Professional Documents
Culture Documents
شئ خلقه وقدره تقديرًا ,وأنزل كتابه العزيز هدى ورحمة ليكون للعالمين بشيرًا ونذيرًا ,وحث
اإلنسان على تالوته والعمل به ويسره تيسيرًا ,أقام على جميع الخلق حجته ,وأنزل رحمته كتاب ًا
معجزًا وقوًال منيرًا ,والصالة والسالم على سيدنا محمد خير من أرسله اهلل بشيرًا ونذيرًا وعلى
آله وصحبه ومن تبعهم بهديه إلى اهلل صراطًا مستقيمًا .
أما بعد :فإن خير ما يصرف فيه اإلنسان زمنه وعمره خدمة كتاب اهلل تعالى ؛ ألنه البحر
ال ذي ال ي درك غ وره ,وال تنف د درره ,وال تنقض ي عجائب ه ,مم ا يقتض ي حق ًا على األعم ار أن
تفنى فيه ,واألزمان أن تشتغل به ,في سره وجوهره ,في جماله وبيانه ..في كل شئ في ه ,من
-إلى يومنا هذا وجماله يتجدد ,ومعانيه تتعدد ,وأسراره تتفرد ,والعلماء لدن رسول اهلل –
يعكفون عليه دارسين ,ولعلومه منقبين ,وعن أغواره ودرره باحثين ,ولجماله وبيانه م ذهولين ,
ولكل جانٍب من جوانبه كاتبين وشارحين ,حتى برزت المؤلفات وظهرت األسرار والبينات في
رسمه ونظمه وضبطه ,وفواصله وعد آيه ,ووقفه وابتدائه ,وتوجيه قراءته ,وفضائله وآدابه ,
وأحكامه وناسخه ومنسوخه ,وأسباب نزوله ,وإ عجازه وإ عرابه ,وقصصه ,وأمثاله ,وتناسب
حروفه وآياته وسوره وكلماته وعباراته ..إلى غير ذلك من عل وٍم ومعارف ,يقول فيها اإلمام
الزركش ي ":وأعلم أن ه م ا من ن وع من ه ذه األن واع إال ول و أراد اإلنس ان استقص اءه الس تفرغ
وهو ﭼ الحجر٩ : ﮛ ﮜ ﮝ ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚ وجل منزل هذا الكتاب مصداقًا لقوله تعالى
ﭼ فصلت ٤٢ :ثم هذا ﮚ ﮛﮜ ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ الكتاب الذي قال اهلل في وصفه
الكتاب اختصه اهلل تعالى لمن يشاء من عباده ليكون وريث ًا لهذا الكتاب ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
الكتاب راجع إلى اهلل تعالى بتوريثه لمن يشاء من خلقه ومن يصطفيهم .
ف إذا ك ان الحم د ه و الثن اء على اهلل – س بحانه وتع الى – واإلخب ار عن ه بص فات كمال ه م ع
2
,فإن محامده – سبحانه – ال يحيط بها أحد من خلقه ,بل هو – سبحانه ) ( محبته والرضا به
– يحيط بها علم ًا ؛ ألنه ال يعلم من هو اهلل على الحقيقة إال اهلل ,وأما الخلق من المالئكة والجن
ﯧ ﯨ واإلنس فإن عقولهم ال يتسع علمها لإلحاطة باهلل علمًا قال تعالى ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﭼ طه ١١٠ :لذلك فقد وسع اهلل كل شئ علمًا فما من ذرة فما فوقها في السماوات واألرض إال ﯩ
بل وما لم يخلقه اهلل قد أحاط به إذا كان كيف يكون . األنعام٥٩ : ﰌ ﭼ ﰋ
-البرهان في علوم القرآن :بدر الدين محمد بن عب د اهلل بن به ادر الزركش ي (المت وفى 794 :هـ)المحق ق :محم د أب و الفض ل 1
إبراهيم -ط األولى 1376 ،هـ 1957 -م -دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركائه ( . ) 12 /1
-مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإ ياك نستعين :محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية -تحقيق :محم د حام د الفقي -دار 2
عظم نعمه وآالئه حمد نفسه بنفسه في األزل ,وليبين لعباده أنه محمود أزًال وأبدًا ,سواء حمد أو
أما الحمد الصادر من اإلنسان فما هو إال عبادة يؤديها كما يؤدي الدعاء ُم ظهرًا بها شكره
هلل سبحانه وتعظيمه في صفاته العليا وآياته الكبرى ونعمه العظمى التي ال تعد وال تحصى .
