم أن الشيطان يتخلى عن أوليائه يف اآلخرة ،ويلومهم على اتباعهم
يتخىل عــن
أول��ي��ائ��ه يف له ،قال الحق مخربًا عن الشيطان أنه يقوم خطي ًبا فيهم يف نار جهنم( :ﮌ
اآلخ������رة ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [إبراهيم.]22 :
((( أخرجه البخاري ( ،)5010 ،3275معل ًقا عن شيخه عثمان بن الهيثم في الموضعين.
48
بــاب
خلق اإلنسان
ونؤمن أن اهلل أخرب مالئكته أنه سيجعل يف األرض خليفة لعمارهتا
بالعبادة ،قال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [البقرة ،]30 :وب َّين الحق أنه خلق
آدم من تراب ،قال تعالى( :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [آل عمران ،]59 :وقال ﷺ« :إِ َّن اهَّللَ َ خ َل َق آ َد َم
ضَ .جا َء ضَ ،ف َجا َء َبنُو آ َد َم َع َلى َقدْ ِر أْالَ ْر ِ ِم ْن َق ْب َض ٍة َق َب َض َها ِم ْن َج ِمي ِع أْالَ ْر ِ
الس ْه ُل
بَ ،و َّ كَ ،وا ْلخَ بِ ُ
يث َوال َّط ِّي ُ ِمن ُْه ُم أْالَ ْب َي ُض َو أْالَ ْح َم ُر َو أْالَ ْس َو ُد َو َب ْي َن َذلِ َ
أطوارا،
ً ك»((( .وهذا الرتاب جعله اهلل طينًا ،ثم خلقه َوا ْل َحز ُْنَ ،و َب ْي َن َذلِ َ
قال الحق( :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ
،]30-26وقال تعالى( :ﮕ ﮖ ﯷ ﯸ ﯹ) [الحجر:
آدم « :نقول :هذا بدء خلق آدم ،خلقه اهلل أول بدئه من تراب ،ثم
من طينة :حمراء ،وسوداء ،وبيضاء ،ومن طينة طيبة وسبخة ،فلذلك ذريت ُه
طيب ،وخبيث ،أسود وأحمر وأبيض ،ثم َّبل ذلك الرتاب فصار طينًا ،فذلك
ٌ
قوله( :ﮚ ﮛ) فلما لصق الطـين بعضه ببعض ،فصار((( طينًا الز ًبا -يعني
مثل الطين ،إذا ُعصر َّ
انسل من الص ًقا -ثم قال( :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) ،يقولُ :
جف صار بين األصابع ،ثم نتن فصار ً
حمأ مسنو ًنًا ،فخلق من الحمأ ،فلما َّ
صلصالاً كالفخار ،يقول :صار له صلصلة كصلصلة الفخار ،يقول :له ٌّ
دوي
كدوي الفخار .فهذا بيان خلق آدم .وأما قوله( :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) ِّ
[السجدة ،]8 :فهذا بدء خلق ذريته ،من (ﯕ) يعني النطفة إذا انس َّلت من
الرجل ،فذلك قوله( :ﯖ ﯗ) ،يعني النطفة( ،ﯘ) يعني :ضعيف»(((.
ّ
خلــق اهلل ونؤمن أن اهلل خلق آدم بيده الشريفة ،وأسجد له مالئكته ،قال تعالى:
آدم بيــده
( ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ
الق َي َام ِة،
ُون يوم ِ ِ ِ
«ي ْجتَم ُع المؤمن َ َ ْ َ ﯸ ﯹ) [الحجر ،]30 ،29 :وقال ﷺَ :
ْت َأ ُبو الن ِ
َّاس، ونَ :أن َ ونَ :ل ِو ْاست َْش َف ْعنَا إِ َلى َر ِّبنَاَ ،ف َي ْأت َ
ُون آ َد َمَ ،ف َي ُقو ُل َ َف َي ُقو ُل َ
ك َملاَ ئِ َك َت ُه»(((.
ك اهَّللُ بِ َي ِد ِهَ ،و َأ ْس َجدَ َل َ
َخ َل َق َ
ونؤمن بأن اهلل خلق آدم على صورته ،فعن أبي هريرة
ُّون ِذ َرا ًعا»((( ،وعنه ورتِ ِهُ ،طو ُل ُه ِست َ «خ َل َق اهَّللُ آ َد َم َع َلى ُص َ عن النبي ﷺ قالَ :
عن النبي ﷺ قال« :إِ َذا َقات ََل َأ َحدُ ك ُْم َأ َخا ُه َف ْل َي ْجتَن ِ ِ
ب ا ْل َو ْج َه؛ َفإِ َّن اهللَ َخ َل َق آ َد َم
ورتِ ِه»((( ،وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال« :إِ َذا َض َر َب َع َلى ُص َ
ك، ك َو َو ْج َه َم ْن َأ ْش َب َه َو ْج َه َ َأ َحدُ ك ُْم َف ْل َيت ََجن ِ
َّب ا ْل َو ْج َهَ ،و اَل َي ُق ْلَ :ق َّب َح اهَّللُ َو ْج َه َ
ورتِ ِه»(((. َفإِ َّن اهَّللَ َت َعا َلى َخ َل َق آ َد َم َع َلى ُص َ
زوجا ليسكن إليها ،وهي حواء ،قال
ونؤمن أن اهلل خلق آلدم من نفسه ً
الحق جل يف عاله( :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻﭼ) [األعراف .]189 :وقال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ) [النساء.]1 :
ونؤمن أن اهلل خلق آدم وحواء ،وأسكنهما الجنة ،قال تعالى( :ﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [البقرة،]35 :
وهناهما عن األكـل من الشجرة فوسوس لهما الشـيطان -حسدً ا لهما-
فأكال منها ،فأخرجهما اهلل من الجنة ،وأهبطهما إلى األرض ،قال الحق
مخربًا عن ذلك( :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ
ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ
ﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﭑﭒﭓﭔﭕ
ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ) [األعراف.]25-19 :
جعل اهلل ونؤمن أن اهلل جعل آدم خليفة يف األرض ،قال تعالى( :ﭑ ﭒ
اإلنسان
خليفة يف ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
األرض ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ) [البقرة.]30 :
وقد ابتاله فنسي ثم عصى ،ثم اجتباه ربه وهداه ،قال الحق( :ﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [طه ،]115 :ثم تلقى آدم من
ربه كلمات ،فكانت سب ًبا لمغفرة اهلل له وتوبته عليه ،قال المولى عز شأنه:
(ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)
ﮊ) [الحجرات ،]13 :وعن أبي هريرة أن رسول اهلل ﷺ قال« :إِ َّن
اج ٌراء ُم ْؤ ِم ٌن ت َِقيَ ،و َف ِ
اه ِلي ِة ،و َفخْ رها بِ آْالب ِ
َ
ِ
ب َعنْك ُْم ُع ِّب َّي َة ا ْل َج َّ َ َ َ اهَّللَ َ قدْ َأ ْذ َه َ
ٌّ
اب.(((»... َش ِق ٌّيَ ،أ ْنت ُْم َبنُو آ َد َمَ ،وآ َد ُم ِم ْن ت َُر ٍ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦ) [المائدة.]17 :
ونؤمن أن اهلل خلق الناس على الفطرة ،قال تعالى( :ﯔ ﯕ ﯖ كل مولود
يولد عىل
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ الفطـرة
.]30قال ابن زيد، ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الروم:
ت َع َل ْي ِه ْم َما َأ ْح َل ْل ُ
ت َل ُه ْم، اجتَا َلت ُْه ْم َع ْن ِدين ِ ِه ْمَ ،و َح َّر َم ْ
ين َف ْ
َأ َتتْهم َّ ِ
الش َياط ُ ُ ُ
َو َأ َم َرت ُْه ْم َأ ْن ُي ْشرِكُوا بِي َما َل ْم ُأن ِْز ْل بِ ِه ُس ْل َطانًا.(((»...
ونؤمن أن اهلل خصم منكري البعث بأن ذكّرهم ببداية خلقهم من تراب،
فقال تعالى( :ﮔﮕﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [يس.]79 ،78 :
كما ذكّرهم بأنه خلقهم من ماء مهين ،فكيف يسـتكربون على رهبم ،ب��دء اخللق
م��ن ت��راب
ويسـتبعدون نشـرهم وحشرهم؟! قال الحـق ( :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ دل��ي��ل عىل
ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ال���ب���ع���ث
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ
ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹﯺ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ)
[السجدة.]11-7 :
ونؤمن أن َخ ْل َق اهلل تعالى للعباد دليل على أنه وحده المستحق للعبادة،
قـال اهلل تعالى( :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ) [البقرة.]21 :
نوحا ذكَّر قومه بأن اهلل خلقهم
كما أخربنا اهلل يف القرآن الكريم أن ً
وقارا؟! قال تعالى( :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
أطوارا ،فكيف ال يرجون له ً
ً
ﭧ ﭨ ﭩ) [نوح.]14 ،13 :
ولإلنسان أحـوال يف الربزخ ويف الدار اآلخرة سـيأيت تفصيلها -إن شاء
اهلل -يف كتاب اإليمان باليوم اآلخر(((.
((( انظر (ص )241 :من هذا الكتاب. ((( أخرجه مسلم (.)2865
56
بــاب
خلق الروح
ونعلم أن الروح من أمر اهلل ،وأن البشر ال يعلمون من شأهنا إال ما أطلعهم
اهلل عليه ،قال الحق جل شأنه( :ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [اإلسراء ،]85 :وعن عبداهلل قال:
ثَ ،و ُه َو ُمتَّكِ ٌئ َع َلى َع ِس ٍ
يب ،إِ ْذ َم َّر ال َي ُهو ُدَ ،ف َق َال «بينَا َأنَا مع النَّبِي ﷺ فِي حر ٍ
َْ َ َ ِّ َْ
الروحِ َ ،ف َق َالَ :ما َر ْأ ُي ُك ْم إِ َل ْي ِه؟ َو َق َال َب ْع ُض ُه ْم :لاَ ضَ :س ُلو ُه َع ِن ُّ َب ْع ُض ُه ْم ل ِ َب ْع ٍ
الروحِ َ ،ف َأ ْم َس َك النَّبِ ُّي ٍ
َي ْس َت ْقبِ ُل ُك ْم بِ َش ْيء َت ْك َر ُهو َن ُهَ ،ف َقا ُلواَ :س ُلو ُهَ ،ف َس َأ ُلو ُه َع ِن ُّ
وحى إِ َل ْي ِهَ ،ف ُق ْم ُت َم َقامِيَ ،ف َل َّما ن ََز َل ﷺ َف َل ْم َي ُر َّد َع َل ْي ِه ْم َش ْي ًئاَ ،ف َعلِ ْم ُت َأ َّن ُه ُي َ
الو ْح ُيَ ،ق َال( :ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ َ
ﯺ ﯻ ﯼ)»(((.
ونؤمن أن األرواح مخلوقة ،قال الحق جل شأنه( :ﮏﮐﮑﮒﮓ األرواح
ونؤمن أن الروح تفارق البدن عند الموت ،قال الحق( :ﭽ ﭾ ﭿ مفارقــــة
الروح للبدن
ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [العنكبوت .]57 :فهي تفارق البدن مفارقة تامة
ول اهللِ ﷺ َع َلى بالموت ،ويتبعها البصر ،فعن أم سلمة قالتَ :د َخ َل َر ُس ُ
وح إِ َذا ُقبِ َض َتبِ َع ُه َأبِي َس َل َمةََ ،و َقدْ َش َّق َب َص ُر ُهَ ،ف َأ ْغ َم َض ُهُ ،ث َّم َق َال« :إِ َّن ُّ
الر َ
ا ْل َب َص ُر ،(((»...فهي ال تموت كموت البدن ،وإنما موهتا مفارقة البدن.
ونؤمن أن المالئكة تستخرج األرواح من األبدان عند الموت ،ويقع األرواح
يف البـرزخ
عليها النعيم أو العذاب ،قال اهلل تعالى( :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ يناهلا النعيم
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ أو العذاب
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [األنعام.]93 :
فالملك يستخرج النفس ،ثم يقع عليها العذاب أو النعيم ،كما يقع على
الجسد ،فعن الرباء بن عازب Lقالَ :خ َر ْجنَا َم َع النَّبِ ِّي ﷺ فِي ِجن ََاز ِة
ول اهَّللِ ﷺ، ارَ ،فا ْنت ََه ْينَا إِ َلى ا ْل َق ْب ِرَ ،و َل َّما ُي ْل َحدْ َ ،ف َج َل َس َر ُس ُ َر ُج ٍل مِ َن الأْ َن َْص ِ
ض، وسنَا ال َّط ْي َرَ ،وفِي َي ِد ِه ُعو ٌد َينْ ُك ُت فِي الأْ َ ْر ِ وج َلسنَا حو َله ،ك ََأ َّن َع َلى ر ُؤ ِ
ُ َ َ ْ َ ْ ُ
اب ا ْل َق ْب ِر َم َّر َت ْي ِنَ ،أ ْو َثلاَ ًثاُ ،ث َّم َق َال: يذوا بِاهَّللِ مِ ْن َع َذ ِ است َِع ُ َف َر َف َع َر ْأ َس ُهَ ،ف َق َالْ :
ال ِم َن آْال ِخ َر ِةَ ،نز ََل إِ َل ْي ِه َان فِي ان ِْق َطا ٍع ِم َن الدُّ ْنيا َوإِ ْق َب ٍ
َ «إِ َّن ا ْل َع ْبدَ ا ْل ُم ْؤ ِم َن إِ َذا ك َ
الش ْم ُسَ ،م َع ُه ْم َك َف ٌن ِم ْن وه ُه ُم َّ ِ
يض ا ْل ُو ُجوه ،ك ََأ َّن ُو ُج َ اء بِ ُملاَ ئِ َك ٌة ِمن السم ِ
َ َّ َ َ
ِ ِ
ُوط م ْن َحنُوط ا ْل َجنَّةَ ،حتَّى َي ْج ِل ُسوا منْ ُه َمدَّ ا ْل َب َصرُِ ،ث َّمِ ِ ِ
ان ا ْل َجنَّةَ ،و َحن ٌ َأ ْك َف ِ
ولَ :أ َّيت َُها ال َّن ْف ُس ت َ حتَّى َي ْج ِل َس ِعنْدَ َر ْأ ِس ِهَ ،ف َي ُق ُ جيء م َل ُك ا ْلمو ِ
َْ َي ِ ُ َ
يل يل ك ََما ت َِس ُ ان»َ .ق َالَ « :فتَخْ ُر ُج ت َِس ُ اخ ُر ِجي إِ َلى َمغ ِْف َر ٍة ِم َن اهَّلل ِ َو ِر ْض َو ٍ ال َّط ِّي َبةُْ ،
وها فِي َي ِد ِه َط ْر َف َة َع ْي ٍن ِ
الس َقاءَ ،ف َي ْأ ُخ ُذ َهاَ ،فإِ َذا َأ َخ َذ َها َل ْم َيدَ ُع َ
ِ ِ
ا ْل َق ْط َر ُة م ْن في ِّ
ُوطَ ،و َيخْ ُر ُج ِمن َْها حتَّى ي ْأ ُخ ُذوهاَ ،فيجع ُلوها فِي َذلِ َك ا ْل َك َف ِن ،وفِي َذلِ َك ا ْلحن ِ
َ َ َ َ ْ َ َ َ َ
((( أخرجه مسلم ( ،)920وأبو داود ( ،)3118وابن ماجه (.)1454
59 كتاب بدء الخلق
ون بِ َهاَ ،فلاَ ض»َ ،ق َالَ « :ف َي ْص َعدُ َ ب َن ْف َح ِة ِم ْس ٍك ُو ِجدَ ْت َع َلى َو ْج ِه أْالَ ْر ِ ك ََأ ْط َي ِ
ِ ِ ون -يعنِي :بِها -ع َلى م إَ ٍ ِ
ب؟ وح ال َّط ِّي ُ ل م َن ا ْل َملاَ ئكَة ،إِ اَّل َقا ُلواَ :ما َه َذا ُّ
الر ُ َ َ َ َي ُم ُّر َ َ ْ
ونُ :فلاَ ُن ْب ُن ُفلاَ ٍن ،بِ َأ ْح َس ِن َأ ْس َمائِ ِه ا َّلتِي كَانُوا ُي َس ُّمو َن ُه بِ َها فِي الدُّ ْن َيا، َف َي ُقو ُل َ
ون َل ُهَ ،ف ُي ْفت َُح َل ُه ْمَ ،ف ُي َش ِّي ُع ُه ِم ْن
اء الدُّ ْن َياَ ،ف َي ْس َت ْفتِ ُح َ
حتَّى ينْتَهوا بِها إِ َلى السم ِ
َّ َ َ َ ُ َ
السابِ َع ِة، ِ
الس َماء َّ
ِ ِ ِ ِ
الس َماء ا َّلتي تَل َيهاَ ،حتَّى ُينْت ََهى بِه إِ َلى َّ وها إِ َلى َّ
ٍ
ك ُِّل َس َماء ُم َق َّر ُب َ
ضَ ،فإِنِّي ينَ ،و َأ ِعيدُ و ُه إِ َلى أْالَ ْر ِ ِ ِ ِ
َاب َع ْبدي في ع ِّل ِّي َ
ِ
ول اهَّللُ :ا ْك ُت ُبوا كت َ َف َي ُق ُ
َار ًة ُأ ْخ َرى»َ .ق َالَ « :ف ُت َعا ُد ِ ِ ِ ِ
من َْها َخ َل ْقت ُُه ْمَ ،وف َيها ُأعيدُ ُه ْمَ ،ومن َْها ُأ ْخرِ ُج ُه ْم ت َ
وح ُه فِي َج َس ِد ِه .(((»...فذكر النبي ﷺ يف هذا الحديث أن الروح تخرج، ُر ُ
وتسيل ،و ُتقبض ،و ُتكفن ،و ُيعرج هبا ،و ُتعاد ،وهذا كله شأن المخلوق.
ونؤمن أن األرواح بعد مفارقة البدن ،تستقر يف نعيم أو عذاب إلى يوم
ول اهَّللِ ﷺ َق َال« :إِن ََّما ن ََس َم ُة القيامة ،فعن كعب بن مالك َ ،ع ْن رس ِ
َ ُ
ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َطائِ ٌر فِي َش َجرِ ا ْل َجن َِّة َحتَّى َي ْب َع َث ُه اهَّللُ إِ َلى َج َس ِد ِه َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة»(((.
وعن مسروق قال :سألنا عبداهلل بن مسعود عن هذه اآلية:
ﮡ) (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
«أرواحهم فِي جو ِ ِ
ف َ ْ ـالَ :أ َما إِنَّا َقدْ َس َأ ْلنَا َع ْن َذل َكَ ،ف َق َالْ ُ ُ َ ْ َ : [آل عمرانَ .]169 :ق َ
ث َشا َء ْتُ ،ث َّم ش ،ت َْس َر ُح ِم َن ا ْل َجن َِّة َح ْي ُ
يل ُم َع َّل َق ٌة بِا ْل َع ْر ِ َطيرٍ ُخ ْضرٍَ ،لها َقن ِ
َاد ُ َ ْ
يل.(((»... ك ا ْل َقن ِ
َاد ِ ت َْأ ِوي إِ َلى تِ ْل َ
ملخص الكتاب
بــاب
َّ
إن الـدين عند اهلل اإلسالم
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ
ﮗ ﮘ ﮙ) [البقرة .]130 :وقال الحق جل شأنه وتقدست أسماؤه
يف إبراهيم الخليل ( :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [آل عمران.]67 :
64
وهو الفطرة التي فطر اهلل الناس عليها ،قال تعالى( :ﯔ ﯕ ﯖ الفطرة هي
الدين احلق
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الروم.]30 :
الف ْط َر ِةَ ،ف َأ َب َوا ُه ُي َه ِّو َدانِ ِهَ ،أ ْو ُين َِّص َرانِ ِه،
ود يو َلدُ ع َلى ِ
َ
ٍ
وقال ﷺ« :ك ُُّل َم ْو ُل ُ
يمةََ ،ه ْل ت ََرى فِ َيها َجدْ َعا َء» ،ثم يقول َأو يمجسانِ ِه ،كَم َث ِل الب ِه ِ
يمة ُتنْت َُج ال َب ِه ََ َ َ ْ ُ َ ِّ َ
أبو هريرة ( :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ
ﯦ ﯧ) [الروم .((( ]30 :وهو الميثاق الذي أخذه اهلل على آدم وذريته،
قال الحق جل شأنه( :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ) [األعراف.]172 :
ونؤمن أن اهلل ال يقبل دينًا سواه قال المولى ( :ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [آل عمران.]85 :
بــاب
اإلسالم
ونؤمن أن هذا الدين هو الدين الذي نزل به جربيل األمين على محمد
مراتب هي :اإلسالم واإليمان واإلحسان ،ولكل منها أركان، َ ﷺ ،وأن له
ات ول اهللِ ﷺ َذ َ فعن عمر بن الخطاب قالَ :ب ْينَما ن َْح ُن ِعنْدَ رس ِ
َ ُ َ
الش َع ِر ،لاَُ ي َرى اد َّ ابَ ،ش ِديدُ سو ِ اض ال ِّث َي ِ َي ْو ٍم ،إِ ْذ َط َل َع َع َل ْينَا َر ُج ٌل َش ِديدُ َب َي ِ
َ َ
الس َف ِرَ ،ولاَ َي ْع ِر ُف ُه مِنَّا َأ َحدٌ َ ،ح َّتى َج َل َس إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺَ ،ف َأ ْسنَدَ ِ
َع َل ْيه َأ َث ُر َّ
خ َذ ْي ِهَ ،و َق َالَ :يا ُم َح َّمدُ َ ،أ ْخبِ ْرنِي َع ِن ر ْكب َتي ِه إِ َلى ر ْكب َتي ِه ،وو َضع َك َّفي ِه َع َلى َف ِ
ُ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ
«ال ْسلاَ ُم َأ ْن ت َْش َهدَ َأ ْن اَل إِ َل َه إِ اَّل اهللُ َو َأ َّن ُم َح َّمدً ا ول اهللِ ﷺ :إْ ِ الإْ ِ ْسلاَ ِمَ ،ف َق َال َر ُس ُ
رس ُ ِ
ت انَ ،وت َُح َّج ا ْل َب ْي َ الصلاَ ةََ ،وت ُْؤتِ َي ال َّزكَاةََ ،وت َُصو َم َر َم َض َ يم َّ
ِ
ول اهلل ﷺَ ،وتُق َ َ ُ
ت إِ َلي ِه سبِيل»َ ،ق َالَ :صدَ ْق َتَ ،ق َالَ :ف َع ِ
ج ْبنَا َل ُه َي ْس َأ ُل ُهَ ،و ُي َصدِّ ُق ُه. إِ ِن ْاس َت َط ْع َ ْ َ
«أ ْن ت ُْؤ ِم َن بِاهللَِ ،و َملاَ ئِكَتِ ِهَ ،و ُك ُتبِ ِهَ ،و ُر ُس ِل ِه، انَ ،ق َالَ : َق َالَ :ف َأ ْخبِرنِي َع ِن الإْ ِ يم ِ
َ ْ
َوا ْل َي ْو ِم آْال ِخرَِ ،وت ُْؤ ِم َن بِا ْل َقدَ ِر َخ ْيرِ ِه َو َش ِّر ِه»َ ،ق َالَ :صدَ ْق َتَ ،ق َالَ :ف َأ ْخبِ ْرنِي
اك». َّك ت ََرا ُهَ ،فإِ ْن َل ْم َتك ُْن ت ََرا ُه َفإِ َّن ُه َي َر َ «أ ْن َت ْع ُبدَ اهللَ ك ََأن َ انَ ،ق َالَ : َع ِن الإْ ِ حس ِ
ْ َ
السائِ ِل»َ .ق َال: ِ
ؤول َعن َْها بِ َأ ْع َل َم م َن َّ«ما ا ْل َم ْس ُ السا َعةَ ،ق َالَ :
ِ ِ
َق َالَ :ف َأ ْخبِ ْرني َع ِن َّ
َف َأ ْخبِ ْرنِي َع ْن َأ َم َارتِ َهاَ ،ق َالَ :
«أ ْن ت َِلدَ أْالَ َم ُة َر َّبت ََهاَ ،و َأ ْن ت ََرى ا ْل ُح َفا َة ا ْل ُع َرا َة ا ْل َعا َل َة
ان»َ ،ق َالُ :ث َّم ا ْن َط َل َقَ ،ف َلبِ ْث ُت َملِ ًّياُ ،ث َّم َق َال لِي: ون فِي ا ْل ُبنْ َي ِ اء َي َت َط َاو ُل َ الش ِ ِر َعا َء َّ
اهلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ق َالَ « :فإِ َّن ُه ِج ْبرِ ُ ِ
يل السائ ُل؟» ُق ْل ُتُ : «يا ُع َم ُرَ ،أتَدْ ِري َم ِن َّ َ
َأتَاك ُْم ُي َع ِّل ُمك ُْم ِدي َنك ُْم»(((.
وقد ب َّين النبي ﷺ أركان اإلسالم يف أحاديث أخرى ،فقالُ « :بن ِ َي أركـان
ول اهَّللَِ ،وإِ َقا ِمسَ :ش َها َد ِة َأ ْن اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،و َأ َّن ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ
اإلسـالم
اإل ْسلاَ ُم َع َلى َخ ْم ٍ ِ
ِ ِ ِ
ان»((( .وعن طلحة بن عبيد اهلل الح ِّجَ ،و َص ْو ِم َر َم َض َ الصلاَ ةَ ،وإِيتَاء ال َّزكَاةَ ،و َ َّ
ٍ ِ ِ ِ ِ
سُ ،ي ْس َم ُع قالَ :جا َء َر ُج ٌل إِ َلى َر ُسول اهَّلل ﷺ م ْن َأ ْه ِل ن َْجد َثائ َر َّ
الر ْأ ِ
اإل ْسلاَ ِمَ ،ف َق َال ولَ ،حتَّى َدنَاَ ،فإِ َذا ُه َو َيس َأ ُل َع ِن ِ
ْ َد ِو ُّي َص ْوتِ ِهَ ،ولاَ ُي ْف َق ُه َما َي ُق ُ
ات فِي ال َي ْو ِم َوال َّل ْي َل ِة»َ .ف َق َالَ :ه ْل َع َل َّي َغ ْي ُر َها؟ «خمس ص َلو ٍ رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺَ َ ُ ْ َ : َ ُ
«ل ،إِ اَّل َأن َت َطوع»َ .ق َال رس ُ ِ
ان»َ .ق َالَ :ه ْل َع َل َّي «و ِص َيا ُم َر َم َض َ ول اهَّلل ﷺَ : َ ُ ْ َّ َ َق َال :اَ
الزكَاةََ ،ق َالَ :ه ْل «ل ،إِ اَّل َأن َت َطوع»َ .ق َال :و َذكَر َله رس ُ ِ َغ ْي ُر ُه؟ َق َال :اَ
ول اهَّلل ﷺ َّ َ َ ُ َ ُ ْ َّ َ
ولَ :واهَّللِ لاَ «ل ،إِ اَّل َأ ْن َت َط َّو َع»َ .ق َالَ :ف َأ ْد َب َر َّ
الر ُج ُلَ ،و ُه َو َي ُق ُ َع َل َّي َغ ْي ُر َها؟ َق َال :اَ
«أ ْف َل َح إِ ْن َصدَ َق»(((. ول اهَّللِ ﷺَ : صَ .ق َال َر ُس ُ َأ ِزيدُ َع َلى َه َذا َولاَ َأ ْن ُق ُ
وقال الحق جل شأنه( :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [البينة .]5 :وقال عز من قائل:
(ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ)
بــاب
اإليمان
ونؤمن أن المرتبة الثانية من مراتب الدين هي :اإليمان ،وهو كما جاء يف
جواب النبي ﷺ لجربيل حينما سأله عن اإليمان قالَ :ف َأ ْخبِ ْرنِي
«أ ْن ت ُْؤ ِم َن بِاهللَِ ،و َملاَ ئِكَتِ ِهَ ،و ُك ُتبِ ِهَ ،و ُر ُس ِل ِهَ ،وا ْل َي ْو ِم آْال ِخرِ، َع ِن الإْ ِ يم ِ
انَ ،ق َالَ : َ
َوت ُْؤ ِم َن بِا ْل َقدَ ِر َخ ْيرِ ِه َو َش ِّر ِه»َ ،ق َالَ :صدَ ْق َتَ ... ،ق َالُ :ث َّم ا ْن َط َل َق َف َلبِ ْث ُت َملِ ًّيا،
ِ ِ
اهلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ق َال: السائ ُل؟» ُق ْل ُتُ : «يا ُع َم ُر َأتَدْ ِري َم ِن َّ ُث َّم َق َال ليَ :
يل َأتَاك ُْم ُي َع ِّل ُمك ُْم ِدينَك ُْم»(((.
« َفإِ َّن ُه ِج ْبرِ ُ
واإليمان وإن كان النبي ﷺ قد فسره يف حديث جربيل السابق اإليامن له
ٍ
بمعنى خاص وهو قوله« :ت ُْؤ ِم َن بِاهللَِ ،و َملاَ ئِكَتِ ِهَ ،و ُك ُتبِ ِهَ ،و ُر ُس ِل ِهَ ،وا ْل َي ْو ِم
معان كثري ٌة
أيضا بمعنى أعم فهو جامع آْال ِخرَِ ،وت ُْؤ ِم َن بِا ْل َقدَ ِر َخ ْيرِ ِه َو َش ِّر ِه»؛ إال أنه يأيت ً
لكل خير ،شامل ألعمال القلوب والجوارح ،قال الحق :
(ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ
ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋ) [األنفال.]4-2 :
وفسره النبي ﷺ لوفد عبدالقيس بالشعائر الظاهرة ،ففي الصحيح عن
ابن عباس Lقال :إِ َّن َو ْفدَ َع ْب ِد ال َق ْي ِ
س َل َّما َأ َت ُوا النَّبِ َّي ﷺ َق َالَ :
«م ِن
الو ْف ِد،«م ْر َح ًبا بِال َق ْومَِ ،أ ْو بِ َ الو ْفدُ ؟َ »-قا ُلواَ :ربِي َعةَُ .ق َالَ : ال َق ْو ُم؟ َ -أ ْو َم ِن َ
يك إِ اَّل فِي يع َأ ْن ن َْأتِ َ ِ َغير َخزَايا و اَل َندَ امى»َ ،ف َقا ُلوا :يا رس َ ِ
ول اهَّلل إِنَّا لاَ ن َْستَط ُ َ َ ُ َ َ َ َْ
ار ُم َض َرَ ،ف ُم ْرنَا بِ َأ ْم ٍر َف ْصلٍ، الحي مِ ْن ُك َّف ِ َ الش ْه ِر َ
الح َرا ِمَ ،و َب ْينَنَا َو َب ْين ََك َهذا َ ُّ َّ
الجنَّةََ ،و َس َأ ُلو ُه َع ِن األَ ْش ِر َب ِةَ ،ف َأ َم َر ُه ْم بِ َأ ْر َبعٍ، ِ ن ْ ِ
ُخبِ ْر بِه َم ْن َو َرا َءنَاَ ،ونَدْ ُخ ْل بِه َ
ان
يم ُ ون َما ِ
اإل َ «أتَدْ ُر َ ان بِاهَّللِ َو ْحدَ ُهَ ،ق َالَ : اإليم ِ ِ
اه ْم َع ْن َأ ْر َبعَ :أ َم َر ُه ْم بِ َ َون ََه ُ
«ش َها َد ُة َأ ْن اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،و َأ َّن ِ
بِاهَّلل َو ْحدَ ُه؟» َقا ُلواُ :
اهَّلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ق َالَ :
انَ ،و َأ ْن َاةَ ،و ِص َيا ُم َر َم َض َ ول اهَّللِ ،وإِ َقام الصلاَ ِة ،وإِيتَاء ال َّزك ِ ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ
َ ُ َ ُ َّ
اء(((، ُتع ُطوا ِمن المغنَ ِم الخُ مس» .ونَهاهم َعن َأربعٍ« :ع ِن الحنْ َت ِم((( ،والدُّ ب ِ
َ َّ َ َ َ َ ُ ْ ْ َْ ُ َ َ ْ
وه َّنَ ،و َأ ْخبِ ُروا بِ ِه َّن ِ ِ
«اح َف ُظ ُ َوالنَّقير(((َِ ،والمز َّفتَ ،و ُر َّب َما َق َال :المق َّيرِ» َو َق َالْ :
َم ْن َو َرا َءك ُْم»(((.
وبوب البخاري يف «صحيحه» با ًبا لهذا ،فقال« :باب أمور
ّ
اإليمان ،وقول اهلل تعالى( :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ
الحنتم :جرار مدهونة كانت تحمل فيها الخمر .النهاية في غريب الحديث (.)1/448 (( (
الدباء :القرع ،وكانوا ينتبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب .النهاية في غريب الحديث (((
(.)1/96
كرا. النقير :أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء؛ ليصير ً
نبيذا ُم ْس ً (((
النهاية في غريب الحديث ()5/104
أخرجه البخاري ( ،)53ومسلم ( ،)17وأبو داود ( ،)3692والترمذي (،)2611 (((
والنسائي (.)5031
70
ونؤمن أن أهل اإليمان يتفاضلون يف أعمالهم ،فعن أبي سعيد الخدري أهل اإليامن
الج َّنةََ ،و َأ ْه ُل الن ِ ِ يتفاضلون
َّار الن ََّارُ ،ث َّم الجنَّة َ «يدْ ُخ ُل َأ ْه ُل َ
عن النبي ﷺ قالَ : يف أعامهلم
َان فِي َق ْلبِ ِه ِم ْث َق ُال َح َّب ٍة ِم ْن َخ ْر َد ٍل ِم ْن
َّار َم ْن ك َول اهَّللُ َت َعا َلىَ :أ ْخرِ ُجوا ِم َن الن َِي ُق ُ
-ش َّك الح َي ِاة َ
الح َياَ ،أ ِو َ
ِ ِ
ون من َْها َقد ْاس َو ُّدواَ ،ف ُي ْل َق ْو َن في ن ََهرِ َ
انَ .فيخْ رج َ ِ
يم ٍ ُ َ ُ إِ َ
الس ْي ِلَ ،أ َل ْم ت ََر َأن ََّها تَخْ ُر ُج َص ْف َرا َء
ب َّ ت الح َّب ُة فِي َجانِ ِ َمال ِ ٌكَ -ف َينْ ُبت َ
ُون ك ََما َتنْ ُب ُ
ُم ْلت َِو َيةً؟!»(((.
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا سعيد الخدري
ون َع َل َّيَ ،و َع َل ْي ِه ْم
َّاس ُي ْع َر ُض َ
ت الن َ يقول :قال رسول اهلل ﷺَ « :ب ْينَا َأنَا نَائِ ٌمَ ،ر َأ ْي ُ
اب، ون َذلِ َكَ ،و ُعرِ َض َع َل َّي ُع َم ُر ْب ُن الخَ َّط ِ يَ ،و ِمن َْها َما ُد َ ِ ِ
ُق ُم ٌص ،من َْها َما َي ْب ُلغُ ال ُّثد َّ
وع َلي ِه َق ِميص يجره»َ .قا ُلواَ :فما َأو ْلت َذل ِ َك ،يا رس َ ِ
ين»(((. ول اهَّلل؟ َق َال« :الدِّ َ َ َ ُ َ َّ َ ٌ َ ُ ُّ ُ َ َ ْ
ونؤمن أن اإليمان يزيد وينقص ،يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ،قال اإليامن يزيد
وينقـص
تعالى( :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝ) [الكهف ،]13 :وقال( :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [المدثر.]31 :
َّار َم ْن َق َال :اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،وفِي َق ْلبِ ِه َوز ُْن َش ِع َير ٍة «يخْ ُر ُج ِم َن الن ِ
وقال ﷺَ :
َّار َم ْن َق َال :اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،وفِي َق ْلبِ ِه َوز ُْن ُب َّر ٍة ِم ْن َخ ْيرٍ،
ِم ْن َخ ْيرٍَ ،و َيخْ ُر ُج ِم َن الن ِ
َّار َم ْن َق َال :اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،وفِي َق ْلبِ ِه َوز ُْن َذ َّر ٍة ِم ْن َخ ْيرٍ»(((.
َو َيخْ ُر ُج ِم َن الن ِ
ان َف َرائِ َض، وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن عدي« :إِ َّن لِلإْ ِيم ِ
َ
ِ ِ
انَ ،و َم ْن َل ْم اس َت ْك َم َل اإل َ
يم َ اس َت ْك َم َل َها ْ َو َش َرائ َعَ ،و ُحدُ و ًداَ ،و ُسنَنًاَ ،ف َم ِن ْ
انَ ،فإِ ْن َأ ِع ْش َف َس ُأ َب ِّين َُها َل ُك ْم َحتَّى َت ْع َم ُلوا بِ َها، ِ ِ ِ
َي ْس َت ْكم ْل َها َل ْم َي ْس َت ْكم ِل اإل َ
يم َ
َوإِ ْن َأ ُم ْت َف َما َأنَا َع َلى ُص ْح َبتِ ُك ْم بِ َح ِر ٍ
يص»(((.
وكان معمر ،وسفيان الثوري ،ومالك بن أنس ،وابن جريج ،وسفيان بن
عيينة يقولون« :اإليمان قول وعمل ،يزيد وينقص»(((.
ميدي ..« :وأن اإليمان قول
ُّ الح
وقال الحافظ أبو بكر عبداهلل بن الزبير ُ
وعمل ،يزيد وينقص ،وال ينفع قول إال بعمل ،وال عمل وقول إال بنية ،وال
قول وعمل ونية إال بسنة»(((.
وقال الخالل« :أخربين عبدالملك الميموين قال :قال لي يعلى بن عبيد
منذ أكثر من ستين سنة :اإليمان قول وعمل ،وإن الذي يصوم ويصلي
ويفعل الصالحات أكثر إيمانًا من الذي يسرق ويزين»(((.
وقال ابن أبي حاتم« :سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة يف
أصول الدين ،وما أدركا عليه العلماء يف جميع األمصار ،وما يعتقدان من
-حجازا ،وعرا ًقا ،وشا ًما،
ً ذلك ،فقاال :أدركنا العلماء يف جميع األمصار
ويمنًا -فكان من مذهبهم :اإليمان قول وعمل ،يزيد وينقص»(((.
وقال الاللكائي« :اإليمان قول وعمل ،وبه قال من الفقهاء :مالك بن
أنس ،وعبدالعزيز بن أبي سلمة الماجشون ،والليث بن سعد ،واألوزاعي،
وسعيد بن عبدالعزيز ،وابن جريج ،وسفيان بن عيينة ،وفضيل بن عياض،
ونافع بن عمر الجمحي ،ومحمد بن مسلم الطائفي ،ومحمد بن عبداهلل
ابن عمرو بن عثمان بن عفان ،والمثنى بن الصباح ،والشافعي ،وعبداهلل
ابن الزبير الحميدي ،وأبو إبراهيم المزين ،وسفيان الثوري ،وشريك ،وأبو
بكر بن عياش ،ووكيع ،وحماد بن سلمة ،وحماد بن زيد ،ويحيى بن سعيد
القطان ،وعبداهلل بن المبارك ،وأبو إسحاق الفزاري ،والنضر بن محمد
المروزي ،والنضر بن شميل ،وأحمد بن حنبل ،وإسحاق بن راهويه،
وأبو ثور ،وأبو عبيد»(((.
وقال أبو عبداهلل بن أبي زمنين يف كتابه «أصول السنة»« :باب يف أن
اإليمان قول وعمل :ومن قول أهل السنة :إن اإليمان إخالص هلل بالقلوب،
وشهادة باأللسنة ،وعمل بالجوارح ،على نية حسنة ،وإصابة السنة»(((.
(( ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ( ،)198 /1وعقيدة السلف -مقدمة ابن أبي
زيد القيرواني لكتابه الرسالة (ص.)29 :
((( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ،لإلمام الاللكائي (.)913 /4
((( أصول السنة (ص.)207 :
73 كتاب ِّ
الدين
بــاب
اإلحــســـان
ونؤمن أن المرتبة الثالثة من مراتب الدين هي :اإلحسان ،وهو كما جاء
يف جواب النبي ﷺ لجربيل حينما سأله عن اإلحسانَ ،ق َالَ :ف َأ ْخبِ ْرنِي َع ِن
اك.»... َّك ت ََرا ُهَ ،فإِ ْن َل ْم َتك ُْن ت ََرا ُه َفإِ َّن ُه َي َر َ«أ ْن َت ْع ُبدَ اهللَ ك ََأن َ
انَ ،ق َالَ : الإْ ِ حس ِ
ْ َ
السائِ ُل؟» ُق ْل ُت: «يا ُع َم ُر َأتَدْ ِري َم ِن َّ
ِ ِ
ـالُ :ث َّم ا ْن َط َل َق َف َلبِ ْث ُت َمل ًّياُ ،ث َّم َق َال ليَ : َق َ
يل َأتَاك ُْم ُي َع ِّل ُمك ُْم ِدينَك ُْم»(((. ـالَ « :فإِ َّن ُه ِج ْبرِ ُ
اهلل َو َر ُسـو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ق َ
ُ
أهل هذا مآلهم الجن ُة على
وأخرب الحق جل شأنه أن أهل هذا الدين الحقُ ،
الدين احلق،
اختالف درجاهتم ومراتبهم -سواء منهم من كان من أهل اإلسالم ،ومن
ُ
مآهلم اجلن ُة
كان من أهل اإليمان ،ومن كان من أهل اإلحسان -فقال المولى عز شأنه
وتعالى سلطانه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ
ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ
ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [فاطر.]34-31 :
بــاب
األمر بـلـزوم السنـة والتمسـك بهـا
وقد تواردت اآليات الكريمة واألحاديث الشريفة على األمر بلزوم السنة
التفرق واالختالف،
والتمسك هبا ،والتحذير من مخالفة ذلك والنهي عن ُّ
ُّ
قال اهَّلل تعالى( :ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [األحزاب .]21 :وقال تعالى( :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [األنعام ،]159 :وقال تعالى( :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الشورى.]13 :
ول اهللِ ﷺَ :
«أ َّما َب ْعدُ َ ،فإِ َّن و َع ْن َجابِ ِر ْب ِن َع ْب ِد اهللِ َ ،Lق َال :قال َر ُس ُ
ور ُم ْحدَ َثات َُها، َاب اهللَِ ،و َخ ْي ُر ا ْل ُهدَ ى ُهدَ ى ُم َح َّم ٍدَ ،و َش ُّر أْالُ ُم ِ ِ ِ ِ
َخ ْي َر ا ْل َحديث كت ُ
َوك ُُّل بِدْ َع ٍة َضلاَ َلةٌ»(((.
وعن َأبِي هرير َة َ :أ َّن رس َ ِ
ول اهلل ﷺ َق َال« :ك ُُّل ُأ َّمتِي َيدْ ُخ ُل َ
ون َ ُ ُ َ َْ َ ْ
«م ْن َأ َطا َعنِي َد َخ َل ا ْلجنَّ َة إِ اَّل من َأبى» َقا ُلوا :يا رس َ ِ
ول اهللَ ،و َم ْن َي ْأ َبى؟ َق َالَ : َ َ ُ َ ْ َ َ
ا ْل َج َّنةََ ،و َم ْن َع َصانِي َف َقدْ َأ َبى»(((.
ول اهللِ ﷺ َي ْو ًما َب ْعدَ ار َي َة َ ق َالَ :و َع َظنَا َر ُس ُ اض ْب ِن َس ِ وعن ا ْل ِع ْر َب ِ
ِ َصلاَ ِة ا ْل َغدَ ِاة َم ْو ِع َظ ًة َبلِي َغ ًة َذ َر َف ْت مِن َْها ا ْل ُع ُي ُ
وبَ ،ف َق َال ون َو َو ِج َل ْت من َْها ا ْل ُق ُل ُ
وصيك ُْم «أ ِ ول اهللَِ ،ق َالُ : َر ُج ٌل :إِ َّن َه ِذ ِه َم ْو ِع َظ ُة ُم َو ِّدعٍَ ،ف َما َذا َت ْع َهدُ إِ َل ْينَا َيا َر ُس َ
الس ْم ِع َوال َّطا َع ِةَ ،وإِ ْن َع ْبدٌ َح َب ِش ٌّيَ ،فإِ َّن ُه َم ْن َي ِع ْش ِمنْك ُْم َي َرى ِ
بِ َت ْق َوى اهللَ ،و َّ
ك ِمنْك ُْمور؛ َفإِن ََّها َضلاَ َلةٌَ ،ف َم ْن َأ ْد َر َك َذلِ َ
ات أْالُ ُم ِ اختِلاَ ًفا كَثِيرا ،وإِياكُم ومحدَ َث ِ
ً َ َّ ْ َ ُ ْ ْ
اج ِذ»(((. ينَ ،ع ُّضوا َع َل ْي َها بِالن ََّو ِ ِ
ين ا ْل َم ْهد ِّي َ
اء ِ ِ
الراشد َ
ِ ِ ِ ِ
َف َع َل ْيه بِ ُسنَّتي َو ُسنَّة ا ْلخُ َل َف َّ
وقال البخاري يف «صحيحه» يف كتاب االعتصام بالكتاب والسنة :باب
االقتداء بسنن رسول اهلل ﷺ ،وقول اهلل ( :ﮭ ﮮ
ﮯ) [الفرقان ،]74 :قال :أئمة نقتدي بمن قبلنا ،ويقتدي بنا من بعدنا ،وقال
السنَّة أن يتعلموها ويسألوا
ابن عون« :ثالث أحبهن لنفسي وإلخواين :هذه ُ
عنها ،والقرآن أن يتفهموه ويسألوا عنه ،و َيدَ عوا الناس إال من خير»(((.
ملخص الكتاب
ونؤمن بأن اهلل هو األول ،فليس قبله شيء ،وهو اآلخر فليس بعده
وعرفنا بنفسه أنه هو الذي خلق السموات واألرض ،وأنه هو المالك
شيءّ ،
الحق للسموات واألرض ،وأنه يولج الليل يف النهار ويولج النهار يف الليل
ِ
الموجد الخالق ،وأن هذا الكون المشهود شاهد على أنه هو
له وحده وال خالق معه.
َ
دالئل وذكر من آياته الدالة على أنه هو الموجد الخالق لهذا الكون دالئـــل
كثير ًة ال ُيحاط هبا ،وأقام الحجة علينا بما نراه يف أنفسنا وبما نراه مِ ْن حولنا.
وجود اهلل
ونؤمن أن صفات اهلل منها ما ورد مطل ًقا ،فنصف اهلل به على إطالقه،
كالسمع ،والحياة ،والبصر ،وغيرها ،ومنها ما ورد مقيدً ا ،فيبقى على تقييده،
كوصفه سبحانه بأنه يمكر بأعدائه إذا مكروا ،وينسى أعداءه إذا نسوه.
ومن صفاته :العلم ،والسمع ،والبصر ،والحياة ،والقيومية،
والكالم ،وهو موصوف بالكالم قبل أن َي ْخلق الخلق ويكلمهم ،وكالم ربنا
متعلق بمشيئته ،فمتى شاء تكلم .وقد ورد الخرب عن صفة الكالم هلل يف
القرآن على أوجه متعددة ،فورد أنه يكلم عباده ،ويناجي وينادي من شاء
منهم ،ويكلم الخالئق يوم القيامة ،وتسمع الخالئق يوم القيامة كالم اهلل.
ونؤمن أن اهلل قد احتجب عن خلقه بحجاب من نور ،فال
يرونه يف الدنيا ،وإن كان بعض أنبيائه سمعوا كالمه لما كلمهم من وراء
حجاب ،كما كلم موسى .
وكالم ربنا يوصف بأن بعضه أحدث من بعض ،وبعضه أفضل من
بعض.
القرآنُّ ،
وكل الكتب اإللهية المنزلة على رسله ،كصحف ُ ومن كالمه:
إبراهيم وموسى ،والتوراة ،واإلنجيل ،والزبور -كلها كالم
تنزل هبا
اهلل ،وكلها تكلم اهلل هبا ،وسمعها جربيل منه بال واسطة ،وجربيل ّ
على أنبياء اهلل ورسله .وتميزت التوراة بأن اهلل أنزلها مكتوبة يف
األلواح -وكالم اهلل وكلماته غير مخلوقة ،وكالم اهلل غير خلقه ،أال ترى أنه
فصل بين الخلق واألمر ،ونفرق بين كلمات اهلل الكونية ،وكلماته الشرعية.
ومن صفاته :العزة ،والقهر ،والجربوت ،والملكوت،
والكربياء ،والعظمة ،واإلرادة ،والمشيئة ،والقدرة ،والرحمة ،فهذه الرحمة
84
صفة من صفاته ،وهي مضافة إلى اهلل إضافة الصفة إلى الموصوف.
ومن صفاته :العلو ،وهو علو القهر ،وعلو القدر ،وعلو الذات ،فالثالثة
كلها صفته دالة على كماله ،وقد دل القرآن العظيم والسنة النبوية الشريفة
والعقل والفطرة على العلو بأوجه متعددة ،بل األدلة الدالة على أن اهلل يف
العلو أنواع كثيرة ،وتحت كل نوع أفراد كثيرة ال تحصى.
ومن صفاته :االستواء على العرش وقد ذكره اهلل يف سبعة
مواضع من كتابه.
ومن صفاته سبحانه :المحبة .ومن صفاته :الرضى .ومن صفاته :كراهيته
ألعدائه؛ ذلك ألهنم كرهوا رضوانه ،وكرهوا ما أنزل اهلل على رسوله ﷺ.
ومن صفاته :الغضب على أعدائه والمقت :وهو مقته للكافرين.
ومن صفاته :مكره بأعدائه الذين يمكرون بأوليائه .ومنها :األسف ،وهو
أشد الغضب .ومن صفاته :مخادعة من يخادعه ،فاهلل يخادع المنافقين الذين
يخادعونه .ومن صفاته ،أنه يستهزئ بمن يهزأ به. ،
ومن صفاته :الضحك ،وال َع َجب ،والمجيء واإلتيان يوم القيامة لفصل
القضاء بين الناس.
ونؤمن بصفة النزول ،وأن ربنا ينزل إلى السماء الدنيا نزولاً حقي ًّقا يليق
بجالله وعظمته ،وهو ليس كنزول المخلوقين ،بل هو كسائر صفاته التي
نؤمن هبا ،ونعلمها ،وال نتمحل يف تكييفها ،أو نتكلف يف ردها؛ بل نؤمن هبا
كما أخربنا هبا رسولنا الصادق المصدوق ﷺ.
85 كتاب اإليمان باهلل
ونؤمن بصفة المعية هلل رب العالمين ،وأن اهلل مع خلقه .وهذه المعية
نوعان :معية خاصة ،وهذه تكون ألولياء اهلل ورسله ،ومقتضاها
النصر والتأييد ،ومعية عامة مع الخلق كلهم ،مؤمنهم وكافرهم ،ومقتضاها:
العلم ،واإلحاطة ،والقدرة ،والسلطان.
