You are on page 1of 8

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫كلية اآلداب والفنون‬

‫قسم اللغة العربية‬

‫المقياس‪ :‬نص أدبي قديم(النثر)‪ ،‬السنة األولى ليسانس (األفواج ب‪،‬ج‪ ،‬د)‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬فن الخطابة عبر العصور (العصر اإلسالمي)‪.‬‬

‫األستاذة‪ :‬ب ّنابي (جامعة وهران ‪)10‬‬

‫‪ ‬الخطابة في العصر اإلسالمي‪:‬‬

‫ألنها وجدت العربي يحيا‬


‫إذا كانت الخطابة قد وجدت في العصر الجاهلي حياة تناسبها ّ‬
‫كونوا لهم فيها‬
‫أن العرب ّ‬
‫حياة فروسية‪ ،‬فقد وجدت في الحياة اإلسالمية لها حياة أنسب‪ ،‬إذ ّ‬
‫وقوة وتثبيتا‪.‬‬
‫الدين‪ ،‬وتجد في اإليثار والتّقوى واإليمان روحا ّ‬
‫دولة تستظ ّل بظ ّل ّ‬

‫الدعوة إليها‪،‬‬
‫فلما ظهر اإلسالم كانت الخطابة ّأول سالح استعمل إلعالن العقيدة الجديدة و ّ‬
‫ّ‬
‫عمق اإلسالم قيمتها‬
‫وتنوع أفكارها‪ ،‬وقد ّ‬
‫وتعدد أساليبها ّ‬
‫وكان هذا سببا رئيسيا في ازدهارها ّ‬
‫وجعلها من األركان األساسية في صالة الجمعة والعيدين والحج‪ ،‬كما كانت سالحا فاعال في‬
‫السمحة‪ ،‬وبالتّالي قويت الخطابة وكثُر الخطباء وأضحى‬
‫ك ّل مناسبة يدعي فيها إلى مبادئه ّ‬
‫المحيط اإلسالمي كلّه مدرسة خطابية‪ ،‬ال يمكن االستغناء عنها في ك ّل مناسبة يدعو فيها إلى‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫أهم حدث في‬


‫أن ظهور اإلسالم يعتبر ّ‬
‫‪ ‬دواعي الخطابة في صدر اإلسالم‪ :‬من المتّفق عليه ّ‬
‫تاريخ العرب الطويل لما له من تأثير بالغ‪ ،‬وذلك نتيجة ما حمله من مفاهيم جديدة جعلت‬
‫التطور على مختلف‬
‫ّ‬ ‫وحدهم اإلسالم دينيا وسياسيا وأدخل‬
‫يغيرون نظرتهم للحياة‪ ،‬إذ ّ‬
‫العرب ّ‬
‫ميادين حياتهم من اجتماعية إلى اقتصادية وحتى العقلية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أن هذا التأثير لم يكن ليحيد عن األدب‪ ،‬فقد تأثّر هذا األخير شعره ونثره بطبيعة‬
‫ومن المؤ ّكد ّ‬
‫التطور كانت واضحة أكثر في‬
‫ّ‬ ‫أن مظاهر‬
‫الحياة الجديدة ونظامها‪ ،‬وما تجدر اإلشارة إليه ّ‬
‫عدة‬
‫النثر ألسباب ّ‬
‫تطور غيرها من فنون ّ‬
‫تطور الخطابة فاق ّ‬
‫النثر منها عن ال ّشعر‪ ،‬ولع ّل ّ‬
‫ّ‬
‫نجملها فيما يلي (‪:)1‬‬