ثم إن الحمد ورد في كتاب اهلل سبحانه في مواضع عدة مقترن ًا باسمه تبارك وتعالى " الحمد
هلل " وفي أخ رى ج اء مقترن ًا بلف ظ " رب " أو" إل ه " وه ذا االق تران ل ه داللت ه وأس راره ,كم ا ق د
وردت كلمة " الحمد "ومشتقاته في ست وستين آية ,وثمانية وستين موضعًا جاء الحمد في خمس
ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ الفاتحة٢ : ﭼ مواضع منها مفتتح سور قرآنية وهي ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ورغم التواف ق في المطل ع له ا إال أن المالح ظ على ذل ك أن ك ل س ورة منه ا ج اءت تحم ل
حيثية أخرى ؛ ففي الفاتحة التي جاءت الفتتاح كتاب اهلل العزيز – رغم قصرها ووجازتها – إال
أنه ا ق د ح وت مع اني الق رآن العظيم ,واش تملت على مقاص ده األساس ية باإلجم ال ؛ فك انت بمثاب ة
األم بالنس بة لس ور الق رآن الك ريم ول ذلك تس مى " أم الق رآن ,ثم ت أتي بع دها س ورة األنع ام وال تي
ج اءت بع د أرب ع س ور أي م ا يع ادل أق ل من رب ع الق رآن ,م ذكرًا بحم د اهلل س بحانه في ص ورة
أخرى ومحور آخر ؛ محور الحمد على الخلق واإليجاد للكائنات وظواهرهاﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
wwww.yemen-nic.info الصفحة 4من 26
ثم تسير السورة في إعطاء صور كثيرة ﭼ األنعام١ : ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭖ ﭗ ﭘ
للخلق واإليجاد بصورة لم يذكر في غير هذه السورة ,بل لم يرد في غير هذه الس ورة أن وص ف
ﭼ م رتين في آي ة واح دة إال في ه ذه الس ورة ,مبين ة عظم ة الخ الق ﭔ اهلل نفس ه بقول ه ﭽ
س بحانه في آيات ه الكوني ة وفي س مائه وأرض ه ونبات ه وحيوان ه وكي ف أن ن بي اهلل إب راهيم – علي ه
السالم – أخذه نظره وفكره في مظاهر قدرة الخالق سبحانه لهذا الكون . ...
ثم تجئ بعد ذلك سورة الكهف والتي جاءت بعد أحد عشر سورة من سورة اإلنعام وهي
نص ف الق رآن م ذكرة م رة أخ رى بحم د الخ الق س بحانه على إنزال ه الكت اب على عب اده لإلن ذار
والتبش ير ؛ تبش ير المؤم نين ,وإ ن ذار ال ذين ق الوا اتخ ذ اهلل ول دًا ,وبي ان أن م ا على األرض من
3
في ) ( زين ة إنم ا ه و لالبتالء واالختب ار ثم مص يره لل زوال والفن اء ,ثم ت ذكر الس ورة أرب ع فتن
الحي اة ال دنيا وهي فتن ة ال دين مستش هدًا بقص ة "أص حاب الكه ف " وفتن ة الم ال المتمثل ة بقص ة
"أصحاب الجنة " وفتنة العلم المتمثلة في قصة موسى مع الخضر ,وفتنة السلطة والملك المشار
إليه ا بقص ة " ذو الق رنين " وك ل ه ذه القص ص مم ا ال س بيل إلى معرفت ه إال عن طري ق ال وحي
وإ نزال الكت اب ,إلى أن ختمت الس ورة بمنهج ترب وي عظيم س عت إلي ه الس ورة من مطلعه ا وهو
ثم تأتي سورة سبأ بعد خمس عشر سورة من سورة الكهف١١٠ : ﭼ ﰛ ﰜ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ
الكهف أي الربع األخير من كتاب اهلل تعالى مؤكدة على الحمد واختصاصه به سبحانه في ص ورة
- 3لمسات بيانية لسور القرآن الكريم :الدكتور فاضل صالح السامرائي ( .)1/5
اإليمان والعمل الصالح هما قوام الحكم عند اهلل وأساس الجزاء ال األموال واألوالد ,وأنه ما من
( قوة في األرض تستطيع أن تعصم من قوة الملك وبطشه مع التركيز على قضية البعث والجزاء
4
,وعلى إحاطة علم اهلل سبحانه وشموله مع االستعراض لنموذج الشكر في قصة آل داود – )
عليه السالم – وما نالوه من اإلكرام واإلنعام والتسخير الذي لم ينله غيرهم ,وفي المقاب ل من ذل ك
نموذج الكافر الذي ال يشكر بقصة أصحاب سبأ الذين اتبعوا الشيطان وكيف كان مصيرهم .