وهذه المعية ال توجب حلولاً وال اختال ًطا ،وال تنايف َّ
علو اهلل تعالى؛
ألن معناها بإجماع أهل العلم :العلم واإلحاطة؛ أي :أن اهلل تعالى معنا
بعلمه وإحاطته وقدرته.
وجها يليق بجالله وعظمته ،ويدً ا تليق بجالله وكماله ،وقد
ونثبت هلل ً
ورد الخرب عنها يف القرآن والسنة على أوجه متعددة ،فقد ورد ذكر اليد
مثناة ،وأن اهلل يقبضها ويبسطها ،وأن الرب يطوي هبا السموات ،واألرض
يف قبضته ،وأن اليد موصوفة بأهنا ذات أصابع .وكل ذلك يثبت
أن اليد التي ورد وصفها يف القرآن والسنة يد حقيقية تليق بجالله ،ال نتكلف
يف تأويلها ،أو تشبيهها ،أو تحريف اآليات واألحاديث الدالة عليها .ومن
صفاته :صفة األصابع.
رؤيـــة ونؤمن برؤية المؤمنين لرهبم يوم القيامة ،وهذا مما دل عليه الكتاب،
الـمؤمنني
لرهبم يوم وتواترت به األخبار عن رسولنا ﷺ فيما َّ
بشر به المؤمنين أهنم يرون رهبم
القيامــة
ِعيانًا يوم القيامة.
وكما وصف نفسه بصفات الكمال والجمال والجالل والعزة
والكربياء ،فقد نفى عن نفسه صفات النقص ،وليس النفي يف الصفات هو
األصل يف القرآن والسنة؛ ألن األصل هو إثبات الصفات ،والقرآن والسنة
86
مملوءان ببيان صفات اهلل كما ينبغي لجالله وعظمته وكماله ،والرب
إذا نفى عن نفسه صفة فإنما ينفيها؛ لبيان الكمال يف ضدها،
أو ألن البشر نسبوا النقص إلى ذي العزة والكمال ،فينفي الرب النقص
المنسوب إليه.
ونؤمن أن اهلل له األسماء الحسنى ،وأن أسماءه قد بلغت
الغاية يف الحسن ،فال أحسن منها ،وكل اسم يشتق هلل منه صفة ،وأسماؤه
ال حصر لها.
وحذرنا ربنا من اإللحاد يف أسمائه ،أو إنكارها ،أو جحود معانيها ،أو
تعطيلها.
وما ورد يف القرآن والسنة من أسماء اهلل وصفاته أعظم من أن يحيط
به كتاب ،ونحن نؤمن هبذه األسماء والصفات على مراد ربنا ،وعلى مراد
رسولنا ﷺ ،ونعلم أن حقائقها ال يعلم هبا البشر ،وال يحيطون هبا ،وال
تبلغها أفهامهم ،وال نتكلف يف تأويلها.
87 كتاب اإليمان باهلل
بــاب
(((
اإليمــان بوجـود اهلل
ونؤمـن بأن اهلل هـو األول فليس قبله شيء ،قال اهلل تعالى( :ﯴ ﯵ
َان اهَّللُ َو َل ْم َيك ُْن َش ْي ٌء
ﯶ ﯷ ﯸ) [الحـديد ،]3 :وقال ﷺ« :ك َ
َان َع ْر ُش ُه َع َلى الماء»((( ،أخرجه البخاري من حديث عمران بن َق ْب َل ُهَ ،وك َ
َان اهَّللُ َو َل ْم َيك ُْن َش ْي ٌء َغ ْي َر ُهَ ،وك َ
َان َع ْر ُش ُه -أيضا« :ك َ
ً حصين ،ويف رواية له
ِ
واألرض ،وأنه َ السموات وعرفنا بنفسه أنه هو الذي خلق َع َلى الماء» ّ .
(((
مالك السموات واألرض ،وأنه يولج الليل يف النهار ،ويولج النهار يف الليل
،قال اهلل تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ ﮏ) [الحديد.]6 -4 :
الكــون وأكَّد الحق أن هذا الكون المشهود شاهدٌ على أنه هو
شاهد عىل ِ
الموجد الخالق له وحده ،وال خالق معه ،قال اهلل( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
وجود اهلل
ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [لقمان]11 :؟! ولهذا فقد ذكر من آياته الدالة
(( ( المقصود من هذا الباب ،إبراز أدلة وجود الرب التي ينكرها الملحد ،وسيأتي بعده
باب الربوبية؛ حيث المقصود منه :إبراز أدلة إثبات الربوبية المستلزمة أللوهية الله التي
يجادل فيها المشرك.
((( أخرجه البخاري ( ،)7418والترمذي (.)3951
((( أخرجه البخاري (.)3191
88
َ
دالئل كثيرةً ،منها :أنه يخـرج الحي ِ
الموجد الخالق لهذا الكون على أنه هو
من الميت ،ويخرج الميت من الحي .ومنها :أنه خلق البشر من تراب.
أزواجا .ومنها :اختـالف األلسنة واأللوان يف
ً ومنها :أنه خلق لنا من أنفسنا
المخلوقات .ومنها :منام العباد بالليل وابتغاؤهم الرزق يف النهار .ومنها:
أنه يجعل الربق سب ًبا للخوف والرجاء ،وأنه ينزل الماء من السماء .ومنها:
أنه هو الذي بدأ الخلق ،كما قال جل ثناؤه( :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ
ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الروم.]27-19 :
-أيضا :أنه أقام الحجة على الخلق بأنه خلقهم من نفس
ً ومن ذلك َخ ْلق البشـر
من نفس
واحدة ،قال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ واحــدة
ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ دليل عىل
وجود اهلل
ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ) [الزمر ،]6 :فذكر
بدء الخلق ،وأن األنعام كلها مخلوقة له سبحانه ،ثم أقام الحجة علينا بأنه
89 كتاب اإليمان باهلل
على النمرود بأن اهلل يأيت بالشمس من المشرق وغيره ال يستطيع أن يأيت هبا
من المغرب ،قال جل ثناؤه( :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [البقرة:
.]258
كما استدل على قومه بأن اهلل هو الذي هداه ،وأطعمه وسقاه ،وإذا َم ِرض دليـــل
اهلدايــة
شفاه ،وهو الذي يميته ويحييه ،فقال كما أخرب اهلل عنه( :ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ) [الشعراء ،]81-78 :وقال مخربًا عن موسى أنه
حاج فرعون قائلاً له :إن ربه هو( :ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ)
وعرفنا بنفسه،
[طه ،]50 :وجاء يف التنزيل أن اهلل س َّبح نفسه عن كل نقصَّ ،
فقال ( :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)
[األعلى.]3-1 :
ِ
الموجد لهذا الكون وال خالق واحتج على أنه هو الخالق
َّ
غيره -بأنه هو الذي أنبت الحدائق البهيجة ،وأن البشر ال يستطيعون أن
ينبتوا شجرها .كما احتج على ذلك بأنه جعل األرض مستقرة ،وجعل فيها
حاجزا؛ لئال يختلط هذا مع
ً ٍ
راسيات ،وجعل بين البحرين أهنارا وجبالاً
ً
المضطر إذا دعاه -ولو كان غير مؤمن
َّ هذا .وأنه هو وحده الذي يجيب
رب والبحر ،وأنه هو الذي يرسل
-وأنه هو الذي يهدي الناس يف ظلمات ال ِّ
الرياح مبشرات بين يدي الغيث ،وأنه هو الذي يرزقنا ،ال رازق غيره ،وال
رب سواه ،وال خالق غيره ،قال الحق ( :ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
91 كتاب اإليمان باهلل
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨﮩﮪ
ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ
ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
ﰀﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ
ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [النمل.]64- 60 :
وقال جل ثناؤه وتقدست أسماؤه( :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥﮦﮧ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ
ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الرعد .]4 ،٣ :فأثبت
الحق أنه هو وحده َم ْن مدّ األرض ،وخلق من كل األشجار
النهار .واحتج
َ والثمرات زوجين اثنين ،وأنه هو وحده الذي يغشي َ
الليل
ِ
على ذلك بأن الق َطع المتجاورة من األرض تخرج ً
ثمارا متشاهبة وغير
متشاهبة ،وهي تسقى بماء واحد ،فسبحان اهلل الذي ال رب غيره ،وال خالق
سواه.
وب َّين أن الجبال -مع صالبتها -فيها من بديع الخلق ما يدل على إبداع
الخالق ،فقال جل من قائل( :ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ) [فاطر.]27 :
92
ومن ذلك ما بينه تعالى لنا من أنه هو الذي خلق هذه العوالم ك َّلها، الـخلق
والتسخري
ّ
وسخرها لإلنسان ،ومن ذلك تسيير الفلك يف البحر ،قال الحق جل دليل عىل
ثناؤه( :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ وجود اهلل
ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ
ﰓ ﰔ) [الجاثية.]١٣ ،١٢ :
مراكب
َ ود ّلنا على وجوده بأن جعل لنا من هذه األنعام
ومشارب ،وأنه يمسك الطير يف جو السماء ،قال
َ َ
ومآكل ومالبس
َ
اهلل( : ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠ
ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ُ
دالئل شاهد ٌة على ﮃ ﮄ ﮅ) [النحل .]81-٧٩ :فكل هذه
وجـوده وربوبيته ،فمن الذي أوجدها إال هو ،سبحانه؟! فال موجد غيره،
وال رب سواه.
عظيما يتكرر يف كل يوم ،يشهد على وجوده
ً وأقام لنا شاهدً ا فلـــق
اإلصباح
الحب
ّ وربوبيته ؛ وهو :أنه هو الذي فلق اإلصباح ،وفلق والـحب
والنوى ،قال( : ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ والنـوى
دليل عىل
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ وجــوده
ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [األنعام.]٩٦ ،٩٥ :
93 كتاب اإليمان باهلل
وكما جعل الشمس والقمر آيتين ،جعل الليل والنهار آيتين دالتين على
وجوده وربوبيته ،قال تعالى( :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [اإلسراء.]12 :
أجاجا ،ويخرج منهما لحما
ً وبين اهلل تعالى أن ج ْع َله البحر عذ ًبا أو
طر ًّيا وحل ًّيا -دليل على وجوده ،قال ( :ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ
ﯨ ﯩ ﯪ) [النحل ،]14 :وقال الحق جل شأنه( :ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الفرقان:
.]53
العقــول وقد ب َّين اهلل تعالى أن العقول السوية تدرك أنه ال يمكن أن ُيوجد هذا
شاهدة عىل
الكون بال موجد ،فقال ( :ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
وجـــوده
ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ) [المؤمنون ،]٨٠ :وقال جل من قائل( :ﮗ
ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ) [األنبياء .]٦٧ ،٦٦ :فهل رأيت أكرب
من هذه الدالئل الدالة على وجوده وربوبيته ،؟!
وأنكر اهلل على من نسب الخلق إلى غيره ،وسألهم سؤال توبيخ وإنكار:
هل ُخلقوا من عدم؟ أم هم الذين خلقوا أنفسهم ،وخلقوا السموات
واألرض؟ أم هل عندهم خزائن اهلل؟ أم هل هم المسيطرون؟ قال اهلل:
(ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ
ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الطور .]٣٧-٣٥ :وهذه
اآلية من أعظم اآليات الدالة على وجود الخالق؛ ولهذا ثبت أن جبير بن
94
بــاب
اإليمـــان بـربوبـيـة اهلل
ونؤمن بأن اهلل واحد يف ربوبيته ،وبأنه هو الخالق وحده ،وهو الذي
بدأ الخلق لم يشاركه فيه أحد ،قال الحق جل شأنه( :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [الروم ،]11 :وقال ( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [يونس.]34 :
اهلل خيلق وأن اهلل يخلق بأمره سبحانه ،قال تعالى( :ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ
باألمر وبام
يشاء من ﯱ ﯲ ﯳ) [يس .]82 :ويخلق بما يشاء من األسباب ،قال
األسباب الحق سبحانه( :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [طه ،]53 :وقال المولى عز
شأنه( :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الرعد ،]3 :وقال اهلل تعالى:
(ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [الذاريات.]49 :
اهلل خالق وأخرب أنه خالق كل شيء ،فكل ما سواه فهو مخلوق ،قال
كل يشء
اهلل تعالى( :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الزمر.]٦٢ :
اهلل هو ونؤمن بأن اهلل رب كل شيء وخالقه ومدبره ،قال اهلل تعالى( :ﮜ
الـمدبر
ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ
ﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰ ﮱﯓﯔ ﯕﯖﯗ
ﯘ ﯙ) [البقرة .]22 ،21 :وقال الحق جل شأنه( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [يونس ،]3 :فهو
خالق السموات واألرض ومالكهما ،وهو المتصرف فيهما،
96
((( سيأتي توضيح ذلك في باب الرسل بإذن الله .انظر (ص )212 :من هذا الكتاب.
99 كتاب اإليمان باهلل
ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ) [الجاثية.]13 :
اهلل له اخللق ونؤمن بأن الرب جل شأنه له الخلق واألمر ،قال تعالى( :ﮞ ﮟ ﮠ
واألمــــر
وال مشرع غيره،
ّ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [األعراف ،]54 :فال رب سواه،
(ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) كما قال تعالى:
[الشورى ،]13 :وقال تعالى( :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [المائدة،]48 :
فهو الذي يشرع الشرائع ،ويفرض الفرائض ،ويبين الدين .وأنكر الحق على
من اتخذوا أحبارهم ورهباهنم أربا ًبا ،وقبلوا منهم ما شرعوا لهم من الدين،
قال اهلل جل شأنه( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ)
ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ
ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [العنكبوت-61 :
مسهم الكرب،
،]63ومع أهنم يستغيثون باهلل يف الضراء ،ويلجـؤون إليـه إذا َّ
لم ينفعهم ذلك؛ حيث ال يزالون على شركهم وكفرهم ،قال المولى جل
شأنه( :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ) ﭯﭰ
[العنكبوت.]66 ،65 :
101 كتاب اإليمان باهلل
بــاب
اإليمـــان بألــوهـيـة اهلل
ونؤمن بأن اهلل واحد يف ألوهيته ،وأنه ال إله إال اهلل وحده ال شريك
له ،وأنه هو الحق ،وأن ما يدعون من دونه الباطل ،وأن هذا األمر العظيم
هو الذي من أجله أنزل اهلل الكتب ،وأرسل الرسل ،وخلق الجنة والنار،
ودلت عليه الفطرة ،وشهدت له العقول السليمة .ونعلم علم اليقين أن
أساس دعوة األنبياء ألقوامهم هو :دعوهتم لعبادة اهلل وحده ،وترك عبادة
ما سواه ،قال المولى جل شأنه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [األنبياء .]25 :وقال ( :ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [النحل .]36 :وقال الحق
سبحانه( :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ) [الزخرف ،]45 :وكل نبي قـال لقومـه :اعبـدوا اهلل ما لكم من إله
غيره ،من أولهم نـوح إلى آخرهم محمد ،فقـال اهلل مخربًا عن
نوح أنه قال( :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [األعراف،]59 :
وأخرب عن آخرهم محمد ﷺ أنه قال( :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ) [ص ،]65 :وقـال ( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [األنعام.]102 :
الغاية من وهذا األمر العظيم هو الذي من أجله خلق اهلل الخلق ،قال اهلل تعالى:
اخللـــق
ومعنى« :يعبدون»، (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الذاريات]56 :
أيَ :يو ِّحدون ،قال البخاري عند تفسير هذه اآلية« :ما خلقت أهل
102
ليوحدون»(((.
السعادة من أهل الفريقين إال ِّ
وعن ابن عباس قالَ :ل َّما َب َع َث النَّبِ ُّي ﷺ ُم َعا َذ ْب َن َج َب ٍل إِ َلى
َّك َت ْقدَ ُم َع َلى َق ْو ٍم ِم ْن َأ ْه ِل الكِت ِ
َابَ ،ف ْل َيك ُْن َأ َّو َل َما ن َْح ِو َأ ْه ِل ال َي َم ِن َق َال َل ُه« :إِن َ
وبوب البخاري على ذلك وه ْم إِ َلى َأ ْن ُي َو ِّحدُ وا اهَّللَ َت َعا َلى» َّ ، تَدْ ُع ُ
(((
بقوله« :باب ما جاء يف دعاء النبي ﷺ أمته إلى توحيد اهلل .»
والعبادة الح َّقة هي ما كانت خالصة هلل رب العالمين موافقة لهدي سيد
المرسلين؛ فعبادة كل معبود سواه باطلة ،قال اهلل تعالى( :ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [الحج ،]62 :ومعنى:
«ال إله إال اهلل» :ال معبود بحق إال اهلل؛ لداللة اآلية السابقة على ذلك.
واإليمان باهلل وحده وعبادته دون ما سواه هي مضمون« :ال إله إال اهلل»، معنى كلمة
التوحيــد
وهذه الكلمة العظيمة تضمنت نفي استحقاق العبادة عن كل معبود سوى
أيضا ،وإثبات األلوهية
اهلل ،ونفي األلوهية الحقة عن كل معبود سوى اهلل ً
الحقة هلل رب العالمين ،وأن العبادة الصحيحة ال تكون إال هلل وحده ،وهذه
كثيرا ،ووردت آيات كثيرة بمعناها من
الكلمة جاءت بلفظها يف القرآن ً
النفي واإلثبات ،كما يف قوله تعالى( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [النحل ،]36 :وقوله عز شأنه( :ﮗ ﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [النساء.]36 :
وهذا الركن الركين واألساس المتين من دين اهلل -وهو إثبات األلوهية
هلل وحده ،ونفي العبادة عما سواه -هو قطب رحى الدين ،وعماد دعوة
(( ( هكذا في البخاري غير منسوب ( ،)49 /6وذكر ابن حجر في «الفتح» أنه قول الفراء
(.)600 /8
((( أخرجه البخاري ( ،)1458ومسلم (.)19
103 كتاب اإليمان باهلل
المرسلين ،ومعناها :إفراد الخالق بأعمال الخلق ،وال تكاد تجد سورة
تأسيسا أو تأكيدً ا ،وقد أقام اهلل الحجة
ً من سور القرآن تخلو من هذا األمر
على الخلق بأدلة كثيرة ،وشواهد عديدة ال يمكن حصرها أو اإلحاطة هبا،
وأعظم دليل على هذا األمر شهادته ؛ حيث يقول( :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ
ﭻ) [األنعام.]19 :
الشهـادة هلل وشهد اهلل ،وشهد ُّ
أجل شاهد من خلقه ،وهم المالئكة
بالوحدانية
وأولو العلم ،على ِّ
أجل مشهود ،وهو وحدانيته وألوهيته ،فقال :
(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ) [آل عمران ،]18 :فشهدت المالئكة وأولو العلم بما شهد
اهلل به لنفسه( :ﰗ ﰘ ﰙ) [النساء.]79 :
الكـــون واحتج على خلقه بأنه هو الخالق لكل ما يف هذا الكون،
شاهد عىل
ألوهية اهلل بل جعل كل آية كونية شاهدة على استحقاقه األلوهية والعبادة؛ ولذا يكثر
سؤالهم يف القرآن عن هذا األمر وإقرارهم بأنه هو الخالق الرازق المحيي
المميت ،ثم ينكر عليهم عد َم عبادته ،أو عبادة ِ
غيره معه ،قال اهلل تعالى:
(ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [العنكبوت:
ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ) [الزخرف.]12-9 :
واحتج اهلل على عباده بأن َّقررهم بِن ِ َعمه عليهم التي توجب عليهم عبادة النعــم
توجـب
واهب النعم وموجدها ،فقال ( :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ عبــادة
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ الـمنعـم
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ) [يونس.]32 ،31 :
كثيرا ما يحتج اهلل على العباد بآيات ربوبيته التي تستلزم
ويف القرآن ً
عبادته وحده ،وأن الخالق لهذه اآليات الكونية الكربى هو
وحده ،وأنه كما أنه ليس معه خالق سواه ،ال ينبغي أن يعبد
غيره؛ ولذا ختم هذه اآليات التالية بقوله( :ﮮ ﮯ ﮰ) ،وهي قوله
تعالى( :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ
ﮜﮝﮞ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯘ
ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ)
[النمل.]63-60 :
ولما ذكر المخلوقات العظيمة الدالة على ربوبيته التي تستلزم ألوهيته
105 كتاب اإليمان باهلل
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الروم.]30 :
وقد َّنوع اهلل يف األدلة التي نصبها شواهدَ على ألوهيته تنوي ًعا تقوم به أمثال قرآنية
دالـة عــىل
الحجة ،وتتضح به المحجة؛ لئال يكون للناس على اهلل حجة ،وكما احتج األلوهيــة
اهلل على الناس باألدلة القاطعة ،والحجج الساطعة ،وأقام الشواهد الباهرة
الدالة على وحدانيته؛ فقد ضرب األمثلة ،وجاء بالحق ،قال
المولى جل شأنه( :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [النحل ،]76 :قال ابن جرير عند
تفسير هذه اآلية« :وهذا مثل ضربه اهلل تعالى لنفسه واآللهة التي ُتعبد
من دونه ،فقال تعالى ذكره( :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ) يعني بذلك الصنم أنه ال يسمع شي ًئا ،وال ينطق؛ ألنه إما
خشب منحوت ،وإما نحاس مصنوع ،ال يقدر على نف ٍع لمن خدمه ،وال
ضر عنه ،وهو ك ٌَّل على مواله ،يقول :وهو عيال على ابن عمه وحلفائه
دفع ٍّ
وأهل واليته ،فكذلك الصنم ك َّل على من يعبده ،يحتاج أن يحمله ،ويضعه
ويخدمه ،كاألبكم من الناس الذي ال يقدر على شيء ،فهو ك َّل على أوليائه
من بني أعمامه وغيرهم (ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) يقول :حيثما يوجهه
ال يأت بخير؛ ألنه ال يفهم ما ُيقال له ،وال يقدر أن يعرب عن نفسه ما يريد،
فهو ال يفهم ،وال ُي ْف َهم عنه ،فكذلك الصنم ،ال يعقل ما يقال له ،فيأتمر
ألمر من أمره ،وال ينطق فيأمر وينهى ،يقول اهلل تعالى( :ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ) يعني :هـل يستوي هذا األبكم ال َك ُّل على مواله الذي ال
بالحق ،ويدعـو إليه ،وهو
ّ توجه ،ومن هو ناطق متكلم يأمر
يأيت بخـير حيث َّ
اهلل الواحد القهار ،الذي يدعو عباده إلى توحيده وطاعته؟ يقول :ال يستوي
107 كتاب اإليمان باهلل
َّاس َحتَّى َي ْش َهدُ وا َأ ْن اَل إِ َل َه إِ اَّل ِ ول اهَّللِ ﷺ قالِ ُ :
«أم ْر ُت َأ ْن ُأ َقات َل الن َ أن َر ُس َ
الصلاَ ةََ ،و ُي ْؤتُوا ال َّزكَاةََ ،فإِ َذا َف َع ُلوا َذلِ َك اهَّلل ،و َأ َّن محمدً ا رس ُ ِ ِ
يموا َّ ول اهَّللَ ،و ُيق ُ ُ َ ُ َ َّ َ ُ
اإل ْسلاَ مَِ ،و ِح َسا ُب ُه ْم َع َلى اهَّلل ِ»(((.
َع َص ُموا ِمنِّي ِد َما َء ُه ْم َو َأ ْم َوا َل ُه ْم إِ اَّل بِ َح ِّق ِ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [األنفال ،]4-2 :وقال تعالى( :ﭒ
ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ
ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ
ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [البقرة.]177 :
«م ْن َر َأى ِم ْنك ُْم ُم ْنك ًَرا َف ْل ُي َغ ِّي ْر ُه بِ َي ِد ِهَ ،فإِ ْن َل ْم َي ْستَطِ ْع َفبِ ِل َسانِ ِه، وقال ﷺَ :
ان»((( ،فدل هذا الحديث على أن يم ِ ال َ ف إْ ِ
ك َأ ْض َع ُ َفإِ ْن َل ْم َي ْستَطِ ْع َفبِ َق ْلبِ ِهَ ،و َذلِ َ
اإليمان يتفاوت يف القلب.
وال بد مع اإليمان باهلل من الكفر بالطاغوت ،قال اهلل تعالى( :ﰊ الكفـــر
بالطاغوت
ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﰖ
ﰗ ﰘ ﰙ) [البقرة ،]256 :والرباءة من الشرك وأهله ،فال يكون موحدً ا
حتى يتربأ من الشرك وأهله ،قال المولى جل شأنه( :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الزخرف.]26 :
مخلصا هلل رب العالمين ،قال
ً وهذا اإليمان ال بد أن يكون العبد فيه اإلخــالص
تعالى( :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟ) [غافر ،]65 :وقال ( :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ول اهَّللِ،
ﮟ ﮠ) [البينة ،]5 :وعن أبي هريرة َ أ َّن ُه َق َال :قِ َيلَ :يا َر ُس َ
ْت ول اهَّللِ ﷺَ « :ل َقدْ َظنَن ُ الق َيـا َم ِة؟ َق َال َر ُس ُ
َّاس بِ َش َفا َعتِ َك يوم ِ
َْ َ َم ْن َأ ْس َعدُ الن ِ
ت ِم ْن ْك؛ لِ َما َر َأ ْي ُ
يث َأ َحدٌ َأ َّو ُل ِمن َ
-يا َ أبا هريرةََ -أ اَّل يس َأ ُلنِي عن ه َذا الح ِد ِ
َ َ ْ َ َْ َ َ ُ َ َْ
الق َي َام ِةَ ،م ْن َق َال :اَل إِ َل َه
َّاس بِ َش َفاعتِي يوم ِ
َ َْ َ يثَ ،أ ْس َعدُ الن ِ ك ع َلى الح ِد ِ
َ ح ْرص َ َ
ِ ِ
إِ اَّل اهَّللُ َخالِ ًصا ِم ْن َق ْلبِ ِهَ ،أ ْو َن ْف ِس ِه»(((.
َّار َم ْن َق َال :اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،ي ْبت َِغي بِ َذلِ َ
ك وقال ﷺَ « :فإِ َّن اهَّللَ َقدْ َح َّر َم َع َلى الن ِ
َو ْج َه اهَّلل ِ»(((.
اليقــني وأن يكون مستيقنًا غير ٍّ
شاك ،قال الحق ( :ﮬ ﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [الحجرات ،]15 :وقال اهلل مخـربًا عن
صاحب الجنة الكافر أنه قال( :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [الكهف.]36 :
العلــم وأن يكـون إيمانه عن علم ،فيعلم حقيقة اإليمان ومقتضاه وما يضاده،
قال تعالى( :ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [محمد.]19 :
القبــول وال بد مع العلم واإلخالص من القبول لما جاء به الرسول ﷺ وبما
تضمنه اإليمان ،ود ّلت عليه كلمة( :ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) من عبادة اهلل وحده،
وترك عبادة ما سواه ،فمن قالها ،ولم يقبل عبادة اهلل وحده ،كان من الذين
قال اهلل فيهم( :ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [الصافات.]36 ،35 :
االستسالم وأن يستسلم وينقاد ،قال اهلل تعالى( :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
واالنقيــــاد
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [لقمان.]22 :
بشر به النبي ﷺ وأن يكون صاد ًقا يف قوله وفعله واعتقاده حتى ينال ما َّ الصـــدق
وأن يكون مح ًّبا لهذا الدين ،و َم ْن شرعه ،ومن جاء به ،ومن دان به ،قال الـحب
تعالى( :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
«ل ُي ْؤ ِم ُن َأ َحدُ ك ُْم ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [البقرة ،]165 :وقال َر ُس ُو ُل اهللِ ﷺ :اَ
َّاس َأ ْج َم ِع ْي َن»((( .و َق َال ﷺ: ب إِ َل ْي ِه ِم ْن َو َل ِد ِه َو َوالِ ِد ِه َوالن ُِون َأ َح َّ
َحتَّى َأك َ
ب إِ َل ْي ِه ِم َّما
ُون اهَّللُ َو َر ُسو ُل ُه َأ َح َّ
انَ :أ ْن َيك َيم ِ اإل َث َم ْن ك َُّن فِ ِيه َو َجدَ َحلاَ َو َة ِ « َثلاَ ٌ
ح ُّب ُه إِ اَّل لِ َّل ِهَ ،و َأ ْن َيك َْر َه َأ ْن َي ُعو َد فِي ال ُك ْفرِ ك ََما
حب المرء اَل ي ِ
َ ُ
ِ
س َو ُاه َماَ ،و َأ ْن ُي َّ
ِ
ف فِي الن ِ
َّار»(((. َيك َْر ُه َأ ْن ُي ْق َذ َ
وكما ب َّين اهلل حقيقة اإليمان ومقتضاه وأركانه وشرائطه ،فقد نقض ُش َبه إبطــال
دعـاوى
المشركين المعاندين ،وبين أنه ليس لهم حجة يف شركهم؛ ألن هؤالء األنداد املرشكني
مخلوقون ُمدَ َّبرون ال يخلقون شي ًئا ،وال يملكون مثقال ذرة يف السموات وال
يف األرض ،قال تعالى( :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [األعراف ،]198-191 :وقال تعالى( :ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [سبأ ،]23 ،22 :وهذه اآلية قطعت عالئق الشرك كله.
وبين الحق أن هؤالء األنداد المعبودين من دون اهلل ال يسمعون دعاء
من دعاهم ،ولو سمعوا ما استجابوا لهم ،ويوم القيامة يكفرون بشركهم،
ويتربؤون منهم ،قال الحق جل شأنه وتعالى سلطانه( :ﮏﮐﮑﮒ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ
ﮡ ﮢ) [فاطر.]14 :
كما بين الحق أن هؤالء األنداد المعبودين من دون اهلل ال ينفعون،
وال يضرون ،فكيف ُي ْعبدون من دون اهلل؟! قال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [الفرقان.]3 :
وأوضح الحق أن األنداد ال يملكون ألتباعهم رز ًقا ،قال
اهلل تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ) [النحل ،]73 :فكيف يعبدون من ال يملك شي ًئا ،وال
يستطيع أن يرزق ،وال أن ينفع ،أو يضر؟!
مسهم الضر ،أو وقعوا يف الكرب؛ لجؤوا إلى اهلل
واحتج عليهم بأهنم إذا َّ
112
وحده مخلصين له الدين ،فإذا نجاهم عادوا إلى شركهم ،قال اهلل تعالى:
(ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ) [العنكبوت.]65 :
وكما أبطل الحق دعوى المشركين يف اتخاذ األنداد ،فقد أبطل كل
دعوى بأن اهلل اتخذ ولدً ا ،فقال ( :ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ) [المؤمنون ،]91 :وقال ( :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [األنبياء .]22 :وبين الحق جل
شأنه أن اليهود والنصارى زعمت أن هلل ولدً ا ،فقال الحق :
(ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [التوبة ،]30 :ونقض اهلل اعتقادهم من
إلها؟! واإلله ال يأكل ،وال
أصله؛ فكيف يكون البشر الذي يأكل الطعام ً
يشرب ،وال يحتاج إلى ما يحتاج إليه البشر ،قال المولى جل شأنه( :ﮱ
ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ
ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [المائدة.]76 ،75 :
وأبطل اهلل عبادة المالئكة ،وبين أهنم -مع كوهنم مقربين هلل -ال يملكون
الشفاعة إال من بعد إذنه ،فقال ربنا جل ذكره( :ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ
،]26 ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ) [النجم:
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﯘ
ﯙ ﯚ) [النحل ،]50 ،49 :وقال سبحانه عز من قائل( :ﮏ ﮐ
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [النساء ،]172 :فإذا كانت هذه
حال المالئكة ،فكيف ُيعبدون من دون اهلل؟
وكذلك األنبياء والمرسلون مع علو مقامهم يف الدنيا
ضرا ،فكيف بمن دوهنم؟! قال
واآلخرة ،ال يملكون ألنفسهم نف ًعا وال ًّ
مخربًا عن األنبياء أهنم يعبدون رهبم على سبيل الرغبة
والرهبة( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ) [األنبياء ،]90 :وأمر نبيه محمدً ا ﷺ أن يقول كما
أخرب اهلل عنه بقوله( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ
ﭮ) [األعراف ،]188 :ولما دعا ﷺ على من آذاه من المشركين يف غزوة
أحد أنزل اهلل عليه قوله تعالى( :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ) [آل عمران .]128 :وعن الزهري قال :حدثني سالم
الركُو ِع فِي ِ عن أبيه َ ،أ َّنه س ِمع رس َ ِ
ول اهَّلل ﷺ إِ َذا َر َف َع َر ْأ َس ُه م َن ُّ ُ َ َ َ ُ
ول« :ال َّل ُه َّم ال َع ْن ُفلاَ نًا َو ُفلاَ نًا َو ُفلاَ نًا»َ ،ب ْعدَ َما اآلخ َر ِة مِ َن ال َف ْج ِر َي ُق ُ
الر ْكع ِة ِ
َّ َ
اهَّلل( :ﮧ ﮨ ﮩ الح ْمدُ »َ ،ف َأن َْز َل ُ ك َ «س ِم َع اهَّللُ لِ َم ْن َح ِمدَ ُهَ ،ر َّبنَا َو َل َ َي ُق ُ
ولَ :
ﮪ ﮫ) إِ َلى َق ْول ِ ِه( :ﮱ ﯓ)(((.
بــاب
اإليمان بأسماء اهلل وصفاته
ونؤمن بأن اهلل واحد يف صفاته ونعوت كماله وجالله سبحانه ،وأن
اهلل له األسماء الحسنى والصفات العلى تواترت على ذلك
نصوص الكتاب والسنة ،وتشهد له بذلك العقول الكاملة ،وتس ِّلم له بذلك
الف َطر السليمة ،وأجمع على ذلك علماء أمة اإلسالم ،بل كل الرساالتِ
اإللهية جاءت ببيان صفات اهلل وأسمائه وأفعاله .وعاب اهلل
على المشـركين عبادة األصنام؛ ألهنا مخلوقة مثلهم ،بل هي أقل منهم
وأنقص ،فهي ال تبصر وال تسمع ،بل ليس لها أرجل تمشي هبا ،وال ٍ
أيد
تبطش هبا ،قال الحق سبحانه( :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ
ﰊ ﰋ) [األعراف: ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ
.]195 ،194وقال تعالى( :ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ) [األعراف.]148 :
ونؤمن أنه كما وصف نفسه ،وكما وصفه به رسوله ﷺ ،فهو سبحانه الـمنهج
الـحق يف
ليس كمثله شيء ،وهـو السـميع البصير ،قال تعالى( :ﭡ ﭢ ﭣﭤ
الصفات
ﭥﭦﭧ) [الشورى .]11 :فنثبت هلل ما أثبته لنفسه ،أو أثبته له رسوله
ﷺ ،وننفي عنه ما نفاه عن نفسه ،أو نفاه عنه رسوله ﷺ ،من غير تعطيل وال
115 كتاب اإليمان باهلل
تمثيل ،وال تكييف وال تحريف ،ونعلم علم اليقين أن ربنا متصف بصفاته
قبل أن َي ْخلق الخلق ،وأنه على غاية الكمال والجالل والجمال منذ األزل
إلى األبد؛ إذ هو األول واآلخر ،فهو أول ليس قبله شيء ،وآخر ليس بعده
شيء ،فهو األول بأسمائه وصفاته كمالاً ومجدً ا ،وهو اآلخر بأسمائه
وصفاته كمالاً ومجدً ا.
علما ،فكذلك ال تدركه
ونؤمن أنه سبحانه كما ال يحيط الخلق به ً
(ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) أبصارهم ،قال تعالى:
[طه ،]110 :وقال المولى عز شأنه( :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ) [األنعام .]103 :قال اإلمام ابن قتيبة « :الواجب
علينا أن ننتهي يف صفات اهلل حيث انتهى يف صفته ،أو حيث انتهى رسوله
ﷺ ،وال نزيل اللفظ عما تعرفه العرب وتضعه عليه ،ونمسك عما سوى
ذلك»(((.
الصفـــات
ٍ
صفات مالزم ًة لذاته ،كالحياة ،والعلم، ونؤمن أن من صفات اهلل
منها الالزمة
لذاته ،ومنها والسمع ،والبصر ،واليد ،واألصابع ،ومنها صفات متعلقة بمشيئته،
املتعلقـــــة
كالغضب ،والرضى ،والنزول .ونؤمن أنه الفعال لما يريد ،فهو يفعل متى
بمشيئتــــه
شاء ما يشاء كيفما يشاء ،يعز من يشاء ،ويذل من يشاء ،ال را ّد ألمره ،وال
مع ّقب على قضائه وحكمه.
الصفــات ونؤمن أن صفات اهلل منها ما ورد مطل ًقا ،فنصف اهلل به على إطالقه،
منها املطلق
ومنهـــــا كالسمع ،والحياة ،والبصر ،وغيرها ،ومنها ما ورد مقيدً ا ،فيبقى على تقييده،
الـمقيـــد
كوصفه بأنه يمكر بأعدائه إذا مكروا ،وينسى أعداءه إذا نسوه.
((( االختالف في اللفظ والرد على الجهمية ،البن قتيبة (ص.)44 :
116
ونؤمن أن بعض الصفات ورد وصف اهلل هبا على وجه واحد ،كصفة الصفـــات
قد ترد عىل
الحياة ،والقيومية ،والعظمة ،فرتد يف القرآن أو السنة على وجه واحد. وجه واحد
ونجد بعض الصفات ورد الخرب عنها يف القرآن الكريم أو السنة على أوجه وقد ترد عىل
أوجــــــه
متعددة ،كصفة الكالم ،والعلو ،واليد ،ورؤية المؤمنين لرهبم يف عرصات متعددة
«س ِم ْع ُت
البرص
،]20وعن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قالَ :
َأ َبا ُه َر ْي َر َة َ ي ْق َر ُأ َهذه الآْ َيةَ( :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ)
ِِ
ول اهَّللِ ﷺ َي َض ُع [النساء ]58 :إِ َلى َق ْول ِ ِه َت َعا َلى( :ﯲ ﯳ) َق َالَ :ر َأ ْي ُت َر ُس َ
إِ ْب َها َم ُه َع َلى ُأ ُذنِ ِهَ ،وا َّلتِي َتلِ َيها َع َلى َع ْين ِ ِهَ ،ق َال َأ ُبو ُه َر ْي َر َة َ :ر َأ ْي ُت
ول اهَّللِ ﷺ َي ْق َر ُؤ َهاَ ،و َي َض ُع إِ ْص َب َع ْي ِهَ ،ق َال ا ْب ُن ُيون َُسَ :ق َال ا ْل ُم ْق ِر ُئَ :ي ْعنِي:
َر ُس َ
(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ)َ ،ي ْعنِي َأ َّن ل ِ َّل ِه َس ْم ًعا َو َب َص ًرا»(((.
ومن صفاته :العين ،قال اهلل تعالى( :ﭬ ﭭ ﭮ) [طه: صفة العني
(( ( وقد حرصنا إذا ورد الخبر عن الصفة على أوجه متعددة أن نذكر أكثر من وجه في
إثباتها ،وما ورد الخبر عنها على وجه واحد أن نكتفي بذكر دليل أو دليلين ورد فيهما
ذكر هذه الصفة أو تلك.
((( أخرجه أبو داود ( ،)4728وحفص بن عمر في جزء قراءات النبي ( ،)33وابن خزيمة
في التوحيد ( ،)49وابن أبي حاتم في التفسير (.)5524
117 كتاب اإليمان باهلل
وعن نافع عن عبداهلل قالُ :ذكر الدجال عند النبي ﷺ فقال« :إِ َّن
المسيح
َ -و َأ َش َار بِ َي ِد ِه إِ َلى َع ْين ِ ِهَ -وإِ َّن
اهَّللَ اَل َيخْ َفى َع َل ْيك ُْم ،إِ َّن اهَّللَ َل ْي َس بِ َأ ْع َو َر َ
الدَّ َّج َال َأ ْع َو ُر ال َع ْي ِن ال ُي ْمنَى ،ك ََأ َّن َع ْينَ ُه ِعنَ َب ٌة َطافِ َيةٌ»(((.
صفة احلياة ومن صفاته :الحيـاة والقيوميـة ،قال تعالى( :ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
والقيوميـة
ﭘ ﭙ) [آل عمران.]2 :
صفة الكالم ومن صفاته :الكالم ،وهو موصوف بالكالم قبل أن َي ْخلق
الخلق ويكلمهم ،وكالم ربنا متعلق بمشيئته ،فمتى شاء تكلم ،وقد ورد
الخرب عن صفة الكالم هلل يف القرآن على أوجه متعددةُّ ،
فكل ما أخرب اهلل به
عن نفسه بأنه يأمر أو ينهى فهو ٌّ
دال على الكالم ،كقوله تعالى( :ﭻ ﭼ ﭽ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ
ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [النحل .]90 :وكل ما أخرب اهلل به عن
نفسه أنه قال ،أو يقول ،فهو دال على الكالم ،كقوله عز شأنه( :ﭣ ﭤ ﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [آل عمران .]55 :وكل ما ورد الخرب فيه عن
اإلنباء مضا ًفا إلى اهلل فهو دال على إثبات صفة الكالم هلل رب العالمين ،قال
الحق( :ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [التحريم.]3 :
وكل ما ورد من النداء أو المناجاة مضا ًفا إلى اهلل فهو دال على صفة الكالم
هلل رب العالمين ،كما يف قوله تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ)
[مريم .]52 :وكل ما ورد من القول مضا ًفا إلى اهلل ،أو ورد الكالم يف القرآن
موصو ًفا به اهلل ،فهو دليل على صفة الكالم .وهذا أكثر من أن يحصى ،ومن
ذلك أنه تعالى كلم المالئكة ،قال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
أخرجه ابن أبي شيبة ( ،)32506وهناد في الزهد ( ،)149وعبد الله بن أحمد في السنة (((
( ،)1231والطبري في التفسير ( ،)559/15والحاكم (.)3472
تفسير ابن كثير ( ،)238/5والدر المنثور في التفسير بالمأثور (.)515/5 (( (
أخرجه أبو داود ( ،)4738وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (،)158 (((
وعبد الله بن أحمد في السنة ( ،)536ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصالة (.)217
أخرجه البخاري ( ،)7443ومسلم ( ،)1016والترمذي( ،)2415وابن ماجه (.)185 (((
119 كتاب اإليمان باهلل
وتسمع الخالئق يوم القيامة كالم اهلل ،كما يف الحديث عن عبداهلل بن
العبادَ ،فين ِ
َاد ِ ِ
يه ْم «ي ْح ُش ُر اهَّللُ َ َ ُ أنيس قال :سمعت النبي ﷺ يقولَ :
الملكَ ،أنَا الدَّ َّي ُ
ان»(((. ُ بِصو ٍ
ت َي ْس َم ُع ُه َم ْن َب ُعدَ ك ََما َي ْس َم ُع ُه َم ْن َق ُر َبَ :أنَا َ ْ
ونؤمن أن اهلل قد احتجب عن خلقه ،فال يرونه يف الدنيا،
ويكلم من شاء من مالئكته ورسله من وراء حجاب ،قال تعالى:
(ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [الشورى.]51 :
س كَلِم ٍ وعن أبي موسى قالَ :قام فِينَا رس ُ ِ
ات، ول اهلل ﷺ بِ َخ ْم ِ َ َ ُ َ
َف َق َال« :إِ َّن اهللَ Dاَل َينَا ُمَ ،و اَل َينْ َب ِغي َل ُه َأ ْن َينَا َمَ ،يخْ ِف ُض ا ْل ِق ْس َط َو َي ْر َف ُع ُه،
ار َق ْب َل َع َم ِل ال َّل ْي ِلِ ،ح َجا ُب ُه ارَ ،و َع َم ُل الن ََّه ِ ُي ْر َف ُع إِ َل ْي ِه َع َم ُل ال َّل ْي ِل َق ْب َل َع َم ِل الن ََّه ِ
ات َو ْج ِه ِه َما ا ْنت ََهى إِ َل ْي ِه َب َص ُر ُه ِم ْن َخ ْل ِق ِه»(((. ت ُس ُب َح ُ ُّور َل ْو ك ََش َف ُه أَلَ ْح َر َق ْ الن ُ
وكالم ربنا يوصف بأن بعضه أحدث من بعض ،قال الحق جل شأنه:
(ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [األنبياء،]2 :
الخدْ ِر ِّي َ :أ َّن َر ُجلاً َس ِم َع يد ُ وبعضه أفضل من بعض ،فعن َأبِي س ِع ٍ
َ َ ْ
ولر ُجلاً َي ْقر ُأ( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ) َأ َحدٌ ُ ،ير ِّد ُد َهاَ .ف َلما َأ ْص َب َح َجاء إِ َلى رس ِ
َ ُ َ َّ َ َ َ
«وا َّل ِذي اهَّللِ ﷺ َف َذكَر َذل ِ َك َله ،وك ََأ َّن الرج َل ي َت َقا ُّلهاَ ،ف َق َال رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺَ : َ ُ َّ ُ َ َ ُ َ َ
آن»(((.ث ال ُق ْر َِن ْف ِسي بِ َي ِد ِه ،إِن ََّها َل َت ْع ِد ُل ُث ُل َ
(( ( أخرجه البخاري معل ًقا ( ،)141 /9وفي األدب المفرد ( ،)970وفي خلق أفعال العباد
( ،)90وأحمد (.)16042
((( أخرجه مسلم ( ،)179وابن ماجه (.)195
((( أخرجه البخاري ( ،)5013وأبو داود ( ،)1461والنسائي (.)995
120
اعدٌ ِعنْدَ النَّبِ ِّي ﷺَ ،س ِم َع اس َ ق َال :بينَما ِجب ِر ُيل َق ِ
َْ َ ْ و َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ
اء ُفتِ َح ا ْل َي ْو َم َل ْم ُي ْفت َْح
يضا مِن َفوقِ ِهَ ،فر َفع ر ْأسهَ ،ف َق َال« :ه َذا باب ِمن السم ِ
َ َ ٌ َ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ ْ ن َِق ً
ض َل ْم َين ِْز ْل َق ُّط ك َنز ََل إِ َلى أْالَ ْر ِ كَ ،ف َق َالَ :ه َذا َم َل ٌ َق ُّط إِ اَّل ا ْل َي ْو َمَ ،فنَز ََل ِمنْ ُه َم َل ٌ
كَ :فاتِ َح ُة ُور ْي ِن ُأوتِيت َُه َما َل ْم ُي ْؤت َُه َما َنبِ ٌّي َق ْب َل َ ِ
إِ اَّل ا ْل َي ْو َمَ ،ف َس َّل َمَ ،و َق َالَ :أ ْبش ْر بِن َ
اَّ أ ْعطِي َت ُه»(((. ف ِمن ُْه َما إِل ُ َاب ،و َخواتِيم سور ِة ا ْلب َقر ِةَ ،لن َت ْقر َأ بِحر ٍ
ا ْلكت ِ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ْ
ِ
الكلامت ونفرق بين كلمات اهلل الكونية المذكورة يف مثل قوله تعالى( :ﯢ
الكونيــة
والرشعيـة ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ) [األنعام ،]34 :وقوله تعالى( :ﯱﯲﯳﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الكهف،]109 :
وكالمه الشرعي الوارد يف مثل قوله ( :ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [األنعام ،]115 :وقوله جل ذكره( :ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [البقرة.]124 :
قال اإلمام الدارمي« :فال ينكر كالم اهلل إال من يريد إبطال ما
أنزل اهلل ،وكيف يعجز عن الكالم من ع ّلم العباد الكالم ،وأنطق
األنام؟!»(((.
صفة العــزة ومن صفاته :العزة ،قال الحق( :ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
(ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) ﯿ) [الصافات ،]180 :وقال تعالى:
[فاطر.]10 :
صفة القهر ومن صفاته :القهر ،قال تعالى( :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ) [ص.]65 :
صفـــــة ومن صفاته :الجربوت ،والملكوت ،والكربياء ،والعظمة،
اجلربوت،
ُوتوت وا ْلم َلك ِ ان ِذي ا ْلجبر ِ «س ْب َح َ
وامللكوت، َ َ َ َُ وقد كان النبي ﷺ يقول يف ركوعهُ :
والكربياء،
اء َوا ْل َع َظ َم ِة»((( .وقال ﷺ« :قال اهلل :ا ْلكِ ْبرِ َيا ُء ِر َدائِيَ ،وا ْل َع َظ َم ُة
وا ْلكِبرِي ِ
َ ْ َ
والعظمــة
ومن صفاته :اإلرادة والمشيئة ،قال اهلل تعالى( :ﯗ ﯘ صفة اإلرادة
واملشيئــــة
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة ،]185 :وقوله( :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [األنفال ،]7 :وقوله( :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [التكوير.]29 :
ومن صفاته :القدرة ،قال اهلل تعالى( :ﯫ ﯬ ﯭ صفة القدرة
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ)
(( ( أخرجه أبو داود ( ،)4090وابن ماجه ( ،)4174والحميدي ( ،)1183وابن أبي شيبة
( ،)27111وأحمد (.)7382
((( أخرجه البخاري ( ،)6469ومسلم ( ،)2752والترمذي ( ،)3541وابن ماجه
(.)4293
123 كتاب اإليمان باهلل
الذات ،فالثالثة كلها صفته ،وهي دالة على كماله .وقد دل القرآن العظيم
والسنة النبوية الشريفة والعقل والفطرة على العلو بأوجه متعددة ،فكل ما
أخرب اهلل به أو أخرب به رسوله ﷺ أنه العلي أو األعلى ،أو يشار إليه بأنه يف
العلو ،فهو دال على علوه ،وكل خرب فيـه َتن َّزل منه تعالى كنزول الوحي،
وتنزل األمر ،وأنـه يجيء ويأيت يوم القيامة لفصل القضاء ،أو أنه ينزل يف كل
ليلة ويف عشية عرفة ،وتنزل المالئكة ،فهو دال على علوه ،وكذلك كل خرب
فيه أنه يف السماء ،أو أنه فوق السـماء ،أو أنه فـوق العرش ،أو أنه استوى
على العرش -فهو دال على علوه ،وكذلك كل ما فيه صعـود إليه سبحانه
ونحوه فهو دال على علوه.
ومن ذلك :أن المالئكة تخاف رهبا من فوقها ،وأهنا تعرج إليه ،وأن
األعمال ترفع إليه ،وأنه يصعد إليه ،وأن اهلل رفع عيسى إليه،
وأسرى بنبينا محمد ﷺ ،وعرج به إلى السماء .كل ذلك دال على علوه،
بل إن األدلة الدالة على أن اهلل يف العلو أنواع كثيرة ،وتحت كل نوع أفراد
كثيرة ال تحصى إال بالكلفة.
ومن هذه األدلة :قوله تعالى( :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ) [الشورى ،]4 :وقوله تعالى( :ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الحج،]62 :
وقوله( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [فاطر ،]10 :وقول
(ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) الحق سـبحانه:
(ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [يوسف: ،]155وقوله: [األنعام:
بأنه فوق العرش ،فوق السماء السابعة على العرش ،بائن من خلقه»(((.
