Professional Documents
Culture Documents
روحه جسمه
عقله
عالقته بجسمه
نظافة البدن
غذاؤه
والملبس
ملبسه
غذاؤه
• قرر القرآن الكريم قاعدة مضطردة في بيان حكم ما يأكله اإلنسان ،يقول تعالى :اَّلِذ يَن َيَّتِبُعوَن الَّرُس وَل
الَّنِبَّي اُأْلِّمَّي اَّلِذ ي َيِج ُد وَنُه َم ْك ُتوًبا ِع ْنَدُهْم ِفي الَّتْو َر اِة واإلنجيل َيْأُم ُر ُهْم ِباْلَم ْعُر وِف َو َيْنَهاُهْم َع ِن اْلُم ْنَك ِر َو ُيِح ُّل
َلُهُم الَّطِّيَباِت َو ُيَح ِّر ُم َع َلْيِهُم اْلَخ َباِئَث [ ...األعراف :من اآلية ،]157قال بعض العلماء " :كل ما أحل هللا
تعالى من المآكل فهو طيب نافع للبدن والدين ،وكل ما حرمه فهو خبيث ضار في البدن والدين ”.
• تحري الطيب من الطعام أمر مهم ،ألن لبعض األغذية آثاًر ا سلبية على سلوك اإلنسان ،فتحريم الخبائثِ ،م ْثَل
ُك ِّل ِذ ي َناٍب ِم ْن الِّس َباِع َو ُك ِّل ِذ ي ِم ْخ َلٍب ِم ْن الَّطْيرِ؛ ألنها َع اِدَيٌة َباِغَيٌةَ ،فِإَذ ا َأَك َلَها الَّناُس َ ،ص اَر ِفي َأْخ اَل ِقِهم
َش ْو ٌب ِم ن َأْخ اَل ِق َهِذِه اْلَبَهاِئِم ،وُهَو اْلَبْغ ُي َو اْلُع ْد َو اُن َ ،ك َم ا َح َّر َم الَّد َم اْلَم ْس ُفوَح ؛ َأِلَّنُه َم ْج َم ُع ُقَو ى الَّنْفِس الشهوية
اْلَغ َض ِبَّيِة َو ِزَياَد ُتُه ُتوِج ُب ُطْغ َياَن َهِذِه اْلُقَو ى َو ُهَو َم ْج َر ى الَّش ْيَطاِن ِم ْن اْلَبَد ِن .
• على المسلم أن يتحرى الحالل فيما يتناوله ،فهناك أنواع من األغذية يدخل في تصنيعها الخمر والخنزير.
• اإلسالم يدعو للتوازن ،كشأنه في األمور كلها ،يقول تعالى :وكلوا واشربوا وال تسرفوا ِإَّنُه اَل ُيِح ُّب
اْلُم ْس ِر ِفيَن [ .األعراف :من اآلية ]31
• اإلنكار على من حرم شيًئا من الطيبات:
• لم يبح القرآن الكريم تناول الطيبات فحسب ،بل شدد النكير على الذين يحرمونها ،يقول هللا تعالى:
ُ قْل َم ْن َح َّر َم ِز يَنَة ِهَّللا اَّلِتي َأْخ َرَج ِلِعَباِدِه َو الَّطِّيَباِت ِم َن الِّر ْز ِق ُقْل ِهَي ِلَّلِذ يَن آَم ُنوا ِفي اْلَح َياِة
الُّد ْنَيا َخ اِلَص ًة َيْو َم اْلِقَياَم ِة َك َذ ِلَك ُنَفِّص ُل اآْل َياِت ِلَقْو ٍم َيْع َلُم وَن [ ،األعراف ]32:فيورد السؤال
بصيغة اإلنكار ،ويفهم منه أنه تعالى لم يحرمها ،بل جاء التحريم من غيره ،وفي هذه اآلية الكريمة
" دليل على أن األصل في المطاعم والمالبس وأنواع التجمالت اإلباحة".
• واإلسالم وهو ينكر على من يحرم الطيبات ،ينكر في الوقت نفسه على من يتوسع في المباحات،
بحيث تكون شغله الشاغل ،فتلهيه عن الهدف الذي من اجله خلق ،يقول تعالىَ :يا َأُّيَها اَّلِذ يَن
آَم ُنوا اَل ُتْلِهُك ْم َأْم َو اُلُك ْم َو اَل َأْو اَل ُد ُك ْم َع ْن ِذ ْك ِر ِهَّللا َو َم ْن َيْفَعْل َذ ِلَك َفُأوَلِئَك ُهُم اْلَخ اِس ُر وَن
[المنافقون ،]9:فينبغي أن ال ينشغل المسلم بها بحيث تستعبده.
