You are on page 1of 29

‫املحاضرة الثانية‬

‫كيف نتعامل مع القرآن والسنة‬


‫‪ .1‬كيف نتعامل مع القرآن‬
‫• حال املسلمين مع القرآن الكريم تستدعي الدراسة املتعمقة‪ ،‬ذلك أن املسلمين‬
‫بعد القرون األولى انصرف اهتمامهم بكتابهم إلى ناحية التالوة‪ ،‬وضبط مخارج‬
‫الحروف‪ ،‬واتقان الغنن واملدود‪ ،‬وما إلى ذلك مما يتصل بلفظ القرآن والحفاظ‬
‫ً‬
‫وأحكاما‪،‬‬ ‫على تواتره كما جاءنا‪ً ،‬‬
‫أداء‬
‫• ولكنهم بالنسبة لتعاملهم مع كتابهم صنعوا شيئا ربما لم تصنعه األمم األخرى‪.‬‬
‫• الب د م ن قراء ة القرآ ن الكري م قراء ة متدبرة واعي ة تفه م الجمل ة فهم ا دقيق ا‪،‬‬
‫ويبذل كل امرئ ما يستطيع لوعى معناها وإدراك مقاصدها‪.‬‬
‫‪ 1.1‬خصائص القرآن‬
‫القرآن كتاب إلهي‪:‬‬
‫• أولى خصائص القرآن‪ :‬أنه كتاب هللا تعالى‪ ،‬الذي يتضمن كلماته إلى خاتم رسله‬
‫وأنبيائه محمد ﷺ‪ .‬فهو إلهي املصدر‪ ،‬لفظا ومعنى‪ ،‬أوحاه هللا إلى رسوله ونبيه‬
‫محمد ﷺ عن طريق الوحي الجلي وهو نزول الرسول امللكي جبريل على الرسول‬
‫البشري محمد‪ ،‬وليس عن طرق الوحي األخرى من اإللهام أو النفث في الروح‪ ،‬ومن‬
‫الرؤيا الصادقة أو غيرها‪.‬‬
‫• يقول هللا تعالى‪ :‬ﱡﭐﲄﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﱠ [هود‪ .]١ :‬ﱡﱁ ﱂ ﱃ‬
‫ﱄﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱠ [اإلسراء‪.]١٠٥ :‬‬
‫كتاب محفوظ‪:‬‬
‫• من خصائص القرآن‪ :‬أنه كتاب محفوظ‪ .‬تولى هللا تعالى حفظه نفسه‪ ،‬ولم يكل‬
‫حفظه إلى أحد‪ ،‬كما فعل مع الكتب املقدسة األخرى‪ ،‬التي استحفظها أهلها‪،‬‬
‫كما‬
‫• قال هللا تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﱠ [املائدة‪.]٤٤ :‬‬
‫• ومعن ى حف ظ القرآن‪ :‬صيانته من كل تحري ف وتبدي ل تتعرض لهم ا النص وص‪،‬‬
‫كما تعرضت التوراة واإلنجيل‪.‬‬
‫كتاب معجز‪:‬‬
‫• ومن خصائص القرآن‪ :‬اإلعجاز‪ ،‬فهو املعجزة الكبرى ملحمد ﷺ‪ ،‬التي لم يتحدَّ‬
‫العرب بغيرها‪ ،‬برغم ما ظهر على يديه من معجزات ال تحصى‪ .‬وقد كتب العلماء‬
‫والبلغاء قديما وحديثا حول إعجاز القرآن ووجوه اإلعجاز‬
‫• فمنهم من عني بإخباره بالغيوب التي وقعت كما أخبر في قوله‪ :‬ﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ‬
‫ﲧ ﲨ ﱠ [الروم‪ .]٣ – ٢ :‬ومنهم من عني بالنظم والعبارة واألسلوب‪ ،‬أو ما يسمى‬
‫اإلعجاز البياني‪ .‬ومنهم من عني باإلعجاز التشريعي أو اإلصالحي الذي جاء به‬
‫القرآن‪ .‬وفي عصرنا ظهر نوع جديد أطلق عليه اإلعجاز العلمي‪.‬‬
‫كتاب مبين وميسر‪:‬‬
‫• ومن خصائص القرآن‪ :‬أنه كتاب مبين ميسر للفهم والذكر‪ ،‬ليس ككتاب‬