ومن صفاته :االستواء على العرش ،وقد ذكره اهلل يف سبعة صفــــة
االستواء
مواضع من كتابه ،منها :قوله تعالى( :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ)
[األعراف ،]54 :وعن أبي هريرة قال :قال رسول اهلل ﷺَ « :ل َّما َق َضى
ت َر ْح َمتِي َغ َضبِيَ ،ف ُه َو َب كِتَا ًبا ِعنْدَ ُهَ :غ َل َب ْ
تَ ،أ ْو َق َالَ :س َب َق ْ اهَّللُ الخَ ْل َقَ ،كت َ
ش»((( .وأخرج الاللكائي عن ابن عيينة قال :سئل ربيعة عن ِعنْدَ ُه َف ْو َق ال َع ْر ِ
قوله( :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [طه :]5 :كيف استوى؟ قال« :االستواء
غير مجهول والكيف غير معقول ،ومن اهلل الرسالة ،وعلى الرسول البالغ،
وعلينا التصديق»((( .ون ُِق َل مثل هذا القول عن إمام دار الهجرة اإلمام مالك
.(((
ومن صفاته :المحبة ،قال اهلل تعالى( :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ صفــة
املحبــة
ﮨ ﮩ) [المائدة ،]54 :قال اإلمام الدارمي « :فجمع بين
ب
الحبين :حب الخالق ،وحب المخلوق متقارنين ،ثم ّفرق بين ما ُي َح َّ
[األنعام.(((»]141 :
وقال( :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [البقرة ،]222 :وعن سهل
ابن سعد ،قال :قال النبي ﷺ يوم خيرب :أَ ِ
«لُ ْعط َي َّن َّ
الر َاي َة َغدً ا َر ُجلاً
ح ُّب ُه اهَّللُ َو َر ُسو ُل ُه»((( .وقال ﷺ« :لاَ حب اهَّلل ورسو َله ،وي ِ ِ ِ
ُي ْفت َُح َع َلى َيدَ ْيهُ ،ي ُّ َ َ َ ُ ُ َ ُ
ِ ب إِ َل ْي ِه ِم ْن َوالِ ِد ِه َو َو َل ِد ِه َوالن ِ ُي ْؤ ِم ُن َأ َحدُ ك ُْمَ ،حتَّى َأك َ
ين»(((. َّاس َأ ْج َمع َ ُون َأ َح َّ
صفــة ومن صفاته :الرضى ،قال الحق جل شأنه( :ﭑ
الرضـى
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ
ول اهللِ ﭜ ﭝ) [التوبة ،]100 :وعن عائشة َ قا َل ْتَ :ف َقدْ ُت َر ُس َ
اشَ ،فا ْلت ََم ْس ُت ُهَ ،ف َو َق َع ْت َي ِدي َع َلى َب ْط ِن َقدَ َم ْي ِهَ ،و ُه َو فِي ﷺ َل ْي َل ًة مِ َن ا ْل ِف َر ِ
ك، اك ِم ْن َسخَ طِ َ «الله َّم َأ ُعو ُذ بِرِ َض َ
ولُ : َانَ ،و ُه َو َي ُق ُج ِد ،و ُهما منْصوبت ِ
ا ْل َم ْس ِ َ َ َ ُ َ
ْت ك ََما كَ ،أن َ ْك اَل ُأ ْح ِصي َثنَا ًء َع َل ْي َ
ك ِمن َ كَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ ك ِم ْن ُع ُقو َبتِ َ َوبِ ُم َعا َفاتِ َ
ك»(((. ت َع َلى َن ْف ِس َ َأ ْث َن ْي َ
ومن صفاته :كراهيته ألعدائه؛ ذلك ألهنم كرهوا رضوانه،
وكرهوا ما أنزل اهلل على رسوله ﷺ ،قال تعالى( :ﯥ ﯦ ﯧ
ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [محمد ،]28 :وقوله:
(ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ)
[التوبة .]46 :وعن أبي هريرة قال :قال رسول اهلل ﷺَ « :ق َال اهَّللُ :إِ َذا
ت لِ َقا َء ُه»(((.
ت لِ َقا َء ُهَ ،وإِ َذا َكرِ َه لِ َقائِي َكرِ ْه ُ
ب َع ْب ِدي لِ َقائِي َأ ْح َب ْب ُ
َأ َح َّ
ومن صفاته :الغضب على أعدائه ،قـال اهلل :
(ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [الفتح ،]6 :وعن ابن عباس قال:
«اشتَدَّ َغضب اهَّللِ ع َلى من َق َت َله النَّبِي ﷺ فِي سبِي ِل اهَّللِْ ،اشتَدَّ َغضب اهَّللِ ْ
َ ُ َ َ َ ْ ُ ُّ َ ُ
َع َلى َق ْو ٍم َد َّم ْوا َو ْج َه َنبِ ِّي اهَّللِ ﷺ»(((.
ومن صفاته :المقت ،وهو مقته للكافرين ،قال الحق جل صفـة املقت
[غافر.]10 :
ومن صفاته :مكره بأعدائه الذين يمكرون بأوليائه ،قال
المولى جل شأنه( :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [النمل،50 :
.]51
ومن صفاته :األسف ،وهو أشد الغضب ،قال الحق جل يف
عاله( :ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [الزخرف،]55 :
قال قتادة والسدي(« :ﮨ ﮩ) أي :أغضبونا»(((.
ومن صفاته :مخادعة من يخادعه ،فاهلل يخادع المنافقين
وبوب الحافظ ابن بطة يف كتابه «اإلبانة»« :باب اإليمان بأن
ّ
اهلل يضحك» وقال فيه« :اعلموا -رحمكم اهلل -أن من صفات
المؤمنين من أهل الحق تصديق اآلثار الصحيحة ،وتلقيها بالقبول ،وترك
االعرتاض عليها بالقياس ،ومواضعة القول باآلراء واألهواء؛ فإن اإليمان
تصديق ،والمؤمن هو المصدق ،قال اهلل ( :ﯜﯝﯞﯟﯠ
ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ
ﯭ ﯮ) [النساء .]65 :فمن عالمات المؤمنين :أن يصفوا اهلل بما
وصف به نفسه ،وبما وصفه به رسوله ﷺ مما نقلته العلماء ،ورواه الثقات
من أهل النقل الذين هم الحجة فيما رووه من الحالل والحرام والسنن
واآلثار ،وال يقال فيما صح عن رسول اهلل ﷺ :كيف؟ وال :ل ِ َم؟ بل يتبعون
وال يبتدعون ،ويس ّلمون وال يعارضون ،ويتيقنون وال يش ّكون وال يرتابون،
فكان مما صح عن النبي ﷺ رواه أهل العدالة ،ومن يلزم المؤمنين قبول
روايته وترك مخالفته :أن اهلل تعالى يضحك .فال ينكر ذلك وال يجحده إال
مبتدع مذموم الحال عند العلماء»(((.
ومن صفاته :المجيء واإلتيان يوم القيامة لفصل القضاء صفة املجيء
واإلتيان يوم
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) بين الناس ،قال تعالى:
القيامـــــة
[األنعام ،]158 :وقال تعالى( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [الفجر،]22 :
وقال تعالى( :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [البقرة .]210 :وعن أبي هـريرة
قال :قال رسول اهلل ﷺ« :يجمع اهلل الناس يوم القيامة ،فيقول :من كان يعبد
شيئًا فليتبعه »...وساق الحديث إلى قوله« :وتبقى هذه األمة ،فيقولون :هذا
مكاننا حتى يأتينا ربنا ،فإذا جاء ربنا عرفناه ،فيأتيهم اهلل فيقول :أنا
ربكم ،فيقولون :أنت ربنا فيتبعونه»(((.
وعن أبي العالية يف قوله تعالى( :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ) [البقرة ]210 :يقول« :المالئكة يجيئون يف ظلل من
الغمام ،واهلل يجيء فيما يشاء»(((.
صفة النزول ومن صفاته :أنه ينزل إلى السماء الدنيا نزولاً حقيق ًّيا يليق
بجالله وعظمته ،وهو ليس كنزول المخلوقين ،بل هو كسائر صفاته التي
نؤمن هبا ونعلمها ،وال نتمحل يف تكييفها ،أو نتكلف يف ردها؛ بل نؤمن هبا
كما أخربنا هبا رسولنا الصادق المصدوق ﷺ فقال« :إِ َذا َم َضى َش ْط ُر ال َّل ْي ِل،
ولَ :ه ْل ِم ْن َسائِ ٍل ُي ْع َطى؟ َأو ُث ُل َثاه ،ين ِْز ُل اهلل إِ َلى السم ِ
اء الدُّ ْن َياَ ،ف َي ُق ُ َّ َ ُ ْ ُ َ
الص ْب ُح»(((. اب َل ُه؟ َه ْل ِم ْن ُم ْس َتغ ِْفرٍ ُي ْغ َف ُر َل ُه؟ َحتَّى َينْ َف ِ
ج َر ُّ
ِ
َه ْل م ْن َدا ٍع ُي ْست ََج ُ
وبوب إمام األئمة محمد بن خزيمة يف كتابه «التوحيد» بقوله:
ّ
«باب أخبار ثابتة السند ،صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن
مقر
النبي ﷺ يف نزول الرب إلى السماء الدنيا كل ليلة ،نشهد شهادة ٍّ
بلسانه ،مصدق بقلبه ،مستيقن بما يف هذه األخبار من ذكر نزول الرب ،من
غير أن نصف الكيفية؛ ألن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا
إلى سماء الدنيا ،وأعلمنا أنه ينزل ،واهلل لم يرتك وال نب ُّيه
َ
بيان ما بالمسلمين الحاج ُة إليه من أمر دينهم ،فنحن قائلون مصدقون بما
يف هذه األخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية؛
ِعيانًا يوم القيامة -وهذا -واهلل -أعظم نعيم أهل الجنة -قال تعالى( :ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [القيامة ،]23 ،22 :وقال تعالى( :ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ) [يونس ،]26 :وقوله جل شأنه( :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ)
[المطففين .]15 :وقد سئل اإلمام مالك فقيل له :يا أبا عبداهلل :هل يرى
المؤمنون رهبم يوم القيامة؟ فقال :لو لم ير المؤمنون رهبم يوم القيامة لم
يع ّير اهلل الكفار بالحجاب فقال( :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ)(((.
ول اهَّللَِ ،ه ْل ن ََرى وعن أبي سعيد الخدري َ ق َالُ :ق ْلنَاَ :يا َر ُس َ
َت س َوال َق َمرِ إِ َذا كَان ْ الش ْم ِ ون فِي ُرؤْ َي ِة َّ «ه ْل ت َُض ُار َ ِ ِ
َر َّبنَا َي ْو َم الق َيا َمة؟ َق َالَ :
ون فِي ُرؤْ َي ِة َر ِّبك ُْم َي ْو َمئِ ٍذ ،إِ اَّل َص ْح ًوا؟»ُ ،ق ْلنَا :لاَ َ ،ق َالَ « :فإِ َّنك ُْم اَل ت َُض ُار َ
ٍ ِ ِ ِ كَما ت َُضار َ ِ
ب ك ُُّل َق ْو ٍم إِ َلى َما «ينَادي ُمنَاد :ل َي ْذ َه ْ ون في ُرؤْ َيت ِه َما»ُ ،ث َّم َق َالُ : ُ َ
اب األَ ْو َث ِ ِ الص ِل ِ
ان يب َم َع َصليبِ ِه ْمَ ،و َأ ْص َح ُ اب َّ ب َأ ْص َح ُ ونَ ،ف َي ْذ َه ُ كَانُوا َي ْع ُبدُ َ
اب ك ُِّل آلِ َه ٍة َم َع آلِ َهتِ ِهمَ ،حتَّى َي ْب َقى َم ْن ك َ
َان َي ْع ُبدُ اهَّللَ، ِ
َم َع َأ ْو َثان ِه ْمَ ،و َأ ْص َح ُ
َابُ ،ث َّم ُي ْؤتَى بِ َج َهن ََّم ُت ْع َر ُض ك ََأن ََّها ات ِم ْن َأ ْه ِل الكِت ِ اجرٍَ ،و ُغ َّب َر ٌ ِم ْن َب ٍّر َأ ْو َف ِ
ون؟ َقا ُلواُ :كنَّا َن ْع ُبدُ ُعز َْي َر ا ْب َن اهَّللَِ ،ف ُي َق ُال: ودَ :ما ُكنْت ُْم َت ْع ُبدُ َ سرابَ ،في َق ُال لِ ْليه ِ
َُ َ َ ٌ ُ
ون؟ َقا ُلواُ :نرِيدُ َأ ْن ت َْس ِق َينَا، اح َب ٌة َو اَل َو َلدٌ َ ،ف َما ُترِيدُ َ ك ََذبتُمَ ،لم يكُن لِ َّل ِه ص ِ
َ ْ ْ ْ َ ْ
ون؟ ون فِي َج َهن ََّمُ ،ث َّم ُي َق ُال لِلن ََّص َارىَ :ما ُكنْت ُْم َت ْع ُبدُ َ َف ُي َق ُالْ :اش َر ُبواَ ،ف َيت ََسا َق ُط َ
اح َبةٌَ ،و اَل المسيح ابن اهَّللَِ ،في َق ُال :ك ََذبتُمَ ،لم يكُن لِ َّل ِه ص ِ ِ ونُ :كنَّا َن ْع ُبدُ َف َي ُقو ُل َ
َ ْ ْ ْ َ ْ ُ َ َْ
ون فِي ونُ :نرِيدُ َأ ْن ت َْس ِق َينَاَ ،ف ُي َق ُالْ :اش َر ُبواَ ،ف َيت ََسا َق ُط َ ون؟ َف َي ُقو ُل َ َو َلدٌ َ ،ف َما ُترِيدُ َ
اجرٍَ ،ف ُي َق ُال َل ُه ْمَ :ما َي ْحبِ ُسك ُْم، َان َي ْع ُبدُ اهَّللَ ِم ْن َب ٍّر َأ ْو َف ِ
َج َهن ََّمَ ،حتَّى َي ْب َقى َم ْن ك َ
َاه ْمَ ،ون َْح ُن َأ ْح َو ُج ِمنَّا إِ َل ْي ِه ال َي ْو َمَ ،وإِنَّا ونَ :ف َار ْقن َُّاس؟ َف َي ُقو ُل َ ب الن ُ َو َقدْ َذ َه َ
ونَ ،وإِن ََّما َننْتَظِ ُر َر َّبنَا، َادي :لِ َي ْل َح ْق ك ُُّل َق ْو ٍم بِ َما كَانُوا َي ْع ُبدُ ََاديا ين ِ
ِ ِ
َسم ْعنَا ُمن ً ُ
ول:ورتِ ِه ا َّلتِي َر َأ ْو ُه فِ َيها َأ َّو َل َم َّر ٍةَ ،ف َي ُق ُ يهم الجبار فِي ص ٍ
ورة َغ ْيرِ ُص َ
ُ َ
ِ
َق َالَ :ف َي ْأت ِ ُ َ َّ ُ
ولَ :ه ْل َب ْينَك ُْم َو َب ْينَ ُه ونَ :أن َ
ْت َر ُّبنَاَ ،فلاَ ُي َك ِّل ُم ُه إِ اَّل األَ ْنبِ َيا ُءَ ،ف َي ُق ُ َأنَا َر ُّبك ُْمَ ،ف َي ُقو ُل َ
اق ِهَ ،ف َي ْس ُجدُ َل ُه ك ُُّل ُم ْؤ ِمن»(((. ف عن س ِ
اقَ ،ف َيكْش ُ َ ْ َ
ِ الس ُ ونَّ : َآي ٌة َت ْعرِ ُفو َن ُه؟ َف َي ُقو ُل َ
ون فِي وقال ﷺ« :إِ َّنك ُْم َست ََر ْو َن َر َّبك ُْم ،ك ََما ت ََر ْو َن َه َذا ال َق َم َر ،اَل ت َُض ُّام َ
ُرؤْ َيتِ ِه»(((.
ول اهَّللَِ ،ه ْل ن ََرى َر َّبنَا َّاس َقا ُلواَ :يا َر ُس َ وعن أبي هريرة َ :أ َّن الن َ
القيام ِة؟ َق َال« :ه ْل تُمار َ ِ ِ
اب؟» ون في ال َق َمرِ َل ْي َل َة ال َبدْ ِر َل ْي َس ُدو َن ُه َس َح ٌ َ َ ُ َي ْو َم َ َ
الش ْم ِ ون فِي َّ َقا ُلوا :لاَ يا رس َ ِ
اب» س َل ْي َس ُدون ََها َس َح ٌ ول اهَّللَ ،ق َالَ « :ف َه ْل ت َُم ُار َ َ َ ُ
ولَ :م ْن الق َي َام ِةَ ،ف َي ُق ُ
ك ،يح َشر النَّاس يوم ِ
ُ َْ َ
ِ
َقا ُلوا :لاَ َ ،ق َالَ « :فإِ َّنك ُْم ت ََر ْو َن ُه ك ََذل َ ُ ْ ُ
الش ْم َسَ ،و ِمن ُْه ْم َم ْن َي َّتبِ ُع ال َق َم َرَ ،و ِمن ُْه ْم َان َي ْع ُبدُ َش ْيئًا َف ْل َي َّتبِ ْعَ ،ف ِمن ُْه ْم َم ْن َي َّتبِ ُع َّ
ك َ
ولَ :أنَا يه ُم اهَّللَُ ،ف َي ُق ُ وهاَ ،ف َي ْأتِ ِ ِ ِ ِِ
يتَ ،و َت ْب َقى َهذه األُ َّم ُة ف َيها ُمنَاف ُق َ اغ َ من ي َّتبِع ال َّطو ِ
َ َ ْ َ ُ
يه ُم ونَ :ه َذا َمكَا ُننَا َحتَّى َي ْأتِ َينَا َر ُّبنَاَ ،فإِ َذا َجا َء َر ُّبنَا َع َر ْفنَا ُهَ ،ف َي ْأتِ ِ َر ُّبك ُْمَ ،ف َي ُقو ُل َ
اط َب ْي َن الص َر ُ وه ْمَ ،ف ُي ْض َر ُب ِّ ْت َر ُّبنَاَ ،ف َيدْ ُع ُ ونَ :أن َولَ :أنَا َر ُّبك ُْمَ ،ف َي ُقو ُل َ اهَّللَُ ،ف َي ُق ُ
الر ُس ِل بِ ُأ َّمتِ ِهَ ،و اَل َي َت َك َّل ُم َي ْو َمئِ ٍذ َأ َحدٌ ِ
ُون َأ َّو َل َم ْن َي ُجو ُز م َن ُّ َظ ْه َران َْي َج َهن ََّمَ ،ف َأك ُ
الر ُس ِل َي ْو َمئِ ٍذ :ال َّل ُه َّم َس ِّل ْم َس ِّل ْم»(((. الر ُس ُلَ ،وكَلاَ ُم ُّ إِ اَّل ُّ
فأحاديث الرؤية -بحمد اهلل -متواترة عن رسول اهلل ﷺ ،وليس يف
[اإلسراء .]1 :ولم يذكر تعالى أن النبي ﷺ رأى ربه ،ولو رأى ربه لذكر اهلل
ذلك من باب االمتنان عليه ﷺ.
وكذلك قوله تعالى( :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [األنعام:
وأيضا:
،]103ال يدل على نفي الرؤيـة؛ ألن اإلدراك معنًى زائدٌ على الرؤيةً .
فإن اآليات السابقة على هذه اآلية جاءت يف سـياق توكيد التوحيد ونفي
الولد ،وليست يف أخبار المعاد حتى تكون اآلية متعلقة بالرؤية.
قال الدارمي « :فهذه األحاديث كلها -وأكثر منها -قد رويت يف
ِ
والبصر من مشايخنا، الرؤية ،على تصديقها واإليمان هبا أدركنا أهل الفقه
قديما وحدي ًثا يرووهنا ويؤمنون هبا ،ال يستنكروهنا وال
ولم يزل المسلمون ً
ينكروهنا ،ومن أنكرها من أهل الزيغ نسبوه إلى الضالل ،بل كان من أكرب
النظر إلى وجه خالقهم حتى ما يعدلون
رجائهم وأجزل ثواب اهلل يف أنفسهم ُ
به شي ًئا من نعيم الجنة»(((.
وقال ﷺ« :إِ َّن اهللَ اَل َينَا ُمَ ،و اَل َينْ َب ِغي َل ُه َأ ْن َينَا َمَ ،يخْ ِف ُض ا ْل ِق ْس َط
ار َق ْب َل َع َم ِل ار ،وعمل الن ََّه ِ َو َي ْر َف ُع ُهُ ،ي ْر َف ُع إِ َل ْي ِه َع َم ُل ال َّل ْي ِل َق ْب َل َع َم ِل الن ََّه ِ
ات َو ْج ِه ِه َما ا ْنت ََهى إِ َل ْي ِه َب َص ُر ُه
ت ُس ُب َح ُ ِ
ال َّل ْي ِل ،ح َجا ُب ُه الن ُ
ُّور َل ْو ك ََش َف ُه أَلَ ْح َر َق ْ
ِم ْن َخ ْل ِق ِه»(((.
وقال أبو عثمان الصابوين « :وكذلك يقولون يف جميع الصفات
الصحاح من السمع ،والبصر،
التي نزل بذكرها القرآن ،ووردت هبا األخبار ِّ
والعين ،والوجه ،والعلم ،والقوة ،والقدرة ،والعزة ،والعظمة ،واإلرادة،
والمشيئة ،والقول ،والكالم ،والرضى ،والسخط ،والحياة ،واليقظة،
والفرح ،والضحك ،وغيرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات
المربوبين المخلوقين ،بل ينتهون فيها إلى ما قاله اهلل تعالى وقاله رسوله
ﷺ ،من غير زيادة عليه ،وال إضافة إليه ،وال تكييف له ،وال تشبيه ،وال
تحريف ،وال تبديل ،وال تغيير ،وال إزالة للفظ الخرب عما تعرفه العرب،
وتضعه عليه بتأويل منكر ،ويجرونه على الظاهر ،و َيكِ ُلون علمه إلى اهلل
تعالى ،ويقرون بأن تأويله ال يعلمه إال اهلل ،كما أخرب اهلل عن الراسخين يف
العلم أهنم يقولونه يف قوله تعالى( :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [آل عمران.(((»]7 :
ومن صفاته :صفة اليد ،وقد ورد الخرب هبا يف القرآن صفـة اليد
والسنة على أوجه متعددة ،فتارة ذكرت مثناة ،وتارة أخرب تعالى أنه يقبضها
ويبسطها ،وأنه تعالى يقبض األرض بيده ،ويطوي السموات بيمينه
،وتارة موصوفة بأهنا ذات أصابع ،وكل ذلك يثبت أن اليد التي
ورد وصفها بالقرآن والسنة يد حقيقية تليق بجالله ،ال نتكلف يف تأويلها أو
تشبيهها أو تحريف اآليات واألحاديث الدالة عليها ،قال الحق جل شأنه:
(ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [ص:
وعن أبي موسى ،عن النبي ﷺ قال« :إِ َّن اهللَ َ ي ْب ُس ُط َيدَ ُه
ُوب ُم ِسي ُء ال َّل ْي ِلَ ،حتَّى ار ،ويبس ُط يدَ ه بِالنَّه ِ ِ
ار ل َيت َ
ِ
ُوب ُمسي ُء الن ََّه ِ َ َ ْ ُ َ ُ َ
ِ
بِال َّل ْي ِل ل َيت َ
وقال شريك جوا ًبا لمن سأله عمن ينكر بعض أحاديث الصفات:
«إن الذين جاؤوا هبذه األحاديث هم الذين جاؤوا بالقرآن ،وبأن الصلوات
خمس ،وبحج البيت ،وبصوم رمضان ،فما نعرف اهلل إال هبذه األحاديث»(((.
قال الحافظ ابن بطة - بعد أن ساق األحاديث الدالة على صفة
اليد هلل رب العالمين« :فهذه األحاديث وما ضاهاها ،وما جاء يف معناها ،يف
كمال الدين ،وتمام السنة :اإليمان هبا ،والقبول لها ،وتلقيها برتك االعرتاض
عليها ،واتباع آثار السلف يف روايتها بال كيف ،وال ل ِ َم»(((.
وكما وصف نفسه بصفات الكمال والجمال والجالل والعزة
والكربياء ،فقد نفى عن نفسه صفات النقص ،ولم يكن النفي يف الصفات
هو األصل يف القرآن والسنة؛ ألن األصل هو إثبات الصفات ،والقرآن
والسنة مملوءان ببيان صفات اهلل كما ينبغي لجالله وعظمته وكماله،
والرب إذا نفى عن نفسه صفة ،فإنما ينفيها؛ لبيان الكمال يف
ضدها؛ أو ألن البشر نسبوا النقص إلى ذي العزة والكمال ،فينفي الرب
النقص المنسوب إليه.
السنَة
نفي ِّ السنَة ،والنوم ،كما يف قوله تعالى( :ﮣ ﮤ
ومما نفاه الرب عن نفسهِّ :
والنوم
والنسيان ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ)) [البقرة ،]255 :ونفى النسيان،
واللغوب
فقال الحق( :ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ) [مريم ،]64 :ونفى الحق عن
عن اللــه
نفسه اللغوب؛ ألن اليهود -عليهم لعنة اهلل -نسبوا إلى اهلل التعب لما خلق
الخلق ،ونفى الحق أنه اسرتاح بعد تمام الخلق ،فقال جل
[الجن.]3 :
ونؤمن أن اهلل له األسماء الحسنى ،وأن أسماءه قد بلغت األسامء
احلسنى
الغاية يف الحسن ،فال أحسن منها ،قال الحق جل يف عاله( :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [طه ،]8 :ومنها ما ورد يف قوله تعالى( :ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [الفاتحة:
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ
ﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [الحشر.]24-22 :
وأسماء اهلل مشتقة ،وليست جامدة ،وكل اسم يشتق هلل منه صفة ،فتشتق
صفة الرحمة من الرحيم ،والعزة من العزيز ،والحكمة من الحكيم ،والحياة
من الحي ،وهكذا.
ك، ت بِ ِه َن ْف َس َ
ك بِك ُِّل ْاس ٍم َس َّم ْي َ «أ ْس َأ ُل َ
وأسماؤه ال حصر لها ،قال ﷺَ :
كَ ،أ ِو ْاست َْأ َث ْر َت بِ ِه فِي ِع ْل ِم كَ ،أ ْو َع َّل ْم َت ُه َأ َحدً ا ِم ْن َخ ْل ِق ََأ ْو َأ ْن َز ْل َت ُه فِي كِتَابِ َ
احدً ا، ب ِعنْدَ َك»((( ،وقال ﷺ« :إِ َّن لِ َّل ِه تِسع ًة وتِس ِعين اسماِ :ما َئ ًة إِلاَّ و ِ ا ْل َغ ْي ِ
َ ْ َ َ ْ َ ْ ً
الج َّنةَ»(((. َم ْن َأ ْح َص َ
اها َد َخ َل َ
اإللـحاد يف وحذرنا ربنا من اإللحاد يف أسمائه ،فقال جل يف عاله( :ﭳ ﭴ
أسـمــائه
ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ)
[األعراف.]180 :
واإللحاد يف أسمائه أنواع؛ منها :التسمي بأسمائه التي ال يجوز أن
يتسمى هبا البشر ،كالخالق ،والرحمن ،وغيرها .ومنها :تسمية األصنام
بأسماء مشتقة من أسماء اهلل ،كالالت من اسم اهلل ،والعزى من العزيز.
ومنها :إنكارها ،أو جحود معانيها ،أو تعطيلها.
(( ( أخرجه الضبي في الدعاء ( ،)6وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)29930وفي المسند
( ،)329وأحمد ( ،)3712والحارث بن أبي أسامة في المسند ،كما في بغية الباحث
(.)1057
((( أخرجه البخاري ( ،)2736ومسلم ( ،)2677والترمذي ( ،)3506وابن ماجه
(.)3860
144
وما ورد يف القرآن والسنة من أسماء اهلل وصفاته أعظم من أن يحيط به
كتاب ،ولكن يكفينا شر ًفا أننا أشرنا إلى ُج َم ٍل يف هذا الباب.
ونؤمن أن المسلم يجب عليه أال يصف اهلل ،أو يسميه إال بما وصف به
نفسه أو سمى به نفسه ،أو وصفه أو سماه به رسوله ﷺ ،وينفي عنه ما نفاه
عن نفسه أو نفاه عنه رسوله ﷺ ،ويسكت عما وراء ذلك.
وحنن نؤمن هبذه األسماء والصفات على مراد ربنا ،وعلى مراد رسولنا
ﷺ ،ونعلم أن حقائقها ال يعلم هبا البشر ،وال يحيطون هبا ،وال تبلغها
أفهامهم ،وال نتكلف يف تأويلها؛ ألن اهلل أمر نبيه ﷺ أن يقول( :ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ) [ص ،]86 :وكما أن يف الجنة من أصناف النعيم الوارد ذكرها يف
القرآن والسنة ما يشرتك مع أمثالها يف االسم من نعيم الدنيا ،إال أن بينهما
من التفاوت والتباين ما ال يحيط به البشر ،فإذا كنا نؤمن بنعيم الجنة ،ونحن
لم نره ،وال نعلم حقيقته وكيفيته -فاهلل أعظم من أن يشاهبه البشر لمجرد
االشرتاك يف الصفات أو األسماء ،وال يلزم من ذلك نفي األسماء والصفات
عن اهلل لمجرد االشرتاك اللفظي.
وقد توارد أئمة الهدى والعلم على تقرير ذلك ،قال ابن أبي زمنين:
«فهذه صفات ربنا التي وصف هبا نفسه يف كتابه ،ووصفه هبا نبيه ﷺ ،وليس
يف شيء منها تحديد وال تشبيه وال تقدير ،فسبحان من ليس كمثله شيء،
وهو السميع البصير .لم تره العيون فتحده كيف هو كينونيته ،لكن رأته
القلوب يف حقائق اإليمان به»(((.
وقال عبدالرحمن بن القاسم« :ال ينبغي ألحد أن يصف اهلل إال بما
وصف به نفسه يف القرآن ،وال يشبه يديه بشيء ،وال وجهه بشيء ،ولكن
يقول :له يدان ،كما وصف نفسه يف القرآن ،وله وجه كما وصف نفسه،
يقف عند ما وصف به نفسه يف الكتاب؛ فإنه ال مثل له وال شبيه،
ولكن هو اهلل ال إله إال هو كما وصف نفسه ،ويداه مبسوطتان كما وصفهما:
(ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ)
(( ( أصول السنة ،البن أبي زمنين (ص ((( .)75 :العلو للعلي العظيم ،للذهبي (ص.)168 :
((( اإلبانة الكبرى ،البن بطة (.)326/7
146
وقال اإلمام قِوام السنة أبو القاسم -وقد سئل عن صفات الرب تعالى-
فقال« :مذهب مالك ،والثوري ،واألوزاعي ،والشافعي ،وحماد بن سلمة،
وحماد بن زيد ،وأحمد بن حنبل ،ويحيى بن سعيد ،وعبدالرحمن بن
مهدي ،وإسحاق بن راهويه :أن صفات اهلل التي وصف هبا نفسه ،أو وصفه
هبا رسوله ،من السمع ،والبصر ،والوجه ،واليدين ،وسائر أوصافه ،إنما هي
على ظاهرها المعروف المشهور ،من غير كيف يتوهم فيه ،وال تشبيه وال
تأويل»(((.
ملخص الكتاب
ونؤمن بالمالئكة ،ونعلم علم اليقين أن اإليمان بالمالئكة هو الركن
الثاين من أركان اإليمان.
� واإليمان بالمالئكة ينتظم معاين:
أحدها :التصديق بوجودهم.
الثاين :إنزالهم منازلهم ،وإثبات أهنم عباد اهلل وخلقه ،كاإلنس والج ِّن،
مأمورون مكلفون ال يقدرون إال على ما يقدرهم اهلل تعالى عليه ،والموت
جائز عليهم ،ولكن اهلل تعالى جعل لهم أمدً ا بعيدً ا ،فال يتوفاهم حتى يبلغوه،
وال يوصفون بشيء يؤدي وصفهم به إلى إشراكهم باهلل -تعالى َجدُّ ه -وال
ُيدْ عون آلهة ،كما ادعى ذلك المشركون.
الثالث :االعرتاف بأن منهم ُر ُس َل اهلل يرسلهم إلى من يشاء من البشر،
يجوز أن يرسل بعضهم إلى بعض ،ويتبع ذلك االعرتاف بأن منهم
ُ وقد
الصافون ،ومنهم خزنة الجنة ،ومنهم خزنة النار،
حملة العرش ،ومنهم ّ
ومنهم كتبة األعمال ،ومنهم الذين يسوقون السحاب ،وقد ورد القرآن
بذلك كله أو بأكثره(((.
الرابع :اإليمان بالمالئكة على سبيل اإلجمال والتفصيل ،فنؤمن بوجود
بــاب
وجوب اإليمان بالـمالئكة
ونؤمن بالمالئكة ،ونعلم علم اليقين أن اإليمان بالمالئكة هو الركن
الثاين من أركان اإليمان ،قال المولى جل شأنه( :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [البقرة،]285 :
وقال الحق ( :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [البقرة:
ار ًزا لِلن ِ
َّاس، ول اهللِ ﷺ َي ْو ًما َب ِ َان َر ُس ُ
،]177وعن أبي هريرة قال :ك َ
«أ ْن ت ُْؤ ِم َن بِاهللَِ ،و َملاَ ئِكَتِ ِه،
ان؟ َق َالَ :
يم ُ ِ َف َأ َتاه رج ٌلَ ،ف َق َال :يا رس ُ ِ
ول اهللَ ،ما الإْ َ َ َ ُ ُ َ ُ
ث آْال ِخرِ»(((.وكِتَابِ ِه ،ولِ َقائِ ِه ،ورس ِل ِه ،وت ُْؤ ِمن بِا ْلبع ِ
َ َْ َ َُ ُ َ َ
قال البيهقي « :واإليمان بالمالئكة ينتظم معاين :أحدها :التصديق
بوجودهم .واآلخر :إنزالهم منازلهم ،وإثبات أهنم عباد اهلل ،وخلقه كاإلنس
والجن ،مأمورون مكلفون ال يقدرون إال على ما قدّ َرهم اهلل تعالى عليه،
والموت جائز عليهم ،ولكن اهلل تعالى جعل لهم أمدً ا بعيدً ا ،فال يتوفاهم
حتى يبلغوه ،وال يوصفون بشيء يؤدي وصفهم به إلى إشـراكهم باهلل تعالى
جدُّ ه ،وال ُيدْ عون آلهة كما ادعتهم األوائل((( .والثالث :االعرتاف بأن منهم
رسل اهلل يرسلهم إلى من يشاء من البشر ،وقد يجوز أن يرسل بعضهم إلى
بعض ،ويتبع ذلك االعرتاف بأن منهم حملة العرش ،ومنهم الصافون،
ومنهم خزنة الجنة ،ومنهم خزنة النار ،ومنهم كتبة األعمال ،ومنهم الذين
يسوقون السحاب ،وقد ورد القرآن بذلك كله أو بأكثره»(((.
فذكر البيهقي ثالثة من معاين اإليمان بالمالئكة.
والرابع :اإليمان بالمالئكة على سبيل اإلجمال والتفصيل ،فنؤمن
بوجود المالئكة إيمانًا مجملاً ،ونؤمن بمن علمنا من أسمائهم وصفاهتم
وأعمالهم كما ورد يف الكتاب والسنة إيمانًا مفصلاً .
ونعلم أن ما خفي علينا من أعدادهم وأعمالهم وصفاهتم أكثر مما
علمنا ،ولكننا نؤمن بكل ذلك كما أخربنا اهلل ورسوله ﷺ ،ال نطلب له
كيفية وال نرده بعقولنا ،وال نتوهمه بآرائنا ،وال نتأوله باجتهاداتنا ،بل نقول:
آمنا ،وصدقنا ،وس ّلمنا.
بــاب
ْ
خلق الـمالئكة وكثرة عددهم وصفاتهم
ت ا ْل َملاَ ئِ َك ُة ِم ْن
«خ ِل َق ِ
ونؤمن أن اهلل خلق المالئكة من نور ،قال ﷺُ :
ُور»((( ،فهم خلق من خلق اهلل خلقهم على هيئة مخصوصة ،لكنهم ليسوا ن ٍ
قوى فقط ،بل هم عالم غيبي ،وعباد مربوبون ،خلقهم
أرواحا فقط ،وال ً
ً
لعبادته ،والقيام بأوامره ،فهم يعبدونه ،وال يستنكفون عن عبادته.
ومن عباداتهم :التسبيح ،والسجود ،والخوف ،والوجل ،وغير ذلك ،قال
المولى جل شأنه( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [التحريم،]6 :
-أيضا( :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ً وقال
ﮯ ﮰ ﮱ) [النحل ،]49 :وقال الحق جل شأنه( :ﭑ ﭒ
،]75وهم -مع عظيم ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الزمر:
ب اهَّللُ ومن عباداتهم :أهنم يوالون يف اهلل ويحبون يف اهلل ،قال ﷺ« :إِ َذا َأ َح َّ
يلَ ،فين ِ ِ ِ
يل َادي ِج ْبرِ ُ ب ُفلاَ نًا َف َأ ْحبِ ْب ُهَ ،ف ُيح ُّب ُه ِج ْبرِ ُ ُ
يل :إِ َّن اهَّللَ ُيح ُّ ال َع ْبدَ نَا َدى ِج ْبرِ َ
حبه َأه ُل السم ِ ِ ِ ِ ِ ِ
وض ُع َل ُه اءُ ،ث َّم ُي َ َّ َ ب ُفلاَ نًا َف َأح ُّبو ُهَ ،ف ُي ُّ ُ ْ الس َماء :إِ َّن اهَّللَ ُيح ُّفي َأ ْه ِل َّ
ض»((( ،ويعادون ،ويبغضون يف اهلل ،ويغارون على محارم ول فِي األَ ْر ِ ال َق ُب ُ
َحي ِم ْن َر ُج ٍل
«أ اَل َأست ِ
[الذاريات ،]28-26 :وأن من خلقهم الحياء ،قال ﷺْ َ :
َحي ِمنْ ُه ا ْل َملاَ ئِ َكةُ»(((.
تَست ِ
ْ
«م ْن َأك ََل ِم ْن َه ِذ ِه ا ْل َب ْق َل ِة، وأهنم يتأذون مما يتأذى منه بنو آدم ،قال ﷺَ :
جدَ نَا؛ َفإِ َّن اثَ -فلاَ َي ْق َر َب َّن َم ْس ِ
ال ُّثو ِم -و َق َال َم َّرةًَ :م ْن َأك ََل ا ْل َب َص َل َوال ُّثو َم َوا ْلك َُّر َ
ا ْل َملاَ ئِ َك َة َتت ََأ َّذى ِم َّما َيت ََأ َّذى ِمنْ ُه َبنُو آ َد َم»(((.
ونؤمن أن اهلل جعل فيهم من القوة والبأس ما ال ُيحاط به ،قال تعالى:
(ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [التكوير ،]20 :وقال المولى جل شأنه( :ﯥ
ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [التحريم،]6 :
وأرسل اهلل مل ًكا إلى قرى قوم لوط ،وهي سبع قرى ،فقلبها عليهم ،قال
(( ( أخرجه أحمد ( ،)5857ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصالة (،)372
وابن بطة في اإلبانة (.)831
((( أخرجه مسلم (.)2401
((( أخرجه البخاري ( ،)854ومسلم ( )564واللفظ له ،وأبو داود ( ،)3822والترمذي
( ،)1806والنسائي ( ،)707وابن ماجه (.)3365
158
تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ) [هود.]82 :
ونؤمن أن المالئكة خلق كثير ،ال يحصي عددهم إال الذي خلقهم، كثـــــرة
بقوله ( :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ) [اإلسراء.]40 :
بــاب
أعمال الـمالئكة
ومتنوعةً ،وأشرفها:
ّ شرفهم ،وك َّلفهم أعمالاً جليل ًة وكثير ًة
ونؤمن أن اهلل ّ
والم َلك الموكَّل بإنزال
أن يكونوا رسلاً بين اهلل وبين عباده يبلغوهنم الوحيَ ،
الوحي إلى أنبياء اهلل ورسله هو جربيل كما قال المولى
عز شأنه( :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [النحل ،]102 :وقال
تعالى( :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [الشعراء.]195-192 :
وقد يرسلهم اهلل إلى غير األنبياء ابتالء وامتحانًا ،كما يف قصة ثالثة النفر
من بني إسرائيل ،فعن عبدالرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه
يلَ :أ ْب َر َصَ ،و َأ ْق َر َع، أنه سمع رسول اهلل ﷺ يقول« :إِ َّن َثلاَ َث ًة فِي َبنِي إِ ْس َرائِ َ
ث إِ َل ْي ِه ْم َم َلكًاَ ،ف َأتَى األَ ْب َر َصَ ،ف َق َال: َو َأ ْع َمىَ ،بدَ ا لِ َّل ِه َ أ ْن َي ْبت َِل َي ُه ْمَ ،ف َب َع َ
ِ ِ ٍ
َّاسَ ،ق َال: ك؟ َق َالَ :ل ْو ٌن َح َس ٌنَ ،و ِج ْلدٌ َح َس ٌنَ ،قدْ َقذ َرني الن ُ ب إِ َل ْي َ ي َش ْيء َأ َح ُّ َأ ُّ
ِ
ب ي المال َأ َح ُّ ب َعنْ ُهَ ،ف ُأ ْعط َي َل ْونًا َح َسنًاَ ،و ِج ْلدً ا َح َسنًاَ ،ف َق َالَ :أ ُّ َف َم َس َح ُه َف َذ َه َ
ِ ِ ك؟ َق َالِ :
صَ ،واألَ ْق َر َع، اإلبِ ُل َ -أ ْو َق َال :ال َب َق ُرُ ،ه َو َش َّك في َذل َك :إِ َّن األَ ْب َر َ إِ َل ْي َ
اآلخ ُر :ال َب َق ُرَ -ف ُأ ْعطِ َي نَا َق ًة ُع َش َرا َءَ ،ف َق َالُ :ي َب َار ُك اإلبِ ُلَ ،و َق َال ََق َال َأ َحدُ ُهماِ :
َ
ٍ َل َ ِ
ك؟ َق َال َش َع ٌر َح َس ٌن، ب إِ َل ْي َي َش ْيء َأ َح ُّ ك ف َيهاَ ،و َأتَى األَ ْق َر َعَ ،ف َق َالَ :أ ُّ
بَ ،و ُأ ْعطِ َي َش َع ًرا َّاسَ ،ق َالَ :ف َم َس َح ُه َف َذ َه َ
ِ ِ
ب َعنِّي َه َذاَ ،قدْ َقذ َرني الن ُ َو َي ْذ َه ُ
ك؟ َق َال :ال َب َق ُرَ ،ق َالَ :ف َأ ْع َطا ُه َب َق َر ًة َح ِاملاً ، ب إِ َل ْي َي المال َأ َح ُّ َح َسنًاَ ،ق َالَ :ف َأ ُّ
ٍ و َق َال :يبار ُك َل َ ِ
ك؟ َق َالَ :ي ُر ُّد ب إِ َل ْي َي َش ْيء َأ َح ُّ ك ف َيهاَ ،و َأتَى األَ ْع َمىَ ،ف َق َالَ :أ ُّ َُ َ َ
160
ِ ِ ِ
ي َّاسَ ،ق َالَ :ف َم َس َح ُهَ ،ف َر َّد اهَّللُ إِ َل ْيه َب َص َر ُهَ ،ق َالَ :ف َأ ُّ اهَّللُ إِ َل َّي َب َصرِيَ ،ف ُأ ْبص ُر بِه الن َ
انَ ،و َو َّلدَ َه َذا، ك؟ َق َال ال َغن َُمَ :ف َأ ْع َطا ُه َشا ًة َوالِدً اَ ،ف ُأنْتِ َج َه َذ ِ ب إِ َل ْي َالمال َأ َح ُّ
اد ِم ْن َغنَمٍُ ،ث َّم إِ َّن ُه َأتَى اد ِمن ب َقرٍ ،ولِه َذا و ٍ
َ َ َ
ٍ ِ
َان ل َه َذا َواد م ْن إِبِ ٍلَ ،ول َه َذا َو ْ َ
ٍ ِ َفك َ ِ
كُ ،ث َّم ُون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل َذلِ َ كُ ،ث َّم َيك ُ ُون َع َل َق ًة ِم ْث َل َذلِ َ
ين َي ْو ًماُ ،ث َّم َيك ُ ِ ِ
ُأ ِّمه َأ ْر َبع َ
كتابة القدر
ِ ٍ
ُب َع َم َل ُهَ ،و ِر ْز َق ُهَ ،و َأ َج َل ُه،ث اهَّللُ َم َلكًا َف ُي ْؤ َم ُر بِ َأ ْر َب ِع كَل َماتَ ،و ُي َق ُال َل ُه :ا ْكت ْ
َي ْب َع ُ
العليم الذي ال يحتاج إلى من يخربه -قال اهلل جل ذكره( :ﭴ ﭵﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [اإلسراء ،]78 :وقال الحق سبحانه( :ﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [القدر.]4 :
أخرجه الطبري في التفسير ( ،)463 /13وابن أبي حاتم في التفسير (.)12198 (( (
أخرجه البخاري ( ،)7501ومسلم ( ،)128والترمذي (.)3073 (((
أخرجه مسلم (.)129 (((
أخرجه البخاري ( ،)1880ومسلم (.)1379 (((
165 كتاب اإليمان بالمالئكة
ومن أعماهلم :أن منهم خازن الجنة ،فعن أنس بن مالك قال:
فأستفتح فيقول الخازن:
ُ قال رسول اهلل ﷺ« :آتي باب الجنة يوم القيامة،
ٍ
ألحد قبلك»(((. من أنت؟ فأقول :محمد ،فيقول :بك أمرت ال أفتح
وخازن النار ،قال اهلل تعالى( :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ)
بــاب
مراتب الـمالئكة
ومراتب ،قال الحق سبحانه مخربًا ٍ
مقامات ونؤمن أن اهلل جعل للمالئكة
َ
(ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) عنهم:
[الصافات.]166-164 :
توسل النبي ُ
جربيل وميكائيل وإسرافيل؛ ولذا َّ وأعظم المالئكة مقا ًما
ُ أعظــــم
الـمالئكة
ﷺ بربوبية اهلل للثالثة األولين منهم ،فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن مقامــــًا
َان َنبِ ُّي اهللِ ﷺ عوف قال :سألت عائشة أم المؤمنين :بِ َأ ِّي َشي ٍء ك َ
ْ
َان إِ َذا َقا َم مِ َن ال َّل ْي ِل ا ْف َتت ََح َصلاَ َت ُه:
َي ْفتَتِ ُح َصلاَ َت ُه إِ َذا َقا َم مِ َن ال َّل ْيلِ؟ َقا َل ْت :ك َ
ضَ ،عالِ َم ات َو أْالَ ْر ِ يلَ ،فاطِر السمو ِ
َ َّ َ َ يلَ ،وإِ ْس َرافِ َ
يلَ ،و ِميكَائِ َ «الله َّم َر َّب َج ْب َرائِ َ
ُ
ونْ ،اه ِدنِي لِ َما يما كَانُوا فِ ِيه َيخْ ت َِل ُف َ ِ ِ ِ
ْت ت َْحك ُُم َب ْي َن ع َباد َك ف َ الش َها َد ِةَ ،أن َ
ب َو َّ ا ْل َغ ْي ِ
اط ُم ْست َِقيمٍ»(((. َّك تَه ِدي من ت ََشاء إِ َلى ِصر ٍ
َ ُ َ ْ ك؛ إِن َ ْ ف فِ ِيه ِم َن ا ْل َح ِّق بِإِ ْذنِ َ
اخت ُِل َ ْ
ومن أشرافهم حملة العرش ،وكذا َم ْن حضر غزوة بدر من المالئكة، أشـــرف
الـمالئكة
وعن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه - وكان أبوه من أهل
ون َأ ْه َل َبدْ ٍر فِيك ُْمَ ،ق َال: ِ
بدر -قالَ :جا َء ج ْب ِر ُيل إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺ َف َق َالَ :
«ما َت ُعدُّ َ
ك َم ْن َش ِهدَ َبدْ ًرا ِم َن ين َ -أ ْو كَلِ َم ًة ن َْح َو َها َ -ق َالَ :وك ََذلِ َ ِِ
م ْن َأ ْف َض ِل المسلم َ
ِ
ملخص الكتاب
ونؤمن بالكتب ،وهي :كتب اهلل المنزلة على رسله وأنبيائه
والذي نعلم منها هي :صحف إبراهيم وصحف موسى ،والتوراة ،والزبور،
واإلنجيل ،والقرآن ،ونؤمن بما علمنا منها وما لم نعلم.
ونؤمن أن كل هذه الكتب هي كالم اهلل ووحيه ،والتوراة كتبها اهلل بيده.
وهذه الكتب أنزلها على رسله نزل هبا جربيل األمين ،وتضمنت
الشرائع اإللهية ،واألخبار والمواعظ واألوامر والنواهي ،وكان كل كتاب
يف زمنه هو الوحي الذي يجب العمل به ،والتحاكم إليه لألمة التي أنزل
عليها.
ونؤمن أن بعضها أفضل من بعض ،فالتوراة كتبها اهلل بيده.
ونعلم علم ايلقني أن اإليمان بالكتب هو الركن الثالث من أركان
اإليمان ،فنؤمن هبا كلها ،وال نكون كالذين آمنوا ببعض ،وكفروا ببعض.
ونؤمن أن كل الكتب التي سبقت القرآن لم يتكفل اهلل بحفظها؛ بل َوك ََل
حفظها إلى القوم الذين أنزلها اهلل عليهم؛ ولذا دخلها التحريف ،وتعرضت
هذه الكتب اإللهية للضياع والنسيان ،وكتبها المفرتون ،ونسبوها إلى اهلل
زورا وهبتانًا ،فهم يكتبوهنا ويتلوهنا بألسنتهم إمعانًا يف التلبيس على الخلق؛
ً
ليحسبوها من عند اهلل.
171 كتاب اإليمان بالكتب
القــــــرآن
الكريم أعظم ونؤمن أن القرآن الكريم هو أعظم الكتب اإللهية وأكملها وأشرفها ،وهو
الكتب اإلهلية آخرها ،نزل به جربيل على قلب رسولنا محمد ﷺ ،بلسان عربي
مبين ،واختار اهلل له أشرف اللغات؛ وذلك ألن لغة العرب أفصح اللغات
وأبينها وأوسعها ،وأكثرها تأدية للمعاين؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف
اللغات ،على أشرف الرسل ،بسفارة أشرف المالئكة ،وكان ذلك يف أشرف
بقاع األرض ،وابتدئ إنزاله يف أشرف شهور السنة ،وهو رمضان ،فكمل
من كل الوجوه ،وأول ما أنزل اهلل منه قوله تعالى( :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ)
جمي ًعا أن يأتوا بمثله ،أو بعشر سور ،أو بسورة واحدة من مثله.
