Professional Documents
Culture Documents
تأليف
11رجب 1445ه
﴿إلمقدمة﴾
الحمد لِل اَّلي أنزل عل عبده الكتاب ولم َيعل ل عوجا قيما لينِر بأسا
شديدا من َلنه ويبش المؤمني اَّلين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حس نا,
والصلة والسلم عل س يدن محمد صاحب النبوة والرسَل وعل أل وأصابه
الهادين من الضلل.
أما بعد :فقال المرتي غفر المساوى عبيد هللا ابن كياه الحاج أحد الشاطب
رحه هللا :كتبت هِا الكتاب لس تعداد التدريس يف شهر الرمضان عادة
بقريت وما كتبت فيه ال قليل فالباِق قد نقلت من أقوال العلماء رِض هللا
عْنم ,فسميته :قنون الس ببية يف رشح س نة هللا وس نة الرسل .وهِا الكتاب
َيرب أن يفصل بي س نة هللا وس نة الرسل وما يتعلق برية اختيار النسان,
س نة هللا ه سن الكون القطعية الثابتة ولبد فيا خي ورش شقي وسعيد
وبرد وحار وليل ونار وغي ذل ,وس نة الرسل ه هدى للناس اَّلي يدل
الناس ال طريق السلمة والسعادة ويسل الناس من طريق الهلك والندم,
وأما اَّلنب والجر فهما تأثي من حرية الختيار .وَبرك هللا تعال ِل ولمن
يقرأ هِا الكتاب وأرجو لمن َيد خطيئات يف الكتابة أو القاعدة ليصلحها.
﴿سنة إلله﴾
قال تعال :يريد الِل ليبي لُك وَيديُك سن اَّلين من قبلُك ويتوب عليُك والِل
علمي حكمي 1.وقد أرسل هللا النبيي ليعلموا الناس سنته ،وقد أَت ُك واحد
مْنم الكتاب والحْكة ،ولن ما حوته تل الكتب يف غالبه واحد كن من
خصائصها أنا تصدق بعضها بعضا .فالكتاب والحْكة ها المرشد لمن يتبعون
س نة هللا تعال ،فبالنظر ال اليت المتعلقة َبلس نة يتبي أن هللا تعال يريد
هداية الناس ال ما أنزل من الكتاب والحْكة .ولن الحْكة متضمنة يف
الكتاب فان ُك كتاب من كتب هللا هو دليل لمن يتبع سنته .متبعون س نة
هللا ه اَّلين يسلكون الطريق الصحيح .جاء يف أول سورة البقرة :ذ ل
للمتقي2. ألكت ب ل ريب فيه هدى
وأنزل هللا تعال القرأن الكري بلسان عرب مبي ،وكن معجزة خاَلة عل مر
الزمان والعصور ،أعز الفصحاء والشعراء والدَبء ،وبِا فان ألفاظه ل َرج
عن معانيا يف اللغة العربية ال بقرينة ،فلفظ الس نة يف القرأن الكري أطلق
.1النساء62 :
.2البقرة2 :
﴿﴾1
عل ما هو عليه يف لغة العرب ،أي الطريقة والخطة المتبعة ،وس نة الرسل:
ه الشائع اللهية المنل لهداية المم ،وس نة هللا :ما جرى به نظامه تعال
يف خلقه.
وردت كمة الس نة يف القرأن الكري بميع صيغها ست عشة مرة :بصيغة
"س نة" المفرد ثلث عشة مرة ،بصيغة الجمع "سن" مرتي ،بصيغة "س نتنا"
مرة واحدة ،وَبس تقراء تل اليت كها يتضح لنا أن المراد َبلس نة يف س ياقها:
س نة النبياء والمرسلي السابقي ورشائعهم وطرائقهم يف الوامر والنواه،
والتحليل والتحري ،س نة هللا يف نص عباده المؤمني من النبياء والرسل
والصالحي وتأييده لهم والتمكي لهم ,س نة هللا يف عقاب المم الكفرة
واهلكها ،ومن ث فان اليت السابقة كها تتعلق َبلمطيعي والعصاة ,فسنته
يف أهل طاعته من المؤمني اكرامهم ,وسنته يف العصاة من الكفرين اهانتم
وعقوبتم.
﴿﴾2
وتسل الصيغ الس ننية كها جاءت يف س ياق واحد هو الس ياق الجتماعي
أي سن الجتماع المتعلق بأمر هللا ونيه ووعده ووعيده .أما سن هللا
الكونية فقد عب عْنا القرأن الكري َبليت ،كقول تعال :ان يف خلق
السماوات والرض واختلف الليل والْنار والفل الت تري يف البحر بما
ينفع الناس وما أنزل الِل من السماء من ماء فأحيا به الرض بعد موِتا وبث
فيا من ُك دابة وتصيف الريح والسحاب المسخر بي السماء والرض
يعقلون3. ليت لقوم
.3البقرة164 :
﴿﴾3
الكتاب المنظور أي الكون والسي يف الرض اَّلي عادة ما يرافق ايراد لفظ
الس نة يف القرأن الكري أو معناها.
َك يف قول تعال :فهل ينظرون ال سنت الولي فلن تد لسنت الِل تبديل
ولن تد لسنت الِل تويل 4.أولم يسيوا يف الرض فينظروا كيف كن عاقبة
اَّلين من قبلهم وكنوا أشد مْنم قوة وما كن الِل ليعجزه من َشء يف السماوات
ول يف الرض انه كن علميا قديرا 5.وكقول تعال يف س ياق حديثه عن سنته
يف الرسل وسنته يف المس تزئي بم :ولقد اس تزئ برسل من قبل فحاق
َبَّلين َسروا مْنم ما كنوا به يس تزئون 6.قل سيوا يف الرض ث انظروا
كيف كن عاقبة المكِبي 7.فهكِا يربط دائما الس ياق القرأن بي سن
الجتماع البشي وسن الكون ،لنا تمثل وحدة متكمَل وان اختلفت
أشكلها فهيي صادرة من ال واحد اَّلي خلق فشع وأمر.