‫الفالسفة‪ ،‬وليس كاألدب الرمزي‪ .‬إن القرآن كتاب هداية‪ ،‬جاء يخاطب الكيان‬
‫اإلنساني كله بكلمات هللا‪ :‬يخاطب في اإلنسان عقله وقلبه‪ ،‬حسه ووجدانه‪،‬‬
‫فيضيء العقل‪ ،‬ويهز القلب ‪ ،‬ويمتع الوجدان‪ ،‬ويحرك اإلرادة‪ ،‬ويدفع إلى العمل‪.‬‬
‫• وليس معنى هذا أنه ينزل إلى مستوى العوام واألغبياء من الناس ليفهمهم‪ .‬كال‪،‬‬
‫إنه يخاطب بأرقى األساليب‪ ،‬وأعمق املعاني‪ ،‬وأروع البيان‪ ،‬مما ال يطمع بشر أن‬
‫يسمو إلى أفقه‪ .‬ولكنه مع هذا السمو البالغي والبياني ميسر لكل من يريد أن‬
‫يعقل ويدكر‪ .‬كما قال هللا تعالى‪ :‬ﱡﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﱠ [القمر‪.]١٧ :‬‬
‫كتاب الدين كله‪:‬‬
‫• القرآن كذلك كتاب الدين كله‪ .‬منه تستمد العقيدة‪ ،‬وتؤخذ العبادة‪ ،‬وتلتمس‬
‫ُ‬
‫األخالق‪ ،‬وتتوخى أصول الشريعة األحكام‪ .‬القرآن هو الذي أقام البراهين على‬
‫وجود هللا تعالى‪ ،‬ويعرض لقضية النبوة‪ ،‬والجزاء والدار اآلخرة‪.‬‬
‫• وإذا كان القرآن هو املصدر األول للعقيدة‪ ،‬فهو كذلك املصدر األول للشريعة‪،‬‬
‫فاإلسالم إيمان يصدقه العمل‪ .‬والعقيدة هي املعبرة عن اإليمان‪ ،‬والشريعة هي‬
‫املعبرة عن العمل‪.‬‬
‫• وكما اشتمل القرآن على العقيدة والتشريع‪ ،‬اشتمل كذلك على األخالق‪ .‬سواء‬
‫كانت أخالقا ربانية وهي التي تجسد الصلة باهلل‪ ،‬أم كانت أخالقا إنسانية‪.‬‬
‫كتاب الزمن كله‪:‬‬
‫• ومن خصائص القرآن‪ :‬أنه كتاب الزمن كله‪ .‬ومعنى أن القرآن كتاب الزمن كله‪:‬‬
‫أنه كتاب الخلود‪ ،‬ليس كتاب عصر معين‪ ،‬أو كتاب جيل أو أجيال‪ ،‬ثم ينتهي‬
‫أمده‪.‬‬
‫• أعني أن أحكام القرآن وأوامره ونواهيه ليست مؤقتة بوقت ما‪ ،‬ثم يتوقف‬
‫العمل بها‪.‬‬
‫• كالذي زعم أن قول هللا تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ [النساء‪:‬‬
‫‪ ،]١١‬إنما كان ذلك يوم لم يكن للمرأة استقالل اقتصادي‪ ،‬وكانت تابعة للرجل‪.‬‬
‫أما وقد تعلمت املرأة وعملت‪ ،‬وخاضت معركة الحياة مزاحمة للرجال باملناكب‪،‬‬
‫فلم يعد هذا الحكم ذا موضوع‪.‬‬
‫‪ 1.2‬كيف نتعامل مع القرآن حفظا وتالوة واستماعا‬
‫حفظ القرآن‪:‬‬
‫• من خصائص القرآن‪ :‬أنه كتاب ميسر للحفظ واالستظهار‪ ،‬كما أنه ميسر للذكر‬
‫والفهم ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﱠ [القمر‪ .]١٧ :‬وذلك أن في ألفاظ القرآن‬
‫وجمله وآياته سالسة وعذوبة وسهولة‪ ،‬تجعله ميسور الحفظ ملن أراد أن‬
‫يحفظه‪ ،‬ويحمله في صدره‪ ،‬ويجعل قلبه وعاء له‪.‬‬
‫• استفاضت األحاديث عن رسول هللا ﷺ ترغب في حفظ القرآن‪ ،‬أي قرائته عن‬