‫للدعوة إلى اإلسالم قبل الهجرة وبعدها‪.‬‬


‫‪ -1‬اتّخاذ الخطابة أداة ّ‬
‫أن اإلسالم فرض بعض أنواع الخطب كخطب الجمعة واألعياد‪.‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫بالناس الذين ُيراد استمالتهم والتأثير فيهم‪.‬‬
‫‪ -3‬كانت الخطابة وسيلة ُمثلى لالتّصال ّ‬
‫الرسول‬
‫‪ -4‬كثرة األحداث التي تبعث على القول وتدعو إلى الخطابة ومن ذلك مغازي ّ‬
‫الردة‪ ،‬فتنة عثمان‪ ،‬اختالف المسلمين بعد مقتله‪.‬‬
‫صلّى اهلل عليه وسلّم‪ ،‬حركة ّ‬
‫الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم على الخطابة من‬
‫‪ -5‬بيان األحكام الشرعية فقد كان يعتمد ّ‬
‫ويوضح لهم‬
‫ّ‬ ‫ويفصل لهم ما أجمله القرآن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يبين للداخلين في اإلسالم أحكامه‬
‫أجل أن ّ‬
‫ما أشكل عليم فهمه‪.‬‬
‫النقاش والحوار بين الخليفة‬
‫يقر بسيادة ّ‬
‫‪ -6‬نظام الشورى الذي ساد في صدر اإلسالم والذي ّ‬
‫الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم وبين المسلمين‪.‬‬
‫والمسلمين وقبله بين ّ‬
‫السالح الحاد الذي يحتفظ به‬
‫األول و ّ‬
‫‪ -7‬الجهاد في سبيل اإلسالم إذ كانت الخطابة ال ّذخر ّ‬
‫النصر أو ال ّشهادة‪.‬‬
‫القائد من أجل شحذ همم مقاتليه وحثّهم على ّ‬
‫أن الوحدة اإلسالمية لم تدم طويال‪.‬‬
‫‪ -8‬بداية ظهور الفتن إذ ّ‬

‫(‪ :)1‬ينظر‪ :‬محمد أبو زهرة‪ ،‬الخطابة‪ .‬تاريخها في أزهر عصورها عند العرب‪ ،‬ص‪ 45-41‬و‪ :‬جامعة القدس المفتوحة‪،‬‬
‫النثر العربي القديم ص‪.88‬‬
‫فنون ّ‬
‫‪2‬‬
‫تطور الخطابة في العصر اإلسالمي‪:‬‬
‫‪‬عوامل ّ‬

‫أهم هذه العوامل‬


‫للرقي بفن الخطابة في العصر الجاهلي‪ ،‬و ّ‬
‫لقد تظافرت مجموعة من العوامل ّ‬
‫تتلخص فيما يلي (‪:)1‬‬
‫محمد أبو زهرة والتي ّ‬
‫هي تلك التي ذكرها ّ‬

‫وتحداهم أن يأتوا‬
‫ّ‬ ‫‪-0‬القرآن الكريم‪ :‬جاء القرآن الكريم ببالغة ال نظير لها فأعجز البلغاء‬
‫بصورة من مثله فعجزوا‪ ،‬هذا عن المناوئين له أما المسلمين فقد استفادوا منه وتأثّروا ّأيما تأثّر‪،‬‬
‫وقد استفادت الخطابة منه كثي ار وظهر ذلك في ناحيتين‪:‬‬

‫أما على‬
‫األولى‪ :‬بما اكتسبته اللّغة من القرآن الكريم‪ ،‬فقد أكسبها سعة على مستوى المعنى‪ّ ،‬‬
‫مستوى األلفاظ فقد طبعها بالسهولة والوضوح والمتانة‪ ،‬ومن ثُّم الوصول إلى المعنى بأبسط‬
‫الطرائق‪.‬‬

‫أن الخطباء أخذوا ينهجون نهج القرآن الكريم في االستدالل‪ ،‬فقد اجتمع في أدلّة القرآن‬
‫والثانية‪ّ :‬‬
‫المقدمات مع نتائجها‪،‬‬
‫الكريم ما ال يمكن أن يجتمع في سواها من استقامة في المعنى وتالؤم ّ‬
‫الرغبة‪.‬‬
‫جمال اللّفظ وجودة األسلوب ومخاطبة اإلحساس واثارة ّ‬

‫لهذه األسباب فقد وجد الخطباء في القرآن معلّما لهم في طرق اإلقناع واالستدالل من دون‬
‫أجر حتى شاع في شروط الخطبة أن تحتوي على شيء من القرآن الكريم‪.‬‬

