Professional Documents
Culture Documents
القرآن الكريم
ٕ
القرآن الكرٌم نعمة وشرف لؤلمة
عندما ٌذ ّكر هللا عباده بؤنه منّ علٌهم برسوله (صلوات هللا علٌه وعلى آله) ،ومنّ علٌهم بؤن أنزل علٌه
اب َو ْالح ِْك َم َة وٌزكٌهم َوإِنْ َكا ُنوا مِنْ َق ْب ُل لَفًِ
القرآنٌ ،تلوه على الناس ٌُعلمهم بهٌ ،زكٌهم بهَ ٌُ ،علِّ ُم ُه ُم ْال ِك َت َ
ٌن ِم ْن ُه ْم لَمَّا ٌَ ْل َحقُوا ِب ِه ْم} (الجمعة )ٖ:أولبك الذٌن عاصروه نعمة كبٌرة علٌهم ،و ِم ّنة ضبلل م ُِبٌنَ { .و َ
آخ ِر َ َ
ٌن ِم ْن ُه ْم} من الناس من األمٌٌن {لَمَّا ٌَ ْل َحقُوا ِب ِه ْم َوه َُو ْال َع ِزٌ ُز عظٌمة منّ هللا علٌهم ،هم ومن بعدهم { َو َ
آخ ِر َ
هللا ُ ُذو ْال َفضْ ِل ْالعَظِ ٌِم} (الجمعة )ٗ:هذا فضل عظٌم هللا ٌ ُْإتٌِ ِه َمنْ ٌَ َشا ُء َو َّ
ك َفضْ ُل َّ ِ ْال َحكٌِم} ذلك فضل َّ
هللا { َذلِ َ
من هللا أن ٌبعث فً األمٌٌن.
كلمة (أمٌٌِّن) تطلق على العرب؛ باعتبار أنهم كانوا فٌما ٌتعلق بالقراءة والكتابة لم تكن منتشرة فٌهم ،وقد
ٌكون اسما ٌطلق على من سوى أهل الكتاب من األمم ،كلمة أمٌٌن :تطلق على من سوى أهل الكتاب من
ْس َعلَ ٌْ َنا فًِ ْاأل ُ ِّمٌ َ
ٌِّن َس ِبٌل}. ك ِبؤ َ َّن ُه ْم َقالُوا لٌَ َ
األمم ،وما تزال تستخدم إلى اآلن عند أهل الكتاب أنفسهم { َذلِ َ
(آل عمران :من اآلٌة٘ )5وكٌفما كانت كان العرب أمة أمٌّة ،لٌس لها ثقافة ،لٌس فً أوساطها أعداد
كبٌرة من المثقفٌن من العلماء ،أمة تعٌش حالة بدابٌة؛ فؤن تحصل على هذه النقلة العظٌمة من مرحلة
البدابٌة مرحلة األمٌة إلى أن ُتمنح هذا القرآن العظٌم ،الذي جعله هللا مهٌمنا على كل الكتب السماوٌة
السابقة.
ماذا لو تثقفت األمة بثقافة القرآن الكرٌم ؟
كتاب عظٌم ،كتاب واسع ،ثقافته عالٌة جداً ،عالٌة جداً تجعل هذه األمة -لو تثقفت بثقافته -أعظم
ثقافة ،وأكثر إنجازاً ،وأعظم آثاراً فً الحٌاة ،وأسمى ..أسمى روحاً ،وأسمى وضعٌة ،وأزكى وأطهر
نفوسا ً من أي أمم أخرى ،من هنا ٌقولْ ٌَ { :تلُو َعلَ ٌْ ِه ْم آ ٌَاتِ ِه َو ٌُ َز ِّكٌ ِه ْم} تكون نفوسهم زاكٌة ،مجتمعهم
زاكً ،حٌاتهم زاكٌة ،نظرتهم صحٌحة ،رإٌتهم صحٌحة ،أعمالهم كلها زاكٌة.
ٖ
ٔ .نحن فرطنا فً مسإولٌة كبٌرة ،أتاحت الفرصة للٌهود أن ٌتحركوا هم ،وبمختلؾ الفبات الضالة
والمضلة فً هذه الدنٌا ،أن تتحرك هً فتمتلا الدنٌا فسادا ،وظلما ،وٌكون الباطل هو الذي ٌسود،
وٌكون الفساد هو الذي ٌحكم ،وهو الذي ٌنتشر ،وهو الذي ٌمتلك القوة ،وٌمتلك الهٌمنة.
و لوال أن هناك مسإولٌة جسٌمة جدا علٌنا أدى التفرٌط فٌها إلى أن ٌصبح التفرٌط ذلك جرٌمة أعظم مما
علٌه اآلخرون لما استحقٌنا أن نكون تحت أقدام من قد ضربت علٌهم الذلة والمسكنة .ألٌس العرب اآلن
أذل من الٌهود؟ ألٌس العرب اآلن أذل من النصارى؟ حقٌقة.
عندما نتؤمل نجد أنفسنا فً وضعٌة سٌبة ومخزٌة لماذا؟ ألننا فرطنا فً مسإولٌة كبٌرة ،فرطنا فً شرؾ
عظٌم،
ٗ
الحظ عندما ٌقول هللا هنا فً القرآن الكرٌم أن من مهام رسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى آله) أن ٌعلمنا
الكتاب والحكمة .ما هً الحكمة اآلن فً مواجهة أمرٌكا وإسرابٌل ،ومإامراتهم ،وخططهم؟ والتً
أصبحت علنٌّة ومكشوفة ،وأصبحت أٌضا هجمة لٌس معها وال أي ذرة من احترام لهذه األمة وال حتى
لزعماء هذه األمة :سخرٌة ،احتقار ،امتهان بشكل عجٌب ،ربما لم ٌحصل مثل هذا فً التارٌخ ،ما هً
الحكمة اآلن؟
هل السكوت و الخضوع و الحٌاد أم المواجهة و الجهاد .و العجٌب أن البعض من المؽفلٌن ٌقولون أن
السكوت هو الحكمة.
٘
قوة تؤثٌر القرآن
ِّل األَ ْم ُر َجمٌِعا} (الرعدٖٔ)]
ت ِب ِه األَرْ ضُ أَ ْو ُكلِّ َم ِب ِه ْال َم ْو َتى َبل ِّ ّ ِ
ت ِب ِه ْال ِج َبا ُل أَ ْو قُ ِّط َع ْ
{ َو َل ْو أَنَّ قُرْ آنا ُسٌ َِّر ْ
ٌقول المفسرون جمٌعا :أي :لكان هذا .هنا ٌتحدث عن شًء له أثر خارق ،أثر ٌعنً بالشكل الذي ٌكون
أكبر مما تتصور .هناك تحدث عن أنه لو أنزله على جبل لتصدع .تصور مثبل شٌبا تسٌَّر به الجبال ،أو
تقطع به األرض ،أو تكلم به الموتى .ألست تتصور تؤثٌرات لشًء من هذا النوع الخارق؟ ٌقول لك :لكان
هذا القرآن.
كٌؾ كانت الخسارة الكبٌرة ربما كنا نحن الجٌل هذا من المسلمٌن ضحٌة ،ضحٌة عدم اهتمام األولٌن بهذا
القرآن بؤن ٌنظروا من خبلله إلى الواقع مع أن اإلمام علٌا قال كلمة جمٌلة جدا تعطً اهتماما كبٌرا
بالقرآن بؤن ٌكون هو المقٌاس لئلنسان وهو ٌقٌِّم الواقع وٌنظر إلى المستقبل إلى الماضً والحاضر
والمستقبل من خبلله ((كتاب هللا تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به)) ،البعض منا اآلن ٌقول مثبل ما
هو وقت أن ٌكون للناس عمل ٌقوم على أساس مواجهة توجه أهل الكتاب ضد هذه األمة ضد المسلمٌن
ضد دٌنهم أوطانهم ثرواتهم مقدساتهم قد ٌقول بعضهم [ما هو وقت أو لٌس اآلن وقت العمل!] اآلٌة هذه
هً كانت تفرض على من كان قبلنا بؤربعمابة سنة أو من كان قبلنا بخمسمابة سنة أنهم عندما ٌرون
بداٌات مإشرات النهوض فً أوروبا أن ٌكونوا مهتمٌن جدا ببناء اإلنسان المسلم بؤن ال ٌتجاوزهم اإلنسان
الؽربً الذٌن معظم الناس هناك هم من أهل الكتاب أن ال ٌتجاوزوهم.
ألن هذه اآلٌة تقول لك أو تعطٌك فً األخٌر معرفة بؤنه فعبل بؤن أولبك عندما ٌنهضون وهم ال ٌودون لً
أي خٌر ماذا سٌعملون؟ سٌتجهون بكل ما لدٌهم من شر؛ ألن معنى هذا هم أعداء ،الذي ال ٌود لك أي
خٌر هو عدو لك ،العدو ما هو الشًء الذي ٌرٌد أن ٌعمله بك هو الشر هو الضر أن ٌحولوا بٌنك وبٌن أي
خٌر ٌمكن أن تناله ،فكان من واجب من قبلنا بخمسمابة سنة أول ما بدأت مإشرات النهوض الصناعً فً
أوروبا كانت أشٌاء بسٌطة من قبل أن تكتشؾ حتى أمرٌكا.
ٙ
الٌهود فً مواجهة القرآن الكرٌم
القرآن الكرٌم فً هذه المرحلة بالذات نحن أحوج ما نكون إلٌه ،وفً هذه المرحلة بالذات هو ٌتعرض
لخطورة بالؽة على أٌدي الٌهود .ولٌس القرآن فً نفسه ،القرآن فً نفوسنا ،القرآن فً حٌاتنا ،القرآن فً
واقعنا هو الذي سٌضرب أما القرآن فً نفسه ال ٌستطٌع الٌهود أن ٌحرفوه ال ٌستطٌعوا أن ٌزٌدوا فٌه وال
ٌنقصوا منه ال ٌستطٌعوا أبدا أن ٌمسوه بسوء .لكن ٌستطٌعوا بالنسبة لنا أن ٌجعلونا بالشكل الذي ال ٌبقى
للقرآن عبلقة بنفوسنا ال ٌبقى لنا أي اتصال بالقرآن ال ٌبقى لنا أي التفات إلى القرآن.
تجدهم ألنهم ٌفهمون أكثر مما نفهم! حربهم تتركز على شًء واحد بشكل مكثف ،ومركز ضد القرآن
الكرٌم ،وبعده شخصٌة الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله ) وفً نفس الوقت اللغة العربٌة.
هذه الثبلثة األشٌاء التً ٌركزون على حربها :القرآن الكرٌم رقم واحد فً الموضوع ،ال ٌحاولون أن
ٌحاربوا أشٌاء أخرى ،مظاهر أخرى ،مساجد كثٌرة تبنى ،أشٌاء كثٌرة ،علماء كثٌرون مختلفونٌ ،عتبرون
هذا ٌساعد على خلق فرقة فً أوساط الناس ،مذاهب متعددة .هل هم ٌقولون :هإالء المسلمٌن مذاهب
كثٌرة نحاول ننقصهم ،ننقصهم حتى ٌعودوا مذهب واحد .هل عندهم الفكرة هذه؟ ال..هم ٌرون بؤن هذا
ٌساعد أفضل تتوسع المذاهب ،وعلماء كثٌر ٌنتشرون مختلفٌن ،وتكون الساحة كلها ساحة قلقة.
لو أن القرآن الكرٌم ،أو نقول :لو فهموا أن القرآن الكرٌم كتاب ٌمكن أن ٌخلق ماذا؟ آراء متعددة ،أفكار
متباٌنة ،أقوال متضاربة ،لما تعرضوا له إطبلقا ،هل تفهمون هذه؟ لما تعرضوا له .هم ال ٌتعرضون
لكتب الحدٌث هل تعرفوا هذا ؟ ال ٌتعرضون لكتب الحدٌث ،بل ٌخدمونهاٌ ،ؤتً مستشرقون ٌضعون
فهارس للحدٌث ،كتاب واحد ٌسهل لك الرجوع إلى أي حدٌث تبحث عنه ،فً أي من أمهات ،ومسانٌد،
ومجامٌع الحدٌثٌ ،خدمونها خدمة.....ألن الكثٌر منها تحتوي على أحادٌث مكذوبة وموضوعة تإدي إلى
تفرق األمة و ضٌاعها.
تعدد المذاهب ٌخدمهم أٌضا! هم صنعوا طوابؾ إسبلمٌة خبلل المابة السنة الماضٌة ،والمابتً السنة
الماضٌة ،صنعوا طوابؾ جدٌدة كالوهابٌة ،والبهابٌة ،والقادٌانٌة ،صنعوا هم هذه الطوابؾ لتفرٌق األمة
وأن لؽة القرآن اللؽة العربٌة التً هً أساس من أسس فهمه ٌجب أن تحاربٌ ،جب أن تقصى ،أن تعمم
بدال منها اللؽة االنجلٌزٌة ،أن نترك الشباب ٌشعرون بإعجاب ،بعظمة ،عندما ٌتعلمون اللؽة اإلنجلٌزي و
فً نفس الوقت إهمال اللؽة العربٌة.
حرب شعواء ضد اللؽة العربٌة؛ ألنها لؽة القرآن الكرٌم ،وأن هللا سبحانه وتعالى قالِ { :ب ِل َسان َع َر ِبً
م ُِّبٌن} (الشعراء٘{ )ٔ9قُرْ آنا َع َر ِبٌّا} (ٌوسؾٕ) أكثر من ثبلث آٌات تحدث هللا عن القرآن أنه عربً،
باللؽة العربٌة ،بلسان العرب.
فنون أخرى مثل علم الكبلم أو أصول الفقه ال ٌتعرضون لها ،فنون أخرى مما ٌقطع الكثٌر منا أوقاتهم
وهم منهمكون فً دراستها ال ٌتعرضون لها ،حتى وإن كانت باسم علوم إسبلمٌة ،حتى وإن قدمت فً
5
أوساطنا بؤنها من آلٌات فهم القرآن الكرٌم ،من آلٌات استنباط األحكام الشرعٌة ،من آلٌات كذا .ال
ٌتعرضون لهاٌ ،رون أنها تخدم القضٌة.
لماذا ٌحاربون القرآن بالذات ؟
ٔ .ألنهم ٌعرفون أن القرآن الكرٌم هو وحده ،هو وحده الذي ٌستطٌع أن ٌبنً أمة واحدة ،هو الذي
ٌستطٌع أن ٌبنً أمة قوٌة،
ٕ .ألنهم ٌعلمون أنه كتاب من ٌلتفون حوله لن ٌفترقوا و لن ٌختلفوا ،سٌكونون كما قال هللا :معتصمٌن
بحبل واحد ،عندما قالَ { :واعْ َتصِ مُو ْا ِب َحب ِْل ّ ِ
هللا َجمٌِعا َوالَ َت َفرَّ قُو ْا} (آل عمرانٖٓٔ)
ٖ .ألنه ٌستقٌم باألمة و ٌقوم أي اعوجاج .
8
كٌؾ ٌمكن أن ٌكون هناك ملك للسماوات واألرض ،ومن له ملك السماوات واألرض ،وملك عباده ،ثم
ٌقؾ من الجمٌع موقؾ البلمباالة ،إنما تكرم علٌهم أن ٌنزل إلٌهم كتابا لمجرد التبلوة ،ومجرد الترفٌه على
أنفسهم فً أوقات الشدة! ال .إن من هو المدبر لما فً السماوات وما فً األرض ،من قال عن نفسه
ان ِم ْقدَ ا ُرهُ أَ ْل َ
ؾ سبحانه وتعالى فً سعة تدبٌرهَ ٌُ { :د ِّب ُر ْاألَم َْر م َِن ال َّس َما ِء إِلَى ْاألَرْ ِ
ض ُث َّم ٌَعْ ُر ُج إِلَ ٌْ ِه فًِ ٌَ ْوم َك َ
ون} (السجدة )٘:فً الٌوم الواحد ٌدبر ما ال ٌدبر العباد مثله إال فً ألؾ سنة ،فً الٌوم َس َنة ِممَّا َت ُع ُّد َ
الواحد.
إذا فهذا الكتاب الذي أنزله من عنده سبحانه وتعالى هو نزل من عند ملك ،إله ،مدبر ،حً ،قٌوم ،علٌم،
حكٌم ،سمٌع ،بصٌر ،رحٌم .وهو كتاب عملً ،كتاب عملً للحٌاة ٌتحرك بحركة الحٌاة .فؤن تجمد أمة
بٌن ٌدٌها القرآن الكرٌم هً لٌست جدٌرة بحمله ،هً أمة ال تتخلق بؤخلقه ،هً أمة تنبذ القرآن وراء
ظهرها ،هً أمة تهجر القرآن ،هً أمة جدٌرة بؤن تعٌش منحطة ذلٌلة مقهورة.
فعندما ٌقول هللا سبحانه وتعالى لناَ { :فا َّت ِبعُوهُ}؛ ألن فٌه ما نحن بحاجة إلى اتباعه ،نحن ال نجد فً سواه ما
ٌمكن أن ٌجعلنا نثق به فً اتباعنا له .هو كتاب عملً ا َّت ِبعُوهُ .ال تستطٌع أن تقول :ماذا نتبع فٌه؟ .ماذا؟ ما
الذي فٌه؟.
{ َوا َّتقُوا} وتؤتً كلمة {ا َّتقُوا} فً مواضع كثٌرة فً القرآن الكرٌم ،فً حاالت التحذٌر عن التفرٌط مما
ألزم به سبحانه وتعالى ،فبعد أن قالَ { :فا َّت ِبعُوهُ َوا َّتقُوا} :أحذروا أن تفرطوا فً اتباعكم له ،أحذروا أن
تبتعدوا عن اتباعكم له.
ثم بعد أن نكون قد اتبعناه ،واتقٌنا هللا فً أن ال نفرط فً اتباعنا له{ ،لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْر َح ُمونَ } عسى أن ترحموا،
ُون} عسى أن ترحموا ،رجاء أن ترحموا؛ هذا الجزء من هذه اآلٌة المباركة قول هللا تعالى{ :لَ َعلَّ ُك ْم ُترْ َحم َ
لٌوحً للناس أن من ال ٌتبعون القرآن ما أبعدهم عن رحمته ،أن من ال ٌتقون هللا فً تفرٌطهم فً اتباع
القرآن ما أبعدهم عن رحمته ،وأٌن رحمته؟ وأٌن مستقر رحمته؟ رحمته فً الدنٌا ،ومستقر رحمته فً
اآلخرة وهً الجنة ،ألٌس فً هذا نوع من التهدٌد؟ ألٌس فً هذا إٌحاء بخطورة الموقؾ؟.
[{ َوإِ َّن ُه َل ِك َتاب َع ِزٌز َال ٌَؤْتٌِ ِه ا ْل َباطِ ل ُ مِن َب ٌْ ِن ٌَ َد ٌْ ِه َو َال مِنْ َخ ْل ِف ِه َت ِ
نزٌل ِّمنْ َحكٌِم َحمٌِد} (فصلتٕٗ)] ال
ٌوجد فٌه منفذ للباطل على اإلطبلق ،ال ٌتطرق إلٌه الباطل ،ال أن ٌكون شاهدا على باطل ،وال أن ٌُلحق
به باطل ،وٌُفرض علٌه باطل ،ف ٌُضَّمن معانٌه وٌضَّمن ما ٌدل علٌه.
القرآن هو بالشكل الذي ٌجعل الناس الذٌن ٌسٌرون على هدٌه بهذا الشكل:
فؤي باطل ما ٌستطٌع أن ٌنال منهم ،إذا أنت تتثقؾ بثقافة القرآن ،ومعرفتك معرفة القرآن ،ورإٌتك رإٌة
القرآن ،فؤي باطل ال ٌمكن ٌنال منك ،ال ٌمكن ٌإثر علٌك نهابٌا ،بل أي باطل ٌظهر سترى فٌه شاهدا
على أنك على حقٌ ،كون بهذا الشكل ،تكون القضٌة بهذا الشكل ،ال ٌعد هناك باطل إال ٌفٌدك أنت رؼما
عنه ،هللا جعل القضٌة بهذا الشكل :أن الباطل ٌفٌد الحق رغما ً عنه ،وٌكون فً نفسه شهادة على أن الحق
حق ،وأنه هو باطل رؼما عنه.
فإذا اإلنسان ال ٌسٌر على القرآن ٌدخل الباطل من بٌن ٌدٌه ومن خلفه ومن فوقه ومن تحته ومن كل مكان
نزٌل مِّنْ َحكٌِم َحمٌِد} حمٌد :من الحمد من المجدَ { .ت ِ
نزٌل مِّنْ َحكٌِم ٌدخل له ،فً نفسٌته وفً واقعهَ { .ت ِ
َحمٌِد}!! البعض ٌقرإها دون أن ٌكون لها أي أهمٌة عنده.
ْ
ْن ٌَدَ ٌْ ِه َو َال مِنْ َخ ْل ِف ِه َت ِ
نزٌل مِّنْ َحكٌِم َحمٌِد} هنا ٌقول لك :امشوا هذه اآلٌة هامة جداَ { :ال ٌَؤتٌِ ِه ْالبَاطِ ُل مِن َبٌ ِ
علٌه تصبحون أنتم بالشكل الذي ال ٌستطٌع الباطل أن ٌتطرق إلٌكم ،ال فً نفوسكم ،وال فً واقع حٌاتكم
نهابٌا .وفعبل تجد إلى ما ٌهدي إلٌه فً بقٌة األشٌاء أنه بالشكل الذي ال ٌعد ٌرى الباطل له مكانا فً الدنٌا
هذه ،ال ٌعد ٌرى له مكان.
القرآن كذلك ٌعطٌنا ثقافة استباقٌة
ولهذا كان تثقٌفه ٌقوم للمإمنٌن على أساس السبق ،المبادرة ،العمل على أساس االحتماالت المستقبلٌة.
تجد واقعنا بالشكل المؽلوط تماما ،ما ٌإمن بالقضٌة إال بعدما تقع ،ما ٌإمن بؤن األمرٌكً بعده إال بعد ما
ٌراه عند باب بٌته فٌقول :وهللا صحٌح ،من هذا النوع .هنا ال ،القرآن هو بالشكل الذي ٌعطً ثقافة ،تجعل
الباطل ال ٌجد له مكانا فً الدنٌا هذه ،ال ٌجد له مكانا فً نفسك ،ال ٌجد له مكانا فً ببلدك.
ٓٔ
هذه المرحلة هً أنسب مرحلة لتقدٌم القرآن الكرٌم
بعد فشل كل النظرٌات فً العالم و كلما كبرت األحداث ،كلما ظهرت أهمٌة القرآن أكثر فؤكثر ،وكلما
تقدمت األٌام ،وأٌضا ظهرت متؽٌرات أخرى ،كلما ظهر أهمٌة أن ننطلق فً سبٌل هللا فً العمل بجدٌة،
وأنه فعبل من ٌسٌرون على هدي هللا ،وهدي كتابه ،ال ٌكتشفون أنفسهم أنهم سلكوا طرقا ثم ندموا فً
سلوكها ،أنهم تبنوا أشٌاء ،ثم ندموا على تبنٌها؛ تجدهم دابما ٌلجموا ،أخطاءٌ ،خطً وٌصحح ،وٌخطً
وٌصحح دابما!.
ما هو الفرق بٌن من ٌنظرون الى األحداث بنظرة قرآنٌة و من ال ٌنظرون الٌها نظرة قرآنٌة ؟
تؤتً هذه األحداث من خبلل تحرك األمرٌكٌٌن ،تحرك اإلسرابٌلٌٌن ،تحرك دول الؽرب هذه .من ٌتؤملها
بنظرة قرآنٌة ال ٌمكن أن ٌحصل لدٌه إحباط ،وال ٌحصل لدٌه ٌؤس ،بل ٌمكن أن ٌرى هذه الفترة من
أفضل ،وأحسن الفترات بالنسبة لئلسبلم ،لمن ٌعرفون كٌؾ ٌتحركون فً سبٌل اإلسبلم ،فعبل.
ومن ال ٌنظرون نظرة قرآنٌةٌ ،جدوها فترة مظلمة ،وفترة رهٌبة .هً فعبل رهٌبة ،وخطٌرة ،لكن لمن ال
ٌتحركون على هدي القرآن ،فهً خطٌرة ،ورهٌبة فعبل ،هنا فً الدنٌا ،وفً اآلخرة.
أما من ٌسٌرون على هدي هللا ،على هدي كتابه -على حسب فهمنا ،وتقٌٌمنا -أنها من أفضل المراحل
فً تارٌخ هذه األمة ،لمن ٌعملون فً سبٌل هللا فقط ،لمن ٌتحركون فً سبٌل هللا ،وعلى أساس كتابه.
الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله) ٌقول فً حدٌث رواه اإلمام علً (علٌه السبلم) ،عن علً بن أبً
طالب (علٌه السبلم) قال سمعت رسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى آله) ٌقول(( :أال إنها ستكون فتنة ..
فقلت ما المخرج منها ٌا رسول هللا؟ .قال :كتاب هللا فٌه نبؤ ما قبلكم ،وخبر ما بعدكم)).
قلنا أكثر من مرة بؤن القرآن الكرٌم ٌستطٌع أن ٌكشؾ لكل أمة واقعهاٌ ،ستطٌع أن ٌكشؾ لك الواقع.
((فٌه خبر ما بعدكم)) خبر ما سٌؤتً بعدكم لكن لٌس على سبٌل اإلخبار التارٌخً بؤنه سٌؤتً فً عام كذا
وكذا ٌحصل كذا وكذا ..ال .بطرٌقة أخرى بطرٌقة أخرى ال ٌستطٌع أحد أن ٌعملها.
((أال إنها ستكون فتنة ..فقلت :ما المخرج منها ٌا رسول هللا؟ .قال :كتاب هللا فٌه نبؤ ما قبلكم)) ونبؤ ما
ب} (ٌوسؾ :من صصِ ِه ْم عِ ب َْرة ِألُولًِ ْاألَ ْل َبا ِ قبلنا فٌه عبرة ودروس لنا فً مقام الهداٌة {لَ َق ْد َك َ
ان فًِ َق َ
اآلٌةٔٔٔ).
ٔٔ
وح َكم ما بٌنكم ،هو الفصل لٌس بالهزل)) فٌجب أن نتعامل مع القرآن بجدٌة ،هو
((وخبر ما بعدكمَ ،
فصل فً كل القضاٌا ،فصل فً مقام الهداٌة ٌرشد للتً هً أقوم.
((لٌس بالهزل)) هو كتاب عملً ،كتاب للحٌاة ،كتاب للنفوس ،كتاب للهداٌة ،لٌس فٌه مفردة واحدة ال
تعطً هداٌة ،لٌس فٌه آٌة واحدة ال تعطً هداٌة ،حتى تلك التً ٌقول عنها أصحاب الناسخ والمنسوخ ،أو
أصحاب [قواعد أصول الفقه] :هذه اآلٌة منسوخة .ما الحكمة من بقابها؟ قال :لمجرد التعبد بتبلوتها .هذا
ؼٌر صحٌح بل كل مفردة فٌه فٌها هداٌة كبرى ،كل آٌة تهدي هداٌة ،أحٌانا تفتح كثٌر من اآلٌات أبوابا
واسعة من أبواب الهداٌة.
((من تركه من جبار قصمه هللا)) حتى وهو جبار متى ما ترك القرآن ٌتعرض ألن ٌقصمه هللا ،فكٌؾ
بؤولبك المستضعفٌن الذٌن لٌس لدٌهم ما ٌحمٌهم إذا ما تركوا القرآن سٌُقصمون سرٌعا على أٌدي
الجبارٌن ،هذا هو جبار أي ٌمتلك قدرة أن ٌحمً نفسه بل هو من ٌتسلط على اآلخرٌن متى ما ترك
القرآن فإنه ٌتعرض هو ألن ٌقصمه هللا .لكن هناك سنن ثابتة فً القرآن الكرٌم فً قصم الجبارٌن.
((ومن ابتغى الهدى من غٌره أضله هللا)) حتى عندما تعرؾ الواقع الذي أنت تعٌش فٌه ،وتعرؾ
المرحلة السٌبة التً أنت تعٌش فٌها ،والضبلل الذي ٌنتشر من ٌمٌنك وشمالك ،وأنت هناك من ٌهتم بنفسه
فتبحث عن الهدى ،وإن كان لدٌك حرص كبٌر على أن تهتدي فإنك عندما تبحث عن الهدى فً ؼٌر
القرآن ،وعن ؼٌر القرآن تضل ،بل ٌضلك هللا ،وكلمة(( :ابتؽى)) ٌعنً طلب الهدى ..من الذي ٌطلب
الهدى؟؟ .من ٌشعر بحاجة إلى الهدى ،حتى من ٌشعر بحاجة إلى الهدى متى ما انطلق لٌهتدي من هنا أو
من هنا سٌضل.
((وهو حبل هللا المتٌن ،وهو الذكر الحكٌم ،وهو الصراط المستقٌم ،هو الذي ال تزٌغ به األهواء ،وال
تلتبس به األلسن وال ٌشبع منه العلماء)) .متى ما اختلفت األلسن وهً تتلوه ،متى ما اختلفت األلسن
ون} (الحجر .)9:وما أكثر ما حصل الذ ْك َر َوإِ َّنا لَ ُه لَ َحاف ُ
ِظ َ وهً تعبر عنه ال ٌإثر هذا علٌه {إِ َّنا َنحْ نُ َن َّز ْل َنا ِّ
من التباس األلسنة حول القرآن الكرٌم ،التباس رهٌب على أٌدي المفسرٌن ،على أٌدي أصحاب فنون
كثٌرة من الفنون التً ٌقال بؤنها تخدم القرآن الكرٌم ،التباس كثٌر حصل ،ولكن القرآن ما ٌزال هو ،هو،
ال ٌمكن أن ٌمسه أحد بسوء ،وال ٌزال هو هو ٌرفض كلما ٌلصق به مما ال ٌنسجم معه.
((وال ٌشبع منه العلماء)) ال ٌشبع منه العلماء؛ ألن فٌه المعرفة الواسعة ،هو بحر ال ٌدرك قعره.
لكن أصبحنا فً موقؾ عجٌب ،الشخص منا متى ما كان فقٌرا ٌقول لآلخرٌن :ما معً إال هللا .ألٌس هكذا
ٌقول؟ ٌقال للشخص الذي ٌتعلم القرآن :أنت بتقرأ؟ أنت تتعلم؟ ٌقول :نعم .فً ماذا؟ ٌقول :فً القرآن،
أتعلم حصة فً القرآن .وماذا؟ ألٌس الواحد ٌقول :وماذا هل معك شًء آخر ،لم ٌعد هنا شعور بؤن القرآن
ٌكفً إلى درجة أنه ال ٌشبع منه العلماء .ومن العلماء؟ .العلماء الذٌن ٌؽوصون فً أعماق أعماقه ،ال
ٌزالون مهما ُع ِّمرُوا ال ٌشبعون منه .أي هو بحر علوم.
ٕٔ
الحٌاة كلها تتحرك متؽٌرات تطرأ ،أحداث تطرأ ،القرآن ٌكشؾ لك الكثٌر الكثٌر عنها ،وكٌؾ تنظر إلٌها،
وكٌؾ تتعامل معها.
((وال تنقضً عجاببه)) حكم عجٌبة ٌعطٌها ،أمور عجٌبة ٌكشفها ،سبل عجٌبة ٌهدي إلٌها قٌم عجٌبة.
أٌضا ((هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا{ :إِ َّنا َسمِعْ َنا قُرْ آنا َع َجبا ٌَ ْهدِي إِلَى الرُّ ْش ِد} (الجن :من
ضرُوهُ َقالُوا أَ ْنصِ ُتوا َفلَمَّا قُضِ ًَ َولَّ ْوا إِلَى َق ْوم ِِه ْم ُم ْنذ ِِر َ
ٌن َقالُوا ٌَا َق ْو َم َنا إِ َّنا َسمِعْ َنا ِك َتابا اآلٌةٕ)))َ { .فلَمَّا َح َ
ُص ِّدقا لِ َما َبٌ َْن ٌَ َد ٌْ ِه ٌَ ْهدِي إِلَى ْال َح ِّق َوإِلَى َط ِرٌق مُسْ َتقٌِم} (االحقاؾ )ٖٓ:كذلك قالوا: أ ُ ْن ِز َل مِنْ َبعْ ِد مُو َسى م َ
{إِ َّنا َسمِعْ َنا قُرْ آنا َع َجبا } عجٌب فٌه العجاببْ ٌَ { ،هدِي إِلَى الرُّ ْش ِد}.
حاولوا أن تربطوا أنفسكم فً عملكم بالقرآن وأنت ترشد حاول أن تدور حول القرآن وتنزل القرآن
للناس وتعرض آٌاته للناس وتذكرهم به؛ ألنك هنا لن تقع فً باطل ،لن تقع فً باطل إذا كنت تقول به،
ولٌس تتقوّ ل علٌه .هناك من ٌرجع إلى القرآن ولكنه ٌتقوّ ل على القرآن من منطلق عقابد فاسدة لدٌه ،أو
قواعد باطلة ٌنظر من خبللها إلى القرآن الكرٌم فٌصبح ُم َت َقوِّ ال علٌه ،لكن ال.
ٖٔ
أهم ما فً القرآن هو
أنه ٌشدنا إلى هللا و
من خلله نعرف هللا
المعرفة الكاملة
ٗٔ
دروس من هدي القرآن الكرٌم
فً
معرفة هللا
٘ٔ
معرفة هللا ــ الثقة باهلل
ٔٙ
ٕ .الشًء اآلخر -وهو األهم -أننا لم نثق باِّل كما ٌنبؽً.
ٔ9
أمثلة من هذه اآلٌات
سورة الفاتحة
ٌِم ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ
ِّل َربِّ ْال َعالَم َ
ٌِن} (الفاتحة )ٕ - ٔ:ألسنا نقول :رب نحن نقرأ دابما { ِبسْ ِم َّ ِ
هللا الرَّ حْ َم ِن الرَّ ح ِ
العالمٌن؟ لكن ال نعرؾ ماذا ٌعنً أنه رب العالمٌن ،ما ٌترتب على هذا من األشٌاء بالنسبة لنا!.
ك َنسْ َتعٌِنُ } (الفاتحة )٘ - ٖ:هكذا نصفه بؤنه رحمن رحٌم،
ك َنعْ ُب ُد َوإٌَِّا َ ٌِم َمالِكِ ٌَ ْو ِم ال ِّد ِ
ٌن إٌَِّا َ {الرَّ حْ َم ِن الرَّ ح ِ
وأنه ملك ٌوم الدٌن ،لكن مجرد عبارات نقرإها ،ونقفز علٌها ال نحاول أن نفهم ماذا ٌعنً ،أنه إذا كان هو
رحمن إذا فهو عندما ٌنزل القرآن الكرٌم ،وٌهدٌنا بالقرآن الكرٌم فهو من منطلق أنه رحٌم بنا ..إذا فكل
ما فً القرآن الكرٌم من توجٌهات وإرشادات وهداٌة هً كلها رحمة بنا.
ٌن} إذا كان هو من له الملك وحده فً ٌوم القٌامة فهو وحده من ٌجب أن نلتجا إلٌه، { َمالِكِ ٌَ ْو ِم ال ِّد ِ
ونرؼب إلٌه ،ونرؼب فٌه ،ونخاؾ منه؛ ألنه ٌوم ال بد أن نحشر فٌه إلى هللا سبحانه وتعالى ،فإذا لم ٌكن
هناك أي م ُْلك ،أي مشاركة ألي أطراؾ أخرى فً ملك ذلك الٌوم ،ولٌس الملك إال ِّل الواحد القهار ،إذا
فهو وحده الذي ٌجب أن نخاؾ منه؛ ألن أعظم نعٌم هناك فً اآلخرة بٌده ،وأشد عذاب ألٌم هناك فً
اآلخرة بٌده ،فهو من ٌملك الجنة ،ومن ٌملك النار ،فهو وحده الذي ٌمكن أن ٌمنحنا الجنة ،وهو وحده
الذي ٌمكن أن ٌوصلك إلى قعر جهنم .لمن الملك الٌوم؟؟ ِّل الواحد القهار.
ك َنسْ َتعٌِنُ } نعبده وال نعرؾ ماذا ٌعنً أننا عبٌد له! ماذا تعنً عبودٌتنا له!
ك َنعْ ُب ُد َوإٌَِّا َ { َمالِكِ ٌَ ْو ِم ال ِّد ِ
ٌن إٌَِّا َ
القرآن الكرٌم كرر هذا بشكل كبٌر جدا ،تقرٌر عبودٌتنا ِّل سبحانه وتعالى ،وتقرٌر ملكه علٌنا ،وألوهٌته
علٌنا بشكل كثٌر ورد فً القرآن الكرٌم.
كذلك هذه اآلٌة التً هً من أعظم اآلٌات فً القرآن الكرٌمَ { :وإِلَ ُه ُك ْم إِلَه َواحِد ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو الرَّ حْ َمنُ
الرَّ حٌِ ُم} (البقرة )ٖٔٙ:ألٌس هو هنا ٌتحدث عن كماله سبحانه وتعالى بالشكل الذي ٌجعلنا نلتجا إلٌه
باعتباره إلهنا ،ونلتجا إلٌه باعتباره رحمن رحٌم ،فهو إله لٌس إله ٌتسلط ،إله ٌتجبر ،بل هو ٌرحم عباده،
فكل ما شرعه لهم ،كل ما هداهم إلٌه إنما هو من منطلق أنه مسبول عن أن ٌعمل هذا العمل بهم باعتباره
إلههم؛ ألنه إلههم.
ٕٓ
وألنه رحٌم فكل ما ٌؤتً من عنده هو من منطلق الرحمة ..فعندما ٌتحدث ،أو عندما ٌرشدنا ،أو ٌؤمرنا
بؤشٌاء قد نراها شاقة ،قد تبدو أمامنا وكؤنها شاقة فنعدل عنها فنبدو وكؤننا إنما عدلنا عنها ألننا رحمنا
أنفسنا ،ومن منطلق رحمتنا بؤنفسنا ال نرٌد أن ٌحصل علٌها ما ٌشق علٌها ،ما ٌتعبها .هذا هو ما هو
حاصل عند الناس ،ال ٌنطلقون فٌما وجههم هللا إلٌه ،وفٌما أمرهم به فاألشٌاء التً ٌرونها وكؤنها ثقٌلة
وشاقة؛ ألنهم رحماء بؤنفسهم ..لماذا ال تثق بؤن هللا هو أرحم بك من نفسك ،هو أرحم بك من نفسك ،هو
أرحم بك من أمك وأبٌك ،هو أرحم بك من أي قرٌب لك ،هو من ٌعلم األشٌاء التً فٌها رحمة لك إذا ما
سرت علٌها ،األشٌاء التً إذا ما تحققت هً رحمة لك ،هو وحده الذي ٌعلم.
{ َوإِلَ ُه ُك ْم إِلَه َواحِد} ،لٌس هناك آلهة متعددة حتى ٌمكن أن تقول[ :وهللا هذا اإلله شاقة تعلٌماته ٌمكن أن
نرجع إلى اإلله اآلخر] مثل ما هنا فً الدنٌا ،اإلنسان ٌقطع له بطاقة من هذا الحزب ،وبطاقة من هذا
الحزب ،وبطاقة من هذا الحزب؛ إذا رأى أن هذا الحزب لٌس له مصالح فٌه عاد إلى الحزب اآلخر ،إذا
حصل من جانب هذا الحزب ما ٌتعبه أو ٌزعجه عدل عنه إلى حزب آخر ،ألٌس هكذا ٌحصل؟.
لكن ال ..لٌس هناك إال إله واحد ،لٌس هناك مفر أبدا منه ،ال مفر منه إال إلٌه ،لٌس هناك من ٌمكن أن
ٌنجٌك من عذابه وسخطه إذا ما سخط علٌك ،وحكم علٌك بعقوبته ،لٌس هناك من ٌمكن أن ٌسلبك ما قد
منحك إٌاه ،أبدا لٌس هناك أي طرؾ ٌمكن أن ٌكون قادرا على أن ٌرد الفضل الذي قد أراد هللا سبحانه
ؾ لَ ُه إِ َّال ه َُو َوإِنْ ك َّ
هللا ُ ِبضُر َفبل َكاشِ َ وتعالى أن ٌعطٌك إٌاه ،والخٌر الذي أراد أن ٌمنحك إٌاه { َوإِنْ ٌَ ْم َسسْ َ
ك ِب َخٌْر َفبل َرا َّد لِ َفضْ لِ ِه} (ٌونس :من اآلٌة.)ٔٓ5
ٌ ُِر ْد َ
ما الذي ٌحصل فً هذه الدنٌا فً تعاملنا مع هللا سبحانه وتعالى ،عندما نسمع آٌاته تتلى علٌنا؟
ما الذي ٌحصل فً هذه الدنٌا فً تعاملنا مع هللا سبحانه وتعالى ،عندما نسمع آٌاته تتلى علٌنا ،وفٌها تلك
اآلٌات التً تؤمرنا بالتوحد ،باألخوة ،باإلنفاق فً سبٌله ،بالجهاد فً سبٌله ،بالعمل على إعبلء كلمته ،بؤن
نكون أنصارا لدٌنه؟ وهكذا.
كٌؾ ٌعمل واحد ٌ ..رجع ٌطؤطا رأسه ،وٌمشً ال ٌدري الى اٌن ٌ ،رٌد ٌهرب ال ٌدري الى اٌن ! إلى
المجهولٌ ،حاول ٌعرض! تخفض رأسك وتحاول تعرض كذا واال كذا ،أٌن ستذهب؟.
أنت فقط تؽالط نفسك ،تحاول تتهرب وتحاول تتناسى هذا الشًء ،وتحاول تنشؽل بؤشٌاء تدخل فٌها لما
تنسى ،وهكذا تؽافل نفسك ،تؽافل نفسك حتى ٌؤتٌك الموت ،فتجد بؤنك إنما كنت تؽالط نفسك ،وتخادع
نفسك؛ ألن هللا ال ٌنسى ،ال ٌؽفلٌ ،راقبك سواء تهرب إلى هذا أو إلى هذا ،أو حتى تسٌر تبحث عن أسبلة
إذا ستلقى لك مخرج من عند هذا واال من عند هذا من أجل تتنصل عن المسبولٌة لكنٌ ...وم القٌامة ..ال
ك أَ َّن ُه َعلَى ُك ِّل َشًْ ء َش ِهٌد} (فصلت :من اآلٌةٖ٘) هو الشاهد على كل شًء،
ٌوجد { ..أَ َولَ ْم ٌَ ْكؾِ ِب َر ِّب َ
شاهد على أعمالنا علٌم بذات الصدور.
ٕٔ
الوالءات الخاطبة من أخطر ما ٌدفع اإلنسان إلى االبتعاد عن توجٌهات هللا
و ٌوم القٌامة سٌتبرأ منك حتى أولبك الذٌن كنت تإٌدهم فً الدنٌا وتصفق لهم وهم ٌسٌرون فً طرٌق
ت ِب ِه ُم ْاألَسْ َبابُ َو َقا َل الَّذ َ
ٌِن ا َّت َبعُوا لَ ْو أَنَّ ٌِن ا َّت َبعُوا َو َرأَوُ ا ْال َع َذ َ
اب َو َت َق َّط َع ْ ٌِن ا ُّت ِبعُوا م َِن الَّذ َ الباطل {إِ ْذ َت َبرَّ أَ الَّذ َ
ار} ٌن م َِن ال َّن ِ
ار ِج َ ٌه ُم َّ َ
هللاُ أعْ َمالَ ُه ْم َح َس َرات َعلٌَ ِْه ْم َو َما ُه ْم ِب َخ ِ ك ٌ ُِر ِ لَ َنا َكرَّ ة َف َن َت َبرَّ أَ ِم ْن ُه ْم َك َما َت َبرَّ أُوا ِم َّنا َك َذلِ َ
(البقرة)ٔٙ5 - ٔٙٙ:؛ ألنه سٌرد وهو مشؽول بنفسه هو هالك ،هو مذهولٌ ،قول لك :ابتعد عنً ،ماذا
أعمل لك؟ ال أستطٌع أن أعمل لك شًء.
أنت تتؤلم ،وتصبح حسرات تقطع قلبك ،عذاب نفسً ،هذا الذي كنت فً الدنٌا أصفق له ،وكنت فً الدنٌا
َبعْ َده ،وكنت فً الدنٌا أركزه ،وأقول انه ..وانه ...إلى آخره ..ها هو ٌتبرأ منً اآلن[ ،لٌت انه ٌنفع
ارجع الدنٌا ثانً مره أتبرأ م ّنه وألعنه من فوق كل منبر].
ْت ِب َها} (الزمر :من اآلٌة )٘9ترى هكذا ٌؤتً بعد كل آٌة تتحدث عن النسٌان ك آ ٌَاتًِ َف َك َّذب َ
{ َبلَى َق ْد َجا َء ْت َ
ك آ ٌَا ُت َنا َف َنسِ ٌ َت َها} (طه :من اآلٌة )ٕٔٙكنا فً الدنٌا نقول لك تتبرأ من المجرمٌن ،تتبرأ من الظالمٌن، {أَ َت ْت َ
تمشً على هدي هللا ،ال ترتبط بؽٌر هدي هللا والهداة إلى دٌن هللا.
ألٌست حسرات شدٌدة على اإلنسان ٌوم القٌامة ،وهو هنا كان ٌعرض فً الدنٌا وٌبحث عن من ٌتمسك به
فٌؤتً ٌوم القٌامة ٌتبرأ منه.
ألٌست هذه اآلٌات تعنً أنه سٌكون حسرة شدٌدة عندما ٌقولون{ :لَ ْو أَنَّ لَ َنا َكرَّ ة َف َن َت َبرَّ أَ ِم ْن ُه ْم َك َما َت َبرَّ أُوا ِم َّنا}
(البقرة :من اآلٌة )ٔٙ5عبّر هللا عن أن هذه الكلمة انطلقت من نفوس تتقطع حسرات {لَ ْو أَنَّ لَ َنا َكرَّ ة َف َن َت َبرَّ أَ
ِم ْن ُه ْم َك َما َت َبرَّ أُوا ِم َّنا} ؼٌض شدٌد ،وتؤلم شدٌد من أولبك الذٌن كنا فً الدنٌا نصفق لهم ،وكنا فً الدنٌا
نإٌدهم ،وكنا فً الدنٌا نمشً على توجٌهاتهم ،وهم كانوا هكذا ،توجٌهات لٌست على وفق كتاب هللا
ٌه ُم َّ َ سبحانه وتعالى! حسرات عندما قال هللاَ { :ك َذلِ َ
ٌن م َِن ار ِج َهللا ُ أعْ َمالَ ُه ْم َح َس َرات َعلٌَ ِْه ْم َو َما ُه ْم ِب َخ ِ ك ٌ ُِر ِ
ار} (البقرة :من اآلٌةَ { .)ٔٙ5وإِلَ ُه ُك ْم إِلَه َواحِد} (البقرة :من اآلٌةٖ )ٔٙإله واحد ،نبً واحد ،وكتاب ال َّن ِ
واحد ،ومنهج واحد ،وطرٌق واحد لؽاٌة واحدة ،هً رضا هللا والجنة.