ملبسه
• يستحب للمسلم أن يتجمل في ملبسه ،قال هللا تعالىَ :يا َبِني آَد َم ُخ ُذ وا ِز يَنَتُك ْم ِع ْنَد ُك ِّل َم ْس ِج ٍد
َو ُك ُلوا َو اْش َرُبوا َو ال ُتْس ِر ُفوا ِإَّنُه ال ُيِح ُّب اْلُم ْس ِر ِفيَن [ األعراف ،]31:يقول ابن كثير " :ولهذه اآلية
وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصالة ،وال سيما يوم الجمعة ويوم العيد،
والطيب؛ ألنه من الزينة ،والسواك؛ ألنه من تمام ذلك ".
• كما عليه أن يراعي الضوابط الشرعية في اللباس ،يقول تعالى ممتًنا على عباده بنعمة اللباس:
َ يا َبِني آَد َم َقْد َأْنَز ْلَنا َع َلْيُك ْم ِلَباًس ا ُيَو اِر ي َس ْو آِتُك ْم َو ِر يًش ا َو ِلَباُس الَّتْقَو ى َذ ِلَك َخ ْيٌر َذ ِلَك ِم ْن آَياِت
ِهَّللا َلَعَّلُهْم َيَّذ َّك ُر وَن ثم يعقب ذلك بالحذر من مكائد الشيطان َ يا َبِني آَد َم اَل َيْفِتَنَّنُك ُم الَّش ْيَطاُن
َك َم ا َأْخ َر َج َأَبَو ْيُك ْم ِم َن اْلَج َّنِة َيْنِز ُع َع ْنُهَم ا ِلَباَسُهَم ا ِلُيِر َيُهَم ا َس ْو آِتِهَم ا ِإَّنُه َيَر اُك ْم ُهَو َو َقِبيُلُه ِم ْن َح ْيُث
اَل َتَر ْو َنُهْم ِإَّنا َج َعْلَنا الَّش َياِط يَن َأْو ِلَياَء ِلَّلِذ يَن اَل ُيْؤ ِم ُنوَن [ األعراف ،]27:فيبين سبحانه أن كشف
العورة من تزيين الشيطان ،وإذا كان الشيطان قد أخرج أبانا من الجنة.
شروط اللباس
النساء الرجال
فيجوز للمرأة أن تلبس ما شاءت من األلوان واألشكال في فاللباس الشرعي تشترط فيه أمور ،من أهمها:
الحجاب والخمار بالضوابط اآلتية:
-1أن ال يكون فيه زينة ظاهرة الفتة لنظر الناس. -1أن يكون ساتًر ا ما بين السرة والركبة.
- 2ال يكون شفاًفا يظهر ما تحته. -2أن ال يكون شفاًفا بحيث تبدو بشرة العورة تحته.
- 3ال يكون ضيًقا يظهر حدود الجسم. -3أن ال يكون ضيًقا بحيث يصف أعضاء العورة.
-4وفي تغطية الوجه خالف ،ولكن العلماء أجمعوا على أن ال -4أن ال يكون فيه تشبه بالنساء.
يجوز للمرأة أن تضع على وجهها أي نوع من أنواع الزينة ،كما
أنه يتوجب عليها تغطيته إذا كان في النظر إليه فتنة.
-5أن ال يكون فيه تشبه بالكفار.
-6أن ال يكون محرًم ا كالحرير والذهب.