.4فاطر43 :
.5فاطر44 :
.6النعام10 :
.7النعام11 :
﴿﴾4
السن اللهية ه ارادة هللا الكونية ،وأمره الشعي ،وفعل المطلق ،وكماته
التامات ،ووعوده الحقة ،وحْكه يف أفاق الكون وتسلسل التاريخ الجارية
َبلعباد من المعاش ال المعاد .وعل رغ من الُك الهائل من السن اللهية الت
يزخر با الكون ال أننا عند امعان النظر ندها تنضوي تت نوعي أساسي
من السن.
ودليل ذل قول تعال :أل ل الخلق والمر تبارك الِل رب العالمي 8.فالخلق:
أفعال وما قضاه وقدره ،والمر :دينه وما رشعه لخلقه ،فال بيان مفهوم سن
.8العراف54 :
﴿﴾5
الكون وسن الجتماع ،يف معن سن الكون .قال هللا تبارك وتعال :سُنَيم
أيتنا يف الفاق ويف أنفسهم حّت يتبي لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه عل
ُك َشء شهيد 9.يف الفاق ما أخب هللا تعال به من أيته يف السموات
والرضي ،وذل من رفع السماء ،وخلق الكواكب ،ودوران الفل ،واضاءة
الشمس والقمر ،وما أش به ذل ،وكِل بسط الرض ،ونصب الجبال،
ُيىص10. وتفجي النار ،وغرس الْشار ،ال ما ل
فسن الكون اذن ه :النواميس الحاكة يف الطبيعة ويف العالم المادي ويف
نظام الكون وتركيبه وحركته ومجريته ،وتسمى اليت الكونية ،وأيت
الفاق ،وسن الطبيعة .وتسمى بلسان العص علوم الفل والفضاء والرض
والبحار والحياء ،وهِه السن َضع لها جيع الكئنات الحية يف وجودها
المادي وجيع الحوادث المادية ،ويضع لها كيان النسان المادي وما يطرأ
عليه مثل نموه وحركة أعضائه ومرضه وهرمه ولوازم بقائه حيا ونو ذل.
.9فصلت53 :
.10تفسي القرأن ،للسمعان ( .)61/5تفسي النكت والعيون ،للاموردي ()189/5
﴿﴾6
وهِا النوع من السن ل خروج لحد عْنا لنا خاضعة للقدر الكون ومتعلقة
َبلخلق والمشيئة الكونية فهيي تقع حتما .لكْنا قابَل للخرق حيث ينقضها هللا
تعال اذا شاء بما شاء ,فتمض عل غي ما اعتاده الناس ،وهو ما يسمى
َبلسن الخارقة يف معن سن الجتماع البشي.
ان سن الجتماع البشي متعلقة بس نة هللا تعال وأمره ونيه ووعده ووعيده،
وه خاصة َبلنسان ،اذ ل مترد للطبيعة عل فاطرها تعال .وهِا النوع من
السن يمل النسان معه حرية الختيار لكن عليه أن يتحمل تبعات اختياره
ونتائه :اكراما أو عقوبة ونعيما مقيما أو عِاَب مهيناَ ,ك س يأِت بسطه.
﴿﴾7
﴿سنة إلرسل﴾
وقد ورد يف الحديث :تركت فيُك أمرين لن تضلوا ما تمسكُت بما :كتاب هللا
وس نة نبيه 11.فكتاب هللا هو س نة هللا ,يقال الكتاب أي قضاء هللا وقدر هللا
َك قيل يف القران :ما أصاب من مصيبة يف الرض ول يف أنفسُك ال يف كتاب
من قبل أن نبأها ان ذ ل عل الِل يسي 12.قال الرازي يف تفسيه :ال يف
كتاب يعن مكتوب عند الِل يف اللوح املحفوظ ،وفيه مسائل:
املسأل الول :هِه الية دال عل أن جيع احلوادث الرضية قبل دخولها يف
الوجود مكتوبة يف اللوح املحفوظ .قال املتكمون :وانما كتب ُك ذل لوجوه:
أحدها :تس تدل امللئكة بِل املكتوب عل كونه س بحانه وتعال عالما بميع
الش ياء قبل وقوعها .وثنيا :ليعرفوا حْكة الِل فانه تعال مع علمه بأنم يقدمون
عل تل املعاص خلقهم ورزقهم .وثلُثا :ليحِروا من أمثال تل املعاص.
ورابعها :ليشكروا الِل تعال عل توفيقه ايه عل الطاعات وعصمته ايه من
المعاص .وقالت الحكامء :ان الملئكة اَّلين وصفهم الِل بأنم ه املدبرات
ومن هِا الشح نعرف أن كتاب هللا هو حُك هللا يف سن الكون ومن بعض
قليل مكتوبة يف القران وسي َبليت القولية ,وحُك هللا يف سن الكون غي
مكتوبة يف القران سي َبلييت الكونيةَ .ك تقدم ايضاحه ,وكن حُك هللا قد
حل مند كن حّت يكون .قيل يف القران :س نة الِل الت قد خلت من قبل
تبديل13. ولن تد لس نة الِل
يرى أبو حامد محمد الغزاِل أن هللا تعال هو المنفرد َبلخلق والختاع،
المتوحد َبلَياد والبداع ،خلق الخلق وأعالهم وقدر أرزاقهم وأجالهم .وأنه
مريد للكئنات مدبر لها ،فل َيري يف الكون قليل أو كثي ،صغي أو كبي،
خي أو رش ،نفع أو ض ،ايمان أو كفر ،عرفان أو نكران ،فوز أو خسان،
زيدة أو نقصان ،طاعة أو عصيان ،ل َيري َشء من ذل ال بقضائه وقدره
وحْكته ومش يئته .فما شاء هللا كن ،وما لم يشأ لم يكن ،ول يرج عن ارادته
.13الفتح23 :
﴿﴾9
لفتة نظر أو فلتة خاطر ،بل هو المبدئ المعيد ،الفعال لما يريد .فل راد
لمره ول معقب لقضائه ،ول مهرب لعبد عن معصيته ال بتوفيقه ورحته ،ول
قوة ل عل طاعته ال بمش يئته وارادته .فلو اجتمعت النس والجن والملئكة
والش ياطي عل أن ُيركوا يف العالم ذرة أو يسكنوها من دون ارادته ومش يئته
ذل14. لعجزوا عن
فل موجود يف العالم ويف الكون ال وهو حادث بفعل هللا وفائض من عدل
عل أحسن الوجوه وأكلها وأتمها وأعدلها .وأنه حكمي يف أفعال عادل يف
أقضيته ،ول يقاس عدل بعدل العباد ،اذ العبد يتصور منه الظل بتصفه يف
مل غيه ول يتصور الظل من هللا تعال ،فانه ل يصادف لغيه ملك حّت
يكون تصفه فيه ظلام .فك ما موجود هو مل لل وحده ،وَّلل ل يتصور
الظل يف حق هللا ما دام ل يصادف لغيه ملك اذا تصف فيه كن ظالام.
