You are on page 1of 21

‫الجمهورٌة الٌمنٌة‬

‫وزارة التعلٌم العالً‬


‫والبحث العلمً‬

‫الصراع‬
‫مع العدو اإلسرائيلي‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‬
‫من ٌتؤمل لواقع األمة ٌجد أنها فقدت العزة والمنعة فً مراحل حساسة تجاه أعدابها ‪،‬وأصبحت مطمعا ومسرحا مفتوحا‬
‫تتداعى علٌها األمم من شتى األقطار‪ ،‬وتحقق فً واقعها ما قال النبً – صلى هللا علٌة وعلى آلة وسلم – حٌنما قال‪:‬‬
‫((ٌوشك أن تتداعى علٌكم األمم – كما تتداعى األكلة على قصعتها )) تتداعى علٌكم األمم بدون خوؾ منكم وال قلق‪،‬‬
‫تتداعى علٌكم األمم باعتباركم أصبحتم مطمعا ومؽنما ومؤكلة وثروة‪ ،‬فتؤتً األمم من هنا وهناك‪ ،‬من أمرٌكا ومن أروبا‪،‬‬
‫ومن سابر األقطار متداعٌة‪ٌ ،‬دعو بعضها بعضا ٌتحالفون وٌؤتون إلٌكم مستعبدٌن لكم ومستعمرٌن لكم‪ ،‬محتلٌن ألرضكم‪،‬‬
‫ناهبٌن لثرواتكم آكلٌن لخٌراتكم ‪.‬‬

‫((ٌوشك أن تتداعى علٌكم األمم كما تتداعى األكلة على قصعتها)) قالوا‪ :‬أمن قلُّة ٌا رسول هللا نحن ٌومبذ؟ـ ٌعنً‪ :‬سنكون‬
‫قلة قلٌلة‪ ،‬وأمة صؽٌرة تطمع بها األمم األخرى وٌتداعى علٌها األعداء من كل حدب وصوب؟ قال‪ :‬ال (أنتم ٌومبذ كثٌر‬
‫ولكن ؼثاء كؽثاء السٌل‪ٌ ،‬نزع الوهن من قلوب أعدابكم‪ ،‬وٌلقى فً قلوبكم) أمة أصٌبت بالوهن‪ ،‬ولذلك فهذه األمة التً‬
‫هً الٌوم أكثر من ملٌار وستمابة ملٌون حسب التقدٌرات‪ ،‬ولكنها ال تمثل شٌبا مقارنة بستة مالٌٌن صهٌونً ٌهودي على‬
‫أرض فلسطٌن‪ ،‬هذه األمة اصٌبت بالوهن أصٌبت بالحٌرة‪ ،‬بانعدام الوعً‪ ،‬فحدث فٌها ما حدث ‪.‬‬

‫ولهذا نؤخذ دروس مادة الصراع مع العدو اإلسرابٌلً وهذه المادة مهمة جدا ألننا نعٌش هذا الصراع نحن لسنا بعٌدٌن‬
‫عن هذا الصراع‪ ،‬ولذلك من العجٌب أن نجد البعض ٌتصرؾ مع هكذا مواضٌع بالمباالة‪ ،‬وكؤننا لسنا المستهدفٌن‪ ،‬وكؤننا‬
‫لسنا من هذه األمة اإلسالمٌة التً ٌستهدفها الٌهود‪ ،‬وكؤن هذا الصراع ؼٌر موجود فً ساحتنا العربٌة واإلسالمٌة مثل ما‬
‫ٌحدث الٌوم فً (فلسطٌن والعراق وسورٌا ولٌبٌا والٌمن وبورما) وؼٌرها من البلدان العربٌة واإلسالمٌة‪.‬‬

‫عندما نتكلم عن صراع ٌعنً هناك ؼالب وهناك مؽلوب‪ ،‬فإما أن تكون ؼالب وإما أن تكون مؽلوب‪ ،‬إما أن تكون أنت‬
‫العزٌز أو ستكون أنت الذلٌل المقهور‪.‬‬

‫فموضوع الصراع مع العدو اإلسرابٌلً هو موضوع ٌهم كل فرد ٌنتمً لهذه األمة اإلسالمٌة‪ ،‬وٌهمنا فً هذا الصراع أن‬
‫نكون نحن الؽالبون‪ ،‬أن نكون نحن المنتصرون‪.‬‬

‫ولذلك فإن الهدف من دراسة هذه المادة هو‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أن نزداد وعٌا‪ ،‬أن نزداد بصٌرة وفهما لألحداث التً تحدث من حولنا‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أن نستشعر المسإولٌة (علٌنا مسإولٌة أمام هللا وأمام دٌننا وأمام أمتنا)‪.‬‬

‫‪3‬ـ أن نتحرك لنكون نحن الؽالبٌن‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‬
‫من نحن ومن هم؟‬

‫‪3‬‬
‫(من نحن ومن هم)‬
‫من الضروري أن نعرؾ من نحن ومن هم‪ ،‬الكثٌر من الناس لم ٌعد ٌعرؾ من نحن‪ ،‬ولم ٌعد ٌعرؾ من هم أعدابنا الذٌن‬
‫نحن معهم فً صراع‪ ،‬ال ٌعرؾ ما صفاتهم وما أسالٌبهم وكٌؾ هً نفسٌاتهم وكٌؾ كان تارٌخهم‪.‬‬

‫وبسبب هذا الصراع الذي نعٌشه مع هذا العدو اإلسرابٌلً‪ ،‬نحن فً أمس الحاجة إلى أن نعرؾ أدق التفاصٌل عن عدونا‬
‫التً تكشؾ لنا عن صفاتهم ونفسٌاتهم وخططهم وأسالٌبهم التً ٌستخدمونها الستهداؾ اإلسالم واألمة اإلسالمٌة‪ ،‬حتى‬
‫نستطٌع أن نواجههم ونتؽلب علٌهم‪.‬‬

‫فمن أٌن نعرف من هم أعدائنا‪ ،‬أعداء اإلسالم‪ ،‬أعداء األمة اإلسالمٌة؟‬

‫الكتب التً ألفت عن الٌهود كثٌرة جدا‪ ،‬مإلفات واسعة‪ ،‬لكننا نرٌد معلومات صحٌحة ودقٌقة ال تحتمل الخطؤ‪ ،‬ألننا فً‬
‫مرحلة خطٌرة‪ ،‬مرحلة صراع مع هذا العدو‪ ،‬فالوقت ال ٌتسع لنجرب ثقافات تحتمل الخطؤ‪ ،‬وحتى نحسم هذا الصراع‬
‫لصالحنا نحن المسلمٌن‪ ،‬نعود إلى أهم مصدر‪ ،‬وأصدق وثٌقة إلهٌه تكشؾ لنا أسرار وخفاٌا ونواٌا أعدابنا من الٌهود‬
‫والنصارى‪ ،‬وهو القرآن الكرٌم‪.‬‬

‫من هم؟‬
‫عرض هللا سبحانه وتعالى فً القرآن الكرٌم كثٌرا من أخبار الٌهود بما ٌكشؾ واقعهم وخصوصا فً سورة البقرة وآل‬
‫عمران والمابدة واإلسراء والحشر وؼٌرها‪ ،‬فهذه السور ملٌبة بالحدٌث عن الٌهود‪ ،‬مما ٌعنً أنه قد ورد ذكر بنً‬
‫إسرابٌل فً القرآن بشكل واسع‪ ،‬وقدم القرآن عرضا شامال لما آتاهم هللا من النعم وكٌؾ كان تعاملهم معها‪ ،‬وعرض‬
‫كثٌرا من سلوكٌاتهم ومواقفهم ونفسٌاتهم بشكل لم ٌحصل ألي أمة من األمم‪.‬‬

‫وذكر هللا تعالى فً كتابه الكرٌم أنه فضل بنً إسرابٌل على العالمٌن‪ ،‬قال تعالى (ٌا بنً إسرابٌل اذكروا نعمتً الَّتً‬
‫البقرة (‪)44‬‬ ‫أنعمت علٌكم وأ ِّنً فضَّلتكم على العالمٌن)‬

‫وعرض كذلك النعم التً أنعم بها علٌهم‪ ،‬والرعاٌة التً منحهم إٌاها فً أٌام فرعون ومن بعده وفً مختلؾ األزمنة‪،‬‬
‫وٌلعن الكافرٌن والمتمردٌن منهم ‪ٌ ،‬لعن الذٌن لم ٌستجٌبوا له ‪ ،‬ولم ٌلتزموا بكتبه السماوٌة التً أنزلها إلى األنبٌاء منهم‬
‫‪،‬وٌدعوهم فً الوقت نفسه إلى اإلٌمان برسول هللا صلوات هللا علٌه وعلى آله‪ ،‬و أن ٌكونوا هم أول من ٌإمن بالقرآن‬
‫الذي هو مصدق لما معهم من الكتب السماوٌة‪ ،‬لكنهم عصوا هللا مجددا بعدم استجابتهم للنبً وكان هذا من منطلق الحسد‪،‬‬
‫أنه لماذا لم ٌؤت الرسول الموعود به فً آخر الزمان من بنً إسرابٌل لٌقفوا معه وٌنصروه ‪ ،‬فلما جاء رسول هللا صلوات‬
‫هللا علٌ ه وآله من ؼٌر بنً إسرابٌل وجاء من بنً إسماعٌل حسدوه‪ ،‬وكذبوا به بعد أن عرفوه كما ٌعرفون أبنابهم ‪،‬كما‬

‫‪4‬‬
‫حكى هللا عنهم ‪ ،‬حٌنبذ استحقوا اللعنة وأن ٌؽضب هللا علٌهم أٌضا من جدٌد‪ ،‬ألنهم كفروا بمحمد صلوات هللا علٌه و آله و‬
‫بالقرآن الذي أنزله هللا إلٌه وهو كتاب مصدق لما بٌن أٌدٌهم ‪.‬‬

‫* قدم هللا لنا فً القرآن الكرٌم الكثٌر من صور عناد وكفر وفساد بنً إسرائٌل وتعاملهم مع هللا ومع أنبٌاء هللا وكتبه‬
‫ورسله‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫تعاملهم مع هللا سبحانه وتعالى‬

‫ٔ‪ -‬إساءة إلٌه سبحانه وتعالً‬


‫ٌقول هللا سبحانه وتعالى {لَّقد سمع لهللا قول الَّذٌن قالوا إنَّ ل‬
‫هللا فقٌر ونحن أؼنٌاء سنكتب ما قالوا وقتلهم األنبٌاء بؽٌر ح ٍّق‬
‫ونقول ذوقوا عذاب الحرٌق} آل عمران‪ 181‬لقد اساء بنو إسرابٌل إلى هللا إساءة بالؽة إلى درجة أنهم تجرأوا أن ٌقولوا إن هللا‬
‫فقٌر‪ ،‬واإلنسان ال ٌصل إلى هذه الدرجة إال إذا وصل إلى مستوى كبٌر من االنحطاط النفسً‪.‬‬

‫{وقالت الٌهود ٌد ل‬
‫هللا مؽلولة ؼلَّت أٌدٌهم ولعنوا بما قالوا بل ٌداه مبسوطتان ٌنفق كٌؾ ٌشاء ولٌزٌدنَّ كثٌرا مِّنهم مَّا أنزل‬
‫سٌاق هذه اآلٌات ٌبٌن واقع‬ ‫(المابدة من اآلٌة‪)64 :‬‬ ‫إلٌك من رَّ بِّك طؽٌانا وكفرا وألقٌنا بٌنهم العداوة والبؽضاء إلى ٌوم القٌامة}‬
‫بنً إسرابٌل وضاللهم وخبث نفوسهم‪ ،‬وجرأتهم فً منطقهم على هللا‪ ،‬وافترابهم على هللا سبحانه وتعالى حٌث قالوا (ٌد‬
‫هللا مؽلولة) وهً كناٌة عن البخل أي أن بنً إسرابٌل اتهموا هللا بالبخل‪ ،‬كما قالوا (إن هللا فقٌر ونحن أؼنٌاء)لكن هللا‬
‫ٌوضح وٌرد على هذه اإلساءة بقوله (بل ٌداه مبسوطتان ٌنفق كٌؾ ٌشاء) أي أن هللا كرٌم وسخً فً عطاءه‪ ،‬لكن بنو‬
‫إسرابٌل أصبحت نفوسهم سٌبة حصل لدٌهم خبث ونظرة سٌبة هلل فحكى هللا عنهم هذه الجرأة علٌه سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫ٕ‪ٌ -‬عبدون عجالً من دون هللا جاحدٌن بنعم هللا العظٌمة‬

