You are on page 1of 611

‫التفسير والمفسرون للذهبي‬

‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬


‫التفسير والمفسرون‬
‫الدكتور محمد حسين الذهبى } رحمه ال {‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تقديم الكتاب (‬

‫الحمد ل الذى أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا‪..‬‬


‫والصلة والسلم على محمد بن عبد ال‪ ً،‬الذى أرسله ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا‪ ً،‬وداعيا إلى ال بإذنه‬
‫وسراجا منيرا‪.‬‬
‫وبعد‪...‬‬
‫فقد ممرر على النسانية حين من الدهر وهى تتخبط فى ممههممهَه من الضلل متسع الرجاء‪ ً،‬وتسير فى‬
‫غمرة من الوهام‪ ً،‬ومضطرب فسيح من فوضى الخلقا وتنازع الهواء‪ ً،‬ثم أراد ال لهذه النسانية‬
‫المعرذبة أن ترقى بروح من أمره وتسعد بوحى السماء‪ ً،‬فأرسل إليها على حين فترة من الرسل رسو ل‬
‫ل‬
‫صنعه ال على عينه‪ ً،‬واختاره أمينا على وحيه‪ ً،‬فطلع عليه بنوره ومههديه‪ ً،‬كما يطلع البدر على المسافر‬
‫البادى بعد أن افتقده فى الليلة الظلماء‪.‬‬
‫ذلك هو محمد بن عبد ال ‪ -‬عليه صلة ال وسلمه ‪ -‬نبى الرحمة‪ ً،‬ومبدد الظلمة‪ ً،‬وكاشف الغمة‪.‬‬
‫أرسله ال إلى هذه النسانية الشقية المعرذبة‪ ً،‬ليزيل شقوتها‪ ً،‬ويضع عنها إصرها والغلل التى فى‬
‫أعناقها‪ ً،‬وأنزل عليه كتابا ‪ -‬يهدى به ال من اتبع رضوانه سبل السلم‪ ً،‬وييخرجهم من الظلمات إلى‬
‫النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ‪ -‬وجعل له منه معجزة باهرة‪ ً،‬شاهدة على صدقا دعوته‪.‬‬
‫مؤييدة لحقرية رسالته‪ ً،‬فكان القرآن هو الهداية واليحرجة‪ ً،‬هداية الخلقا ويحرجة الرسول‪.‬‬
‫لم يكد هذا القرآن الكريم يقرع آذان القوم حتى وصل إلى قلوبهم‪ ً،‬وتمرلك عليهم حسبهم ومشاعرهم‪ ً،‬ولم‬
‫ييع ررضِ عنه إل نفر قليل‪ ً،‬إذ كانت على القلوب منهم أقفالها‪ ً،‬ثم لم يلبث أن دخل الناس فى دين ال‬
‫أفواجا‪ ً،‬ورفع السلم رايته خرفاقة فوقا ربوع الكفر‪ ً،‬وأقام المسلمون صرح الحقا مشيدا على أنقاضِ‬
‫الباطل‪.‬‬
‫سعد المسلمون بهذا الكتاب الكريم‪ ً،‬الذى جعل ال فيه الهدى والنور‪ ً،‬ومنه طب النسانية وشفاء ما فى‬
‫الصدور‪ ً،‬وأيقنوا ال حيث يصف القرآن فيقول‪} :‬إررن مهــمذا ٱهليقهرآمن رميههرديِ رللررتي رهمي أمهقمويم{ُ‪ ..‬وبصدقا‬
‫الرسول حيث يصف القرآن فيقول هو أيضا‪" :‬فيمه نبأ ما كان قبلكم‪ ً،‬وخبير ما بعدكم‪ ً،‬وحكم ما بينكم‪ ً،‬هو‬
‫الفصل‪ ً،‬ليس بالهزل‪ ً،‬ممن تركه من جبار قصمه ال‪ ً،‬وممن ابتغى الهدى فى غيره أضله ال‪ ً،‬وهو حبل‬
‫ال المتين‪ ً،‬وهو الذكر الحكيم‪ ً،‬وهو الصراط المستقيم‪ ً،‬هو الذى ل تزيغ به الهواء‪ ً،‬ول تلتبس به‬
‫اللسنة‪ ً،‬ول تشبع منه العلماء‪ ً،‬ول ميهخيلقا على كثرة الرد‪ ً،‬ول تنقضى عجائبه‪ ً،‬وهو الذى لم تنته الجن‬
‫إذ سمعته حتى قالوا‪ :‬إرنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد‪ ً،‬من قال به صدقا‪ ً،‬وممن عمل به أيرجر‪ ً،‬وممن‬
‫حكم به عدل‪ ً،‬وممن دعا إليه يهردى إلى صراط مستقيم"‪.‬‬
‫صردقا المسلمون هذا‪ ً،‬وأيقنوا أنه ل شرف إل والقرآن سبيل إليه‪ ً،‬ول خير إل وفى آياته دليل عليه‪ً،‬‬
‫فراحوا يمث يورون القرآن ليقفوا على ما فيه من مواعظ وعبر‪ ً،‬وأخذوا يتدبرون فى آياته ليأخذوا من‬
‫مضمامينها ما فيه سعادة الدنيا وخير والخرة‪.‬‬
‫وكان القوم عربا خلصا‪ ً،‬يفهومن القرآن‪ ً،‬ويدركون معانيه ومراميه بمقتضى سليقتهم العربية‪ ً،‬فهما ل‬
‫تعكره يعجمة‪ ً،‬ول يشوبه تكدير‪ ً،‬ول يشوهه شئ من قبح البتداع‪ ً،‬ومتمحركم العقيدة الزائفة الفاسدة‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وكان للقوم وقفات أمام بعضِ النصوص القرآنية التى درقت مراميها‪ ً،‬وخفيت معانيها‪ ً،‬ولكن لم تطل بهم‬
‫هذه الوقفات‪ ً،‬إذ كانوا يرجعون فى مثل ذلك إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فيكشف لهم ما درقا‬
‫عن أفهامهم‪ ً،‬ويمجيلى لهم ما خفى عن إدراكهم‪ ً،‬وهو الذى عليه البيان كما أن عليه البلغا‪ ً،‬وال تعالى‬
‫يقول له وعنه‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرملهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرملهيرههم موملمعلريههم ميمتمفركيرومن{ُ‪..‬‬
‫ظل المسلمون على هذا يفهمون القرآن على حقيقته وصفائه‪ ً،‬ويعملون به على بيينة من مههديه وضيائه‪ً،‬‬
‫فكانوا من أجل ذلك أعرزاء ل يقبلون الذل‪ ً،‬أقوياء ل يعرفون الضعف‪ ً،‬كرماء ل يرضون الضيم‪ ً،‬حتى‬
‫دانت لهم الشعوب وخضعت لهم الدول‪ .‬ثم مخملف من بعدهم مخهلفف تفررقوا فى الدين شيعا‪ ً،‬وأحدثوا فيه‬
‫مبدعا وربدعا‪ ً،‬وكانت فتن كقطع الليل المظلم‪ ً،‬ل خلص منها إل بالرجوع إلى كتاب ال وسسرنة رسوله‪ً،‬‬
‫ول نجاة من شيرها إل بالتمسك بالقرآن‪ ً،‬وهو الحبل الذى طرفه بيد ال وطرفه بأيديهم‪.‬‬
‫وكان من بين المسلمين ممن أهمل هداية القرآن‪ ً،‬وركب رأسه فى طريقا الغواية‪ ً،‬مفلم ينهج هذا المنهج‬
‫الواضح القويم الذى سلكه مسملفه الصالح فى فهم القرآن الكريم والخذ به‪ ً،‬فأخذ يتأرول القرآن على غير‬
‫تأويله‪ ً،‬وسلك فى شرح نصوصه طريقا ملتوية‪ ً،‬فيها تعسف ظاهر وتكلف غير مقبول‪ ً،‬وكان الذى رمى‬
‫به فى هذه الطريقا الملتوية التى باعدت بينه وبين هداية القرآن‪ ً،‬هو تسلط العقيدة على عقله وقلبه‪ً،‬‬
‫وسمعه وبصره‪ ً،‬فحاول أن يأخذ من القرآن شاهدا على صدقا بدعته‪ ً،‬وتحايل على نصوصه الصريحة‬
‫لتكون دعامة يقيم عليها أصول عقيدته ونزعته‪ ً،‬فحررف القرآن عن مواضعه‪ ً،‬وفسسر ألفاظه على تحمل‬
‫ما ل تدل عليه‪ ً،‬فكان من وراء ذلك فتنة فى الرضِ وفساد كبير!!‬
‫وكان بجوار هذا الفريقا من المسلمين‪ ً،‬فريقا آخر منهم‪ ً،‬برع فى علوم حدثت فى الرمرلة‪ ً،‬ولم يكن للعرب‬
‫بها عهد من قبل‪ ً،‬فحاولوا أن يصلوا بينها وبين القرآن‪ ً،‬وأن يربطوا بين ما عندهم من قواعد ونظريات‬
‫وبين ما فى الدوافع ولحافز على هذا العمل‪ ً،‬منهم ممن قصد حذقا هذه العلوم وترويجها على حساب‬
‫القرآن‪ ً،‬ومنهم ممن أراد خدمة الدين وتفهم القرآن على ضوء هذه العلوم‪ ً،‬وأخيرا خرج هذا الفريقا على‬
‫الناس بتفاسير كثيرة‪ ً،‬فيها خير وشر‪ ً،‬وبينها تفاوت فى المنهج‪ ً،‬واختلف فى طريقة الشرح ووسيلة‬
‫البيان‪.‬‬
‫وكان من وراء هؤلء وهؤلء فريقا التحف السلم وتبرطن الكفر‪ ً،‬يحمل بين فكيه لسانا مسلما‪ ً،‬وبين‬
‫جنبيه قلبا كافرا مظلما‪ ً،‬يحرص كل الحرص على أن يطفئ نور السلم ويهدم عز المسلمين‪ ً،‬فلم يجد‬
‫أعوان له على هذا الغرضِ السئ‪ ً،‬من أن يتناول القرآن بالتحريف والتبديل‪ ً،‬والتأويل الفاسد الذى ل‬
‫يقوم على أساس من الدين‪ ً،‬ول يستند إلى أصل من اللغة‪ ً،‬ول يرتكز على دليل من العقل‪ ...‬وأخيرا‬
‫خرج هؤلء أيضا على الناس بتأويلت فيها سخف ظاهر وكفر صريح‪ ً،‬خفى على عقول بعضِ‬
‫ل‪ ً،‬ولم يلقا من نفوسهم رواجا ول قبو ل‬
‫ل‪ً،‬‬ ‫الغمار الجهلة‪ ً،‬ولكن لم يجد إلى قلوب عقلء المسلمين سبي ل‬
‫بل وكان منهم من أفرغا همه لدحضِ هذه التأويلت‪ ً،‬وأعمل لسانه وقلمه لبطال هذه الشبهات‪ ً،‬فوقى ال‬
‫ضرر‪ ً،‬فجزاهم ال عن السلم والمسلمين خير الجزاء‪.‬‬ ‫بهم المسلمين من مشرر‪ ً،‬وحفظ بهم السلم من ي‬
‫خلف لنا هؤلء جميعا ‪ -‬مسلمون وأشباه مسلمين‪ ً،‬مبتدعون وغير مبتدعين‪ ً،‬كتبا كثيرة فى تفسير‬
‫القرآن الكريم‪ ً،‬كل كتاب منا يحمل طابع صاحبه‪ ً،‬ويتأثر بمذهب مؤلفه‪ ً،‬ويتلون باللون العلمى الذى‬
‫يروج فى العصر الذى أيليمف فيه‪ ً،‬ويغلب على غيره من النواحى العلمية لكاتبه‪ ً،‬وعنى المسلمون بدراسة‬
‫قل اهتمامهم ببعضِ آخر منها‪ ً،‬فأحببت أن يأقيدم للمكتبة السلمية كتابا ييعتبر باكورة‬ ‫بعضِ هذه الكتب‪ ً،‬و س س‬
‫إنتاجى فى التأليف عنوانه‪:‬‬
‫"التفسير والمفيسرون"‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وهو كتاب يبحث عن نشأة التفسير وتطوره‪ ً،‬وعن مناهج المفيسرين وطرائقهم فى شرح كتاب ال‬
‫تعالى‪ ً،‬وعن ألوان التفسير عند أشهر طوائف المسلمين وممن ينتسبون إلى السلم‪ ً،‬وعن ألوان التفسير‬
‫ضيمن هذا الكتاب بعضِ البحوث التى تدور حول التفسير‪ ً،‬من‬ ‫فى هذا العصر الحديث‪ ...‬وراعيت أن أي م‬
‫تطرقا الوضع إليه‪ ً،‬ودخول السرائيليات عليه‪ ً،‬وما يجب أن يكون عليه المفيسر عندما يحاول فهم‬
‫صلة يمهسمهبة فى هذا‬‫القرآن أو كتابة التفسير‪ ً،‬وما إلى ذلك من بحوث يطول ذكرها‪ ً،‬ويجدها القارئ مف ر‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫ورجويت من وراء هذا العمل أن يأنبه المسلمين إلى هذا التراث التفسيرى‪ ً،‬الذى اكتظت به المكتبة‬
‫السلمية على سعتها وطول عهدها‪ ً،‬وإلى دراسة هذه التفاسير على اختلف مذاهبها وألوانها‪ ً،‬وأل‬
‫يقصروا حياتهم على دراسة كتب طائفة واحدة أو طائفتين‪ ً،‬دون ممن عداهما رمن طوائف كان لها فى‬
‫التفسير أثر ييذكر فييشكر أو ل ييشكر‪.‬‬
‫ورجوت أيضا أن يكون لعشاقا التفسير من وراء هذا المجهود موسوعة تكشف لهم عن مناهج أشهر‬
‫المفيسرين وطرائقهم التى يسيرون عليها فى شرحهم لكتاب ال تعالى‪ ً،‬ليكون ممن يريد أن يتصفح تفسيرا‬
‫منها على بصيرة على الكتاب الذى يريد أن يقرأه‪ ً،‬وعلى بيينة من لونه ومنهجه‪ ً،‬حتى ل يغتر بباطل أو‬
‫ينخدع بسراب‪.‬‬
‫وفى اعتقادى أن فى هذا الموضوع جدة وطرافة‪ ً،‬جدة‪ :‬إذ لم يأسبقا إليه إليه إل بمحاولت بسيطة غير‬
‫شاملة‪ ً،‬وطرافة‪ :‬إذ يعطى القارئ صورا متنوعة عن لون من التفكير السلميى فى عصوره المختلفة‪ً،‬‬
‫ويكشف له عن أفكار وأفهام تفسيرية‪ ً،‬فيها بغرابة وطرافة‪ ً،‬وحقا وباطل‪ ً،‬وإنصاف واعتساف‪ً،‬‬
‫ومحاورة شييقة‪ ً،‬وجدل عنيف‪ .‬وقد ررتبيت الكتاب على مقدمة‪ ً،‬وثلثة أبواب وخاتمة‪.‬‬
‫أما المقدمة‪ ً،‬فقد جعلتها على ثلثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬فى معنى التفسير والتأويل والفرقا بينهما‪.‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬فى تفسير القرآن بغير لغته‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬فى اختلف العلماء فى التفسير‪ ً،‬هل هو من قبيل التصورات‪ ً،‬أو من قبيل التصديقات؟‬
‫وأما الباب الول‪ :‬فقد جعلته للكلم عن المرحلة الولى من مراحل التفسير‪ ً،‬أو بعبارة أخرى‪ ً،‬عن‬
‫التفسير فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ً،‬وقد ررتبيت هذا الباب على أربعة فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬فى هم النبى صلى ال عليه وسلم والصحابة للقرآن الكريم‪ ً،‬وأهم مصادر التفسير فى هذه‬
‫المرحلة‪.‬‬
‫الفصل الثانى‪ :‬فى الكلم عن المفيسرين من الصحابة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬فى قيمة التفسير المأثور عن الصحابة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬فى مميزات التفسير فى هذه المرحلة‪.‬‬
‫وأما الباب الثانى‪ :‬فقد جعلته للكلم عن المرحلة الثانية من مراحل التفسير‪ ً،‬أو بعبارة أخرى عن‬
‫التفسير فى عهد التابعين‪ ً،‬وقد ررتبيت هذا الباب على أربعة فصول‪ :‬الفصل الول‪ :‬فى ابتداء هذه‬
‫المرحلة‪ ً،‬ومصادر التفسير فى عصر التابعين‪ ً،‬ومدارس التفسير التى قامت فيه‪.‬‬
‫الفصل الثانى‪ :‬فى قيمة التفسير المأثور عن التابعين‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬فى مميزات التفسير فى هذه المرحلة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬فى الخلف بين المسملف فى التفسير‪.‬‬
‫وأما الباب الثالث‪ :‬فقد جعلته للكلم عن المرحلة الثالثة من مراحل التفسير‪ ً،‬أو بعبارة أخرى‪ ً،‬عن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التفسير فى عصور التدوين‪ ً،‬وهى تبدأ من العصر العباسى‪ ً،‬وتمتد إلى عصرنا الحاضر‪ ً،‬وقد ررتبيت هذا‬
‫الباب على ثمانية فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬فى التفسير بالمأثور وما يتعلقا به من مباحث‪ ً،‬كتطرقا الوضع إليه‪ ً،‬ودخول السرائيليات‬
‫عليه‪.‬‬
‫الفصل الثانى‪ :‬فى التفسير بالرأى وما يتعلقا به من مباحث‪ ً،‬كالعلوم التى يحتاج إليها المفيسر‪ ً،‬والمنهج‬
‫الذى يجب عليه أن ينهجه فى تفسيره حتى يكون بمأمن من الخطأ‪ .‬الفصل الثالث‪ :‬فى أهم كتب التفسير‬
‫بالرأى الجائز‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬فى التفسير بالرأى المذموم‪ ً،‬أو بعبارة أخرى‪ ً،‬تفسير الرفمرقا المبتدعة وهم‪ :‬المعتزلة ‪-‬‬
‫المامية الثنا عشرية ‪ -‬الباطنية القدامى‪ ً،‬وهم المامية السماعيلية ‪ -‬الباطنية المحمدثون‪ ً،‬وهم‪ :‬البابية‬
‫والبهائية ‪ -‬الزيدية ‪ -‬الخوارج‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬فى تفسير الصوفية‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬فى تفسير الفلسفة‪.‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬فى تفسير الفقهاء‪.‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬فى التفسير العلمى‪.‬‬
‫وأما الخاتمة‪ ..‬فقد جعلتها عن التفسير وألوانه فى العصر الحديث‪ ً،‬وقصرت الكلم على أهم ألوان‬
‫التفسير فى هذا العصر وهى‪:‬‬
‫أولل ‪ -‬اللون العلمى‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬اللون المذهبى‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬اللون اللحادى‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬اللون الدبى الجتماعى‪.‬‬
‫وال أسأل أن يجعل عملى هذا خالصا لوجهه الكريم‪ ً،‬وأن يسدد خطانا‪ ً،‬ويحققا رجاءنا‪ ً،‬إنه سميع‬
‫مجيب‪ ً،‬وهو حسبى ونعم الوكيل‪..‬‬
‫حدائقا حلوان فى ‪ 18‬المحررم سنة ‪ 1396‬هـ )أول يوليه سنة ‪(1976‬‬
‫محمد حسين الذهبى‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المقدمة ( ضمن العنوان‬
‫) معنى التفسير والتأويل (‬

‫معنى التفسير والتأويل والفرقا بينهما‬


‫التفسير فى اللغة‪:‬التفسير هو اليضاح والتبيين‪ ً،‬ومنه قوله تعالى فى سورة الفرقان آية ]‪} :[33‬مو م‬
‫ل‬
‫ل‪ ً،‬وهو مأخوذ من الفسر وهو البانة‬ ‫ميهأيتومنمك ربمممثهَل إر ر‬
‫ل رجهئمنامك ربٱِهلمحيقا موأمهحمسمن متهفرسيرا{ُ ‪ ..‬أى بيانا وتفصي ل‬
‫والكشف‪ ً،‬قال في القاموس‪" :‬الفسر‪ :‬البانة وكشف المغطى كالتفسير‪ ً،‬والفعل‪ :‬كضرب ونصر"‪.‬‬
‫وقال فى لسان العرب‪" :‬الفسر‪ :‬البيان فرسر الشيء ييفيسره ‪ -‬بالكسر وميفسسره ‪ -‬بالضم فسرا‪ .‬وفرسره‬
‫أبانه‪ .‬والتفسير مثله‪ ...‬ثم قال‪ :‬الفسر كشف المغطى‪ ً،‬والتفسير المراد عن اللفظ المشكل‪"...‬‬
‫وقال أبو حيان فى البحر المحيط‪ ..." :‬وييطلقا التفسير أيضا على التعرية للنطلقا‪ ً،‬قال ثعلب‪ :‬تقول‪:‬‬
‫فسريت الفرس‪ :‬عرريته لينطلقا فى حصره‪ ً،‬وهو راجع لمعنى الكشف‪ ً،‬فكأنه كشف ظهره لهذا الذى‬
‫يريده منه من الجرى"‪.‬‬
‫ومن هذا يتبين لنا أن التفسير ييستعمل لغة فى الكشف الحيسى‪ ً،‬وفى الكشف عن المعانى المعقولة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫واستعماله فى الثانى أكثر من استعماله فى الول‪.‬‬
‫التفسير فى الصطلح‪ :‬يرى بعضِ العلماء‪ :‬أن التفسير ليس من العلوم التى ييتكلف لها حد‪ ً،‬لنه ليس‬
‫قواعد أو ملكات ناشئة من مزاولة القواعد كغيره من العلوم التى أمكن لها أن تشبه العلوم العقلية‪ً،‬‬
‫وييكتفى فى إيضاح التفسير بأنه بيان كلم ال‪ ً،‬أو أنه المبيين للفاظ القرآن ومفهوماتها‪.‬‬
‫ويرى بعضِ آخر منهم‪ :‬أن التفسير من قبيل المسائل الجزئية أو القواعد الكلية‪ ً،‬أو الممملكات الناشئة من‬
‫مزاولة القواعد‪ ً،‬فيتكرلف له التعريف‪ ً،‬فيذكر فى ذلك علوما أخرى ييحتاج إليها فى فهم القرآن‪ ً،‬كاللغة‪ً،‬‬
‫والصرف‪ ً،‬والنحو‪ ً،‬والقراءات‪ ...‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وإذا نحن تتبعنا أقوال العلماء الذين تكرلفوا الحد للتفسير‪ ً،‬وجدناهم قد عررفوه بتعاريف كثيرة‪ ً،‬يمكن‬
‫إرجاعها كلها إلى واحد منها‪ ً،‬فهى وإن كان مختلفة من جهة اللفظ‪ ً،‬إل أنها متحدة من جهة المعنى وما‬
‫تهدف إليه‪.‬‬
‫فقد ع ررفه أبو حيان فى البحر المحيط بأنه‪" :‬علم يبحث عن كيفية النطقا بألفاظ القرآن‪ ً،‬ومدلولتها‪ً،‬‬
‫وأحكامها الفرادية والتركيبية‪ ً،‬ومعانيها التى يتحمل عليها حالة التركيب‪ ً،‬وتتمات لذلك"‪.‬‬
‫ثم خررج التعريف فقال‪" :‬فقولنا‪" :‬علم"‪ ً،‬هو جنس يشمل سائر العلوم‪ ً،‬وقولنا‪" :‬ييبحث فيه عن كيفية النطقا‬
‫بألفاظ القرآن"‪ ً،‬هذا هو علم القراءات‪ ً،‬وقولنا‪" :‬ومدلولتها" أيِ مدلولت تلك اللفاظ‪ ً،‬وهذا هو علم اللغة‬
‫الذى ييحتاج إليه فى هذا العلم‪ ً،‬وقولنا‪" :‬وأحكامها الفرادية والتركيبة"‪ ً،‬هذا يشمل علم التصريف‪ ً،‬وعلم‬
‫العراب‪ ً،‬وعلم البيان‪ ً،‬وعلم البديع‪ ً،‬وقولنا‪" :‬ومعانيها التى يتحمل عليها حالة التركيب"‪ ً،‬يشمل ما دللته‬
‫عليه بالحقيقة‪ ً،‬وما دللته عليه بالمجاز‪ ً،‬فإن التركيب قد يقتضى بظاهره شيئا ويصد عن الحمل على‬
‫الظاهر صاد فيحتاج لجل ذلك أن ييحمل على الظاهر وهو المجاز‪ ً،‬وقولنا‪" :‬وتتمات لذلك"‪ ً،‬هو معرفة‬
‫المنهسخْ وسبب النزول‪ ً،‬وقصة توضح بعضِ ما انبهم فى القرآن‪ ً،‬ونحو ذلك"‪.‬‬
‫وعررفه الزركشى بأنه‪" :‬علم ييفهم به كتاب ال اليممنرزل على نبيه محمد صلى ال عليه وسلم وبيان‬
‫معانيه‪ ً،‬واستخراج أحكامه وحكمه"‪.‬‬
‫وعررفه بعضهم بأنه‪" :‬علم ييبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد‪ ً،‬من حيث دللته على مراد ال تعالى‪ً،‬‬
‫بقدر الطاقة البشرية"‪.‬‬
‫والناظر لول وهلة فى هذين التعريفين الخيرين‪ ً،‬يظن أن علم القراءات وعلم الرسم ل يدخلن فى علم‬
‫التفسير‪ ً،‬والحقا أنهما داخلن فيه‪ ً،‬وذلك لن المعنى يختلف باختلف القراءتين أو القراءات‪ ً،‬كقراءة‪:‬‬
‫}موإرمذا مرأمهيمت مثرم مرأمهيمت منرعيما مويمهلكا مكربيرا{ُ ‪ -‬بضم الميم وإسكان اللم‪ .ً،‬وكقراءة }محرتـى ميهطيههرمن{ُ ‪-‬‬
‫بالتسكين‪ ً،‬فإن معناها مغيرة لقراءة ممن قرأ‪" :‬يطرهرن" ‪ -‬بالتشديد‪ ً،‬كما أن المعنى يختلف أيضا باختلف‬
‫ل قوله تعالى‪} :‬أمرمن ميهمرشي مسروسيا{ُ بوصل "أرمن"‪ ً،‬يغاير فى المعنى‪} :‬أمهم‬ ‫الرسم القرآنى فى المصحف‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل{ُ ‪ -‬بفصلها‪ ً،‬فإن المفصولة تفيد معنى "بل" دون الموصولة‪.‬‬ ‫رمن مييكوين معلمهيرههم موركي ل‬
‫وع ررفه بعضهم بأنه‪" :‬علم نزول اليات‪ ً،‬وشئونها‪ ً،‬وأقاصيصها‪ ً،‬والسباب النازلة فيها‪ ً،‬ثم ترتيب مكيها‬
‫ومدنيها‪ ً،‬ويمحكمها ومتشابهها‪ ً،‬وناسخها ومنسوخها‪ ً،‬وخاصها وعامها‪ ً،‬ويمطلقها ويمقيدها‪ ً،‬ويمجملها‬
‫ويمفيسرها‪ ً،‬وحللها وحرامها‪ ً،‬ووعدها ووعيدها‪ ً،‬وأمرها ونهيها‪ ً،‬ورعمبرها وأمثالها"‪.‬‬
‫وهذه التعاريف الربعة تتفقا كلها على أن علم التفسير علم يبحث عن مراد ال تعالى بقدر الطاقة‬
‫المبشرية‪ ً،‬فهو شامل لكل ما يتوقف عليه فهم المعنى‪ ً،‬وبيان المراد‪.‬‬
‫التأويل فى اللغة‪:‬التأويل‪ :‬مأخوذ من الول وهو الرجوع‪ ً،‬قال فى القاموس‪" :‬آل إليه أولل ومآل‪ :‬رجع‪ً،‬‬
‫ل وتأروله‪ :‬دربره وقردره وفرسره‪ ً،‬والتأويل‪ :‬عبارة الرؤيا"‪.‬‬ ‫وعنه‪ :‬ارتد‪ ...‬ثم قال‪ :‬وأرول الكلم تأوي ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل ومآلل رجع‪ ً،‬وآول الشئ‪ :‬رجعه‪ ً،‬ويألت‬ ‫وقال فى لسان العرب‪" :‬الول‪ :‬الرجوع‪ ً،‬آل الشئ يؤول أو ل‬
‫عن الشئ‪ :‬ارتددت‪ ً،‬وفى الحديث‪" :‬ممن صام الدهر فل صام ول آل" أى‪ :‬ول رجع إلى خير‪ ...‬ثم قال‪:‬‬
‫وأرول الكلم وتأروله‪ :‬دربره وقردره‪ .‬وأروله وتأروله‪ :‬فرسره‪ ...‬الخْ"‪.‬‬
‫وعلى هذا فيكون التأويل مأخوذا من الول بمعنى الرجوع‪ ً،‬إنما هو باعتبار أحد معانيه اللغوية‪ ً،‬فكأن‬
‫المؤيول أرجع الكلم إلى ما يحتمله من المعانى‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬التأويل مأخوذ من اليالة وهى السياسة‪ ً،‬فكأن المؤيول يسوس الكلم ويضمه فى موضعه ‪ -‬قال‬
‫الزمخشرى فى أساس البلغة‪" :‬آل الرعية يؤولها إيالة حسنة‪ ً،‬وهو حسن اليالة‪ ً،‬وائتالها‪ ً،‬وهو مؤتال‬
‫لقومه مقتال عليهم‪ ً،‬أى سائس محتكم"‪.‬‬
‫والناظر فى القرآن الكريم يجد أن لفظ التأويل قد ورد فى كثير من آياته على معان مختلفة‪ ً،‬فمن ذلك‬
‫قوله تعالى فى سورة آل عمران آية ]‪} :[7‬مفمأرما ارلرذيمن في يقيلوربرههم مزهيفغ مفميرتربيعومن مما متمشامبمه رمهنيه ٱهبرتمغامء ٱهلرفهتمنرة‬
‫ل ٱللريه{ُ‪ ..‬فهو فى هذه الية بمعن التفسير والتعيين‪ .‬وقوله فى سورة‬ ‫موٱهبرتمغامء متهأرويرلره مومما ميهعمليم متهأرويمليه إر ر‬
‫النساء آية ]‪} :[59‬مفرإن متمنامزهعيتهم رفي مشهيهَء مفيرسدويه إرملى ٱلرلره موٱلرريسورل رإن يكهنيتهم يتهؤرمينومن ربٱِللرره موٱهلميهورم ٱلرخرر‬
‫ل{ُ‪ ..‬فهو فى هذه الية بمعنى العاقبة والمصير‪ .‬وقوله فى سورة العراف آية ]‬ ‫ـذرلمك مخهيفر موأمهحمسين متهأروي ل‬
‫ل متهأرويمليه ميهوم ميهأرتي متهأرويلييه{ُ‪ ..‬وقوله فى سورة يونس آية ]‪} :[39‬مبهل مكرذيبوها ربمما ملهم‬ ‫‪} :[53‬مههل مينيظيرومن إر ر‬
‫يرحييطوها ربرعهلرمره مولمرما ميهأرترههم متهأرويلييه{ُ‪ ..‬فهو فى اليتين بمعنى وقوع المخبر به‪ .‬وقوله فى سورة يوسف آية ]‬
‫ل ميهأرتييكمما‬‫لمحارديرث{ُ‪ ..‬وقوله فيها أيضا آية ]‪} :[37‬مقامل م‬ ‫‪} :[6‬مومكـذرلمك ميهجمتربيمك مرسبمك مويمعلييممك رمن متهأرويرل ٱ م‬
‫لرم ربمعارلرميمن{ُ‪ ..‬وقوله‬ ‫لهح م‬ ‫ل منربهأيتيكمما ربمتهأرويرلره{ُ‪ ..‬وقوله فى آية ]‪ [44‬منها‪} :‬مومما منهحين ربمتهأرويرل ٱ م‬ ‫مطمعافم يتهرمزمقارنره إر ر‬
‫فى آية ]‪ [45‬منها‪} :‬أممنها أيمنيبيئيكهم ربمتهأرويرلره{ُ‪ ..‬وقوله فى آية ]‪ [100‬منها‪} :‬مهــمذا متهأروييل يرهؤمياميِ رمن مقهبيل{ُ‪..‬‬
‫فالمراد به فى كل هذه اليات نفس مدلول الرؤيا‪ .‬وقوله فى سورة الكهف آية‪} :[78] :‬مسيأمنيبيئمك ربمتهأرويرل مما‬
‫صهبرا{ُ‪ ..‬فمراده‬ ‫صهبرا{ُ‪ ..‬وقوله أيضا فى آية ]‪} :[82‬مذرلمك متهأروييل مما لمهم متهسرطـع رعلمهيره م‬ ‫لمهم متهسمترطع رعلمهيره م‬
‫بالتأويل هنا تأويل العمال التى أتى بها الخضر من خرقا السفينة‪ ً،‬وقتل الغلم‪ ً،‬وإقامة الجدار‪ ً،‬وبيان‬
‫السبب الحامل عليها‪ ً،‬وليس المراد منه تأويل القوال‪.‬‬
‫**‬
‫التأويل فى الصطلح‪:‬‬
‫‪ -1‬التأويل عند المسملف‪ :‬التأويل عند السلممف له معنيان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬تفسير الكلم وبيان معناه‪ ً،‬سواء أوافقا ظاهره أو خالفه‪ ً،‬فيكون التأويل والتفسير على هذا‬
‫مترادفين‪ ً،‬وهذا هو ما عناه مجاهد من قوله‪" :‬إن العلماء يعلمون تأويله" يعنى القرآن‪ ً،‬وما يعنيه ابن‬
‫جرير الطبرى بقوله فى تفسيره‪" :‬القول فى تأويل قوله تعالى كذا وكذا" وبقوله‪" :‬اختلف أهل التأويل فى‬
‫هذه الية"‪ ...‬ونحو ذلك‪ ً،‬فإن مراده التفسير‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬هو نفس المراد بالكلم‪ ً،‬فإن كان الكلم طلبا كان تأويله نفس الفعل المطلوب‪ ً،‬وإن كان خبرا‪ً،‬‬
‫كان تأويله نفس الشئ المهخمبر به‪ ً،‬وبين هذا المعنى والذى قبله فرقا ظاهر‪ ً،‬فالذى قبله يكون التأويل فيه‬
‫من باب العلم والكلم‪ ً،‬كالتفسير‪ ً،‬والشرح‪ ً،‬واليضاح‪ ً،‬ويكون وجود التأويل فى القلب‪ ً،‬واللسان‪ ً،‬وله‬
‫الوجود الذهنى واللفظى والرسمى‪ ً،‬وأما هذا فالتأويل فيه نفس المور الموجودة فى الخارج‪ ً،‬سواء‬
‫أكانت ماضية أم مستقبلة‪ ً،‬فإذا قيل‪ :‬طلعت الشمس‪ ً،‬فتأويل هذا هو نفس طلوعها‪ ً،‬وهذا فى نظر ابن‬
‫تيمية هو لغة القرآن التى نزل بها‪ ً،‬وعلى هذا فيمكن إرجاع كل ما جاء فى القرآن من لفظ التأويل إلى‬
‫هذا المعنى الثانى‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ - 2‬التأويل عند المتأخرين من المتفقهة‪ ً،‬والمتكلمة‪ ً،‬والمحيدثة والمتصيوفة‪:‬‬
‫التأويل عند هؤلء جميعا‪ :‬هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به‪ً،‬‬
‫وهذا هو التأويل الذى يتكلمون عليه فى أصول الفقه ومسائل الخلف‪ .‬فإذا قال أحد منهم‪ :‬هذا الحديث‬
‫‪ -‬أو هذا النص ‪ -‬يمؤ رول أو محمول على كذا‪ .‬قال الخر‪ :‬هذا نوع تأويل والتأويل يحتاج إلى دليل‪.‬‬
‫وعلى هذا فالمتأيول مطاملب بأمرين‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن يبيين احتمال اللفظ للمعنى الذى حمله عليه واردعى أنه المراد‪.‬‬
‫المر الثانى‪ :‬أن يبيين الدليل الذى أوجب صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجح‪ ً،‬وإل كان‬
‫ل فاسدا‪ ً،‬أو تلعبا بالنصوص‪.‬‬ ‫تأوي ل‬
‫قال فى جمع الجوامع وشرحه‪" :‬التأويل حمل الظاهر على المحتمل المرجوح‪ ً،‬فإن يحرمل عليه لدليل‬
‫ل فى الواقع ففاسد‪ ً،‬أو ل شيء فلعب ل تأويل"‪.‬‬ ‫فصحيح‪ ً،‬أو لما يمظن دلي ل‬
‫وهذا أيضا هو التأويل الذى يتنازعون فيه فى مسائل الصفات‪ ً،‬فمنهم ممن ذم التأويل ومنعه‪ ً،‬ومنهم ممن‬
‫مدحه وأوجبه‪.‬‬
‫وستطلع عند الكلم على الفرقا بين التفسير والتأويل على معان أخرى اشيترهرت على ألسنة المتأخرين‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المقدمة ( ضمن العنوان ) الفرقا بين‬
‫التفسير والتأويل (‬

‫* الفرقا بين التفسير والتأويل والنسبة بينهما‪:‬‬


‫اختلف العلماء فى بيان الفرقا بين التفسير والتأويل‪ ً،‬وفى تحديد النسبة بينهما اختلفا نتجت عنه أقوال‬
‫كثيرة‪ ً،‬وكأن التفرقة بين التفسير والتأويل أمر معضل استعصى حله على كثير من الناس إل ممن سعى‬
‫بين يديه شعاع رمن نور الهداية والتوفيقا‪ ً،‬ولهذا بالغ ابن حبيب النيسابورى فقال‪" :‬نبغ فى زماننا‬
‫مف يسرون لو سئلوا عن الفرقا بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه"‪ .‬وليس بعيدا أن يكون منشأ هذا‬
‫الخلف‪ ً،‬هو ما ذهب إليه الستاذ أمين الخولى حيث يقول‪" :‬وأحسب أن منشأ هذا كله‪ ً،‬هو استعمال‬
‫القرآن لكلمة التأويل‪ ً،‬ثم ذهاب الصوليين إلى اصطلح خاص فيها‪ ً،‬مع شيوع الكلمة على ألسنة‬
‫المتكلمين من أصحاب المقالت والمذاهب"‪.‬‬
‫وهذه هى أقوال العلماء أبسطها بين يدى القارئ ليقف على مبلغ هذا الختلف‪ ً،‬وليخلص هو برأى فى‬
‫المسألة يوافقا ذوقه العلمى ويرضيه‪.‬‬
‫‪ - 1‬قال أبو عبيدة وطائفة معه‪" :‬التفسير والتأويل بمعنى واحد" فهما مترادفان‪ .‬وهذا هو الشائع عند‬
‫المتقدمين من علماء التفسير‪.‬‬
‫‪ - 2‬قال الراغب الصفهانى‪" :‬التفسير أعم من التأويل‪ ً،‬وأكثر ما ييستعمل التفسير فى اللفاظ‪ ً،‬والتأويل‬
‫فى المعانآ‪ ً،‬كتأويل الرؤيا‪ .‬والتأويل ييستعمل أكثره فى الكتب اللهية‪ .‬والتفسير يستعمل فيها وفى‬
‫غيرها‪ .‬والتفسير أكثره يستعمل فى مفردات اللفاظ‪ .‬والتأويل أكثره يستعمل فى الجمل‪ ً،‬فالتفسير إما أن‬
‫ييستعمل فى غريب اللفاظ كـ "المبحيرة والسائبة والوصيلة" أو فى تبين المراد وشرحه كقوله تعالى فى‬
‫لمة موآيتوها ٱلرزمكامة{ُ‪ ..‬وإما فى كلم مضمن بقصة ل يمكن‬ ‫الية ]‪ [43‬من سورة البقرة‪} :‬موأمرقييموها ٱل ر‬
‫صم‬
‫تصوره إل بمعرفتها نحو قوله تعالى فى الية ]‪ [37‬من سورة التوبة‪} :‬إررنمما ٱلرنرسيييء رزميامدفة رفي ٱهليكهفرر{ُ‪..‬‬
‫وقوله تعالى فى الية ]‪ [189‬من سورة البقرة‪} :‬موملهيمس ٱهلربسر ربمأن متهأيتوها ٱهليبييومت رمن يظيهوررمها{ُ‪.‬‬
‫وأما التأويل‪ :‬فإنه ييستعمل مرة عاما‪ ً،‬ومرة خاصا‪ ً،‬نحو "الكفر" المستعمل تارة فى الجحود المطلقا‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وتارة فى جحود البارى خاصة‪ .‬و "اليمان" المستعمل فى التصديقا المطلقا تارة‪ ً،‬وفى تصديقا دين‬
‫الحقا تارة‪ ً،‬وإما فى لفظ مشترك بين معان مختلفة‪ ً،‬نحو لفظ "وجد" المستعمل فى الجد والوجد‬
‫والوجود"‪.‬‬
‫‪ - 3‬قال الماتوردى‪" :‬التفسير‪ :‬القطع على أن المراد من اللفظ هذا‪ ً،‬والشهادة على ال أنه عنى باللفظ‬
‫هذا‪ ً،‬فإن قام دليل مقطوع به فصحيح‪ ً،‬وإل فتفسير بالرأى‪ ً،‬وهو المنهى عنه‪ ً،‬والتأويل ترجيح أحد‬
‫المتحملت بدون القطع والشهادة على ال"‪ ً،‬وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين‪.‬‬
‫‪ - 4‬قال أبو طالب الثعلبى‪" :‬التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازا‪ ً،‬كتفسير "الصراط" بالطريقا‪ً،‬‬
‫صييب" بالمطر‪ .‬والتأويل تفسير باطن اللفظ‪ ً،‬مأخوذ من الول‪ ً،‬وهو الرجوع لعاقبة المر‪ .‬فالتأويل‬ ‫و "ال م‬
‫إخبار عن حقيقة المراد‪ ً،‬والتفسير إخبار عن دليل المراد‪ ً،‬لن اللفظ يكشف عن المراد‪ ً،‬والكاشف دليل‪ً،‬‬
‫صارد{ُ‪ ..‬تفسيره أنه من الرصد‪ ً،‬يقال‪:‬‬‫مثاله قوله تعالى فى الية ]‪ [14‬من سورة الفجر‪} :‬إررن مرربمك لمربٱِهلرمهر م‬
‫رصدته‪ :‬رقبته‪ ً،‬والمرصاد مفعال منه‪ ً،‬وتأويله التحذير من التهاون بأمر ال‪ ً،‬والغفلة عن الهبة‬
‫والستعداد للعرضِ عليه‪ .‬وقواطع الدلة تقتضى بيان المراد منه على خلف وضع اللفظ فى اللغة"‬
‫وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين‪.‬‬
‫‪ - 5‬قال البغوى ووافقه الكواشى‪" :‬التأويل هو صرف الية إلى معنى محتمل يواف ما قبلها وما بعدها‪ً،‬‬
‫غير مخالف للكتاب والسسرنة من طريقا الستنباط‪ .‬والتفسير هو الكلم فى أسباب نزول الية وشأنها‬
‫وقصتها"‪.‬بتصرف‪ .‬وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين‪.‬‬
‫‪ - 6‬قال بعضهم‪" :‬التفسير ما يتعلقا بالرواية‪ ً،‬والتأويل ما يتعلقا بالدراية"‪ ً،‬وعلى هذا فالنسبة بينهما‬
‫التباين‪.‬‬
‫‪ - 7‬التفسير هو بيان المعانى التى يتستفاد من وضع العبارة‪ ً،‬والتأويل هو بيان المعانى التى يتستفاد‬
‫بطريقا الشارة‪ .‬فالنسبة بينهما التباين‪ ً،‬وهذا هو المشهور عند المتأخرين‪ ً،‬وقد نربه إلي هذا الرأى‬
‫الخير العلمة اللوسى فى مقدمة تفسيره حيث قال بعد أن استعرضِ بعضِ أقوال العلماء فى هذا‬
‫الموضوع‪" :‬وعندى أنه إن كان المراد الفرقا بينهما بحسب اليعهرف فكل القوال فيه ‪ -‬ما سمعتها وما لم‬
‫تسمعها ‪ -‬مخالف لليعهرف اليوم إذ قد تعورف من غير نكير‪ :‬أن التأويل إشارة قدسية‪ ً،‬ومعارف‬
‫سبحانية‪ ً،‬تنكشف من سجف العبارات للسالكين‪ ً،‬وتنهل من يسيحرب الغيب على قلوب العارفين‪ .‬والتفسير‬
‫غير ذلك‪.‬‬
‫وإن كان المراد الفرقا بينهما بحسب ما يدل عليه اللفظ مطابقة‪ ً،‬فل أظنك فى مرية من رد هذه القوال‪ً،‬‬
‫أو بوجه ما‪ ً،‬فل أراد ترضى إل أن فى كل كشف إرجاعا‪ ً،‬وفى كل إرجاع كشفا‪ ً،‬فافهم"‪.‬‬
‫هذه هى أهم القوال فى الفرقا بين التفسير والتأويل‪ .‬وهناك أقوال أخرى أعرضنا عنها مخافة التطويل‪.‬‬

‫والذى تميل إليه النفس من هذه القوال‪ :‬هو أن التفسير ما كان راجعا إلى الرواية‪ ً،‬والتأويل ما كان‬
‫راجعا إلى الدراية‪ ً،‬وذلك لن التفسير معناه الكشف والبيان‪ .‬والكشف عن مراد ال تعالى ل نجزم به إل‬
‫إذا ورد عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو عن بعضِ أصحابه الذين شهدوا نزول الوحى وعلموا‬
‫ما أحاط به من حوادث ووقائع‪ ً،‬وخالطوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ورجعوا إليه فيما أشكل‬
‫عليهم من معاني القرآن الكريم‪.‬‬
‫وأما التأويل‪ ..‬فملحوظ فيه ترجيح أحمد محتملت اللفظ بالدليل‪ .‬والترجيح يعتمد على الجتهاد‪ً،‬‬
‫وييتوصل إليه بمعرفة مفردات اللفاظ ومدلولتها فى لغة العرب‪ ً،‬واستعمالها بحسب السياقا‪ ً،‬ومعرفة‬
‫الساليب العربية‪ ً،‬واستنباط المعانى من كل ذلك‪ .‬قال الزركشى‪" :‬وكان السبب فى اصطلح كثير على‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التفرقة بين التفسير والتأويل‪ :‬التمييز بين المنقول والمستنبط‪ ً،‬ليحيل على العتماد فى المنقول‪ ً،‬وعلى‬
‫النظر فى المستنبط"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المقدمة ( ضمن العنوان ) تفسير‬
‫القرآن بغير لغته (‬