س نة هللا قطعي اذ ه قضاء هللا يف الزل وقدره يف الجل وُك الخلق لبد
لها خاضعة لن هللا تعال قهار جبار عل خلقه وه يف فجوة مْنما ,ل َشء
ول أحد أن َيرب من س نة هللا الت قد خلت من قبلَ .ك جاء يف القران:
فان سأل سائل :هل المراد بس نة نبيه هو الحديث؟ فالجواب :يف البداية،
لم يدون الحديث عل عهد النب محمد اَّلي نيى عن تدوينه 17،ال أن عدم
تدوين الحديث النبوي يف عهده الول ،والكتفاء َبلعتماد عل اَّلاكرة ،فتح
الباب أمام بعض الوضاعي اَّلين استباحوا وضع أحاديث ونسبتا كَِب ال
النب محمد 18،حّت بلغت مبلغا عظيما ،وعت با الفاق حّت أن البخاري
يف صيحه لم يدون سوى س بعة ألف حديث مْنا ثلثة ألف مكررة من
.15الفاطر43 :
.16القصص84 :
.17صيح مسل -كتاب الزهد والرقائق
.18فر السلم ،أحد أمي ،دار الكتاب العرب ،بيوت ،لبنان
﴿﴾11
جَل س تمائة ألف حديث كنت متداول يف عصه 19.وقد رأى أحد أمي يف
كتابه فجر السلم برأي ابن أب الحديد يف كتابه رشح نج البلغة أن
الخصومات الس ياس ية بي الس نة والش يعة ،ث المويي والعباس يي اضافة
ال الخلفات الَكمية والفقهية بي المِاهب اَلينية يف العصور الول
للسلم ،كنت سببا يف وضع الحاديث الت هدف واضعوها ال تغليب فئة
الحديث20. عل أخرى مس تغلي التوجه السائد حينئِ بتفضيل عدم تدوين
فقلت :المراد بس نة نبيه الّت وردت يف قول رسول هللا ه س نة الرسول الّت
مكتوبة يف القران الكري َك قد أشار القران :انه لقول رسول كري وما هو بقول
شاعر قليل ما تؤمنون ول بقول كهن قليل ما تِكرون تنيل من رب
ألعالمي 21.أي قول رسول من الوح اَّلي يش تمل فيه أمر ونيي وانِار وهو
هدى للناس أجعي .فمن يتبع الهدى فقد أفلح ومن يتول فقد هل َك س يأِت
ايضاحه يف َبب حرية الختيار ان شاء هللا .فالمراد بكتاب هللا وس نة نبيه يف
ذل الحديث هو القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
ومن أمثال س نة الرسول الت جاءت يف القران :ي أَيا اَّلين أمنوا كونوا قوامي
لِل شهداء َبلقسط ول َيرمنُك ش نأن قوم عل أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب
.22الشورى13 :
.23املائدة68 :
﴿﴾13
للتقوى واتقوا الِل ان الِل خبي بما تعملون 24.والمر يف هِه الية هو س نة
رسول هللا أي أمر رسول هللا اَّلين أمنوا ليكن من أخلقهم وصفاِتم القيام
لل شهداء َبلعدل يف أوليائم وأعدائم ول َيرمْنم ش نأن أعدائم عل أل
يعدلوا ,فالعدل يف المور هو س نة الرسول .وجاء يف الحديث عن عائشة أن
قريشا أههم شأن المرأة المخزومية الت َسقت فقالوا من يكم فيا رسول الِل
صل الِل عليه وسل فقالوا ومن َيتئ عليه ال أسامة حب رسول الِل صل
الِل عليه وسل فكمه أسامة فقال رسول الِل صل الِل عليه وسل أتشفع يف
حد من حدود الِل ث قام فاختطب فقال أَيا الناس انما أهل اَّلين قبلُك أنم
كنوا اذا َسق فيم الشيف تركوه واذا َسق فيم الضعيف أقاموا عليه الحد
واي الِل لو أن فاطمة بنت محمد َسقت لقطعت يدها ويف حديث ابن رمح
قبلُك25. انما هل اَّلين من
.24املائدة8 :
.25اخرجه مسل
.26النور32 :
﴿﴾14
النساء27. الشهوات لزوجه َك قيل يف القران :زين للناس حب الشهوت من
فأمر رسول هللا الناس بعقد النكح ,فعقد النكح هو س نة رسول هللا َك جاء
يف الحديث :النكح من سنت مفن ل يعمل بسنت فليس من ،وتزوجوا فان
مكثر بُك المم ،ومن كن ذا طول فلينكح ،ومن ل َيد فعليه َبلصيام ،فان
الصوم ل وجاء 28.فمن أراد أن ينكح فعليه أن يؤدي رشوطه فان ل فعليه
َبلصيام .وأما تفصيل فانظر يف كتب الفقه .ونيي رسول هللا الزن َك قيل يف
القران :ول تقربوا ألزن انه كن فاحشة وسأء سبيل 29 .قال الرازي يف تفسيه:
عاقبة الوطء دون عقد النكح ل أنواع من المفاسد ,
أولها :اختلط النساب واشتباهها فل يعرف النسان أن الوَل اَّلي أتت به
الزانية أهو منه أو من غيه ،فل يقوم بتبيته ول يس تمر يف تعهده ،وذل
يوجب ضياع الولد ،وذل يوجب انقطاع النسل وخراب العالم .