‫ٌقول هللا سبحانه وتعالى {وا َّتخذ قوم موسى من بعده من حلٌِّهم عجال جسدا لَّه خوار ألم ٌروا أ َّنه ال ٌكلِّمهم وال ٌهدٌهم‬
‫بعد أن أنعم هللا على بنً إسرابٌل بتلك النعمة العظٌمة وهً نجاتهم من‬ ‫األعراؾ (‪)148‬‬ ‫سبٌال ا َّتخذوه وكانوا ظالمٌن}‬
‫فرعون وبتلك الطرٌقة التً تعتبر آٌة من آٌات هللا الكبرى‪ ،‬كانوا فً وضعٌة سٌبة جدا فؤنقذهم هللا منها‪ ،‬وفرق لهم البحر‬
‫أمامهم بطرٌقة مذهلة ومدهشة عندما وصلوا إلى البحر وهو مازال كما هو بحر‪ ،‬ثم ٌضرب نبً هللا موسى علٌه السالم‬
‫بعصاه فٌرونه ٌنفلق‪ ،‬فجعل هللا من انفالق البحر وسٌلة لنجاتهم‪ ،‬ووسٌلة فً نفس الوقت لهالك عدوهم أمام أعٌنهم‬
‫فؤصطفق البحر على فرعون ومن معه‪ ،‬لكنهم بعد هذه المعجزة العظٌمة تقع منهم تلك الخطٌبة الكبٌرة‪،‬‬
‫قال هللا تعالى (وجاوزنا ببنً إسرابٌل البحر فؤتوا على قوم ٌعكفون على أصنام لَّهم ۚ قالوا ٌا موسى اجعل لَّنا إلها كما‬
‫األعراؾ ‪138‬‬ ‫لهم آلهة ۚ قال إ َّنكم قوم تجهلون)‬

‫‪5‬‬
‫{وا َّتخذ قوم موسى من بعده من حلٌِّهم عجال جسدا لَّه خوار} عبدوا تمثال بصورة العجل ال روح فٌه‪ ،‬له خوار أي له‬
‫صوت كصوت العجل‪ ،‬وكانت هذه معصٌة كبٌرة وظلم كبٌر‪ ،‬ظلموا أنفسهم بإتباع الهوى فتورطوا فً أكبر الكبابر ألن‬
‫اإلٌمان لم ٌدخل قلوبهم‪ ،‬وهذا ٌدل على انحطاط ودناءة نفسٌاتهم‪.‬‬

‫{وإذ أخذنا مٌثاقكم ورفعنا فوقكم ُّ‬


‫الطور خذوا ما آتٌناكم بق َّوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصٌنا وأشربوا فً قلوبهم العجل‬
‫بكفرهم قل ببسما ٌؤمركم به إٌمانكم إن كنتم مُّإمنٌن} البقرة (‪ٌ )33‬قول هللا هنا وإذ أخذنا مٌثاق منكم على أن تتبعوا ما‬
‫أنزلنا إلٌكم‪ ،‬ولكنهم عصوا وقصروا فً إتباع ما أنزل إلٌهم‪ ،‬فكانت النتٌجة أن رفع هللا فوقهم الطور (أي الجبل) تهدٌدا‬
‫لهم لٌتراجعوا عما هم علٌه من العصٌان‪ ،‬فكانت هذه العقوبة والخسابر الكبٌرة التً وقعوا فٌها نتٌجة أنهم لم ٌؤخذوا ما‬
‫آتاهم هللا بقوة‪ ،‬فلم ٌتمسكوا به ولم ٌتبعوه وٌلتزموا وٌتحركوا على أساسه‪ ،‬لكن ما الذي حصل نتٌجة عدم أخذهم الكتاب‬
‫بقوة؟ حصل عصٌان واعتداء وكفر ووقعوا فً ضالل كبٌر‪ ،‬وصلوا إلى درجة أن قالوا (سمعنا وعصٌنا)‪.‬‬

‫ونحن المسلمون كذلك عندما ال نؤخذ كتاب هللا بقوة سنصل إلى أسوأ مما وصل إلٌه بنً إسرائٌل‪.‬‬

‫(وأشربوا فً قلوبهم العجل بكفرهم) امتألت قلوبهم بحب العجل‪ ،‬تقبلوه بسهوله وسرعة كما ٌتقبل الشارب ما ٌشربه‪،‬‬
‫وذلك بسبب كفرهم‪ ،‬فدعواهم لإلٌمان تكذبها أفعالهم الخبٌثة‪ ،‬تشربت وامتألت قلوبهم بحب العجل ولم تتشرب ولم تمتلا‬
‫قلوبهم بحب موسى‪ ،‬وكم هو الفرق بٌن موسى وبٌن العجل‪ ،‬ألم ٌكن من المفترض أن تتشرب قلوبهم بحب هللا وحب‬
‫موسى!! فاإلنسان ال بد أن ٌعشق شٌبا‪ ،‬إذا لم ٌعشق الحق سٌعشق الباطل‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬جراءتهم الكبٌرة على هللا‬


‫البقرة (‪)55‬‬ ‫ٌقول هللا سبحانه وتعالى {وإذ قلتم ٌا موسى لن ُّنإمن لك ح َّتى نرى َّ‬
‫هللا جهرة فؤخذتكم الصَّاعقة وأنتم تنظرون}‬

‫ألٌس هذا مطلبا متعنتا! مطالب أناس جهلة (لن ُّنإمن لك ح َّتى نرى َّ‬
‫هللا جهرة) هإالء القوم قد نسوا كل النعم والمعجزات‬
‫التً تمنن هللا بها علٌهم مثل تلك النعمة (وإذ فرقنا بكم البحر) وهذا ٌدل على أن الواقع السٌا ٌإثر على النفوس فٌحط‬
‫منها‪ٌ ،‬إثر علٌها فتصبح األشٌاء الهامة دون قٌمة عند هذه النفوس‬

‫هللا جهرة) وهذه كذلك تمثل حالة العرب الٌوم‪ ،‬كلنا نحن العرب هذه الحالة مترسخة لدٌنا نحن‬ ‫(لن ُّنإمن لك ح َّتى نرى َّ‬
‫العرب نحذوا حذوا بنً إسرابٌل‪ ،‬هم قالوا (لن ُّنإمن لك ح َّتى نرى َّ‬
‫هللا جهرة) والكثٌر منا ٌقول لمن ٌنصحنا وٌوعٌنا‬
‫بالخطر األمرٌكً واإلسرابٌلً‪ :‬لن نإمن لك حتى نرى أمرٌكا‪ ،‬ونرى األمرٌكً ٌصل إلى بالدنا‪ ،‬وٌوجه بندقٌته إلى‬
‫صدرونا‪ ،‬لن نإمن لك حتى نرى نسابنا ٌخرجن متبرجات كاألوربٌات فً شوارعنا‪ ،‬لن نإمن لك حتى نرى القرآن‬
‫تمزق صفحاته فً مساجدنا‪ ،‬لن نإمن ‪ ......‬لن نإمن‪ ........‬هً الحالة العربٌة التً ضربت العرب وضربت القرآن‪،‬‬
‫وضربت الدٌن‪ ،‬نحن نعٌشها (لن نإمن لك حتى نرى هللا جهرة)‪ .‬نحن ٌجب أن ننسؾ هذه الكلمة من مشاعرنا ومن‬
‫‪6‬‬
‫عقولنا‪ ،‬ومن أذهاننا (أننً ال أصدق حتى تكون األشٌاء ماثلة أمامً) إذا كنت من هذا النوع إذا أمامك على طاولة‬
‫التارٌخ الشواهد الحٌة لهذه‪ ،‬أال ٌكفٌك شواهد حٌة على مدى ‪1411‬عام؟ إذا كنت ممن ٌرٌد أن ٌرى األشٌاء أوال حتى‬
‫ٌصدق فهاهً فلسطٌن ‪ ....‬العراق ‪ ...‬سورٌا ‪ ...‬أفؽانستان ‪ ...‬الٌمن ‪ ...‬إلخ‪ .‬ها هً أمامك األحداث‪ ،‬تلك األحداث‪ -‬هً‬
‫مثل على كل ما نحدثك عنه إذا كنت ال تكتفً بهذه الشواهد‪-‬التً هً شواهد حٌة‪ ،‬أحداث تجسدت فً التارٌخ بل ترٌد‬
‫مودٌال جدٌدا من األحداث ‪ -‬فؤنت أٌضا أسوأ ممن قالوا (لن ُّنإمن لك ح َّتى نرى َّ‬
‫هللا جهرة)‪.‬‬

‫تعاملهم مع المالئكة‬

‫عداوة شدٌدة للمالئكة‬

‫البقرة (‪)38‬‬ ‫{قل من كان عدول ا لِّجبرٌل فإ َّنه ن َّزله على قلبك بإذن ل‬
‫هللا مص ِّدقا لِّما بٌن ٌدٌه وهدى وبشرى للمإمنٌن}‬
‫(من كان عدول ا لِّجبرٌل) هم عادوا جبرٌل‪ ،‬قالوا‪ :‬من الذي ٌنزل القرآن على محمد؟ قالوا‪ :‬جبرٌل‪ ،‬فقالوا‪ :‬إذا جبرٌل عدوا‬
‫لنا‪.‬‬

‫(فإ َّنه ن َّزله على قلبك بإذن ل‬


‫هللا) هللا الذي أرسل جبرٌل بالوحً مباشرة محمد صلوات هللا علٌه وعلى آله‪ ،‬على قلب النبً‪،‬‬
‫فجبرٌل هو ال ٌتصرؾ من جهة نفسه‪ ،‬هو من عند هللا‪ ،‬إذا تقبلوه حتى ولو أنتم تعتبرونه عدوا‪ ،‬فهذا الكتاب الذي نزله‬
‫جبرٌل هو من عند هللا‪( .‬مص ِّدقا لِّما بٌن ٌدٌه) مصدقا لما هو موجود عندكم‪ ،‬وهذا الكتاب الذي نزل به جبرٌل هو هدى‬
‫وبشرى للمإمنٌن كافة‪.‬‬

‫لعداوتهم هلل ومالبكته ورسله فإنهم‬ ‫البقرة (‪)38‬‬ ‫{من كان عدول ا ِّ لهلل ومِئبكته ورسله وجبرٌل ومٌكال فإنَّ ل‬
‫هللا عد لو لِّلكافرٌن}‬
‫دخلوا فً حالة عداوة مع هللا‪ ،‬إذا هللا عدوهم وبالتؤكٌد هو الؽالب على أمره والقاهر فوق عباده‪.‬‬

‫تعاملهم مع أنبٌاء هللا وأعالم دٌنه‬

‫ٔ‪ .‬قتل وتكذٌب‬

‫قال تعالى {ولقد آتٌنا موسى الكتاب وق َّفٌنا من بعده بالرُّ سل وآتٌنا عٌسى ابن مرٌم البٌِّنات وأٌَّدناه بروح القدس أفكلَّما‬
‫جاءكم رسول بما ال تهوى أنفسكم استكبرتم ففرٌقا ك َّذبتم وفرٌقا تقتلون} البقرة ‪84‬‬

‫هنا ٌظهر من مساوئ بنً إسرابٌل كٌؾ تعاملوا مع األنبٌاء الذٌن ٌؤتونهم من بعد‪ ،‬ومهمة النبً أن ٌهدٌهم من جدٌد‬
‫وٌعٌدهم من جدٌد إلى طرٌق الصواب‪ ،‬وعلى الرؼم من هذا لم ٌعد بنً إسرابٌل ٌستفٌدون من الرسل الجدد الذٌن ٌؤتون‬