نظافة البدن والملبس
• يشرع للمسلم أن يكون نظيًفا متجماًل ،فقد ورد في الحديثَ ” :ال َيْد ُخ ُل اْلَج َّنَة َم ْن َك اَن ِفى َقْلِبِه ِم ْثَقاُل َذ َّرٍة ِم ْن ِكْبٍر ”َ .قاَل َر ُج ٌل :
ِإَّن الَّرُج َل ُيِح ُّب َأْن َيُك وَن َثْو ُبُه َح َس ًنا َو َنْع ُلُه َح َس َنًةَ .قالِ ” :إَّن َهَّللا َج ِم يٌل ُيِح ُّب اْلَج َم اَل اْلِكْبُر َبَطُر اْلَح ِّق َو َغ ْم ُط الَّناِس” .رواه
مسلم برقم147/
• وقد شرعت عبادات لهذه الغاية ،من ذلك الوضوء ،يقول تعالىَ :يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإَذ ا ُقْم ُتْم ِإَلى الَّص اَل ِة َفاْغ ِس ُلوا ُو ُج وَهُك ْم
َو َأْيِدَيُك ْم ِإَلى اْلَم َر اِفِق َو اْم َسُح وا ِبُرُء وِس ُك ْم َو َأْر ُج َلُك ْم ِإَلى اْلَك ْعَبْيِن [ المائدة :من اآلية]6؛ ألن أعضاء الوضوء لما كانت بادية
عادة ،فال تخلو من الدرن والوسخ ،وإن لم يكن عليها نجاسة ،فيجب غسلها تطهيًر ا لها من ذلك ،وتحقيًقا للنظافة والزينة التي
أمر هللا بها.
• كذلك الغسل ،فمنه الواجب والمستحب.
• وفي األمر بتطهير الثياب ،يقول تعالى :وثيابك فطهر.
• وقد أثنى هللا تعالى على الُم طهرين ،وذكر أنه يحبهم ،قال تعالىَ :لَم ْس ِج ٌد ُأِّسَس َع َلى الَّتْقَو ى ِم ْن َأَّو ِل َيْو ٍم َأَح ُّق َأْن َتُقوَم ِفيِه
ِفيِه ِر َج اٌل ُيِح ُّبوَن َأْن َيَتَطَّهُر وا َو ُهَّللا ُيِح ُّب اْلُم َّطِّهِر يَن [ .التوبة]108:
• ولعل الُم لفت هنا أن اإلسالم ربط الطهارة بعبادة هللا تعالى ،وبرضاه وحبه ،ليستقر هذا المعنى العظيم في القلب وفي العقل.
عالقته بعقله
حرمة اإلضرار
بالعقل منزلة العقل
منزلة العقل في القرآن الكريم
• لقد بوأ اإلسالم العقل منزلة رفيعة ،إذ به يفكر ويرتقي في مدارج العلم ،الذي يرفع هللا تعالى به المؤمن درجات عظيمة ،يقول تعالى:
َ يْر َفِع ُهَّللا اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِم ْنُك ْم َو اَّلِذ يَن ُأوُتوا اْلِع ْلَم َد َر َج اٍت [ المجادلة :من اآلية]11
• لم يأمر هللا تعالى رسوله بطلب الزيادة إال في باب العلم ،قال تعالىَ :و ُقْل َر ِّب ِز ْد ِني ِع ْلًم ا [ طـه :من اآلية ،]114وفيه إعالء
لشأن العلم والعلماء.
• لقد حفل القرآن الكريم باآليات التي ترفع من شأن العلم وأهله:
• استشهد هللا أولي العلم على أعظم مسألة ،وهي التوحيد ،فقال تعالىَ :ش ِهَد ُهَّللا َأَّنُه اَل ِإَلَه ِإاَّل ُهَو َو اْلَم اَل ِئَك ُة َو ُأوُلو اْلِع ْلِم َقاِئًم ا ِباْلِقْس ِط
اَل ِإَلَه ِإاَّل ُهَو اْلَعِز يُز اْلَح ِكيُم [ آل عمران]18:
• بين أنهم المؤهلون لفهم كتابه ،قال تعالى :وتلك األمثال نضربها للناس وما يعقلها إال العالمون [ العنكبوت ]43:قال ابن كثير ":وما
يفهمها ويتدبرها إال الراسخون في العلم المتضلعون منه“.
• أن العلماء هم أكثر البشر خشية هلل ،قال تعالىِ :إَّنَم ا َيْخ َشى َهَّللا ِم ْن ِعَباِدِه اْلُعَلَم اُء [ فاطر من اآلية]28
• حفل القرآن الكريم باآليات التي تحث المسلم على النظر والتدبر والتفكر ،يقول تعالى :أَفَلْم َيْنُظُر وا ِإَلى الَّس َم اِء َفْو َقُهْم َك ْيَف َبَنْيَناَها
َو َز َّيَّناَها َو َم ا َلَها ِم ْن ُفُر وٍج .واألرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيجَ .تْبِص َر ًة َو ِذ ْك َر ى ِلُك ِّل َعْبٍد ُم ِنيٍب.