‫النبي صلّى اهلل عليه وسلّم هو الكالم الذي يلي منزلة القرآن‬
‫‪-2‬الحديث ال ّنبوي الشريف‪ :‬كالم ّ‬
‫الكريم احتراما واجالال‪ ،‬وقد اجتمعت فيه فصاحة اللّفظ وجودة المعنى وحسن األداء‪ ،‬بلغ من‬
‫البالغة الذروة‪ ،‬لكالمه جالل ال نجده في سواه‪ ،‬وقد كان للحديث أثران في الخطابة‪:‬‬

‫محمد أبو زهرة‪ ،‬الخطابة‪ ،‬أصولها في أزهر عصورها‪ ،‬ص‪ 48‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ّ :)1‬‬
‫‪3‬‬
‫األول‪ :‬من ناحية تأثيره في اللّغة‪ ،‬فقد أضاف إلى اللّغة ثروة من المعاني واألساليب التي‬
‫ّ‬
‫الرسول الكريم‪ ،‬كما ّأنه سهّل ألفاظها لما في الحديث من قرب إلى تهذيب القرآن الكريم‬
‫ابتكرها ّ‬
‫وذهب بالحوشي منها فكان لك ّل هذا أثره في الخطابة‪.‬‬

‫الرسول صلّى اهلل‬


‫أن كثي ار من الخطباء كان يرطّب لسانه في خطبه بشيء من أثر ّ‬
‫الثّاني‪ّ :‬‬
‫أن معظم الخطب التي كانت تُلقى في‬
‫تيمنا بقوله وكسبا ألسماع المتلقّين‪ ،‬كما ّ‬
‫عليه وسلّم‪ّ ،‬‬
‫الدين فكان من البديهي أن تعتني برواية األحاديث‬
‫ذلك الوقت كانت تدور على مبادئ قوامها ّ‬
‫النبوية واالستشهاد بها‪.‬‬
‫ّ‬

‫ولكنها لم تسيطر عليهم كلّيا إذ جمعوا‬


‫‪-3‬الحضارة‪ :‬بدأت الحضارة تتم ّكن من نفوس البدو ّ‬
‫وقوته‪ ،‬ودماثة الحضري ورقّته‪ ،‬وقد كان لهذا األمر تأثير على خطبهم فقد‬
‫بين نخوة البدوي ّ‬
‫أكسبتهم تلك الحضارة سهولة في التّعبير لم تكن فيهم وه ّذبت طباعهم وقلّلت من جفوتهم فالنت‬
‫من غير ضعف عب اراتهم‪ ،‬كما أكسبتهم سعة الخيال وغ ازرة في المعاني‪ ،‬وعرفانا تاما بما‬
‫النفوس فوظّفوا ذلك في‬
‫تقتضيه األحوال‪ ،‬وقد أكسبهم اختالطهم باألمم معرفة كثيرة بأحوال ّ‬
‫متنوعة الموضوعات‪ ،‬واضحة األهداف‪.‬‬
‫خطبهم فجاءت غزيرة المعاني‪ّ ،‬‬

‫تنوع‬
‫‪-4‬تكوين حكومة نظامية‪ :‬كان تكوين الحكومة اإلسالمية عمال مهما وعظيما من عوامل ّ‬
‫ألنها كانت أداة اتّصال بين الحاكمين والمحكومين‪ ،‬ووسيلة‬
‫مواضيع الخطابة واتّساعها‪ ،‬ذلك ّ‬
‫للتفاهم بينهم على نمط التسيير وطريقة العيش‪.‬‬