‫ظهر قلب‪ ،‬بحيث ال يخلو جوف املسلم من شيء من كتاب هللا‪ .‬كما في الحديث‬
‫الذي رواه ابن عباس مرفوعا‪(( :‬إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت‬
‫الخرب))‪.‬‬
‫• كان رسول ﷺ يقدم في اللحد على غيره من كان أكثر أخذا للقرآن‪ ،‬كما صح في‬
‫شهداء أحد‪.‬‬
‫• وكان يبعث إلى القبائل (القراء) من أصحابه‪ ،‬ليعلموهم فرائض اإلسالم وآدابه‪،‬‬
‫ألنهم –بما معهم من كتاب هللا‪ -‬أقدر على القيام بهذه املهمة‪ .‬ومن هؤالء‬
‫الصحابة‪ :‬السبعون الذين استشهدوا في واقعة "بئر معونة" املعروفة في السيرة‪.‬‬
‫وقد غدر بهم املشركون‪.‬‬
‫• وليست مثوبة هللا في اآلخرة مقصورة على صاحب القرآن وحده‪ ،‬بل إن نورها‬
‫ببركة القرآن‪ .‬فعن بريدة قال‪ :‬قال رسول ﷺ‪:‬‬ ‫ليشمل أبويه‪ ،‬وينالهما قبس منه ُأ‬
‫((من قرأ القرآن‪ ،‬وتعلمه وعمل ّبه‪ ،‬لبس يوم القيامة تاجا من نور‪ ،‬ضوءه مثل‬
‫ُ‬
‫ضوء الشمس‪ُ ،‬ويكسى والداه حلتين‪ ،‬ال تقوم لهما الدنيا‪ ،‬فيقوالن‪ :‬بما كسينا‬
‫هذا؟ فيقال‪ :‬بأخذ ولدكما القرآن))‪.‬‬
‫ولحملة القرآن وحفظته آداب ينبغي أن يراعوها‪ ،‬وعليهم واجبات يجب أن‬
‫ينفذوها‪ ،‬حتى يكونوا من أهل القرآن حقا‪ .‬من هذه اآلداب‪:‬‬
‫• تعاهد القرآن‬
‫هذا األدب لكي ال يتفلت من ذاكرته‪ ،‬وذلك بدوام تالوته استظهارا من الصدر‪،‬‬
‫أو قراءة من املصحف‪ ،‬أو باالستماع إليه من قارئ مجيد له‪.‬‬
‫وقد تكلم السيوط في حكم نسيان القرآن‪ ،‬فقال‪ :‬نسيانه كبيرة‪ ،‬صرح به النووي‬
‫في "الروضة" وغيرها‪ ،‬لحديث أبي داود‪(( :‬عرضت ّ‬
‫علي ذنوب أمتي‪ ،‬فلم أر ذنبا‬
‫أعظم من سورة من القرآن أو آية‪ ،‬أوتيها رجل ثم نسيها))‪ .‬وروي أيضا حديث‪:‬‬
‫((من قرأ القرآن ثم نسيه‪ ،‬لقي هللا يوم القيامة أجذم))‪.‬‬
‫• التخلق بأخالق القرآن‬
‫وينبغي على صاحب القرآن أو حامله وحافظه‪ ،‬أن يتخلق بأخالق القرآن‪ ،‬كما‬
‫كان النبي ﷺ‪ .‬فقد سئلت عائشة رضي هللا عنها عن خلقه‪ ،‬فقالت‪(( :‬إن خلق‬
‫نبي هللا ﷺ كان القرآن))‪.‬‬
‫فعلى صاحب القرآن‪ :‬أن يكون مرآة يرى الناس فيها عقائد القرآن وقيمه وآدابه‬
‫ّ‬
‫فتصدقه آياته‪ ،‬وال يتلو القرآن فتلعنه آياته‪ .‬رواه‬ ‫وأخالقه‪ ،‬وأن يتلو القرآن‬
‫ِ‬
‫مسلم في صالة املسافرين (‪)746‬‬
‫• اإلخالص في طلب القرآن‬
‫وينبغي لصاحب القرآن أن يخلص النية في طلبه‪ ،‬وأن وجرده لوجه هللا‪ ،‬ويجعل‬
‫له سبحانه تعلمه وتعليمه‪ ،‬ال ملراءاة الناس‪ ،‬وال البتغاء الدنيا‪.‬‬
‫تالوة القرآن وسماعه‪:‬‬
‫• أنزل هللا كتابه الخالد لتتلوه األلسنة‪ ،‬وتستمع إليه اآلذان‪ ،‬وتتدبره العقول‪،‬‬