ثم تجئ بعد ذلك سورة فاطر ,وهي آخر السور الخمس المفتتحة بالحمد وليس بينها وبين
س ورة س بأ فاص ل ,فت بين أن المس تحق للحم د ه و اهلل وح ده ,ثم ت بين الي د المبدع ة للخل ق في
المالئكة والسماء واألرض ,وكيف أن اهلل سبحانه أبدع تنظيم ملكه في الجبال والنبات والحيوان
واإلنس ان ,وأن م رد الرحم ة لمن أب دع وخل ق وس وى ..إلى أن تس تعرض الس ورة ص ور المل ك
إن هذا االفتتاح باألخص لهذه السور والتوافق في المطالع ,وهذا الترتيب الدقيق أثار لدي
التساؤل عن هذه األسرار القرآنية والمقاصد لهذه السور وما فيها من جوانب االتفاق واالختالف
والتناسب بين مطالع هذه السور ومحاورها إلى غير ذلك من التساؤالت .
وحيث أن الب احث ق د وق ف يتأم ل ويت دبر ه ذه الس ور الخمس – س ور الحم د – وترتيبه ا
ومقاص دها وتناس ب وت رتيب مطالعه ا إلى غ ير ذل ك من التس اؤالت ال تي حف زت الب احث إلى
- 4في ظالل القرآن :سيد قطب إبراهيم ـ ( رحمه اهلل ) -دار الشروق ـ القاهرة( )2888 /5
مرتب ة ومفص لة فق د رغب أن يك ون ل ه س هم في ه ذا الخ ير فيلتق ط ع ددًا من درر الس ابقين ,
ويضيف عليها بعضًا مما عسى أن يفتح اهلل تعالى عليه ,ويعيد نظمها في عقد جديد .
وقد كان االختيار على سور الحمد لتكون موضوع الدراسة مستمدًا من اهلل تعالى العون
والتوفيق .
األهـــــــداف :
الهدف الدراسي لسور الحمد هو :
تحدي د المقاص د واألغ راض ال تي تناوله ا الق رآن بص ورة مجمل ة وس ور الحم د على وج ه .1
الخصوص .
بيان أبرز جوانب االتفاق في مقاصد وأغراض تلك السور . .2
ابراز المشاهد التي جاءت بها سور الحمد بصورة فريدة ,ووجه ارتباطها بمطلع كل .5
إظهار القضية التي تهدف لها السورة من االرتباط باالسم . .7
على حد علم الباحث ,أنها الدراسة التي لم يسبق إليها في هذا الباب ولم تنل حقها من .2
إفادة الباحثين المهتمين بكتاب اهلل تعالى وتفسيره وبعلم المناسبة القرآنية . .3
أهمية هذا العلم لما يكتنفه من األسرار والحكم القرآنية والتي تخفى معالمها على الكثير .5
إبراز الوحدة الموضوعية بين سور القرآن عموما وسور الحمد خصوصا. .6
قمت باس تقراء اآلي ات القرآني ة ال تي ورد فيه ا لفظ ة "الحم د" بجمي ع مش تقاته اللفظي ة وإ ب راز .1
كم ا قمت ك ذلك باس تقراء اآلي ات في س ور الحم د بحس ب موض وعاتها واس تعراض أوج ه .2
وثقت المعلوم ات المنقول ة في البحث ,باإلحال ة إلى مص درها أو مرجعه ا ولم أعتم د الوس اطة .3
إال في موض عين أو ثالث ة ؛ وذل ك لع دم الحص ول على المرج ع األص ل ال مخطوط ًا وال
مطبوعًا ,كما التزمت عند اإلحالة على المصدر والمرجع بذكر جميع المعلومات المتعلقة به
أبرزت اآليات القرآنية بخط مغاير ,حيث جاءت اآليات كلها مشكولة ,مع كتابة اسم السورة .4
ورقم اآلية بعدها مباشرة دون اإلحالة إلى الهامش ؛ ألنها الطريقة األسهل للقارئ فال يحتاج
إلى تقليب نظره إلى أسفل الصفحة ,أو مخافة اإلكثار من الهوامش .