وثنيا :أنه اذا لم يوجد سبب رشعي لجل يكون هِا الرجل أول بِه املرأة
من غيه لم يبق يف حصول ذل الختصاص ال التواثب والتقاتل ،وذل
.27العمران14 :
.28اخرجه ابن جماه
.29الَساء32 :
﴿﴾15
يفض ال فتح َبب الهرج واملرج واملقاتَل ،وك سعنا وقوع القتل اَّلريع بسبب
اقدام املرأة الواحدة عل الزن .
وثلُثا :أن املرأة اذا َبرشت الزن وتم نرت عليه يس تقِرها ُك طبع سلمي وُك
خاطر مس تقمي ،وحينئِ ل تصل اللفة واملحبة ول يُت السكن والزدواج،
وَّلل فان املرأة اذا اش ترت َبلزن تنفر عن مقارنتا طباع أكث اخللق .
ورابعها :أنه اذا انفتح َبب الزن فحينئِ ل يبقى لرجل اختصاص َبمرأة ،وُك
رجل يمكنه التواثب عل ُك امرأة شاءت وأرادت ،وحينئِ ل يبقى بي نوع
النسان وبي سائر الَبائ فرق يف هِا الباب .
وخامسها :أنه ليس املقصود من املرأة مجرد قضاء الشهوة بل أن تصي رشيكة
للرجل يف ترتيب املنل واعداد مهماته من املطعوم واملشوب وامللبوس ،وأن
تكون ربة البيت وحافظة للباب وأن تكون قائمة بأمور الولد والعبيد ،وهِه
املهمات ل تُت ال اذا كنت مقصورة الهمة عل هِا الرجل الواحد منقطعة
الطمع عن سائر الرجال ،وذل ل ُيصل ال بتحري الزن وسد هِا الباب
َبلكية .
﴿﴾16
وسادسها :أن الوطء يوجب اَّلل الشديد ،واَلليل عليه أن أعظم أنواع الش ُت
عند الناس ذكر ألفاظ الوقاع ،ولول أن الوطء يوجب اَّلل ،وال لام كن المر
كِل ،وأيضا فان جيع العقلء ل يقدمون عل الوطء ال يف املواضع
املس تورة ،ويف الوقات الت ل يطلع عليم أحد ،وأن جيع العقلء يستنكفون
عن ذكر أزواج بناِتم وأخواِتم وأمهاِتم لما يقدمون عل وطِئن ،ولول أن
الوطء ذل ،وال لما كن كِل.
ومْنا :عن تري الرَب وتليل البيعَ ,ك قيل يف القران :ي أَيا اَّلين أمنوا ل
تأكوا الرَب أضعافا مضاعفة واتقوا الِل لعلُك تفلحون .واتقوا النار الت أعدت
للكفرين 30.وقد نيى رسول هللا لّلين أمنوا أن يأكوا الرَب ,لن الرَب هو
اس تغلل الفاقرين والمساكي ,بل أذن رسول هللا لمن يأُك الرَب بقول :وذروا
ما بقي من الرَب ان كنُت مؤمني فان لم تفعلوا فأذنوا برب من الِل
ورسول31.فقلت يف ي غلم :اذا اس تدانك َشص مظطر فقي ث تقرضه بزيدة
.30العمران130 :
.31البقرة278 :
﴿﴾17
فهو رَب .وحرمت أن تكف خاطره َلفع اَلين .قيل يف القران :وان كن ذو
تعلمون32. عسة فنظرة ال ميسة وان تصدقوا خي لُك ان كنُت
واعل أن س نة رسول هللا ه هدى اَّلي يرشد الناس للحياة السعدية اما
منفردا واما أمة ,وقد رأيت يف هِا الزمان ه اَّلين ل يأكون لحم الخنير
خوفا عن اَّلنب ولكْنم ليبالون تِير رسول هللا عن الرَب ول ينتون
اس تغلل الفاقرين والمساكي .فل تعجبوا اذا وجدت يف هِا الزمان كثيا من
أمة رسول هللا يف كربة شديدة ,لنم قد عصوا س نة رسول هللا .ان الِل ل
يظل الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون 33.هـ
﴿حرية إلإختيأر﴾
تعد الحرية النسانية من أخطر المواضيع الت دارت حولها أفكر ونظريت
ومعتقدات دينية وفلسفية وأخلقية واجتماعية ،تتلءم أو تتنافر مع بعضها
البعض بسب ما تشكه من خطورة يف قضاي الحرية نفسها ،اذ هناك من
يرى أن معصية ابليس اللعي للمر اللهيي برفض السجود لدم ،تمثل الحرية
.32البقرة280 :
.33يونس44 :
﴿﴾18
الت منحها الخالق لمخلوقه ،وبموجَبا يكون الثواب أو العقاب البدييَ .ك أن
حرية الختيار ه الت دفعت أدم ال أن يرتكب المعصية ويفعل الخطيئة
الول.