ونؤمن أن هذا القرآن هو كالم اهلل منزل غير مخلوق ،وأنه محفوظ يف القــــرآن
الكـــريم
متلو يف المحاريب والمساجد ،ال يخرجه
الصدور ،مكتوب يف المصاحفٌّ ، منزل مـن
ذلك عن أن يكون كالم اهلل .وكال ُم اهلل صفة من صفاته ،وما كان من صفات عنــد اهلل
اهلل فال يكون مخلو ًقا؛ إذ لو كان مخلو ًقا لجرى عليه ما يجري على سائر
المحدثات من الفناء والزوال والتغ ُّير.
ونؤمن أن هذا القرآن قد تكفل اهلل بحفظه ،ولم يجعل ذلك إلى خلقه، ح��ف��ظ اهلل
ل��ل��ق��ـ��رآن
محكما غاية اإلحكام كما جعله متشاهبًا ،وب َّين أن أهل الزيغ يتبعون
ً وجعله ال��ك��ـ��ري��م
و هيمنتــــه
المتشـابه منه ،والمؤمنون يؤمنون به كله محكمه ومتشاهبه.
عىل الكتـب
ا لسا بقــــة
حاكما على جميع الكتب السابقة ،ومهيمنًا عليها ،وأن هذا
ً وجعله اهلل
صل بين أهل الكتاب فيما يقص علينا أخبار األمم الماضية ،وي ْف ُالكتاب ُّ
اختلفوا فيه.
ونؤمن أن هذا القرآن العظيم هو كالم رب العالمين نزل به الروح األمين،
وهذا أمر معلوم من دين المسلمين بالضرورة ،وجميع المسلمين العلماء
منهم والعامة مجمعون على ذلك ،ولم يخالف يف ذلك أحد منهم ،وقد
شهد اهلل لهذا القرآن بأنه من عنده ،وشهدت المالئكة أن هذا القرآن تنزيل
من حكيم حميد .وشهد أهل الكتاب المعاصرون للرسول ﷺ ،وذكر اهلل
هذه الشهادة يف محكم تنزيله .وشهد شاهد الجن بأن هذا القرآن تنزيل من
عند اهلل وأنه موافق لما جاء به موسى ،وشهد كفار قريش أن هذا
القرآن ليس من كالم البشر ،وأنه مخالف لكالمهم.
م���واف���ق���ة
ونؤمن أن ما تضمنه القرآن من علوم إلهية ،وأحكام شرعية ،وآداب ال����ق����رآن
ال��ك��ري��م
ل��ل��ف��ط��رة
ول��ل��ع��ق��ل
173 كتاب اإليمان بالكتب
بل العلوم توافق القرآن فيما ورد يف القرآن ذكره ،كخلق السموات ،وخلق
اإلنسان ،وغير ذلك.
والقرآن ٍ
هاد للتي هي أقوم ،شامل لكل خير ،فهو شامل للخرب عن
الخالق والمخلوق ،والدنيا واآلخرة ،والجن واإلنس ،واألوامر والنواهي
واآلداب والواجبات ،والجنة والنار ،فهو شامل لإليمان والعمل والجزاء.
والقرآن الكريم شفاء لألدواء ،وال يعرف يف كالم البشر كالم يكون فيه
الشفاء من أدواء القلوب واألبدان ،كما يف هذا القرآن العظيم الذي هو كالم
رب العالمين.
والقرآن يقص علينا أخبار األمم الماضية كما وقعت ،ولم تكن أخبارهم
منتشرة بين أهل مكة ،فقصها اهلل علينا كما هي ،وهذا شاهد على أن هذا التنزيل
من حكيم حميد.
والقرآن العظيم الذي تضمن غاية البيان والفصاحة واألخبار الغيبية
دال علىوالشرائع الربانية جاء به رسول أمي ال يقرأ وال يكتب ،وهذا ٌّ
أنه تنزيل من حكيم حميد .والسورة الواحدة من القرآن الكريم تنزل يف
ٍ
مختلفة ،ومع ذلك تقرأ السورة كأنما أنزلت أوقات متباعدة ،ويف أماك َن
مرة واحدة ،وجرت العادة أن البشر تتفاوت ملكاهتم ،وتختلف أساليبهم
إذا صنفوا الكتب يف أوقات متباعدة.
والرسول ﷺ قد آتاه اهلل السنة كما آتاه القرآن :ومن نظر يف القرآن والسنة
علم أن بينهما من التفاوت ما ال يخفى.
وأن القرآن تضمن توجيه النبي ﷺ إلى ما ينبغي أن يكون ،أو ما يجب
أن يفعله.
175 كتاب اإليمان بالكتب
بــاب
وجوب اإليمــان بالكـتب
ونؤمن بالكتب ،وهي كتب اهلل المنزلة على رسله وأنبيائه .
والذي نعلم منها هي :صحف إبراهيم ،وصحف موسى ،والتوراة،
والزبور ،واإلنجيل ،والقرآن.
ونؤمن بما علمنا منها وما لم نعلم.
ونؤمن أن كل هذه الكتب هي كالم اهلل ووحيه ،أنزلها على رسله
نزل هبا جربيل األمين ،وتضمنت الشرائع اإللهية ،واألخبار
والمواعظ واألوامر والنواهي .وكان كل كتاب يف زمنه هو الوحي الذي
يجب العمل به ،والتحاكم إليه.
ونؤمن أن بعضها أفضل من بعض ،فالتوراة كتبها اهلل بيده ،قال الحق جل
يف عاله( :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ) [األعراف ،]145 :وقال ﷺ مخربًا عن آدم أنه قال لموسى :
ك بِ َي ِد ِه»((( ،وقال اهلل يف التوراة:
اك اهَّللُ بِ َكلاَ ِم ِهَ ،و َخ َّط َل َ
اص َط َف َ
وسى ْ
«يا ُم َ
َ
(ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [المائدة:
[غافر.]70 :
ونؤمن أن كل الكتب التي سبقت القرآن لم يتكفل اهلل بحفظها؛ بل َوك ََل مل يتكفـل اهلل
بحفــــــظ
حفظها إلى القوم الذين أنزلها اهلل عليهم ،فقال تعالى( :ﮁ ﮂ ﮃ ال��ك��ت��ب
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ال��س��اب��ق��ة
[المائدة.]13 :
وتعرضت هذه الكتب اإللهية للضياع والنسيان ،وكتب المفرتون ما
َّ ال��ك��ت��ب
ال��س��اب��ق��ة
دخ���ل���ه���ا ((( أخرجه البخاري ( ،)4777ومسلم ( ،)9وابن ماجه (.)64
التـــحريف
177 كتاب اإليمان بالكتب
بــاب
اإليمان بالقرآن العظيم
ونؤمن أن القرآن الكريم هو أعظم الكتب اإللهية وأكملها وأشرفها،
وهو آخرها ،نزل به جربيل على قلب رسولنا محمد ﷺ ،قال
تعالى( :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ) [الشعراء ،]194-192 :واختار اهلل له أشرف اللغات ،فأنزله بلسان
عربي مبين ،قال تعالى( :ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [يوسف:
.]2قال ابن قتيبة« :وإنما يعرف َ
فضل القرآن َم ْن َك ُث َر َن َظره ،واتسع علمه،
خص اهلل به لغتها دونوفهم مذاهب العرب وافتناهنا يف األساليب ،وما ّ
جميع اللغات؛ فإنه ليس يف جميع األمم أ ّمة أوتيت من العارضة والبيان،
خصيصي من اهلل؛ لما أرهصه يف الرسول واتساع المجال ،ما أوتيته العرب ّ
نبوته بالكتاب ،فجعله علمه ،كما جعل ﷺ ،وأراده من إقامة الدليل على ّ
علم كل نبي من المرسلين ،من أشبه األمور بما يف زمانه المبعوث فيه»(((.
(ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [العلق: وأول ما أنزل اهلل منه :قوله تعالى: أول مــــــا
أن��ـ��زل اهلل
،]1فعن أم المؤمنين عائشة أهنا قالت يف أول ما بدئ به رسول مــن القرآن
الملكَ ،ف َق َال« :ا ْق َر ْأ،ُ ار ِح َر ٍاءَ ،ف َجا َء ُه الح ُّق َو ُه َو فِي َغ ِاهلل ﷺَ :حتَّى َجا َء ُه َ ال��ع��ظ��ي��م
وأثنى اهلل على نفسه بإنزال هذا الكتاب ،فقال جل ثناؤه( :ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ) [الكهف .]1 :كما أثنى
على هـذا الكتاب العظيم ،فقال الحق جل شأنه وتعالى سلطانه( :ﮉ ﮊ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ
أيضا( :ﭸ ﭹ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الحشر ،]21 :وقال سبحانه ً
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)
[الرعد ،]31 :وجعله هدى ورحمة للمؤمنـين ،قال اهلل تعالى( :ﯘ ﯙ
،]20 وموعظة وشفاء من ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الجاثية:
[األعراف.]158 :
ونؤمن أن القرآن آية باهرة يف لفظه ومعناه ،وتحدى اهلل الجن واإلنس
جمي ًعا أن يأتوا بمثله ،أو بعشر سور من مثله ،أو بسورة واحدة ،فتبارك اهلل
عمران ،]7 :وبين أن أهل الزيغ يتبعون المتشابه منه ،والمؤمنون يؤمنون به
كله محكمه ومتشاهبه.
حاكما على جميع الكتب السابقة ،ومهيمنًا عليها ،قال المولى
ً وجعله اهلل
عز شأنه( :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ) [المائدة .]48 :وبين الحق أن هذا الكتاب يقص علينا أخبار
183 كتاب اإليمان بالكتب
((( أخرجه البخاري ( ،)3371وأبو داود ( )4737وقال :هذا دليل على أن القرآن ليس
بمخلوق ،والترمذي ( ،)2060وابن ماجه (.)3525
185 كتاب اإليمان بالكتب
بــاب
القرآن الكريم تنزيل رب العالـمين
ونؤمن أن هذا القرآن العظيم هو كالم رب العالمين ،نزل به الروح
األمين ،وهذا أمر معلوم من دين المسلمين بالضرورة ،والمسلمون
مجمعون على ذلك ،ولم يخالف يف ذلك أحد منهم .وهذا األمر -وهو
كونه من رب العالمين -تدل عليه أدلة كثيرة ال يمكن حصرها ،وال اإلحاطة
هبا ،فمنها:
الشهادة شهادة اهلل لهذا القرآن بأنه من اهلل ،قال الحق -وقوله الحق( :ﭑ ﭒ
للقـرآن
ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭥ) [األنعام ،]19 :وقال تعالى( :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ
ﮗﮘ) [النساء.]166 :
ومنها :شهادة المالئكة أن هذا القرآن تنزيل من حكيم حميد ،قال تعالى:
(ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
ﮝ ﮞ) [النساء.]166 :
ومنها :أنه موافق لما جاءت به األنبياء ،كما يف قوله تعالى:
(ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)...
ومنها :شهادة كفار قريش أن هذا القرآن ليس من كالم البشر ،وأنه
مخالف لكالمهم ،فعن ابن عباس َ « :أ َّن ا ْل َولِيدَ ْب َن ا ْل ُم ِغ َير ِة َجا َء
آنَ ،ف َك َأ َّن ُه َر َّق َل ُهَ ،ف َب َل َغ َذل ِ َك َأ َبا َج ْهلٍَ ،ف َأ َتا ُه، إِ َلى النَّبِي ﷺَ ،ف َق َر َأ َع َل ْي ِه ا ْل ُق ْر َ
ِّ
ِ ِ
َف َق َالَ :يا َع ُّم ،إِ َّن َق ْو َم َك َي َر ْو َن َأ ْن َي ْج َم ُعوا َل َك َمالاً َ .ق َال :لم؟ َق َال :ل ُي ْع ُطو َك ُه
َفإِن ََّك َأ َت ْي َت ُم َح َّمدً ا ل ِ ُت ْع ِر َض ل ِ َما قِ َب َل ُهَ ،ق َالَ :قدْ َعلِ َم ْت ُق َر ْي ٌش َأنِّي مِ ْن َأ ْك َث ِر َها
َار ٌه َل ُه َق َال: يه َق ْولاً َي ْب ُل ُغ َق ْو َم َك َأن ََّك ُمنْكِ ٌر َل ُهَ ،أ ْو َأ َّن َك ك ِ مالاً َ .ق َالَ :ف ُق ْل فِ ِ
َ
ار مِنِّيَ ،ولاَ َأ ْع َل َم بِ َر َج ٍز َولاَ ول؟! َف َواهَّللِ َما فِي ُك ْم َر ُج ٌل َأ ْع َل َم بِالأْ َ ْش َع ِ َو َما َذا َأ ُق ُ
ول َشيئا مِن ه َذا ،وواهَّللِ ِ ِ ار ا ْل ِ بِ َق ِصيدَ ٍة مِنِّي َولاَ بِ َأ ْش َع ِ
ج ِّنَ ،واهَّلل َما ُي ْشبِ ُه ا َّلذي َي ُق ُ ْ ً ْ َ َ َ
ول حلاَ َوةًَ ،وإِ َّن َع َل ْي ِه َل َطلاَ َوةًَ ،وإِ َّن ُه َل ُم ْث ِم ٌر َأ ْعلاَ ُه ُم ْغ ِد ٌق إِ َّن ل ِ َق ْول ِ ِه ا َّل ِذي َي ُق ُ
َأ ْس َف ُل ُهَ ،وإِ َّن ُه َل َي ْع ُلو َو َما ُي ْع َلىَ ،وإِ َّن ُه َل َي ْحطِ ُم َما َت ْح َت ُه»(((.
ومنها :أن القرآن العظيم موافق لما يريده اهلل من الخلق،
قال المولى عز شأنه( :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [األنعام.]153 :
القــرآن ٍ
وآداب ٍ
شرعية، ٍ
إلهية ،وأحكا ٍم معارف
َ ومنها :أن ما تضمنه القرآن من
مرعيـ ٍَّة كله مما استقر يف الفطر ،قال الحق جـل يف عـاله( :ﯔ ﯕ ﯖ
العظيـم
موافــق
للفطـرة
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ
ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الروم.]30 :
ومنها :أن القرآن العظيم موافق لما فيه صالح الخلق؛ ذلك ألن اهلل هو
الخالق ،فيعلم ما يحتاج إليه العباد ،ويعلم ما يصلح أدياهنم وأبداهنم وأموالهم
وديارهم ،قال تعالى( :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الملك .]14 :وما أمر
((( أخرجه الحاكم ( ،)3872والبيهقي في الشعب ( ،)133وفي دالئل النبوة (.)198 /2
190
إال ويف أمره غاية المصلحة ،وال هنى إال ويف هنيه غاية االحتياط والحماية.
ومنها أن القرآن الكريم موافق لما تقتضيه العقول؛ ولذا لما ذكر اهلل
أصول المحرمات يف «سورة األنعام» ختمها بقوله( :ﰁ ﰂ) ،قال
تعالى( :ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [األنعام.]151 :
كثيرا ما
وخطاب القرآن ألولي األلباب أكثر من أن يحصر ،كما أن اهلل ً القرآن الكريم
خطاب ألويل
يطلب من العباد التف ُّكر والنظر واالعتبار فيما يأمر به ،أو ينهى عنه. األلبـــــاب
ومنها :أن األدلة التي جاء هبا القرآن الكريم أدلة يف غاية البيان والفصاحة
والقـوة والقرب واليسـر ،يفهمها كل أحد ،وهذا ال يعرف يف كالم أحد من
البشر ،كما يف قوله تعالى( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [لقمان ،]11 :ويف قوله ( :ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [األنبياء،]22 :
كما أن أدلته ال يمكن -بحال من األحوال -أن تدل على باطل ،ومن قوة
أدلته أنه ال يمكن نقضها أو ردها ،قال تعالى( :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [اإلسراء.]81 :
ميسر لكل أحد،
ومنها :أن القرآن العظيم -وهو كالم رب العالمينَّ -
قال تعالى( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [القمر .]17 :ولم يكن
ميسرا لكل أحد،
ً من معهود البشر أن يكتب الواحد منهم كتا ًبا فيكون
ومخاط ًبا به كل أحد ،فهذا ال يكون إال لهذا الكتاب الكريم.
191 كتاب اإليمان بالكتب
حفظ القرآن ومنها :أن القرآن العظيم محفوظ من التغ ُّير والتبديل ،قال تعالى( :ﮗ
العظيــــم
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [الحجر .]9 :وكتب اهلل له البقاء والخلود إلى
قيام الساعة ،فهذا البقاء والخلود وعدم التغ ّير يدل على أنه تنزيل من حكيم
حميد ،قال الحق( :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇ ﮈ) [النساء.]82 :
ومع بقائه وخلوده وحفظه ومع تجدُّ د العلوم والفنون والمكتشفات ،لم
علما تضمن خالف ما جاء به القرآن ،بل العلوم توافق القرآن فيما
نجد أن ً
ورد يف القرآن ذكره ،كخلق السموات ،وخلق اإلنسان وغير ذلك.
القـــرآن
ومنها :أن القرآن ٍ
هاد للتي هي أقوم ،شامل لكل خير ،فهو شامل للخرب
العظيــــم
هيدي للتـي عن الخالق والمخلوق ،والدنيا واآلخرة ،والجن واإلنس ،واألوامر
هي أقـــوم والنواهي واآلداب والواجبات ،والجنة والنار ،فهو شامل لإليمان والعمل
والجزاء ،قال تعالى( :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [األنعام ،]38 :وقال تعالى:
(ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [اإلسراء.]9 :
ومنها :أن القرآن الكريم شفاء لألدواء ،قال تعالى( :ﮂ ﮃ ﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [يونس:
.]57وال يعرف يف كالم البشر كالم يكون فيه الشفاء من أدواء القلوب
واألبدان ،كما يف هذا القرآن العظيم الذي هو كالم رب العالمين.
اهلل حتـدى ومنها :أن اهلل تحدى اإلنس والجن أن يأتوا بمثلـه ،أو بمثل سـورة منه،
اإلنــــس
واجلـن أن قال تعالى( :ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ
يأتوا بمثلـه ﯟ ﯠﯡ ﯢ) [يونس ،]38 :وبين أنه ال ريب فيه ،فقال الحق:
(ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
192
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [يونس.]37 :
ومنها :أن هذا القرآن يقص علينا أخبار األمم الماضية كما وقعت ،ولم
تكن أخبارهم منتشرة بين أهل مكة ،فقصها اهلل علينا ،كما يف قوله تعالى:
(ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [يوسف .]3 :وهذا شاهد على أن هذا التنزيل من
حكيم حميد.
ومنها :أن هذا القرآن العظيم الذي تضمن غاية البيان والفصاحة
واألخبار الغيبية والشرائع الربانية جاء به رسول أمي ال يقرأ وال يكتب،
قال المولى جل شأنه( :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ
،]48وقال تعالى( :ﭴ ﭵ ﮏ ﮐ ﮑ) [العنكبوت:
ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ)
[األعراف.]157 :
ومنها :أن السورة الواحدة من القرآن الكريم تنزل يف أوقات متباعدة
ويف أماكن مختلفة ،ومع ذلك تقرأ السورة كأنما أنزلت مرة واحدة ،وجرت
العادة أن البشر تتفاوت ملكاهتم ،وتختلف أساليبهم إذا صنفوا الكتب يف
أوقات متباعدة.
ومنها :أن الرسـول ﷺ قد آتاه اهلل السنة كما آتاه القرآن ،قال ﷺَ :
«أ اَل
َابَ ،و ِم ْث َل ُه َم َع ُه»(((. إِنِّي ُأوتِ ُ ِ
يت ا ْلكت َ
ومنها :أن القرآن تضمن توجيه النبي ﷺ إلى ما ينبغي أن يكون ،أو ما
((( أخرجه أبو داود ( ،)4604والترمذي ( ،)2664وابن أبي شيبة في المصنف ()24816
وفي المسند ( ،)927وأحمد (.)17174
193 كتاب اإليمان بالكتب
ملخص الكتاب
عنه ،ومحبتهم وتوقيرهم واالقتداء هبم ،والشهادة لهم بأهنم ب َّلغوا الرسالة،
وأدوا األمانة ،ونصحوا هلل ولعباده ،وجاهدوا يف اهلل حق جهاده ،ويجب
على كل أمة العمل بشريعة الرسول الذي أرسل إليها ،ويجب على هذه
األمة -أمة محمد ﷺ -من الجن واإلنس العمل بشريعة خاتم األنبياء
والمرسلين محمد ﷺ؛ ألنه مرسل إلى جميع الثقلين.
وكل األنبياء والرسل جاؤوا إلخراج الناس من ظلمات
عز من الدنيا وسلطان وقوة وبأس
الكفر والشرك والجهل ،وإن كانوا يف ٍّ
ومصانع.
َ وحرث
ونؤمن أن اهلل أرسلهم مبشرين ومنذرين؛ لئال يكون للناس على اهلل
حجة بعد الرسل.
ونؤمن أن اهلل قد أرسل يف كل أمة رسولاً .فمن علمنا اسمه منهم وجب
اإليمان به ،ومن لم نعلم اسمه منهم نؤمن به إجمالاً .فاإليمان بجميع
األنبياء والمرسلين واجب على كل مسلم ومسلمة ،ومن كفر
بنبي واحد فقد كفر بجميع األنبياء.
ونؤمن أن اهلل يرسل رسله إلى من شاء من عباده َو ْفق ما تقتضيه حكمته،
فال معقب لحكمه ،يفعل ما يشاء ويختار.
النبوة منة ونؤمن أن النبوة مِنَّة إلهية ،ورحمة ربانية يهبها اهلل لمن شاء من عباده،
إلـــــهية
فاهلل يصطفي من المالئكة رسلاً ومن الناس.
تفاضل واألنبياء والرسل فيما بينهم متفاضلون ،وأفضلهم أولو العزم،
األنبيـاء
وأفضل أولي العزم الخليالن :إبراهيم ،ومحمد ،وهنى النبي ﷺ
عن التفضيل بين األنبياء إذا كان على سبيل الحمية والعصبية أو التنقص،
198
وكما اتخذ اهلل إبراهيم ومحمدً ا خليلين ،فقد اختار اهلل موسى
واصطفاه على الناس برساالته وبتكليمه ،وكان نبينا محمد ﷺ
الخ َّلة ،وشرف أن كلمه ربه من وراء حجاب ليلة أسري
قد نال شرف مرتبة ُ
به ﷺ ،فيكون نبينا محمد ﷺ قد نال شرف الخلة ،وشرف التكليم.
ولي وال
ونؤمن أن األنبياء أفضل البشر ،وال يبلغ أحد مرتبة النبي ،ال ٌّ
غيره ،وال يجوز تفضيل أحد من البشر على أحد من األنبياء ،وليست النبوة
كس ًبا ،وال ينالها العبد باالجتهاد بالطاعة ،وال بتزكية النفس والمجاهدة
وتطهير القلب وتنقيته وهتذيب السلوك.
ونؤمن أن اهلل لم يرسل إال رجالاً ،ونعلم أن الرسل واألنبياء
بشر كبقية البشر ،وهم أكمل البشر يف أدياهنم وعقولهم وأخالقهم ،لكنهم
يوحى إليهم ،وهم معصومون فيما يبلغونه عن أمر اهلل ،وإذا اجتهد النبي
فيما لم يوح إليه فيه شيء ولم يصب ،فإن اهلل ال يقره على اجتهاده ،بل
يتنزل عليه الوحي لتسديده.
وال ضرا ،مع أن
ًَّ والرسل واألنبياء ال يملكون ألنفسهم نف ًعا الرســـل
واألنبيـــاء
لهم المنزلة العالية ،والدرجة الرفيعة ،والمقام المحمود يف الدنيا واآلخرة،
ضرا فال يملكون لغيرهم من باب ال يملكـون
وإذا كانوا ال يملكون ألنفسهم نف ًعا وال ًّ ألنفســهم
األولى ،وإذا كانوا ال يملكون ألنفسهم وال لغيرهم -حال حياهتم -نف ًعا وال نفعــًا وال
ضــــــرا
ًّ
ضرا ،بعد وفاهتم.ضرا فهم إ ًذا من باب األولى ال يملكون لغيرهم نف ًعا وال ًّ
ًّ
وال يعلمون الغيب إال على قدر ما أطلعهم اهلل عليه وأذن لهم فيه.
واألنبياء والمرسلون يعبدون اهلل خو ًفا وطم ًعا ،ويبتغون إليه
الوسيلة ويتقربون إليه .
199 كتاب الرسل واألنبياء
ومن آيات األنبياء :حال النبي الداعي إلى الحق؛ فإن الناس يميزون
عي الكاذب يف قوله...إلى غير
بين الداعي إلى الحق الصادق يف قوله ،والدَّ ِّ
ذلك من اآليات.
القــــرآن وآيات األنبياء كلها اندثرت عدا القرآن العظيم ،وسنة نبينا محمد ﷺ
العظيم اآلية
الباقيـــــة فهما باقيان؛ ألهنما وحي تكفل اهلل بحفظه ،وفيهما أعظم الدالئل والرباهين
على صدق الرسالة ،وصدق الرسول ﷺ.
ونؤمن أن اهلل يؤيد رسله بما تقتضيه حكمته من اآليات
والرباهين الكونية والشرعية ،فيهدي اهلل من شاء بفضله ،ويضل من شاء
واستكبارا.
ً بعدله ،ولكن المعاند ال تزيده اآليات إال عنا ًدا
ونؤمن أن اهلل لو أراد لهدى الناس جمي ًعا.
ونؤمن أن دالئل األنبياء واآليات التي جاؤوا هبا والرباهين التي أمدهم
اهلل هبا يستحيل أن يأيت هبا مدَّ ٍع للنبوة ،أو ساحر أو كاذب؛ ألن اهلل قضى
أال ينصر المبطل بدليل صحيح ،وال يصدّ ق الكاذب بربهان صادق؛ ألنه
الحكيم يف شرعه وأمره ،وحكمة اهلل وسنته الجارية تمنع ذلك.
خــــاتم ونؤمن أن نبينا محمد بن عبداهلل هو رسول رب العالمين ،وهو خاتم
األنبيــاء
واملرسلني األنبياء والمرسلين ،وهو سيد ولد آدم ،وهو خليل رب العالمين.
ت مث َله أحدٌ من الرسل
ونعلم أنه أويت من اآليات ما لم ُي ْؤ َ
وأعظم آياته القرآن الكريم ،وأول ما بدئ به رسول اهلل ﷺ من الوحي
الرؤيا الصالحة يف النوم ،فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل َف َل ِق الصبح،
وأول ما أنزل عليه منه صدر «سورة العلق» ،وأنزل عليه بعدها «المدثر» ،ثم
حمي الوحي وتتابع ،وأنه مكث يف مكة ثالثة عشر عا ًما يدعو إلى التوحيد،
202
وأقام بالمدينة عشر سنوات يبين شرائع اهلل ،ويدعو إلى دينه ،ويجاهد يف
سبيله ،حتى توفاه اهلل عن ثالث وستين سنة ﷺ -بأبي هو وأمي.
ونعلم أن من أعظم آياته بعد القرآن العظيم اإلسراء والمعراج .ومن
آياته ﷺ انشقاق القمر ،وخصه اهلل بخصائص كثيرة ،وهذه الخصائص
ٍ
مصنفات مستقلةً. ذكرها العلماء يف ثنايا مصنفاهتم تارة ،وتارة يفردون لها
ونؤمن أنه يجب على كل أحد من الجن واإلنس اإليمان به ،وتصديقه
فيما أخرب ،وطاعته فيما أمر.
ونؤمن بأنه يجب أال يعبد اهلل إال بما شرع .وقد حذر الحق من مخالفة
أمره ﷺ ،وأمر الحق بتوقيره ومحبته ،وأنه يجب أن يكون الرسول ﷺ
أحب إلى المرء من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين.
َّ
ونؤمن أن اهلل قرن ذكر نبينا محمد ﷺ بذكره سبحانه يف الشهادتين
ويف األذان ،وقد استفاض ذكره ﷺ يف الكتب اإللهية السابقة ،ويف القرآن
العظيم ،وصنف أئمة اإلسالم المصنفات المتنوعة يف بيان سنته ،وسيرته،
وشمائله ،وأخالقه ،وغزواته.
ونؤمن أن اهلل أرسله إلى الخلق كافة ،فهو رسول اهلل إلى الثقلين :الجن رســــــالة
الرسول ﷺ
نفرا من الجن يستمعون إليه؛ ليكونوا منذرين َم ْن
واإلنس ،وصرف اهلل إليه ً إىل اخللـــق
وراءهم من قومهم ،ولتقوم الحجة عليهم ،وأخذ اهلل الميثاق على كل نبي كافـــــــة
وجه الخصوص -بني إسرائيل ،وكان بنو إسرائيل يعرفونه كما يعرفون
أبناءهم .ومن عالمات نبوته ﷺ التي كانت معروفة عند أهل الكتاب خاتم
النبوة على كتفه الشريف.
دالئل عموم ونؤمن بعموم رسالته ﷺ ولذا أرسل الكتب إلى الملوك والرؤساء
الرسالــــة
يدعوهم إلى عبادة اهلل وحده ،واإليمان برسالته ﷺ وتصديقه.
ونؤمن أن اهلل زوى لنبينا ﷺ األرض ،فرأى منها ما سيبلغه ملك أمته
منها.
ومن أدلة عموم رسالته ﷺ أن نصارى نجران نكلوا عن مباهلته ،وقبلوا
أداء الجزية إليه وهم صاغرون؛ لعلمهم أنه نبي.
ومن أدلة عموم رسالته ﷺ إسالم كثير من أحبار اليهـود ورهبان
النصارى ،بل اآلالف المؤلفة من أهل الكتاب .ومن أدلة عموم رسالته ﷺ
أنه غزا الروم ،وأمر أصحابه بجهاد الفرس والروم من بعده.
ومن أدلة عموم رسالته ﷺ أنه وعد سراقة بأنه سيلبس سواري كسري،
فلبسهما يف خالفة عمر .
اهلداية منة ونعلم علم اليقين أن اهلل اقتضت حكمته أن يهدي من يشاء بفضله ،وأن
إهليــــــة
يضل من يشاء بعدله ،كما اقتضت حكمته أن يكون لكل نبي عدو ،وأن
ٍ
تواص على الباطل وتوافق يف مقاالهتم ،فمقالة يكون بين هؤالء األعداء
المأل يف كل أمة متماثلة :فتارة يقولون :إنه ساحر أو كاهن أو كاذب ،وتارة
ينكرون أن يكون أتاهم بآية ،وتارة يزعمون أنه يفرتي الكذب على اهلل،
وتارة يصفونه بالجنون ،وحاشا رسل اهلل - وهم أكمل الناس
عقولاً وأزكاهم قلو ًبا .وتارة يستعظمون ما يدعوهم إليه من الدعوة إلى
204
عبادة اهلل وحده ،وتارة يردون على النبي دعوته؛ ألنه بشر مثلهم ،وتارة
يطالبوهنم بأمور ليست يف قدرة الخلق -ولكنه االستكبار والعناد -فقد
طالبوا نبينا محمدً ا ﷺ بأن يفجر من األرض ينبو ًعا ،أو يكون له جنة ،أو
يسقط السماء عليهم كس ًفا ،أو يأتيهم باهلل والمالئكة ،أو يكون للنبي بيت
من زخرف ،أو يرقى يف السماء ،وينزل عليهم كتا ًبا .وتارة يطالبون النبي
بأن يأتيهم بما يعدهم به ،وتارة يصدون عن سبيل اهلل ويقولون ألتباعهم:
ال تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه .وتارة يقابلون الرسول بالتكذيب ،أو
يتهمون الرسول ﷺ بأن إنما ُي َع ِّل ُمه بشر ،وليس الذي يأتيه وح ًيا من اهلل.
وقد ينصرفون عن الرسول؛ ألن الذين اتبعوه هم الضعفاء ،وتارة
يسخرون ويستهزئون من الرسل ،وتارة يخادعون الرسول ،ويطمعون يف
مداهنته لهم أو الركون إليهم ،وتارة بالتعيير بما يعلم المعاند أنه كاذب يف
قوله ،كما يف تعيير فرعون لموسى بالكفر.
وتارة يهدد المأل النبي باإلخراج من األرض ،وحاصر كفار قريش نبينا
محمدً ا ﷺ ومن معه وبني هاشم يف ِّ
الش ْعب ثالث سنين ،وأخرجوه من بلده
ﷺ .وحاول قوم إبراهيم إحراقه بالنار ،فنجاه اهلل ،
وحاول بنو إسرائيل قتل األنبياء ،بل قتلوا منهم َم ْن قتلوا...
هذا هو َد ْيدَ ُن المستكربين مع المرسلين ،وهذه سنة جارية يتبعها المأل
يف كل أمة مع المصلحين.
205 كتاب الرسل واألنبياء
بــاب
اإليمان بالرسل عليهم الصالة والسالم
اإليمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان اإليمان ،قال
المولى جل شأنه( :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ
،]285 ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [البقرة:
تعالى( :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [األعراف ،]59 :وقال عز شأنه( :ﭩ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ
ﮅ) [هود ،]84 :وقال الحق ( :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [األحقاف.]21 :
ونؤمن أن األنبياء متفقون يف األصول الكربى التي دعوا األنبيـــــاء
إليها ،فكلهم دعا إلى اإليمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر، متفقون فيام
واإليمان بالقدر خيره وشره ،وكلهم دعوا إلى أصول العبادات ،كالصالة، يدعون إليه
العمل بشريعة الرسول الذي أرسل إليها ،ويجب على هذه األمة -أمة
ُ
العمل بشريعة خاتم األنبياء والمرسلين محمد ﷺ -من الجن واإلنس،
محمد ﷺ؛ ألنه مرسل إلى جميع الثقلين.
وكل األنبياء والرسل جاؤوا إلخراج الناس من ظلمات
عز من الدنيا وسلطان وقوة وبأس
الكفر والشرك والجهل ،وإن كانوا يف ٍّ
وحرث ومصانع ،قال تعالى يف موسى ( :ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [إبراهيم ،]5 :وقال تعالى( :ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ) [الشعراء ،]130-128 :وقال تعالى( :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [الروم.]9 :
ونؤمن أن اهلل أرسلهم مبشرين ومنذرين؛ لئال يكون للناس على اهلل
حجة بعد الرسل ،قال تعالى( :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [النساء.]165 :
ونؤمن أن اهلل قد أرسل يف كل أمة رسولاً ،قال تعالى( :ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [النحل ،]36 :وقال
ك َنبِ ٌّي َخ َل َف ُه َنبِ ٌّي،
وس ُه ُم األَ ْنبِ َيا ُءُ ،ك َّل َما َه َل َ َت َبنُو إِ ْس َرائِ َ
يل ت َُس ُ النبي ﷺ« :كَان ْ
َوإِ َّن ُه اَل َنبِ َّي َب ْع ِدي»((( ،بل قد أخربنا اهلل تعالى أنه أرسل إلى قرية من القرى
[المؤمنون ،]44 :فال معقب لحكمه ،يفعل ما يشاء ويختار ،قال اهلل تعالى:
(ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ) [القصص.]68 :
ومن كفر بنبي واحد؛ فقد كفر بجميع األنبياء ؛ ولذا قال
تعالى( :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [الشعراء .]105 :وهذه اآلية كقوله تعالى:
(ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [ق.]14 :
209 كتاب الرسل واألنبياء
النبوة منة ونؤمن أن النبوة مِنَّة إلهية ،ورحمة ربانية يهبها اهلل لمن شاء من عباده،
إهليــــة
فاهلل يصطفي من المالئكة رسلاً ومن الناس ،قال تعالى( :ﭼ ﭽ
،]75 ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [الحج:
وهنى النبي ﷺ عن التفضيل بين األنبياء إذا كان على سبيل الحمية
َب َر ُجلاَ ِنَ :ر ُج ٌل است َّ والعصبية أو التن ُّقص ،فعن أبي هريرة قالْ :
ِ ِ ِ ِ ِ
اص َط َفى ُم َح َّمدً ا م َن المسلِمي َنَ ،و َر ُج ٌل م َن ال َي ُهودَ ،ق َال المسلِ ُمَ :وا َّلذي ْ
وسى َع َلى ال َعا َل ِمي َنَ ،ف َر َف َع اص َط َفى ُم َ
ِ ِ ِ
َع َلى ال َعا َلمي َنَ ،ف َق َال ال َي ُهود ُّيَ :وا َّلذي ْ
وديَ ،ف َذ َهب اليه ِ ِ ِ ِ
ود ُّي إِ َلى النَّبِ ّي ِﷺ، َ َُ المسلِ ُم َيدَ ُه عنْدَ َذل َكَ ،ف َل َط َم َو ْج َه ال َي ُه ِّ
َان مِ ْن َأ ْم ِر ِهَ ،و َأ ْم ِر المسلِ ِمَ ،فدَ َعا النَّبِ ُّي ﷺ المسلِ َمَ ،ف َس َأ َل ُه َف َأ ْخ َب َر ُه بِ َما ك َ
ِ َع ْن َذل ِ َكَ ،ف َأ ْخ َب َر ُهَ ،ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺ :اَ
َّاس وسى؛ َفإِ َّن الن َ «ل تُخَ ِّي ُروني َع َلى ُم َ
ِ الق َي َام ِةَ ،ف َأ ْص َع ُق َم َع ُه ْمَ ،ف َأك ُ
ون يوم ِ
وسى ُون َأ َّو َل َم ْن ُيف ُيقَ ،فإِ َذا ُم َ َي ْص َع ُق َ َ ْ َ
َان ِم َّم ِن اق َق ْب ِلي َأ ْو ك َ يم ْن َص ِع َقَ ،ف َأ َف َ شَ ،فلاَ َأد ِري َأك َ ِ
َان ف َ ْ ب ال َع ْر ِ ِ
َباط ٌش َجان َ
ِ
(( ( جئث؛ أي فزع ،وجئث فهو مجئوث ،أي :مذعور .فتح الباري ( ،)8/722والنهاية في
غريب الحديث (.)232 /1
((( أخرجه البخاري ( ،)6655ومسلم ( ،)923وأبو داود ( ،)3125والنسائي (،)1868
وابن ماجه (.)1588
214
بــاب
آيات األنبياء ودالئل نبوتهم
ونعلم أن اهلل قد آتى كل نبي من اآليات والحجج ما على مثلها يؤمن
اء َنبِ ٌّي إِ اَّل ُأ ْعطِ َي ِم َن
البشر ،فعن أبي هريرة :قال ﷺ« :ما ِمن األَ ْنبِي ِ
َ َ َ
َان ا َّل ِذي ُأوتِ ُ
يت َو ْح ًيا َأ ْو َحا ُه وم َنَ ،أ ْو َآم َن َع َل ْي ِه ال َب َش ُرَ ،وإِن ََّما ك َ
ات ما ِم ْث ُله ُأ ِ
ُ
ِ
اآلي َ َ
ِ ِ
اهَّللُ إِ َل َّيَ ،ف َأ ْر ُجو َأنِّي َأ ْك َث ُر ُه ْم تَابِ ًعا َي ْو َم الق َي َامة»(((.
ونؤمن أن اهلل ما بعث نب ًّيا إال ومعه آية تدل على صدقه ،علمناها أو لم
-أيضا -أن
ً نعلمها ،وقد ذكر اهلل لنا جملة منها يف القرآن الكريم ،ونعلم
هناك ٍ
آيات كثير ًة أيد اهلل هبا رسله السابقين ،لم يذكرها اهلل لنا ،كما يف قوله
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) تعالى:
[المائدة ،]10 :وقوله تعالى( :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [آل عمران .]11 :وتارة يذكر اهلل اآليات
البينات ،ويذكر السلطان ،كما يف قوله جل ثناؤه( :ﯰ ﯱ ﯲ
،]96وقوله تعالى( :ﯰ ﯱ ﯲ [هود: ﯳ ﯴ ﯵ)
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [القصص ،]35 :قال
عكرمة« :ما كان يف القرآن من سلطان فهو :حجة»(((.
ِ
اآليات والحجج التي أ َّيد اهلل هبا رسله وأنبياءه كثيرة ونعلم أن
جدًّ ا ،وأعظم األدلة الدالة على صدقهم هي ما جاؤوا به من الوحي ،ووحي
اهلل ألنبيائه ورسله :إما أن يكون وح ًيا بغير واسطة ،كالرؤيا كقوله
مخربًا عن إبراهيم أنه قال( :ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [الصافات ،]102 :أو أن يسمع الرسول كالم
اهلل مباشرة ولكن من وراء حجاب ،كما يف قوله جل ثناؤه( :ﯹ ﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [الشورى ،]51 :وكما يف تكليم
اهلل لموسى كما يف قوله جل شأنه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [األعراف:
ومنها شهادة اهلل لرسله أهنم على الحق ،وأن ما جاؤوا به هو الحق ،قال اهلل
تعالى( :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ) [النساء ،]166 :وقال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)
[الرعد.]43 :
ومن أعظم آياتهم :الوحي الذي يتنزل عليهم من اهلل ،وأعظم الوحي
هـو القرآن العظيم آية نبينا محمد ﷺ .وهذا الوحي ال يمكن أن يأيت البشر
بمثله؛ ألنه كالم اهلل ووحيه ،ولما فيه من األنباء الغيبية ،ولما فيه من الهدى
والنور والرحمة والحكمة.
ومن آياتهم ابلينات :الرباهين العقلية التي يمد اهلل هبا رسله وأنبياءه من آياهتم
الرباهيــن
،فتبهت الكافر وتزهق باطله كما يف قوله تعالى( :ﭭ ﭮ ﭯ العقليــــة
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ
،]258 [البقرة: ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ)
وقوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه( :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱﯲﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ)
[الشعراء ،]82-77 :وقوله عن موسى أنه قال لفرعون( :ﰏ ﰐ ﰑ
ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ) [طه ،]50 :ومنها قوله تعالى( :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [األنبياء ،]22 :وقوله جل ثناؤه( :ﭗ
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ
219 كتاب الرسل واألنبياء
[الروم.]9 :
وح ْسن أخالقهم وأفعالهم
ومن آياتهم ادلالة ىلع نبوتهم :كمال خصالهمُ ،
وسيرهتم ،وصدق أقوالهم مما يمتنع معه عليهم الكذب ،قال اهلل مخربًا عن
قوم صالح أهنم قالوا( :ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ
ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ) [هود ،]62 :وقال تعالى:
220
(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [هود.]87 :
«و َس َأ ْلت َُكَ ،ه ْل وقال هرقل بعدما سأل أبا سفيان عن نبينا محمد ﷺَ :
ول َما َق َال؟ َف َذك َْر َت َأ ْن لاَ َ ،ف َقدْ َأ ْع ِر ُ
ف َأ َّن ُه ُكنْت ُْم َت َّت ِه ُمو َن ُه بِال َك ِذ ِ
ب َق ْب َل َأ ْن َي ُق َ
َّاسَ ،و َي ْك ِذ َب َع َلى اهَّللِ»(((.
َل ْم َي ُك ْن ل ِ َي َذ َر ال َك ِذ َب َع َلى الن ِ
القـــــرآن ولم يبق من آيات األنبياء شيء عدا القرآن العظيم ،وسنة نبينا محمد ﷺ،
العظيــــم
اآلية الباقية فهما باقيان؛ ألهنما وحي تكفل اهلل بحفظه ،قال المولى عز شـأنه( :ﮗ ﮘ
واحلجــــة ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [الحجر ،]9 :وفيهما أعظم الدالئل والرباهين على
التامـــــة
صدق الرسالة ،وصدق الرسول ﷺ.
ونؤمن أن اهلل يؤيد رسله بما تقتضيه حكمته من اآليات
والرباهين الكونية والشرعية ،فيهدي اهلل من شاء بفضله ،ويضل من شاء
واستكبارا ،قال الحق( :ﭲ
ً بعدله ،ولكن المعاند ال تزيده اآليات إال عنا ًدا
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [اإلسراء ،]41 :وقال الحق جل
شأنه( :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [المائدة،]68 :
قال تعالى( :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
((( أخرجه الترمذي ( ،)2485وابن ماجه ( ،)1334وابن أبي شيبة ( ،)25898وأحمد
( ،)23784وعبد بن حميد (.)496
222
.(((»]59
ونعلم أن اهلل لو أراد لهدى الناس جمي ًعا ،قال تعالى( :ﯧ ﯨ ﯩ
.]93 ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [النحل:
[الحاقة.]46-44 :
بــاب
نبـوة نبينــا محمد ﷺ
ونؤمن أن نبينا محمد بن عبداهلل هو رسول رب العالمين ،وهو خاتم
األنبياء والمرسلين ،قال تعالى( :ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ول ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [األحزابَ .]40 :ع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ أ َّن َر ُس َ
اء ِم ْن َق ْب ِلي ك ََم َث ِل َر ُج ٍل َبنَى َب ْيتًا َف َأ ْح َسنَ ُه اهللِ ﷺ َق َال« :إِ َّن م َث ِلي وم َث َل أْالَ ْنبِي ِ
َ ََ َ
ون بِه َو َي ْع َج ُب َ
ون َل ُه ِ َّاس َي ُطو ُف َ ٍ َو َأ ْج َم َل ُه إِ اَّل َم ْو ِض َع َلبِنَة م ْن ز ِ
ِ ٍ
َاو َيةَ ،ف َج َع َل الن ُ
ون :هلاَّ و ِضع ْ ِ ِ
ين»(((. ت َهذه ال َّلبِنَ ُة َق َال َف َأنَا ال َّلبِنَ ُة َو َأنَا َخات َُم النَّبِ ِّي َ َو َي ُقو ُل َ َ ُ َ
«أنَا َس ِّيدُ َو َل ِد آ َد َم َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِةَ ،و َأ َّو ُل َم ْن وهو سيد ولد آدم ،قال ﷺَ :
َين َْش ُّق َعنْ ُه ا ْل َق ْب ُرَ ،و َأ َّو ُل َشافِ ٍع َو َأ َّو ُل ُم َش َّفع»((( ،وهو خليل رب العالمين،
َّخ ًذا ِم ْن ُأ َّمتِي َخ ِليلاً ،اَلتَّخَ ْذ ُت َأ َبا َب ْكرٍَ ،و َلكِ ْن َأ ِخي ْت مت ِ
قال ﷺَ « :ل ْو ُكن ُ ُ
احبِي»(((. وص ِ
َ َ
ونعلم أنه أويت من اآليات ما لم يؤت مثله أحد من الرسل ،
وأعظم آياته القرآن الكريم ،وأول ما أنزل عليه منه صدر «سورة العلق»،
كما صح بذلك الحديث :عن عائشة أم المؤمنين أهنا قالتَ :أ َّو ُل
ان لاَ َي َرىالصال ِ َح ُة فِي الن َّْو ِمَ ،ف َك َ ِ ما ب ِدئ بِ ِه رس ُ ِ
الو ْح ِي ُّ
الر ْؤ َيا َّ ول اهَّلل ﷺ م َن َ َ ُ َ َ ُ
َان َي ْخ ُلو بِ َغ ِ
ار الخلاَ ُءَ ،وك َ ب إِ َل ْي ِه َ ِ
ُر ْؤ َيا إِ اَّل َجا َء ْت م ْث َل َف َل ِق ُّ
الص ْبحِ ُ ،ث َّم ُح ِّب َ
ات ال َعدَ ِد َق ْب َل َأ ْن َين ِْز َع إِ َلى َأ ْهلِ ِه،يه -و ُهو ال َّتعبدُ -ال َّليالِي َذو ِ ِ ِ ِ ٍ
َ َ َ ح َراء َف َيت ََحنَّ ُث ف َ َ َ ُّ
ِِ ِ ِ ِ
الح ُّق َو ُه َويج َة َف َيت ََز َّو ُد لم ْثلِ َهاَ ،ح َّتى َجا َء ُه َ َو َيت ََز َّو ُد ل َذل َكُ ،ث َّم َي ْر ِج ُع إِ َلى َخد َ
ار ٍئَ ،ق َالَ :ف َأ َخ َذنِي، ار ِح َر ٍاءَ ،ف َجا َء ُه الم َل ُك َف َق َال« :ا ْق َر ْأَ ،ق َالَ :ما َأنَا بِ َق ِ فِي َغ ِ
ار ٍئ، تَ :ما َأنَا بِ َق ِ الج ْهدَ ُ ،ث َّم َأ ْر َس َلنِيَ ،ف َق َال :ا ْق َر ْأُ ،ق ْل ُ ِ
َف َغ َّطني َحتَّى َب َلغَ منِّي َ
ِ
الج ْهدَ ُ ،ث َّم َأ ْر َس َلنِيَ ،ف َق َال :ا ْق َر ْأ، ِ ِ ِ
َف َأ َخ َذنيَ ،ف َغ َّطني ال َّثان َي َة َحتَّى َب َلغَ منِّي َ
ِ
ار ٍئَ ،ف َأ َخ َذنِيَ ،ف َغ َّطنِي ال َّثالِ َثةَُ ،ث َّم َأ ْر َس َلنِيَ ،ف َق َال( :ﭻ ﭼ تَ :ما َأنَا بِ َق ِ َف ُق ْل ُ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [العلقَ ،»]3-1 :ف َر َج َع
ف ُف َؤا ُد ُه((( ،وأنزل عليه بعدها «المدثر» ،فعن جابر ول اهَّللِ ﷺ َي ْر ُج ُ بِ َها َر ُس ُ
ابن عبداهلل أنه سمع رسول اهلل ﷺ يحـدث عن فرتة الوحيَ « :ف َب ْينَا
اءَ ،فإِ َذا الم َل ُ ت بصرِي ِقب َل السم ِ ِ ِ َأنَا َأ ْم ِشي َس ِم ْع ُ
ك َ َّ َ الس َماءَ ،ف َر َف ْع ُ َ َ ت َص ْوتًا م َن َّ
ت ِمنْ ُه ضَ ،ف َجئِ ْث ُ اء َواألَ ْر ِ اعدٌ ع َلى كُر ِسي بين السم ِ
ْ ٍّ َ ْ َ َّ َ َ
اء َق ِ
حر ٍِ ِ
ا َّلذي جا َءني بِ َ
ِ
ت :ز َِّم ُلونِي ز َِّم ُلونِي َفز ََّم ُلونِي»، ْت َأ ْه ِلي َف ُق ْل ُجئ ُ ضَ ،ف ِ ت إِ َلى األَ ْر ِ َحتَّى َه َو ْي ُ
ِِ
اهَّلل َت َعا َلى( :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [المدثر ]2 ،1 :إِ َلى َق ْوله( :ﯚ) َف َأنـ َْز َل ُ
ِ الر ْج ُز :األَ ْو َث ُ
الو ْح ُي َو َتتَا َب َع(((. انُ -ث َّم َحم َي َ [المدثرَ - ]5 :ق َال َأ ُبو َس َل َمةََ :و ِّ
ث ْب َن ِه َشا ٍم ار َالح ِ
وعن عائشة أم المؤمنين َ ،أ َّن َ
الو ْح ُي؟ َف َق َال يك َ ف َي ْأتِ َ ول اهَّللَِ ،ك ْي َ ول اهَّللِ ﷺ َف َق َالَ :يا َر ُس َ َس َأ َل َ ر ُس َ
سَ ،و ُه َو َأ َشدُّ ُه َع َل َّي، الج َر ِ ِ ِ ِ ِ
«أ ْح َيانًا َي ْأتيني م ْث َل َص ْل َص َلة َ ول اهَّللِ ﷺَ : َر ُس ُ
ك َر ُجلاً ، ت َعنْ ُه َما َق َالَ ،و َأ ْح َيانًا َيت ََم َّث ُل لِ َي الم َل ُ َف ُي ْف َص ُم َعنِّيَ ،و َقدْ َو َع ْي ُ
ول»َ ،قا َل ْت َعائِ َش ُة َ :و َل َقدْ َر َأ ْي ُت ُه َين ِْز ُل َع َل ْي ِه َف ُي َك ِّل ُمنِيَ ،ف َأ ِعي َما َي ُق ُ
يد ال َب ْر ِدَ ،ف َي ْف ِص ُم َعنْ ُهَ ،وإِ َّن َجبِينَ ُه َل َي َت َف َّصدُ َع َر ًقا(((.