‫‪4‬‬
‫فً مرحلة هم أحوج إلى االهتداء بهدٌهم‪ ،‬وإلى االصؽاء لتوجٌهاتهم‪ ،‬فوصل بهم الحال إلى أنه إذا جاء الرسول ال ٌتؤقلم‬
‫معهم ٌقتلونه أو ٌكذبون به‪ ،‬أو ٌموت وال ٌكون قد أثر فٌهم أي أثر‪.‬‬

‫(أفكلَّما جاءكم رسول بما ال تهوى أنفسكم استكبرتم ففرٌقا ك َّذبتم وفرٌقا تقتلون) كان بنً إسرابٌل إذا لم ٌستطٌعوا قتل‬
‫النبً فإنهم ٌكذبوه وٌتعاملوا معه بعصٌان وعدم تسلٌم‪ ،‬ومن هنا ٌتبٌن أن بنً إسرابٌل قد وصلوا إلى درجة أن أصبحت‬
‫النعم العظٌمة التً أنعم هللا بها علٌهم مثل نعمة الهداٌة وارسال الرسل إلٌهم لهداٌتهم لٌس لها قٌمة عندهم‪ ،‬ولهذا وصل‬
‫بنً إسرابٌل إلى درجة أن ٌتؤمروا على أنبٌابهم وٌقتلونهم‪.‬‬

‫ٕ‪ .‬عصٌان وعدم تسلٌم‬


‫قال تعالى {ٌا قوم ادخلوا األرض المق َّدسة الَّتً كتب ل‬
‫هللا لكم وال ترت ُّدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرٌن قالوا ٌا موسى إنَّ‬
‫المابدة اآلٌة (‪)22-21‬‬ ‫فٌها قوما جبَّارٌن وإ َّنا لن َّندخلها ح َّتى ٌخرجوا منها فإن ٌخرجوا منها فإ َّنا داخلون}‬

‫طلب نبً هللا موسى علٌه السالم من قومه أن ٌدخلوا القرٌة التً كتب لهم أن ٌدخلوها‪ ،‬لكنهم عصوا ورفضوا االستجابة‬
‫فكانت‬ ‫المابدة ‪24‬‬ ‫لما أمرهم به نبٌهم وقالوا تلك العبارة الخالٌة من األدب (فاذهب أنت وربُّك فقاتال إ َّنا هاهنا قاعدون)‬
‫النتٌجة أن جاءتهم العقوبة فً الدنٌا وتاهوا أربعٌن سنه فً صحراء سٌناء‪.‬‬

‫هللا ٌؤمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أت َّتخذنا هزوا قال أعوذ ب َّ‬
‫اهلل أن أكون من الجاهلٌن‬ ‫قال تعالى {وإذ قال موسى لقومه إنَّ َّ‬
‫(‪ )64‬قالوا ادع لنا ربَّك ٌبٌِّن لنا ما هً قال إ َّنه ٌقول إ َّنها بقرة ال فارض وال بكر عوان بٌن ذلك فافعلوا ما تإمرون‬
‫(‪ )68‬قالوا ادع لنا ربَّك ٌبٌِّن لنا ما لونها قال إ َّنه ٌقول إ َّنها بقرة صفراء فاقع لونها تسرُّ ال َّناظرٌن (‪ )63‬قالوا ادع لنا ربَّك‬
‫هللا لمهتدون (‪ )41‬قال إ َّنه ٌقول إ َّنها بقرة ال ذلول تثٌر األرض وال‬ ‫ٌبٌِّن لنا ما هً إنَّ البقر تشابه علٌنا وإ َّنا إن شاء َّ‬
‫تسقً الحرث مسلَّمة ال شٌة فٌها قالوا اآلن جبت بالح ِّق فذبحوها وما كادوا ٌفعلون (‪ )41‬وإذ قتلتم نفسا فا َّدارأتم فٌها و َّ‬
‫هللا‬
‫هللا الموتى وٌرٌكم آٌاته لعلَّكم تعقلون (‪ )43‬ث َّم قست‬ ‫مخرج ما كنتم تكتمون (‪ )42‬فقلنا اضربوه ببعضها كذلك ٌحً َّ‬
‫قلوبكم من بعد ذلك فهً كالحجارة أو أش ُّد قسوة وإنَّ من الحجارة لما ٌتفجَّ ر منه األنهار وإنَّ منها لما ٌ َّش َّقق فٌخرج منه‬
‫هللا وما َّ‬
‫هللا بؽافل عمَّا تعملون (‪} )44‬‬ ‫الماء وإنَّ منها لما ٌهبط من خشٌة َّ‬

‫‪ ‬هللا هنا ٌذكر لنا قصة مهمة وفٌها الكثٌر من الدروس والعبر والفائدة لنا‪ ،‬وفٌها فضح وكشف لنفسٌة بنً‬
‫إسرائٌل واالنحطاط الذي وصلوا إلٌه‪ ،‬هذه القضٌة هً قضٌة بقرة بنً إسرائٌل‬
‫‪ ‬من المعلوم أنه حصلت جرٌمة قتل لشخص من بنً إسرابٌل‪ ،‬فؤرادوا أن ٌجاملوا بعضهم البعض وٌؽطً بعضهم‬
‫على بعض حتى ال ٌنفضح الجانً منهم‪ ،‬فؤمر هللا نبٌه موسى علٌه السالم أن ٌؤمرهم بذبح بقرة حتى ٌنكشؾ القاتل‪،‬‬
‫فكٌؾ تعامل بنً إسرابٌل مع هذا التوجٌه اإللهً؟! وكٌؾ كان تعاملهم أٌضا مع موسى علٌه السالم؟!‬

‫‪8‬‬
‫‪ ‬هللا تحدث عن هذه القصة بتفاصٌلها ألهمٌتها فٌقول (وإذ قال موسى لقومه إنَّ َّ‬
‫هللا ٌؤمركم أن تذبحوا بقرة) ٌعنً هذا‬
‫األمر وهذا التوجٌه جاء من جهة هللا سبحانه وتعالى (إنَّ َّ‬
‫هللا ٌؤمركم أن تذبحوا بقرة) وكان رد بنً إسرابٌل (قالوا‬
‫أت َّتخذنا هزوا)كان الشًء الصحٌح والمفترض منهم إذا كانوا مإمنٌن حقا‪ ،‬وإذا كانوا صالحٌن أنه بمجرد أن ٌؤمرهم‬
‫هللا بؤن ٌذبحوا بقرة‪ ،‬أن ٌقولوا مباشرة سمعنا وأطعنا وٌتجهوا بدون جدال إلى بقرة فٌذبحوها طاعة هلل ولكنهم قالوا‬
‫اهلل أن أكون من الجاهلٌن)ال ٌمكن أن أتخذكم‬ ‫(أت َّتخذنا هزوا) هكذا كان ردهم على نبٌهم فقال لهم موسى(قال أعوذ ب َّ‬
‫هللا ٌؤمركم) ومعناها‪ :‬أٌتخذنا هللا هزوا!! ما كفاهم أنه قال (إنَّ َّ‬
‫هللا ٌؤمركم) الحظوا‬ ‫هزوا‪ ،‬مع أنه هنا ٌقول لهم (إنَّ َّ‬
‫كٌؾ هذه واحدة من المظاهر السٌبة‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك قالوا (قالوا ادع لنا ربَّك) هذه إساءة أخرى كٌؾ ردوا على نبٌهم بقلة أدب (ادع لنا ربَّك) وكؤن هللا تعالى هو‬
‫رب موسى فقط ولٌس ربهم‪ ،‬وهذا من الجحود والكفر‪ ،‬نالحظ كذلك أنهم ال ٌقدرون نبً هللا موسى حق تقدٌره‬
‫كرسول من عند هللا وهذا ٌعكس عدم تقدٌرهم ما ٌؤتً من توجٌهات هللا لهم‪.‬‬
‫‪( ‬ادع لنا ربَّك ٌبٌِّن لنا ما هً) بدأ بنو إسرابٌل فً الفلسفة وتعقٌد األمور ألنهم لم ٌكن لدٌهم تسلٌم هلل عندها صعلب هللا‬
‫علٌهم األمور أكثر‪ ،‬بالرؼم من أن نبً هللا موسى قال لهم اذبحوا بقرة من البداٌة ٌعنً أي بقرة‪ ،‬ونتٌجة لفلسفة بنً‬
‫إسرابٌل بدأت المسؤلة تصعب وتتعقد عندما قال لهم موسى (قال إ َّنه ٌقول إ َّنها بقرة ال فارض وال بكر عوان بٌن ذلك)‬
‫(إنه ٌقول) ٌعنً هللا ٌقول‪ ،‬ال ٌزال موسى ٌستخدم نفس األسلوب ألنه ٌعلم نفسٌات قومه وٌعلم أنه لو كان األمر منه‬
‫فلن ٌستجٌب له بنً إسرابٌل لقلة احترامهم وعدم تقدٌرهم له ولهذا وضح لهم أنه أمر من هللا (إنه ٌقول) ‪( ،‬إ َّنها بقرة‬
‫ال فارض وال بكر عوان بٌن ذلك) ال تكون كبٌرة فً العمر وال تكون صؽٌرة‪ ،‬بل تكون ذات عمر متوسط (قالوا ادع‬
‫لنا ربَّك ٌبٌِّن لنا ما لونها) الزالوا مستمرٌن فً اإلساءة هلل ولرسوله بنفس األسلوب (ادع لنا ربَّك) والزالوا مستمرٌن‬
‫فً الجحود والفلسفة وزٌادة التعقٌد وٌعتقدون أنهم أذكٌاء فقالوا (ما لونها) عادة البقر ال تكون ذات ألوان بشكل كبٌر‪،‬‬
‫هً فً الؽالب تكون متقاربة اللون‪ ،‬ولذلك نتٌجة لعدم مسارعتهم فً االستجابة لتوجٌه هللا ولزٌادة فلسفتهم على نبً‬
‫هللا موسى‪ ،‬نجد أن هللا صعب علٌهم المسؤلة أكثر‪.‬‬
‫‪( ‬قال إ َّنه ٌقول إ َّنها بقرة صفراء فاقع لونها تسرُّ ال َّناظرٌن) هل ٌوجد بقرة صفراء ذات لون أصفر؟ ومع ذلك ٌحدد هللا‬
‫سبحانه وتعالى نسبة اللون األصفر (صفراء فاقع لونها) ٌعنً أن اللون األصفر هو درجات متفاوتة‪ ،‬صعلب هللا علٌهم‬
‫المسؤلة أكثر وأصبحت البقرة نادرة أكثر فؤكثر نتٌجة لفلسفتهم الزابدة‪ ،‬ونتٌجة لعصٌانهم وتمردهم وخبثهم‪.‬‬
‫‪( ‬قالوا ادع لنا ربَّك ٌبٌِّن لنا ما لونها) ‪ ...‬ما لونها! نحن نعٌش الحالة هذه‪ ،‬ال نضحك على بنً إسرابٌل لوحدهم قضٌة‬
‫البقرة والروحٌة التً كانت عند بنً إسرابٌل ما تزال موجودة عندنا كعرب ومسلمٌن‪ ،‬لنؤخذ دروس وعبر من هذه‬
‫القصة‪ ،‬فعندما ٌؤمرنا هللا تعالً (أقٌموا الصالة ‪ -‬جاهدوا‪ -‬أنفقوا‪-‬ال تتفرقوا‪ -‬واعتصموا بحبل هللا جمٌعا – تؤمرون‬
‫بالمعروؾ وتنهون عن المنكر) ٌجب علٌنا المسارعة فً االستجابة لتوجٌهات هللا تعالى ونحذر أن نكون مثل بنً‬
‫إسرابٌل فنتفلسؾ ونجادل ونظهر أنفسنا أذكٌاء عندما نسمع توجٌهات هللا لنا وفً كل توجٌه نتساءل لماذا‪...‬‬