وقد تقدم القول أن النسان يمل حرية الختيار لكن عليه أن يتحمل تبعات
اختياره ونتائه ,واختيار النسان محدد بقضاء هللا وقدره .كسجناء يف
المحبس اَّلي مطوق َبلسور تيا فيه ,اذا تنظر السجناء حول المحبس فانا
حرة ,واذا تنظر ال سوره فانا مقبوض ,فكِل النسان يف حرية الختيار
فاختياره محدد َبختيار هللا تعال يف سنته َك قيل يف القران :وربك يلق ما
يشاء ويتار ما كن لهم الخية س بحن الِل وتعل عا يشكون 34.أي ل سبيل
للنسان يف اختيار ال ما اختار هللا تعال عليه اما من الشاكرين واما من
الكفرين ,قيل يف القران :ان خلقنا النسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه
كفور35. سيعا بصيا ان هديناه السبيل اما شاكرا واما
.34القصص68 :
.35النسان3-2 :
﴿﴾19
اعل أن هللا تعال خطط سنته من قبل عل زوجيَ,ك قيل يف القران :ومن
ُك َشء خلقنا زوجي لعلُك تِكرون .قال مجاهد ,يف قول ومن ُك َشء
خلقنا زوجي 36قال :الكفر واليمان ,والشقاوة والسعادة ,والهدى والضلل,
والليل والْنار ,والسماء والرض ,والنس والجن ,والخي والش ,وغي ذل.
هِا س نة هللا الت دارجة ثبتة يف هِه الكئنات ,وأما س نة رسول هللا فهيي
الهدى والرشاد من الرسول للناس .ومن أقسام س نة هللا شقاوة وسعادة
فس نة النبوة يرشد الناس عل طريق السعادة .روي أن عر ابن الخطاب
انصف عن الوَبء اَّلي قد وقع بأرض الشأم .قال أبو عبيدة بن اجلراح :أفرارا
من قدر الِل؟! فقال عر :لو غيك قالها ي أَب عبيدة؟! نعم نفر من قدر الِل
ال قدر الِل ،أرأيت لو كن ل ابل هبطت وادي ل عدواتن ،احداها خصبة،
والخرى جدبة ،أليس ان رعيت اخلصبة رعيتا بقدر الِل ،وان رعيت اجلدبة
رعيتا بقدر الِل؟ قال :فجاء عبد الرحن بن عوف وكن متغيبا يف بعض حاجته
فقال :ان عندي يف هِا علما؛ سعت رسول الِل صل هللا عليه وسل يقول:
.36اَّلاريت49 :
﴿﴾20
اذا سعُت به بأرض فل تقدموا عليه ،واذا وقع بأرض وأنُت با فل َرجوا فرارا
انصف37. منه .قال :فحمد الِل عر ث
وقد أخِ عر ابن الخطاب عل طريق النبوة اَّلي يدل ال سلمة من س نة
هللا ,ومعن الفرار من قدر هللا ال قدره َك قال القرطب :أي ل محيص
للنسان عا قدره الِل ل وعليه ،ولكن أمرن الِل تعال َبلتحرز من المخاوف
والمهلكت وَبس تفراغ الوسع يف التوِق من المكروهات .وقدر هللا عل
النسان عاقبة من اختياره عل َشءَّ .لا ل بد للمؤمن أن يتعل لك ل يتار
يف خطأ بهل فعليه التوبةَ ,ك أشار القران :انما التوبة عل الِل لّلين يعملون
السوء بهال ث يتوبون من قريب فأولـئك يتوب الِل عليم وكن الِل علميا
حكميا 38.تدل يف هِه الية أن العصيان بهال ,ويف الية الخرى بفسوقَ ,ك
الفاسقي39. قيل يف القران :ان الِل ل َيدي القوم
وقد تقدم قوِل أن اختيار النسان بي القضاء والقدر ,أقض هللا تعال يف
سنته كربة يف الرَب وفلحا يف البيع مثل ,ث يقتع النسان الرَب فيجد القدر
.37أخرجه البخاري
.38النساء. 17 :
.39املنافقون6 :
﴿﴾21
يف الرَب وهو كربة ,ويتار النسان البيع فيجد القدر يف البيع وهو فلح ,وقد
أشار القران عن هِا بقول :ان الِل عل ُك َشء قدير 40.ولهِا أمر رسول
هللا الناس أن يِروا ما بقي من الرَب لن فيه كربة شديدة لهل .وكِل
أقض هللا تعال يف سنته سيئة يف المشكت ولو أعبتُك .وأقض هللا تعال
يف سنته حس نة يف المؤمنات ولو كنُت ل أعبتُك ,وقدره َك جاء يف القران:
ول تنكحوا المشكت حّت يؤمن ولمة مؤمنة خي من مشكة ولو أعبتُك
ول تنكحوا المشكي حّت يؤمنوا ولعبد مؤمن خي من مشك ولو أعبُك
أولـئك يدعون ال النار والِل يدعو ال الجنة والمغفرة َبذنه ويبي أيته للناس
يتِكرون41. لعلهم
واعل لقد جعلت هِه اَلار امتحان وابتلء للناس وفيا الغام متناثرة فمن ل
يتبع الهدى فقد هل ومن يتبع الهدى فقد نح .وقد جاء يف القران :ان جعلنا
ما عل الرض زينة لها لنبلوه أَيم أحسن عل 42.قلت :يف قول :أَيم أحسن
عل أي أَيم أتبع عل َبلهدى .فالرسل والنبياء والصالحون والصادقون ه
.40البقرة20 :
.41البقرة22 :
.42الكهف7 :
﴿﴾22
اَّلين أهدى هللا عليم من قبلنا فينبغي لنا أن نتبعهم َك قلنا يف صلتنا :اهدن
الصاط المس تقمي صاط اَّلين أنعمت عليم غي المغضوب عليم ول
الضالي43.
وجعل هللا تعال يف سنته أجرا وذنبا للناس نتيجة من حرية الختيار ,وكن
كثي من الناس اختار شيئا بشهوته وهواه فل َيد عاقبته ال هلكَ ,ك قيل
فرطا44. يف القران :ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرن واتبع هواه وكن أمره
طبيعة الناس ميل لما أحب واتبع شهواته وهواه ول يعل ما وراءه واختار
شيئا بل عل واختبار ,كغلم نقص من العل والختبار يف الختيار فيكون
اختياره بشهوته وهواه وهو ُيتاج َبلهدى يف اختياره .وقد تكون شهوته وهواه
غالبة من الهدي ويزل ال الهلك .فهِا َك أشار يف الحديث :عن جابر بن
عبد هللا وأبو هريرة رِض هللا عْنم مرفوعا :مثل ومثلُك كثل رجل أوقد نرا
فجعل الجنادب والفراش يقعن فيا وهو يِبن عْنا وأن أخِ بجزك عن النار
وأنُت تفلتون من يدى 45.س نة الرسول ه سن الجتماع البشي متعلقة
.43الفاتة7-6 :
.44الكهف28 :
.45متفق عليه
﴿﴾23
بس نة هللا تعال وأمره ونيه ووعده ووعيده ،وه خاصة َبلنسانَ ,ك تقدم
القول.