آٌة الكرسً التً نقرإها وهً من أعظم آٌات القرآن الكرٌم ٌقول هللا سبحانه وتعالى فٌهاَّ { :
هللا ُ ال إِلَ َه إِ َّال
ض} (البقرة :من اآلٌةٕ٘٘) ثقوا ت َو َما فًِ ْاألَ ْر ِ ه َُو ا ْل َحً ا ْل َقٌو ُم ال َتؤْ ُخ ُذهُ سِ َنة َوال َن ْوم لَ ُه َما فًِ ال َّ
س َم َاوا ِ
به؛ ألنه هللا الذي ال إله ؼٌره ،أي هو من ٌملك شبونكم ،من بٌده شبونكم وأموركم ،هو من ٌدبر أموركم،
هو وحده الذي ٌمكن أن تؤلهوا إلٌه ،وتلتجبوا إلٌه ..هو الحً ال ٌمكن أن تقول[ :ربما قد مات ،هللا
ٌرحمه ،ما الذي ٌمكن أن ٌفعله لنا]؟ ال ،هو الحً ..هو الشاهد على كل شًء.
ٕٕ
قٌوم ،هو القٌوم على كل شًء ،فهو قابم على كل نفس بما كسبت .هو القٌوم هو الشاهد على هذا العالم
من ٌقوم بتدبٌر شبونك ،هو من ٌقوم بتحقٌق ما وعدك به ،بإنجاز ما وعدك به.
هو أٌضا {ال َتؤْ ُخ ُذهُ سِ َنة} أول النوم ،أو نوع من الؽفلةَ { ،وال َن ْوم} فٌمكن أن ٌهاجموك وهو نابم ..ال،
ٌقول واحد [وهللا إذا هو ٌنام فٌمكن ٌباؼتونا وهو راقد وٌرجع ٌنتبه وقد قضً علٌنا] ال ،ال ..هللا سبحانه
وتعالى ال ٌؽفل ،ال ٌنام ،ال ٌسهو ،ال ٌنسى عندما تثق به فؤنت تثق بمن ال ٌؽفل عنك لحظة واحدة ،بمن
هو علٌم بذات الصدور ،صدرك أنت ،وصدر عدوك ،فثق بمن ٌستطٌع أن ٌمؤل قلبك إٌمانا وقوة ،وٌمؤل
ب} (ألنفال :من اآلٌةٕٔ).ٌِن َك َفرُوا الرُّ عْ َ قلب عدوك رعبا وخوفا { َسؤ ُ ْلقًِ فًِ قُلُو ِ
ب الَّذ َ
من هو الذي ٌمكن أن تتواله ،وله هٌمنة على القلوب؟ من هو الذي ٌمكن؟ ال زعٌم ،ال ربٌس ،ال ملك ،ال
أي أحد فً هذا العالم له هٌمنة على القلوب ..ألم ٌقل الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله)(( :نصرت
بالرعب من مسٌرة شهر))؟ من أٌن جاء هذا الرعب؟ من قبل هللا ،هو الذي هو مطلع على القلوب ،وبٌده
القلوب ٌستطٌع أن ٌمؤلها رعبا ،وٌمؤل تلك القلوب قوة وإٌمانا وثقة ،وعزما وإرادة صلبة؛ ألنه قٌوم ال
تؤخذه سنة وال نوم.
( مثل للتقرٌب...ممكن ٌكون معك وأنت فً الدنٌا هذه صدٌق مسبول أو تاجرٌ ،حصل موقؾ ،تسٌر إلى
عند باب بٌته ..قالوا :لحظة عاده نابم ٌ ..ا جماعة نحن مستعجلٌن بلؽوه ..قالوا ال ٌمكن ..ألنه عادة
من هو كبٌر فً هذه الدنٌا كلما ٌكون أكثر ابتعادا عن الناس ( ..راقد! كلموه لنا ..معنا ورقة نرٌد ٌعمل
لنا توجٌه إلى عند فبلن ،معنا مشكلة كذا وكذا ،ونرٌد ..قالوا :لحظة ..راقد ،وٌمكن أن تترك الورقة عند
الحارس وتؤتً لها إن شاء هللا ؼدا؛ ألن ولٌك هذا هو ٌسهر على الفٌدٌو إلى ما قبل الفجر ،وٌتابع
الفضابٌات إلى ما قبل الفجر ،ثم ٌنام وٌواصل نومه إلى الظهر ،وهناك من ٌذهب ٌشتري له حاجاته،
وٌذهب ٌشتري حاجات البٌت ،وهو ٌصحو فقط فً الظهر ،وأنت منتظر له عند الباب ،ألن ولٌك هذا
راقد ،تؤخذه ساعات من النوم ،والورقة حقك عندما توصلها عنده ٌقلبها قلٌبل ،وهو متؤثر بعد النوم ،عاده
مخدر بعد الؽداء ،وإن شاء هللا عندما ٌصحو بالقات قبل المؽرب ٌرجع ٌنظر ورقتك ،ثم ٌحولها[ :األخ
الفبلنً اطلعوا على قضٌة األخ فبلن وانظروا فٌها على حسب ما بدا لكم ) .مثل هذا لٌس جدٌرا بؤن
تتواله ،وأن تثق به بعٌدا عن هللا سبحانه وتعالى.
أما هللا عندما تتواله هو الشاهد على كل شًء ،هو الحاضر على كل شًء { َما ٌَ ُكونُ مِنْ َنجْ َوى َثبل َثة إِ َّال
ك َوال أَ ْك َث َر إِ َّال ه َُو َم َع ُه ْم أٌَ َْن َما َكا ُنوا} (المجادلة :من
ه َُو َر ِاب ُع ُه ْم َوال َخ ْم َسة إِ َّال ه َُو َسا ِد ُس ُه ْم َوال أَ ْد َنى مِنْ َذلِ َ
ض} (البقرة :من ت َو َما فًِ ْاألَرْ ِ
ور} (الحدٌد :من اآلٌة{ )ٙلَ ُه َما فًِ ال َّس َم َاوا ِ ص ُد ِت ال ُّ اآلٌةَ { ،)5علٌِم ِب َذا ِ
اآلٌةٕ٘٘) .هو إلهك ،هو لٌس إلها من تلك اآللهة التً كان ٌعبدها العرب وهو ال ٌملك حتى المكان الذي
هو منصوب علٌه.
أما هذا اإلله العظٌم ،هو من له ملك السماوات واألرض ،وكونه مالك من فً السماوات واألرض ملك
نافذ ال أحد ٌستطٌع أن ٌتمرد على إرادته ،ال أحد ٌستطٌع أن ٌؽالبه ،فإذا ما كان معك فسٌجعل الكون بكله
معك ،وهو من ٌستطٌع أن ٌهٌا وٌدبرٌ ،ستطٌع أن ٌسخر.
ٖٕ
ش َف ُع ِع ْن َدهُ إِ َّال ِبإِ ْذ ِن ِه ٌَ ْع َل ُم َما َب ٌْنَ أَ ٌْدٌِ ِه ْم َو َما َخ ْل َف ُه ْم} (البقرة :من اآلٌةٕ٘٘) ،حتى لو ظننت
{ َمنْ َذا ا َّلذِي ٌَ ْ
من منطلق آخر بؤن ذلك الشخص الكبٌر فً الدنٌا ٌمكن أن ٌكون كبٌرا فً اآلخرة ،فٌشفع لك؛ ألنه كان
وجٌها فً هذه الدنٌا ،ولدٌه ممتلكات كثٌرة ،وكان له سلطة عظٌمة ٌمكن أن ٌنفع ٌوم القٌامة ..كانت هذه
نظرة عند العرب السابقٌن ،عند الجاهلٌٌن السابقٌن ،كانوا ٌعتقدون أن الشخص الوجٌه فً الدنٌا ٌمكن أن
ٌكون أٌضا وجٌها فً اآلخرة ،كانوا ٌقولون :لو فرضنا أن هناك آخرة سنكون نحن من المقربٌن ،ألننا
ت إِلَى َربًِّ َألَ ِجدَ نَّ َخٌْرا ِم ْن َها ُم ْن َقلَبا} (الكهؾ :من اآلٌة.)ٖٙ هنا فً الدنٌا عظماء { َو َلبِنْ ُرد ِْد ُ
فً ٌوم القٌامة ال تكون شفاعة إال لمن ارتضى ،وال شفاعة إال لمن ٌؤذن ،فمن ٌشفعون هم أولٌاإه ،هم
ُون} أٌضا {إِ َّال
أنبٌاإه ،هم من هم فً طرٌقه الذي رسمه ،ولٌسوا ممن ٌفرضون أنفسهم علٌهَ { ،وال ٌَ ْش َفع َ
ضى َو ُه ْم مِنْ َخ ْش ٌَ ِت ِه ُم ْش ِفقُ َ
ون} (األنبٌاء :من اآلٌة.)ٕ8 لِ َم ِن ارْ َت َ
أي :عندما ٌقول لك :لٌس هناك من ٌشفع إال بإذنه أنه ٌعلم فعبل أنه ال أحد ٌشفع إال بإذنه هوْ ٌَ { .علَ ُم َما
َب ٌْنَ أَ ٌْدٌِ ِه ْم َو َما َخ ْل َف ُه ْم} هو ٌعلم حاضرهم وماضٌهم ومستقبلهمَ { ،وال ٌُحٌِ ُطونَ ِب َ
ش ًْء مِنْ ِع ْل ِم ِه إِ َّال ِب َما
شا َء} (البقرة :من اآلٌةٕ٘٘) ،هو الذي أحاط علمه بكل شًء ،فهو ٌعلم ما بٌن أٌدٌهم وما خلفهم. َ
أي ال تقل :ربما هللا قال أنه لن ٌش ِّفع أحد إال بإذنه ،لكن هذا ربما ٌكون الباري هو قد بدا له شًء ألنه عاد
باقً مسافة إلى القٌامة ،وعاد باقً زمان طوٌل ،وباقً كذا ..احتمال ، ..هو ٌقول حتى لو كررت هذه
ٌِه ْم َو َما َخ ْل َف ُه ْم}ٌَ { ،عْ لَ ُم َما َبٌ َْن أَ ٌْد ِ
ٌِه ْم َو َما َخ ْل َف ُه ْم} اآلٌة حتى مع المبلبكة فً مجال الشفاعةٌَ { ،عْ لَ ُم َما َبٌ َْن أَ ٌْد ِ
فً أكثر من آٌة فً القرآن ٌقول أنه ٌعلم ما سٌقع ،وٌعلم الحدود التً ال ٌمكن أن ٌتجاوزوها ،والصبلحٌة
فً مجال الشفاعة التً تعطى لهم فقط ،ولمن تعطى فقط ،فبل ٌتخلؾ الواقع عما علمه ٌوم القٌامة.
ض} (البقرة :من اآلٌةٕ٘٘) ٌقال :علمه ،وٌقال :ملكه ،معنى كلمةَ { :وسِ َع ت َو ْاألَ ْر َ
س َم َاوا ِ{ َوسِ َع ُك ْرسِ ٌ ُه ال َّ
ون ِب َشًْ ء مِنْ عِ ْل ِم ِه ض} ،وأظهر ما تكون أنها بمعنى علمه بعد أن قالَ { :وال ٌُح ُ
ٌِط َ ت َو ْاألَرْ َ ُكرْ سِ ٌُّ ُه ال َّس َم َاوا ِ
إِ َّال ِب َما َشا َء} (البقرة :من اآلٌةٕ٘٘) ألنه هو من أحاط علمه بالسماوات واألرض { َوال ٌَإُ و ُدهُ} (البقرة:
ك ح ْف ُظ ُه َما} حفظ السماوات واألرض {إِنَّ َّ َ
هللا ٌُ ْمسِ ُ من اآلٌةٕ٘٘) :ال ٌثقله ،ال ٌتعبه ،ال ٌشق علٌه { ِ
ض أَنْ َت ُزوال} (فاطر :من اآلٌةٔٗ). ت َو ْاألَرْ َ ال َّس َم َاوا ِ
{ َوه َُو ا ْل َعلًِ ا ْل َعظِ ٌ ُم} (البقرة :من اآلٌةٕ٘٘) أنت إذا ما كنت متولٌا له فهو العلً ،هو القاهر فوق عباده،
هو العزٌز ،وهو العظٌم ،العظٌم فً شبونه ،العظٌم فً أفعاله ،العظٌم فً كماله ،فهو من هو جدٌر بؤن
ٌُتولى ،من هو جدٌر بؤن ٌُعبد.
عقٌدتنا أن نعرف أن هللا رحٌم وحكٌم و كل توجٌهاته فٌها حكمة و رحمة لنا
{ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو ْال َع ِزٌ ُز ْال َحكٌِ ُم} { َوإِنَّ َّ َ
هللا َله َُو ْال َع ِزٌ ُز ْال َحكٌِ ُم} فؤنت عندما تتواله هو العزٌز ،أنت تولٌت من
ال ٌقهر ،وهو الحكٌم أنت تولٌت من ٌكون تدبٌره فٌك ،من ٌكون عملك له كله قابما على الحكمة ،كله ال
حماقة فٌه ،ال عبث فٌه ،ال جهالة فٌه ،ال خطؤ فٌه ،فهو حكٌم ،فإذا ما دبرك إنما ٌدبرك إلى ما هو حكمة،
إذا ما أرشدك إنما ٌرشدك إلى ما هو حكمة ،فهو عزٌز حكٌم.
ٕٗ
وعادة ما ٌحصل بالنسبة لئلنسان عندما ٌلمس لنفسه فً هذه الدنٌا عزة وهٌمنة أن تنطلق منه األعمال
العشوابٌة ،والتوجٌهات العشوابٌة التً تعكس جبروته ،أما هللا سبحانه وتعالى فهو حكٌم لٌس هناك حماقة،
لٌس هناك توجٌهات هكذا ،أوامر بحماقة وعبث ال ٌهمه إال أن تنفذها ؼصباَ ،نف ِْذ! هو حكٌم ،كلما دبرك
إلٌه ،كلما وجهك إلٌه كلما أمرك به هً أوامر حكمة ،توجٌهات حكمة ،إرشادات حكمة ..أي لنثق به.
الحظ ..نحن تقرٌبا ال نثق عندما قال هللا للمسلمٌن وهو ٌتحدث معهم عن الجهاد ،وٌرشدهم إلى الجهاد،
وأنه تجارة تنجٌهم من عذاب ألٌم ،وأنه كذا وكذا ،عندما قالَ { :ذلِ ُك ْم َخٌْر َل ُك ْم إِنْ ُك ْن ُت ْم َتعْ لَم َ
ُون} (التوبة :من
اآلٌةٔٗ) ما هو هذا الخٌر الذي تذهب لٌرموك بالرصاص!! كٌؾ عبارات الناس هنا ٌقولوا كٌؾ ان هذه
حكمة!!؟ ال ،هذه حكمة ،حكمة ،أوامر حكٌمة ،فٌها رحمة لك ،وفٌها خٌر لك ،وفٌها شرؾ لك.
تؤملوا فً ماذا لو لم نجاهد ؟ ماذا لو استسلمنا للعدوان األمرٌكً اإلسرابٌلً السعودي اإلماراتً ؟ كٌؾ
كان سٌكون الوضع فً الٌمن ؟ و ما ٌحصل الٌوم فً المحافظات المحتلة ٌعتبر جوابا بسٌطا على هذا
التساإل و فً هذا جوابا على أهمٌة الجهاد و أن توجٌه هللا لنا بالجهاد إنما هو رحمة و حكمة و مصلحة
لنا فبل تحمى الدٌار و ال تصان األعراض إال بالجهاد فً سبٌل هللا.
ومن رحمة هللا أن تشرٌعه حتى لو لم ٌكن وراءه جنة ،كل ما هدانا إلٌه فً كتابه الكرٌم حتى لو لم ٌكن
وراءه جنة لكان هو وحده المنهج الصحٌح الذي ال تستقٌم حٌاة البشر إال به
حتى وإن كانت الجنة بٌده ،هو لم ٌؤت لٌرسم توجٌهات معٌنة ٌقول :امشوا علٌها ،من مشى علٌها ...من
ٌمشً على هذه نحن سنعطٌه الجنة ،والذي ال ٌمشً علٌها سندخله النار ..هكذا أوامر معٌنة ،وتوجٌهات
معٌنة وبس ..نفعت واال ما نفعتٌ ،عنً فٌها خطؤ واال ما فٌها خطؤ ..ال .هللا هو الحكٌم ،هو الحكٌم فً
كل شًء ،فكل توجٌه من توجٌهاته ،كل إرشاد من إرشاداته ،كل أمر من أوامره ،كل نهً من نواهٌه هو
ٌنطلق بحكمةٌ ،نطلق من الحكٌم سبحانه وتعالى .والحكمة ما هً؟ وضع الشًء فً موضعه ،أن هذا هو
وحده الذي فٌه الصبلح لك ،ال ؼٌره ،هو وحده الذي فٌه الفبلح لك ،ال ؼٌره ،هو وحده الذي فٌه نجاح
وفوز لك ال ؼٌره ..وضع الشًء فً موضعه ،ال ٌصلح إال هو.
هللا ٌجعل تشرٌعه بالشكل الذي ٌهٌا بعضه لبعض وٌخدم بعضه بعضاً ،وٌسهل بعضه تطبٌق بعض.
لم نثق بكثٌر من أوامره ألنها تبدو وكؤنها شاقة ،فنتهرب منها لكن حتى عندما ٌؤمرنا الحظوا؛ ألنه ٌؤمرنا
وهو فً نفس الوقت الحكٌم الرحٌم أٌضا ،متى ما أمر بشًء وبدا لنا شاقا فهو ٌضع فً تشرٌعاته ،وفً
المنهج التربوي لكتابه الكرٌم ٌضع األشٌاء الكثٌرة التً هً سهلة فً متناولنا فتجعلنا بالشكل الذي ٌمكن
أن نصل إلى هذا الشًء الذي ٌعتبر مستبعدا أمامناٌ ،جعل تشرٌعه بالشكل الذي ٌهٌا بعضه لبعض وٌخدم
بعضه بعضا ،وٌسهل بعضه تطبٌق بعض.
دٌن هللا هو المنهج الصحٌح الذي ال تستقٌم حٌاة البشر إال به
ومع أن تشرٌعه حتى لو لم ٌكن وراءه جنة ،كل ما هدانا إلٌه فً كتابه الكرٌم حتى لو لم ٌكن وراءه جنة
لكان هو وحده المنهج الصحٌح الذي ال تستقٌم حٌاة البشر إال به ،وال تستقٌم الدنٌا إال بالسٌر علٌه ،حتى
ٕ٘
ولو فرضنا بؤنه لٌس هناك جنة .أما عندما تكون المسؤلة بؤن ما هدانا إلٌه هو وحده الذي ال منهج أقوم
منه ،وال شًء أفضل للحٌاة ،وفً الحٌاة منه ثم ٌثٌبنا علٌه ،ثم ٌعطٌنا الجزاء العظٌم علٌه ،هذا هو من
أبلػ مظاهر رحمته ،من أبلػ دالبل سعة رحمته لعباده ..أنك ال تكاد تجد شٌبا مما أرشد إلٌه فً كتابه
الكرٌم إال وهو ٌإكد أن فٌه صبلح الحٌاة ،هنا فً الدنٌا؛ ألنه هو الذي خلق الدنٌا ،وخلق اإلنسان ،وهو
الذي ٌعلم السر فً السموات واألرض ..إذا فلماذا -أٌضا ٌ -ضٌؾ إلى هذا أجرا كبٌرا وفوزا كبٌرا،
وٌمنحك الجنة فً اآلخرة ،النعٌم األبدي ،النعٌم العظٌم ،والدرجات العالٌة فً الجنة ..ألٌس هذا من سعة
رحمته؟.
ون} (آل عمران ،)ٔٓ5:أنهم فً َّت وُ جُو ُه ُه ْم َففًِ َرحْ َم ِة َّ ِ
هللا ُه ْم فٌِ َها َخالِ ُد َ ولهذا قال هللاَ { :وأَمَّا الَّذ َ
ٌِن ا ْب ٌَض ْ
مواقفهم هذه فً الدنٌا التً تبٌض وجوههم هً مواقؾ ال بد منها فً أن ال ٌظلموا ،وال ٌقهروا ،وال ٌذلوا،
وأن ٌعٌشوا أحرارا فً الدنٌا ،وأن ٌعٌشوا كرماء وأعزاء وأقوٌاء ،وتسعد حٌاتهم ،فتصبح الجنة زٌادة
ون}. خٌر بالنسبة لهم ،فسماها رحمة { َففًِ َرحْ َم ِة َّ ِ
هللا ُه ْم فٌِ َها َخالِ ُد َ
َق مِنَ َّ ِ
هللا َحدٌِثا ً} عبارة ٌخاطب بها هللا أعماقك لتثق به { َو َمنْ أَ ْ
صد ُ
َق مِنَ َّ ِ
هللا َحدٌِثا ً} (النساء :من اآلٌة )85هل هناك أصدق حدٌث من هللا؟ ما هذه واحدة من { َو َمنْ أَ ْ
صد ُ
العبارات التً تخاطب أعماق نفسك؟ لتإمن فٌكون إٌمانك صادقا أنه لٌس هناك أصدق من هللا حدٌثا ..
لتؤخذ هذه العبارة ،لتؤخذ هذه اآلٌة فتكتبها فً جدار قلبك ،فتجد فً اآلٌات األخرى عندما تجد وعود هللا،
ووعده ووعٌده ،تجد فعبل أنه لٌس هناك أصدق من هللا حدٌثا ،ومن أصدق من هللا حدٌثا؟.
ُون} (ألنفال :من اآلٌةٓ )ٙفكن هللا ٌ َُوؾَّ إِلَ ٌْ ُك ْم َوأَ ْن ُت ْم ال ُت ْظ َلم َ
ٌل َّ ِ عندما ٌقولَ { :و َما ُت ْن ِفقُوا مِنْ َشًْ ء فًِ َس ِب ِ
ص ُرهُ إِنَّ َّ َ
هللا لَ َق ِوي َع ِزٌز} هللا ُ َمنْ ٌَ ْن ُ هللا َحدٌِثا}َ { .و َل ٌَ ْنص َُرنَّ َّ َق م َِن َّ ِ أنت فً نفسك مرسخاَ { :و َمنْ أَصْ د ُ
هللا َحدٌِثا}{ .لَنْ ٌَضُرُّ و ُك ْم إِ َّال أَذى َوإِنْ َق م َِن َّ ِ (الحج :من اآلٌةٓٗ) ما هذا وعدا إلهً مإكد؟ { َو َمنْ أَصْ د ُ
ُون} (آل عمران )ٔٔٔ:ألٌس هذا وعدا؟ فقط ٌطلب منك إٌمان ٌجعلك صر َ ٌُ َقا ِتلُو ُك ْم ٌ َُولُّو ُك ُم ْاألَ ْد َب َ
ار ُث َّم ال ٌُ ْن َ
ِّت أَ ْق َدا َم ُك ْم} (محمد)5: صرُوا َّ َ
هللا ٌَ ْنصُرْ ُك ْم َو ٌُ َثب ْ هللا َحدٌِثا}{ .إِنْ َت ْن ُ َق م َِن َّ ِ أنت تخاطب نفسك بؤنه { َو َمنْ أَصْ د ُ
ماذا أقول أمام هذه؟ فعبل أثق؛ ألننً أعلم أنه لٌس هناك أصدق من هللا حدٌثا.
ض ْنكا
ض َعنْ ِذ ْك ِري َفإِنَّ لَ ُه َمعٌِ َشة َ وهكذا تؤتً إلى آٌات الوعد والوعٌد بالنسبة لآلخرةَ { ،و َمنْ أَعْ َر َ
ش ُرهُ ٌَ ْو َم ْال ِق ٌَا َم ِة أَعْ َمى} (طه )ٕٔٗ:ألٌس هذا قول من قول هللا؟ ألٌس هو حدٌث من حدٌث هللا سبحانه َو َنحْ ُ
ش ُرهُ ٌَ ْو َم ْال ِق ٌَا َم ِة أَعْ َمى}
ض ْنكا َو َنحْ ُ وتعالى؟ ألٌس هو وعٌدا؟ { َو َمنْ أَعْ َر َ
ض َعنْ ذ ِْك ِري َفإِنَّ لَ ُه َمعٌِ َشة َ
{ َو َمنْ أَصْ د ُ
َق م َِن َّ ِ
هللا َحدٌِثا}.
ٕٙ
نحن نرٌد أن نصل إلى هذه الدرجة ،إلى درجة أن ننظر إلى كل وعد من وعود هللا ،إلى كل وعٌد من
وعوده ،بؤنه ٌؤتً ممن؟ ممن لٌس هناك من هو أصدق منه حدٌثا ..واألصدق حدٌثا أنه من ال ٌؤتً الواقع
أبدا متخلفا عما أخبر به عنه ،الذي ال ٌتخلؾ إطبلقا .المصداقٌة هً بالنسبة للواقع أن ٌكون متحققا {ال
ْب فٌِ ِه} ،ال شك فً تحققه ،فعندما قالَّ { :
هللا ُ ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو لَ ٌَجْ َم َع َّن ُك ْم إِلَى ٌَ ْو ِم ْال ِق ٌَا َم ِة} (النساء :من َرٌ َ
اآلٌة )85ما هو ٌخبر عن واقع سٌحصل؟ ٌوم إسمه ٌوم القٌامة ،وٌجتمع الناس فٌه ،ألٌس هذا إخبارا عن
واقع سٌحصل؟.
الخبر قد ٌكون صدقا ،وقد ٌكون كذبا باعتبار الواقع عندما ٌؤتً الواقع متخلفا عنه فٌكون ؼٌر صادق،
الصدق هو :أن ٌكون الواقع وفقا لما أخبر به عنه ..فمن أصدق من هللا حدٌثا؟ ألن هذا كبلم ال ٌتخلؾ
وواقع ال ٌتخلؾ ،ألن من ٌقول هذا هو من ٌعلم الؽٌب والشهادة ،ومن ٌقول هذا هو من ٌفعل هذه األشٌاء
هو ،وهو العزٌز ،وهو الحكٌم ،وهو الملك ،وهو القاهر فوق عباده ،لٌس إخبارا بؤن هناك إله آخر سٌعمل
ٌوما ٌسمى ٌوم القٌامة ثم ٌمكن أن هذا اإلله اآلخر ٌتكاسل فبل ٌعمل شٌبا.
ْب فٌِ ِه} (البقرة :من اآلٌةٕ)
هللا ٌخبر عن أفعاله هو ما سٌفعل ،وما أخبر عنه من أفعاله فلن ٌتخلؾ{ ،ال َرٌ َ
{ َو َمنْ أَصْ د ُ
َق م َِن َّ ِ
هللا َحدٌِثا}.
ٕ5
ٌجب أن نفرض على أنفسنا أن نزداد إٌمانا ً
ٌجب أن نعمل على أن نكون من المإمنٌن الذٌن ٌزدادون اٌمانا كلما سمعوا آٌات هللا ،نحاول ولنقهر
نفوسنا أن نفرض على أنفسنا أن نزداد إٌمانا من كل آٌة نسمعها من آٌات هللا تتلى علٌنا ،من كل تذكٌر
روضنسمعه ،أن نزداد إٌمانا ،إفرض على نفسك أن تزداد إٌمانا ،إفرض على نفسك أعماالً تنطلق فٌهاِّ ،
وعود نفسك على أن تعمل ،وأن ترسخ فً نفسك اإلٌمان ،وتزداد إٌمانا ً خوفا من أن تصبح ِّ نفسك،
ك} (البقرة :من اآلٌةٗ )5من بعد األشٌاء ال تنفع فٌك ،ثم فً األخٌر ٌقسو قلبك { ُث َّم َق َس ْ
ت قُلُو ُب ُك ْم مِنْ َبعْ ِد َذلِ َ
تلك اآلٌات.
هذه حالة خطٌرة جدا ٌتعرض لها اإلنسان ،حتى بعد اآلٌات القاهرة ،مثلما حصل لبنً إسرابٌل عندما نتق
هللا الجبل فوقهم كؤنه ظلة ،وعندما رأوا آٌات من هذا النوع المزعج ،رجع الجبل ،رجعوا الى عصٌانهم
من جدٌد ،النفس هً النفس ،قست قلوبهم من بعد ذلك فهً كالحجارة أو أشد قسوة.
وٌمكن أن نفسر هذه الحالة التً نحن علٌها أن القرآن الكرٌم الذي قال هللا عنهَ { :ل ْو أَ ْن َز ْل َنا َه َذا ْالقُرْ َ
آن َع َلى
هللا} (الحشر :من اآلٌةٕٔ) أن قلوبنا ربما تكون قد أصبحت أقسى َج َبل لَ َرأَ ٌْ َت ُه َخاشِ عا ُم َت َ
ص ِّدعا مِنْ َخ ْش ٌَ ِة َّ ِ
من الحجارة.
ٕ8
فؤعلم أنه ال اله اال هللا
ٕ9
هناك إله آخر ٌمكن أن تسلِّموا أنفسكم له ،أو ٌدفعكم اعتصامكم بذلك اإلله اآلخر إلى أن ال تسلموا أنفسكم
ِّل ،ال إله إال هللا وحده فهو الذي ٌجب أن تسلموا له أنفسكم ،وتعبدوا له أنفسكم.
ك} (الرعد :من اآلٌةٖٓ) ،وهو ت مِنْ َق ْب ِل َها أ ُ َمم لِ َت ْتلُ َو َعلٌَ ِْه ُم الَّذِي أَ ْو َح ٌْ َنا إِلَ ٌْ َ
ك فًِ أُمَّة َق ْد َخ َل ْ
ك أَرْ َس ْل َنا َ
{ َك َذلِ َ
ب} (الرعد :من اآلٌةٖٓ). ت َوإِلَ ٌْ ِه َم َتا ُِون ِبالرَّ حْ َم ِن قُلْ ه َُو َر ِّبً ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو َعلَ ٌْ ِه َت َو َّك ْل ُ القرآن { َو ُه ْم ٌَ ْكفُر َ
هكذا ٌكون أنبٌاء هللا ،وهكذا ٌكون أولٌاء هللاٌ ،توكلون على هللا من منطلق إٌمانهم القوي باِّل ،وثقتهم
القوٌة باِّل.
شا ُء مِنْ ِع َبا ِد ِه أَنْ أَ ْن ِذ ُروا أَ َّن ُه ال إِلَ َه إِ َّال أَ َنا َفا َّتقُ ِ
ون} وح مِنْ أَ ْم ِر ِه َعلَى َمنْ ٌَ َ َ
{ ٌُ َن ِّزل ُ ا ْل َمل ِب َكة ِبالر ِ
(النحل ،)ٕ:موضوع هذا الدرس هو حول فهم ألوهٌة هللا سبحانه وتعالى ،تترسخ فً أذهاننا مسؤلة ألوهٌة
هللا ،ماذا تعنً؟ متى ما آمنا بؤنه هو وحده إلهنا -إٌمانا واعٌا ولٌس فقط مجرد كبلم -سنتقٌه ،سنسلِّم
أنفسنا له ،سنثق به ،سنتوكل علٌه ،نلتجا إلٌه ،نرؼب فٌه ،نخاؾ منه.
هللا ُ ال َت َّتخ ُِذوا ُون} (النحلَ { )ٕٕ:و َقا َل َّ ون ِب ْاآلخ َِر ِة قُلُو ُب ُه ْم ُم ْنك َِرة َو ُه ْم مُسْ َت ْك ِبر َ {إِلَ ُه ُك ْم إِلَه َواحِد َفالَّذ َ
ٌِن ال ٌ ُْإ ِم ُن َ
ُوحى إِلًََّ أَ َّن َما إِلَ ُه ُك ْمون} (النحل{ ،)٘ٔ:قُ ْل إِ َّن َما أَ َنا َب َشر م ِْثل ُ ُك ْم ٌ َ اي َف ْ
ار َه ُب ِ ْن ْاث َنٌ ِ
ْن إِ َّن َما ه َُو إِلَه َواحِد َفإِ ٌَّ َ إِلَ َهٌ ِ
شر ْك ِب ِع َبا َد ِة َر ِّب ِه أَ َحداً} (الكهؾَّ { ،)ٔٔٓ: إِلَه َواحِد َف َمنْ َكانَ ٌَ ْر ُجوا لِ َقا َء َر ِّب ِه َف ْل ٌَ ْع َملْ َع َملً َ
هللا ُ صالِحا ً َوال ٌُ ْ ِ
هللا ُ الَّذِي ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو َوسِ َع ُك َّل َشًْ ء عِ ْلما} ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو َل ُه ْاألَ ْس َما ُء ا ْل ُح ْس َنى} (طه{ )8:إِ َّن َما إِلَ ُه ُك ُم َّ
(طه.)98:
أهمٌتها
أ .وألهمٌة اإلٌمان بؤلوهٌة هللا على هذا النحو ،تصبح كلمة اإلقرار ،هذه الكلمة فً الوحدانٌة هً
بطاقة الدخول فً اإلسلم،
وهً الذكر الذي ٌجب أن ٌردده الناس جمٌعا ،وهً الذكر الذي ٌجب أن ٌتردد فً األذان ،وهم ٌإذنون
وٌنادون للصبلة ،كلمة[ :ال إله إال هللا] وداخل الصبلة [أشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شرٌك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله] هً الشهادة التً تدخلك فً اإلسبلم ،وهً الشهادة التً تشهد بها وأنت فً اللحظات
األخٌرة من عمرك ،فؤنت تشهد أنه ال إله إال هللا وأن محمدا عبده ورسوله.
ب .الشهادة بوحدانٌة هللا سبحانه وتعالى ألهمٌتها هً التً تجعلك تكفر بكل من ٌبرز لك إلها فً
هذه الدنٌا غٌر هللا ،وإن كان هوى نفسك ..قد ٌبرز الهوى إلها لك ،وٌبرز الخوؾ إلها لك ،وٌبرز
الطواؼٌت آلهة لك ،وتبرز الدنٌا إلها لك ،وتبرز المطامع كلها آلهة لك ..فعندما تكون مقررا فً
نفسك ألوهٌة هللا وحده ،فسوؾ تقهر كل من ٌبرز فً هذه الدنٌا إلها آخر ؼٌر هللا لك.
ْت َم ِن ا َّت َخ َذ إِلَ َه ُه َه َواهُ} (الجاثٌة :من اآلٌةٖٕ) أنت أٌها اإلنسان ٌمكن أن تتخذ هواك ألم ٌقل هللا{ :أَ َف َرأٌَ َ
تجعله إلها لك ،كذلك من تطٌعه من دون هللا فؤنت قد عبَّدت نفسك له ،من تطٌعه فً معصٌة هللا تصبح قد
عبدت نفسك له ،فكؤنك اتخذته إلها .ألم ٌقل هللا لبنً آدم{ :أَلَ ْم أَ ْع َهدْ إِلَ ٌْ ُك ْم ٌَا َبنًِ آ َد َم أَنْ ال َت ْع ُبدُوا ال َّ
ش ٌْ َطانَ
ٖٓ
إِ َّن ُه لَ ُك ْم َعدُو ُم ِبٌن} (ٌّس )ٙٓ:سمَّا طاعتهم للشٌطان عبادة؛ ألنهم أطاعوه فً معصٌة هللا وكل من ٌوجب
علٌك أن تطٌعه فً معصٌة هللا فقد جعل نفسه إلها لك ،فإذا أطعته فكؤنك عبدته ،وكؤنك جعلته إلها.
واإلمام الناصر فً كتاب [البساط] أكد هذه المسؤلة بشكل كبٌر ،فٌما ٌتعلق بتفصٌل العبادة أنه جعل من
ضمنها الطاعة ،فمتى ما أطعت ؼٌر هللا أصبحت مشركا ،جعله شركا ،تطٌعه فً معصٌة هللا.
ج .ترسٌخ اإلنشداد القوي به؟ واتصالك القوي به؟ وثقتك العظٌمة به
ٖٔ
معاٌٌر علمك و إٌمانك بل إله إال هللا
أ .االستجابة الكاملة هلل و الوعً العالً و الثقة القوٌة باهلل تعالى
لو كنا نعلم أنه ال إله إال هو النطلقنا فً هذه الدنٌا صوارٌخ ال أحد ٌوقفنا أبدا،
وال أحد ٌخٌفنا أبدا،
وال أحد ٌخدعنا أبدا،
وال أحد ٌستطٌع أن ٌضلنا أبدا،
وال أحد ٌستطٌع أن ٌقهرنا أبدا.
لكنا نبلحظ بؤن درجة علمنا بؤنه ال إله إال هو هابطة جدا ،كلمة تصرفك عن من هو ال إله إال هو وعن
طرٌقه ،ما هذا ٌدل على أنك تفقد العلم بكله ،أو متدنً جدا فً علمك به؟.
ب .الخوف من هللا وحده
ألٌس عندما ٌنقدح فً نفسك خوؾ من ؼٌر هللا فتتراجع ٌدل على أنك ضعٌؾ فً علمك بؤنه ال إله إال
هو.
إن معنى ال إله إال هو ٌرتبط ما استعرضه القرآن الكرٌم :هو الخالق ،هو الرازق ،هو الذي سٌجمع
الناس لٌوم القٌامة ،هو الذي بٌده النار ،بٌده الجنة ،هو الذي وعد أولٌاءه بوعود كثٌرة ،هو صادق الوعد
والوعٌد ،هو الرحمن الرحٌم ،هو عالم الؽٌب والشهادة ،هو الذي ٌعلم السر فً السموات واألرض ،هو ..
هو ..إلى آخره .فعندما تخاؾ من ؼٌر هللا فعبل ٌدل على ضعؾ ،ضعؾ علمك بؤنه ال إله إال هو.
فنحن لو سردنا أٌاما جلسات طوٌلة نرسخ فً أنفسنا ال إله إال هو ،ولو سنة كاملة ٌترسخ فً نفوسنا بشكل
واع ال إله إال هو ،وكلمة :ال إله إال هللا لكانت السنة هذه قلٌل فً مقابل ما نحصل علٌه من ترسٌخ معنى:
ال إله إال هو.
ج .الرغبة فً هللا و فٌما عند هللا وحده
عندما ٌؤتً شخص ٌعطٌك مبلػ من المال ،وٌجندك ضد أولٌاء هللا ،أو ٌصرفك عن نهج الحق ،أو تدخل
معه فً باطل ،ألٌس هذا ٌدل على أنك ال تعلم أنه ال إله إال هو؟ أنه ال إله إال هللا؟ فانصرفت عن نهج هللا
الذي وصؾ نفسه بهذه األوصاؾ العظٌمة ،من له ملك السماوات واألرض ،ورؼبت فً مبلػ زهٌد من
المال قدم لك من هنا أو من هنا مقابل والء معٌن ،أو موقؾ باطل تدخل فٌه ،أو عمل باطل تقوم به ،ألٌس
هذا ٌدل على أنك ال تعلم باِّل ،وال تإمن باِّل؟
فاعلم ..هكذا ٌقول هللا لرسوله (صلوات هللا علٌه وعلى آله)َ { :فاعْ لَ ْم أَ َّن ُه ال إِلَ َه إِ َّال َّ
هللا ُ} وهو من ٌعلم،
لكنها لها عمقها ،لها عمقها البعٌد ،البعٌد ،البعٌد.
ٕٖ
اعلَ ْم أَ َّن ُه ال إِ َل َه إِ َّال َّ
هللا ُ}. قاعدة عامة انطلق منها الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله)َ ،و ُو ِّجه إلٌها { َف ْ
ما الذي ٌجعلنا ضعفاء ،خابفٌن ،متوجسٌن ،ؼٌر صادقٌن مع بعضنا بعض ،ؼٌر متعاونٌن على البر
والتقوى ،ال ننفق فً سبٌل هللا ،نفوس ضعٌفة ،نفوس مهزومة ..ما هو؟ أننا ال نعلم بما ٌرٌد هللا منا أن
نعلم أنه ال إله إال هو ،فهو من نرؼب فٌه ،هو من نخافه ،هو من نتوجه بتوجٌهاته ،هو من نقبل إرشاداته،
ألنه ال إله إال هو.
وألن كل آٌة ،مما أرشدك إلٌها ٌمكن أن تقول ورابها :ألنه ال إله إال هو ،أنا لن أخاؾ إال هو لماذا؟ ألنه
ال إله إال هو ،أنا لن أرؼب إال فٌه ،لماذا سترفض كل شًء وترؼب فً هللا وحده؟ ألنه ال إله إال هو ،أي
لٌس هناك من هو جدٌر بؤن أأله إلٌه فؤرجوه ،أو أخافه ..إال من؟ إال هللا .عندما أثق به أعظم من ثقتً
بؽٌره؛ ألنه ال إله إال هو.
ولهذا كانت هً قاعدة عامة انطلق منها الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله)َ ،ووُ جِّ ه إلٌها { َفاعْ لَ ْم أَ َّن ُه ال
إِلَ َه إِ َّال َّ
هللا ُ}.
ٌِن} متى ما علمت أنه ال إله إال هو فستجدها أمامك فً كل ك َول ِْلم ُْإ ِمن َ
هل جاء بعدها بشًء؟ { َواسْ َت ْؽفِرْ ل َِذ ْن ِب َ
موقؾ من مواقؾ الحٌاة ،ستجدها هً من توجهك إلى هللا ،هً من تجعلك تعتصم باِّل { َو َمنْ ٌَعْ َتصِ ْم ِب َّ ِ
اِّل
ِي إِلَى صِ َراط مُسْ َتقٌِم} (آل عمران :من اآلٌةٔٓٔ). َف َق ْد ُهد َ
فلنعمل دابما على أن نرسخ فً أنفسنا :ال إله إال هو ،كم كنا نقرأ آٌات ،نحن نقرأها جمٌعا ونمر علٌها
مرور الكرام ،نؤخذ عبرة من هذه إذا كنا فً هذه الجلسة ٌبدو وكؤننا نرٌد أن ننطلق فً حدٌث آخر [هذا
شًء معروؾ ال إله إال هللا ،وال إله إال هو]! فخذ عبرة من أن ٌخاطب هللا نبٌه محمدا (صلوات هللا علٌه
وعلى آله) وهو من هو فً معرفته باِّل فٌقول لهَ { :فاعْ لَ ْم أَ َّن ُه ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو}.
ٖٖ
ٌ .2سٌطر علٌك الباطل بالترغٌب أو الترهٌب فل تستجٌب للحق
ٌعدنا الوعود الصادقة فبل نثق! لو ٌؤتً ربٌس جمهورٌة فٌعدك ٌقول :تحرك وأنا وراءك ألست ستتحرك؟
لو ٌؤتً فٌقول لك :انطلق أنت وأنا وراءك ضد أمرٌكا وإسرابٌل ألستم ستنطلقون بسرعة لتصرخوا؟
وتؤخذوا بنادقكم وتتحركوا؟ .لكن ٌقول هللا ..ال ...وهللا خابفٌن من فبلن ،خابفٌن من فبلن إذا ما تحركنا
ضد الٌهود والنصارىٌ ،عنً هذا ماذا؟ أن ثقتنا باِّل ضعٌفة أي أننا لم نعد نتعامل مع هللا كما نتعامل مع
ربٌس أو مسبول! أصبح هذا الذي نخافه فً الواقع هو إله بالنسبة لنا نخافه ونرجوه أكثر مما نخاؾ
ونرجو هللا! ألٌس هذا هو الواقع؟ حتى فً مقام الرؼبة وما أكثر ،وما أكثر ما ٌنحرؾ الناس بالترؼٌب
والترهٌب وسببه هو أنهم لم ٌترسخ فً أنفسهم أنه ال إله إال هو.
إذا كان هللا قد قال لك أنه ٌمكن أن ٌكون هواك إله ..ما الذي سٌعمل هواك ألٌس رؼبات ٌشدك إلى
رؼبات معٌنة ،هو نفسه ما ٌعمل اآلخرون من خارج نفسك أنت تجعلهم آلهة عندما تخاؾ وترؼب فً
مقابل ما خوفك هللا منه ورؼبك به ،ألٌس هللا هو الذي ٌملك الجنة ،ونحن نإمن بهذا؟ ألٌس هذا صحٌحا؟
هو من ٌملك الجنة ونحن نإمن بها ،لكن متى ما أتت رؼبات من آخرٌن من تجار ،أو مسبولٌن ،أو من
أشخاص آخرٌن ننطلق وراءها ونترك الجنة فعلى ماذا ٌدل هذا ؟ ٌدل على أن إٌماننا كله إٌمان أجوؾ
وسطحٌات كلها هكذا ،إٌمان ال ٌتجاوز تراقٌنا لم ٌنزل إلى أعماق نفوسنا.
النار ألسنا نإمن بها؟ والقرآن ٌعرضها دابما ٌصورها لنا فً تلك الصورة البشعةٌ ،تحدث عن طعام
أهلها :شجرة الزقومٌ ،تحدث عن ثمر هذه الشجرةَ { :ط ْل ُع َها َكؤ َ َّن ُه رُإُ وسُ ال َّشٌَاطِ ِ
ٌن َفإِ َّن ُه ْم َآل ِكل ُ َ
ون ِم ْن َها
ون ُث َّم إِنَّ لَ ُه ْم َعلَ ٌْ َها لَ َش ْوبا مِنْ َحمٌِم} (الصافات.)ٙ5 - ٙ٘: ون ِم ْن َها ْالب ُ
ُط َ َف َمالِ ُب َ
بعض الناس وجبة واحدة دسمة على أٌدي أحد الناس الذي هو فً طرٌق باطل تصده عن الحق وجبة
واحدة دسمة ٌإثرها وال ٌخاؾ تلك الوجبات المرة الشدٌدة التً تؽلً فً البطون كؽلً الحمٌمٌ ،إثر تلك
الوجبة الدسمة على تلك الوجبات العظٌمة فً الجنة .على ماذا ٌدل هذا؟ ألٌس هذا ٌدل على ضعؾ إٌمان،
ضعؾ إٌمان فٌمن؟ فً هللا الذي ٌملك الجنة والنار ،أي :أننا ننطلق مع اآلخرٌن فنتعامل معهم كآلهة ،بل
وأصبحنا ال نعد هللا فً تعاملنا معهم كإله .ألٌس الناس ٌخافون عندما ٌقول أحدٌ :جب أن ٌكون لنا موقؾ
من إسرابٌل من أمرٌكاٌ ،جب أن نصرخٌ ،جب أن نحذر من أن ٌترسخ الرعب منهم فً أوساط الناس،
ٌجب أن نخاؾ من أن تسود كلمة[ :إرهاب] فتصبح هً الكلمة التً تسٌطر على أذهان الناس ،فتصبح
مبررا سٌبا جدا أمام كل ولً من أولٌاء هللا أن ٌضرب.