الش ِد ِ
الو ْح ُي فِي ال َي ْو ِم َّ
َ
وأنه مكث يف مكة ثالثة عشر عا ًما يدعو إلى التوحيد ،وأقام بالمدينة
عشر سنوات يبين شرائع اهلل ،ويدعو إلى دينه ويجاهد يف سبيله حتى توفاه
اهلل عن ثالث وستين سنة ﷺ -بأبي هو وأمي.
اإلسـراء ونعلم أن من أعظم آياته -بعد القرآن العظيم -اإلسراء والمعراج ،قال
واملعـراج
تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [اإلسراء.]1 :
يت بِا ْل ُب َر ِاقَ ،و ُه َو َدا َّب ٌة «أتِ ُ ول اهللِ ﷺ َق َالُ : وعن أنس َ أ َّن َر ُس َ
ون ا ْل َبغ ِْلَ ،ي َض ُع َحافِ َر ُه ِعنْدَ ُمنْت ََهى َط ْرفِ ِهَ ،ق َال: ارَ ،و ُد َ ح َم ِ يل َفو َق ا ْل ِ
َأ ْب َي ُض َط ِو ٌ ْ
سَ ،ق َالَ :ف َر َب ْط ُت ُه بِا ْل َح ْل َق ِة ا َّلتِي َي ْربِ ُط بِ ِه أْالَ ْنبِ َيا ُء، ت ا ْل َم ْق ِد ِ ت َب ْي َ َف َركِ ْب ُت ُه َحتَّى َأ َت ْي ُ
يل ت َف َجا َءنِي ِج ْبرِ ُ ت فِ ِيه َر ْك َع َت ْي ِنُ ،ث َّم َخ َر ْج ُ جدَ َ ،ف َص َّل ْي ُت ا ْل َم ْس ِ َق َالُ :ث َّم َد َخ ْل ُ
يل ﷺ: اخت َْر ُت ال َّل َب َنَ ،ف َق َال ِج ْبرِ ُ َاء ِم ْن َل َب ٍنَ ،ف ْ َاء ِمن َخمرٍ ،وإِن ٍ
ْ ْ َ
بِإِن ٍ
ْت؟ يلَ :م ْن َأن َ يلَ ،ف ِق َ اس َت ْفت ََح ِج ْبرِ ُ ِ
الس َماءَ ،ف ْ
ِ
اخت َْر َت ا ْلف ْط َرةَُ ،ث َّم ُعرِ َج بِنَا إِ َلى َّ ْ
ث إِ َل ْي ِه؟ َق َالَ :قدْ يلَ :و َقدْ ُب ِع َ يلَ :و َم ْن َم َع َك؟ َق َالُ :م َح َّمدٌ ِ ،ق َ يلِ ،ق َ َق َالِ :ج ْبرِ ُ
ب بِيَ ،و َد َعا لِي بِخَ ْيرٍُ ،ث َّم ُعرِ َج بِنَا ب ِع َ ِ ِ
ث إِ َل ْيهَ ،ف ُفت َح َلنَاَ ،فإِ َذا َأنَا بِآ َد َمَ ،ف َر َّح َ ُ
يل، ْت؟ َق َالِ :ج ْبرِ ُ يلَ :م ْن َأن َ يل َ ،ف ِق َ اس َت ْفت ََح ِج ْبرِ ُ ِ ِ ِ
الس َماء ال َّثان َيةَ ،ف ْ إِ َلى َّ
ث إِ َل ْي ِهَ ،ف ُفتِ َح ث إِ َل ْي ِه؟ َق َالَ :قدْ ُب ِع َ يلَ :و َقدْ ُب ِع َ يلَ :و َم ْن َم َع َك؟ َق َالُ :م َح َّمدٌ ِ ،ق َ ِق َ
ات اهلل ِ ِ ِ
يسى ا ْب ِن َم ْر َي َمَ ،و َي ْح َيى ْب ِن َز َكرِ َّيا َءَ ،ص َل َو ُ َلنَاَ ،فإِ َذا َأنَا بِا ْبن َِي ا ْلخَ ا َلة ع َ
ِ ِ ِ ِ
اس َت ْفت ََح الس َماء ال َّثال َثةَ ،ف ْ َع َل ْي ِه َماَ ،ف َر َّح َباَ ،و َد َع َوا لي بِخَ ْيرٍُ ،ث َّم ُعرِ َج بِي إِ َلى َّ
يلَ :و َم ْن َم َع َك؟ َق َالُ :م َح َّمدٌ ﷺ، يلِ ،ق َ ْت؟ َق َالِ :ج ْبرِ ُ يلَ :م ْن َأن َ يلَ ،ف ِق َ ِج ْبرِ ُ
يفَ ،ق َالَ :ف َل ْم َأز َْل اس َأ ْل ُه التَّخْ ِف َ َك اَل يطِي ُق َ ِ
ون َذل َكَ ،ف ْار ِج ْع إِ َلى َر ِّب َكَ ،ف ْ إِ َّن ُأ َّمت َ ُ
وسى َ حتَّى َق َالَ :يا ُم َح َّمدُ ،إِن َُّه َّن َأ ْر ِج ُع َب ْي َن َر ِّبي َ ،و َب ْي َن ُم َ
ون َصلاَ ةً، ات ك َُّل َي ْو ٍم َو َل ْي َل ٍة ،لِك ُِّل َصلاَ ٍة َع ْش ٌرَ ،ف َذلِ َك َخ ْم ُس َ َخمس ص َلو ٍ
ْ ُ َ َ
ت َل ُه َع ْش ًرا، ت َل ُه َح َسنَةًَ ،فإِ ْن َع ِم َل َها كُتِ َب ْ َو َم ْن َه َّم بِ َح َسن ٍَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها كُتِ َب ْ
ت سي َئ ًة و ِ ِ ِ ٍ
احدَ ةً، َب َش ْيئًاَ ،فإِ ْن َعم َل َها كُت َب ْ َ ِّ َ َو َم ْن َه َّم بِ َس ِّيئَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها َل ْم ُت ْكت ْ
وسى ﷺَ ،ف َأ ْخ َب ْر ُت ُهَ ،ف َق َالْ :ار ِج ْع إِ َلى َر ِّب َك ت إِ َلى ُم َ ت َحتَّى ا ْنت ََه ْي ُ َق َالَ :فنَ َز ْل ُ
ت إِ َلى َر ِّبي َحتَّى تَ :قدْ َر َج ْع ُ ول اهللِ ﷺَ « :ف ُق ْل ُ يف»َ ،ف َق َال َر ُس ُ اس َأ ْل ُه التَّخْ ِف ََف ْ
ت ِمنْ ُه»(((. ْاست َْح َي ْي ُ
انشقاق ومن آياته ﷺ :انشقاق القمر ،قال ( :ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ) [القمر ،]1 :وعن ابن مسعود قال :ان َْش َّق ال َق َم ُر َع َلى َع ْه ِد
القمــر
ول اهَّللِ ﷺ: الج َبلَِ ،وفِ ْر َق ًة ُدو َن ُهَ ،ف َق َال َر ُس ُ ِ ِ رس ِ ِ
ول اهَّلل ﷺ ف ْر َق َت ْي ِن :ف ْر َق ًة َف ْو َق َ َ ُ
ْ
«اش َهدُ وا»(((.
ت: اء بِ ِس ٍّت ع َلى أْالَ ْنبِي ِ
َ بخصائص كثيرة ،كقوله ﷺُ « :ف ِّض ْل ُ َ
ٍ
َ وخصه اهللَّ
ت لِ َي ت لِ َي ا ْل َغنَائِ ُمَ ،و ُج ِع َل ْ بَ ،و ُأ ِح َّل ْ ِ ِ ِ
يت َج َوام َع ا ْلكَلمَِ ،ونُص ْر ُت بِ ُّ
الر ْع ِ ُأ ْعطِ ُ
ون»(((، ت إِ َلى ا ْلخَ ْل ِق كَا َّفةًَ ،و ُختِ َم بِ َي النَّبِ ُّي َ جدً اَ ،و ُأ ْر ِس ْل ُ
ورا َو َم ْس ِ
أْالَ ْر ُض َط ُه ً
وهذه الخصائص ذكرها العلماء يف ثنايا مصنفاهتم تارة ،وتارة يفردون لها
مصنفات مستقلةً. ٍ
ونؤمن أنه يجب على كل مؤمن ومؤمنة اإليمان به ،وتصديقه فيما أخرب،
وقد قرن اهلل تعالى ذكر نبينا محمد ﷺ بذكره سبحانه يف الشهادتين
ويف األذان ،وقد استفاض ذكره ﷺ يف الكتب اإللهية السابقة .ويف القرآن
ِ
المصنفات المتنوع َة يف سنته ،وسيرته، العظيم ،وصنَّف أئمة اإلسالم
وشمائله ،وأخالقه ،وغزواته ،ونكتفي هنا بما يتوجب اعتقاده بشأن
نبوته ﷺ.
عياض « :إذا كانت خصال الكمال والجالل
ٌ قال القاضي
ما ذكرناه ،ورأينا الواحد منَّا يتشرف بواحدة منها ،أو اثنتين إن اتفقت له يف
كل عصر :إما من نسب ،أو جمال ،أو قوة ،أو حلم ،أو شجاعة ،أو سماحة،
حتى يعظم قدره ،ويضرب باسمه األمثال ،ويتقرر له بالوصف بذلك يف
القلوب أ َث َر ٌة عظيمة ،وهو منذ عصور خوالِ ،ر َمم بوال ،فما ظنك بِ َعظِ ِ
يم
َقدْ ِر َم ِن اجتمعت فيه ُّ
كل هذه الخصال ،إلى ما ال يأخذه عدّ ،وال يعرب عنه
مقال ،وال ينال بكسب ،وال حيلة ،إال بتخصيص الكبير المتعال ،من فضيلة
النبوة ،والرسالة ،والخلة ،والمحبة ،واالصطفاء ،واإلسراء ،والرؤية(((،
والقرب ،والدنو ،والوحي ،والشفاعة ،والوسيلة ،والفضيلة ،والدرجة
الرفيعة ،والمقام المحمود ،والرباق ،والمعراج ،والبعث إلى األحمر
واألسود ،والصالة باألنبياء ،والشهادة بين األنبياء واألمم ،وسيادة ولد
آدم ،ولواء الحمد ،والبشارة ،والنذارة ،والمكانة عند ذي العرش ،والطاعة
والس ْؤل،
ُّ ثم ،واألمانة ،والهداية ،ورحمة للعالمين ،وإعطاء الرضى ّ
والكوثر ،وسماع القول ،وإتمام النعمة ،والعفو عما تقدم وما تأخر ،وشرح
الصدر ،ووضع ِ
اإل ْص ِر ،ورفع ِّ
الذكْر ،وعزة النصر ،ونزول السكينة ،والتأييد
((( رؤية النبي ﷺ ليلة أسري به ُم ْختلف فيها ،والصحيح أن رسولنا ﷺ لم ير ربه ليلة
اإلسراء.
230
بــاب
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [األحقاف.]32 -29 :
وأخذ اهلل الميثاق على جميع األنبياء والمرسلين لئن ُب ِع َث أخــذ اهلل
امليثاق عـىل
محمد ﷺ -وهم أحياء -ليؤمن َّن به ،قال المولى عز شأنه( :ﮛ ﮜ النبييــــن
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ
ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [آل عمران .]81 :قال علي
اهَّلل َ نبِ ًّيا ،آ َد َم َف َم ْن َب ْعدَ ُه إِ اَّل َأ َخ َذ ِ
ابن أبي طالب َ « :ل ْم َي ْب َعث ُ
-و ُه َو َح ٌّيَ -ل ُي ْؤمِنَ َّن بِ ِهَ ،و َل َين ُْص َر َّن ُهَ ،و َي ْأ ُم ُر ُه، ٍ ِ ِ ِ ِ
َع َل ْيه ا ْل َع ْهدَ في ُم َح َّمدَ :لئ ْن ُبع َث َ
َف َي ْأ ُخ ُذ ا ْل َع ْهدَ َع َلى َق ْومِ ِهَ ،ف َق َال( :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣ ﮤ) الآْ َي َة [آل عمران.(((»]81 :
يسى َق ْو َم ُهَ ،و ُرؤْ َيا ُأ ِّمي ا َّلتِي ِ
يمَ ،وبِ َش َار ُة ع َ
ِ
وقال ﷺَ « :د ْع َو ُة أبي إِ ْب َراه َ
ِ
الشامِ»((( ،وقوله ﷺ« :أنا دعوة ور َّ ُور َأ َضا َء ْت َل ُه ُق ُص ُ
َر َأ ْت َأ َّن ُه َخ َر َج من َْها ن ٌ
أبي إبراهيم» يقصد هبا ما أخربنا به المولى عز شأنه من دعاء إبراهيم الخليل
وهو قوله( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة.]129 :
ونؤمن أن األنبياء بشرت به ﷺ أقوامها ،ووردت صفاته ﷺ وصفات األنبيــاء
بشـــرت
أصحابه يف التوراة واإلنجيل ،قال الحق ( :ﭑ بنبينا حممد
ﷺ
(( ( أخرجه الطبري في التفسير (.)540 /5
((( أخرجه أحمد ( ،)17163وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (،)261
وابن أبي عاصم في السنة ( ،)418وعبدالله بن أحمد في السنة ( ،)865وابن حبان
( ،)6404والطبراني في مسند الشاميين (.)1455
233 كتاب الرسل واألنبياء
ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ
ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ) [الفتح ،]29 :وقال المولى عز شأنه( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)
ان ،إِ َلى اح َبا ن َْج َر َ َعن ح َذي َف َة َ ق َال :جاء العاقِب والسيدُ ،ص ِ
َ َ َ َ ُ َ َّ ِّ ْ ُ ْ
احبِ ِه :لاَ َت ْف َع ْل، ان َأ ْن يلاَ ِعنَاهَ ،ق َالَ :ف َق َال َأحدُ ُهما لِص ِ ول اهَّللِ ﷺ ي ِريدَ ِ رس ِ
َ َ َ ُ ُ ُ َ ُ
يك َف َو اهَّللِ َلئِ ْن ك َ
َان َنبِ ًّيا َفلاَ َعنَّا لاَ ُن ْفلِ ُح ن َْح ُنَ ،ولاَ َع ِق ُبنَا مِ ْن َب ْع ِدنَاَ ،قالاَ :إِنَّاُ ن ْعطِ َ
َما َس َأ ْل َتنَاَ ،وا ْب َع ْث َم َعنَا َر ُجلاً َأمِينًاَ ،ولاَ َت ْب َع ْث َم َعنَا إِ اَّل َأمِينًاَ .ف َق َال :لأَ َ ْب َع َث َّن
ول اهَّللِ ﷺ َف َق َال: اب رس ِ
ف َل ُه َأ ْص َح ُ َ ُ است َْش َر َ َم َع ُك ْم َر ُجلاً َأمِينًا َح َّق َأمِ ٍ
ينَ ،ف ْ
ين َه ِذ ِه ِ « ُقم يا َأبا عبيدَ َة بن الجراحِ »َ ،ف َلما َقامَ ،ق َال رس ُ ِ
«ه َذا َأم ُ ول اهَّلل ﷺَ : َ ُ َّ َ ْ َ َ ُ َ ْ ْ َ َ َّ
األُ َّم ِة»(((.
(( ( أخرجه أبو داود ( ،)3205وابن أبي شيبة ( ،)37795وعبد بن حميد ( ،)550وابن
أبي عاصم في اآلحاد والمثاني ( ،)366والروياني ( ،)502والحاكم (.)3268
((( أخرجه البخاري ( ،)2941وأبو داود (.)5136
((( أخرجه البخاري ( ،)4380ومسلم ( ،)2420والترمذي ( ،)3796وابن ماجه
(.)135
235 كتاب الرسل واألنبياء
ونؤمن أن اهلل زوى لنبينا ﷺ األرض ،فرأى منها ما سيبلغه ملك أمته
ار َق َها َو َمغ ِ
َار َب َهاَ ،وإِ َّن منها ،قال ﷺ« :إِ َّن اهللَ ز ََوى لِي أْالَ ْر َضَ ،ف َر َأ ْي ُ
ت َم َش ِ
ي لِي ِمن َْها»(((. ِ
ُأ َّمتي َس َي ْب ُلغُ ُم ْلك َُها َما ز ُِو َ
ومن أدلة عموم رسالته ﷺ إسالم كثير من أحبار اليهود ورهبان
النصارى ،بل اآلالف المؤلفة من أهل الكتاب.
وأيضا :فقد غزا ﷺ الروم ،وأمر أصحابه بجهاد الفرس والروم من
ً
بعده.
بــاب
مقاالت ُخصوِم الرساالت والرسل
ِ
قال اهلل تعالى( :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ)
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ
ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ
ﯼ ﯽ) [اإلسراء.]95-90 :
وتارة يطالبون النبي بأن يأتيهم بما يعدهم به من العذاب ،قال تعالى: استعجال
العــذاب
(ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ) [األعراف ،]70 :وقال عز شأنه( :ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)
[األعراف.]77 :
وتارة يتّهمون الرسول بالضاللة أو السفاهة ،كما يف قولهم الذي قصه
اهلل علينا يف قوله الحكيـم( :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [األعراف.]66 :
وتارة يصدون عن سـبيل اهلل ،ويقولون ألتباعهم :ال تسمعوا لهذا الصد عن
سبيـل اهلل
القرآن ،وا ْل َغ ْوا فيه ،كما أخرب اهلل عنهم؛ قال تعالى( :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [فصلت.]26 :
وتارة يقابلون الرسول بالتكذيب ،كما أخرب اهلل تعالى أهنم قالوا( :ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ) ،أو يتهمون الرسول ﷺ بأن الذي يعلمه بشر
وليس الذي يأتيه وح ًيا من اهلل ،قال المولى عز شأنه( :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ) [النحل.]103 :
وقد ينصرفون عن الرسول؛ ألن الذين اتبعوه هم الضعفاء ،كما يف قوله
تعالى مخربًا عن قوم نوح( :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
239 كتاب الرسل واألنبياء
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [هود ،]27 :وقال هرقل ألبي
َّاس َي َّتبِ ُعو َن ُه َأ ْم ُض َع َف ُ
اؤ ُه ْم؟ َف َز َع ْم َت َأ َّن اف الن ِ «و َس َأ ْلت َُكَ :أ ْش َر ُ سفيانَ :
الر ُسلِ»(((. ُض َع َفا َء ُه ُم ا َّت َب ُعو ُهَ ،و ُه ْم َأ ْت َب ُ
اع ُّ
وتارة يسخرون ،ويستهزئون من الرسل كما يف قوله تعالى( :ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [التوبة ،]65 :وكما يف قوله تعالى:
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
.]38وتارة يخادعون الرسول، [هود: ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ)
ويطمعون يف مداهنته لهم أو الركون إليهم ،كما يف قوله تعالى( :ﯗ ﯘ
ﯙ ﯚ) [القلم .]9 :وقوله ( :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [اإلسراء.]74 :
وتارة يتطاولون على النبي بالتعيير كما قال فرعون لموسى :
(ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الزخرف.]52 :
وقول أبي سفيان -وهو يف الشام -عن نبينا محمد ﷺَ « :ف ُق ْل ُت لأِ َ ْص َحابِي
ِحي َن َخ َر ْجنَاَ :ل َقدْ َأمِ َر َأ ْم ُر «ا ْب ِن أبي َك ْب َشةَ» ،إِ َّن ُه َل َي َخا ُف ُه َملِ ُك َبنِي األَ ْص َف ِر»(((.
التهديـــد النبي باإلخراج من األرض ،كما قال اهلل تعالى يف قوم
وتارة يهدد المأل َّ
باإلخـراج
من األرض شعيب( :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [األعراف.]88 :
وقال الحق جـل شأنه( :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ملخص الكتاب
ونؤمن باليوم اآلخر ،وأنه ركن من أركان اإليمان الستة ،وسمي باليوم
أيضا -أسماء كثيرة ومن
اآلخر؛ ألنه آخر أيام الدنيا ،فليس بعده يوم ،وله ً -
أسمائه :يوم القيامة ،ويوم البعث ،ويوم الحساب ،ويوم الدين ،والطامة،
والحاقة ،والواقعة ،والصاخة ،والغاشية ،وقد ذكر اهلل اليوم اآلخر يف
ٍ
كثيرة من كتابه الكريم. مواط َن
ومن اإليمان باليوم اآلخر :اإليمان بعالماته -أي :عالمات الساعة-
وأيضا :اإليمان بما يحصل بعد الموت ،وسنبدأ بالكالم على عالمات ً
الساعة ،ثم ما يحصل بعد الموت؛ لكوهنا تقع قبل اليوم اآلخر.
فعالمات الساعة :هي العالمات الدالة على قرب اليوم اآلخر ،وهي من عالمـات
الســاعة
الغيب الذي أمرنا باإليمان به.
بــاب
دالئل اإليمان باليوم اآلخر
ونؤمن بايلـوم اآلخر ،وهو ركن من أركان اإليمان السـتة المذكورة يف من أدلة
البعــث
قوله تعالى( :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة ،]177 :ويف قوله جل ثناؤه( :ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀﰁ
ﰋ) ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ
[النساء.]162 :
ول اهللِ ﷺ َي ْو ًما َان َر ُس ُ
ودل عليه حديث أبي ُه َر ْي َر َة ،أنه َق َال :ك َ
«أ ْن ت ُْؤ ِم َن
ان؟ َق َالَ : ِ ِ ار ًزا لِلن ِ َب ِ
يم َُّاسَ ،ف َأ َتا ُه َر ُج ٌلَ ،ف َق َالَ :يا َر ُسول اهللَ ،ما الإْ َ
ث آْال ِخرِ»(((. بِاهللِ ،وملاَ ئِكَتِ ِه ،وكِتَابِ ِه ،ولِ َقائِ ِه ،ورس ِل ِه ،وت ُْؤ ِمن بِا ْلبع ِ
َ َْ َ َُ ُ َ َ ََ
ودلت عليه دالئل العقل ،كما يف قوله تعالى( :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ) [يس ،]79 ،78 :ويف قوله عز شأنه( :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
،]5وقول ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [الحج:
بــاب
في اإليمان بأشراط الساعة
ومن اإليمان بايلوم اآلخر :اإليمان بعالماته -أي عالمات الساعة -
وهي العالمات الدالة على قرب اليوم اآلخر ،كما قال ( :ﯸ
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [محمد ،]18 :وهي من الغيب
الذي أمرنا باإليمان به.
ومن عالمات الساعة ما ظهر وانتىه ،وهي كثيرة جدًّ ا ،فمن ذلك قوله مـــــــن
احدَ ةٌ، ُون بينَهما م ْق َت َل ٌة عظِيمةٌ ،دعوتُهما و ِ يمت ِ حتَّى َت ْقتَتِ َل فِ َئت ِ ِ
َ َ ََْ ُ َ َ َانَ ،يك ُ َ ْ ُ َ َ َان َعظ َ َ
ول اهَّللِ، ينُ ،ك ُّل ُه ْم َي ْز ُع ُم َأ َّن ُه َر ُس ُ ِ
يب م ْن َثلاَ ث َ
ونَ ،قرِ ِ
ٌ ون ك ََّذا ُب َ ث َد َّجا ُل َ َو َحتَّى ُي ْب َع َ
ان ،و َت ْظهر ِ ِ
الفت َُنَ ،و َي ْك ُث َر َو َحتَّى ُي ْق َب َض الع ْل ُمَ ،و َت ْك ُث َر الز اََّل ِز ُلَ ،و َي َت َق َار َب الز ََّم ُ َ َ َ
ِ
المال يض َحتَّى ُي ِه َّم َر َّب المالَ ،ف َي ِف َ
اله ْر ُجَ ،و ُه َو :ال َقت ُْلَ ،و َحتَّى َي ْك ُث َر فِيك ُُم ُ َ
ول ا َّل ِذي َي ْعرِ ُض ُه َع َل ْي ِه :اَل َأ َر َب لِي َم ْن َي ْق َب ُل َصدَ َق َت ُهَ ،و َحتَّى َي ْعرِ َض ُه َع َل ْي ِهَ ،ف َي ُق َ
ان.(((»... َّاس فِي ال ُبنْ َي ِ بِهَ ،و َحتَّى َي َت َط َاو َل الن ُ
ِ
مستمرا ،ومن ذلك ًّ ومن عالمات الساعة ما وقع ،لكنه لم ينته ،وال يزال
السا َع ِة فِ َتنًاوقوع الفتن يف األمة ،وهي كثيرة ،قال ﷺ« :إِ َّن َب ْي َن َيدَ ِي َّ
(((
الر ُج ُل فِ َيها ُم ْؤ ِمنًا َو ُي ْم ِسي كَافِ ًراَ ،و ُي ْم ِسي ُم ْؤ ِمنًا ِ
كَق َط ِع ال َّل ْي ِل ا ْل ُم ْظلمُِ ،ي ْصبِ ُح َّ
ِ
اعي، اشي فِيها َخير ِمن الس ِ اعدُ فِيها َخير ِمن ا ْل َقائِمِ ،وا ْلم ِ ويصبِح كَافِرا ،ا ْل َق ِ
َ ْ ٌ َ َّ َ َ َ ٌْ َ ً َُ ْ ُ
ح َج َار ِةَ ،فإِ ْن ُد ِخ َل اضرِبوا سيو َفكُم بِا ْل ِ
ْ َارك ُْمَ ،و ْ ُ ُ ُ
ِِ
َفك َِّس ُروا قس َّيك ُْمَ ،و َق ِّط ُعوا َأ ْوت َ
َ -ي ْعنِيَ -ع َلى َأ َح ٍد ِمنْك ُْمَ ،ف ْل َيك ُْن كَخَ ْيرِ ا ْبن َْي آ َد َم»(((.
السا َع ِة فِت ٌَن ك َِق َط ِع ال َّل ْي ِل الم ْظ ِلمُِ ،ي ْصبِ ُح ُون َب ْي َن َيدَ ِي َّ وقال ﷺَ « :تك ُ
يع َأ ْق َوا ٌم ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الر ُج ُل ف َيها ُم ْؤمنًا َو ُي ْمسي كَاف ًراَ ،و ُي ْمسي ُم ْؤمنًا َو ُي ْصبِ ُح كَاف ًراَ ،يبِ ُ َّ
ض ِم َن الدُّ ْن َيا»(((. ِدين َُه ْم بِ َع َر ٍ
يب ِم ْن ون َقرِ ٌ ون ك ََّذا ُب َ ث َد َّجا ُل َ السا َع ُة َحتَّى ُي ْب َع َ «ل َت ُقو ُم َّ وقال ﷺ :اَ
ول اهللِ»(((. ينُ ،ك ُّل ُه ْم َي ْز ُع ُم َأ َّن ُه َر ُس ُ ِ
َثلاَ ث َ
ث ال َق ْو َمَ ،جا َء ُه س ُي َحدِّ ُ وقال أبو هريرة َ :ب ْين ََما النَّبِي ﷺ فِي َم ْجلِ ٍ
ُّ
ِ
ثَ ،ف َق َال َب ْع ُض ول اهَّلل ﷺ ُي َحدِّ ُ السا َعةُ؟ َف َم َضى َر ُس ُ َأ ْع َرابِ ٌّيَ ،ف َق َالَ :متَى َّ
ال َق ْو ِمَ :س ِم َع َما َق َالَ ،ف َك ِر َه َما َق َالَ .و َق َال َب ْع ُض ُه ْمَ :ب ْل َل ْم َي ْس َم ْعَ ،حتَّى إِ َذا
ول السا َع ِة؟»َ ،ق َالَ :ها َأنَاَ ،يا َر ُس َ السائ ُل َع ِن َّ
ِ
«أ ْي َن ُ -أ َرا ُهَّ - َق َضى َح ِدي َث ُه َق َالَ :
ف إِ َضا َعت َُها؟ َق َال: ِ ِ ِ
السا َعةَ»َ ،ق َالَ :ك ْي َ اهَّللَ ،ق َالَ « :فإِ َذا ُض ِّي َعت األَ َما َن ُة َفا ْنتَظرِ َّ
في الصحيحين أحاديث كثيرة في الفتن ،لكنها ليست صريحة في أن الفتن من أشراط (((
الساعة؛ لهذا ذكرنا الحديثين اآلتيين من السنن؛ ألن فيهما التصريح بذلك.
أخرجه أبو داود ( ،)4259والترمذي ( ،)2204وابن ماجه ( ،)3961وابن أبي شيبة (((
( ،)30978وأحمد ( ،)19662والروياني (.)585
أخرجـه الترمذي ( ،)2197وابن أبي شيبة في المصنف ( )31053وفي اإليمان (((
( ،)64والفريابي في صفة النفاق وذم المنافقين (.)97
أخرجه البخاري ( ،)7121ومسلم ( ،)157والترمذي (.)2218 (((
248
ِ ِِ
«إِ َذا ُو ِّسدَ األَ ْمرُ إِ َلى َغ ْيرِ َأ ْهله َفا ْنتَظرِ َّ
السا َعةَ»(((.
الج ْه ُل، اط الساع ِةَ :أ ْن ير َفع ِ
الع ْل ُمَ ،و َي ْث ُب َ وقال ﷺ« :إِ َّن ِمن َأ ْشر ِ
ت َ ُْ َ َّ َ ْ َ
َو ُي ْش َر َب الخَ ْم ُرَ ،و َي ْظ َه َر ال ِّزنَا»(((.
الج ْه ُلَ ،و ُي ْر َف ُع فِ َيها ِ ِ
وقال ﷺ« :إِ َّن َب ْي َن َيدَ ِي َّ
السا َعة أَلَ َّي ًاماَ ،ين ِْز ُل ف َيها َ
ِ ِ
الع ْل ُمَ ،و َي ْك ُث ُر ف َيها َ
اله ْر ُج»(((.
ً
ومن عالمات الساعة ما لم يقع بعد ،وإنما يقع بني يدي الساعة قريبا األرشاط
الكبــرى
منها ،ومنها :نزول المسيح عيسى ابن مريم ،Sقال تعالى( :ﮠ للساعــة
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [النساء:
بــاب في
اإليمان بما يكون بعد الـموت
ونؤمن أن من اإليمان باليوم اآلخر :اإليمان بأن كل شيء هالك إال
(ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [القصص: وجهه ،كما قال تعالى:
،]88وقال المولى عز شأنه( :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ) [الرحمن ،]27 ،26 :وأن ملك الموت يقبض األرواح ،قال الحق
(ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) جل يف عاله:
[السجدة.]11 :
ونؤمن بما يحصل بعد الموت ،من سؤال الميت ،وعذاب القرب ونعيمه، فتنة القرب
وعذابــه
كما يف قوله تعالى( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ونعيمـــه
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [غافر ،]46 :وقوله تعالى( :ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [التوبة ،]101 :وقوله تعالى( :ﮯ ﮰ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ
ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [األنفال،50 :
ت فِي َع َذ ِ
اب ا ْل َق ْبرَِ ،ف ُي َق ُال ﭰ ﭱ ﭲ) [إبراهيمَ ]27 :ق َالَ « :ن َز َل ْ
ك َق ْو ُل ُه : ولَ :ر ِّب َي اهللَُ ،و َنبِ ِّيي ُم َح َّمدٌ ﷺَ ،ف َذلِ َ
ك؟ َف َي ُق ُ
َل ُهَ :م ْن َر ُّب َ
(ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ)
[إبراهيم.(((»]27 :
ول اهللِ ﷺ ك َ
َان ُي َع ِّل ُم ُه ْم َه َذا الدُّ َعا َء وعن ابن عباس َ :أ َّن َر ُس َ
اب ك ِم ْن َع َذ ِ الله َّم إِنَّا َن ُعو ُذ بِ َ
ولُ « :قو ُلواُ : آنَ ،ي ُق ُ كَما يع ِّلمهم السور َة مِن ا ْل ُقر ِ
َ ُ َ ُ ُ ُ ُّ َ َ ْ
ال، ك ِم ْن فِ ْتن َِة ا ْلم ِسيحِ الدَّ َّج ِ اب ا ْل َق ْبرَِ ،و َأ ُعو ُذ بِ َك ِم ْن َع َذ ِ َج َهن ََّمَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
َ
ك ِمن فِ ْتن َِة ا ْلمحيا وا ْلمم ِ
ات»(((. َ ْ َ َ َ َ َو َأ ُعو ُذ بِ َ ْ
انض ِحي َط ِ وعن ابن عباس قالَ :خ َر َج النَّبِي ﷺ مِ ْن َب ْع ِ
ُّ
ِ
«ي َع َّذ َبانَ ،و َما
وره َماَ ،ف َق َالُ :
ِ ان فِي ُق ُب ِ الم ِدين َِةَ ،فس ِمع صو َت إِنْسا َني ِن يع َّذب ِ
َ ْ َُ َ َ َ َ ْ َ
اآلخ ُر
َان َ َان َأ َحدُ ُه َما اَل َي ْستَتِ ُر ِم َن ال َب ْو ِلَ ،وك َ ان فِي َكبِيرٍَ ،وإِ َّن ُه َل َكبِ ٌير ،ك َي َع َّذ َب ِ
ُ
يم ِة»ُ ،ث َّم َد َعا بِ َج ِريدَ ٍةَ ،ف َك َس َر َها بِكِ ْس َر َت ْي ِن َأ ْو ثِنْ َت ْي ِنَ ،ف َج َع َل كِ ْس َر ًة ِ
َي ْمشي بِالنَّم َ
ِ
ف َعن ُْه َما َما َل ْم َي ْي َب َسا»(((. فِي َق ْب ِر َه َذاَ ،وكِ ْس َر ًة فِي َق ْب ِر َه َذاَ ،ف َق َالَ « :ل َع َّل ُه ُيخَ َّف ُ
وعن أبي سعيد قال :حدثني زيد بن ثابت قالَ :ب ْين ََما النَّبِ ُّي
ارَ ،ع َلى َب ْغ َل ٍة َل ُهَ ،ون َْح ُن َم َع ُه ،إِ ْذ َحا َد ْت بِ ِهَ ،ف َكا َد ْت
ط ل ِ َبنِي الن ََّّج ِ ﷺ فِي حائِ ٍ
َ
ول ا ْل ُج َر ْي ِر ُّي- يهَ ،وإِ َذا َأ ْق ُب ٌر ِس َّت ٌة َأ ْو َخ ْم َس ٌة َأ ْو َأ ْر َب َع ٌة َ -ق َال :ك ََذا ك َ
َان َي ُق ُ ُت ْل ِق ِ
ات اب َه ِذ ِه أْالَ ْق ُبرِ؟» َف َق َال َر ُج ٌلَ :أنَاَ ،ق َالَ « :ف َمتَى َم َ ف َأ ْص َح َ «م ْن َي ْعرِ ُ َف َق َالَ :
ور َها، اكَ ،ف َق َال« :إِ َّن َه ِذ ِه أْالُ َّم َة ُت ْب َت َلى فِي ُق ُب ِ ه ُؤ اَل ِء؟» َق َال :ما ُتوا فِي الإْ ِ ْشر ِ
َ َ َ
اب ا ْل َق ْبرِ ا َّل ِذي َأ ْس َم ُع َف َل ْو اَل َأ ْن اَل تَدَ ا َفنُواَ ،لدَ َع ْو ُت اهللَ َأ ْن ُي ْس ِم َعك ُْم ِم ْن َع َذ ِ
َّار»َ ،قا ُلوا: اب الن ِ ِمنْ ُه»ُ .ث َّم َأ ْق َب َل َع َل ْينَا بِ َو ْج ِه ِهَ ،ف َق َالَ « :ت َع َّو ُذوا بِاهلل ِ ِم ْن َع َذ ِ
اب ا ْل َق ْبرِ»َ ،قا ُلواَ :ن ُعو ُذ َّارَ ،ف َق َالَ « :ت َع َّو ُذوا بِاهلل ِ ِم ْن َع َذ ِ اب الن ِ َن ُعو ُذ بِاهللِ مِ ْن َع َذ ِ
اب ا ْل َق ْب ِرَ ،ق َالَ « :ت َع َّو ُذوا بِاهلل ِ ِم َن ا ْل ِفت َِنَ ،ما َظ َه َر ِمن َْها َو َما َب َط َن»، بِاهللِ مِ ْن َع َذ ِ
َقا ُلواَ :ن ُعو ُذ بِاهللِ مِ َن ا ْل ِفت َِن َما َظ َه َر مِن َْها َو َما َب َط َنَ ،ق َالَ « :ت َع َّو ُذوا بِاهلل ِ ِم ْن فِ ْتن َِة
ال(((. ال»َ .قا ُلواَ :ن ُعو ُذ بِاهللِ مِ ْن فِ ْتن َِة الدَّ َّج ِ الدَّ َّج ِ
الش ْم ُس- ت َّ وعن أبى أيوب قالَ :خرج النَّبِي ﷺ -و َقدْ وجب ِ
َ َ ََ ُّ َ َ
ور َها»(((. «ي ُهو ُد ُت َع َّذ ُب فِي ُق ُب ِ ِ
َف َسم َع َص ْو ًتاَ ،ف َق َالَ :
ان مِن ُعج ِز يه ِ
ود وز ِ وعن عائشة قالتَ :د َخ َل ْت َع َل َّي َع ُج َ
ْ ُ َُ
ور ِه ْمَ ،ف َك َّذ ْبت ُُه َماَ ،و َل ْم ُأن ِْع ْم
ون فِي ُق ُب ِ ور ُي َع َّذ ُب َالمدين َِةَ ،ف َقا َلتَا لِي :إِ َّن َأ ْه َل ال ُق ُب ِ
ِ
ول اهَّللِ ،إِ َّن َأ ْن ُأ َصدِّ َق ُه َماَ ،ف َخ َر َجتَاَ ،و َد َخ َل َع َلي النَّبِي ﷺَ ،ف ُق ْل ُت َل ُهَ :يا َر ُس َ
ُّ َّ
ون ع َذابا تَسمعه البهائمِ
«صدَ َقتَا ،إِن َُّه ْم ُي َع َّذ ُب َ َ ً ْ َ ُ ُ َ َ ُ وز ْي ِنَ ،و َذك َْر ُت َل ُهَ ،ف َق َالَ : َع ُج َ
اب ال َق ْب ِر(((.ُك ُّل َها»َ ،ف َما َر َأ ْي ُت ُه َب ْعدُ فِي َصلاَ ٍة إِلاَّ َت َع َّو َذ مِ ْن َع َذ ِ
ولَ :أ ْش َهدُ َأ َّن ُه الم ْؤ ِم ُنَ ،ف َي ُق ُ ٍ ِ
الر ُج ِل ل ُم َح َّمد ﷺَ ،ف َأ َّما ُ ول في َه َذا َّ
ْت َت ُق ُ ِ َما ُكن َ
ك اهَّللُ بِ ِه َم ْق َعدً ا َع ْبدُ اهَّلل ِ َو َر ُسو ُل ُهَ ،ف ُي َق ُال َل ُه :ا ْن ُظ ْر إِ َلى َم ْق َع ِد َك ِم َن الن ِ
َّار َقدْ َأ ْبدَ َل َ
ْت المنَافِ ُق َوالكَافِ ُر َف ُي َق ُال َل ُهَ :ما ُكن َ «و َأ َّما ُ
ِ
الجنَّةَ ،ف َي َر ُاه َما َجمي ًعا»َ ،ق َالَ :
ِ
م َن َ
ِ
َّاسَ ،ف ُي َق ُال :اَل ْت َأ ُق ُ
ول َما َي ُق ُ ول :اَل َأ ْد ِريُ ،كن ُ الر ُج ِل؟ َف َي ُق ُ َت ُق ُ ِ
ول الن ُ ول في َه َذا َّ
ِ ِ ٍ ت ،وي ْضرب بِم َط ِ ِ
يح َص ْي َح ًة َي ْس َم ُع َها ار َق م ْن َحديد َض ْر َبةًَ ،ف َيص ُ ت َو اَل َت َل ْي َ َ ُ َ ُ َ َد َر ْي َ
َم ْن َي ِل ِيه َغ ْي َر ال َّث َق َل ْي ِن»(((.
بــاب
في اإليمان بالبعث وما بعده
الم َل َك فينفخ
ونؤمن أن اهلل إذا أذن بزوال هذه الدنيا وانقضائها ،أمر اهلل َ النفخة
األوىل
يف الصور ،فيصعق كل من يف السموات ومن يف األرض إال من شاء اهلل،
قال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الزمر ،]68 :وقال ﷺ...« :
ورَ ،فلاَ َي ْس َم ُع ُه َأ َحدٌ إِ اَّل َأ ْصغَى لِيتًاَ ،و َر َف َع لِيتًا(((َ ،ق َالَ :و َأ َّو ُل الص ِ ِ
ُث َّم ُينْ َف ُخ في ُّ
ِِ
َّاس.(((».... وط َح ْو َض إِبِلهَ ،ق َالَ :ف َي ْص َع ُقَ ،و َي ْص َع ُق الن ُ َم ْن َي ْس َم ُع ُه َر ُج ٌل َي ُل ُ
(( ( و«رفع ليتًا» ،أي أمال صفحة عنقه إليه .النهاية في غريب الحديث (.)33 /3
((( أخرجه مسلم (.)2940
255 كتاب اليوم اآلخر
ِ
النفخة مطرا تنبت منه أجساد الخلق ،كما قال ﷺُ ...« :ث َّم ُي ْرس ُل اهللُ ثم ُينزل اهلل ً
الثانيـة
ت الش ُّ
اكَ -ف َتنْ ُب ُ َ -أ ْو َق َالُ :ين ِْز ُل اهللَُ -م َط ًرا ك ََأ َّن ُه ال َّط ُّل َ -أ ِو :ال ِّظ ُّل ُ -ن ْع َم ُ
ان((( َّ
ون.(((»... َّاسُ ،ث َّم ُينْ َف ُخ فِ ِيه ُأ ْخ َرىَ ،فإِ َذا ُه ْم ِق َيا ٌم َينْ ُظ ُر َ
ِمنْ ُه َأ ْج َسا ُد الن ِ
ثم يأمر اهلل الملك فينفخ يف الصور النفخة الثانية ،كما قال تعالى( :ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [سورة الزمر.]68 :
وب َّين ﷺ مقدار ما بين النفختين ،فعن أبي هريرة قال :قال
ان، ونَ ،ق َالَ :وي ْب َلى ك ُُّل َشي ٍء ِم َن ِ
اإلن َْس ِ رسول اهلل ﷺَ « :ب ْي َن النَّ ْفخَ َت ْي ِن َأ ْر َب ُع َ
ْ َ
ِ ِ ِ
َّب الخَ ْلق»(((. ب َذ َنبِه ،فيه ُي َرك ُ إِ اَّل َع ْج َ
ونؤمن بما أخربنا به نبينا محمد ﷺ من أحوال السموات واألرض
«جا َء َح ْب ٌر مِ َن األَ ْح َب ِ
ار يوم القيامة ،كما يف حديث ابن مسعود قالَ :
ات َع َلى َجدُ َ :أ َّن اهَّلل يجع ُل السمو ِ
َّ َ َ َ َ ْ َ ول اهَّللِ ﷺ َف َق َالَ :يا م َحمدُ ،إِنَّا ن ِ إِ َلى رس ِ
ُ َّ َ ُ
الش َج َر َع َلى إِ ْص َبعٍَ ،والماء َوال َّث َرى َع َلى إِ ْص َبعٍَ ،واألَ َر ِضي َن َع َلى إِ ْص َبعٍَ ،و َّ
ح َك النَّبِ ُّي ﷺ الملكَ .ف َض ِ
ُ ولَ :أنَا الخلاَ ئِ ِق َع َلى إِ ْص َبعٍَ ،ف َي ُق ُ
إِ ْص َبعٍَ ،و َسائِ َر َ
ول اهَّللِ ﷺ( :ﯦ ﯧ الح ْب ِرُ ،ث َّم َق َر َأ َر ُس ُ ِ ِ َحتَّى َبدَ ْت ن ََو ِ
اج ُذ ُه َت ْصدي ًقا ل َق ْو ِل َ
ﯨﯩﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯱ
ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الزمر.(((»]67 :
البعــث ونؤمن بأن الناس يبعثون من قبورهم ،فيحيي اهلل تعالى الموتى حين
والنشـور
ينفخ يف الصور النفخة الثانية؛ فيقوم الناس لرب العالمين ،كما قال تعالى:
[الحجر.]25-23 :
وقال تعالى( :ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓﰔ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ) [اإلسراء ،]52-49 :وقال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ
ﮒ ﮓ) [اإلسراء ،]99-97 :وقال تعالى( :ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ)
[اإلسراء ،]104 :واآليات الكريمة يف إثبات البعث والنشور كثيرة جدًّ ا.
وأول من تنشق عنه األرض نبينا ﷺ ،ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ ،أ َّن النَّبِ َّي
«أنَا َس ِّيدُ َو َل ِد آ َد َم َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِةَ ،و َأ َّو ُل َم ْن َين َْش ُّق َعنْ ُه ا ْل َق ْب ُرَ ،و َأ َّو ُل
ﷺَ ،ق َالَ :
َشافِ ٍع َو َأ َّو ُل ُم َش َّفعٍ»(((.
ِ
«...ل تُخَ ِّي ُروني َع َلى ُم َ
وسى، اَ وأول من يفيق نبينا ﷺ؛ حيث قال ﷺ:
وسى َباطِ ٌش بِ َجانِ ِ
ب ا ْل َع ْر ِ
ش، ِ ون َف َأك ُ
ُون َأ َّو َل َم ْن ُيف ُيقَ ،فإِ َذا ُم َ َفإِ َّن الن َ
َّاس َي ْص َع ُق َ
َان ِم َّم ِن ْاس َت ْثنَى اهللُ؟»(((.
اق َق ْب ِلي؟ َأ ْم ك َ يم ْن َص ِع َق َف َأ َف َ َفلاَ َأد ِري َأك َ ِ
َان ف َ ْ
«و َأ َّو ُل َم ْن وأول من يكسى نبي اهلل إبراهيم خليل الرحمن ،قال ﷺَ :
ِ ِ ِ
ُيك َْسى َي ْو َم الق َي َامة إِ ْب َراه ُ
يم»(((.
َّاس َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة ويحشر الناس حفاة عراة ُغ ْرلاً ،كما قال ﷺُ :
«ي ْح َش ُر الن ُ
ُح َفا ًة ُع َرا ًة ُغ ْرل»(((.
األرض ونؤمن أن األرض التي يحشر عليها العباد أرض غير هذه األرض،
التي حيشــر
عليها العباد كما قال الحق جل شأنه( :ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ) [إبراهيم.]48 :
ض الق َي َام ِة َع َلى َأ ْر ٍ
وأرض الحشر بيضاء ،قال ﷺ« :يح َشر النَّاس يوم ِ
ُ َْ َ ُ ْ ُ
َب ْي َضا َء َع ْف َرا َءَ ،ك ُق ْر َص ِة ن َِق ٍّي»(((.
الق َي َام ِة
ُون األَر ُض يوم ِ
َْ َ وعن أبي سعيد الخدريَ ،ق َال النَّبِ ُّي ﷺَ « :تك ُ ْ
ِ ِِ ِ
الس َفرِ.(((»... الج َّب ُار بِ َيده ك ََما َي ْك َف ُأ َأ َحدُ ك ُْم ُخ ْب َز َت ُه في َّ
ُخ ْب َز ًة َواحدَ ةًَ ،ي َت َك َّف ُؤ َها َ
وقد جاءت األحاديث الصحيحة يف بيان أين يكون الناس وقت التبديل:
ود َجا َء إلى رسول ارا ْليه ِ ِ ول اهللِ ﷺ َّ
أن َح ْب ًرا م ْن َأ ْح َب ِ َ ُ ان م ْو َلى رس ِ
َ ُ فعن َث ْو َب َ َ
َّاس َي ْو َم ُت َبدَّ ُل الأْ َ ْر ُض َغ ْي َر يسأله وفيهَ ...« :ف َق َال ا ْليه ِ
ود ُّيَ :أ ْي َن َي ُك ُ
ون الن ُ َُ
حر الشمس بما سبق لهم من الحسنى ،فمنهم من ويتقي المؤمنون َّ
«س ْب َع ٌة ُيظِ ُّل ُه ُم اهَّللُ فِي ظِ ِّل ِهَ ،ي ْو َم اَل ظِ َّل
يستظل بظل العرش ،كما قال ﷺَ :
إِ اَّل ظِ ُّل ُه»(((.