[ّق 8-6:
حرمة اإلضرار بالعقل
• حرم هللا تعالى على اإلنسان كل ما من شأنه اإلضرار به ،ومن ذلك ما يتعلق بالعقل ،فحرم الخمر،
يقول تعالىَ :يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإَّنَم ا اْلَخ ْم ُر َو اْلَم ْيِس ُر َو اَأْلْنَص اُب َو اَأْلْز الُم ِر ْج ٌس ِم ْن َع َم ِل
الَّش ْيَطاِن َفاْج َتِنُبوُه لعلكم تفلحون [ المائدة]90:
• لقد جعلت الشريعة اإلسالمية على من تسبب ألحد بفقد عقله دية.
عالقته بروحه
• عني القرآن الكريم عناية تامة بالروح ،فنجده قد أقسم على حقيقة مهمة ،ينبغي أن تكون منهًج ا في
حياة المسلم ،يقول تعالى :قد أفلح من زكاها .وقد خاب من دساها [ الشمس.]10-9 :
• قال ابن القيم ":قد أفلح من كبرها وأعالها بطاعة هللا ،وأظهرها ،وقد خاب وخسر من أخفاها،
وحقرها وصغرها بمعصية هللا".
األمور التي تغذي الروح
اإليمان باهلل
تعالى
عدم التعلق
العبادات
بالشهوات
الدعوة إلى
ذكر هللا تعالى
مكارم الخالق
اإليمان باهلل تعالى
• اإليمان باهلل تعالى عماد الحياة الروحية ،فعندما يؤمن اإلنسان بربه الذي أفاض عليه النعم كلها،
ويستشعر قدرته ومعيته ،فيستمد من قدرة هللا مدًد ا لضعفه ،ومن معية هللا تعالى أنًس ا لوحشته،
إن أقفر الطريق ،وقل الرفيق ،فهو ال ييأس وال يبتئس ،وكيف يحزن من كان هللا تعالى معه.
• هذا اإليمان يولد في اإلنسان طاقة روحية بما يكسبه من الشعور بمراقبة ربه له ،ومن ثم
يتحسس مواقع خطوه؛ لتنتظم على الصراط الذي شرعه ،متوخًيا الحذر أن تزل به القدم ،فهو
يعلم أن الجنة حفت بالمكاره ،وأن النار حفت بالشهوات ،فتبقى روحه يقظة ،ويبقى قلبه موصواًل
بربه يسأله الثبات.
العبادات
• العبادات معين ال ينضب ،وغذاء سليم للروح:
• فالصالة صلة بين العبد وربه ،يناجيه ويسأله ،ويسجد فيقترب ،ويردد بين الحين والحين :هللا أكبر ،فتصفو روحه وتشف.
• والصيام تربية عملية للسمو بالروح ،وبسيادة اإلرادة الممتثلة ألمر هللا عز وجل على متطلبات الجسد ،وتحرير للنفس
من ثقل العادات ،وأن ما اعتادته بإمكانها أن تعتاد غيره.
• والزكاة اعتالء وتجاوز لحاجز الشح الذي صرحت به اآلية الكريمة َ و ُأْح ِضَرِت اَأْلْنُفُس الُّش َّح [ النساء :من
اآلية ،]128ثم يرتقي؛ ليصل إلى الفالح َ و َم ْن ُيوَق ُش َّح َنْفِس ِه َفُأوَلِئَك ُهُم اْلُم ْفِلُح وَن [ الحشر من اآلية ]9فيستعلي
بإيمانه ،ويواسي ذوي الحاجات ،وتسري هذه الروح اللطيفة ،فال يقتنع بأداء الواجب ،بل يتجاوزه إلى المندوبات،
فينشر خيره بين المحتاجين ،كيف وقد أحس بسعادة تغمره ،وَر وح ينعش هزال روحه.
• وهي وسيلة عظيمة لتزكية الروح وتطهيرها ،يقول تعالىُ :خ ْذ ِم ْن َأْمَو اِلِهْم َص َد َقًة ُتَطِّهُر ُهْم َو ُتَز ِّك يِهْم ِبَها َو َص ِّل َع َلْيِهْم
ِإَّن َص الَتَك َس َك ٌن َلُهْم َوُهَّللا َسِم يٌع َع ِليٌم [.التوبة]103:
وهكذا سائر ما أمر هللا تعالى به من العبادات. •
ذكر هللا تعالى
• وإذا كانت العبادات تؤدى في بعض األوقات دون بعض ،فإن هناك معيًنا روحًيا ال ينضب ،أال وهو
ذكر هللا تعالى ،يقول هللا تعالىَ :يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا اْذ ُك ُر وا َهَّللا ِذ ْك ًر ا َك ِثيًر ا .وسبحوه بكرة وأصياًل
[ األحزاب " ،]42 – 41:إن القلب ليظل فارًغ ا أو الهًيا أو حائًر ا حتى يتصل باهلل ويذكره ويأنس
به ،فإذا هو مليء جاد ،قار ،يعرف طريقه ،ويعرف منهجه ،ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه.