‫تفسير القرآن بغير لغته‪ ً،‬أو الترجمة التفسيرية للقرآن‪ ً،‬بحث نرى من الواجب علينا أن نعرضِ له‪ ً،‬لما‬
‫له من تعلقا وثيقا بموضوع هذا الكتاب‪ ً،‬وقبل الخوضِ فيه الحسن بنا أن نمهد له بعجالة موجوة تكشف‬
‫عن معنى الترجمة وأقسامها‪ ً،‬ثم نتكلم عما يدخل منها تحت التفسير وما ل يدخل‪ ً،‬فنقول‪ :‬الترجمة يتطلقا‬
‫فى اللغة على معنيين‪:‬‬
‫الول‪ :‬نقل الكلم من لغة إلى لغة أخرى بدون بيان لمعنى الصل المترمجم‪ ً،‬وذلك كوضع رديف مكان‬
‫رديف من لغة واحدة‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬تفسير الكلم وبيان معناه بلغة أخرى‪.‬‬
‫قال فى تاج العروس‪" :‬والترجمان المفيسر للسان‪ ً،‬وقد ترجمه عنه إذا فرسر كلمه بلسان آخر‪ .‬قال‬
‫الجوهرى‪ :‬وقيل‪ :‬نقله من لغة إلى لغة أخرى"‪.‬‬
‫وعلى هذا فالترجمة تنقسم إلى قسمين‪ :‬ترجمة حرفية‪ ً،‬وترجمة معنوية أو تفسيرية‪.‬‬
‫أما الترجمة الحرفية‪ :‬فهى نقل الكلم من لغة إلى لغة أخرى‪ ً،‬مع مراعاة الموافقة فى النظم والترتيب‪ً،‬‬
‫والمحافظة على جميع المعانى الصل المترمجم‪.‬‬
‫وأما الترجمة التفسيرية‪ :‬فهى شرح الكلم وبيان معناه بلغة أخرى‪ ً،‬بدون مراعاة لنظم الصل وترتيبه‪ً،‬‬
‫وبدون المحافظة على جميع معانيه المرادة منه‪.‬‬
‫وليس من غرضنا فى هذا البحث أن نعرضِ لما يجوز من نوعى الترجمة بالنسبة للقرآن وما ل يجوز‪ً،‬‬
‫ول لمقالت العلماء المتقدمين والمتأخرين‪ ً،‬ولكن غرضنا الذى نريد أن نكشف عنه ونوضحه هو‪ :‬أى‬
‫نوعى الترجمة داخل تحت التفسير؟ أهو الترجمة الحرفية؟ أم الترجمة التفسيرية؟ أم هما معا؟ فنقول‪:‬‬
‫* الترجمة الحرفية للقرآن‪:‬‬
‫الترجمة الحرفية للقرآن‪ :‬إما أن تكون ترجمة بالمثل‪ ً،‬وإما أن تكون ترجمة بغير المثل‪ ً،‬أما الترجمة‬
‫الحرفية بالمثل‪ :‬فمعناها أن ييترمجم نظم القرآن بلغة أخرى تحاكيه حذوا بحذو بحيث تحل مفردات‬
‫الترجمة محل مفرداته‪ ً،‬وأسلوبها محل أسلوبه‪ ً،‬حتى تتحمل الترجمة ما تحرمله نظم الصل من المعانى‬
‫المقيدة بكيفياتها البلغية وأحكامها التشريعية‪ ً،‬وهذا أمر غير ممكن بالنسبة لكتاب ال العزيز‪ ً،‬وذلك لن‬
‫القرآن نزل لغرضين أساسيين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬كونه آية دالة على صدقا النبى صلى ال عليه وسلم فيما ييبيلغه عن ربه‪ ً،‬وذلك بكونه معجزا‬
‫للمبشر‪ ً،‬ل يقدرون على التيان بمثله ولو اجتمع النس والجن على ذلك‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬هداية الناس لما فيه صلحهم فى دنياهم وأخراهم‪.‬‬
‫أما الغرضِ الول‪ ً،‬وهو كونه آية على صدقا النبى صلى ال عليه وسلم فل يمكن تأديته بالترجمة‬
‫اتفاقا‪ ً،‬فإن القرآن ‪ -‬وإن كان العجاز فى جملته لعدة معان كالخبار بالغيب‪ ً،‬واستيفاء تشريع ل يعتريه‬
‫خلل‪ ً،‬وغير ذلك مما يعرد من وجوه إعجازه ‪ -‬إنما يدور العجاز السارى فى كل آية منه على ما فيه‬
‫من خواص بلغية جاءت لمقتضيات معرينة‪ ً،‬وهذه ل يمكن نقلها إلى اللغات الخرى اتفاقا‪ ً،‬فإن اللغات‬
‫الراقية وإن كان لها بلغة‪ ً،‬ولكن لكل لغة خواصها ل يشاركها فيها غيرها من اللغا‪ ً،‬وإذن فلو يتررجم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫القرآن ترجمة حرفية ‪ -‬وهذا محال ‪ -‬لضاعت خواص القرآن البلغية‪ ً،‬ولنزل من مرتبته المعجزة إلى‬
‫مرتبة تدخل تحت طوقا البشر‪ ً،‬ولفات هذا المقصد العظيم الذى نزل القرآن من أجله على محمد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وأما الغرضِ الثانى‪ ً،‬وهو كونه هداية للناس إلى ما فيه سعادتهم فى الدارين فذلك باستنباط الحكام‬
‫والرشادات منه‪ ً،‬وهذا يرجع بعضه إلى المعانى الصلية التى يشترك فى تفاهمها وأدائها كل الناس‪ً،‬‬
‫وتقوى عليها جميع اللغات‪ ً،‬وهذا النوع من المعانى يمكن ترجمته واستفادة الحكام منه‪ ً،‬وبعضِ آخر‬
‫من الحكام والرشادات ييستفاد من المعانى الثانوية‪ ً،‬ونجد هذا كثيرا فى استنباط الئمة المجتهدين‪ً،‬‬
‫وهذه المعانى الثانوية لزمة للقرآن الكريم وبدونها ل يكون قرآنا‪ .‬والترجمة الحرفية إن أمكن فيها‬
‫المحافظة على المعانى الرولية‪ ً،‬فغير ممكن أن يحافظ فيها على المعانى الثانوية‪ ً،‬ضرورة أنها لزمة‬
‫للقرآن دون غيره من سائر اللغات‪.‬‬
‫ومما تقدم ييعلم‪ :‬أن الترجمة الحرفية للقرآن‪ ً،‬ل يمكن أن تقوم مقام الصل فى تحصيل كل ما ييقصد‬
‫منه‪ ً،‬لما يترتب عليها من ضياع الغرضِ الول برمته‪ ً،‬وفوات شطر من الغرضِ الثانى‪.‬‬
‫وأما الترجمة الحرفية بغير المثل‪ :‬فمعناها أن ييترجم نظم القرآن حذوا بحذو بقدر طاقة المتررجم وما‬
‫تسعه لغته‪ ً،‬وهذا أمر ممكن‪ ً،‬وهو وإن جاز فى كلم المبشر‪ ً،‬ل يجوز بالنسبة لكتاب ال العزيز‪ ً،‬لن فيه‬
‫ل ل تدعو إليه‬‫ل عن كونه فع ل‬ ‫من فاعله إهدارا لنظم القرآن‪ ً،‬وإخللل بمعناه‪ ً،‬وانتهاكا لحرمته‪ ً،‬فض ل‬
‫ضرورة‪.‬‬
‫**‬
‫*الترجمة الحرفية ليست تفسيرا للقرآن‪:‬‬
‫اتضح لنا مما سبقا معنى الترجمة الحرفية بقسميها‪ ً،‬وأقمنا الدليل بما يناسب المقام على عدم إمكان‬
‫الترجمة الحرفية بالمثل‪ ً،‬وعدم جواز الترجمة الحرفية بغير المثل‪ ً،‬وإن كانت ممكنة‪ ً،‬ولكن بقى بعد ذلك‬
‫هذا السؤال‪ :‬هل الترجمة الحرفية بقسميها ‪ -‬على فرضِ إمكانها فى الول وجوازها فى الثانى ‪ -‬تمسى‬
‫تفسيرا للقرآن بغير لغته؟ أو ل تدخل تحت مادة التفسير؟‬
‫وللجواب عن هذا نقول‪:‬‬
‫إن الترجمة الحرفية بالمثل‪ ً،‬تقردم لنا أن معناها ترجمة نظم الصل بلغة أخرى تحاكيه حذوا بحذو‪ً،‬‬
‫بحيث تحل مفردات الترجمة محل مفردات الصل وأسلوبها محل أسلوبه‪ ً،‬حتى تتحمل الترجمة ما‬
‫تحمله نظم الصل من المعانى البلغية‪ ً،‬والحكام التشريعية‪ .‬وتقردم لنا أيضا أن هذه الترجمة بالنسبة‬
‫للقرأن غير ممكنة‪ ً،‬وعلى فرضِ إمكانها فهى ليست من قبيل تفسير القرآن بغير لغته‪ ً،‬لنها عبارة عن‬
‫هيكل القرآن بذاته‪ ً،‬إل أن الصورة اختلفت باختلف اللغتين‪ :‬المترمجم منها والمترمجم إليها‪ .‬وعلى هذا‬
‫فأبناء اللغة المترجم إليها يحتاجون إلى تفسيره وبيان ما فيه من أسرار وأحكام‪ ً،‬كما يحتاج العربى الذى‬
‫نزل بلغته إلى تفسيره والكشف عن أسراره وأحكامه‪ ً،‬ضرورة أن هذه الترجمة ل شرح فيها ول بيان‪ً،‬‬
‫وإنما فيها إبدال لفظ بلفظ آخر يقوم مقامه‪ ً،‬ونقل معنى الصل كما هو من لغة إلى لغة أخرى‪.‬‬
‫وأما الترجمة الحرفية بغير المثل‪ ً،‬فقد تقردم لنا أن معناها ترجمة نظم القرآن حذوا بحذو‪ ً،‬بقدر طاقة‬
‫المتررجم وما تسعه لغته‪ ً،‬وتقردم لنا أن هذا غير جائز بالنسبة للقرآن وعلى فرضِ جوازها فهى ليست من‬
‫قبيل تفسير القرآن بغير لغته‪ ً،‬لنها عبارة عن هيكل للقرآن منقوص غير تام‪ ً،‬وهذه الترجمة لم يترتب‬
‫عليها سوى إبدال لفظ بلفظ آخر يقوم مقامه فى تأديه بعضِ معناه‪ ً،‬وليس فى ذلك شيء من الكشف‬
‫والبيان‪ ً،‬ل شرح مدلول‪ ً،‬ول بيان مجمل‪ ً،‬ول تقييد مطلقا‪ ً،‬ول استنباط أحكام‪ ً،‬ول توجيه معان‪ ً،‬ول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫غير ذلك من المور التى اشتمل عليها التفسير المتعامرف‪.‬‬
‫**‬
‫*الترجمة التفسيرية للقرآن‪:‬‬
‫الترجمة التفسيرية أو المعنوية‪ ً،‬تقردم لنا أنها عبارة عن شرح الكلم وبيان معناه بلغة أخرى‪ ً،‬بدون‬
‫محافظة على نظم الصل وترتيبه‪ ً،‬وبدون المحافظة على جميع معانيه المرادة منه‪ ً،‬وذلك بأن نفهم‬
‫المعنى الذى يراد من الصل‪ ً،‬ثم نأتى به بتركيب من اللغة المترمجم إليها يؤديه على وفقا الغرضِ الذى‬
‫سيقا له‪.‬‬
‫ويعرلم مما تقردم مقدار الفرقا بين الترجمة الحرفية والترجمة التفسيرية‪ ً،‬وليضاح هذا الفرقا نقول‪:‬‬
‫ل متهبيسهطمها يكرل ٱهلمبهسرط{ُ ترجمة‬
‫ل متهجمعهل ميمدمك ممهغيلولملة إرلمـى يعينرقمك مو م‬
‫لو أراد إنسان أن يترجم قوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫حرفية لتى بكلم يدل على النهى عن ربط اليد فى العنقا‪ ً،‬وعن مدها غاية المد‪ ً،‬ومثل هذا التعبير فى‬
‫اللغة المتر مجم إليها ربما كان ل يؤدى المعنى الذى قصده القرآن‪ ً،‬بل قد يستنكر صاحب تلك اللغة هذا‬
‫الوضع الذى ينهى عنه القرآن‪ ً،‬ويقول فى نفسه‪ :‬إنه ل يوجد عاقل يفعل بنفسه هذا الفعل الذى نهى عنه‬
‫القرآن‪ ً،‬لنه مثير للضحك على فاعله والسخرية منه‪ ً،‬ول يدور بخلد صاحب هذه اللغة‪ ً،‬المعنى الذى‬
‫أراده القرآن وقصده من وراء هذا التشبيه البليغ‪ .‬أما إذا أراد أن يترجم هذه الجملة ترجمة تفسيرية‪ ً،‬فإنه‬
‫يأتى بالنهى عن التبذير والتقتير‪ ً،‬مصويررين بصورة شنيعة‪ ً،‬ينفر منها النسان‪ ً،‬حسبما يناسب أسلوب‬
‫تلك اللغة المترمجم إليها‪ ً،‬ويناسب إلف ممن يتكلم بها‪ .‬ومن هذا يتبين أن الغرضِ الذى أراده ال من هذه‬
‫الية‪ ً،‬يكون مفهوما بكل سهولة ووضوح فى الترجمة التفسيرية‪ ً،‬دون الترجمة الحرفية‪.‬‬
‫إذا يعرلم هذا‪ ً،‬أصبح من السهل علينا وعلى كل إنسان أن يقول بجواز ترجمة القرآن ترجمة تفسيرية‬
‫بدون أن يتردد أدنى تردد‪ ً،‬فإن ترجمة القرآن ترجمة تفسيرية ليست سوى تفسير للقرآن الكريم بلغة‬
‫غير لغته التى نزل بها‪.‬‬
‫وحيث اتفقت كلمة المسلمين‪ ً،‬وانعقد إجماعهم على جواز تفسير القرآن لمن كان من أهل التفسير بما‬
‫يدخل تحت طاقته البشرية‪ ً،‬بدون إحاطة بجميع مراد ال‪ ً،‬فإرنا ل نشك فى أن الترجمة التفسيرية للقرآن‬
‫داخلة تحت هذا الجماع أيضا‪ ً،‬لن عبارة الترجمة التفسيرية محاذية لعبارة التفسير‪ ً،‬ل لعبارة الصل‬
‫ل على بيان معنى الصل وشرحهه‪ ً،‬بحل ألفاظه فيما يحتاج تفهمه إلى‬ ‫القرآنى‪ ً،‬فإذا كان التفسير مشتم ل‬
‫الحل‪ ً،‬وبيان مراده كذلك‪ ً،‬وتفصيل معناه فيما يحتاج للتفصيل‪ ً،‬وتوجيه مسائله فيما يحتاج للتوجيه‪ً،‬‬
‫وتقرير دلئله فيما يحتاج للتقرير‪ ً،‬ونحو ذلك من كل ما له تعلقا بتفهم القرآن وتدبره‪ ً،‬كانت الترجمة‬
‫التفسيرية أيضا مشتملة على هذا كله‪ ً،‬لنها ترجمة للتفسير ل للقرآن‪.‬‬
‫وقصارى القول‪ :‬إن فى كل من التفسير وترجمته بيان ناحية أو أكثر من نواحى القرآن التى ل يحيط‬
‫بها إل ممن أنزله بلسان عربى مبين‪ ً،‬وليس فى واحد منهما إبدال لفظ مكان لفظ القرآن‪ ً،‬ول إحلل نظم‬
‫محل نظم القرآن بل نظم القرآن باقا معهما‪ ً،‬دال على معانيه من جميع نواحيه‪.‬‬
‫**‬
‫* الفرقا بين التفسير والترجمة التفسيرية‪:‬‬
‫لو تأملنا أدنى تأمل‪ ً،‬لوجدنا أنه يمكن أن ييفررقا بين التفسير والترجمة التفسيرية من جهتين‪:‬‬
‫الجهة الولى‪ :‬اختلف اللغتين‪ .‬فلغة التفسير تكون بلغة الصل‪ ً،‬كما هو المتعارف المشهور‪ .‬بخلف‬
‫الترجمة التفسيرية فإنها تكون بلغة أخرى‬
‫‪ .‬الجهة الثانية‪ :‬يمكن لقارئ التفسير ومتفهمه أن يلحظ معه نظم الصل ودللته فإن وجده خطأ نربه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عليه وأصلحه‪ .‬ولو فرضِ أنه لم ينتبه لما فى التفسير من خطأ تنربه له قارئ آخر‪ ً،‬أما قارئ الترجمة‬
‫فإنه ل يتسنى له ذلك‪ ً،‬لجهله بنظم القرآن ودللته‪ ً،‬بل كل ما يفهمه ويعتقده‪ ً،‬أن هذه الترجمة التى‬
‫يقرؤها ويتفهم معناها تفسير صحيح للقرآن‪ ً،‬وأما رجوعه إلى الصل ومقارنته بالترجمة فليس مما‬
‫يدخل تحت طوقه ما دام لم يعرف لغة القرآن‪.‬‬
‫**‬
‫* شروط الترجمة التفسيرية‪:‬‬
‫تفسير القرآن الكريم من العلوم التى يفررضِ على المة تعلمها‪ ً،‬والترجمة التفسيرية تفسير للقرآن بغير‬
‫لغته‪ ً،‬فكانت أيضا من المور التى يفررضت على المة‪ ً،‬بل هى آكد لما يترتب عليها من المصالح‬
‫المهمة‪ ً،‬كتبليغ معانى القرآن وإيصال هدايته إلى المسلمين‪ ً،‬وغير المسلمين ممن ل يتكلمون بالعربية‬
‫ول يفهمون لغة العرب‪ ً،‬وأيضا حماية العقيدة السلمية من كيد الملحدين‪ ً،‬والدفاع عن القرآن بالكشف‬
‫عن أضاليل المبيشرين الذين عمدوا إلى ترجمة القرآن ترجمة حشوها بعقائد زائفة وتعاليم فاسدة‪ً،‬‬
‫لييظهروا القرآن لمن لم يعرف لغته فى صورة تنفر منه وتصد عنه‪ ً،‬وكثيرا ما علت الصوات بالشكوى‬
‫من هذه التراجم الفاسدة‪ ً،‬لهذا نرى أن نذكر الشروط التى يجب أن تتوفر ويتراعى‪ ً،‬لتكون الترجمة‬
‫التفسيرية ترجمة صحيحة مقبولة‪ ً،‬وإليك هذه الشروط‪:‬‬
‫أولل ‪ -‬أن تكون الترجمة على شريطة التفسير‪ ً،‬ل ييعرويل عليها إل إذا كانت مستممدة من الحاديث‬
‫النبوية‪ ً،‬وعلوم اللغة العربية‪ ً،‬والصول المقررة فى الشريعة السلمية‪ ً،‬فل بد للمترجم من اعتماده فى‬
‫استحضار معنى الصل على تفسير عربى مستممد من ذلك‪ ً،‬أما إذا استقل برأيه فى استحضار معنى‬
‫القرآن‪ ً،‬أو اعتمد على تفسير ليس مستممدا من تلك الصول‪ ً،‬فل تجوز ترجمته ول ييعتد بها‪ ً،‬كما ل ييعتد‬
‫بالتفسير إذا لم يكن مستممدا من تلك المناهل‪ ً،‬معتمدا على هذه الصول‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬أن يكون المترجم بعيدا عن الميل إلى عقيدة زائفة تخالف ما جاء به القرآن‪ ً،‬وهذا شرط فى‬
‫المفيسر أيضا؛ً فإنه لو مال واحد منهما إلى عقيدة فاسدة لتسرلطت على تفكيره‪ ً،‬فإذا بالمفرسر وقد يفيسر‬
‫طبقا لهواه‪ ً،‬وإذا بالميترمجم وقد يتهررجم وفقا لميوله‪ ً،‬وكلهما يبعد بذلك عن القرآن وهداه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬أن يكون المترجم عالما بلغتين ‪ -‬المترجم منها والمترمجم إليها‪ ً،‬خبيرا بأسرارهما‪ ً،‬يعلم جهة‬
‫الوضع والسلوب والدللة لكل منهما‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬أن يكتبا لقرآن أولل‪ ً،‬ثم يؤتى بعده بتفسيره‪ ً،‬ثم يتبع هذا بترجمته التفسيرية حتى ل يتوهم متوهم‬
‫أن هذه الترجمة ترجمة حرفية للقرآن‪.‬‬
‫هذه هى الشروط التى يجب مراعاتها لمن يريد أن ييفيسر القرآن بغير لغته‪ ً،‬تفسيرا يسلم من كل نقد‬
‫ييورجه‪ ً،‬وعيب ييلتممس‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المقدمة ( ضمن العنوان ) هل تفسير‬
‫القرآن من قبيل التصورات ‪ ..‬أو من قبيل التصديقات (‬

‫اختلف العلماء فى علم التفسير‪ :‬هل هو من قبيل التصورات أو من قبيل التصديقات؟ فذهب بعضهم إلى‬
‫أنه من قبيل التصورات‪ .‬لن المقصود منه تصور معانى ألفاظ القرآن‪ ً،‬وذلك كله تعاريف لفظيه‪ ً،‬وقد‬
‫صررح بهذا الحكيم على المطرول حيث قال‪" :‬وما قالوا من أن لكل علم مسائل فإنما هو فى العلوم‬
‫الحكمية‪ ً،‬وأما العلوم الشرعية والدبية فل يتأتى فى جميعها ذلك‪ ً،‬فإن علم اللغة ليس إل ذكر اللفاظ‬
‫ومفهوماتها‪ ً،‬وكذلك التفسير والحديث"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وذهب السيد‪ :‬إلى أن التفسير من قبيل التصديقات‪ ً،‬لنه يتضمن الحكم على اللفاظ بأنها مفيدة لهذه‬
‫المعانآ‪ ً،‬وعلى هذا يكون التفسير عبارة عن مسائل جزئية‪ ً،‬مثل قولنا‪} :‬مياأمسيمها ٱلرنايس{ُ ]خطاب لهل مكة‪ً،‬‬
‫و }ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينيوها{ُ خطاب لهل المدينة‪ ً،‬والسم‪ ً،‬معناه‪ :‬الدال على المسمى‪ ً،‬وال‪ ً،‬معناه‪ :‬الذات‬
‫القدس‪ ً،‬والرحمن‪ ً،‬معناه‪ :‬الحسن‪ ...‬وغير ذلك‪ ً،‬ول شك أن هذه قضايا جزئية‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الول‪ :‬المرحلة الولى‬
‫للتفسير‪ ..‬أو التفسير فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه ( ضمن العنوان ) فهم النبى صلى‬
‫ال عليه وسلم والصحابة للقرآن (‬

‫*تمهيد‪:‬‬
‫نزل القرآن الكريم على نبى أييمى‪ ً،‬وقوم أييميين‪ ً،‬ليس لهم إل ألسنتهم وقلوبهم‪ ً،‬وكانت لهم فنون من القول‬
‫يذهبون فيها مذاهبهم ويتواردون عليها‪ ً،‬وكانت هذه الفنون ل تكاد تتجاوز ضروبا من الوصف‪ ً،‬وأنواعا‬
‫ل على‬ ‫ل مما يجرى هذا المجرى‪ ً،‬وكان كلمهم مشتم ل‬ ‫من الحمكم‪ ً،‬وطائفة من الخبار والنساب‪ ً،‬وقلي ل‬
‫الحقيقة والمجاز‪ ً،‬والتصريح والكناية‪ .‬واليجاز والطناب‪.‬‬
‫وجربا على سسرنة ال تعالى فى إرسال الرسل‪ ً،‬نزل القرآن بلغة العرب وعلى أساليبهم فى كلمه‪} :‬موممآ‬
‫ل ربرلمسارن مقهورمره رليمبيمن مليههم{ُ ‪ ..‬فألفاظ القرآن عربية‪ ً،‬إل ألمفاظا قليللة‪ ً،‬اختلفت فيها أنظار‬ ‫أمهرمسهلمنا رمن رريسوهَل إر ر‬
‫العلماء‪ ً،‬فمن قائل‪ :‬إنها يعيربت ويأرخذت من لغات أخرى‪ ً،‬ولكن العرب هضمتها وأجرت عليها قوانينها‬
‫فصارت عربية بالستعمال‪ .‬ومن قائل‪ :‬إنها عربية بحتة‪ ً،‬غاية المر أنها مما تواردت عليه اللغات‪ً،‬‬
‫وعلى ركل القولين فهذه اللفاظ ل يتخررج القرآن عن كونه عربيا‪.‬‬
‫استعمل القرآن فى أسلوبه الحقيقة والمجاز‪ ً،‬والتصريح والكناية‪ ً،‬واليجاز والطناب‪ ً،‬وعلى نمط العرب‬
‫فى كلمهم‪ .‬غير أن القرآن يعلو على غيره من الكلم العربى‪ ً،‬بمعانيه الرائعة التى افترن بها فى غير‬
‫مذاهبهم‪ ً،‬ونزع منها إلى غير فنونهم‪ ً،‬تحقيقا لعجازه‪ ً،‬ولكونه من لدن حكيم عليم‪.‬‬
‫***‬
‫*فهم النبى صلى ال عليه وسلم والصحابة للقرآن‪:‬‬
‫ل‪ ً،‬إذ تكفل ال تعالى له بالحفظ والبيان‪:‬‬ ‫وكان طبيعيا أن يفهم النبى صلى ال عليه وسلم جملة وتفصي ل‬
‫}إررن معملهيمنا مجهممعيه مويقهرآمنيه * مفرإمذا مقمرهأمنايه مفٱِرتربهع يقهرآمنيه *يثرم إررن معملهيمنا مبميامنيه{ُ‪ ً،‬كما كان طبيعيا أن يفهم أصحاب‬
‫ل‪ ً،‬ومعرفة‬ ‫النبى صلى ال عليه وسلم القرآن فى جملته‪ ً،‬أى بالنسبة لظاهره وأحكامه‪ ً،‬أما فهمه تفصي ل‬
‫دقائقا باطنه‪ ً،‬بحيث ل يغيب عنهم شاردة ول واردة‪ ً،‬فهذا غير ميسور لهم بمجرد معرفتهم للغة القرآن‪ً،‬‬
‫بل ل بد لهم من البحث والنظر والرجوع إلى النبى صلى ال عليه وسلم فيما يشكل عليهم فهمه‪ ً،‬وذلك‬
‫لن القرآن فيه المجمل‪ ً،‬والمشكل‪ ً،‬والمتشابه‪ ً،‬وغير ذلك مما ل بد فى معرفته من أمور يأخرى ييرجمع‬
‫إليها‪.‬‬
‫ول أظن الحقا مع ابن خلدون حيث يقول فى مقدمته‪" :‬إن القرآن نزل بلغة العرب‪ ً،‬وعلى أساليب‬
‫بلغتهم‪ ً،‬فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه فى مفرداته وتراكيبه"‪ ً،‬نعم ل أظن الحقا معه فى ذلك‪ً،‬‬
‫لن نزول القرآن بلغة العرب ل يقتضى أن العرب كلهم كانوا يفهمونه فى مفرداته وتراكيبه‪ ً،‬وأقرب‬
‫دليل على هذا ما نشاهده اليوم من الكتب المؤملفة على اختلف لغاتها‪ ً،‬وعجز كثير من أبناء هذه اللغات‬
‫عن فهم كثير مما جاء فيها بلغتهم‪ ً،‬إذ الفهم ل يتوقف على معرفة اللغة وحدها‪ ً،‬بل ل بد لمن يفتش عن‬
‫المعانى ويبحث عنها من أن تكون له موهبة عقلية خاصة‪ ً،‬تتناسب مع درجة الكتاب وقوة تأليفه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫***‬
‫*تفاوت الصحابة فى فهم القرآن‪:‬‬
‫ولو أننا رجعنا إلى عهد الصحابة لوجدنا أنهم لم يكونوا فى درجة واحدة بالنسبة لفهم معانى القرآن‪ ً،‬بل‬
‫تفاوتت مراتبهم‪ ً،‬وأشكل على بعضهم ما ظهر لبعضِ آخر منهم‪ ً،‬وهذا يرجع إلى تفاوتهم فى القوة‬
‫العقلية‪ ً،‬وتفاوتهم فى معرفة ما أحاط بالقرآن من ظروف وملبسات‪ ً،‬وأكثر من هذا‪ ً،‬أنهم كانوا ل‬
‫يتساوون فى معرفة المعانى التى يوضعت لها المفردات‪ ً،‬فمن مفردات القرآن ما خفى معناه على بعضِ‬
‫ضهير فى هذا‪ ً،‬فإن اللغة ل يحيط بها إل معصوم‪ ً،‬ولم يردع أحد أن كل فرد من أيرمة‬ ‫الصحابة‪ ً،‬ول م‬
‫يعرف جميع ألفاظ لغتها‪.‬‬
‫ومما يشهد لهذا الذى ذهبنا إليه‪ ً،‬ما أخرجه أبو عبيدة فى الفضائل عن أنس‪" :‬أن عمر بن الخطاب قرأ‬
‫الب؟‪ .‬ثم رجع إلى نفسه فقال‪ :‬إن هذا‬ ‫على المنبر‪} :‬مومفاركمهلة موأمسبا{ُ‪ ..‬فقال‪ :‬هذه الفاكهة قد عرفناها‪ ً،‬فما ر‬
‫لهو التكلف يا عمر"‪ .‬وما روى من أن عمر كان على المنبر فقرأ‪} :‬أمهو ميهأيخمذيههم معملـى متمخسوهَف{ُ‪ ..‬ثم سأل‬
‫عن معنى التخوف‪ ً،‬فقال له رجل من هذيل‪ :‬التخسوف عندنا التنقص‪ ً،‬ثم أنشده‪:‬‬
‫*متمخرومف الرريحيل منها تارمكا مقرردا * كما متمخرومف يعومد النبعرة الرسرفين*‬
‫وما أخرجه أبو عبيدة من طريقا مجاهد عن ابن عباس قال‪" :‬كنت ل أدرى ما }مفارطرر ٱلرسمماموارت{ُ حتى‬
‫أتانى أعرابيان يتخاصمان فى بئر‪ ً،‬فقال أحدهما‪ :‬أنا فطرتها‪ ً،‬والخر يقول‪ :‬أنا ابتدأتها"‪.‬‬
‫لب" ومعنى "التمخسوف" ويسأل عنهما غيره‪ ً،‬وابن عباس‬ ‫فإذا كان عمر بن الخطاب يخفى عليه معنى "ا م ر‬
‫‪ -‬وهو ترجمان القرآن ‪ -‬ل يظهر له معنى "فاطر" إل بعد سماعها من غيره‪ ً،‬فكيف شأن غيرهما من‬
‫ل ‪ -‬أن يعلموا من‬ ‫الصحابة؟ ل شك أن كثيرا منهم كانوا يكتفون بالمعنى الجمالى للية‪ ً،‬فيكفيهم ‪ -‬مث ل‬
‫قوله تعالى‪} :‬مومفاركمهلة موأمسبا{ُ أنه تعداد للرنعمم التى أنعم ال بها عليهم‪ ً،‬ول يلزمون أنفسهم بتفهم معنى الية‬
‫ل ما دام المراد واضحا جليا‪.‬‬ ‫تفصي ل‬
‫وماذا يقول ابن خلدون فيما رواه البخارى‪ ً،‬من أن عدى بن حاتم لم يفهم معنى قوله تعالى‪} :‬مويكيلوها‬
‫ل‬‫لهسمورد رممن ٱهلمفهجرر{ُ‪ ..‬وبلغ من أمره أن أخذ عقا ل‬ ‫ضِ رممن ٱهلمخهيرط ٱ م‬ ‫موٱهشمريبوها محرتـى ميمتمبريمن لميكيم ٱهلمخهييط ٱ م‬
‫لهبمي ي‬
‫أبيضِ وعقا لل أسود‪ ً،‬فلما كان بعضِ الليل‪ ً،‬نظر إيهما فلم يستبينا‪ ً،‬فلما أصبح أخبر الرسول بشأنه‪ً،‬‬
‫فعررضِ بقلة فهمه‪ ً،‬وأفهمه المراد‪.‬‬
‫الحقا أن الصحابة ‪ -‬رضوان ال عليهم أجمعين ‪ -‬كانوا يتفاوتون فى القدرة على فهم القرن وبيان‬
‫معانيه المرادة منه‪ ً،‬وذلك راجع ‪ -‬كما تقردم ‪ -‬إلى اختلفهم فى أدوات الفهم‪ ً،‬فقد كانوا يتفاوتون فى‬
‫العلم بلغتهم‪ ً،‬فمنهم من كان واسع الطلع فيها ميلما بغريبها‪ ً،‬ومنهم دون ذلك‪ ً،‬ومنهم ممن كان يلزم‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم فيعرف من أسباب النزول ما ل يعرفه غيره‪ ً،‬أضف إلى هذا وذاك أن‬
‫الصحابة لم يكونوا فى درتهم العلمية ومواهبهم العقلية سواء‪ ً،‬بل كانوا مختلفين فى ذلك اختلفا عظيما‪.‬‬

‫قال مسروقا‪" :‬جالست أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم فوجدتهم كالخاذ ‪ -‬يعنى الغدير ‪ -‬فالخاذ‬
‫يروى الرجل‪ ً،‬والخاذ يروى الرجلين‪ ً،‬والخاذ يروى العشرة‪ ً،‬والخاذ يروى المائة‪ ً،‬والخاذ لو نزل‬
‫به أهل الرضِ لصدرهم"‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وقد قال ابن قتيبة ‪ -‬وهو ممن تقردم على ابن خلدون يقرون ‪" : -‬إن العرب ل تستوى فى‬
‫المعرفة بجميع ما فى القرآن من الغريب والمتشابه‪ ً،‬بل إن بعضها يفضل فى ذلك على بعضِ"‪ .‬ويظهر‬
‫أن ابن خلدون قد شعر بذلك فصررح به فيما أورده بعد عبارته السابقة بقليل حيث قال‪" :‬وكان النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم ييبيين المجمل‪ ً،‬وييمييز الناسخْ من المنسوخ‪ ً،‬وييعيرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫نزول اليات ومقتضى الحال منها منقول عنه"‪ ..‬وهذا تصريح منه بأن العرب كان ل يكفيهم فى معرفة‬
‫معانى القرآن معرفتهم بلغته‪ ً،‬بل كانوا فى كثير من الحيان بحاجة إلى توقيف من الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫***‬
‫مصادر التفسير فى هذا العصر‬
‫كان الصحابة فى هذا العصر يعتمدون فى تفسيرهم للقرآن الكريم على أربعة مصادر‪:‬‬
‫الول‪ :‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬النبى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الجتهاد وقوة الستنباط‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أهل الكتاب من هذه المصادر الربعة فنقول‪:‬‬
‫*المصدر الول ‪ -‬القرآن الكريم‪:‬‬
‫الناظر فى القرآن الكريم يجد أنه قد اشتمل على اليجاز والطناب‪ ً،‬وعلى الجمال والتبيين‪ ً،‬وعلى‬
‫الطلقا والتقييد‪ ً،‬وعلى العموم والخصوص‪ .‬وما يأورجمز فى مكان قد يهبسمط فى مكان آخر‪ ً،‬وما أيهجرممل‬
‫فى موضع قد ييبرين فى موضع آخر‪ ً،‬وما جاء مطلقا فى ناحية قد يلحقه التقييد فى ناحية أخرى‪ ً،‬وما كان‬
‫عاما فى آية قد يدخله التخصيص فى آية يأخرى‪.‬‬
‫ولهذا كان ل بد لمن يعترضِ لتفسير كتاب ال تعالى أن ينظر فى القرآن أولل‪ ً،‬فيجمع ما تكرر منه فى‬
‫موضوع واحد‪ ً،‬ويقابل اليات بعضها ببعضِ‪ ً،‬ليستعين بما جاء مسهمبا على معرفة ما جاء مومجزا‪ ً،‬وبما‬
‫ل‪ ً،‬وليحمل اليمهطملقا على المقريد‪ ً،‬والعام على الخاص‪ ً،‬وبهذا يكون قد‬ ‫جاء يمبرينا على فهم ما جاء يمجهم ل‬
‫فس رر القرآن بالقرآن‪ ً،‬وفهم مراد ال بما جاء عن ال‪ ً،‬وهذه مرحلة ل يجوز لحد مهما كان أن يعرضِ‬
‫عنها‪ ً،‬ويتخطاها إلى مرحلة أخرى‪ ً،‬لن صاحب الكلم أدرى بمعانى كلمه‪ ً،‬وأعرف به من غيره‪.‬‬
‫وعلى هذا‪ ً،‬فمن تفسير القرآن بالقرآن‪ :‬أن ييشرح ما جاء مومجزا فى القرآن بما جاء فى موضع آخر‬
‫يمهسمهبا‪ ً،‬وذلك كقصة آدم وإبليس‪ ً،‬جاءت مختصرة فى بعضِ المواضع‪ ً،‬وجاءت يمهسمهبة مطرولة فى‬
‫صلة فى‬ ‫موضع آخر‪ ً،‬وكقصة موسى وفرعون‪ ً،‬جاءت يمومجزة فى بعضِ المواضع‪ ً،‬وجاءت يمهسهمبة يمف ر‬
‫موضع آخر‪.‬‬
‫ومن تفسير القرآن بالقرآن‪ :‬أن ييحمل المجممل على المبرين رلييفرسر به‪ ً،‬وأمثلة ذلك كثيرة فى القرآن‪ ً،‬فمن‬
‫ضِ ٱرلرذيِ ميرعيديكهم{ُ بأنه‬ ‫صهبيكهم مبهع ي‬
‫صاردقا ي ر‬ ‫ذلك تفسير قوله تعالى فى سورة غافر الية ]‪} :[28‬مورإن مييك م‬
‫ضِ ٱرلرذيِ‬ ‫العذاب الدنى اليمعرجل فى الدنيا‪ ً،‬لقوله تعالى فى آخر هذه السورة آية ]‪} :[77‬مفـرإرما ينررميرنمك مبهع م‬
‫منرعيديههم أمهو منمتمورفميرنمك مفرإلمهيمنا يهرمجيعومن{ُ‪ ..‬ومنه تفسير قوله تعالى فى سورة النساء آية ]‪} :[27‬مويررييد ٱرلرذيمن‬
‫ل معرظيما{ُ بأهل الكتاب لقوله تعالى فى السورة نفسها آية ]‪} :[44‬أملمهم متمر‬ ‫ميرتربيعومن ٱلرشمهموارت مأن مترمييلوها ممهي ل‬
‫ضسلوها ٱلرسربيمل{ُ‪ ..‬ومنه قوله تعالى فى‬ ‫للممة مويررييدومن مأن مت ر‬
‫ضم‬‫صيبا يممن ٱهلركمتارب ميهشمتيرومن ٱل ر‬ ‫إرملى ٱرلرذيمن يأويتوها من ر‬
‫ل مرربمنا‬‫سورة البقرة آية ]‪} :[37‬مفمتملرقـى مءامديم رمن رريبره مكرلمماهَت{ُ فرسرتها الية ]‪ [23‬من سورة العراف‪} :‬مقا م‬
‫مظلمهممنآ مأنيفمسمنا مورإن لرهم متهغرفهر لممنا مومتهرمحهممنا لممنيكومنرن رممن ٱهلمخارسرريمن{ُ‪ ..‬ومنه قوله تعالى فى سورة النعام آية ]‬
‫صاير{ُ فرسرتها آية‪} :‬إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ الية ]‪ [23‬من سورة القيامة‪ .‬ومنه قوله‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫‪ } :[103‬ر‬
‫ل مما يهتملـى معملهييكهم{ُ‪ ..‬فسرتها آية }يحيرممهت‬ ‫ي م‬
‫لهنمعام إر ر‬ ‫ي ر مي‬
‫تعالى فى سورة المائدة آية ]‪} :[1‬أرحلهت لكهم مبرهيممة ٱ ر‬
‫معلمهييكيم ٱهلممهيمتية{ُ الية ]‪ [3‬من السورة نفسها‪.‬‬
‫ومن تفسير القرآن بالقرآن حمل اليمهطلقا على اليمقريد‪ ً،‬والعام على الخاص‪ ً،‬فمن الول‪ :‬ما نقله الغزالى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عن أكثر الشافعية من حمل اليمهطملقا على اليمقريد فى صورة اختلف الحكمين عند اتحاد السبب‪ ً،‬ومرثمل له‬
‫بأية الوضوء والتيمم‪ ً،‬فإن اليدى يمقريدة فى الوضوء بالغاية فى قوله تعالى فى سورة المائدة آية ]‪:[6‬‬
‫}فٱِهغرسيلوها يويجومهيكهم موأمهيردمييكهم إرملى ٱهلمممرارفرقا{ُ‪ ..‬ومطلقة فى التيمم فى قوله تعالى فى الية نفسها‪} :‬مفٱِهممسيحوها‬
‫ربيويجورهيكهم موأمهيردييكهم يمهنيه{ُ‪ ..‬فقيدت فى التيمم بالمرافقا أيضا‪ ً،‬ومن أمثلته أيضا عند بعضِ العلماء‪ :‬آية‬
‫المظمهار مع آية القتل‪ ً،‬ففى كرفارة المظمهار يقول ال تعالى فى سورة المجادلة آية ]‪} :[3‬مفمتهحرريير مرمقمبهَة{ُ‪..‬‬
‫وفى كرفارة القتل‪ ً،‬يقول فى سورة النساء آية ]‪} :[92‬مفمتهحرريير مرمقمبهَة سمهؤرممنهَة{ُ‪ ..‬فييحمل المطلقا فى الية‬
‫على اليمقريد فى الية الثانية‪ ً،‬بمجرد ورود اللفظ المقيد من غير حاجة إلى جامع عند هذا البعضِ من‬
‫العلماء‪.‬‬
‫ومن الثانى‪ :‬نفى اليخرلة والشفاعة على جهة العموم فى قوله تعالى‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينيوها أمهنرفيقوها رمرما مرمزهقمنايكم‬
‫ل مشمفامعفة موٱهلمكارفيرومن يهيم ٱلرظارليمومن{ُ‪ ..‬وقد استثنى ال المتقين‬ ‫ل يخلرفة مو م‬ ‫يمن مقهبرل مأن ميهأرتمي ميهوفم ر‬
‫ل مبهيفع رفيره مو م‬
‫ل ٱهليمرترقيمن{ُ‪ ..‬واستثنى ما أذن فيه من‬ ‫ضِ معيدوو إر ر‬ ‫ليء ميهومرئهَذ مبهع ي‬
‫ضيههم رلمبهع هَ‬ ‫من نفى الخلة فى قوله‪} :‬ٱ م‬
‫لرخ ر‬
‫ل رمن مبهعرد مأن ميهأمذمن ٱللريه رلممن ميمشآيء‬ ‫ل يتهغرني مشمفامعيتيههم مشهيئا إر ر‬ ‫الشفاعة بقوله‪} :‬مومكهم يمن رمملهَك رفي ٱلرسمماموارت م‬
‫ص بمثل قوله‪:‬‬ ‫ص ي‬ ‫ضـى{ُ‪ ..‬ومثل قوله تعالى‪} :‬ممن ميهعممهل يسيولءا يهجمز ربره{ُ‪ ..‬فإن ما فيها من عموم خ ي‬ ‫موميهر م‬
‫صيمبهَة مفربمما مكمسمبهت أهيردييكهم موميهعيفوها معن مكرثيهَر{ُ‪ ..‬ومن تفسير القرآن بالقرآن‪ :‬الجمع بين‬ ‫م‬ ‫صامبيكهم يمن سم ر‬ ‫}موممآ أم م‬
‫ما ييتوهم أنه مختلف‪ ً،‬كخلقا آدم من تراب فى بعضِ اليات‪ ً،‬ومن طين فى غيرها‪ ً،‬ومن حمأ مسنون‪ً،‬‬
‫ومن صلصال‪ ً،‬فإن هذا ذكر للطوار التى ممرر بها آدم من مبدأ خلقه إلى نفخْ الروح فيه‪.‬‬
‫ومن تفسير القرآن بالقرآن‪ :‬حمل بعضِ القراءات على غيرها‪ ً،‬فبعضِ القراءات تختلف مع غيرها فى‬
‫اللفظ وتتفقا فى المعنى‪ ً،‬فقراءة ابن مسعود رضى ال عنه‪" :‬أو يكون لك بيبت من ذهب" تفيسر لفظ‬
‫الزخرف فى القراءة المشهورة‪} :‬أمهو مييكومن لممك مبهيفت يمن يزهخيرهَف{ُ‪ ..‬وبعضِ القراءات تختلف مع غيرها‬
‫ل قوله تعالى‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن‬ ‫فى اللفظ والمعنى‪ ً،‬وإحدى القراءتين يتعيين المراد من القراءة الخرى‪ ً،‬فمث ل‬
‫لرة رمن ميهورم ٱهليجيممعرة مفٱِهسمعهوها إرملـى رذهكرر ٱللرره{ُ‪ ..‬وفرسرتها القراءة الخرى‪" :‬فامضوا إلى‬ ‫صم‬ ‫آممينيوها إرمذا ينوردميِ رلل ر‬
‫ذكر ال"‪ ً،‬لمن الس معى عبارة عن المشى السريع‪ ً،‬وهو وإن كان ظاهر اللفظ إل أن المراد منه مجرد‬
‫الذهاب‪.‬‬
‫وبعضِ القراءات تختلف بالزيادة والنقصان‪ ً،‬وتكون الزيادة فى إحدى القراءتين مفيسرة للمجمل فى‬
‫ل‬‫القراءة التى ل زيادة فيها‪ ً،‬فمن ذلك‪ :‬القراءة المنسوبة لبن عباس‪" :‬ليس عليكم يجنافح أن تبتغوا فض ل‬
‫من ربكم فى مواسم الحج"‪ ..‬فرسرت القراءة الخرى التى ل زيادة فيها‪ ً،‬وأزالت الشك من قلوب بعضِ‬
‫الناس الذين كانوا يتحررجون من الصفقا فى أسواقا الحج‪ ..‬والقراءة المنسوبة لسعد بن أبى وقاص‪" :‬وإن‬
‫كان رجل يورث كللة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما اليسيدس"‪ ..‬فرسرت القراءة‬
‫الخرى التى ل تعرضِ فيها لنوع الخوة‪.‬‬
‫وهنا تختلف أنظار العلماء فى مثل هذه القراءات فقال بعضِ المتأخرين‪ :‬إنها من أوجه القرآن‪ ً،‬وقال‬
‫غيرهم‪ :‬إنها ليست قرآنا‪ ً،‬بل هى من قبيل التفسير‪ ً،‬وهذا هو الصواب‪ :‬لن الصحابة كانوا يفيسرون‬
‫القرآن ويرون جواز إثبات التفسير بجانب القرآن فظنها بعضِ الناس ‪ -‬لتطاول الزمن عليها ‪ -‬من‬
‫أوجه القراءات التى صرحت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ورواها عنه أصحابه‪.‬‬
‫ومما يؤيد أن القراءات مرجع مهم من مراجع تفسير القرآن بالقرآن‪ ً،‬ما روى عن مجاهد أنه قال‪" :‬لو‬
‫كنيت قرأيت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابن عباس ما احتجيت أن أسأله عن كثير مما سألته عنه"‪.‬‬
‫هذا هو تفسير القرآن بالقرآن‪ ً،‬وهو ما كان يرجع إليه الصحابة فى تعرف بعضِ معانى القرآن‪ ً،‬وليس‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل آليا ل يقوم على شيء من النظر‪ ً،‬وإنما هو عمل يقوم على كثير من التدبر والتعقل‪ ً،‬إذ ليس‬ ‫هذا عم ل‬
‫حمل المجمل على المبين‪ ً،‬أو المطلقا على المقيد‪ ً،‬أو العام على الخاص‪ ً،‬أو إحدى القراءتين على‬
‫الخرى بالمر الهين الذى يدخل تحت مقدور كل إنسان‪ ً،‬وإنما هو أمر يعرفه أهل العلم والنظر خاصة‪.‬‬