عندما نقولٌ :جب أن نتحرك و نواجه أمرٌكا وإسرابٌل ونلعن الٌهودٌ ،قولون[ :نحن نخاؾ من المشاكل]
إذا أنت لم تعلم أنه ال إله إال هو ..خذ هذه قاعدة وهً القاعدة التً أعطاها محمدا (صلوات هللا علٌه
وعلى آله) كصمام أمان فً كل موقؾ ،متى ما برز الخوف أمامك فإنما ٌبرز كإله آخر ،متى ما برزت
المرغبات األخرى لك لتتخلى فإنما تبرز كآلهة أخرى فاعلم أنه ال إله إال هو ،وتحرك هنا ،اعلم أنه ال
إله إال هو واترك هذا ،اعلم أنه ال إله إال هو وانطلق منها ..هذه قاعدة مهمة.
ولنعمل جمٌعا على ترسٌخ هذه فً نفوسنا بشكل كبٌر من خبلل تؤملنا لكتاب هللا سبحانه وتعالى ،ومن
خبلل دروس متتابعة .ال قٌمة ألي حدٌث إذا لم نحاول بكل جهد أن نتولى هللا؛ ألنها هً أول خطوة
ٖٗ
ُون} (المابدة )٘ٙ:كٌف نتولى هللا؟ حتى نرى ب َّ ِ
هللا ُه ُم ْال َؽالِب َ { َو َمنْ ٌَ َت َو َّل َّ َ
هللا َو َرسُو َل ُه َوالَّذ َ
ٌِن آ َم ُنوا َفإِنَّ ح ِْز َ
أنفسنا عظٌمً الثقة باهلل ،ثم انطلق إلى رسوله ،ثم انطلق إلى الذٌن آمنوا ،ثم ستصبح فعلً أنت
وإخوانك حزب هللا ،وستكونون أنتم غالبون.
ٖ٘
معرفة هللا ----نعم هللا
ٖٙ
تسخٌر +تفكر = تطور
ت َو َما فًِ ْاألَ ْر ِ
ض َوأَ ْس َب َغ َعلَ ٌْ ُك ْم نِ َع َم ُه َظاه َِر ًة س َّخ َر لَ ُك ْم َما فًِ ال َّ
س َم َاوا ِ ٌقول هللا تعالى{ :أَلَ ْم َت َر ْوا أَنَّ َّ َ
هللا َ
َو َباطِ َن ًة} (لقمان :من اآلٌةٕٓ) ألم تعلموا؟ فما بالكم هكذا؟ ما بالكم هكذا كل واحد منكم ظلوم كفار؟ ما
بالكم لٌس فً قلوبكم ذرة من خشٌة هللا؟ لٌس فً نفوسكم وال فً ضمابركم تقدٌر لنعم هللا وشكر لهذه
النعم؟ وتقدٌر له سبحانه وتعالى على ما وهبكم إٌاه؟.
{أَلَ ْم َت َر ْوا} تؤتً عبارة {أَلَ ْم َت َر ْوا} كثٌر فً القرآن بمعنى (ألم تعلموا) وؼالبا ما تكون فً األشٌاء التً
الكثٌر منها من المشاهدات {أَلَ ْم َت َر ْوا} ٌعنً :ألم تعلموا وأنتم ترون {أَنَّ َّ َ
هللا َس َّخ َر َل ُك ْم َما فًِ ال َّس َم َاوا ِ
ت َو َما
ض َوأَسْ َب َػ َعلَ ٌْ ُك ْم ن َِع َم ُه َظاه َِرة َوبَاطِ َنة} أسبػ :أنعم نعما كاملة ،شاملة ،ولٌس فقط ٌعطً القلٌل أو فًِ ْاألَرْ ِ
ال ٌعطً الحاجة إال بتعب كبٌر ومحاوالت كثٌرة وتردد علٌه حتى ٌعطٌك هذا الشًء البسٌط { َوأَسْ َب َػ
َعلَ ٌْ ُك ْم ن َِع َم ُه َظاه َِرة} ما أنتم تلمسونها ،وتعرفونها ونعم باطنة كثٌرة.
ي ا ْلفُ ْل ُك فٌِ ِه ِبؤ َ ْم ِر ِه} (الجاثٌة :من اآلٌةٕٔ) س َّخ َر لَ ُك ُم ا ْل َب ْح َر لِ َت ْج ِر َ وٌقول هللا سبحانه وتعالىَّ { :
هللا ُ الَّذِي َ
تس َم َاوا ِ هللا} { َّ
هللا ُ الَّذِي َخلَ َق ال َّ الحظ كٌؾ تؤتً هذه العبارات فً هذه اآلٌات مص ّدرة بقوله تعالىَ َّ { :
س َّخ َر لَ ُك ُم ا ْل َب ْح َر لِ َت ْج ِر َ
ي س َحابا ً} { َّ
هللا ُ الَّذِي َ الر ٌَا َح َف ُتثٌِ ُر َ
هللاُ الَّذِي ٌُ ْرسِ ل ُ ِّ ض} (إبراهٌم :من اآلٌةٕٖ) { َّ َو ْاألَ ْر َ
ض َجمٌِعا ً ت َو َما فًِ ْاألَ ْر ِ س َم َاوا ِ س َّخ َر لَ ُك ْم َما فًِ ال َّ
ش ُك ُرونَ َو َ ا ْلفُ ْل ُك فٌِ ِه ِبؤ َ ْم ِر ِه َولِ َت ْب َت ُغوا مِنْ َف ْ
ضلِ ِه َولَ َعلَّ ُك ْم َت ْ
ِم ْن ُه} (الجاثٌة :من اآلٌة ٕٔ )ٖٔ -جمٌعا ،جمٌع ما فً السموات وما فً األرض سخرها لكم {إِنَّ فًِ
َذلِ َك َآلٌات لِ َق ْوم ٌَ َت َف َّك ُرونَ } (الجاثٌة :من اآلٌةٖٔ).
آٌات لقوم ٌتفكرون فٌعلمون من خبلل تفكرهم عظم نعم هللا سبحانه وتعالى علٌهم فتلٌن قلوبهم له ،تخشع
قلوبهم لهٌ ،حبونهٌ ،ستحٌون من أن ٌسٌروا فً معصٌتهٌ ،تفكرون أٌضا ً فً ما سخر لهم داخل هذا
العالم؛ لتتوسع معرفتهم باهلل سبحانه وتعالى؛ ولٌصلوا من خلل تفكرهم ودراستهم لكل ظواهر هذه
الحٌاة ،وكل ما أودع فً هذا العالم ٌتوصلون إلى معارف كثٌرة فً مجال العلوم فٌبدعوا وٌخترعوا
وٌصنعوا وٌكتشفوا األشٌاء الكثٌرة ..وهذا فعبل من اآلٌات التً ترشد المسلمٌن لو ساروا علٌها وفهموا
ُون} ألم ٌتحدث بعد قولهَ { :و َس َّخ َر لَ ُك ْم}؟.
ماذا تعنً فً قوله تعالى{ :لِ َق ْوم ٌَ َت َف َّكر َ
األوروبٌون واألمرٌكٌون والٌابانٌون وهإالء الذٌن هم من ٌبدعون وٌخترعون وٌصنعون من أٌن جاءت
هذه األشٌاء؟ ألٌست من خبلل التفكر فً ظواهر هذا الكون ودراستها؟ دراسة وتجارب وتفكر داخلها حتى
وصلوا إلى ما وصلوا إلٌه ..
حرف بوصلة هدف التفكر فً مخلوقات هللا شكل ضربة قاضٌة لؤلمة
لكنا نحن ض ُِربنا من قبل اآلخرٌن الذٌن حولوا كل عبارات التفكر هنا إلى المجال العقابدي فقط ،الذي هو
فقط ٌتلخص فً األخٌر إلى إصدار أحكام حتى وال ٌترك أثره فً الوجدان! والذٌن حولوا هذه العبارات
(ٌتفكرون) إلى أن معناها ٌنظرون فؤخذوا منها إضفاء الشرعٌة على النظر ( أي إثبات وجود هللا..البعرة
ٖ5
تدل على البعٌر فقط ) وأنه هو الواجب فً مٌدان التشرٌع وتركوا مٌدان الحٌاة .فؤصبحوا مشؽولٌن
بالبحث عن دالبل وجود هللا أو أحكام تشرٌعٌة محدودة و أهملوا الحكمة من خلق االنسان فً هذه االرض
و الهدؾ الحقٌقً للتفكر فً مخلوقات هللا و هو التعامل مع الطبٌعة و االكتشاؾ و االختراع و التطور
و...الخ
فما الذي حصل؟ ال نفوس صلحت ،وال أمة بقٌت متوحدة ،كل ٌنظر فً أصول الدٌن وفً فروعه فتطلع
العقابد المتعددة ،وتطلع األفكار الشاذة ،وفً مٌدان التشرٌع ،فً مجال األحكام الشرعٌة تطلع األحكام
المتعددة ،والمذاهب المتعددة واألقوال المتعددة ،فنرى أنفسنا أمة متفرقة ممزقة ،ونرى ما بٌن أٌدٌنا من
ركام األقوال ال ٌقدم وال ٌإخر ،نرى أنفسنا فً مثل هذا العصر منحطٌن فً أسفل درك فً عالم
الصناعة ،فً عالم االختراع ،فً عالم اإلبداع ،فنصبح نحن المسلمون جاهلٌن حتى باستخدام اآللٌات التً
ٌنتجها اآلخرون فنرى أنفسنا فً األخٌر كٌؾ خضعنا لهم بل كٌؾ انبهرنا بهم ،بل كٌؾ تنكرنا لدٌننا
وحمَّلناه مسبولٌة تخلفنا.
المشكلة هً عدم فهم الدٌن مما جعلنا نظلم الدٌن و نحمله مسإولٌة تخلفنا
والواقع نحن الذٌن ظلمنا دٌننا من البداٌة ،نحن لم ننطلق على هداه فظلمناه فً البداٌة ،وظلمنا أنفسنا حتى
عندما وحٌنما رأٌنا اآلثار السٌبة للمسٌرة المؽلوطة التً سرنا علٌها نؤتً من جدٌد لنحمِّل دٌننا المسبولٌة،
نؤتً من جدٌد لنقبل ما ٌقول اآلخرون فً دٌننا[ :دٌن متخلؾ] [أفٌون الشعوب] الزم أن تلحقوا بركاب
الحضارة الؽربٌة ،ونلحق بركاب اآلخرٌن ،فنتثقؾ بثقافتهم ،القرآن لم ٌعطنا شٌبا ،الدٌن لم ٌعطنا شٌبا،
فلننطلق وراء اآلخرٌن.
فؤصبحنا فعبل ،هٌَّؤْنا أنفسنا ،وهٌَّؤْنا أولبك الذٌن صرفوا اآلٌات هذه إلى المجال الذي لٌس من مسبولٌتهم،
إلى المجال الذي قد تكفل هللا به {إِنَّ َعلَ ٌْ َنا لَ ْل ُهدَى} (اللٌل )ٕٔ:قد تكفل به {إِ ِن ْال ُح ْك ُم إِ َّال ِ َّ ِ
ِّل} (األنعام :من
اآلٌة )٘5تكفل هو بؤن ٌعرفنا بنفسه أن ٌعرفنا بكماله من خبلل كتبه وأنبٌابه ،تكفل هو بؤن ٌشرِّ ع لنا من
خبلل كتبه وأنبٌابه وورثة كتبه ..إذا هذا المٌدان مضمون ،انطلق أنت فً مٌادٌن الحٌاة على وفق ما
ٌرشدك إلٌه هذا الدٌن.
عندما تنكرنا لدٌننا أصبحنا فعلً بٌبة صالحة لتقبل الدعاٌات ضد الدٌن
عندما تنكرنا لدٌننا أصبحنا فعبل بٌبة صالحة لتقبل الدعاٌات ضد الدٌن ،بل أصبح الواحد منا ٌرى نفسه
متحضرا بمقدار ما ٌتحلل من قٌم دٌنه ،بمقدار ما ٌتنكر لدٌنه وإلهه ،فالقرآن ال شًء عنده؛ ولهذا أصبح
فً المجتمع اإلسلمً علمانٌون كثٌر ،علمانٌون ٌتنكرون للدٌن ،وٌسخرون حتى من المرأة عندما
تلبس الحجاب اإلسلمً وٌرون فٌه مظهراً للتخلف .نقول لهم :ال تحمِّلوا الدٌن المسبولٌة ،حملوا أولبك
الذٌن نقلوا لكم الدٌن بشكل مؽلوط ،ارجعوا إلى القرآن أنتم.
واآلخرون الذٌن أنتم منبهرون بهم هم من شهدوا لهذا القرآن ،هم من تجلى على أٌدٌهم من خبلل ما
أبدعوا إعجاز هذا القرآن .ارجعوا أنتم إلى أولبك الذٌن قدموا لكم الدٌن بشكل مؽلوط ،وش َّؽلوا تفكٌرهم فً
المجال الذي قد ضمن لهم ،وصرفوه عن المجال الذي أرٌد أن ٌتحركوا فٌه ،أرٌد لهم من خبلل دٌنهم هو
أن ٌتحركوا فٌه ،ارجعوا إلٌهم فتنكروا لما قدموه لكم ،وعودوا إلى القرآن من جدٌد لتعرفوا كٌؾ أن
ٖ8
القرآن كان باستطاعتنا لو مشٌنا على هدٌه ،وعلى إرشاده أن نكون نحن األمة السباقة حتى فً مجال
التصنٌع ،واالختراع ،واإلبداع فً مختلؾ الفنون.
ٖ9
أكبر حفاظا على سبلمة البٌبة وإن كانت التً تلوث البٌبة أقل تكلفة؛ ألنه هنا سٌقال إننً فً مقام مسبولٌة
ال أرٌد أن أضر بعباد هللا.
ولكن ما الذي حصل عندما فرط المسلمون فً مسإولٌتهم فً عمارة األرض ؟
ٓٗ
لماذا أمرنا هللا بالتفكر فً مخلوقاته ؟
لو كانت المسؤلة هً فقط أن نعرؾ الخبلصة التً قالوا من أجلها عرفنا من خبلل المحدثات أن هناك
محدثا وأن هناك صانعا ،لو انطلقنا هذا المنطلق لكان ٌكفً الناس واحد من ألؾ أو اقل من هذه النسبة مما
فً هذا العالم من أصناؾ؛ ألن شجرة واحدة ممكن أن تقوم بهذه المهمة ،شجرة واحدة محدثة ألٌس لها
محدث؟ طٌب هذه الشجرة نراها ورقها وسٌقانها وزهورها وثمرها محكمة ،ألٌست تدل على أن هناك
قادرا وحكٌما؟ تقضً على أن فاعلها عالم ،وتدل على أنه حً؟ شجرة واحدة أمكن أن تقوم بالمهمة التً
انشؽل حولها [المعتزلة] واألصناؾ الهابلة هذه هل كلها من أجل تحصٌل العقابد الصحٌحة كما ٌقولون
على النحو الذي قدموه لنا ،الذي كان ٌكفً لها شجرة واحدة أو نعجة واحدة أو حٌوان واحد من أي صنؾ
كان.
ي ا ْلفُ ْل ُك فٌِ ِه ِبؤ َ ْم ِر ِه} (الجاثٌة :من اآلٌةٕٔ) من هم
س َّخ َر لَ ُك ُم ا ْل َب ْح َر لِ َت ْج ِر َ
وهللا سبحانه وتعالى ٌقول{ :الَّذِي َ
سادة البحار اآلن؟ الٌهود والنصارى ..ألٌس كذلك؟ متى ما أردنا أن نشتري ؼواصة منهم بكم تكلؾ؟
مبلٌٌن ،مبات المبلٌٌن ،وقٌمتها المادٌة قد ال تكون بعشر ثمنها ،قٌمة التكلفة.
من األخطاء الثقافٌة التً ضربت األمة النظرة المغلوطة للدٌن و الدنٌا
أ .عدم تقدٌم الدٌن بصورته الكاملة و الحقٌقٌة من قبل الكثٌر من العلماء وتقدٌمه بصورة مشوهة من
قبل علماء السوء و تقدٌم البعض للدٌن و فهمنا له على أنه مجرد طقوس روحانٌة و عبادٌة و ال
عبلقة له بؤمور الحٌاة من سٌاسة و اقتصاد وصناعة و....الخ
ب .الشًء الثانً :نظرنا إلى الحٌاة ،إلى الدنٌا عن طرٌق أصحاب كتب الترؼٌب والترهٌب نظرنا إلى
الدنٌا هذه بكلها ،هذه الدنٌا التً ٌتحدث هللا عنها ،وٌذكر بؤنها نعمة عظٌمة علٌنا بؤنها ال تساوي
جناح بعوضة ،وأنها لٌست بشًء ،وعلى اإلنسان أن ٌنصرؾ عنها ،وإذا كان سٌطلبها فلٌطلب
فقط القوت الضروري منها ،والكفاٌة فقط منها وٌنطلقٌ ،تركها الناسٌ ،رفضها الناس ،هذا هو
التدٌن عندهم.
عزز هذه الفكرة مرشدون داخل مساجدنا ٌسٌرون فً هذا االتجاه ،وك ّتاب وهم ٌكتبون فً أشرؾ علومنا
ٌسٌرون فً هذا االتجاه ،ومفسرون أٌضا ٌسٌرون فً هذا االتجاه ،وهكذا تراكمت األشٌاء فؤصبحنا نحن
أبناء هذا العصر الضحٌة ،ولٌس فقط هذا الجٌل بل أجٌال نحو ما ال ٌقل عن أربعمابة سنة ،اعتبرها
أربعمابة سنة على أقل تقدٌر هً الحالة التً ظهرت فٌها النتابج السٌبة لكل األشٌاء التً سبقت.
{ َّ
هللا ُ الَّذِي َج َع َل َل ُك ُم اللَّ ٌْ َل لِ َتسْ ُك ُنوا فٌِ ِه َوال َّن َه َ
ار ُمبْصِ را} (ؼافر :من اآلٌةٔ )ٙهللا الذي ٌستعطفنا بما ٌحدثنا
به من نعمه ،والتً ٌذكرنا بقٌمة نعمه .كٌؾ ٌتمنن علٌنا بما ال قٌمة له عنده؟! إذا كانت الدنٌا ال تساوي
عند هللا جناح بعوضة إذا فبل قٌمة لما ٌتمنن به علٌنا ،إذا كان ٌعطً ما ال قٌمة له عنده ،ما ال قٌمة له
لدٌه ،وال نعنً بالقٌمة أنها مسؤلة حاجة وفعبل هو لٌس محتاجا لكن الحكٌم ٌنظر إلى األشٌاء المهمة ذات
قٌمة فٌما تعطٌه ،فإذا كانت هذه األشٌاء كلها ال قٌمة لها لدٌه فبل حاجة لشكرها ،وال حاجة للتمنن بها
علٌنا ،لماذا ٌتمنن علٌنا بما ال قٌمة لها عنده؟.
لها قٌمة { َو َخ َل َق ُك َّل َشًْ ء َف َق َّد َرهُ َت ْقدٌِرا} (الفرقان :من اآلٌةٕ) وهذه اآلٌة تتحدث عن أهمٌة ما أعطى ،عن
أن نتذكر فضل وعظم ما أعطى ،وما أسبػ من هذه النعم { َّ
هللا ُ الَّذِي َج َع َل لَ ُك ُم اللَّ ٌْ َل لِ َتسْ ُك ُنوا فٌِ ِه َوال َّن َه َ
ار
ٖٗ
ُون} (ؼافرَ { )ٙٔ:ذلِ ُك ُم َّ
هللا ُ َر ُّب ُك ْم َخال ُِق ُك ِّل اس ال ٌَ ْش ُكر َ اس َولَكِنَّ أَ ْك َث َر ال َّن ِهللا لَ ُذو َفضْ ل َعلَى ال َّن ِ ُمبْصِ را إِنَّ َّ َ
ون} (ؼافر )ٕٙ:الحظ كٌؾ ٌربط بٌن الحدٌث عن نعمه وبٌن وحدانٌته، َشًْ ء ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو َفؤ َ َّنى ُت ْإ َف ُك َ
ض َق َرارا هللا ُ الَّذِي َج َع َل لَ ُك ُم ْاألَرْ َ ون َّ هللا ٌَجْ َح ُد َت َّ ِ ٌِن َكا ُنوا ِبآٌا ِ ك الَّذ َ وبٌن توحٌده وعبادته { َك َذلِ َ
ك ٌ ُْإ َف ُ
هللا ُ َربُّ ْال َعالَم َ
ٌِن ه َُو ك َّ ار َ ت َذلِ ُك ُم َّ
هللا ُ َر ُّب ُك ْم َف َت َب َ ص َّو َر ُك ْم َفؤَحْ َس َن ص َُو َر ُك ْم َو َر َز َق ُك ْم م َِن َّ
الط ٌِّ َبا ِ َوال َّس َما َء ِب َناء َو َ
ٌِن} (ؼافر.)ٙ٘ - ٖٙ : ِّل َربِّ ْال َعالَم َ ٌن ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ ْال َحًُّ ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو َف ْادعُوهُ م ُْخلِصِ َ
ٌن لَ ُه ال ِّد َ
ٗٗ
معرفة هللا ---عظمة هللا
٘ٗ
بداٌة سورة الحدٌد
مما ٌساعد على أن نعرؾ هللا سبحانه وتعالى بالشكل الذي نحصل من ورابه على تعزٌز لثقتنا به سبحانه
وتعالى هو :حدٌثه فً القرآن الكرٌم عن ذاته سبحانه وتعالى فً الثناء على ذاته ،وعن ما ذكره من
مخلوقاته الكثٌرة باعتبارها مظاهر من مظاهر ملكوته ،وأنه هو من له ْالمُلك ،هو رب العالمٌن ،هو من له
الملك ،ونفاذ األمر فً العالمٌن.
حمن الِّرحٌْم
منها :ما ذكره سبحانه وتعالى فً أول [سورة الحدٌد]ِ :بسم هللا الرَّ ِ
ت َو ْاألَ ْر ِ
ض َوه َُو ا ْل َع ِزٌ ُز ا ْل َحكٌِ ُم} (الحدٌدٔ). س َم َاوا ِ س َّب َح ِ َّ ِ
هلل َما فًِ ال َّ { َ
سبح ِّل :نزهه ،وشهد بنزاهته وقدسٌته ،نزاهته عن كل ما ال ٌلٌق به ،نزاهته عن كل عٌب ونقص،
نزاهته عما ال ٌلٌق بكماله ،فكل ما فً السماوات واألرض ٌشهد بنزاهة هللا ،سواء من كان ٌنطق بذلك،
أو من كان فً نفسه شاهدا على ذلك.
هو العزٌز:
ال َمنٌِع الذي ال ٌُقهر ،ال ٌُؽلَب وال ٌُؽالَب ،هو ؼالب على أمره ،هو العزٌز الذي ٌَمنح مِن عزته من اعت ّز
ٌِن أَعِ َّزة َعلَى ْال َكاف ِِر َ
ٌن} (المابدة: عزتِه أولٌا َءه ،فٌصبحون كما قال عنهم{ :أَ ِذلَّة َعلَى ْالم ُْإ ِمن َ
بهٌ ،منح مِن َّ
من اآلٌةٗ٘).
الحكٌم
فً ما ٌصدر منه ،الحكٌم فً تدبٌره ،الحكٌم فً هداٌته ،الحكٌم فً تشرٌعه ،الحكٌم فً تدبٌره لشإون
خلقه.
َو ْاألَ ْر ِ
ض} (الحدٌدٕ) {لَ ُه ُم ْل ُك َّ
الس َم َاوا ِ
ت
هو َملِك السماوات واألرضَ ،ملِ ُكها و َمالِ ُكها .قد ٌكون اإلنسان فً هذه الدنٌا ملكا ف ٌَح ُدث انقبلب فٌصبح
مطرودا منفٌا ف ٌَملِك ؼٌ ُره ،أمَّا هللا سبحانه وتعالى فهو الملك ،هو المالك ،هو الملك ذو المُلك الدابم فً
سلطانه.
ٗٙ
َقدٌِر} (الحدٌد :من اآلٌةٕ) ٌِت َوه َُو َعلَى ُكل ِّ َ
ش ًْء { ٌُ ْح ًٌِ َو ٌُم ُ
كل شًء ٌرٌده هو قادر علٌه{ ،ه َُو َعلَى ُك ِّل َشًْ ء َقدٌِر} ،لٌس هناك أشمل من هذه العبارة ،وال أوضح
منها فً :أنه ال أحد ٌستطٌع أن ٌحول بٌنه وبٌن ما ٌرٌد أن ٌنفذه ،فهو قادر وهو قاهر فً نفس الوقت.
علٌِم} (الحدٌد)ٖ:
َ ش ًْء {ه َُو ْاألَ َّول ُ َو ْاآل ِخ ُر َو َّ
الظا ِه ُر َوا ْل َباطِ نُ َوه َُو ِب ُكل ِّ َ
َثناء على هللا ،وبٌان لكماله المطلق سبحانه وتعالى{ .ه َُو ْاألَ َّول ُ} عبارةْ { :األَ َّو ُل} تعنً :ال شًء قبله ،ال
ألولٌَِّته ،لٌس هناك شًء سبقه أبدا فً الوجود{ ،ه َُو ْاألَ َّو ُل} وهذه العبارة أفضل بكثٌر من عبارة أو َل َّ
[علماء الكبلم] التً ٌرددونها[ :القدٌم] فٌسمون هللا قدٌما ،وهذا -فً ما أعتقد -لم َت ِرد فً القرآن الكرٌم
وال مرة واحدة :أن ٌصؾ نفسه ،وأن ٌجعلها من أسمابه [القدٌم]؛ ألن كلمة[ :قدٌم] لٌست مما ٌصح أن
ٌُمدَح هللا بها سبحانه وتعالى؛ لما فٌها من إٌهام وهو :أنها ُتوهِم العمق الزمنً ،توهم العمق الزمنً ،كلمة:
قدٌم.
بٌنما كلمة{ :األول} هً أهم بكثٌر ،فهً ال ُتو ِه ُم هذا اإلٌ َهام ،وهً تتجه إلى نفس المطلوب ِب َداٌة ،دون
ترتٌب ُم َق ِّدمات ،هللا هو األول فبل شًء قبله ،وهذا هو المطلوب :أن نثبت أن كل من سواه ..أن كل من
سواه هو مخلوق له سبحانه وتعالى.
{ َو} هو { ْاآل ِ
خ ُر} بعد فناء األشٌاء.
ٗ5
والقرآن الكرٌم أكد هذه ،وهو ٌذكر لنا كٌؾ كان األنبٌاء ٌدعون أممهم إلى هللا ،وكٌؾ كانت تلك األمم إنما
تنازع فً ما ٌتعلق بالوحدانٌة ،أنها ؼٌر مستعدة أن تتخلى عن اآللهة األخرى ،لٌنفرد هللا هو وحده
بعبادتهم له ،وٌنازعوا األنبٌاء فً أنه بعد لم ٌثبت لدٌهم أو أنهم ٌرٌدون أن ٌثبت لدٌهم بؤنهم رسل من هللا،
ت َو ْاألَرْ َ
ض لٌس هناك إشكالٌة حول وجود هللا ،حتى وال عند الكافرٌن { َولَبِنْ َسؤ َ ْل َت ُه ْم َمنْ َخ َل َق ال َّس َم َاوا ِ
هللا ُ} (الزخرؾ :من اآلٌة)85 لَ ٌَقُولُنَّ َخلَ َقهُنَّ ْال َع ِزٌ ُز ْال َعلٌِ ُم} (الزخرؾَ { )9:ولَبِنْ َسؤ َ ْل َت ُه ْم َمنْ َخلَ َق ُه ْم لَ ٌَقُولُنَّ َّ
سؤلت َمن؟ سؤلت الكافرٌن. َ ولبن
ؼر َز معرفته فً نفوس عباده من
بل ٌقول اإلمام محمد بن القاسم بن إبراهٌم (سبلم هللا علٌه)(( :أن هللا َ
المبلبكة واإلنس والجن)) حتى قال أٌضا(( :بل والطٌر والحٌوانات األخرى كلها تعرؾ هللا)).
وكل ما تشاهده ،كل ما تشاهده أنت فً واقعك تشهد بسبق خالقه ،بسبق صانعه فً فطرتك قبل أن تنطلق
لترتب مقدمات كبلمٌة منطقٌة[ :هذا مُحْ دَث فبل بد له من مُحْ دِث ،فثبت أن له مُحْ دِث] .من أٌن قلت:
شهدت بؤن فٌه عبلمات التدبٌر والخلق ،إذا أنت تشهد أوال ،أنت تشهد أوال فً َ [مُحدَث]؟ ألٌس بعد أن
عرفت أن هذا فعل ،ولما انطلقت لترتب هذهَ فطرتك بوجود الخالق ،وتشهد بسبق الخالق ،وإال لما
المقدمة.
هللا سبحانه وتعالى هو أظهر من كل مخلوقاته؛ ولهذا -فً ما أفهم وهللا أعلم -لم أجد فً القرآن الكرٌم
آٌة واحدة -على الرؼم مما ذكره هللا سبحانه وتعالى من مظاهر قدرته ونعمته وحكمته و ..إلى آخره -
أن ذكر شٌبا منها بعبارة[ :ألٌس ذلك ٌدل على أننً كذا] ،ال تجد هذه فً القرآن الكرٌم ،لٌس هناك آٌة
تقول[ :ألٌس ذلك دلٌل على أنً قادر ،ألٌس ذلك دلٌل على أنً حً ،ألٌس ذلك دلٌل على أنً حكٌم ،ألٌس
الظا ِه ُر} ،هو { َّ
الظا ِه ُر} ،هو الذي فطر ذلك ٌدل على أن لها خالقٌ ،دل ،] ..لم ترد هذه إطبلقا؛ ألنه هو { َّ
ت أحد لٌسمً صنما باسمه ،أو ٌسمً بشرا باسمه ،أو ٌسمً شٌبا باسمه، النفوس على معرفته ،بل لم ٌؤ ِ
الذي هو اسم لذاته سبحانه وتعالى المقدسة[ :هللا]َ { ،ه ْل َتعْ لَ ُم لَ ُه َس ِمٌّا} (مرٌم :من اآلٌة٘ )ٙكان المشركون
ٌسمون اآللهة [ ُه َبل ،البلَّت ،الع َُّزى ،وُ د ،سُواعُ ٌَ ،ؽوثٌَ ،عُوق].
هللا معروؾ لدى البشر أنه [هللا] ،هو اإلله ،هو الذي خلق السموات واألرض ،هو الذي خلقهم ،هم
ٌعرفون هذه ،لم ٌؤتوا لٌسموا صنما آخر باسمه أبدا ،هو إله ،بل هو إله مقدس لدى البشر ،إله مقدس لدى
البشر فً كل مراحل تارٌخ البشرٌة .بل ٌقول أحد الكتاب أٌضا :بؤنه فً هذا العصر -فً استبٌان -ظهر
بعد أن اُكتشِ فت مناطق بدابٌة ،قُبُل بدابٌة ،وعرؾ بؤن هللا معروؾ لدٌها ،قُبُل بدابٌة فً مجاهل أفرٌقٌا
وفً مناطق أخرى فً هذا العالم ،وما ٌزال بعضهم شبه عُراة ،وهللا معروؾ لدٌهم.
هو { َّ
الظا ِه ُر}؛ لهذا كان هناك تؤثٌر سلبً وسٌا جدا لترتٌبات المتكلمٌن المنطقٌة ،لمقدماتهم المنطقٌة حٌث
جعلونا نحتاج نحن -حتى نعرفه -أن نستدل علٌه بؤي شًء من هذا لنعرؾ وجوده من حٌث المبدأ :أن
هناك إله ،أن هناك [هللا].
كٌؾ وهو الذي قال سبحانه وتعالىَ { :و َن ْفس َو َما َس َّوا َها َفؤ َ ْل َه َم َها فُج َ
ُور َها َو َت ْق َوا َها} (الشمس )8 - 5:كٌؾ
ٌلهمها فجورها وتقواها وال ٌلهمها معرفته ،وال ٌفطرها على معرفته ،وهً من أهم ..من أهم ما ٌمكن أن
تسٌر بالنفس نحو الهدى ،وتصرفها عن الفجور -معرفته سبحانه وتعالى -هل مجرد أن تهتدي إلى ما
ٗ8
هو تقوى وإلى ما هو فجور أهم من معرفته سبحانه وتعالى؟ .هو قال :أَ ْل َه َم َها { َفؤ َ ْل َه َم َها فُج َ
ُور َها َو َت ْق َوا َها}
فكٌؾ ال ٌلهمها ما هو أساس ..ما هو األساس فً أن تنطلق فً التقوى وتبتعد عن الفجور ،وهو معرفته
سبحانه وتعالى؟!.
فالمعرفة الجملٌة لدى البشر قابمة ،ومترسخة فً ذهنٌتهم ،بما فطرهم هللا ،بما فطر نفوسهم علٌه،
وبواسطة رسله المتعاقبٌن جٌلً بعد جٌل ،وكتبه التً أنزلها إلٌهم ،فلم ٌغب ذكره عن ذهن البشرٌة ،وال
عن مسامعها ،فهو { َّ
الظا ِه ُر}.
ٌجب أن نلؽً أن نلؽً تماما استخدام عبارات المتكلمٌن[ :الؽابب ..الؽابب ..قٌاسا للؽابب على الشاهد،
قٌاسا للؽابب على الشاهد] ،وأشٌاء من هذه.
وأول ما ٌرسخون فً نفسٌتك :أنك تقوم تبحث عن من هو الذي أسدى إلًّ هذه النعمةُ ،ندوِّ ر هنا وهنا ..
نجد أن هذه النعم لها محدث ،إذا لها محدث .تمام اتفقنا َ ..من هو؟ .بقً اإلشكال َمن هو؟ .لم ٌستطٌعوا أن
ٌجٌبوا علٌه ..من هو؟ ألن ؼاٌة ما ٌمكن أن تحصل علٌه من خبلل تلك المقدمات هو ماذا؟ :أن لها
صانع .ال بؤس لها صانع ،لكن َمن هو؟ وأي دلٌل نظري ترتبه على هذا النحو ٌمكن أن ٌوصلك إلى هللا؟
ال تجد.
ال ٌوصلك إلى هللا إال فطرتك ،وإال أنبٌاإه وكتبه؛ ولهذا نجد[ :وهو هللا] هم ٌقولون هكذا[ :فدل على أن
لها محدث ...وهو هللا تعالى]!! هذه القفزة ..القفزة هذه لٌست نتٌجة منطقٌة لترتٌب المقدمات هذه أبدا،
نتٌجة منطقٌة هو أن لها محدث ،لكن قولك[ :وهو هللا] من أٌن أتٌت بها؟ إنما من خبلل أنبٌابه ،من خبلل
كتبه ،من خبلل ما فطر النفوس علٌه؛ ألن [وهو هللا] هو ٌؤتً بعد سإال :إذا فمن هو هذا المحدث؟ من
هو؟ رتب لً مقدمات توصلنً إلى أنه هو هللا ،هللا.
هللا :هو اسم للذات المقدسةَ ،علَم للذات المقدسة ،هللا سبحانه وتعالى ،وهو األساس لبقٌة أسمابه ،تؤتً بقٌة
أسمابه فً مقام الثناء بعد أن ٌكون األساس الذي تضاؾ إلٌه وتستند علٌه هو اسمه سبحانه وتعالى :هللا.
فؤي متكلم ٌستطٌع أن ٌوصل بتسلسل استدالالته المنطقٌة إلى اإلجابة على من هو؟ ثم لٌقول لً :هو هللا.
هو هللا ،لكن لٌس على هذا االستدالل الذي ذكرته ،هذا االستدالل ٌجعل هللا بحاجة إلى أبسط مخلوقاته فً
أن ٌدل علٌه ،ونحن -كما قلنا سابقا -لم نجد فً القرآن الكرٌم آٌة واحدة بعد أن ٌذكر هللا كثٌرا من
مظاهر خلقه ،ومفردات هذا الكون فٌقول[ :ألٌس ذلك دلٌل على أنً حً ،أو على أنً قادر]؟ .أبدا ٌقول
ك ِب َقادِر َع َلى أَنْ ٌُحْ ٌِ ًَ ْال َم ْو َتى} (القٌامة )ٗٓ:أي ألٌس َمن صنع هذا بقادر على أن ٌصنع لك{ :أَلٌَ َ
ْس َذلِ َ
هذا؟.
ك ِبؤَنَّ َّ َ
هللا ه َُو الحظوا حتى فً [سورة الحج] لم ٌ ْفرُق بٌن الموضوع إال حرؾ واحد هو حرؾ [الباء]َ { :ذلِ َ
ْال َح ُّق َوأَ َّن ُه ٌُحْ ًٌِ ْال َم ْو َتى َوأَ َّن ُه َعلَى ُك ِّل َشًْ ء َقدٌِر} (الحج )ٙ:بعد أن ذكر فً بٌان األدلة التً تقمع كل
ك ِبؤَنَّ َّ َ
هللا ه َُو ْال َح ُّق} ،لم ٌقل :ذلك أن هللا هو ذلك الرٌب الذي لدى المشركٌن فً ما ٌتعلق بالبعث { َذلِ َ
الحق؛ فتوهم العبارة :أنه استدل على أنه حق بهذه األشٌاء ،فهً دلت على أنه حق .ذلك بسبب أنه هو
ٗ9
الحق ،بسبب أنه هو الحق كانت على هذا النحوَ { .وأَ َّن ُه ٌُحْ ًٌِ ْال َم ْو َتى َوأَ َّن ُه َعلَى ُك ِّل َشًْ ء َقدٌِر} ،أي وألنه
ٌحٌى الموتى ،وألنه على كل شًء قدٌر.
وهو{ :ا ْل َباطِ نُ } سبحانه وتعالى فٌما ٌتعلق بذاته فبل تدركه الحواس ،وال ٌمكن أن تقؾ األذهان منه على
كٌفٌة ،وال ٌمكن أن ٌُرى ،وال ٌمكن أن ٌُحس ،وال ٌ َُجس ،وال ٌُمس .هو باطن لكن ال ٌعنً ذلك بؤنه ؼابب
عن األشٌاء .هو باطن فٌما ٌتعلق بذاته سبحانه وتعالى ،ال ٌمكن ..ال ٌمكن أن نتخٌل له كٌفٌة ،وال أن
ار َوه َُو ك ْاألَب َ
ْص َ صا ُر َوه َُو ٌ ُْد ِر ُ نقول بؤن بإمكاننا أن نراه أو نلمسه أبدا ..أن نراه بؤبصارنا {ال ُت ْدر ُك ُه ْ َ
األ ْب َ ِ
اللَّطِ ٌؾُ ْال َخ ِبٌ ُر} (األنعام)ٖٔٓ:
{ َوه َُو ِب ُكل ِّ َ
ش ًْء َعلٌِم} .
َبصِ ٌر} (الحدٌد :من اآلٌةٗ) { َوه َُو َم َع ُك ْم أَ ٌْنَ َما ُك ْن ُت ْم َو َّ
هللاُ ِب َما َت ْع َملُونَ
{ َوه َُو َم َع ُك ْم أٌَ َْن َما ُك ْن ُت ْم} ال ٌؽٌب عنكم ،رقٌب علٌكم ،علٌم بكمٌ ،حصً علٌكم كل شًء ،قادر على أن
ٌرعاكمٌ ،علم كل الحاالت والظروؾ التً تمرون بها ،علٌم بذات الصدور.
{ َو َّ
هللا ُ ِب َما َت ْع َملُونَ َبصِ ٌر} ال ٌخفى علٌه شًء من أعمالكم ،هو ٌعلمها وٌعلم مبلبساتها ،وٌعلم دوافعها،
وٌعلم ؼاٌاتها.
ٕ٘
ْاأل ُ ُمو ُر} (الحدٌد)٘: ض َوإِلَى َّ ِ
هللا ُت ْر َج ُع ت َو ْاألَ ْر ِ {لَ ُه ُم ْل ُك َّ
الس َم َاوا ِ
ٌتحدث عن ذاته سبحانه وتعالى باعتباره هو ذو الكمال المطلق ،وهو الملك لهذا العالم ،وهو رب
ض} له وحده ملكها ،ألٌس هذا هو الدلٌل الكافً على أنه ال ت َو ْاألَرْ ِ العالمٌن ،وهو ملكهم {لَ ُه م ُْل ُ
ك ال َّس َم َاوا ِ
ٌجوز ألحد أن ٌنطلق نحو التحكم فً شإون عباد هللا دون أن ٌكون له شرعٌة من عند هللا؟ .إذا كانوا
ٌقولون :ال ٌ ..جوز هذا ،إذا فٌجوز ألي شخص أن ٌنطلق إلى مركز المحافظة فٌتحكم فٌها ،إلى مركز
المدٌرٌة فٌؤخذ المبنى وٌتحكم فٌه دون إذن من ربٌس ،ودون إذن من ملك ،ودون إذن من ربٌس وزراء
وال ؼٌره ،هل هذا مقبول فً عالمنا؟ .لٌس مقبول .لماذا نقبله بالنسبة ِّل سبحانه وتعالى؟.
نحن فً أعمالنا نشهد على أنفسنا ..نشهد على أنفسنا بؤننا نجوِّ ز على هللا سبحانه وتعالى ،وفٌما ٌتعلق
بشؤنه ،وفٌما هو من اختصاصه ما ال نجوّ زه وال نسوّ ؼه فً ما ٌتعلق بعالمنا ،وفً أنفسنا .هو له ملك
السماوات واألرض ،ما معنى ملكها؟ هو الذي له الحق فً أن ٌلً أمرهم ،أن ٌدبر شؤنهم ،أن ٌشرّع لهم،
أن ٌرسم هداٌتهم ،أن ٌوجههم هو.
عندما ٌقول :بؤن له ملك السماوات واألرض ،لٌس ملك كؤي ملك من الملوك اآلخرٌن هو ملك رحمن
رحٌم رإوؾ رحٌمٌ .عرض القرآن الكرٌم فً آٌات أخرى كٌؾ تدبٌر هللا لشإون خلقه ،ما هو األساس
الذي ٌقوم علٌه تشرٌعه لعباده ورعاٌته لشإونهم ،وهداٌته لهم ،من منطلق رحمته بهم ،هو رحمن رحٌم.
ض} ،إذاً فل شرعٌة ألي شخص ٌتحكم على رقاب الناسَ ،أولٌس الناسُ هم ت َو ْاألَ ْر ِ {لَ ُه ُم ْل ُك ال َّ
س َم َاوا ِ
ممن داخل السماوات واألرض؟ أو أنهم هم العنصر األساس داخل السماوات واألرض ،هم من استخلفوا
على هذه األرض فسخرت لهم السماوات واألرض وما فٌها ،حتى كثٌر من المبلبكة أعمالهم مرتبطة فٌما
ض} (الشورى :من اآلٌة٘) كثٌر من شإون ُون ِل َمنْ فًِ ْاألَرْ ِ
ٌتعلق بالناس ،فٌما ٌتعلق باألرض { َو ٌَسْ َت ْؽ ِفر َ
األرض مرتبطة بهم ،تؤتً من جهتهم ممن اصطفاه هللا من داخلهم ٌقوم بإببلغ وحٌه بإنزال كتبه ،ومع
عباده حفظة ،ومع عباده ُك َّتاب ،الكل ..الكل حول اإلنسان .الكل حول اإلنسان.
ٖ٘
ت َو ْاألَ ْر ِ
ض} إذاً فهو هو من له الحق أن ٌدبر شؤنهم وال شرعٌة لمن ال ٌعتبر فً {لَ ُه ُم ْل ُك ال َّ
س َم َاوا ِ
حكمه امتداداً لشرعٌة هللا سبحانه وتعالى ،الذي هو ملك السماوات واألرض.
{ َوإِلَى َّ ِ
هللا ُت ْر َج ُع ْاألُ ُمو ُر}
هو ملكها ،ما أكثر الملوك فً هذه الدنٌا والرإساء ،لكن ألٌست األمور تخرج عن سٌطرتهم فً كثٌر من
أحوالهم ،وفً كثٌر من أحوال شعوبهم؟ تخرج األمور عن سٌطرتهمَ ،ملِك قاصر ،م ُْلك الناقصٌن ،مُلك
من ال ٌعلموا سر السماوات واألرض ،ملك من ال ٌعلم بعضهم بكثٌر مما ٌخص شعبه ،فكثٌر من األمور
تجري على خبلؾ ما ٌرٌدون ،والزعماء العرب اآلن هل األمور تمشً على ما ٌرٌدون؟ ال.
أما هللا سبحانه وتعالى فهو وحده الذي إلٌه ترجع األمور ،وهو الذي ٌستطٌع أن ٌخلق وٌهٌا المتؽٌرات.
وفً الدنٌا -عندما تتؤمل -أحداث تحصل ،متؽٌرات عجٌبة ،تحوالت بنسبة مابة فً المابة فً بعض
األمور ،هللا هو سبحانه وتعالى من هو ؼالب على أمره ،من هو قادر على كل شًء.
فكل عبارة من هذه تؤتً فً القرآن الكرٌمَ { :وإِ َلى َّ ِ
هللا ُت ْر َج ُع ْاأل ُ ُمو ُر} { َوإِلَ ٌْ ِه ٌُ ْر َج ُع ْاألَ ْم ُر ُكل ُه} (هود :من
اآلٌة )123هو ٌقول لعباده ٌقول للمإمنٌن :ثقوا بً ،انطلقوا فً عبادتً ،انطلقوا فً نصري ،وفً
جع األمور فل أدع المجال ٌقفل أمامكم .هو من سٌهٌا ،من إلً تر ِ
العمل إلعلء كلمتً ،وأنا من ّ
سٌخلق المتغٌرات ،من سٌهٌا الظروف.
هللا ُترْ َج ُع ْاألُمُو ُر} حتى وإن كان الناس هنا فً الدنٌا ٌتصرفون بعٌدٌن عن هللا سبحانه وتعالى ،فهذا
{ َوإِلَى َّ ِ
ٌتزعم على هذا الشعب ،وهذا ٌتملك على ذلك الشعب ،وهذا ٌقفز على هذا الشعب وهكذا.
هم ما زالوا فً داخل محٌط قدرته تعالى { َوه َُو ْال َقا ِه ُر َف ْو َق عِ َبا ِد ِه} (األنعام :من اآلٌة )ٔ8بل كثٌر من
األمور تفرض علٌهم بتهٌبة من هللا ،من حٌث ال ٌشعرون.
ولو تؤملنا لوجدنا أنه حتى أعداء اإلسبلم أنفسهم الذٌن ٌحاولون أن ٌقفلوا كل شًء بالنسبة للمسلمٌن
ٌنطلقون فً مجال وال ٌدرون بؤنهم ٌهٌبوا أجواء عظٌمة جدا للمإمنٌن من خبلل ما تحركوا فٌه؛ ألن هللا
ؼالب على أمره.
وما أكثر -لو تؤمل اإلنسان -ما أكثر اإلنفراجات التً تؤتً ،ما أكثر اإلنفراجات التً تحصل ،لكن من ال
ٌهٌا نفسه ألي عمل فً سبٌل هللا تمر األشٌاء وال قٌمة لها عنده ،وال ٌبالً.