وتحاجان عنه ،قال ﷺ: َّ ومنهم من تظلله «البقرة» و«آل عمران»،
آن َفإِ َّن ُه َي ْأتِي َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة َش ِفي ًعا أِلَ ْص َحابِ ِه .ا ْق َرؤُ وا الز َّْه َر َاو ْي ِن
«ا ْق َر ُءوا ا ْل ُق ْر َ
ان ي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة ك ََأن َُّه َما َغ َم َامت ِ
ِ ِ آل ِع ْم َر َ ا ْل َب َقرةََ ،وسور َة ِ
َانَ ،أ ْو انَ ،فإِن َُّه َما ت َْأت َي َ ُ َ َ
ان َع ْن َأ ْص َحابِ ِه َما، اج ِ اف ،ت َُح َّ ان ِم ْن َط ْيرٍ َص َو ََّانَ ،أ ْو ك ََأن َُّه َما فِ ْر َق ِ
ك ََأن َُّه َما َغ َيايت ِ
َ
ور َة ا ْل َب َق َر ِةَ ،فإِ َّن َأ ْخ َذ َها َب َر َكةٌَ ،وت َْرك ََها َح ْس َرةٌَ ،و اَل ت َْستَطِي ُع َها ا ْق َرؤُ وا ُس َ
ا ْل َب َط َلةُ»((( .ومنهم من يستظل بظل صدقته ،قال ﷺ« :ك ُُّل ْامرِ ٍئ فِي ظِ ِّل
َّاس»(((. َصدَ َقتِ ِه َحتَّى ُي ْف َص َل َب ْي َن الن ِ
بــاب
في الشفاعة يوم القيامة
ومجيء الرب وإتيانه لفصل القضاء بين عباده
الشفاعة ونؤمن أن اهلل يأذن لمن شاء من عباده بالشفاعة؛ إكرا ًما للشافع ورحمة
العظمى
يف فصل للمشفوع له .ونعلم أن أعظم الشفعاء يوم القيامة هو نبينا محمد ﷺ،
القضـاء ٍ
شفاعات متعددةً ،وأعظمها وأج ُّلها الشفاعة يف أهل الموقف، فيشفع
ل ِ ُي ْق َضى بينهم ،وذلك هو المقام المحمود ،وهي التي ذكرها اهلل يف كتابه،
فقال جل شأنه( :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈ) [اإلسراء ،]79 :ويف حديث ابن عمر Lعند البخاري...« :
ٍِ َف َي ْش َف ُع ل ِ ُي ْق َضى َب ْي َن ا ْل َخ ْل ِق َف َي ْم ِشي َحتَّى َي ْأ ُخ َذ بِ َح ْل َق ِة ا ْل َب ِ
اب َف َي ْو َمئذ َي ْب َع ُث ُه ُ
اهَّلل
َم َقا ًما َم ْح ُمو ًدا َي ْح َمدُ ُه َأ ْه ُل ا ْل َج ْم ِع ُك ُّل ُه ْم»((( .فذكر يف هذا الحديث الشفاعة
يف فصل القضاء ،وأخرب الحق أنه يتفضل لفصل القضاء كما يف
قوله تعالى( :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [البقرة .]210 :وقوله جل شأنه( :ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [الفجر .]22 :وقوله عز شأنه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [األنعام.]158 :
الشفاعة يف
ِ
الجنة الجنةَ ،وقد د َّلت على هذه الشفاعات ثم الشفاعة يف دخول أهل
دخول أهل
اجلنة اجلنة األحاديث الكثيرة المتواترة ،منها حديث أنس المشهور أنه ﷺ
ون: ضَ ،ف َي ْأت َ
ُون آ َد َمَ ،ف َي ُقو ُل َ َّاس َب ْع ُض ُه ْم فِي َب ْع ٍاج الن ُ
ِ ِ قال« :إِ َذا ك َ
َان َي ْو ُم الق َي َامة َم َ
يمَ ،فإِ َّن ُه َخ ِل ُ ِ ِ
يل ت َل َهاَ ،و َلك ْن َع َل ْيك ُْم بِإِ ْب َراه َ ولَ :ل ْس ُ كَ ،ف َي ُق ُ ْاش َف ْع َلنَا إِ َلى َر ِّب َ
وسى؛ َفإِ َّن ُه ِ ِ الر ْح َم ِنَ ،ف َي ْأت َ
ت َل َهاَ ،و َلك ْن َع َل ْيك ُْم بِ ُم َ ولَ :ل ْس ُ يمَ ،ف َي ُق ُُون إِ ْب َراه َ َّ
ِ ِ ِ ِ
وح يسى؛ َفإِ َّن ُه ُر ُ ت َل َهاَ ،و َلك ْن َع َل ْيك ُْم بِع َ ولَ :ل ْس ُ وسىَ ،ف َي ُق ُ ُون ُم َيم اهَّللَ ،ف َي ْأت َ
كَل ُ
ت َل َهاَ ،و َلكِ ْن َع َل ْيك ُْم بِ ُم َح َّم ٍد ﷺ، ولَ :ل ْس ُ يسىَ ،ف َي ُق ُ اهَّللِ ،وك َِلم ُتهَ ،في ْأت َ ِ
ُون ع َ َ َ ُ َ
ولَ :أنَا َل َهاَ ،ف َأ ْست َْأ ِذ ُن َع َلى َر ِّبيَ ،ف ُي ْؤ َذ ُن لِيَ ،و ُي ْل ِه ُمنِي َم َح ِامدَ
َف َي ْأتُونِيَ ،ف َأ ُق ُ
اجدً ا،المح ِام ِدَ ،و َأ ِخ ُّر َل ُه َس ِ
َ كاآلنَ ،ف َأ ْح َمدُ ُه بِتِ ْل َ
َأ ْح َمدُ ُه بِ َها اَل ت َْح ُض ُرنِي َ
كَ ،و َس ْل ُت ْع َطَ ،و ْاش َف ْع ت َُش َّف ْع، كَ ،و ُق ْل ُي ْس َم ْع َل َ ولَ :يا ُم َح َّمدُ ْ ،ار َف ْع َر ْأ َس َ َف َي ُق ُ
َان فِي َق ْلبِ ِه ِم ْث َق ُال ول :ا ْن َط ِل ْق َف َأ ْخرِ ْج ِمن َْها َم ْن ك َ ولَ :يا َر ِّب ُأ َّمتِي ُأ َّمتِيَ ،ف َي ُق ُ َف َأ ُق ُ
الم َح ِام ِدُ ،ث َّم َأ ِخ ُّر َل ُه
ك َ انَ ،ف َأ ْن َط ِل ُق َف َأ ْف َع ُلُ ،ث َّم َأ ُعو ُدَ ،ف َأ ْح َمدُ ُه بِتِ ْل َ يم ٍ ِ ٍِ
َشع َيرة م ْن إِ َ
كَ ،و َس ْل ُت ْع َطَ ،و ْاش َف ْع كَ ،و ُق ْل ُي ْس َم ْع َل َ اجدً اَ ،ف ُي َق ُالَ :يا ُم َح َّمدُ ْ ،ار َف ْع َر ْأ َس َ َس ِ
َان فِي ول :ا ْن َط ِل ْق َف َأ ْخرِ ْج ِمن َْها َم ْن ك َ ولَ :يا َر ِّب ُأ َّمتِي ُأ َّمتِيَ ،ف َي ُق ُ ت َُش َّف ْعَ ،ف َأ ُق ُ
ان َف َأ ْخرِ ْج ُهَ ،ف َأ ْن َط ِل ُقَ ،ف َأ ْف َع ُلُ ،ث َّم َأ ُعو ُد يم ٍ ٍ ِ ٍ ِ ِ
َق ْلبِه م ْث َق ُال َذ َّرة َ -أ ْو َخ ْر َد َلة -م ْن إِ َ
ك، ولَ :يا ُم َح َّمدُ ْار َف ْع َر ْأ َس َ اجدً اَ ،ف َي ُق ُ المح ِام ِدُ ،ث َّم َأ ِخ ُّر َل ُه َس ِ ك َ َف َأ ْح َمدُ ُه بِتِ ْل َ
ول: ولَ :يا َر ِّب ُأ َّمتِي ُأ َّمتِيَ ،ف َي ُق ُ كَ ،و َس ْل ُت ْع َطَ ،و ْاش َف ْع ت َُش َّف ْعَ ،ف َأ ُق ُ َو ُق ْل ُي ْس َم ْع َل َ
يم ٍ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ا ْن َط ِل ْق َف َأ ْخرِج من ك َ ِ
ان، َان في َق ْلبِه َأ ْدنَى َأ ْدنَى َأ ْدنَى م ْث َقال َح َّبة َخ ْر َدل م ْن إِ َ ْ َ ْ
ض َس ُق ْل ُت ل ِ َب ْع ِ َّارَ ،ف َأ ْن َط ِل ُق َف َأ ْف َع ُل»َ .ف َل َّما َخ َر ْجنَا مِ ْن ِعن ِْد َأن ٍ َف َأ ْخرِ ْج ُه ِم َن الن ِ
الح َس ِنَ ،و ُه َو ُمت ََو ٍار فِي َمن ِْز ِل أبي َخلِي َفةََ ،ف َحدَّ ْثنَا ُه بِ َما َأ ْص َحابِنَاَ :ل ْو َم َر ْرنَا بِ َ
يد، كَ ،ف َأ َتينَاهَ ،فس َّلمنَا َع َلي ِهَ ،ف َأ ِذ َن َلنَاَ ،ف ُق ْلنَا َله :يا َأبا س ِع ٍ حدَّ َثنَا َأنَس بن مال ِ ٍ
ُ َ َ َ ْ ْ ُ َ ْ ُ ْ ُ َ َ
الش َفا َع ِةَ ،ف َق َال: كَ ،ف َل ْم ن ََر مِ ْث َل َما َحدَّ َثنَا فِي َّ َس ب ِن مال ِ ٍ
يك َأن ِ ْ َ َاك مِ ْن ِعن ِْد َأ ِخ َ ِج ْئن َ
المو ِضعَِ ،ف َق َالِ :هي ْهَ ،ف ُق ْلنَا َل ْم َي ِز ْد ِهيهَ ،فحدَّ ْثنَاه بِ ِ ِ
الحديثَ ،فا ْنت ََهى إِ َلى َه َذا ْ ْ َ ُ َ
يعُ -من ُْذ ِع ْش ِري َن َسنَةًَ ،فلاَ َأ ْد ِري ِ
-و ُه َو َجم ٌ
ِ
َلنَا َع َلى َه َذاَ ،ف َق َالَ :ل َقدْ َحدَّ َثني َ
ح َكَ ،و َق َالُ :خلِ َق يدَ ،فحدِّ ْثنَاَ ،ف َض ِ َأن َِسي َأم ك َِره َأ ْن َتتَّكِ ُلوا؟ ُق ْلنَا :يا َأبا س ِع ٍ
َ َ َ َ َ ْ َ
ان َع ُجولاً َ ،ما َذك َْر ُت ُه إِلاَّ َو َأنَا ُأ ِريدُ َأ ْن ُأ َحدِّ َث ُك ْمَ ،حدَّ َثنِي ك ََما َحدَّ َث ُك ْم اإلن َْس ُِ
اجدً اَ ،ف ُي َق ُال: الم َح ِام ِدُ ،ث َّم َأ ِخ ُّر َل ُه َس ِ ك َ الرابِ َع َة َف َأ ْح َمدُ ُه بِتِ ْل َبِهَ ،ق َالُ « :ث َّم َأ ُعو ُد َّ
ِ
ولَ :يا كَ ،و ُق ْل ُي ْس َم ْعَ ،و َس ْل ُت ْع َط ْهَ ،و ْاش َف ْع ت َُش َّف ْعَ ،ف َأ ُق ُ َيا ُم َح َّمدُ ْار َف ْع َر ْأ َس َ
ولَ :و ِعزَّتِي َو َجلاَ لِيَ ،وكِ ْبرِ َيائِي يم ْن َق َال :اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللَُ ،ف َي ُق ُ ِ ِ
َر ِّب ائ َْذ ْن لي ف َ
263 كتاب اليوم اآلخر
َو َع َظ َمتِي أَلُ ْخرِ َج َّن ِمن َْها َم ْن َق َال :اَل إِ َل َه إِ اَّل اهَّللُ»(((.
ومنها حديث أبي هريرة ،وهو نحو حديث أنس ،وقال
ول ْت َر ُس ُ ونَ :يا ُم َح َّمدُ َ ،أن َ يف آخره...« :ا ْذ َه ُبوا إِ َلى ُم َح َّم ٍدَ ،ف َي ْأتُوين َف َي ُقو ُل َ
ك َو َما ت ََأ َّخ َرْ ،اش َف ْع َلنَا ك َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ َ اءَ ،و َغ َف َر اهللُ َل َ اهللِ ،و َخاتَم أْالَ ْنبِي ِ
َ ُ َ
ت كَ ،أ اَل ت ََرى َما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َأ اَل ت ََرى َما َقدْ َب َل َغنَا؟ َف َأ ْن َط ِل ُقَ ،فآتِي ت َْح َ إِ َلى َر ِّب َ
اجدً ا لِ َر ِّبيُ ،ث َّم َي ْفت َُح اهللُ َع َل َّي َو ُي ْل ِه ُمنِي ِم ْن َم َح ِام ِد ِهَ ،و ُح ْس ِن شَ ،ف َأ َق ُع َس ِ ا ْل َع ْر ِ
ك، َاء َع َل ْي ِه َش ْيئًا َل ْم َي ْفت َْح ُه أِلَ َح ٍد َق ْب ِليُ ،ث َّم ُي َق ُالَ :يا ُم َح َّمدُ ْ ،ار َف ْع َر ْأ َس َ ال َّثن ِ
ولَ :يا َر ِّب ُأ َّمتِي ُأ َّمتِيَ ،ف ُي َق ُال: َس ْل ُت ْع َط ْهْ ،اش َف ْع ت َُش َّف ْعَ ،ف َأ ْر َف ُع َر ْأ ِسيَ ،ف َأ ُق ُ
اب أْالَ ْي َم ِن ِم ْن اب َع َل ْي ِه ِم َن ا ْل َب ِ ِ
ك َم ْن اَل ح َس َ َيا ُم َح َّمدُ َ ،أ ْد ِخ ِل ا ْل َجنَّ َة ِم ْن ُأ َّمتِ َ
ابَ ،وا َّل ِذي َن ْف ُس ك ِم َن أْالَ ْب َو ِ يما ِس َوى َذلِ َ اب ا ْلجن َِّة ،وهم ُشركَاء الن ِ ِ
َّاس ف َ َأ ْب َو ِ َ َ ُ ْ َ ُ
اري ِع ا ْل َجن َِّة َلك ََما َب ْي َن َم َّك َة َو َه َجرٍ،ُم َح َّم ٍد بِ َي ِد ِه ،إِ َّن َما َب ْي َن ا ْل ِم ْص َرا َع ْي ِن ِم ْن َم َص ِ
َأ ْو ك ََما َب ْي َن َم َّك َة َو ُب ْص َرى»(((.
«أنَا َأ َّو ُل َش ِفي ٍع فِي ك َ :ق َال النَّبِي ﷺَ :
ُّ
َس بن مال ِ ٍ
حديث َأن ِ َ ُ ومنها
ت ،وإِ َّن ِمن أْالَ ْنبِي ِ
اء َنبِ ًّيا َما ُي َصدِّ ُق ُه ِ ِ ِ
َ َ ا ْل َجنَّةَ ،ل ْم ُي َصدَّ ْق َنبِ ٌّي م َن أْالَ ْنبِ َياء َما ُصدِّ ْق ُ َ
احدٌ »(((. ِمن ُأمتِ ِه إِ اَّل رج ٌل و ِ
َ ُ َ ْ َّ
ت َد ْع َوتِي َش َفا َع ًة يبَ ،ف َج َع ْل ُ ُج َ است ِ ِ
وقال ﷺ« :لك ُِّل َنبِ ٍّي َد ْع َو ٌة َقدْ َد َعا بِ َها َف ْ
الق َي َام ِة»((( ،وقال ﷺ« :لِك ُِّل َنبِ ٍّي َد ْع َو ٌة ُم ْست ََجا َب ٌة َيدْ ُعو بِ َهاَ ،و ُأ ِريدُ أِلُمتِي يوم ِ
َّ َ ْ َ
اآلخ َر ِة»(((.
َأ ْن َأ ْخ َتبِئ دعوتِي َش َفاع ًة أِلُمتِي فِي ِ
َ َّ َ ََْ
ونؤمن أن اهلل كما أكرم نبينا محمدً ا ﷺ بالشفاعة ،فكذلك يكرم األنبياء
والمالئكة والمؤمنين ،فعن أبي سعيد الخدري ،قال ﷺ...« :
فيقول اهلل :شفعت المالئكة ،وشفع النبيون ،وشفع المؤمنون ،ولم
قوما لم يعملوا
يبق إال أرحم الراحمين ،فيقبض قبضة من النار ،فيخرج منها ً
خيرا قط»(((.
ً
بــاب
العرض والحساب وتوزيع الصحف
ونؤمن أن َّ
كل إنسان ُيؤتى كتابه ،فآخذ كتابه بيمينه ،قال الحق -وقوله
الحق( :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [الحاقة.]19 :
ٌ
وآخذ كتابه بشماله ،قال تعالى( :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ) [الحاقة ،]25 :أو يأخذه من وراء ظهره ،قال المولى عز شأنه:
،]10ويقال له( :ﮭ ﮮ ﮯ (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [االنشقاق:
[الكهف.]49 :
العـــرض ونؤمن بالعرض ،قال الحق -وقوله الحق( :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ) [الحاقة ،]18 :وقال تعالى( :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [الكهف .]48 :وعن عدي بن
«ما ِمنْك ُْم َأ َحدٌ إِ اَّل َس ُي َك ِّل ُم ُه َر ُّب ُه َل ْي َس َب ْينَ ُه َو َب ْينَ ُه
حاتم قال :قال رسول اهلل ﷺَ :
انَ ،ف َينْ ُظ ُر َأ ْي َم َن ِمنْ ُه َفلاَ َي َرى إِ اَّل َما َقدَّ َم ِم ْن َع َم ِل ِهَ ،و َينْ ُظ ُر َأ ْش َأ َم ِمنْ ُه َفلاَ
ت ُْر ُج َم ٌ
َي َرى إِ اَّل َما َقدَّ َمَ ،و َي ْن ُظ ُر َب ْي َن َيدَ ْي ِه َفلاَ َي َرى إِ اَّل الن ََّار تِ ْل َقا َء َو ْج ِه ِهَ ،فا َّت ُقوا الن ََّار
َو َل ْو بِ ِش ِّق ت َْم َر ٍة»(((.
ونؤمن بالحساب ،وأن اهلل يحاسب عباده ،قال تعالى( :ﯲ ﯳ احلســـاب
خيرا فليحمد
ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [الغاشية ،]26 ،25 :فمن وجد ً
اهلل ،ومن وجد غير ذلك فال يلومن إال نفسه ،كما صح بذلك الخرب عن
ِ ِ ِ ِ
«...يا ع َبادي إِن ََّما ه َي َأ ْع َما ُلك ُْم ُأ ْحص َيها َلك ُْمُ ،ث َّم ُأ َو ِّفيك ُْم إِ َّي َ
اها، َ النبي ﷺ:
وم َّن إِ اَّل َن ْف َس ُه»(((. َف َم ْن َو َجدَ َخ ْي ًراَ ،ف ْل َي ْح َم ِد اهللَ َو َم ْن َو َجدَ َغ ْي َر َذلِ َ
كَ ،فلاَ َي ُل َ
وهو سبحانه سريع الحساب ،قال جل شأنه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [غافر.]17 :
«يدْ ُخ ُل
ونؤمن أن بعض المؤمنين يدخلون الجنة بال حساب ،قال ﷺَ :
ون َأ ْل ًفا بِ َغ ْيرِ ِح َس ٍ
اب.(((».... ِم ْن ُأ َّمتِي ا ْل َجنَّ َة َس ْب ُع َ
ٌ
وأحوال متباينةٌ ،فمن العباد من يحاسب مراتب
ُ وحساب اهلل لعباده له
يسيرا ،قال تعالى( :ﭺ ﭻ ﭼ
عسيرا ،ومنهم من يحاسب حسا ًبا ً
ً حسا ًبا
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [االنشقاق.]8 ،7 :
الق َي َام ِة
وعن عائشة ،أن النبي ﷺ قالَ « :ليس َأحدٌ يحاسب يوم ِ
ْ َ َ ُ َ َ ُ َْ َ
إِ اَّل َه َل َك»((( .فقلت :يا رسول اهلل ،أليس قد قال اهلل تعالى( :ﭺﭻﭼﭽ
ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ)؟ [االنشـقاق ،]8 ،7 :فقال رسول اهلل ﷺ:
الق َي َام ِة إِ اَّل ُع ِّذ َب»(((.
الحساب يوم ِ
َ َ َْ َ
«إِنَّما َذلِ ِك العر ُض ،و َليس َأحدٌ ينَا َق ُش ِ
َ ْ َ َ ُ َْ َ
وال ُي ْظلم أحد يف ذلك اليوم ،قال تعالى( :ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ
ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [البقرة.]281 :
وأول من يحاسب يوم القيامة من األمم أمة محمد؛ لقوله ﷺ...« :
ون َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة ،ا ْل َم ْق ِض ُّي َل ُه ْم َق ْب َل
ون ِم ْن َأ ْه ِل الدُّ ْن َياَ ،و أْالَ َّو ُل َ
ن َْح ُن آْال ِخ ُر َ
ا ْلخَ لاَ ئِ ِق»(((.
وأول ما يقضى بين الناس يف الدماء؛ لقول النبي ﷺَ :
«أ َّو ُل َما ُي ْق َضى َب ْي َن
َّاس يوم ا ْل ِقيام ِة فِي الدِّ م ِ
اء»(((. َ الن ِ َ ْ َ َ َ
الشهداء يوم ونؤمن أنه يف هذا اليوم يؤتى بالشهداء ،فتشهد المالئكة ،وتشهد األرض
القيامــــــة
بما عمل العباد عليها ،وتشهد الجوارح ،قال تعالى( :ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [غافر ،]51 :وقال الحق:
(ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الزمر ،]69 :وقال المولى عز شأنه( :ﭷ
ﭸ ﭹ) [الزلزلة ،]4 :وقال تعالى( :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [يس.]65 :
شهـــادة ويف «الصحيح» من حديث أبي هريرة ذك ُْر شهادة الجوارح على
اهدَ نَا َع َل ْي َكَ ،و َي َت َفك َُّر فِي َن ْف ِس ِهَ :م ْن
ث َش ِ
الـجوارح
عىل العباد
العباد ،وفيهُ ...« :ث َّم ُي َق ُال َل ُه :آْال َن َن ْب َع ُ
خ ِذ ِه َو َل ْح ِم ِه َو ِع َظ ِام ِه :انْطِ ِقي، َذا ا َّل ِذي ي ْشهدُ ع َلي؟ َفيخْ تَم ع َلى فِ ِيه ،وي َق ُال لِ َف ِ
َُ َ َ َ َّ ُ ُ َ
خ ُذ ُه َو َل ْح ُم ُه َو ِع َظ ُام ُه بِ َع َم ِل ِهَ ،و َذلِ َك لِ ُي ْع ِذ َر ِم ْن َن ْف ِس ِهَ ،و َذلِ َك ا ْل ُمنَافِ ُق، َف َتنْطِ ُق َف ِ
َو َذلِ َك ا َّل ِذي َي ْسخَ ُط اهللُ َع َل ْي ِه»(((.
ِ َس ب ِن مال ِ ٍك َق َالُ :كنَّا ِعنْدَ رس ِ ِ
«ه ْل ول اهلل ﷺ َف َضح َكَ ،ف َق َالَ : َ ُ و َع ْن َأن ِ ْ َ
«م ْن ُمخَ ا َط َب ِة ا ْل َع ْب ِدون ِمم َأ ْضح ُك؟» َق َالُ :ق ْلنَا :اهلل ورسو ُله َأ ْع َلمَ ،ق َالِ :
ُ ََ ُ ُ ُ َ تَدْ ُر َ َّ
ولَ :فإِنِّي ولَ :ب َلىَ ،ق َالَ :ف َي ُق ُ ُج ْرنِي ِم َن ال ُّظ ْلمِ؟ َق َالَ :ي ُق ُ ولَ :يا َر ِّبَ ،أ َل ْم ت ِ َر َّب ُهَ ،ي ُق ُ
ولَ :ك َفى بِنَ ْف ِس َك ا ْل َي ْو َم َع َل ْي َك اهدً ا ِمنِّيَ ،ق َالَ :ف َي ُق ُ اَ أ ِجي ُز ع َلى َن ْف ِسي إِ اَّل َش ِ
َ لُ
ين ُش ُهو ًداَ ،ق َالَ :ف ُيخْ ت َُم َع َلى فِ ِيهَ ،ف ُي َق ُال أِلَ ْركَانِ ِه: ِ ِ
َش ِهيدً اَ ،وبِا ْلك َرا ِم ا ْلكَاتبِ َ
ول: انْطِ ِقيَ ،ق َالَ :ف َتنْطِ ُق بِ َأ ْع َمالِ ِهَ ،ق َالُ :ث َّم ُيخَ َّلى َب ْينَ ُه َو َب ْي َن ا ْل َكلاَ مَِ ،ق َالَ :ف َي ُق ُ
َاض ُل»(((. ْت ُأن ِ ُب ْعدً ا َلك َُّن َو ُس ْح ًقاَ ،ف َعنْك َُّن ُكن ُ
بــاب
اإليمان بالـموازين
ونؤمن بأن اهلل تعالى يضع الموازين لوزن أعمال العباد ،كما قال تعالى:
(ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [األنبياء ،]47 :وقال تعالى:
(ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [األعراف:
بــاب
اإليمان بالحوض
حوضا ترده أمته ،قال تعالى( :ﮆ
ً ونؤمن بأن لرسولنا محمد ﷺ
ﮇ ﮈ) [الكوثر.]1 :
ول اهللِ ﷺ َذ َ
ات َي ْو ٍم َب ْي َن َأ ْظ ُه ِرنَا إِ ْذ َس َ ق َالَ :ب ْينَا َر ُس ُ َو َع ْن َأن ٍ
ول اهللِ َق َال: َأ ْغ َفى إِ ْغ َفا َء ًة ُث َّم َر َف َع َر ْأ َس ُه ُم َت َب ِّس ًماَ ،ف ُق ْلنَاَ :ما َأ ْض َح َك َك َيا َر ُس َ
الر ِحي ِم (ﮆ ﮇ ِ ِ ُ
«أن ِْز َل ْ
ورةٌ» َف َق َر َأ« :بِ ْس ِم اهلل َّ
الر ْح َم ِن َّ ت َع َل َّي آن ًفا ُس َ
ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الكوثر»]3-1 :
اهلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ق َالَ « :فإِ َّن ُه ن َْه ٌر َو َعدَ نِ ِيهون َما ا ْلك َْو َث ُر؟» َف ُق ْلنَاُ : «أتَدْ ُر َ ُث َّم َق َالَ :
َر ِّبي َ ،ع َل ْي ِه َخ ْي ٌر كَثِ ٌيرُ ،ه َو َح ْو ٌض َترِ ُد َع َل ْي ِه ُأ َّمتِي َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة ،آنِ َي ُت ُه َعدَ ُد
ولَ :ما تَدْ ِري َما ولَ :ر ِّب ،إِ َّن ُه ِم ْن ُأ َّمتِي َف َي ُق ُ الن ُُّجومَِ ،ف ُيخْ َت َل ُج ا ْل َع ْبدُ ِمن ُْه ْمَ ،ف َأ ُق ُ
ت َب ْعدَ َك»(((. َأ ْحدَ َث ْ
ِ ِ ِ
ب «ح ْوضي َمس َير ُة َش ْهرٍَ ،ماؤُ ُه َأ ْب َي ُض م َن ال َّل َب ِنَ ،و ِر ُ
يح ُه َأ ْط َي ُ وقال ﷺَ :
اءَ ،م ْن َشرِ َب ِمن َْها َفلاَ َي ْظ َم ُأ َأ َبدً ا»(((.
ك ،وكِيزَا ُنه َكنُجو ِم السم ِ
َّ َ ُ ُ
ِ ِ ِ
م َن الم ْس َ
اضا ِم َن ال َّث ْلجِ ، وقال ﷺ« :إِ َّن َح ْو ِضي َأ ْب َعدُ ِم ْن َأ ْي َل َة ِم ْن َعدَ ٍنَ ،ل ُه َو َأ َشدُّ َب َي ً
ِ ِ ِ ِ
َو َأ ْح َلى م َن ا ْل َع َس ِل بِال َّل َب ِنَ ،و آَلن َي ُت ُه َأ ْك َث ُر م ْن َعدَ د الن ُُّجومَِ ،وإِنِّي أَلَ ُصدُّ الن َ
َّاس
ول اهللَِ ،أ َت ْع ِر ُفنَا
َّاس َع ْن َح ْو ِض ِه»َ .قا ُلواَ :يا َر ُس َ الر ُج ُل إِبِ َل الن ِ َعنْ ُه ،ك ََما َي ُصدُّ َّ
بــاب
الصراط والجزاء
ونؤمن أن الصراط ُينْصب على َمتْن جهنم ،وهو دحض َم َز َّلةٌ ،يمر الصـــراط
كالليب مثل شوك السعدان ،فتخطف ُ عليه العباد بحسب أعمالهم ،وبه
الناس بأعمالهم ،وأول من يجوز الجسر نبينا ﷺ ،فعن أبي هريرة
َان
ولَ :م ْن ك َ الق َي َام ِةَ ،ف َي ُق ُ قال :قال رسول اهلل ﷺ...« :يح َشر النَّاس يوم ِ
ُ َْ َ ُ ْ ُ
الش ْم َسَ ،و ِمن ُْه ْم َم ْن َي َّتبِ ُع ال َق َم َرَ ،و ِمن ُْه ْم َي ْع ُبدُ َش ْيئًا َف ْل َي َّتبِ ْعَ ،ف ِمن ُْه ْم َم ْن َي َّتبِ ُع َّ
ولَ :أنَا يه ُم اهَّللُ َف َي ُق ُ وهاَ ،ف َي ْأتِ ِ ِ ِ ِِ
يتَ ،و َت ْب َقى َهذه األُ َّم ُة ف َيها ُمنَاف ُق َ اغ َ من ي َّتبِع ال َّطو ِ
َ َ ْ َ ُ
يه ُمونَ :ه َذا َمكَا ُننَا َحتَّى َي ْأتِ َينَا َر ُّبنَاَ ،فإِ َذا َجا َء َر ُّبنَا َع َر ْفنَا ُهَ ،ف َي ْأتِ ِ َر ُّبك ُْمَ ،ف َي ُقو ُل َ
اط َب ْي َنالص َر ُ وه ْمَ ،ف ُي ْض َر ُب ِّ ْت َر ُّبنَاَ ،ف َيدْ ُع ُ ونَ :أن َ ولَ :أنَا َر ُّبك ُْمَ ،ف َي ُقو ُل َ اهَّللُ َف َي ُق ُ
الر ُس ِل بِ ُأ َّمتِ ِهَ ،و اَل َي َت َك َّل ُم َي ْو َمئِ ٍذ َأ َحدٌ ِ
ُون َأ َّو َل َم ْن َي ُجو ُز م َن ُّ َظ ْه َران َْي َج َهن ََّمَ ،ف َأك ُ
الر ُس ِل َي ْو َمئِ ٍذ :ال َّل ُه َّم َس ِّل ْم َس ِّل ْم»(((.الر ُس ُلَ ،وكَلاَ ُم ُّ إِ اَّل ُّ
وعن أبي سعيد الخدري َ ق َالُ ...« :ث َّم ُي ْؤتَى بِا ْل َج ْسرِ َف ُي ْج َع ُل َب ْي َن
«مدْ َح َض ٌة َم ِز َّلةٌَ ،ع َل ْي ِه َظهري جهنَّم»ُ ،ق ْلنَا :يا رس َ ِ
الج ْس ُر؟ َق َالَ : ول اهَّللَ ،و َما َ َ َ ُ َْ ْ َ َ
ُون بِن َْج ٍدُ ،ي َق ُال يبَ ،و َح َس َك ٌة ُم َف ْل َط َح ٌة َل َها َش ْو َك ٌة ُع َق ْي َفا ُءَ ،تك ُ ِ
يف َوكَلاَ ل َُخ َطاطِ ُ
او ِ ِ ِ
يد الخَ ْي ِل الم ْؤم ُن َع َل ْي َها كَال َّط ْرف َوكَا ْل َب ْر ِق َوك ِّ
َالريحِ َ ،وك ََأ َج ِ انُ ، َل َهاَّ :
الس ْعدَ ُ
َار َج َهن ََّمَ ،حتَّى َي ُم َّر وس فِي ن ِ وشَ ،و َم ْكدُ ٌ َابَ ،فنَاجٍ ُم َس َّل ٌمَ ،و َناجٍ َمخْ دُ ٌالرك ِ َو ِّ
ب َس ْح ًبا.(((»... ِ
آخ ُر ُه ْم ُي ْس َح ُ
بــاب
الجنة والنار
ونؤمن أن الجنة والنار هما دار الجزاء ،وورد يف القرآن والسنة صفة
أهل الجنة والنار ،وذكر مساكنهم ومشارهبم ومطاعمهم ومالبسهم.
ونؤمن أهنما مخلوقتان اآلن ،وأن آدم كان يف جنة الخلد ،قال
تعالى( :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ) [األعراف .]19 :وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال:
ْت َأ ُبونَا َخ َّي ْب َتنَا َو َأ ْخ َر ْج َتنَا ِم َن
وسىَ :يا آ َد ُم َأن َ وسىَ ،ف َق َال َل ُه ُم َ «احت ََّج آ َد ُم َو ُم َ ْ
ومنِي اك اهَّلل بِ َكلاَ ِم ِه ،و َخ َّط َل َ ِ ِ
ك بِ َيدهَ ،أ َت ُل ُ َ اص َط َف َ ُ وسى ْ الجنَّةَ ،ق َال َل ُه آ َد ُمَ :يا ُم َ
ِ
َ
ِ ِ
وسىَ ،ف َح َّج ين َسنَةً؟ َف َح َّج آ َد ُم ُم َ َع َلى َأ ْمرٍ َقدَّ َر ُه اهَّللُ َع َل َّي َق ْب َل َأ ْن َيخْ ُل َقني بِ َأ ْر َبع َ
وسى» َثلاَ ًثا(((. آ َد ُم ُم َ
والجنة هي دار النعيم المقيم ،قال الحق عز شأنه( :ﮅﮆﮇ الـجنة هي
دار النعيم
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)
[آل عمران .]136 :وقال تعالى ُم َر ِّغ ًبا فيما فيها من النعيم( :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [السجدة.]17 :
ونؤمن أن أعظم نعيم الجنة هو النظر إلى وجه اهلل تعالى يف جنات
النعيم ،قال تعالى( :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [القيامة ]23 ،22 :وقال:
(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ) [المطففين ]15 :وعن صهيب الرومي
ول اهللُ َت َب َار َك أن رسول اهلل ﷺ قال« :إِ َذا َد َخ َل َأ ْه ُل ا ْل َجن َِّة ا ْل َجنَّةََ ،ق َالَ :ي ُق ُ
وهنَا؟ َأ َل ْم تُدْ ِخ ْلنَا ونَ :أ َل ْم ُت َب ِّي ْض ُو ُج َ ون َش ْيئًا َأ ِزيدُ ك ُْم؟ َف َي ُقو ُل َ
َو َت َعا َلىُ :ترِيدُ َ
َّار؟ َق َالَ :فيك َْش ُ ِ ا ْل َجنَّ َة َو ُتن َِّجنَا ِم َن الن ِ
ابَ ،ف َما ُأ ْع ُطوا َش ْيئًا َأ َح َّ
ب إِ َل ْي ِه ْم ف ا ْلح َج ُ ُ
ِم َن النَّ َظرِ إِ َلى َر ِّب ِه ْم .(((»
منازل ،وقد أخرب ﷺ بأدنى أهل الجنة منزلة وأعالهم، ُ ونؤمن أن الجنة
جي ُء الجن َِّة َمن ِْز َلةً؟ َق َالُ :ه َو َر ُج ٌل َي ِ
وسى َر َّب ُهَ :ما َأ ْدنَى َأ ْه ِل َ «س َأ َل ُم َ فقال ﷺَ :
ِ ِ
ي َر ِّب، ولَ :أ ْ الجنَّةََ ،ف َي ُق ُالجنَّةََ ،ف ُي َق ُال َل ُه :ا ْد ُخ ِل َ الجنَّة َ َب ْعدَ َما ُأ ْدخ َل َأ ْه ُل َ
َاز َل ُهمَ ،و َأ َخ ُذوا َأ َخ َذاتِ ِهمَ ،ف ُي َق ُال َل ُهَ :أت َْر َضى َأ ْن َيك َ
ُون َّاس َمن ِف َو َقدْ َنز ََل الن ُ َك ْي َ
ك، ك َذلِ َ ولَ :ل َ يت َر ِّبَ ،ف َي ُق ُ ولَ :ر ِض ُ ك ِمن م ُل ِ
وك الدُّ ْن َيا؟ َف َي ُق ُ ْ ُ
ك م ِل ٍ ِ
ك م ْث ُل ُم ْل َ
َل َ ِ
ك ولَ :ه َذا َل َ يت َر ِّبَ ،ف َي ُق ُ َو ِم ْث ُل ُه َو ِم ْث ُل ُه َو ِم ْث ُل ُه َو ِم ْث ُل ُهَ ،ف َق َال فِي الخَ ِام َس ِةَ :ر ِض ُ
يت َر ِّب، ولَ :ر ِض ُ ُكَ ،ف َي ُق ُ
كَ ،و َل َّذ ْت َع ْين َ ك َما ْاشت ََه ْ
ت َن ْف ُس َ َو َع ْش َر ُة َأ ْم َثالِ ِهَ ،و َل َ
ين َأ َر ْد ُتَ ،غ َر ْس ُ َق َال :ربَ ،ف َأعلاَ هم من ِْز َلةً؟ َق َالُ :أو َلئِ َ ِ
ت ك ََر َامت َُه ْم ك ا َّلذ َ ْ ْ ُ ْ َ َ ِّ
ب ت َع َل ْي َهاَ ،ف َل ْم ت ََر َع ْي ٌنَ ،و َل ْم ت َْس َم ْع ُأ ُذ ٌنَ ،و َل ْم َيخْ ُط ْر َع َلى َق ْل ِ بِ َي ِديَ ،و َخت َْم ُ
َب َشرٍ» ،قال :ومصداقه يف كتاب اهلل ( :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ) [السجدة ]17 :اآلية(((.
ول َل ُه :ت ََم َّن وقال رسول اهلل ﷺ« :إِ َّن َأ ْدنَى َم ْق َع ِد َأ َح ِدك ُْم ِم َن ا ْل َجن َِّة َأ ْن َي ُق َ
ك َما ول َل ُهَ :فإِ َّن َل َولَ :ن َع ْمَ ،ف َي ُق ُ ت؟ َف َي ُق ُ َف َيت ََمنَّىَ ،و َيت ََمنَّىَ ،ف َي ُق ُ
ول َل ُهَ :ه ْل ت ََمنَّ ْي َ
ت َو ِم ْث َل ُه َم َع ُه»(((.
ت ََمنَّ ْي َ
«م ْن َق َالَ :أ ْش َهدُ َأ ْن اَل
ونعلم أن أبواب الجنة ثمانية ،قال رسول اهلل ﷺَ :
[النساء.]56 :
((( أخرجه البخاري ( ،)3435ومسلم (.)28
277 كتاب اليوم اآلخر
ملخص الكتاب
يوقعه ،فالخلق كلهم ال يستطيعون فعل شيء لم يكتبه اهلل ،وال َد ْف َع ما كتبه
،فما أخطأ العبدَ لم يكن ليصيبه ،وما أصابه لم يكن ليخطئه.
ونؤمن بأن ما شاء اهلل كان ،وما لم يشأ لم يكن ،وأن مشيئته تامة ،وقدرته
نافذة ،وال يكون يف ملكه إال ما يريد ،ونؤمن بأن للعباد مشيئة على الحقيقة،
وهي تابعة لمشيئة اهلل تعالى.
اهلداية فضل ونؤمن بأن اهلل قد هدى من شاء بفضله ،وخذل من شاء بعدله
مــــن اللـه
،ال يسأل عما يفعل وهم يسألون ،وكل طاعة من مطيع فبتوفيق
اهلل له ،وكل معصية من عاص فبخذالن اهلل السابق منه وله ،والسعيد من
سبقت له السعادة ،والشقي من سبقت له الشقاوة ،وأفعال العباد من الخير
والشر فعل لهمَ ،خ ْلق لخالقهم.
ونؤمن بأن اهلل يحب الطاعات والمطيعين ،ونؤمن أن اهلل يكره الفسوق
خيرا و َّفقه لمحا ِّبه وطاعته وما يرضى به
والفاسقين ،وإن اهلل إذا أراد بعبد ً
عنه ،ومن أراد به غير ذلك أقام عليه الحجة ،ثم عذبه غير ظالم له.
ونؤمن أن اهلل ال يأمر بالفحشاء ،وال يرضى لعباده الكفر.
ونؤمن بأن اهلل خالق كل شيء ،وأن اهلل خلق العباد ،وخلق أفعالهم ،ال
يشاركه أحد يف خلقه ،كما ال يشاركه أحد يف ملكه .واحتج اهلل على الخلق
بأنه هو الخالق وحده ،و َم ْن تفرد بالخلق فليس ألحد أن يدعي مشاركته يف
الخلق.
ال تعارض ونؤمن أنه ال تعارض بين الشرع واألمر والخلق ،فاهلل له
بني الشــرع
واألمــــــر الخلق ،وله األمر ،فكما يفعل ما يشاء ،وال يسأل عما يفعل ،فهو يأمر ،وال
واخللـــــق راد لقضائه ،وال معقب ألمره.
282
القــــــدر ونؤمن بأن الشرع والقدر كله خير ،واهلل ال يقدر الشر المحض ،ولكن
والرشع كله
خيــــــــر يدخل الشر ضمن عموم المقدّ ر ،ويرد يف القرآن مضا ًفا إلى من قام به ،ومن
باب األدب أال يضاف الشر إلى اهلل تعالى.
فعــــل ونؤمن بأن فعل األسباب ال ينايف اإليمان بالقدر ،بل مباشرة األسباب
األسباب
ال ينــايف من تمام اإليمان بالقضاء والقدر ،وأمر ربنا بفعل األسباب ،ومن أعظم
اإليمـان األسباب الدعاء ،وأمرنا بالدعاء وقد سبق القضاء.
بالقــدر
وتقديرا
ً ونؤمن بأن اهلل - يأمر بالعدل -ويحكم به شر ًعا
وجزا ًء ،ونفى عن نفسه الظلم ،وأثبت كمال العدل.
ونؤمن بأن س ْبق القدر ال يلزم منه ظلم للعباد؛ ألن اهلل أنزل الكتب،
وأرسل الرسل؛ لئال يكون للناس على اهلل حجة بعد الرسل ،وجعل القدر
واختيارا ،فمن اهتدى فلنفسه ،ومن ضل
ً سرا مكتو ًما ،وجعل للعباد مشيئة
ًّ
فعليها.
ال جيوز ونؤمن بأنه ال يجوز االحتجاج بالقدر على فعل المعاصي وال على
االحتجاج
بالقـــدر ترك الطاعات ،وأن المشركين الذين احتجوا بالقدر على وقوعهم يف
عىل فعـل الشرك ،بين اهلل كذهبم وأذاقهم بأسه ،ولو كان القدر حجة لهم على شركهم
املعاصـي
ما أذاقهم اهلل بأسه.
ونؤمن بأنه يجوز للعبد أن يحتج بالقدر على الذنوب بعد التوبة منها،
وأن يحتج بالقدر على المصائب.
ونؤمن أن المؤمن إذا س َّلم األمر إلى اهلل ،ورجع واسرتجع عند المصيبة،
كتب له ثالث خصال من الخير :الصالة من اهلل ،والرحمة ،وتحقيق سبيل
الهدى.
284
بــاب
وجوب اإليمان بالقدر
ونؤمن بالقضاء والقدر ،فهو قد علم ما كان وما سيكون،
تقديرا.
ً وكتب كل ذلك وشاءه وخلقه وقدَّ ره
ونعلم علم اليقين أن اإليمان بالقضاء والقدر هو الركن السادس من
أركان اإليمان ،قال الحق( : ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [القمر،]49 :
وقال الحق جل يف عاله( :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [األحزاب ،]38 :وقال
المولى عز شأنه( :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [الفرقان ،]2 :وقال المولى
جل شأنه( :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
ﮣ ﮤ) [البقرة ،]٢٨٥ :فاإليمان بالقدر من اإليمان باهلل؛ ألن القدر
من علم اهلل وتقديره وتدبيره.
وقال تعالى( :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ)
ان َحتَّى َت ْع َل َم َأ َّن َما َأ َصا َب َك َل ْم َي ُك ْن ل ِ ُي ْخطِ َئ َكَ ،و َما َأ ْخ َط َأ َك َل ْم َي ُك ْن الإْ ِ يم ِ
َ
ول« :إِ َّن َأ َّو َل َما َخ َل َق اهَّللُ ا ْل َق َل َمَ ،ف َق َال ول اهَّللِ ﷺ َي ُق ُ ل ِ ُي ِصي َب َكَ ،س ِم ْع ُت َر ُس َ
اد َير ك ُِّل َش ْي ٍء َحتَّى َت ُقو َم َله :ا ْكتُبَ ،ق َال :رب ،وما َذا َأ ْكتُب؟ َق َال :ا ْكتُب م َق ِ
ْ َ ُ َ ِّ َ َ ْ ُ
ات َع َلى َغ ْيرِ َه َذا «م ْن َم َ ِ
ول اهَّلل ﷺ َي ُق ُ ِ
السا َعةُ»َ ،ياُ بنَي إِنِّي َسم ْع ُت َر ُس َ
ولَ : َّ َّ
َف َل ْي َس ِمنِّي»(((.
َان َأ َّو َل َم ْن َق َال فِي ا ْل َقدَ ِر بِا ْل َب ْص َر ِة َم ْع َبدٌ وعن َي ْح َيى ْب ِن َي ْع َم َر َق َال« :ك َ
اج ْي ِن َ -أ ْوُ م ْعت َِم َر ْي ِن ِ
الر ْح َم ِن ا ْلح ْم َي ِر ُّي َح َّ
ِ ِ
ا ْل ُج َهن ُّيَ ،فا ْن َط َل ْق ُت َأنَا َو ُح َم ْيدُ ْب ُن َع ْبد َّ
ول َه ُؤلاَ ِء ول اهللِ ﷺَ ،ف َس َأ ْلنَا ُه َع َّما َي ُق ُ اب رس ِ ِ ِ
َ -ف ُق ْلنَاَ :ل ْو َلقينَا َأ َحدً ا م ْن َأ ْص َح ِ َ ُ
اخلاً ا ْلمس ِ اب د ِ ِ ِ
جدَ َ ،فا ْك َتنَ ْف ُت ُه َأنَا َ ْ في ا ْل َقدَ ِرَ ،ف ُو ِّف َق َلنَا َع ْبدُ اهلل ْب ُن ُع َم َر ْب ِن ا ْل َخ َّط ِ َ
احبِي َس َيكِ ُل احبِيَ :أحدُ نَا َعن ي ِمين ِ ِه ،والآْ َخر َعن ِشمال ِ ِهَ ،ف َظنَن ُْت َأ َّن ص ِ
َ ُ ْ َ َ ْ َ َ
وص ِ
َ َ
ِ ِ
آن، ؤون ا ْل ُق ْر َ َاس َي ْق َر َ الر ْح َم ِن ،إِ َّن ُه َقدْ َظ َه َر ق َب َلنَا ن ٌ ا ْل َكلاَ َم إِ َل َّيَ ،ف ُق ْل ُتَ :أ َبا َع ْبد َّ
ون َأ ْن لاَ َقدَ َرَ ،و َأ َّن الأْ َ ْم َر ون ا ْل ِع ْل َمَ ،و َذك ََر مِ ْن َش ْأنِ ِه ْمَ ،و َأن َُّه ْم َي ْز ُع ُم َ َو َي َت َق َّف ُر َ
يت ُأو َلئِ َك َف َأ ْخبِ ْر ُه ْم َأنِّي َب ِري ٌء مِن ُْه ْمَ ،و َأن َُّه ْم ُب َرآ ُء مِنِّي، ُفَ ،ق َالَ :فإِ َذا َل ِق َ ُأن ٌ
ف بِ ِه َع ْبدُ اهللِ ْب ُن ُع َم َر َل ْو َأ َّن لأِ َ َح ِد ِه ْم مِ ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًباَ ،ف َأ ْن َف َق ُه َما َوا َّل ِذي َي ْحلِ ُ
اهلل مِنْ ُه َحتَّى ُي ْؤمِ َن بِا ْل َقدَ ِر.(((»... َقبِ َل ُ
وعن أبي هارون األبلي -وكان ممن صحب سهل بن عبداهلل -وكان
صالحا ،وكان يقرئنا القرآن يف المسجد الجامع ،قال« :سئل سهل بن
ً رجلاً
عبداهلل عن القدر ،فقال :اإليمان بالقدر فرض ،والتكذيب به كفر ،والكالم
فيه بدعة ،والسكوت عنه سنة»(((.
(( ( أخرجه أبو داود في سننه( ،)4700والسنة ،البن أبي عاصم (.)51/1
((( أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح ( ،)8والشريعة ،لآلجري (.)851/2
((( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (.)786/4
287 كتاب اإليمان بالقدر
وتم القدر
«جف القلم ،وقضي القضاءَّ ،
َّ وعن الحسن البصري قال:
بتحقيق الكتاب ،وتصديق الرسل ،وسعادة من عمل واتقى ،وشقاوة من
ظلم واعتدى ،وبالوالية من اهلل للمؤمنين ،وبالتربئة من اهلل للمشركين»(((.
قال ابن بطة العكربي« :ثم من بعد ذلك اإليمان بالقدر خيره وشره،
ومره ،وقليله وكثيره مقدور واقع من اهلل على العباد ،ويف
وحلوه ّ
الوقت الذي أراد أن يقع ،ال يتقدم وال يتأخر ،على ما سبق بذلك علم
اهلل ،وأن ما أصاب العبد لم يكن ليخطئه ،وما أخطأه لم يكن ليصيبه ،وما
تقدم لم يكن ليتأخر ،وما تأخر لم يكن ليتقدم ...فاإليمان هبذا حق الزم،
فريضة من اهلل على خلقه ،فمن خالف ذلك ،أو خرج عنه ،أو طعن
فيه ،ولم يثبت المقادير هلل ،ويضفها ،ويضف المشيئة إليه ،فهو أول
الزندقة»(((.
بــاب
ما يتضمنه اإليمان بالقدر
ونؤمن أن اإليمان بالقدر يتضمن اإليمان بعلم اهلل الشامل المحيط، مرتبـة العلم
[الحج ،]70 :وأن اهلل قد أحاط بكل شيء علما ،قال المولى عز شأنه( :ﰃ
ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ
ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ) [الطالق.]12 :
وأن علمه محيط باألمور العظيمة والجليلة ،والكبيرة والصغيرة ،قال
تعالى( :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ
ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ
ﰊ ﰋ ﰌ) [األنعام .]59 :قال ابن جرير عند تفسير هذه اآلية« :وال
-أيضا -مما هو موجود ،أو مما سيوجد ولم يوجد بعدُ ،إال وهو
ً شيء
مثبت يف اللوح المحفوظ ،مكتوب ذلك فيه ،ومرسوم عدده ومبلغه،
والوقت الذي يوجد فيه ،والحال التي يفنى فيها .ويعني بقوله( :ﰌ):
أنه يبين عن صحة ما هو فيه بوجود ما رسم فيه على ما رسم»(((.