‫ومن أجل هذا نستطيع أن نوافقا الستاذ جولدزيهر على ما قاله فى كتابه "المذاهب السلمية فى تفسير‬
‫القرآن" من أن‪" :‬المرحلة الولى لتفسير القرآن والنواة التى بدأ بها‪ ً،‬تتركز فى القرآن نفسه وفى‬
‫نصوصه نفسها‪ .‬وبعبارة أوضح‪ :‬فى قراءته‪ ً،‬ففى هذه الشكال المختلفة‪ ً،‬نستطيع أن نرى أول محاولة‬
‫للتفسير"‪ ..‬نعم نستطيع أن نوافقه على أن المرحلة الولى للتفسير تتركز فى القرآن نفسه على معنى رد‬
‫متشابهه إلى محكمه‪ ً،‬وحمل مجمله على مبينه‪ ً،‬وعامه على خاصه‪ ً،‬ومطلقه على مقيده‪ ..‬إلخْ‪ ً،‬كما‬
‫تتركز فى بعضِ قراءاته المتواترة‪ .‬وما كان من قراءات غير متواترة فل ييعرويل عليها باعتبارها قرآنا‪ً،‬‬
‫وإن يع يول على بعضِ منه باعتبارها تفسيرا للنص القرآنى‪ ً،‬نعم‪ ..‬نستطيع أن نوافقه على هذا إن أراده‪ً،‬‬
‫ولكن ل نستطيع أن نوافقه على ما يرمى إليه من إلحاد فى آيات ال‪ ً،‬وما يهدف إليه من اتهام المسلمين‬
‫بالتساهل فى قبول القراءات‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى صحفه )‪ (2 ً، 1‬من الكتاب نفسه‪" :‬وقد تسامح‬
‫المسلمون فى هذه القراءات واعترفوا بها جميعا على قدم المساواة بالرغم مما قد يفرضِ من أن ال‬
‫تعالى قد أوحى بكلمه كلمة كلمة وحرفا حرفا‪ ً،‬وأن مثله من الكلم المحفوظ فى اللوح والذى تنرزل به‬
‫الممملك على الرسول المختار يجب أن يكون على شكل واحد وبلفظ واحد" اهـ‪.‬‬
‫كما ل نستطيع أن نوافقه على ما نسبه إلى الصحابة‪ ً،‬من أنهم هم الذين أحدثوا هذه القراءات جميعا‪ً،‬‬
‫ونفى كونها من كلم ال‪ ً،‬وعرلل ما ذهب إليه بعلل واهية ل تقوم إل على أوهام تخيلها فظنها حقائقا‪ً،‬‬
‫وذلك حيث يقول فى صفحه )‪ (6‬بعد أن ساقا هذه الية‪} :‬إررنآ أمهرمسهلمنامك مشارهدا مويممبيشرا مومنرذيرا * لييتهؤرمينوها‬
‫ل من "وتعزروه"‬ ‫ل{ُ‪ ..‬قال‪" :‬قرأ بعضهم بد ل‬ ‫صي ل‬ ‫ربٱِلرلره مومريسورلره مويتمعيزيرويه مويتمويقيرويه مويتمسيبيحويه يبهكمرلة موأم ر‬
‫بالراء‪" :‬وتعززوه" بالزاى‪ ً،‬من العزة والتشريف‪ ً،‬وإنى أرى فى النتقال من تلك القراءة إلى هذه القراءة‬
‫‪ -‬وإن كنت ل أجزم بذلك ‪ -‬أن شيئا من التفكير فى تصور أن ال قد ينتظر مساعدة من النسان قد‬
‫دعا إلى ذلك‪ ً،‬حقا إنه قد جاءت فى القرآن آيات بهذا المعنى ‪ -‬سورة الحج ]‪ [40‬ومحمد ]‪ [7‬والحشر ]‬
‫‪ [8‬وغيرها ‪ -‬مبهيد أن اللفظ المستعمل فى هذه اليات ‪ -‬وهو "نصر" ‪ -‬يقوم على أساس أخلقى‬
‫وتهذيبى‪ ً،‬وليس كالتعبير بلفظ "عرزر" وهى الكلمة المتفقة مع اللفظ العبرى "عزار"‪ ً،‬والتعبير بـ "عرزر"‬
‫تعبير حاد يقوم على أساس من المساعدة المادية" اهـ‪.‬‬
‫فهذا الكاتب دفعه إلى رأيه الذى رآه ولم يقطع به كما هى عادته‪ ً،‬جهله بأساليب العرب وأفانينها فى‬
‫البلغة‪ ً،‬فالعرب ل يفهمون من قوله تعالى‪} :‬مويتمعيزيرويه{ُ ‪ -‬بالراء ‪ -‬معنى النصرة المادية‪ ً،‬بل أول ما‬
‫تصل هذه الكلمة إلى أسماعهم يعلمون مأن ال يريد منهم نصر دينه ونصر رسوله‪ ً،‬وكثر من مثل هذه‬
‫العبارات وارد فى القرآن‪ ً،‬وما ذكره من التفرقة بين لفظ‪" :‬نصر" ولفظ‪" :‬عرزر" من أن الول يقوم على‬
‫أساس أخلقى تهذيبى‪ ً،‬والثانى يقوم على أساس من المساعدة المادية‪ ً،‬ل يقوم على أساس من الفقه‬
‫اللغوى‪.‬‬
‫ويقول الكاتب فى صفحة )‪ (20 - 19‬من الكتاب نفسه‪" :‬وأحب أن أهتم هنا ببعضِ ما ذكرته من هذه‬
‫القراءات‪ ً،‬لما فيه من طابع خاص ذى مبادئ جوهرية‪ ً،‬فبعضِ هذه الختلفات ترجع أسبابها إلى‬
‫الخوف من أن يتنسب إلى ال ورسوله عبارات قد يلحظ فيها بعضِ أصحاب وجوه النظر الخاصة بما‬
‫يمس الذات اللهية العالية إلى الرسول‪ ً،‬أو مما يرى أنه غير لئقا بالمقام‪ .‬وهنا تغيرت القراءات من‬
‫هذه الناحية بسبب هذه الفكار التنزيهية" ‪ ..‬ثم ضرب لذلك أمثلة فقال‪" :‬ففى سورة آل عمران آية ]‪:[18‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لرئمكية موأيهويلوها ٱهلرعهلرم{ُ‪ ..‬فقد فهم أن هناك ما يصطدم بشهادة ال نفسه‬ ‫ل يهمو موٱهلمم م‬
‫ل إرملــمه إر ر‬ ‫}مشرهمد ٱللريه أمرنيه م‬
‫على قدم المساواة مع الملئكة ويأولى العلم فقرأ بعضهم‪" :‬شهداء ال‪ :‬أنه ل إله إلا هو والملئكة ويأولوا‬
‫العلم" اهـ‪.‬‬
‫والمتأمل أدنى تأمل أن هذا الوهم الذى اردعى حصوله من القراءة الولى ل يمكن أن يدور بخلد عاقل‪ً،‬‬
‫ولم نر أحدا من العلماء خطر له هذا اليهام‪ ً،‬فشهادة ال مع الملئكة ل غبار عليها‪ ً،‬ول تفيد مساواته‬
‫لمن يذركروا معه‪.‬‬
‫ويقول فى صفحة ‪ :‬وفى سورة العنكبوت آيتى ]‪} :[3 - 2‬أممحرسمب ٱلرنايس مأن يهتمريكيوها مأن مييقويليوها آممرنا مويههم‬
‫صمديقوها مولمميهعلمممرن ٱهلمكارذربيمن{ُ‪ ..‬فقوله تعالى‪:‬‬ ‫ل يهفمتينومن * مولممقهد مفمترنا ٱرلرذيمن رمن مقهبرلرههم مفلمميهعلمممرن ٱللريه ٱرلرذيمن م‬ ‫م‬
‫}مفلمميهعلمممرن{ُ قد يوحى إلى النفس أن ال قد علم ذلك أولل عند الفتنة كأنه لم يكن يعلم بذلك فى الزل‪ً،‬‬
‫ويظهر أن مثل هذا الظن قد أردى إلى قراءة على والزهرى‪" :‬مفليهعرلممرن" من العلم‪ ً،‬بمعنى‪ :‬فليمعيرمفرن الي‬
‫الناس أخلقا هؤلء وهؤلء‪ ً،‬أو بمعنى لميرسممرنهم بعلمة ييعرفون بها‪ ً،‬من بياضِ الوجوه وسوادها‪ ً،‬وكحل‬
‫العيون وزرقتها‪ .‬وزرقة العيون عند العرب علمة على القبح والغدر‪ ً،‬وأحيانا على الحسد" ا هـ‪.‬‬
‫وللرد على هذا نقول‪ :‬إن ال تعالى ل يعلم الشيء موجودا إل بعد وجوده‪ ً،‬فتعلقا علمه بالحادث باعتبار‬
‫أنه حدث حادث‪ ً،‬وهذا ل ينافى كونه عالما من الزل بالشئ قبل وقوعه‪ ً،‬فالكاتب ظن أن العلم المترتب‬
‫على الفتنة هو العلم الزلى‪ ً،‬ونسى علم النكشاف والظهور‪ ً،‬فبنى على هذا أن ممن قرأ‪" :‬فلييعرلمن" من‬
‫العلم‪ ً،‬قرأ بها فرارا مما تفيده القراءة الولى‪ ً،‬وهذا قول باطل‪ ً،‬ول يخفى على صحابة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أن فتنة ال لمن يشاء من عباده‪ ً،‬يراد منها أن ييظهر للناس فى الخارج ما اشتمل‬
‫عليه علمه من الزل‪ ً،‬فكيف ييعقل أنهم عدلوا عن قراءة "فلميعملمن" من العلم إلى قراءة "فلييعرلمن" من‬
‫العلم لمجرد هذا الوهم الباطل؟‪ ..‬الرلهم إن الكاتب ل يريد إل أن يوقع فى أذهان الناس أن القرآن كان‬
‫يعهرضه للتبديل والتحريف من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد ساقا الكاتب أمثلة كثيرة فى كتابه‪ ً،‬كلها من هذا القبيل ولهذا الغرضِ بدون أن ييفيرقا بين قراءة‬
‫متواترة وقراءة شاذة‪ ً،‬ولو أنه علم ما اشترطه المسلمون لصحة القراءة وقبولها من تواترها عن صاحب‬
‫الرسالة‪ .‬أو صحة السند وموافقة العربية وموافقة الرسم العثمانى‪ ً،‬لما صار إلى هذا الرأى الباطل‪ ً،‬ولما‬
‫نسب إلى الصحابة رضوان ال عليهم مثل هذا التحريف والتبديل فى كتاب ضمن ال حفظه فقال‪} :‬إررنا‬
‫منهحين منرزهلمنا ٱليذهكمر موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ‪.‬‬
‫***‬
‫*المصدر الثانى ‪ -‬النبى صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫المصدر الثانى الذى كان يرجع إليه الصحابة فى تفسيرهم لكتاب ال تعالى هو رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬فكان الواحد منهم إذا أشكلت عليه آية من كتاب ال‪ ً،‬رجع إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فى تفسيرها‪ ً،‬فيبين له ما خفى عليه‪ ً،‬لن وظيفته البيان‪ ً،‬كما أخبر ال عنه بذلك فى كتابه حيث‬
‫قال‪}" :‬موأمهنمزهلمنا إرملهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرملهيرههم موملمعلريههم ميمتمفركيرومن{ُ‪ ..‬وكما منربمه على ذلك مرسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فيما رواه أبو داود بسنده إلى الرسول صلى ال عليه وسلم أنه قالك "أل وإني‬
‫يأوتي يت الكتاب ومثله معه‪ .‬أل يوشك رجل شبعان على أريكته يقول‪ :‬عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه‬
‫من حلل فأرحسلوه‪ ً،‬وما وجدتم فيه من حرام فحمررموه"‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫والذى يرجع إلى كتب السسرنة يجد أنها قد أفردت للتفسير بابا من البواب التى اشتملت عليها‪ ً،‬ذكرت فيه‬
‫كثيرا من التفسير المأثور عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ما أخرجه أحمد والترمذى وغيرهما عن عدى بن حبان قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن‬
‫ضالين هم النصارى"‪.‬‬ ‫المغضوب عليهم هم اليهود‪ ً،‬وإن ال ر‬
‫وما رواه الترمذى وابن حبان فى صحيحه عن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"الصلة الوسطى صلة العصر"‪.‬‬
‫وما رواه أحمد والشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال‪" :‬لما نزلت هذه الية‪} :‬ٱرلرذيمن آممينوها مولمهم ميهلربيسيوها‬
‫رإيممامنيههم ربيظهل هَم{ُ‪ .‬شقا ذلك على الناس فقالوا‪ :‬يا رسول ال؛ً وأينا ل يظلم نفسه؟ قال‪" :‬إنه ليس الذى‬
‫تعنون‪ ً،‬ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح‪ :‬إن الشرك لظلم عظيم؟ إنما هو الشرك"‪.‬‬
‫وما أخرجه مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال‪ :‬سمعيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول وهو‬
‫على المنبر‪} :‬موأمرعسدوها لميههم رما ٱهسمتمطهعيتهم يمن يقروهَة{ُ‪ ..‬أل وإن القوة الرمى"‪.‬‬
‫على قال‪" :‬سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم عن يوم الحج الكبر فقال‪:‬‬ ‫وما أخرجه الترمذى عن س‬
‫"يوم النحر"‪.‬‬
‫وما أخرجه الترمذى وابن جرير عن أيمبسى بن كعب أنه سمع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫}موأمهلمزمميههم مكرلمممة ٱلرتهقموـى{ُ‪ ..‬قال‪" :‬ل إله إلا ال"‪.‬‬
‫وما أخرجه أحمد والشيخان وغيرهما عن عائشة قالت‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ممن نوقش‬
‫الحساب يعرذب" قلت‪ :‬أليس يقول ال‪} :‬مفمسهومف يمحامسيب رحمسابا ميرسيرا{ُ؟ قال‪" :‬ليس ذلك بالحساب‪ ..‬ولكن‬
‫ذلك العرضِ"‪.‬‬
‫وما أخرجه أحمد ومسلم عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬الكوثر نهر أعطانيه ربى‬
‫فى الجنة"‪.‬‬
‫وغير هذا كثير مما صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫**‬
‫*الوضع على رسول ال صلى ال عليه وسلم فى التفسير‪:‬‬
‫ضاع زادوا فى هذا النوع من التفسير كثيرا‪ ً،‬ونسبوا إلى رسول ال صلى ال‬ ‫غير أن اليق ر‬
‫صاص واليو ر‬
‫عليه وسلم ما لم يقله‪ ً،‬وليس أدل على هذا مما أخرجه الحاكم عن أنس أنه قال‪ :‬يسرئل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم عن قوله تعالى‪} :‬موٱهلمقمنارطيرر ٱهليممقهنمطمررة{ُ فقال‪" :‬القناطر ألف أوقية"‪ ً،‬وما أخرجه أحمد وابن‬
‫ماجه عن أبى هريرة‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬القنطار اثنا عشر ألف أوقية"‪.‬‬
‫فمثل هذا التناقص فى مقدار وزن القنطار‪ ً،‬ل يمكن أن يصدر عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫ولهذا رد العلماء كثيرا مما ورد من التفسير منسوبا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد ينرقل عن‬
‫المام أحمد أنه قال‪" :‬ثلثة ليس لها أصل‪ :‬التفسير‪ ً،‬والملحم‪ ً،‬والمغازى" ومراده من قوله هذا ‪ -‬كما‬
‫ينرقل عن المحققين من أتباعه ‪ -‬أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متصلة ل كما استظهره الستاذ‬
‫أحمد أمين حيث يقول‪" :‬وظاهر هذه الجملة أن الحاديث التى وردت فى التفسير ل أصل لها وليست‬
‫بصحيحة‪ ً،‬والظاهر ‪ -‬كما قال بعضهم ‪ -‬أنه يريد الحاديث المرفوعة إلى النبى صلى ال عليه وسلم‬
‫فى التفسير‪ .‬أما الحاديث المنقولة عن الصحابة فل وجه لنكارها‪ ً،‬وقد اعترف هو نفسه ببعضها"‪.‬‬
‫وحيث يقول‪" :‬إن بعضِ العلماء أنكر هذا الباب بتاتا‪ ً،‬أعنى أنه أنكر صحة ورود ما يروونه من هذا‬
‫الباب‪ ً،‬فقد روى عن الأمام أحمد أنه قال‪" :‬ثلثة ليس لها أصل‪ :‬التفسير‪ ً،‬والملحم‪ ً،‬والمغازى"‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬ليس المر كما استظهره صاحب "ضحى السلم" و "فجر السلم‪ ً،‬لنه مما ل شك فيه أن النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم صرحت عنه أحاديث فى التفسير‪ ً،‬والمام أحمد نفسه معترف بها‪ ً،‬فكيف ييعقل أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المام أحمد يريد من عبارته السابقة نفى الصحة عن جميع الحاديث المرفوعة إلى النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم فى التفسير؟ ‪ -‬وظنى أن الستاذ أراد بالبعضِ المذكور‪ ً،‬المحققين من أصحاب المام أحمد‪ ً،‬غاية‬
‫المر أنه حمل كلمهم على غير ما أردوا فوقع فى هذا الخطأ‪ ً،‬والعجب أنه نقل عن "التقان" فى هامش‬
‫فجر السلم )صفحة ‪ (245‬ما استظهرناه من كلم المحققين من أتباع المام أحمد‪.‬‬
‫واعترف فى فجر السلم )صفحة ‪ ً،(245‬وضحى السلم )الجزء الثانى صفحة ‪ :(138‬بأنه قد صح‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم تفسيرات لبعضِ ما يأشكل من القرآن‪ ً،‬وإن كان قد اضطرب فى‬
‫كلمه فجعل ما ورد من التفسير عن رسول ال صلى ال عليه وسلم بالغا حد الكثرة‪ ً،‬حيث قال فى فجر‬
‫السلم )صفحة ‪" :(245‬وهذا النوع كثير‪ :‬وردت منه أبواب فى كتب الصحاح الستة‪ ً،‬وزاد فيه‬
‫ضاع كثير"‪ ً،‬ثم عاد فى ضحى السلم )جزء ‪ 2‬صفحة ‪ (138‬فجعل ما ورد عن‬ ‫اليق ر‬
‫صاص واليو ر‬
‫الرسول من التفسير بالغا حد الرقرلة حيث قال‪" :‬وما روى عن الرسول صلى ال عليه وسلم فى ذلك قليل‪ً،‬‬
‫حتى روى عن عائشة أنها قالت‪ :‬لم يكن النبى صلى ال عليه وسلم يفيسر شيئا من القرآن إل آيات يتمعد‪ً،‬‬
‫ل عن يمردعاه ولم ييعيقب عليه‪ ً،‬مع أنه أحال‬ ‫عرلمهرن إياه جبريل"‪ ً،‬وفاته أن الحديث مطعون فيه‪ ً،‬فذكره دلي ل‬
‫ضح رعرلته‪ ً،‬وتأروله على فرضِ الصحة كما سنوضح ذلك فيما‬ ‫على الطبرى فى نقل الحديث‪ ً،‬والطبرى و ر‬
‫بعد إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫**‬
‫*هل تناول النبى صلى ال عليه وسلم القرآن كله بالبيان؟‬
‫قد يقول قائل‪ :‬إن ال تعالى يقول فى سورة النحل‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرملهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرملهيرههم موملمعلريههم‬
‫ميمتمفركيرومن{ُ ‪ ..‬فهل مبريمن لهم بعضه وسكت عن بعضه الخر؟‪ ً،‬ثم على أى وجه كان هذا البيان من‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم لصحابه؟‪ .‬وللجواب عن هذا نقول‪:‬‬
‫*المقدار الذى برينه رسول ال صلى ال عليه وسلم من القبرآن لصحابه‪:‬‬
‫اختلف العلماء فى المقدار الذى برينه النبى صلى ال عليه وسلم من القرآن لصحابه‪ :‬فمنهم ممن ذهب‬
‫إلى القول بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم برين لصحابه كل معانى القرآن كما برين لهم ألفاظه‪ً،‬‬
‫وعلى رأس هؤلء ابن تيمية‪.‬‬
‫ومنهم ممن ذهب إلى القول بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم لم ييبيين لصحابه من معانى القرآن إل‬
‫القليل‪ ً،‬وعلى رأس هؤلء‪ :‬اليخوييى والسيوطى‪ ً،‬وقد استدل كل فريقا على ما ذهب إليه بأدلة نوردها‬
‫ليتضح لنا الحقا ويظهر الصواب‪.‬‬
‫**‬
‫*أدلة ممن قال النبى صلى ال عليه وسلم برين كل معانى القرآن‪:‬‬
‫أول‪ :‬قوله تعالى‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرلمهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرلمهيرههم مولممعلريههم ميمتمفركيرومن{ُ ‪..‬‬
‫والبيان فى الية يتناول بيان معانى القرآن‪ ً،‬كما يتناول بيان ألفاظه‪ ً،‬وقد برين الرسول ألفاظه كلها‪ ً،‬فل بد‬
‫صرا فى البيان الذى يكليمف به من ال‪.‬‬ ‫أن يكون قد برين كل معانيه أيضا‪ ً،‬وإل كان مق ي‬
‫ثانيا‪ :‬ما روى ن أبى عبد الرحمن السلمى أنه قال‪" :‬حردثن الذين كانوا ييقرئوننا القرآن‪ ً،‬كعثمان بن‬
‫عفان‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود‪ ً،‬وغيرهما‪ :‬أنهم كانوا إذا تعرلموا من النبى صلى ال عليه وسلم عشر آيات‬
‫لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل‪ ً،‬قالوا‪ :‬فتعرلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا"‪ ً،‬ولهذا‬
‫كانوا يبقون مدة طويلة فى حفظ السورة‪ ً،‬وقد ذكر المام مالك فى الموطأ‪ :‬أن ابن عمر أقام على حفظ‬
‫"البقرة" ثمان سنوات‪ ً،‬والذى حمل الصحابة على هذا‪ ً،‬ما جاء فى كتاب ال تعالى من قوله‪} :‬ركمتافب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مأنمزهلمنايه إرملهيمك يممبامرفك ليميردربيريوها آميارتره{ُ‪ ..‬وتدبر الكلم بدون فهم معانميه ل يمكن‪ ً،‬وقوله‪} :‬إررنآ أمهنمزهلمنايه يقهرآنا‬
‫صد منه فهم معانيه دون‬ ‫معمرربسيا لرمعلريكهم متهعرقيلومن{ُ‪ ..‬وعقل الكلم متضمن لفهمه‪ ً،‬ومن المعلوم أن كل كلم ييق م‬
‫مجرد ألفاظه‪ ً،‬والقرآن أولى بذلك من غيره‪.‬‬
‫فهذه الثار تدل على أن الصحابة تعرلموا من رسول ال صلى ال عليه وسلم معانى القرآن كلها‪ ً،‬كما‬
‫تعرلموا ألفاظه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قالوا إن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا فى فن من العلم كالطلب أو الحساب ول يستشرحوه‪ ً،‬فكيف‬
‫بكتاب ال الذى فيه عصمتهم‪ ً،‬وبه نجاتهم وسعادتهم فى الدنيا والخرة؟‬
‫رابعا‪ :‬ما أخرجه المام أحمد وابن ماجه عن عمر رضى ال عنه أنه قال‪" :‬من آخر ما نزل آية الربا‪ً،‬‬
‫وإن رسول ال صلى ال عليه وسلم يقبضِ قبل أن ييفيسرها"‪ ً،‬وهذا يدل بالفحوى على أنه كان ييفيسر لهم‬
‫كل ما نزل‪ ً،‬وأنه إنما لم ييفيسر هذه الية‪ ً،‬لسرعة موته بعد نزولها‪ ً،‬وإل لم يكن للتخصيص بها وجه‪.‬‬
‫**‬
‫*أدلة ممن قال بأن النبى صلى ال عليه وسلم لم يبيين لصحابه إل القليل من معانى القرآن‪:‬‬
‫استدل أصحاب هذا الرأى بما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬ما أخرجه البرزار عن عائشة قالت‪" :‬ما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ييفيسر شيئا من القرآن‬
‫إل آيا بعدد‪ ً،‬عرلمه إياهمن جبريل"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قالوا‪ :‬إن بيان النبى صلى ال عليه وسلم لكل معانى القرآن متعذر‪ ً،‬ول يمكن ذلك إل فى آى‬
‫قلئل‪ ً،‬والعلم بالمراد ييستنبط بأمارات ودلئل‪ ً،‬ولم يأمر ال نبيه بالتنصيص على المراد فى جميع آياته‬
‫لجل أن يتفكر عباده فى كتابه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قالوا‪ :‬لو كان رسول ال صلى ال عليه وسلم برين لصحابه كل معانى القرآن لما كان لتخصيصه‬
‫ابن عباس بالدعاء بقوله‪" :‬الرلهم فقهه فى الدين وعيلمه التأويل" فائدة‪ ً،‬لنه يلزم من بيان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم لصحابه كل معانى القرآن استواؤهم فى معرفة تأويله‪ ً،‬فكيف يخصص ابن عباس بهذا‬
‫الدعاء؟‬
‫**‬
‫*مغالة الفريقين‪:‬‬
‫وممن يتأمل فيما تقردم من أدلة الفريقين يتضح له أنهما على طرفى نقيضِ‪ .‬ورأيى أن كل فريقا منهم‬
‫مبالغ فى رأيه‪ .‬وما استدل إليه كل فريقا من الدلة يمكن مناقشته بما يجعله ل ينهضِ يحرجة على‬
‫المردعى‪.‬‬
‫*مناقشة أدلة الفريقا الول‪:‬‬
‫فاستدلل ابن تيمية وممن معه على رأيهم بقوله تعالى‪} :‬رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرلمهيرههم{ُ استدلل غير صحيح‪ً،‬‬
‫لن الرسول ‪ -‬بمقتضى كونه مأمورا بالبيان ‪ -‬كان ييبيين لهم ما أشكل عليهم فهمه من القرآن‪ ً،‬ل كل‬
‫معانيه‪ ً،‬ما أشكل منها وما لم يشكل‪.‬‬
‫وأما استدللهم بما روى عن عثمان وابن مسعود وغيرهما من أنهم كانوا إذا تعرلموا من النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم عشر آيات من القرآن لم يجاوزوها حتى يتعرلموا ما فيها‪ ً،‬فهو استدلل ل ينتج المدعى‪ ً،‬لن‬
‫غاية ما يفيده‪ ً،‬أنهم كانوا ل يتجاوزون ما تعرلموه من القرآن حتى يفهموا المراد منه‪ ً،‬وهو أعم من أن‬
‫يفهموه من النبى صلى ال عليه وسلم أو من غيره من إخوانهم الصحابة‪ ً،‬أو من تلقاء أنفسهن‪ ً،‬حسبما‬
‫يفتح ال به عليهم من النظر والجتهاد‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأما الدليل الثالث‪ ً،‬فكل ما يدل عليه‪ :‬هو أن الصحابة كانوا يفهمون القرآن ويعرفون معانيه‪ ً،‬شأن أى‬
‫كتاب يقرؤه قوم‪ ً،‬ولكن ل يلزم منه أن يكونوا قد رجعوا إلى النبى فى كل لفظ منه‪.‬‬
‫وأما الدليل الرابع‪ ً،‬فل يدل أيضا‪ ً،‬لن وفاة النبى عليه الصلة والسلم قبل أن ييبيين لهم آية الربا ل تدل‬
‫على أنه كان ييبيين لهم كل معانى القرآن‪ ً،‬فلعل هذه الية كانت مما أشكل على الصحابة‪ ً،‬فكان ل بد من‬
‫الرجوع فيها إلى النبى عليه السلم‪ ً،‬شأن غيرها من مشكلت القرآن‪.‬‬
‫**‬
‫*مناقشة أدلة الفريقا الثانى‪:‬‬
‫وأما استدلل أصحاب الرأى الثانى بحديث عائشة‪ ً،‬فهو استدلل باطل‪ ً،‬لن الحديث منكر غريب‪ ً،‬لنه‬
‫من رواية محمد بن جعفر الزبيرى‪ ً،‬وهو مطعون فيه‪ ً،‬قال البخارى‪" :‬ل ييتامبع فى حديثه"‪ ً،‬وقال الحافظ‬
‫أبو الفتح الزدى‪" :‬منكر الحديث"‪ ً،‬وقال فيه ابن جرير الطبرى‪" :‬إنه ممن ل ييعرف فى أهل الثار"‪ً،‬‬
‫وعلى فرضِ صحة الحديث فهو محمول ‪ -‬كما قال أبو حيان ‪ -‬على مغيبات القرآن‪ ً،‬وتفسيره لمجمله‪ً،‬‬
‫ونحوه مما ل سبيل إليه إل بتوقيف من ال‪ .‬وفى معناه ما قاله ابن جرير وما قاله ابن عطية‪.‬‬
‫وأما الدليل الثانى‪ ً،‬فل يدل أيضا على ندرة ما جاء عن النبى عليه الصلة والسلم فى التفسير‪ ً،‬إذ أن‬
‫دعوة إمكان التفسير بالنسبة ليات قلئل‪ ً،‬وتعذره بالنسبة للكل غير يمسرلمة‪ ً،‬وأما ما قيل من أن النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم لم يؤمر بالتنصيص على المراد فى جميع اليات لجل أن يتفكر الناس فى آيات‬
‫القرآن فليس بشيء‪ ً،‬إذ أن النبى عليه الصلة والسلم مأمور بالبيان‪ ً،‬وقد يشكل الكثير على أصحابه‬
‫فيلزمه البيان‪ ً،‬ولو يفررضِ ‪ -‬أن القرآن أشكل كله على الصحابة ما كان للنبى عليه الصلة والسلم أن‬
‫يمتنع عن بيان كل آية منه‪ ً،‬بمقتضى أمر ال له فى الية‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرلمهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل‬
‫إرلمهيرههم{ُ‪.‬‬
‫وأما الدليل الثالث‪ ً،‬فول سرلمنا أنه يدل على أن النبى صلى ال عليه وسلم لم ييفيسر كل معانى القرآن‪.‬‬
‫فل ينسيلم أنه يدل على أنه فرسر النادر منه كما هو المسدعى‪.‬‬
‫**‬
‫*اختيارنا فى المسألة‪:‬‬
‫والرأى الذى تميل إليه النفس ‪ -‬بعد أن اتضح لنا مغالة كل فريقا فى دعواه وعدم صلحية الدلة‬
‫لثبات اليمردعى ‪ -‬هو أن نتوسط بين الرأيين فنقول‪ :‬إن الرسول صلى ال عليه وسلم برين الكثير من‬
‫معانى القرآن لصحابه‪ ً،‬كما تشهد بذلك كتب الصحاح‪ ً،‬ولم ييبيين كل معانى القرآن‪ ً،‬لن من القرآن ما‬
‫استأثر ال تعالى بعلمه‪ ً،‬ومنه ما يعلمه العلماء‪ ً،‬ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها‪ ً،‬ومنه ما ل ييعذر أحد‬
‫فى جهالته كما صسرح بذلك ابن عباس فيما رواه عنه ابن جرير‪ ً،‬قال‪" :‬التفسير على أربعة أوجه‪ :‬وجه‬
‫تعرفه العرب من كلمها‪ ً،‬وتفسير ل ييعذر أحد بجهالته‪ ً،‬وتفسير تعرفه العلماء‪ ً،‬وتفسير ل يعلمه إل‬
‫ال"‪.‬‬
‫وبدهى أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لم يفيسر لهم ما يرجع فهمه إلى معرفة كلم العرب‪ ً،‬لن‬
‫القرآن نزل بلغتهم‪ ً،‬ولم يفيسر لهم ما تتبادر الفهام إلى معرفته وهو الذى ل ييعرفه أحد بجهله‪ ً،‬لنه ل‬
‫يخفى على أحد‪ ً،‬ولم يف يسر لهم ما استأثر ال بعلمه كقيام الساعة‪ ً،‬وحقيقة الروح‪ ً،‬وغير ذلك من كل ما‬
‫يجرى مجرى الغيوب التى لم ييطلع ال عليها نبيه‪ ً،‬وإنما فرسر لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم بعضِ‬
‫المغيبات التى أخفاها ال عنهم وأطلعه عليها وأمره ببيانها لهم‪ ً،‬وفرسر لهم أيضا كثيرا مما يندرج تحت‬
‫القسم الثالث‪ ً،‬وهو ما يعلمه العلماء يرجع إلى اجتهادهم‪ ً،‬كبيان المجمل‪ ً،‬وتخصيص العام‪ ً،‬وتوضيح‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المشكل‪ ً،‬وما إلى ذلك من كل ما خفى معناه والتبس المراد به‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإرن مما يؤيد أن النبى عليه الصلة والسلم لم ييفيسر كل معانى القرآن‪ ً،‬أن الصحابة رضوان ال‬
‫عليهم أجمعين‪ ً،‬وقع بينهم الختلف فى تأويل بعضِ اليات‪ ً،‬ولو كان عندهم فيه نص عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ما وقع هذا الختلف‪ ً،‬أو لرتفع بعد الوقوف على النص‪.‬‬
‫بقى بعد هذا أن نجيب عن الشقا الثانى من السؤال‪ ً،‬وهو‪ :‬على أى وجه كان بيان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم للقرآن؟ فنقول‪:‬‬
‫إرن الناظر فى القرآن الكريم والسسرنة النبوية الشريفة يجد فيهما ما يدل على أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وظيفته البيان لكتاب ال‪ ً،‬أو بعبارة أخرى‪ ً،‬ما يدل على أن مركز السسرنة النبوية من القرآن‪ ً،‬مركز‬
‫المبيين من المبرين‪.‬‬
‫فمن القرآن‪ ً،‬قوله تعالى‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرلمهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرلمهيرههم{ُ‪.‬‬
‫ومن السسرنة‪ ً،‬ما رواه أبو داود عن المقدام بن معد يكرب‪ ً،‬عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫"أل وإنى أوتييت الكتاب ومثله معه‪ ً،‬أل يوشك رجل شبعان على أريكته يقول‪ :‬عليكم بهذا القرآن‪ ً،‬فما‬
‫وجدتم فيه من حلل فأرحسلوه‪ ً،‬وما وجدتم فيه من حرام مفحيرموه‪ ً،‬إل ل يحل لكم الحمار الهلى‪ ً،‬ول كل‬
‫ذى ناب من السباع‪ ً،‬ول لقطة معاهد‪ ً،‬إل أن يستغنى عنها صاحبها‪ ً،‬وممن نزل بقوم فعليهم أن يقروه‪ً،‬‬
‫فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل رقراه"‪.‬‬
‫فقوله‪" :‬أوتييت الكتاب ومثله معه" معناه أنه أوتى الكتاب وحيا ييتملى‪ ً،‬ويأوتى من البيان مثله‪ ً،‬أى يأذمن له‬
‫أن ييبيين ما فى الكتاب‪ .‬فيعم ويخص‪ ً،‬ويزيد عليه وييشيرع ما فى الكتاب‪ ً،‬فيكون فى وجوب العمل به‬
‫ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن‪ .‬ويحتمل وجها آخر‪ :‬وهو أنه يأوتى من الوحى الباطن عن‬
‫المتلو‪ ً،‬مثل ما أعطى من الظاهر المتلو‪ ً،‬كما قال تعالى فى سورة النجم آيتى ]‪} :[4 ً،3‬مومما مينرطيقا معرن‬
‫ل موهحفي ييومحـى{ُ‪..‬‬ ‫ٱهلمهموـى * إرهن يهمو إر ر‬
‫وأما قوله‪" :‬يوشك رجل شبعان‪ "..‬إلخْ‪ ً،‬فالمقصود منه التحذير من مخالفة السسرنة التى سرنها الرسول‬
‫وليس لها ذكر فى القرآن‪ ً،‬كما هو مذهب الخوارج والروافضِ الذين تعرلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن‬
‫التى ضمنت بيان الكتاب فتحريروا وضسلوا‪ ً،‬وروى الوزاعى عن حسان بن عطية قال‪" :‬كان الوحى‬
‫ينزل على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويحضره جبريل بالسسرنة التى تفيسر ذلك"‪ ً،‬وروى الوزاعى‬
‫عن مكحول قال‪" :‬القرآن أحوج إلى السسرنة من السسرنة إلى القرآن"‪.‬‬
‫**‬
‫*أوجه بيان السسرنة للكتاب‪:‬‬
‫وإذ قد اتضح لنا من الية والحديث والثار مقدار ارتباط السسرنة بالكتاب‪ ً،‬ارتباط المبيين فلنيبيين بعد ذلك‬
‫أوجه هذا البيان فنقول‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬بيان المجمل فى القرآن‪ ً،‬وتوضيح المشكل‪ ً،‬وتخصيص العام‪ ً،‬وتقييد المطلقا‪ ً،‬فمن الول‪:‬‬
‫بيانه عليه الصلة والسلم لمواقيت الصلوات الخمس‪ ً،‬وعدد ركعاتها‪ ً،‬وكيفيتها‪ ً،‬وبيانه لمقادير الزكاة‪ً،‬‬
‫وأوقاتها‪ ً،‬وأنواعها‪ ً،‬وبيانه لمناسك الحج‪ .‬ولذا قال‪" :‬خذوا عنى مناسككم"‪ ً،‬وقال‪" :‬صسلوا كما رأيتمونى‬
‫يأصيلى"‪.‬‬
‫وقد روى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل‪" :‬إنك أحمقا‪ ً،‬أتجد اليظهر فى كتاب ال‬
‫أربعاص ل ييجمهر فيها بالقراءة؟ ثم عردد عليه الصلة‪ ً،‬والزكاة‪ ً،‬ونحو ذلك‪ ً،‬ثم قال‪ :‬أتجد هذا فى كتاب‬
‫ال تعالى يمفرسرا؟ إن كتاب ال تعالى أبهم هذا‪ ً،‬وإن السسرنة يتفيسر هذا"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومن الثانى‪ :‬تفسيره ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬للخيط البيضِ والخيط السود فى قوله تعالى‪} :‬محرتـى‬
‫لهسمورد رممن ٱهلمفهجرر{ُ بأنه بياضِ النهار وسواد الليل‪.‬‬ ‫ضِ رممن ٱهلمخهيرط ٱ م‬ ‫ميمتمبريمن لميكيم ٱهلمخهييط ٱ م‬
‫لهبمي ي‬
‫ومن الثالث‪ :‬تخصيصه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬الظلم فى قوله تعالى‪} :‬ٱرلرذيمن آممينوها مولمهم ميهلربيسيوها رإيممامنيههم‬
‫ربيظهلهَم{ُ بالشرك‪ ً،‬فإن بعضِ الصحابة فهم مأن الظلم مراد منه العموم‪ ً،‬حتى قال‪ :‬وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬ليس بذلك‪ ً،‬إنما هو الشرك"‪.‬‬
‫ومن الرابع‪ :‬تقييده اليد فى قوله تعالى‪} :‬مفٱِهقمطيعيوها أمهيردمييهمما{ُ باليمين‪.‬‬
‫ضآيليمن{ُ بالنصارى‪.‬‬ ‫ضورب معملهيرهم{ُ باليهود‪ ً،‬و }ٱل ر‬ ‫الوجه الثانى‪ :‬بيان معنى لفظ أو متعلقة‪ ً،‬كبيان‪} :‬ٱهلممهغ ي‬
‫وكبيان قوله تعالى‪} :‬مولميههم رفيمهآ أمهزموافج سممطرهمرفة{ُ بأنها يمطرهرة من الحيضِ والبزاقا والنخامة‪ ً،‬وكبيان قوله‬
‫تعالى‪} :‬موٱهديخيلوها ٱهلمبامب يسرجدا مويقويلوها رحرطفة رنهغرفهر لميكهم مخمطاميايكهم مومسمنرزييد ٱهليمهحرسرنيمن * مفمبردمل ٱرلرذيمن مظلميموها مقهو ل‬
‫ل‬
‫مغهيمر ٱرلرذيِ رقيمل لميههم{ُ بأنهم دخلوا يزحفون على أستاهم وقالوا‪ :‬حبة فى شعيرة‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬بيان أحكام زائدة على ما جاء فى القرآن الكريم‪ ً،‬كتحريم نكاح المرأة على عمتها‬
‫وخالتها‪ ً،‬وصدقة الفطر‪ ً،‬ورجم الزانى المحصن‪ ً،‬وميراث الجدة‪ ً،‬والحكم بشاهد ويمين‪ ً،‬وغير هذا كثير‬
‫يوجد فى كتب الفروع‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬بيان النسخْ‪ :‬كأن ييبيين رسول ال صلى ال عليه وسلم أن آية كذا ينرسمخت بكذا‪ ً،‬أو أن حكم‬
‫كذا ينرسخْ بكذا‪ ً،‬فقوله عليه الصلة والسلم‪ " :‬ل وصية لوارث" بيان منه أن آية الوصية للوالدين‬
‫والقربين منسوخ حكمهها وإن بقيت تلوتها‪ .‬وحديث‪" :‬البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" بيان منه‬
‫لرتي ميهأرتيمن ٱهلمفارحمشمة رمن ينمسآرئيكهم مفٱِهسمتهشرهيدوها معملهيرهرن‬
‫أيضا لنسخْ حكم الية ]‪ [15‬من سورة النساء‪} :‬موٱل ر‬
‫أمهرمبعلة يمهنيكهم{ُ‪ ..‬وغير هذا كثير‪.‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬بيان التأكيد‪ ً،‬وذلك بأن تأتى السسرنة موافقة لما جاء به الكتاب‪ ً،‬ويكون القصد من ذلك‬
‫تأكيد الحكم وتقويته‪ .‬وذلك كقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬ل يحل مال امرئ مسلم إل بطيب نفس منه"‬
‫ل متهأيكلييوها أمهمموامليكهم مبهيمنيكهم ربٱِهلمبارطرل{ُ‪ ..‬وقوله عليه الصلة والسلم ‪" :‬اتقوا ال فى‬ ‫فإنه يوافقا قوله تعالى‪ } :‬م‬
‫النساء فإنهن عوان فى أيديكم‪ ً،‬أخذتموهم بأمانة ال‪ ً،‬واستحللتم فروجهن بكلمة ال‪ "ً،‬فإنه موافقا لقوله‬
‫تعالى‪} :‬مومعارشيرويهرن ربٱِهلممهعيرورف{ُ‪.‬‬
‫***‬
‫*المصدر الثالث من مصادر التفسير فى عصر الصحابة ‪ -‬الجتهاد وقوة الستنباط‪:‬‬
‫كان الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين‪ ً،‬إذا لم يجدوا التفسير فى كتاب ال‪ ً،‬ولم يتيسر لهم أخذه عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم رجعوا فى ذلك إلى اجتهادهم وإمال رأيهم‪ ً،‬وهذا بالنسبة لما يحتاج إلى‬
‫نظر واجتهاد‪ ً،‬أما ما يمكن فهمه بمجرد معرفة اللغة العربية فكانوا ل يحتاجون فى فهمه إلى إعمال‬
‫ص العرب‪ ً،‬يعرفون كلم العرب ومناحيهم فى القول‪ ً،‬ويعرفون اللفاظ‬ ‫النظر‪ ً،‬ضرورة أنهم من يخلر ر‬
‫العربية ومعانيها بالوقوف على ما ورد من ذلك فى الشعر الجاهلة الذى هو ديوان العرب‪ ً،‬كما يقول‬
‫عمر رضى ال عنه‪.‬‬
‫*أدوات الجتهاد فى التفسير عند الصحابة‪:‬‬
‫وكثير من الصحابة كان ييفيسر آى القرآن بهذا الطريقا‪ ً،‬أعنى طريقا الرأى والجتهاد‪ ً،‬مستعينا على ذلك‬
‫بما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬معرفة أوضع اللغة وأسرارها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬معرفة عادات العرب‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثالثا‪ :‬معرفة أحوال اليهود والنصارى فى جزيرة العرب وقت نزول القرآن‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قوة الفهم وسعة الدراك‪.‬‬
‫فمعرفة أوضاع اللغة العربية وأسرارها‪ ً،‬تعين على فهم اليات التى ل يتوقف فهمها على غير لغة‬
‫ل قوله‬ ‫العرب‪ .‬ومعرفة عادات العرب تعين على فهم كثير من اليات التى لها صلة بعاداتهم‪ ً،‬فمث ل‬
‫تعالى‪} :‬إررنمما ٱلرنرسيييء رزميامدفة رفي ٱهليكهفرر{ُ‪ ..‬وقوله‪} :‬مولمهيمس ٱهلربسر ربمأن متهأيتوها ٱهليبييومت رمن يظيهوررمها{ُ‪ .‬ل يمكن فهم‬
‫المراد منه‪ ً،‬إل لمن عرف عادات العرب فى الجاهلية وقت نزول القرآن‪.‬‬
‫ومعرفة أحوال اليهود والنصارى فى جزيرة العرب وقت نزول القرآن‪ ً،‬تعين على فهم اليات التى فيها‬
‫الشارة إلى أعمالهم والرد عليهم‪.‬‬
‫ومعرفة أسباب النزول‪ ً،‬وما أحاط بالقرآن من ظروف وملبسات‪ ً،‬تعين على فهم كثير من اليات‬
‫القرآنية‪ ً،‬ولهذا قال الواحدى‪" :‬ل يمكن معرفة تفسير الية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها"‪.‬‬
‫وقال ابن دقيقا العيد‪" :‬بيان سبب النزول طريقا قوى فى فهم معانى القرآن" وقال ابن تيمية‪" :‬معرفة‬
‫سبب النزول بعين على فهم الية‪ .‬فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب"‪.‬‬
‫وأما قوة الفهم وسعة الدراك‪ ً،‬فهذا فضل ال يؤتيه ممن يشاء من عباده وكثير من القرآن يدقا معناه‪ً،‬‬
‫ويخفى المراد منه‪ ً،‬ول يظهر إل لمن أوتى حظا من الفهم ونور البصيرة‪ ً،‬ولقد كان ابن عباس صاحب‬
‫النصيب الكبر والحظ الوفر من ذلك‪ ً،‬وهذا ببركة دعاء رسول ال صلى ال عليه وسلم له بذلك حيث‬
‫قال‪" :‬الرلهم مفيقه فى الدين ومعيلمه التأويل"‪.‬‬
‫وقد روى البخارى فى صحيحه بسنده إلى أبي جحيفة رضى ال عنه أنه قال‪" :‬قلت لعلسى رضى ال‬
‫عنه‪ :‬هل عندكم شئ من الوعكى إل ما فى كتاب ال؟ قال‪ :‬ل‪ ً،‬والذى فلقا الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه‬
‫ل فى القرآن‪ ً،‬وما فى هذه الصحيفة‪ ً،‬قلت‪ :‬وما فى هذه الصحيفة؟ قال‪ :‬العقل‪ً،‬‬ ‫إل فهما ييعطيه ال رج ل‬
‫ل يييقتل مسلم بكافر"‪.‬‬ ‫وفكاك السير‪ ً،‬وأ ر‬
‫هذه هي أدوات الفهم والستنباط التى استعان بها الصحابة على فهم كثير من آيات القرآن‪ ً،‬وهذا هو‬
‫مبلغ أثرها فى الكشف عن غوامضه وأسراره‪.‬‬
‫**‬
‫*تفاوت الصحابة فى فهم معانى القرآن‪:‬‬
‫غير أن الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين‪ ً،‬كانوا متفاوتين فى معرفتهم بهذه الدوات‪ ً،‬فلم يكونوا‬
‫جميعا فى مرتبة واحدة‪ ً،‬السبب الذى من أجله اختلفوا فى فهم بعضِ معانى القرآن‪ ً،‬وإن كان اختلفا‬
‫يسيرا بالنسبة لختلف التابعين وممن يليهم‪ .‬ومن أمثلة هذا الختلف‪ :‬ما روى من أن عمر استعمل‬
‫قدامة بن مظعون على البحرين فقدم الجارود على عمر فقال‪ :‬إن قدامة شرب فسكر‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬ممن‬
‫يشهد على ما تقول؟ قال الجارود‪ :‬أبو هريرة يشهد على أقول‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬يا قدامة إنى مجارليدك‪ ً،‬قال‪:‬‬
‫والر لو شربت كما يقول ما كان لك أن تجلدنى‪ ً،‬قال عمر‪ :‬ولمم؟ قال‪ :‬لن ال يقول‪} :‬لمهيمس معملى ٱرلرذيمن‬
‫صارلمحارت يجمنافح رفيمما مطرعيميوها إرمذا مما ٱرتمقوها موآممينوها مومعرميلوها ال ر‬
‫صارلمحارت يثرم ارتمقوها موآممينوها يثرم ارتمقوها‬ ‫آممينوها مومعرميلوها ٱل ر‬
‫روأمهحمسينوها{ُ فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات‪ ً،‬ثم اتقوا وآمنوا‪ ً،‬ثم اتقو وأحسنوا‪ ً،‬شهديت مع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بدرا‪ ً،‬وأييحدا‪ ً،‬والخندقا‪ ً،‬والمشاهد‪ .‬فقال عمر‪ :‬ألا تردون عليه قوله؟ فقال ابن‬
‫عباس‪ :‬إن هذه اليات يأنزلت عذرا للماضين ويحرجة على الباقين‪ ً،‬لن ال يقول‪} :‬ـميمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إررنمما‬
‫ليم ررهجفس يمهن معممرل ٱلرشهيمطارن{ُ‪ ..‬قال عمر‪ :‬صدقت‪..‬‬ ‫لهز م‬‫صايب موٱ م‬ ‫لن م‬‫ٱهلمخهمير موٱهلممهيرسير موٱ م‬
‫وما روى من أن الصحابة فرحوا حينما نزل قوله تعالى‪} :‬ٱهلميهوم أمهكممهليت لميكهم رديمنيكهم{ُ لظنهم أنها مجرد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إخبار ويبشرى بكمال الدين‪ ً،‬ولكن عمر بكى وقال‪ :‬ما بعد الكمال إل النقص‪ ً،‬مستشعرا نعى النبى صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد كان مصيبا فى ذلك‪ ً،‬إذ لم يعش النبى صلى ال عليه وسلم بعدها إل أحدا وثمانين‬
‫يوما كما روى"‪.‬‬
‫وما رواه البخارى من طريقا سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‪" :‬كان عمر ييدخلنى مع أشياخ بدر‪ً،‬‬
‫فكأن بعضهم مومجمد فى نفسه وقال‪ :‬رلم ييدخل هذا معنا وإرن لنا أبناء مثله؟ فقال عمر‪ :‬إنه من أعلمكم‪ً،‬‬
‫فدعاهم ذات يوم فأدخلنى معهم فما رأيت أنه دعانى فيهم إل ليريهم‪ ً،‬فقال‪ :‬ما تقولون فى قوله تعالى‪:‬‬
‫صير ٱلرلره موٱهلمفهتيح{ُ؟ فقال بعضهم‪ :‬يأمرنا أن نحمد ال ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا‪ ً،‬وسكت‬ ‫}إرمذا مجآمء من ه‬
‫بعضهم ولم يقل شيئا‪ ً،‬فقال لى‪ :‬أكذلك تقول يابن عباس؟ فقلت‪ :‬ل‪ ً،‬فقال‪ :‬ما تقول؟ قلت‪ :‬هو أجل‬
‫صير ٱللرره موٱهلمفهتيح{ُ فذلك علمة أجلك‪} ً،‬مفمسيبهح‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أعلمه ال له‪ ً،‬قال‪} :‬إرمذا مجآمء من ه‬
‫ربمحهمرد مريبمك موٱهسمتهغرفهريه إررنيه مكامن متروابا{ُ‪ ..‬فقال عمر‪ :‬ل أعلم منها إلا مما تقول"‪.‬‬
‫***‬
‫*المصدر الرابع من مصادر التفسير فى هذا العصر ‪ -‬أهل الكتاب من اليهود والنصارى‪:‬‬
‫المصدر الرابع للتفسير فى عهد الصحابة هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى‪.‬‬
‫وذلك أن القرآن الكريم يتفقا مع التوراة فى بعضِ المسائل‪ ً،‬وبالخص فى قصص النبياء‪ ً،‬وما يتعلقا‬
‫بالمم الغابرة‪ ً،‬وكذلك يشتمل القرآن على مواضع وردت فى النجيل كقصة ميلد عيسى ابن مريم‪ً،‬‬
‫ومعجزاته عليه السلم‪.‬‬
‫غير أن القرآن الكريم اتخذ منهجا يخالف منهج التوراة والنجيل‪ ً،‬فلم يتعرضِ لتفاصيل جزئيات‬
‫المسائل‪ ً،‬ولم يستوف القصة من جميع نواحيها‪ ً،‬بل اقتصر من ذلك على موضع العبرة فقط‪.‬‬
‫ولما كانت العقول دائما تميل إلى الستيفاء والستقصاء‪ ً،‬جعل بعضِ الصحابة ‪ -‬رضى ال عنهم‬
‫أجمعين ‪ -‬يرجعون فى استيفاء هذه القصص التى لم يتعرضِ لها القرآن من جميع نواحيها إلى ممن دخل‬
‫فى دينهم من أهل الكتاب‪ ً،‬كعبد ال بن سلم‪ ً،‬وكعب الحبار‪ ً،‬وغيرهم من علماء اليهود والنصارى‪.‬‬
‫وهذا بالضرورة كان بالنسبة إلى ما ليس عندهم فيه شئ عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬لنه لو‬
‫ثبت شئ فى ذلك عن رسول ال ما كانوا يعدلون عنه إلى غيره مهما كان المأخوذ عنه‪.‬‬
‫**‬
‫* أهمية هذا المصدر بالنسبة للمصادر السابقة‪:‬‬
‫غير أن رجوع بعضِ الصحابة إلى أهل الكتاب‪ ً،‬لم يكن له من الهمية فى التفسير ما للمصادر الثلثة‬
‫السابقة‪ ً،‬وإنما كان مصدرا ضييقا محدودا‪ ً،‬وذلك أن التوراة والنجيل وقع فيهما كثير من التحريف‬
‫والتبديل‪ ً،‬وكان طبيعيا أن يحافظ الصحابة على عقيدتهم‪ ً،‬ويصونوا القرآن عن أن يخضع فى فهم معانيه‬
‫لشئ مما جاء ذكره فى هذه الكتب التى لعبت فيها أيدى المحيرفين‪ ً،‬فكانوا ل يأخذون عن أهل الكتاب إل‬
‫ما يتفقا وعقيدتهم ول يتعارضِ مع القرآن‪ .‬أما ما اتضح لهم كذبه مما يعارضِ القرآن ويتنافى مع‬
‫العقيدة فكانوا يرفضونه ول يصيدقونه‪ ً،‬ووراء هذا وذاك ما هو مسكوت عنه‪ ً،‬ل هو من قبيل الول‪ ً،‬ول‬
‫هو من قبيل الثانى‪ ً،‬وهذا النوع كانوا يسمعونه من أهل الكتاب ويتوقفون فيه‪ ً،‬فل يحكموون عليه‬
‫بصدقا ول بكذب‪ ً،‬امتثالل لقول الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل ليتصيدقوا أهل الكتاب ول يتكيذبوهم‪ً،‬‬
‫وقولوا‪ :‬آمنا بال وما يأنزل إلينا‪ "...‬الية‪.‬‬
‫وسنوفقا بمشيئة ال تعالى بين هذا الحديث وحديث‪" :‬بيلغوا عنى ولو آية‪ ً،‬وحيدثوا عن بنى إسرائيل ول‬
‫محمرج‪ "...‬ونذكر مدى تأثير اليهودية والنصرانية على التفسير فى أدواره المختلفة من لدن عصر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصحابة إلى عصر التدوين‪ ً،‬وذلك عند الكلم عن التفسير المأثور إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الول‪ :‬المرحلة الولى‬
‫للتفسير‪ ..‬أو التفسير فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه ( ضمن العنوان ) المفسرون من‬
‫الصحابة (‬