ُور} (الحدٌد)ٙ:
الصد ِ ار فًِ اللَّ ٌْ ِل َوه َُو َعلٌِم ِب َذا ِ
ت { ٌُولِ ُج اللَّ ٌْل َ فًِ ال َّن َه ِ
ار َو ٌُولِ ُج ال َّن َه َ
هو من ٌدبر كل شًء ،اللٌل والنهار هو الذي ٌدبره فٌولج اللٌل فً النهار وٌولج النهار فً اللٌلٌ ،تعاقبان
وٌتداخبلن فٌنقص هذا حٌنا وٌطول هذا حٌنا آخر ،فً حركة مستمرة منظمة ومدبّرة بؤمر هللا سبحانه
وتعالى ،هذا مظهر من مظاهر ملكه ،أن له ملك السموات واألرض هو خلقها ثم تحدث عن استوابه على
ٗ٘
العرش لٌدبر شإونها ،ثم ها هو ٌتحدث كٌؾ ٌدبر شإونها ،وكٌؾ عبلقته بها كملك للسماوات واألرض
وما بٌنهن وما فٌهن.
ور} هذا اللٌل الذي ٌُ ِجنُّ هذا العالم ،أو قطعة من هذه األرض بظبلمه ،فٌبدو أمام ص ُد ِ { َوه َُو َعلٌِم ِب َذا ِ
ت ال ُّ
ور} تلك الصدور ص ُد ِ األنظار وكؤنه أصبح ٌمكن أن ٌخفً أشٌاء كثٌرة عن هللاٌ ،قول :إنه { َعلٌِم ِب َذا ِ
ت ال ُّ
التً هً ظلمة فً داخلها ،تجوٌؾ الصدر فً داخله مظلم ،وداخله ماذا؟ داخله هواجس من النفس ،أشٌاء
داخل النفس ،هللا ٌعلم بذات الصدور نفسها ،فبل ٌمكن للٌل أن ٌخفً شٌبا من ما ٌحصل من عباده ،وال
ٌخفً أي شًء من أشٌاء هذا العالم عنه.
ار فًِ اللٌَّ ِْل} مما نفهم منه بؤن اللٌل والنهار من هذه اآلٌة قوله تعالىٌُ{ :ولِ ُج اللَّ ٌْ َل فًِ ال َّن َه ِ
ار َوٌُولِ ُج ال َّن َه َ
موجودان مع بعض ،ثم ٌحصل بٌنهما تداخل ،فنشهد بؤن الحركة حركة مستمرة اللٌل والنهار وبشكل
دابري ،كما اكتشؾ أخٌرا وأصبحت األشٌاء واضحة فعبل ،قد تتصل بشخص إلى منطقة أخرى فً العالم
فٌكون الوقت عندك نهارا وعنده لٌل أو العكس .اتصل بؤمرٌكا تجد الوقت هناك نهار ما ٌزال نهارا وأنت
فً اللٌل.
٘٘
التشرٌع هو من اختصاص هللا وحده
فهو من له الحق أن ٌشرع لعباده ،من له الحق أن ٌؤمرهم حتى فٌما ٌتعلق بؤؼلى األشٌاء لدٌهم وهو المال:
ٌِن فٌِه} هو من له الحق أن ٌصطفً من عباده رسوال لعباده فٌبلػ شرٌعته { َوأَ ْن ِفقُوا ِممَّا َج َعلَ ُك ْم مُسْ َت ْخلَف َ
اِّل َو َرسُولِ ِه َوأَ ْن ِفقُوا ِممَّا َج َعلَ ُك ْم مُسْ َت ْخلَف َ
ٌِن فٌِ ِه} بعد أن قرر لكم بؤنه هو الذي خلق وهدٌه إلٌهم {آ ِم ُنوا ِب َّ ِ
السماوات واألرض ،وأن له ملك السماوات واألرض ،إذا فما أنتم إال عبارة عن مستخلفٌن فٌما بٌن أٌدٌكم
من أموال ،هو المالك الحقٌقً ،هو الخالق لها ،وهو المالك الحقٌقً لها.
من ٌحاولون أن ٌفصلوا سلطان هللا عن عباده فٌما ٌتعلق بالتشرٌع والهداٌة ،وتدبٌر شإونهم ،ووالٌة
أمرهم ٌسٌبون إساءة كبٌرة إلى هللا سبحانه وتعالى ،فكؤنهم إنما ٌحولون هللا -وسبحان هللا أن ٌقول
اإلنسان عبارة كهذه مهما كانت لكن الحاجة إلٌها -أصبح هللا شؽال لدٌهمٌ ،ولج اللٌل فً النهار ،وٌدبر
هذا الشًء و ٌنزل مطر ،و ! ..شؽال لدٌهم ،وهم من ٌتحكمون فً شإون عباده كما ٌشاءون ،فهم
الملوك وهو عامل لدٌهم ،هذه إساءة عظٌمة إساءة بالؽة.
فِعبل كما ٌقول بعض العلماء :هذا شرك ،وكٌؾ ال ٌكون شركا وهو ٌقول للمإمنٌن فً ما ٌتعلق بالمٌتة
عندما كانوا ٌجادلوهم الكفار حولها ،كانوا ٌؤكلون المٌتة فجاء اإلسبلم ٌقول :ال ٌجوز أكل المٌتة ،فكانوا
ش ٌَاطِ ٌنَ لَ ٌُو ُحونَ إِلَى أَ ْولِ ٌَا ِب ِه ْم
ٌجادلونهم وٌقولون :كٌؾ نؤكل ما قتلنا وال نؤكل ما قتل هللا { َوإِنَّ ال َّ
ش ِر ُكونَ } (األنعام :من اآلٌةٕٔٔ) أن تطٌعوهم فً شؤن مخلوق واحد من لِ ٌُ َجا ِدلُو ُك ْم َوإِنْ أَ َط ْع ُت ُمو ُه ْم إِ َّن ُك ْم لَ ُم ْ
مخلوقاته إنكم إذا لمشركون؛ ألنكم قبلتم حٌنبذ ما قرروه هم فٌما ٌتعلق بالمٌتة من أنه ال مانع من أكلها
بناء على أنه [كٌؾ نؤكل ما قتلنا وال نؤكل ما قتل هللا].
ألٌسوا قرروا شًء فٌها؟ لكن ال .من هو الذي له الحق أن ٌقرر فً شإون عباده ،وٌحكم فٌهم بما ٌرٌد؟
من هو؟ هللا سبحانه وتعالى ،إذا أطعتموهم فً شؤن مٌتة ،نعجة مٌتة أو أي حٌوان من األنعام تطٌعوهم
فتقبلوا حكمهم ،وال تقبلوا حكم هللا تكونوا أنتم إذا مشركون ،جعلتم ما هو من اختصاص هللا وما هو حق
ِّل جعلتموه لآلخرٌن فؤصبحتم مشركٌن به ،مشركٌن به فً ملكه ،جعلتم هإالء هم الملوك ،فهم الذٌن
ٌقرروا ما ٌروا فً شؤن هذه المٌتة ،والحق فٌها إلى هللا.
هذا مثال واحد فً شؤن مٌتة ،فشؤن أمة تقرر أنت ،وتقبل أنت بؤن لطرؾ آخر الحق أن ٌقرر ما ٌرٌد،
وتفرض على نفسك أن تطٌعه وتإمن بما قرره فً شإون أمة! ألٌس هذا أعظم من شؤن مٌتة؟
فما أسوأ اإلنسان أن ٌكون فً واقعه ممن ٌقدم إلهه عبارة عن عامل لدى اآلخرٌن ،وٌكون الملوك هم
اآلخرون الذٌن ال نفترض أن ٌكون لملكهم شرعٌة من قبل هللا سبحانه وتعالى ،بل هم ال ٌفرضون أن
ألنفسهم شرعٌة من قبل هللا سبحانه وتعالى ،وإنما شرعٌة نظامٌة وفق قانون الدٌمقراطٌة ،أو وفق قانون
الوراثة فً التعاقب على السلطة فً البلد هذا أو ذاك ،فٌصبح هو من له الحق أن ٌحكم ،ولتصبح أنت من
علٌك الحق أن تسمع وتطٌع ،الخطورة علٌهم أشد ،واإلساءة من جانبهم أكثر عندما ٌحكموا رقاب الناس
دون أن ٌستندوا على شرعٌة إلهٌة.
بل قُ ِّد َم هذا المنطق بؤنه منطق مرفوض ،هو ما ٌسمى بالحكم [الثٌوقراطً] ما ٌقابل [الدٌمقراطٌة]
[الثٌوقراطٌة] أي الحكم اإللهً ،ومن ٌنادون بؤن ٌكون هللا هو من ٌحكم عباده ،وأن ال نقبل إال من له
٘ٙ
ْط الحكم باِّل ،رب ُ
ْط السلطة باِّل ،هذا هو نظام [ثٌوقراطً] شرعٌة من هللا أن ٌحكم فً أرضه ،قالوا :رب ُ
هو نظام مرفوض! بدٌل عنه النظام الدٌمقراطً الذي ٌجعل السلطة ملكا للشعب ،هذا هو النظام التقدمً
والنظام األفضل ،هكذا ٌقولون.
مع أن النظام الدٌمقراطً أو هذه العناوٌن هً من قبل اإلسبلم بفترة طوٌلة عند الٌونانٌٌن ،وعند
اإلؼرٌق ،عند فبلسفتهم هم من تفلسفوا وحللوا ما ٌتعلق باألنظمة فقدموا عناوٌن وقسموها إلى تقسٌمات
معٌنة ،لكن اإلسبلم أصبح تخلفا ،والدٌمقراطٌة هً ماذا؟ هً تقدم ،وهً من عمرها قد ٌكون ربما نحو
ألفٌن سنة أو أكثر من أٌام اإلؼرٌق ،ثم ٌؤتً اإلسبلم دٌن للعالمٌن ،ورسوله رحمة للعالمٌن ثم ال ٌكون
لدٌه أي نظام ،ال ٌكون لدٌه أي نظامٌ ،كون امتدادا لسلطان هللا فً أرضه ،إذا كان تدبٌره فً ما ٌتعلق
ص َطفًِ مِنَ ا ْل َملبِ َك ِة ُر ُ
سلً َومِنَ ال َّن ِ
اس} (الحج: بإنزال الهداٌة إلى خلقه ال بد أن ٌرتبط بشخص { َّ
هللا ُ ٌَ ْ
من اآلٌة )55فوالٌة شؤن عباده فً هذا الجانب ال بد أٌضا ً أن تكون مرتبطة بؤحد من عباده ،وهو هو
من له الحق أن ٌصطفً وٌختار وٌع ٌِّن وٌحدد هو سبحانه وتعالى.
ثم ٌقول لنا بعد مما ٌدل على أنه فٌما ٌتعلق بالهداٌة والتدبٌر والتوجٌه واألوامر والنواهً هو من ٌختص
بها سبحانه وتعالى ،وهً أٌضا مظهر من مظاهر ملكه ،وحق من الحقوق له التً ٌجب أن نإمن بها ،أنها
ٌِن آ َم ُنوا ِم ْن ُك ْم َوأَ ْن َفقُوا لَ ُه ْم
حق ٌختص باِّل سبحانه وتعالى؛ ألنه الملك ،وهو اإلله ،وهو الذي خلقَ { :،فالَّذ َ
أَجْ ر َك ِبٌر} هذا -كما أسلفت سابقا -له عبلقة بما ٌتعلق بمعرفة هللا سبحانه وتعالى.
إذا لٌس معرفته كما ٌقال فقط [أن تعرفه إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم ٌتخذ صاحبة وال ولدا] فتحفظ هذه
الكلمات كعناوٌن فقط ..أن تعرفه إلها ،هو إلهك هو ملكك ،ثم ماذا ٌعنً أن أإمن بؤنه إلهً وإله العالمٌن،
بؤنه الملك علًَّ وملك العالمٌن ،بؤنه ربً ورب العالمٌن؟ ،هو هذا :أن تكون مإمنا بؤنه هو وحده الذي له
الحق أن ٌتصرؾ فً شإون عباده كلها.
٘5
معرفة هللا ----عظمة هللا
٘8
( آٌات من سورة الحشر )
هللاُ الَّذِي ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو ا ْل َملِ ُ
ك} (الحشر :من اآلٌةٖٕ) ألم ٌكرر نفس العبارة األولى {ه َُو َّ
هللا ُ الَّذِي {ه َُو َّ
ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو} هو هللا ،ثم ٌؤتً بعدها بقٌة أسمابه الحسنى التً هً قابمة على هذا اإلسم المبارك [هللا] الذي
ك} الملك بـ (ألـ) التً تفٌد اإلختصاص أنه وحده الملك من له ملك السماوات واألرض ال إله إال هو { ْال َملِ ُ
من هو ملكنا إذا فهو هو وحده من له حق التصرؾ فٌنا ،هو وحده من ٌجب أن نرؼب إلٌه ،ونخاؾ منه؛
ألنه الملك القاهر علٌنا.
ثم تجد مُل َكه سبحانه وتعالى لٌس كمُلكِ اآلخرٌن من البشر م ُْلك هٌمنة ،مُلك جبروت ،ملك طؽٌان ،أوامر
جافة ،نواهً جافة ن ِّفذ ..ال تكرٌم فٌها وال كرامة معها .أما هللا عز وجْ ل فإن ملكه كله قابم من منطلق أنه
رب العالمٌن ،وهو رحٌم ورحمن بهم ،نفس المعنى الذي جاء فً أول سورة الفاتحةِ { :بسْ ِم َّ ِ
هللا الرَّ حْ َم ِن
ٌِم} (الفاتحة )ٖ - ٔ:هو الذي ربوبٌته تقوم على أساس ٌِن ،الرَّ حْ َم ِن الرَّ ح ِ ٌِمْ ،ال َح ْم ُد ِ َّ ِ
ِّل َربِّ ْال َعالَم َ الرَّ ح ِ
رحمته ،ربوبٌته لعباده هً مظهر من مظاهر مُلكه ،وتدبٌر من تدبٌر شإون عباده الذٌن هو َملِ ُكهم.
{ ا ْلقُد ُ
وس } المُنَ َّزه ال ُم َع ّ
ظم ،فؤنت عندما تكون منقطعا إلٌه ،ملتجبا إلٌه تجهر بؤنه ربك ،وأنه ملكك ،وأنه
ّ
معظم، إلهك ،وأنه ولٌّك ،فإنه هو من هو فخر لك أن ٌكون إلهك ،هو (ق ُّدوس) ،هو من ّزه ،هو طاهر ،هو
أنت لم تلجا نفسك إلى طرؾ تستحً إذا ما أحد عرؾ أنه ولٌك أو أنه قدوتك أو أنه ربٌسك أو أنه ملكك
فتخزى ،أما هللا فإنه من ٌشرفك أنه إلهك أنه ربك وملكك ،من تتشرؾ بؤنك عبد له.
ولهذه القضٌة أهمٌتها فً السمو بالنفس حتى على مستوى القدوات من البشر الذٌن ٌختارهم هللا هم من
أولبك المنزهٌن المطهرٌن الكاملٌن فً أنفسهم ،ممن ٌشرفنا أن نقتدي بهم.
هللا سبحانه وتعالى { ْالقُ ُّدوسُ } هو الذي تفتخر بعبودٌتك له ،وتفخر بقربك منه .ألٌس هناك فً هذه الدنٌا
من ٌفخر بؤنه مقرب من الربٌس أو مقرب من الملك؟ وٌرى لنفسه مكانة عظٌمة ٌتطاول بها علٌنا ،أنه
شخص له كلمته عند الربٌس أو عند الملك أو عند ربٌس الوزراء أو عند الشٌخ فبلن ،ألٌس هذا هو ما
نراه؟ ومن هم هإالء؟ من هم هإالء البشر الضعاؾ الناقصٌن القاصرٌن المساكٌن!.
فإذا كنا نجد من ٌفخر بقربه منهم ،من ٌفخر بتولٌه لهم ،من ٌفخر بطاعته إٌاهم ،فلماذا نحن ال نفخر على
اآلخرٌن بؤننا نعمل لنكون مقربٌن إلى هللا؟! أن نبحث عن كٌؾ نحصل على ما فٌه مجد لنا ،وعزة لنا،
نعزز عبلقتنا به ،وأن نرسخ تولٌنا له؛ ألنه { ْالقُ ُّدوسُ }.
وفخر لنا هو أن نقرب من هللا ،وأن ِّ
سل ُم ا ْل ُم ْإمِنُ } سبلم ألولٌابه ،مإمن ألولٌابه ،فكن من أولٌابه سٌرعاك وٌحٌطك بالسبلمة باألمن من
{ال َّ
الضبلل ،من الذل فً هذه الدنٌا ،وهو من سٌوصلك إلى دار السبلم فً اآلخرة ،ألم ٌصؾ جنته بؤنها دار
السبلم فً اآلخرة؟.
٘9
{ا ْل ُم َه ٌْمِنُ } على كل شًء ،هو المهٌمن على كل شًء ،فكٌؾ تخاؾ ،وكٌؾ ترهب ممن هم تحت
هٌمنته!! .إذا كان ربٌس أمرٌكا هو من ٌهٌمن على بقٌة الزعماء ،وهو َمن هو؟! ألٌس هو َمن هللا مهٌمن
علٌه؟ .فما هو إال ذرة من ذرات هذا الكون الذي ٌهٌمن هللا علٌه .أنظر كٌؾ نتعامل نحن :نخاؾ من
شخص هناك من هو مهٌمن علٌه شخص آخر ،وهذا الشخص اآلخر هو مهٌمن علٌه شخص آخر ،وهذا
الكبٌر فً األخٌر هناك من هو مهٌمن علٌه ،هو هللا الواحد القهار ،الذي ٌقول لنا فً كتابه {ه َُو َّ
هللا ُ} هو
هو.
عبارة (هو) هً تناجٌك فً كل لحظة وأنت تبحث عن أن تنصرف بذهنك إلى هذه الجهة أو إلى هذه
الجهة ،تقول لك{ :ه َُو} وحده { َّ
هللا ُ}.
باإلمكان إذا كنت تبحث عن السبلم ،تبحث عن األمن ،كما هو حال العرب اآلن فً صراعهم مع أعداء
اإلسبلم والمسلمٌن ٌبحثون عن السبلم ،وٌبحثون عن األمن ،فلم ٌجدوا أمنا ولم ٌجدوا سبلما وإنما وجدوا
ذال وقهرا وإهانة ،ودوسا باألقدام .لماذا ال تعودون إلى هللا هو الذي سٌمنحكم السبلم .ألٌست إسرابٌل هً
فً موقع سبلم بالنسبة للفلسطٌنٌٌن؛ ألنها هً المهٌمنة علٌهم؟ هل هً التً تخافهم أم هم الذٌن ٌخافونها؟.
نحن لو التجؤنا إلى هللا سبحانه وتعالى كلنا وتلك الحكومات التً تبحث ،وأولبك الكبار الذٌن ٌبحثون عن
السبلم من أمرٌكا ،وٌبحثون عن السبلم من روسٌاٌ ،بحثون عن السبلم من بلدان أوروبا ،بل ٌبحثون عن
السبلم من إسرابٌل نفسها ،عودوا إلى هللا هو الذي سٌمنحكم القوةٌ ،منحكم العزة فتكونوا أنتم المهٌمنٌن
على اآلخرٌن؛ ألنكم تمسكتم بالسبلم المإمن المهٌمن ،وهناك من الذي ٌستطٌع أن ٌضركم؟ .من الذي
ٌستطٌع أن ٌإذٌكم؟ من الذي ٌمكنه أن ٌقهركم؟ أولٌس هذا هو السبلم؟.
السبلم ال ٌتحقق لك إال إذا كنت فً موقؾ عزة وقوة ومكانة ،أما أن تؤتً تبحث عن السبلم وأنت تحت- ،
كما ٌصنع الفلسطٌنٌون ،وكما ٌصنع العرب اآلن -فإنما هو استسبلم ،هو استسبلم ،وأنت فً الواقع تحت
رحمة عدوك ،بإمكانه أن ٌضربك فً أي وقت ،بإمكانه أن ٌختلق لك مشكلة ما مع أي بلد آخر فتدخل فً
حرب مع ذلك البلد كما رأٌنا.
هل ٌرٌد الناس سبلما بما تعنٌه الكلمة ،وأمنا بما تعنٌه الكلمة؟ فلٌعودوا إلى السبلم المإمن المهٌمنَ ،منْ
كتابه مهٌمن على الكتب ،ومن سٌجعلهم مهٌمنٌن على بقٌة األمم وحٌنها سٌحظون بالسبلم.
واإلسبلم هو دٌن السبلم ،لكن دٌن السبلم بمعناه الصحٌح ،ما معناه إقفال ملفات الحرب مع اآلخرٌن لٌس
هذا هو السبلم.؟ أن نقول :انتهى األمر نلؽً الجهاد ،ونلؽً الحروب لنعٌش مع اآلخرٌن فً سبلم .هذا
هو ما حصل لنا نحن المسلمٌن ،ما عمله كبارنا ،ظلوا ٌلهثون وراء السبلم ،وٌناشدون اآلخرٌن بؤننا نرٌد
السبلم وٌبحثون عن السبلم ،بعد أن ألقوا آلة الحرب وألؽوا اسم (الجهاد) ،فما الذي حصل؟ هل حصل
سبلم أم حصل دوس باألقدام؟ .وحصل استسبلم .ألٌس هذا هو الذي حصل؟.
إفهم إسلمك الذي سٌحقق لك السلم ،هو دٌن هللا السلم ،لكن بمعنى آخر ،متى ما سرت على نهج هذا
المشرع والهادي بهذا الدٌن ستكون قوٌاً، ِّ الدٌن ،متى ما تمسكت بهذا الدٌن ،متى ما اعتصمت باهلل
س ْلم َوأَ ْن ُت ُم ْاألَ ْع َل ْونَ َو َّ
هللا ُ َم َع ُك ْم َولَنْ ٌَت َِر ُك ْم ستكون عزٌزاً ،ستكون األعلى { َفل َت ِه ُنوا َو َتدْ ُعوا إِلَى ال َّ ِ
ٓٙ
أَ ْع َمالَ ُك ْم} (محمد .)ٖ٘:ألم ٌستنكر علٌهم أن ٌدعوا إلى السِّلم وهم فً موقؾ ٌجب أن ٌكونوا هم األعلون؟
فكٌؾ تبحث عن السّلم مع اآلخرٌن وأنت من ٌجب أن تكون أنت من ٌحاول اآلخرون أن ٌبحثوا عن السِّلم
معك ،فتقول لهم :أدخلوا فً اإلسبلم لتحظوا بالسِّلم؛ لٌكون لكم ما لنا وعلٌكم ما علٌنا .ألم ٌكن هذا ما
ٌعمله الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله) فً أٌام حروبه ،عندما ٌخٌرهم بٌن واحدة من اثنتٌن :إما
الشهادة بؤن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا ،أو الحرب .أنتم ترٌدون السبلم أدخلوا فً هذا اإلسبلم
لتحظوا بالسبلم ،وإال فلٌس أمامكم إال السٌؾ .حٌنها ٌصح أن نقول عن أنفسنا بؤننا قد حصلنا على السبلم،
شوِّ ه معناه ،فؤصبح ٌعنً اآلن استسبلم لآلخرٌن. وحٌنها سنعرؾ معنى إسم كلمة إسبلم الذي ُ
ك ْالقُ ُّدوسُ السَّبل ُم ْالم ُْإمِنُ ْال ُم َه ٌْمِنُ } ألٌس فً هذه األسماء الحسنى -التً {ه َُو َّ
هللا ُ الَّذِي ال إِلَ َه إِ َّال ه َُو ْال َملِ ُ
تتحدث عن كمال هللا سبحانه وتعالى -ألٌس فٌها ما ٌصنع الثقة فً نفوس أولبك الذٌن ارْ َت َموا تحت أقدام
أمرٌكا وإسرابٌل؟ لماذا ٌعرضون عن هللا وهم من ٌعترفون وٌشهدون على أنفسهم بؤنهم مسلمون ،وأنهم
مإمنون بهذا القرآن الكرٌم؟.
هذه هً التً ضربت المسلمٌن كباراً وصغاراً (عدم الثقة باهلل) ،عدم الثقة باهلل حتى فٌنا نحن الصغار
نخاف من شخص هو مسكٌن بالنسبة لآلخرٌن هناك من هو مهٌمن علٌه ،والذي هو مهٌمن علٌه
مسكٌن بالنسبة لذلك األمرٌكً الذي فً واشنطن الذي هو مهٌمن علٌه ،والكل مساكٌن ومقهورٌن تحت
جبروت هللا وقهره.
اربط نفسك باهلل رأسا ً ،تجاوز كل هذه األصنام فً هذه الدنٌا ،وارتبط باهلل رأساً ،وثق به ،وهو من
سٌجعلك قوٌا ً أقوى مما ٌملكه هإالء من وسابل القوة فً هذه الدنٌا.
ٔٙ
هللا بالرعب ،فكان بعض أعدابه من الٌهود ٌخربون بٌوتهم وٌقطعون نخٌلهم أحٌانا ،وٌرحلون خوفا قبل
أن ٌجٌّش الجٌوش علٌهم ،وقبل أن ٌحاول أنه ٌشعرهم بؤنه ٌرٌد أن ٌهاجمهم.
ش ِر ُكونَ } بعد هذه األسماء الحسنى ترى غرٌبا ً جداً جداً س ْب َحانَ َّ ِ
هللا َع َّما ٌُ ْ ار ا ْل ُم َت َك ِّب ُر ُ
{ا ْل َع ِزٌ ُز ا ْل َج َّب ُ
أولبك الذٌن ٌلتجبون إلى غٌر هللا سبحانه وتعالى ما أسوأ حالهم! ما أحط مكانتهم! وما أتعسهم! .وما
أألمهم! ،عندما ٌلتجبون إلى غٌر هللا ،إلى صنم من األخشاب أو صنم من األحجار أو صنم من البشر؛
ألنهم ٌخافونه ،وٌرجون منه أشٌاء ،وهللا قال لهم فً هذه اآلٌات هو ،هو كذا ،كذا ..إلى آخره ..من
ٌمكن أن ترجوه ،من ٌمكن أن تعتمدوا علٌه ،من ٌجب أن تخافوه.
وألنه لٌس هناك فً هذا العالم ،لٌس هناك فً الوجود من ٌمكن أن ٌكون متصفا بكمال هللا سبحانه
وتعالى ،وال بجزء من كمال هللا سبحانه وتعالى -إن صح التعبٌر -من الظلم ألنفسنا ومن اإلساءة إلى هللا
ك ْالقُ ُّدوسُ السَّبل ُم ْالم ُْإمِنُ ْال ُم َه ٌْمِنُ ْال َع ِزٌ ُز ْال َجبَّا ُر ْال ُم َت َك ِّب ُر} من اإلساءة البالؽة إلٌه أن
ربنا الذي هو { ْال َم ِل ُ
نجعل له شركاء فنمنحهم والءنا ،ومنهم نخاؾ ،وإلٌهم نرؼب.
ش ِر ُكونَ } تنزٌه ِّل عن أن ٌكون له شرٌك ،تنزٌه ِّل وتقدٌس له عن أن ٌكون له س ْب َحانَ َّ ِ
هللا َع َّما ٌُ ْ { ُ
ون}. ان َّ ِ
هللا َعمَّا ٌُ ْش ِر ُك َ شرٌك فً ملكه ،شرٌك فً كماله { ُسب َْح َ
ٖٙ
معرفة هللا ---وعده و عٌده
ٗٙ
( الوعد و الوعٌد فً القرآن الكرٌم )
كل نفس لها ما كسبت وعلٌها ما اكتسبت ،كل إنسان ٌصدر منه عمل { َف َمنْ ٌَعْ َم ْل م ِْث َقا َل َذرَّ ة َخٌْرا ٌَ َرهُ
َو َمنْ ٌَعْ َم ْل م ِْث َقا َل َذرَّ ة َش ّرا ٌَ َرهُ} (الزلزلة 5ـ )8آثار األعمال ،آثار عملك كإنسان كفرد ،آثار عمل األمة،
آثار عمل المجتمع أي مجتمع كان ،عمل اإلنسان كإنسان ،وعمل المجتمع كمجتمع ،عمل األمة كؤمة كله
مرصود ،وكله له آثاره هنا فً الدنٌا ،له عواقبه هنا فً الدنٌا ،كما له آثاره الطٌبة أو عواقبه الوخٌمة فً
اآلخرة أٌضا.
القرآن الكرٌم ٌربط بٌن الوعد فً الدنٌا والوعد فً اآلخرة و الوعٌد فً الدنٌا ٌتبعه وعٌد فً اآلخرة
أمثلة قرآنٌة
وألهمٌة هذا الموضوع ،ولنفهم المسؤلة فهما صحٌحا ـ إن شاء هللا ـ نحاول أن نستعرض الكثٌر من آٌات
القرآن الكرٌم التً تدل على :أن اإلنسان هنا ٌلقى جزاء أعمالهٌ ،نال جزءا من العقوبات على أعماله فً
هذه الدنٌا ومن أول معصٌة حصلت.
تابع قصة آدم علٌه السلم
الحظوا من أول حادث وقع مخالفة ألمر هللا من جانب بنً آدم والذي كان على ٌد أبٌنا آدم حٌن أكل من
الشجرة ألم ٌشق؟ شقً فعبل ،لكننا نقرأ هذه اآلٌة ،ونقرأ [قصة آدم] ونمر علٌها ،وإذا ما جاء أحد
المفسرٌن كان همه هو أن ٌبحث عن كٌؾ ٌخرج من هذه القصة دون أن ٌلحق آدم إثمٌ ،حاول أن ٌحافظ
على آدم أن ال ٌلحقه إثم فمعصٌته حصلت على جهة التؤوٌل ،أو أنه كان ناسٌا ،أو ربما أنه نهً عن جنس
الشجرة ،ولم ٌنه عن شجرة بعٌنها مخصصة!.
ولكن هللا قال فً القرآن الكرٌمَ { :وال َت ْق َر َبا َهذِه ـ هذه ـ ال َّش َج َر َة} (البقرة :من اآلٌةٖ٘) نهاهما عن أكل
شجرة معٌنة ،وحذرهما من الشٌطان أنه عدو لهما ،وأنه سٌعمل على أن ٌحملهما على األكل من هذه
الشجرة فلٌكونا متٌقظٌن .جاء إبلٌس { َفد ََّال ُه َما ِب ُؽرُور} (األعراؾ :من اآلٌةٕٕ) زٌّن لهما المسؤلة حتى
ٙ8
ان َعلٌَ ِْه َما مِنْ َو َر ِق ْال َج َّن ِة} (األعراؾ :من
َت لَ ُه َما َس ْوآ ُت ُه َما َو َط ِف َقا ٌَ ْخصِ َف ِ
أكبل منها { َفلَمَّا َذا َقا ال َّش َج َر َة َبد ْ
اآلٌةٕٕ).
لم ٌتعقل بعض المفسرٌن قضٌة { ٌَ ْن ِز ُع َع ْن ُه َما لِ َبا َس ُه َما} (األعراؾ :من اآلٌة )ٕ5أنه فعبل مبلبسهما نزعت
منهماٌ ،خرج من الجنة وال ٌحمل حتى خٌطٌ ،خرج من ذلك النعٌم ،من الجنة فً الدنٌا هنا ولٌس جنة
اآلخرة ،جنة فً الدنٌا كانت قد أعدت لهما لٌقٌما فٌها ولٌؤكبل فٌها رؼدا من حٌث شاءا ـ كما قال هللا ـ،
ط ِردا من الجنة،وفٌها ما ٌحتاجون إلٌه ،فٌها مبلبسهما ،فٌها كل شًء ،حتى إذا أكبل من تلك الشجرة ُ
وخرجا إلى الحٌاة لٌسٌرا فً الحٌاة هذه فً الحصول على معٌشتهما على النحو الذي نحن نعمله :زراعة،
وحراثة ،وأعمال كثٌرة حتى ٌحصل على قوته ،ونزعت عنهما مبلبسهما ،حتى المبلبس ال تبقى لهما
ان َعلٌَ ِْه َما مِنْ َو َر ِق ْال َج َّن ِة} لٌسترا عورتٌهما ولو بالورق .ألٌست هذه أول معصٌة؟ تحدث { َو َط ِف َقا ٌَ ْخصِ َف ِ
نتٌجتها فً الدنٌا على من اقترفها أن ٌشقى ،وأن تنزع عنه حتى مبلبسه فٌخرج من الجنة ..فشقً فعبل،
وتعب فً الحٌاة ..هذه أول معصٌة.
وتكررت فً القرآن الكرٌم؛ ألن فٌها عبرة مهمة ،ودرسا مهما ،كذلك تكرر فً القرآن الكرٌم آٌات كثٌرة
من هذا النوع التً تبٌن :أن الناس ٌحصل لهم فً هذه الدنٌا عقوبات أعمالهم.
اء َو ْاألَ ْر ِ
ض َولَكِنْ َك َّذ ُبوا َفؤ َ َخ ْذ َنا ُه ْم ِب َما { َولَ ْو أَنَّ أَهْ ل َ ا ْلقُ َرى آ َم ُنوا َوا َّت َق ْوا لَ َف َت ْح َنا َعلَ ٌْ ِه ْم َب َر َكات مِنَ ال َّ
س َم ِ
َكا ُنوا ٌَ ْكسِ ُبونَ ( )66االعراف
وهكذا عمل أٌضا فً جانب الهداٌة ،فً جانب الترؼٌبَ { :و َل ْو أَنَّ أَهْ َل ْالقُ َرى آ َم ُنوا َوا َّت َق ْوا لَ َف َتحْ َنا َعلٌَ ِْه ْم
ض} (األعراؾ :من اآلٌة )9ٙألٌس كذلك؟ ماذا ٌعنً هذا؟ إٌمان وتقوى سٌكون َب َر َكات م َِن ال َّس َما ِء َو ْاألَرْ ِ
مما نناله فً هذه الدنٌا هو أشٌاء مما نحب ،أشٌاء مما نرؼب إلٌه؛ ألننا نحب العاجلة فستكون هناك
أرزاق مبسوطةٌ ،كون هناك رؼد من العٌش ،وهذا هو ما ٌهم كل إنسان :قضٌة العٌش ،المعٌشة {لَ َف َتحْ َنا
ُون} ض} ألٌس هذا وعدا من هللا؟ { َولَكِنْ َك َّذبُوا َفؤ َ َخ ْذ َنا ُه ْم ِب َما َكا ُنوا ٌَ ْكسِ ب َ َعلٌَ ِْه ْم َب َر َكات م َِن ال َّس َما ِء َو ْاألَرْ ِ
(األعراؾ :من اآلٌة )9ٙما معنى{ :أخذناهم}؟ أن ٌحدث نقص فً البركات .عبارة{ :أخذناهم} أخذ ،أي
أخذ كان :نقص فً البركات ،أو خزي فً الدنٌا ،أو ذلة ،أو ..كم أنواع العقوبات من جانب هللا كثٌرة
جداَ { .فؤ َ َخ ْذ َنا ُه ْم ِب َما َكا ُنوا ٌَ ْكسِ ب َ
ُون}.
ألسنا هنا فً الٌمن نسمع من قبل سنٌن ،كانت مٌاه األودٌة تتدفق فً كل مكان ،وكان الناس ال ٌرون
أنفسهم بحاجة إلى أن ٌحفروا خزانات ،األمطار كل أسبوع ،كل ثانً أسبوع ،كل شهر ،كل ثانً شهر،
وهكذا واألودٌة الماء ٌتدفق فٌها ،ال أحد ٌحتاج إلى أن ٌسقً.
ما الذي حصل اآلن؟ الماء كاد أن ٌختفً كاد أن ٌؽور ،حتى أمام أولبك الذٌن ٌحفرون مبات األمتار فً
عمق األرض ٌؽور الماء وٌختفً ما هذا؟ ما هذا؟ هل أن هناك أحواض؟ تحت صنعاء أو تحت صعدة
فٌها ماء ،اإلرتوازات تؤخذ منها تكاد أن تنتهً؟ هللا هو الذي جعل فً األرض ٌوم دحاهاٌ ،وم هٌؤها
للمعٌشة {أَ ْخ َر َج ِم ْن َها َما َء َها َو َمرْ َعا َها} (النازعات )ٖٔ:هو هو من قالَ { :فؤ َ َخ ْذ َنا ُه ْم ِب َما َكا ُنوا ٌَ ْكسِ ب َ
ُون}
ٙ9
أخذناهم بما كانوا ٌكسبون ،أخذناهم فً [صنعاء] ،أخذناهم فً [عدن] ،أخذناهم فً [تعز] ،أخذناهم فً
مناطق أخرى ،أخذناهم فً محافظات أخرى ،ألٌس هذا هو ما نشاهده؟.
{قُ ْل أَ َرأَ ٌْ ُت ْم إِنْ أَصْ َب َح َماإُ ُك ْم َؼ ْورا َف َمنْ ٌَؤْتٌِ ُك ْم ِب َماء َمعٌِن} (الملك )ٖٓ:وٌؤتً اآلخرون لٌحللوا لنا األشٌاء
سواء كانت صحٌحة أو ؼٌر صحٌحة تحلٌبلت ال تذكرنا بالعودة إلى هللا[ ،اقتصدوا فً استعمال الماء،
كاد الماء أن ٌنتهً ،اقتصدوا فً استخدام الماء].
فنفكر كٌؾ نقتصد فً استخدام الماء .بل الماء هو الذي اقتصد من تلقاء نفسه ،اقتصد هو من تلقاء نفسه،
لم نعد بحاجة إلى أن ننظم استهبلك استخدام المٌاه ،الماء هو الذي فرض علٌنا وضعٌة معٌنة فخفض من
مستوى األشجار التً نزرعها ،ومن مستوى المساحة التً نزرعها ،بل خفض من مستوى عدد
المزارعٌن أٌضا فالكثٌر منهم هجروا مزارعهم وؼادروا وتركوا المضخات وتركوا اآلبار ،وتركوا
األشجار حطاما.
{قُ ْل أَ َرأَ ٌْ ُت ْم إِنْ أَصْ َب َح َماإُ ُك ْم َؼ ْورا َف َمنْ ٌَؤْتٌِ ُك ْم ِب َماء َمعٌِن} هل أولبك الذٌن ٌتجهون لبناء سدود لنا هم من
سٌؤتون بماء معٌن؟ السدود على من تعتمد؟ ألٌست معتمدة على األمطار؟ واألمطار هً ممن؟ من الذي
ٌنزل من السماء ماء؟ هو هللا .إذا السدود نفسها ستلحق باطن األرض فً جفاؾ المٌاة ،فحٌنها ال من
باطن األرض وال من السماء { َفؤ َ َخ ْذ َنا ُه ْم ِب َما َكا ُنوا ٌَ ْكسِ ب َ
ُون} وكم كرر فً القرآن للناس أن ٌفهموا :أن
معاناتهم فً الدنٌا هً بسبب إعراضهم عن ذكر هللا.
لكن ال حكوماتنا تذكرنا بهذا ،وال كثٌر ممن ٌنطلقون إلرشادنا على منابرنا ٌذكروننا بهذا ،وٌرسمون لنا
كٌفٌة العودة إلى هللا ،أو متى ما انطلقوا لٌذكرونا بالعودة إلى هللا ،بحثوا عن األشٌاء السهلة وتركوا
القضاٌا المهمة التً هً وراء كل مصٌبة ،التً تقصٌرنا فٌها هً وراء كل مصٌبة نعانً منهاٌ ،وجهوننا
لؤلشٌاء البسٌطة التً ال تثٌر هذه السلطة وال تثٌر أولبك اآلخرٌن ،وال تكلؾ هذا ،وال تشق على هذا.
الربا إِنْ ُك ْن ُت ْم ُم ْإ ِمنٌِنَ َفإِنْ لَ ْم َت ْف َعلُوا َفؤْ َذ ُنوا ِب َح ْرب مِنَ َّ
هللاِ { ٌَا أٌَ َها الَّذٌِنَ آ َم ُنوا ا َّتقُوا َّ َ
هللا َو َذ ُروا َما َبق ًَِ مِنَ ِّ
سولِ ِه} (البقرة :من اآلٌة)256 َو َر ُ
ٌِن َفإِنْ لَ ْم َت ْف َعلُوا َفؤْ َذ ُنوا ٌقول هللا تعالىٌَ { :ا أَ ٌُّ َها الَّذ َ
ٌِن آ َم ُنوا ا َّت ُقوا َّ َ
هللا َو َذرُوا َما َبق ًَِ م َِن الرِّ با إِنْ ُك ْن ُت ْم م ُْإ ِمن َ
هللا َو َرسُولِ ِه} (البقرة :من اآلٌة )ٕ59ماذا ٌعنً هذا؟ عقوبة فً الدنٌا ألٌس كذلك؟ بل حرب هللا ِب َحرْ ب م َِن َّ ِ
سبحانه وتعالى سٌتجه إلى طرؾ ٌحارب عباده إذا لم ٌدعوا الربا ،إذا لم ٌذروا الربا.
ٌِن َفإِنْ لَ ْم َت ْف َعلُوا َفؤْ َذ ُنوا} بعباراتنا[ :الوجه من الوجه ابٌض ،إشعار،
{ َو َذرُوا َما َبق ًَِ م َِن الرِّ با إِنْ ُك ْن ُت ْم م ُْإ ِمن َ
نحٌطكم علما بؤننا سندخل فً حرب معكم] .وحرب هللا إذا ما دخل فً حرب مع الناس له جنود السماوات
واألرضٌ ،حاربك من كل جهة ،من حٌث تشعر ومن حٌث ال تشعرٌ ،حاربك فً نفسكٌ ،حاربك فً
داخل أسرتكٌ ،حاربك فً سٌارتكٌ ،حاربك فً عملكٌ ،حاربك فً مزرعتكٌ ،حاربك داخل مصنعك،
ٌحاربك فً كل شًء ،ألسنا نرى آثار الربا حتى فٌما ٌتعلق بالتصنٌع؟ ألم ٌهبط مستوى اإلنتاج ،مستوى
الجودة؟ هبطت مستوى الجودة فً اإلنتاج فؤصبح ما فً أسواقنا منتجات مما نسمٌها تقلٌد ،مما كان قد ال
ٌقبله اإلنسان قبل زمان وال بالمجان ،ؼابت المنتجات الجٌدة ،وتدنت مواصفات المصنوعات فً مختلؾ
المجاالت ،والؽبلء أصبح منتشرا فً الدنٌا كلها ،ؼبلء منتشر ،لم ٌفهموا ما هً أسبابه؟.
ٓ5
فً [الٌابان] نفسه التً هً من الدول المصنعة الكبرىٌ ،قال إن الؽبلء فً [طوكٌو] نفسها فً العاصمة
وصل ببعض البلدان الضعٌفة أو الصؽٌرة أنها لم تستطع أن تستؤجر ألنفسها سفارات داخل طوكٌو وإنما
خارج ،ؼبلء شدٌد فً كل بقعة فً العالم .وعندنا ألٌس هناك ؼبلء؟ وكل سنة ترتفع األسعار .لماذا؟ من
أٌن جاء هذا؟ والمعٌشة تتدنى ،ألم نر األشٌاء تصؽر؟ ألم تصؽر علب الحلٌب؟ تحول إلى قراطٌس
صؽٌرة ،علب الشامبو كثٌر من المنتجات صؽرت ،صؽرت ألٌس كذلك؟ والصابون بدأ فً قراطٌس
صؽٌرة وهكذا تصؽر ،تصؽر ....
كان الناس زمان ٌؤخذون أكٌاس البر ،من ٌؤخذ خمسة أكٌاس ،عشرة أكٌاس دفعة واحدة ،ألٌس كذلك؟ ثم
كٌسا واحدا رؼما عنا ،ثم نصؾ كٌس ،وكانوا ٌستحٌون من أن ٌؤخذوا نصؾ كٌس ألٌس كذلك قبل فترة؟
أصبح هو السابد نصؾ كٌس ،ثم نزل أٌضا فؤصبح ربع كٌس ،واآلن بدأ بٌع الدقٌق بالكٌلوٌ ،شتري كل
وجبة لحالها ألسنا فً حرب؟ ألن كل المنتجات ٌمول شراإها بؤموال مدنسة بالربا.
وكما ٌقال بؤنه :فً آخر الزمان ال تجد درهما حبلال .فالنقود التً فً جٌوبنا من أٌن تؤتً؟ من البنوك،
البنوك هً من تتعامل بالربا ،تتعامل فً الداخل وتتعامل فً الخارج بالربا ،كل ما نؤكل مصبوغ بالربا،
كل النقود التً فً جٌوبنا مصبوؼة بالربا كٌؾ نعمل؟ ماذا نعمل؟.
تؤملوا جٌدا لنرى الحرب التً ٌشنها هللا على الناس؛ ألنهم استساؼوا الربا ،المسلمون أنفسهم استساؼوا
الربا ،وهذا من آثار عمل الٌهود ،الٌهود بخبثهم ،الٌهود هم المعروفون بالربا من مبات السنٌن ،لكن
ون أَنْ ٌِن أُو ُتوا َنصِ ٌبا م َِن ْال ِك َتا ِ
ب ٌَ ْش َتر َ
ُون الضَّبللَ َة َوٌ ُِرٌ ُد َ بطرٌقتهم الخبٌثة باإلضبلل{ :أَلَ ْم َت َر إِلَى الَّذ َ
َتضِ لُّوا الس َِّبٌ َل} (النساء )ٗٗ:لكن هكذا بطرٌقتهم الخبٌثة حتى ٌصبح الربا مستساؼا فً أوساط المسلمٌن،
ومستساؼا فً التعامل بٌن تجار المسلمٌن وفً بنوك أموال المسلمٌن ،وٌصبح طبٌعٌا وال حتى االستنكار
الكثٌر من جانب علمابنا ،من جانبنا كطبلب علم أٌضا ،لم ٌعد هناك قضٌة تدفعنا على االهتمام أن
نستنكرها ،والربا شدٌد جدا ،الربا من أكبر الجرابم.
أولٌس شٌبا ً مرتبطا ً بالجانب االقتصادي؟ هذا مما ٌإكد أن اإلسلم ٌهتم جداً فٌما ٌتعلق بالمسلمٌن
بالجانب االقتصادي لعباد هللا ،بالجانب االقتصادي للمسلمٌن.
الربا أضراره كثٌرة جدا ،فً واقع الحٌاة بالنسبة للمسلمٌن ٌإدي إلى تفكٌك العبلقات فٌما بٌنهم.
الفرق بٌن النظام االقتصادي االسلمً و النظام االقتصادي الغربً
جاء اإلسبلم لٌقضً على الربا ،وٌضع بدال عنه أجرا عظٌما على القرض ،القرض المشروع الذي لست
ملزما فٌه بؤن تدفع فوابد إضافٌة .رأس المال ترده ،أقرضك مابة ألؾ تعٌد إلٌه مابة ألؾ ،فجعل القرض
بمثابة صدقة كل ٌوم إلى أجله المحدد ،ثم إذا أضفت أجبل لصاحبك باعتباره معسرا ٌعتبر بمثابة صدقتٌن
فً الٌوم الواحد عن كل ٌوم.
القرض جعل هللا علٌه أجرا كبٌرا لٌنطلق المإمن لمساعدة أخٌه ،إلعطابه رأس مال لٌستطٌع أن ٌتحرك
فٌتجر أو ٌزرع ،وهو ٌرى نفسه لٌس ملزما بؤكثر من رأس المال.