• ومن هنا يحض القرآن كثيًر ا ،وتحض السنة كثيًر ا ،على ذكر هللا ،ويربط القرآن بين هذا الذكر
وبين األوقات واألحوال التي يمر بها اإلنسان؛ لتكون األوقات واألحوال مذكرة بذكر هللا ،ومنبهة
إلى االتصال به ،حتى ال يغفل القلب وال ينسى".
الدعوة إلى مكارم األخالق
• دعا القرآن الكريم للتحلي بمكارم األخالق؛ ليذهب عن النفس كدر مساوئها ،فحث على التعاون،
وال يتعاون إال محب مشفق رحيم ،فكان األمر الرباني َ و َتَعاَو ُنوا َع َلى اْلِبِّر َو الَّتْقَو ى َو ال َتَعاَو ُنوا
َع َلى اِأْل ْثِم َو اْلُعْد َو اِن َو اَّتُقوا َهَّللا ِإَّن َهَّللا َش ِد يُد اْلِع َقاِب [ المائدة :من اآلية ]2توجيًها للتعاون
بمجاالته المتعددة ،ما دام منتظًم ا في سلك التقوى ،وفيه ما ال يخفى من أوجه تغذية الروح بما
تحتاجه ،وهي تعيش حالة طغيان المادة وضجيج اآلالت؛ ليعلو على هذا كله نداء الحب ،حب
اآلخرين والسعي في مساعدتهم ،وتقديم العون لهم ،دون انتظار لمردود مادي أو معنوي ،وقل مثل
ذلك عن الصبر ،وعن العفو ،واإليثار.
عدم التعلق بالشهوات
• من أعظم ما يسمو باإلنسان أن يعطي الدنيا قيمتها التي تستحقها:
• فال هو ينغمس في لذاتها وشهواتها.
• وال بالذي يختار حياة الرهبان ،فيترك الحالل الذي أباحه هللا تعالى.
• لذا نجد آيات كريمة تدعو إلى عدم االنكباب على الدنيا ،وتنأى بالنفس عن التعلق بزينتها ،مبينة أن ما عند هللا
تعالى خير وأبقى ،يقول : اْلَم اُل َو اْلَبُنوَن ِزيَنُة اْلَح َياِة الُّد ْنَيا َو اْلَباِقَياُت الَّص اِلَح اُت َخ ْيٌر ِع ْنَد َرِّبَك َثَو اًبا
َو َخ ْيٌر َأَم اًل [ الكهف ،]46:ويقول تعالىَ :بْل ُتْؤ ِثُر وَن اْلَح َياَة الُّد ْنَياَ .و اآْل ِخ َر ُة َخ ْيٌر َو َأْبَقى [ .األعلى]17:
• وتبين له أن األصل في سعيه هو الدار اآلخرة ،وابتغ فيما آتاك هللا الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا
[ .القصص من اآلية .]77قال ابن كثير " :استعمل ما وهبك هللا من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة ،في
طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات ،التي يحصل لك بها الثواب في الدار اآلخرة .وال تنس نصيبك من
الدنيا أي :مما أباح هللا فيها من المآكل والمشارب والمالبس والمساكن والمناكح ،فإن لربك عليك حقا،
ولنفسك عليك حقا ،وألهلك عليك حقا.
عالقة اإلنسان بالكون
• المتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أمًر ا الفًتا للنظر ،وهو كثرة اآليات التي تتحدث عن الكون،
وتحث على النظر والتأمل والتفكر فيه ،وهناك عالقة بين القرآن الكريم والكون.
• وقد قيل :إن القرآن كالم هللا المقروء ،والكون كتاب هللا المنظور.