‫الموحد لهم والجامع‬


‫ّ‬ ‫ألن الدين هو العامل‬
‫الديني‪ :‬كان لهذا العنصر ال ّشأن األكبر‪ّ ،‬‬
‫‪-5‬الوعظ ّ‬
‫حث اإلسالم على مكارم األخالق‬
‫األول‪ ،‬وقد ّ‬
‫المكون لدولتهم ولذلك كان له االعتبار ّ‬
‫لكلمتهم‪ ،‬و ّ‬
‫يتوجه‬
‫عزها وكان لهذه األمور مكان في خطبهم إذ كان الخطيب ّ‬
‫الدولة ومناط ّ‬
‫وجعلها قوام ّ‬
‫عما سواها‪.‬‬
‫إليه بالوعظ في خطب الجمعة مثال فيحثّهم عليها وينهاهم ّ‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬أهم خطباء العصر اإلسالمي‪:‬‬

‫وسيدنا محمد صلّى اهلل عليه وسلّم‪ ،‬فهو أقدم‬


‫سيد الخلق ّ‬
‫ّأول خطباء العصر اإلسالمي هو ّ‬
‫الراشدين‪ ،‬عمر بن الخطّاب‬
‫الصديق ّأول الخلفاء ّ‬
‫ّ‬ ‫ثم أبو بكر‬
‫الخطباء وقد أوتي جوامع الكلم‪ّ ،‬‬
‫ّأول من لقّب بأمير المؤمنين‪ ،‬عثمان بن عفّان‪ ،‬علي ابن أبي طالب‪.‬‬

‫الدين أو قمع الفتن أو تحميس الجند وهم لم يخرجوا‬


‫الدعوة إلى ّ‬
‫وقد كانت خطب ك ّل هؤالء في ّ‬
‫في خطبهم عن سنن الجاهليين التي ذكرناها من قبل‪.‬‬

‫‪ ‬خصائص الخطابة في العصر اإلسالمي‪:‬‬

‫‪-0‬من ناحية المعاني نجد‪ :‬عمق الفكرة‪ ،‬وارتباطها بروح اإلسالم من حيث تحليل األحداث‪،‬‬
‫النتائج‪.‬‬
‫ودراسة األسباب و ّ‬

‫‪-2‬من ناحية األسلوب‪ :‬فقد انتفى ذلك التّفكيك الذي لمسناه في األدب الجاهلي‪ ،‬إذ اتّجه‬
‫ألنها أطول لصاحبها من‬
‫النثر خصوصا الخطابة‪ّ ،‬‬
‫األديب إلى وحدة الموضوع وكان ذلك في ّ‬
‫المقيد بالوزن والقافية‪...‬ومن هنا بتنا نق أر الخطابة فإذا نحن أمام موضوع مو ّحد مرتّب‬
‫ال ّشعر ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الفقرات حتّى ال نجد سبيال إلى انتزاع فقرة أو تغيير مكانها‪.‬‬

‫الفني والفكري‪ :‬تحتوي على سبعة خصائص‪ ،‬منها‪ :‬افتتاحها بحمد اهلل والثّناء‬
‫‪-3‬من الجانب ّ‬
‫بالدعاء واالستغفار‪ ،‬ومحاولة محاكاتها أسلوب‬
‫السالم على رسوله‪ ،‬واختتامها ّ‬
‫الصالة و ّ‬
‫عليه و ّ‬
‫السجع ّإال ما جاء عفوا ودون تكلّف‪ ،‬وعذوبة‬
‫وتجنب ّ‬
‫ّ‬ ‫الحجة واالقتباس منه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫القرآن في إقامة‬
‫وسمو‬
‫ّ‬ ‫وقوة تأثيرها‪ ،‬وغ ازرة معانيها‪ ،‬وترابط جملها‪ ،‬وحدة موضوعها‬
‫ألفاظها‪ ،‬ومتانة أساليبها‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وتنوعها بين اإليجاز واإلطناب بحسب ما تقتضيه الحال‪.‬‬
‫أغراضها‪...‬وتأثير بمعاني القرآن‪ّ ،‬‬

‫محمد المجذوب‪ ،‬األدب العربي‪ ،‬ص‪.127‬‬‫( ‪ّ :)1‬‬


‫(‪ :)2‬محمود جاد عكاوي‪ ،‬الموجز في األدب العربي‪ ،‬مطبعة يوجيا كارتا ج‪ ،2‬ص‪.55‬‬