ٔ5
الفوابد تكفل هللا بها هو للمقرضٌن ،لكن الربا قد ترى الفابدة نسبة بسٌطة ٘ %أو ٘ %ٕ.أو حتى ٔ%
فإذا بك ترى نفسك بعد سنٌن قد تصبح الفوابد نفسها أكثر من المبلػ ،وترى نفسك مرهقا وأنت تعمل على
أن تتخلص من الفوابد اإلضافٌة ،أما رأس المال فهو ذاك ما ٌزال قابما وما ٌزال ٌنتج ما ٌزال ٌحملك
إضافات كل سنة ،كل سنة.
من الذي سٌحمل ودا أو ٌرى جمٌبل لذلك الشخص أو لذلك البنك الذي أقرضه على هذا النحو؟ من هو؟
ألست ستلعنه ،وترى نفسك فً حالة أنه أرهقك بهذا التعامل لكن ذلك الذي ٌقرضك قرضا حسنا ،قرضا ال
ربا فٌه سترى له الجمٌل ،وترعى له الجمٌل ،وتقدر له ما عمل وترتبط به ،فٌكون ذلك من أهم الروابط
فٌما بٌن المسلمٌن وهم ٌعطفون على بعضهم بعض ،أما الربا فإنه هو الذي ٌحطم العبلقات فٌما بٌن
المسلمٌن ناهٌك عما ٌإدي إلٌه من تكدٌس األموال فً فبة محدودة كما هو ظاهر ،وتكدٌس األموال فً
فبة محدودة وهً هً من تستطٌع أن تتؽلب على كل شًء ،ثم تتحكم فً الموقؾ والقرار السٌاسً لؤلمة.
الربا شدٌد حتى ورد فً الحدٌث ((لدرهم من ربا أعظم عند هللا من خمسة وثبلثٌن زنٌة ،أهونها أن تزنً
بؤمك عند الكعبة)) درهم واحد من ربا ،لماذا؟ ألن الجانب االقتصادي بالنسبة للمسلمٌن مهم فً أن
ٌستطٌعوا أن ٌقفوا فً مواجهة أعدابهم ،فً أن ٌستطٌعوا أن ٌقوموا بواجبهم وبمسبولٌتهم أمام هللا من
العمل على إعبلء كلمته ونصر دٌنه ،ونشر دٌنه فً األرض كلها.
اإلنسان إذا كانت معٌشته صعبة ،المجتمع إذا كانت معٌشته قلقة ٌكاد هذا هو ما ٌصرفه حتى أن ٌرجع هو
نفسٌا إلى هللا ،منشؽل بكٌؾ ٌوفر ألهله القوت ،كٌؾ ٌوفر ألسرته حاجٌاتهم ،وال ٌفكر بؤن ٌستمع إلى
مواعظ إلى أن ٌهتدي إلى أن ٌحضر إلى مجلس علم ،أو ٌحضر إلى مدرسة ٌستفٌد منها .بل تؤتً لتعظه
وذهنه مشؽول ،ذهنه مشؽول ،تؤتً األمة فً زمن كزماننا هذا فترى أعداءها ٌهددونها وترى الضربات
داخلها هنا وهناك ثم ننظر إلى أنفسنا فإذا بنا ال نستطٌع أن نقؾ على أقدامنا ،الجانب االقتصادي لنا
منهار.
ألهمٌة المال فً بناء األمة ،وفً أن تنطلق األمة فً مواجهة أعدابها وأن تنطلق األمة فً القٌام
بمسبولٌتها ،وألثر الربا السًء فٌما ٌتعلق بهذا الجانب هللا قال :إنه سٌحارب .ألٌس هذا أقصى ما
ٌمكنك أن تصل إلٌه مع الطرف اآلخر الذي بٌنك وبٌنه خلف حول قضٌة ما؟ [إما أن تترك وإال فالوجه
ابٌض] ألٌست هذه العبارة هً آخر شًء؟ ٌدل على أن هذا الشًء مهم لدٌك .هذه القضٌة ال أتسامح
فٌها أبداً .هل ٌسمعها أصحاب البنوك؟ هل ٌسمعها التجار؟ هل ٌسمعها الناس جمٌعاً؟ هل ٌرون آثارها
فً أنفسهم وفً الحٌاة؟ آثار الحرب اإللهٌة؟ نحن نرى آثار الحرب اإللهٌة فً كل شًء.
{ َفؤْ َذ ُنوا} إٌذان أي :إعبلم { ِب َحرْ ب م َِن َّ ِ
هللا َو َرسُولِ ِه} ألٌست المعٌشة كل عام تكون أصعب؟ والبركات كل
عام أقل؟ والنفوس كل عام أشد تباٌنا؟ والقلوب أشد اكتظاما وأشد ضٌقا؟ الصدور تضٌق ،النفوس تتباٌن،
الحب] هذا نفسه الذي ال نحصل علٌه إال من الخارج نرى أنفسنا المعٌشة تشتد ،والمنتجات تتدنى ،و [ َ
نرى الكثٌر ال ٌستطٌع أن ٌشتري إال نصؾ كٌس ،و هو كل ما ٌملك داخل البٌت ،هل هناك احتٌاط من
الحبوب داخل البٌوت؟ ال .بل وال كٌس واحد ،نصؾ كٌس دقٌق ،ثم ربع كٌس ثم سٌصل الناس إلى
الكٌلو ،وقد بدأ البٌع بالكٌلو للدقٌق.
ٕ5
ثم أٌن البدابل؟ هل هناك فً أموالنا ،هل هناك من محافظات أخرى داخل ببلدنا منتجات أخرى؟ نحن
أصبحنا نحارب حتى فً قوتنا ..من الذي أوصلنا إلى هذا؟ هم المرابون الذٌن ثقفهم الٌهود والذٌن
استساؼوا الربا على أٌدي الٌهود .ونحن قلنا أكثر من مرة أنه هكذا ٌعمل الٌهود ٌضلونا من حٌث ال
نشعرٌ ،ضربوننا من حٌث ال نشعرٌ ،فسدوننا من حٌث ال نشعرٌ ،دوسوننا بؤقدامهم ونحن ال نحس
بشًء .هذا هو ما ٌحصل.
كٌؾ لو بعث رسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى آله) من جدٌد إلى هذه الحٌاة ورأى أمته هذه المنتشرة
فً متخلؾ بقاع العالم تؤكل ربا وتتعامل بالربا ..كٌؾ سٌكون شعوره أمام هذه األمة؟ سٌنظر هل ربما
أن القرآن ؼٌر موجود ،ربما هم لم ٌطلعوا على آٌة كهذه ،ثم ٌرى أن القرآن أٌضا ما ٌزال داخل بٌوت
أعضاء المجالس اإلدارٌة للبنوك ،أو مجموعة من التجار أصحاب بنك ٌتعاملون بالربا ،المصاحؾ داخل
بٌوتهم وهم من ٌبنون أٌضا حجرات خاصة للصبلة فً بعض البنوك ،وفٌها مجموعة من المصاحؾ
داخل مبنى البنك! ٌحصل هذا فً بعض البنوك.
ٌِن َفإِنْ لَ ْم َت ْف َعلُوا َفؤْ َذ ُنوا أٌن نحن من آٌةٌَ { :ا أَ ٌُّ َها الَّذ َ
ٌِن آ َم ُنوا ا َّتقُوا َّ َ
هللا َو َذرُوا َما َبق ًَِ م َِن الرِّ با إِنْ ُك ْن ُت ْم م ُْإ ِمن َ
ُون} (البقرة )ٕ59:وقد أصبح ُون َوال ُت ْظ َلم َ هللا َو َرسُولِ ِه َوإِنْ ُت ْب ُت ْم َفلَ ُك ْم ُرإُ وسُ أَمْ َوالِ ُك ْم ال َت ْظلِم َ
ِب َحرْ ب م َِن َّ ِ
الربا عندنا مستساؼا .وأصبح شٌبا مؤلوفا لدٌنا ..هذا هو التروٌض من قبل الٌهود الذٌن ٌروضوننا شٌبا،
فشٌبا ،فشٌبا إلى أن ٌصبح كل فساد من جانبهم مستساؼاٌ ،ضربونا ضربة بعد ضربة ،صؽٌرة ،ثم أكبر
منها ثم أكبر ثم أكبر حتى تصبح الضربة القوٌة مقبولة ومستساؼة ،خبثهم شدٌد.
ومن هنا نعرؾ :كٌؾ أن اقتراؾ األمة لمعصٌة من هذا القبٌل كالربا أن األمة ستنال عقوبة من هللا على
ارتكابها ،هذا هو وعٌد وجانب من الوعٌد فً الدنٌا.
ب َو َت ْكفُ ُرونَ ِب َب ْعض َف َما َج َزا ُء َمنْ ٌَ ْف َعل ُ َذلِ َك ِم ْن ُك ْم إِ َّال خ ِْزي فًِ ا ْل َح ٌَا ِة الد ْن ٌَا َو ٌَ ْو َم {أَ َف ُت ْإ ِم ُنونَ ِب َب ْع ِ
ض ا ْل ِك َتا ِ
هللا ُ ِب َغافِل َع َّما َت ْع َملُونَ } (البقرة :من اآلٌة)55 ب َو َما َّ ا ْلقِ ٌَا َم ِة ٌُ َردونَ إِلَى أَ َ
ش ِّد ا ْل َع َذا ِ
ٖ5
ِك ِم ْن ُك ْم} (البقرة :من اآلٌةٌ٘ )8إمن ببعض من الكتاب وٌكفر ببعض ،كما نحن { َف َما َج َزا ُء َمنْ ٌَ ْف َع ُل َذل َ
المسلمون فً واقعنا علٌه ،نؤخذ الصبلة من الكتاب ونترك الجهاد! نؤخذ الحج ونترك وحدة الكلمة! نؤخذ
جزءا بسٌطا من داخل القرآن الكرٌم ونترك الجزء األكبر! بل المجتهد هو همه من داخل القرآن خمسمابة
ض ْال ِك َتا ِ
ب آٌة على أكثر تقدٌر وٌترك اآلالؾ من اآلٌات األخرى لمجرد التعبد بتبلوتها!{ .أَ َف ُت ْإ ِم ُن َ
ون ِب َبعْ ِ
ك ِم ْن ُك ْم إِ َّال خ ِْزي فًِ ْال َح ٌَا ِة ال ُّد ْن ٌَا} (البقرة :من اآلٌة٘.)8
ُون ِب َبعْ ض َف َما َج َزا ُء َمنْ ٌَ ْف َع ُل َذلِ َ َو َت ْكفُر َ
ما معنى الكفر ببعض؟ وما نتٌجته ؟
حسنا كٌؾ هو الكفر ببعض؟ هل أن أهل الكتاب ٌقولون :إن نصؾ التوراة من هللا ،ونصفه اآلخر لٌس
منه؟ ال ٌ ..قولون :هً كلها من هللا .ألٌس كذلك؟ نحن نقول أٌضا :القرآن كله من هللا ،ونحن فً واقعنا
نإمن ببعض ونكفر ببعض ..ماذا ٌعنً كفرنا بالبعض اآلخر؟ إنه رفضنا ،رفضنا له ،ابتعادنا عن
تطبٌقه ،نسٌاننا حتى عن تصنٌفنا له بؤنه جزء من دٌننا ،وأن علٌه تتوقؾ نجاتنا ..هكذا نصبح فً واقعنا
كافرٌن ببعض وإن لم نكن ننكر أن هذا البعض هو من هللا.
هللا َو َرسُولِ ِه} هً من هللا؟ هل أحد ٌنكرها؟ من الذي ٌنكر أن هذه اآلٌةَ { :فإِنْ لَ ْم َت ْف َعلُوا َفؤْ َذ ُنوا ِب َحرْ ب م َِن َّ ِ
حتى وال المرابون أنفسهم ال ٌنكرونها ،لكن ألٌسوا عندما ٌنطلقون فً التعامل بالربا كافرٌن ببعض
الكتاب :رافضٌن ،والرفض هو :كفر ،هكذا ٌقول عن العقوبة فً الدنٌاَ { :ف َما َج َزا ُء َمنْ ٌَ ْف َع ُل َذ ِل َ
ك ِم ْن ُك ْم إِ َّال
خ ِْزي فًِ ْال َح ٌَا ِة ال ُّد ْن ٌَا}.
الخزي هل هو سهل؟ الخزي ٌجب أن ٌزعجنا كلمة{ :خزي} ٌجب أن ٌنزعج اإلنسان إذا ما سمع كلمة
خزي فً الدنٌا ،أولٌس الناس قد ٌقاتل بعضهم بعض؛ ألن ذلك الشخص جاء على لسانه كلمة تمس
عرضه ،أو ٌكون الكبلم الذي قاله فٌه أو نسبه إلٌه ٌعنً أن ٌنسب إلٌه مما ٌجعله ٌخزى فٌنفعل وٌؽضب
وٌقاتل.
الخزي شدٌد ..أولٌس واقع هذه األمة هو واقع خزي؟ من أٌن جاء هذا الخزي؟ هكذا؛ ألنه حصل إٌمان
ببعض الكتاب وكفر ببعض ،والبعض الذي كفروا به ،أو أصبحت األمة فً واقعها كافرة به هو الجزء
المهم واألكثر أهمٌة ..
ألٌست المساجد قد ملبت الدنٌا؟ مساجد والمصلون ٌملبونها أفواجا ،حتى المرابون ٌصلون أٌضا؟ نحن
نصلً ونبنً مساجد ونحن نطبع القرآن الكرٌم ،ونعمل أعماال أخرى لكن هناك أعماال نتركها هً المهمة
وهً المهمة التً ال تقبل الصبلة إال بها وال تعطً الصبلة ثمرتها إال معها وبالتوجه إلى أدابها .فالخزي
الذي األمة فٌه ٌعنً ذلك أنه كان بسبب كفرهم ببعض الكتاب الذي تمثل بصورة رفض ألشٌاء مهمة
جاءت فً هذا القرآن لم نتجه إلٌها.
إذا فلٌس الخزي هو من الطبٌعة التً جبلت علٌها الدنٌا من ٌوم خلقها هللا ،وإنما بسبب ما ٌحصل من
جانبنا نحن من تقصٌر فً أداء جوانب مهمة من هدي هللا ،ورفضنا فً عملنا وفً واقعنا للعمل بؤشٌاء
كثٌرة مما تضمنتها آٌات هللا فً كتابه.
ٗ5
فإذا ما قٌمنا وضعٌتنا فوجدنا أن وضعٌة األمة هً فً حالة خزي ..من الذي ٌستطٌع أن ٌقول أن األمة
لٌست فً حالة خزي؟ اسمع التلفزٌون سترى كٌؾ مواقؾ الخزي ،كٌؾ الكلمات المخزٌة تنطلق من
الكبار ،وكٌؾ الوقوؾ المخزي ٌحصل ممن ٌجب علٌهم أن ٌتحركوا فً أوساط األمة؛ إلنقاذها ،ولتبٌٌن
كتاب هللا لها انظر كٌؾ هً المواقؾ المخزٌة لؤلمة بشكل عام أمام التهدٌدات التً تؤتً من قبل أعدابها،
انظر كٌؾ السكوت المخزي أمام ما ٌحدث من ضربات فً كل جوانبها ،وداخل كل بقعة ،انظر كٌؾ
الحٌاة المخزٌة أن ٌصبح عٌشنا تحت رحمة أعدابنا ،وقوتنا من تحت أٌدي أعدابنا ..ألٌس هذا خزٌا؟.
فهمنا الصحٌح لوضعٌة الخزي التً نحن فٌها سٌدفعنا ذلك إلى أن نصحح وضعٌتنا
إذا فهمنا أننا فً حالة خزي ،وفهمنا أن الخزي إنما ٌؤتً إذا ما انطلقنا نحن على هذا النحو :نإمن ببعض
الكتاب ونكفر ببعض ،حٌنها سٌكون فهمنا لواقعنا وفهمنا بؤن هذه نتٌجة لتقصٌرنا سٌدفعنا ذلك إلى أن
نصحح وضعٌتنا ونرجع إلى هللا رجوعا عملٌا صحٌحا ،لكن إذا فهمنا أن هكذا الدنٌا ،وأن علٌنا أن نصبر
وإن كنا نعرؾ أن هذا خزي ،هذا حال الدنٌا والمسلمون هكذا ٌكونون مستضعفٌن ،وإذا قلنا نحن أهل
الحق وجدنا أنفسنا مستضعفٌن أكثر قالوا هذا هو الدلٌل على أننا على حق ،أن أهل الحق هم ٌكونون عادة
مستضعفٌن أكثر ،ومساكٌن ،وأذالء ،ومقهورٌن!! إذا فٌصبح الخزي عبلمة أنك محق ..ألٌس كذلك؟ كلما
كنت فً خزي أكبر كلما كان ذلك ٌعنً :أنك على الحق أكثر وأكثر!.
ُون ِب َبعْ ض َف َما َج َزا ُء َمنْ ٌَ ْف َع ُل َذلِ َ
ك ِم ْن ُك ْم إِ َّال ض ْال ِك َتا ِ
ب َو َت ْكفُر َ لكنا هنا القرآن الكرٌم ٌقول{ :أَ َف ُت ْإ ِم ُن َ
ون ِب َبعْ ِ
خ ِْزي فًِ ْال َح ٌَا ِة ال ُّد ْن ٌَا} ثم ٌؤتً الربط الذي تراه كثٌرا فً القرآن الكرٌم بٌن الحالتٌن ،ال تتوقع بعد الخزي
فً الدنٌا رفعة فً اآلخرة ،توقع بعد الخزي فً الدنٌا عذابا عظٌما فً اآلخرة نعوذ باِّل {خ ِْزي فًِ ْال َح ٌَا ِة
ون} (البقرة :من اآلٌة٘ )8هكذا ٌجب أن ب َو َما َّ
هللا ُ ِب َؽافِل َعمَّا َتعْ َمل ُ َ ون إِلَى أَ َش ِّد ْال َع َذا ِ
ال ُّد ْن ٌَا َو ٌَ ْو َم ْال ِق ٌَا َم ِة ٌ َُر ُّد َ
نفهم ،وهكذا نرد على من ٌنطلق لٌعلمنا :أن هكذا الحٌاة خزي وراءه رفعة فً اآلخرة ،ؼٌر صحٌح.
القرآن فً أكثر من آٌة ٌربط على هذا النحو.
٘5
َّ ٌَا َق ْو ِم ادْ ُخلُوا ْاألَ ْر َ
س َة الَّتًِ َك َت َب هللاُ لَ ُك ْم َوال َت ْر َتدوا َعلَى أَدْ َب ِ
ار ُك ْم َف َت ْن َقلِ ُبوا ض ا ْل ُم َقدَّ َ
َخاسِ ِرٌنَ
وقفة مع بنً إسرابٌل
دروس مهمة و عبر كثٌرة
55
من أطرؾ الناس ،لم ٌذكر أنهما كانا من المؤل ،كما ٌقول عن المؤل من كبار الناس ،أو من أعٌان الناس أو
من نقباء بنً إسرابٌل رجلٌن لكن رجلٌن فاهمٌن ،أنعم هللا علٌهما باإلٌمان أنعم علٌهما بالهدى.
هللا كؤنه ٌقول لنا :لو أنهم نفذوا كبلم هذٌن الرجلٌن لما تاهوا أربعٌن سنة .ألم ٌتٌهوا أربعٌن سنة عندما
امتنعوا عن تنفٌذ طلب نبً هللا موسى أن ٌدخلوا وعن الدخول بعد وضع الخطة من قبل الرجلٌن ،فتاهوا
أربعٌن سنة؟ وكؤن هذا ٌقول للكثٌر من الناس الذٌن ٌقولون[ :سننتظر للعلماء جمٌعا أن ٌقولوا أو ننتظر
زعماء العرب جمٌعا حتى ٌتحركوا ،أو المشاٌخ جمٌعا حتى ٌقولوا] انظر إلى أي رجل أو رجلٌن ٌقوال
كبلما صحٌحا ٌإدي إلى موقؾ صحٌح وتؤكد بؤنه مطلب من هللا كما كان هنا كبلم الرجلٌن مطلب ِّل من
بنً إسرابٌل أن ٌسٌروا علٌه وإال لما سطره فً كتابه مع كبلم نبٌه موسى.
وهذه قضٌة مهمة؛ ألن الكثٌر قد ٌدخل فً نفسه رٌب وشك عندما نواجه أمرٌكا فٌقول لكن هناك مجامٌع
من العلماء ال ٌتكلمون بهذا ....هل كان هذان الرجبلن ـ اللذان حكى هللا عنهما من بنً إسرابٌل ـ هل كانا
قمة بنً إسرابٌل؟ أو أن هناك الباقً الكثٌر ممن هم رافضون وممن هم ساكتون ألم ٌكن فً بنً إسرابٌل
علماء؟ على أقل تقدٌر ممن ٌسمعون موسى وهو ٌتكلم وهو ٌرشد وهو ٌوجه فٌعلمون ما ٌقول ..ألم ٌكن
فٌهم علماء ووجهاء؟ لكنهم كانوا ساكتٌن أو كان موقفهم كموقؾ اآلخرٌن {لَنْ َن ْد ُخلَ َها أَ َبدا َما َدامُوا فٌِ َها}.
هل كان مقامهم بالشكل الذي لم ٌلحظه هللا؟ فٌقول[ :ما دام قد جلس أعٌان بنً إسرابٌل وسكتوا أو كان
هذا هو رأٌهم فما قٌمة كبلم الرجلٌن ،ال شًء] .ال ..اعت َّد بكبلم الرجلٌن وجعل له قٌمته ،وجعله كبلما
عظٌما ،وجعل أولبك ال شًء ،الذٌن قعدوا من علمابهم من وجهابهم ،من عبادهم ،رجلٌن فقط والباقً
ك َف َقاتِبل ماذا؟ إما أن ٌكونوا ساكتٌن أو ٌكونوا ممن ٌقولون{ :لَنْ َن ْد ُخلَ َها أَ َبدا َما َدامُوا فٌِ َها َف ْاذ َهبْ أَ ْن َ
ت َو َر ُّب َ
ون}؛ لنعرف أنه فً كل زمان هل سٌكون هللا مع أولبك الذٌن ٌسكتون من علماء وعباد إِ َّنا َها ُه َنا َقاعِ ُد َ
ووجهاء وزعماء؟ أو أنه سٌكون مع رجل أو رجلٌن من هنا ،أو هناك ٌنطلقون لٌضعوا خططا ً عملٌة
لؤلمة تسٌر علٌها ،وخططا ً لتوعٌة األمة وإلرشاد األمة.
أنت عندما تقول[ :لو كان هذا عمبل صحٌحا لكان العلماء فً المقدمة] أنت فً ذهنٌتك تتصور وكؤن هللا
هو مع المجامٌع األخرى الجالسة والساكتة ألٌس كذلك؟ تتخٌل وكؤنه هو مع أولبك ،وهذا الذي ٌتحرك هو
شاذ هناك.
رجبلن هللا كان معهما وأثنى علٌهما ،وجعل الخطة التً قالوها خطة حكٌمة مطلوبة من بنً إسرابٌل ولم
ٌعتد بالعلماء ،وال باألعٌان ،وال بالعباد ،وال بالوجهاء اآلخرٌن من بنً إسرابٌل ..هل اعتد بهم؟ ال ..بل
ك تاهوا كما تاه اآلخرون ،وتحملوا أوزار قعودهم وسكوتهم ،سواء كانوا هم ممن قالَ { :ف ْاذ َهبْ أَ ْن َ
ت َو َر ُّب َ
َف َقاتِبل إِ َّنا َها ُه َنا َقاعِ ُد َ
ون} الكلمة القبٌحة هذه ..أو قالها آخرون فمشت.
إذا ما جاءت كلمة سٌبة من أطراؾ الناس وسكت أولبك الذٌن ٌجب علٌهم أن ٌقفوا ضدها فكؤنها هً كلمة
تعبر عن موقؾ المجتمع كله؛ ألنه هاهنا قال ٌحكً عن بنً إسرابٌل {قالوا} قالوا ..وكم تحت [الواو] فً
كلمة {قالوا} تفهم وكؤنه ما عدا الرجلٌن.
{ َقالُوا ٌَا مُو َسى إِ َّنا َلنْ َن ْد ُخلَ َها أَ َبدا َما َدامُوا فٌِ َها} فهل تتوقع بؤن الذٌن قالوا هذه العبارة هم من علماء بنً
إسرابٌل وعباد بنً إسرابٌل ،قد ال ٌكون البعض ممن قال هذه العبارة ،قد ٌتحاشى عالم من علمابهم ،أو
58
عابد من عبادهم أن ٌقول هذه العبارة ،لكنها قٌلت ونحن علماء وعباد ووجهاء وأعٌان سكتنا ،فكانت هً
الموقؾ الذي ٌعبر عن الجمٌع.
ففً هذه النقطة عبرة لنا نحن ..ال ننتظر للعلماء أن ٌتحركوا كلهم ،ال ننتظر للزعماء أن ٌتحركوا كلهم،
ال ننتظر للمشاٌخ أن ٌتحركوا كلهم ،ال ننتظر لؤلمة أن تتحرك كلها ،تحرك بحركة رجل أو رجلٌن ٌقؾ
مواقؾ صحٌحة وستلمس أنت أن ذلك موقفا صحٌحا ،وأقل ما ٌمكن أن تلمسه :أن هذا الموقؾ له
جدوابٌته وٌنفع فٌكفً هذا .شًء أفضل من الشًء ألٌس كذلك؟.
ج .البعض ٌقول سنتحرك فً سبٌل هللا و لكن هذا فٌه خطورة علٌنا
ثم إذا ما عرفنا بؤنه ٌقال :إن عمبل كهذا خطٌر ،إذا فاعرؾ أنه عمل خطٌر أٌضا ٌعنً :عظٌم له قٌمته.
إذا قٌل لك بؤن هذا عمل خطٌر علٌكم ،ماذا ٌعنً هذا؟ ألٌس ذلك ٌعنً :أن عملك له قٌمته وله أثره البالػ
على أعداء هللا؟ إذا هو ما ترٌده .أو أننا نرٌد أن نبحث عن أعمال ال تضر باآلخرٌن! .هل هذا معقول؟
كٌؾ بإمكانك أن تقؾ فً مواجهة أعداء هللا وبؤعمال ال تكون خطٌرة وال تضر بآخرٌن! ما هو العمل
هذا؟ ربما النوم ،النوم هو لن ٌضر باآلخرٌن لكن سٌضر بك ..ألٌس كذلك؟
إذا ما انطلقنا فً عمل معٌن ،فقٌل لنا :هذا عمل خطٌر ،فجلسنا ،انطلقنا فً عمل آخر ،فقٌل :هذا خطٌر،
جلسنا ،أي أننا نرٌد أن نبحث عن عمل نقؾ معه ضد أعداء هللا لكن ال نرٌد أن ٌكون خطٌرا علٌنا ،فإذا
لم ٌكن خطٌرا علٌنا ٌعنً أنه لٌس شدٌد النكاٌة بؤعداء هللا ..ألٌس كذلك؟
البعض ٌرٌد جهاد من نوع لٌن ،أو جهاد انتساب كبعض طلب الجامعةٌ ،درس فً الجامعة عن بعد.
متى ما قٌل لك :عملك هذا خطٌر فإنه شهادة أن عملك هذا مإثر ضد أعداء هللا.
فإذا كنت مجاهداً وٌهمك أن تبحث عن األعمال التً ترضً هللا ،والتً تكون مإثرة ضد أعداء هللا فإنه
متى ما قٌل لك :إن عملك هذا خطٌر ،فهو شهادة أنك على النهج الصحٌح فً مواجهة أعداء هللا ،وهو
شاهد أٌضا على أن علٌك أن تبحث أكثر وأكثر عن ما ٌشكل أكثر خطورة علٌهم ،وإن كان أٌضا أكثر
خطورة علٌك؛ ألنه أحٌانا ـ وهذا هو ما نجهله جمٌعا ـ ننظر إلى الخطورة التً تحدث من وراء ذلك
العمل من جانب اآلخرٌن ،ولكننا ال ننظر إلى خطورة القعود وما توعد هللا على القعود وعلى السكوت من
عقوبات أقلها الخزي فً الدنٌا والعذاب فً اآلخرة ،ال نخاؾ من ذلك ألٌست هذه هً الخطورة البالؽة
التً ٌجب أن نخافها؟ ألٌس هذا هو الخطر الحقٌقً الذي ٌجب أن نخافه؟ فحٌنبذ قارن بٌن سكوتك وبٌن
عملك أٌهما سٌكون أخطر علٌك من جانب من؟ الخطورة من جانبه أشد والعقوبة من جانبه أعظم وهو
هللا .هل سكوتً أو انطلقً فً العمل أٌهما أخطر علً؟ من جانب هللا سبحانه وتعالى؟ ستجد أن
السكوت هو الذي ٌشكل خطرا عظٌما علٌك.
نظرة خاطبة ،نظرة ال تلتفت إلى جانب الوعٌد ال فً الدنٌا وال فً اآلخرة ،متى ما انطلق الناس فً عمل
فقٌل لهم :هذا خطٌر ،اتجهت أذهانهم وأنظارهم إلى ذلك الخطر المحتمل من جانب جهة داخلٌة ،أو
خارجٌة وجعلوه كل شًء وارتعدت فرابصهم ،واضطربت قلوبهم.
59
اس َمنْ ٌَقُو ُل آ َم َّنا ِب َّ ِ
اِّل} إذا كان الناس على هذا النحو فسٌكونون هم ممن قال هللا عنهمَ { :وم َِن ال َّن ِ
ب َّ ِ
هللا} اس َك َع َذا ِ ِي فًِ َّ ِ
هللا َج َع َل ِف ْت َن َة ال َّن ِ (العنكبوت :من اآلٌةٓٔ) {آمنا} لكن إذا الدنٌا سبلمات { َفإِ َذا أُوذ َ
(العنكبوت :من اآلٌةٓٔ) وجعلها نكاال لما بٌن ٌدٌها وما خلفها ،ثم ال ٌعد ٌرفع له رأسا ،وال ٌعد ٌرفع له
ٌدا وال تنطلق من فمه كلمة[ .ألم نقل لكم أن هذا عمل خطٌر ،ألم نقل لكم اتركوا هذا العمل ..ما
رضٌتم؟] ألٌس هكذا ٌقول الناس؟.
ٓ8
معرفة هللا ...وعده و وعٌده
ٔ8
جهنم
مكان تنعدم فٌه الرحمة
فً دعاء االمام زٌن العابدٌن علً بن الحسٌن (سبلم هللا علٌه) وهو ٌستعٌذ باِّل من نار جهنم ،فً دعاء
ٌصؾ فٌه نار جهنم ،وٌعلمنا كٌؾ نستعٌذ نحن باِّل من نار جهنم.
َؾ َعنْصد َ ت ِب َها َمنْ َ كَ ،و َت َوع َّْد َ صا َت ِب َها َعلَى َمنْ َع َ ك َمنْ َنار َت َؽلَّ ْظ َ قال علٌه السبلم(( :اللَ ُه َّم إ ِّنً أَع ُ
ُوذ ِب َ
ض َها ض َها َبعْ ضَ ،و ٌَصُو ُل َبعْ ُ ظ ْل َمة َو َه ٌِّ ُن َها أَلٌِمَ ،و َبعٌِ ُد َها َق ِرٌبَ ،ومِنْ َنار ٌَؤْ ُك ُل َبعْ َ كَ ،ومِنْ َنار نو ُر َها ُ ضا َ ِر َ
ضرَّ َع إلَ ٌْ َهاَ ،والَ َعلَى َبعْ ضَ ،ومِنْ َنار َت َذ ُر ْال ِع َظا َم َرمٌِماَ ،و َتسْ قًِ أَهْ لَ َها َحمٌِماَ ،ومِنْ َنار الَ ُت ْبقًِ َعلَى َمنْ َت َ
َترْ َح ُم َم ِن اسْ َتعْ َط َف َهاَ ،والَ َت ْق ِد ُر َعلَى ال َّت ْخفٌِؾِ َعمَّنْ َخ َش َع لَ َها َواسْ َتسْ لَ َم إلَ ٌْ َهاَ ،ت ْل َقى ُس َّكا َن َها ِبؤ َ َحرِّ َما لَ َد ٌْ َها مِنْ
ار ِب َها ْال َفاؼِ َر ِة أَ ْف َوا َه َهاَ ،و َحٌّا ِت َها الصَّالِ َق ِة ِبؤ َ ْن ٌَ ِاب َهاَ ،و َش َر ِاب َها الَّذِي ك مِنْ َع َق ِ
الَ ،وأَع ُ
ُوذ ب َ ال َو َشدٌِ ِد ْال َو َب ِ أَلٌِ ِْم ال َّن َك ِ
ك ِل َما با َع َد ِم ْن َها َوأَ َّخ َر َع ْن َها)). ٌُ َق ِّط ُع أَمْ َعا َء َوأَ ْف ِب َد َة ُس َّكا ِن َهاَ ،و ٌَ ْن ِز ُع قُلُو َب ُه ْمَ ،وأَسْ َت ْه ِد ٌْ َ
جهنم كما وصفها هللا سبحانه وتعالى فً القرآن الكرٌم فً آٌات كثٌرة هً أشد من أي عذاب ٌتوعدنا به
أي أحد من الجن أو اإلنس ،هً نار كما قال علٌه السبلم(( :تؽلظ هللا بها على من عصاه وتوعد بها من
صدؾ عن رضاه)).
لماذا ٌجب علٌنا أال ننسى جهنم و أن نتذكرها دابما؟
الكل هنا فً الدنٌا ٌخضع ألمرٌكا ،وٌخضع للدول الكبرى فً بلدان أوروبا ،والكل هنا فً المنطقة
العربٌة خضعوا إلسرابٌل خوفا من أن تلك الدول تمتلك [قنابل ذرٌة] ،وتمتلك [صوارٌخ بعٌدة المدى
تحمل رإوسا نووٌة] ،كل ما لدٌهم ال ٌساوي ٌوما واحدا فً جهنم.
لو صب األمرٌكٌون كل ما لدٌهم من قوة علٌك وحدك أنت لما ساوى ذلك كله ٌوما ً واحداً فً نار جهنم؛
ألنك هنا بؤول ضربة ،بؤول شظٌة ستموت ،ثم ال تحس بؤي شًء بعد ذلك ،ولو صبوا علٌك كل أسلحتهم،
ولو افترضنا أٌضا أنك ستبقى حٌا وصوارٌخهم توجه إلٌك ،وقنابلهم توجه إلٌك أٌضا حتى آخر قطعة
ٌمتلكونها لكان ذلك أٌضا ال ٌساوي ساعة واحدة فً قعر جهنم.
التخوٌؾ بنار جهنم فً القرآن الكرٌم ،التخوٌؾ بنار جهنم الذي تكرر كثٌرا فً آٌات هللا فً القرآن
الكرٌم ،هو جدٌر بؤن نتؤمله جٌدا كلنا ،وأن نتدبر تلك اآلٌات .حٌنبذ سٌجد كل من تؤملها ،ومن تدبرها بؤن
كل شًء فً هذه الدنٌا من مصاببها ،من شدابدها ،وكل شًء مما ٌتوعدك به اآلخرون ،وكل ما تراه
عندما ٌستعرضون أسلحتهم فً األٌام الوطنٌة ..ستراه كله لٌس بشًء ،لٌس شٌبا بمعنى الكلمة فعبل أمام
هذه النار التً تؽلظ هللا بها على من عصاه ،وتوعد بها من صدؾ عن رضاه .حٌنبذ تجد نفسك أنه لٌس
ٕ8
هناك ما ٌجب أن ٌخٌفك ،لٌس فً هذه الدنٌا ما ٌنبؽً أن تخاؾ منه أبدا ،فبل الموت ،وال [قنابل] ،وال
[صوارٌخ] ،مهما كانت فتاكة ،مهما كانت عظٌمة الدمار.
المإمنون بحاجة ماسة إلى أن ٌتدبروا كتاب هللا ،نتدبره بشكل جٌد ،وبفهم صحٌح ،ووعً ،نتدبر اآلٌة
ونلحظ ونحن نتدبرها ما لدى اآلخرٌن كلهم ممن نخافهم فً هذه الدنٌا ،أو ٌرٌدون أن نخافهم .حٌنبذ
سٌنطلق المإمنٌ ،نطلق وهو ٌرى أن كل عمل ٌعمله فً هذه الدنٌا أمام كل التهدٌدات إنما هو عمل ٌحقق
لنفسه به األمن من هذه النار العظٌمة ،من نار جهنم.
نار جهنم أكد القرآن على أنها حقٌقة ،وتناول الحدٌث عنها وص َفها كامبل :وصؾ شدة تسعرها ،والتهابها،
وصؾ وقودها ،وطعامها ،وشرابها ،ولباس أهلها فٌها .بل نقل كثٌرا من الكلمات التً ٌقولها أولبك الذٌن
ٌتقلبون بٌن طبقاتها :تحسرهم ،صراخهم تؤلمهم ،تؤسفهم على تفرٌطهم فً هذه الدنٌا.
بل لو نعقل ونفهم ،أن كل ما ٌتوعدنا به اآلخرون فً هذه الدنٌا ،ال ٌساوي الحسرات والندم الذي قد
ٌتعرض له اإلنسان ٌوم القٌامة إذا قدم على هللا وهو ممن عصاه ،وصدؾ عن رضاه ..تلك الحسرات،
وذلك الندم الشدٌد ٌقول هللا -وهو ٌنقل لنا صورة من مشاهد ذلك الندم الذي سٌحصل للعاصٌن ٌ -قول
الظالِ ُم َعلَى ٌَ َد ٌْ ِه} (الفرقان :من اآلٌةٌ )ٕ5عض أنامله من األلم ،من الندم ،من تعالىَ { :و ٌَ ْو َم ٌَ َعضُّ َّ
ُول َس ِبٌبل ٌَا َو ٌْ َل َتا لَ ٌْ َتنً ل ْم أَ َتخ ِْذ فُبلنا َخ ِلٌْبل لَ َق ْد أَ َ
ضلَّنًِ َع ِن ِّ
الذ ْك ِر الحسرةٌَ { :قُو ُل ٌَا لَ ٌْ َتنًِ ا َّت َخ ْذ ُ
ت َم َع الرَّ س ِ
َبعْ َد إِ ْذ َجا َءنًِ} (الفرقان :من اآلٌة )ٕ9ألٌست هذه كلها عبارات حسرة وندم؟ ندم ٌقطع القلوبٌ ،عض
المجرمٌ ،عض الظالم على ٌدٌه ٌعضها من شدة األسؾ ،واأللم ،من الحسرة والندم.
اس َت َجا ُبوا ل َِر ِّب ِه ُم ا ْل ُح ْس َنى} (الرعد :من اآلٌة )ٔ8الجزاء الحسن وهو ٌقول هللا سبحانه وتعالى{ :لِلَّذٌِنَ ْ
جٌ ُبوا لَ ُه َل ْو أَنَّ لَ ُه ْم َما فًِ
الجنة ،والحساب الٌسٌر ،واألمن من كل خوؾ ٌوم القٌامة { َوالَّذٌِنَ لَ ْم ٌَ ْس َت ِ
ض َجمٌِعا ً َو ِم ْثلَ ُه َم َع ُه َال ْف َتد َْوا ِب ِه} (الرعد :من اآلٌة )ٔ8الذٌن لم ٌستجٌبوا ِّل .وأٌن موضع ْاألَ ْر ِ
االستجابة؟ هنا فً الدنٌا ،وما هو الذي دعانا إلٌه؟ هو القرآن الكرٌم ،ورسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى
آله) تلك دعوة هللا التً ٌرٌد منا أن نستجٌب لها ،نستجٌب لها هنا فً الدنٌا ،والذٌن لم ٌستجٌبوا ِّل،
أعرضوا عن ذكره ،انطلقوا فً معاصٌه ،انطلقوا وراء هذه الدنٌا لٌنشؽلوا بها ،لٌإثروها على اآلخرة،
لٌبٌعوا دٌنهم بالقلٌل القلٌل منها .هإالء عندما ٌقدمون على هللا سبحانه وتعالى ،سٌتمنى كل واحد منهم لو
أن له ما فً األرض جمٌعا ومثله معه لسلَّمه راضٌا ،ومسارعا إلى تسلٌمه ،لو كان ٌقبل منه لٌفدي به
نفسه من عذاب جهنم.
هذه عبرة للكثٌر من عباد هللا ،ممن ٌشتد طمعه ،وٌقوده جشعه ،إلى أن ٌؤخذ شٌبا من هذه الدنٌا حراما ،أو
ٌقبل شٌبا منها مقابل أن ٌدخل فً موقؾ باطل ،أو ٌإٌد باطبل ،أو ٌقؾ عن نصر حق ،لٌفهم هنا وهو فً
الدنٌا أنه لو كان له األرض كلها وما فٌها ،وله أٌضا مثلها أضعافا لكان مسارعا إلى أن ٌفدي نفسه به ٌوم
ٖ8
القٌامة .لماذا؟ ألنه سٌرى من العذاب الشدٌدٌ ،رى جهنم أمامه ،وهو ٌعلم أنه سٌساق إلٌها ،وأنه سٌخلد
فٌها حٌنبذ ٌهون أمامه كل شًء.
تلك القطعة من األرض ،ذلك المبلػ من المال الذي باع به دٌنه ،لم ٌعد شٌباٌ ،تحسر منه ٌوم القٌامة،
وٌرى نفسه فً موقع أنه لو كان له مثل هذه األرض ،ولٌس فقط تلك القطعة ،أو ذلك المبلػ ،أو ذلك
المنصب الذي باع به دٌنه ،بل لو كانت له األرض كلها وما فٌها ومثلها معها الفتدى به ٌوم القٌامة من
سوء العذاب.
ٗ8
ار َج َه َّن َم َدعّا)
ُّون إِلَى َن ِ ٌق الَّذ َ
ٌِن َك َفرُوا إِلَى َج َه َّن َم ُز َمرا} ألنهم ٌدفعون دفعا إلٌها كما قال هللاْ ٌَ { :و َم ٌُدَ ع َ { َوسِ َ
(الطور )ٖٔ:ال ٌرٌدون أن ٌذهبوا ،فتدفعهم المبلبكة رؼما عنهم وتقودهم فً السبلسل فٌسحبون على
وجوههم إلى نار جهنم.
ت أَب َْوا ُب َها} (الزمر :من اآلٌةٔ )5جاهزة الستقبالهم { َو َقا َل لَ ُه ْم َخ َز َن ُت َها} (الزمر :من { َح َّتى إِ َذا َجاءُو َها فُت َِح ْ
اآلٌةٔ )5خزنتها ٌستؽربون من الناس ،وٌندهشون من الناس :ما الذي أدى بكم إلى جهنم؟! ما بالكم؟! {أَلَ ْم
ت َر ِّب ُك ْم َو ٌُ ْن ِذرُو َن ُك ْم لِ َقا َء ٌَ ْو ِم ُك ْم َه َذا َقالُوا َبلَى} (الزمر :من اآلٌةٔ )5وهللا
ون َعلَ ٌْ ُك ْم آ ٌَا ٌَِؤْ ِت ُك ْم ُرسُل ِم ْن ُك ْم ٌَ ْتل ُ َ
قد جاءتنا الرسل وجاءنا المنذرون وكنا نسمع آٌات هللا ولكنا كنا معرضٌن عنها وال نحسب لها أي
حساب.
{أَلَ ْم ٌَؤْ ِت ُك ْم ُرسُل ِم ْن ُك ْم} (الزمر :من اآلٌةٔ)5؟!! المبلبكة أنفسهم ٌندهشون من أهل جهنم وعندما ٌرون
ت َر ِّب ُك ْم} (الزمر :من اآلٌةٔ )5تلك اآلٌات المبلٌٌن تساق إلى جهنم{ ،أَلَ ْم ٌَؤْ ِت ُك ْم ُرسُل ِم ْن ُك ْم ٌَ ْتل ُ َ
ون َعلَ ٌْ ُك ْم آ ٌَا ِ
التً تهدٌكم ،تلك اآلٌات التً فٌها ما ٌبعدكم عن أن تصلوا إلى جهنم { َو ٌُ ْن ِذرُو َن ُك ْم لِ َقا َء ٌَ ْو ِم ُك ْم َه َذا} (الزمر:
من اآلٌةٔ.)5؟!.
ألٌس هذا حاصل فً القرآن فً كثٌر من اآلٌات الكرٌمة ،سور بؤكملها تتحدث عن الٌوم اآلخر؟ سور
القرآن ملٌبة بالحدٌث باإلنذار لعباد هللا من الٌوم اآلخر ،باآلٌات التً تهدي الناس إلى ما ٌبعدهم من سوء
الحساب ومن عذاب جهنم فً الٌوم اآلخر ،ألٌس هذا فً القرآن كثٌر؟ ألٌس القرآن فً كل بٌت؟ فلماذا ال
نخاؾ؟ ولماذا نخاؾ اآلخرٌن؟ بمجرد ورقة واحدة ،أو واحد من زبانٌتهم ٌخٌفنا ،وال نخاؾ من أي شًء
من كل ما نسمع الحدٌث عنه فً كتاب هللا الكرٌم ،الذي بٌن أٌدٌنا وفً كل بٌت من بٌوتنا؟.
أبواب جهنم
سوم}س ْب َع ُة أَ ْب َواب لِ ُكل ِّ َباب ِم ْن ُه ْم ُج ْزء َم ْق ُ
وٌقول سبحانه وتعالىَ { :وإِنَّ َج َه َّن َم لَ َم ْو ِع ُد ُه ْم أَ ْج َمعٌِنَ لَ َها َ
(الحجر )ٗٗ:ألم ٌتحدث هنا حتى عن أبواب جهنم؟ وتحدث حتى عن مؽالقها ،مصافقها ،وتحدث عن
زبانٌتها ،تحدث عن كل شًء فٌها ..فؤٌن تفكٌرنا؟ أٌن نظرنا ألنفسنا ولمصالحنا؟ ألٌس هذا هو الذي
ٌنبؽً أن نخاؾ منه.
واألولى بؤن ٌكون أشد قوة ،وأعظم قوة فً مقام االستجابة ِّل هم من ٌحملون العلم ،هم من هم متعلمون،
ومن ٌحملون العلم؛ ألنهم هم من ٌعرفون جهنم أكثر من ؼٌرهم ،مع أن جهنم أوصافها فً متناول الناس
جمٌعا ،كل من ٌقرإون كتاب هللا.
فلماذا ٌخاؾ العالم؟ ولماذا ٌبحث عن كٌؾ ٌحصل على مبرر لقعوده عن هذا العمل؟ لقعوده عن أن ٌقول
كلمة الحق؟! لقعوده عن أن ٌقؾ فً وجه الباطل؟! ما الذي ٌنبؽً أن تخاؾ منه؟ لٌس هناك فً الدنٌا ما
ٌنبؽً أن تخاؾ منه فً مواجهة هذا الخوؾ العظٌم ،وهذا العذاب األلٌم فً جهنم.