أدل رسول هللا بسنته للناس عل طريق السلمة والفلحة ليخرجه من طريق
الختلل والضطراب حّت ينالوا البكت من السماء والرضَ ,ك قيل يف
القران :ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليم بركت من السماء والرض
ولكن كِبوا فاخِنم بما كنوا يكس بون 46.بينت هِه الية أن أكث بعض
الناس تولوا من الهدي واتبعوا شهوِتم وهواه فعاقبتم س نة هللا بما كنو
يكس بون .قيل يف القران :فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره ومن يعمل مثقال ذرة
رشا يره 47.هـ
.46العراف69 :
.47الزلزل8-7 :
﴿﴾24
ربط المسببات بأس بابا والنتائج بمقدماِتا ،هِا القانون عام شامل لك ما يف
العالم ،ولك ما ُيصل للنسان يف اَلنيا والخرة.
قال ش يخ السلم ابن تيمية رحه هللا تعال :فليس يف اَلنيا والخرة َشء
ال بسبب ،وهللا خالق الس باب والمسببات .فمن الس باب المادية قول
تعال :وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لُك 48.ومن الس باب
المعنوية :ي أَيا اَّلين أمنوا ان تتقوا الِل َيعل لُك فرقان 49.وقال رحه هللا
أيضا :هِا الكون َيري بموجب أس باب ومسببات ،تكون قانون عاما هو يف
غاية اَلقة والحكم والشمول ،بيث ل يرج عنه َشء ،ول يفلت منه
مخلوق ُيُك ُك َشء من المخلوقات ،بل اس تثناء :من أصغر ذرة ال أكب
جرم ،ومن الجماد والنبات بأنواعه ال ذي الروح بأنواعه ،ومن حركة اَّلرة يف
مادِتا الت ل نشعر با ،ال حركة الريح العاصف الت تقلع الْشار وَرب
البيوت فالك خاضع ومنقاد لهِا القانون الرهيب ل يس تطيع منه تفلتا ول
خلصا50.
.48ابرهمي32 :
.49النفال29 :
.50السن اللهية يف المم وامجلاعات والفراد يف الشيعة السلمية
﴿﴾25
فمن المعلوم أن العلقة بي الس باب والمسببات ،وأن السبب يؤثر يف
المسبب ،بما جعل هللا فيه من قوة التأثي ،فالنار ه السبب المؤثر يف
الحراق ،وه الت تنتج ذل الحراق يف الجسم المحتق .وهكِا الثلج هو
سبب التبيد ،وهو اَّلي ينتج ويؤثر َبلتبيد ،يف الجسم المتصل به .والماء
هو سبب الغراق والطعام :هو سبب الش باع ،وهكِا دواليك .فالعلقة بي
السبب والمسبب :ه علقة تأثي منتج للثر.
فكِل يف أفعال النسان فيما يتار ,ول اتبعة ,فاذا اتبع النسان يف اختياره
هواه وشهوته فهو عل طريقة الهلك والندم ,وقد أشار القران :ومن يتبع
خطوت الش يطن فانه يأمر َبلفحشاء والمنكر51.واذا اتبع يف اختياره الهدى
فهو عل طريقة السلمة والنجاح ,وأشار :فمن اتبع هداي فل يضل ول
يشقى 52.وأمر القران لنا أن نأخد ممن قبلنا عبة بقول :أفل يسيوا يف الرض
فينظروا كيف كن عاقبة اَّلين من قبلهم كنوا أكث مْنم وأشد قوة وأثرا يف
الرض فما أغن عْنم ما كنوا يكس بون فلما جاءِتم رسلهم َبلبينات فرحوا بما
عنده من العل وحاق بم ما كنوا به يس تزئون فلما رأوا بأس نا قالوا أمنا َبلِل
.51النور21 :
.52طه123 :
﴿﴾26
وحده وكفرن بما كنا به مشكي فل يك ينفعهم اميانم لما رأوا بأس نا س نة الِل
الكفرون53. الت قد خلت يف عباده وخس هنال
وقد أنِر رسول هللا الناس عن بأس شديد من عند هللا وأمره ليتبعوا ما
جاء به رسول هللا من الهدى والفرقان والحْكة ليكون من السالمي والناجحي
من بأسه الشديد ,وأمْنم عل طريق السلمة رحة ل بغاضة وليس َك ند
الن .قيل يف القران :لقد جاءك رسول من أنفسُك عزيز عليه ما عنُت حريص
عليُك َبلمؤمني رءوف رحمي فان تولوا فقل حس ب الِل ل الـه ال هو عليه
توكت وهو رب العرش العظمي 54.قال الرازي يف تفسيه :وهو أن هِا
الرسول منُك ،فك ما ُيصل ل من العز والشف يف اَلنيا فهو عائد اليُك.
وأيضا فانه بال يشق عليه ضرك وتعظم رغبته يف ايصال خي اَلنيا والخرة
اليُك ،فهو كلطبيب املشفق والب الرحمي يف حقُك ،والطبيب املشفق ربما
أقدم عل علجات صعبة يعس تملها ،والب الرحمي ربما أقدم عل تأديبات
شاقة ،ال أنه لما عرف أن الطبيب حاذق وأن الب مشفق ،صارت تل
املعالجات املؤلمة متحمَل ،وصارت تل التأديبات جارية مجرى الحسان.