‫وتطمئن به القلوب‪ .‬حتى إن العلماء ليذكرون في تعريف القرآن‪ :‬أنه املتعبد‬
‫بتالوته‪ .‬ومن هنا جاءت آيات الكتاب العزيز‪ ،‬وأحاديث الرسول الكريم‪ ،‬تحث‬
‫على التالوة‪ ،‬وترغب فيها‪ .‬وتعد عليها بالثواب الجزيل‪ ،‬واألجر العظيم‪.‬‬
‫• ومن آيات القرآن الكريم قوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ‬
‫ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﱠ [فاطر‪.]٣٠ – ٢٩ :‬‬
‫• وعن عائشة قالت‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪(( :‬الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع‬
‫السفرة الكرام البرابرة‪ .‬والذي يقرأ القرآن يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)‪.‬‬
‫التدبر‪:‬‬
‫• معنى التدبر‪ :‬النظر في أدبار األمور‪ ،‬أي في عواقبها ومآالتها‪ ،‬وهو قريب من‬
‫التفكر‪ ،‬إال أن التفكر‪ :‬تصرف القلب أو أو العقل بالنظر في الدليل‪ ،‬والتدبر‪:‬‬
‫تصرفه بالنظر في العواقب‪.‬‬
‫• وقد بين لنا منزل القرآن سبحانه أنه لم ينزله إال لتتدبر آياته‪ ،‬وتتفهم معانيه‪.‬‬
‫يقول عز وجل يخاطب رسوله‪ :‬ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱠ [ص‪.]٢٩ :‬‬
‫التجاوب مع القرآن‪:‬‬
‫• ومن لوازم التدبر‪ :‬أن يتجاوب مع القرآن الذي يتلوه‪ ،‬ويتفاعل بعقله وقلبه مع‬
‫التالوة‪ ،‬بأن يكون في حالة حضور ويقظة واستجابة ال حالة غيبة وغفلة‬
‫وإعراض‪.‬‬
‫• وصفة ذلك‪ :‬أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به‪ ،‬فيعرف معنى كل آية‪،‬‬
‫ويتأمل األوامر والنواهي‪ ،‬ويعتقد قبول ذلك‪ .‬فإن كان مما قصر عنه فيما مضى‬
‫اعتذر واستغفر‪ ،‬وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل‪ ،‬أو آية عذاب أشفق وتعوذ‪،‬‬
‫أو آية تنزيه نزه وعظم‪ ،‬أو آية دعاء تضرع وطلب‪.‬‬
‫• رو ى عن عوف بن مالك‪ ،‬قال‪ :‬قمت مع النبي ﷺ ليلة‪ ،‬فقام فقرأ سورة البقرة‪،‬‬
‫ال يمر بآية رحمة إال وقف وسأل‪ ،‬وال يمر بآية عذاب إال وقف وتعوذ‪.‬‬
‫االستماع إلى القرآن‪:‬‬
‫• إذا كان القرآن الكريم يتعبد بتالوته‪ ،‬فإنه يتعبد أيضا بسماعه‪ ،‬وقد صح أن‬
‫الرسول ﷺ قد اسمتع إلى القرآن من الصحابة‪ .‬استمع إلى أبي موسى األشعري‪،‬‬
‫وهو يقرأ القرآن بصوته الجميل‪ ،‬فقال‪(( :‬لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل‬
‫داود))‪ .‬فبلغ ذلك أبا موسى‪ ،‬فقال‪(( :‬لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا))‪.‬‬
‫• فكما أن لتالوة القرآن آدابا‪ ،‬فإن االستماع إليه آدابا أيضا ينبغي مراعاتها‪ .‬أول‬
‫هذه اآلداب هو اإلنصات واإلصغاء عندما يتلى القرآن‪.‬‬