{لَ َها َس ْب َع ُة أَب َْواب} وكؤن هذه األبواب هً أبواب لدركاتها أٌضا ،كل طبقة أو كل مقام فً جهنم له فبة من
الناس ،وله باب {لِ ُك ِّل َباب ِم ْن ُه ْم ج ُْزء َم ْقسُوم} ٌدخل منه من هو من أهل ذلك الدرك ،سبعة أبواب سواء
اعتبرتها فً سور واحد وكل باب ٌنفذ إلى درك من دركات جهنم ،وكلها سٌبة ،وكلها ورطة عظٌمة أن
تدخل من باب جهنم ثم ٌوصد علٌك ،ثم إذا حاولت أن تخرج ٌتلقاك زبانٌتها بمقامع من حدٌد ٌضربونك
فتعود ،سبعة أبواب لسبعة دركات.
ثٌابهم
صبص ُموا فًِ َر ِّب ِه ْم َفالَّذٌِنَ َك َف ُروا قُ ِّط َع ْت لَ ُه ْم ثِ ٌَاب مِنْ َنار ٌُ َ
اخ َت َ
ان ْ ٌقول هللا سبحانه وتعالىَ { :ه َذ ِ
ان َخ ْ
ص َم ِ
مِنْ َف ْو ِق ُرإُ وسِ ِه ُم ا ْل َحمٌِ ُم} (الحج )ٔ9:ألم ٌتحدث أٌضا عن التروٌشة فً جهنم؟ شراب جهنم ثم أٌضا
ٌصب من فوق رإوسهم الحمٌمٌ ،كونون نظٌفٌن من كل شًء فوق أجسامهم ،لكنها تروٌشة خطٌرة جدا
لٌس معها [شامبو] وال معها صابون وال أي شًء من أدوات التجمٌل.
8ٙ
شى ُو ُجو َه ُه ُم ال َّنا ُر} (إبراهٌم)٘ٓ: س َر ِابٌل ُ ُه ْم مِنْ َقطِ َران َو َت ْغ َ
ثوب المجرم فٌها كما قال هللا فً آٌة أخرىَ { :
وهنا ٌصب من فوق رأس المجرم الحمٌم {ٌُصْ َه ُر ِب ِه} (الحج :من اآلٌةٕٓ) ٌذاب { َما فًِ ب ُ
ُطون ِِه ْم َو ْال ُجلُو ُد}
(الحج :من اآلٌةٕٓ) إذا واحد منا متروش بماء ساخن وؼلِط ٌبقً فً [المؽراؾ] قلٌل ساخن وصبه فوق
ص َه ُر ِب ِه َما فًِ ظهره كٌؾ ٌكون ألمه؟ ٌقوم من مكانه من حرارة بسٌطة ..أما هذه تروٌشة خطٌرةْ ٌُ { :
ُب ُطونِ ِه ْم َوا ْل ُجلُو ُد} إذا أنت فً الدنٌا هنا تؽتسل بالماء الساخن ٌتحمله جسمك من أجل أن تزٌل الوسخ عن
جسمك ،أما تلك التروٌشة فً جهنم ،فإنها تذٌب الجلد كله ،تذٌب الجلد كلهٌُ{ ،صْ َه ُر ِبه} ٌذاب به { َما فًِ
ُب ُطونِ ِه ْم َوا ْل ُجلُو ُد َولَ ُه ْم َم َقا ِم ُع مِنْ َحدٌِد ُكلَّ َما أَ َرادُوا أَنْ ٌَ ْخ ُر ُجوا ِم ْن َها مِنْ َغم أُعٌِدُوا فٌِ َها َو ُذوقُوا َع َذ َ
اب
ٌق} (الحج .)ٕٕ:ثٌابهم من نار [تفصٌل] قطعت لهم ثٌاب تفصٌل ،هنا ثٌاب التفصٌل بثبلثة ألؾ ا ْل َح ِر ِ
ونحوها [نجوم] هناك لٌس الثوب من نوع كذا [الفاخر] بل نار.
كؤنه ٌقول للشباب ،طبعا الشباب ٌكونون حرٌصٌن جدا على ثٌاب التفصٌل من أجل أن ٌبدو جمٌبل أمام
اآلخرٌنٌ ،عرض عن ذكر هللا ،وهو ٌعرض عن مجالس اإلرشاد ،عن مجالس الهداٌةٌ ،عرض عن كتاب
هللاٌ ،عٌش فً أجواء من العشق ،والحب ،واتباع الشهوات ،فهو من ٌبحث عن ثٌاب تفصٌل لٌبدو شكله
جمٌبل ،فٌعرؾ أنه قد ٌكون من أولبك الذٌن تفصل لهم ثٌاب فً جهنم {قُ ِّط َع ْ
ت لَ ُه ْم ِث ٌَاب مِنْ َنار} ما هذا
ٌعنً تفصٌل؟ .فً موضع آخر قالَ { :س َر ِابٌل ُ ُه ْم مِنْ َقطِ َران َو َت ْؽ َشى وُ جُو َه ُه ُم ال َّنا ُر} لم ٌنس القرآن الكرٌم
أن ٌتحدث حتى ثٌاب أهل النار ،كل شًء ذكره.
هذه التفاصٌل قارن بٌنها وبٌن أن تطلِّع على تقرٌر عن مختلؾ األسلحة التً تمتلكها أمرٌكا مثبل ،أو
إسرابٌل [صوارٌخ بعٌدة المدى] [صوارٌخ تحمل رإوسا نووٌة] قنابل [هٌدروجٌنٌة] [قنابل ذرٌة] قنابل
كذا ،وأسلحة متعددة .ألٌست كلها من تفاصٌل ما ٌمتلكون من وسابل التعذٌب لآلخرٌن؟.
قارن بٌنها وبٌن التفاصٌل التً عرضت فً القرآن الكرٌم عن جهنم ،ستجد أن هذه هً قد ما ٌتمناها أهل
جهنمٌ ،تمنون فً جهنم أن ٌكون عذابهم من نوع ما تمتلكه أمرٌكا من أسلحة ،وسٌعتبرونه حٌنبذ تخفٌفا
عظٌما ،وسٌشكرون هللا ،وٌشكرون زبانٌة جهنم ،أن قدموا لهم هذا العذاب الخفٌؾ ،اللطٌؾ ،البسٌط،
وٌسلمون ذلك العذاب الشدٌد فً جهنم.
طعامهم وشرابهم
ٌقول هللا سبحانه وتعالىَ { :واسْ َت ْف َتحُوا َو َخ َ
اب ُك ُّل َجبَّار َعنٌِد مِنْ َو َرا ِب ِه َج َه َّن ُم َوٌُسْ َقى مِنْ َماء َ
صدٌِد ٌَ َت َجرَّ ُع ُه
ت مِنْ ُك ِّل َم َكان َو َما ه َُو ِب َمٌِّت َومِنْ َو َرا ِب ِه َع َذاب َؼلٌِظ} (ابراهٌم )ٔ5:الصدٌد: َوال ٌَ َكا ُد ٌُسِ ٌ ُؽ ُه َو ٌَؤْتٌِ ِه ْال َم ْو ُ
ٌقال بؤنه عصارة أهل النار ،القٌح ،الصدٌد :كل فضبلت أجسامهم المحترقة الملتهبة ،هً شراب المجرم
فً جهنم.
وم} (الصافات ،)ٕٙ:بعد أن ذكر ما أعد هللا ك َخٌْر ُن ُزال أَ ْم َش َج َرةُ َّ
الز ُّق ِ ٌقول هللا سبحانه وتعالى{ :أَ َذلِ َ
ك َخٌْر ُن ُزال -أي :ضٌافة وإكراما -أَ ْم َش َج َرةُ سبحانه وتعالى للمتقٌن من النعٌم العظٌم ،قال بعده{ :أَ َذلِ َ
ٌِم َط ْل ُع َها َكؤ َ َّن ُه رُإُ وسُ ال َّشٌَاطِ ِ
ٌن َفإِ َّن ُه ْم ْ َ
ٌِن إِ َّن َها َش َج َرة َت ْخ ُر ُج فًِ أصْ ِل ال َجح ِ ِلظالِم َ الز ُّقوم إِ َّنا َج َع ْل َنا َها ِف ْت َنة ل َّ
َّ ِ
ون ُث َّم إِنَّ لَ ُه ْم َعلَ ٌْ َها لَ َش ْوبا مِنْ َحمٌِم ُث َّم إِنَّ َمرْ ِج َع ُه ْم َ ِ ْ ون ِم ْن َها ْالب ُون ِم ْن َها َف َمالِ ُب َ َآل ِكل ُ َ
إللَى ال َجح ِ
ٌِم} ُط َ
طو َعة َوال َممْ ُنو َعة}(الصافات )ٙ8:كما تحدث عن الفاكهة الكثٌرة التً لٌست كما قال عنها{ :ال َم ْق ُ
(الواقعة )ٖٖ:فً الجنة فواكه كثٌرة ،العنب والرمان والتفاح ،ومختلؾ الفواكه التً قد ال نعرؾ كثٌرا
منها.
هناك فً النار أٌضا شجرة هً فاكهة أهل النار نفس اسمها بشع [زقوم] ألٌس اسما مزعجا؟ اسم ؼٌر
مقبول ،وهكذا بعض المفردات تكون هً ؼٌر مقبولة ،حتى لو حاولت أن ٌكون اسمها لشًء جمٌل فاالسم
ال ٌركب على هذا المسمى ،اسمها بشع .وهً شجرة حقٌقٌة ،وهللا بقدرته سبحانه وتعالى هو القادر على
أن ٌجعل فً النار أشجارا تتؽذى على النار ،وتثمر نارا ،وتورق نارا ،لٌس هناك ما ٌعجز هللا سبحانه
وتعالى ،وإن كان الظالمون قد ٌجادلون فً هذه ..كٌؾ شجرة فً جهنم ونحن نعلم أن النار تحرق
األشجار!.
من المعلوم أنه هنا فً الدنٌا ٌقال أن بعض الحٌوانات جلودها ؼٌر قابلة لبلحتراق هنا فً الدنٌا .النار ألم
ٌجعلها هللا سبحانه وتعالى بردا وسبلما على إبراهٌم وهً نار قد ملبوا بها وادٌا تحرق الطٌر عندما ٌمر
من فوقها ،هللا الذي خلق النار ٌستطٌع وهو قادر على أن ٌجعلها بردا فبل تضر إبراهٌم ،وٌستطٌع أن
ٌخلق أشجارا تنمو فعبل تتؽذى على النار كما تتؽذى أشجار الدنٌا على التربة ،والماء ،والنور ،والهواء.
ْ َ
ٌِم} تخرج هً ،تنبت ،ألٌس كثٌرا من األشجار هنا فً الدنٌا الناس هم {إِ َّن َها َش َج َرة َت ْخ ُر ُج فًِ أصْ ِل ال َجح ِ
الذٌن ٌزرعونها ،أهل النار ؼٌر مستعدٌن أن ٌزرعوا شجرة الزقوم ،لكن هً تخرج رؼما عنهم ،تنبت ال
ٌِم} فً نفس أرض الجحٌمَ { .ط ْل ُع َها} :ثمارها أٌضا بشعة { َكؤ َ َّن ُه ْ َ
تحتاج إلى مزارعَ { ،ت ْخ ُر ُج فًِ أصْ ِل ال َجح ِ
ٌن} كل شًء فً جهنم عذاب ،وعذاب حتى معنوي أن تكون ثمرة تلك الشجرة التً هو رُإُ وسُ ال َّشٌَاطِ ِ
88
سٌضطر إلى أكلها الجوع ٌكاد ٌمٌته فٌضطر إلى أكل ثمار هذه الشجرة ثمرة بشعة طلعها كؤنه رإوس
الشٌاطٌن .العرب أنفسهم ٌتخٌلون رإوس الشٌاطٌن بشعة ،وإال فنحن ال نشاهد رإوس الشٌاطٌن ،وقد
تكون حقٌقة رإوس الشٌاطٌن شكلها بشع جدا.
ون} من شدة الجوع ٌؤكل رؼما عنه من هذه الشجرة الشدٌدة المرارة ُط َون ِم ْن َها ْالب ُ
ون ِم ْن َها َف َمالِ ُب َ { َفإِ َّن ُه ْم َآل ِكل ُ َ
التً ٌقال كما روي فً األثر :أنه لو أن قطرة واحدة من هذه الشجرة شجرة الزقوم وقعت فً األرض
ألمرت على أهل األرض معابشهم ،شدٌدة المرارة جدا ،وهً أٌضا نار هً تؽلً فً البطنَ { ،فإِ َّن ُه ْم
ون ُث َّم إِنَّ لَ ُه ْم َعلَ ٌْ َها لَ َش ْوبا مِنْ َحمٌِم} اإلنسان هنا فً الدنٌا ألٌس ٌتعود على ُط َون ِم ْن َها ْالب ُ َآل ِكل ُ َ
ون ِم ْن َها َف َما ِل ُب َ
أن ٌشرب أثناء الطعام؟ ٌؤكل زقوم ثم ٌشرب حمٌما بعده .كما قال أٌضا فً آٌة أخرى ٌذكر فٌها هذه
الز ُّقوم َط َعا ُم ْاألَثٌِم َك ْال ُمه ِْل ٌَ ْؽلًِ فًِ ْالب ُ
ون} (الدخان)ٗ٘: ُط ِ ِ ت َّ ِ الشجرة أنها نار أٌضا ثمرها نار{ :إِنَّ َش َج َر َ
ْ ْ
ٌِم} (الدخان .)ٗٙ:كؽلً الماء الساخن جدا. -كالزٌت المحترق تؽلً فً البطن َ { -ك َؽلًِ ال َحم ِ
ألنه هنا فً الدنٌا عادة ما ٌضل اإلنسان ،وما ٌصرفه عن طاعة هللا ،وٌصرفه عن مواقؾ الحق ،هو ما
ٌقدم إلٌه من إؼراءات من قبل اآلخرٌن ،واإلؼراءات طبعا قد ٌكون كثٌر منها متعلق بقضٌة األكل
والشراب ،وعندما ٌكون اإلنسان نفسه ٌرٌد أن ٌتوفر له الطعام الجٌد والشراب الجٌد والسكن الجٌد ولو
كان على حساب دٌنه فلٌعرؾ أنه سٌرى تلك متعة قصٌرة تنسى ،عارضة فً حٌاته ثم ُنسِ ٌت ثم سٌكون
له طعام من هذا النوع.
عندما ٌؤتً حاكم من الحكام ٌحكم بالباطل عندما تقدم له [جالونا] من العسل عندما تقدم له خروفا ،عندما
تنقله إلى بٌتك وتقدم له ؼداء دسما فٌتعاطؾ معك فٌضٌع حق اآلخرٌن مقابل ما أعطٌته ،نقول له هنا:
أنت أضعت الدٌن ،أضعت الحق مقابل طعام وشراب ،أنت ستلقى طعاما وشرابا سٌبا ،وإذا كانت تلك
وجبة واحدة فإنك ستؤكل من ذلك الطعام البشع فً اسمه ،البشع فً منظره ،الذي هو ٌحرق البطن ،ستؤكله
دابما ،دابما ،وجبة واحدة تبٌع بها الحق ،وجبة واحدة دسمة تبٌع بها دٌنك ،وجبة واحدة تدخل فً موقؾ
باطل؛ ألنه هنا قدم لك ؼداء دسما وقدم لك عسبل .هناك فً جهنم ما ٌجب أن تتؤمله ،هناك زقوم ،وهناك
صدٌد ،وهناك حمٌم.
كؤن هللا ٌقول لنا :إذا آثرتم هذا الطعام فً الدنٌا ،وبعتم به دٌنكم ،فإنكم ستجدون طعاما سٌبا تؤكلون منه
دابما ،دابما ال ٌنقطع أكلكم منه ،حٌنبذ ٌخاؾ اإلنسان.
ألن هللا لرحمته عندما ٌذكر هذه التفاصٌل هو من أجل أن نقارن نحن فً الدنٌا فنخاؾ؛ ألنه ال ٌرٌد أن
ندخل جهنم إال إذا فرضنا أنفسنا على جهنم رؼما عنها ،هللا ال ٌرٌد لعباده أن ٌدخلوا جهنمٌ ،هدٌهم،
ٌذكرهمٌ ،خوفهم ٌعرض تفاصٌل هذه النار ألجل أن تقارن بٌنما تسمع من تفاصٌلها وبٌن ما ٌعرض لك
فً الدنٌا ،طعام وشراب هنا ،هناك طعام وشراب ،فقارن بٌنهما ،حٌنبذ تجد بؤن هذا الطعام والشراب الذي
ٌقدم لك فً الدنٌا لٌس أهبل ألن تبٌع دٌنك به ثم ٌكون جزاإك طعام وشراب من هذا الطعام والشراب
السٌا فً نار جهنم.
89
هو ال ٌذكر هذه األشٌاء لمجرد حكاٌة مشاهد ،قصة ،بل ألن هللا سبحانه وتعالى ٌعلم أن فً ذكر هذه
التفاصٌل إذا ما تؤملناها ما ٌخٌفنا وما ٌردعنا ،وسنجدها تفاصٌل ماثلة أمام أعٌننا كلما عرض علٌنا شًء
من حطام الدنٌا.
نقول :ال ،هذا الطعام ال أقبله ألن وراءه طعام الزقوم ،هذا الشراب ال أقبله وإن كان عسبل مصفى ألن
وراءه الصدٌد والحمٌم ،هذا الثوب ،هذه البذلة ال أقبلها ألن وراءها ثٌاب من نار ،وراءها سرابٌل من
قطران ،وهكذا تجد فً تفاصٌل جهنم إذا كنت واعٌا ما ٌجعلك تقارن فً كل مسٌرة حٌاتك عندما تتعرض
لئلؼراءات من قبل اآلخرٌن التً هً عادة تتعلق بقضٌة الشراب والطعام.
المساكن فً جهنم
ظلَل} (الزمر :من اآلٌة )ٔٙألٌست ظلَل م َِن ال َّنار َومِنْ َتحْ ت ِِه ْم ُ وٌقول هللا سبحانه وتعالى{ :لَ ُه ْم مِنْ َف ْوق ِِه ْم ُ
ِ
هذه مساكن؟ مساكن فً النار على هذا النحو ،السقؾ كله نار ،واألرض كلها نار ،وما حولهم كله نار.
ٌتحدث حتى عن ما ٌشبه المساكن؛ ألن من ٌرٌد لنفسه مسكنا جمٌبل ٌرٌد قصورا فخمة وٌكون طامعا
فٌها ،قد ٌصل به طمعه إلى أن ٌحصل على مبانً من هذه وإن كان مقابل دٌنه فٌدخل فً الباطل ،وٌإٌد
الباطل ،وٌصبح صادا عن سبٌل هللا وحربا ألولٌاء هللا؛ ألنه ٌرٌد مسكنا جمٌبل .فلٌتذكر بؤنه هناك فً
ك} (الزمر :من اآلٌة)ٔٙ ظلَل َذلِ َ ظلَل م َِن ال َّنار َومِنْ َتحْ ت ِِه ْم ُ جهنم سٌكون بدال من مسكنه { َل ُه ْم مِنْ َف ْوق ِِه ْم ُ
ِ
ون} (الزمر :من اآلٌة،)ٔٙ ك ٌ َُخوِّ ؾُ َّ
هللا ُ ِب ِه عِ َبا َدهُ ٌَا عِ َبا ِد َفا َّتقُ ِ الحدٌث عن ذلك هو لتخوٌؾ هللا لعباده { َذلِ َ
خافوا أن تكونوا ممن لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل.
متى ما اشتدت حرارة الشمس وهً من فوقنا وبعٌدة جدا عنا ألسنا نهرب لنبحث عن الظل؟ أو تحمل
(شمسٌة) أو أي شًء تقً به نفسك من حرارة الشمس ،أما فً جهنم لٌس هناك ما تقً نفسك منه ،حتى
ما ٌبدو أمامك وأنت فً جهنم وكؤنه ظل هناك هو ظل خادع هو حمٌم ،هو نارٌ .قال أنه حتى فً جهنم
كٌتجمع دخان وٌتراء وكؤنه ظبلل ،فٌنطلق وإذا كله نار ،ذلك الذي ٌراه على شكل ظبلل كله نارَ { .ذلِ َ
ٌ َُخوِّ ؾُ َّ
هللا ُ ِب ِه عِ َبا َدهُ} (الزمر :من اآلٌة )ٔٙفهذا هو الذي ٌجب أن نخافهٌ ،خوؾ هللا وهو إلهنا ،وهو ربنا،
وهو الرحٌم بنا؛ ألنه ال ٌرٌد أن نقع فً هذا العذاب.
ولذلك تجد أهل النار فً األخٌر ٌرون أن هللا سبحانه وتعالى لم ٌكن من جانبه أي تقصٌر ،وأن كل من
ٌدخل جهنم سٌرى نفسه جدٌرا فعبل بؤن ٌعذب فٌها ،وأن ٌصرخ بملا فٌه فٌها ،أما هللا فبل تقصٌر عنده،
سٌعرؾ أن رحمته عرضت علٌه فً الدنٌا ،وٌعلم أن هللا خوفه فً الدنٌا ،وأنه الذي كان ٌعرض عن
تخوٌؾ هللا ،وأنه الذي كان ٌخاؾ ما لدى اآلخرٌن أكثر مما عند هللا ،وهذه هً الحماقة أن نخاؾ ما عند
اآلخرٌن وال نخاؾ ما عند هللا.
ٌقول عن أهلها أٌضاُ { :كلَّ َما أَ َرادُوا أَنْ ٌَ ْخ ُر ُجوا ِم ْن َها مِنْ َغم أُعِ ٌدُوا فٌِ َها} (الحج :من اآلٌةٕٕ) قد تسجن
فً الدنٌا فً سجن وال ترى أنك فً كل ساعة تسعى إلى باب السجن لتحاول أن تخرج منه ،قد تكون فً
زنزانة ،أو فً ؼرفة فتستقر فٌها لكن هنا نار ملتهبة ،نار شدٌدة ،جسمك كله ٌلتهب نارا وتشرب صدٌدا،
وتشرب حمٌما ،فٌقطع أمعاءكٌ ،ؤتً الفرق داخل جهنم من زبانٌتها ٌصبون فوق رأسك الحمٌم؛ ألنه هنا
صبُّ مِنْ َف ْو ِق رُإُ وسِ ِه ُم ْال َحمٌِ ُم} (الحج :من اآلٌة )ٔ9أنت ال تحاول فً جهنم أن تؽرؾ من مابها ٌقولَ ٌُ { :
ٓ9
الساخن وتصبه علٌك لكن هناك من ٌمسكك وٌصب الحمٌم من فوق رأسك [ٌُصبُّ ،فعل مبنً للمجهول]
أي أن هناك طرفا آخر هو ٌصب الحمٌم من فوق رأسك.
هناك داخلها مبلبكة ؼبلظ شدادٌ ،مسكك وٌصب من فوق رأسك الحمٌم ،وٌشرِّ بك الصدٌد رؼما عنك
{ ٌَ َت َجرَّ ُع ُه َوال ٌَ َكا ُد ٌُسِ ٌ ُؽ ُه َو ٌَؤْتٌِ ِه} (إبراهٌم :من اآلٌة )ٔ5فً السجون هنا فً الدنٌا ٌقدمون لك طعاما
وٌقدمون لك شرابا ،أجواء الزنزانة ،أجواء السجن كلها باردة ،بل قد ترى نفسك بحاجة إلى لحاؾ ،وأنت
ال تحاول فً كل لحظة أن تتجه نحو باب السجن لتخرج منه.
ٌتمنى اإلنسان لو كانت جهنم مثل هذه السجون لرآها أهلها نعمة كبٌرة أن تكون جهنم وإن كانوا خالدٌن
فٌها أبدا وهً من نوع سجون الدنٌا ،وفٌها وسابل التعذٌب التً فً السجون هنا فً الدنٌا لكانت هٌنة،
لكانت هٌنة ..هنا أهل جهنم ٌسعى كل واحد منهم ٌتجه نحو بابهاٌ ،رٌد أن ٌخرج ،هذا نفسه عذاب،
ٌحاول حتى ٌصل نحو الباب فٌجد أبوابا موصدة { َعلٌَ ِْه ْم َنار م ُْإ َ
ص َدة} (البلد )ٕٓ:مؽلقة محكمة اإلؼبلق
{فًِ َع َمد ُم َم َّد َدة} (الهمزة )9:من ورابها عمد :أعمدة من الحدٌد ،من الجانب هذا إلى الجانب هذا ،ال
ٌستطٌع أبدا أن ٌحركها ،ال ٌستطٌع أهلها أبدا أن ٌفتحوها ،وهناك بجانب األبواب من زبانٌتها الؽبلظ
الشداد من ٌضربونهم بمقامع من حدٌد.
ألٌس هذا هو تعذٌب رهٌب؟ حالة من الؽم الشدٌد؟ وهل هو شهر؟ هل هو سنة؟ لنقول ألنفسنا نحن عندما
نفكر فً أي عمل فتظهر أمام أذهاننا قابمة من السجون ،لقد ترى أطول عقوبة أن تسجن عشرٌن سنة فً
سجن عادي ،أما جهنم فلٌست سنة وال سنتٌن ،وال مابة سنة ،وال ألؾ سنة ،وال ملٌار سنة ،ملٌارات
السنٌن ال تنتهً وهذا هو الشًء الذي ٌرعب اإلنسان ،والذي ٌجب أن نخاؾ منه جمٌعا :الخلود فً جهنم.
قالوا أنه لو قٌل ألهل جهنم أنكم ستبقون فٌها وفً األرض ما بٌن السماوات واألرض ملًء بحبات
الخردل ،وفً كل سنة ٌؤتً طابر ٌؤخذ حبة واحدة منها -حبات الخردل حبات صؽٌرة قد تكون كحبات
الدخن أو أصؽر -وما بٌن السماوات واألرض ممتلا حبات خردل ،وٌقال لهم ستبقون حتى تنتهً هذه
الحبات الخردل لفرحوا ،لفرحوا .وتصور أنت كم سٌتسع مثل هذا المجلس من حبات الخردل؟ كم
ملٌارات! تصور أنت كم ٌتسع هذا الفضاء ما بٌن السماوات واألرض من حبات الخردل ،وفً كل سنة
فقط فً كل سنة ٌؤخذ طابر حبة واحدة ،لفرحوا؛ ألنهم حٌنبذ سٌعلمون أن هناك نهاٌة ،أن هناك نهاٌة لهذا
العذاب ولٌكن ملٌارات ،ملٌارات السنٌٌن.
ألٌس هذا الشًء مزعجا شًء مرعب جدا؟ إذا قٌل للواحد منا :أنت ستسجن ثبلث سنٌن ،قد ٌخرج من
دٌن هللا وٌكفر باإلسبلم خوفا من أن ٌسجن ثبلث سنٌن ،وقد ٌتخلؾ عن أي عمل هو مما ٌنجِّ ٌه من جهنم
خوفا من أن ٌسجن سنة واحدة ،أما جهنم فالخلود فٌها فً حد ذاته هو الشًء الذي ٌجب أن ٌزعج كل
إنسان مسلم.
ٔ9
وعن شمابلهم ،ومن فوقهم ،ومن تحتهم طبقات من النارٌ ،دعون هنالك بالثبور [واثبوراه] معناها:
واهبلكاهٌ .عنً :ما أسوأ ما نحن فٌه .نعوذ باِّل.
ٕ9
ألٌس هذا هو ما ٌخٌؾ اإلنسان؟ ألٌس كل شًء فً هذه الدنٌا مما ٌخوفنا به اآلخرون ٌبدو هٌنا ،وٌبدو
نعمة عند أهل النار ،لو كان باإلمكان أن ٌكون عذابهم كمثله؟ { َك َذ ِل َ
ك َنجْ ِزي ُك َّل َكفُور} (فاطر :من
اآلٌة )ٖٙألن هللا ال ٌظلم أحدا؛ ألنهم هم من كانوا فً الدنٌا كافرٌن بنعم هللا ،كافرٌن بآٌات هللا ،صادٌن
عن سبٌله ،ؼٌر مستجٌبٌن له ،هكذا ٌكون جزاإنا لكل كفور.
الخلود فً جهنم
حقٌقة مرعبة أثبتها القرآن الكرٌم
ٖ9
هل لدٌنا عهد من هللا؟ فما بالنا ،كلنا ،علماإنا ،عبادنا ،وجهاإنا ،أفرادنا ،طبلبنا .كلنا قاعدون وكلنا نرى
أنفسنا أنه ال أثر لنا فً هذه الحٌاة ،ولٌس لنا عمل فً مجال نصر دٌن هللا ،فً مجال إعبلء كلمته ،فً
إصبلح عباده ،فً محاربة المفسدٌن فً أرضه .هل هناك عمل ٌذكر؟ كؤننا نمتلك عقٌدة أنه ال موت ،وال
بعث ،وال حساب ،وال جنة وال نار { َب ْل َك َّذبُوا ِبالسَّا َع ِة} (الفرقان :من اآلٌةٔٔ) الساعة القٌامة البعث
ب ِبالسَّا َع ِة َسعٌِرا} (الفرقان :من اآلٌةٔٔ) نارا تستعر تتلهب ،تتوقد{ ،إِ َذا َرأَ ْت ُه ْم مِنْ َم َكان
{ َوأَعْ َت ْد َنا لِ َمن َك َّذ َ
َبعٌِد} (الفرقان :من اآلٌةٕٔ) تبدو هً مشتاقة ألعداء هللا ،تلتهمهم.
{إِ َذا َرأَ ْت ُه ْم مِنْ َم َكان َبعٌِد} هل لجهنم أعٌن ترى بها أولبك ،أم أنه تصوٌر؟ أنها لما كانت هً محط ؼضب
هللا فإنها هً من تتلهؾ شوقا إلى أن تلتهم أعداء هللا فكؤنها هً التً تبحث عنهم {إِ َذا َرأَ ْت ُه ْم مِنْ َم َكان َبعٌِد
َس ِمعُوا لَ َها َت َؽٌُّظا َو َزفٌِرا} (الفرقان ،)ٕٔ:تستعر ،تلتهب لشدة تؽٌظها وؼٌظها على أعداء هللاَ { .ت َؽٌُّظا
َو َزفٌِرا} صوت هو صوت المتؽٌظ الذي ٌمتلا ؼٌظا على الطرؾ اآلخر ،وزفٌرا ،الزفٌر :هو صوت
اإلنسان عندما ٌخرج الهواء من فمه قوٌا ،والشهٌق هو عودة النفس بقوة إلى الداخل.
هل هناك من سٌدخل النار من المسلمٌن أم أنه لن ٌدخلها اال الكافرٌن فقط ؟
نحن هنا نسمع فً هذه اآلٌات { َوالَّذ َ
ٌِن َك َفرُوا} (فاطر :من اآلٌة )ٖٙوكؤنه فقط أولبك الكافرون أما نحن
من قد أسلمنا -ولو انطلقنا فً أعمال كؤعمال الكافرٌن -فإننا بعٌدون عن هذا التهدٌد ،وعن هذا الوعٌد.
هل هذا صحٌح أم ال؟ لٌس صحٌحا أنه فقط من ٌحملون اسم كافر هم وحدهم من سٌعذبون؛ ألن الكافر ال
ٌعذب على اسمه ،ألن اسمه كافر! ٌعذب على أعماله أعمال ٌعملها :إعراض عن دٌن هللا ،صد عن سبٌل
هللا ،عمل فً سبٌل الطاؼوت.
أو لم ٌكن فً المسلمٌن من كانت أعمالهم أسوأ من أعمال أولبك الكافرٌن؟ بلى هناك فً المسلمٌن من
ٌظلم ،فً المسلمٌن من ٌصد عن سبٌل هللا ،فً المسلمٌن من ٌقتل القابمٌن بالقسط من عباد هللا .فهل أن هللا
سبحانه وتعالى إنما ٌعذب أولبك على أعمالهم ألن اسمهم كافرٌن؟!.
اإلسلم لٌس عبارة عن رخصة للعصاة و المجرمٌن
أما أنت متى حملت اسم إسبلم فلن تعذب؟ سٌصبح الحال حٌنبذ ٌصبح اإلسبلم عبارة عن رخصة
للمجرمٌن ،أنت ترٌد أن تحصل على ترخٌص لترتكب كل الجرابم ثم ال تعذب؟ إذا قل[ :ال إله إال هللا
محمد رسول هللا]ٌ .صبح اإلسبلم هكذا ،وٌصبح الكافرون كل واحد منهم أحمق .أنت لم تسلم ألنك ال ترٌد
أن تبتعد عن هذه األعمال التً أنت علٌها .أسلم إذا وبإمكانك أن تستمر علٌها ،ثم عندما تقدم فً ٌوم
القٌامة سٌشفع لك محمد ،وتدخل الجنة!ٌ .صبح اإلسبلم حٌنبذ وسٌلة أمن للمجرمٌن ،وبطاقة ترخٌص
للمجرمٌن.
فبدال من أن تكون مجرما ،تتهدد بهذا التهدٌد الشدٌد ،وٌواجهك المسلمون باالحتقار ،وٌواجهونك بسٌوفهم
فً الدنٌا ،كن مجرما محترما ،اسلم لتكن مجرما محترما.
ٗ9
ألٌس هذا هو إسبلم من ٌقولون بؤن الشفاعة ألهل الكبابر؟! اإلنسان هو اإلنسان ،رؼباته ،شهواته،
مطامعه ،هو هو ،سواء كان ٌهودٌا ،أو نصرانٌا ،أو وثنٌا كافرا ،أو مسلما.
أنظر إلى واقع الناس فً هذه الدنٌا اآلن ،فً هذا الزمان ،ألٌس البشر فٌها من طوابؾ كثٌرة؟ الٌهودي
والنصرانً ،والوثنً ،والمسلم ،والمسلمون باختبلؾ طوابفهم؟ انظر إلى واقعهم كناس رؼباتهم واحدة،
شهواتهم واحدة ،مطامعهم واحدة ،اإلنسان هو اإلنسان ،الجرابم التً تنطلق منك وأنت كافر هً نفسها إذا
ما سرت وراء شهواتك هً نفسها التً ستنطلق منك وأنت مسلم ،تنطلق من الٌهودي ،والنصرانً بشكل
واحد سواء.
إذا فلماذا مجرمون ٌعذبون ،ومجرمون ال ٌعذبون؛ ألنهم ٌحملون أسماء مختلفة! هل هناك بٌن هللا وبٌن
أحد قرابة؟ أو هللا سبحانه وتعالى ٌداهن أحدا ،أو ٌكٌل بمكٌالٌن ،كما نقول عن أمرٌكا؟ الناس هنا ٌقولون
عن أمرٌكا :أنها تكٌل بمكٌالٌن.
إذا ما انطلق اإلسرابٌلً لٌقتل الفلسطٌنً ال تلتفت إلٌه ،وال تدٌنه ،وإذا ما اتجه الفلسطٌنً لٌقاوم وٌدافع
عن نفسه المحتل ألرضه قالوا :إرهابً .قالوا :هذا كٌل بمكٌالٌن .لماذا ال تعاملهم سواء على األقل؟
فتقول :هذا عنؾ ،وهذا عنؾ ،وهذا إرهاب ،وهذا إرهاب.
حٌنبذ ستصبح القضٌة هكذا :أن هللا سٌكٌل مع الناس بمكٌالٌن ،فمجرمون ٌنطلقون فً شتى الجرابم،
وكبارهاٌ ،ظلمون عباد هللا ،وٌصدون عن سبٌل هللا ،وٌحرفون دٌنه ،وٌنشرون الفساد فً أرضه،
وٌهتكون أعراض عباده ثم سٌشفع لهم محمد.
الكافر ماذا ٌعمل إذا؟! هل هناك نوع آخر لدى الكافر؟ إنما ٌعمل هكذا عندما نقول :إن الزنا محرم ،هو
محرم ،لكن لماذا ٌعذب علٌه الكافر وال ٌعذب علٌه من اقترفه ممن ٌحمل اسم إسبلم؟ ألٌست عملٌة
واحدة؟ وجرٌمة واحدة عند الٌهودي ،والنصرانً ،والكافر والمسلم؟ هً فاحشة .الظلم هو نفسه .لٌس
هناك نوع من الظلم ال ٌمكن أن ٌصدر من الكافر ،أو ال ٌمكن أن ٌصدر من المسلم ،األعمال واحدة التً
نرٌد أن نفهمها :أن الناس كل الناس على اختبلؾ العناوٌن اتجاهاتهم واحدة ،وجرابمهم ،ومطامعهم،
وشهواتهم ،ومقاصدهم واحدة ..فلماذا ناس ٌعذبون وناس ال ٌعذبون على جرابمهم؟ ٌصبح الدٌن حٌنبذ
بدال من أن ٌكون دٌنا للحٌاة ،بدال من أن ٌكون دٌنا لمكافحة الجرٌمة ،بدال من أن ٌكون دٌنا كما قال هللا
عنه :لٌزكً النفوس ،لٌطهرها ٌصبح عبارة عن رخصة لكل من ٌرٌد أن ٌستمر فً إجرامه.
فبدال من أن تبقى مستحقا للعذاب الشدٌد ،أسلم .واإلسبلم مجرد قول ،ثم َ
ابق على أعمالك! وحٌنبذ ال
جهنم ،وحٌنبذ ستدخل الجنة مع المإمنٌن ،وسٌشفع لك محمد (صلوات هللا علٌه وعلى آله)!! .ألم ٌصبح
اإلسبلم حٌنبذ عبارة عن رخصة؟ ألم ٌصبح دٌنا بدال من أن ٌكافح الجرٌمة ٌشجع علٌها؟ بدال من أن
ٌخوؾ النفوس؛ لٌزكٌها ،لٌطهرها بتشرٌعاته وهدٌه ،هو من ٌإمِّن تلك النفوس لتؽرق فً مستنقع الرذٌلة
والجرٌمة؟!.
هل من المعقول أن ٌكون الصد عن دٌن هللا مسموح لئلنسان الذي ٌحمل اسم إسبلم؟ وهل معقول أن ٌكون
اإلعراض عن هدي هللا مسموح لمن ٌحمل اسم إسبلم؟ ستصبح كلمة[ :ال إله إال هللا محمد رسول هللا]
عبارة عن بطاقة تضعها فً جٌبك ،ثم تنطلق إلى أسوأ مما كان علٌه المشركون والكافرون فً أعمالهم.
٘9
وحٌنبذ سٌكون هذا الدٌن رخصة لظلم الناس ،ورخصة لتدنٌس النفوس تنطلق أنت لتضل عباد هللا ،من
الذي سمح لك بهذا؟ هو الدٌن ،هو الذي أمننً ،ألن بإمكانً أن أنطلق فً مجال كهذا ثم لن أعذب ولن
أخلد فً جهنم ،بل لن تمسنً النار إطبلقا .وهذا ما ال ٌجوز على هللا سبحانه وتعالى.
وعندما تقرأ فً بعض التفاسٌر فٌقول لك :هذه اآلٌات هً تتحدث عن كافرٌن ،هً تتحدث عن مشركٌن
فهً آٌات تعنً أولبك ،أما نحن فبل ،نحن حملنا اسم إسبلم وسٌشفع لنا رسول هللا فاعرؾ أن هذا ؼرور،
وأن هذا خداع ،وسٌكون واقع من ٌعتقدون هذه العقٌدة كما حكى هللا عن بنً إسرابٌلَ { :و َؼرَّ ُه ْم فًِ دٌِن ِِه ْم
ُون} (آل عمران :من اآلٌةٕٗ) .هذه افتراءات افتروها أناس سابقون وقدموها لنا ونحن َما َكا ُنوا ٌَ ْف َتر َ
قبلناها منهم ،وبالطبع ال ٌنفق شًء من الباطل إال إذا ما حمل اسم [دٌن] وقدم إلٌنا باسم [دٌن] فٌقال :عن
رسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى آله) ،قال رسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى آله)! وٌكون ذلك
الحدٌث فً بطون المجامٌع الحدٌثٌة التً ٌعتبرونها هً مجامٌع السنة ،ألم ٌقدم الباطل باسم دٌن؟ هكذا
{ َو َؼرَّ ُه ْم فًِ دٌِن ِِه ْم َما َكا ُنوا ٌَ ْف َتر َ
ُون}.
عقٌدة الخروج من النار عقٌدة ٌهودٌة غزت الثقافة االسلمٌة
فعبل سٌصبح الدٌن هكذا؛ ولهذا هللا سبحانه وتعالى فً القرآن تحدث عن بنً إسرابٌل بؤن كثٌرا من
ْس َعلَ ٌْ َناجرابمهم بما فٌها قتل األنبٌاء ،وبٌع الدٌن ،وبما فٌها استحبلل أموال اآلخرٌن عندما ٌقولون{ :لٌَ َ
ٌِّن َس ِبٌل} (آل عمران :من اآلٌة٘ )5قال عن ما ٌدفعهم إلى ذلك هو :أنهم ٌعتقدون أن النار ال فًِ ْاأل ُ ِّمٌ َ
تمسهم إال أٌاما معدودة .أي :أن هذه العقٌدة تشجع على الجرٌمة ،وتعمل على أن تؽرق النفوس فً
ك ِبؤ َ َّن ُه ْم َقالُوا لَنْ َت َم َّس َنا ال َّنا ُر إِ َّال أٌََّاما َمعْ ُدو َدات َو َؼرَّ ُه ْم فًِ دٌِن ِِه ْم َما َكا ُنوا
مستنقع الجرٌمة والرذٌلة { َذلِ َ
ُون} (آل عمران )ٕٗ:ألم ٌعلل بؤن عقٌدة بهذه هً وراء الجرٌمة ،وهً عقٌدة تدفعك إلى اإلجرام. ٌَ ْف َتر َ
إذا ،فلٌست من دٌن هللا لهذا قالَ { :و َؼرَّ ُه ْم فًِ دٌِن ِِه ْم َما َكا ُنوا ٌَ ْف َتر َ
ُون} خدعوا أنفسهم بالكذب ،وفعبل ال
تزال عقٌدة قابمة عند الٌهود إلى اآلن.
بعض الناس قد ٌسؤل هل ٌرى الٌهود أنهم إلى النار؟ ٌرى أن النار لن تمسه إال أٌاما معدودة ،فكل ما
ٌعمله [نتنٌاهو مثبل] لو رأى نفسه مجرما ،لو رأى نفسه مستحقا أن ٌدخل النار ،فهو عندما ٌدخلها قد ٌبقى
فقط سبعة أٌام مقابل سبعة آالؾ سنة هً عمر الدنٌا ،أو على أكثر قول لدٌهم سٌبقى الواحد منهم أربعٌن
ٌوما فً جهنم على عدد األٌام التً عبدوا فٌها العجل ،وٌخرج ،وحٌنبذ ال ٌكترث بما ٌرتكب فً الدنٌا.
هً العقٌدة التً كانت وراء ظلمنا نحن المسلمٌن من داخل المسلمٌن أنفسهم على أٌدي الجبابرة من
الطواؼٌت ،الخلفاء ،الملوك ،والحكام ،والرإساء ،والسبلطٌن بمختلؾ العصور ،وهناك من علماء السوء
من ٌإمنهم أن محمدا (صلوات هللا وسبلمه علٌه وعلى آله) سٌشفع لهم مهما كانوا مجرمٌن ،فٌنطلقون
لظلم الناس لتسفك دماإهم ،وٌنطلقون للصد عن دٌن هللا ،وٌنطلقون فٌه وهم آمنون من جهنم ،أنهم لن
ٌدخلوا جهنم.
والٌهودي ٌرى أنه سٌدخل جهنم وسٌبقى أٌاما معدودة ،وأما صاحبنا فإنه ٌرى أنه لن تمسه النار إطبلقا.
الٌهود قالوا{ :لَنْ َت َم َّس َنا ال َّنا ُر إِ َّال أٌََّاما َمعْ ُدو َدات}.
9ٙ
أما نحن المسلمون فقناهم فً هذا القول ،فقلنا :وال أٌاما معدودة ،وال لحظة واحدة ،سٌؤخذ بٌدك محمد
وٌمنحك وسام الشرؾ ،شفاعته ،فتدخل مع أولبك المإمنٌن الجنة! .ألٌس هذا قول أبعد من قول الٌهود؟
ألٌست عقٌدة أسوأ من عقٌدة الٌهود؟ هً نفسها وراء ظلم الكثٌر من الخلفاء والملوك ،والرإساء فً كل
عصر من العصور ،هناك من أمنهم.
مشكلة الشرك هو أنه ٌصد الناس عن دٌن هللا و هللا ٌنظر إلى األعمال ،ولٌس إلى مجرد األسماء
القرآن الكرٌم تنزلت كثٌر من آٌاته فً مكة ،وعندما تسمع كلمة[ :كفر] وكلمة[ :شرك] فؤلن من فً
الساحة وهو ٌخاطبهم ،وٌعمل على أن ٌنقلهم من الوضعٌة التً هم فٌها ،هم مشركون ،كافرون ،فتؤتً
العبارات على هذا النحو ،وألن هللا ٌرٌد من عباده -وهو الشًء البدٌهً لو فهمناه -أنه عندما ترون هذا
الوعٌد الشدٌد ألولبك فهل تفترضون أننا نرٌد أن ننقلهم من اسم لٌحملوا اسما آخر ،ثم لٌبقوا على ما هم
علٌه ،وحٌنبذ فبل ٌعذبون؟!.
أنت اسمع عندما ترى اآلٌات الكثٌرة تتهدد الكافر ،انظر لماذا الكافر؟ هل ألن اسمه كافر [ك ا ؾ ر]؟ أم
ألنه على حالة هً تحول بٌنه وبٌن أن ٌتقبل هدى هللا؟ لماذا المشرك؟ ولماذا تلك الهجمة الشدٌدة على
أشخاص ٌعبدون أحجارا وهم ٌعلمون ،وهللا ٌعلم ،ورسوله ٌعلم أن تلك الحجر ال تستطٌع أن تعارض هللا،
وال أن تكون ندا ِّل ،وال أن تكون كفإا ِّل ،وال أن تنازع هللا فً ملكه ،لماذا هذه الهجمة؟ .ألن هذا
الشخص الذي ٌعبدها وال ٌإمن باِّل كإله واحد ،هو نفسه لن ٌكون لدٌه قابلٌة أن ٌتقبل هدي هللا ،سٌبقى
معرضا عن تقبل هدي هللا ...الشرك لهذا.
إضافة إلى أنه قول باطل ،تؤثٌره على صاحبه أنه إذا أنا لست مإمنا بوحدانٌة هللا ،فلن أإمن برسوله ،ولن
أإمن بكتابه ،وحٌنبذ ٌكون واقعً أننً معرض عن هدي هللا ،بل سٌنطلق ذلك المشرك إلى مٌادٌن القتال
للصد عن سبٌل هللا.