وقال ( :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [سبأ.]3 ،2 :
وعن عمران بن حصين قال :إِنِّي ِعنْدَ النَّبِ ِّي ﷺ إِ ْذ َجا َء ُه َق ْو ٌم مِ ْن
يمَ ،ف َق َال« :ا ْق َب ُلوا ال ُب ْش َرى َيا َبنِي ت َِميمٍ»َ ،قا ُلواَ :ب َّش ْر َتنَا َف َأ ْعطِنَاَ ،فدَ َخ َل َبنِي َت ِم ٍ
َاس مِ ْن َأ ْه ِل ال َي َم ِنَ ،ف َق َال« :ا ْق َب ُلوا ال ُب ْش َرى َيا َأ ْه َل ال َي َم ِن ،إِ ْذ َل ْم َي ْق َب ْل َها َبنُو ن ٌ
ينَ ،ولِن َْس َأ َل َك َع ْن َأ َّو ِل َه َذا األَ ْم ِرَ :ما ت َِميمٍ»َ ،قا ُلواَ :قبِ ْلنَاِ ،ج ْئن َ
َاك لِنَ َت َف َّق َه فِي الدِّ ِ
اءُ ،ث َّم َخ َل َق َان عر ُشه ع َلى الم ِ
َ َان اهَّللَُ ،و َل ْم َيك ُْن َش ْي ٌء َق ْب َل ُهَ ،وك َ َ ْ ُ َ َان؟ َق َال« :ك َ ك َ
الذ ْكرِ ك َُّل َش ْي ٍء»ُ .ث َّم َأ َتانِي َر ُج ٌلَ ،ف َق َال: َب فِي ِّ الس َم َوات َواألَ ْر َضَ ،و َكت َ
ِ
َّ
انَ ،أد ِر ْك نَا َقت ََكَ ،ف َقدْ َذ َهب ْتَ ،فا ْن َط َل ْق ُت َأ ْط ُلبهاَ ،فإِ َذا السراب ينْ َقطعِ ِ
َّ َ ُ َ ُ َُ َ َيا ع ْم َر ُ ْ
ُدون ََهاَ ،وا ْي ُم اهَّللِ َل َو ِد ْد ُت َأن ََّها َقدْ َذ َه َب ْتَ ،و َل ْم َأ ُق ْم(((.
وقد علم ما كان ،وما سيكون ،وما لو كان كيف سيكون،
قال تعالى -مخربًا عن المنافقين أهنم لو خرجوا مع المؤمنين ما زادوهم
إال خبالاً ،وهم لم يخرجوا معهم بعد ( :-ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ) [التوبة.]47 :
وقال اهلل تعالى يف أهل النار( :ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ
ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﰤ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [األنعام .]28 ،27 :فذكر أهنم لو ردوا إلى
الدنيا لعادوا إلى كفرهم ،وهم لم يعرضوا على النار بعد ،وقال تعالى:
(ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ
ﮗ ﮘ ﮙ) [سبأ.]3 :
[الرعد.]39 :
ونؤمن أنه ال يكون شيء إال بقضاء اهلل وقدره ،وال ُيدفع أمر إال
بقضاء اهلل وقدره ،فما قدره واقع ال محالة ،وما صرفه ال يستطيع أحد أن
يوقعه ،فالخلق كلهم ال يستطيعون فعل شيء لم يكتبه اهلل ،وال دفع ما كتبه
،فما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه ،وما أصابه لم يكن ليخطئه،
ول اهَّللِ ﷺ َي ْو ًما، ف رس ِ
فعن عبداهلل بن عباس َ Lق َالُ :كن ُْت َخ ْل َ َ ُ
ظ اهَّللَ ت ِ ك ،اح َف ِ ِ َف َق َال« :يا ُغلاَ م ،إِنِّي ُأع ِّلم َ ِ ٍ
َجدْ ُه اح َفظ اهَّللَ َي ْح َف ْظ َ ْ ك كَل َماتْ : َ ُ ُ َ
ِ ِ
استَع ْن بِاهَّللَ ،وا ْع َل ْم َأ َّن األُ َّم َة َل ِو اس َأ ِل اهَّللََ ،وإِ َذا ْاس َت َعن َ ك ،إِ َذا َس َأ ْل َ
ْت َف ْ ت َف ْ اه َت َُج َ
كَ ،و َل ِو وك إِ اَّل بِ َش ْي ٍء َقدْ َك َت َب ُه اهَّللُ َل َوك بِ َش ْي ٍء َل ْم َينْ َف ُع َ ت َع َلى َأ ْن َينْ َف ُع َ اجت ََم َع ْْ
ك، وك إِ اَّل بِ َش ْي ٍء َقدْ َك َت َب ُه اهَّللُ َع َل ْي َ وك بِ َش ْي ٍء َل ْم َي ُض ُّر َ اجت ََم ُعوا َع َلى َأ ْن َي ُض ُّر َ ْ
ِ ِ ِ
ف»(((. الص ُح ُ ُرف َعت األَ ْقلاَ ُمَ ،و َج َّفت ُّ
مرتبــــة ونؤمن بأن ما شاء اهلل كان وما لم يشأ لم يكن ،وأن مشيئته تامة ،قال
الـمشيئة
اهلل تعالى( :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ) [القصص ،]68 :وقال تعالى( :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ) [التكوير .]29 :وقدرته نافذة ،قال الحق( :ﰌ ﰍ ﰎ
ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ) [فاطر،]44 :
وقال تعالى( :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [األنعام.]112 :
وال يكون يف ملكه إال ما يريد ،قال الحق( :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ
ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [البقرة.]253 :
ونؤمن بأن للعباد مشيئة على الحقيقة ،وهي تابعة لمشيئة اهلل ،قال المولى
اهلل وإرادته ،وأفعال العباد من الخير والشر فعل لهم ،خ ْل ٌق لخالقهم»(((.
ونؤمن أن اهلل يحب الطاعات والمطيعين ،قال جل ثناؤه( :ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ) [الحجرات ،]7 :وقال ( :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ
(ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) ﮊ ﮋ) [النساء ،]69 :وقال تعالى:
(ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [البقرة: [البقرة ،]195 :وقال تعالى:
ِ
،]222وقال ﷺ« :إِ َّن اهَّللَ ُيح ُّ
ب ال ُع َط َ
اسَ ،و َيك َْر ُه ال َّت َثاؤُ َب»(((.
وقال :ما ُأ ِريد على ما أقول مثل هذا ،إن اهلل إذا أراد بعبد ً
خيرا و َّفقه لمحا ِّبه (((
وطاعته ،وما يرضى به عنه ،ومن أراد به غير ذلك اتخذ عليه الحجة ،ثم
عذبه غير ظالم له»(((.
ونؤمن بأن اهلل ال يأمر بالفحشاء ،وال يرضى لعباده الكفر ،قال تعالى:
(ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [األعراف ،]28 :وقال عز شأنه وتعالى سلطانه:
(ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الزمر.]7 :
ونؤمن بأن اهلل خالق كل شيء ،قال تعالى( :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ مرتبــة
الـخلق
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الزمر ،]62 :وأن اهلل خلق العباد ،وخلق أفعالهم ،قال اهلل
تعالى( :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الصافات ،]96 :وال يشاركه أحد يف خلقه
كما ال يشاركه أحد يف ملكه ،قال الحق جل يف عاله( :ﯞﯟﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ)
[الفرقان.]2 :
واحتج اهلل على الخلق بأنه هو الخالق وحده ،قال اهلل تعالى( :ﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)
.]59-57فهو ،وإن كان برهانًا على البعث ،دليل على تفرده [الواقعة:
بــاب
ال تعارض بين األمر والشرع والخلق والعقل
ونؤمن بأنه ال تعارض بين الشرع واألمر والخلق ،فاهلل
له الخلق ،وله األمر ،فكما يفعل ما يشاء وال يسأل عما يفعل ،فهو يأمر
وال راد لقضائه ،وال معقب ألمره ،قال الحق سبحانه( :ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ) [األعراف.]54 :
ونؤمن بأن اهلل قدر مقادير الخالئق قبل أن يخلق السموات واألرض
بخمسين ألف سنة ،ومع ذلك أمر بطاعته وطاعة رسله وأنبيائه ،وهنى عن
معصيته ومعصية رسله وأنبيائه ،قال الحق جل شأنه ،وتقدست أسماؤه:
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ) [يونس .]109-107 :فجمع يف هذه اآليات بين
اإلخبار عن تقديره ،واألمر باتباع وحيه وأمره ،وقال الحق( : ﮌ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [األنعام،]107-106 :
ّ
وأضل من فبين الحق أن الواجب اتباع الهدى ،وأنه هدى من شاء بفضله،
296
المؤ ِمن َِة فِي َن ْف ِس ِه َو َو َل ِد ِه َو َمالِ ِه َحتَّى َي ْل َقى اهَّللَ َو َما َع َل ْي ِه َخطِي َئةٌ»(((.
المؤ ِم ِن َو ْ
بِ ْ
وعن علي قالُ :كنَّا فِي َجن ََاز ٍة فِي َب ِقي ِع ال َغ ْر َق ِدَ ،ف َأ َتانَا النَّبِ ُّي ﷺ
َف َق َعدَ َو َق َعدْ نَا َح ْو َل ُهَ ،و َم َع ُه مِ ْخ َص َرةٌَ ،فنَ َّك َسَ ،ف َج َع َل َينْ ُك ُت بِ ِم ْخ َص َرتِ ِهُ ،ث َّم
الجن َِّة ِ
ب َمكَان َُها م َن َ
ِ س منْ ُف ٍ
وسة إِ اَّل كُت َ
ِ ٍ
«ما منْك ُْم م ْن َأ َحدَ ،ما م ْن َن ْف ٍ َ َ
ِ ِ
َق َالَ :
ول اهَّللَِ ،أ َفلاَ َنتَّكِ ُلت َش ِق َّي ًة َأ ْو َس ِعيدَ ةً»َ ،ف َق َال َر ُج ٌلَ :يا َر ُس َ َّارَ ،وإِ اَّل َقدْ كُتِ َب ْ
َوالن ِ
الس َعا َد ِةَ ،ف َس َي ِص ُير إِ َلى َع َم ِل َع َلى كِتَابِنَا ،ونَدَ ع العم َل؟ َفمن ك َ ِ ِ
َان منَّا م ْن َأ ْه ِل َّ َ ْ َ ُ ََ
او ِةَ ،ف َس َي ِص ُير إِ َلى َع َم ِل َأ ْه ِل َان مِنَّا مِ ْن َأ ْه ِل َّ
الشـ َق َ الس َعا َد ِةَ ،و َأ َّما َم ْن ك َ َأ ْه ِل َّ
الش َق َاو ِة
الس َعا َد ِةَ ،و َأ َّما َأ ْه ُل َّ «أما َأه ُل السعاد ِة َفييسر َ ِ
ون ل َع َم ِل َّ َّ َ َ ُ َ َّ ُ اوةَ .ق َالْ َّ َ :
الش َق ِ
َّ َ
الش َق َاو ِة»ُ ،ث َّم َق َر َأ( :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) ون لِ َع َم ِل َّ َف ُي َي َّس ُر َ
اآل َي َة [الليل.(((»]6 :
ف ول اهَّللَِ ،أ ُي ْع َر ُ
وعن عمران بن حصين َ ق َالَ :ق َال َر ُج ٌلَ :يا َر ُس َ
ون؟ َق َال« :ك ٌُّل َّار؟ َق َالَ « :ن َع ْم»َ ،ق َالَ :فلِ َم َي ْع َم ُل ال َعامِ ُل َ الجن َِّة مِ ْن َأ ْه ِل الن ِ
َأ ْه ُل َ
َي ْع َم ُل لِ َما ُخ ِل َق َل ُهَ ،أ ْو :لِ َما ُي ِّس َر َل ُه»(((.
ول ك ْب ِن ُج ْع ُش ٍم َق َالَ :يا َر ُس َ وعن جابر قال :جاء سرا َق ُة بن مال ِ ِ
َ َ ُ َ ْ ُ َ
يما َج َّف ْت بِ ِه الأْ َ ْقلاَ ُم، ِ ِ ِ ِ ِ
اهللَ ،ب ِّي ْن َلنَا دينَنَا ك ََأنَّا ُخل ْقنَا الآْ َن ،ف َ
يما ا ْل َع َم ُل ا ْل َي ْو َم؟ َأف َ
ت بِ ِه أْالَ ْقلاَ ُم يما َج َّف ْ ِ
«لَ ،ب ْل ف َ يما ن َْس َت ْقبِ ُل؟ َق َال :اَ ِ ِ ِ
َو َج َر ْت بِه ا ْل َم َقاد ُيرَ ،أ ْم ف َ
الز َب ْي ِر بِ َش ْي ٍء ِ ِ ِ
َو َج َر ْت بِه ا ْل َم َقاد ُير» َق َالَ :فف َ
يم ا ْل َع َم ُل؟ َق َال ُز َه ْي ٌرُ :ث َّم َت َك َّل َم َأ ُبو ُّ
َل ْم َأ ْف َه ْم ُهَ ،ف َس َأ ْل ُتَ :ما َق َال؟ َف َق َال« :ا ْع َم ُلوا َفك ٌُّل ُم َي َّس ٌر»(((.
وعن سهل بن سعد الساعدي قال :قال رسول اهلل ﷺ« :إِ َّن
الجن َِّةَ ،وإِ َّن ُه َل ِم ْن َأ ْه ِل الن ِ
َّار، َّاسَ -ع َم َل َأ ْه ِل َ
ِ
ال َع ْبدَ َل َي ْع َم ُل -ف َ
يما َي َرى الن ُ
الجن َِّةَ ،وإِن ََّما ِ
َّارَ ،و ُه َو م ْن َأ ْه ِل َ َّاسَ -ع َم َل َأ ْه ِل الن ِيما َي َرى الن ُ
ِ
َو َي ْع َم ُل -ف َ
األَعم ُال بِخَ واتِ ِ
يم َها»(((. َ ْ َ
ِ
«أحب الطاع َة من عباده َ
وأمر َّ قال اإلمام اآلجري مخربًا عن اهلل أنه:
كونَها من فجرت ممن أطاعه بتوفيقه لهم ،وهنى عن المعاصي ،وأراد ْ ْ هبا،
لألمر هبا ،تعالى عن أن يأمر بالفحشاء ،أو ِ غير محبة منه لها ،وال
وعز من أن ِ
يجر َي يف ملكه ما لم ير ْد أن يجري ،أو شيء يحبهاَّ ،
وجل ربنا َّ
كونِه ،قد علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، ْ
يحط به علمه قبل ْ لم
وقدرا ،قد جرى القلم بأمره تعالى
ً وبعد أن خلقهم ،قبل أن يعملوا قضا ًء
يف اللوح المحفوظ بما يكون ،من ٍّبر أو فجور ،يثني على من عمل بطاعته
من عبيده ،ويضيف العمل إلى العباد ،ويعدهم عليه الجزاء العظيم ،ولوال
توفيقه لهم ما عملوا بما استوجبوا به منه الجزاء؛ (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [الحديد ،]21 :وكذا ذم قو ًما عملوا بمعصيته،
وتوعدهم على العمل هبا ،وأضاف العمل إليهم بما عملوا ،وذلك بمقدور
جرى عليهم ،يضل من يشاء ،ويهدي من يشاء»(((.
ونؤمن بأنه كما ال يوجد تعارض بين الخلق واألمر والشرع ،فكذلك ال ال تعارض بني
الـخلق واألمـر
يوجد تعارض بين الشرع واألمر والعقل ،فكل ما أمر اهلل به ورسوله ﷺ، والرشع والعقل
أو هنى عنه اهلل ورسوله ،أو قدره اهلل ،أو أخرب به -ال يعارض العقل؛ بل هو
مقتضى ما تأمر به العقول ،وهو غاية الحكمة ،قال الحكيم العليم( :ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ)
بــاب
فـعـل األسبــاب من القـدر
ونؤمن أن فعل األسباب ال ينايف اإليمان بالقدر ،بل مباشرة األسباب
من تمام اإليمان بالقضاء والقدر ،وأمر ربنا بطلب الرزق ،وقد أخربنا أنه
كتبه لنا ،قال الحق( :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯﭰ ﭱ ﭲ) [الملك.]15 :
وقال ( :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الجمعة.]10 :
وقال اهلل مخربًا عن يعقوب أنه قال لبنيه( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ
السائِ ِ
ب ْب ِن ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [يوسف .]67 :وعن َّ
َي ِزيدَ َ « :أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َي ْو َم ُأ ُح ٍد َأ َخ َذ ِد ْر َع ْي ِن ،ك ََأ َّن ُه َظ َ
اه َر َب ْين َُه َما»((( .وأمر اهلل
نوحا بصنع السـفينة ،كما أمر موسى بأن يضرب البحر، ً
وأمر مـريم بأن هتز جـذع النخلـة لتساقط عليها الرطب ،إلى غـير
ذلك مما أمر اهلل به عباده باتخاذ األسباب.
ان ْب ِن َب ِش ٍير « َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ
ومن أعظم األسباب :الدعاء ،فع ِن النُّعم ِ
َْ َ
فِي َق ْول ِ ِه َت َعا َلى( :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)َ .ق َال :الدُّ َعا ُء ُه َو
ا ْل ِع َبا َدةَُ ،و َق َر َأ( :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [غافر ]60 :إِ َلى َق ْول ِ ِه:
(ﭪ)»(((.
يه َ ق َال: ومن األسباب :الدواء والرقى ،فعن أبي ِخ َزامةََ ،عن َأبِ ِ
ْ َ
ول اهَّللَِ ،أ َر َأ ْي َت ُر ًقى ن َْست َْرقِ َيها َو َد َوا ًء
ول اهَّللِ ﷺ َف ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ َس َأ ْل ُت َر ُس َ
«ه َي ِم ْن َقدَ ِر اهَّلل ِ»(((. َنتَـدَ اوى بِ ِه و ُت َقا ًة َنت َِّقيها ،ه ْل َترد مِن َقدَ ِر اهَّللِ َشي ًئا؟ َق َالِ :
ْ َ َ ُ ُّ ْ َ َ
بــاب
القدر ال يتعارض مع العدل
وتقديرا وجزا ًء،
ً نؤمن بأن اهلل يأمر بالعدل ،ويحكم به شر ًعا
قال تعالى( :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النحل ،]90 :وقال المولى عز
شأنه( :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [النحل ،]76 :وعن أبي ذر عن النبي ﷺ
فيما روى عن اهلل أنه قال« :يا ِعب ِ
ادي ،إِنِّي َح َّر ْم ُ
ت ال ُّظ ْل َم َع َلى َ َ
َن ْف ِسيَ ،و َج َع ْل ُت ُه َب ْينَك ُْم ُم َح َّر ًماَ ،فلاَ َت َظا َل ُموا»(((.
ونفى عن نفسه الظلم ،فقال تعالى( :ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ
ﰕﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ) [فصلت ،]46 :وقال اهلل تعالى( :ﭶ ﭷ ﭸ
ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [النساء ،]40 :وقال :
(ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [النساء ،]124 :وقال عز شأنه( :ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [يونس ،]44 :وقال الحق
جل شأنه( :ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [األنعام .]160 :إلى غير ذلك من اآليات الدالة على
كمال عدله ،ونفي الظلم عن نفسه.
ونؤمن بأن س ْبق القضاء والقدر ال يلزم منه ظلم للعباد؛ ألن اهلل أنزل س ْبــــق
القضــاء
الكتب ،وأرسل الرسل؛ لئال يكون للناس على اهلل حجة بعد الرسل ،قال والقدر ال
تعالى( :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ يلزم منـه
الظلـــم
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [النساء.]165 :
سرا مكتو ًما ،قال تعالى( :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ وجعل القدر ًّ
واختيارا ،قال المولى عز
ً ﯺ ﯻ) [الجن ،]26 :وجعل للعباد مشيئة
شأنه( :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [الكهف،]29 :
وقال تعالى( :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [اإلنسان ،]3 :وقال
الحق( :ﭬ ﭭ ﭮ) [الشمس.]8 :
305 كتاب اإليمان بالقدر
بــاب
االحتجاج بالقدر
نؤمن بأن اهلل أرسل الرسل ،وأنزل الكتب؛ لئال يكون للناس على اهلل
حجة ،قال المولى عز شأنه( :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [النساء ،]165 :وقال تعالى
مخربًا عن المشركين أهنم احتجوا بالقدر على وقوعهم يف الشرك ،فبين
اهلل كذهبم ،وأذاقهم بأسه ،قال تعالى( :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [األنعام .]148 :ولو كان القدر حجة لهم على شركهم
ما أذاقهم اهلل بأسه.
وسا َم َع النَّبِ ِّي ﷺَ ،و َم َع ُه ُعو ٌد َينْ ُك ُت فِي وعن علي قالُ :كنَّا ُج ُل ً
الجن َِّة»، ض ،و َق َال« :ما ِمنْكُم ِمن َأح ٍد إِ اَّل َقدْ كُتِب م ْقعدُ ه ِمن الن ِ ِ
َّار َأ ْو م َن َ َ َ َ ُ َ ْ ْ َ َ األَ ْر ِ َ
ول اهَّللِ؟ َق َال :اَ
«ل ،ا ْع َم ُلوا َفك ٌُّل ُم َي َّس ٌر». َف َق َال َر ُج ٌل مِ َن ال َق ْو ِمَ :ألاَ َنتَّكِ ُل َيا َر ُس َ
ُث َّم َق َر َأ( :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الليل ]5 :اآل َيةَ»((( ،فأمر النبي ﷺ بالعمل ،وهنى
عن اال ِّتكال على القدر.
ونؤمن أنه يجوز للعبد أن يحتج بالقدر على الذنوب بعد التوبة منها،
فعن حميد بن عبدالرحمن أن أبا هريرة قال :قال رسول اهلل ﷺ
كَ ،و ْاست َِع ْن بِاهللَِ ،و اَلاحرِ ْص َع َلى َما َينْ َف ُع َ ا ْلم ْؤ ِم ِن َّ ِ ِ ِ
الضعيفَ ،وفي ك ٍُّل َخ ْي ٌرْ ، ُ
َان ك ََذا َوك ََذاَ ،و َلكِ ْن ُق ْل:تك َ ك َش ْي ٌء َفلاَ َت ُق ْلَ :ل ْو َأنِّي َف َع ْل ُ َت ْع َجزَْ ،وإِ ْن َأ َصا َب َ
ان»(((. الش ْي َط َِقدَ ُر اهلل ِ َو َما َشا َء َف َع َل؛ َفإِ َّن َل ْو َت ْفت َُح َع َم َل َّ
وعن ابن عباس قو َله يف تفسير قوله تعالى( :ﭮ ﭯ ﭰ
اهَّلل َأ َّن ا ْل ُم ْؤمِ َن إِ َذا
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [البقرة :]156 :قالَ :أ ْخ َب َر ُ
ال مِ َن ث ِخ َص ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
ب َل ُه َثلاَ ُ َس َّل َم الأْ َ ْم َر إِ َلى اهَّلل َو َر َج َع َواست َْر َج َع عنْد ا ْل ُمصي َبة ،كُت َ
ول اهَّللِ الر ْح َمةَُ ،و َت ْح ِق ُيق َسبِي ِل ا ْلهدَ ىَ .و َق َال َر ُس ُ ِ ِ
ا ْلخ ْي ِر :الصَّلاَ ُة م َن اهَّللَ ،و َّ
ِ ِ ِ ِ
حس َن ُع ْق َبا ُهَ ،و َج َع َل َل ُه«م ِن ْاست َْر َج َع عندَ ا ْل ُمصي َبة َج َب َر اهَّللُ ُمصي َب َت ُهَ ،و َأ َ
ﷺَ :
َخ َل ًفا َصالِ ًحا َي ْر َضا ُه»(((.
ملخص الكتاب
نؤمن بأن اهلل خلق الخلق ليعبدوه ،والعبادة التي أمر اهلل هبا هي الحنيفية،
وهي ملة إبراهيم ،وهي التي أمر اهلل هبا جميع الثقلين .والعبادة
أنواع كثيرة ،وال يجوز صرف شيء منها لغير اهلل تعالى .ومن أنواعها:
الدعاء ،والتوكل ،والخشية ،والخوف ،والرجاء ،واالستعاذة ،والذبح،
واالستعانة ،واالستغاثة.
ونؤمن بأن اهلل خلق الخلق ليعبدوه ،ونعلم أن أول أمر ورد يف القرآن الغاية من
اخللــــق
هو األمر بعبادة اهلل وحده دون ما سواه ،وكل نبي قال لقومه( :ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [األعراف.]65 :
ونعلم أن العبادة ال تكون مقبولة حتى تكون خالصة هلل رب العالمين، رشط العبادة
اإلخـالص
موافقة لهدى سيد المرسلين ﷺ. واملتابعـــة
ّ
وحذر وجيب أن يكون المقصود بالعبادة هو اهلل وحده ال شريك له،
خالصا لكنه
ً من الشرك كله كبيره وصغيره ،فمن عمل عملاً
غير موافق لهدي الرسول ﷺ؛ فعمله مردود عليه ،ومن عمل عملاً مواف ًقا
لهدي الرسول ﷺ لكنه غير خالص هلل؛ فهو مردود عليه.
ونعلم أن أصول العبادة ثالثة هي :كمال الحب ،وكمال الرجاء ،وكمال
الخوف ،وأن األنبياء والمرسلين فازوا من ذلك بأوفر الحظ والنصيب.
311 كتاب العبادة
وأعظم ما يرجوه المؤمنون هو رؤية وجه اهلل الكريم ،ورؤية اهلل هي أعلى
ِ
الجنة الجنةَ، نعيم أهل الجنة ،بل هي زيادة نعيم على نعيمهم ،وإذا دخل أهل
زاد اهلل المؤمنين كرامة وإحسانًا إلى إحسانه إليهم تفضلاً منه وجو ًدا بإذنه
لهم بالنظر إليه ،وأعظم ما يخافه أهل اإليمان هو حرماهنم من هذا النعيم
الذي خص به أولياءه من المؤمنين ،وحرم منه أعداءه ،وحجب جميع أعدائه
عن النظر إليه من المشركين واليهود والنصارى والمجوس والمنافقين.
والوسيلة((( هي التقرب إلى اهلل بكل ما يرضيه من واجب أو مستحب.
الوسيلة ونؤمن بأن اهلل أمر عباده بالدعاء ،ووعدهم باإلجابة ،ونعلم أن التوسل
والتوسل
إلى اهلل يكون بأسمائه الحسنى وصفاته العلى؛ ولهذا كانت دعوات األنبياء
والمرسلين أكثر ما تكون بالتوسل بأسماء اهلل الحسنى .ومن مواطن الدعاء
أدبار الصلوات ،ويف الثلث األخير من الليل ،وعند الفطر من الصوم ،ويف
الطواف ،وعلى الصفا والمروة ،ويف عرفات ومزدلفة ،وبعد رمي الجمرات.
كما يكون التوسل باإليمان باهلل ،يكون التوسل إلى اهلل بالعمل الصالح
بأنواع العبادات .ويكون التوسل إلى اهلل بذكر الحال ،وإظهار االفتقار إلى
اهلل ،وأن العبد محتاج إلى عون اهلل ورحمته .ويكون التوسل بأن يطلب
المسلم من الرجل الصالح الحي الحاضر أن يدعو له ،كما طلب إخوة
يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم ،وعَدَ َل الصحابة عن االستسقاء
والتوسل بالرسول ﷺ بعد وفاته إلى التوسل بالعباس ؛ ألهنم
يعلمون أن هذا من التوسل المشروع.
وال يجوز التوسـل بغير ما شرع اهلل؛ فقد كان أهل الجاهلية يتقربون إلى
اهلل بالتوسل إليه بأوثاهنم وآلهتهم.
بــاب
قول اهلل تعــالى:
(ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ)
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [المؤمنون،]117 :
وقال تعالى( :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [غافر.]60 :
(ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [المائدة: ومنها اتلولك ،قال تعالى:
،]23وقال تعالى( :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [الطالق.]3 :
ومنها اخلشية ،قال تعالى( :ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة.]150 :
ومنها اخلوف ،قال الحق جل شأنه( :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ)
[الكهف.]110 :
ومنها االستعاذة ،قال الحق جل ثناؤه( :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [الناس.]1 :
ومنها اذلبح ،قال الحق جل يف عاله( :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [األنعام.]162 :
ومنها االستعانة ،قال تعالى( :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [الفاتحة.]5 :
ومنها االستغاثة ،قال الحق جل شأنه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [األنفال.]9 :
ونعلم أن أول أمر ذكر يف القرآن هو األمر بعبادة اهلل وحده دون ما سواه،
قال جل ثناؤه وتقدست أسماؤه( :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [البقرة .]21 :وكل نبي قال لقومه( :ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) ،كما قال اهلل يف أول الرسل ( :ﭥ ﭦ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ
ﭷ ﭸ) [األعراف ،]59 :وقال اهلل مخربًا عن آخرهم ﷺ أنه قال لقومه:
(ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [النساء ،]36 :وقال اهلل جل يف عاله:
(ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ)
[النحل.]36 :
314
ونعلم أن العبادة ال تكون مقبولة حتى تكون خالصة هلل رب العالمين، رشوط
العبادة
موافقة لهدى سيد المرسلين ﷺ ،قال تعالى( :ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ
ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ) [الكهف.]110 :
ونعلم أنه يجب أن يكون المقصود بالعبادة هو اهلل وحده ال شريك له،
َت ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اِ
قال ﷺ« :إِن ََّما األَ ْع َم ُال بِالنِّ َّي ِةَ ،وإِن ََّما ل ْمرِ ٍئ َما ن ََوىَ ،ف َم ْن كَان ْ
اهَّلل ِ َو َر ُسولِ ِهَ ،ف ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّلل ِ َو َر ُسولِ ِهَ ،و َم ْن كَان ْ
َت ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى ُد ْن َيا ُي ِصي ُب َها َأ ِو
اج َر إِ َل ْي ِه»(((. ٍ
ْام َر َأة َي َتز ََّو ُج َهاَ ،ف ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى َما َه َ
َّ
وحذر من الشرك كله كبيره وصغيره ،فقال ( :ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ) [النساء .]48 :وعن أبى هريرة قال :قال رسول اهلل ﷺ:
الش ْر ِكَ ،م ْن َع ِم َل َع َملاً َأ ْش َر َك فِ ِيه الشرك ِ
َاء َع ِن ِّ « َق َال اهللُ َ :أنَا َأ ْغنَى ُّ َ
َم ِعي َغ ْيرِي ،ت ََر ْك ُت ُه َو ِش ْر َك ُه»(((.
خالصا لكنه غير موافق لهدي الرسول ﷺ فعمله
ً فمن عمل عملاً
مردود عليه ،قال اهلل تعالى( :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
«م ْن َع ِم َل َع َملاً
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [األحزاب .]21 :وقال ﷺَ :
َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا َف ُه َو َر ٌّد»((( ،وقال عز من قائل( :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [النور ،]63 :وقال عز من قائل:
(ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)
أصـول ونعلم أن أصول العبادة ثالثة هي :كمال الحب ،و كمال الرجاء ،وكمال
العبـادة
الخوف ،وقد فاز األنبياء والمرسلون من ذلك بأوفر الحظ والنصيب،
قال تعالى مخربًا عن حالهم( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [األنبياء ،]90 :وقال عز من
قائل( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [المؤمنون ،]61 ،60 :وقال ( :ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ)
وعن أبي هـريرة أن رسول اهلل ﷺ قالَ « :ف َو ا َّل ِذي َن ْف ِسي بِ َي ِد ِه،
ب إِ َل ْي ِه ِم ْن َوالِ ِد ِه َو َو َل ِد ِه»((( .وال ينال العبد اَ ي ْؤ ِم ُن َأ َحدُ ك ُْم َحتَّى َأك َ
ُون َأ َح َّ لُ
محبة اهلل حتى يتبع الرسول ﷺ ،قال الحق جل يف عاله( :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [آل عمران.]31 :
وأعظم ما يرجوه المؤمنون هو رؤية وجه اهلل الكريم ،قال تعالى( :ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [القيامة.]23 ،22 :
ورؤية اهلل هي أعلى نعيم أهل الجنة ،بل هي زيادة نعيم على نعيمهم،
قال تعالى( :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ
ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [يونس.]26 :
وعن صهيب عن النبي ﷺ قال« :إِ َذا َد َخ َل َأ ْه ُل ا ْل َجن َِّة ا ْل َجنَّةَ،
ونَ :أ َل ْم ُت َب ِّي ْض ون َش ْيئًا َأ ِزيدُ ك ُْم؟ َف َي ُقو ُل َ
ول اهللُ ُ :ترِيدُ َ َق َالَ :ي ُق ُ
َّار؟ َق َالَ :فيك ِْش ُ ِ وهنَا؟ َأ َل ْم تُدْ ِخ ْلنَا ا ْل َجنَّةََ ،و ُتن َِّجنَا ِم َن الن ِ
ابَ ،ف َما ف ا ْلح َج َ َ ُو ُج َ
ب إِ َل ْي ِه ْم ِم َن النَّ َظرِ إِ َلى َر ِّب ِه ْم .(((» ُأ ْع ُطوا َش ْيئًا َأ َح َّ
بــاب
التوسل والوسيلة
والوسيلة هي التقرب إلى اهلل بكل ما يرضيه من واجب أو مستحب.
ونؤمن بأن اهلل أمر عباده بالدعاء ،ووعدهم باإلجابة ،فقال جل
من قائل( :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [غافر ،]60 :وقال جل ثناؤه وتقدست
أسماؤه( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [البقرة.]186 :
أنـــواع ونعلم أن التوسل إلى اهلل يكون بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ،كما
التوسـل
قال تعالى( :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [األعراف ،]180 :وقال تعالى( :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ) [اإلسراء.]110 :
ولهذا كانت دعوات األنبياء والمرسلين أكثر ما تكون بالتوسل بأسماء
اهلل الحسنى ،كما قال تعالى مخربًا عن آدم وزوجه أهنما قاال( :ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [األعراف ،]23 :وقال
الخليل ( :ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ) [إبراهيم ،]40 :وقال موسى ( :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [األعراف.]151 :
318
اإلبِ ِل َوال َب َقرِ َوال َغنَ ِمت َل ُه :ك ُُّل َما ت ََرى ِم ْن َأ ْجرِ َك ِم َن ِ اهَّللَِ ،أ ِّد إِ َل َّي َأ ْجرِيَ ،ف ُق ْل ُ
ك، ت :إِنِّي اَل َأ ْست َْه ِزئُ بِ َ يقَ ،ف َق َالَ :يا َع ْبدَ اهَّللِ ،اَل ت َْست َْه ِزئ بِيَ ،ف ُق ْل ُ الر ِق ِ
َو َّ
ك ا ْبتِغَا َءت َذلِ َ استَا َق ُهَ ،ف َل ْم َيت ُْر ْك ِمنْ ُه َش ْيئًا ،ال َّل ُه َّم َفإِ ْن ُكن ُ
ْت َف َع ْل ُ َف َأ َخ َذ ُه ُك َّل ُهَ ،ف ْ
الصخْ َرةَُ ،فخَ َر ُجوا َي ْم ُش َ ِ ِ ِ َو ْج ِه َ
ون»(((. كَ ،فا ْف ُر ْج َعنَّا َما ن َْح ُن فيهَ ،فا ْن َف َر َجت َّ
ويكون التوسل إلى اهلل بأنواع العبادات ،ومن أهمها الدعاء ،كما قال
جل ثناؤه يف أنبيائه( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [األنبياء .]90 :ومن مواطن الدعاء أدبار
الصلوات ،ويف الثلث األخير من الليل ،وعند الفطر من الصوم ،ويف الطواف،
وعلى الصفا والمروة ،ويف عرفات ،ومزدلفة ،وبعد رمي الجمرات.
ويكون التوسل بذكر الحال ،وإظهار االفتقار إلى اهلل ،وأن العبد محتاج
إلى عون اهلل ورحمته ،قال تعالى مخربًا عن موسى أنه قال( :ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [القصص ،]24 :وقال جل ثناؤه يف نبي اهلل أيوب
أنه دعا فقال( :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [األنبياء.]83 :
ويكون التوسل بأن يطلب المسلم من الرجل الصالح الحي الحاضر أن
يدعو له ،كما طلب إخوة يوسف من أبيهم Sيستغفر لهم ،قال اهلل
تعالى مخربًا عن ذلك( :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [يوسف:
ْت مِ ْل َح َ
انَ ،قا َل ْت :نَا َم النَّبِ ُّي ﷺ َي ْو ًما أنس بن مالكَ ،عن َخا َلتِ ِه ُأم حرا ٍم بِن ِ
ِّ َ َ ْ
َاس ِم ْن ُأ َّمتِي
«أن ٌاس َت ْي َق َظ َي َت َب َّس ُمَ ،ف ُق ْل ُتَ :ما َأ ْض َح َك َك؟ َق َالُ : ِ
َق ِري ًبا منِّيُ ،ث َّم ْ
وك َع َلى األَ ِس َّر ِة»َ ،قا َل ْت: ون ه َذا البحر األَ ْخ َضر كَا ْلم ُل ِ
ُ َ َ ْ َ ُعرِ ُضوا َع َل َّي َي ْر َك ُب َ َ
اهَّلل َأ ْن َي ْج َع َلنِي مِن ُْه ْم َفدَ َعا َل َهاُ ،ث َّم نَا َم ال َّثانِ َيةََ ،ف َف َع َل مِ ْث َل َهاَ ،ف َقا َل ْت مِ ْث َل
َفا ْد ُع َ
ْت ِم َن «أن ِاهَّلل َأ ْن َي ْج َع َلنِي مِن ُْه ْمَ ،ف َق َالَ : ِ ِ
َق ْول َهاَ ،ف َأ َجا َب َها م ْث َل َهاَ ،ف َقا َل ْت :ا ْد ُع َ
ِ
ين»(((. األَ َّول َ
ولما فسر النبي ﷺ صفة السبعين أل ًفا الذين يدخلون الجنة بال حساب،
اش ُة َ ،ف َق َال« :ا ْد ُع اهللَ َأ ْن َي ْج َع َلنِي ِمن ُْه ْم»(((.
َقا َم ُع َّك َ
َان إِ َذا َق َح ُطوا وعن أنس أن عمر بن الخطاب « ك َ
بَ ،ف َق َال :ال َّل ُه َّم إِنَّا ُكنَّا َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َك اس ْب ِن َع ْب ِد الم َّطلِ ِ است َْس َقى بِال َع َّب ِ ْ
ِ ِ
اسقنَاَ ،ق َالَ :ف ُي ْس َق ْو َن»((( ،فعدل بِنَبِ ِّينَا َفت َْسقينَاَ ،وإِنَّا َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َك بِ َع ِّم َنبِ ِّينَا َف ْ
الصحابة عن االستسقاء والتوسل بدعاء الرسول ﷺ -لكونه
قد مات -إلى التوسل بدعاء العباس ؛ ألهنم يعلمون أن هذا من
التوسل المشروع ،فعمر يقصد التوسل بدعاء العباس ،وليس
بالعباس نفسه؛ ألنه لو كان المقصود التوسل بالعباس نفسه لكان النبي ﷺ
أولى بذلك.
وال يجوز التوسل بغير ما شرع اهلل ،فقد كان أهل الجاهلية يتقربون
إلى اهلل بالتوسل إليه بأوثاهنم وآلهتهم ،قال تعالى مخربًا عن شنيع فعلهم:
(ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ)
[الزمر.]3 :
ملخص الكتاب
ونعلم أن مما يضاد اإليمان باهلل :الشرك باهلل العظيم -وهو أعظم الظلم
-والشرك يحبط جميع األعمال ،والشرك ال يغفر اهلل لصاحبه إذا مات ولم
يتب ،والمشرك إذا مات ولم يتب فالجنة عليه حرام ،ومأواه جهنم خالدً ا
فيها.
إبطــال وقد أبطل اهلل الشرك ،ونعى على المشركين شركهم ،وبين فساد
الشــرك
اتخاذهم األنداد ،وأهنا ال تنفع ،وال تضر ،فتارة يبين أن هؤالء الشركاء ال
يسمعون ،ولو سمعوا ما استجابوا لمن دعاهم .وتارة يبين الحق أن هؤالء
الشركاء ال ينفعون وال يضرون ،وال يملكون مو ًتا وال حياة .وتارة يبين
الحق أن هؤالء المعبودين من دون اهلل أنقص ممن عبدها؛ ألهنا ال تمشي،
وال تبطش ،وال تسمع ،وال ترى .وتارة يبين المولى عز شأنه عجز هذه
المعبودات وضعفها ،وتارة يحكم عليها المولى عز شأنه بالفقر والق ّلة،
وأهنا ال تملك مثقال ذرة يف السموات وال يف األرض مل ًكا تا ًّما ،وال تملك
ظهيرا ومعينًا هلل ،
ً شراكة يف شيء من ذلك ،وليس شيء منها
وال شفي ًعا عنده .وتارة يبين الحق أن وجود آلهة مع اهلل ممتنع
عقلاً ،ومستحيل كونًا ،وباطل شر ًعا.
أنــواع ونعلم أن الرشك األكرب أنواع كثرية:
الشـرك
األكــرب ٌ
شريك يف ربوبيته وخلقه وملكه ورزقه وتدبيره، •منها :أن ُي ْجعل مع اهلل
وبين الحق أنه هو المتفرد سبحانه بالخلق واألمر.
كبيرا.
علوا ً
•ومنها :أن يجعل العبد هلل ولدً ا -تعالى اهلل عن ذلك ًّ
-أيضا -االستسقاء
ً •ومنها :اإليمان بالكواكب وعبادهتا ،ومن ذلك
بالنجوم ،واعتقاد أهنا تجلب الرزق.
324
•ومنه :ال ِّط َيرة ،وحدُّ الطيرة -كما يف الحديث -ما أمضاك أو ردك.
•ومنه :تعليق التمائم.
•ومنه :يسير الرياء ،أما من امتأل قلبه من الرياء ،وصار يعمل الصالحات
بال نية وال إيمان وال خشية ،فهو المنافق الخالص ،وعمله حابط
السرائر ،وبين ﷺ
مردود غير مقبول ،والرسول ﷺ سماه شرك َّ
أن الرياء خفي جدًّ ا ،وأنه ﷺ كان يخافه على أمته أشد من خوفه
عليها من المسيح الدجال.
•ومنه :إرادة اإلنسان بعمله الدنيا ،وهذا مرتدد بين أن يكون شركًا أكرب،
وأن يكون أصغر بحسب ما يقوم يف قلب العبد.
•ومنه :التنجيم ،والتنجيم قد يكون شركًا أكرب ،وقد يكون شركًا أصغر
بحسب ما يقوم بالقلب.
•ومنه :قول الرجل :ما شاء اهلل وشئت وما شاهبها من األلفاظ.
•ومنه :الحلف بغير اهلل.
ونعلم أن مما يضاد اإليمان باهلل :النفاق ،وهو إظهار اإلسالم ،وإخفاء النفـــاق
الكفر ،وهو أكرب وأصغر ،والنفاق هو الكفر ،أن يكفر باهلل ويعبد غيره،
ويظهر اإلسالم يف العالنية ،مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول اهلل
ﷺ ،والنفاق األكرب مخرج من الملة ،ونشهد بشهادة اهلل أن المنافقين
كاذبون يف دعواهم اإليمان.
وال يقبل اهلل من المنافق صر ًفا وال عدلاً ،ومآل المنافق -إن مات على
النفاق -الخلود يف النار.
327 كتاب ما يضاد أصل اإليمان أو يضاد كماله
فرحا
بغضا للحق وكراهية له ،ويكون ً ونعلم أن النفاق األكبر يكون ً
كفرا بعدنصرا لإلسالم .ويكون ًهبزيمة اإلسالم وأهله ،وحسرة إن رأوا ً
وإعراضا عن قبول التحاكم إلى الشرع .ويكون ظنًّا باهلل ظن السوء
ً إيمان،
أنه لن ينصر نبيه ﷺ ودينه ،ويكون سخرية من الحق وأهله ،وس ًّبا لهم
لمزا للمسلمين -ويكون مخادعة ألهل اإليمان واستهزا ًء هبم -ويكون ً
وريا ًء باألعمال.
وأمر اهلل نبيه ﷺ والمؤمنين بجهاد المنافقين.
ونعلم أن النفاق األصغر ال يخرج من الملة ،وال يحبط العمل ،وال
يخلد صاحبه يف النار ،وال يضاد أصل اإليمان ولكنه يضاد كماله ،وأن
النفاق شعب أربع ،من ك ّن فيه كان مناف ًقا ،ومن كانت فيه خصلة من هذه
األربع كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها :إذا حدث كذب ،وإذا وعد
أخلف ،وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر
* والبدعة كلها ضاللة.
وأتم علينا النعمة .ومما يضاد كمال
ونؤمن أن اهلل قد أكمل لنا الدينَّ ،
اإليمان البدع يف الدين ،ونعلم أن اهلل هنى عن التفرق واالختالف.
ونعلم أن من البدع تعظيم القبور والبناء عليها ،وقد تصل إلى الشرك،
ومن البدع تصوير الصالحين رجاء االقتداء هبم بعد مماهتم.
ونعلم أن من البدع المنكرة :االحتفاالت البدعية ومشاركة الكفار
أعيادهم.
ونعلم أن من البدع المنكرة :طلب الربكة مما لم يجعله اهلل سب ًبا مباركًا،
وهذا قد يكون سب ًبا إلى الشرك.
328
بــاب
الكفر باهلل
نعلم أن مما يضاد اإليمان باهلل :الكفر باهلل ،وهو أكرب وأصغر ،والكفر
األكرب يضاد أصل اإليمان ،والكفر األصغر يضاد كماله ،واألكرب مخرج من
الملة ،وال يقبل اهلل من صاحبه صر ًفا وال عدلاً ،قال تعالى( :ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [آل عمران ،]85 :وقال
تعالى( :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [آل عمران،]91 :
وقال الحق جل يف عاله( :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [البقرة .]48 :والكفر محبط لجميع
األعمال ،قال الحق جل شأنه( :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ
ﰅ ﰆ ﰇ) [المائدة ،]5 :وعن ابن عباس قوله( :ﯽ ﯾ
ِ
ان ُه َو ا ْل ُع ْر َو ُة
يم َاهَّلل ُس ْب َحا َن ُه َأ َّن الإْ َ
ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ)َ ،ق َالَ « :أ ْخ َب َر ُ
ا ْلو ْث َقىَ ،و َأ َّن ُه لاَ َي ْق َب ُل َع َملاً إِ اَّل بِ ِهَ ،ولاَُ ي َح ِّر ُم ا ْل َجنَّ َة إِ اَّل َع َلى َم ْن َت َر َك ُه»(((.
والكافر خالد مخلد يف النار ،قال تعالى( :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [النساء.]169 ،168 :
والكفر األكبر أنواع ،أخرب اهلل عنها يف كتابه ،وذكر أن كفر الكافرين أنواع الكفر
األكـــــرب
((( تفسير الطبري ( )113/3و ( .)593/9وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (،)1307
ولكن في تفسير قوله( :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ).
329 كتاب ما يضاد أصل اإليمان أو يضاد كماله
ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ
ﯭ) [نوح.]7 :
وتارة يكون الكفر تكذي ًبا ،كما قال اهلل يف األمم السابقة( :ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ)
ِ
ض»(((. «ل ت َْر ِج ُعوا َب ْعدي ُك َّف ًاراَ ،ي ْضرِ ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ
اب َب ْع ٍ وقوله ﷺ :اَ
فهذا الكفر ال ُيخرج من الملة ،وال ُيخلد صاحبه يف النار؛ ألن اهلل سمى
المؤمنين المتقاتلين إخوانًا ،فقال تعالى( :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
ﮞ ﮟ) [الحجرات ،]9 :فسماهم مؤمنين وهم يتقاتلون ،وقال إمام
أهل السنة اإلمام أحمد - بعد أن ساق جملة من هذه األحاديث
وأمثالها« :هذه األحاديث التي جاءت« :ثالث من كن فيه فهو منافق» هذا
على التغليظ ،نرويها كما جاءت ،وال نفسرها ...ونحوه من األحاديث مما
وحفظ فإنا نسلم له ،وإن لم ُيعلم تفسيرها ،وال ُيتكلم فيه ،وال
قد صح ُ
ُيجادل فيه ،وال تفسر هذه األحاديث إال بمثل ما جاءت»(((.
بــاب
الشرك باهلل
نعلم أن مما يضاد اإليمان باهلل :الشرك باهلل العظيم ،وهو أكرب وأصغر،
والشرك األكرب يضاد أصل اإليمان ،والشرك األصغر يضاد كماله ،والشرك
األكرب أعظم الظلم ،قال تعالى( :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [لقمان .]13 :والشرك األكرب يحبط
جميع األعمال ،قال تعالى( :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [الزمر ،]65 :وقال عز من قائل:
(ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ) [األنعام.]88 :
والشرك األكرب ال يغفر اهلل لصاحبه إذا مات ولم يتب منه ،قال تعالى:
(ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ) [النساء .]48 :والمشرك إذا مات ولم يتب فالجنة حرام
عليه ،ومأواه جهنم خالدً ا فيها ،قال اهلل تعالى( :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ) [المائدة .]72 :وعن جابر َ ق َال:
ِ ِ َأ َتى النَّبِي ﷺ رج ٌلَ ،ف َق َال :يا رس َ ِ
ات اَل ول اهللَ ،ما ا ْل ُموج َبتَان؟ َف َق َالَ :
«م ْن َم َ َ َ ُ َ ُ َّ
ِ ِ ِ ِ
ُي ْشرِ ُك بِاهلل َش ْيئًا َد َخ َل ا ْل َجنَّةََ ،و َم ْن َم َ
ات ُي ْشر ُك باهلل َش ْيئًا َد َخ َل الن ََّار» .