كم ا أب رزت األح اديث الش ريفة فكتبته ا أيض ًا بخ ط مختل ف وب ارز ومش كول ,ولم أورد حديثًا .5
ع زوت األح اديث النبوي ة ال واردة في البحث إلى مص ادرها المعتم دة ,ف إذا ك ان الح ديث في .6
الص حيحين أو في أح دهما ,اكتفيت في الع زو إليهم ا أو إلى أح دهما ,وإ ذا ك ان الح ديث في
غير الصحيحين ,عزوته إلى أهم مصادره ؛ كالسنن األربعة ,ومسند اإلمام أحمد ,بطريقة
ممكنة ,مع االهتمام بنقل ما اطلعت عليه من كالم أهل العلم في بيان درجته .
ترجمت لألعالم المذكورين في الرسالة عند ذكر أي علم ,ولو كان مشهورًا كابن الخطاب , .8
وعثمان ,وابن عباس ,وابن تيمية ..وغيرهم ممن أغنتهم الشهرة عن البيان ,فآثرت البيان
لهم تبرك ًا بس يرتهم ,والعتق ادي أن ه ذه الش هرة ق د تك ون منعدم ة عن د البعض ,وق د تك ون
الشهرة عند البعض دون البعض مما جعلني أقوم بالترجمة لكل شخصية ,ولوال ما يطرأ من
الخطأ والنسيان على اإلنسان لجزمت أني ترجمت لكل من ورد ذكرهم في الرسالة .
تف اديت ق در اإلمك ان في كت ابتي األخط اء النحوي ة واإلمالئي ة إال م ا وق ع س هوًا وج ّل من ال .9
يخطئ .
wwww.yemen-nic.info الصفحة 9من 26
ذيلت البحث بفهارس لتيسير االستفادة منه وهي : .10
وبعد هذا العناء الشديد في البحث والتنقيب عن المقاصد واألسرار ,واللطائف واألخبار مما هو
في س ور الحم د ن ادٌر في فن ه ,وغ ريٌب في جمال ه اس ترعى الب احث للتوق ف والتعم ق في بح ره
واألخ ذ من أص دافه ودره ,مم ا أثم ر ل ه – بتوفي ق اهلل تع الى – ج وهرًا نفيس ًا ك ان نت اج جه ده
وبحثه ,هبًة له من ربه نستعرض بيانه وعرضه وفق النتائج اآلتي بيانها :
ظه ر أن س ور الحم د في كت اب اهلل تع الى له ا مكان ة عظيم ة ؛ لم ا تحمل ه في طياته ا من
أثبتت الدراس ة أن مف ردات الحم د في م دلولها اللغ وي والش رعي ج اءت متكامل ة بحيث أن
بعض ها آخ ذ ببعض ,ومكم ل لمش هد الحم د الكام ل األتم ,وأن م ا ب رز من المع اني في
ظاهره التباين وعدم الصلة فإنه عند إمعان النظر نلحظ أن بينها قواسم مشتركة بأن تكون
أثن اء االس تعراض للف رق بين الم دح والحم د الحظت أن لفظت "الم دح" أعطت العم وم
والس عة ولم تعطي الجم ال ال ذي يعط ه لف ظ " الحم د" من مع اٍن تعبدي ة تقتض ي القائ ل به ا
ص دق المحب ة دون طلب إحس انه بخالف الم دح ال يقتض ي المحب ة للمم دوح ,وألن لف ظ
وعن د االس تعراض لمع اني الحم د في كت اب اهلل تع الى فق د ظه ر لي أن الحم د ال يختص
باللس ان وإ نم ا ورد مقي دًا باللس ان ؛ ألن اللس ان هو اآلل ة المع برة عم ا في النفس والض مير
من صدق المحبة لصاحب اإلنعام ؛ وأن التقييد الوارد به فمن حيث األغلبية لما تعارف به
الن اس فيم ا بينهم ,وأن الحم د بالفع ل أق وى من الحم د ب القول ,ب ل ال يكتم ل معن اه إال
اعتقاد الباحث أنه قد أتى بشيء جديد في هذه الرسالة ,ال سيما في بعض المباحث كمشهد
التكام ل في س ور الحم د بك ل ص وره ,ومش هد األس ماء والص فات ال وارد فيه ا وارتباط ه
ب المنهج ال وارد فيه ا وب المطلع ال ذي تب دأ ب ه الس ورة بحيث إن ك ان المطل ع يحم ل ج انب
الرحمة والهداية جاء المحور فيها حامًال جانب التودد كمطلع سورة البقرة .