‫اشتهر بالتفسير من الصحابة عدد قليل‪ ً،‬قالوا فى القرآن بما سمعوه من رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫مباشرة أو بالواسطة‪ ً،‬وبما شاهدوه من أسباب النزول‪ ً،‬وبما فتح ال به عليهم من طريقا الرأى‬
‫والجتهاد‪.‬‬
‫* أشهر المفيسرين من الصحابة‪:‬‬
‫وقد معرد السيوطى رحمه ال فى "التقان" ممن اشتهر بالتفسير من الصحابة وسرماهم‪ ً،‬وهم‪ :‬الخلفاء‬
‫الربعة‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وأيمبسى بن كعب‪ ً،‬وزيد بن ثابت‪ ً،‬وأبو موسى الشعرى‪ ً،‬وعبد ال بن‬
‫الزبير‪ ً،‬رضى ال عنهم أجمعين‪.‬‬
‫وهناك ممن تكلم فى التفسير من الصحابة غير هؤلء‪ :‬كأنس بن مالك‪ ً،‬وأبى هريرة‪ ً،‬وعبد ال بن عمر‪ً،‬‬
‫وجابر بن عبد ال‪ ً،‬وعبد ال بن عمرو ابن العاص‪ ً،‬وعائشة‪ ً،‬وغير أن ما ينرقل عنهم فى التفسير قليل‬
‫جدا‪ ً،‬ولم يكن لهم من الشهرة بالقول فى القرآن ما كان للعشرة المذكورين أولل‪ ً،‬كما أن العشرة الذين‬
‫اشتهروا بالتفسير‪ ً،‬تفاوتوا رقرلة وكثرة‪ ً،‬فأبو بكر وعمر وعثمان لم ميرد عنهم فى التفسير إل النزر‬
‫اليسير‪ ً،‬ويرجع السبب فى ذلك إلى تقدم وفاتهم‪ ً،‬واشتغالهم بمهام الخلفة والفتوحات‪ ً،‬أضف إلى ذلك‬
‫وجودهم فى وسط أغلب أهله علماء بكتاب ال‪ ً،‬واقفون على أسراره‪ ً،‬عارفون بمعانيه وأحكامه‪ ً،‬مكتملة‬
‫فيهم خصائص العروبة‪ ً،‬مما جعل الحاجة إلى الرجوع إليهم فى التفسير غير كبيرة‪.‬‬
‫أما عل سى بن أبي طالب رضى ال عنه‪ ً،‬فهو أكثر الخلفاء الراشدين رواية عنه فى التفسير‪ ً،‬والسبب فى‬
‫ذلك راجع إلى تفرغه عن مهام الخلفة مدة طويلة‪ ً،‬دامت إلى نهاية خلفة عثمان رضى ال عنه‪ً،‬‬
‫وتأخر وفاته إلى زمن كثرة فيه حاجة الناس إلى ممن ييفيسر لهم ما فخى عنهم من معانى القرآن‪ ً،‬وذلك‬
‫ناشئ من اتساع رقعة السلم‪ ً،‬ودخول كثير من العاجم فى دين ال‪ ً،‬مما كاد يذهب بخصائص اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫وكذلك كثرت الرواية فى التفسير عن عبد ال بن عباس‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود‪ ً،‬وأيمبسى بن كعب‪ ً،‬لحاجة‬
‫الناس إليهم‪ ً،‬ولصفات عامة مركنت لهم ولعلسى بن أبى طالب أيضا فى التفسير‪ ً،‬هذه الصفات هى‪ :‬قوتهم‬
‫فى اللغة العربية‪ ً،‬وإحاطتهم بمناحيها وأساليبها‪ ً،‬وعدم تحرجهم من الجتهاد وتقرير ما وصلوا إليه‬
‫باجتهادهم‪ ً،‬ومخالطتهم للنبى صلى ال عليه وسلم مخالطة مركنتهم من معرفة الحوادث التى نزلت فيها‬
‫آيات القرآن‪ ً،‬نستثنى من ذلك ابن عباس‪ ً،‬فإنه لم يلزم النبى عليه الصلة والسلم فى شبابه‪ .‬لوفاة‬
‫النبى عليه الصلة والسلم وهو فى سن الثالثة عشرة أو قريب منها‪ ً،‬لكنه استعاضِ عن ذلك بملزمة‬
‫كبار الصحابة‪ ً،‬يأخذ عنهم ويروى لهم‪.‬‬
‫أما باقى العشرة وهم‪ :‬زيد بن ثابت‪ ً،‬وأبو موسى الشعرى‪ ً،‬وعبد ال ابن الزبير‪ ً،‬فهم وإن اشتهروا‬
‫بالتفسير إل أنهم قرلت عنهم الرواية ولم يصلوا فى التفسير إلى ما وصل إليه هؤلء الربعة المكثرون‪.‬‬
‫لهذا نرى المساك عن الكلم فى شأن أبى بكر‪ ً،‬وعمر‪ ً،‬وعثمان‪ ً،‬وزيد ابن ثابت‪ ً،‬وأبى موسى‬
‫على‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وأمبسى بن كعب‪ ً،‬نظرا‬
‫الشعرى‪ ً،‬وعبد ال بن الزبير‪ ً،‬ونتكلم عن س‬
‫لكثرة الرواية عنهم فى التفسير‪ ً،‬كثرة غردت مدارس المصار على اختلفهم وكثرتها‪.‬‬
‫ولو أرنا رتبنا هؤلء الربعة حسب كثرة ما روى عنهم لكان أولهم عبد ال بن عباس‪ ً،‬ثم عبد ال بن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫على بن أبي طالب‪ ً،‬ثم أمبسى بن كعب وسنتكلم عن كل واحد من هؤلء الربعة‪ ً،‬بما يتناسب‬ ‫مسعود‪ ً،‬ثم س‬
‫مع مشربه فى التفسير ومنحاه الذى نحاه فيه‪.‬‬
‫‪ - 1‬عبد ال بن عباس‬
‫*ترجمته‪:‬‬
‫هو عبد ال بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى‪ ً،‬ابن عم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وأمه يلبابه الكبرى بنت الحارث بن محمزن الهللية‪ .‬ويلمد والنبى عليه الصلة‬
‫والسلم وأهل بيته بالرشهعب بمكة‪ .‬فيأرتمى به النبى عليه الصلة والسلم فحكنه بريقه‪ ً،‬وذلك قبل الهجرة‬
‫بثلث سنين‪ ً،‬ولزم النبى عليه الصلة والسلم فى صغره‪ ً،‬لقرابته منه‪ ً،‬ولن خالته ميمونة كانت من‬
‫الزواج رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويتوفى رسول ال صلى ال عليه وسلم وله من العمر ثلث‬
‫عشرة سنة‪ ً،‬وقيل‪ :‬خمس عشرة‪ ً،‬فلزم كبار الصحابة وأخذ عنهم ما فاته من حديث رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬وكانت وفاته سنة ثمان وستين على الرجح‪ ً،‬وله من العمر سبعون سنة‪ .‬مات بالطائف‬
‫ويدفن بها‪ ً،‬وتولى وضعه فى قبره محمد ابن الحنفية‪ ً،‬وقال بعد أن سروى عليه التراب‪ :‬مات والر اليوم‬
‫لرمة‪.‬‬‫محهبير هذه ا ي‬
‫**‬
‫*مبلغة من العلم‪:‬‬
‫كان ابن عباس ييلرقب بالمحهبر والبحر لكثرة علمه‪ ً،‬وكان على درجة عظيمة من الجتهاد والمعرفة بمعنى‬
‫كتاب ال‪ ً،‬ولذا انتهت إليه الرياسة فى الفتوى والتفسير‪ ً،‬وكان عمر رضى ال عنه ييجلسه فى مجلسه‬
‫مع كبار الصحابة وييدينه منه‪ ً،‬وكان يقول له‪ :‬إنك لصبح فتياننا وجها‪ ً،‬وأحسنهم يخيلقا‪ ً،‬وأقفههم فى‬
‫ل‪ ً،‬وقلبا عقولل‪ .‬وكان لفرط أدبه إذا سأله‬ ‫كتاب ال‪ .‬وقال فى شأنه‪ :‬ذاكم فتى الكهول‪ ً،‬إرن له لسانا سئو ل‬
‫عمر مع الصحابة عن شئ يقول ل أتكلم حتى يتكلموا‪ .‬وكان عمر رضى ال عنه يعتد برأى ابن عباس‬
‫مع حداثة سنه‪ ً،‬يدلنا على ذلك ما رواه ابن الثير فى كتابه "يأسد الغابة" عن عبديِ ال بن عتبة قال‪" :‬إن‬
‫عمر كان إذا جاءته القضية المعضلة قال لبن عباس‪ :‬إنها قد طرأت علينا أقضية وعضل‪ ً،‬فأنت لها‬
‫ولمثالها‪ ً،‬فكان يأخذ بقوله‪ ً،‬وما كان يدعو لذلك أحدا سواه" قال عبيد ال‪ :‬وعمر هو عمر فى حذقه‬
‫واجتهاده ل وللمسلمين‪ ً،‬وما رواه البخارى من طريقا سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‪" :‬كان عمر‬
‫ييدخلنى مع أشياخ بدر‪ ً،‬فكأن بعضهم مومجمد فى نفسه وقال‪ :‬رلم ييدخل هذا معنا وإرن لنا أبناء مثله؟ فقال‬
‫عمر‪ :‬إنه من أعلمكم‪ ً،‬فدعاهم ذات يوم فأدخلنى معهم‪ ً،‬فما رأيت أنه دعانى يومئذ إل ليريهم‪ ً،‬فقال‪ :‬ما‬
‫صير ٱلرلره موٱهلمفهتيح{ُ؟ فقال بعضهم‪ :‬يأمرنا أن نحمد ال ونستغفره إذا نصرنا‬ ‫تقولون فى قوله‪} :‬إرمذا مجآمء من ه‬
‫وفتح علينا‪ ً،‬وسكت بعضهم ولم يقل شيئا‪ ً،‬فقال لى‪ :‬أكذلك تقول يا بن عباس؟ فقلت‪ :‬ل‪ ً،‬فقال‪ :‬ما تقول؟‬
‫قلت‪ :‬هو أممجيل رسول ال صلى ال عليه وسلم أعلمه ال له‪ ً،‬قال‪} :‬إرمذا مجآمء من ه‬
‫صير ٱللرره موٱهلمفهتيح{ُ فذلك‬
‫علمة أجلك‪} ً،‬مفمسيبهح ربمحهمرد مريبمك موٱهسمتهغرفهريه إررنيه مكامن متروابا{ُ‪ ..‬فقال عمر‪ :‬ل أعلم منها إل ما تقول"‪ .‬وهذا‬
‫يدل على قوة فهمه وجودة فكره‪ .‬وقال فيه ابن مسعود رضى ال عنه‪" :‬رنهعمم ترجمان القرآن ابن عباس"‪.‬‬
‫وقال فيه عطاء‪" :‬ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس‪ ً،‬أصحاب الفقه عنده‪ ً،‬وأصحاب القرآن عنده‪ً،‬‬
‫وأصحاب الشعر عنده‪ ً،‬يصدرهم كلهم من واد واسع"‪ .‬وقال عبيد ال بن عبد ال بن عتبة‪" :‬كان ابن‬
‫عباس قد فات الناس بخصال‪ :‬بعلم ما سبقه‪ ً،‬وفقه فيما احتيج إليه من رأيه‪ ً،‬وحلم‪ ً،‬ونسب‪ ً،‬وتأويل‪ ً،‬وما‬
‫رأي يت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم منه‪ ً،‬ول بقضاء أبى بكر‬
‫وعمر وعثمان منه‪ ً،‬ول أفقه فى رأى منه‪ ً،‬ول أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه‪ ً،‬ولقد كان يجلس يوما ول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يذكر فيه إل الفقه‪ ً،‬ويوما التأويل‪ ً،‬ويوما المغازى‪ ً،‬ويوما الشعر‪ ً،‬ويوما أيام العرب‪ ً،‬ول رأيت عالما قط‬
‫ل قط سأله إل وجد عنده علما"‪ .‬وقيل لطاووس‪ :‬لزمت هذا‬ ‫جلس إليه إل خضع له‪ ً،‬وما رأيت سائ ل‬
‫ل من‬ ‫الغلم ‪ -‬يعنى ابن عباس ‪ -‬وتركمت الكابر من أصحاب رسول ال‪ ً،‬قال‪ :‬إنى رأيت سبعين رج ل‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا تدارءوا فى أمهَر صاروا إلى قول ابن عباس"‪ .‬وروى عن‬
‫أبى وائل قال‪" :‬استخلف علسى عبد ال بن عباس على المواسم فقرأ فى خطبته سورة البقرة ‪ -‬وفى‬
‫رواية‪ :‬سورة النور ‪ -‬ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لسلموا" وكان‬
‫على بن أبى طالب يثنى على تفسير ابن عباس ويقول‪" :‬كأنما ينظر إلى الغيب من رستر رقيقا"‪.‬‬ ‫س‬
‫ر‬ ‫ل‬ ‫ي‬
‫وبالجملة‪ ..‬فقد كانت حياة ابن عباس حياة علمية‪ ً،‬يتعلم وييعلم‪ ً،‬ولم يشتغل بالمارة إل قليل لما استعمله‬
‫عل سى على البصرة‪ ً،‬والحقا‪ :‬أن ابن عباس قد ظهر فيه النبوغا العربى بأكمل معانيه‪ .‬علما‪ ً،‬وفصاحة‪ً،‬‬
‫وسعة اطلع فى نواح علمية مختلفة‪ ً،‬ول سيما فهمه لكتاب ال تعالى‪ .‬وخير ما ييقال فيه ما قاله ابن‬
‫عمر رضى ال عنهما‪" :‬ابن عباس أعلم أيرمة محمد بما نزل على محمد"‪.‬‬
‫**‬
‫*أسباب نبوغه‪:‬‬
‫ونستطيع أن ينررجع هذه الشهرة العلمية‪ ً،‬وهذا النبوغا الواسع الفرياضِ‪ ً،‬إلى أسباب نجملها فيما يلي‪:‬‬
‫أولل‪ :‬دعاء النبى صلى ال عليه وسلم له بقوله‪" :‬الرلهم عيلمه الكتاب والحكمة"‪ ً،‬وفى رواية أخرى‪" :‬الرلهم‬
‫فيقهه فى الدين‪ ً،‬وعيلمه التأويل"‪ ً،‬والذى يرجع إلى كتب التفسير بالمأثور‪ ً،‬يرى أثر هذه الدعوة النبوية‪ً،‬‬
‫يتجلى واضحا فيما صح عن ابن عباس رضى ال عنه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نشأته فى بيت النبوة‪ ً،‬وملزمته لرسول ال صلى ال عليه وسلم من عهد التمييز‪ ً،‬فكان يسمع منه‬
‫الشئ الكثير‪ ً،‬ويشهد كثيرا من الحوادث والظروف التى نزلت فيها آيات القرآن‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ملزمته لكابر الصحابة بعد وفاة النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬يأخذ عنهم ويروى لهم‪ ً،‬ويعرف‬
‫منهم مواطن نزول القرآن‪ ً،‬وتواريخْ التشريع‪ ً،‬وأسباب النزول‪ ً،‬وبهذا استعاضِ عما فاته من العلم بموت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وتحردث بهذا ابن عباس عن نفسه فقال‪" :‬وجديت عامة حديث رسول ال‬
‫لوقظ‪ً،‬‬ ‫صلى ال عليه وسلم عند النصار‪ ً،‬فإن كنيت لتى الرجمل فأجده نائما‪ ً،‬لو شئيت أن ييومقظ لى ي‬
‫فأجلس على بابه تسفى على وجهى الريح حتى يستيقظ متى ما استيقظ‪ ً،‬وأسأله عما أريد‪ ً،‬ثم أنصرف"‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬حفظه للغة العربية‪ ً،‬ومعرفته لغريبها‪ ً،‬وآدابها‪ ً،‬وخصائصها‪ ً،‬وأساليبها‪ ً،‬وكثيرا ما كان يستشهد‬
‫للمعنى الذى يفهمه من لفظ القرآن بالبيت والكثر من الشعر العربى‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬بلوغه مرتبة الجتهاد‪ ً،‬وعدم تحرجه منه‪ ً،‬وشجاعته فى بيان ما يعتقد أنه الحقا‪ ً،‬دون أن يأبه‬
‫لملة لئم ونقد ناقد‪ ً،‬ما دام يثقا بأن الحقا فى جانبه‪ ً،‬وكثيرا ما انتقد عليه ابن عمر جرأته على تفسير‬
‫القرآن‪ ً،‬ولكن لم ترقا إليه همة نقده‪ ً،‬بل ما لبث أن رجع إلى قوله‪ ً،‬واعترف بمبلغ علمه‪ ً،‬فقد روى أن‬
‫ضِ مكامنمتا مرهتقا‬ ‫ل أتى ابن عمر يسأله عن معنى قوله تعالى‪} :‬أممولمهم ميمر ٱرلرذيمن مكمفيريوها أمرن ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر م‬ ‫رج ل‬
‫مفمفمتهقمنايه مما{ُ‪ ..‬فقال‪ :‬اذهب إلى ابن عباس ثم تعال أخبرنى‪ ً،‬فذهب المسألة فقال‪ :‬كانت السموات رتقا ل‬
‫تمطر‪ ً،‬وكانت الرضِ رتقاص ل تنبت‪ ً،‬ففتقا هذه بالمطر‪ ً،‬وهذه بالنبات‪ ً،‬فرجع الرجل إلى ابن عمر‬
‫فأخبره فقال‪ :‬قد كنيت أقول‪ :‬ما يعجبنى جرأة ابن عباس على تفسير القرآن‪ ً،‬فالن قد علمت أنه أورتمى‬
‫علما‪.‬‬
‫هذه هى أهم السباب التى ترجع إليها شهرة ابن عباس فى التفسير‪ ً،‬يضاف إلى ذلك كونه من أهل بيت‬
‫النبوة‪ ً،‬منبع الهداية‪ ً،‬ومصدر النور‪ ً،‬وما وهبه ال من قريحة ورقادة‪ ً،‬وعقل راجح‪ ً،‬ورأى صائب‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وإيمان راسخْ‪ ً،‬ودين متين‪.‬‬
‫**‬
‫*قيمة ابن عباس فى تفسير القرآن‪:‬‬
‫تتبين قيمة ابن عباس فى التفسير‪ ً،‬من قول تلميذه مجاهد‪" :‬إنه إذا فرسمر الشئ رأيت عليه النور"‪ ً،‬ومن‬
‫قول علسى رضى ال عنه ييثنى عليه فى تفسيره‪" :‬كأنما ينظر إلى الغيب من رستر رقيقا"‪ ً،‬ومن قول ابن‬
‫عمر‪" :‬ابن عباس أعلم أيرمة محمد بما نزل على محمد"‪ ً،‬ومن رجوع بعضِ الصحابة وكثير من التابعين‬
‫إليه فى فهم ما أشكل عليهم من كتاب ال‪ ً،‬فكثيرا ما تورجه إليه معاصروه ليزيل شكوكهم‪ ً،‬ويكشف لهم‬
‫عما مع رز عليهم فهمه من كتاب ال تعالى‪ .‬ففى قصة موسى مع شعسب أشكل على بعضِ أهل العلم‪ ً،‬أى‬
‫الجلين قضى موسى؟ هل كان ثمان سنيين؟ أو أنه أتم عشرا؟ ولما لم يقف على رأى يمم شطر ابن‬
‫عباس‪ ً،‬الذى هو بحقا ترجمان القرآن‪ ً،‬ليسأله عما أشكل عليه‪ ً،‬وفى هذا يروى الطبرى فى تفسيره‪ ً،‬عن‬
‫ل تتبع العلم‪ ً،‬فأخبرنى أى‬ ‫سعيد بن جبير قال‪" :‬قال يهودى بالكوفة ‪ -‬وأنا أتجهز للحج ‪ -‬إنى أراك رج ل‬
‫الجلين قضى موسى؟ قلت‪ :‬ل أعلم‪ ً،‬وأنا الن قادم على محهبر العرب ‪ -‬يعنى ابن عباس ‪ -‬فسائله عن‬
‫ذلك‪ ً،‬فلما قدميت مكة سأليت ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهودى‪ ً،‬فقال ابن عباس‪ :‬قضى أكثرهما‬
‫وأطيبهما‪ ً،‬إرن النبى إذا وعد لم ييخلف‪ ً،‬وقال سعيد‪ :‬فقدميت العراقا فلقييت اليهودى فأخبرته فقال‪ :‬صدقا‬
‫وما يأنرزمل على موسى‪ ً،‬هذا والر العارلم‪.‬‬
‫وهذا عمر رضى ال عنه يسأل أصحابه عن معنى آية من كتاب ال‪ ً،‬فلما لم يجد عندهم جوابا مرضيا‬
‫رجع لى ابن عباس فسأله عنها‪ ً،‬وكان يثقا بتفسيره‪ ً،‬وفى هذا يروى الطبرى‪" :‬أن عمر سأل الناس عن‬
‫هذه الية ‪ -‬يعنى‪} :‬أمميموسد أممحيديكهم مأن متيكومن لميه مجرنفة يمن رنرخيهَل موأمهعمناهَب{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬فما وجد أحدا يشفيه‪ ً،‬حتى‬
‫قال ابن عباس وهو خلفه‪ :‬يا أمير المؤمنين؛ً إنى أجد فى نفسى منها شيئا‪ ً،‬فتلفت إليه فقال‪ :‬تحمول ههنا‪ً،‬‬
‫رلم يتحيقر نفسك؟ قال‪ :‬هذا مممثفل ضربه ال عرز وجل فقال‪ :‬أيومد أحدكم أن يعمل عمره بعمل أهل الخير‬
‫وأهل السعادة‪ ً،‬حتى إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه بخير حين فنى عمره واقترب أجله‪ ً،‬ختم ذلك‬
‫بعمل من عمل أهل الشقاء‪ ً،‬فأفسده كله‪ ً،‬فحرقه أحوج ما كان إليه"‪.‬‬
‫صير ٱللرره موٱهلمفهتيح{ُ وجوابه بالجواب‬
‫وسؤال عمر له مع الصحابة عن تفسير قوله تعالى‪} :‬إرمذا مجآمء من ه‬
‫المشهور عنه‪ ً،‬يدل على أن ابن عباس كان يستخرج خفى المعانى التى يشير إليها القرآن‪ ً،‬ول يدركها‬
‫إل ممن نفحة ال بنفحة رمن روحه‪ ً،‬وكثيرا ما ظهر ابن عباس فى المسائل المعقدة فى التفسير بمظهر‬
‫الرجل اليمهلمهم الذى ينظر إلى الغيب من ستر رقيقا‪ ً،‬كما وصفه علسى رضى ال عنه‪ ً،‬المر الذى جعل‬
‫الصحابة ييقيدرون ابن عباس ويثقون بتفسيره‪ ً،‬ولقد وجد هذا التقيدر صداه فى عصر التابعين‪ ً،‬فكانت‬
‫هناك مدرسة يتلقى تلميذها التفسير عن ابن عباس‪ .‬استقرت هذه المدرسة بمكة‪ ً،‬ثم غردت بعلمها‬
‫المصار المختلفة‪ ً،‬وما زال تفسير ابن عباس يلقى من المسلمين إعجابا وتقديرا‪ ً،‬إلى درجة أنه إذا صح‬
‫النقل عن ابن عباس ل يكادون يعدلون عن قوله إلى قول آخر‪ .‬وقد صررح الزركشي بأن قول ابن‬
‫عبباس يمقردفم على قول غيره من الصحابة عند تعارضِ ما جاء عنهم فى التفسير‪.‬‬
‫*رجوع ابن عباس إلى أهل الكتاب‪:‬‬
‫كان ابن عباس كغيره من الصحابة الذين اشتهروا بالتفسير‪ ً،‬يرجعون فى فهم معانى القرآن إلى ما‬
‫سمعوه من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وإلى ما يفتح ال به عليهم من طريقا النظر والجتهاد‪ ً،‬مع‬
‫الستعانة فى ذلك بمعرفة أسباب النزول والظروف والملبسات التى نزل فيها القرآن‪ .‬وكان رضى ال‬
‫عنه يرجع إلى أهل الكتاب ويأخذ عنهم‪ ً،‬بحكم اتفاقا القرآن مع التوراة والنجيل فى كثير من المواضع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صلت فى التوراة أو النجيل‪ ً،‬ولكن كما قلنا فيما سبقا‪ :‬إن الرجوع إلى أهل‬ ‫التى يأجهمرلت فى القرآن ويف ي‬
‫الكتاب كان فى دائرة محدودة ضييقة‪ ً،‬تتفقا مع القرآن وتشهد له‪ ً،‬أما ما عدا ذلك مما يتنافى مع القرآن‪ً،‬‬
‫ول يتفقا مع الشريعة السلمية‪ ً،‬فكان ابن عباس ل يقبله ول يأخذ به‪.‬‬
‫*اتهام الستاذ جولدزيهر والستاذ أحمد أمين لبن عباس وغيره من الصحابة بالتوسع فى الخذ عن‬
‫أهل الكتاب‪:‬‬
‫وإرنا لنجد فى كتاب "المذاهب السلمية فى تفسير القرآن" مبلغ اتهام مؤلفه "جولدزيهر" لبن عباس‬
‫بتوسعه فى الخذ عن أهل الكتاب‪ ً،‬مخالفا ما ورد من النهى عن ذلك فى حديث رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪" :‬ل يتصيدقوا أهل الكتاب ول يتكيذبوهم" ونرى أن نذكر عبارة المؤلف بنصها‪ ً،‬ليتضح مبلغ‬
‫اتهامه لبن عباس‪ ً،‬ثم نرد عليه بعد ذلك‪ .‬قال‪" :‬وكثيرا ما ييذكر أنه فيما يتعلقا بتفسير القرآن‪ ً،‬كان ‪-‬‬
‫أى ابن عباس ‪ -‬يرجع إلى رجل يسمى أبا الجلد غيلن بن فروة الزدى‪ ً،‬الذى أثنى الناس عليه بأنه‬
‫كان يقرأ الكتب‪ ً،‬وعن ميمونة ابنته أنها قال‪ :‬كان أبى يقرأ القرآن فى كل سبعة أيام‪ ً،‬ويختم التوراة فى‬
‫ستة‪ ً،‬يقرؤها نظرا‪ ً،‬فإذا كان يوم ختمها‪ ً،‬حشد لذلك ناس‪ ً،‬وكان يقول‪ :‬كان ييقال تنزل عند ختمها‬
‫الرحمة‪ ً،‬وهذا الخبر المبالغ فيه من ابنته يمكن أن يبين لنا مكان الب فى الستفادة من التوراة‪.‬‬
‫ضلة عند ابن عباس‪ ً،‬نجد أيضا كعب الحبار اليهودى‪ ً،‬وعبد ال بن‬ ‫"ومن بين المراجع العلمية المف ي‬
‫سلم‪ ً،‬وأهل الكتاب على العموم‪ ً،‬ممن حذر الناس منهم‪ ً،‬كما أن ابن عباس نفسه فى أقواله حرذر من‬
‫الرجوع إليهم‪ ً،‬ولقد كان إسلم هؤلء عند الناس فوقا التهمة والكذب‪ ً،‬وريفعوا إلى درجة أهل العلم‬
‫الموثوقا بهم‪ ..‬ولم تكن التعاليم الكثيرة التى أممكن أن يستقيها ابن عباس‪ ً،‬والتى اعتبرها من تلك المور‬
‫التى ييرجع فيها إلى أهل هذا الدين الخر‪ ً،‬مقصورة على المسائل النجيلية والسرائيلية‪ ً،‬فقد كان يسأل‬
‫ل‪ ً،‬وقد رأى الناس فى هؤلء اليهود أن عندهم أحسن‬ ‫لم القرآن للمرجان مث ل‬ ‫كعبا عن التفسير الصحيح ي‬
‫الفهم ‪ -‬على العموم ‪ -‬فى القرآن وفى كلم الرسول )صلى ال عليه وسلم( وما فيهما م المعانى الدينية‪ً،‬‬
‫ورجعوا إليهم سائلين عن هذه المسائل بالرغم من التحذير الشديد ‪ -‬من كل جهة ‪ -‬من سؤالهم" اهـ‪.‬‬
‫هذه هى عبارة الستاذ "جولدزيهر" فى كتابه‪ ً،‬ومنها يتضح لنا مبلغ تجنيه على الصحابة وعلى ابن‬
‫عباس على الخص‪.‬‬
‫وقد تابعه الستاذ أحمد أمين على هذا الرأى‪ ً،‬حيث يقول فى "فجر السلم"‪" :‬وقد دخل بعضِ هؤلء‬
‫اليهود فى السلم‪ ً،‬فتسررب منهم إلى المسلمين كثير من هذه الخبار‪ ً،‬ودخلت فى تفسير القرآن‬
‫يستكملون بها الشرح‪ ً،‬ولم يتحرج حتى كبار الصحابة مثل ابن عباس عن أخذ قولهم‪ .‬ريوى أن النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم قال‪":‬إذا حردثكم أهل الكتاب فل يتصيدقوهم ول تيكذيبوهم" ولكن العمل كان على غير‬
‫ذلك‪ ً،‬وأنهم كانوا ييصيدقونهم وينقلون عنهم"‪.‬‬
‫فالستاذ "جولدزيهر"‪ ً،‬والستاذ أحمد أمين‪ ً،‬يريان أن الصحابة ‪ -‬وبخاصة ابن عباس ‪ -‬لم يأبهوا لنهى‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فصيدقوا أهل الكتاب وأخذوا عنهم الكثير فى التفسير‪ ً،‬وأن اللون اليهودى‬
‫قد صبغ مدارس التفسير القديمة‪ ً،‬وبالخص مدرسة ابن عباس‪ ً،‬بسبب اتصالهم بمن دخل فى السلم‬
‫من أهل الكتاب‪.‬‬
‫**‬
‫*رد هذا التهام‪:‬‬
‫والحقا أن هذا غلو فى الرأى‪ ً،‬ويبهعفد عن الصواب‪ ً،‬فابن عباس ‪ -‬كما قلت آنفا ‪ -‬وغيره من الصحابة‪ً،‬‬
‫كانوا يسألون علماء اليهود الذين اعتنقوا السلم‪ ً،‬ولكن لم يكن سؤالهم عن شئ يمس العقيدة‪ .‬أو يتصل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بيأصول الدين أو فروعه‪ ً،‬وإنما كانوا يسألون أهل الكتاب عن بعضِ القصص والخبار الماضية‪ ً،‬ولم‬
‫يكونوا يقبلون كل ما ييروى لهم على أنه صواب ل يتطرقا إليه شك‪ ً،‬بل كانوا ييحيكمون دينهم وعقلهم‪ً،‬‬
‫فما اتفقا مع الدين والعقل صردقوه‪ ً،‬وما خالف ذلك نبذوه‪ ً،‬وما سكت عنه القرآن واحتمل الصدقا والكذب‬
‫تو رقفوا فيه‪ .‬وبهذا المسلك يكون الصحابة ‪ -‬رضوان ال عليهم ‪ -‬قد جمعوا بين قوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪" :‬حيدثوا عن بنى إسرائيل ول حمرمج"‪ ً،‬وقوله‪" :‬ل يتصيدقوا أهل الكتاب ول يتكيذبوهم" فإن الول‬
‫محمول على ما وقع فيهم من الحوادث والخبار‪ ً،‬لما فيها من العظة والعتبار‪ ً،‬بدليل قوله بعد ذلك‪:‬‬
‫ل‪ ً،‬ولم يقم دليل على‬ ‫"فإن فيهم أعاجيب"‪ .‬والثانى محمول على ما إذا كان ايلمهخمبر به من قبلهم محتم ل‬
‫صدقه ول على كذبه‪ ً،‬لنه رمبا كان صدقا فى نفس المر فيكون فى التكذيب به محمرج‪ ً،‬وربما كان كذبا‬
‫فى نفس المر فيكون فى التصديقا به محمرج‪ ً،‬ولم يرد النهى عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلفه‪ ً،‬ول‬
‫عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه‪ ً،‬كما أفاده ابن حجر ونربه عليه الشافعى رضى ال عنه ‪ -‬وسيأتى‬
‫مزيد للكلم عن هذين الحديثين عند الكلم عن السرائيليات فى التفسير‪.‬‬
‫ثم كيف يستبيح ابن عباس رضى ال عنه لنفسه أن ييحيدث عن بنى إسرائيل بمثل هذا التوسع الذى‬
‫يجعله مخالفا لمر رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد كان ابن عباس نفسه من أشد الناس نكيرا على‬
‫ذلك‪ ً،‬فقد روى البخارى فى صحيحه عنه أنه قال‪" :‬يا معشر المسلمين؛ً تسألون أهل الكتاب وكتابكم‬
‫الذى يأنرزمل على نبيه صلى ال عليه وسلم أحدث الخبار بال‪ ً،‬تقرأونه لم يشب‪ ً،‬وقد حردثكم ال أن أهل‬
‫ل{ُ‪ ..‬أفل‬ ‫الكتاب بردلوا ما كتب ال‪ ً،‬وغريروا بأيديهم الكتاب فقالوا‪} :‬مهــمذا رمهن رعهنرد ٱللرره رلميهشمتيروها ربره مثممنا مقرلي ل‬
‫ل منهم قط يسألكم عن الذى يأنرزمل‬ ‫ل والر مما رأين رج ل‬ ‫ينهاكم ما جاءكم من العملم عرن ممسامءلتهم‪ ً،‬مو م‬
‫عليكم"‪.‬‬
‫**‬
‫*رجوع ابن عباس إلى الشعريِ القديم‪:‬‬
‫كان ابن عباس رضى ال عنه يرجع فى فهم معانى اللفاظ الغريبة التى وردت فى القرآن إلى الشعر‬
‫الجاهلى‪ ً،‬وكان غيره من الصحابة يسلك هذا الطريقا فى فهم غريب القرآن‪ ً،‬ويحضِ على الرجوع إلى‬
‫الشعر العربى القديم‪ ً،‬لييستعان به على فهم معانى اللفاظ القرآنية الغريبة‪ ً،‬فهذا عمر بن الخطاب رضى‬
‫ال عنه يسأل أصحابه عن معنى قوله تعالى فى الية ]‪ [47‬من سورة النحل‪} :‬أمهو ميهأيخمذيههم معملـى متمخسوهَف{ُ‬
‫فيقوم له شيخْ من هذيل فيقول له‪ :‬هذه لغتنا‪ ً،‬التخسوف‪ :‬التنقص‪ ً،‬فيقول له عمر‪ :‬هل تعرف العرب ذلك‬
‫فى أشعارها؟ فيقول له‪ :‬نعم‪ ً،‬ويروى قول الشاعر‪:‬‬
‫*متمخرومف الررحل منها تارمكا مقرردا * كما متمخرومف يعود النبعرة الرسرفين*‬
‫فيقول عمر رضى ال عنه لصحابه‪" :‬عليكم بديوانكم ل تضسلوا‪ ً،‬قالوا‪ :‬وما ديواننا؟ قال‪ :‬شعر الجاهلية‪ً،‬‬
‫فإن فيه تفسير كتابكم‪ ً،‬ومعانى كلمكم"‪.‬‬
‫غير أن ابن عباس‪ ً،‬امتاز بهذه الناحية واشتهر بها أكثر من غيره‪ ً،‬فكثيرا ما كان ييسئل عن القرآن‬
‫فينشد فيه الشعر‪ ً،‬وقد يروى عنه الشئ الكثير من ذلك‪ ً،‬وأوعب ما يروى عنه مسائل نافع بن الزرقا‬
‫وأجوبته عنها‪ ً،‬وقد بلغت مائتى مسألة‪ ً،‬أخرج بعضها ابن النبارى فى كتاب "الوقف والبتداء"‪ ً،‬وأخرج‬
‫الطبرانى بعضها الخر فى معجمه الكبير‪ ً،‬وقد ذكر السيوطى فى "التقان" بسنده مبدأ هذا الحوار الذى‬
‫كان بين نافع وابن عباس‪ ً،‬وسرد مسائل ابن الزرقا وأجوبة ابن عباس عنها‪ ً،‬فقال‪" :‬برينا عبد ال بن‬
‫عباس جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن‪ ً،‬فقال نافع بن الزرقا لنجدة بن‬
‫عويمر‪ :‬بنا إلى هذا الذى يجترئ على تفسير القرآن بما ل علم له به‪ ً،‬فقاما إليه فقال‪ :‬إرنا نريد أن نسألك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عن أشياء من كتاب ال فتفسرها لنا‪ ً،‬وتأتينا بمصادقة من كلم العرب‪ ً،‬فإرن ال تعالى إنما أنزل القرآن‬
‫بلسان عربى مبين‪ ً،‬فقال ابن عباس‪ :‬سلنى عما بدا لكما‪ ً،‬فقال نافع‪ :‬أخبرنى عن قول ال تعالى‪} :‬معرن‬
‫ٱهلميرميرن مومعرن ٱليشممارل رعرزيمن{ُ ؟ قال‪ :‬العزون‪ :‬حلقا الرقاقا‪ ً،‬قال‪ :‬هل متعرف العرب ذلك؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ً،‬أما‬
‫سمعت عبيد بن البرص وهو يقول‪:‬‬
‫*فجاءوا يهرعون إليه حتى * يكونوا حول منبره عزينا؟*‬
‫قال‪ :‬أخبرنى عن قوله‪} :‬موٱهبمتيغيوها إرمليره ٱهلمورسيلممة{ُ؟ قال‪ :‬الوسيلة‪ :‬الحاجة‪ ً،‬قال‪ :‬وهل تعرف العرب ذلك؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ً،‬أما سمعت عنترة وهو يقول‪:‬‬
‫*إن الرجال لهم إليك وسيلة * إن يأخذورك تكحلى وتخضبى*‬
‫إلى آخر المسائل وأجوبتها‪ ً،‬وهى تدل على قوة ابن عباس فى معرفته بلغة العرب‪ ً،‬وإلمامه بغريبها‪ً،‬‬
‫إلى حد لم يصل إليه غيره‪ ً،‬مما جعله ‪ -‬بحقا ‪ -‬إمام التفسير فى عهد الصحابة‪ ً،‬ومرجع المفيسرين فى‬
‫العصر التالية للعصر الذى يورجد فيه‪ ً،‬وزعيم هذه الناحية من التفسير على الخصوص‪ ً،‬حتى لقد قيل‬
‫فى شأنه‪" :‬إنه هو الذى أبدع الطريقة اللغوية لتفسير القرآن"‪.‬‬
‫ضِ عليها ممن‬‫هذا وقد برين لنا ابن عباس رضى ال عنه‪ ً،‬مبلغ الحاجة إلى هذه الناحية فى التفسير‪ ً،‬وح ر‬
‫أراد أن يتعرف غريب القرآن‪ ً،‬فقد روى أبو بكر النبارى عنه أنه قال‪" :‬الشعر ديوان العرب‪ ً،‬فإذا خفى‬
‫علينا الحرف من القرآن الذى أنزله ال بلغة العرب‪ ً،‬رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه"‪.‬‬
‫وروى ابن النبارى عنه أيضا أنه قال‪" :‬إذا سألتمونى عن غريب القرآن فالتمسوه فى الشعر‪ ً،‬فإن‬
‫الشعر ديوان العرب"‪.‬‬
‫فابن عباس رضى ال عنه كان يرى رأى عمر فى ضرورة الرجوع إلى الشعر الجاهلى‪ ً،‬للستعانة به‬
‫على فهم غريب القرآن‪ ً،‬بل وكان أكثر الصحابة إلماما بهذه الناحية وتطبيقا لها‪.‬‬
‫وقد استمرت هذه الطريقة إلى عهد التابعين وممن يليهم‪ ً،‬إلى أن حدثت خصوصمة بين متورعى الفقهاء‬
‫ل للقرآن‪ ً،‬وقالوا‪ :‬كيف‬ ‫وأهل اللغة‪ ً،‬فأنكروا عليهم هذه الطريقة‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إن فعلتم ذلك جعلتم الشعر أص ل‬
‫يجوز أن ييحتج بالشعر على القرآن‪ ً،‬وهو مذموم فى القرآن والحديث‪.‬‬
‫والحقا أن هذه الخصومة التى مجردت فى الجيال المتأخرة لم تقم على أساس‪ ً،‬فالمر ليس كما يزعمه‬
‫ل للقرآن‪ ً،‬بل هو فى الواقع‪ ً،‬بيان للحرف الغريب من القرآن‬ ‫أصحاب هذا الرأى‪ ً،‬من جعل الشعر أص ل‬
‫بالشعر‪ ً،‬لن ال تعالى يقول‪} :‬إررنا مجمعهلمنايه يقهرآنا معمرربسيا{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬ربرلمساهَن معمرربري سمربيهَن{ُ‪ ..‬ولهذا لم يتحرج‬
‫المفسيرون إلى يومنا هذا من الرجوع إلى المشيعر الجاهلى للستشهاد به على المعنى الذى يذهبون إليه‬
‫فى فهم كلم ال تعالى‪.‬‬
‫**‬
‫*الرواية عن ابن عباس ومبلغها من الصحة‪:‬‬
‫صى كثرة‪ ً،‬وتعددت الروايات عنه‪ ً،‬واختلفت‬ ‫رريوى عن ابن عباس رضى ال عنه فى التفسير ما ل ييح م‬
‫طرقها‪ ً،‬فل تكاد تجد آية من كتاب ال تعالى إل ولبن عباس رضى ال عنه فيها قول أو أقوال‪ ً،‬المر‬
‫الذى جعل ينرقاد الثر ورواة الحديث يقفون إزاء هذه الروايات التى جاوزت الحد وقفة المرتاب‪ ً،‬فتتبعوا‬
‫ضعفاء‪ ً،‬وكشفوا للناس عن مقدار هذه الروايات قوة وضعفا‪.‬‬ ‫سلسلة الرواة فعردلوا اليعدول‪ ً،‬وجررحوا ال ي‬
‫وأرى أن أسوقا هنا أشهر الروايات عن ابن عباس‪ ً،‬ثم يأبيين مبلغها من الصحة أو الضعف‪ ً،‬لنعلم إلى‬
‫أى حد وصل الوضع والختلقا على ابن عباس رضى ال عنه‪ .‬وهذه هى أشهر الطرقا‪:‬‬
‫أولها‪ :‬طريقا معاوية بن صالح‪ ً،‬عن علسى بن أبى طلحة‪ ً،‬عن ابن عباس‪ ً،‬وهذه هى أجود الطرقا عنه‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وفيها قال المام أحمد رضى ال عنه‪" :‬إن بمصر صحيفة فى التفسير رواها علسى بن أبى طلحة‪ ً،‬لو‬
‫رحل رجل فيها مصر قاصدا ما كان كثيرا"‪ .‬وقال الحافظ ابن حجر‪" :‬وهذه النسخة كانت عند أبى‬
‫صالح كاتب الليث‪ ً،‬رواها عن معاوية بن صالح‪ ً،‬عن‬
‫عل‬
‫ى‬
‫س‬
‫ابن أبي طلحة‪ ً،‬عن ابن عباس‪ ً،‬وهى عند البخارى عن أبى صالح‪ ً،‬وقد اعتمد عليها فى صحيحه فيما‬
‫ييعيلقه عن ابن عباس"‪.‬‬
‫وكثيرا ما اعتمد على هذه الطريقا ابن جرير الطبرى‪ ً،‬وابن أبى حاتم‪ ً،‬وابن المنذر بوسائط بينهم وبين‬
‫أبى صالح‪ .‬ومسلم صاحب الصحيح وأصحاب السنن جميعا يحتجون بعلسى بن أبى طلحة‪.‬‬
‫**‬
‫*طعن بعضِ الينرقاد على هذه الطريقا‪:‬‬
‫ولقد حاول بعضِ الينرقاد أن ييقلل من قدر هذه الطريقا فقال‪" :‬إن ابن أبى طلحة لم يسمع من ابن عباس‬
‫التفسير‪ ً،‬وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد ابن جبير" وعلى هذا فهى طريقا منقطعة ل ييرمكن إليها‪ ً،‬ول‬
‫ييعرول عليها‪.‬‬
‫وقد استغل هذا القول الستاذ "جولدزيهر" فى كتابه "المذاهب السلمية فى تفسير القرآن" فقال‪" :‬صررح‬
‫النقدة المسلمون بأن ذلك الرجل ‪ -‬علسى بن أبى طلحة ‪ -‬لم يسمع التفسير الذى تضمنه كتابه مباشرة من‬
‫ابن عباس‪ ً،‬وهذكا فإنه حتى فى صحة القسم الخاص بالتفسير الكثر تصديقا‪ ً،‬يحكم النقدة المسلمون بهذا‬
‫الحكم فيما يتعلقا بصحة نسبته لبن عباس على أنه هو المصدر الول له" اهـ‪.‬‬
‫**‬
‫*تفنيد هذا الطعن‪:‬‬
‫ويظهر لنا أن الستاذ "جولدزيهر"‪ ً،‬جهل أو تجاهل ما مررد به النقاد المعتبرون على هذا الظن الذى ل‬
‫قيمة له‪ ً،‬فقد فرند ابن حجر هذا النقد بقوله‪" :‬بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فل ضير فى ذلك"‪.‬‬
‫وقال صاحب إيثار الحقا‪" :‬وقال الذهبى فى الميزان‪ :‬وقد روى ‪ -‬يعنى علسى بن أبى طلحة عن ابن‬
‫عباس تفسيرا كثيرا ممتعا‪ ً،‬والصحيح عندهم أن روايته عن مجاهد عن ابن عباس‪ ً،‬وإن كان يرسلها‬
‫عن ابن عباس فمجاهد ثقة ييقبل"‪ .‬وجملة القول‪ :‬فهذه أصح الطرقا فى التفسير عن ابن عباس‪ ً،‬وكفى‬
‫بتوثيقا البخارى لها واعتماده عليها شاهدا على صحتها‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬طريقا قيس بن مسلم الكوفى‪ ً،‬عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير‪ ً،‬عن ابن عباس‪ .‬وهذه‬
‫الطريقا صحيحة على شرط الشيخين‪ ً،‬وكثيرا ما يمخيرج منها الفريابى والحاكم فى مستدركه‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬طريقا ابن إسحاقا صاحب السير‪ ً،‬عن محمد بن أبى محمد مولى آل زيد بن ثابت‪ ً،‬عن عكرمة‪ً،‬‬
‫أو سعيد بن جبير عن ابن عباس‪ ً،‬وهى طريقا جيدة وإسنادها حسن‪ ,‬وقد أخرج منها ابن جرير وابن‬
‫أبى حاتم كثيرا‪ ً،‬وأخرج الطبرانى منها فى معجمه الكبير‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬طريقا إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير‪ ً،‬تارة عن أبى مالك‪ ً،‬وتارة عن أبى صالح عن‬
‫ابن عباس‪ .‬وإسماعيل السدى يمختملف فيه‪ ً،‬وحديثه عند مسلم وأهل السنن الربعة‪ ً،‬وهو تابعى شيعى‪.‬‬
‫وقال السيوطى‪" :‬روى عن السدى الئمة مثل الثورى وشعبة‪ ً،‬لكن التفسير الذى جمعه رواه أسباط بن‬
‫نصر‪ ً،‬وأسباط لم يتفقوا عليه‪ ً،‬غير أن أمثل التفاسير تفسير السدى" وابن جرير ييورد فى تفسيره كثيرا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫من تفسير السدى عن أبى مالك عن أبى صالح عن ابن عباس‪ ً،‬ولم يمخيرج منه ابن أبى حاتم شيئا‪ ً،‬لنه‬
‫التزم أن يمخيرج أصح ما ورد‪.‬‬
‫خامسها‪ :‬طريقا عبد الملك بن جريج‪ ً،‬عن ابن عباس‪ ً،‬وهى تحتاج إلى دقة فى البحث‪ ً،‬لييعرف الصحيح‬
‫منها والسقيم‪ ً،‬فإن ابن جريج لم يقصد الصحة فيما جمع‪ ً،‬وإنما روى ما يذركمر فى كل آية من الصحيح‬
‫والسقيم‪ ً،‬فلم يتميز فى روايته الصحيح من غيره‪ ً،‬وقد روى عن ابن جرير هذا جماعة كثيرة‪ ً،‬منهم بكر‬
‫من سهل الدمياطى‪ ً،‬عن عبد الغنى بن سعيد‪ ً،‬عن موسى بن محمد‪ ً،‬عن ابن جريج عن ابن عباس‪ً،‬‬
‫ورواية بكر بن سهل أطول الروايات عن ابن جريج وفيها نظر‪ .‬ومنهم محمد بن ثور‪ ً،‬عن ابن جريج‪ً،‬‬
‫عن ابن عباس‪ ً،‬روى ثلثة أجزاء كبار‪ .‬ومنهم الحجاج بن محمد عن ابن جريج‪ ً،‬روى جزءا وهو‬
‫صحيح متفقا عليه‪.‬‬
‫سادسها‪ :‬طريقا الضحاك بن مزاحم الهللى عن ابن عباس‪ ً،‬وهى غير مرضية‪ ً،‬لنه وإن مورثه نفر‬
‫فطريقه إلى ابن عباس منقطعة‪ ً،‬لنه روى عنه ولم يلقه‪ ً،‬فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة‪ ً،‬عن‬
‫أبى روقا‪ ً،‬عن الضرحاك‪ ً،‬فضعيفه لضعف بشر‪ ً،‬وقد أخرج من هذه النسخة كثيرا ابن جرير وابن أبى‬
‫حاتم‪ .‬وإن كان من رواية جويبر عن الضحاك فأشد ضعفا‪ ً،‬لن جويبر شديد الضعف متروك‪ ً،‬ولم‬
‫يمخيرج ابن جرير ول ابن أبى حاتم من هذه الطريقا شيئا‪ ً،‬إنما خررجها ابن مردويه‪ ً،‬وأبو الشيخْ بن‬
‫حبان‪.‬‬
‫سابعها‪ :‬طريقا عطية العوفى‪ ً،‬عن ابن عباس‪ ً،‬وهى غير مرضية‪ ً،‬لن عطية ضعيف ليس بواه‪ ً،‬وربما‬
‫محرسن له الترمذى‪ .‬وهذه الطريقا قد أخرج منها ابن جرير‪ ً،‬وابن أبى حاتم كثيرا‪.‬‬
‫ثامنها‪ :‬طريقا مقاتل بن سليمان الزدى الخراسانى‪ ً،‬وهو المفيسر الذى يينسب إلى الشافعى أنه قال فيه‪:‬‬
‫ضرعفوه‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إنه يروى عن مجاهد وعن الضحاك‬ ‫"إن الناس عيال عليه فى التفسير" ومع ذلك فقد م‬
‫ولم يسمع منهما‪ .‬وقد كرذبه غير واحد‪ ً،‬ولم ييويثقه أحد‪ ً،‬واشيترهر عنه التجسيم فى مقاتل من المذاهب‬
‫الردية" وقد يسئل وكيع عن تفسير مقاتل فقال‪" :‬ل تنظروا فيه‪ ً،‬فقال السائل‪ :‬ما أصنع به؟ قال‪ :‬ادفنه" ‪-‬‬
‫يعنى التفسير وقال أحمد بن حنبل‪ :‬ل يعجبنى أن أروى عن مقاتل بن سليمان شيئا‪ .‬وبالجملة فإن من‬
‫ضيعفه ويقول‪" :‬ما أحسن تفسيره لو كان ثقة"‪.‬‬ ‫استحسن تفسير مقاتل كان ي م‬
‫تاسعها‪ :‬طريقا محمد بن السائب الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس‪ ً،‬وهذه أو هى الطرقا‪ .‬والكلبى‬
‫مشهور بالتفسير‪ ً،‬وليس لحد تفسير أطول منه ول أشيع كما قال عدى فى الكامل‪ ً،‬ومع ذلك فإن مورجمد‬
‫ممن قال‪ :‬رضوه فى التفسير‪ ً،‬فقد يورجد من قال‪ :‬أجمعوا على ترك حديثه‪ ً،‬وليس بثقة‪ ً،‬ول ييكتب حديثه‪ً،‬‬
‫واتهمه جماعة بالوضع‪ .‬وممن يروى عن الكلبى‪ ً،‬محمد بن مروان السدى الصغير‪ ً،‬وقد قالوا فيه‪ :‬إنه‬
‫يضع الحديث‪ ً،‬وذاهب الحديث متروك‪ ً،‬ولهذا قال السيوطى فى التقان‪" :‬فإن انضم إلى ذلك ‪ -‬أى‬
‫طريقا الكلبى ‪ -‬رواية محمد بن مروان السدى الصغير‪ ً،‬فهى سلسلة الكذب"‪ ً،‬وقال السيوطى أيضا فى‬
‫كتابه الدر المنثور ) جـ ‪ 6‬ص ‪" :(423‬الكلبى‪ :‬اتهموه بالكذب وقد مرضِ فقال لصحابه فى مرضه‪:‬‬
‫كل شيء حدثتكم عن أبى صالح كذب‪ ..‬ومع ضعف الكلبى فقد روى عنه تفسيره مثله أو أشد ضعفا‪ً،‬‬
‫وهو محمد بن مروان السدى الصغير" وكثيرا ما يخرج من هذه الطريقا الثعلبى والواحدى‪.‬‬
‫هذه هى أشهر الطرقا عن ابن عباس‪ ً،‬صحيحها وسقيمها‪ ً،‬وقد عرفت قيمة كل طريقا منها‪ ً،‬وممن اعتمد‬
‫عليها فيما يجرمع من التفسير عن ابن عباس رضى ال عنه‪.‬‬
‫**‬
‫*التفسير المنسوب إلى ابن عباس وقيمته‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا‪ ..‬وقد ينسب إلى ابن عباس رضى ال عنه جزء كبير فى التفسير‪ ً،‬ويطبع فى مصر مرارا باسم‬
‫"تنوير المقياس من تفسير ابن عباس" جمعه أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروز آبادى الشافعى‪ ً،‬صاحب‬
‫القاموس المحيط‪ ً،‬وقد اطلعيت على هذا التفسير‪ ً،‬فوجديت جامعة يسوقا عند الكلم عن البسملة الرواية‬
‫عن ابن عباس بهذا السند‪" :‬أخبرنا عبد ال الثقة بن المأمون الهروى‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنا أبى‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنا أبو‬
‫عبد ال محمود بن محمد الرازى‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنا عماربن عبد المجيد الهروى‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنا على بن‬
‫إسحاقا السمرقندى‪ ً،‬عن محمد بن مروان‪ ً،‬عن الكلبى‪ ً،‬عن أبى صالح‪ ً،‬عن ابن عباس"‪.‬‬
‫وعند تفسير أول سورة البقرة‪ ً،‬وجدته يسوقا الكلم بإسناده إلى عبد ال ابن المبارك‪ ً،‬قال‪ :‬حدثنا علسى‬
‫بن إسحاقا السمرقندى عن محمد بن مروان‪ ً،‬عن الكلبى‪ ً،‬عن أبى صالح‪ ً،‬عن ابن عباس‪.‬‬
‫وفى مبدأ كل سورة يقول‪ :‬وبإسناده عن ابن عباس‪.‬‬
‫‪ ...‬وهكذا يظهر لنا جليا‪ ً،‬أن جميع ما روى عن ابن عباس فى هذا الكتاب يدور على محمد بن مروان‬
‫السدى الصغير‪ ً،‬عن محمد بن السائب الكلبى‪ ً،‬عن أبى صالح‪ ً،‬عن ابن عباس‪ ً،‬وقد عرفنا مبلغ رواية‬
‫السدى الصغير عن الكلبى فيما تقدم‪ .‬وحسبنا فى التعقيب على هذا ما روى من طريقا ابن عبد الحكم‬
‫قال‪" :‬سمعت الشافعى يقول‪ :‬لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إل شبيه بمائة حديث" وهذا الخبر ‪ -‬إن‬
‫ضاعون من الجرأة على اختلقا هذه الكثرة من‬ ‫صح عن الشافعى ‪ -‬يدلنا على مقدار ما كان عليه الو ر‬
‫التفسير المنسوبة إلى ابن عباس‪ ً،‬وليس أدل على ذلك‪ ً،‬من أنك تلمس التناقضِ ظاهرا بين أقوال فى‬
‫التفسير نسبت إلى ابن عباس ورويت عنه‪ .‬وسيأتى ‪ -‬عند الكلم عن الوضع فى التفسير ‪ -‬أن هذا‬
‫التفسير المنسوب إلى ابن عباس لم يفقد شيئا من قيمته العلمية فى الغالب‪ ً،‬وإنما الشئ الذى ل قيمة له‬
‫فيه‪ ً،‬هو نسبته إلى ابن عباس‪.‬‬
‫*أسباب الوضع على ابن عباس‪:‬‬
‫ويبدو أن السر فى كثرة الوضع على ابن عباس‪ ً،‬هو أنه كان من بيت النبوة والوضع عليه ييكسب‬
‫ضع على غيره‪ ً،‬أضف إلى ذلك ابن عباس كان من نسله الخلفاء‬ ‫الموضوع ثقة وقوة أكثر مما لو يو ر‬
‫العباسيون‪ ً،‬وكان من الناس ممن يتزلف إليهم‪ ً،‬ويتقررب منهم بما يرويه لهم عن جدهم‪ ...‬وسنعرضِ إلى‬
‫أسباب الوضع فى التفسير‪ ً،‬وإلى القيمة العلمية للتفسير الموضوع بصرف النظر عن وضعه‪ ً،‬عند‬
‫الكلم على منشأ الضعف فى رواية التفسير المأثور إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬عبد ال بن مسعود‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫ضر‪ ً،‬وييكرنى بأبى عبد الرحمن الهذلى‪ ً،‬ويأمه يأم عبد‬‫هو عبد ال بن مسعود بن غافل‪ ً،‬يصل نسبه إلى يم م‬
‫بنت عبدود‪ ً،‬من هذيل‪ ً،‬وكان يينسب إليها أحيانا فيقال ابن أم عبد‪ .‬كان رحمه ال خفيف اللحم‪ ً،‬قصيرا‪ً،‬‬
‫ل هممة‪ ً،‬أسلم قديما‪ .‬روى العمش‪ ً،‬عن القاسم بن عبد الرحمن‪ ً،‬عن أبيه قال‪ :‬قال عبد ال ‪ -‬يعنى‬ ‫شديد ا ي‬
‫ابن مسعود ‪" : -‬لقد رأيتنى سادس ستة ما على ظهر الرضِ مسلما غيرنا" وهو أول ممن ظهر بالقرآن‬
‫بمكة وأسمعه قريشا بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويأوذى فى ال من أجل ذلك‪ ً،‬ولما أسلم عبد‬
‫ال ابن مسعود أخذه رسول ال صلى ال عليه وسلم إليه فكان يخدمه فى أكثر شئونه‪ ً،‬وهو صاحب‬
‫طهوره وسواكه ونعله‪ ً،‬يلبسه إياه إذا قام‪ ً،‬ويخلعه ويحمله فى ذراعه إذا جلس‪ ً،‬ويمشى أمامه إذا سار‪ً،‬‬
‫ويستره إذا اغتسل‪ ً،‬ويوقظه إذا نام‪ ً،‬ويلج عليه داره بل حجاب‪ ً،‬حتى لقد ظنه أبو موسى الشعرى‬
‫رضى ال عنه من أهل بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ففى البخارى ومسلم عن أبى موسى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الشعرى رضى ال عنه قال‪" :‬قدمت أنا وأخى من اليمن فمكثنا حينا ل نرى ابن مسعود ولأمه إل من‬
‫أهل بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬لما نرى من كثرة دخوله ودخول يأمه على رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ولزومه له"‪ .‬وهاجر إلى الحبشة‪ ً،‬ثم إلى المدينة‪ ً،‬وصلى إلى الرقهبلتين‪ ً،‬وشهد بدرا‪ ً،‬وأييحدا‪ً،‬‬
‫والخندقا‪ ً،‬وبيعة الرضوان‪ ً،‬وسائر المشاهد مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وشهد اليرموك بعد وفاة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وهو الذى أجهز على أبى جهل يوم بدر‪ ً،‬وقد شهد له رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم بالجنة وشهد له بالفضل وعلو المنزلة‪ ً،‬يدل على ذلك ما أخرجه المام أحمد فى مسنده‬
‫عن علسى قال‪ :‬قال رسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬لو كنيت مؤيمرا أحدا دون مشورة المؤمنين ليمهريت ابن‬
‫يأم عبد"‪ .‬وقد ولى بيت المال بالكوفة لعمر وعثمان‪ ً،‬وقدم المدينة فى آخر عمره‪ ً،‬ومات بها سنة اثنتين‬
‫ل‪ ً،‬تنفيذا لوصيته بذلك‪ ً،‬وكان عمره يوم وفاته‪ ً،‬بضعا وستين سنة‪.‬‬ ‫وثلثين‪ ً،‬وديفن بالبقيع لي ل‬
‫**‬
‫* مبلغة من العلم‪:‬‬
‫كان ابن مسعود من أحفظ الصحابة لكتابة ال‪ ً،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يحب أن يسمع منه‬
‫القرآن‪ ً،‬وقد أخبر هو بنفسه عن ذلك فقال‪" :‬قال لى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬اقرأ‬
‫على سورة النساء"‪ ً،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال‪" :‬إنى أحب أن أسمعه من غيرى"‪ ً،‬فقرأيت‬ ‫س‬
‫لرء مشرهيدا{ُ فاضت عيناه ‪-‬‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫عليه حتى بلغت‪} :‬مفمكهيمف إرذا رجئمنا رمن كل أرمهَة ربمشرهيهَد مورجئمنا ربك معلـى مهــيؤ ي‬
‫صلى ال عليه وسلم"‪ .‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬من مسرره أن يقرأ القرآن رطبا كما‬
‫يأنرزل‪ ً،‬فليقرأه على قراءاة ابن يأم عبد"‪ .‬وكان ابن مسعود يعرف ذلك من نفسه ويعتنى به‪ ً،‬حتى إنه كره‬
‫لزيد بن ثابت نسخْ المصاحف فى عهد عثمان‪ ً،‬وكان يرى أنه أولى منه بذلك‪ ً،‬وقد قال فى هذا‪" :‬يا‬
‫معشر المسلمين‪ ً،‬يأعزل عن نسخْ المصاحف ويتوله رجل وال لقد أسلميت وإنه لفى صلب رجل كافر" ؟‬
‫‪ -‬يريد زيد بن ثابت ‪ .-‬وعن مسروقا أنه قال‪" :‬انتهى علم أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إلى ستة‪ :‬عمر‪ ً،‬وعلسى‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود‪ ً،‬وأيمبسى بن كعب‪ ً،‬وأبى الدرداء‪ ً،‬وزيد بن ثابت‪ ً،‬ثم انتهى‬
‫علم هؤلء الستة إلى رجلين‪ :‬علسى‪ ً،‬وعبد ال"‪ ً،‬وقيل لحذيفة‪ :‬أمهخربرنا برجل قريب السمت والدل والمههدى‬
‫من رسول ال صلى ال عليه وسلم نأخذ عنه‪ ً،‬فقال‪" :‬ل نعلم أحدا أقرب سمتا ول مههديا برسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم من ابن يأم عبد‪ ً،‬ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أن‬
‫ابن يأم عبد أقربهم إلى ال وسيلة"‪ .‬ولما سريره عمر رضى ال عنه إلى الكوفة كتب إلى أهلها‪" :‬إنى قد‬
‫بعثيت عمار بن ياسر أميرا‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود معيلما ووزيرا‪ ً،‬وهما من النجباء من أصحاب رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم من أهل بدر فاقتدوا بهما‪ ً،‬وأطيعوا واسمعوا قولهما‪ ً،‬وقد آثرتكم بعبد ال على‬
‫نفسى"‪.‬‬
‫وقد أقام رضى ال عنه بالكوفة يأخذ عنه أهلها الحديث والتفسير والفقه‪ ً،‬وهو معلمهم وقاضيهم‪ً،‬‬
‫ومؤسس طريقتهم فى العتداد بالرأى حيث ل يوجد النص‪ ً،‬ولما قدم علسى الكوفة‪ ً،‬حضر عنده قوم‬
‫ل أحسن يخيلقا‪ ً،‬ول أرفقا تعليما‪ً،‬‬ ‫وذكروا له بعضِ قول عبد ال وقالوا‪ :‬يا أمير المؤمنين؛ً ما رأينا رج ل‬
‫ول أحسن مجالسة‪ ً،‬ول أشد ورعا من ابن مسعود‪ ً،‬قال علسى‪" :‬أنشدكم ال أهو الصدقا من قلوبكم"؟‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪ ً،‬قال‪" :‬الرلهم أشهد أنى فأول مثل ما قالوا وأفضل"‪.‬‬
‫ومن هذا كله يتبين لنا مكانة ابن مسعود رضى ال عنه فى العلم‪ ً،‬ومنزلته بين إخوانه من الصحابة‪ً،‬‬
‫فالكل يشهد له وييقيدمه على غيره‪ ً،‬وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء من عباده‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* قيمة ابن مسعود فى التفسير‪:‬‬
‫روى ابن جرير وغيره عن ابن مسعود أنه قال‪" :‬كان الرجل منا إذا تعرلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى‬
‫يعرف معانيهن والعمل بهن"‪ ً،‬ومن هذا الثر يتضح لنا مقدار حرص ابن مسعود على تفهم كتاب ال‬
‫تعالى والوقوف على معانيه‪ ً،‬وعن مسروقا قال‪" :‬قال عبد ال ‪ -‬يعنى ابن مسعود ‪ : -‬والذى ل إله‬
‫غيره ما نزلت آية من كتاب ال إل وأنا أعلم فيم نزلت وأين نزلت‪ ً،‬ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب ال‬
‫منى تناله المطايا لتيته"‪ ً،‬وهذا الثر يدل على إحاطة ابن مسعود بمعانى كتاب ال‪ ً،‬وأسباب نزول‬
‫اليات‪ ً،‬وحرصه على تعرف ما عند غيره من العلم بكتاب ال تعالى ولو لقى عنتا ومشقة‪ ً،‬وقال‬
‫مسروقا‪ :‬كان عبد ال يقرأ علينا السورة ثم يحيدثنا فيها ويفيسرا عامة النهار‪ ً،‬وروى أبو نعيم فى الحلية‬
‫عن أبى البحترى قال‪ :‬قالوا لعليى‪ :‬أخبرنا عن ابن مسعود‪ ً،‬قال‪ :‬علم القرآن والسسرنة ثم انتهى‪ ً،‬وكفى‬
‫بذلك علما‪ ً،‬وقال عقبة بن عامر‪ :‬ما أدرى أحدا أعلم منه بما نزل على محمد ابن عبد ال‪ ً،‬فقال أبو‬
‫موسى‪ :‬إن تقل ذلك‪ ً،‬فإنهن كان يسمع حين ل نسمع‪ ً،‬ويدخل حين ل ندخل‪ .‬وصح عن ابن مسعود أنه‬
‫قال‪ :‬أخذت من مفيى رسول ال صلى ال عليه وسلم سبعين سورة‪ ً،‬وقال أبو وائل‪ :‬لما حرقا عثمان‬
‫المصاحف بلغ ذلك عبد ال فقال‪ :‬لقد علم أصحاب محمد أنى أعلمهم بكتاب ال وما أنا بخيرهم‪ ً،‬ولو‬
‫أنى أعلم أن أحدا أعلم بكتاب ال منى تبلغه البل لتيته‪ ً،‬قال أبو وائل‪ :‬فقمت إلى الحلقا أسمع ما‬
‫يقولون‪ ً،‬فما سمعت أحدا من أصحاب محمد ينكر ذلك عليه‪ ...‬وغير هذا كثير من الثار التى تشهد‬
‫لمنزلة ابن مسعود العالية فى التفسير‪ ً،‬وإذا كان ابن مسعود يعلم هذا من نفسه ويتحدث به‪ ً،‬فإن أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم سلم ينكروا عليه ذلك‪ ً،‬بل وتحردثوا بمكانته فى العلم‪ ً،‬ومقدار فهمه لكتاب‬
‫ال‪ ً،‬وعرلل ذلك أبو موسى الشعرى رضى ال عنه‪ ً،‬بأنه كان يسمع حين ل يتيسر لهم السماع‪ ً،‬ويدخل‬
‫حين ل ييؤذن لهم بالدخول‪ ً،‬المر الذى جعله أوفر حظا فى الخذ عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫وأعظم نصيبا من الغتراف من منهل النبوة الفرياضِ‪ ً،‬ولئن صح عن أبى الدرداء أنه قال بعد موت ابن‬
‫مسعود‪ :‬ما ترك بعده مثله‪ ً،‬لهى شهادة منه على مقدار علمه‪ ً،‬وسمو مكانته بين أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وبالجملة فابن مسعود كما قيل‪ :‬أعلم الصحابة بكتاب ال تعالى‪ ً،‬وأعرفهم بمحكمه‬
‫ومتشابهه وحلله وحرامه‪ ً،‬وقصصه وأمثاله‪ ً،‬وأسباب نزوله‪ ً،‬قرأ القرآن فأحسل حلله وحررم حرامه‪ً،‬‬
‫فقيه فى الدين‪ ً،‬عارلم بالسسرنة‪ ً،‬بصير بكتاب ال‪* * .‬‬
‫*الرواية عن ابن مسعود ومبلغها من الصحة‪:‬‬
‫ابن مسعود أكثر ممن رموى عنه فى التفسير من الصحابة بعد ابن عباس رضى ال عنه‪ ً،‬قال السيوطى‬
‫فى التقان‪ :‬وأما ابن مسعود فقد يرروى عنه أكثر مما يرروى عن علسى‪ ً،‬وقد حمل علم ابن مسعود فى‬
‫التفسير أهل الكوفة نظرا لوجوده بينهم‪ ً،‬يجلس إليهم فيأخذون عنه ويروون له‪ ً،‬فمن رواته مسروقا بن‬
‫الجدع الهمدانى‪ ً،‬وعلقمة بن قيس النخعى‪ ً،‬والسود بن يزيد‪ ً،‬وغيرهم من علماء الكوفة الذين تتلمذوا‬
‫له ورووا عنه‪ .‬وسيأتى الكلم على هؤلء جميعا ‪ -‬إن شاء ال تعالى ‪ -‬عند الكلم عن التفسير فى‬
‫عصر التابعين‪ ً،‬وقد وردت أسانيد كثيرة تنتهى إلى ابن مسعود‪ ً،‬نجدها مبثوثة فى كتب التفسير بالمأثور‬
‫وكتب الحديث‪ ً،‬ومن هذه الروايات ما يمكن العتماد عليه والثقة به‪ ً،‬ومنها ما يعتريه الضعف فى‬
‫رجاله‪ ً،‬أو النقطاع فى إسناده‪ ً،‬وقد تتبع العلماء الينرقاد هذه الروايات‪ ً،‬كما ترتبعوا غيراه بالنقد تجريحا‬
‫ل وهذه هى أشهر الطرقا عن ابن مسعود‪:‬‬ ‫وتعدي ل‬
‫أولل‪ :‬طريقا العمش‪ ً،‬عن أبى الضحى‪ ً،‬عن مسروقا‪ ً،‬عن ابن مسعود‪.‬‬
‫وهذه الطريقا من أصح الطرقا وأسلمها‪ ً،‬وقد اعتمد عليها البخارى فى صحيحه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثانيا‪ :‬طريقا مجاهد‪ ً،‬عن أبى معمر‪ ً،‬عن ابن مسعود‪ ً،‬وهذه أيضا طريقا صحيحه ل يعتريها الضعف‪.‬‬
‫وقد اعتمد عليها البخارى فى صحيحه أيضا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬طريقا العمش‪ ً،‬عن أبى وائل‪ ً،‬عن ابن مسعود‪ .‬وهذه أيضا طريقا صحيحة يمخيرج البخارى منها‪ً،‬‬
‫وكفى بتخريج البخارى شاهدا على صحته وصحة ما سبقا‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬طريقا السدى الكبير‪ ً،‬عن مرة الهمدانى‪ ً،‬عن ابن مسعود‪ .‬وهذه الطريقا يمخيرج منها الحاكم فى‬
‫مستدركه‪ ً،‬ويصحح ما ييخيرجه‪ .‬وابن جرير يمخيرج منها فى تفسيره كثيرا‪ ً،‬وقد علمت فيما مضى قيمة‬
‫السدى الكبير فى باب الرواية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬طريقا أبى روقا‪ ً،‬عن الضحاك‪ ً،‬عن ابن مسعود‪ ً،‬وابن جرير يمخيرج منها فى تفسيره أيضا‪.‬‬
‫وهذه الطريقا غير مرضية‪ ً،‬لن الضحاك لم يلقا ابن مسعود فهى طريقا منقطعة‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬علسى بن أبى طالب‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو الحسن‪ ً،‬علسى بن أبى طالب بن عبد المطلب‪ ً،‬القرشى الهاشمى‪ ً،‬ابن عم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬وصهره على ابنته فاطمة‪ ً،‬ويذيريته صلى ال عليه وسلم منها‪ .‬يأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم‪.‬‬
‫وهو أول هاشمى يورلد من هاشميين‪ ً،‬ورابع الخلفاء الراشدين‪ ً،‬وأول خليفة من بنى هاشم‪ ً،‬وهو أول ممن‬
‫أسلم من الحداث وصردقا برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬هاجر إلى المدينة‪ .‬وموقفة بن الهجرة‬
‫ضارت ٱلرلره{ُ ‪ ..‬وقد شهد‬
‫مشهور‪ ً،‬قيل‪ :‬ونزل فيه قوله تعالى‪} :‬مورممن ٱلرنارس ممن ميهشرريِ منهفمسيه ٱهبرتمغآمء ممهر م‬
‫علسى المشاهد كلها إل تبوك‪ ً،‬فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم خملفه على أهله‪ ً،‬وله فى الجميع بلء‬
‫عظيم ومواقف مشهورة‪ ً،‬وقد أعطاه الرسول صلى ال عليه وسلم اللواء فى مواطن كثيرة‪ ً،‬وقال يوم‬
‫ل يفتح ال على يديه‪ ً،‬ييحب ال ورسوله‪ ً،‬وييحبه ال ورسوله"‪ ً،‬ثم أعطاها‬ ‫خيبر‪" :‬لعطرين الراية رج ل‬
‫لعلسى رضى ال عنه‪ ً،‬وآخاه رسول ال صلى ال عليه وسلم رلما آخى بين أصحابه وقال له‪" :‬أنت أخى‬
‫فى الدنيا والخرة" وهو أحد العشرة المبرشرين بالجنة‪ ً،‬اجتمع فيه من الفضائل ما لم يحظ به غيره‪ ً،‬فمن‬
‫ورع فى الدين‪ ً،‬إلى زهد فى الدنيا‪ ً،‬إلى قرابة وصهر برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬إلى علم جم‬
‫وفضل غزير‪ ً،‬وقد توفى رحمه ال فى رمضان سنة أربعين من الهجرة‪ ً،‬مقتولل بيد عبد الرحمن بن‬
‫ملجم الخارجى‪ ً،‬وعمره ثلث وستون سنة‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫**‬
‫* مبلغه من العلم‪:‬‬
‫كان رضى ال عنه بحرا فى العلم‪ ً،‬وكان قوى اليحرجة‪ ً،‬سليم الستنباط‪ ً،‬يأورتمى الحظ الوفر من الفصاحة‬
‫لمور‪ ً،‬وكثيراص ما كان‬ ‫والخطابة والشعر‪ ً،‬وكان ذا عقل قضائى ناضج‪ ً،‬وبصيرة نافذة إلى بواطن ا ي‬
‫يرجع إليه الصحابة فى فهم ما خفى واستجلء ما أشكل‪ ً،‬وقد وله رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ل فى المعضلت‪ً،‬‬ ‫قضاء اليمن‪ ً،‬ودعا له بقوله‪" :‬السلهم ثيبت لسيانه واهد قلبه"‪ ً،‬فكان يمورفقا ويمسرددا‪ ً،‬فيص ل‬
‫ضررب به المثل فقيل‪" :‬قضية ول أبا حسن لها"‪ ً،‬ول عجب‪ ً،‬فقد تربى فى بيت النبوة‪ ً،‬وتغرذى بلبان‬ ‫حتى ي‬
‫معارفها‪ ً،‬ومعرمته مشكاة أنوارها‪ .‬روى علقمة عن ابن مسعود قال‪ :‬كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة‬
‫علسى بن أبى طالب‪ .‬وقيل لعطاء‪ :‬أكان فى أصحاب محمد ألعم من علسى؟ قال‪ :‬ل‪ ً،‬وال ل أعلمه‪ً،‬‬
‫وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‪" :‬إذا ثبت لنا الشء عن علسى لم نعدل عنه إلى غيره"‪.‬‬
‫ل ناضجا‪ً،‬‬‫والذى يرجع إلى أقضية علسى رضى ال عنه وخطبه ووصاياه‪ ً،‬يرى أنه قد يورهمب عق ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وبيصيرة نافذة‪ ً،‬وحظا وافرا من العلم وقوة البيان‪.‬‬
‫**‬
‫* مكانته من التفسير‪:‬‬
‫جمع عل سى رضى ال عنه إلى مهارته فى القضاء والفتوى‪ ً،‬علمه بكتاب ال‪ ً،‬وفهمه لسراره وخفى‬
‫معانيه‪ ً،‬فكان أعلم الصحابة بمواقع التنزيل ومعرفة التأويل‪ ً،‬وقد يرروى عن ابن عباس أنه قالك "ما‬
‫أخذت من تفسير القرآن فعن علسى بن أبى طالب"‪.‬‬
‫وأخرج أبو نعيم فى الحلية عن علسى رضى ال عنه أنه قال‪":‬والر ما نزلت آية إل وقد علميت فيم نزلت‪ً،‬‬
‫ل"‪.‬‬ ‫وأين نزلت‪ ً،‬وإن ربى وهمب لى قلبا عقولل‪ ً،‬ولسانا سئو ل‬
‫وعن أبى الطفيل قال‪" :‬شهديت عليا يخطب وهو يقول‪ :‬سلونى‪ ً،‬فوال ل تسألونى عن شئ إل أخبرتكم‪ً،‬‬
‫وسلونى عن كتاب ال‪ ً،‬فوالر ما من آية إل وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار‪ ً،‬أم فى سهل‪ ً،‬أم فى جبل"‪.‬‬
‫وأخرج أبو نعيم فى الحلية عن ابن مسعود قال‪" :‬إن القرآن يأنزل على سبعة أحرف‪ ً،‬ما منها حرف‪ ً،‬إل‬
‫وله ظهر وبطن‪ ً،‬وإن علسى بن أبى طالب عنده منه الظاهر والباطن"‬
‫وغير هذا كثير من الثار التى تشهد له بأنه كان صدر المفسرين والمؤريد فيهم‪.‬‬
‫**‬
‫*الرواية عن علسى ومبلغها من الصحة‪:‬‬
‫كثرة الرواية فى التفسير عن علسى رضى ال عنه‪ ً،‬كثرة جاوزت الحد‪ ً،‬المر الذى لفت أنظار العلماء‬
‫الينرقاد‪ ً،‬وجعلهم يتتبعون الرواية عنه بالبحث والتحقيقا‪ ً،‬ليميزوا ما صح من غيره‪.‬‬
‫ضع عليه‪ ً،‬ويرجع ذلك إلى يغلة الشيعة‪ ً،‬الذين أسرفوا‬ ‫على فى التفسير قليل بالنسبة لما و ر‬
‫وما صح عن س‬
‫فى حبه فاختلفوا عليه ما هو برئ منه‪ ً،‬إما ترويجا لمذهبهم وتدعيما له‪ ً،‬وإما لظنهم الفاسد أن الغراقا‬
‫فى نسبة القوال العلمية إليه ييعلى من قدره‪ ً،‬ويرفع من شأنه العلمى‪ .‬وأظن أن ما ينسب إلى‬
‫على من قوله‪" :‬لو شئت أن أيهورقمر سبعين بعيرا من تفسير أم القرآن لفعلت" ل أصل له‪ ً،‬الرلهم إل فى‬
‫س‬
‫ضاع‬ ‫أوهام الشيعة‪ ً،‬الذين يغالون فى حبه‪ ً،‬ويتجاوزون الحد فى مدحه‪ .‬ثم هناك ناحية أخرى أغرت اليو ر‬
‫بالكذب عليه‪ ً،‬تلك الناحية هى نسبته إلى بيت النبوة‪ ً،‬ول شك أن هذه الناحية‪ ً،‬يتكسب الموضوع قبو ل‬
‫ل‪ً،‬‬
‫وتعطيه رواجا وذيوعا على ألسن الناس‪ ً،‬والحقا أن كثرة الوضع على علسى رضى ال عنه أفسدت‬
‫الكثير من علمه‪ ً،‬ومن أجل ذلك لم يعتمد أصحاب الصحيح فيما يروونه عنه إل على ما كان من طريقا‬
‫الثبات من أهل بيته‪ ً،‬أو من أصحاب ابن مسعود‪ ً،‬كعبيدة السلمانى ويشريح‪ ً،‬وغيرهما‪ .‬وهذه أهم الطرقا‬
‫عن علسى فى التفسير‪:‬‬
‫على‪ .‬طريقا صحيحة‪ ً،‬يمخيرج منها‬ ‫أولل‪ :‬طريقا هشام‪ ً،‬عن محمد بن سيرين‪ ً،‬عن عبيدة السلمانى‪ ً،‬عن س‬
‫البخارى وغيره‪.‬‬
‫على‪ .‬وهذه طريقا صحيحة‪ ً،‬يخيرج منها ابن عيينة‬ ‫ثانيا‪ :‬طريقا ابن أبى الحسين‪ ً،‬عن أبى الطفيل‪ ً،‬عن س‬
‫فى تفسيره‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬طريقا الزهرى‪ ً،‬عن علسى زين العابدين‪ ً،‬عن أبيه الحسين‪ ً،‬عن أبيه علسى‪ .‬وهذه طريقا صحيحه‬
‫جدا‪ .‬حتى عردها بعضهم أصح السانيد مطلقا‪ ً،‬ولكن لم تشتهر هذه الطريقا اشتهار الطريقتين السابقتين‬
‫نظرا لما ألصقه الضعفاء‪ ً،‬والكرذابون بزين العابدين من الروايات الباطلة‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 4‬أيمبسى بن كعب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو المنذر‪ ً،‬أو أبو الطفيل‪ ً،‬أيمبسى بن كعب بن قيس‪ ً،‬النصارى الخزرجى‪ ً،‬شهد العقبة وبدرا‪ ً،‬وهو‬
‫أول ممن كتب لرسول ال صلى ال عليه وسلم مقدمة المدينة‪ ً،‬وقد أثنى عليه عمر رضى ال عنه فقال‪:‬‬
‫بى سيد المسلمين" وقد أخهترليف فى وفاته على أقوال كثيرة‪ ً،‬والكثر على أنه مات فى خلفة عمر بن‬ ‫"أيم س‬
‫الخطاب رضى ال عنه‪.‬‬
‫*مبلغه من العلم‪:‬‬
‫بى بن كعب سيد القرراء‪ ً،‬وأحد يكرتاب الوحى لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد قال فيه صلى‬ ‫كان أيم س‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬واقرؤهم أيمبسى بن كعب"‪ ً،‬وليس أدل على جودة حفظه لكتاب ال تعالى من قراءة النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فقد أخرج الترمذى بسنده إلى أنس بن مالك رضى ال عنه أنه قال‪" :‬إن النبى‬
‫لمبسى بن كعب‪ :‬إن ال أمرنى أن أقرأ عليك‪} :‬لمهم مييكرن ٱرلرذيمن مكمفيروها{ُ قال‪ :‬آل‬ ‫صلى ال عليه وسلم قال ي‬
‫سمانى لك؟ قال‪ :‬نعم‪ ً،‬فجعل أيمبسى يبكى"‪.‬‬
‫ضرل ٱللرره موربمرهحمرتره مفربمذرلمك‬
‫بى‪ :‬وفرحت بذلك؟ قال‪ :‬وما يمنعنى وهو يقول‪} :‬يقهل ربمف ه‬ ‫وفى رواية أنه قيل م‬
‫لم ر‬
‫مفهلميهفمريحوها يهمو مخهيفر يمرما ميهجمميعومن{ُ‪ .‬وروى الشعبى عن مسروقا قال‪" :‬كان أصحاب القضاء من أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ستة‪ :‬عمر‪ ً،‬وعلسى‪ ً،‬وعبد ال‪ ً،‬وأيمبسى‪ ً،‬وزيد‪ ً،‬وأبو موسى"‪.‬‬
‫**‬
‫* مكانته فى التفسير‪:‬‬
‫كان أيمبسى بن كعب من أعلم الصحابة بكتاب ال تعالى‪ ً،‬ولعل من أهم عوامل معرفته بمعانى كتاب ال‪ً،‬‬
‫هو أنه كان محهبرا من أحبار اليهود‪ ً،‬العارفين بأسرار الكتب القديمة وما ورد فيها‪ ً،‬وكونه من يكرتاب‬
‫الوحى لرسول ال صلى ال عليه وسلم وهذا بالضرورة يجعله على مبلغ عظيم من العلم بأسباب النزول‬
‫ومواضعه‪ ً،‬ويممقردم القرآن ويمؤخره‪ ً،‬وناسخه ومنسوخه‪ ً،‬ثم ل ييعقل بعد ذلك أن تمر عليه آية من القرآن‬
‫يشكل معناها عليه دون أن يسأل عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬لهاذ كله يعسد‬
‫بى بن كعب من المكثرين فى التفسير‪ ً،‬الذين يعترد بما صح عنهم‪ ً،‬وييعرول على تفسيرهم‪.‬‬ ‫أيم س‬
‫**‬
‫* الرواية عنه فى التفسير ومبلغها من الصحة‪:‬‬
‫كثرت الرواية عن أيمبسى بن كعب فى التفسير وتعرددت طرقها‪ ً،‬وتتبع العلماء سهذه الطرقا بالنقد‪ ً،‬فعردلوا‬
‫وجررحوا‪ ً،‬لنه كغيره من الصحابة لم يسلم من الوضع عليه ‪ -‬وهذه هى أشهر الطرقا عنه‪:‬‬
‫أولل‪ :‬طريقا أبى جعفر الرازى‪ ً،‬عن الربيع بن أنس‪ ً،‬عن أبى العالية‪ ً،‬عن أيمبسى رضى ال عنه‪ .‬وهذه‬
‫طريقا صحيحة‪ ً،‬وقد ورد عن أيمبسى‪ ً،‬نسخة كبيرة فى التفسير‪ ً،‬يرويها أبو جعفر الرازى بهذا السناد إلى‬
‫بى‪ ً،‬وقد خ ررج ابن جرير وأبى حاتم منها كثيرا‪ ً،‬وأخرج الحاكم منها أيضا فى مستدركه‪ ً،‬والمام أحمد‬ ‫أيم ر‬
‫من مسنده‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬طريقا وكيع عن سفيان‪ ً،‬عن عبد ال بن محمد بن عقيل‪ ً،‬عن الطفيل بن‬
‫بى بن كعب‪ ً،‬عن أبيه‪ ً،‬وهذه يمخررج منها المام أحمد فى مسنده‪ ً،‬وهى على شرط الحسن‪ ً،‬لن عبد ال‬ ‫أيم س‬
‫بن محمد بن عقيل وإن كان صدوقا تكلم فيه من جهة حفظه‪ ً،‬قال الترمذى فى سننه‪" :‬عبد ال بن محمد‬
‫بن عقيل‪ ً،‬هو صدوقا وقد تكلم فيه بعضِ أهل العلم من رقمبل حفظه‪ ً،‬وسمعت محمد بن إسماعيل يقول‪:‬‬
‫كان أحمد بن حنبل‪ ً،‬وإسحاقا بن إبراهيم‪ ً،‬والحميدى‪ ً،‬يحتجون بحديث عبد ال بن محمد بن عقيل قال‬
‫محمد ‪ -‬يعنى البخارى ‪ : -‬وهو مقارب الحديث‪ ً،‬ونص الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد على أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫حديثه حسن"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الول‪ :‬المرحلة الولى‬
‫للتفسير‪ ..‬أو التفسير فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه ( ضمن العنوان ) قيمة التفسير‬
‫المأثور عن الصحابة (‬