(((
وقد أبطل اهلل الشرك ،ونعى على المشركين شركهم ،وبين فساد اتخاذهم إبطـــال
الشــرك
األنداد ،وأهنا ال تنفع وال تضر ،فتارة يبين أن هؤالء الشركاء ال يسمعون،
[األعراف.]197 :
وتارة يحكم عليها المولى عز شأنه بالفقر والقلة ،وأهنا ال تملك مثقال
ذرة يف السموات وال يف األرض مل ًكا تا ًّما ،وال تملك شراكة يف شيء من
ظهير ،وال معين ،وال شفيع عنده ،قال تعالى:
ٌ ذلك ،وليس هلل تعالى منها
(ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﭑﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [سبأ.]23 ،22 :
وتارة يبين الحق أن وجود آلهة مع اهلل ممتنع عقلاً ،
ومستحيل كونًا ،وباطل شر ًعا ،قال اهلل تعالى( :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
،]22وقال اهلل عز شأنه ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [األنبياء:
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ
ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [األعراف.]54 :
كبيرا -قال ومن أنواعه :أن ُي ْج َع َل هلل ولدٌ -تعالى اهلل عن ذلك ًّ
علوا ً
المولى عز شأنه( :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ) [التوبة ،]30 :وقال
عز من قائل( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [األنعام ،]100 :وقال الحق :
(ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الزخرف.]16 ،15 :
ومن أنواعه :اإليمان بالكواكب وعبادتها ،قال تعالى مخربًا عن إبراهيم
الخليل أنه حاج قومه يف عبادة الكواكب( :ﭢ ﭣ ﭤ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ
ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ
ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ
ﰉ) [األنعام.]81-75 :
336
ول اهَّللِ ﷺ وعن زيد بن خالد الجهني أنه قالَ :ص َّلى َلنَا َر ُس ُ
صلاَ َة الصبحِ بِالحدَ يبِي ِة َع َلى إِ ْث ِر سم ٍ
اء كَان َْت مِ َن ال َّل ْي َل ِةَ ،ف َل َّما ان َْص َر َ
ف َأ ْق َب َل َ َ ُ ْ َ ُّ ْ َ
اهَّلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُم،
ون َما َذا َق َال َر ُّبك ُْم؟» َقا ُلواُ : «ه ْل تَدْ ُر ََّاسَ ،ف َق َالَ : َع َلى الن ِ
ادي مؤ ِمن بِي وكَافِرَ ،ف َأما من َق َال :مطِرنَا بِ َف ْض ِل اهَّلل ِ «أصبح ِمن ِعب ِ
ُ ْ َ ٌ َّ َ ْ ُْ ٌ َق َالَ ْ َ َ ْ َ :
َبَ ،و َأ َّما َم ْن َق َال :بِن َْو ِء ك ََذا َوك ََذا، ك ُم ْؤ ِم ٌن بِي َوكَافِ ٌر بِالك َْوك ِ َو َر ْح َمتِ ِهَ ،ف َذلِ َ
َب»(((. ك كَافِ ٌر بِي َو ُم ْؤ ِم ٌن بِالك َْوك ِ َف َذلِ َ
ومن أنواعه :أن ُي ْج َع َل مع اهلل شريك يف أسمائه أو صفاته
كمن يزعم أن أحدً ا غير اهلل يعلم الغيب ،واهلل أمر نبيه ﷺ أن يقول( :ﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ) [األنعام ،]50 :وقال
الحق جل يف عاله( :ﯿ ﰀ ﰁ) [يونس .]20 :وعن أبي هريرة
ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ)
.]115وعن أبى الطفيل قال :قلنا لعلي بن أبى طالب :أخربنا بشيء
َّاسَ ،و َلكِنِّي
«ما َأ َس َّر إِ َل َّي َش ْيئًا َكت ََم ُه الن َأسره إليك رسول اهلل ﷺ ،فقالَ : َّ
ِ ِ َس ِم ْع ُت ُه َي ُق ُ
ولَ :ل َع َن اهللُ َم ْن َذ َب َح ل َغ ْيرِ اهلل»(((؛ وألن هذا األمر عظيم جدًّ ا ،هنى
النبي ﷺ عن الذبح بمكان يذبح فيه لغير اهلل ،فعن ثابت بن الضحاك
ول اهَّللِ ﷺ َأ ْن َين َْح َر إِبِلاً بِ ُب َوا َن َة -هي هضبة من قال« :ن ََذر ر ُج ٌل َع َلى َع ْه ِد رس ِ
َ ُ َ َ
وراء ينبع قريبة من ساحل البحرَ -ف َأ َتى النَّبِ َّي ﷺَ ،ف َق َال :إِنِّي ن ََذ ْر ُت َأ ْن َأن َْح َر
اه ِل َّي ِة ُي ْع َبدُ ؟»
ان ا ْلج ِ ِ إِبِلاً بِبوا َنةََ ،ف َق َال النَّبِي ﷺ« :ه ْل ك َ ِ
َان ف َيها َو َث ٌن م ْن َأ ْو َث ِ َ َ ُّ َُ
ول اهَّللِ اد ِه ْم؟»َ ،قا ُلوا :لاَ َ ،ق َال َر ُس ُ َان فِيها ِعيدٌ ِمن َأعي ِ
ْ َْ «ه ْل ك َ َ َقا ُلوا :لاَ َ ،ق َالَ :
يما اَل َي ْم ِل ُك ا ْب ُن ِ ِ ِ ِ ِ ِ ﷺِ َ :
«أ ْوف بِن َْذ ِر َك؛ َفإِ َّن ُه اَل َو َفا َء لن َْذ ٍر في َم ْعص َية اهَّللَ ،و اَل ف َ
آ َد َم»(((.
ومن أنواعه :النذر لغير اهلل؛ فالنذر عبادة هلل ال يجوز صرفه لغير اهلل؛ ولذا
مدح اهلل المؤمنين الذين يوفون بالنذر ،قال تعالى( :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ) [اإلنسان ،]7 :وقال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة.]270 :
يع اهَّللَ َف ْل ُيطِ ْع ُهَ ،و َم ْن ن ََذ َر َأ ْن َي ْع ِص َي ُه َفلاَ َي ْع ِص ِه»(((.ِ
«م ْن ن ََذ َر َأ ْن ُيط َ
وقال ﷺَ :
ومن أنواعه :االستعاذة بغير اهلل ،عن ابن عباس قال« :ك َ
َان
اهلِ َّي ِةَ ،ف َي ُق ُ
ولَ :أ ُعو ُذ ادي فِي ا ْلج ِ
َ
يت َأحدُ ُهم بِا ْلو ِ
ْس َيبِ ُ َ ْ َ ِر َج ٌال مِ َن الإْ ِ ن ِ
اديَ ،ف َزا َد ُه ْم َذل ِ َك إِ ْث ًما»((( ،قال تعالى مخربًا عن حال أهل
بِع ِز ِيز َه َذا ا ْلو ِ
َ َ
الجاهلية( :ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الجن.]6 :
ات اهلل ِ التَّام ِ
ات ِم ْن َش ِّر «أعو ُذ بِك َِلم ِ
َّ َ وأخرب النبي ﷺ أن من نزل منزلاً وقالُ َ :
ك»(((. َح َل ِم ْن َمن ِْزلِ ِه َذلِ َ
ما َخ َل َقَ ،لم ي ُضره َشيء حتَّى يرت ِ
ْ َ َّ ُ ْ ٌ َ َ ْ َ
ومن أنواعه :االستغاثة واالستعانة بغير اهلل فيما ال يقدر عليه إال اهلل ،أو
دعاء غير اهلل ،قال تعالى( :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [الجن،]18 :
وقال تعالى( :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [فاطر ،]14 :وقال المولى
موضحا أن المشركين يستغيثون باهلل إذا مسهم الضر ،ثم يعودون
ً عز شأنه
إلى شركهم إذا نجاهم اهلل( :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [العنكبوت ،]65 :وقال عز شأنه( :ﯫ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ
ﯼ) [األحقاف ،]5 :وقال اهلل تعالى مبينًا أنه هو الذي يغيث الملهوف
ويكشف الضر( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [النمل.]62 :
ومن أنواعه :شرك الطاعة لغير اهلل ،قال تعالى مخربًا عن أهل الكتاب
أهنم اتخذوا أحبارهم ورهباهنم أربا ًبا يشرعون لهم ،ويحرمون عليهم
ما أحل اهلل لهم( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [التوبة ،]31 :وقال تعالى( :ﮭ ﮮ
.]21وأمر ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الشورى:
اهلل عباده باإليمان به والتحاكم إلى شرعه ،وبين أن الشيطان يريدهم أن
يتحاكموا إلى الطاغوت ،فقال جل من قائل( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [النساء:
ِ ِ
يب .]60وعن عدي بن حاتم قالَ :أ َت ْي ُت النَّبِ ّي ﷺ َوفي ُعنُقي َصلِ ٌ
ور ِة
«س َ
ِ ِ
الو َث َنَ ،و َسم ْع ُت ُه َي ْق َر ُأ في ُ
ِ
بَ ،ف َق َالَ :يا َعد ُّي ،ا ْط َر ْح َعن َْك َه َذا َ مِ ْن َذ َه ٍ
َب َرا َءة»( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [التوبة:
«أ َما إِن َُّه ْم َل ْم َيكُونُوا َي ْع ُبدُ ون َُه ْمَ ،و َلكِن َُّه ْم كَانُوا إِ َذا َأ َح ُّلوا َل ُه ْم َش ْيئًا
َ ،]31ق َالَ :
ْاست ََح ُّلو ُهَ ،وإِ َذا َح َّر ُموا َع َل ْي ِه ْم َش ْيئًا َح َّر ُمو ُه»(((.
ومن أنواعه :الشرك يف الصالة والركوع والسجود والطواف؛ ذلك أن
هذه العبادات وأمثالها ال يجوز صرفها لغير اهلل ،وأمر اهلل خليله
والركَّع السجود ،قال تعالى( :ﭶ ﭷ
أن يطهر بيته للطائفين والعاكفين ُّ
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ) [الحج ،]26 :وأمر الحق أن يكون السجود
((( أخرجه الترمذي ( ،)3095وابن سعد ( ،)219 /6وابن أبي حاتم في التفسير
( ،)10057والطبراني في الكبير (.)218 /92 /17
342
وقد نعى اهلل على أهل الكتاب اتخاذهم أحبارهم ورهباهنم أربا ًبا
يشرعون لهم ،قال تعالى( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [التوبة .]31 :وقال الحق جل يف عاله:
(ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الشورى.]21 :
يب مِ ْن ِ ِ
وعن عدي بن حاتم قالَ :أ َت ْي ُت النَّبِ َّي ﷺ َوفي ُعنُقي َصلِ ٌ
ور ِة ِ ِ ِ
الو َث َن»َ ،و َسم ْع ُت ُه َي ْق َر ُأ في ُس َ ْك َه َذا َ ي ا ْط َر ْح َعن َ «يا َعد ُّ بَ ،ف َق َالَ : َذ َه ٍ
َب َرا َءة( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [التوبة:
«أ َما إِن َُّه ْم َل ْم َيكُونُوا َي ْع ُبدُ ون َُه ْمَ ،و َلكِن َُّه ْم كَانُوا إِ َذا َأ َح ُّلوا َل ُه ْم َش ْيئًا
َ ،»]31ق َالَ :
ْاست ََح ُّلو ُهَ ،وإِ َذا َح َّر ُموا َع َل ْي ِه ْم َش ْيئًا َح َّر ُمو ُه»(((.
وأهل الكتاب يضاهئون يف ذلك المشركين الذين قال اهلل عنهم( :ﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ) [النحل.]35 :
وقال تعالى( :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [النساء.]65 :
وقال عز من قائل( :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ) [الشورى .]21 :وقال تعالى( :ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ
ﰆ ﰇ ﰈ) [المائدة.]50 :
((( أخرجه الترمذي ( ،)3095وابن سعد ( ،)219 /6وابن أبي حاتم في التفسير
( ،)10057والطبراني في الكبير (.)218 /92 /17
344
ومن أنواعه :شرك المحبة ،وهي أن يحب مخلو ًقا محبة مقرتنة بالذل
والتعظيم والخضوع ،قال تعالى يف محبة المشركين ألندادهم( :ﭽ
ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [البقرة .]165 :وعن
عبداهلل قال :سألت النبي ﷺ :أي الذنب أعظم؟ قال« :أن تجعل
هلل ندًّ ا وهو خلقك.(((»...
ومن أنواعه :شرك الخوف والخشية ،وهو أن يخشى ،أو يخاف من
مخلوق خو ًفا مقرتنًا بالخضوع والذل والتعظيم ،كأن يخاف أن ينزل به
البالء ،أو يمنع عنه الخير ،أو أن يفعل ألجله محر ًما على سبيل التقرب،
قال عز من قائل( :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ) [آل عمران .]175 :والمشركون يعتقدون أن آلهتهم تضر وتنفع؛ ولذا
ظنوا أن آلهتهم أصابت نبي اهلل هو ًدا بسوء حيث قالوا( :ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)
تعالى( :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [غافر .]43 :ولو لم يكونوا
يعتقدون أهنم يجيبوهنم لما نفاها مؤمن آل فرعون.
ومن أنواعه :السحر ،قال تعالى( :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [البقرة .]102 :وعن أبي هريرة
ول اهَّللِ، ات» َقا ُلواَ :يا َر ُس َ عن النبي ﷺ قال« :اجتَنِبوا السبع الموبِ َق ِ
َّ ْ َ ْ ُ
«الشر ُك بِاهَّللِ ،والسحر ،و َقت ُْل النَّ ْف ِ ِ
الح ِّق،س ا َّلتي َح َّر َم اهَّللُ إِ اَّل بِ َ َ ِّ ْ ُ َ َو َما ُه َّن؟ َق َالْ ِّ :
ف المحصن ِ
َات فَ ،و َق ْذ ُ ال اليتِيمِ ،والتَّو ِّلي يوم الزَّح ِ َو َأك ُْل الر َباَ ،و َأك ُْل م ِ
ْ َ ْ َ َ َْ َ َ َ ِّ
الم ْؤ ِمنَات الغَافلاَ ت»(((.
ِ ِ ِ
ُ
الشع َث ِ َارَ ،س ِم َع َب َجا َل َة ُي َحدِّ ُ
و َع ْن َع ْم ِرو ْب ِن ِدين ٍ
اء، سَ ،و َأ َبا َّ ْ ث َع ْم َرو ْب َن َأ ْو ٍ
ِ اوي َة َعم الأْ َحن ِ ِ ِ ِ
َاب ُع َم َر س إِ ْذ َجا َءنَا كت ُ َف ْب ِن َق ْي ٍ َق َالُ « :كن ُْت كَات ًبا ل َج ْزء ْب ِن ُم َع ِ َ ِّ ْ
اح ٍر.(((»... َقب َل موتِ ِه بِسن ٍَة :ا ْق ُت ُلوا ك َُّل س ِ
َ ْ َْ َ
الس ْحرِ زَا َد َما ِ ِ ِ
«م ِن ا ْق َت َب َس ع ْل ًما م َن الن ُُّجومِ ،ا ْق َت َب َس ُش ْع َب ًة م َن ِّ
وقال ﷺَ :
زَا َد»(((.
ومن أنواعه :الكهانة والعرافة؛ ألن من يدعيها يدعي علم الغيب ،قال
تعالى( :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
وعن عبداهلل قال :سمعت رسول اهلل ﷺ يقول« :إِ َّن ُّ
الر َقى،
َوالت ََّمائِ َمَ ،والت َِّو َل َة ِش ْر ٌك»(((.
«م ْن َت َع َّل َق َش ْيئًا ُوكِ َل إِ َل ْي ِه»(((.
وقال النبي ﷺَ :
ومنه :يسير الرياء ،أما من امتأل قلبه من الرياء ،حتى صار يعمل
الصالحات بال نية وال إيمان وال خشية فهو المنافق الخالص ،وعمله حابط
مردود غير مقبول ،قال تعالى( :ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ
ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ) [الكهف ،]110 :وقال ﷺَ « :ق َال اهللُ َ :أنَا َأ ْغنَى
الش ْر ِكَ ،م ْن َع ِم َل َع َملاً َأ ْش َر َك فِ ِيه َم ِعي َغ ْيرِي ،ت ََر ْك ُت ُه َو ِش ْر َك ُه»(((. الشرك ِ
َاء َع ِن ِّ ُّ َ
أخرجه ابن وهب في الجامع ( ،)658وأحمد ( ،)7045واللفظ له ،والطبراني في (((
الكبير ( ،)14622وابن السني في عمل اليوم والليلة (.)292
أخرجه البخاري ( ،)3005ومسلم ( ،)2115وأبو داود (.)2552 (( (
أخرجه أبو داود ( ،)3883وابن ماجه ( ،)3530ومعمر في الجامع ( ،)20343وابن (((
أبي شيبة ( ،)23924وأحمد (.)3615
أخرجه الترمذي ( ،)2072وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)23923وفي المسند (((
( ،)786وأحمد (.)18781
أخرجه مسلم (.)2985 (((
349 كتاب ما يضاد أصل اإليمان أو يضاد كماله
َّاس ُي ْق َضى َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة َع َل ْي ِه َر ُج ٌل ْاست ُْش ِهدَ ، وقال ﷺ« :إِ َّن َأ َّو َل الن ِ
يك َحتَّى ت فِ َ ت فِ َيها؟ َق َالَ :قا َت ْل ُ َف ُأتِ َي بِ ِه َف َع َّر َف ُه نِ َع َم ُه َف َع َر َف َهاَ ،ق َالَ :ف َما َع ِم ْل َ
يلُ ،ث َّم ت؛ أِلَ ْن ُي َق َالَ :جرِي ٌءَ ،ف َقدْ ِق َ َّك َقا َت ْل َتَ ،و َلكِن َ ْاست ُْش ِهدْ ُتَ ،ق َال :ك ََذ ْب َ
َّارَ ،و َر ُج ٌل َت َع َّل َم ا ْل ِع ْل َمَ ،و َع َّل َم ُه ب َع َلى َو ْج ِه ِه َحتَّى ُأ ْل ِقي فِي الن ِ
َ
ِ ِ ِ
ُأم َر بِه َف ُسح َ
ت ت فِ َيها؟ َق َالَ :ت َع َّل ْم ُ آنَ ،ف ُأتِ َي بِ ِه َف َع َّر َف ُه نِ َع َم ُه َف َع َر َف َهاَ ،ق َالَ :ف َما َع ِم ْل َ َو َق َر َأ ا ْل ُق ْر َ
ت ا ْل ِع ْل َم َّك َت َع َّل ْم َتَ ،و َلكِن َ آنَ ،ق َال :ك ََذ ْب َ ا ْل ِع ْل َمَ ،و َع َّل ْم ُت ُهَ ،و َق َر ْأ ُت فِ َ
يك ا ْل ُق ْر َ
ِ ِ ِ ارئٌ َ ،ف َقدْ ِق َ آن؛ لِ ُي َق َالُ :ه َو َق ِ لِ ُي َق َالَ :عالِ ٌمَ ،و َق َر ْأ َت ا ْل ُق ْر َ
ب يلُ ،ث َّم ُأم َر بِه َف ُسح َ
َّار ،ورج ٌل وسع اهلل ع َلي ِه ،و َأع َطاه ِمن َأصن ِ ِ ِ ِ
َاف َع َلى َو ْج ِهه َحتَّى ُأ ْلق َي في الن ِ َ َ ُ َ َّ َ ُ َ ْ َ ْ ُ ْ ْ
ْت ت فِ َيها؟ َق َالَ :ما ت ََرك ُ ال ُك ِّل ِهَ ،ف ُأتِ َي بِ ِه َف َع َّر َف ُه نِ َع َم ُه َف َع َر َف َهاَ ،ق َالَ :ف َما َع ِم ْل َ ا ْلم ِ
َ
َّك تَ ،و َلكِن َ كَ ،ق َال :ك ََذ ْب َ ت فِ َيها َل َ ب َأ ْن ُينْ َف َق فِ َيها إِ اَّل َأ ْن َف ْق ُ ِمن سبِ ٍ ِ
يل تُح ُّ ْ َ
ب َع َلى َو ْج ِه ِهُ ،ث َّم ُأ ْل ِق َي ِ ِ ِ
يلُ ،ث َّم ُأم َر بِه َف ُسح َ ت؛ لِ ُي َق َالُ :ه َو َج َوا ٌدَ ،ف َقدْ ِق َ َف َع ْل َ
َّار»(((. فِي الن ِ
«م ْن َس َّم َع َس َّم َع اهَّللُ بِ ِهَ ،و َم ْن ُي َرائِي ُي َرائِي اهَّللُ بِ ِه»(((. وقال ﷺَ :
َّاس بِ َع َم ِل ِهَ ،س َّم َع اهَّللُ بِ ِه «م ْن َس َّم َع الن َ وعن ابن عمر ،قال ﷺَ :
َس ِام َع َخ ْل ِق ِهَ ،و َح َّق َر ُه َو َصغ ََّر ُه»(((.
ولوعن أبي موسى َ ق َالَ :جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِي ﷺ َف َق َالَ :يا َر ُس َ
ِّ
القت َُال فِي سبِي ِل اهَّللِ؟ َفإِ َّن َأحدَ نَا ي َقاتِ ُل َغ َضبا ،وي َقاتِ ُل ح ِميةًَ ،فر َفع إِ َليهِ
اهَّللِ ،ما ِ
َ َّ َ َ ْ ً َُ َ ُ َ َ
«م ْن َقات ََل لِ َتك َ
ُون ر ْأسه َ -ق َال :وما ر َفع إِ َلي ِه ر ْأسه إِ اَّل َأ َّنه ك َ ِ
َان َقائ ًماَ -ف َق َالَ : ُ َ َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ُ
الر ُج ُلوعن أبي موسى قالَ :جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺَ ،ف َق َالَّ :
الر ُج ُل ُي َقاتِ ُل ل ِ ُي َرى َم َكا ُن ُهَ ،ف َم ْن فِي
لذك ِْرَ ،و َّ الر ُج ُل ُي َقاتِ ُل ل ِ ِّ ِ ِ
ُي َقات ُل ل ْل َم ْغن َِمَ ،و َّ
يل اهَّلل ِ»(((،
ُون ك َِل َم ُة اهَّلل ِ ِه َي ال ُع ْل َيا َف ُه َو فِي َسبِ ِ ِ
«م ْن َقات ََل لِ َتك َ َسبِي ِل اهَّلل؟ َق َالَ :
ودعا المصطفى ﷺ على من كانت الدنيا هي همه وغايته ،فعن أبي هريرة
َارَ ،والدِّ ْر َهمَِ ،وال َقطِي َف ِة،
قال :قال رسول اهلل ﷺ« :ت َِع َس َع ْبدُ الدِّ ين ِ
يص ِة ،إِ ْن ُأ ْعطِ َي َر ِض َيَ ،وإِ ْن َل ْم ُي ْع َط َل ْم َي ْر َض»(((. ِ
َوالخَ م َ
ومنه :قول الرجل :ما شاء اهلل وشئت ،وما شاهبها من األلفاظ ،فعن ابن
اهَّلل َو ِش ْئ َتَ ،ف َق َال َل ُه النَّبِ ُّي ِ
عباس َ :أ َّن َر ُجلاً َق َال للنَّبِ ِّي ﷺَ :ما َشا َء ُ
َ
اللفظ «أ َج َع ْلتَنِي َواهَّللَ َعدْ اًلَ ،ب ْل َما َشا َء اهَّللُ َو ْحدَ ُه»((( ،ويماثل هذا ﷺَ :
قو ُلهم :هذا من اهلل ومنك ،ولوال اهلل وفالن لم يكن كذا.
ف إِ اَّل بِاهَّللِ، َان َحالِ ًفا َفلاَ َي ْح ِل ْ «م ْن ك َ ومنه :احللف بغري اهلل ،قال ﷺَ :
ف بِآ َبائِ َهاَ ،ف َق َال :اَل ت َْح ِل ُفوا بِآ َبائِك ُْم»((( .وعن ابن َت ُق َر ْي ٌش ت َْح ِل ُ
َفكَان ْ
ف بِ َغ ْيرِ اهَّلل ِ َف َقدْ َك َف َرَ ،أ ْو َأ ْش َر َك»(((.
«م ْن َح َل َ
عمر ، قال ﷺَ :
بــاب
النفاق
ومما يضاد اإليمان باهلل :النفاق األكبر؛ وهو إظهار اإلسالم وإخفاء
الكفر ،وهو أكرب وأصغر .والنفاق األكرب يضاد أصل اإليمان ،والنفاق
األصغر يضاد كماله ،قال اإلمام أحمد يف «أصول السنة»« :والنفاق هو
الكفر أن يكفر باهلل ،ويعبد غيره ،ويظهر اإلسالم يف العالنية ،مثل المنافقين
الذين كانوا على عهد رسول اهلل ﷺ»((( ،واألكرب مخرج من الملة.
ونشهد بشهادة اهلل أن المنافقين كاذبون يف دعواهم اإليمان ،قال عز
شأنه وتعالى سلطانه( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [التوبة .]107 :وقال عز من قائل:
(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [المنافقون.]1 :
وال يقبل اهلل من المنافق صر ًفا وال عدلاً ،قال تعالى( :ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ
ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [التوبة.]54 ،53 :
ومآل المنافق -إن مات على النفاق -الخلود يف النار ،قال تعالى( :ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [النساء .]145 :وقال
تعالى( :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ
ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [التوبة.]68 :
أنواع النفاق بغضا للحق وكراهية له ،قال تعالى مخربًا
ونعلم أن النفاق األكبر يكون ً
عن حال المنافقين( :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ
ﯹ ﯺ ﯻ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [محمد.]30-28 :
نصرا لإلسالم،
فرحا هبزيمة اإلسالم وأهله ،وحسرة إن رأوا ً
ويكون ً
قال الحق جل يف عاله مبينًا ما تكنُّه صدورهم( :ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ) [التوبة.]50 :
كفرا بعد إيمان ،وتول ًيا عن قبول التحاكم إلى الشرع ،قال
ويكون ً
المولى عز شأنه( :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ) [النور.]48 ،47 :
ويكون ظنًّا باهلل ظن السوء أنه لن ينصر نبيه ﷺ ودينه ،قال الحق جل
يف عاله( :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ) [األحزاب.]12 :
ويكون سخرية من الحق وأهله ،وس ًّبا لهم واستهزا ًء هبم ،قال الحق
جل شأنه( :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ)
بــاب
البدعة
نعلم أن من البدع ما يضاد أصل اإليمان ،ومنها ما يضاد كمال اإليمان،
فالبدع ِّ
الشركية والكفرية تضاد أصل اإليمان ،أما البدع التي دون الشرك
والكفر فتضاد كمال اإليمان.
ونؤمن أن اهلل قد أكمل لنا الدين ،وأتم علينا النعمة ،قال الحق جل
شأنه( :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ)
ول اهللِ ﷺ؟ َأ اَّل َتدَ َع تِ ْم َثالاً إِ اَّل َط َم ْس َت ُهَ ،ولاَ َق ْب ًرا ُم ْش ِر ًفا إِ اَّل َس َّو ْي َت ُه»(((.
َر ُس ُ
ونعلم أن من البدع المنكرة االحتفاالت البدعية ،ومشاركة الكفار
ول اهَّللِ ﷺ ا ْل َم ِدينَةَ، أعيادهم ،فعن أنس بن مالك قالَ :ق ِد َم َر ُس ُ
يه َماب فِ ِ ان؟» َقا ُلواُ :كنَّا َن ْل َع ُ ان ا ْل َي ْو َم ِ
«ما َه َذ ِ ون فِ ِ
يه َماَ ،ف َق َالَ : ان َي ْل َع ُب َ و َلهم يوم ِ
َ ُ ْ َْ َ
ِ
ول اهَّلل ﷺ« :إِ َّن اهَّللَ َقدْ َأ ْبدَ َلك ُْم بِ ِه َما َخ ْي ًرا ِمن ُْه َماَ :ي ْو َم اهلِ َّي ِةَ ،ف َق َال َر ُس ُ
فِي ا ْلج ِ
َ
أْالَ ْض َحىَ ،و َي ْو َم ا ْل ِف ْطرِ»(((.
وقال جل ثناؤه( :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الحج .]67 :وعن ابن عباس
،Lيف قوله تعالى( :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ):
ولِ :عيدً ا»((( ،وقال ﷺ« :إِ َّن لِك ُِّل َق ْو ٍم ِعيدً اَ ،و َه َذا ِعيدُ نَا»(((.
« َي ُق ُ
ونعلم أن من البدع المنكرة طلب الربكة مما لم يجعله اهلل سب ًبا مباركًا،
ول اهَّللِ ﷺ وقد يكون وسيلة إلى الشرك ،فعن أبي واقد الليثي َ :أ َّن َر ُس َ
ات َأنْو ٍ ِ ٍ ِ
ون َع َل ْي َها
اطُ ،ي َع ِّل ُق َ َل َّما َخ َر َج إِ َلى ُحنَ ْي ٍن َم َّر بِ َش َج َرة ل ْل ُم ْش ِركي َن ُي َق ُال َل َهاَ :ذ ُ َ
ات َأنْو ٍ ٍ َأسلِحتَهمَ ،ف َقا ُلوا :يا رس َ ِ
اط، ات َأن َْواط ك ََما َل ُه ْم َذ ُ َ اج َع ْل َلنَا َذ َ ول اهَّللْ ، َ َ ُ ْ َ ُ ْ
ِ
وسى( :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ان اهَّلل! َه َذا ك ََما َق َال َق ْو ُم ُم َ َف َق َال النَّبِ ُّي ﷺُ :
«س ْب َح َ
َان َق ْب َلك ُْم»(((.ﭣ ﭤ) [األعرافَ ]138 :وا َّل ِذي َن ْف ِسي بِ َي ِد ِه َلت َْر َك ُب َّن ُسنَّ َة َم ْن ك َ
بــاب
كبائرالذنوب
نعلم أن الذنوب منها كبائر وصغائر ،قال ( :ﮝ ﮞ ﮟ
أيضا( :ﮒ ﮓ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [النجم ،]32 :وقال ً
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﮝ) [النساء.]31 :
وعن عبداهلل بن مسعود قال :قال رجل :يا رسول اهلل ،أي
الذنب أكرب عند اهلل ؟ قال« :أن تدعو هلل ندًّ ا وهو خلقك» ،قال :ثم أي؟
قال« :أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك» ،قال :ثم أي؟ قال« :أن تزاين
حليلة جارك»؛ فأنزل اهلل تصديقها( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)(((.
ونعلم أن اإليمان يزيد وينقص ،قال تعالى( :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ) [التوبة .]124 :فالطاعات تزيد اإليمان وتثبته ،والذنوب تنقص
اإليمان وتضعفه ،فالمعصية -التي دون الكفر والشرك -تضاد كمال
اإليمان ،ومرتكب الكبيرة ال ُيسلب مطلق اإليمان ،وال يستحق وصف
«ل َيزْنِي اإليمان المطلق؛ ألنه جاء بما ينقص إيمانه ،ولهذا َق َال النَّبِ ُّي ﷺ :اَ
ين َي ْش َر ُب َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن، ِ ِ ِ
ين َيزْني َو ُه َو ُم ْؤم ٌنَ ،و اَل َي ْش َر ُب ا ْلخَ ْم َر ح َ
ِ ِ
الزَّاني ح َ
َّاس إِ َل ْي ِه فِ َيها ِ
ين َي ْسرِ ُق َو ُه َو ُم ْؤم ٌنَ ،و اَل َينْت َِه ُ
ب ن ُْه َبةًَ ،ي ْر َف ُع الن ُ
ِ
َو اَل َي ْسرِ ُق ح َ
بــاب
الصحــابة وآل البيت
نؤمن أن اهلل اختار صحابة نبيه ﷺ ،وجعلهم صفوة خلقه بعد فضــــل
الصحابة
األنبياء ،وذكر صفاهتم ،وأثنى عليهم يف التوراة واإلنجيل ،قال
تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الفتح ،]29 :وذكر الحق رضاه عنهم ،فقال عز من
قائل( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [التوبة.]100 :
وب ّين النبي ﷺ أن الصحابة الكرام خير القرون على اإلطالق ،فعن
ين َي ُلون َُه ْم، ِ ِ عبداهلل قالُ :سئِ َل النَّبِي ﷺَ :أ ُّي الن ِ
َّاس َخ ْي ٌر؟ َق َالَ « :ق ْرنيُ ،ث َّم ا َّلذ َ ُّ
ين َي ُلون َُه ْم»(((. ِ
ُث َّم ا َّلذ َ
ونؤمن أن المهاجرين أفضل من األنصار ؛ لذا قدمهم اهلل يف املهاجـرون
أفضل مـن
ِّ
الذكر يف محكم كتابه كما يف آية «التوبة» السابقة ،وأثنى اهلل جل يف عاله على األنصـــار
المهاجرين ،فقال( :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [الحشر.]8 :
باب
وجوب طاعة والة األمر
نعلم أن السمع والطاعة واجب لوالة أمور المسلمين؛ لقوله تعالى:
(ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [النساء ،]59 :ولقوله
«الس ْم ُع َوال َّطا َع ُة َح ٌّق َما َل ْم ُي ْؤ َم ْر بِا ْل َم ْع ِص َي ِة َفإِ َذا ُأ ِم َر بِ َم ْع ِص َي ٍة َفلاَ َس ْم َع
ﷺَّ :
َو اَل َطاعة»(((.
ول اهللِ ويف « الصحيحين» عن عبادة بن الصامت قالَ « :با َي ْعنَا َر ُس َ
ط َوا ْل َم ْك َر ِهَ ،و َع َلى َأ َث َر ٍة ﷺ َع َلى السم ِع وال َّطا َع ِة فِي ا ْلعس ِر وا ْليس ِر ،وا ْلمن َْش ِ
ُ ْ َ ُْ َ َ َّ ْ َ
اف َخ ُ ول بِا ْل َح ِّق َأ ْين ََما ُكنَّا ،لاَ ن َ َع َل ْينَاَ ،و َع َلى َأ اَّل ُنن ِ
َاز َع الأْ َ ْم َر َأ ْه َل ُهَ ،و َع َلى َأ ْن َن ُق َ
فِي اهللِ َل ْو َم َة لاَ ئِ ٍم»(((.
قال أبو زرعة ...« :ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة
المسلمين يف كل دهر وزمان ،وال نرى الخروج على األئمة وال القتال يف
الفتنة ،ونسمع ونطيع لمن اَّ
وله اهلل أمرنا ،وال ننزع يدً ا من طاعة،
ونتبع السنة والجماعة»(((.
وطاعة والة األمر إنما تجب يف المعروف وتحرم يف المعصية لقوله ﷺ
«...ما َل ْم ُي ْؤ َم ْر بِا ْل َم ْع ِص َي ِةَ ،فإِ َذا
َ -كما يف حديث ابن عمر السابق:
«ل َطا َع َة فِي َم ْع ِص َي ٍة ،إِن ََّما ُأ ِم َر بِ َم ْع ِص َي ٍة َفلاَ َس ْم َع َو اَل َطاعة»؛ ولقوله ﷺ :اَ
الخاتمة
الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات ،ونصلي ونسلم على المبعوث
رحمة للعالمين ،ونشكر المولى جل شأنه على ما م ّن به علينا من إتمام
الس ْفر العظيم المبارك ،ونقول كما يقول أهل الجنة( :ﮃ ﮄ ﮅ هذا ِّ
ﮆ ﮇ) [يونس .]10 :وكما أمر ربنا جل شأنه( :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النمل.]59 :
خالصا لوجهه الكريم ،مواف ًقا لهدي سيد
ً ونسأله أن يجعل هذا العمل
المرسلين ﷺ ،ناف ًعا لعباده ،شاف ًعا لنا يوم لقائه.
ونعلم أننا مهما اجتهدنا فلن نحيط هبذا الموضوع الشريف؛ ذلك ألنه
حديث عن اهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقضاء والقدر،
ولكننا نختم الكتاب بقول الحق جل شأنه وتعالى سلطانه( :ﯦ ﯧ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ
ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الزمر.]67 :
369 قائمة المراجع
قائمة المراجع
1 -1اآلحاد والمثاين ،امل�ؤلف :أبو بكر بن أبي عاصم ،وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك
ابن مخلد الشيباين «المتوىف287 :هـ» ،املحقق :د.باسم فيصل أحمد الجوابرة،
النا�شر :دار الراية -الرياض ،الطبعة :األولى1411 ،هـ1991-م.
2 -2اإلبانة الكربى ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل عبيد اهلل بن محمد بن محمد بن حمدان
ال ُع ْك َبري المعروف بابن َب َّطة العكربي «المتوىف387 :هـ» ،املحقق :رضا معطي،
وعثمان األثيوبي ،ويوسف الوابل ،والوليد بن سيف النصر ،وحمد التويجري،
النا�شر :دار الراية للنشر والتوزيع -الرياض.
3 -3األدب المفرد ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل محمد بن إسماعيل البخاري« ،المتوىف:
256هـ» ،املحقق :علي عبدالباسط مزيد ،وعلي عبدالمقصود رضوان ،النا�شر:
مكتبة الخانجي -القاهرة ،الطبعة :األولى1423 ،هـ2003-م.
4 -4األدب المفرد ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة
البخاري« ،المتوىف256 :هـ» ،املحقق :محمد فؤاد عبدالباقي ،النا�شر :دار البشائر
اإلسالمية -بيروت ،الطبعة :الثالثة1409 ،هـ1989-م.
5 -5األسماء والصفات ،امل�ؤلف :أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي،»458 - 384« ،
حتقيق :عبداهلل بن محمد الحاشدي ،النا�شر :مكتبة السوادي -جدة.
6 -6أمالي الباغندي ،امل�ؤلف :الباغندي الكبير محمد بن سليمان بن الحارث
الواسطي ،أبو بكر البا َغندي ،والد الحافظ محمد بن محمد البا َغندي «المتوىف:
283هـ» ،حتقيق :أشرف صالح علي ،النا�شر :مؤسسة قرطبة ،مصر ،الطبعة:
األولى1417 ،هـ1997-م.
370
7 -7البدع والنهي عنها ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل محمد بن وضاح بن بزيع المرواين القرطبي
«المتوىف286 :هـ» ،حتقيق ودرا�سة :عمرو عبدالمنعم سليم ،النا�شر :مكتبة ابن
تيمية ،القاهرة -مصر ،مكتبة العلم ،جدة -السعودية ،الطبعة :األولى1416 ،هـ.
8 -8بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ،امل�ؤلف :أبو محمد الحارث بن محمد بن
داهر التميمي البغدادي الخصيب المعروف بابن أبي أسامة «المتوىف282 :هـ»،
المنتقي :أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر الهيثمي
«المتوىف807 :هـ» ،املحقق :د .حسين أحمد صالح الباكري ،النا�شر :مركز خدمة
السنة والسيرة النبوية -المدينة المنورة ،الطبعة :األولى1413 ،هـ1992 -م.
9 -9تاريخ مدينة السالم وأخبار محدثيها وذكر قطاهنا العلماء من غير أهلها ووارديها
«المعروف بتاريخ بغداد» ،امل�ؤلف :أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب
البغدادي« ،المتوىف463 :هـ» ،املحقق :بشار عواد معروف ،النا�شر :دار الغرب
اإلسالمي -بيروت ،الطبعة :األولى1422 ،هـ 2001 -م.
الم ْر َو ِزي
10 10تعظيم قدر الصالة ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل محمد بن نصر بن الحجاج َ
«المتوىف294 :هـ» ،املحقق :د .عبدالرحمن عبدالجبار الفريوائي ،النا�شر :مكتبة
الدار -المدينة المنورة ،الطبعة :األولى1406 ،هـ.
11 11تفسير القرآن العظيم ،امل�ؤلف :أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي
الدمشقي« ،المتوىف774 :هـ» ،املحقق :سامي بن محمد السالمة ،النا�شر :دار
طيبة للنشر والتوزيع ،الطبعة :الثانية 1420هـ1999 -م.
12 12تفسير القرآن العظيم ،امل�ؤلف :أبو محمد عبدالرحمن بن محمد بن إدريس بن
المنذر التميمي ،الحنظلي ،الرازي ابن أبي حاتم «المتوىف327 :هـ» ،املحقق :أسعد
محمد الطيب ،النا�شر :مكتبة نزار مصطفى الباز -المملكة العربية السعودية،
الطبعة :الثالثة1419 ،هـ.
371 قائمة المراجع
13 13تفسير عبدالرزاق ،امل�ؤلف :أبو بكر عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماين
الصنعاين «المتوىف211 :هـ» ،دراسة وحتقيق :د .محمود محمد عبده ،النا�شر:
دار الكتب العلمية -بيروت ،الطبعة :األولى1419 ،هـ.
14 14جامع البيان عن تأويل آي القرآن ،امل�ؤلف :محمد بن جرير بن يزيد بن كثير
ابن غالب ،أبو جعفر الطربي «المتوىف310 :هـ» ،حتقيق :الدكتور عبداهلل بن
عبدالمحسن الرتكي ،بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات اإلسالمية بدار
هجر بإشراف الدكتور عبدالسند حسن يمامة ،النا�شر :دار هجر للطباعة والنشر
والتوزيع واإلعالن ،الطبعة :األولى1422 ،هـ 2001 -م.
15 15الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل ﷺ وسننه وأيامه،
امل�ؤلف :محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل البخاري الجعفي ،املحقق :محمد زهير
ابن ناصر الناصر ،النا�شر :دار طوق النجاة «مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم
محمد فؤاد عبدالباقي» ،الطبعة :األولى1422 ،هـ.
16 16الجامع يف الحديث البن وهب ،امل�ؤلف :أبو محمد عبداهلل بن وهب بن مسلم
المصري القرشي «المتوىف197 :هـ» ،املحقق :د مصطفى حسن حسين محمد أبو
الخير ،أستاذ الحديث وعلومه المساعد -كلية أصول الدين -القاهرة ،النا�شر:
دار ابن الجوزي -الرياض ،الطبعة :األولى1416 ،هـ1995-م.
17 17الجامع لشعب اإليمان ،امل�ؤلف :أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،ا«لمتوىف:
458هـ» ،املحقق :عبدالعلي عبدالحميد حامد ،النا�شر :مكتبة الرشد بالرياض،
بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي ،الطبعة :األولى1423 ،هـ 2003 -م.
18 18جزء فيه حديث المصيصي لوين ،امل�ؤلف :أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب
ابن جبير األسدي المصيصي المعروف بـ لوين «المتوىف245 :هـ» ،املحقق :أبو
عبدالرحمن مسعد بن عبدالحميد السعدين ،النا�شر :أضواء السلف -الرياض،
372
ِ
الجهم َّية ،امل�ؤلف :أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي ،املحقق :أبو 25 25الرد على
عاصم الشوامي األثري ،النا�شر :المكتبة اإلسالمية ،القاهرة -مصر ،الطبعة:
األولى1431 ،هـ2010-م.
26 26الزهد ،امل�ؤلف :اإلمام أبو عبداهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد
الشيباين «المتوىف241 :هـ» ،و�ضع حوا�شيه :محمد عبدالسالم شاهين ،النا�شر:
دار الكتب العلمية ،بيروت -لبنان ،الطبعة :األولى1420 ،هـ1999-م.
الس ِري بن مصعب بن أبي بكر بن شرب بن
الس ِري َهنَّاد بن َّ
27 27الزهد ،امل�ؤلف :أبو َّ
صعفوق بن عمرو بن زرارة بن عدس بن زيد التميمي الدارمي الكويف «المتوىف:
243هـ» ،املحقق :عبدالرحمن عبدالجبار الفريوائي ،النا�شر :دار الخلفاء للكتاب
اإلسالمي -الكويت ،الطبعة :األولى1406 ،هـ.
28 28الزهد والرقائق ،امل�ؤلف :أبو عبدالرحمن عبداهلل بن المبارك بن واضح الحنظلي،
المروزي «المتوىف181 :هـ» ،املحقق :حبيب الرحمن األعظمي،
الرتكي ثم ْ
النا�شر :دار الكتب العلمية -بيروت.
29 29السنة ،امل�ؤلف :أبو بكر أحمد بن عمرو المعروف بابن أبي عاصم« ،المتوىف:
287هـ» ،املحقق :باسم بن فيصل الجوابرة ،النا�شر :دار الصميعي -الرياض،
الطبعة :األولى1419 ،هـ 1998 -م.
30 30السنة ،امل�ؤلف :أبو عبدالرحمن عبداهلل بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباين
البغدادي «المتوىف290 :هـ» ،املحقق :أبو عبداهلل عادل بن عبداهلل آل حمدان،
النا�شر :يطلب من جوال « ،»0544892772الطبعة :األولى1433 ،هـ -
2012م.
31 31السنة ،امل�ؤلف :أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد َ
الخ اَّلل البغدادي
الحنبلي «المتوىف311 :هـ» ،املحقق :د .عطية الزهراين ،النا�شر :دار الراية -
374
ابن خلف الحمادة الرقي ،النا�شر :دار أطلس الخضراء -الرياض ،الطبعة:
األولى1433 ،هـ2012-م.
57 57المستدرك على الصحيحين للحاكم ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل الحاكم محمد بن
عبداهلل بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماين النيسابوري
المعروف بابن البيع «المتوىف405 :هـ» ،املحقق :أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي
الوادعي ،النا�شر :دار الحرمين -القاهرة؛ الطبعة1417 :هـ1997-م.
58 58المسند ،امل�ؤلف :أبو بكر عبداهلل بن الزبير القرشي الحميدي« ،المتوىف:
219هـ» ،املحقق :حسين سليم أسد ،النا�شر :دار السقا -دمشق.
59 59المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ﷺ ،امل�ؤلف:
مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري «المتوىف261 :هـ» ،املحقق:
محمد فؤاد عبدالباقي ،النا�شر :دار إحياء الرتاث العربي -بيروت.
60 60مسند أبي داود الطيالسي ،امل�ؤلف :أبو داود سليمان بن داود بن الجارود
الطيالسي البصرى «المتوىف204 :هـ» ،املحقق :الدكتور محمد بن عبدالمحسن
الرتكي ،النا�شر :دار هجر -مصر ،الطبعة :األولى1419 ،هـ1999-م.
61 61مسند اإلمام أحمد بن حنبل ،امل�ؤلف :أبو عبداهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن
هالل بن أسد الشيباين «المتوىف241 :هـ» ،املحقق :شعيب األرنؤوط -عادل
مرشد ،وآخرون ،إشراف :د عبداهلل بن عبدالمحسن الرتكي ،النا�شر :مؤسسة
الرسالة ،الطبعة :األولى1421 ،هـ2001-م.
62 62المسند ،امل�ؤلف :عبداهلل بن المبارك المروزي «المتوىف181 :هـ» ،املحقق:
صبحي البدري السامرائي ،النا�شر :مكتبة المعارف -الرياض ،الطبعة :األولى،
1407هـ1987-م.
63 63مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار ،امل�ؤلف :أبو بكر أحمد بن عمرو بن
379 قائمة المراجع
الهروي «المتوىف168 :هـ» ،املحقق :محمد طاهر مالك ،النا�شر :مجمع اللغة
العربية -دمشق ،سنة النشر1403 :هـ1983 -م.
70 70المصنف ،امل�ؤلف :أبو بكر عبداهلل بن محمد بن أبي شيبة ،المتوىف235 :هـ،
املحقق :محمد عوامة ،النا�شر :دار القبلة -جدة ،الطبعة :األولى1427 ،هـ-
2006م.
71 71المصنف ،امل�ؤلف :أبو بكر عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماين الصنعاين
«المتوىف211 :هـ» ،املحقق :حبيب الرحمن األعظمي ،النا�شر :المجلس العلمي-
الهند ،يطلب من :المكتب اإلسالمي -بيروت ،الطبعة :الثانية1403 ،هـ.
72 72المعجم األوسط ،امل�ؤلف :سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي،
أبو القاسم الطرباين «المتوىف360 :هـ» ،املحقق :طارق بن عوض اهلل بن محمد،
عبدالمحسن بن إبراهيم الحسيني ،النا�شر :دار الحرمين -القاهرة.
73 73معجم الشيوخ ،امل�ؤلف :ثقة الدين ،أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اهلل
المعروف بابن عساكر «المتوىف571 :هـ» ،املحقق :الدكتورة وفاء تقي الدين،
النا�شر :دار البشائر -دمشق ،الطبعة :األولى 1421هـ2000-م.
74 74مكارم األخالق ومعاليها ومحمود طرائقها ،امل�ؤلف :أبو بكر محمد بن جعفر بن
محمد بن سهل بن شاكر الخرائطي السامري «المتوىف327 :هـ» ،تقديم وحتقيق:
أيمن عبدالجابر البحيري ،النا�شر :دار اآلفاق العربية ،القاهرة ،الطبعة :األولى،
1419هـ1999-م.
75 75المنتخب من مسند عبد بن حميد ،امل�ؤلف :أبو محمد عبدالحميد بن حميد
ابن نصر ال َك ّسي ويقال له :ال َك ّشي بالفتح واإلعجام «المتوىف249 :هـ» ،املحقق:
صبحي البدري السامرائي ،محمود محمد خليل الصعيدي ،النا�شر :مكتبة السنة
-القاهرة ،الطبعة :األولى1408 ،هـ 1988 -م.
381 قائمة المراجع
76 76نقض ِ
اإلمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما
افرتى على اهلل من التوحيد ،امل�ؤلف :أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد
ابن سعيد الدارمي السجستاين «المتوىف280 :هـ» ،املحقق :أبو عاصم الشوامي
األثري ،النا�شر :المكتبة اإلسالمية للنشر والتوزيع ،القاهرة -مصر ،الطبعة:
األولى1433 ،هـ 2012 -م.
77 77الهواتف ،امل�ؤلف :أبو بكر عبداهلل بن محمد بن أبي الدنيا« ،المتوىف281 :هـ»،
طبع :ضمن الجزء السادس من موسوعة ابن أبي الدنيا ،املحقق :فاضل بن خلف
الحمادة الرقي ،النا�شر :دار أطلس الخضراء -الرياض ،الطبعة :األولى،
1433هـ 2012 -م.
382
فهرس الموضوعات
الصفحة الموضوع
بين يدي الكتاب5 ...........................................................
سبب التأليف 5 ..........................................................
ما المقصود بباب وجود الله 5 ....................................
الـمنهج الذي اتبعناه في التأليـف 6 .......................................
مميزات هذا الكتاب 8 ...................................................
المقدمة 11...................................................................
كتاب بدء ْ
الخلق
ملخــص الكـتـــاب 14........................................................
بــاب الله خالق كل شيء 17..................................................
كان الله ولم يكــن شيء قبله17...............................................
خلق الله كل دابة من ماء 18..................................................
التوازن في خلق الله 18.......................................................
المخلوقات شواهد على ربوبية الله18........................................
بــاب خلق العرش العظيم 20.................................................
العرش فوق السموات ،والله فـــوق العرش20................................
الكنوز التي تحت العرش 20.................................................
الرسول ﷺ يسجد تحت العرش يوم القيامة 21...............................
العرش تحمله الـمالئكــة 22..................................................
383 فهرس الموضوعات
كتاب ِّ
الدين
ملخص الكتاب 62...........................................................
إن الـدين عند الله اإلسالم 63...........................................
بــاب َّ
كمـال الديـن 63..............................................................
الفطرة هي الدين الحق 64....................................................
بــاب اإلسالم65..............................................................
أركـان اإلسـالم 66...........................................................
385 فهرس الموضوعات
القبــول109..................................................................
االستسالم واالنقيــــاد109...................................................
الصـــدق 109................................................................
الـحب 110..................................................................
إبطــال دعـاوى المشركين 110...............................................
بــاب اإليمان بأسماء الله وصفاته 114........................................
الـمنهج الـحق في الصفات 114..............................................
الصفـــات منها الالزمة لذاته ،ومنها المتعلقـــــة بمشيئتــــه 115...............
الصفــات منها المطلق ومنهـــــا الـمقيـــد 115................................
الصفـــات قد ترد على وجه واحد وقد ترد على أوجــــــه متعددة116.........
صفة العلم والسمــع116.....................................................
صفــة البصر 116............................................................
صفة العين116...............................................................
صفة الحياة والقيوميـة 117...................................................
صفة الكالم 117.............................................................
الكلمات الكونيــة والشرعيـة 121............................................
صفة العــزة121..............................................................
صفة القهر121...............................................................
صفـــــة الجبروت ،والملكوت ،والكبرياء ،والعظمــة121....................
صفة اإلرادة والمشيئــــة 122.................................................
صفة القدرة122..............................................................
صفة الرحمة122.............................................................
صفة العلو122...............................................................
388
كتاب العبادة
ملخص الكتاب 306.........................................................
الغاية من الخلــــق306.......................................................
شرط العبادة اإلخـالص والمتابعـــة 306.....................................
الوسيلة والتوسل 307........................................................
بــاب قول الله تعــالى( :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) 308.........
أنواع العبادة 308.............................................................
شروط العبادة 310...........................................................
أصـول العبـادة311...........................................................
بــاب التوسل والوسيلة 313..................................................
أنـــواع التوسـل313..........................................................