‫• قال تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﱠ [األعراف‪ .]٢٠٤ :‬وكل ما ذكرناه في آداب‬
‫التالوة‪ ،‬كل هذا يقال في االستماع أيضا‪ .‬متفق عليه‬
‫‪B‬يف‪BB B B‬تع‪BB‬املم‪B‬ع‪ B‬ا ‪BB B‬لقرآ‪B‬نف‪BB B B B‬هما و‪B‬ت‪BB‬فسي‪B‬را ‪1.3‬‬
‫ك‪ B B B‬ن‬
‫• التفسير في اللغة‪ :‬التبيين واإليضاح‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬
‫ﱈ ﱉ ﱠ [الفرقان‪ ،]٣٣ :‬أي بيانا وتفصيال‪.‬‬
‫• وأما التفسير في االصطالح فإنه علم يبحث فيه عن أقوال القرآن املجيد‪ ،‬من‬
‫حيث داللته على مراد هللا تعالى بقدر الطاقة البشرية‪.‬‬
‫• إن هللا تعالى قال عن هذا القرآن لرسوله الكريم‪ :‬ﱡ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣ ﱤ ﱠ [النحل‪ .]٨٩ :‬وهذا‬
‫يعني أن هللا جل شأنه بين فيه أصول العقيدة وقواعد الشريعة وأسس‬
‫السلوك‪ ،‬ولكنه لم يتضمن تفصيالت في هذه األمور‪ ،‬وترك ذلك للسنة النبوية‬
‫حينا‪ ،‬ولعقول املسلمين أحيانا‪ ،‬وال غرو أن يحتاج كثير من ألفاظ القرآن وجمله‬
‫إلى البيان والتفسير‪.‬‬
‫• ثم إن القرآن قد نزل بلسان العرب‪ ،‬على ما فيه من تنوع الدالالت‪ ،‬من الصريح‬
‫والكناية‪ ،‬والحقيقة واملجاز‪ ،‬والخاص والعام‪ ،‬واملطلق واملقيد‪ ،‬واملنطوق‬
‫واملفهوم‪ ،‬وما يفهم باإلشارة وما يفهم بالعبارة‪.‬‬
‫• والناس يتفاوتون في الفهم واإلدراك‪ ،‬فمنهم من ال يدرك إال املعنى الظاهر‬
‫القريب‪ ،‬ومنهم من يغوص على املعنى العميق البعيد‪ ،‬ومنهم من يفهم املعنى على‬
‫غير وجهه‪.‬‬
‫• ثم إن هذا القرآن نزل ألسباب ومالبسات معينة‪ ،‬من شأنها إذا عرفت أن تلقي‬
‫الضوء على املعنى املراد‪ ،‬وتعين على فهمه فهما صحيحا‪ .‬ولهذا كله وألكثر منه‪،‬‬
‫كان الناس في حاجة إلى تفسير القرآن حتى يحسنوا فهمه ويحسنوا العمل به‪.‬‬
‫• وقد أجمع العلماء على أن التفسير من فروض الكفايات وأجل العلوم الثالثة‬
‫الشريعة (يعني‪ :‬التفسير والحديث والفقه)‪.‬‬
‫‪ .2‬كيف نتعامل مع السنة‬
‫‪ 2.1‬منزلة السنة في اإلسالم‬
‫• فإن السنة النبوية هي الوحي الثاني‪ ،‬أو الوحي غير املتلو‪ ،‬الذي هو البيان النبوي‬
‫للقرآن الكريم‪ ،‬وهي املصدر الثاني لتشريع األحكام‪ ،‬وتوجيه السلوك‪.‬‬
‫• لهذا كان التعامل معها فريضة على املسلمين‪ ،‬فهما وفقها‪ ،‬وعمال وسلوكا‪،‬‬
‫ودعوة وتعليما‪.‬‬
‫• إذن فمكانة السنة من الدين مكانة القاعدة من البناء‪ ،‬هي والقرآن الكريم‪ ،‬فال‬
‫قيام لبناء الشريعة اإلسالمية وال بقاء له بغير الكتاب والسنة كليهما‪ .‬إنهما الدين‬
‫كله‬
‫عالقة ا ‪BB B‬لسنة ب ‪B B B B‬ا‪BB B‬لقرآ‪B‬ن‪2.2‬‬