‫أطلقا الحاكم فى المستدرك‪ :‬أن تفسير الصحابى الذى شهد الوحى‪ ً،‬له حكم المرفوع‪ ً،‬فكأنه رواه عن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وعزا هذا القول للشيخين حيث يقول فى المستدرك‪" :‬ليعلم طالب الحديث‪ً،‬‬
‫أن تفسير الصحابى الذى شهد الوحى والتنزيل ‪ -‬عند الشيخين ‪ -‬حديث مسند" ولكن قريد ابن الصلح‪ً،‬‬
‫والنووى‪ ً،‬وغيرهما‪ ً،‬هذا الطلقا‪ ً،‬بما يرجع إلى أسباب النزول‪ ً،‬وما ل مجال للرأى فيه‪ ً،‬قال ابن‬
‫الصلح فى مقدمته ص )‪" :(24‬ما قيل من أن تفسير الصحابى حديث مسند‪ ً،‬فإنما ذلك فى تفسير يتعلقا‬
‫بسبب نزول آية يخبر به الصحابى‪ ً،‬أو نحو ذلك مما ل يمكن أن يؤخذ إل عن النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم ول مدخل للرأى فيه‪ ً،‬كقول جابر رضى ال عنه‪ :‬كانت اليهود تقول‪ :‬ممن أتى امرأته من يديبرها‬
‫فى يقيبلها جاء الولد أحول‪ ً،‬فأنزل ال معرز ومجرل‪} :‬رنمسآيؤيكهم محهرفث لريكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬فأما سائر تفاسير الصحابة‬
‫التى ل تشتمل على إضافة شئ إلى الرسول صلى ال عليه وسلم فمعدودة فى الموقوفات"‪.‬‬
‫ولكسنا نجد الحاكم نفسه قد صررح فى "معرفة علوم الحديث" بما ذهب إليه ابن الصلح وغيره حيث قال‪:‬‬
‫ومن الموقوفات ما حدثناه أحمد بن كامل بسنده عن أبى هريرة فى قوله‪} :‬ملروامحفة ليهلمبمشرر{ُ‪ ..‬قال‪ :‬تلقاهم‬
‫جهنم يوم القيامة فتلفحهم لفحة فل تترك لحما على عظم‪ ً،‬قال‪ :‬فهذا وأشباهه ييعمد فى تفسير الصحابة من‬
‫الموقوفات‪ ً،‬فأما ما نقول‪ :‬إن تفسير الصحابة مسند‪ ً،‬فإنما نقوله فى غير هذا النوع‪ "..‬ثم أورد حديث‬
‫جابر فى قصة اليهود وقال‪" :‬وفهذا وأشباهه مسند ليس بموقوف‪ ً،‬فإن الصحابى الذى شهد الوحى‬
‫والتنزيلل فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت فى كذا فإنه حديث مسند"‪.‬‬
‫فالحاكم قريد فى " معرفة علوم الحديث" ما أطلقا فى "المستدرك"‪ ً،‬فاعتمد الناس ما قريد‪ ً،‬وتركوا ما أطلقا‪ً،‬‬
‫وعرلل السيوطى فى "التدريب" إطلقا الحاكم بأنه كان حريصا على جمع الصحيح سفى "المستدرك" حتى‬
‫أورد فيه ما ليس من شرط المرفوع‪ ً،‬ثم اعترضِ بعد ذلك على الحاكم‪ ً،‬حيث معرد الحديث المذكور عن‬
‫أبى هريرة من الموقوف‪ ً،‬وليس كذلك؛ً لنه يتعلقا بذكر الخرة‪ ً،‬وهذا ل مدخل للرأى فيه‪ ً،‬فهو من قبيل‬
‫المرفوع‪.‬‬
‫وبعد هذا كله نخلص بهذه النتائج‪.‬‬
‫أول‪ :‬تفسير الصحابى له حكم المرفوع‪ ً،‬إذا كان مما يرجع إلى أسباب النزول‪ ً،‬وكل ما ليس للرأى فيه‬
‫مجال‪ ً،‬أما ما يكون للرأى فيه مجال‪ ً،‬فهو موقوف عليه ما دام لم يسنده إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ما يحرك مم عليه بأنه من قبيل المرفوع ل يجوز رده اتفاقا‪ ً،‬بل يأخذه المفسر ول يعدل عنه إلى غيره‬
‫بأية حال‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ما يحركمم عليه بالوقف‪ ً،‬تختلف فيه أنظار العلماء‪:‬‬
‫فذهب فريقا‪ :‬إلى أن الموقوف على الصحابى من التفسير ل يجب الخذ به لنه لمرما لم يرفعه‪ ً،‬يعرلم أنه‬
‫اجتهد فيه‪ ً،‬والمجتهد ييخطئ وييصيب‪ ً،‬والصحابة فى اجتهادهم كسائر المجتهدين‪.‬‬
‫وذهب فريقا آخر إلى أنه يجب الخذ به والرجوع إليه‪ ً،‬لظن سماعهم له من رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬ولنهم إن فرسروا برأيهم فرأيهم أصوب‪ ً،‬لنهم أدرى الناس بكتاب ال‪ ً،‬إذ هم أهل اللسان‪ ً،‬ولبركة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصحابة والتخلقا بأخلقا النبوة‪ ً،‬ورلمما شاهدوه من القرائن والحوال التى اخيتصوا بها‪ ً،‬ورلمما لهم من‬
‫الفهم التام والعلم الصحيح‪ ً،‬ل سيما علماؤهم وكبراؤهم كالئمة الربعة‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود‪ ً،‬وابن‬
‫عباس وغيرهم‪.‬‬
‫قال الزركشى فى "البرهان"‪" :‬اعلم أن القرآن قسمان‪ :‬قسم ورد تفسيره بالنقل‪ ً،‬وقسم لم يرد‪ .‬والول‪ :‬إما‬
‫أن يرد عن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو الصحابة أو رؤوس التابعين‪ ً،‬فالول ييبحث فيه عن صحة‬
‫السند‪ ً،‬والثانى يينظر فى تفسرب الصحابى‪ ً،‬فإن فرسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فل شك فى‬
‫اعتماده‪ ً،‬أو بما شاهدوه من السباب والقرائن فل شك فيه"‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن كثير فى مقدمة تفسيره‪ ..." :‬وحينئذ إذا لم نجد التفسير فى القرآن ول فى السسرنة‪ً،‬‬
‫رجعنا فى ذلك إلى أقوال الصحابة‪ ً،‬فإنهم أدرى بذلك‪ ً،‬رلمما شاهدوه من القرائن والحوال التى اخيتصوا‬
‫بها‪ ً،‬ورلمما لهم من الفهم التامم‪ ً،‬والعلم الصحيح‪ ً،‬والعمل الصالح‪ ً،‬ل سيما علماؤهم وكبراؤهم‪ ً،‬كالئمة‬
‫الربعة‪ ً،‬والخلفاء الراشدين‪ ً،‬والئمة المهتدين المهديين‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود رضى ال عنهم"‪.‬‬
‫وهذا الرأى الخير هو الذى تميل إلن النفس‪ ً،‬ويطمئن إليه القلب رلمما يذكر‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الول‪ :‬المرحلة الولى‬
‫للتفسير‪ ..‬أو التفسير فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه ( ضمن العنوان ) مميزات التفسير‬
‫فى هذه المرحلة (‬

‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫مميزات التفسير فى هذه المرحلة‬
‫يمتاز التفسير فى هذه المرحلة بالمميزات التية‪:‬‬
‫ل‪ :‬لم يمفرسر القرآن جميعه‪ ً،‬وإنما يفيسر بعضِ منه‪ ً،‬وهو ما غمضِ فهمه وهذا الغموضِ كان يزداد كلما‬ ‫أو ل‬
‫مب يعد الناس عن عصر النبى صلى ال عليه وسلم والصحابة‪ ً،‬فكان التفسير يتزايد تبعا لتزايد هذا‬
‫الغموضِ‪ ً،‬إلى أن تم تفسير آيات القرآن جميعها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬رقرلة الختلف بينهم فى فهم معانيه‪ ً،‬وسنعرضِ لهذا الموضوع بتوسع فيما بعد إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬فيكفى أن‬ ‫ثالثا‪ :‬كانوا كثيرا ما يكتفون بالمعنى الجمالى‪ ً،‬ول ييلزمون أنفسهم بتفهم معانيه تفصي ل‬
‫يفهموا من مثل قوله تعالى‪} :‬مومفاركمهلة موأمسبا{ُ ‪ ..‬أنه تعداد رلنعمم ال تعالى على عباده‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬القتصار على توضيح المعنى السلغوى الذى فهموه بأخصر لفظ‪ ً،‬مثل قولهم‪} :‬مغهيمر يممتمجارنهَف‬
‫لهثهَم{ُ‪ ..‬أى غير متعرضِ لمعصية‪ ً،‬فإن زادوا على ذلك فمما عرفوه من أسباب النزول‪.‬‬ ‫ر‬
‫خامسا‪ :‬ندرة الستنباط العلمى للحكام الفقهية من اليات القرآنية وعوم وجود النتصار للمذاهب الدينية‬
‫بما جاء فى كتاب ال‪ ً،‬نظرا لتحادهم فى العقيدة‪ ً،‬ولن الختلف المذهبى لم يقم إل بعد عصر‬
‫الصحابة رضى ال عنهم‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬لم ييردون شيء من التفسير فى هذا العصر‪ ً،‬لن التدوين لم يكن إل فى القرآن الثانى‪ .‬نعم أثبت‬
‫بعضِ الصحابة بعضِ التفسير فى مصاحفهم فظنها بعضِ المتأخرين من وجوه القرآن التى نز بها من‬
‫عند ال تعالى‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬اتخذ التفسير فى هذه المرحلة شكل الحديث‪ ً،‬بل كان جزءا منه وفرعا من فروعه‪ ً،‬ولم يتخذ‬
‫ل منظما‪ ً،‬بل كانت هذه التفسيرات يتروى منثورة ليات متفرقة‪ ً،‬كما كان الشأن فى رواية‬ ‫التفسير له شك ل‬
‫الحديث‪ ً،‬فحديث صلة بجانب حديث جهاد‪ ً،‬بجانب حديث ميراث‪ ً،‬بجانب حديث فى تفسير آية‪...‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وليس المعترضِ أن يعترضِ علينا بتفسير ابن عباس‪ ً،‬فإنه ل تصح نسبته إليه‪ ً،‬بل جمعه الفيروزآبادى‬
‫ونسبة إليه‪ ً،‬معتمدا فى ذلك على رواية واهية‪ ً،‬هي رواية محمد بن مروان السدى‪ ً،‬عن الكلبى‪ ً،‬عن أبى‬
‫صالح‪ ً،‬عن ابن عباس وهذه هي سلسلة الكذب كما قيل‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثانى‪ :‬المرحلة الثانية‬
‫للتفسير أو التفسير فى عصر التابعين ( ضمن العنوان ) ابتداء هذه المرحلة (‬

‫تنتهى المرحلة الولى للتفسير بانصرام عهد الصحابة‪ ً،‬وتبدأ المرحلة الثانية للتفسير من عصر التابعين‬
‫الذين تتلمذوا للصحابة فتلقوا غالب معلوماتهم عنه‪.‬‬
‫وكما اشتهر بعضِ أعلم الصحابة بالتفسير والرجوع إليهم فى استجلء بعضِ ما خفى من كتاب ال‪ً،‬‬
‫ضحوا لمعاصريهم خفى معانيه‪.‬‬ ‫اشتهر أيضا بالتفسير أعلم من التابعين‪ ً،‬تكرلموا فى التفسير‪ ً،‬وو ر‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثانى‪ :‬المرحلة الثانية للتفسير‬
‫أو التفسير فى عصر التابعين ( ضمن العنوان ) مصادر التفسير فى هذا العصر (‬