أثناء الحديث عن فضل الحمد والتسبيح والتكبير والتهليل وقفت على أن الحمد أفضل من
التسبيح من جهة المعنى ؛ ألن الحمد يثبت صفات الكمال كلها والتسبيح تنزيه عن صفات
النقص واإلثبات أتم وأكمل ,كما برز أن الحمد أفضل من التكبير والتهليل من جهة كثرة
أظهر البحث أن القول بالتناسب القرآني بين اآليات والسور ليس أمرًا محدثًا إنما هو أمر
قديم بقدم كتاب اهلل تعالى ,وأن النبي – صلى اهلل عليه وسلم لطالما أمر أصحابه بالتعامل
أبان البحث أن علماء التفسير قد أخذوا علم التناسب في كتبهم بطرٍق مختلفة ومتغايرة ؛
إما بالربط بين أجزاء السورة بحروف العطف أو بلفظة مرادفة ,وأن اإلمام البقاعي هو
أب رز من اس توعب ه ذا الب اب بيان ًا في كتاب ه " نظم ال درر " بص ورة جلي ة في بعض
المواطن ,حيث تحدث عن النظم بدءًا من أجزاء اآلية الواحدة ووصوًال إلى الحديث عن
أكدت الدراسة أن ترتيب آيات اهلل وسوره وأسماء السور كذلك توقيف عن النبي – صلى
عند التطرق لمسألة السر الجمالي للفظ " الحمد هلل " برز لي أن المعنى ال يستقيم إن جاء
لفظ الحمد مقترن ًا بغير لفظ الجاللة " اهلل " وأن ما عداها يكتنفه النقص والضعف ؛ وذلك
ألن لفظ الجاللة " اهلل " يحمل في معناه وطياته صفة التأله التي تنسب إلى اإلله وهذا اللفظ
من ه تنب ع الص فات جميع ًا فه و ص احب األلوهي ة التام ة الكامل ة ال ذي ال تنقط ع الوهيت ه
كم ا ظه ر أن كلم ة " الحم د هلل " خبري ة اللف ظ إنش ائية المع نى على األظه ر ؛ ألن الجمل ة
الخبري ة في كت اب اهلل تع الى تحم ل مع نى األم ر أو النهي ..ولم تطل ق هك ذا بال فائ دة
ك الخبر في ح ديث الن اس ,وأن أخب ار الق رآن تحم ل في طياته ا مع نى اإلنش اء من أم ر أو
نهي فإن كان أمر وجب القيام به وإ ن كان نهي وجب اجتنابه .
wwww.yemen-nic.info الصفحة 16من 26
عند البيان لمشهد العلم في سور الحمد توصل الباحث إلى نتيجة جميلة وهو أن صفة العلم
لم ترد في سور كتاب اهلل تعالى جزافًا إنما جاءت الدقة مكتنفة لها في التوزيع في السور
المدنية والمكية حيث أن صفة العلم من حيث ورودها بالصيغة الفعلية جاءت بكثرة نسبية
في السور المدنية ألن الصبغة العامة في السور المدنية الحركة والفعل وأن الرقاب ة اإللهي ة
متجددة مع كل فعل يفعله اإلنسان في حياته بخالف السور المكية فغالب ًا ما يكون حديثها
ومن النت ائج ال تي توص ل إليه ا – بتوفي ق اهلل تع الى – أن أي فع ل من أفع ال اهلل تع الى لم
يح دث إال وف ق مرحل ة تكاملي ة ؛ تك املت فيه ا الص فات من علم وخ برة وحكم ة ورحم ة
وعدل ..وغير ذلك ,وأنه ال يتم هالك ألمة أو رحمة لها أو إجابة لدعوة إال وفق مراحل
يكتنفها العدل والرحمة والحكمة والخبرة ..بخالف اإلنسان فقد يقر وال يعلم وقد يعلم وال
يقدر وقد يعلم ويقدر ويفتقد الحكمة ..بل إن الصورة التامة للعلم والقدرة والحكمة ..هلل
كما ظهر في مشهد الكمال المطلق أن صفة الحكمة في سور الحمد جاءت مرتبطة بالعلم
في السور المكية ومرتبط بالعلم والعزة والعلو في السور المدنية ؛ وذلك الهتمام السور
المكية بجانب العقيدة المختصة بالعلم بخالف السور المدنية فإنها مهتمة بالجانب التشريعي