‫‪3‬‬
‫كٌؾ‪...‬وأٌن‪ ...‬ووو كما قال بنً إسرابٌل (ما لونها – ماهً) ٌعقدوا األمور فتتعقد وتصعب علٌهم أكثر‪ ،‬والمفترض‬
‫منا نحن المسلمٌن عندما نسمع توجٌهات هللا لنا فً القرآن أن نسارع فً تنفٌذها وبدون مجادلة ألنها توجٌهات إلهٌة‬
‫واضحة وبٌلنة ال لبس فٌها وال شك‪.‬‬
‫‪( ‬قالوا ادع لنا ربَّك ٌبٌِّن لنا ما هً إنَّ البقر تشابه علٌنا وإ َّنا إن شاء َّ‬
‫هللا لمهتدون) أصبحوا هم بقر‪ ،‬عندما ٌصبح‬
‫الناس بقرا تصبح األمور متشابهة علٌهم وؼامضة عندهم ولم ٌعد لدٌهم فهم (إنَّ البقر تشابه علٌنا) وصلوا إلى مرحلة‬
‫أصبحوا هم البقر‪ ،‬كمن ٌقول الٌوم (ما عاد عرفنا الحق من الباطل) (وإ َّنا إن شاء َّ‬
‫هللا لمهتدون) ٌعنً نحن على‬
‫استعداد أن نلتزم ٌا موسى ولكن بٌلن لنا هذه المرة فقط وإن شاء هللا نجد هذه البقرة المطلوبة ونذبحها (قال إ َّنه ٌقول‬
‫إ َّنها بقرة ال ذلول تثٌر األرض وال تسقً الحرث مسلَّمة ال شٌة فٌها) بقرة ؼٌر مذللة للعمل‪ ،‬بقرة لم تستخدم لجلب‬
‫الماء للزراعة وال استخدموها فً زراعة األرض‪ (.‬مسلَّمة ال شٌة فٌها) مسلمة لٌس فٌها عٌوب‪ ،‬ال شٌة فٌها ٌعنً ال‬
‫ٌوجد فٌها ألوان أخرى فهً على لون واحد‪ ،‬هنا أصبحت البقرة نادرة أكثر‪ ،‬وكلما زاد السإال كلما جاءت القضٌة‬
‫بشكل نادر أكثر‪ ،‬وهذا مإشر خطٌر بالنسبة للناس‪ ،‬إذا مثال موقؾ معٌن طلب منهم ولم ٌنطلقوا فٌه قد ٌبلون بموقؾ‬
‫أصعب منه وهكذا‪.‬‬
‫‪( ‬قالوا اآلن جبت بالح ِّق) من شدة عنادهم وخبث نفسٌاتهم قالوا لنبً هللا موسى علٌه السالم‪ :‬اآلن جبت بالحق وكؤن‬
‫توجٌه هللا لهم من البداٌة على لسان نبٌه لم ٌكن حق! توجٌه هللا كان حق من أول كلمة (إنَّ َّ‬
‫هللا ٌؤمركم أن تذبحوا بقرة)‬
‫ألم ٌكن هذا التوجٌه حقا كافٌا؟! لكن بنً إسرابٌل اعتبروا أنفسهم عباقرة وأذكٌاء كٌؾ أنهم استطاعوا أن ٌستخرجوا‬
‫من موسى تشخٌصا كامال للحق وأن موسى هو رأى وعرؾ الحق‪( .‬فذبحوها) بعدما بحثوا كثٌرا عن هذه البقرة‬
‫المطلوبة فوجدوها بعد عناء وجهد جهٌد وبثمن باهض جدا بعد هذا ذبحوها فً األخٌر (وما كادوا ٌفعلون) ذبحوها‬
‫رؼما عنهم‪.‬‬
‫‪( ‬وإذ قتلتم نفسا فا َّدارأتم فٌها ) كل شخص فً بنً إسرابٌل أراد أن ٌؽطً هذه الجرٌمة‪ ،‬لكن هللا تعالى قال (و َّ‬
‫هللا‬
‫مخرج ما كنتم تكتمون) مخرج‪ :‬اسم فاعل‪ ،‬أي أن هللا تعالى تكفل بإخراج ما ٌكتمه بنً إسرابٌل عندما حاولوا كتم‬
‫الحقٌقة فتكفل هللا بإخراجها رؼما عنهم‪ ،‬وهذه سنة إلهٌة أن هللا تكفل بفضح الٌهود والنصارى وفضح جرابمهم ولهذا‬
‫لم ٌخؾ التارٌخ جرابمهم أبدا‪ ،‬مثل ما حصل فً الحادي عشر من سبتمبر من العام ‪2111‬م عندما دبر الٌهود حادثة‬
‫تفجٌر البرجٌن فً نٌوٌورك بؤمرٌكا لٌتهموا بها اإلسالم والمسلمٌن‪ ،‬من أجل أن ٌوجدوا لهم ذرٌعة ومبرر لدخول‬
‫واحتالل البلدان العربٌة واإلسالمٌة تحت مبرر مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وص لدق الكثٌر من الناس أن الذي قام بهذا التفجٌر‬
‫هو اسامه بن الدن والقاعدة كما صرحت بهذا قنوات اإلعالم األمرٌكٌة واإلسرابٌلٌة‪ ،‬وفً الحقٌقة لم ٌكن أسامة‬
‫وتنظٌم القاعدة سوى عمالء للٌهود‪ .‬وبعد مرور سنوات فضحهم هللا تعالى وأخرج ما كانوا ٌكتمونه حٌث جاء فرٌق‬
‫من الخبراء األوربٌون وأثبتوا باألدلة القاطعة أن الذي فجر البرجٌن لٌس أسامة وال تنظٌم القاعدة بل االستخبارات‬

‫‪11‬‬
‫اإلسرابٌلٌة‪ ،‬ومن أكبر األدلة أنه فً ذلك الٌوم الذي حدث فٌه التفجٌر كان حوالً أربعة آالؾ ٌهودي ٌعملون فً‬
‫البرج ؼٌر متواجدٌن فً البرجٌن‪ ،‬والسبب هو معرفتهم بما سٌحدث من تفجٌر للبرجٌن‪.‬‬
‫‪( ‬فقلنا اضربوه ببعضها كذلك ٌحً َّ‬
‫هللا الموتى) أخذوا جزء من هذه البقرة فضربوا بها الشخص المقتول‪ ،‬وبقدرة هللا‬
‫تعالى قام هذا المقتول حٌا وأخبر بمن قتله‪ ،‬فكانت هذه آٌة عظٌمة تخشع لها القلوب‪ ،‬لكن بنً إسرابٌل لم ٌتؤثروا بها‬
‫بل قست قلوبهم (ث َّم قست قلوبكم من بعد ذلك) وهذه صفة نفسٌة من صفات بنً إسرابٌل اتصافهم بقسوة القلوب‪،‬‬
‫وقسوة القلوب تتجسد فً أخالقهم وجرابمهم البشعة‪ ،‬وصل بنً إسرابٌل إلى هذه الدرجة من قسوة القلوب التً هً‬
‫أقسى من الحجارة نتٌجة عدم االستجابة لتوجٌهات هللا‪.‬‬

‫ٖ‪ .‬عدم تقدٌر لنعمة هللا علٌهم باألنبٌاء ومإآذاتهم واإلساءة إلٌهم‬
‫قال تعالى {قالوا أوذٌنا من قبل أن تؤتٌنا ومن بعد ما جبتنا قال عسى ربُّكم أن ٌهلك عد َّوكم وٌستخلفكم فً األرض فٌنظر‬
‫األعراؾ‪123‬‬ ‫كٌؾ تعملون}‬

‫تحدث هللا عن بنً إسرابٌل أنهم لم ٌقدروا نعمة هللا علٌهم بالهداٌة وارسال الرسل‪ ،‬بل آذوا األنبٌاء وأساءوا إلٌهم‪ ،‬مثلما‬
‫أخبرنا هللا عن بنً إسرابٌل كٌؾ تعاملوا مع موسى (ادع لنا ربك) (أتتخذنا هزوا) (اذهب أنت وربك) هكذا تعاملوا مع‬
‫موسى بقلة أدب‪ ،‬وحكى هللا حدٌثهم مع موسى عندما قالوا له ( قالوا أوذٌنا من قبل أن تؤتٌنا ومن بعد ما جبتنا) بمعنى‬
‫ماذا فعلت لنا ٌا موسى‪ ،‬فقد أوذٌنا من قبل أن تؤتٌنا ومن بعد أن جبتنا بقٌنا فً نفس الشقاء والمعاناة ولم ٌتؽٌر حالنا ولم‬
‫تتؽٌر وضعٌتنا‪ ،‬ونسوا أن هللا أنقذهم من فرعون الذي كان ٌذبح أبنابهم أمام أعٌنهم ووكٌؾ كان فرعون وجنوده‬
‫ٌؤخذون نسابهم ؼصبا عنهم لٌعملن فً الخدمة فً قصور فرعون‪ ،‬نسوا أنهم كانوا مستضعفٌن وبال قٌمة عند فرعون‬
‫الذي ٌسومهم سوء العذاب وكانوا ٌعٌشون حٌاة الذل واإلهانة إلى أن جاءهم موسى علٌه السالم ‪ ،‬أرسله هللا إلٌهم‬
‫مخلصا ومنقذا لهم من ظلم فرعون‪ ،‬فنقلهم من حٌاة الذل واالستعباد إلى حٌاة العز والكرامة‪ ،‬ولهذا من العجٌب أن توجد‬
‫نفسٌات كهذه التً ٌحملها بنً إسرابٌل نفسٌات ال تقدر هذه النعم العظٌمة التً منل هللا بها علٌهم‪ ،‬هً نفسٌات مرٌضة‬
‫ومنحطة ولألسؾ الٌوم هناك أناس ٌحملون نفس هذه النفسٌة المنحطة والمرٌضة‪ ،‬فتجد بعضهم ٌقولون ماذا فعل لنا‬
‫هإالء المجاهدٌن؟ فنحن ما نزال نعٌش فً نفس الوضعٌة االقتصادٌة السٌبة السابقة!؟ نسوا بؤنهم الٌوم ٌعٌشون فً هذه‬
‫المناطق المحررة فً حرٌة وعزة وكرامة لم ٌعٌشوا مثلها من قبل منذ سنوات‪ ،‬ال ٌقدرون هذه النعمة العظٌمة‪ ،‬ألنهم‬
‫ٌعتبرون النعم المادٌة هً أفضل وأعظم من نعمة الحرٌة والعزة والكرامة واالستقالل من هٌمنة الطؽاة والمستكبرٌن‪،‬‬
‫فما قٌمة النعم المادٌة إذا خسرنا نعمة الهداٌة ونعمة الحرٌة والعزة والكرامة‪.‬‬

‫هللا ممَّا قالوا وكان عند َّ‬


‫هللا وجٌها} (األحزاب‪ )63‬بنً إسرابٌل‬ ‫{ٌا أٌُّها الَّذٌن آمنوا ال تكونوا كالَّذٌن آذوا موسى فبرَّ أه َّ‬
‫تعمدوا أذٌة نبً هللا موسى فقالوا عنه ساحر وكذاب ومجنون‪ ،‬تعاملوا معه بعصٌان وعدم استجابة لما ٌوجههم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ٗ‪ .‬تؤثرهم بالضالٌن وعدم تؤثرهم بالمرسلٌن‬

‫‪ ‬قصة السامري‬

‫قال تعالى { وإ ِّنً لؽ َّفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ث َّم اهتدى (‪ )82‬وما أعجلك عن قومك ٌا موسى (‪ )83‬قال هم‬
‫أوالء على أثري وعجلت إلٌك ربِّ لترضى (‪ )84‬قال فإ َّنا قد فت َّنا قومك من بعدك وأضلَّهم السَّامريُّ (‪ )85‬فرجع موسى‬
‫إلى قومه ؼضبان أسفا قال ٌا قوم ألم ٌعدكم ربُّكم وعدا حسنا أفطال علٌكم العهد أم أردتم أن ٌح َّل علٌكم ؼضب من ربِّكم‬
‫فؤخلفتم موعدي (‪ )86‬قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولك َّنا حمِّلنا أوزارا من زٌنة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السَّامريُّ‬
‫(‪ )84‬فؤخرج لهم عجال جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسً (‪ )88‬أفال ٌرون أ َّال ٌرجع إلٌهم قوال وال ٌملك‬
‫لهم ضرل ا وال نفعا (‪ )83‬ولقد قال لهم هارون من قبل ٌا قوم إ َّنما فتنتم به وإنَّ ربَّكم الرَّ حمن فا َّتبعونً وأطٌعوا أمري}‬
‫(‪ )31‬سورة طه‬