‫وقد اعتمد هؤلء المف يسرون فى فهمهم لكتاب ال تعالى على ما جاء فى الكتاب نفسه‪ ً،‬وعلى ما رووه‬
‫عن الصحابة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وعلى ما رووه عن الصحابة من تفسيرهم أنفسهم‪ً،‬‬
‫وعلى ما أخذوه من أهل الكتاب مما جاء فى كتبهم‪ ً،‬وعلى ما يفتح ال به عليهم من طريقا الجتهاد‬
‫والنظر فى كتاب ال تعالى‪.‬‬
‫وقد روت لنا كتب التفسير كثيرا من أقوال هؤلء التابعين فى التفسير‪ ً،‬قالوها بطريقا الرأى والجتهاد‪ً،‬‬
‫ولم يصل إلى علمهم شئ فيها عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو عن أحد من الصحابة‪.‬‬
‫وقد قلنا فيما سبقا‪ :‬إن ما ينرقل عن الرسول صلى ال عليه وسلم وعن الصحابة من التفسير لم يتناول‬
‫جميع آيات القرآن‪ ً،‬وإنما فرسروا ما غمضِ فهمه على معاصريهم‪ ً،‬ثم تزايد هذا الغموضِ ‪ -‬على تدرج‬
‫‪ -‬كلما مبيعد الناس عن عصر النبى صلى ال عليه وسلم والصحابة‪ ً،‬فاحتاج المشتغلون بالتفسير من‬
‫التابعين إلى أن يكملوا بعضِ هذا النقص‪ ً،‬فزادوا فى التفسير بمقدار ما زاد من غموضِ‪ ً،‬ثم جاء ممن‬
‫بعدهم فأتموا تفسير القرآن تباعا‪ ً،‬معتمدين على ما عرفوه من لغة العرب ومناحيهم فى القول‪ ً،‬وعلى ما‬
‫صح لديهم من الحداث التى حدثت فى عصر نزول القرآن‪ ...‬وغير هذا من أدوات الفهم ووسائل‬
‫البحث‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثانى‪ :‬المرحلة الثانية للتفسير‬
‫أو التفسير فى عصر التابعين ( ضمن العنوان ) مدارس التفسير التى قامت فيه (‬

‫* مدارس التفسير فى عصر التابعين‪:‬‬


‫فتح ال على المسلمين كثيرا من بلدهم العاملم فى حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وفى عهود‬
‫الخلفاء من بعده‪ ً،‬ولم يستقروا جميعا فى بلد واحد من بلد المسلمين‪ ً،‬بل نأى الكثير منهم عن المدينة‬
‫مشرقا النور السلمى ثم استقر بهم النوى‪ ً،‬مورزعين على جميع البلد التى دخلها السلم‪ ً،‬وكان منهم‬
‫الولة‪ ً،‬ومنهم الوزراء‪ ً،‬ومنهم القضاة‪ ً،‬ومنهم المعيلمون‪ ً،‬ومنهم غير ذلك‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وقد حمل هؤلء معهم إلى هذه البلد التى رحلوا إليها‪ ً،‬ما وعوه من العلم‪ ً،‬وما حفظوه عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فجلس إليهم كثير من التابعين يأخذون العلم عنهم‪ ً،‬وينقلونه لمن بعدهم‪ ً،‬فقامت فى‬
‫هذه المصار المختلفة مدارس علمية‪ ً،‬أساتذتها الصحابة‪ ً،‬وتلميذها التابعون‪.‬‬
‫واشتهر بعضِ هذه المدارس بالتفسير‪ ً،‬وتتلمذ فيها كثير من التابعين لمشاهير المفيسرين من الصحابة‪ً،‬‬
‫فقامت مدرسة للتفسير بمكة‪ ً،‬وأخرى بالمدينة‪ ً،‬وثالثة بالعراقا‪ ً،‬وهذه المدارس الثلث‪ ً،‬هى أشهر‬
‫مدارس التفسير فى المصار فى هذا العهد‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬وأما التفسير فأعلم الناس به أهل مكة‪ ً،‬لنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد‪ ً،‬وعطاء بن‬
‫أبى رباح‪ ً،‬وعكرمة مولى ابن عباس‪ ً،‬وغيرهم من أصحاب ابن عباس‪ ً،‬كطاووس‪ ً،‬وأبى الشعثاء‪ً،‬‬
‫وسعيد بن جبير وأمثالهم‪ .‬وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود‪ ً،‬ومن ذلك ما تميرزوا به عن‬
‫غيرهم‪ ً،‬وعلماء أهل المدينة فى التفسير‪ ً،‬مثل زيد بن أسلم‪ ً،‬الذى أخذ عنه مالك التفسير‪ ً،‬وأخذ عنه‬
‫أيضا ابنه عبد الرحمن‪ ً،‬وعبد ال بن وهب"‪.‬‬
‫وأرى أن أتكلم عن كل مدرسة من هذه المدارس الثلث‪ ً،‬وعن أشهر المفيسرين من التابعين الذين أخذوا‬
‫التفسير عن أساتذة هذه المدارس من الصحابة‪ ً،‬فأقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫أولل‪ :‬مدرسة التفسير بمكة‬
‫* قيامها على ابن عباس‪:‬‬
‫قامت مدرسة التفسير بمكة على عبد ال بن عباس رضى ال عنهما‪ ً،‬فكان يجلس لصحابه من التابعين‪ً،‬‬
‫ييف يسر لهم كتاب ال تعالى‪ ً،‬ويوضح لهم ما أشكل من العناية‪ ً،‬وكان تلميذه يعون عنه ما يقول‪ ً،‬ويروون‬
‫لمن بعدهم ما سمعوه منه‪.‬‬
‫**‬
‫* أشهر رجالها‪:‬‬
‫وقد اشتهر من تلميذ ابن عباس بمكة‪ :‬سعيد بن جبير‪ ً،‬ومجاهد‪ ً،‬وعكرمة مولى ابن عباس‪ ً،‬وطاووس‬
‫بن كيسان اليمانى‪ ً،‬وعطاء بن أبى رباح‪.‬‬
‫وهؤلء كلهم كانوا من الموالى‪ ً،‬وهم يختلفون فى الرواية عن ابن عباس رقرلة وكثرة‪ ً،‬كما اختلف العلء‬
‫فى مقدار الثقة بهم والركون إليهم‪.‬‬
‫ونسوقا الحديث عن كل واحد منهم‪ ً،‬ليتضح لنا مكانته فى التفسير‪ ً،‬ومقدار العتماد عليه فيه‪:‬‬
‫‪ - 1‬سعيد بن جبير‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو محمد ‪ -‬أو أبو عبد ال ‪ -‬سعيد بن جبير بن هشام السدى الوالبى‪ ً،‬مولهم‪ .‬كان حبشى‬
‫الصل‪ ً،‬أسود اللون‪ ً،‬أبيضِ الخصال‪ .‬سمع جماعة من أئمة الصحابة‪ .‬وروى عن ابن عباس‪ ً،‬وابن‬
‫مسعود‪ ً،‬وغيرهما‪.‬‬
‫* مكانته فى التفسير‪:‬‬
‫كان رحمه ال من كبار التابعين ومتقدميهم فى التفسير والحديث والفقه‪ ً،‬أخذ القراءة عن ابن عباس‬
‫عرضا‪ ً،‬وسمع منه التفسير‪ ً،‬وأكثر روايته عنه وقد جمع سعيد القراءات الثابتة عن الصحابة وكان يقرأ‬
‫بها‪ ً،‬يدلنا على ذلك ما جاء عن إسماعيل بن عبد الملك أنه قال‪" :‬كان سعيد بن جبير يؤمنا فى شهر‬
‫رمضان فيقرأ ليلة بقراءة عبد ال بن مسعود‪ ً،‬وليلة بقراءة زيد بن ثابت‪ ً،‬وليلة بقراءة غيره‪ ً،‬وهكذا‬
‫أبدا"‪ ً،‬ول شك أن جمعه لهذه القراءات كان يعطيه القدرة على التوسع فى معرفة معانى القرآن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأسراره‪ ً،‬ولكن يظهر لنا أنه كان يتورع من القول فى التفسير برأيه‪ ً،‬يدلنا على ذلك ما رواه ابن‬
‫ل سأل سعيدا أن يكتب له تفسير القرآن فغضب وقال‪ :‬لن يسقط شيقى أحب إلرى من‬ ‫خلكان‪ :‬من أن رج ل‬
‫ذلك‪ .‬ولقد جمع سعيد علم أصحابه من التابعين‪ ً،‬وألرم بما عندهم من النواحى التى برزوا فيها‪ ً،‬فقد قال‬
‫خصيف‪" :‬كان من أعلم التابعين بالطلقا سعيد بن المسيب‪ .‬وبالحج عطاء‪ ً،‬وبالحلل والحرام‬
‫طاوووس‪ ً،‬وبالتفسير أبو الحجاج مجاهد بن جبر‪ ً،‬وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير"‪.‬‬
‫لهذا كله نجد أستاذه ابن عباس يثقا بعلمه‪ ً،‬ويحيل عليه ممن يستفتيه‪ ً،‬وان يقول لهل الكوفة إذا أتوه‬
‫ليسألوه عن شئ‪ :‬أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ ‪ -‬يعنى سعيد بن جبير ‪ -‬ويروى عمرو بن ميمون عن‬
‫أبيه أنه قال‪ :‬لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الرضِ أحد إل وهو محتاج إلى عمله‪ .‬ويرى‬
‫بعضِ العلماء أنه يمقردم على مجاهد وطاووس فى العلم‪ ً،‬وكان قتادة يرى أنه أعلم التابعين بالتفسير‪.‬‬
‫هذا وقد مورثمقا علماء الجرح والتعديل سعيد بن جبير‪ ً،‬فقال أبو القاسم الطبرى‪ :‬هو ثقة‪ ً،‬يحرجة‪ ً،‬إمام على‬
‫ل ورعا‪ .‬وهو يمهجممع عليه من أصحاب‬ ‫المسلمين‪ .‬وذكره ابن حبان فى الثقات وقال‪ :‬كان عبدا فاض ل‬
‫الكتب الستة‪.‬‬
‫وقد يقتل فى شعبان سنة ‪ 95‬هـ )خمس وتسعين من الهجرة(‪ ً،‬وهو ابن تسع وأربعين سنة‪ ً،‬قال أبو‬
‫الشيخْ‪ :‬قتله الحجاج صبرا‪ .‬وله مناظرة قبل قتله مع الحجاج‪ ً،‬تدل على قوة يقينه‪ ً،‬وثبات إيمانه‪ ً،‬وثقته‬
‫بال‪ ً،‬فرضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬مجاهد بن جبر‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو مجاهد بن جبر‪ ً،‬المكى‪ ً،‬المقرئ‪ ً،‬المفيسر‪ ً،‬أبو الحجاج المخزومى‪ ً،‬مولى السائب بن أبى السائب‪.‬‬
‫كان أحد العلم الثبات‪ .‬ولد سنة ‪ 21‬هـ )إحدى وعشرين من الهجرة( فى خلفة عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫وكانت وفاته بمكة وهو ساجد‪ ً،‬سنة ‪ 104‬هـ )أربع ومائة( على الشهر‪ ً،‬وعمره ثلث وثمانون سنة‪.‬‬
‫**‬
‫* مكانته فى التفسير‪:‬‬
‫كان مجاهد ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أقل أصحاب ابن عباس رواية عنه فى التفسير‪ ً،‬وكان أوثقهم‪ ً،‬لهذا اعتمد‬
‫على تفسيره الشافعى والبخارى وغيرهما‪ ً،‬ونجد البخارى رضى ال عنه فى كتاب التفسير من الجامع‬
‫الصحيح‪ ً،‬ينقل لنا كثيرا من التفسير عن مجاهد‪ ً،‬وهذه أكبر شهادة من البخارى على ثقته وعدالته‪ً،‬‬
‫واعتراف منه بمبلغ فهمه لكتاب ال تعالى‪ ً،‬وقد روى الفضل ابن ميمون أنه سمع مجاهدا يقول‪:‬‬
‫عرضت القرآن على ابن عباس ثلثين مرة‪ .‬وروى عنه أيضا أنه قال‪ :‬عرضت القرآن على ابن عباس‬
‫ثلث عرضات‪ ً،‬أقف عند كل آية‪ ً،‬أساله فيم نزلت‪ ً،‬وكيف كانت؟ ول تعارضِ بين هاتين الروايتين‪ً،‬‬
‫لن الخبار بالقليل ل ينافى الخبار بالكثير‪ ً،‬ولعله عرضِ القرآن على ابن عباس ثلثين مرة لتمام‬
‫الضبط‪ ً،‬ودقة التجويد‪ ً،‬ويحهسن الداء‪ ً،‬وعرضه بعد ذلك ثلث مرات طلبا لتفسيره‪ ً،‬ومعرفة ما دقا من‬
‫أسراره‪ ً،‬وخفى من معانيه‪ .‬كما يتشعر بذلك ألفاظ الرواية‪ .‬وعن ابن أبى مليكة قال‪ :‬رأيت مجاهدا سأل‬
‫ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه‪ ً،‬فقال ابن عباس‪ :‬اكتب‪ ً،‬حتى سأله عن التفسير كله‪ .‬وروى‬
‫عبد السلم بن حرب عن مصعب قال‪ :‬كان أعلمهم بالتفسير مجاهد‪ ً،‬وبالحج عطاء‪ .‬وقال قتادة‪ :‬أعلم‬
‫ممن بقى بالتفسير مجاهد‪ .‬وقال ابن سعد‪ :‬كان ثقة‪ ً،‬فقيها‪ ً،‬عالما‪ ً،‬كثير الحديث‪ .‬وقال ابن حبان‪ :‬كان‬
‫فقيها‪ ً،‬ورعا‪ ً،‬عابدا‪ ً،‬متقنا‪ .‬وأخرج ابن جرير فى تفسيره عن أبى بكر الحنفى قال‪ :‬سمعت سفيان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الثورى يقول‪ :‬إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به‪ .‬وكان رحمه ال جيد الحفظ‪ ً،‬وقد حردث بهذا عن‬
‫نفسه فقال‪ :‬قال لى ابن عمر‪ :‬ودديت أن نافعا يحفظ حفظك‪ .‬وقال الذهبى فى الميزان‪ ً،‬فى آخر ترجمة‬
‫لمة على إمامة مجاهد والحتجاج به‪ .‬وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة‪.‬‬ ‫مجاهد‪ :‬أجمعت ا ي‬
‫كل هذه شهادات من العلماء الينرقاد تشهد بعلو مكانته فى التفسير‪.‬‬
‫ولكن مع هذا كله‪ ً،‬كان بعضِ العلماء ل يأخذ بتفسيره‪ ً،‬فقد روى الذهى فى ميزانه‪ :‬أن أبا بكر بن‬
‫عياش قال‪ :‬قلت للعمش‪ :‬ما بال تفسير مجاهد مخالف؟ أو ما بالهم ميرتقون تفسير مجاهد؟ ‪ -‬كما هى‬
‫رواية ابن سعد ‪ -‬قال‪ :‬كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب‪.‬‬
‫هذا هو كل ما يأرخذ على تفسيره ولكن لم نر أحدا طعن عليه فى صدقه وعدالته‪ .‬وجملة القمول فإن‬
‫مجاهدا ثقة بل مدافعة‪ ً،‬وإن صح أنه كان يسأل أهل الكتاب فما أظن أنه تخطى حدود ما يجوز له من‬
‫لمة ابن عباس‪ .‬الذى شمدد النكير على ممن يأخذ عن أهل الكتاب‬ ‫ذلك‪ ً،‬ل سيما وهو تلميذ محهبر ا ي‬
‫وي مصيدقهم فيما يقولونه مما يدخل تحت حدود النهى الوارد عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫**‬
‫* مجاهد والتفسير العقلى‪:‬‬
‫وكان مجاهد ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬يعطى عقله حرية واسعة فى فهم بعضِ نصوص القرآن التى يبدو‬
‫ظاهرها بعيدا‪ ً،‬فإذا ما ممرر بنص قرآنى من هذا القبيل‪ ً،‬وجدناه ينزله بكل صراحة ووضوح على التشبيه‬
‫والتمثيل‪ ً،‬وتلك الخطة كانت فيما بعد مبدءا معترفا به ومقررا لدى المعتزلة فى تفسير القرآن بالنسبة‬
‫لمثل هذه النصوص‪.‬‬
‫وإذا نحن رجعنا إلى تفسير ابن جرير وقرأنا بعضِ ما جاء فيه عن مجاهد نجده يطبقا هذا المبدأ عمليا‬
‫فى مواضع كثيرة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [65‬من سورة البقرة‪} :‬مولممقهد معرلهميتيم ٱرلرذيمن ٱهعمتمدوها رمهنيكهم رفي ٱلرسهبرت‬ ‫فمث ل‬
‫مفيقهلمنا مليههم يكوينوها رقمرمدلة مخارسرئيمن{ُ نجده يقومل ‪ -‬كما يروى عنه ابن جرير ‪" : -‬يمرسمخت قلوبهم ولم ييممسخوا‬
‫قردة‪ ً،‬وإنما هو مممثفل ضربه ال لهم كمثل الحمار يحمل أسفارا"‪ .‬ولكن نجد ابن جرير ل يرتضى هذا‬
‫التفسير من مجاهد فيقول معقبا عليه‪ :‬وهذا القول الذى قاله مجاهد قول لظاهر ما درل عليه كتاب ال‬
‫مخالف‪ ..‬ثم يمضى فى تفنيد هذا القول بأدلة واضحة قوية‪.‬‬
‫وكذلك ندد ابن جرير ينقل عن مجاهد أنه فرسر قوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 ً،22‬من سورة القيامة‪:‬‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ ..‬بقوله‪" :‬تنتظر الثواب من ربها‪ ً،‬ل يراه من خملقه شئ" وهذا‬ ‫}يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫التفسير عن مجاهد كان فيما بعد متكئا قويا للمعتزلة فيما ذهبوا إليه فى مسألة رؤية ال تعالى‪.‬‬
‫ولعل مثل هذا المسلك من مجاهد‪ ً،‬هو الذى جعل بعضِ المتورعين الذين كانوا يتحرجون من القول فى‬
‫القرآن برأيهم يتقون تفسيره‪ ً،‬ويلومونه على قوله فى القرآن بمثل هذه الحرية الواسعة فى الرأى‪ ً،‬فقد‬
‫روى عن ابن مجاهد أنه قال‪ :‬قال رجل لبى‪ :‬أنت الذى تفيسر القرآن برأيك؟ فبكى أبى ثم قال‪ :‬إنى إذن‬
‫ل من أصحاب النبى صلى ال عليه وسلم ورضى عنهم‪.‬‬ ‫لجرئ‪ ً،‬لقد حملت التفسير عن بضعه عشر رج ل‬
‫ومهما يكن من شئ‪ ً،‬فمجاهد رضى ال عنه إمام فى التفسير غير مدافع‪ ً،‬وليس فى إعطائه لنفسه مثل‬
‫هذه الحرية ما يغضِ من قيمته‪ .‬أو يقلل من مكانته‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬رعكرمة‬
‫*ترجمته‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هو أبو عبد ال عكرمة البربرى المدنى مولى ابن عباس )أصله من البربر بالمغرب( روى عن موله‪ً،‬‬
‫وعلسى بن أبى طالب‪ ً،‬وأبى هريرة‪ ً،‬وغيرهم‪.‬‬
‫**‬
‫* اختلف العلماء فى توثيقه‪:‬‬
‫وقد اختلف العلماء فى توثيقه‪ ً،‬فكان منهم ممن ل يثقا به ول يروى له‪ ً،‬وكان منهم من ييومثيقه ويروى له‪.‬‬
‫**‬
‫*مطاعن ممن ل يمويثقونه‪:‬‬
‫وإرنا لنجد العلماء الذين لم يثقوا بعكرمة‪ ً،‬يصفونه بالجرأة على العلم ويقولون‪ :‬إنه كان ميردعى معرفة كل‬
‫شئ من القرآن‪ ً،‬ويزيدون على ذلك فيتهمونه بالكذب على موله ابن عباس‪ ً،‬وبعده هذا كله‪ ً،‬يتهمونه‬
‫بأنه كان يرى رأى الخوارج‪ ً،‬ويزعم أن موله كان كذلك‪ ً،‬وقد نقل ابن حجر فى "تهذيب التهذيب" كل‬
‫هذه التهم ونسبها لقائليها‪ ً،‬فمن ذلك‪ :‬ما رواه شعبة عن عمرو بن مرة قال‪ :‬سأل رجل ابن المسيب عن‬
‫آية من القرآن‪ ً،‬فقال‪ :‬ل تسألنى عن القرآن‪ ً،‬وسل ممن يزعم أنه ل يخفى عليه منه شئ ‪ -‬يعنى رعكرمة‪.‬‬
‫وحكى إبراهيم بن ميسرة أن طاووسا قال‪ :‬لو أن مولى ابن عباس اتقى ال وكف من حديثه ليشردت إليه‬
‫المطايا‪ ً،‬وروى أبو خلف الجزار عن يحيى البركاء قال‪ :‬سمعت ابن عمر يقول لنافع‪ :‬اتقا ال‪ ..‬ويحك يا‬
‫على كما كذب عكرمة على ابن عباس‪ .‬ويروى أن سعيد بن المسيب قال مثل ذلك‬ ‫نافع‪ ً،‬ول تكذب ي‬
‫لموله‪ ً،‬وروى ابن سعد‪ :‬أن علسى بن عبد ال كان يروهثيقه على باب الكنيف ويقول‪ :‬إن هذا يكذب على‬
‫أبى‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك كله ييصيورون للناس مبلغ كراهة معاصريه له فيقولون‪ :‬إنه مات هو وكثير عزة فى يوم‬
‫واحد‪ ً،‬فلم يشهد جنازته أحد‪ ً،‬أما كثير فقد شريعة خلقا كثير‪..‬‬
‫**‬
‫* تفنيد هذه المطاعن ودفاع رعكرمة عن نفسه‪:‬‬
‫هذا الذى تقردم هو بعضِ الروايات التى رواها ممن ل يثقا بعدالة رعكرمة‪ ً،‬وكلها تهم باطلة ل تقوم على‬
‫أساس‪ ً،‬فرعكرمة مولى ابن عباس‪ ً،‬كان يلزمه ويخالطه‪ ً،‬فل يضيره كثرة الرواية عنه لن هذا أمر‬
‫طبيعى‪ ً،‬ول يمكن أن يمعد افترالء على العلم وافتياتا على الرواية‪ ً،‬لن كثرة الرواية ليست من المطاعن‬
‫التى يتورجه إلى الراوى ويتهذرهب بعدالته‪ ً،‬فهذا أبو هريرة قال الناس عنه فى عصره‪ ً،‬أكثمر أبو هريرة ‪ً،‬‬
‫فبرين لهم سبب إكثاره من الرواية عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وهو أنهن كان يلزم النبى على‬
‫ملء بطنه‪ ً،‬ول شئ يشغله كما شغل غيره من الصحابة بالصفقا فى السواقا‪ ً،‬فهل ذهبت عدالة أبى‬
‫هريرة وفقدنا الثقة به لكثرة روايته؟ الرلهم ل‪.‬‬
‫ثم إن هذا التهام لم يخف على رعكرمة‪ ً،‬بل كان يبلغه عن متهميه فيود لو أنه ويورجمه به ليمفينده‪ ً،‬فقد روى‬
‫محماد بن زيد عن أيوب أنه قال‪ :‬قال رعكرمة‪ :‬رأيت ؤهلء الذين يكذبوننى‪ ً،‬يكذبوننى من خلفى‪ ً،‬أفل‬
‫ييكذبوننى فى وجهى؟ فإذا كذربنى فى وجهى فقد وال مكرذبونى‪ ..‬ثم نراه يستشهد ببعضِ أصحابه على‬
‫صدقه فيما يروى عن موله‪ ً،‬فعن عثمان بن حكيم قال‪ :‬كنت جالسا مع بى يأمامة سهل بن حنيف‪ ً،‬إذ‬
‫جاء عكرمة فقال‪ :‬يا أبا أمامة‪ ً،‬يأذيكرمك ال‪ ً،‬هل سمعت ابن عباس يقول‪ :‬ما حردثكم عكرمة عنى فصردقوه‬
‫فإنه لم يكذب علرى؟ فقال أبو أمامة‪ :‬نعم‪.‬‬
‫هذا هو رد عكرمه على متهميه بالكذب وتفنيده لما ينسب إليه من الفتراء على موله‪.‬‬
‫وأما ما رواه ابن سعد‪ :‬من أن علسى بن عبد ال بن عباس كان ييوهثقه على باب الكنيف ويقول‪ :‬إن هذا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يكذب على أبى‪ ً،‬فإنه مردود بما رواه ابن حجر فى تهذيب التهذيب‪ :‬من أن ابن عباس سمات ورعكرمة‬
‫على الرقا‪ ً،‬فباعه ولده علسى بن عبد ال بن عباس‪ ً،‬من خالد بن يزيد بن معاوية‪ ً،‬بأربعة آلف دينار‪ً،‬‬
‫فأتى رعكرمة موله عليا فقال له‪ :‬ما خير لك‪ ً،‬بعمت علم أبيك بأربعة آلف؟ فاستقاله فأقاله فأعتقه"‪.‬‬
‫ثم نجد بعد هذا أن ما روى عن ابن عمر ل يصح‪ ً،‬لنه من رواية يحيى البركاء‪ ً،‬ويحيى البركاء متروك‬
‫الحديث‪ ً،‬ومن المحال أن ييجررح المعهدل بكلم المجروح‪.‬‬
‫وأما ما قيل من أنه توفى هو وكثير الشاعر فى يوم واحد فلم يشهد أحد جنازته‪ ً،‬بخلف كثير فقد شريعه‬
‫الكثير من الناس‪ ً،‬فلسنا نعلم نصيب هذا القول من الصحة‪ ً،‬ولعل ذلك على فرضِ صحته ‪ -‬كما يقول‬
‫ابن حجر ‪ -‬كان بسبب تطلب المير له وتغيبه عنه حتى مات‪ .‬وليس صحيحا ما قيل من أن هذا يرجع‬
‫إلى تحقير المولى إزاء تشريف الحر‪.‬‬
‫ويحققا ابن حجر بعد هذا‪ :‬أن ما ينقل من أنهم شهدوا جنازة كثير وتركوا عكرمة‪ ً،‬لم يثبت‪ ً،‬لن ناقله لم‬
‫يمسم‪.‬‬
‫وأما ما يرمى به من الميل للخوراج‪ ً،‬فافتراء عليه‪ ً،‬ول يكاد يتفقا مع سلوكه فى حياته‪ ً،‬قال ابن حجر‪:‬‬
‫"فأما البدعة‪ ً،‬فإن ثبتت عليه فل تضر حديثه‪ ً،‬لنه لم يكن داعية‪ ً،‬مع أنها لم تثبت عليه"‪.‬‬
‫**‬
‫* شهادات المويثقين له‪:‬‬
‫ولو أننا تتبعنا أقوال المنصفين‪ ً،‬الذين عرفوا حقيقة هذا التابعى الجليل‪ ً،‬لوجدناه رج ل‬
‫ل ثبتا‪ ً،‬ل ييتهم فى‬
‫عدالته‪ ً،‬وكل ما قيل فى شأنه من التهم ل ييراد به إل أن يفقد الناس ثقتهم به وركونهم إليه‪ .‬وإليك ما‬
‫قاله بعضِ علماء الجرح والتعديل لتقف على عدالة الرجل وصدقا روايته‪..‬‬
‫قال المرزوى‪ :‬قلت لحمد‪ :‬ييحتج بحديث عكرمة؟ فقال‪ .‬نعم ييحتج به‪ .‬وقال ابن معين‪ :‬إذا رأيت إنسانا‬
‫فى عكرمة‪ ً،‬وفى حماد بن سلمة‪ ً،‬فاتهمه على السلم‪ .‬وقال العجلى فيه‪ :‬مكى تابعى ثقة‪ ً،‬برئ مما‬
‫يرميه به الناس من الحرورية‪ .‬وقال البخارى‪ :‬ليس أحد من أصحابنا إل وهو يحتج بعركرمة‪ .‬وقد ورثقه‬
‫النسائى وأخرج له فى كتابه السنن‪ ً،‬كما أخرج له البخارى‪ ً،‬ومسلم‪ ً،‬وأبو داود‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬وكان مسلم بن‬
‫الحجاج من أسوئهم رأيا فيه‪ ً،‬ثم عدله بعد ما مجررحه‪ .‬وقال المروزى‪ :‬أجمع عامة أهل العلم بالحديث‬
‫على الحتجاج بحديث رعكرمة‪ ً،‬واتفقا على ذلك رؤساء أهل الحديث من أهل عصرنا‪ ً،‬منهم أحمد بن‬
‫حنبل‪ ً،‬وابن راهويه‪ ً،‬ويحيى ابن معين‪ ً،‬وأبو ثور‪ ً،‬ولقد سألت إسحاقا بن راهويه عن الحتجاج بحديثه‬
‫فقال‪ :‬عكرمة عندنا إمام الدنيا ‪ -‬متمعرجمب من سؤالى إياه!‬
‫وبعد ‪ ...‬فهل هناك من يمقردم على البخارى ومسلم وجميع ممن ذكرت من علماء الرواية فى باب التعديل‬
‫والتجريح؟‪ ً،‬وإذا كان هؤلء هم أعلم الناس بالرجال‪ ً،‬فهل تقبل تجريح من عداهم ونترك توثيقهم؟‬
‫الحقا أن عكرمة تابعى موثوقا بعدالته ودينه‪ ً،‬وكل ما يررممى به كذب واختلقا!!‬
‫**‬
‫* مبلغه من العلم ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هذا وإن عكرمة رضى ال عنه‪ ً،‬كان على مبلغ عظيم من العلم‪ ً،‬وعلى مكانة عالية من التفسير خاصة‪ً،‬‬
‫وقد شهد له العلماء بذلك‪ ً،‬فقال ابن حبان‪ :‬كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن‪ .‬وقال‪ :‬عمرو بن دينار‪:‬‬
‫إلى جابر ابن زيد أسأل عنها عكرمة وجعل يقول‪ :‬هذا رعكرمة مولى ابن عباس‪ ً،‬هذا البحر فسلوه‪.‬‬ ‫دفع ي‬
‫وكان الشعبى يقول‪ :‬ما بقى أحد أعلم بكتاب ال من عكرمة‪ .‬وقال حبيب بن أبى ثابت‪ :‬اجتمع عندى‬
‫خمسة‪ :‬طاووس‪ ً،‬ومجاهد‪ ً،‬وسعيد بن جبير‪ ً،‬وعكرمة‪ ً،‬وعطاء‪ ً،‬فأقبل مجاهد وسعيد بن جبير يلقيان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫على عكرمة التفسير‪ ً،‬فلم يسأله عن آية إل فرسرها لهما‪ ً،‬فلما نفد ما عندهما جعل يقول‪ :‬يأنزلت آية كذا‬
‫فى كذا‪ ً،‬ويأنزلت آية كذا فى كذا‪ .‬وقال يحى بن أيوب المصرى‪ :‬سألنى ابن جريج‪ :‬هل كتبتم عن‬
‫رعكرمة؟ فقلت‪ :‬ل‪ ً،‬قال‪ :‬فاتكم ثلثا العلم‪.‬‬
‫هذا بعضِ ما قيل فى عكرمة‪ ً،‬مما يشهد لمكانته فى العلم عامة‪ ً،‬وفى التفسير خاصة‪ ً،‬ول عجب‪ ً،‬فإن‬
‫ملزمته لموله ابن عباس‪ ً،‬ومبالغه موله فى تعليمه إلى درجة أنه ان يضع فى رجله الكبل‪ ً،‬ويعلمه‬
‫القرآن والسنن‪ ً،‬جعلته ينهل من معينه الفرياضِ‪ ً،‬ويأخذ عنه علمه الغزير‪ ً،‬بل نجد أكثر من هذا فيما‬
‫يرويه ابن حجر فى تهذيب التهذيب‪ ً،‬من أن عكرمة برين لبن عباس بعضِ ما أشكل عليه من القرآن‪ً،‬‬
‫قال‪ :‬روى داود بن أبى هند عن عكرمة قال‪ :‬قرأ ابن عباس هذه الية‪} :‬رلم مترعيظومن مقهوما ٱللريه يمههرليكيههم أمهو‬
‫يممعيذيبيههم معمذابا مشرديدا{ُ ‪ ً،..‬قال ابن عباس‪ :‬لم أدر أنجا القوم أم هلكوا؟ قال‪ :‬فمما زلت يأبيين له حتى عرف‬
‫أنهم نجوا فكسانى يحرلة"‪ ً،‬وهذا الخبر يدل على مبلغ ثقة ابن عباس بموله وتلميذه‪ ً،‬وعلى مقدار إعجابه‬
‫بعلمه‪ ً،‬وتقديره لفهمه‪.‬‬
‫وجملة القول‪ :‬فإن عكرمة أمين فى روايته‪ ً،‬يمقردم فى علمه‪ ً،‬مبرز فى فهمه لكتاب ال‪ ...‬وكيف ل يكون‬
‫كذلك وهو وارث علم ابن عباس؟‬
‫توفى رحمه ال سنة ‪ 104‬هـ )أربع ومائة من الهجرة(‪ ً،‬فرضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 4‬طاووس بن كيسان اليمانى‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان‪ ً،‬اليمانى الحميرى الجندى مولى بحير بن ريسان‪ ً،‬وقيل مولى‬
‫همدان‪ .‬وروى عن العبادلة الربعة وغيرهم‪ ً،‬ويرروى عنه أنه قال‪ :‬جالست خمسين من الصحابة‪ .‬وكان‬
‫رحمه ال عالما متقنا‪ ً،‬خبيرا بمعانى كتاب ال تعالى‪ ً،‬ويرجع ذلك إلى مجالسته لكثير من الصحابة يأخذ‬
‫عنهم ويروى لهم‪ ً،‬ولكن نجده يجلس إلى ابن عباس أكثر من جلوسه لغيره من الصحابة‪ ً،‬ويأخذ عنه فى‬
‫التفسير أكثر مما يأخذ عن غيره منهم‪ ً،‬ولهذا عددناه من تلميذ ابن عباس‪ ً،‬وذكرناه فى رجال مدرسته‬
‫بمكة‪.‬‬
‫ولقد كان طاووس على جانب عظيم من الورع والمانة‪ ً،‬حتى شهد له بذلك أستاذه ابن عباس فقال فيه‪:‬‬
‫إنى لظن طاووسا من أهل الجنة‪ ً،‬وقال فيه عمرو بن دينار‪ :‬ما رأيت أحدا مثل طاووس‪ .‬وقد أخرج له‬
‫أصحاب الكتب الستة‪ .‬وقال ابن معين‪ :‬إنه ثقة‪ .‬وقال ابن حيان‪ :‬كان من يعرباد أهل اليمن ومن سادات‬
‫التابعين‪ ً،‬وكان مستجاب الدعوة‪ ً،‬وحج أربعين حجة‪ .‬وقال الذهبى‪ :‬كان طاووس شيخْ أهل اليمن‪ ً،‬وكان‬
‫كثير الحج فاتفقا موته بمكة سنة ‪) 106‬ست ومائة من الهجرة(‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 5‬عطاء بن أبى رباح‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو محمد عطاء بن أبى رباح‪ ً،‬المكى القرشى مولهم‪ ً،‬ولد سنة سبع وعشرين )‪27‬هـ(‪ ً،‬وتوفى‬
‫سنة أربع عشرة ومائة من الهجرة )‪114‬هـ( على أرجح القوال‪ .‬كان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أسود‪ ً،‬أعور‪ً،‬‬
‫أفطس‪ ً،‬أشل‪ ً،‬أعرج‪ ً،‬ثم عمى بعد ذلك‪.‬‬
‫روى عن ابن عباس‪ ً،‬وابن عمر‪ ً،‬وابن عمروا بن العاص‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وحمددث عن نفسه‪ :‬أنه أدرك مائتين‬
‫من الصحابة‪ ً،‬وكان ثقة‪ ً،‬فقيهأ‪ ً،‬عالما‪ ً،‬كثير الحديث‪ .‬وانتهت إليه فتوى أهل مكة‪ ً،‬وكان ابن عباس يقول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لهل مكة إذا جلسوا إليه‪ :‬تجتمعون إلرى يا أهل مكة وعندكم عطاء؟‪ .‬وقال فيه أبو حنيفة‪ :‬ما رأيت فيمن‬
‫لقيت أفضل من عطاء‪ ً،‬ول لقيت فيمن لقيت أكذب بن جابر عند الناس‪ .‬وقال سلمة بن كهيل‪ :‬ما رأيت‬
‫أحدا يريد بهذا العلم وجه ال إل ثلثة‪ :‬عطاء‪ ً،‬ومجاهد‪ ً،‬وطاووس‪ ً،‬وقال ابن حبان‪ :‬كان من سادات‬
‫ل‪ .‬وهو عند أصحاب الكتب الستة‪.‬‬ ‫التابعين فقها‪ ً،‬وعلما‪ ً،‬وورعا‪ ً،‬وفض ل‬
‫**‬
‫* مكانته فى التفسير‪:‬‬
‫كل ما تقدم من أقوال العلماء فى عطاء يشهد لمكانته العلمية على وجه العموم ويدل على مبلغ ثقته‬
‫وصدقه‪ ً،‬وليس أدل على ذلك من شهادة أستاذه ابن عباس له بذلك‪ ً،‬ونجد شهرة عطاء على غيره من‬
‫أصحاب ابن عباس‪ ً،‬تتجلى فى معرفته بمناسك الحج‪ ً،‬ولهذا قال قتادة‪ :‬كان أعلم التابعين أربعة‪ :‬كان‬
‫عطاء بن أبى رباح أعلمهم بالمناسك‪ ً،‬وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير‪ .‬وكان عكرمة أعلمهم‬
‫بالسير‪ ً،‬وكان الحسن أعلمهم بالحلل والحرام‪ .‬وإذا نحن تتبعنا الرواة عن ابن عباس نجد أن عطاء بن‬
‫أبى رباح لم ييكثر من الرواية عنه كما أكثر غيره‪ ً،‬ونجد مجاهدا وسعيد بن جبير يسبقانه من ناحية العلم‬
‫بتفسير كتاب ال‪ ً،‬ولكن هذا ل يقلل من قيمته بين علماء التفسير‪ ً،‬ولعل إقلله فى التفسير يرجع إلى‬
‫تحرجه من القول بالرأى‪ ً،‬فقد قال عبد العزيز بن رفيع‪ :‬سئل عطاء بن مسألة فقال‪ :‬ل أدرى‪ ً،‬فقيل له‪:‬‬
‫أل تقول فيها برأيك؟ قال‪ :‬إنى أستحى من ال ييمدامن فى الرضِ برأيى‪.‬‬
‫***‬
‫ثانيا‪ :‬مدرسة التفسير بالمدينة‬
‫*قيامها على أيمبسى بن كعب‪:‬‬
‫كان بالمدينة كثير من الصحابة‪ ً،‬أقاموا بها ولم يتحرولوا عنها كما تحرول كثير منهم إلى غيرها من بلد‬
‫المسلمين‪ ً،‬فجلسوا لتباعهم يعلمونهم كتاب ال تعالى ويسرنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فقامت بالمدينة‬
‫مدرسة للتفسير‪ ً،‬تتلمذ فيها كثير من التابعين لمشاهير المفيسرين من الصحابة‪ .‬ونستطيع أن نقول‪ :‬إن‬
‫قيام هذه المدرسة كان على أيمبى بن كعب‪ ً،‬الذيِ ييعتبر بحقا أشهر من تتلمذ له مفيسرو التابعين بالمدينة‪ً،‬‬
‫وذلك لشهرته أكثر من غيره فى التفسير‪ ً،‬وكثرة ما ينقل لنا عنه فى ذلك‪.‬‬
‫**‬
‫* أشهر رجالها‪:‬‬
‫وقد يورجد بالمدينة فى هذا الوقت كثير من التابعين المعروفين بالتفسير‪ ً،‬اشتهر من بينهم ثلثة‪ ً،‬هم‪ :‬زيد‬
‫بى مباشرة‪ ً،‬ومنهم من أخذ‬ ‫بن أسلم‪ ً،‬وأبو العالية‪ ً،‬ومحمد بن كعب القرظى‪ .‬وهؤلء منهم ممن أخذ عن أيم ر‬
‫عنه بالواسطة‪.‬‬
‫وأرى أن أسوقا نبذة عن تاريخْ كل واحد من هؤلء الثلثة‪ ً،‬بما يتناسب مع جانبه العلمى فى التفسير‬
‫فأقول‪:‬‬
‫‪ - 1‬أبو العالية‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو العالية رفيع بن مهران الرياحى مولهم‪ ً،‬أدرك الجاهلية‪ ً،‬وأسلم بعد وفاة النبى صلى ال عليه‬
‫على‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وابن عباس‪ .‬وابن عمر‪ ً،‬وأمبسى بن كعب‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬وهو‬ ‫وسلم بسنتين‪ .‬روى عن س‬
‫من ثقات التابعين المشهورين بالتفسير‪ .‬قال فيه ابن معين‪ ً،‬وأبو زرعة‪ ً،‬وأبو حاتم‪ :‬ثقة‪ .‬وقال الللكائى‪:‬‬
‫مجمع على ثقته‪ .‬وقال فيه العجلى‪ :‬تابعى ثقة‪ .‬من كبار التابعين‪ .‬وقد أجمع عليه أصحاب الكتب الستة‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وكان يحفظ القرآن ويتقنه‪ ً،‬وروى قتادة عنه أنه قال‪ :‬قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم بعشر سنين‪ .‬وروى‬
‫معمر عن هشام عن حفصة عنه أنه قال‪ :‬قرأت القرآن على عهد عمر ثلث مرات‪ .‬وقال فيه ابن أبى‬
‫داود‪ :‬ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقراءة من أبى العالية‪.‬‬
‫ويتروى عن‬
‫أيمب‬
‫ى‬
‫س‬
‫بن كعب نسخة كبيرة فى التفسير‪ ً،‬يرويها أبو جعفر الرازى‪ ً،‬عن الربيع بن أنس‪ ً،‬عن أبى العالية‪ ً،‬عن‬
‫أيمب سى‪ .‬وقلنا فيما تقدم‪ :‬إن هذا السناد صحيح‪ ً،‬وقلنا أيضا‪ :‬إن ابن جرير وابن أبى حاتم أخرجا من هذه‬
‫النسخة كثيرا‪ ً،‬كما أخرج منها الحاكم فى مستدركه‪ ً،‬والمام أحمد فى مسنده‪ .‬وكانت وفاته سنة ‪ 90‬هـ‬
‫)تسعين من الهجرة( على أرجح القوال فى ذلك‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬محمد بن كعب القرظى‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو حمزة ‪ -‬أو أبو عبد ال ‪ -‬محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظى المدنى‪ ً،‬من حلفاء الوس‪.‬‬
‫على‪ ً،‬وبان مسعود‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وروى عن أمبسى بن كعب بالواسطة‪ .‬وقد اشتهر‬ ‫روى عن س‬
‫بالثقة‪ ً،‬والعدالة‪ ً،‬والورع‪ ً،‬وكثرة الحديث‪ ً،‬وتأويل القرآن‪ .‬قال ابن سعد‪ :‬كان ثقة‪ ً،‬عالما‪ ً،‬كثير الحديث‪ً،‬‬
‫ورعا‪ .‬وقال العجلى‪ :‬مدنى‪ ,‬وتابعى‪ ً،‬ثقة‪ ً،‬رجل صالح‪ .‬عالم بالقرآن‪ .‬وهو عند أصحاب الكتب الستة‪.‬‬
‫وقال ابن عون‪ :‬ما رأيت أحدا أعلم بتأويل القرآن من القرظى‪ .‬وقال ابن حبان‪ :‬كان من أفاضل أهل‬
‫المدينة علما وفقها‪ ً،‬وكان يقص فى المسجد فسقط عليه وعلى أصحابه سقف فمات هو وجماعة معه‬
‫تحت الهدم‪ ً،‬سنة ‪ 118‬هـ )ثمانى عشرة ومائة من الهجرة(‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪ ً،‬وهو ابن ثمان وسبعين‬
‫سنة‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬زيد بن أسلم‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو أسامة ‪ -‬أو أبو عبد ال ‪ -‬زيد بن أسلم‪ ً،‬العدوى المدنى الفقيه المفيسر‪ ً،‬مولى عمر بن الخطاب‬
‫رضى ال عنه‪ .‬كان من كبار التابعين سالذين يعرفوا بالقول فى التفسير والثقة فيما يروونه‪ ً،‬قال فيه‬
‫المام أحمد‪ ً،‬وأبو زرعة‪ ً،‬وأبو حاتم‪ ً،‬والنسائى‪ :‬ثقة‪ .‬ويكفينا شهادة هؤلء الربعة العلم دلي ل‬
‫ل قويا‬
‫على ثقته وعدالته‪ ً،‬كما أنه عند أصحاب الكتب الستة‪.‬‬
‫ولقد كان زيد بن أسلم معروفا بين معاصريه بغزارة العلم‪ ً،‬فكان منهم ممن يجلس إليه‪ ً،‬ويأخذ عنه‪ً،‬‬
‫ويرى أنه ينفعه أكثر من غيره‪ ً،‬يدلنا على هذا اما رواه البخارى فى تاريخه أن علسى بن الحسين كان‬
‫يجلس إلى زيد بن أسلم ويتخطى مجلس قومه‪ ً،‬فقال له نافع بن جبير بن مطعم‪ :‬تتخطى مجالس قومك‬
‫على‪ :‬إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه فى دينه‪.‬‬ ‫إلى عبد عمر بن الخطاب؟ فقال ر‬
‫وقد يعرف زيد بأنه كان ييفيسر القرآن برأيه ول يتحرج من ذلك‪ ً،‬فقد روى حماد بن زيد‪ ً،‬عن عبيد ال‬
‫بن عمر أنه قال فيه‪ :‬ل أعلم به بأسا‪ ً،‬إل أنه ييفيسر برأيه القرآن وييكثر منه‪ ً،‬وهذه شهادة من عبيد ال‬
‫بن عمر أن زيدا ثقة ل يؤخذ عليه شئ إلا أنه كان ييكثر من القول بالرأى‪ ً،‬وهذ ال يمعد مغمزا من عبيد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ال فى ثقته وعدالته‪ ً،‬كما ل نستطيع أن ينرعد هذا طعنا منه فى علمه‪ ً،‬فلعل عبيد ال كان ممن يتورعون‬
‫عن القول فى القرآن برأيهم كغيره من الصحابة والتابعين‪ ً،‬وكان زيد يرى جواز تفسير القرآن بالرأى‬
‫فل يتحرج منه كما ل يتحرج من ذلك كثير من الصحابة والتابعين‪ ً،‬ول نجد فى العلماء ممن نسب زيد‬
‫بن أسلم إلى مذهب من المذاهب المبتدعة حتى نقول إنه كان ييفيسر القرآن برأيه مطابقا لمذهبه البدعى‪ً،‬‬
‫ولو كان شيئ من ذلك لما سكت عبيد ال عن بيانه‪ ً،‬ولما حكم عليه حكمه هذا‪ ً،‬الذى يدل على ثقته‬
‫وعدالته‪ ً،‬وإن مدرل على اختلفهما فى جواز التفسير بالرأى‪.‬‬
‫وأشهر ممن أخذ التفسير عن زيد بن أسلم من علماء المدينة‪ :‬ابنه عبد الرحمن بن زيد‪ ً،‬ومالك بن أنس‬
‫إمام دار الهجرة‪.‬‬
‫وكانت وفاته سنة ‪ 136‬هـ )ست وثلثين ومائة من الهجرة( وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫***‬
‫ثالثا‪ :‬مدرسة التفسير بالعراقا‬
‫* قيامها على ابن مسعود‪:‬‬
‫قامت مدرسة التفسير بالعراقا على عبد ال بن مسعود رضى ال عنه‪ ً،‬وكان هناك غيره من الصحابة‬
‫أخذ عنهم أهل العراقا التفسير‪ ً،‬غير أن عبد ال ابن مسعود كان يعتبر الستاذ الول لهذه المدرسة‪ً،‬‬
‫نظرا لشهرته فى التفسير وكثرة المروى عنه فى ذلك‪ ً،‬ولن عمر رضى ال عنه لما مورلى عمار بن‬
‫ياسر على الكوفة‪ ً،‬سرير معه عبد ال بن مسعود يمعيلما ووزيرا‪ ً،‬فكونه يمعيلم أهل الكوفة بأمر أمير‬
‫المؤمنين عمر‪ ً،‬جعل الكوفيين يجلسون إليه‪ ً،‬ويأخذون عنه أكثر مما يأخذون عن غيره من الصحابة‪.‬‬
‫ويمتاز أهل العراقا بأنهم أهل الرأى‪ .‬وهذه ظاهرة نجدها بكثرة فى مسائل الخلف‪ ً،‬ويقول العلماء‪ :‬إن‬
‫ابن مسعود هو الذى وضع الساس لهذه الطريقة فى الستدلل‪ ً،‬ثم توارثها عنه علماء العراقا‪ ً،‬ومن‬
‫الطبيعى أن تؤثر هذه الطريقة فى مدرسة التفسير‪ ً،‬فيكثر تفسير بالرأى والجتهاد‪ ً،‬لن استنباط مسائل‬
‫الخلف الشرعية‪ ً،‬نتيجة من نتائج إعمال الرأى فى فهم نصوص القرآن والسسرنة‪.‬‬
‫**‬
‫* أشهر رجالها‪:‬‬
‫وقد يعررف بالتفسير من أهل العراقا كثير من التابعين‪ ً،‬اشتهر من بينهم علقمة بن قيس‪ ً،‬ومسروقا‪ً،‬‬
‫والسود بن يزيد‪ ً،‬ويمررة الهمدانى‪ ً،‬وعامر الشعبى‪ ً،‬والحسن البصرى‪ ً،‬وقتادة بن دعامة السدوسى‪ً،‬‬
‫ونتكلم عن كل واحد من هؤلء على الترتيب‪:‬‬
‫‪ - 1‬علقمة بن قيس‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو علقمة بن قيس‪ ً،‬بن عبد ال‪ ً،‬بن مالك‪ ً،‬النخعى الكوفى‪ ً،‬ولد فى حياة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬روى عن عمر‪ ً،‬وعثمان‪ ً،‬وعلسى‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وهو من أشهر رواة عبد ال بن‬
‫مسعود‪ ً،‬وأعرفهم به‪ ً،‬وأعلمهم بعلمه‪ .‬قال عثمان بن سعيد‪ :‬قلت لبن معين‪ :‬علقمة أحب إليك أم عبيدة؟‬
‫فلم يخير‪ ً،‬قال عثمان‪ :‬كلهما ثقة‪ ً،‬وعلقمة أعلم بعبد ال‪ .‬وقال أبو المثنى‪ :‬إذا رأيت علقمة فل يضرك‬
‫أن ل ترى عبد ال‪ ً،‬أشبه الناس به مسهمنا ومههديا‪ .‬وقال داود بن أبى هند‪ :‬قلت لشعبة‪ :‬أخبرنى عن‬
‫أصحاب عبد ال‪ ً،‬قال‪ :‬كان علقمة أنظرالقوم به‪ .‬وروى عبد الرحمن بن يزيد قال‪ :‬قال عبد ال‪ :‬ما أقرأ‬
‫شيئا ول أعلمه إل علقمة يقرؤه ويعلمه‪ .‬وقال إبراهيم النخعى‪ :‬كان أصحاب عبد ال الذين يقرئون‬
‫الناس ويعلمونهم السسرنة ويصدر الناس عن رأيهم ستة‪ :‬علقمة‪ ً،‬والسود‪ ...‬وذكر الباقين‪ .‬وكان رحمه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ال ثقة مأمونا‪ ً،‬على جانب عظيم من الورع والصلح‪ .‬قال فيه المام أحمد‪ :‬ثقة من أهل الخير‪ .‬وهو‬
‫عند أصحاب الكتب الستة‪ .‬وقال مرة الهمدانى‪ :‬كان علقمة من الربانيين‪ ً،‬قال أبو نعيم‪ :‬مات سنة ‪61‬‬
‫هت )إحدى وستين‪ ً،‬أو اثنتين وستين من الهجرة(‪ ً،‬وعمره تسعون سنة‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬مسروقا‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو عائشة‪ ً،‬مسروقا بن الجدع بن مالك بن يأمية الهمدانى الكوفى العابد‪ .‬سأله عمر يوما عن اسمه‬
‫فقال له‪ :‬اسمى مسروقا بن الجدع‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬الجدع شيطان‪ ً،‬أنت مسروقا بن عبد الرحمن‪ ً،‬روى‬
‫عن الخلفاء الربعة‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وأيمبسى بن كعب‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬وكان أعلم أصحاب ابن مسعود‪ ً،‬يمتاز‬
‫بورعه وعلمه وعدالته‪ ً،‬وكان شريح القاضى يستشيره فى معضلت المسائل‪ .‬وقال مالك بن مغول‪:‬‬
‫سمعت أبا السفر غير مرة قال‪ :‬ما ولدت همدانية مثل مسروقا‪ .‬وقال الشعبى‪ :‬ما رأيت أطلب للعلم منه‪.‬‬
‫وقال علسى بن المدينى‪ :‬ما أرقرديم على مسروقا من أصحاب عبد ال أحدا‪ .‬وهذه الشهادة من ابن المدينى‪ً،‬‬
‫يبد مو أنها قائمة على ما امتاز به مسروقا من غزارة العلم الذى استفاده من جلوسه لكثير من الصحابة‬
‫ولبن مسعود على الخص‪ ً،‬المر الذى جعله يجمع بين علم هؤلء جميعا‪ ً،‬ولقد حردث مسروقا ‪-‬‬
‫رضى ال عنه ‪ -‬أنه جالس أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم فوجدهم كالخاذ‪ ً،‬فالخاذ يروى‬
‫الرجل‪ ً،‬والخاذ يروى الرجلين‪ ً،‬والخاذ يروى العشرة‪ ً،‬والخاذ يروى المائة‪ ً،‬والخاذ لو نزل به أهل‬
‫الرضِ لصدرهم‪.‬‬
‫ثم إن هذا التتلمذ لصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ولبن مسعود الذى اشتهر بتفسير القرآن‪ً،‬‬
‫جعل من مسروقا إماما فى التفسير‪ ً،‬وعالما خبيرا بمعانى كتاب ال تعالى‪ .‬وقد حردث مسروقا بما يدل‬
‫على أنه استفاد الكثير من التفسير عن أستاذه ابن مسعود فقال‪ :‬كان عبد ال ‪ -‬يعنى ابن مسعود ‪ -‬يقرأ‬
‫علينا السورة ثم ييحيدثنا فيها وييفيسرها عامة النهار‪.‬‬
‫أما ثقته وعدالته‪ ً،‬فأمر اعترف به علماء الجرح والتعديل‪ ً،‬فقال ابن معين‪ :‬ثقة‪ ً،‬ل ييسئل عن مثله‪ .‬وقال‬
‫ابن سعد‪ :‬كان ثقة‪ ً،‬وله أحاديث صالحة‪ .‬وذكره ابن حبان فى الثقات‪ ً،‬وقد أخرج له الستة‪ .‬هذا وقد‬
‫روى شعبة عن أبى إسحاقا أنه قال‪ :‬حج مسروقا فلم ينم إل ساجدا‪ .‬وكانت وفاته سنة ‪ 63‬هـ )ثلث‬
‫وستين من الهجرة( على الشهر‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬السود بن يزيد‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو عبد الرحمن‪ ً،‬السود بن يزيد بن قيس‪ ً،‬النخعى‪ ً،‬كان من كبار التابعين‪ ً،‬ومن رواة عبد ال بن‬
‫مسعود‪ .‬روى عن أبى بكر‪ ً،‬وعمر‪ ً،‬وعلسى‪ ً،‬وحذيفة‪ ً،‬وبلل‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وكان رحمه ال ثقة‪ ً،‬صالحا‪ً،‬‬
‫على جانب عظيم من الفهم لكتاب ال تعالى‪ .‬قال فيه المام أحمد‪ :‬ثقة من أهل الخير‪ .‬وقال فيه يحيى‬
‫بن معين‪ :‬ثقة‪ .‬وقال ابن سعد‪ :‬ثقة وله أحاديث صالحة‪ .‬وهو عند أصحاب الكتب الستة‪ ً،‬وقال الحكم‪:‬‬
‫كان السود يصوم الدهر‪ ً،‬وذهبت إجدى عينيه من الصوم‪ .‬وذكره إبراهيم النخعى فيمن كان ييفتى من‬
‫أصحاب ابن مسعود‪ .‬وقال ابن حبان فى الثقات‪ :‬كان فقيها زاهدا‪ .‬توفى بالكوفى سنة ‪ 74‬هـ )أربع‬
‫وسبعين‪ ً،‬أو خمس وسبعين من الهجرة( على الخلف فى ذلك‪.‬‬
‫***‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ - 4‬يمررة الهمدانى‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو إسماعيل‪ ً،‬يمررة بن شراحيل الهمدانى‪ ً،‬الكوفى‪ ً،‬العابد المعروف بيمررة الطيب‪ ً،‬ويمررة الخير‪ .‬ليرقمب‬
‫بذلك لعبادته‪ ً،‬وشدة ورعه‪ ً،‬وكثرة صلحه‪ .‬روى عن أبى بكر‪ ً،‬وعمر‪ً،‬‬
‫وعلى‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وروى عنه الشعبى‪ ً،‬وغيره من أصحابه‪ .‬وثرقيه ابن معين‪ ً،‬والعجلى‪.‬‬ ‫ر‬
‫وهو عند أصحاب الكتب الستة‪ .‬قال فيه الحارث الغنوى‪ :‬سجد مرة الهمدانى حتى أكل التراب وجهه‪ً،‬‬
‫وكان يصلى كل يوم ستمائة ركعة‪ ً،‬وتوفى سنة ‪ 76‬هـ )ست وسبعين من الهجرة(‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 5‬عامرالشعبى‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو عمرو‪ ً،‬عامر بن شراحيل الشعبى‪ ً،‬الحميرى‪ ً،‬الكوفى‪ ً،‬التابعى الجليل‪ ً،‬قاضى الكوفة‪ .‬روى عن‬
‫عمر‪ ً،‬وعلسى‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬ولم يسمع منهم‪ .‬وروى عن أبى هريرة‪ ً،‬وعائشة‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وأبى‬
‫موسى الشعرى‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬قال الشعبى‪ :‬أدركت خمسمائة من الصحابة‪ .‬وقال العجلى‪ :‬سمع من ثمانية‬
‫وأربعين من الصحابة‪.‬‬
‫وقال عبد الملك بن عمير‪ :‬مر ابن عمر على الشعبى وهو يمحيدهث بالمغازى فقال‪ :‬لقد شهدت القوم‪ ً،‬فلهو‬
‫أحفظ وأعلم بها‪ .‬وقال مكحول‪ :‬ما رأيت سأفقه منه‪ .‬وقال ابن عيينة‪ :‬كان الناس تقول بعد الصحابة‪:‬‬
‫ابن عباس فى زمانه‪ ً،‬والشعبى فى زمانه‪ ً،‬والثورى فى زمانه‪ .‬وقال ابن شبرمة‪ :‬سمعت الشعبى يقول‪:‬‬
‫ما كتبيت سوداء فى بيضاء‪ ً،‬ول حردثنى رجل بحديث إل حفظته‪ ً،‬وا حردثنى رجل بحديث فأحببت أن‬
‫يعيده عل سى‪ .‬وقال ابن معين‪ ً،‬وأبو زرعة‪ ً،‬وغير واحد‪ :‬الشعبى ثقة‪ .‬وقال ابن حبان فى الثقات‪ :‬كان‬
‫فقيها شاعرا‪ .‬وهو عند أصحاب الكتب الستة‪ .‬وقال أبو جعفر الطبرى فى طبقات الفقهاء‪ :‬كان ذا أدب‬
‫وفقه وعلم‪ .‬وحكى ابن أبى خيثمة فى تاريخه عن أبى حصين قال‪ :‬ما رأيت أعلم من الشعبى‪ ً،‬فقال أبو‬
‫بكر بن عياش‪ :‬ول شريح؟ فقال‪ :‬تريدنى أكذب؟ ما رأيت أعلم من الشعبى‪ .‬وقال أبو إسحاقا الحبال‪:‬‬
‫كان واحد زمانه فى فنون العلم‪ .‬وعن سليمان بن أبى مجلز قال‪ :‬ما رأيت أحدا أفقه من الشعبى‪ ً،‬ل‬
‫سعيد بن المسيب‪ ً،‬ول طاووس‪ ً،‬ول عطاء‪ ً،‬ول الحسن‪ ً،‬ول ابن سيرين‪ .‬وعن أبى بكر الهذلى قال‪:‬‬
‫قال لى ابن سيرين‪ :‬الزم الشعبى‪ ً،‬فلقد رأيته ييستفمتى والصحابة متوافرون‪ .‬وقال ابن سيرين‪ :‬قدمت‬
‫الكوفة وللشعبى حلقة‪ ً،‬وأصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذ كثير‪ .‬وقال عاصم‪ :‬ما رأيت‬
‫أحدا أعلم بحديث أهل الكوفة والبصرة والحجاز من الشعبى‪.‬‬
‫كل هذه الشهادات من العلماء‪ ً،‬تدل على مبلغ علم الشعبى وعظيم حظه منه على اختلف فنونه‪ ً،‬فمن‬
‫حديث‪ ً،‬إلى تفسير‪ ً،‬إلى فقه‪ ً،‬إلى شعر‪ ً،‬إلى قوة حفظ‪ ً،‬وكثرة أخذ عن الصحابة وعلماء المصار‬
‫المختلفة‪ .‬وإذا كان الشعبى ييفرتى مع وجود الصحابة ووفرتهم‪ ً،‬ويجلس له كثير من أهل العلم يأخذون‬
‫عنه‪ ً،‬فتلك لعمرى أكبر دللة على عظيم مكانته العلمية‪ ً،‬وعلو منزلته بين أتباعه ومعاصريه‪.‬‬
‫وإذا كان الشعبى قد يررزقا حظا وافرا من العلم‪ ً،‬ونال إعجاب معاصريه‪ ً،‬فإنه مع ذلك لم يكن جريئا‬
‫على كتاب ال حتى يقول فيه برأيه‪ ً،‬بل كان يتحرج من ذلك‪ ً،‬ويتوقف عن إجابة سائليه إذا لم يكن عنده‬
‫شئ عن المسملف‪ ً،‬فقد قال ابن عطية‪" :‬كان يجرلة من السملمف‪ ً،‬كسعيد بن المسيب‪ ً،‬وعامر الشعبى‪ ً،‬يعظمون‬
‫تفسير القرآن‪ .‬ويتوقفون عنه‪ .‬تورعا واحتياطا لنفسهم‪ ً،‬مع إدراكهم وتقدمهم"‪.‬‬
‫وأخرج الطبرى عن الشعبى أنه قال‪" :‬والر ما من آية إل سألت عنها ولكنها الرواية عن ال"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأخرج عنه أيضا أنه قال‪" :‬ثلث ل أقول فيهن حتى أموت‪ :‬القرآن‪ ً،‬والروح والرأى" ومع هذا التوقف‬
‫ل نرقادام لرجال التفسير فى عصره‪ .‬وكثيرا ما كان ييصيرح بالطعن على ممن ل‬ ‫فإرنا نرى الشعبى رج ل‬
‫يعجبه مسلكه فى التفسير من معاصريه فقد ذكر أبو حيان‪" :‬أن الشعبى كان ل يعجبه تفسير السدى‪ً،‬‬
‫ويطعن عليه وعلى أبى صالح‪ ً،‬لنه كان يراهما مقصرين فى النظر"‪.‬‬
‫وروى ابن جرير‪ :‬أن الشعبى كان يمر بأبى صالح باذان فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول‪ :‬يتفيسر القرآن‬
‫وأنت ل تقرأ القرآن‪ .‬وروى ابن جرير أيضا عن صالح بن مسلم قال‪ :‬ممرر الشعبى على السدى وهو‬
‫يفيسر فقال‪ :‬لن ييضرب على إستك بالطبل خير لك من مجلسك هذا‪.‬‬
‫هذا وإن الخلف فى مولد الشعبى وفى وفاته كثير‪ ً،‬وأشهر القوال فى ذلك أنه ولد فى سنة ‪ 20‬هـ‬
‫)عشرين(‪ ً،‬وتوفى سنة ‪ 109‬هـ )تسع ومائة من الهجرة(‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 6‬الحسن البصرى‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو سعيد‪ ً،‬الحسن بن أبى الحسن يسار البصرى مولى النصار‪ ً،‬ويأمه خيرة مولة يأم سلمة‪ .‬قال ابن‬
‫سعد‪ :‬ولد لسنتين بقيتا من خلفة عمر ونشأ بوادى القرى‪ ً،‬وكان فصيحا ورعا وزاهدا‪ ً،‬ل ييسبقا فى‬
‫وعظه‪ ً،‬ول ييدامنى فى مبلغ تأثيره على قلوب سامعيه‪ .‬روى عن علسى‪ ً،‬وابن عمر‪ ً،‬وأنس‪ ً،‬وخلقا كثير‬
‫من الصحابة والتابعين‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الحسن البصرى ليجمع إلى صلحه وورعه وبراعته فى الوعظ‪ ً،‬غزارة العلم بكتاب ال‬
‫تعالى‪ ً،‬وسسرنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وأحكام الحلل والحرام‪ ً،‬وقد شهد له بالعلم خلقا كثير‪ ً،‬فقال‬
‫أنس بن مالك‪ :‬سلوا الحسن‪ ً،‬فإنه حفظ ونسينا‪ .‬وقال سليمان التيمى‪ :‬الحسن شيخْ أهل البصرة‪ .‬وقال‬
‫مطر الوراقا‪ :‬كان جابر بن زيد رجل أهل البصرة‪ ً،‬فلما ظهر الحسن جاء رجل كأنما كان فى الخرة‪ً،‬‬
‫فهو يخبر عما رأى وعاين‪ .‬وروى أبو عوانة عن قتادة أنه قال‪ :‬ما جالست فقيها قط إل رأيت فضل‬
‫الحسن عليه‪ .‬وقال بكر المزنى‪ :‬ممن سرره أن ينظر إلى أعلم عالم أدركناه فى زمانه‪ ً،‬فلينظر إلى الحسن‪ً،‬‬
‫فما أدركنا الذى هو أعلم منه‪ .‬وقال الحجاج بن أرطأة‪ :‬سألت عطاء بن أبى رباح فقال لى‪ :‬عليك بذلك‬
‫‪ -‬يعنى الحسن ‪ -‬ذلك إمام ضخم ييقتمدى به‪ .‬وكان إذا يذركر عند أبى جعفر الباقر قال‪ :‬ذلك الذى يشبه‬
‫كلمه كلم النبياء‪ .‬وقال ابن سعد‪ :‬كان الحسن جامعا‪ ً،‬عالما‪ ً،‬رفيعا‪ ً،‬فقيها‪ ً،‬ثقة‪ ً،‬مأمونا‪ ً،‬عابدا‪ ً،‬ناسكا‪ً،‬‬
‫ل وسيما‪ .‬وقال حماد بن سلمة عن حميد‪ :‬قرأت القرآن على الحسن ففرسره على‬ ‫كثير العلم فصيحا‪ ً،‬جمي ل‬
‫الثبات ‪ -‬يعنى إثبات المقمدر ‪ -‬وكان يقول‪ :‬من كرذب بالمقمدر فقد كفر‪ .‬وحديثه عند أصحاب الكتب الستة‪.‬‬
‫توفى رحمه ال تعالى سن ‪ 110‬هـ )عشر ومائة من الهجرة( وهو ابن ثمان وثمانين سنة‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 7‬قتادة‬
‫* ترجمته ومكانته فى التفسير‪:‬‬
‫هو أبو الخطاب‪ ً،‬قتادة بن دعامه السدوسى الكمه‪ ً،‬عربى الصل‪ ً،‬كان يسكن البصرة‪ .‬روى عن أنس‪ً،‬‬
‫وأبى الطفيل‪ ً،‬وابن سيرين‪ ً،‬وعكرمة‪ ً،‬وعطاء بن أبى رباح‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وكان قوى الحافظة‪ ً،‬واسع‬
‫الطلع فى الشعر العربى‪ ً،‬بصيرا بأيام العرب‪ ً،‬عليما بأنسابهم‪ ً،‬متضلعا فى اللغة العربية‪ ً،‬ومن هنا‬
‫جاءت شهرته فى التفسير‪ .‬ولقد يشهد لقوة حفظه ما رواه سلم بن مسكين قال‪ :‬حدثنى عمرو بن عبد‬
‫ال‪ ً،‬قال‪ :‬قدم قتادة على سعيد بن المسيب فجعل يسأله أياما وأكثر‪ ً،‬فقال له سعيد‪ :‬أكل ما سألتنى عنه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تحفظه؟ قال‪ :‬نعم‪ ً،‬سألتك عن كذا فقلت فيه كذا‪ ً،‬وسألتك عن كذا فقلت فيه كذا‪ ً،‬وقال فيه الحسن كذا‪ً،‬‬
‫حتى رد عليه حديثا كثيرا‪ ً،‬قال‪ :‬فقال سعيد‪ :‬ما كنيت أظن أن ال خلقا مثلك‪ .‬وقد شهد له ابن سيرين‬
‫بقوة الحافظة أيضا‪ ً،‬فقال‪ :‬قتادة هو أحفظ الناس‪.‬‬
‫وقال قتادة على مبلغ عظيم من العلم فوقا ما اشيترهر به من معرفته لتفسير كتاب ال‪ .‬حتى قردمه بعضهم‬
‫على كثير من أقرانه‪ ً،‬وجعل بعضهم من النادر تقدم غير عليه‪ .‬وقال فيه سعيد بن المسيب‪ :‬ما أتانى‬
‫عراقى أحسن من قتادة‪ .‬وقال معمر للزهرى‪ :‬قتادة أعلم عندك أم مكحول؟ قال‪ :‬بل قتادة‪ .‬وقال أبو‬
‫حاتم‪ :‬سمعت أحمد بن حنبل ويذركر قتادة‪ ً،‬فأطنب فى ذكره‪ ً،‬فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته‬
‫بالختلف والتفسير‪ ً،‬ووصفه بالحفظ والفقه‪ ً،‬وقال‪ :‬قرلما تجد من تقردمه‪ ً،‬أما المثل فلعل‪ .‬وقال معمر‪:‬‬
‫سألت أبا عمرو بن العلء عن قوله تعالى‪] ُ{} :‬فلم يجبنى‪ ً،‬فقلت‪ :‬سمعت قتادة يقول‪ :‬مطيقين‪ ً،‬فسكت‪ً،‬‬
‫فقلت له‪ :‬ما تقول يا أبا عمرو؟ فقال‪ :‬حسبك قتادة‪ ً،‬ولول كلمه فى المقمدر ‪ -‬وقد قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬إذا يذركمر المقمدر فأمسكوا" ‪ -‬ما عدلت به أحدا من أهل دهره"‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن أبا عمرو كان يثقا بعلم قتادة وبتفسيره للقرآن‪ ً،‬لول ما مينسب إليه من الخوضِ فى‬
‫القضاء والمقمدر‪ ً،‬وكثيرا ما تحررج بعضِ الرواة من الرواية عنه لذلك‪ ً،‬ونجد أصحاب الصحاح يمخيرجون‬
‫له‪ ً،‬ويحتجون بروايته‪ ً،‬ويكفينا هذا فى تعديله وتوثيقه‪ :‬قال أبو حاتم‪ :‬أثبت أصحاب أنس‪ :‬الزهرى‪ ً،‬ثم‬
‫قتادة‪ .‬وقال ابن سعد‪ :‬كان ثقة مأمونا يحرجة فى الحديث‪ ً،‬وكان يقول بشئ من المقمدر‪ .‬وقال ابن حبان فى‬
‫الثقات‪ :‬كان من علماء الناس بالقرآن والفقه‪ ً،‬ومن يحرفاظ أهل زمانه‪.‬‬
‫وكانت وفاته سنة ‪ 117‬هـ )سبع عشرة ومائة من الهجرة(‪ ً،‬وعمره إذ ذاك ست وخمسون سنة على‬
‫المشهور‪.‬‬
‫**‬
‫وبعد‪ ...‬فهؤلء هم مشاهير المفيسرين من التابعين‪ ً،‬وغالب أقوالهم فى التفسير تلقوها عن الصحابة‪ً،‬‬
‫وبعضِ منها رجعوا فيه إلى أهل الكتاب‪ ً،‬وما وراء ذلك فمحضِ اجتهاد لهم‪ ً،‬ول شك أنهم كانوا على‬
‫مبلغ عظيم من العلم ودقة الفهم‪ ً،‬لبقرب عهدهم من عهد النبوة‪ ً،‬واتصال ما بين العهدين بعهد الصحابة‪ً،‬‬
‫ولعدم فساد سيلقتهم العربية‪ ً،‬الفساد الذى شاع فيما بعد‪ ً،‬حتى بلغ إلى درجة الهجنة والمزيج السلغوى‪.‬‬
‫ثم حمل أتباع التابعين هذا التراث العلمى الذى مخلرمفيه التابعون‪ ً،‬وزادوا عليه بمقدار ما زاد من الغموضِ‬
‫وما مجرد من اختلف فى الرأى‪ ً،‬وعن هؤلء أخذ ممن جاء بعدهم‪ ...‬وهكذا‪ .‬تناقل المخلميف علم المسملف‪ً،‬‬
‫وحمل علماء كل جيل علم ممن سبقهم وزادوا عليه‪ ً،‬سسرنة ال فى تدرج العلوم‪ ً،‬تبدأ ضيقة الدائرة‪ً،‬‬
‫محدودة المسائل‪ ً،‬ثم ل تلبث أن تتسع وتتضخم إلى أن تبلغ النهاية وتصل إلى الكمال‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثانى‪ :‬المرحلة الثانية للتفسير‬
‫أو التفسير فى عصر التابعين ( ضمن العنوان ) قيمة التفسير المأثور عن التابعى (‬