.53الغافر85-82 :
.54التوبة129-128 :
﴿﴾27
فكِا ههنا لما عرفُت أنه رسول حق من عند الِل ،فاقبلوا منه هِه التكليف
الشاقة لتفوزوا بك خي ،ث قال للرسول عليه السلم :فان لم يقبلوها بل
أعرضوا عْنا وتولوا فاتركهم ول تلتفت اليم وعول عل الِل وارجع يف جيع
أمورك ال الِل فقل حس ب الِل ل ال ال هو عليه توكت وهو رب العرش
العظمي ,وهِه الخاتمة لهِه السورة جاءت يف غاية احلسن وناية الْكال.
﴿﴾28
واليك الن اختيار أهون النارين والمبادرة ال أخف الشين قبل أن يطوى
بساط الختيار ويساق ال دار الضطرار اما ال الجنة واما ال النار 55.هـ
﴿إلتوبة﴾
والتوبة عندي ترك العمل اَّلي ل عاقبة شقية أو العمل ليس ل فائدة ,اذا
علت شيئا ث ترى وراءه ضارا لنفسك فاترك ول تعد فِل توبة .وروي عن
أب ذر جندب بن جنادة وأب عبد الرحن معاذ بن جبل رِض هللا عْنما عن
فيجهد التائب ليصلح ما تقدم من أعال السيئة ال أعال صالحة ولو كن
يتكها صعوَب ,لس يما كنت العال السيئة من العادات يف طول الزمان ,ولكن
قد وعد هللا تعال لمن يريد أن يصلح أعال مغفرة .فبش رسول هللا أمته
بقول :ي عبادي اَّلين أَسفوا عل أنفسهم ل تقنطوا من رحة الِل ان الِل
يغفر اَّلنوب جيعا انه هو الغفور الرحمي 60.ويف الية الخرى :ان هللا كن
تواَب61.
.58اخرجه التمدي
.59املائدة39 :
.60الززمار53 :
.61النص3 :
﴿﴾30
قيل يف الحياء :أن التوبة عبارة عن معن ينتظم ويلتث من ثلثة أمور مرتبة
عل وحال وفعل فالعل الول والحال الثان والفعل الثالث ,والول موجب
للثان والثان موجب للثالث اَياَب اقتضاه اطراد س نة الِل يف المل والملكوت
أما العل فهو معرفة عظم ضر اَّلنوب وكونا حجاَب بي العبد وبي ُك محبوب
فاذا عرف ذل معرفة محققة بيقي غالب عل قلبه ثر من هِه المعرفة تألم
للقلب بسبب فوات المحبوب فان القلب مهما شعر بفوات محبوبه تألم فان
كن فواته بفعل تأسف عل الفعل المفوت فيسمى تألمه بسبب فعل المفوت
لمحبوبه ندما فاذا غلب هِا اللم عل القلب واس تول وانبعث من هِا اللم
يف القلب حال أخرى تسمى ارادة وقصدا ال فعل ل تعلق َبلحال والماِض
وَبلس تقبال أما تعلقه َبلحال فبالتك لّلنب اَّلي كن ملبسا وأما َبلس تقبال
فبالعزم عل ترك اَّلنب المفوت للمحبوب ال أخر العمر وأما َبلماِض فبتليف
ما فات َبلجب والقضاء ان كن قابل للجب ,فالعل هو الول وهو مطلع هِه
الخيات وأعن بِا العل اليمان واليقي فان اليمان عبارة عن التصديق بأن
اَّلنوب سوم مهلكة واليقي عبارة عن تأكد هِا التصديق وانتفاء الشك عنه
واستيلئه عل القلب فيثمر نور هِا اليمان مهما أرشق عل القلب نر الندم
﴿﴾31
فيتألم با القلب حيث يبص َبرشاق نور اليمان أنه صار محجوَب عن محبوبه
كن يشق عليه نور الشمس وقد كن يف ظلمة فيسطع النور عليه َبنقشاع
ساب أو انسار حجاب فرأى محبوبه وقد أرشف عل الهلك فتشعل نيان
الحب يف قلبه وتنبعث تل النيان َبرادته للنتاض للتدارك فالعل والندم
والقصد المتعلق َبلتك يف الحال والس تقبال والتليف للماِض ثلثة معان مرتبة
يف الحصول فيطلق اس التوبة عل مجموعها وكثيا ما يطلق اس التوبة عل
معن الندم وحده وَيعل العل كلسابق والمقدمة والتك كلثمرة والتابع المتأخر
وبِا العتبار قال صل هللا عليه وسل الندم توبة.