‫مشكلة بنً إسرابٌل ونتٌجة النحطاط نفسٌاتهم لم ٌتؤثروا بنبً هللا موسى علٌه السالم‪ ،‬بل تؤثروا بالضالٌن والمنحرفٌن‬
‫مثل السامري الذي عرؾ نقطة ضعؾ بنً إسرابٌل وهً رؼبتهم فً عبادة إله مربً ماثل أمامهم‪ ،‬عندها أشبع السامري‬
‫لهم هذه الرؼبة فصنع لهم عجال ٌعبدوه‪ ،‬ألنهم كانوا قد تعودوا من فرعون على حٌاة االستعباد والذل والقهر‪ ،‬وهذا ما‬
‫جعل نفوسهم منحطة ودنٌبة تعشق الباطل وتتؤثر بالضالٌن‪.‬‬

‫٘‪ .‬اعتراضهم على اختٌار هللا لؤلعالم والقادة‬


‫قال تعالى { ألم تر إلى المإل من بنً إسرابٌل من بعد موسى إذ قالوا لنبًٍّ لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فً سبٌل َّ‬
‫هللا قال هل‬
‫عسٌتم إن كتب علٌكم القتال أ َّال تقاتلوا قالوا وما لنا أ َّال نقاتل فً سبٌل َّ‬
‫هللا وقد أخرجنا من دٌارنا وأبنابنا فلمَّا كتب علٌهم‬
‫هللا قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أ َّنى ٌكون له‬ ‫هللا علٌم ب َّ‬
‫الظالمٌن (‪ )246‬وقال لهم نبٌُّهم إنَّ َّ‬ ‫القتال تولَّوا إ َّال قلٌال منهم و َّ‬
‫هللا اصطفاه علٌكم وزاده بسطة فً العلم والجسم و َّ‬
‫هللا‬ ‫الملك علٌنا ونحن أح ُّق بالملك منه ولم ٌإت سعة من المال قال إنَّ َّ‬
‫ٌإتً ملكه من ٌشاء و َّ‬
‫هللا واسع علٌم (‪ )244‬وقال لهم نبٌُّهم إنَّ آٌة ملكه أن ٌؤتٌكم ال َّتابوت فٌه سكٌنة من ربِّكم وبقٌَّة ممَّا‬
‫ترك آل موسى وآل هارون تحمله المالبكة إنَّ فً ذلك آلٌة لكم إن كنتم مإمنٌن (‪ )248‬فلمَّا فصل طالوت بالجنود قال إنَّ‬
‫َّ‬
‫هللا مبتلٌكم بنهر فمن شرب منه فلٌس م ِّنً ومن لم ٌطعمه فإ َّنه م ِّنً إ َّال من اؼترؾ ؼرفة بٌده فشربوا منه إ َّال قلٌال منهم‬
‫فلمَّا جاوزه هو والَّذٌن آمنوا معه قالوا ال طاقة لنا الٌوم بجالوت وجنوده قال الَّذٌن ٌظ ُّنون أ َّنهم مالقو َّ‬
‫هللا كم من فبة قلٌلة‬
‫هللا مع الصَّابرٌن (‪ )243‬ولمَّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربَّنا أفرغ علٌنا صبرا وثبِّت‬ ‫هللا و َّ‬
‫ؼلبت فبة كثٌرة بإذن َّ‬
‫هللا وقتل داوود جالوت وآتاه َّ‬
‫هللا الملك والحكمة وعلَّمه ممَّا‬ ‫أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرٌن (‪ )251‬فهزموهم بإذن َّ‬
‫هللا ذو فضل على العالمٌن (‪)251‬تلك آٌات َّ‬
‫هللا نتلوها‬ ‫هللا ال َّناس بعضهم ببعض لَّفسدت األرض ولكنَّ َّ‬
‫ٌشاء ۚ ولوال دفع َّ‬
‫البقرة‬ ‫علٌك بالح ِّق وإ َّنك لمن المرسلٌن (‪})252‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬من ٌؤتً الحتالل أرضك ٌجب أن تتوجه لقتاله فً سبٌل هللا وأن تتوجه فً سبٌل هللا‪ ،‬أن ترفع بمقصدك إلى‬
‫هللا وتتوجه إلى هللا لٌرفعك‪ ،‬ال أن تنزل تحت وتقول (من أجل الوطن – من أجل تربة الوطن) هذه النكسة‬
‫خطٌرة‪ ،‬انتكس العرب عندما نكسوا نواٌاهم لؤلسفل‪.‬‬
‫‪ ‬بنً إسرابٌل الذٌن انطلقوا ٌقاتلون فً سبٌل هللا (ألم تر إلى المإل من بنً إسرابٌل من بعد موسى إذ قالوا لنبًٍّ لهم‬
‫هللا) هذه القضٌة معروفة عند بنً إسرابٌل‪ ،‬عندهم معرفة بالسنن اإللهٌة‪،‬‬ ‫ابعث لنا ملكا) أي قابدا (نقاتل فً سبٌل َّ‬
‫بنو إسرابٌل فاهمون بؤنه ٌجب أن ٌتوجهوا لٌقاتلوا فً سبٌل هللا‪ ،‬مع أن الدافع لدٌهم هو أنهم أخرجوا من دٌارهم‬
‫وأبنابهم‪ ،‬ألٌس دفاعا عن وطن؟! لكن لو قالوا نقاتل من أجل الوطن‪ ،‬لن ٌرد النبً علٌهم‪ ،‬ولن ٌحصل لهم شًء‪،‬‬
‫معنى هذا أنها قضٌة مإكدة لدٌهم أنه فً الوقت الذي ٌشعرون بؤنهم مضطهدون ومقهورٌن من جانب عدو أخرجهم‬
‫من د ٌارهم وأبنابهم‪ ،‬علٌهم أن ٌنطلقوا فً سبٌل هللا (الحظوا كٌؾ الٌهود خبثاء وسعوا إللؽاء كلمة فً سبٌل هللا من‬
‫واقع المسلمٌن لٌضعوا بدال عنها من أجل الوطن – من أجل تربة الوطن) ‪ ...‬صدروها لنا من أجل ننكس رإوسنا‪.‬‬
‫ألٌس العرب فً األخٌر انتهوا إلى أن دسوا رإوسهم فً التراب ألنهم ٌقولون (وطنٌة‪ -‬من أجل الوطن‪ -‬وتربة‬
‫الوطن) إلى أن دسوا رإوسهم فً التربة‪ٌ ،‬ؤتً العدو ٌدوسهم وقد دسوا رإوسهم‪ ،‬لو رفع الناس رإوسهم إلى هللا‪،‬‬
‫تحمى أوطانهم وتصان فعال‪ ،‬فالٌهود ٌخافون ممن ٌسٌرون فً سبٌل هللا بصدق وعلى توجه كتاب هللا‬
‫(قال هل عسٌتم إن كتب علٌكم القتال أ َّال تقاتلوا قالوا وما لنا أ َّال نقاتل فً سبٌل َّ‬
‫هللا وقد أخرجنا من دٌارنا وأبنابنا)‬ ‫‪‬‬
‫تكررت جملة (سبٌل هللا) ٌوضح لنا أهمٌة أن ٌتوجه الناس فً (سبٌل هللا)‪ .‬بالرؼم أن بنو إسرابٌل قد ذكروا الدافع‬
‫إلى أن ٌقاتلوا أنهم ٌرٌدون أن تتحرر أوطانهم‪ ،‬وأن ٌنتقموا من عدوهم‪ ،‬وألنهم ٌفهمون جمٌعا هذه القضٌة توجهوا‬
‫جمٌعا (المأل) وجهاإهم وكبارهم‪ ،‬توجهوا إلى نبٌهم وطلبوا أن ٌبعث لهم ملكا‪ ،‬هم ٌركزون جدا فً مسؤلة القٌادة‬
‫ٌعلمون أنه البد من قٌادة مختارة بطرٌقة إلهٌة ولٌس تحت أي قٌادة‪.‬‬
‫‪( ‬وقال لهم نبٌُّهم إنَّ َّ‬
‫هللا قد بعث لكم طالوت ملكا) اختار هللا لهم قابدا (طالوت) ولم ٌكن المأل متوقعٌن أن ٌكون‬
‫طالوت هو القابد المختار لهم‪ ،‬هإالء المأل (الوجهاء وكبار الناس) كانوا منتظرٌن أن ٌبعث هللا لهم ملكا(قابدا) منهم‪،‬‬
‫أي من كبار القوم من الوجهاء واألؼنٌاء‪ ،‬ال أن ٌكون من طبقة الفقراء‪ .‬لكن هللا تعالى هو أعلم بمن ٌصلح للقٌادة‪،‬‬
‫فاختار طالوت لٌكون القابد لهم‪ ،‬وهنا اعترض (المأل) الوجهاء وكبار الناس من بنً إسرابٌل على اختٌار هللا‬
‫(لطالوت) وقالوا (قالوا أ َّنى ٌكون له الملك علٌنا ونحن أح ُّق بالملك منه ولم ٌإت سعة من المال) لٌس لدٌه أموال‬
‫هللا اصطفاه علٌكم وزاده بسطة فً العلم والجسم) اصطفاه علٌكم أي اصطفاء علٌكم‬ ‫كثٌرة‪ ،‬فقال لهم نبٌهم (قال إنَّ َّ‬
‫لكم‪ ،‬من أجلكم‪ ،‬فً تؤهٌلٌه لقٌادتهم‪ ،‬من أجلهم هم ولمصلحتهم هم‪ ،‬وحتى تكون العملٌة ناجحة وٌنتصرون فً‬
‫األخٌر‪.‬‬
‫هللا ٌإتً ملكه من ٌشاء و َّ‬
‫هللا واسع علٌم) فؤن ٌرفض المأل طالوت ألنه فقٌر‪ ،‬فموضوع المال لٌس مقٌاسا‪ ،‬ألن‬ ‫‪( ‬و َّ‬
‫كثٌر من أصحاب رإوس األموال ٌجعله ماله ٌخاؾ فٌتراجع حتى ال تتؤثر مصالحه‪ ،‬فهل هذه النوعٌة ستقود أمة؟!‬