‫اختلف العلماء فى الرجوع إلى تفسير التابعين والخذ بأقوالهم إذا لم ييؤمثر فى ذلك شيء من الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو عن الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين‪.‬‬
‫فينرقل عن المام أحمد رضى ال عنه روايتان فى ذلك‪ :‬رواية بالقبول‪ ً،‬ورواية بعدم القبول‪ ً،‬وذهب‬
‫بعضِ العلماء‪ :‬إلى أنه ل ييؤخذ بتفسير التابعى‪ ً،‬واختاره ابن عقيل‪ ً،‬وحكى عن شعبة‪ .‬واستدل أصحاب‬
‫هذا الرأى على ما ذهبوا إليه‪ :‬بأن التابعين ليس لهم سماع من الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فل يمكن‬
‫الحمل عليه كما قيل فى تفسير الصحابى‪ :‬إنه محمول على سماعه من النبى صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وبأنهم لم يشاهدوا القرائن والحوال التى نزل عليها القرآن‪ ً،‬فيجوز عليهم الخطأ فى فهم المراد وظن ما‬
‫ص على عدالة الصحابة‪ .‬ينرقل عن‬ ‫ل‪ ً،‬ومع ذلك فعدالة التابعين غير منصوص عليها كما ين ر‬ ‫ليس بدليل دلي ل‬
‫أبى حنيفة أنه قال‪" :‬ما جاء عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فعلى الرأس والعين‪ ً،‬وما جاء عن‬
‫الصحابة تخيرنا‪ ً،‬وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال"‪.‬‬
‫وقد ذهب أكثر المفيسرين‪ :‬إلى أنه يؤخذ بقول التابعى فى التفسيبر‪ ً،‬لن التابعين تلقوا غالب تفسيراتهم‬
‫ل يقول‪ :‬عرضيت المصحف على ابن عباس ثلث عرضات من فاتحته إلى‬ ‫عن الصحابة‪ ً،‬فمجاهد مث ي‬
‫خاتمته‪ ً،‬يأوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها‪ .‬وقتادة يقول‪ :‬ما فى القرآن آية إل وقد سمعيت فيها شيئا‪.‬‬
‫ولذا حكى أكثر المفيسرين أقوال التابعين فى كتبهم ونقلوها عنهم مع اعتمادهم لها‪.‬‬
‫والذى تميل إليه النفس‪ :‬هو أن قول التابعى فى التفسير ل يجب الخذ به إل إذا كان مما ل مجال للرأى‬
‫فيه‪ ً،‬فإنه يؤخذ به حينئذ عند عدم الريبة‪ ً،‬فإن ارتبنا فيه‪ ً،‬بأن كان يأخذ من أهل الكتاب‪ ً،‬فلنا أن نترك‬
‫قوله ول نعتمد عليه‪ ً،‬أما إذا أجمع التابعون على رأى فإنه يجب علينا أن نأخذ به ول نتعداه إلى غيره‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪ :‬قال شعبة بن الحجاج وغيره‪ :‬أقوال التابعين ليست يحرجة‪ ً،‬فكيف تكون يحرجة فى التفسير؟‬
‫بمعنى أنها ل تكون يحرجة على غيرهم ممن خالفهم‪ ً،‬وهذا صحيح‪ ً،‬أما إذا أجمعوا على الشئ فل ييرتاب‬
‫فى كونه يحرجة فإن اختلفوا فل يكون قول بعضهم يحرجة على بعضِ ول على ممن بعدهم‪ ً،‬وييرجع فى ذلك‬
‫إلى لغة القرآن‪ ً،‬أو السسرنة‪ ً،‬أو عموم لغة العرب‪ ً،‬أو أقوال الصحابة فى ذلك‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثانى‪ :‬المرحلة الثانية‬
‫للتفسير أو التفسير فى عصر التابعين ( ضمن العنوان ) مميزات التفسير فى هذه المرحلة (‬

‫يمتاز التفسير فى هذه المرحلة بالمميزات التية‪:‬‬


‫أولل‪ :‬دخل فى التفسير كثير من السرائيليات والنصرانيات‪ ً،‬وذلك كثرة ممن دخل من أهل الكتاب فى‬
‫السلم‪ ً،‬وكان ل يزال عالقا بأذهانهم من الخبار ما ل يتصل بالحكام الشرعية‪ ً،‬كأخبار بدء الخليقة‪ً،‬‬
‫وأسرار الوجود‪ ً،‬وبدء الكائنات‪ .‬وكثير من القصص‪ .‬وكانت النفوس مريالة لسماع التفاصيل عما يشير‬
‫إليه القرآن من أحداث يهودية أو نصرانية‪ ً،‬فتساهل التابعون فزجوا فى التفسير بكثير من السرائيليات‬
‫والنصرانيات بدون تحرر ونقد‪ .‬وأكثر من يروى عنه فى ذلك من مسلمى أهل الكتاب‪ :‬عبد ال بن سلم‪ً،‬‬
‫وكعب الحبار‪ ً،‬ووهب بن منبه‪ ً،‬وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج‪ .‬ول شك أن الرجوع إلى هذه‬
‫السرائيليات فى التفسير أمر مأخوذ على التابعين كما هو مأخوذ على ممن جاء بعدهم‪.‬‬
‫وسنأتى بعرضِ لهذه الناحية عرضا موسعا عند الكلم عن أسباب الضعف فى رواية التفسير المأثور إن‬
‫شاء ال تعالى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ظل التفسير محتفظا بطابع التلقى والرواية‪ ً،‬إل أنه لم يكن تلقيا ورواية بالمعنى الشامل كما هو‬
‫الشأن فى عصر النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ً،‬بل كان تلقيا ورواية يغلب عليهما طابع‬
‫الختصاص‪ ً،‬فأهل كل مصر يعنون ‪ -‬بوجه خاص ‪ -‬بالتلقى والرواية عن إمام مصرهم‪ ً،‬فالمكيون عن‬
‫ابن عباس‪ ً،‬والمدنيون عن أيمبسى‪ ً،‬والعراقيون عن ابن مسعود‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ظهرت فى هذا العصر نواة الخلف المذهبى‪ ً،‬فظهرت بعضِ تفسيرات تحمل فى طرياتها هذه‬
‫ل قتادة بن دعامة السدوسى يينسب إلى الخوضِ فى القضاء والمقمدر وييتهم بأنه قدرى‪ً،‬‬ ‫المذاهب‪ ً،‬فنجد مث ل‬
‫ول شك أن هذا أرثمر على تفسيره‪ ً،‬ولهذا كان يتحرج بعضِ الناس من الرواية عنه‪ .‬ونجد الحسن‬
‫البصرى قد فرسر القرآن على إثبات المقمدر‪ ً،‬ويمكيفر ممن ييكيذب به كما ذكرنا ذلك فى ترجمته‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬كثرة الخلف بين التابعين فى التفسير عما كان بين الصحابة رضوان ال عليهم‪ ً،‬وإن كان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل بالنسبة لما وقع بعد ذلك من متأخرى المفيسرين‪.‬‬ ‫اختلفا قلي ل‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثانى‪ :‬المرحلة الثانية للتفسير‬
‫أو التفسير فى عصر التابعين ( ضمن العنوان ) الخلف بين المسملف فى التفسير (‬

‫قلنا إن الصحابة ‪ -‬رضوان ال عليهم أجمعين ‪ -‬كانوا يفيسرون القرآن بمقتضى لغتهم العربية‪ ً،‬وما‬
‫يعلمونه من السباب التى نزل عليها القرآن‪ ً،‬وبما أحاط بنزوله من ظروف وملبسات‪ ً،‬وكانوا يرجعون‬
‫فى فهم ما أشكل عليهم إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقلنا إن المفيسرين من التابعين كانوا يجلسون لبعضِ الصحابة يتلقون عنهم ويروون لهم‪ ً،‬فأخذوا عنهم‬
‫كثيرا من التفسير‪ ً،‬وقالوا فيه أيضا برأيهم واجتهادهم وكانت لغتهم العربية لم تصل إلى درجة الضعف‬
‫التى وصلت إليها فيما بعد‪.‬‬
‫قلنا هذا فيما سبقا‪ .‬ونزيد عليه أن ما يديون من العلوم الدبية‪ ً،‬والعلوم العقلية‪ ً،‬والعلوم الكونية‪ ً،‬ومذاهب‬
‫الخلف الفقهية والكلمية‪ ً،‬لم يكن قد ظهر شئ منها فى عصر الصحابة والتابعين‪ ً،‬وإن كان قد يورجدت‬
‫النواة التى نمت فيما بعد وتفررعت عنها كل هذه الفروع المختلفة‪ .‬كان هذا هو الشأن على عهد الصحابة‬
‫والتابعين‪ ً،‬فكان طبيعيا أن تضيقا دائرة الخلف فى التفسير فى هاتين المرحلتين من مراحله‪ ً،‬ول تتسع‬
‫هذا التساع العظيم الذى وصلت إليه فيما بعد‪.‬‬
‫ل جدا‪ ً،‬وكذا بين التابعين وإن كان أكثر منه بين الصحابة‪ً،‬‬ ‫كان الخلف بين الصحابة فى التفسير قلي ل‬
‫وكان اختلفهم فى الحكام أكثر من اختلفهم فى التفسير‪.‬‬
‫وإذا نحن تتبعنا ما ينقل لنا من أقوال المسملف فى التفسير‪ ً،‬وجمعنا ما هو مبثوث فى كتب التفسير بالمأثور‬
‫لخرجنا بادى الرأى بكثير من القوال المختلفة فى المسألة الواحدة‪ ً،‬فقول لصحابى يخالف قول صحابى‬
‫آخر‪ ً،‬وقول لتابعى يخالف قول تابعى آخر‪ ً،‬بل كثيرا ما نجد قولين مختلفين فى المسألة الواحدة‪ً،‬‬
‫وكلهما منسوب لقائل واحد‪ ً،‬فهل معنى هذا أن الخلف فى التفسير قد اتسعت دائرته على عهد‬
‫الصحابة والتابعين‪ ً،‬وهل معنى هذا أن الصحابى أو التابعى يناقضِ نفسه فى المسألة الواحدة؟‪ ..‬ل‪ً،‬‬
‫فدائرة الخلف لم تتسع‪ ً،‬ولم يناقضِ الصحابى أو التابعى نفسه‪ .‬وذلك لن غالب ما صح عنهم من‬
‫ل‪ ً،‬أو اختلف تنوع‪ ً،‬ل إلى اختلف تباين وتضاد كما‬ ‫الخلف فى التفسير يرجع إلى اختلف عبارة مث ل‬
‫ظنه بعضِ الناس فحكاه على أنه أقوال متباينة ل يرجع بعضها إلى بعضِ‪.‬‬
‫ونستطيع بعد البحث والنظر فى هذه القوال التى اختلفت ولم تتباين‪ ً،‬أن ينرجع هذا الخلف إلى عدة‬
‫يأمور‪ ً،‬نذكرها ليتبين لنا أنه ل تنافى ول تباين بين هذه القوال التى تبدوا متعارضة عن المسملف‪ ً،‬وهى‬
‫ما يأتى‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن ييعيبر كل واحد من المفيسرين عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى فى المسمى‬ ‫أو ل‬
‫غير المعنى الخر مع اتحاد المسمى‪ ً،‬وذلك مثل أسماء ال الحسنى‪ ً،‬وأسماء رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬وأسماء القرآن‪ ً،‬فإن أسماء ال كلها على مسمى واحد‪ ً،‬فل يكون دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى‬
‫مضادا لدعائه باسم آخر منها‪ ً،‬بل المر كما قال قال ال تعالى‪} :‬يقرل ٱهديعوها ٱلرلمه أمرو ٱهديعوها ٱلررهحممــمن أمسيا‬
‫رما متهديعوها مفلميه ٱ م‬
‫لهسممآمء ٱهليحهسمنـى{ُ‪..‬‬
‫وإذا نحن نظرنا إلى كل اسم من أسمائه لوجدناه يدل على ذات ال تعالى وعلى صفة من صفاته‬
‫تضمنها هذا السم فـ "العليم" يدل على الذات والعلم‪ ً،‬و "القدير" يدل على الذات والقدرة‪ ..‬وهكذا‪.‬‬
‫ثم إن كل اسم من هذه السماء يدل على الصفة التى فى السم الخر بطريقا اللزوم‪ ً،‬وكذلك الشأن فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أسماء النبى صلى ال عليه وسلم مثل‪ :‬محمد وأحمد وحامد‪ ً،‬وأسماء القرآن مثل‪ :‬القرآن والفرقان‪ً،‬‬
‫والهدى‪ ً،‬والشفاء‪ ً،‬وأمثال ذلك‪.‬‬
‫ل قوله تعالى‪:‬‬ ‫فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى عربر عنه بأى اسم كان إذا كان يعرف مسماه‪ .‬فمث ل‬
‫ضِ معن رذهكرريِ{ُ‪ ..‬وإذا قيل‪ :‬ما ذكره؟ يقال‪ :‬رذهكره قرآنه‪ ً،‬أو كتابه‪ ً،‬أو كلمه‪ ً،‬أو يهمداه‪ ً،‬ونحو‬ ‫}موممهن أمهعمر م‬
‫ذلك‪ .‬وهذا على القول المشهور من أن المصدر مضاف للفاعل‪ ً،‬كما يدل عليه سياقا الية وسباقها‪.‬‬
‫وإن كان مقصود السائل معرفة ما فى السم من الصفة المختلفة به فل بد فى ذلك من قدر زائد على‬
‫تعيين المسمى‪ ً،‬مثل أن يسأل عن القدوس‪ ً،‬السلم‪ ً،‬المؤمن‪ ً،‬المهيمن‪ ً،‬وقد علم أنه ال ولكن يريد أن‬
‫يعرف معنى كونه قدوسا‪ .‬وسلما‪ ً،‬ومؤمنا‪ ً،‬ومهيمنا‪ ً،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫والمسملف كثيرا ما ييعيبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه وإن كان فيها من السفة ما ليس فى السم‬
‫الخر‪ ً،‬كمن يقول‪ :‬القدوس‪ :‬هو ال‪ ً،‬أو الرحمن‪ ً،‬أو الغفور‪ ً،‬ومراده أن المسمى واحد‪ ً،‬ل أن هذه‬
‫الصفة هى هذه‪ .‬ومعلوم أن هذا اختلف ل يمكن أن يقال إنه اختلف تباين وتضاد كما ظنه بعضِ‬
‫الناس‪.‬‬
‫ومثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم‪ ً،‬فقال بعضهم‪ :‬هو اتباع القرآن‪ ً،‬لقوله صلى ال عليه وسلم فى‬
‫ل صراطا مستقيما‪ ً،‬وعلى جنبتى الصراط سوران‪ ً،‬وفى‬ ‫حديث علسى عند الترمذى‪" :‬ضرب ال مث ل‬
‫السورين أبواب مفتحة‪ ً،‬وعلى البواب ستور مرخاة‪ ً،‬وداع يدعو من فوقا الصراط‪ ً،‬وداع يدعو على‬
‫رأس الصراط‪ ً،‬قال‪ :‬فالصراط المستقيم هو السلم‪ ً،‬والسوران حدود ال‪ ً،‬والبواب المفتحة محارم ال‪ً،‬‬
‫والداعى على رأس الصراط كتاب ال‪ ً،‬والداعى فوقا الصراط واعظ ال فى قلب كل مؤمن"‪.‬‬
‫ومنه ممن قال‪ :‬هو اتباع السسرنة والجماعة‪ ً،‬ومنه ممن قال‪ :‬هو طريقا العبودية‪ ً،‬ومنه ممن قال‪ :‬هو طاعة‬
‫ال ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقيل غير ذلك فهذه كلها أقوال ل منافاة بينها ول تباين‪ ً،‬بل كلها‬
‫متفقة فى الحقيقة‪ ً،‬لن دين السلم هو اتباع القرآن‪ ً،‬وهو طاعة ال ورسوله‪ ً،‬وهو طريقا العبودية ل‪ً،‬‬
‫فالذات واحدة‪ ً،‬وكسل أشار إليها ووصفها بصفة من صفاتها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يذكر كل منهم ن السم العام بعضِ أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع‪ ً،‬ل‬
‫على سبيل الحد المطابقا للمحدود فى عمومه وخصوصه‪.‬‬
‫مثال ذلك ما نقل فى قوله تعالى‪} :‬يثرم أمهومرهثمنا ٱهلركمتامب ٱرلرذيمن ٱ ه‬
‫صمطمفهيمنا رمهن رعمباردمنا مفرمهنيههم مظارلفم ليمنهفرسره مورمهنيههم‬
‫صفد مورمهنيههم مساربفقا ربٱِهلمخهيمرارت ربرإيذرن ٱلرلره{ُ فبعضهم مفرسر السابقا بمن يصملى فى أول الومقت‪ ً،‬والمقتصد‬ ‫سمهقمت ر‬
‫صملى فى أثنائه‪ ً،‬والظالم بمن يصلى بعد فواته‪ .‬وبعضهم فرسر السابقا بمن يؤدى الزكاة المفروضة‬ ‫بمن ي م‬
‫مع الصدقة‪ ً،‬والمقتصد بمن يؤديها وحدها‪ ً،‬والظالم بمانع الزكاة‪ ً،‬فكل من المفيسرين ذكر فردا من أفراد‬
‫العام على سبيل التمثيل ل الحصر‪ ً،‬لتعريف المستمع أن الية تتناول المذكور‪ ً،‬ولتنبيه به على نظيره‪ً،‬‬
‫فإن التعريف بالمثال قد يكون أسهل من التعريف بالحد المطابقا‪ .‬والعقل السليم يتفطن للنوع بذكر مثاله‪.‬‬
‫وهذا الختلف فى ذكر المثال ل يؤدى إلى التباين والتناقضِ بين القوال‪ ً،‬إذ من المعلوم أن الظالم‬
‫لنفسه يتناول اليمضييع للواجبات والمنتهك لليحيرمات‪ ً،‬والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحررمات‪.‬‬
‫والسابقا يتناول ممن تقررب بالحسنات مع الواجبات‪.‬‬
‫ومن هذا القبيل أن يقول أحدهم‪ :‬نزلت هذه الية فى كذا‪ ً،‬ويقول الخر‪ :‬نزلت فى كذا‪ ً،‬كل يذكر غير ما‬
‫ل منهم يذكربعضِ ما يتناوله اللفظ‪ ً،‬وهذا ل ينافى فيه ما دام اللفظ يتناول قول كل‬ ‫يذكره صاحبه‪ ً،‬لن ك ل‬
‫منهما‪.‬‬
‫أما إذا قال أحدهم‪ :‬سبب نزول هذه الية كذا‪ ً،‬وقال الخر‪ :‬سبب نزول هذه الية كذا‪ ً،‬وكل ذكر غير ما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ذكره الخر‪ ً،‬فيمكن أن يقال‪ :‬إن الية نزلت عقب تلك الساب‪ ً،‬أو تكون نزلت مرتين‪ :‬مرة لهذا السبب‪ً،‬‬
‫ومرة لهذا السبب‪.‬‬
‫ل للمرين أو المور‪ ً،‬وذلك إما لكونه مشتركا فى اللغة‪ ً،‬كلفظ "مقسمومرة"‪ ً،‬الذى‬ ‫ثالثا‪ :‬أن يكون اللفظ محتم ل‬
‫يراد به الرامى ويراد به السد‪ ً،‬ولفظ "معهسمعمس"‪ ً،‬الذى يراد به إقبال الليل ويراد به إدباره‪ .‬وإما لكونه‬
‫متواطئا فى الصل لكن المراد به أحد النوعين‪ ً،‬أو أحد الشخصين‪ ً،‬كالضمائر فى قوله تعالى‪} :‬يثرم مدمنا‬
‫مفمتمدلرـى * مفمكامن مقامب مقهومسهيرن أمهو مأهدمنـى{ُ‪ ..‬وكلفظ‪} :‬موٱهلمفهجرر * موملياهَل معهشهَر * موٱلرشهفرع موٱهلموهترر{ُ‪ ..‬وما ماثل‬
‫ذلك‪ ً،‬فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعانى التى قالها المسملف‪ ً،‬وذلك إما لكون الية نزلت مرتين‪ً،‬‬
‫فأريد بها هذا تارة وهذا تارة‪ .‬وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه أو معانيه‪ ً،‬وهذا يقول‬
‫به أكثر الفقهاء من المالكية‪ ً،‬والشافعية‪ ً،‬والحنابلة‪ ً،‬وكثير من أهل الكلم‪ .‬وإما لكون اللفظ متواطئا‪ً،‬‬
‫فيكون عاما إذا لم يكن هناك موجب لتخصيصه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن ييعيبروا عن المعانى بألفاظ متقاربة ل مترادفة‪ ً،‬فإن الترادف قليل فى اللغة‪ ً،‬ونادر أو معدوم‬
‫فى القرآن‪ ً،‬ومقرل أن ييعربر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدى جميع معناه‪ ً،‬وإنما ييعربر عنه بلفظ فيه تقريب‬
‫ل إذا قال‬ ‫ل إذا قال واحد يؤدى جميع معناه‪ ً،‬وإنما ييعيبر عنه بلفظ فيه تقريب لمعناه‪ ً،‬فمث ل‬ ‫لمعناه‪ ً،‬فمث ل‬
‫قائل‪} :‬ميهوم متيموير ٱلرسممآيء ممهورا{ُ‪ ..‬المور‪ :‬الحركة فذلك تقريب للمعنى‪ ً،‬لن المور حركة خفيفة سريعة‪.‬‬
‫ضهيمنآ إرلمـى مبرني إرهسمرارئيمل رفي ٱهلركمتارب{ُ‪ ..‬أيِ أعلمنا‪ ً،‬لن القضاء إليهم فى الية أخص من‬ ‫كذلك إذا قال‪} :‬مومق م‬
‫ل وإيحالء إليهم‪.‬‬ ‫العلم‪ ً،‬فإن فيه إنزا ل‬
‫فإذا قال أحدهم فى قوله تعالى‪} :‬مومذيكهر ربره مأن يتهبمسمل منهففس ربمما مكمسمبهت{ُ إن معنى تبسل‪ :‬تحبس‪ ً،‬وقال‬
‫الخر‪ :‬ترتهن‪ ً،‬ونحو ذلك‪ ً،‬لم يكن من اختلف التضاد‪ ً،‬لن هذا تقريب للمعنى كما قلنا‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أن يكون فى الية الواحدة قراءتان أو قراءات‪ ً،‬فيفيسر كل منهم على حسب قراءة مخصوصة‬
‫فيظن ذلك اختلفا‪ ً،‬وليس باختلف‪ ً،‬مثال ذلك‪ :‬ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وغيره من طرقا‬
‫صايرمنا{ُ‪ .‬إن معنى يسيكرت‪ :‬يسردت‪ ً،‬ومن طريقا أخرى عنه‪ :‬أن‬ ‫فى قوله تعالى‪..} :‬ملمقايلوها إررنمما يسيكمرهت أمهب م‬
‫يسيكرت بمعنى يأخذت ويسحرت‪ ً،‬ثم أخرج عن قتادة أنه قال‪ :‬من قرأ "يسيكرت" مشددة‪ ً،‬فإنما يعنى يسردت‪ً،‬‬
‫وممن قرأ "سلكرت" مخففة‪ .‬فإنه يعنى يسحرت‪ .‬ومن ذلك أيضا قوله تعالى‪} :‬مسمراربيلييهم يمن مقرطمراهَن{ُ أخرج‬
‫ابن جرير عن الحسن‪ :‬أنه الذى تهنأ به البل‪ ً،‬وأخرج من طرقا عنه وعن غيره‪ :‬أنه النحاس المذاب‪ً،‬‬
‫وليسا بقولين‪ ً،‬وإنما الثانى تفسير لقراءة ممن قرأ‪" :‬من قطرآن" بتنوين قطر‪ ً،‬وهو النحاس المذاب‪ ً،‬وآن‪:‬‬
‫شديد الحرارة‪ .‬وأمثلة هذا النوع كثيرة‪ .‬وقد يخيرج على هذا الختلف الوادر عن ابن عباس وغيره فى‬
‫لممهسيتيم{ُ‪ ..‬هل هو الرجماع‪ ً،‬أو الجس باليد؟ فالول تفسير لقراءة‪" :‬لمستم"‪ً،‬‬ ‫تفسير قوله تعالى‪} .‬أمهو م‬
‫والثانى لقراءة‪" :‬لمستم" ول اختلف‪.‬‬
‫هذه هى الوجه بواسطتها نستطيع أن نجمع بين أقوال المسملف التى تبدو متعارضة‪ .‬أما ما جاء عنهم من‬
‫اختلف فى التفسير ويتعذر الجمع بينه بواحد من المور السابقة ‪ -‬وهذا أمر نادر‪ ً،‬أو اختلف مخفف‬
‫كما يقول ابن تيمية ‪ -‬فطريقنا فيه‪ :‬أن ننظر فيمن ينرقل عنه الختلف‪ ً،‬فإن كان عن شخص واحد‬
‫واختلفت الروايتان صحة وضعفا‪ ً،‬يقيدم الصحيح ويتررك ما عداه‪ ً،‬وإن استوينا فى الصحة وعرفنا أن أحد‬
‫القولين متأخر عن الخر‪ ً،‬يقيدم المتأخر ويتررك ما عداه‪ .‬وإن لم نعرف تقدم أحدهما على الخر رددنا‬
‫المر إلى ما ثبت فيه السمع‪ .‬فإن لم نجد سمعا وكان للستدلل طريقا إلى تقوية أحدهما‪ ً،‬ررجحنا ما‬
‫ق رواه الستدلل وتركنا ما عداه‪ .‬وإن تعارضت الدلة فعلينا أن نؤمن بمراد ال تعالى ول نتهجم على‬
‫تعيين أحد القولين‪ ً،‬ويكون المر حينئذ فى منزلة المجمل قبل تفصيله‪ ً،‬والمتشابه قبل تبيينه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وإن كان الختلف عن شخصين أو أشخاص‪ ً،‬واختلفت الروايتان أو الروايات صحة وضعفا‪ ً،‬يقيدم‬
‫الصحيح ويت ررك ما عداه‪ .‬وإن استوت الروايتان أو الروايات فى الصحة‪ ً،‬رددنا المر إلى ما ثبت فيه‬
‫السمع‪ .‬فإن لم نجد سمعا وكان للستدلل طريقا إلى تقوية أحدهما ررجحنا ما قرواه الستدلل وتركنا ما‬
‫عداه‪ .‬وإن تعارضت الدلة فعلينا أن نؤمن بمراد ال تعالى‪ ً،‬ول نتهجم على تعيين أحد القولين أو‬
‫القوال‪ .‬ويكون المر حينئذ فى منزلة المجمل قبل تفصيله‪ ً،‬والمتشابه قبل تبيينه‪.‬‬
‫ويرى الزركشى‪ :‬أن الختلف إن كان بين الصحابة وتعذر الجمع‪ ً،‬يقيدم قول ابن عباس على قول‬
‫غيره‪ ً،‬وعرلل ذلك فقال‪" :‬لن النبى صلى ال عليه وسلم مبرشره حيث قال‪" :‬الرلهم معيلمه التأويل"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬
‫للتفسير ‪ ..‬أو التفسير فى عصور التدوين ( ضمن العنوان ) تمهيد (‬

