والصالة والسالم عىل من جاء ببيان ما نزل إليه سكوتا وفعال وخطابا ،وعىل آله ناقلي أخباره، ومدوني أحاديثه وآثاره. أما بعد: فإن العلم الذي ال بد منه لكل قاصد ،وال يستغني عن طلبه عالم وال عابد ،علم الحديث والسنة ،وما شرعه الرسول ـ صىل هللا عليه وسلم ـ ألمته وسنة اليوم سوف نتحدث عن الكتب السته واسأل هللا التوفيق وان ينال هذا البحث الوجيز عىل رضاِك -أهمية السنة النبوية
تجلت مهمة النبّي -عليه الصالة والسالم-
في البيان والتبليغ ،ففي حين كان القرآن الكريم المصدر األول في تشكيل عقيدة المسلم وثقافته ،جاءت السّنة النبوّية كمصدٍر ثاني ُترّك ز عىل الجانب العملي في حياة المسلمين ،فالمسلم ال يستغني بالقرآن الكريم عن سّنة النبّي الكريم ،فالسّنة فسرت كثيرًا مما أبهمه القرآن ،وخصصت كثيرًا مما عممه القرآن ،وفّص لت بعض مجمله ،وقّيدت قضايا جاءت في القرآن عىل إطالقها ،فهي حّجٌة ومصدٌر أساسٌّي من مصادر التشريع اإلسالمي بما اشتملت عليه من سّنة قولية ،وسّنة فعلية ،وسّنة تقريرية. -أسباب تأخر تدوين السنة النبوية
انشغال الصحابة -رضوان هللا عليهم-
بكتابة آيات القرآن الكريم في العهد النبوي ،فقد تنّزل القرآن الكريم بعد بعثة النبّي -عليه الصالة والسالم -عىل مدار ثالثة وعشرين سنة ،اتخذ خاللها النبي الكريم كّت ابًا للوحي من أصحابه الكرام، يكتبون بأمره كل ما يتنّزل من سور القرآن وآياته ،وال شك بأّن كتابة أقوال النبّي وأفعاله جميعها كانت تتطّلب مشّق ًة وتفرغًا ،باإلضافة إىل أّن قليًال من الصحابة من كان يتقن الكتابة حينها. وأيًض ا الخوف من حدوث َلبٍس من قبل عاّم ة المسلمين بين القرآن والحديث النبوّي -مراحل تدوين السنة النبوية المرحلة األوىل :بدأت هذه المرحلة حينما اجتهد بعض الصحابة ومنهم عبد هللا بن عمرو بن العاص ،بكتابة كل ما يسمعه من رسول هللا عليه الصالة والسالم ،وحينما نهاه بعض الناس عن ذلك ،أمره النبي -عليه الصالة والسالم- باالستمرار في الكتابة ،باعتبار أن كل ما يصدر عن النبّي الكريم هو حق ،وفي عهد الخلفاء الراشدين لم يّتخذ أي منهم قرارًا بجمع السّنة النبوّية ،حتى جاء عصر الخلفاء األموّيين وتحديدًا في نهاية القرن األول الهجري ،فأمر الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز بتدوين السّنة النبوّية؛ حتى يطلع المسلمون عليها في ظل عدة متغيرات ،حيث اتسعت الدولة اإلسالمية وظهرت الِف رق والمذاهب اإلسالمية ،وقد تصّدى علماء األّم ة لهذه المهمة الجليلة فدّو نوا السّنة في دواوين مخصوصة ،وعىل رأسهم :اإلمام محمد بن شهاب الزهري.
المرحلة الثانية :بدأت في القرن الثاني الهجري حيث أصبح
لعلماء الحديث كتبهم المستقلة عن علوم الدين األخرى ،من فقٍه وتفسيٍر وغير ذلك ،كما أصبح لهم منهجهم الواضح في تصنيف األحاديث ،وظهرت في تلك الفترة الُّس نن، .والمسانيد ،والُم صّنفات ،والجوامع -فوائد التمسك بالسنة النبوية
تتجىّل أهمية التمسك بالسّنة النبوّية في
كونها سببًا للنجاة ،ووقايًة من الوقوع في الضالل ،وقد شبه اإلمام مالك السّنة النبوّية بسفينة نوح؛ فمن ركبها نجى ومن أبى هلك، وإّن التمسك بالسّنة النبوّية لهو دليٌل عىل كمال المحبة لرسول هللا عليه الصالة والسالم ،فكم من إنسان يّدعي حب النبي ّيالنب تغضب ًال الكريم وتراه يعمل أعما وتخالف سنته ،فالمحبة ليست اّدعاء وعاطفة وحسب ،كما إّن السّنة النبوّية سبيًال يؤدي إىل نيل محبة هللا -تعاىل -ورضوانه، قال تعاىلُ( :ق ْل ِإن ُكنُتْم ُتِح ُّبوَن َهَّللا َف اَّتِبُع وِني ُيْحِبْب ُكُم ُهَّللا َو َيْغ ِف ْر َلُكْم ُذ ُنوَبُكْم ۗ ) -أهم كتب السنة النبوية
اشتهر من بين كتب السنة النبوية
الكثير من الكتب ،هي :صحيح البخاري، وصحيح مسلم ،وكذلك سنن أبي داود، وابن ماجة ،والنسائي ،والترمذي ،كما اشتهر من كتب السنة سنن الدارمي، ومسند اإلمام أحمد ،وموّط أ اإلمام مالك الخاتمة في ختام القول ،نحمد هللا ونتسعينه ،إّن روعة البيان وسحر الكالم ليعجزان عن غوص في حديث الّنبي -صىل هللا عليه وسّلم -وسّنته ،فالحديث والّس ّنة مصدر الّتشريع الثاني بعد القرآن في اإلسالم، وأعرف أن الحديث بحٌر تحّدث في علمه الكثيرون ،وما أنا إال قطرٌة في هذا البحر، أحاول أن أستعير بالغة القول ،وسحر األداء وروعة البيان ،للخوض في هذا البحث وأصوله ،وأرجو من هللا أن يجعله ذو فائدة ،لنا وصلي اللهم عىل سّيدنا محّم د وعىل آله .وصحبه وسّلم