‫‪13‬‬
‫‪( ‬وقال لهم نبٌُّهم إنَّ آٌة ملكه أن ٌؤتٌكم ال َّتابوت فٌه سكٌنة من ربِّكم) فٌكون فً هذا القابد الذي اختاره هللا لهم طمؤنٌنة‬
‫ألنفسهم‪ ،‬ونتٌجة القتال فً سبٌل هللا وتحت القٌادة المختارة من هللا سٌنعم الناس بالسكٌنة‪ ،‬كما هو حال الشعب الٌمنً‬
‫الٌوم الذي ٌنعم بالسكٌنة رؼم هذا العدوان الؽاشم والحصار الجابر‪.‬‬
‫‪( ‬فلمَّا فصل طالوت بالجنود ) تحرك طالوت هذا القابد الذي اصطفاه هللا مع الجنود الذٌن تبقوا معه بعد أن خرج‬
‫عنه كثٌر من المال الذٌن اعترضوا على اختٌار هللا له‪ ،‬تحركوا باتجاه مٌدان المعركة لمواجهة العدو‪.‬‬
‫‪( ‬قال إنَّ َّ‬
‫هللا مبتلٌكم بنهر فمن شرب منه فلٌس م ِّنً ومن لم ٌطعمه فإ َّنه م ِّنً إ َّال من اؼترؾ ؼرفة بٌده فشربوا منه‬
‫إ َّال قلٌال منهم) طالوت قابد ٌعرؾ مجتمعه‪ ،‬وٌعرؾ أن مواجهة العدو تتطلب أناس ثابتٌن‪ ،‬وأنه عندما ٌكون هنالك‬
‫أكثرٌة ضعٌفة اإلٌمان فإنهم قد سٌنهزمون‪ ،‬فٌشكلون هزٌمة منكرة فتكون العاقبة سٌبة أسوأ مما هم علٌه‪ ،‬فكان هذا‬
‫النهر هو اختٌار إلهً ٌكشؾ مدى إٌمان الذٌن مع طالوت‪ ،‬عندما سقط أكثرٌة من كان مع طالوت فً هذا االختبار‬
‫اإللهً فشربوا من النهر فانفصلوا عن جٌش طالوت إال الفبة القلٌلة المإمنة (قٌل لم ٌتبق معه سوى ثالثمابة رجل)‬
‫التً ستواجه جٌش تعداده باآلالؾ وٌقوده الملك جالوت بنفسه فعندما ٌخرج الملك ٌعنً ٌخرج بكامل ما لدٌه من‬
‫عدة وعتاد وجنود‪.‬‬
‫‪( ‬فلمَّا جاوزه هو والَّذٌن آمنوا معه قالوا ال طاقة لنا الٌوم بجالوت وجنوده) ألن القضٌة أصبحت كبٌرة أمامهم‪،‬‬
‫والمإمنون عادة ٌتفاوتون فً درجة اإلٌمان‪.‬‬
‫هللا) أي مستشعرٌن لقاء هللا وٌعرفون أهمٌة العمل وأنهم فً سبٌل هللا‪( ،‬كم من فبة‬ ‫‪( ‬قال الَّذٌن ٌظ ُّنون أ َّنهم مالقو َّ‬
‫هللا و َّ‬
‫هللا مع الصَّابرٌن) فال تقاس المسؤلة باألرقام‪.‬‬ ‫قلٌلة ؼلبت فبة كثٌرة بإذن َّ‬
‫‪( ‬ولمَّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربَّنا أفرغ علٌنا صبرا وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرٌن) انقطاع إلى‬
‫هللا بمشاعرهم‪ ،‬بنفسٌاتهم‪ ،‬وثقة بؤن هللا مع الصابرٌن‪ ،‬وهذا ٌمثل وعٌا إٌمانٌا‪ ،‬فكانت نتٌجة هذا اإلٌمان العظٌم‬
‫واالعتماد على هللا والثقة به (فهزموهم بإذن ل‬
‫هللا) هزموا جالوت وجنوده بإذن هللا (وقتل داوود جالوت) كان داوود‬
‫أحد الجنود فً ظل قٌادة طالوت‪ .‬ألٌس هذا ٌعتبر خزٌا بالنسبة للعدو الذي ٌقدر باآلالؾ ٌنهزم أمام فبة قلٌلة جدا‬
‫تقدر بالمبات؟!‬
‫‪ ‬ألٌس هذا النصر ٌعتبر مثالً أعلى فً أهمٌة أن ٌكون الناس متوجهٌن فً سبٌل هللا وتحت قٌادة ٌختارها هللا‪،‬‬
‫ص ْب ًرا َو َث ِّب ْت أَ ْقدَا َم َنا‬
‫وأن مواطن الدعاء تكون فً مواطن المواجهة فً المٌدان العملً ( َر َّب َنا أَ ْف ِر ْغ َعلَ ٌْ َنا َ‬
‫ص ْر َنا َعلَى ا ْل َق ْو ِم ا ْل َكاف ِِرٌنَ )‪.‬‬
‫َوا ْن ُ‬

‫‪14‬‬
‫تعاملهم مع كتب هللا المقدسة‬

‫الكتب المقدسة هً التوراة واإلنجٌل والقرآن الكرٌم‪ ،‬جعلها هللا مقدسة لنقدس توجٌهات هللا‪ ،‬لنطٌع هللا ونلتزم بما جاء‬
‫فً هذه الكتب المقدسة‪ ،‬لكن بنً إسرابٌل أساءوا التعامل مع هذه الكتب المقدسة‪ ،‬ومن ضمن إساءتهم لها‪:‬‬

‫ٔ‪ .‬تحرٌف متعمد‬


‫قال تعالى {أفتطمعون أن ٌإمنوا لكم وقد كان فرٌق منهم ٌسمعون كالم َّ‬
‫هللا ث َّم ٌحرِّ فونه من بعد ما عقلوه وهم ٌعلمون}‬
‫البقرة ‪45‬‬

‫‪ ‬أفتطمعون أن ٌإمنوا لكم هإالء الذٌن ترونهم كٌؾ كانوا ٌتعاملون مع هللا ومع آٌاته ومع نعمه التً أنعم بها علٌهم‪،‬‬
‫كٌؾ أصبحوا فً واقعهم‪ ،‬وكٌؾ أصبحت تصرفاتهم؟ وكٌؾ انتهوا إلى هذه النتٌجة السٌبة أن ٌحرفوا كالم هللا وهم‬
‫ٌعرفون أنه كالم هللا على لسان موسى أو على لسان أي نبً من أنبٌاء هللا (ث َّم ٌحرِّ فونه من بعد ما عقلوه) وفهموه أنه‬
‫من عند هللا وفهموا معناه‪ ،‬ومع هذا ٌحرفونه عندما ٌقدموه لِئخرٌن (وهم ٌعلمون) ألٌست هذه جرأة شدٌدة جدا؟!‬
‫فهل تطمعون أنهم ٌمكن أن ٌإمنوا لكم وٌقبلوا منكم! وٌستجٌبوا لكم؟ هإالء ال ٌوجد فٌهم مطمع فال تثقوا بهم‪ ،‬ومن‬
‫ٌثق بهم فهو ؼبً‪ ،‬ألن بنً إسرابٌل ٌعرفون بؤنهم مكارون ومضللون ولدٌهم جرأة على درجة عالٌة أن ٌحرفوا‬
‫كالم هللا وبالتالً هم سٌحرفون أي شًء تقدمه إلٌهم‪ ،‬فلٌس هناك أمل فً إٌمانهم لقد طبع هللا على قلوبهم بما‬
‫اقترفوه‪ ،‬فإذا كنا مدركٌن أن هإالء لٌس هناك طمع أن ٌإمنوا أن بنً إسرابٌل ال أمل فٌهم‪ ،‬فكٌؾ ٌؤتً البعض‬
‫لٌبحث عن سالم مع بنً إسرابٌل؟ هل ٌرجون منهم أن ٌلتزموا باتفاقٌات معٌنه معهم؟ كٌؾ وهم اجترأوا على هللا‬
‫سبحانه وتعالى إن القرآن ٌقطع بعكس ذلك‪.‬‬

‫ٕ‪ .‬افتراءات ثقافات مغلوطة ونسبتها إلى كتب هللا‬

‫هللا لٌشتروا به ثمنا قلٌال فوٌل لهم ممَّا كتبت‬‫قال تعالى (فوٌل للَّذٌن ٌكتبون الكتاب بؤٌدٌهم ث َّم ٌقولون هذا من عند َّ‬
‫هللا عهدا فلن ٌخلؾ َّ‬
‫هللا عهده أم‬ ‫أٌدٌهم ووٌل لهم ممَّا ٌكسبون * وقالوا لن تمسَّنا ال َّنار إ َّال أٌَّاما معدودة قل أ َّتخذتم عند َّ‬
‫تقولون على َّ‬
‫هللا ما ال تعلمون * بلى من كسب سٌِّبة وأحاطت به خطٌبته فؤولبك أصحاب ال َّنار هم فٌها خالدون *‬
‫[سورة البقرة ‪]82 - 43‬‬ ‫والَّذٌن آمنوا وعملوا الصَّالحات أولبك أصحاب الج َّنة هم فٌها خالدون)‬

‫‪ ‬عمد بنوا إسرابٌل على إدخال ثقافات مؽلوطة ونسبوها إلى كتب هللا ومن هذه الثقافات المؽلوطة ثقافة الخروج من‬
‫النار (وقالوا لن تمسَّنا ال َّنار إ َّال أٌَّاما معدودة) ألنهم ٌعرفون أنهم ٌرتكبون معصٌة كبٌرة عندما ٌحرفون كالم هللا من‬
‫بعدما عقلوه وهم ٌعلمون‪ ،‬ألن قضٌة الخلود فً جهنم قضٌة لٌست سهلة‪ ،‬وهً قضٌة مرعبة‪ ،‬ولذلك نجد أن بنً‬
‫‪15‬‬
‫إسرابٌل قدموا هذه الثقافة المؽلوطة (ثقافة الخروج من النار) حتى ٌإل منوا أنفسهم قلٌال قلٌال‪ ،‬فهذه العقابد الضالة‬
‫ٌكون منشإها حاالت نفسٌة عند أصحابها‪.‬‬
‫‪ ‬إذا ثقافة الخروج من النار هً عقٌدة ٌهودٌة دخلت إلى تراثنا اإلسالمً‪ ،‬وهللا سبحانه وتعالى قد فضح هذه الثقافة‬
‫هللا عهده ۖ أم تقولون على َّ‬
‫هللا ما ال تعلمون) وأن الثقافة‬ ‫هللا عهدا فلن ٌخلؾ َّ‬
‫والعقٌدة الباطلة بقوله (قل أ َّتخذتم عند َّ‬
‫والعقٌدة الصحٌحة فً مسؤلة الخلود فً جهنم (بلى من كسب سٌِّبة وأحاطت به خطٌبته فؤولبك أصحاب ال َّنار ۖ هم‬
‫فٌها خالدون)‪ .‬ولهذا نجد أن لبس الحق بالباطل وتحرٌؾ كتب هللا متعدد األنواع ٌكتبون الكتاب بؤٌدٌهم وٌقولون هو‬
‫من عند هللا وما هو من عند هللا‪ ،‬وهنا ٌلوون ألسنتهم عندما تسمعهم ٌقرإون التً ٌسمونها‪( :‬إصحاحا) من اإلنجٌل‬
‫ٌقرأها وٌلحنها وهً بٌنها طامات كبٌرة من عندهم وهو ٌلحنها مع باقً من بواقً اإلنجٌل (لتحسبوه من الكتاب)‬
‫ٌقدمها على نمط تقدٌمه شًء من الكتاب (وإنَّ منهم لفرٌقا ٌلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من‬
‫الكتاب)‪.‬‬
‫‪ ‬الحظ كم تكررت هذه عنهم‪ :‬وهم ٌعلمون‪ ،‬وهم ٌعلمون‪ ،‬وهم ٌعلمون! أي‪ :‬أن تعرؾ أن هذه نوعٌة ٌجب أن‬
‫تكون حذرا جدا فً التعامل معها ٌجب أن تكون حرٌصا على أن تواجهها فعال ولٌس تحاول أنك تتؤقلم معها‬
‫وتحاول تمهد قابلٌة لها فً أوساط األمة‪ .‬وردت كثٌرا كلمة وهم ٌعلمون (وقد كان فرٌق منهم ٌسمعون كالم َّ‬
‫هللا‬
‫ث َّم ٌحرِّفونه من بعد ما عقلوه وهم ٌعلمون) (ٌا أهل الكتاب لم تكفرون بآٌات َّ‬
‫هللا وأنتم تشهدون) (ٌا أهل الكتاب لم‬
‫هللا وما هو من عند َّ‬
‫هللا)‬ ‫تلبسون الح َّق بالباطل وتكتمون الح َّق وأنتم تعلمون) ألٌست هكذا (وٌقولون هو من عند َّ‬
‫ٌقولون هو من عند هللا وما هو ما عند هللا‪ٌ :‬عنً ٌكذبون فً مسابل ٌقدموها لٌستحلوا بها أموال اآلخرٌن ٌكذبون‬
‫فٌها وهم ٌعلمون‪ٌ ،‬نسبونها إلى هللا وإلى دٌنه وهم ٌعلمون بؤنها كذب وٌحرفون كتبه بؤلسنتهم وبدعاوي أثناء‬
‫حدٌثه بها ٌقدمها على نمط تقدٌمه ألشٌاء هً من كتب هللا لٌخدعك لتحسب أنها فً الكتاب وما هً منه وأٌضا‬
‫ٌدعً أنها من عند هللا ولٌست من عند هللا (وٌقولون على َّ‬
‫هللا الكذب وهم ٌعلمون) إذا فهل ٌمكن أن تكون هذه فبة‬
‫تطمبن إلٌها بمعاهدات بٌنك وبٌنها بمواثٌق بٌنك وبٌنها؟ ال ٌمكن أبدا‪.‬‬