في مشهد العطاء والمنع من اهلل تعالى ظهر أن العطاء من اهلل تعالى قد يكون في صورة
عطاء أو منع ,وأنه متى ما رد المنع العبد إلى اهلل تعالى متملق ًا ومتذلًال ومفتقرًا إليه فإن
wwww.yemen-nic.info الصفحة 17من 26
المن ع في حق ه عط اء ,ب ل إن العط اء في ص ورته الظ اهرة ق د تك ون منع ًا م تى م ا منعت
أثبتت الدراس ة أن المط الع ترتب ط بالمح اور في الس ور ,وأن أس ماء الس ور دال ة على
أس هم البحث في فك رة الوح دة الموض وعية ,والوح دة القرآني ة ,وأن الق رآن كالس بيكة
الواحدة تماسكًا معنى ومبنى ,وأن سور الحمد تحمل مكانة عالية ال تحملها سور غيرها .
: التوصيات
وفي الختام أقول أني قد خرجت من هذا البحث وأنا أشعر بحاجة ماس ة
وملحة لطرح التوصيات التالية :
أن الدراسة المقاصدية والموضوعية لتفسير كتاب اهلل تعالى في تقريرها تحتاج إلى مزيد
من البحث الدقيق ,والحصر ألنواعها ,واألهمية التي تحملها ,وطرق األخذ بها ,وعدم
األخذ بها ,واألقسام التي تحملها ..إلى آخر الفروع التي تبرز هذا العلم بصورة مكتملة
وبارزه .
دراسة اجتهادات الصحابة والتابعين ,واستعراض أراءهم وأقوالهم النادرة في فهم بعض
آيات اهلل تعالى ومستند هذا القول والهدف منه إن كان منه المخالفة في الظاهر ؛ لتبرز
أهمي ة ه ذه الدراس ة للجامع ات وأن تك ون م ادة من الم واد الدراس ية في ك ل جامع ة ,لتن ال
السور بمحاورها ,والتناسب بين السور التي لها ذات المطلع . ...
هذه أبرز النتائج والتوصيات التي ظهرت للباحث وفي ثنايا هذا البحث الكثير مما لم
يذكر .
وفي الختام :أعتقد أني بذلت قصارى جهدي في هذا البحث للحصول على صورة
متكاملة منه متحري ًا في ذلك الصواب ,فإن وفقت فمن اهلل تعالى وإ ن أخطأت فمن نفسي
المقصرة ؛ لذلك فإني أسأل اهلل أن يوفقني وغيري لطلب العلم وخدمة كتاب اهلل تعالى .
وما توفيقي إال باهلل عليه توكلت وإليه أنيب ,والحمد هلل رب
العالمين
إهداء . ...........................................
شكر وتقدير . ......................................
. ملخص الرسالة ..................................
15 -1 المقــــــــــــدمة .............................................
.
165 -16 الفصل األول :دراسة عامة لسور الحمد :
59 -17 المبحث األول :تعريف الحمد وبيان أنواعه وأقسامه :
31 -18 المطلب األول:تعريف الحمد في اللغة وبيان الفرق بينه وبين
الشكر والمدح
47 -32 المطلب الثـــــــــــــاني " :الحمــــــــــــــــد " فــــــــــــــــي
. االصطـــــالح ...................
54 -48 المطلب الثــــــــــــالث :أنـــــــــــــــواع " الحمــــــــــــــــد "
. وصـــــوره .................
59 -54 المطلب الرابــــــــــــع :أقســـــــــــــــــام " الحمـــــــــــــــــد
. " ............................
104 -61 المبحث الثاني :أسماء سور الحمد وفضائلها :
69 -62 مدخل :التسمية توقيفية أو اجتهادية .............................
.
80 -70 المطلب األول :أســـــــــــــماء ســـــــــــــورة الفاتحـــــــــــــة