‫‪5‬‬
‫السالم‬
‫‪-4‬أصبحت الخطابة تقاليد ومنهج في هذا العصر‪ ،‬فهي تبدأ بحمد اهلل والثّناء عليه و ّ‬
‫وسمو الخطبة التي لم تبدأ بحمد اهلل والثّناء‬
‫أما بعد " ّ‬
‫على رسوله‪ ،‬وأشهر استعمالهم بعبارة " ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫عليه" البتراء"‪.‬‬

‫‪ ‬أنواع الخطابة في العصر اإلسالمي‪:‬‬

‫بتعدد واختالف مناحي الحياة والمواضيع التي‬


‫تعددت أنواع الخطابة في العصر اإلسالمي ّ‬
‫ّ‬
‫تناولتها إذ نجد‪:‬‬

‫الديني على الخطب في صدر اإلسالم فقد كانت تستعمل‬


‫الدينية‪ :‬غلب الطّابع ّ‬
‫‪-0‬الخطب ّ‬
‫الناس‬
‫ألن ّ‬
‫الصالح لهم وذلك ّ‬
‫في جلّها لهداية المسلمين ووعظهم وارشادهم إلى ما فيه الخير و ّ‬
‫يوجههم ويفقّهم في أمور ال ّشريعة‬
‫بالدين الجديد وبالتّالي فهم بحاجة لمن ّ‬
‫كانوا حديثي العهد ّ‬
‫النوع من الخطب في ك ّل األراضي واألمصار التي فتحها المسلمون‬
‫امتد هذا ّ‬
‫وأحكامها‪ ،‬وقد ّ‬
‫الدينية‪ :‬خطب الجمعة‪،‬‬
‫أهم هذه الخطب ّ‬
‫إذ كانوا يستلهمون من معاني القرآن واألحاديث و ّ‬
‫مقررة‪.‬‬
‫خطب العيدين‪ ،‬خطب مواسم الحج وهي خطب أصبحت لها تقاليد وأصول ّ‬

‫‪-2‬خطب ال ّندب للجهاد والحظّ على القتال‪ :‬رأينا في خطب العصر الجاهلي ّأنها كانت تستعمل‬
‫أن األمر في العصر اإلسالمي مختلف نوعا‬
‫للحث على القتال فيما يخدم مصلحة القبيلة‪ ،‬إال ّ‬
‫ّ‬
‫ما فقد كانت تهدف الخطب فيه إلى إرساء مبدأ الجهاد الذي يعتبر مبدأ عاما يعني االنتصار‬
‫لدين اهلل‪ ،‬والقتال في سبيله‪ ،‬وهو فرض عين على ك ّل مسلم ومسلمة إن ُوطئت أرض المسلمين‪،‬‬
‫فقد كان للخطابة دور هام جدا عندما بدأت الفتوح اإلسالمية إذ كانت الخطب تسبق الحروب‬
‫النفوس على القتال والجهاد ومن هذه الخطب خطبة أبي بكر التي قالها حين ندب‬
‫وتوطّن ّ‬
‫الناس لفتح ال ّشام‪.‬‬
‫ّ‬

‫السرقات األدبية دراسة في ابتكار األعمال األدبية وتقليدها‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫(‪ :)2‬بدوي طبانة‪ّ ،‬‬
‫ص‪.22‬‬

‫‪6‬‬
‫األمة‪،‬‬
‫لما جاء اإلسالم أخذ يضعف من فكرة القبيلة ويدعو إلى فكرة ّ‬
‫السياسية‪ّ :‬‬
‫‪-3‬الخطب ّ‬
‫السلطان القبلي وعلى‬
‫السلطان اإللهي على ّ‬
‫كون للعرب دولة منظّمة يطغى فيها ّ‬
‫األمر الذي ّ‬
‫يعين الوالة وهو الذي أرسى‬
‫ك ّل التحالفات‪ ،‬وقد كان على رأس هذه األمة حاكم واحد هو الذي ّ‬
‫محمد صلّى اهلل عليه وسلّم‪ ،‬وكان من عادة والتها أن يبدؤوا حكمهم على والياتهم‬
‫دعائمها ّ‬
‫الرعية‪،‬‬
‫يوضحون من خاللها معالم السياسة التي سيتّبعونها في تدبير أمور ّ‬
‫ّ‬ ‫بإلقائهم لخطبة‬
‫السياسية عند العرب‪.‬‬
‫الصورة األولى للخطابة ّ‬
‫فكانت هذه الخطب ّ‬