‫ٖ‪ٌ .‬نبذون كتاب هللا وراء ظهورهم‬


‫هللا مص ِّدق لما معهم نبذ فرٌق من الَّذٌن أوتوا الكتاب كتاب َّ‬
‫هللا وراء ظهورهم كؤ َّنهم ال‬ ‫(ولمَّا جاءهم رسول من عند َّ‬
‫البقرة (‪)111‬‬ ‫ٌعلمون)‬

‫‪ ‬أهمٌة االلتزام بتوجٌهات هللا وعدم نبذها وترك العمل بها‬


‫‪ ‬إذا لم ٌكن اإلنسان الذي ٌنطلق للتعلم‪ ،‬الذي ٌحمل اسم (مسلم) إذا لم ٌنطلق وفق المواصفات القرآنٌة التً أرادها‬
‫هللا لإلنسان المسلم فإنه سٌكون من ٌخدم فً حٌاته الباطل أكثر مما ٌخدم الحق‪ٌ ،‬خدم الباطل حتى وإن حمل علما‬
‫خاصة إذا كان باطل وراءه ٌهود‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ ‬نقول أكثر من مرة‪ :‬الٌهود ٌستطٌعوا‪ٌ ،‬ستطٌعوا أن ٌسٌروا علماء لخدمتهم‪ ،‬أن ٌسٌروا عبلاد لخدمتهم‪ ،‬إذا لم نعد‬
‫إلى القرآن ونتثقؾ بثقافة القرآن ونتثقؾ بثقافته بمعنى صحٌح وبشكل جاد‪ٌ ..‬ستطٌعوا أن ٌسٌروا إنسانا ٌتعبد لٌله‬
‫ٌسٌروه ٌخدمهم‪ .‬قد تتعلم وتخرج وتخدم الٌهود من حٌث ال تشعر‪ ،‬من حٌث ال تشعر؛ ألنك حٌنبذ ال تتمتع بحكمة‪،‬‬
‫ال تتمتع بالمواصفات اإلٌمانٌة‪ ،‬المواصفات التً ذكرها هللا ألولٌابه فً القرآن الكرٌم‪ ،‬التً تمنحهم القوة‪ ،‬وتمنحهم‬
‫الحكمة‪ ،‬وتمنحهم زكاء النفس‪ ،‬ومن أسوأ األشٌاء ومن أعظم األشٌاء إساءة إلى القرآن وإلى هللا أن تحمل القرآن‬
‫الكرٌم أن تتعلم القرآن وتعلم القرآن الكرٌم وفً نفس الوقت تبدوا إنسانا هزٌال‪ ،‬ضعٌفا فً مواقفك من أعداء هللا‪.‬‬
‫‪ ‬القرآن الكرٌم كله قوة كلة عزة كله شرؾ‪ ،‬كله رإى صحٌحة وحلول صحٌحة تعطً كل من ٌسٌرون على نهجه‬
‫أن ٌكونوا بمستوى أن ٌضربوا أعداء هللا كٌفما كانوا وكٌفما كانت قوتهم‪ ،‬فالذي ٌحمل القرآن الكرٌم وال ٌتثقؾ‬
‫بثقافته – وإن كان ٌتلوه لٌله ونهاره – هو من سٌكون فً الواقع ممن نبذوا كتاب هللا وراء ظهورهم‪ ،‬وسترى أن‬
‫الشخص الذي ٌحمل القرآن وتراه ضعٌفا فً مواقفه من أعداء هللا‪ ،‬ضعٌفا فً رإٌته للحل الذي ٌهدي إلٌه القرآن‬
‫وأنه فً نفس الوقت سٌعكس وضعٌته هذه المتردٌة وضعفه على اآلخرٌن‪ ،‬فٌصبح قدوة لِئخرٌن فً ضعفه بدال‬
‫من أن ٌكون قدوة لِئخرٌن وهو ٌحمل القرآن الكرٌم فً قوته‪.‬‬
‫‪ ‬فنحن ٌجب أن نتعلم القرآن الكرٌم‪ ،‬وأن نتثقؾ بثقافته‪ .‬ومما ٌعطٌنا القرآن الكرٌم سنعرؾ كٌؾ نقٌلم اآلخرٌن‪،‬‬
‫نعرؾ أن هذا مواقفه قرآنٌة ومنسجمة مع القرآن‪ ،‬أن هذا ‪ -‬مهما كان شكله‪ ،‬مهما كانت عبادته‪ ،‬مهما كان ٌمتلك‬
‫من كتب ‪ٌ -‬بدو وضعٌته ؼٌر منسجمة مع القرآن الكرٌم‪ ،‬رإاه ؼٌر منسجمة مع القرآن الكرٌم‪.‬‬
‫‪ ‬سنصبح ضحاٌا لكثٌر ممن ٌحملون علما إذا لم نمنح ‪ -‬نحن كطالب علم كناس مسلمٌن ‪ -‬نمنح مقاٌٌس قرآنٌة‬
‫نستطٌع من خاللها أن نعرؾ ما هً المواقؾ الصحٌحة‪ ،‬ومن الذي تعتبر مواقفه صحٌحة‪ ،‬وحركته قرآنٌة‪ ،‬ومن‬
‫الذي هو بعٌد عن القرآن الكرٌم‪ ،‬سٌصبح اإلنسان ضحٌة‪ ،‬قد تسمع أحدهم ٌقول (ٌا أخً العالم الكبٌر فالن ما هو‬
‫حول هذه األشٌاء هذه وقال أحسن شًء نسكت وما علٌنا من شًء) ما هكذا قد ٌنطلق الناس على هذا النحو؟ ال‬
‫هذا ال ٌصح‬
‫‪ٌ ‬جب أن نرجع إلى القرآن الكرٌم فنستفٌد منه كٌف نكون حكماء فً رإٌتنا‪ ،‬فً تقٌٌمنا ألنفسنا أوالً‪ ،‬وفً‬
‫تقٌٌمنا لآلخرٌن من حولنا‪ ،‬وفً معرفتنا لما ٌدبره أعداإنا‪ ،‬وفً معرفتنا لما هو الحل فً مواجهة أعدائنا‪.‬‬

‫ٗ‪ .‬االشتراء بآٌات هللا ثمنا ً قلٌالً‬


‫(وإذ أخذ َّ‬
‫هللا مٌثاق الَّذٌن أوتوا الكتاب لتبٌِّن َّنه لل َّناس وال تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قلٌال‬
‫آل عمران ‪:18‬‬ ‫فببس ما ٌشترون)‬

‫‪ ‬مثل علماء السوء الذٌن ٌفتون كما ترٌد السلطة فٌحللوا الحرام وٌحرموا الحالل كعلماء ال سعود‬

‫‪14‬‬
‫عندما ٌكون اإلنسان كما حكى هللا عن بنً إسرابٌل (ٌشترون بآٌات هللا ثمنا قلٌال) (ٌشترون بعهد هللا ثمنا قلٌال) وآٌات‬
‫هللا فً هداه‪ ،‬وعهد هللا هو هداه فٌما عهد به إلٌهم‪ ،‬فؤن تستبدل بهدى هللا لدٌنا من الدنٌا‪ ،‬أن تستبدل بهدى هللا شٌبا من‬
‫المكانة المعنوٌة‪ :‬شهادة جامعٌة‪ ،‬شهادة ثانوٌة‪ ،‬شهادة تقدٌر‪ ،‬وظٌفة فً أي مكان كنت‪ ..‬مقابل أن تدخل فً باطل‪ ،‬كلها‬
‫تعتبر قلٌال؛ ولهذا جاء فً القرآن الكرٌم وهو ٌتحدث عن بنً إسرابٌل (ٌشترون بعهد هللا وأٌمانهم) ٌقول دابما قلٌال قلٌال‬
‫كلما تحدث عما جعلوه بدٌال عن الدٌن من الدنٌا ٌقول عنه‪ :‬ثمنا قلٌال والدنٌا بكلها هً ثمن قلٌل‪ ،‬أن تستبدل بها تجعلها‬
‫بدال عن دٌنك‪ ،‬تجعلها بدال عن الهدى الذي متعك هللا به ومنحك إٌاه‪.‬‬

‫فاإلنسان فٌما إذا تمتع بالهدى هو أٌضا بحاجة إلى أن ٌكون حرٌصا على ذلك الهدى؛ ألنه فٌما إذا وقع الضالل سٌكون‬
‫ممن ٌقع فً الضالل بعد المعرفة فً الضالل بعد العلم‪ ،‬فً الضالل بعد الهدى‪ ،‬وهذا من أسوأ أنواع الضالل‪ ،‬وأشد‬
‫أنواع الضالل‪ ،‬وأشد الضالل عاقبة على صاحبه‪ :‬أن ٌضل بعد هدى‪ ،‬سواء أن ٌستبدل ثقافة أخرى‪ ،‬عقابد أخرى منهجا‬
‫أخر‪ ،‬أو ٌستبدل بهداه شٌبا من الدنٌا‪ ،‬والدنٌا بكلها مادٌاتها ومعنوٌاتها تعتبر ثمنا قلٌال لدٌنك‪ ،‬ألنها ثمن فً الواقع لنفسك‪،‬‬
‫وهل ترضى لنفسك أن تكون الدنٌا كلها لنفسك؟ وتكون عاقبتك جهنم‪.‬‬

‫من الذي ٌرضى؟ ألٌس المجرم كما حكى هللا عنه‪ -‬سٌتمنى ٌوم القٌامة لو أن الدنٌا كلها وهً ذهب له الفتدى بها ٌوم‬
‫القٌامة؟ فاإلنسان ٌتمنى لو ٌمتلك أي شًء من الدنٌا كلها بل أقاربه أٌضا فٌجعلهم فداء لنفسه وال ٌدخل جهنم؟ (إنه لٌس‬
‫ألنفسكم ثمنا إال الجنة)‪ .‬فمن ٌستبدل بالهدى شٌبا من الدنٌا فإنه باع نفسه فؤوبق نفسه‪ ،‬أوبق نفسه – أهلكها‪ -‬والكثٌر‬
‫ال كثٌر ٌبٌعون أنفسهم! ومن هو ذلك الذي باع دٌنه بالدنٌا كلها هل أحد عمل هذه؟ البعض ٌبٌع دٌنه وٌبٌع هداه بؤقل القلٌل‬
‫بالشًء البسٌط (كما هو حال مرتزقة العدوان األمرٌكً السعودي) وهذا مما ٌكشؾ ولألسؾ الكبٌر ‪-‬أنه لٌس للهدى‪..‬‬
‫لٌس لإلٌمان‪ ..‬لٌس للدٌن أهمٌة عند الكثٌر منهم إذا ما كان مستعدا أن ٌبٌعه بؤتفه األشٌاء‪.‬‬

‫‪ ‬إنك من ٌجب أن تحرص على الهدى‪ ،‬وأال تستبدل به غٌره حتى ولوكان ذلك الشًء هو الدنٌا بكلها‪.‬‬