• بل إننا نجد أن القرآن الكريم يؤكد مسألة مهمة ،وهي أن الكون خلق لنا ،وسخر لمصلحتنا ،حتى
أننا لنلمس العناية الربانية من خالل هذا التسخير ،قال تعالىَ :و ُهَو اَّلِذ ي َس َّخ َر اْلَبْح َر ِلَتْأُك ُلوا ِم ْنُه
َلْح ًم ا َطِر ًّيا َو َتْس َتْخ ِر ُج وا ِم ْنُه ِح ْلَيًة َتْلَبُس وَنَها َو َتَر ى اْلُفْلَك َم َو اِخ َر ِفيِه َو ِلَتْبَتُغوا ِم ْن َفْض ِلِه َو َلَعَّلُك ْم
َتْش ُك ُر وَن [ النحل]14:
• وهذه العالقة قائمة على األمور اآلتية:
• -1أن الكون قد خلقه هللا تعالى ،فلم يخلق نفسه ،وال الصدفة أوجدته ،قال هللا تعالىِ :إَّن َرَّبُك ُم ُهَّللا اَّلِذ ي َخ َلَق الَّس َم اَو اِت
َو اَأْلْر َض ِفي ِس َّتِة َأَّياٍم ُثَّم اْس َتَو ى َع َلى اْلَعْر ِش ُيْغ ِش ي الَّلْيَل الَّنَهاَر َيْطُلُبُه َح ِثيًثا َو الَّش ْم َس َو اْلَقَم َر َو الُّنُج وَم ُم َس َّخ َر اٍت ِبَأْمِرِه َأال َلُه
اْلَخ ْلُق َو اَأْلْم ُر َتَباَر َك ُهَّللا َر ُّب اْلَعاَلِم يَن [ األعراف.]54:
َلُك ُم الَّش ْم َس َو اْلَقَم َر َد اِئَبْيِن َو َس َّخ َر َلُك ُم • -2أن هللا تعالى قد سخر هذا الكون لإلنسان ،مؤمًنا كان أو كافًر ا ،قال هللا تعالىَ :و َس َّخ َر
َو الُّنُج وُم ُم َس َّخ َر اٌت ِبَأْمِرِه ِإَّن ِفي َذ ِلَك الَّلْيَل َو الَّنَهاَر [ إبراهيم ،]33:وقال تعالىَ :و َس َّخ َر َلُك ُم الَّلْيَل َو الَّنَهاَر َو الَّش ْم َس َو اْلَقَم َر
آَل ياٍت ِلَقْو ٍم َيْع ِقُلوَن [ النحل.]12:
• -3أن هذا التسخير يسير وفق قواعد ثابتة مستمرة ،وهذا ما يسهل االنتفاع به ،يقول تعالىَ :أَلْم َتَر َأَّن َهَّللا ُيوِلُج الَّلْيَل ِفي
الَّنَهاِر َو ُيوِلُج الَّنَهاَر ِفي الَّلْيِل َو َس َّخ َر الَّش ْم َس َو اْلَقَم َر ُك ٌّل َيْج ِري ِإَلى َأَج ٍل ُم َس ّمًى َو َأَّن َهَّللا ِبَم ا َتْع َم ُلوَن َخ ِبير[ لقمان ،]29:وقال
تعالى :ال الَّش ْم ُس َيْنَبِغ ي َلَها َأْن ُتْد ِرَك اْلَقَم َر َو ال الَّلْيُل َس اِبُق الَّنَهاِر َو ُك ٌّل ِفي َفَلٍك َيْسَبُح وَن [ .يـس ]40:وقال تعالىِ :إَّنا ُك َّل
َش ْي ٍء َخ َلْقَناُه ِبَقَد ٍر[ .القمر]49:
• -4أن الكون كله مطيع هلل مسبح له ،يقول تعالىُ :ثَّم اْس َتَو ى ِإَلى الَّس َم اِء َو ِهَي ُد َخ اٌن َفَقاَل َلَها َو ِلَأْلْر ِض اْئِتَيا َطْو ًع ا َأْو َك ْر ًها
َقاَلَتا َأَتْيَنا َطاِئِع يَن [ فصلت ،]11:وقال تعالىُ :تَسِّبُح َلُه الَّس َم اَو اُت الَّسْبُع َو اَأْلْر ُض َو َم ْن ِفيِهَّن َوِإْن ِم ْن َش ْي ٍء ِإاَّل ُيَسِّبُح ِبَح ْم ِدِه
َو َلِكْن ال َتْفَقُهوَن َتْس ِبيَح ُهْم ِإَّنُه َك اَن َح ِليًم ا َغُفوًر ا [ .اإلسراء]44:
• -5إن هللا تعالى أمر اإلنسان في آيات كثيرة أن ينظر في الكون نظر تأمل وتفكر ،وذلك بدراسة السنن والقواعد والقوانين التي
يسير عليها لكي يتمكن من االنتفاع به وتسخيره لمصالحه ،قال تعالىُ :قِل اْنُظُر وا َم اَذ ا ِفي الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َو َم ا ُتْغ ِني اآْل ياُت
َو الُّنُذ ُر َعْن َقْو ٍم ال ُيْؤ ِم ُنوَن [ يونس]101:
نتيجة تطبيق علماء المسلمين للمنهج القرآني في النظر والتأمل
• لقد برعوا في علوم كان لها أكبر األثر في ازدهار علوم الغرب في عصرنا الحاضر.