‫النوع من الخطب بالجديد فقد عرفه العرب في جاهليتهم‬


‫‪-4‬خطب المحافل والوفود‪ :‬لم يكن هذا ّ‬
‫تتردد وفود العرب فيلقي الشعراء والخطباء‬
‫والسيما في بالط المناذرة والغساسنة حيث كانت ّ‬
‫للسلم بين القبائل فيقال ال ّشعر وتلقى الخطب‪.‬‬
‫نث ار بين يدي األمراء كما كانت الوفود تسعى ّ‬
‫الضرب من الخطابة‪ ،‬إذ كانت القبائل تبعث وفودها إلى‬
‫وبمجيء اإلسالم كثرت موجبات هذا ّ‬
‫الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم وخلفائه‪ ،‬فيخطب حلفاؤها معلنين إسالمهم‪ ،‬أو مهنئين‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫النصرة ومن أمثلة ذلك ّأنه ُعرف عن عمر ابن الخطّاب‬
‫معزين‪ ،‬أو مادين يد ّ‬
‫مفاخرين‪ ،‬أو ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ّأنه فسح لخطابة الوفود في مجالسه ذكر حاجاتها وحاجة قومها‪.‬‬

‫‪ ‬مقارنة بين الخطابة في العصر الجاهلي واإلسالمي‪:‬‬

‫في اإلسالم‬ ‫في الجاهلية‬


‫السالم على‬
‫الصالة و ّ‬
‫‪-1‬ابتداء الخطابة بالالّت أو العزى‪ ،‬ابتداؤها بحمد اهلل و ّ‬
‫وبعضهم كان يفتتحها فيقول" باسمك اللّهم"‪ .‬رسوله‪ ،‬واختتامها بالّدعاء واالستغفار‪.‬‬
‫‪-2‬كانت تميل إلى اإليجاز مع قلّة تتفاوت بين اإليجاز واإلطناب حسب المقام‪.‬‬
‫المترادفات‪.‬‬
‫‪-3‬الجمل قصيرة مع قلّة الترابط بينهما طالت الجمل نوعا ما وزاد االرتباط بينها‪،‬‬
‫السجع المتكلّف‪.‬‬
‫وهجر ّ‬ ‫السجع‪.‬‬
‫والحرص على ّ‬

‫(‪ :)1‬ينظر‪ :‬جامعة القدس المفتوحة‪ ،‬فنون النثر العربي القديم‪ ،‬ص‪105-88‬‬

‫‪7‬‬
‫استمدت من‬
‫ّ‬ ‫وعمقت بما‬
‫ّ‬ ‫مستمدة من اتّسعت معانيها‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬كانت معانيها ساذجة واضحة‬
‫معاني القرآن والحديث‪.‬‬ ‫البيئة‪.‬‬
‫‪-5‬كانت تستخدمها كثي ار من إثارة العصبية ته ّذبت أغراضها وسمت أهدافها وأصبحت‬
‫الدعوة إلى‬
‫الحث على الجهاد و ّ‬
‫ّ‬ ‫الجاهلية والتحريض على القتال واألخذ تستخدم في‬
‫التوحيد ومكارم األخالق‪.‬‬ ‫بالثّأر‪.‬‬

‫هذه إذا بعض الفروق التي نجدها بين الخطابة في العصرين الجاهلي واإلسالمي‪ ،‬على أن‬
‫نتناول الخطابة في العصر األموي في المحاضرة اآلتية والى الملتقى إن شاء اهلل‪.‬‬

‫تحياتي‪.‬‬
‫مع ّ‬

‫أستاذة المقياس‪ :‬ب ّنابي‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like