‫٘‪ .‬إٌمان ببعض وكفر ببعض‬

‫(أفتإمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من ٌفعل ذلك منكم إ َّال خزي فً الحٌاة ال ُّدنٌا وٌوم القٌامة‬
‫[سورة البقرة ‪]85‬‬ ‫ٌر ُّدون إلى أش ِّد العذاب ما َّ‬
‫هللا بؽافل عمَّا تعملون)‬
‫‪ ‬هللا ذكر عن بنً إسرابٌل هكذا أنهم كانوا على ما نحن علٌه‪ٌ :‬إمنون ببعض الكتاب وٌكفرون ببعض‪ ،‬والتوراة بٌن‬
‫أظهرهم‪ ،‬والتوراة ٌقرإونها وٌطبعونها وٌكتبونها‪ ،‬هل الٌهودي كفر بشًء من التوراة بؤنه لٌس من التوراة؟ التوراة‬
‫كلها هم مإمنون بؤنها كتاب هللا‪ ،‬التوراة عندهم شؤنها كالقرآن عندنا‪ .‬عندما ٌقول هللا عنهم بؤنهم ٌإمنون ببعض‬
‫وٌكفرون ببعض ال ٌعنً بؤنهم هذا االصحاح أو هذا المقطع ٌكفرون بها أي ٌلؽونها ولٌست من كتاب هللا وٌنكرونها؛‬
‫لٌس هكذا إنما ألنهم ٌتركون العمل به وٌرفضون العمل وااللتزام بؤشٌاء فً التوراة‪ ،‬األمر الذي نحن علٌه‪ ،‬نترك‬
‫‪18‬‬
‫العمل بل نرفض‪ .‬واقع الرفض لٌس فقط واقع من ٌجهل ثم إذا ما علم التزم وعمل‪ ،‬بل واقع الرفض الذي ال ٌرٌد أن‬
‫ٌعمل‪ ..‬هذا هو الكفر‪ ،‬هذا هو الكفر كما قال هللا تعالى {و َّهلل على ال َّناس ح ُّج البٌت من استطاع إلٌه سبٌال ومن كفر فإنَّ‬
‫َّ‬
‫هللا ؼنًل عن العالمٌن} (آل عمران‪ :‬من اآلٌة ‪ )34‬أي من رفض وهو مستطٌع فلم ٌحج ورفض لم ٌهتم بالموضوع‪ ،‬لٌس‬
‫مستعدا أن ٌحج كفر‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك نحن الٌوم‬

‫أولٌس واقع األمة هو واقع مخزي؟ من أٌن جاء هذا الخزي؟ هكذا؛ ألنه حصل إٌمان ببعض الكتاب وكفر ببعض‬
‫الكتاب‪ ،‬والبعض الذي كفروا به أو أصبحت األمة فً واقعها كافرة به هو الجزء المهم واألكثر أهمٌة‪..‬‬

‫ألٌست المساجد قد ملبت الدنٌا؟ مساجد والمصلون ٌملبونها أفواجا‪ ،‬حتى المرابون ٌصلون أٌضا؟ نحن نصلً ونبنً‬
‫مساجد ونحن نطبع القرآن الكرٌم‪ ،‬ونعمل أعماال أخرى لكن هناك أعماال نتركها هً المهمة وهً المهمة التً ال تقبل‬
‫الصالة إال بها وال تعطً الصالة ثمرتها إال معها وبالتوجه إلى أدابها‪ .‬فالخزي الذي األمة فٌه ٌعنً ذلك أنه كان بسبب‬
‫كفرهم ببعض الكتاب الذي تمثل بصورة رفض ألشٌاء مهمة جاءت فً هذا الكتاب لم نتجه إلٌها‪.‬‬

‫إذا فلٌس الخزي هو من الطبٌعة التً جبلت علٌها الدنٌا من ٌوم خلقها هللا‪ ،‬وإنما بسبب ما ٌحصل من جانبنا نحن من‬
‫تقصٌر فً أداء جوانب مهمة من هدي هللا‪ ،‬ورفضنا فً عملنا وفً واقعنا للعمل بؤشٌاء كثٌرة مما تضمنتها آٌات هللا فً‬
‫كتابه‪.‬‬

‫فإذا ما قٌمنا وضعٌتنا فوجدنا أن وضعٌة األمة هً فً حالة خزي‪ ..‬من الذي ٌستطٌع أن ٌقول إن األمة لٌست فً حالة‬
‫خزي؟ اسمع التلفزٌون سترى كٌؾ مواقؾ الخزي‪ ،‬كٌؾ الكلمات المخزٌة تنطلق من الكبار‪ ،‬وكٌؾ الوقوؾ المخزي‬
‫ٌحصل ممن ٌجب علٌهم أن ٌتحركوا فً أوساط األمة؛ إلنقاذها‪ ،‬ولتبٌٌن كتاب هللا لها انظر كٌؾ هً المواقؾ المخزٌة‬
‫لألمة بشكل عام أمام التهدٌدات التً تؤتً من قبل أعدابها‪ ،‬انظر كٌؾ السكوت المخزي أمام ما ٌحدث من ضربات فً‬
‫كل جوانبها‪ ،‬وداخل كل بقعة‪ ،‬انظر كٌؾ الحٌاة المخزٌة أن ٌصبح عٌشنا تحت رحمة أعدابنا‪ ،‬وقوتنا من تحت أٌدي‬
‫أعدابنا‪ ..‬ألٌس هذا خزٌا؟‬

‫‪ ‬إذا فهمنا أننا فً حالة خزي‪ ،‬وفهمنا أن الخزي إنما ٌؤتً إذا ما انطلقنا نحن على هذا النحو‪ :‬نإمن ببعض‬
‫الكتاب ونكفر ببعض‪ ،‬حٌنها سٌكون فهمنا لواقعنا وفهمنا بؤن هذه نتٌجة لتقصٌرنا سٌدفعنا ذلك إلى أن نصحح‬
‫وضعٌتنا ونرجع إلى هللا رجوعا عملٌا صحٌحا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫من أسباب لعنهم كذلك‬
‫قال تعالى (لعن الَّذٌن كفروا من بنً إسرابٌل على لسان داوود وعٌسى ابن مرٌم ذلك بما عصوا َّوكانوا ٌعتدون (‪)48‬‬
‫كانوا ال ٌتناهون عن مُّنكر فعلوه لببس ما كانوا ٌفعلون (‪ )43‬ترى كثٌرا مِّنهم ٌتولَّون الَّذٌن كفروا لببس ما ق َّدمت لهم‬
‫هللا علٌهم وفً العذاب هم خالدون (‪ )81‬ولو كانوا ٌإمنون ب َّ‬
‫اهلل وال َّنبًِّ وما أنزل إلٌه ما ا َّتخذوهم أولٌاء‬ ‫أنفسهم أن سخط َّ‬
‫(المابدة‪)81:‬‬ ‫ولكنَّ كثٌرا مِّنهم فاسقون)‬

‫ألم ٌسخط علٌهم فً الدنٌا؟ ألم ٌلعنهم فً الدنٌا؟ اللعنة فً الدنٌا ماذا تعنً؟ طردا من رحمة هللا‪ ،‬ورحمة هللا عندما تؤتً‬
‫لتتلمس الكثٌر الكثٌر من مظاهرها تجد كم هً خسارة كبٌرة جدا علٌك أو على أمة من األمم أن ٌلعنها هللا‪ ،‬طرد من‬
‫رحمة هللا‪ ،‬لم ٌعد ٌحظى برحمة من قبل هللا‪ ،‬تطرد من عالم التوفٌق واأللطاؾ‪ ،‬من عالم العناٌة والرعاٌة اإللهٌة؛ فتصبح‬
‫فرٌسة للشٌطان‪ ،‬فرٌسة للمضلٌن‪ ،‬تصبح إنسانا شرٌرا تنطلق كما انطلق الشٌطان‪.‬‬

‫هللا سبحانه وتعالى لعن الذٌن كفروا من بنً إسرابٌل على لسان أنبٌابه‪ ،‬على لسان داوود وعٌسى ابن مرٌم بسبب‬
‫انحرافهم وعصٌانهم لتوجٌهات هللا وعداوتهم ألنبٌاء هللا وتحرٌؾ الكتب التً أنزلها هللا علٌهم‪.‬‬

‫وجمٌع بنً إسرابٌل الٌوم ٌعتبروا كافرٌن‪ ،‬ألنهم لم ٌإمنوا بالقرآن الكرٌم ولم ٌإمنوا برسول هللا محمد صلوات هللا علٌه‬
‫وعلى آله‪ ،‬وهناك أسباب أخرى أدت إلى لعنهم كما ذكرها هللا فً اآلٌة السابقة ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬العصٌان (ذلك بما عصوا)‬

‫لٌحذر اإلنسان من ارتكاب المعاصً (األخالقٌة والدٌنٌة) حتى ال تكون سببا فً أن ٌلعنه هللا وطرده من رحمته‪.‬‬

‫‪ .2‬االعتداء (وَّ كانوا ٌعتدون)‬

‫بنً إسرابٌل كانوا ٌبادرون باالعتداء‪ ،‬فقد اعتدوا على أنبٌاء هللا وعلى من آمنوا واتبعوا األنبٌاء‪ ،‬والٌوم العدوان‬
‫األمرٌكً السعودي على بلدنا الٌوم ٌمثل اعتداء وهم استحقوا بذلك لعن هللا لهم‪.‬‬

‫‪ .3‬عدم النهً عن المنكر (كانوا ال ٌتناهون عن مُّنكر فعلوه)‬

‫كانوا ٌشاهدون المنكر أمام أعٌنهم وال ٌنهون عنه‪ ،‬والٌوم كذلك هإالء الذٌن ٌرون هذا العدوان الظالم على بلدنا هذا‬
‫المنكر الكبٌر وال ٌعملون على دفع هذا المنكر‪ ،‬وٌ َّدعون الحٌاد إنما هم ٌتسببون بحٌادهم وعدم نهٌهم عن المنكر فً أن‬
‫ٌلعنهم هللا‪ ،‬هإالء المحاٌدون قال هللا عنهم (لببس ما كانوا ٌفعلون) ‪ ،‬لببس‪ :‬تستخدم للذم‪ٌ ،‬عنً الحٌاد وعدم تحمل‬
‫المسإولٌة أمر مذموم‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫العمالة والنفاق والخٌانة (ترى كثٌرا مِّنهم ٌتولَّون الَّذٌن كفروا لببس ما ق َّدمت لهم أنفسهم أن سخط َّ‬
‫هللا علٌهم‬ ‫‪َ .4‬‬
‫وفً العذاب هم خالدون)‬

‫(التولً للٌهود والنصارى والذٌن كفروا)‪ .‬كان بنً إسرابٌل على مدى تارٌخهم عمالء لألقوى‪ ،‬عمالء للطؽاة‪ ،‬والٌوم‬
‫نرى من أبناء هذه األمة وعلى رأسهم النظام السعودي والنظام اإلماراتً ومن ٌسٌر على خطاهم ٌسارعون فً تولً‬
‫الٌهود والنصارى‪ ،‬هإالء استحقوا بؤن ٌلعنهم هللا‪ ،‬فالعمالة والنفاق والخٌانة هً فعل مذموم وتسبب سخط هللا والخلود فً‬
‫العذاب (ولو كانوا ٌإمنون ب َّ‬
‫اهلل وال َّنبًِّ وما أنزل إلٌه ما ا َّتخذوهم أولٌاء) ال ٌمكن أن ٌكون اإلنسان مإمن باهلل ورسوله‬
‫وهو ٌتولى الٌهود والنصارى والذٌن كفروا‪.‬‬

‫‪ .5‬الفسق (ولكنَّ كثٌرا مِّنهم فاسقون) الفسق هو الزٌادة والتعدي فً ارتكاب المعاصً والذنوب‪.‬‬

‫هللا فً هذه اآلٌات ٌخبرنا عن أسباب لعنه لبنً إسرابٌل لنحذر من أن نقع فً هذه األسباب التً ارتكبها بنو إسرابٌل‬
‫فكانت سببا فً أن ٌلعنهم هللا‪ .‬لذلك فاهلل لم ٌلعن الذٌن كفروا من بنً إسرابٌل ألنهم ٌهود‪ ..‬ال‪ ..‬وإنما بسبب كفرهم‬
‫وعصٌانهم وتعدٌهم وفسقهم وعدم نهٌهم عن المنكر وتولٌهم للذٌن كفروا‪.‬‬

‫‪ ‬فموقف القرآن الكرٌم منهم لٌس موقفا شخصٌا وإنما لما هم علٌه ولو آمنوا باهلل والٌوم اآلخر إٌمان حقٌقً‬
‫لما كانت هناك مشكلة معهم‪.‬‬

‫**********‬

‫‪21‬‬

You might also like