• يقول نيكلسون " :وما المكتشفات اليوم لتحسب شيًئا مذكوًر ا إزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا
مشاعل وضاءة في القرون الوسطى المظلمة ،والسيما في أوربا ،فلو لم يظهر الحسن بن الهيثم الضطر إسحاق
نيوتن أن يبدأ من حيث بدأ الهيثم ،ولو لم يظهر جابر بن حيان لبدأ جاليليو من حيث بدأ جابر بن حيان ".
• لقد تم تأليف القسم األكبر من كتاب الحاوي للرازي من سجل دقيق لمالحظاته على مرضاه أثناء سير المرض،
وكان الرازي أول من وصف بدقة ووضوح مرض الحصبة ومرض الجدري … ،وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة
الالتينية ،وبقي مرجًعا يدّر س في الجامعات األوربية حتى منتصف القرن الرابع عشر للميالد.
• ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن مباحث محمد بن موسى في حركة األجرام السماوية وخواص الجذب سابقة
لبحوث نيوتن في هذا المجال.
ثقافة اإلنسان في المحافظة على البيئة
• يعد اإلنسان أهم عامل حيوي وفعال في البيئة ،وبيئة اإلنسان :مكان سكناه ،وكل ما يحيط به من
عناصر طبيعية كالماء والهواء والتربة والكائنات الحية من نبات وحيوان ،وعناصر بشرية
تشمل اإلنسان بأنشطته المتنوعة الزراعية والصناعية وغيرها.
• لقد مرت عالقة اإلنسان ببيئته بتطورات كثيرة ،وزاد نشاطه في استغالل موارد البيئة ،وبخاصة
عندما جاءت مرحلة الصناعة ،واستخدام المواد الكيماوية ،وتلويث الجو بأدخنة المصانع،
فظهرت مشكالت بيئية عديدة.
• لقد نظم اإلسالم عالقة اإلنسان بالبيئة ،فأرشده إلى أمور مهمة ،تشكل قيًم ا يسير على منهاجها،
منها:
• .قيم المحافظة :وذلك بالمحافظة على كل ما يحيط بنا من هواء ،ومياه ،ونبات ،وهدوء ،وطرقات،
ونحو ذلك.
• .2قيم االستغالل :وتعنى باستغالل الموارد المتاحة باعتدال دون إسراف.
• .3قيم جمالية :فقد وجه الدين الحنيف إلشاعة الجمال في الحياة ،ابتداء من جعلها جْز ًء من العبادات،
كالوضوء واالغتسال ،وانتهاء بالسنن التي ال يكاد الحصر يحدها ،الجمال في الهيئة والملبس ...وحتى
المركوب ،يقول تعالى :ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون .
• لقد بّين هللا تعالى أن ما يحصل للبيئة من فساد مرده اإلنسان ،قال تعالى :ظهر الفساد في البر
والبحر بما كسبت أيدي الناس ...والمعنى :بأن النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي .وقال
أبو العالية ” :من عصى هللا في األرض فقد أفسد في األرض؛ ألن صالح األرض والسماء بالطاعة ”.
• فالمعاصي سبب رئيس لفساد البيئة ،وهو أمر يستدعي التيقظ؛ ألننا نلحظ أن كثيًر ا من المنظرين
يرجعون األمر للفساد الحسي ،وذلك حق ،وقد نص عليه القرآن الكريم ،قال : وإذا تولى سعى
في األرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسلَ ،و ُهَّللا اَل ُيِح ُّب اْلَفَس اَد [ البقرة من اآلية]205