ويف حضيض التألم واليس والندم فرجة للرجوع ال السعادة والفلح فهيي
التوبة َك قيل يف القران :ال من اتب وأمن وعل عل صالحا فأولـئك يبدل
الِل سيئاِتم حس نات وكن الِل غفورا رحميا ومن اتب وعل صالحا فانه
يتوب ال الِل متاَب 62.وقيل يف الحديث :عن أب هريرة رِض الِل عنه أن
رسول الِل صل الِل عليه وسل قال يضحك الِل ال رجلي يقتل أحدها
الخر يدخلن الجنة يقاتل هِا يف سبيل الِل فيقتل ث يتوب الِل عل القاتل
.62الفرقان70-69 :
﴿﴾32
فيستشهد 63.فل ذنب للعبد اذا يتوب ال هللا ويصلح أعال وكن هللا غفور
رحميَ ,ك قيل يف الحديث القدس :أذنب عبدى ذنبا فعل أن ل رَب يغفر
اَّلنب ويأخِ َبَّلنب .ث عاد فأذنب فقال أى رب اغفر ل ذنب .فقال تبارك
وتعال عبدى أذنب ذنبا فعل أن ل رَب يغفر اَّلنب ويأخِ به .ث عاد فأذنب
فقال أى رب اغفر ل ذنب .فقال تبارك وتعال أذنب عبدى ذنبا فعل أن ل
رَب يغفر اَّلنب ويأخِ َبَّلنب .اعل ما شئت فقد غفرت ل 64.هـ
﴿إلسنة﴾
الس نة لغة ه الطبيعة والسية حس نة كنت أو قبيحة ,قال خاَل بن عتبة
الهِِل :فل تزعن من سية أنت َسِتا ،فأول راض س نة من يسيها ,ويف
التنيل العزيز :وما منع الناس أن يؤمنوا اذ جاءه الهدى ويس تغفروا ربم ال
أن تأتيم س نة الولي 65.قال الزجاج :س نة الولي أنم عاينوا العِاب فطلب
المشكون أن قالوا :اللهم ان كن هِا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة
من السامء .وس ننتا س نا واس تننتاَ :سِتا ،وس ننت لُك س نة فاتبعوها .ويف
.63اخرجه البخاري
.64اخرجه مسل
.65الكهف55 :
﴿﴾33
الحديث :من سن يف السلم س نة حس نة ،فل أجرها ،وأجر من عل با
بعده ،من غي أن ينقص من أجوره َشء ،ومن سن يف السلم س نة سيئة،
كن عليه وزرها ووزر من عل با من بعده ،من غي أن ينقص من أوزاره
َشء 66.يريد من علها ليقتدى به فيا ،وُك من ابتدأ أمرا عل به قوم بعده
س نه67. قيل :هو اَّلي
وقد نقلت من المقال الت كتَبا رشيف محمد جابر ,أنه قال :ان حُك علماء
الحديث عل الحاديث بكونا صيحة ليس كفيا وحده لعتبارها من الس نة،
بل هو ل يوض وحده المس توى التكيفي اَّلي تتضمنه هِه الحاديث ،ومن
ث كنت جود الفقهاء والصوليي منصبة يف فرز هِه الحاديث فرزين
أساس يي:
.66اخرجه مسل
.67لسان العرب
﴿﴾34
أفعال النب صل هللا عليه وسل وأوامره كن بشي حمضا غي مدفوع َبلوح،
فقد روى مسل يف صيحه عن أنس أن النب صل الِل عليه وسل مر بقوم
يلقحون فقال لو لم تفعلوا لصلح قال فخرج ش يصا فمر بم فقال ما لنخلُك
قالوا قلت كِا وكِا قال أنُت أعل بأمر دنياك.
ويف رواية موس بن طلحة عن أبيه عند مسل :ان كن ينفعهم ذل فليصنعوه،
فان انما ظننت ظنا فل تؤاخِون َبلظن ،ولكن اذا حدثتُك عن هللا شيئا
فخِوا به ،فان لن أكِب عل هللا عز وجل .ويف رواية رافع بن خديج :انما
أن بش ،اذا أمرتُك بشء من دينُك فخِوا به ،واذا أمرتُك بشء من رأي
فانما أن بش .وروى البخاري امتناعه صل هللا عليه وسل عن أُك الضب،
فقال خاَل بن الوليد :أحرام الضب ي رسول هللا؟ قال :ل ولكن لم يكن بأرض
قومي ،فأجدن أعافه .قال خاَل :فاجترته فأكته ،ورسول هللا صل هللا عليه
اِل68. وسل ينظر
.68اخرجه :البخاري
﴿﴾35
وقال انه وصف زائد عن النبوة والرسال والفتيا والقضاء ،وبأنه ليس داخل يف
مفهوم الفتيا ول الحُك ول الرسال ول النبوة .ومن هنا فما قد يظنه الجاهل
بعلوم الشيعة وحيا ،قد يكون يف الواقع فعل بشي ليس من أمر الوح
واَلين وليس فيه تكيف رشعي .ويدخل يف ذل ما ورد تت َبب الطب
النبوي ،فالكثي مما كن يعالج به النب صل هللا عليه وسل لم يكن وحيا،
وانما كن يف حدود معرفة عصه الطبية ،وهو من أمور اَلنيا ،ما لم ترد قرينة
تفيد بأنه وح ،كتعليمه أدعية خاصة للشفاء وغي ذل.
ومن هنا أخطأ من دافع عن بعض الروايت الطبية َبس تماتة ظنا أنا من
الوح فتأولها وتكف لها الباث المعاصةَ ،ك أخطأ من اس تمات يف انكرها
وظن أنه يِب عن اَلين بنفي ثبوِتا ,فثبوِتا ل يقدح بصحة الرسال ول بعصمة
الرسول صل هللا عليه وسل .وقد قال ابن خْلون يف مقدمته :والطب المنقول
يف النبويت من هِا القبيل أي الطب العرب المتوارث القدي وليس من
الوح يف َشء ،وانما هو أمر كن عادي للعرب .ووقع يف ذكر أحوال النب
صل هللا عليه وسل من نوع ذكر أحوال الت ه عادة جيل ،ل من جة أن
﴿﴾36
ذل مشوع عل ذل النحو من العمل ،فانه صل هللا عليه وسل انما بعث
ليعلمنا الشائع ،ولم يبعث لتعريف الطب ول غيه من العاديت.
الفرز الثان :وهو بيان نوع التكيف الكمن يف الخبار الت تنقل أقوال وأفعال
وتقريراته عليه الصلة والسلم ،وقد قسم بعض الفقهاء أحكم التكيف ال
خسة أحكم ل يرج عْنا التكيف :الواجب والحرام والمس تحب والمكروه
والمباح .ومن ث كنت مهمة الفقهاء يف هِا المجال بيان الحُك المس تفاد من
الس نة المنقول ،وكنت مهمة الصوليي ال جانب ذل بيان :هل هِا الحُك
من َصيص عوم ورد يف أية مثل؟ كتخصيص الوصية َبلثلث ،أم هو بيان
لمجمل جاء يف كتاب هللا ،وغي ذل من الفرز الصوِل .وَبلجمَل فقد
انصبت جود الفقهاء والصوليي يف هِا المس توى عل تقدي الصيغة الْنائية
القابَل للتكيف والس تخدام من قبل الناس .وما قد يظنه الجاهل بعلوم
الشيعة واجبا مما قرأه يف أحد نصوص الحديث ،قد يكون يف الواقع مس تحبا
ل يأث من تركه .ويف تفصيل أنظر يف كتب أصول الفقه والفقه .هـ
﴿﴾37
الفهرس
...................................................: المقدمة