فالمشكلة األساسٌة فً الشرك بالنسبة لصاحبها :هو أنه على وضعٌة تجعله معرضا عن هدي هللا ،وصادا
عن سبٌله .فهل اإلعراض عن دٌن هللا وهدٌه ،والصد عن سبٌله ؼٌر مسموح هنا ومسموح هنا؟ هو نفسه
ٌصدر ممن ٌحمل اسم إسبلم .ألٌس كذلك؟ الكثٌرون ٌصدون عن سبٌل هللا { ٌَا أَ ٌُّ َها الَّذ َ
ٌِن آ َم ُنوا إِنَّ َكثٌِرا
ان} (التوبة :من اآلٌةٖٗ) ألٌسوا علماء دٌن؟ أم مشركون؟ علماء دٌن{ ،لَ ٌَؤْ ُكلُ َ
ون أَم َْوا َل َ
م َِن ْاألحْ َب ِ
ار َوالرُّ هْ َب ِ
ٌل َّ ِ
هللا} (التوبة :من اآلٌةٖٗ). اس ِب ْالبَاطِ ِل َو ٌَ ُ
ص ُّد َ
ون َعنْ َس ِب ِ ال َّن ِ
ٌِن َك َفرُوا} وٌقول{ :إِنَّ ْال ُم ْش ِر ِكٌ َْن} ،نحن
فؤولبك الذٌن ٌقولون[ :هذا تهدٌد للكافرٌن الحظ هو ٌقولَ { :والَّذ َ
لسنا كفارا وال مشركٌن] طٌب ما الذي تؽٌر لدٌنا؟ أنت تعتبر أن مجرد تؽٌٌر االسم هو كل شًء؟! إن هللا
ٌنظر إلى األعمال ،ولٌس إلى مجرد األسماءٌ ،نظر إلى األعمال ،وٌنظر إلى القلوب .نقول :هإالء
الكافرون ما هً المشكلة لدٌهم؟ ألنهم هكذا :صادون عن سبٌل هللا.
95
ولهذا تعرض القرآن الكرٌم -عندما تتؤملوا آٌاته -تعرض بالتفصٌل ألعمال المشركٌن ،ألم ٌقل فً
ٌل َّ ِ
هللا} ون َعنْ َس ِب ِ الز َكا َة} (فصلت :من اآلٌة )5ألم ٌقل فً بعضها أنهم { ٌَ ُ
ص ُّد َ ون َّ بعضها{ :الَّذ َ
ٌِن ال ٌ ُْإ ُت َ
ت} (النساء :من اآلٌة)5ٙ؟ ٌل َّ
الطا ُؼو ِ (األعراؾ :من اآلٌة٘ٗ)؟ ألم ٌقل فً بعضها أنهم { ٌُ َقا ِتلُ َ
ون فًِ َس ِب ِ
هو ٌتعرض بالتفصٌل ألعمال الكافرٌن ،وألعمال المشركٌن ،وأنها هً األعمال الممقوتة.
وإنما مسؤلة الشرك هً نفسها وراء أن ٌكونوا على هذه الحالة ،فٌتوجه الكبلم كثٌرا إلى الشرك لٌقلعه من
نفوسهم ،لتصبح تلك النفوس قابلة ألن تهتدي بهدي هللا ،وألن تبتعد عن الصد عن سبٌله ،وألن تلتزم
بدٌنه ،فٌقلع الشرك من قلوبهمٌ ،قلع الشرك من أذهانهم ،وتقالٌدهم وأفكارهم ،آلثاره؛ ألنه معلوم عن هللا
سبحانه وتعالى أنه ال تضره معصٌة من عصاه ،وال تنفعه طاعة من أطاعه ،وكل هدٌه ٌتوجه إلٌنا نحن؛
ألننا نحن المحتاجون إلٌهٌ ،توجه إلى أنفسنا ،وألن كل عمل باطل هو فساد علٌنا نحن ،هو ضد مصالحنا
نحن.
فعندما ٌؤتً لٌتحدث عن الشرك والكفر ،لٌس ألنه أصبح ٌخاؾ من ذلك الصنم ،أو أنه إذا تجمع اآلالؾ
حول ذلك الصنم سٌنازعه هذا الصنم فً ملكه؛ إنما لٌبعد هإالء عن عقٌدة جعلتهم ٌبتعدون عن هدي هللا،
وجعلتهم ٌنطلقون فً الصد عن سبٌله ،وجعلتهم بعٌدٌن عن التخلق باألخبلق التً أراد أن ٌتخلق بها
عباده الذٌن ٌسٌرون على هدٌه.
إذا فكل من صد عن سبٌل هللا ،كل من ابتعد عن دٌن هللا ،كل من أعرض عن هدي هللا ،وإن كان ٌحمل
اسم مسلم ،حكمه حكم أولبك .وهذه قضٌة مفروغ منها فً القرآن الكرٌم؛ مفروغ منها؛ ألنه من ؼٌر
الطبٌعً ،ومن ؼٌر المقبول أن تفترض أن المسؤلة إنما هً مجرد تؽٌٌر اسم ،فتقول :أولبك فقط ألن
اسمهم [كافرٌن] أما نحن فلو انطلقنا فً نفس األعمال التً تصدر منهم فإننا قد أصبحنا مإمّنٌن من عذاب
هللا ،هذا شًء ؼٌر طبٌعً.
هللا البشر كلهم عبٌده ،وهو رب العالمٌن جمٌعا ،ولن ٌكٌل بمكٌالٌن معهم ،لن ٌعذب هذا المجرم على
أعمال هً نفسها التً ال ٌعذب علٌها شخصا آخر صدرت منه ،وحالته وموقفه حالة هذا الشخص اآلخر.
ال ٌمكن ،إال إذا كان هناك توبة.
التوبة
والتوبة ألم ٌتوجه األمر بالتوبة إلى المسلمٌن؟ لماذا التوبة؟ لو أن المسؤلة هكذا مفروغ منها أن الكبلم كله
حول الكافرٌن حول المشركٌن أما نحن فقد أسلمنا لما كنا بحاجة إلى توبة إذا فلماذا التوبة؟ التوبة ال بد
منها؛ ألنك أنت أٌها المسلم فٌما لو اقترفت عمبل من أعمال أولبك ستعذب فهذه هً التوبة تب.
والتوبة معناها :اإلقبلع عن المعصٌة ،الرجوع إلى هللا ،الندم على ما صدر من اإلنسان من تقصٌر ،من
تفرٌط فً جنب هللا ،من تقصٌر فً األعمال التً ترضً هللا سبحانه وتعالى ،ما حدث منه من معاصً ال
بد أن ٌتوب منها ،وإذا لم ٌتب فبل فرق بٌنه وبٌن ذلك الشخص اآلخر.
98
المنافقون مصٌرهم جهنم مع أنهم محسوبون على المسلمٌن
ألم ٌقل عن المنافقٌن :أنهم فً الدرك األسفل من النار؟ وال تصدقوا أن المنافقٌن هم كلهم من ٌبطن الكفر
وٌظهر اإلسبلم .بل إن فً المنافقٌن من ذكر هللا عنهم بؤنهم فً واقعهم معترفون ،مإمنون كإٌمان أي
واحد منا بؤن هللا هو رب العالمٌن ،وهو اإلله وحده ،وأن القرآن من عنده ،وأن محمدا رسوله (صلوات
ُورة ُت َن ِّب ُب ُه ْم ِب َما فًِ قُل ُ ِ
وب ِه ْم} (التوبة :من ون أَنْ ُت َن َّز َل َعلٌَ ِْه ْم س َ
هللا علٌه وعلى آله) ألم ٌقل هوٌَ { :حْ َذ ُر ْال ُم َنا ِفقُ َ
اآلٌةٗ )ٙألم ٌقل هكذا؟ٌ .علمون أن القرآن منزل من عند هللا بل هم ٌخافون؛ ألنهم ٌعلمون أن هللا علٌم
بذات الصدور ،فهو ٌعلم ما ٌسرونه فً أنفسهم فٌخافون أن تتنزل سورة تفضحهم ،أي هم مإمنون بالقرآن
أنه من عند هللا ،ومإمنون بؤن هذا الرجل هو رسول هللا (صلوات هللا علٌه وعلى آله) ،الذي ٌتنزل علٌه
َ
ار} (النساء :من اآلٌة٘ٗٔ). ٌِن فًِ ال َّدرْ كِ ْاألسْ َف ِل م َِن ال َّن ِالقرآن ،ومع هذا قال هللا عنهم{ :إِنَّ ْال ُم َنا ِفق َ
قد ٌكون هناك فبة ،فبة قلٌلة من المنافقٌن هم من قد ٌقال عنهم أنهم فً واقعهم مبطنون للكفر ،أي هم ؼٌر
مإمنٌن باِّل ،وال مإمنٌن بكتابه ،وال مإمنٌن برسوله ،إنما ألجؤتهم الظروؾ إلى أن ٌتلونوا خوفا على
أنفسهم ،هذه النوعٌة من المنافقٌن إنما تكون فً فترات محدودة ،فً الفترة التً تكون الؽلبة فٌها لجانب
اإلسبلم ،لجانب الحق فٌرى الكفار أنفسهم مضطرٌن إلى أن ٌتمظهروا باإلسبلم من أجل أن ٌؤمنوا على
أنفسهم وأموالهم.
لكن تجد المنافقٌن هم من كانوا كثٌرٌن فً المدٌنة ،وهم من أهل المدٌنة ،ومن ؼٌر أهل المدٌنة ،وهم من
قال عنهم أنهم مذبذبٌن ال إلى هإالء وال إلى هإالء ..فبل هم مع المإمنٌن وال هم كفار مع الكافرٌن .هم
ٌتلونون ٌظهر نفسه للكافرٌن وكؤنه معهم ،ومتى ما كانت الؽلبة للمسلمٌن أظهر نفسه أنه معهم وتملق
َ
ار} (النساء :من ٌِن فًِ ال َّدرْ كِ ْاألسْ َف ِل م َِن ال َّن ِ
لهم ،وأظهر أنه واحد منهمٌ ،قول عنهم{ :إِنَّ ْال ُم َنا ِفق َ
اآلٌة٘ٗٔ) بل وجدنا القرآن الكرٌم ٌتوعد بالعذاب الشدٌد ،بالعذاب العظٌم لمن قتل مإمنا متعمداٌ ،توعد
بالخلود فً النار لمن لم ٌلتزم بحدود هللا فً الموارٌث فً [سورة النساء] ٌتوعد ،والموارٌث تخاطب من؟
ألٌست خطابا للمسلمٌن؟ ٌتوعد بالعذاب ،والخلود فً جهنم لمن ال ٌقؾ عند حدود هللا وٌلتزم بما حدده هللا
سبحانه وتعالى فً قضٌة الموارٌث وحدها خلً عنك أشٌاء كثٌرة أخرى.
99
أهم مصدر لمعرفة النبً ( صلوات
هو
القرآن الكرٌم
ٓٓٔ
معالم الدٌن االسلمً
ٔٓٔ
ٔ .أول هذه المعالم الربٌسٌة أن اإلسلم دٌن تحرر من الطاغوت واالستكبار
ٖٓٔ
نحن نقول هذا من أهم وأعظم ما نحتاج إلى ترسٌخه بشكل كبٌر والقابم على أساس اإلقتداء بالرسول من
موقعه فً القدوة والقٌادة ،والتمسك بالقرآن كمنهج فً هذه الحٌاة هو االتجاه الصحٌح الذي ٌعبّر حقٌقة
عن اإلسبلم.
االتجاهات التً نراها الٌوم حاضرة فً ساحتنا العربٌة و اإلسبلمٌة بشكل كبٌر تق ِّدم نفسها باسم اإلسبلم
ونراها بوضوح فً حالة من التبعٌة العمٌاء لقوى الطاؼوت واالستكبار ألمرٌكا وإسرابٌل ،لنعً جٌدا
ولندرك بشكل تام ،أنها قوى زٌؾ أنها تمثل الزٌؾ وال تمثل الحقٌقة ،تمثل الزٌؾ فقط ،وال تعبّر عن
حقٌقة اإلسبلم فً مبادبه وأخبلقه ،وهً حولت اإلسبلم إلى طقوس وشكلٌات بترتها عن سٌاقها ،وفصلتها
عن أساسها ،وحالت بٌنها وبٌن ثمرتها ،وطوّ عتها لبلستؽبلل فً واقع الحٌاة ،وجعلت منها وسٌلة
لبلستؽبلل والخداع ،هذا الذي حاصل كما هو حال النظام السعودي والقوى التكفٌرٌة والقوى الظبلمٌة
بكل أشكالها وأنواعها ،من المنافقٌن والضالٌن والمبطلٌن والفاسدٌن المشوهٌن لئلسبلم.
ثم من ٌسعى إلى التحرر من ٌنجذب لعنوان كهذا لٌعً جٌدا أنه ال تحرر بما تعنٌه الكلمة وال استقبلل عن
التبعٌة بما تعنٌه الكلمة ألمتنا اإلسبلمٌة إال باالستقامة على نهج هللا واالقتداء والتمسك برسول هللا صلى
هللا علٌه وآله وسلم من خبلل االهتداء بالقرآن واالقتداء بالرسول ،هذا الذي ٌحقق استقبلال فعلٌا ،أما أن
ٌتجه اإلنسان نحو الشرق أو نحو الؽرب لٌقلد أو ٌحذو حذو هذا الطرؾ أو ذاك فً بعض من العناوٌن،
ثم ٌتجه على أساس باطل فً هذه الحٌاة لن ٌصل إلى نتٌجة ،لن ٌصل إلى نتٌجة.
ٌحرر اإلنسان من التبعٌة الفكرٌة للمفاهٌم الضبللٌة الشٌطانٌة والطاؼوتٌة ،وٌمنح اإلنسان الرإٌة
الصحٌحة والفهم الصحٌح والنظرة الصحٌحة إلى الواقع من حوله ،هذه مسؤلة مهمة جدا ،وال تإخذ بعٌن
االعتبار بشكل بارد فً كثٌر مما ٌُق َّدم من عناوٌن فً الساحة اإلسبلمٌة ،وهً من أهم المسابل على
اإلطبلق والذي ٌتؤمل فً واقع أمتنا ٌجد أنها ال تفتقر إلى شًء مثلما هً مفتقرة إلى الوعً إلى البصٌرة
إلى النورٌ ،ستخدم األعداء بكل أشكالهم من خارج األمة ومن داخل األمة كل القوى الظبلمٌة هً تقدم
مفاهٌم ظبلمٌة نشاط هابل تحت العنوان الفكري والتثقٌفً والتعلٌمً واإلعبلمً ،والتؤثٌر على الرأي العام
ّ
وٌمثل ذلك عامبل سٌبا وخطٌرا تؤثٌر على المفاهٌم على األفكار على التصورات على النظرة إلى الواقع،
جدا ،كبّل األمة وطوعها ألعدابها ّ
وأثر علٌها ،وحال بٌن الكثٌر من أبنابها وبٌن أن ٌُبصروا أن ٌعوا أن
ٌفهموا األمور بشكل صحٌح ،وأمكن األعداء أن ٌستؽلوهم أسوأ حالة من االستؽبلل.
ان َمٌْتا َفؤَحْ ٌَ ٌْ َناهُ َو َج َع ْل َنا لَ ُه ُنورا ٌَ ْمشِ ً ِب ِه فًِ
اإلسبلم ٌقول هللا عن قرآنه عن نوره عن هدٌه( :أَ َو َمنْ َك َ
ارج ِم ْن َها) الحالة مختلفة ،نور اإلسبلم هو نور لحركتك فً الحٌاة ت لٌَ َ اس َك َمنْ َم َثل ُ ُه فًِ ُّ
الظل ُ َما ِ ال َّن ِ
ْس ِب َخ ِ
لمواقفك التجاهاتك ألعمالك ولتصرفاتكُ ،تبنى على أساس تلك التعلٌمات وتلك الحقابق ،وتلك البصابر
التً ٌقدمها هللا سبحانه وتعالى لعباده ،فٌنظرون نظرة صحٌحة ونظرة سلٌمة ونظرة مستقٌمة.
ٗٓٔ
فً العهد الجاهلً األول ما قبل بعثة الرسول محمد (صلوات هللا علٌه وعلى آله) كان هناك فً الساحة
كثٌر من المفاهٌم الخاطبة والظبلمٌة تسٌطر على تفكٌر الناس على نظرتهم ،فً كبٌر المسابل وصؽٌرها،
من مسؤلة التوحٌد واأللوهٌة إلى أبسط القضاٌا ،وكانت تلك المفاهٌم ُتق َّدم كحقابق ٌُخدع بها الناس ُتق ّدم إلى
الناس على أنها الحق والحقٌقة وٌُص ّدق البعض من الناس ذلك ،ولكن نور اإلسبلم أتى لٌنقذ الناس من ذلك
ك) ٌخاطب الرسول (صلوات هللا علٌه وعلى آله) ( ِك َتاب أَ َ
نز ْل َناهُ إِلَ ٌْ َ
ك أوال ،فاِّل ٌقولِ ( :ك َتاب أَ ْن َز ْل َناهُ إِلَ ٌْ َ
ور) ٌقول هللا( :ه َُو الَّذِي ٌُ َن ِّز ُل َعلَى َع ْب ِد ِه آ ٌَات َب ٌِّ َنات لٌِّ ُْخ ِر َج ُكم م َِّن اس م َِن ُّ
الظل ُ َما ِ لِ ُت ْخ ِر َج ال َّن َ
ت إِلَى ال ُّن ِ
ُّ
الظل ُ َما ِ
ت إِلَى ال ُّن ِ
ور).
الظلمات هً مفاهٌم هً أفكار ٌا أٌها الناس ،الظلمات ٌمكن أن ُتق ّدم ضمن كتب مفاهٌم ظبلمٌةُ ،تقدم
ضمن كتب وٌمكن أن ُتق َّدم على منابر فً مساجد وٌمكن أن ُتق َّدم من أبواق ضالة مضلّة عبر وسابل
اإلعبلم ،لها أشكال متعددة ووسابل متنوعة ،لتإثر على الناس لتإثر على مفاهٌمهم ونظرتهم وفكرتهم
الصحٌحة والسلٌمة ،ولكن إذا تؤصل فً واقعنا الرجوع إلى االقتداء بالرسول واالهتداء بالقرآن بشكل
صحٌح نتخلص من كل المفاهٌم الظبلمٌة ،ونمتلك قدرا عالٌا من الوعً والفهم الصحٌح والنظرة
الصحٌحة والتقٌٌم الصحٌح والفرز الصحٌح حتى داخل مجتمعنا اإلسبلمً.
ٌتجلى لنا من هو الصادق من الكاذب ،بحسب المعاٌٌر والمواصفات القرآنٌةٌ ،تجلى لنا من هو المنافق
من المإمن حقاٌ ،تجلى لنا من هو الذي فً قلبه مرض ،ممن ٌنطلق بصدق وإخبلص وسبلمة قلب فً
حركته فً هذه الحٌاة وفً داخل األمة ،كل ذلك ٌتجلّى بحسب المواصفات والمعاٌٌر القرآنٌة الهادٌة،
ٌتجلى لنا من هو العدو الحقٌقً الذي ٌجب أن ُنعادٌه وماهً مسإولٌتنا ،وٌتجلى لنا من هو الصدٌق حتى
ال نكون ّ
سذجا وٌخدعنا اآلخرون فً والءاتنا ومواقفناٌ ،تجلى لنا ماهو الذي ٌعبّر عن حقٌقة اإلسبلم،
وماهو الزٌؾ الذي ٌُستخدم فقط من قوى الطاؼوت واالستكبار والنفاق للخداع واالستؽبلل ،تتجلى
األمور ،دٌن هللا هو فرقان ،فرقان نور ٌعطٌنا بصٌرة فً الواقع فنمٌز وندرك الفوارق بٌن حق وباطل،
بٌن صادق وكاذب ،بٌن زٌؾ وحقٌقة ،فبل ُنخدع وهذا من أحوج ما تحتاج إلٌه األمة ،وتضررت بشكل
كبٌر بقدر ما ؼاب عنها من ذلك وما خسرته منه.
ب .إهتمام النبً صلوات هللا علٌه و آله بتزكٌة النفوس بالقرآن
ولذلك كان من المهام الربٌسٌة للرسول صلى هللا علٌه وآله وسلم وللقرآن كذلك التزكٌة ؛ التزكٌة للنفس
البشرٌة وهً مهمة ربٌسٌة لؤلنبٌاء كلهم وللرسل كلهم ولكتب هللا كلها ومساحة كبٌرة من جهد األنبٌاء
ومساحة كبٌرة من كتب هللا سبحانه وتعالى اتجهت إلى النفس البشرٌة بهدؾ تزكٌتها على مستوى ما ٌقدم
على مستوى التعببة الروحٌة واإلٌمانٌة وعلى مستوى الجانب التربوي وعلى مستوى الكثٌر من
التشرٌعات فٌما أمرنا هللا به وكذلك فٌما نهانا عنه انصب ذلك فً كثٌر منه نحو تزكٌة هذه النفس البشرٌة
فٌما ٌسمو بها فٌما ٌعزز فٌها عناصر الخٌر النفس البشرٌة هً قابلة ألن تتربى على مساوئ األخبلق أو
على مكارم األخبلق ألن تنمو فٌها عناصر الخٌر أو تنمو فٌها عناصر الشر فً أن تنمو فٌها بذرات
التقوى أو تنمو فٌها بذرات الفجور ولهذا ٌقول هللا سبحانه وتعالى فً كتابه الكرٌم [ َو َن ْفس َو َما َس َّوا َها ()5
اب َمن َدسَّا َها] فالنفس ُور َها َو َت ْق َوا َها] عندما ٌقول جل شؤنه [ َق ْد أَ ْفلَ َح َمن َز َّكا َها (َ )9و َق ْد َخ َ َفؤ َ ْل َه َم َها فُج َ
البشرٌة ألهمت التقوى وألهمت الفجور ولدٌها القابلٌة للتقوى ولدٌها القابلٌة للفجور ولدٌها القابلٌة للتربٌة
على الخٌر وحب الخٌر وعناصر الخٌر والسمو والعشق لمكارم األخبلق ولدٌها كذلك القابلٌة ألن تتنامى
فٌها كل عناصر الشر والسوء ومساوئ األخبلق .فاإلسبلم ٌعطً أهمٌة كبٌرة للتزكٌة والرسول صلوات
هللا علٌه وعلى آله من مهامه الربٌسٌة العمل على التزكٌة ٌقول هللا جل شؤنه ( َك َما أَرْ َس ْل َنا فٌِ ُك ْم َرسُوال ِم ْن ُك ْم
ُون) وهو ٌقول وٌزكٌكم اب َو ْال ِح ْك َم َة َو ٌُ َعلِّ ُم ُك ْم َما لَ ْم َت ُكو ُنوا َتعْ لَم َ
ٌَ ْتلُو َعلَ ٌْ ُك ْم آ ٌَا ِت َنا َوٌ َُز ِّكٌ ُك ْم َو ٌُ َعلِّ ُم ُك ُم ْال ِك َت َ
أٌضا َ نجد فً القرآن الكرٌم تركٌز كبٌر جداَ على التزكٌة فمثبلَ كثٌر من الجوانب اإلٌمانٌة هً تساعد
اإلنسان على زكاء النفس اإلٌمان باِّل جل شؤنه كما فً القرآن الكرٌم اإلٌمان بإلوهٌته بربوبٌته وملكه
ورقابته وجزابه وأسمابه الحسنى وأنه العزٌز والمنتقم وعالم الؽٌب والشهادة والشاهد على العباد إلى
أخره .
اإلٌمان بالمعاد والحساب والجزاء والجنة والنار كل ذلك ٌساعد اإلنسان على تزكٌة نفسه وعلى االستقامة
فً هذه الحٌاة ٌمثل حافزاَ كبٌرا جدا وباعثا َ مهما َ للتزكٌة ....عندما نجد كثٌر من التشرٌعات ٌؤمرنا هللا
بؤشٌاء هً فً نفسها التزام بما فٌه زكاء للنفس أو بما ٌحمً النفس البشرٌة وٌحفظها من مإثرات سلبٌة
أخرى تدنسها وتإثر على زكابها وكذلك فً ما نهى هللا عنه أشٌاء كثٌرة نهى عنها باعتبار تؤثٌرها السلبً
على زكاء النفوس .وهكذا لنلحظ أن من العناصر الربٌسٌة والمهمة جداَ هو هذا الجانب وأن اإلسبلم
أعطاه اهتماما َ كبٌراَ ومساحة كبٌرة سواء فً الجانب الروحً فً الجانب التربوي فً الجانب التشرٌعً
أهمٌة كبٌرة جداَ.
ٔٓٙ
ج .مشكلة المنافقٌن تدنس نفسٌاتهم
ولهذا ٌتحدث القرآن الكرٌم عن االختبلل فً الوالء فٌجعل مرده اختبلال فً زكاء النفوس عندما ٌقول جل
ارى أَ ْولِ ٌَا َء َبعْ ُ
ض ُه ْم ٌِن آ َم ُنوا َال َت َّتخ ُِذوا ْال ٌَهُو َد َوال َّن َ
ص َ شؤنه هللا سبحانه وتعالى فً كتابه الكرٌم [ ٌَا أَ ٌُّ َها الَّذ َ
ٌِن فًِ قُل ُ ِ
وب ِهم ٌِن (ٔ٘) َف َت َرى الَّذ َ الظالِم َ أَ ْولِ ٌَا ُء َبعْ ض َو َمن ٌَ َت َولَّهُم مِّن ُك ْم َفإِ َّن ُه ِم ْن ُه ْم إِنَّ َّ َ
هللا َال ٌَ ْهدِي ْال َق ْو َم َّ
ُون فٌهم] هذه حالة ؼٌر صحٌة ؼٌر سلٌمة أبدا اختبلل فً زكاء اإلنسان؛ اإلنسان الذي ارع َم ََّرض ٌُ َس ِ
ٌفعل ذلك عنده اختبلل كبٌر فً واقعه النفسً فً مشاعره إما جبن أو بخل أو شك أو أي آفة من اآلفات
الخطٌرة جدا التً تفتك بؤخبلق اإلنسان.
ٔٓ5
ان لِ ٌَقُو َم اب َو ْالم َ
ٌِز َ ت َوأَ َ
نز ْل َنا َم َع ُه ُم ْال ِك َت َ هللا جل شؤنه ٌإكد هذا فً القرآن الكرٌم ( ل َق ْد أَرْ َس ْل َنا ُر ُسلَ َنا ِب ْال َب ٌِّ َنا ِ
ال َّناسُ ِب ْالقِسْ طِ ) .فالقسط ٌعتبر فً دٌن اإلسبلم مسبولٌة ربٌسٌة على الناس على كل منتمً لئلسبلم أن
ٌدرك أن من مسبولٌاته أن من التزاماته الدٌنٌة أن ٌكون ساعٌا َ إلقامة العدل فً هذه الحٌاة وضداَ للظلم
والطؽٌان .
هذه مسؤلة مهمة جدا وؼابت فً الساحة اإلسبلمٌة ،ؼابت إلى حد كبٌر ،وأصبح الكثٌر من المنتمٌن إلى
اإلسبلم ٌعتبر نفسه ؼٌر معنًّ نهابٌا بهذا األمرٌ ،حصل ظلم وهذا الزمن مظالم كبٌرة جدا عندما ننظر
إلى ظلم تحالؾ العدوان لشعبنا الٌمنً ،ظلم إسرابٌل للشعب الفلسطٌنً ظلم هنا وهناك ،الساحة اإلسبلمٌة
ممتلبة بالظلم ،ونحن نقول أن هذا الواقع الذي تعٌشه األمة فً المنطقة العربٌة وفً بلدان كثٌرة ٌشهد على
فجوة كبٌرة عن أشٌاء مهمة وأساسٌة فً اإلسبلمٌ ،شهد على مستوى وحجم االنحراؾ الذي حصل فً
واقع األمة عن أساسٌات هذا اإلسبلم ،ألن المسلمٌن وصلوا إلى حالة واقعهم فٌها هو أسوأ واقع فً العالم،
الظلم فً ساحتهم أكثر من أي ساحة عالمٌة أخرى ،بٌبة مفتوحة أمام الفساد بٌبة مفتوحة أمام الضبلل،
بٌبة ٌتلعب فٌها أعداء األمة بكل بساطة بٌبة ٌتحرك فٌها الكثٌر من أبناء األمة من المنتسبٌن لؤلمة وإلى
دٌنها فً خدمة أعدابها بكل وضوح وعبلنٌة وٌفاخرون بذلك ،وبٌبة فٌها كل أشكال وأنواع المفاسد ،وفٌها
سهولة فً عملٌة االستقطاب من كل فبات الضبلل كل فترة وأنت تسمع بفبة ضالة جدٌدة تستقطب من
داخل الساحة العربٌة ،وكل فترة وأتى عنوان وأخذ له ما أخذ.
هذه الحالة ؼٌر صحٌة ؼٌر سلٌمة ؼٌر طبٌعٌة ،حالة خطٌرة جدا فً واقع األمة ،هً تستدعً أن ٌلتفت
الناس بجدٌّة إلى معرفة مستوى الخلل وما ٌنبؽً على األمة وما علٌها من مسإولٌة فً معالجة هذا الخلل
وفً أن تتجه االتجاه الصحٌح الذي ٌُصلح واقعها ،ألنه ال إمكانٌة أبدا للتؽٌٌر نحو األفضل إال بذلك،
هللا الَ ٌُ َؽ ٌِّ ُر َما ِب َق ْوم َح َّتى ٌُ َؽ ٌِّرُو ْا َما ِبؤ َ ْنفُسِ ِه ْم) .
باالتجاه الجاد بدءا من تؽٌٌر ما باألنفس (إِنَّ ّ َ
إذا كان لدٌنا وعً بؤن من مسإولٌاتنا كمسلمٌن أن نعمل على إقامة العدل هذا ٌحتاج إلى تحرك جاد ،إلى
مسإولٌات عملٌة إلى وحدة كلمة وإلى تحرك بجدٌّة فً الواقع إلقامة العدل وال ٌمكن أن نقٌم العدل إال
وأن نحارب الظلم ،هناك فً الساحة فبات ظالمة مكونات ظالمة من داخل األمة ومن خارج األمة ،إذا
أردنا أن نقٌم العدل البد أن نقؾ فً وجه أولبك الطؽاة الظالمٌن المتسلطٌن المجرمٌن ،هناك كٌانات كبٌرة
دول حكومات متسلطة ظالمة وال ٌمكن أن ندفع ظلمها إال بموقؾ بتحرك بتحمّل مسإولٌة بجدٌّة،
فاإلسبلم دٌن عدل وقسط وال ٌقبل أبدا بؤن ٌعبّر عنه أولبك الطؽاة الظالمون الجابرون المفسدونٌ ،ؤتٌك
طاؼٌة مجرم من موقعه فً السلطة وهو ٌوالً أمرٌكا وٌتحرك فً خدمة أمرٌكا وٌقدم نفسه والٌا باسم
اإلسبلم وحاكما باسم اإلسبلم وٌقدم نفسه كملك أو أمٌر أو بؤي صفة من الصفات ألنه ٌمثل اإلسبلم وٌمثل
األمة اإلسبلمٌة فً الوقت الذي هو حسب التوصٌؾ القرآنً ظالم وطاؼٌة ومجرم ومنافق وفاسق وفاجر
إلى آخر التسمٌات القرآنٌة التً تنطبق علٌه بما ٌفعل بما ٌتصرؾ بما هو فٌه فً والءاته فً تبعٌته
ألعداء األمة فً اتجاهاته فً سٌاساته فً كل ماهو علٌه.
ٌِن ِب ْالقِسْ طِ ) هذا أمر من هللا فاإلسبلم دٌن عدل ودٌن قسط وهللا هو القابلٌَ ( :ا أَ ٌُّ َها الَّذ َ
ٌِن آ َم ُنوا ُكو ُنوا َق َّوام َ
سبحانه وتعالى لكل الذٌن ٌحسبون أنفسهم على هذا اإلسبلم أن ٌكونوا قوّ امٌن بالقسط ،وهذا ٌعنً
استمرارٌة ،مسإولٌة مستمرة أنتم مستمرون علٌها ،مسٌرة حٌاة ومنهج حٌاة ومسار مستمر ،ألنه ال ٌمكن
ٔٓ8
إقامة القسط إال بهذا أن تكون المسؤلة مسؤلة مسٌرة مستمرة عمل مستمر نشاط مستمر ما هو أن المسؤلة
مسؤلة هبه وانتهى الموضوع فهذا ال ٌمكن ،كونوا قوامٌن بالقسط شهداء ِّل وفً آٌة أخرىُ ( :كو ُنوا
ش َه َدا َء ِب ْالقِسْ طِ ) ومإدى اآلٌتٌن واحد فً النهاٌة هً مسإولٌة نتحرك بها فً واقع هذه الحٌاة. ٌِن ِ َّ ِ
ِّل ُ َق َّوام َ
فؤن ٌتصور البعض أن باإلمكان أن ٌكون معبّرا عن اإلسبلم فً أصالته فً امتداده الصحٌح اإلقتداء
برسول هللا والتمسك بالقرآن ،وٌكون إما فً صؾ الطؽاة الظالمٌن المجرمٌن الذٌن ٌُمٌتون العدل بتبعٌتهم
ألعداء األمة وٌظلمون األمة بماهم علٌه وبماهم فٌه وما ٌفعلونه وما ٌمارسونه ،أو أن ٌتؽاضى وأن
ٌصمت وأن ٌجمد وأن ٌترك الساحة مفتوحة أمامهم وال ٌسعى إلقامة العدل وإماتة الظلم ،وٌعتبر نفسه فً
الموقؾ الصحٌح أو االتجاه الصحٌح ،هو مخطا بكل ماتعنٌه الكلمة ،وهو بعٌد عن المسار الصحٌح
لئلسبلم فً معالمه المهمة والربٌسٌة.
الٌوم قدم اإلسلم للكثٌر من أبناء األمة إسلم إسلما ال ٌحق حقا وال ٌبطل باطل وال ٌثمر عدال وال
ٌصلح واقعا وال ٌبنً أمة .
المسإولٌة فً القرآن
جانب المسإولٌة جانب واسع ٌشمل مجاالت متعددة المسإولٌة فً إقامة العدل والحق فً الحٌاة،
المسإولٌة فً األمر بالمعروؾ والنهً عن المنكر كما قرأنا فً المحاضرات الماضٌة قول هللا تعالى ( ٌَا
ِّل) تحدثنا عن هذه اآلٌة المباركة أٌضا قول هللا تعالى ( ُك ْن ُت ْم ش َه َدا َء ِ َّ ِ
ٌِن ِب ْالقِسْ طِ ُ
ٌِن آ َم ُنوا ُكو ُنوا َق َّوام َ أَ ٌُّ َها الَّذ َ
اِّل) خٌرٌة هذه األمة وما كان ون ِب َّ
ُون ِب ْال َمعْ رُوؾِ َو َت ْن َه ْو َن َع ِن ْال ُم ْن َك ِر َو ُت ْإ ِم ُن َ اس َتؤْ ُمر َ َخٌ َْر أُمَّة أ ُ ْخ ِر َج ْ
ت لِل َّن ِ
علٌه أخٌارها فً الماضً هو االلتزام بهذه التعلٌمات اإللهٌة باألمر بالمعروؾ والنهً عن المنكر
واإلٌمان باِّل ،أخٌار هذه األمة فً الماضً كانوا أخٌاراَ بهذه القٌم بهذه االلتزامات بهذه التوجٌهات اإللهٌة
ومدى التزامهم ،بها األمة بعدهم كذلك لن تكون خٌر َة إال بمدى التزامها بهذه الن الخٌرٌة اقترنت بهذا
تؤمرون بالمعروؾ وتنهون عن المنكر وتإمنون باِّل .من ال ٌسٌر فً هذا االتجاه حتى لو كان ٌعتبر
نفسه من األخٌار إما باعتباره بصفة عالم دٌن أو بصفت ِه بصفة عابد ٌقدم نفسه بصفة عابد أو بؤي شكل
من األشكال كمصلح فً هذه الحٌاة أو أي شًء أي عنوان آخر لٌس من األخٌار أبدا؛ من ال ٌتجه هذا
االتجاه كشخص أو كمجتمع أو كؤمة ،بل ٌمكن لؤلمة بتعطٌلها لمسإولٌتها هذه وابتعادها عن هذه التعلٌمات
اإللهٌة أن تتحول إلى أسوأ أمة بدال أن تكون خٌر أمة؛ تكون أسوأ أمة أخرجت للناس أمة قلٌلة الخٌر
متعطلة عن القٌام والنهوض بمسإولٌاتها بما أتاح المجال لقوى الشر والفساد أن تطؽى بفسادها وظلمها
وإجرامها فً هذا العالم كذلك المسإولٌة المتعلقة بالجهاد فً سبٌل هللا الفرٌضة العظٌمة المهمة التً البد
منها لكً تتمكن األمة من االستقامة فً السٌر على أساس منهج هللا و أي مجتمع كمجتمع ٌسعى ألن
ٌتحرك على أساس منهج هللا ٌسعى متحرراَ من سٌطرة الطاؼوت ومستقبلَ من التبعٌة لبلستكبار
والطاؼوت سٌمنع سٌقاتل سٌعادى إن أراد السٌر فً هذا االتجاه الذي ٌتناقض كلٌا َ مع قوى الطاؼوت
والشر واإلجرام والفساد فً هذا العالم ؛ سٌمنع الناس ألنه ٌراد لهم من قبل تلك القوى الشٌطانٌة أن
ٌكونوا خاضعٌن أن ٌكونوا مذعنٌن أن ٌكونوا مستسلمٌن ومستكٌنٌن ثم أن ٌكونوا مستؽلٌن ومستعبدٌن
ٔٓ9
نحن
لقوى الطاؼوت .ما الذي ترٌده أمرٌكا منا الٌوم إال أن نخضع لسٌطرتها بشكل مطلق إال أن تستؽلنا َ
كبشر ومواردنا االقتصادٌة ومناطقنا حتى على مستوى أراضٌنا بكل شًء ترٌد أن تستؽل كل شًء ما
الذي ٌرٌده عمبلء أمرٌكا؟ إال عملٌة إخضاع لطاؼوتهم األمرٌكً على نحو ما ٌرٌد وبما ٌسعى له فإذا
هذه األمة إذا أرادت أن تتحرك ستقمع سٌسعى اآلخرون الستهدافها وٌقوم لها أعداء تختلؾ معهم تتناقض
معهم فً اتجاهاتهم فً أرادتهم فٌما ٌسعون له من سٌطرة واستعباد.
األمة البد أن تدافع عن نفسها وتواجه هذا العدو الذي ٌعتدي علٌها وٌسعى الستهدافها بكل الوسابل
واألعداء هم ٌستهدفون األمة عسكرٌاٌ ،ستهدفونها اقتصادٌاٌَ ،ستهدفونها ثقافٌا َ وفكرٌا َ وإعبلمٌا َ وكل ما
ٌدخل فً إطار ما ٌسمى الٌوم بالحرب الناعمة االستهداؾ لؤلمة بكل أشكال االستهداؾ .فً ظل واقع
كهذا كٌف نتحرك؟ من هو قدوتنا؟ ما هً المنهجٌة التً ٌنبغً أن نتبعها؟ ما هً الرإٌة التً ٌنبغً أن
نعتمد علٌها؟ نعود إلى رسول هللا صلوات هللا علٌه وعلى آله نعود إلى القرآن الكرٌم ماذا فعل رسول
هللا؟ ما الذي وجهنا إلٌه هللا فً القرآن الكرٌم؟ هل وجهنا بالقعود والسكوت والجمود واالستسلم؟ هل
أمرنا بالخنوع والخضوع للطغاة؟ هل علمنا القرآن الكرٌم أن نكون أمة مٌتة اإلحساس مٌتة الشعور
غافلة عن أعدابها الهٌة باألشٌاء التافهة فً واقع حٌاتها وغٌر منتبهة إلى الواقع من حولها؟ هل علمنا
أن نبنً واقعنا لنكون أمة ضعٌفة عاجزة؟ تتجه إلى االعتماد على أعدابها فً كل شًء؟ أم أن للقران
منهجا َ آخر غٌر هذا المنهج الذي ٌحدثنا به الكثٌر من الضالٌن من المرجفٌن والمنافقٌن والذٌن فً
قلوبهم مرض من الخانعٌن من الجاهلٌن؟ أم أن للرسول صلى هللا علٌه وآله وسلم فً مسٌرته العملٌة
فً تطبٌق القرآن وفً إقامة هذا الدٌن سٌرة مختلفة عما ٌحاول اآلخرون باسم الدٌن أو تحت عناوٌن
أخرى أن ٌخدعونا به لتدجٌننا لصالح أعدابنا؟ عودة بسٌطة إلى القرآن الكرٌم تجد سوراَ بؤكملها سوراَ
بؤكملها تبنً واقع هذه األمة على درجة عالٌة من االنتباه والٌقظة والحذر والوعً واإلحساس العالً
بالمسإولٌة والسعً الن تكون أمة قوٌة وأن تكون أمة حرة وعزٌزة وأبٌة وثابتة فً وجه أعدابها وأن
تحمل فً مشاعرها العزة والقوة والحرٌة واإلباء وأن تتحرك بكل جدٌة فً مواجهة التحدٌات واألخطار
التً ٌستهدفها بها أعدابها .
ول َّ ِ
هللا ) س ِ ( َف ِر َح ا ْل ُم َخلَّفُونَ ِب َم ْق َع ِد ِه ْم خ َِل َ
ف َر ُ
عندما نؤتً أٌضا إلى القرآن الكرٌم كٌؾ ٌتحدث أٌضا فً هذا السٌاقٌ ،قول هللا سبحانه وتعالىَ ( :ف ِر َح
هللا ) ،المخلفون ،هذه السمة وهذا التوصٌؾ الذي ٌمثل فعبل عبلمة سلبٌة ُول َّ ِ ْالم َُخلَّفُ َ
ون ِب َم ْق َع ِد ِه ْم خ َِبل َ
ؾ َرس ِ
لمن ٌتصفون به ،المخلفون هم أولبك الذٌن تنصلوا عن المسإولٌة ،هم أولبك الذٌن لم تحركهم ال فطرتهم
وال مشاعرهم اإلنسانٌة وهم ٌرون الخطر على أمتهم من حولهم ،الخطر الذي ٌشملهم كما هو خطر على
األمة بكلها ،رضوا ألنفسهم بالتنصل عن المسإولٌة ،رضوا ألنفسهم أن ٌعٌشوا فً واقع الذل والهوان
ٕٔٔ
والجمود واالستسبلم ،رضوا ألنفسهم بالخنوع ،ال ٌمتلكون الطاقة اإلٌمانٌة والدافع اإلٌمانً وال الضمٌر
اإلنسانً وال اإلحساس بالواقع من حولهم ،قلوب مٌتة وجامدة وباردة ،ال تلتفت وال تتفاعل مع ما حولها
هللا) كان لهم ذنبان ،الذنب األول هو قعودهم ،قعودهم بنفسه ذنب،ُول َّ ِ ( َف ِر َح ْالم َُخلَّفُ َ
ون ِب َم ْق َع ِد ِه ْم خ َِبل َ
ؾ َرس ِ
وتخلفهم عن النهوض بالمسإولٌة والتحرك ذنب ،وإضافة إلى ذلك فرحوا ،فرحهم هو ذنب آخر ،الفرح
بقعودهم ،ألنهم ٌعتبرون قعودهم هو الصواب وهو السٌاسة وهو الحكمة وأنهم أذكٌاء وأنهم عباقرة ،لم
ٌورطوا أنفسهم كما فعل اآلخرونٌ ،رون فً نهوض اآلخرٌن بالمسإولٌة وتحركهم للتصدي للخطر أنه
تورط ،وأنه ؼباء سٌاسً ،وأنه حماقة ،وأنه كان ٌنبؽً لهم أن ٌخنعوا وأن ٌستكٌنوا وأن ٌستسلموا ألعداء
األمة ،فهم فرحوا بما هم علٌه من قعود واعتبروا أنفسهم أذكٌاء وعباقرة وسٌاسٌٌن وحكماء وأن اآلخرٌن
أؼبٌاء ومتهورٌن،
ٌل َّ ِ
هللا )..... ( َو َك ِرهُوا أَنْ ٌُ َجا ِهدُوا ِبؤ َ ْم َوالِ ِه ْم َوأَ ْنفُسِ ِه ْم فًِ َ
س ِب ِ
( َو َك ِرهُوا أَنْ ٌ َُجا ِه ُدوا ِبؤَمْ َوال ِِه ْم َوأَ ْنفُسِ ِه ْم فًِ َس ِب ِ
ٌل َّ ِ
هللا ) ،عندهم كره للجهاد ،وصل بهم الحال إلى أن
ٌكرهوا الجهاد فً سبٌل هللا بالمال والنفس ،لٌس عندهم أي رؼبة فً ذلك ،وال أي اندفاع ،هذا ٌدل على
خواء إٌمانً ،على فراغ ،ألن الجانب اإلٌمانً ثمرته فً النفس ،رؼبة فٌما هو رضا ِّل ،هذا أمر ال شك
فٌه ،ثمرة اإلٌمان رؼبة ،اندفاع تفاعل مع ما فٌه مرضاة هللا سبحانه وتعالى ،هإالء على العكس ،كرهوا،
معقد من الجهادٌ ،عنً البعض من شدة تعقده ال ٌرؼب حتى بؤن ٌسمع الكبلم ،حتى اسم الجهاد ،عنده
عقدة نفسٌة من نفس االسم ،وعلى هذا ٌجري الحال فً بعض المناطق ،ال ٌرؼب حتى أن ٌسمع فً
خطبة جمعة أو فً حدٌث أو فً تذكٌر بآٌات هللا ،أي كلمة فٌها مفردة قتال فً سبٌل هللا أو جهاد فً سبٌل
هللا ،هذه الحالة الشاذة سنتحدث عنها على ضوء بعض اآلٌات إن شاء هللا أٌضا فٌما سٌؤتً.