‫ّ‬
‫عالقة السنة بالقرآن‬

‫االستقالل‬ ‫إضافة‬
‫التخصيص‬ ‫التفصيل‬ ‫تماثل املعنى‬
‫بالتشريع‬ ‫شروط‬
‫‪ 2.3‬مجاالت خدمة السنة الشريفة للقرآن العظيم‬
‫تقرير مضمون الكتاب وتثبيت حقائقه بما يقطع احتمال املجاز‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تفسير ما في القرآن من مجمل‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫بيان التخصيص للعام‪ ،‬وبيان التقييد للمطلق‪ ،‬وبيان إرادة خالف الظاهر‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تبديل ما في القرآن بأحكام أخرى‪ .‬وهو النسخ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ً‬
‫تضيف السنة إلى الشريعة أحكاما مستقلة ليست في القرآن‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫عمل ا ملقاصد ا لعامة ا لتي أرشد ‪5.1‬‬
‫ق سم يمكنإرجاعه إ لى ا لقرآنب نوع منا لقياس‪ ،‬أو منا ل ب‬
‫‪.‬إ ليه ا ا لقرآن‬
‫‪.‬وقسم يمكنإرجاعه إ لى ا لقرآنعلى م عنى ّأنا لقرآنأرشد إ لى ا ل ب‬
‫عمل ا لسنة ‪5.2‬‬
‫أ‪B‬نوا‪B‬ع‪ B‬ا ‪BB B‬لح‪BB‬دي‪BB‬ثا‪B B B‬لنبو‪B‬يم‪BB‬نجه‪BB B‬ة د ‪B‬ال‪B B B‬لته‪ B‬على ا ‪BB B‬ألح‪B‬ك‪B‬ا‪BB‬م ‪2.4‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫ما روي عن النبي ودو في كتب الحديث‪ ،‬على قسمين‪:‬‬
‫• األول‪ :‬ما سبيله سبيل تبليغ الرسالة‪ .‬وفيه قوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘﱠ‬
‫[الحشر‪ .]٧ :‬ومن هذا القسم علوم املعاد وعجائب امللكوت‪ .‬وهذا كله مستند إلى الوحي‪.‬‬
‫ومنه شرائع وضبط للعبادات االتفاقات وهذه بعضها مستند إلى الوحي‪ ،‬وبعضها مستند‬
‫إلى االجتهاد بمنزلة الوحي‪ ،‬ألن هللا تعالى عصمه من أن يتقرر رأيه على الخطاء‪.‬‬
‫• والثاني‪ :‬ما ليس من باب تبليغ الرسالة‪ ،‬وفيه قوله ﷺ‪" :‬إنما أنا بشر مثلكم‪ .‬إذا أمرتكم‬
‫بشيء من دينكم فخذوا به‪ ،‬وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر‪".‬‬
‫تصنيف أفعال الرسول ﷺ‬