( َو َك ِرهُوا أَنْ ٌ َُجا ِه ُدوا ِبؤَمْ َوال ِِه ْم َوأَ ْنفُسِ ِه ْم فًِ َس ِب ِ
ٌل َّ ِ
هللا َو َقالُوا َال َت ْن ِفرُوا فًِ ْال َحرِّ ) ال ٌكتفً بؤن ٌقعد بكل ما
هو علٌه من عار القعود ،عار التخلؾ ،هذا الذي شهد علٌه أنه قد تفرغ من كل المشاعر اإلنسانٌة
والدوافع اإلٌمانٌة ال ٌكتفً بل ٌتجه إلى اآلخرٌن لتثبٌطهم تحت أي عنوان ،أما عنوان مثل هذا العنوان،
ال تنفروا فً الحر ،أو أي إشكالٌة ٌستؽلها أو أي عنوان آخر ٌرى أنه وسٌلة للتثبٌط ٌسعى للتثبٌط من
ُون) ،ألنهم موعودن بالعذاب ،هم موعودون بعذاب هللا ،نعوذ خبلله (قُ ْل َنا ُر َج َه َّن َم أَ َش ُّد َح ّرا لَ ْو َكا ُنوا ٌَ ْف َقه َ
باِّل ،قل نار جهنم أشدا حرا ،هذا وعٌد بجنهم ،لو كانوا ٌفقهون ،ألنهم قد تبلدوا وانؽلقت عندهم كل منافذ
الوعً ،المتخلفون الجامدون القاعدون ٌصلون إلى هذه الحالة من الخذالنَ ( ،ف ْل ٌَضْ َح ُكوا َقلٌِبل) فٌما هم
علٌه من تباه وارتٌاح بتخلفهم ،واستخفاؾ باآلخرٌن والسخرٌة من اآلخرٌن الذٌن تحركوا فً مسإولٌتهم
( َو ْل ٌَ ْب ُكوا َكثٌِرا) ألن أمامهم فً جنهم العذاب الشدٌد الذي سٌكونون فٌه فً حالة بكاء ال انقطاع له ( َج َزاء
ُون) ،مع أن البعض حتى فً الدنٌا تصل إلٌهم ولٌبكوا كثٌرا، ِب َما َكا ُنوا ٌَ ْكسِ ب َ
ًِ أَ َبدًا
َفقُل لَّن َت ْخ ُر ُجوا َمع َ
ًِ أَ َبدا َولَن ُت َقا ِتلُوا َمع َ
ًِ َع ُدوّ ا إِ َّن ُك ْم وج َفقُل لَّن َت ْخ ُرجُوا َمع َ هللا ُ إِلَى َطا ِب َفة ِّم ْن ُه ْم َفاسْ َتؤْ َذ ُنو َ ْ
ك َّ
ك لِل ُخ ُر ِ ( َفإِن رَّ َج َع َ
ٌِن) ،البعض ٌصل بهم الحد من سخط هللا ومقته علٌهم عندما َرضِ ٌ ُتم ِب ْالقُعُو ِد أَ َّو َل َمرَّ ة َفا ْق ُع ُدوا َم َع ْال َخالِف َ
ٌتخاذلون فً مرحلة حساسة ،مرحلة مصٌرٌة ،تكون األمة فٌها فً مشكلة كبٌرة وفً مواجهة تحدٌات
ٖٔٔ
وأخطار كبٌرة وفً أشد الظروؾ وأقسى المراحل وأصعب المراحل ٌتخاذلون ٌثبطون ٌشمتون،
ٌسخرونٌ ،ستهزإون ،ثم عندما تجتاز األمة تلك المرحلة الخطرة جدا ،تلك الظروؾ الصعبة والحساسة
والمصٌرٌة وتخرج منها بالنصر وتنفتح لها آفاق االنتصارات وتؤتً مراحل متقدمة ،األمة فٌها فً مرحلة
انتصارات وقد تجاوزت تلك المراحل الخطرة للؽاٌة والصعبة جداٌ ،ؤتً البعض فً تلك المراحل لٌتحرك
فٌما بعد ،وٌعتبر نفسه ذكٌا أنه فً المراحل الخطٌرة والصعبة والحساسة قعد وتخاذل ،مثل هذه النوعٌة ال
ٌقبل هللا منها وال ٌنبؽً للمإمنٌن أن ٌقبلوا منها أن تتحرك فٌما بعد ،ممنوعة خبلص ،مقتت وخذلت،
ألنها حتى لو تحركت فٌما بعد هً ال تتحرك بدافع إٌمانً ،إما بدافع مادي ،بدافع المكاسب فً مرحلة
اطمؤنت فٌها من المخاطر ،وفً المرحلة التً هً صعبة والمرحلة التً فٌها أخطار كبٌرة تنصلت
وتخاذلت ،مثل هذه الفبة بالذات ال ٌنبؽً أن تقبل فٌما بعد أبدا ،بهذا التعبٌر القرآنً:
"فقل لن تخرجوا معً أبدا" ،نهابٌا ألنهم ال ٌتحركون بدافع إٌمانً نهابٌا ،ولن تقاتلوا معً عدوا ،إنكم
رضٌتم بالقعود أول مرة أنتم قعدتم برضا بذلك القعود ،البعض من الناس قد ٌقعد وهو ٌحس بالذنب،
وٌستشعر التقصٌر ،وٌقول وهللا نحن مقصرون لؤلسؾ وقعودنا هو خطؤ ،لكن البعض الٌ ،قعد برضا
بارتٌاح لما هو فٌه من تخاذل ،هذا إنسان عدٌم اإلحساس ،منعدم اإلٌمان ،هذا إنسان قد وصل إلى درجة
خطٌرة جدا من االنسبلخ والتفرغ من كل القٌم اإلنسانٌة والفطرٌة واإللهٌة ،إنسان بلػ ؼاٌة السوء جدا،
وأحٌانا تكون هناك أحداث مإلمة للؽاٌة تحرك أي إنسان بقً فٌه شًء من اإلحساس اإلنسانً مظالم
كبٌرة جرابم كبٌرة معاناة كبٌرة ،وٌكون األعداء على مستوى فظٌع جدا من عدوانٌتهم وإجرامهم ،إنسان
ٌرضى لنفسه بالقعود فً واقع كهذا فاعتبره لم ٌعد له من كلمة إنسان إال االسم وإال قد صار حٌوانا متبلدا
لم ٌعد ٌمتلك المشاعر اإلنسانٌة ،البعض ٌشاهد مشاهد مؤساوٌة جدا من جرابم األعداء وال ٌحركه ذلك،
ٌلحظ عدوانا وحشٌا وإجرامٌا وببؽً كبٌر وال ٌستفزه ذلك وال ٌإثر فٌه ذلك ،ال آٌات هللا تإثر فٌه من
القرآن وال الواقع من حوله وال المآسً من حوله وال األحداث من حوله تإثر فٌه وال تحركه ،ماذا ٌعنً
ذلك؟ ٌرضى لنفسه بالقعود وٌرتاح وٌضحك ٌشعر بالسرور فً ماهو فٌه وهو فً حالة ال تلٌق أبدا ٌعنً
بإنسان ٌحمل الشعور اإلنسانً ال تلٌق بإنسان بقً له فٌه ذرة من اإلحساس والوجدان والمشاعر
اإلنسانٌة ،مثل هذه النوعٌة ال ٌُقبل منها (إِ َّن ُك ْم َرضِ ٌ ُت ْم ِب ْالقُعُو ِد أَ َّو َل َمرَّ ة) رضٌتم بالقعود كما قلنا البعض قد
ٌقعد وهو ٌحس بالذنب وقد ٌتوب فٌما بعد وٌنطلق ،لكن تلك الفبة التً رضٌت بالقعود خبلص ( َفا ْق ُع ُدوا
ٌِن) اقعدوا كما النساء والصبٌان ،النساء اللواتً لهن عذرهن فً التخلؾ ،وكاألطفال الصؽار؛ َم َع ْال َخالِف َ
أما موقفكم فلٌس بمناسب أبدا ؛ ٌعنً فً حالة الجمود والتخاذل والتنصل عن المسإولٌةٌ ،عنً حالة معٌبة
ٌِن) ٌعنً أنتم فً حالة معٌبة ال تش ّرفكم أبدا كرجالٌ ،فترض أنكم من تذهبون وتعلّق ( َفا ْق ُع ُدوا َم َع ْال َخالِف َ
علٌكم نساإكم األمل ألنكم حماة للعرض واألرض والشرؾ ،ولكن تبقون أٌها المتخاذلون أنتم بحاجة لمن
ٌحمٌكم أنتم والنسوان واألطفال حالكم حال تلك النسوة وتلك األطفال الذٌن هم بحاجة إلى من ٌحمل نخوة
وشهامة ومروءة وعزة وإباء فٌذهب لحماٌة تلك الفبات الضعٌفة والمستهدفة من جانب األعداء.
فعندما ٌقول هللا ( َفا ْق ُع ُدوا َم َع ْال َخالِف َ
ٌِن ) ٌعنً أنكم فً وضعٌة معٌبة ومخزٌة ومشٌنه وؼٌر البقة بكم،
انظروا كٌؾ هو منطق القرآن ،البعض ٌكونون فً حالة من التباهً بما هم علٌه من قعود ،كٌؾ ٌتحدث
عنهم القرآن الكرٌم
ٗٔٔ
ات أَ َبدًا َوال َتقُ ْم َعلَى َق ْب ِر ِه)
صل ِّ َعلَى أَ َحد ِم ْن ُه ْم َم َ
( َوال ُت َ
ات أَ َبدا َوال َتقُ ْم َعلَى َقب ِْر ِه) هذه الفبة التً رضٌت بالقعود وافتخرت بقعودها، ص ِّل َعلَى أَ َحد ِم ْن ُه ْم َم َ( َوال ُت َ
وبررت قعودها وأصرّت على أنه هو الموقؾ الصحٌح والسلٌم والحكٌم ،تحت أي تبرٌر ،هإالء مقاطعة
لهم حتى بالصبلة علٌهمَ ( ،وال َتقُ ْم َع َلى َقب ِْر ِه) ال تقم حتى على قبره ،فبة ال ٌنبؽً أن ٌتعامل معها المجتمع
باحترام أبدا ،ال فً حٌاتها وال فً مماتها ،وتقاطع إلى هذه الدرجة من المقاطعة ،لماذا؟ ألن اإلنسان إذا
وصل إلى حالة الرضا بالقعود ومات عنده روح اإلحساس بالمسإولٌة بشكل تام فإن هذا ٌعنً أنه فقد
مبطنْ ،هو فقد الثقة باِّل سبحانه وتعالى ،إذا مبطنْ فً وجدانه وفً أعماق نفسه كفر ّ إٌمانه فً داخله كفر ّ
كنت تعتبر نفسك مإمنا ومتدٌنا ألن البعض ٌعتبر نفسه حتى متدٌنا وأكثر من ؼٌره ،فماهو هذا التدٌن
الذي ال ٌنسجم مع القرآن ال ٌلتقً مع القرآن ال ٌتجاوب مع آٌات هللا وتوجٌهاته ،أي تدٌن هذا؟! آٌات هللا
فٌها وعٌد على ترك الجهاد فً سبٌل هللا وعٌد بالعذاب ،فٌها تؤكٌد على أن اإلنسان الذي ٌُعرض عن هذه
وٌعطل هذه الفرٌضة فقد إٌمانه فقد إٌمانه وأنه ال ٌعتبر عند هللا من المإمنٌن وال ٌسٌر فً ّ الفرٌضة
ٌن) فالمسؤلة ٌِن َجا َه ُدوا مِن ُك ْم َو ٌَعْ لَ َم الص ِ
َّاب ِر َ طرٌق الجنة( ،أَ ْم َحسِ ْب ُت ْم أَن َت ْد ُخلُوا ْال َج َّن َة َولَمَّا ٌَعْ لَم َّ
هللا ُ الَّذ َ ِ
ون) فهم عاشوا فً واقعهم لما وصلوا اِّل َو َرسُولِ ِه َو َما ُتوا َو ُه ْم َفاسِ قُ َ واضحة جداٌ ،قول هللا( :إِ َّن ُه ْم َك َفرُوا ِب َّ ِ
إلى درجة الرضا بماهم علٌه من قعود وجمود وتنصل عن المسإولٌة ،وتفرّج على واقع األمة ،معنى ذلك
أنهم وصلوا إلى حالة سٌبة وحالة مخزٌة وحالة من انعدام تلك المبادئ اإلٌمانٌة والقٌم واألخبلق اإلٌمانٌة
التً ٌُفترض أن ُتحًٌ فٌهم روح الشعور بالمسإولٌة
ج ْب َك أَ ْم َوال ُ ُه ْم َو َال أَ ْو َال ُد ُه ْم)
( َف َل ُت ْع ِ
هللا ُ لِ ٌُ َع ِّذ َبهُم
ك أَم َْوال ُ ُه ْم َو َال أَ ْو َال ُد ُه ْم) فبل تعول علٌهم وال على إمكاناتهم وال تإمل فٌهم (إِ َّن َما ٌ ُِرٌ ُد َّ ( َف َبل ُتعْ ِج ْب َ
ُون) هً عذاب نفسً علٌهم ،هم فً حالة من األلم والقلق ِب َها فًِ ْال َح ٌَا ِة ال ُّد ْن ٌَا َو َت ْز َه َق أَنفُ ُس ُه ْم َو ُه ْم َكا ِفر َ
ُورة أَنْ آ ِم ُنوا ِب َّ ِ ُ
اِّل َو َجا ِه ُدوا َم َع َرسُولِ ِه تس َ علٌها حتى ال تتضرر أو ٌخسرون شٌبا منهاَ ( ،وإِ َذا أ ِ
نزلَ ْ
ٌِن) هذه الفبة المٌالة للقعود المٌالة للجمود المتنصلة ك أُولُو َّ
الط ْو ِل ِم ْن ُه ْم َو َقالُوا َذرْ َنا َن ُكن م ََّع ْال َقاعِ د َ اسْ َتؤْ َذ َن َ
عن المسإولٌة المتهربة من القٌام بالواجب المتفرجة على ما تعانٌه األمة من حولها وما تواجهه من
أخطار وتحدٌات ،وكؤنها ؼٌر معنٌة بشًء،
ضوا ِبؤَن ٌَ ُكو ُنوا َم َع ا ْل َخ َوالِ ِ
ف) ( َر ُ
( َرضُوا ِبؤَن ٌَ ُكو ُنوا َم َع ْال َخ َوالِؾِ ) ،رضوا ألنفسهم أن ٌكونوا ببل ضمٌر ،ببل موقؾ ،معٌب فً حق
اإلنسان أن ٌكون ببل موقؾ ،هللا قد أعطاك طاقة وقدرة تستطٌع أن تكون صاحب موقؾ ،إٌمانك ٌفرض
علٌك أن تكون صاحب موقؾ إن كان فٌك إٌمان ،الدٌن الذي تنتمً إلٌه ٌفرض علٌك أن ٌكون لك موقؾ،
أٌن هو موقفك؟ ( َرضُوا ِبؤَن ٌَ ُكو ُنوا َم َع ْال َخ َوالِؾِ ) وهذه حالة خطٌرة جدا ،حالة الرضا ،ألن البعض كما
قلت قد ٌستشعر التقصٌر والذنب وٌعترؾ على نفسه بالتقصٌر لقعوده ،لكن البعض راضون بماهم علٌه،
راضٌن بماهم علٌه ومرتاحٌن فٌما هم علٌه ،وهذه قضٌة خطٌرة جدا ،تسبب مقت من هللا مقت شدٌد جدا
وخزي من هللا وسخط كبٌر من هللا سبحانه وتعالىُ ،
وطبع على قلوبهم ،هذه حالة خطٌرة جدا،
٘ٔٔ
عقوبات إلهٌة على المتخاذلٌن والمتنصلٌن عن المسإولٌة
من أكبر العقوبات اإللهٌة على المتخاذلٌن والمتنصلٌن عن المسإولٌة والراضٌن بالقعود ،أن من أكبر
ما ٌعاقبهم هللا به أن ٌطبع على قلوبهم وإذا طبع على قلب اإلنسان فهو ٌتعرض لحالتٌن خطٌرتٌن جداً:
.1الحالة األولى :انعدام المشاعر اإلنسانٌة ،مهما حدث فقد أصبح قلبه قد طبع علٌه قلبا ً شبه مٌت،
ال ٌتفاعل ال ٌتؤثر بؤي أحدات ،هذا اإلنسان المطبوع على قلبه ،لو ٌشاهد ما شاهد من المآسً
لو ٌشاهد ما ٌشاهد أو ٌسمع بما ٌسمع من جرابم ،من هتك للعرض من أمور فظٌعة جداً ،أي
إنسان فٌه حٌاة إنسانٌة ،حٌاة الشعور حٌاة اإلحساس حٌاة الوجدان حٌاة القٌم ٌتؤلم ٌتؤثر ٌتفاعل
ٌترتب على تفاعله هذا موقف ،ولكن من ُطبع على قلبه ،الٌ ،حصل ماحصلٌ ،حدث ماحدثٌ ،قع
ماٌقع ،المآسً الكبٌرة ال تإثر فٌه ،ال ٌتفاعل معها ،بارد مهما حصل فهو ذلك الباردّ ،
الل مبالً
ّ
الل ملتفت إلى ماهناك ،بل الذي قد ٌسخر من كل ذلك وٌعتبره شٌبا ً طبٌعٌا ً وٌسخر من أولبك
الذٌن ٌعٌشون تلك المؤساة.
ٕ .المشكلة الثانٌة والحالة الثانٌة :الخطٌرة جداً لمن ُطبع على قلبه انغلق حالة الفهم عنده كل
نوافذ الفهم ُتقفل عنده مق ّفل ماعاد ٌفهم ٌتبلد وٌتحول إلى غبً بشكل رهٌب جداً ،تكون نظرته
إلى األحداث وإلى الواقع نظرة غٌر صحٌحة بالمرة ،نظرة غبٌة تماماً ،نظرة جاهلة ال ٌنظر
نظرة صحٌحة ال ٌفهم األشٌاء بشكل صحٌح ال ٌفهم األحداث بشكل صحٌحٌ ،تحول إلى أسوأ
حالة من الغباء ،أغبى من حمار أهله إن كان لدٌه حمار فً المنزل ٌصبح أغبى من ذلك الحمار
الذي فً المنزل غبً إلى درجة رهٌبة جداً ال ٌفهم األحداث نهابٌا ً وال عواقبها وال مساراتها وال
ما ٌترتب علٌها وٌنظر إلى األشٌاء من حوله نظرة غبٌة بكل ما تعنٌه الكلمة هذه عقوبة خطٌرة
جداً ،ألن من أعظم ما ٌتمٌز به اإلنسان هو إحساسه ،وجدانه ،مشاعره الحٌة ،وأٌضا فهمه ،وعٌه،
بصٌرته ،فإذا فقد ذلك اإلحساس وذلك الشعور اإلنسانً الحً المتفاعل مع الواقع من حوله وفقد
البصٌرة والوعً والنظرة الصاببة والفهم الصحٌح لما ٌدور فً هذه الحٌاة فقد قٌمته اإلنسانٌة
وخاصٌته اإلنسانٌة وأصبح كاألنعام بل هم أضل كما ٌتحدث القرآن فً آٌة أخرى ،فمن أسوأ ما
ٌعاقب به اإلنسان الذي رضً بالقعود والجمود هو هذه العقوبة اإللهٌة .
سول ُ َوالَّذٌِنَ آ َم ُنوا َم َع ُه َجا َهدُوا ِبؤ َ ْم َوالِ ِه ْم َوأَنفُسِ ِه ْم) َٰ
الر ُ (لَك ِ
ِن َّ
ٌِن آ َم ُنوا َم َع ُه َجا َه ُدوا ِبؤَم َْوال ِِه ْم َوأَنفُسِ ِه ْم) هذه آٌة عجٌبة جدا ومإثرة فً هذا السٌاق ِن الرَّ سُو ُل َوالَّذ َ
(لَك ِ
مإثرة لكل القاعدٌن والجامدٌن والمتنصلٌن عن المسإولٌة والمتخاذلٌن ،اسمعوا ما ٌقوله هللا تحدث عن
ٌِن) ال ٌرٌدوا بؤن ٌتحركوا أبدا ( َرضُوا ِبؤَن ٌَ ُكو ُنوا َم َع المتخلفٌن المٌالٌن للقعود ( َذرْ َنا َن ُكن م ََّع ْال َقاعِ د َ
ٌِن آ َم ُنوا َم َع ُه َجا َه ُدوا ِبؤَمْ َوال ِِه ْم َوأَنفُسِ ِه ْم
ِن الرَّ سُو ُل َوالَّذ َ
ُون ( )85لَك ِ ط ِب َع َعلَى قُل ُ ِ
وب ِه ْم َف ُه ْم َال ٌَ ْف َقه َ ْال َخ َوالِؾِ َو ُ
ٔٔٙ
) رسول هللا مجاهد جاهد بالمال والنفس ،والذٌن آمنوا معه الذٌن كانوا معه بما تعنٌه كلمة "معه" كانوا
معه فً الموقؾ كانوا معه مجاهدٌن ولم ٌكونوا فقط على النحو الذي علٌه الكثٌر من الناس ممن ٌقول أنا
مإمن برسول ومع رسول هللا إذا كنت مإمنا مع رسول هللا ستكون فً طرٌق الجهاد ،هذا هو طرٌقه هو
سٌد المجاهدٌن هو إمام المجاهدٌن هو قدوة المجاهدٌن ،لكن الرسول والذٌن آمنوا معه جاهدوا بؤموالهم
وأنفسهم ،أٌن من ٌؤتً لٌقول إنه من ورثة األنبٌاء ثم ٌكون قاعدا وجامدا ومتخاذال ومتنصبل عن
المسإولٌة أٌن هو من اإلتباع لرسول هللا واالقتداء برسول هللا صلوات هللا علٌه وعلى آله؟!.
أٌن الكثٌر من أبناء اإلسبلم ممن فصلوا أنفسهم وانفصلوا كلٌا عن جانب المسإولٌة وأصبحوا ٌتعاملون
مع اإلسبلم مجرد طقوس ،مجرد طقوس منقطعة ومبتوتة ومفصولة من جذورها ومن ثمرتها ،ال بقً لها
ارتباط بجذور وأسس وال بقً لها عبلقة بثمرة ونتابج.
ُون) هم المفلحون هذا هو طرٌق الفبلح واالتجاه الصحٌح (أَ َع َّد ك ُه ُم ْال ُم ْفلِح َ ات َوأُولَ ِب َك لَ ُه ُم ْال َخٌ َْر ُ(ۚ َوأُو َل ِب َ
ُون م َِن ْاألَعْ َرا ِ
ب ك ْال َف ْو ُز ْالعَظِ ٌ ُم (َ )89و َجا َء ْال ُم َع ِّذر َ هللا ُ لَ ُه ْم َج َّنات َتجْ ِري مِن َتحْ ِت َها ْاألَ ْن َها ُر َخالِد َ
ٌِن فٌِ َها َذلِ َ َّ
ٌِن َك َفرُوا ِم ْن ُه ْم َع َذاب أَلٌِم) انظروا كٌؾ ٌتخاطب مع هللا َو َرسُولَ ُه َسٌُصِ ٌبُ الَّذ َ ٌِن َك َذبُوا َّ َ
لٌِ ُْإ َذ َن لَ ُه ْم َو َق َع َد الَّذ َ
هللا َو َرسُولَ ُه) ؼٌر األوفٌاء من الناس ،المتنصلٌن عن المسإولٌة فً الظروؾ ٌِن َك َذبُوا َّ َ
القاعدٌن ( َو َق َع َد الَّذ َ
والمراحل الحساسة واالستثنابٌة والمصٌرٌة والخطٌرة جدا ،ال وفاء فٌهم ال لدٌنهم ،لٌسو أوفٌاء مع هللا
كذبوا هللا ،لٌسو أوفٌاء مع هللا وال مع رسوله وال مع دٌنهم وال مع أمتهم ،هذا هو حال الذٌن ٌقعدون
هللاَ َو َرسُولَ ُه) كلمة مإثرة جدا هذه ..كلمة مإثرة جدا ( َو َق َع َد ٌِن َك َذبُوا َّ
وٌتنصلون عن المسإولٌة ( َو َق َع َد الَّذ َ
ٌِن َك َفرُوا ِم ْن ُه ْم َع َذاب أَلٌِم) ألن اإلنسان ٌعٌش حالة الكفر فً قلة ثقته هللا َو َرسُولَ ُه َسٌُصِ ٌبُ الَّذ َ ٌِن َك َذبُوا َّ َ الَّذ َ
باِّل فً نظرته المنفصلة كلٌا عن توجٌهات هللا ،وكذلك فٌما ٌتعلق برفضه للحق ولتوجٌهات هللا وأوامره.
ٔٔ5
أخٌرا
فإذا مسٌرة اإلسبلم فً حركة رسول هللا وعندما هاجر ،ركز علٌها بشكل كبٌر ،جانب ربٌسً فٌها هو
التحمل للمسإولٌة.
نحن أمة ٌجب أن نسعى ألن نكون أمه متحررة مستقلة مجاهدة تتحرك لمواجهة التحدٌات واألخطار،
تواجه أعداءها ،وال تخنع لهم وال تستسلم لهم وال تقؾ فً حالة من الجمود والعجز واالستسبلم حتى
ٌسحقها أعداإها ..ال.
ٔٔ8
مكار ِم
ِ كان من دعاء اإلمام زٌن العابدٌن علً بن الحسٌن بن علً بن أبً طالب ( علٌه السبلم ) فً
األخبلق ومرضِ ًِّ األفعال
____________________
ٌِنَ ،وا ْن َت ِه ِب ِن ٌَّتًِ إلَى أَحْ َس ِن ض َل ْال ٌَق ِ انَ ،واجْ َع ْل ٌَقٌِنًِ أَ ْف َ اإل ٌْ َم ِ أك َم َل ِ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َو َبلِّ ْػ ِبإ ٌْ َمانًِ ْ أَللَّه َّم َ
ك ٌَقٌِنًَِ ،واسْ َتصْ لِحْ ِبقُ ْد َرت َ
ِك صحِّ حْ ِب َمـا عِ ْن َد َ
ك ِن ٌَّتًَِ ،و َ ال .أللَّ ُه َّم َو ِّفرْ ِبل ُ ْط ِف َ ال ِّنٌَّـاتَِ ،و ِب َع َملًِ إلى أَحْ َس ِن األعْ َم ِ
ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َوا ْك ِفنًِ َما ٌَ ْش َؽلُنًِ االهْ ِت َما ُم ِبهَِ ،واسْ َتعْ م ِْلنًِ ِب َما َتسْ ؤَلُنًِ َؼدا َع ْن ُه َما َف َس َد ِم ِّنً .أللَّ ُه َّم َ
كَ ،والَ َت ْف ِت ِّنً ِبال َّن َظ ِرَ ،وأَعِ َّزنًَِ ،وال َت ْب َتلِ ٌَ ِّنً َواسْ َت ْف ِر ْغ أٌََّامًِ فٌِ َما َخلَ ْق َتنًِ لَهَُ ،وأَ ْؼ ِننًِ َوأَ ْوسِ عْ َعلَىَّ فًِ ِر ْز ِق َ
اس َعلَى ٌَدَيَّ ْال َخٌ َْرَ ،وال َتمْ َح ْق ُه ِب ْال َمنِّ َ ،و َهبْ لًِ ك َوالَ ُت ْفسِ ْد عِ َبا َدتًِ ِب ْالعُجْ بَِ ،وأَجْ ِر لِل َّن ِ ِب ْال ِكب ِْرَ ،و َع ِّب ْدنًِ لَ َ
اس د ََر َجـة إال ّ صـ ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َوال َتـرْ َفعْ نًِ فًِْ ال َّن ِ َم َعال ًَِ األَ ْخبلَ ِقَ ،واعْ صِ مْ نًِ م َِن ْال َف ْخ ِر .اللَّ ُه َّم َ
ت لًِ ِذلَّة بَاطِ َنة عِ ْن َد َن ْفسِ ً ِب َق َد ِر َها .أللَّ ُه َّم ِث لًِ عِ ّزا َظاه َِرا إال ّ أَحْ د َْث َ َح َط ْط َتنًِ عِ ْن َد َن ْفسِ ً م ِْثلَ َهاَ ،وال ُتحْ د ْ
صالِح ال أَسْ َت ْب ِد ُل ِبهَِ ،و َط ِرٌ َق ِة َحق ال أَ ِز ٌْ ُػ َع ْن َهاَ ،و ِن ٌَّ ِة ُر ْشد الَ آل م َُحمَّدَ ،و َم ِّتعْ نًِ ِبهُدى َ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َو ِ َ
ك َقبْـ َل ان َفـا ْق ِبضْ نًِ إلٌَْـ َ ان ُعم ِْري َمرْ َت َعا لِل َّش ٌْ َط ِ كَ ،فإ َذا َك َ ان ُعم ِْريْ ِب ْذلَة فًِ َطا َع ِت َ ك ِف ٌْ َها َو َعمِّرْ نًِ َما َك َ ش ُّ أَ ُ
ك َع َلًَّ .أللَّ ُه َّم ال َتدَعْ َخصْ لَة ُت َعابُ ِم ِّنً إال ّ أَصْ لَحْ َت َهاَ ،وال َعآ ِب َبة ض ُب َك إلًََّ ،أَ ْو ٌَسْ َتحْ ِك َم َؼ َ أَنْ ٌَسْ ِب َق َم ْق ُتـ َ
آل م َُحمَّد َوأَ ْب ِد ْلنًِ مِنْ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َو ِ صة إال ّ أَ ْت َم ْم َت َها .أللَّ ُه َّم َ أ ُ َإ َّنبُ ِب َها إال ّ َح َّس ْن َت َهاَ ،والَ أ ُ ْكرُو َمـة فًَِّ َنا ِق َ
الث َق َةَ ،ومِنْ َع َد َاو ِة األَ ْد َنٌ َْن صبلَح ِّ َ ْ ْ َ
بان ال َم َح َّب َة َومِنْ َح َس ِد أهْ ِل ال َب ْؽًِ ال َم َو َّد َةَ ،ومِنْ ظِ َّن ِة أهْ ِل ال َّ ِ
ض ِة أَهْ ِل ال َّش َن ِ ْ ِب ْؽ َ
ٌن َتصْ حٌ َح ار َ ـر َةَ ،ومِنْ حُبِّ ْال ُم َد ِ ٌن ال ُّنصْ َالن األَ ْق َر ِب َ
وق َذ ِوي األرْ َح ِام ْال َم َبرَّ َة ،ومِنْ خ ِْـذ ِ
َ
ْال َوال ٌَ َةَ ،ومِنْ ُعقُ ِ
ٌِن َحبلَ َو َة األَ َم َن ِة.الظالِم َار ِة َخ ْوؾِ َّ ٌن َك َر َم ْال ِع ْش َرةَِ ،ومِنْ َم َر َ ْال ِم َقةَِ ،ومِنْ َر ِّد ْال ُمبلَ ِبسِ َ
ص َمنًِ َو َظ َفرا ِب َمنْ َعا َن َدنًِ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َواجْ َع ْل لًِْ ٌَدا َعلَى َمنْ َظلَ َمنًِ َولِ َسـانا َعلَى َمنْ َخـا َ أللَّ ُه َّم َ
ص َبنًِ َو َسبلَ َمة ِممَّنْ َت َو ِّع َدنًِ َو َهبْ لًِ َم ْكرا َعلَى َمنْ َكا ٌَ َدنًِ َوقُ ْد َرة َعلَى َم ِن اضْ َط َه َدنًِ َو َت ْكذٌِبا لِ َمنْ َق َ
ض َمنْ ـار َ النْ أ َع ِ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِهَِ ،و َس ِّد ْدنًِ ِ َو َو ِّف ْقنًِ لِ َطا َع ِة َمنْ َس َّد َدنًِ َو ُم َتا َب َع ِة َمنْ أَرْ َش َدنًِ أللَّ ُه َّم َ
ِؾصلَ ِة وأ ُ َخـال َ ٌِب َمنْ َح َر َمنًِ ِب ْال َب ْذ ِل َوأ ُ َكاف ًَِ َمنْ َق َط َعنًِ ِبال ِّ ي َمنْ َه َج َرنًِ ِب ْال ِبرِّ َوأُث َ ـز َ َ
ـحَ ،وأجْ ِ َؼ َّشنًِ ِبال ُّنصْ ِ
صـ ِّل َعلَى م َُحمَّـد َوآلِـ ِه َو َحلِّنًِ كر ْال َح َس َن َة َوا ُ ْؼضِ ًَ َع ِن ال َّس ٌِّ َبـ ِة .أللَّ ُه َّم َ الذ ْك ِرَ ،وأَنْ أَ ْش َ اؼ َتا َبنًِ إلَى حُسْ ِن ِّ َم ِن ْ
ض ِّم أَهْ ِل ْالفُرْ َق ِة إط َفا ِء ال َّناب َِر ِة َو َ ٌِن فًِْ َبسْ طِ ْال َع ْد ِل َو َك ْظم ْال َؽٌْظِ َو ْ ٌِنَ ،وأَ ْل ِبسْ نًِ ِزٌ َن َة ال ُم َّتق َ ِبح ِْل ٌَـ ِة الصَّالِح َ
ِ
ٌِن ْال َع ِرٌ َكةَِ ،و َخ ْف ِ ْ ار َفةَِ ،و َس ْت ِر ْال َعا ِب َبةَِ ،ول ِ ْن َوإ ْف َشا ِء ْال َع ِ ت ْال َبٌ ِ َوإصْ بلَ ِح َذا ِ
ـاحَ ،وحُسْ ِن الس َ
ٌِّرةِ، ض ال َج َن ِ
ال َعلَى ض ِ ٌر َواإل ْف َ ار ال َّت َفض ُِّلَ ،و َترْ كِ ال َّتعْ ِب ِ ْق إلَى ا ْل َفضِ ٌلَةِ ،وإ ٌْ َث ِ ب ْالم َُخالَ َقـةَِ ،وال َّسب ِ ٌـحَ ،وطِ ٌْ ِ ون الرِّ ِ َو ُس ُك ِ
ار ال َّشرِّ َوإنْ ـر مِنْ َق ْـولًِ َوفِعْ لًِ َ ،واسْ ت ِْك َث ِ ْـر َوإنْ َك ُث َ ـز َواسْ ِت ْقبلَ ِل َ
الخٌ ِ َؼٌ ِْر ْالمُسْ َتح ِِّق َوالـ َق ْو ِل ِب ْال َح ِّق َوإنْ َع َّ
َع َومُسْ َتعْ م ِِل الرَّ أي ْ الطا َع ِة َول ُ ُزوم ْال َج َما َع ِة َو َر ْف ِ َ ك لًِ ِبد ََوام َّ أك ِم ْل َذلِ َ َق َّل مِنْ َق ْولًِ َوفِعْ لًَِ ،و ْ
ض أهْ ِل ال ِبد ِ ِ ِ
ك فًَِّ إ َذا َنصِ ب ُ
ْت، ُرت َ ،وأَ ْق َوى قُ َّو ِت َ ك َعلًََّ إ َذا َكب ُ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َواجْ َع ْل أَ ْو َس َع ِر ْز ِق َ ْالم ُْخ َت َر ِع .أللَّ ُه َّم َ
كَ ،والَ م َُجا َم َع ِة َمنْ بلؾِ َم َح َّب ِت َ ض لِ ِخ َ ك َوالَ ِبال َّت َعرُّ ِ ك َوال ْال َع َمى َعنْ َس ِبٌلِ َ َوالَ َت ْب َتلِ ٌَ ّنً ِبال َك َس ِل َعنْ عِ َبا َد ِت َ
اجةِ، ك عِ ْن َد ْال َح َ ُور ِة َوأَسْ ؤَل ُ َ ضر َ ك عِ ْن َد ال َّ ك .أللَّ ُه َّم اجْ َع ْلنًِ أص ُْو ُل ِب َ ار َق ِة َم ِن اجْ َت َم َع إلَ ٌْ َ َت َفرَّ َق َع ْن َكَ ،وال ُم َف َ
ك إ َذا ْ ك إ َذا اضْ ُ ك عِ ْن َد ْال َمسْ َك َن ِة َ ،وال َت ْف ِت ّنً ِباالسْ ِت َعا َن ِة ِب َؽٌ ِْر َ َوأَ َت َ
ُإال َؼٌ ِْر َ ُوع لِس ِ تَ ،وال ِبال ُخض ِ ط ِررْ ُ ضرَّ ُع إلَ ٌْ َ
ك ٌَا أَرْ َح َم ض َ ك خ ِْذال َن َك َو َم ْن َع َك َوإعْ َرا َ ْت َفؤَسْ َتح َِّق ِبذلِ َ ك إ َذا َر ِهب ُ ضـرُّ ِع إلَى َمنْ ُدو َنـ َ ت َ ،والَ ِبـال َّت َ ا ْف َت َقـرْ ُ
ك، ٌِن .أللَّ ُه َّم اجْ َع ْل َما ٌ ُْلقًِ ال َّش ٌْ َطانُ فًِ َر ْوعِ ً م َِن ال َّت َم ِّنً َوال َّت َظ ِّنً َو ْال َح َسـ ِد ِذ ْكـرا ِل َع َظ َم ِت َ الرَّ ا ِحم َ
ٔٔ9
ِكَ ،و َت ْد ِبٌرا َعلَى َع ُدوِّ َكَ ،و َما أَجْ َرى َع َلى لِ َسانًِ مِنْ لَ ْف َظ ِة فُحْ ش أَ ْو هُجْ ر أَ ْو َش ْت ِم عِ رْ ض َو َت َف ُّكرا فًِ قُ ْد َرت َ
الث َنا ِء إؼ َراقا فًِ َّ ك َو ْ ك ُن ْطقا ِب ْال َح ْم ِد لَ َ ب أَ ْو َسبِّ َحاضِ رَ ،و َما أَ ْش َب َه َذ ِل َ ب م ُْإمِن َؼا ِب ِ اؼ ِت ٌَا ِ أَ ْو َش َها َد ِة بَاطِ ل أو ْ
صـ ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِـ ِه ك .أللّ ُه َّم َ صاء لِ ِم َن ِن َ ك َوإحْ َ ك َواعْ ت َِرافا ِبإحْ َسا ِن َ ش ْكرا لِنِعْ َم ِت َ ك َو ُ كَ ،و َذ َهابا فًِ َت ْمجٌ ِد َ َعلَ ٌْ َ
ْض ِم ِّنًَ ،والَ أَضِ لَّنَّ َو َق ْد أَ ْم َك َن ْت َ
ك ت ال َقا ِد ُر َعلَى ْال َقب ِ ت مُطِ ٌق لِل َّد ْف ِع َع ِّنًَ ،وال أَ ْظ ِل َمنَّ َوأَ ْن َ َوالَ ا ُ ْظ َل َمنَّ َوأَ ْن َ
تَ ،وإلَى ك َو َف ْد ُ ك وُ جْ دِي .أللَّ ُه َّم إلَى َم ْؽف َِر ِت َ ك وُ سْ عًَِ ،وال أَ ْط َؽ ٌَنَّ َومِنْ عِ ْن ِد َ ِه َدا ٌَتًَِ ،والَ أَ ْف َتق َِرنَّ َومِنْ عِ ْن ِد َ
كَ ،والَ فًِ ْس عِ ْندِي َما ٌُو ِجبُ لًِ َم ْؽف َِر َت َ تَ ،ولٌَ َ ك َو ِث ْق ُ تَ ،و ِب َفضْ لِ َ ك ا ْش َت ْق ُ تَ ،وإلَى َت َجـاوُ ِز َ ص ْـد ُ ك َق َ َع ْف ِو َ
ض ْل ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َو َت َف َّ ت َعلَى َن ْفسِ ً إالَّ َفضْ ل ُ َكَ ،ف َ كَ ،و َما لًِ َبعْ َد أَنْ َح َكمْ ُ َع َملًِ َما أَسْ َتح ُِّق ِب ِه َع ْف َو َ
ضى .أللَّ ُه َّم ًِ أَ ْز َكى َواسْ َتعْ م ِْلنًِ ِب َما ه َُو أَرْ َ َعلًََّ أللَّ ُه َّم َوأَ ْنطِ ْقنًِ ِب ْالهُدىَ ،وأَ ْل ِه ْمنًِ أل َّت ْق َـوى َو َو ِّف ْقنًِ لِلَّتًِْ ه َ
ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َو َم ِّتعْ نًِ ُوت َوأَحْ ٌَى .أللَّ ُه َّم َ ك أَم ُ الط ِرٌ َقـ َة ْالم ُْثلَىَ ،واجْ َع ْلنًِ َعلَى ِملَّ ِت َ اسْ لُكْ ِب ًَ َّ
صالِحًِ ْال ِع َبادَِ ،وارْ ُز ْقنًِ َف ْو َز ْال َم َعادِ، صادَِ ،واجْ َع ْلنًِ مِنْ أَهْ ِل ال َّس َدادَِ ،ومِنْ أَ ِدلَّ ِة الرَّ َشادَِ ،ومِنْ َ ِباال ْق ِت َ
ص َهاَ ،وأَبْق لِ َن ْفسِ ً مِنْ َن ْفسِ ً َمـا ٌُصْ لِ ُح َها؛ َفإنَّ َن ْفسِ ً ك مِنْ َن ْفسِ ً َمـا ٌ َُخلِّ ُ صا ِد .أللَّ ُه َّم ُخ ْذ لِ َن ْفسِ َ َو َسبلَ َم َة ْالمِرْ َ
ت، ك اس ِت َؽا َثتًِ إنْ َك ِر ْث ُ تَ ،و ِب َ ت ُم ْن َت َجعًِ إنْ ح ُِر ْم ُ تَ ،وأَ ْن َ ت ُع َّدتًِ إنْ َح َز ْن ُ َهالِ َكة أَ ْو َتعْ صِ َم َها .أَللَّ ُه َّم أَ ْن َ
بالطلَ ِ ت َت ْؽٌٌرَ .فا ْم ُننْ َعلًََّ َق ْب َل ْال َببل ِء ِب ْال َعا ِف ٌَةَِ ،و َق ْب َل َّ صبلَحَ ،وفٌِ َما أ ْن َكرْ َ ات َخلَؾَ ،ولِ َما َف َس َد َ ك ِممَّا َف َ َوعِ ْن َد َ
ضبلَ ِل ِبالرَّ َشادَِ ،وا ْك ِفنًِ َمإُ و َن َة َم َعرَّ ِة ْال ِع َبادَِ ،و َهبْ لًِْ أَمْ َن ٌَ ْو ِم ْال َم َعادَِ ،وا ْم َنحنًِ ُحسْ َن ِب ْال ِجدةَِ ،و َق ْب َل ال َّ
اونًِ كَ ،و َد ِ كَ ،وأَصْ لِحْ نًِ ِب َك َرمِـ َ اؼ ُـذنًِ ِبنِعْ َم ِت َ كَ ،و ْ ص ِّل َعلَى م َُحمَّـد َوآلِـ ِه َو ْاد َرأ َع ّنً ِبل ُ ْطفِـ َ االرْ َشا ِد .أللَّ ُه َّم َ
تت َعلًََّ األمُـو ُر ألِهْ َدا َهـاَ ،وإ َذا َت َشا َب َه ِ كَ ،و َو ِّفقنًِ إ َذا ا ْش َت َكلَ ْ ضـا َ وجلِّ ْلنًِ ِر َ كَ ، ِـكَ ،وأَظِ لَّنًِْ فًِ َذ َرا َ ص ْنع َ ب ُ
ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآ ِل ِه َو َتوِّ جْ نًِ ِب ْال ِك َفا ٌَةَِ ،وسُمْ نًِ ضا َها .أللَّ ُه َّم َ ألرْ َ ت ْال ِملَ ُل ِ ض ِ ألز َكا َهاَ ،وإ َذا َت َنا َق َ األعْ َما ُل ْ
حُسْ َن ْال ِوال ٌَةَِ ،و َهبْ لًِْ صِ ْد َق ْال ِه َدا ٌَةَِ ،وال َت ْف ِت ِّنً ِبال َّس َعةَِ ،وامْ َنحْ نًِ حُسْ َن ال َّد َعةَِ ،وال َتجْ َع ْل َعٌْشِ ً َك ّدا َك ّدا،
ص ِّل َعلَى م َُحمَّـد َوآلِـ ِه َوا ْم َنعْ نًِ ك ِن ّدا .أللَّ ُه َّم َ ك ضِ ّدا َوال أَ ْدعُو َم َع َ َوالَ َت ُر َّد ُد َعابًِ َعلًََّ َر ّدا؛ َفإ ِّنً ال أَجْ َع ُل لَ َ
م َِن الس ََّرؾِ َو َحصِّنْ ِر ْزقًِ م َِن ال َّتلَؾِ َ ،و َو ِّفرْ َملَ َكتًِ ِب ْال َب َر َك ِة فٌِهَِ ،وأَصِ بْ ِبً َس ِبٌ َل ْال ِه َدا ٌَ ِة ل ِْل ِبرِّ فٌِ َما ا ُ ْنف ُِق
االك ِت َسابَِ ،وارْ ُز ْقنًِ مِنْ َؼٌ ِْر احْ ِت َسابَ ،فبلَ أَ ْش َت ِؽ َل َعنْ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َوا ْك ِفنًِ َمإُ و َن َة ْ ِم ْن ُه .أللَّ ُه َّم َ
ك ِممَّا ك َما أَ ْطلُبُ َ ،وأَ ِجرْ نًِ ِبع َِّز ِت َ ب .أللَّ ُه َّم َفؤ َ ْطلِ ْبنًِ ِبقُ ْد َر ِت َ ت ْال َم ْك َس ِ ب َوال أَحْ َت ِم َل إصْ َر َت ِب َعا ِ ك ِب َّ
الطلَ ِ عِ َبا َد ِت َ
ك، تار َفؤَسْ َترْ ِز َق أَهْ َل ِر ْز ِق َ ارَ ،والَ َت ْب َت ِذ ْل َجاهًِ ِباإل ْق ِ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َوصُنْ َوجْ ِهً ِب ْال ٌَ َس ِ أَرْ َهبُ .أللَّ ُه َّم َ
ت مِنْ ُدون ِِه ْم َولًُِّ اإلعْ َطا ِء كَ ،فؤ ْف َتت َِن ِب َح ْم ِد َمنْ أَعْ َطانًَِ ،وا ُ ْب َتلَى ِبـ َذ ِّم َمنْ َم َن َعنًِ َوأَ ْن َ ار َخ ْل ِق ََوأَسْ َتعْ طِ ًَ شِ َر َ
ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِـ ِة َوارْ ُز ْقنًِ صِ حَّ ة فًِْ عِ َبا َدةَ ،و َفراؼا فًِ َز َها َدة، َو ْال َم ْن ِع .أللَّ ُه َّم َ
ك أَ َملًَِ ،و َس ِّه ْل ك أَ َجلًَ ،و َح ِّق ْق فًِ َر َجا ِء َرحْ َم ِت َ َوعِ ْلما فًِ اسْ تِع َمـالَ ،و َو َرعـا فًِ إجْ َمال .أللَّ ُه َّم ْ
اخ ِت ْم ِب َع ْف ِو َ
ك فًِ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َو َن ِّب ْهنًِ لِ ِذ ْك ِر َ ٌِع أَحْ َوالًِْ َع َملًِ .أللَّ ُه َّم َ ك ُس ُبلًَِ ،و َحسِّن فًِ َجم ِ ضا َ وغ ِر َ ُ
إلَى ُبل ِ
أك ِم ْل لًِ ِب َها َخٌ َْر ك َسبٌبل َس ْهلَة ْ َّام ْال ُم ْهلَةَِ ،وا ْن َهجْ لًِ إلى َم َح َّب ِت َ َ ت ْال َؽ ْفلَةَِ ،واسْ َتعْ م ِْلنًِ ِب َطا َعتِـ َ أَ ْو َقا ِ
ك فًِ أٌ ِ
صل َعلَى ت ُم َ ك َق ْبلَهَُ ،وأَ ْن َ ْت َعلَى أَ َحد مِنْ َخ ْل ِق َ صلٌَّ َض ِل َمـا َ ص ِّل َعلَى م َُحمَّد َوآلِ ِه َكؤ َ ْف َ ِـر ِة .أللَّ ُه َّم َو َ
ال ُّد ْن ٌَا َواآلخ َ
ار. ك َع َذ َ
اب ال َّن ِ أَ َحد َبعْ َدهَُ ،وآتِنا فًِ ال ُّد ْن ٌَا َح َس َنة َوفًِ اآلخ َِر ِة َح َس َنة َ ،و ِقنًِ ِب َرحْ َم ِت َ
ٕٓٔ