‫ما يفعله بحكم‬ ‫أفعال خاصة‬


‫العادة والطبيعة‬ ‫بالنبوة وليست‬ ‫التشريع‬
‫البشرية‬ ‫تشريعا عاما‬
‫‪ 2.5‬مبادئ أساسية للتعامل مع السنة‬

‫االستيثاق مع ثبوت السنة‬

‫حسن الفهم لسنة‬

‫سالمة النص النبوي من معارض أقوى‬


‫‪ 2.6‬واجب املسلمين نحو السنة‬

‫إن منهجنا ينطلق من التأكد من ثبوت الورود‪ ،‬فإذا ثبت ورود النص مع عدم‬
‫قيام املعارض املعتبر يكون العمل والتعامل فمستويين‪:‬‬
‫• أوال‪ :‬مستوى اإليمان والتصديق بما نزل على محمد ﱡ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ [محمد‪.]٢ :‬‬
‫ً‬
‫• ثانيا‪ :‬مستوى األحكام العملية‬
‫‪ 2.7‬مالحظة الصحابة لألفعال النبوية من أجل االقتداء‬
‫• إن املتتبع لتصرفات الصحابة رضي هللا عنهم في ّ‬
‫تعرفهم ألحكام الدين ألجل‬
‫العمل به‪ ،‬يجد أنهم إذا وجدوا ّالسنة عملوا بها‪ ،‬وجعلوها حجة في الدين‪ ،‬ولم‬
‫يستجيزوا مخالفتها وإغفالها واطراحها‪.‬‬
‫ُّ‬
‫أن تأثر شخص ما بشخص آخر حتى يقلده في فعله وأحواله على درجات‪:‬‬
‫• الدرجة األولى‪ :‬إن أي شخصين تخالطا‪ ،‬ورأى أحدهما ما يفعل اآلخر‪ ،‬فال بد أن‬
‫ً‬
‫يتأثر به ولو قليال‪ ،‬ما لم يمنع ذلك مانع‪.‬‬
‫• الدرجة الثانية‪ :‬فإن كان ألحد الشخصين فضل على اآلخر‪ ،‬ومزيد منصب‬
‫ياسة كان تأثر املفضول والرؤوس بأفعال الفاضل والرئيس أظهر وأبين‪ ،‬حتى‬ ‫ور ٍ‬
‫ً‬
‫إنه كثيرا ما يقلده في هيئة لباسه‪ ،‬وعاداته في كالمه ومشيه وأكله وشربه ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫• الدرجة الثالثة‪ :‬فإن كان لدى املتأثر مودة لآلخر ومحبة وألفة‪ ،‬كان التأثر أعظم‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكلما كانت املحبة أعظم كان التأثر أعظم وأتم‪ ،‬حيث إن املحبة تدعو إلى‬
‫االتفاق بفعل ما يفعل املحبوب‪ ،‬ومحبة ما يحبه‪.‬‬
‫• وهذه الدرجات الثالث موجودة في املؤمن بالنسبة إلى نبيه ﷺ وكانت في‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫الصحابة رضي هللا عنهم على أتم ما يكو ‪ ،‬لكثرة مخالطتهم له‪ ،‬و ؤيتهم فضله‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ّ‬
‫عليهم بالفضائل التي حاله هللا بها‪ ،‬ومنصب النبوة واإلمامة الذين أكرمه هللا‬
‫بهما‪ ،‬واملحبة العظيمة التي خالطت قلوبهم بما شاهدوه من رعاية هللا له‪.‬‬

You might also like