‫تمهيد‬
‫* ابتداء هذه المرحلة‪:‬‬
‫تبدأ المرحلة الثالثة للتفسير من مبدأ ظهور التدوين‪ ً،‬وذلك فى أواخر عهد بنى أمية‪ ً،‬وأول عهد‬
‫للعباسين‪.‬‬
‫* الخطوة الولى للتفسير‪:‬‬
‫وكان التفسير قبل ذلك ييتناقل بطريقا الرواية‪ ً،‬فالصحابة يروون عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫كما يروى بعضهم عن بعضِ‪ .‬والتابعون يروون عن الصحابة‪ .‬كما يروى بعضهم عن بعضِ‪ ً،‬وهذه‬
‫هى الخطوة الولى للتفسير‪.‬‬
‫**‬
‫* الخطوة الثانية‪:‬‬
‫ثم بعد عصر الصحابة والتابعين‪ ً،‬خطا التفسير خطوة ثانية‪ ً،‬وذلك حيث ابتدأ التدوين لحديث رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فكانت أبوابه متنوعة‪ ً،‬وكان التفسير بابا من هذه البواب التى اشتمل عليها‬
‫الحديث‪ ً،‬فلم ييفرد له تأليف خاص ييفيسر القرآن سورة سورة‪ ً،‬وآية آية‪ ً،‬من مبدئه إلى منتهاه‪ ً،‬بل يوجد‬
‫من العلماء ممن طروف فى المصار المختلفة ليجمع الحديث‪ ً،‬فجمع بجوار ذلك ما يرروى فى المصار من‬
‫تفسير منسوب إلى النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو إلى الصحابة‪ ً،‬أو إلى التابعين‪ ً،‬ومن هؤلء‪ :‬يزيد بن‬
‫هارون السلمى المتوفى سنة ‪ 117‬هـ‪ ً،‬وشعبه بن الحجاج المتوفى سنة ‪ 160‬هـ‪ ً،‬ووكيع بن الجراح‬
‫المتوفى سنة ‪197‬هـ وسفيان بن عيينة المتوفى سنة ‪198‬هـ‪ ً،‬وروح عن عبادة البصرى المتوفى سنة‬
‫‪205‬هـ‪ ً،‬وعبد الرزاقا بن همام المتوفى سنة ‪211‬هـ‪ ً،‬وآدم بن أبى إياس والمتوفى سنة ‪220‬هـ‪ً،‬‬
‫وعبد حميد المتوفى سنة ‪249‬هـ وغيرهم‪ ً،‬وهؤلء جميعا كانوا من أئمة الحديث‪ ً،‬فكان جمعهم للتفسير‬
‫جمعا لباب من أبواب الحديث‪ ً،‬ولم يكن جمعا للتفسير على استقلل وانفراد‪ .‬وجميع ما نقله هؤلء‬
‫العلم عن أسلفهم من أئمة التفسير نقلوه مسندا إليهم‪ ً،‬غير أن هذه التفاسير لم يصل إلينا شئ منها‪ً،‬‬
‫ولذا ل نستطيع أن نحكم عليها‪.‬‬
‫**‬
‫* الخطوة الثالثة‪:‬‬
‫ثم بعد هذه الخطوة الثانية‪ ً،‬خطا التفسير ثالثة‪ ً،‬انفصل بها عن الحديث‪ ً،‬فأصبح علما قائما بنفسه‪ً،‬‬
‫ووضع التفسير لكل آية من القرآن‪ ً،‬ويررتب ذلك على حسب ترتب المصحف‪ .‬وتم ذلك على أيدى طائفة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫من العلماء منهم ابن ماجه المتوفى سنة ‪273‬هـ‪ ً،‬وابن جرير الطبرى المتوفى سنة ‪310‬هـ‪ ً،‬وأبو بكر‬
‫بن المنذر النيسابورى المتوفى سنة ‪318‬هـ‪ ً،‬وابن أبى حاتم المتوفى سنة ‪327‬هـ‪ ً،‬وأبو الشيخْ بن‬
‫حبان المتوفى سنة ‪369‬هـ‪ ً،‬والحاكم المتوفى سنة ‪405‬هـ‪ ً،‬وأبو بكر بن مردويه المتوفى سنة‬
‫‪410‬هـ‪ ً،‬وغيرهم من أئمة هذا الشأن‪.‬‬
‫وكل هذه التفاسير مروية بالسناد إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وإلى الصحابة‪ ً،‬والتابعين‪ ً،‬وتابع‬
‫التابعين‪ ً،‬وليس فيها شئ من التفسير أكثر من التفسير المأثور‪ ً،‬الرلهم إل ابن جرير الطبرى فإنه ذكر‬
‫القوال ثم وجرهها‪ ً،‬وررجح بعضها على بعضِ‪ ً،‬وزاد على ذلك العراب إن دعت إليه حاجة‪ ً،‬واستبط‬
‫الحكام التى يمكن أن تؤخذ من اليات القرآنية‪ ...‬وسنأتى بالكلم عن هذا التفسير عند الكلم عن‬
‫الكتب المؤيلفة فى التفسير بالمأثور إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫وإذا كان التفسير قد خطا هذه الخطوة الثالثة التى انفصل بها عن الحديث‪ ً،‬فليس معنى أن هذه الخطوة‬
‫محت ما قبلها وألغت العمل به‪ ً،‬بل معناه أن التفسير تدرح فى خطواته‪ ً،‬فبعد أن كانت الخطوة الولى‬
‫للتفسير هي النقل عن طريقا التلقى والرواية‪ ً،‬كانت الخطوة الثانية له‪ ً،‬وهى تدوينه على أنه باب من‬
‫أبواب الحديث‪ ً،‬ثم جاءت بعد ذلك الخطوة الثالثة‪ ً،‬وهى تدوينه على استقلل وانفراد‪ ً،‬فكل هذه‬
‫الخطوات‪ ً،‬تم إسلم بعضها إلى بعضِ‪ ً،‬بل وظل المحيدثون بعد هذه الخطوة الثالثة‪ ً،‬يسيرون على نمط‬
‫الخطوة الثانية‪ ً،‬من رواية المنقول من التفسير فى باب خاص من أبواب الحديث‪ ً،‬مقتصرين فى ذلك ما‬
‫ورد عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو عن الصحابة أو عن التابعين‪.‬‬
‫**‬
‫* ليس من السهل معرفة أول من مدرون تفسير كل القرآن مررتبا‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬ول نستطيع أن ينعيين بالضبط‪ ً،‬المفيسر الول الذى فسرر القرآن آية آية‪ ً،‬ودرونه على التتابع وحسب‬
‫ترتيب المصحف‪ .‬ونجد فى الفهرست لبن النديم )ص ‪ (99‬أن أبا العباس ثعلب قال‪" :‬كان السبب فى‬
‫إملء كتاب الفرراء فى المعانى أن عمر بن بكير كان من أصحابه‪ ً،‬وكان منقطعا إلى الحسن بن سهل‬
‫فكتب إلى الف رراء‪ :‬إن المير الحسن بن سهل‪ ً،‬ربما سألنى عن الشئ بعد الشئ من القرآن فل يحضرنى‬
‫فيه جواب‪ ً،‬فإن رأيت أن تجمع لى أصولل‪ ً،‬أو تجعل فى ذلك كتابا أرجع إليه فعلت‪ ً،‬فقال الفرراء‬
‫لصحابه‪ :‬اجتمعوا حتى يأملى عليكم كتابا فى القرآن‪ ً،‬وجعل لهم يوما‪ ً،‬فلما حضروا خرج إليهم‪ ً،‬وكان‬
‫فى المسجد رجل ييؤيذن ويقرأ بالناس فى الصلة‪ ً،‬فالتفت إليه الفرراء فقال له‪ :‬اقرأ بفاتحة الكتاب نفيسرها‪ً،‬‬
‫ثم نوفى الكتاب كله‪ ً،‬فقرأ الرجل ويفيسر الفراء‪ ً،‬قال أبو العباس‪ :‬لم يعمل أحد قبل مثله‪ ً،‬ول أحسب أن‬
‫أحداص يزيد عليه"‪.‬‬
‫فهل نستطيع أن نستخلص من ذلك‪ :‬أن الفرراء المتوفى سنة ‪ 207‬هـ‪ ً،‬هو أول ممن مدرون تفسيرا جامعا‬
‫لكل آيات القرآن مررتبا على وفهَقا ترتيب المصحف؟ وهل نستطيع أن نقولك إن كل ممن تقردم الفرراء من‬
‫المف يسرين كانوا يقتصرون على تفسير المشكل فقط؟‪ ..‬ل‪ ..‬ل نستطيع أن نفهم هذا من عبارة ابن النديم‬
‫لنها غير قاطعة فى هذا‪ ً،‬كما ل نستطيع أن نميل إليه كما مال إليه الستاذ أحمد أمين فى كتابه ضحى‬
‫السلم )جـ ‪ 2‬ص ‪ ً،(141‬وذلك لن كتاب "معانى القرآن" للفرراء شبيه فى تناوله للى على ترتيبها‬
‫فى السور بكتاب "مجاز القرآن" لبي عبيدة‪ ً،‬فإنه يتناول السور على ترتيبها‪ ً،‬ويعرضِ لما فى السورة‬
‫من آ تحتاج لبيان مجازها ‪ -‬أى المراد منها ‪ -‬فليس للفرراء أرولية فى هذا‪ ً،‬بل تلك على ما يبدو كانت‬
‫خطة العصر‪ ً،‬ثم إن ما ينرقل لنا عن المسملف ييشعر ‪ -‬وإن كان غير قاطع ‪ -‬بأن استيفاء التفسير لسوء‬
‫ل يقول ابن أبى‬ ‫ل مبكرا لم يتأخر إلى نهاية القرن الثانى وأوائل الثالث‪ ً،‬فمث ل‬
‫القرآن وآياته كان عم ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مليكة‪" :‬رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه‪ ً،‬فيقول له ابن عباس‪ :‬اكتب‪ .‬قال‪:‬‬
‫حتى سأله عن التفسير كله"‪.‬‬
‫ونجد الحافظ ابن حجر عندما ترجم لعطاء بن دينار الهذلى المصرى فى كتابه "تهذيب التهذيب" يقول‪:‬‬
‫"قال عل سى بن الحسن الهسنجانى‪ ً،‬عن أحمد ابن صالح‪ :‬عطاء بن دينار‪ ً،‬من ثقات المصريين‪ ً،‬وتفسيره‬
‫فيما يروى عن سعيد بن جبير صحيفة‪ ً،‬وليس له دللة على أنه سمع من سعيد بن جبير‪ ً،‬وقال أبو‬
‫حاتم‪ :‬صالح الحديث إل أن التفسير أخذه من الديوان‪ ً،‬وكان عبد الملك بن مروان )المتوفى سنة ‪86‬‬
‫هـ( سأل سعيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن‪ ً،‬فكتب سعيد بهذا التفسير‪ ً،‬فوجده عطاء بن دينار‬
‫فى الديوان فأخذه فأرسله عن سعيد بن جبير"‪.‬‬
‫فهذا صريح فى أن سعيد بن جبير رضى ال عنه جمع تفسير القرآن فى كتاب‪ ً،‬وأخذه من الكتاب عطاء‬
‫بن دينار‪ ً،‬ومعروف أن سعيد بن جبير يقرتل سنة ‪ - 94‬أو سنة ‪ 95‬هجرية ‪ -‬على الخلف فى ذلك‪ ً،‬ول‬
‫شك أن تأليفه هذا كان قبل موت عبد الملك بن مروان المتوفى سنة ‪ 86‬هجرية‪.‬‬
‫وكذلك نجد فى وفيات العيان ) جـ ‪ 2‬ص ‪ :(3‬أن عمرو بن عبيد شيخْ المعتزلة‪ ً،‬كتب تفسيرا للقرآن‬
‫عن الحسن البصرى‪ ً،‬ومعلوم أن الحسن توفى سنة ‪ 116‬هجرية‪.‬‬
‫ومرر بنا فيما سبقا ) ص ‪ (85‬أن ابن جريج المتوفى سنة ‪ 150‬هجرية له ثلثة أجزاء كبار فى التفسير‬
‫رواها عنه محمد بن ثور‪ ً،‬فإذا انضم إلى هذا ما نلحظه من قوة اتصال القرآن بالحياة السلمية‪ ً،‬وشدة‬
‫عناية القوم بأخذ الحاكم وغيرها من آيات القرآن‪ ً،‬وحاجاتهم اليميلحة فى ذلك‪ ً،‬نستطيع أن نقول إن‬
‫الفرراء لم ييسبقا إلى هذا الستيفاء والتقصى‪ ً،‬بل هو مسبوقا بذلك‪ ً،‬وإن كنا ل نستطيع أن ينعيين ممن سبقا‬
‫إلى هذا العمل على وجه التحقيقا‪ ً،‬ولو أنه وقع لنا كل ما كتب من التفسير من مبدأ عهد التدوين‪.‬‬
‫لمكننا أن ينعيين المفيسر الول الذى درون التفسير على هذا النمط‪.‬‬
‫**‬
‫* الخطوة الرابعة‪:‬‬
‫ثم إن التفسير لم يقف عند هذه الخطوة الثالثة بل خطا بعدها خطوة رابعة‪ ً،‬لم يتجاوز بها حدود التفسير‬
‫بالمأثور‪ ً،‬وإن كان قد تجاوز روايته بالسناد‪ ً،‬فصرنف فى التفسير خلقا كثير‪ ً،‬اختصروا السانيد‪ ً،‬ونقلوا‬
‫القوال المأثورة عن المفيسرين من أسلفهم دون أن ينسبوها لقائليها‪ ً،‬فدخل الوضع فى التفسير والتبس‬
‫الصحيح بالعليل‪ ً،‬وأصبح الناظر فى هذه الكتب يظن أن كل ما فيها صحيح‪ ً،‬فنقله كثير من المتأخرين‬
‫فى تفاسيرهم‪ ً،‬ونقلوا ما جاء فى هذه الكتب من إسرائيليات على أنها حقائقا ثابتة‪ ً،‬وكان ذلك هو مبدأ‬
‫ظهور خطر الوضع والسرئليات فى التفسير‪ .‬وسنعرضِ لهذا بالبيان والتفصيل فيما بعد إن شاء ال‬
‫تعالى‪.‬‬
‫ولقد يورجد من بين هؤلء المفيسرين ممن معرنى بجمع شتات القوال‪ ً،‬فصار كلما سنح مله قول أورده‪ ً،‬وكلما‬
‫خطر بباله شئ اعتمده‪ ً،‬فيأتى ممن بعده وينقل ذلك عنه بدون أن يتحرى الصواب فيما ينقل‪ ً،‬ويدون‬
‫التفاوت منه إلى تحرير ما ورد عن السملف الصالح وممن يرجع إليهم فى التفسير‪ ً،‬ظنا منه أن كل ما‬
‫ذكر له أصل ثابت!! وليس أدل على نهم هؤلء القوم بكثرة النقل من أن بعضهم ذكر فى تفسير قوله‬
‫ضآيليمن{ُ عشرة أقوال مع أن تفسيرها باليهود والنصارى‪ ً،‬هو الوارد‬ ‫تعالى‪} :‬مغهيرر ٱهلممهغ ي‬
‫ضورب معلمهيرهم مو م‬
‫ل ٱل ر‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وعن جميع الصحابة والتابعين‪ ً،‬حتى قال ابن أبى حاتم‪" :‬ل أعلم فى‬
‫ذلك اختلفا بين المفيسرين"‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* الخطوة الخامسة‪:‬‬
‫ثم خطا التفسير بعد ذلك خطوة خامسة‪ ً،‬هى أوسع الخطا وأفسحها‪ ً،‬امتدت من العصر العباسى إلى‬
‫يومنا هذا‪ ً،‬فبعد أن كن تدوين التفسير مقصورا على رواية ما ينرقل عن مسملف هذه المة‪ ً،‬تجاوز بهذه‬
‫الخطوة الواسعة إلى تدوين تفسير اختلط فيه الفهم العقلى بالتفسير النقلى‪ ً،‬وكان ذلك على تدرج ملحوظ‬
‫فى ذلك‪.‬‬
‫***‬
‫* تدرج التفسير العقلى‪:‬‬
‫بدأ ذلك أولل على هيئة محاولت فهم شخص‪ ً،‬وترجيح لبعضِ القوال على بعضِ‪ ً،‬وكان هذا أمرا‬
‫مقوب لل ما دام يرجع الجانب العقلى منه إلى حدود اللغة ودللة الكلمات القرآنية‪ .‬ثم ظلت محاولت هذا‬
‫الفهم الشخصى تزداد وتتضخم‪ ً،‬متأثرة بالمعارف المختلفة‪ ً،‬والعلوم المتنوعة‪ ً،‬والراء المتشعبة‪ً،‬‬
‫والعقائد المتباينة‪ ً،‬حتى يورجد من كتب التفسير ما يجمع أشياء كثيرة‪ ً،‬ل تكاد تتصل بالتفسير إل عن يبهعهَد‬
‫عظيم‪.‬‬
‫يديونت علوم اللغة‪ ً،‬ويدرون النحو الصرف‪ ً،‬وتشعربت مذاهب الخلف الفقهى‪ ً،‬وأثيرت مسائل الكلم‪ً،‬‬
‫وظهر التعصب المذهبى قائما على قدمه وساقه فى العصر العباسى‪ ً،‬وقامت الرفمرقا السلمية بنشر‬
‫مذاهبها والدعوة إليها‪ ً،‬ويترجمت كتب كثيرة من كتب الفلسفة‪ ً،‬فامتزجت كل هذه العلوم وما يتعلقا بها‬
‫من أبحاث بالتفسير حتى طغت عليه‪ ً،‬وغلب الجانب العقلى على الجانب النقلى‪ ً،‬وصار أظهر شئ فى‬
‫هذه الكتب‪ ً،‬هو الناحية العقلية‪ ً،‬وإن كانت ل تخلو مع ذلك من منقول يتصل بأسباب النزول‪ ً،‬أو بغير‬
‫ذلك على المأثور‪.‬‬
‫وهكذا تدرج التفسير‪ ً،‬واتجهت الكتب المؤرلفة فيه اتجاهات متنوعة‪ ً،‬وتحركمت الصطلحات العلمية‪ً،‬‬
‫والعقائد المذهبية فى عبارات القرآن الكريم‪ ً،‬فظهرت آثار الثقافة الفلسفية والعلمية للمسلمين فى تفسير‬
‫القرآن‪ ً،‬كما ظهرت آثار التصوف واضحة فيه‪ ً،‬وكما ظهرت آثار الرنمحل والهواء فيه ظهورا جليا‪.‬‬
‫وإرنا لنلحظ فى وضوح وجلء‪ :‬أن كل ممن برع فى فن من فنون العلم‪ ً،‬يكاد يقتصر تفسيره على الفن‬
‫الذى برع فيه‪ ً،‬فالنحوى تراه ل مهرم له إل العراب وذكر ما يحتمل فى ذلك من أوجه‪ ً،‬وتراه ينقل‬
‫مسائل النحو وفروعه وخلفياته‪ ً،‬وذلك كالمزرجاج‪ ً،‬والواحدى فى "البسيط"‪ ً،‬وأبى حيان فى "البحر‬
‫المحيط"‪.‬‬
‫وصاحب العلوم العقلية‪ ً،‬تراه يعنى فى تفسيره بأقوال الحكماء والفلسفة‪ ً،‬كما تراه يعنى بذكر شيبههم‬
‫والرد عليهم‪ ً،‬وذلك كالفخر الرازى فى كتابه "مفاتيح الغيب"‪.‬‬
‫وصاحب الفقه تراه قد عنى بتقريره الدلة للفروع الفقهية‪ ً،‬والرد على ممن يخالف مذهبه‪ ً،‬وذلك‬
‫صاص‪ ً،‬والقرطبى‪..‬‬ ‫كالج ر‬
‫وصاحب التاريخْ‪ ً،‬ليس له شغل إل القصص‪ ً،‬وذكر أخبار ممن مسملف‪ ً،‬ما صح منها وما ل يصح‪ ً،‬وذلك‬
‫كالثعلبى والخازن‪..‬‬
‫وصاحب البدع‪ ً،‬ليس له قصد إلا أن ييؤيول كلم ال ويينزله على مذهبه الفاسد‪ ً،‬وذلك كالرمانى‪ً،‬‬
‫والجبائى‪ ً،‬والقاضى عبد الجبار‪ ً،‬والزمخشرى من المعتزلة‪ ً،‬والطبرسى‪ ً،‬ومل محسن الكاشى من‬
‫المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫وأصحاب التصوف قصدوا إلى ناحية الترغيب والترهيب‪ .‬واستخراج المعانى الشارية من اليات‬
‫القرآنية بما يتفقا مع مشاربهم‪ ً،‬ويتناسب مع رياضاتهم وموادجيدهم‪ ً،‬ومن هؤلء ابن عربى‪ ً،‬وأبو عبد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الرحمن السلمى‪..‬‬
‫وهكذا ف رسر كل صاحب فن أو مذهب بما يتناسب مع فنه أو يشهد لمذهبه‪ ً،‬وقد استمرت هذه النزعة‬
‫العلمية العقلية وراجت فى بعضِ العصور رواجا عظيما‪ ً،‬كما راجت فى عصرنا الحاضر تفسيرات‬
‫يريد أهلها من ورائها أن يمح سيملوا آيات القرآن كل العلوم‪ ً،‬ما ظهر منها وما لم يظهر‪ ً،‬كأن هذا فيما يبدو‬
‫وجه من وجوه إعجاز القرآن وصلحيته لن يتمشى مع الزمن‪ .‬وفى الحقا أن هذا غلو منهم‪ ً،‬وإسراف‬
‫ييخرج القرآن عن مقصده الذى نزل من أجله‪ ً،‬ويحيد به عن هدفه الذى يرمى إليه‪.‬‬
‫وسوف نتكلم على ذلك بتوسع عند الكلم عن التفسير العلمى إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫ثم إن هذا الطغيان العقلى العلمى‪ ً،‬لم يطغ على التفسير بالمأثور الطغيان الذى يجعله فى عداد ما درس‬
‫وذهب‪ ً،‬بل يورجد من العلماء فى عصور مختلفة‪ ً،‬ممن استطاع أن يقاوم تيار هذا الطغيان‪ ً،‬ففرسر القرآن‬
‫تفسيرا نقليا بحتا‪ ً،‬على توسع منهم فى النقل‪ ً،‬وعدم تفرقة بين ما صح وما لم يصح‪ ً،‬كما فعل السيوطى‬
‫فى كتابه "الدر المنثور"‪.‬‬
‫**‬
‫* التفسير الموضوعى‪:‬‬
‫وكذلك يورجد رممن العلماء ممن ضريقا دائرة البحث فى التفسير‪ ً،‬فتكرلم عن ناحية واحدة من منواحيه المتشعبة‬
‫ل ‪ -‬أفرد كتابا من مؤلفاته للكلم عن أقسام القرآن سماه "التبيان فى أقسام‬ ‫المتعددة‪ ً،‬فابن القيم ‪ -‬مث ل‬
‫القرآن"‪ .‬وأبو عبيدة أفرد كتابا للكلم عن مجاز القرآن والراغب الصفهانى أفرد كتابا فى مفردات‬
‫القرآن‪ .‬وأبو جعفر النحاس أفرد كتابا فى الناسخْ والمنسوخ من القرآن‪ .‬وأبو الحسن الواحدى أفرد كتابا‬
‫فى أسباب نزول القرآن‪ .‬والجصاص أفرد كتابا فى أحكام القرآن‪ ..‬وغير هؤلء كثير من العلماء الذين‬
‫قصدوا إلى موضوع خاص فى القرآن يجمعون ما تفررقا منه‪ ً،‬ويفردونه بالدرس والبحث‪.‬‬
‫* توسع متقدمى المفسرين قد بمتأخريهم عن البحث المستقل‪:‬‬
‫ثم إرنا نجد متقدمى المفيسرين قد تورسعوا فى التفسير إلى حد كبير‪ ً،‬جعل ممن جاء بعدهم من المفيسرين ل‬
‫يلقون عنتا‪ ً،‬ول يجدون مشقة فى محاولتهم لفهم كتاب ال‪ ً،‬وتدوين ما درونوا من كتب فى التفسير‪ ً،‬فمنهم‬
‫ممن أخذ كلم غيره وزاد عليه‪ ً،‬ومنهم من اختصر‪ ً،‬ومنهم ممن عرلقا الحواشى وتتبع كلم من سبقه‪ ً،‬تارة‬
‫بالكشف عن المراد‪ ً،‬وأخرى بالتفنيد والعتراضِ‪ ً،‬ومع ذلك فاتجاهات التفسير‪ ً،‬وتعدد طرائقه وألوانه‪.‬‬
‫مل تزل على ما كانت عليه‪ ً،‬متشعبة متكاثرة‪.‬‬
‫أما فى عصرنا الحاضر‪ ً،‬فقد غلب اللون الدبى الجتماعى على التفسير‪ ً،‬ويورجدت بعضِ محاولت‬
‫علمية‪ ً،‬فى كثير منها تكلف ظاهر وغلو كبير‪ ً،‬أما اللون المذهبى‪ ً،‬فقد بقى منه إلى يومنا هذا بمقدار ما‬
‫بقى من المذاهب السلمية‪ ً،‬وسوف نعرضِ للتفسير فى عصرنا الحاضر بما فيه الكفاية إن شاء ال‬
‫تعالى‪.‬‬
‫هذا هو شأن التفسير فى مرحلته الثالثة ‪ -‬مرحلة التدوين ‪ -‬وهذه هى خطواته التى تدرج فيها من لدن‬
‫نشأته إلى عصرنا الحاضر‪ ً،‬وتلك هى ألوانه وطرائقه‪ ً،‬وأرى من العسير علسى أن أتمشى بالتفسير مع‬
‫الزمن‪ ً،‬وأن أتكلم عن طرائقه‪ ً،‬ومميزاته‪ ً،‬واتجاهاته‪ ً،‬وألوانه فى كل عصر من العصور التى مررت‬
‫عليه‪ ً،‬وذلك راجع إلى أننا لم نقف على كثير مما خلفته تلك العصور من آثار فيه وهى كثرة كاثرة‬
‫تنروعت مقاصدها واختلفت اتجاهاتها‪ .‬وإننا لندهش عند سماع ما أييلف فى التفسير من الكتب التى بلغت‬
‫حد الكثرة‪ .‬وينرسبت لرجال لهم قيمتهم العلمية‪ ً،‬ففى القرن الثانى كتب عمرو بن عبيد شيخْ المعتزلة‬
‫تفسيرا للقرآن عن الحسن البصرى‪ ً،‬كما ذكره ابن خلكان فى كتابه "وفيان العيان"‪ ً،‬ويذكر صاحب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كتاب "تبيين كذب المفترى"‪ :‬أن أبا الحسن الشعرى كتب كتابا فى التفسير يسمى "المختزن"‪ ً،‬لم يترك‬
‫آية تعرلقا بها مبهدعى إل أبطل تعلقه بها‪ ً،‬وجعلها يحرجة لهل الحقا‪ ً،‬كما يينسب إلى الجوينيى تفسير كبير‬
‫يشتمل على عشرة أنواع فى كل آية‪ ً،‬ويينسب للقشيرى أيضا تفسير كبير‪ .‬وابن النبارى يذكرون أنه‬
‫كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا من تفاسير القرآن بأسانيدها وأبو هلل العسكرى‪ ً،‬له كتاب "المحاسن‬
‫فى تفسير القرآن"‪ ً،‬خمس مجلدات‪ ً،‬وغير هذا كثير جدا من الكتب التى أييلفت فى تفسير القرآن‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهل يكون فى مقدورى ‪ -‬وقد اندرست معظم كتب التفسير ‪ -‬أن أتكلم عن التفسير وما أييلف فيه‬
‫يدى كل ما كتب فى‬ ‫فى جميع مراحلة الزمنية؟ اللهم إن هذا المر ل أقدر عليه إلا إذا يجمع بين س‬
‫التفسير من مبدأ نشأته إلى يومنا هذا‪ ً،‬وكان لدسى من الوقت ما يتسع لدراسته كله‪ ً،‬وأرنى لى بذلك؟‬
‫على أننا لو نظرنا إلى مناحى المفيسرين واتجاهاتهم‪ ً،‬لوجدناهم مع اختلف عصورهم يشتركون فيها‪ً،‬‬
‫فبينما نجد من المتقدمين ممهن درون التفسير بالمأثور خاصة‪ ً،‬نجد من المتأخرين ممهن مقصمر تفسيره على‬
‫المأثور أيضا‪ .‬وبينما نجد ممن المتقدمين ممهن نحا فى تفسيره الناحية الشارية نجد رممن المتأخرين ممهن‬
‫ينحو هذا المنحى بعينه‪ ً،‬وبينما نجد رممن المتقدمين ممهن حاول إخضاع القرآن لمذهبه وعقيدته نجد رممن‬
‫المتأخرين مم هن حاول مثل هذه المحاولة وهكذا نجد كثيرا من كتب التفسير على اختلف أزمانها تتحد فى‬
‫مشربها‪ ً،‬وتتجه إلى ناحية واحدة من نواحى التفسير المختلفة‪.‬‬
‫لهذا كله‪ ً،‬أرى نفسى مضطرا إلى أن أعدل فى هذه المرحلة الثالثة ‪ -‬مرحلة عصور التدوين ‪ -‬عن‬
‫السير بالتفسير مع الزمن إلى التكلم عنه من ناحية هذه التجاهات التى اتجه إليها المفيسرون فى‬
‫تفاسيرهم وأتبع ذلك بالكلم عن أشهر الكتب المؤرلفة فى التفسير‪ ً،‬فأتكلم أولل عن التفسير المأثور وأشهر‬
‫ما يديومن فيه‪ ً،‬ثم عن التفسير بالرأى الجائز وغير الجائز‪ ً،‬وعن أشهر الكتب المؤرلفة فى ذلك‪ .‬ويندرج فى‬
‫هذا الكلم على تفاسير الرفمرقا المختلفة‪ ً،‬ثم أتكلم بعد ذلك عن التفسير عند الصوفية وأهم كتبهم فيه‪ ً،‬ثم‬
‫عند الفلسفة‪ ً،‬ثم عند الفقهاء كذلك‪ ً،‬ثم أتكلم عن التفسير العلمى‪ ً،‬ثم أختم بكلمة عامة عن التفسير فى‬
‫عصرنا الحاضر‪ ً،‬وأسأل ال العون والتوفيقا‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬
‫للتفسير ‪ ..‬أو التفسير فى عصور التدوين ( ضمن العنوان ) التفسير بالمأثور (‬

‫* ما هو التفسير المأثور؟‬
‫يشمل التفسير المأثور ما جاء فى القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعضِ آياته‪ ً،‬وما ينقل عن الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وما ينرقل عن الصحابة رضوان ال عليهم‪ ً،‬وما ينرقل عن التابعين‪ ً،‬من كل ما هو‬
‫بيان وتوضح لمراد ال تعالى من نصوص كتابه الكريم‪.‬‬
‫وإنما أدرجنا فى التفسير المأوثر ما يررومى عن التابعين ‪ -‬وإن كان فيه خلف‪ :‬هل هو من قبيل المأثور‬
‫أو من قبيل الرأى ‪ -‬لننا وجدنا كتب التفسير المأثور‪ ً،‬كتفسير ابن جرير وغيره‪ ً،‬لم تقتصر على ما‬
‫رذهكر ما يررومى عن النبى صلى ال عليه وسلم وما يررومى عن أصحابه‪ ً،‬بل ضمت إلى ذلك ما ينرقل عن‬
‫التابعين فى التفسير‪.‬‬
‫**‬
‫* تدرج التفسير المأثور‪:‬‬
‫تد ررج التفسير المأثور فى دوريه ‪ -‬درو الرواية ودور التدوين ‪ -‬أما فى دور الرواية‪ ً،‬فإن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم برين لصحابه ما أشكل عليهم من معانى القرآن‪ ً،‬فكان هذا المقهدر من التفسير يتناوله‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصحابة بالرواية بعضهم لبعضِ‪ ً،‬ولمن جاء بعدهم من التابعين‪.‬‬
‫ثم يوجد من الصحابة ممهن تكلم فى تفسير القرآن بما ثبت لديه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو‬
‫بمحضِ رأيه واجتهاده‪ ً،‬وكان ذلك على رقرلة يرجع السبب فيها إلى الروعة الدينية التى كانت لهذا العهد‪ً،‬‬
‫والمستوى العقلى الرفيع لهله‪ ً،‬وتحدد حاجات حياتهم العملية‪ ً،‬ثم شعورهم مع هذا بأن التفسير شهادة‬
‫على ال بأنه معرنى باللفظ كذا‪.‬‬
‫ثم يورجد من التابعين ممهن تصردى للتفسير‪ ً،‬فروى ما تجرمع لديه من ذلك عن رسومل ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وعن الصحابة‪ ً،‬وزاد على ذلك من القول بالرأى والجتهاد‪ ً،‬بمقدار ما زاد من الغموضِ الذى كان‬
‫يتزايد كلما مبهعيد الناس عن عصر النبى صلى ال عليه وسلم والصحابة‪.‬‬
‫ثم جاءت الطبقة التى تلى التابعين وروت عنهم ما قالوا‪ ً،‬وزادوا عليه بمقدار ما زاد من غموضِ‪...‬‬
‫وهكذا ظل التفسير يتضخم طبقة بعد طبقة‪ ً،‬وتروى الطبقة التالية ما كان عند الطبقات التى سبقتها‪ ً،‬كما‬
‫أشرنا إلى ذلك فيما سبقا‪.‬‬
‫ثم ابتدأ دورالتدوين ‪ -‬وهو ما يعنينا فى هذا البحث ‪ -‬فكان أول ما يديون من التفسير‪ ً،‬هو التفسير‬
‫المأثور‪ ً،‬على تدرج فى التدوين كذلك‪ ً،‬فكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الول فى هذا‪.‬‬
‫وقد رأينا أصحاب مبادئ العلوم حين ينسبون ‪ -‬على عادتهم ‪ -‬وضع كل علم لشخص بعينه‪ ً،‬يعدون‬
‫وضع التفسير ‪ -‬بمعنى جامعه ل يممديونه ‪ -‬المام مالك بن أنس الصبحى‪ ً،‬إمام دار الهجرة‪.‬‬
‫وكان التفسير إلى هذا الوقت لم يتخذ له شك ل‬
‫ل منظما‪ ً،‬ولم ييفرد بالتدوين‪ ً،‬بل كان ييكتب على أنه باب‬
‫من أبواب الحديث المختلفة‪ ً،‬يجمعون فيه ما يرروى عن النبى صلى ال عليه وسلم وعن الصحابة‬
‫والتابعين‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك انفصل التفسير عن الحديث‪ ً،‬ويأفرد بتأليف خاص‪ ً،‬فكان أول ما يعرف لنا من ذلك‪ ً،‬تلك‬
‫الصحيفة التى رواها علسى بن أبى طلحة عن ابن عباس‪.‬‬
‫ثم ويجد من ذلك جزء أو أجزاء يديونت فى التفسير خاصة‪ ً،‬مثل ذلك الجزء المنسوب لبى مروقا‪ ً،‬وتلك‬
‫الجزاء الثلثة التى يرويها محمد بن ثور عن ابن جريج‪.‬‬
‫ثم يورجمدت من ذلك موسوعات من الكتب المؤرلفة فى التفسير‪ ً،‬جمعت كل ما وقع لصحابها من التفسير‬
‫المروى عن النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم‪ ً،‬كتفسير ابن جرير الطبرى‪ .‬وييلمحظ أن ابن‬
‫جرير وممهن على شاكلته ‪ -‬وإن نقلوا تفاسيرهم بالسناد ‪ -‬تورسعوا فى النقل وأكثروا منه‪ ً،‬حتى استفاضِ‬
‫وشمل ما ليس موثوقا به‪ .‬كما ييلمحظ أنه كان ل يزال موجودا إلى ما بعد عصر ابن جرير وممهن على‬
‫شاكلته ‪ -‬ممن أفردوا التفسير بالتـأليف ‪ -‬رجال من المحيدثين بروبوا للتفسير بابا ضمن أبواب ما‬
‫جمعوا من الحاديث‪.‬‬
‫ثم يورجد بعد هذا أقوام درونوا التفسير المأثور بدون أن يذكروا أسانيدهم فى ذلك‪ ً،‬وأكثروا من نقل القوال‬
‫فى تفاسيرهم بدون تفرقة بين الصحيح والعليل‪ ً،‬مما جعل الناظر فى هذه الكتب ل يركن لما جاء فيها‪ً،‬‬
‫لجواز أن يكون من قبيل الموضوع المختلقا‪ ً،‬وهو كثير فى التفسير‪.‬‬
‫ثم بعد هذا تغريرت موجهات الحياة‪ ً،‬فبعد أن كان التدوين فى التفسير ل يتعدى المأثور منه‪ ً،‬تعردى إلى‬
‫تدوين التفسير بالرأى على تدرج فيه‪ ً،‬كما أشرنا إليه فيما سبقا )ص ‪.(156‬‬
‫**‬
‫* الرلون الشخصى للتفسير المأثور‪:‬‬
‫من المعلوم أن الشخص الذى ييفيسر نصا من النصوص‪ ً،‬ييليون هذا النص بتفسيره إياه‪ ً،‬لن المتفهم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لعبارة من العبارات‪ ً،‬هو الذى يحدد معناه ومرماها وفقا مستواه الفكرى‪ ً،‬وعلى سعة أفقه العقلى‪ ً،‬وليس‬
‫فى استطاعته أن يفهم من النص إل ما يرمى إليه فكره‪ ً،‬ويمتد إليه عقله‪ ً،‬وبمقدار هذا يتحكم فى النص‬
‫وييحيدد بيانه‪ ً،‬وهذا أصل ملحوظ‪ ً،‬نجد آثاره واضحة فى كتب التفسير على اختلفها‪ ً،‬فما من كتاب منها‬
‫إل وقد وجدنا آثار شخصية صاحبة وقد طبعت تفسيره خاص ل يعسر علينا إدراكه‪.‬‬
‫غير أن هذا الطابع الشخصى الذى ييطبع به التفسير‪ ً،‬إن ظهر لنا جليا واضحا فى كتب التفسير بالرأى‪ً،‬‬
‫فإرنا ل نكاد نجده لول وهلة على هذا النحو من الوضوح والجلء بالنسبة لكتب التفسير بالمأثور‪ ً،‬ولكن‬
‫نستطيع أن نتبينه إذا ما قردرنا أن المتصدى لهذا التفسير النقلى إنما يجمع حول الية من المرويات ما‬
‫يشعر أنها متجهة إليه‪ ً،‬متعلقة به‪ ً،‬فيقصد إلى ما يتبادر لذهنه من معناها‪ ً،‬ثم تدفعه الفكرة العامة فيها‬
‫إلى أن يصل بين الية وما يروى حولها فى اطمئنان‪ ً،‬وبهذا الطمئنان‪ ً،‬يتأثر نفسيا وعقليا‪ ً،‬حينما يقبل‬
‫مرويا ويعنى به‪ ً،‬أو يرفضِ مرويا حين ل يرتاح إليه‪.‬‬
‫وكذلك راج بين المتقدمين ‪ -‬كما لحظه ابن خلدون فى مقدمته ‪ -‬ما هم فى شوقا إليه وتعلقا به‪ ً،‬من‬
‫أسباب المكونات‪ ً،‬وبدء الخليقة‪ ً،‬وأسرار الوجود‪ ً،‬وتفصيل الحداث الكبرى فى تاريخْ النسانية الولى‪ً،‬‬
‫نظرا لبداوتهم ويأمييتهم‪ ً،‬وقرلة المتداول بينهم منه‪ ً،‬فكان من وراء ذلك كثرة السرائيليات‪ ً،‬وليس من شك‬
‫فى أن هذا صورة عقلية‪ ً،‬وطابع شخصى لهذا العصر الول‪ ً،‬كما أنه صورة عقلية‪ ً،‬وطابع شخصى‬
‫لكل ممن يقبل هذه السرائيليات‪ ً،‬وييفيسر بعضِ آيات القرآن على ضوئها‪.‬‬
‫ثم إننا بعد هذا نلحظ لونا شخصيا آخر فى التفسير النقلى‪ ً،‬ذلك أن الشخص الذى يعرف قيمة الرجال‪ً،‬‬
‫ويستطيع أن ينقد السند‪ ً،‬ويعرف أسباب الضعف فى الرواية‪ ً،‬نرى تفسيره يطبع بهذا الطابع الشخصى‬
‫الخاص‪ ً،‬فيتحرى الصحة فيما يرويه‪ ً،‬فل يدخل فى كتابه مرويا اعتراه الضعف أو تطرقا إليه الخلل‪.‬‬
‫أما الشخص الذى ل دراية له بأسباب الضعف فى الرواية‪ ً،‬وليس عنده القدرة على نقد الرجال ونقد‬
‫المروى عنهم فحاطب ليل‪ ً،‬يجمع كل ما يينقل له فى ذلك بدون أن ييفيرقا بين الصحيح وغيره‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬أفل ترى أنه حتى فى رواج التفسير النقلى وتداوله تكون شخصية المتعرضِ للتفسير هى‬
‫المليونة له‪ ً،‬المريوجة لصنف منه‪ ً،‬أظن أن نعم‪.‬‬
‫**‬
‫* الضعف فى رواية التفسير المأثور وأسبابه‪:‬‬
‫علمنا مما تقردم أن التفسير المأثور يشمل ما كان تفسيرا للقرآن بالقرآن‪ ً،‬وما كان تفسيرا للقرآن بالسسرنة‪ً،‬‬
‫وما كان تفسيرا للقرآن بالموقوف على الصحابة أو المروى عن التابعين‪ .‬أما تفسير القرآن بالقرآن‪ .‬أو‬
‫بما ثبت من السسرنة الصحيحة‪ ً،‬فذلك مما ل خلف فى قبوله‪ ً،‬لنه ل يتطرقا إليه الضعف‪ .‬ول يجد الشك‬
‫إليه سبي ل‬
‫ل‪.‬‬
‫وأما ما يأضيف إلى النبى صلى ال عليه وسلم وهو ضعيف فى سنده أو متنه فذلك مردود غير مقبول‪ً،‬‬
‫ما دام لم تصح نسبته إلى النبى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وأما تفسير القرآن بما ييروى عن الصحابة أو التابعين‪ ً،‬فقد تسررب إليه الخلل‪ ً،‬وتطررقا إليه الضعف‪ ً،‬إلى‬
‫حد كاد ييفقدنا الثقة بكل ما يرروى من ذلك‪ ً،‬لول أن قريضِ ال لهذا التراث العظيم من أزاح عنه هذه‬
‫الشكوك‪ ً،‬فسلمت لنا منه كمية ل ييستهان بها‪ ً،‬وإن كان صحيحها وسقيمها ل يزال خليطا فى كثير من‬
‫الكتب التى معرن مى أصحابها بجمع شتات القوال‪ .‬ولقد كانت كثرة المروى من ذل ككثرة جاوزت الحد ‪-‬‬
‫وبخاصة عن ابن عباس وعلسى بن أبى طالب رضى ال عنهما ‪ -‬أكبر عامل فى صرف همة العلماء‬
‫ولفت أنظارهم إلى البحث والتمحيص‪ ً،‬والنقد والتعديل والتجريح‪ ً،‬حتى لقد ينرقل عن المام الشافعى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫رضى ال عنه أنه قال‪" :‬لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إل شبيه بمائة حديث"‪ .‬وهذا العدد الذى‬
‫ذكره الشافعى‪ ً،‬ل يكاد ييذكر بجوار ما يرروى عن ابن عباس من التفسير‪ .‬وهذا يدل على مبلغ ما دخل‬
‫من التفسير النقلى من الروايات المكذوبة المصنوعة‪.‬‬
‫**‬
‫* أسباب الضعف‪:‬‬
‫ونستطيع أن ينررجهع أسباب الضعف فى رواية التفسير المأثور إلى يأمور ثلثة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬كثرة الوضع فى التفسير‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬دخول السرائيليات فيه‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬حذف السانيد‪.‬‬
‫وأرى أن أعرضِ لكل سبب من هذه السباب الثلثة المجملة باليضاح والتفصيل‪ ً،‬حتى يتبرين لنا مقدار‬
‫ما كان لكل منها من الثر فى فقدان الثقة بكثير من الروايات المأثورة فى التفسير‪.‬‬
‫***‬
‫أولل‪ :‬الوضع فى التفسير‬
‫* نشأة الوضع فى التفسير‪:‬‬
‫نشأ الوضع فى التفسير مع نشأته فى الحديث‪ ً،‬لنهما كانا أول المر مزيجا ل يستقل أحدهما عن‬
‫الخر‪ ً،‬فكما أننا نجد فى الحديث‪ :‬الصحيح والحسن والضعيف‪ ً،‬وفى رواته ممهن هو موثوقا به‪ ً،‬وممهن هو‬
‫مشكوك فيه‪ ً،‬وممهن يعررف بالوضع‪ ً،‬نجد مثل ذلك فيما يررومى من التفسير‪ ً،‬وممهن رموى من المفيسرين‪.‬‬
‫وكان مبدأ ظهور الوضع فى سنة إحدى وأربعين من الهجرة‪ ً،‬حين اختلف المسلمون سياسيا‪ ً،‬وتفررقوا‬
‫إلى شيعة وخوارج وجمهور‪ ً،‬ويورجمد من أهل البدع والهواء ممهن رروجوا لبدعهم‪ ً،‬وتعصربوا لهوائهم‪ً،‬‬
‫ودخل فى السلم ممن تبطن الكفر والتحف السلم بقصد الكيد له‪ ً،‬وتضليل أهله‪ ً،‬فوضعوا ما وضعوا‬
‫من روايات باطلة‪ ً،‬ليصلوا بها إلى أغراضهم السيئة‪ ً،‬ورغباتهم الخبيثة‪.‬‬
‫**‬
‫* أسبابه‪:‬‬
‫لمة إلى‬‫ويرجع الوضع فى التفسير إلى أسباب متعددة‪ :‬منها التعصب المذهبى‪ ً،‬فإرن ما مجرد من افتراقا ا ي‬
‫يعة تطررفوا فى حب علسى‪ ً،‬وخوارج انصرفوا عنه وناصبوه العداء‪ ً،‬وجمهور المسلمين الذين وقفوا‬
‫بجانب هاتين الطائفتين بدون أن يمسهم شيئ من ابتداع التشيع أو الخروج‪ ً،‬جعل كل طائفة من هذه‬
‫الطوائف تحاول بكل جهودها أن تؤيد مذهبها بشئ من القرآن‪ ً،‬فنسب الشيعة إلى النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬وإلى علسى وغيره من أهل البيت ‪ -‬رضى ال عنهم ‪ -‬أقوالل كثيرة من التفسير تشهد لمذهبهم‪.‬‬
‫كما وضع الحوارج كثيرا من التفسير الذى يشهد لمذهبهم‪ ً،‬ونسبوه إلى النبى صلى ال عليه وسلم أو‬
‫إلى أحد أصحابه‪ ً،‬وكان قصد كل فريقا من نسبة هذه الموضوعات إلى النبى صلى ال عليه وسلم أو‬
‫إلى أحد أصحابه‪ ً،‬الترويج للمروى‪ ً،‬والمعان فى التدليس‪ ً،‬فإن نسبة المروى إلى الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم أو إلى أحد الصحابة‪ ً،‬تورث المروى ثقة وقبولل‪ .‬ل يوجد شئ منهما عندما يينسب المروى لغير‬
‫النبى عليه الصلة والسلم أو لغير صحابى‪.‬‬
‫كذلك نجد اللون السياسى فى هذا العصر يترك له أثرا مبيينا فى وضع التفسير‪ ً،‬وييلمحظ أن المروى عن‬
‫علسى وابن عباس رضى ال عنهما قد جاوز حد الكثرة‪ ً،‬مما يجعلنا نميل إلى القول بأنه قد يوضع عليهما‬
‫ضع على غيرهما‪ ً،‬والسبب فى ذلك أرن عليا وابن عباس رضى ال عنهما من‬ ‫فى التفسير أكثر مما يو ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بيت النبوة‪ ً،‬فالوضع عليهما ييكسب الموضوع ثقة وقبولل‪ ً،‬وتقديسا ورواجا‪ ً،‬مما ل يكون لشئ مما يينسب‬
‫إلى غيرهما‪ .‬وفوقا هذا فقد كان‬
‫لعلى من الشيعة ما ليس لغيره‪ ً،‬فنسبوا إليه من القول فى التفسير ما يظنون أنه يعلى من قدره‪ ً،‬ويرفع‬‫س‬
‫من شأنه‪ .‬وابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون‪ ً،‬فيورجد من الناس ممهن ترزلف إليهم‪ ً،‬وتقررب بكثرة‬
‫ما يرويه لهم عن جدهم ابن عباس‪ ً،‬مما يدل على أن اللون السياسى كان له أثر ظاهر فى وضع‬
‫التفسير‪.‬‬
‫كذلك نجد من أسباب الوضع فى التفسير ما قصده أعداء السلم الذين انردسوا بين أبنائه متظاهرين‬
‫بالسلم‪ ً،‬من الكيد له ولهله‪ ً،‬فعمدوا إلى الدس والوضع فى التفسير بعد أن عجزوا عن أن ينالوا من‬
‫هذا الدين عن طريقا الحرب والقوة‪ ً،‬أو عن طريقا البرهان واليحرجة‪.‬‬
‫**‬
‫* أثر الوضع فى التفسير‪:‬‬
‫وكان من وراء هذه الكثرة التى دخلت فى التفسير ويدرست عليه‪ ً،‬أن ضاع كثير من هذا التراث العظيم‬
‫الى خرلفه لنا أعلم المفيسرين من المسملف‪ ً،‬لن ما أحاط به من شكوك‪ ً،‬أفقدنا الثقة به‪ ً،‬وجعلنا نرد كل‬
‫رواية تطررقا إليها شئ من الضعف‪ ً،‬وربما كانت صحيحة فى ذاتها‪.‬‬
‫كما أن اختلط الصحيح من هذه الروايات بالسقيم منها‪ ً،‬جعل بعضِ ممهن ينظر فيها وليس عنده القدرة‬
‫على التمييز بين الصحيح والعليل‪ ً،‬ينظر إلى جميع ما يررومى بعين واحدة‪ ً،‬فيحكم على الجميع بالصحة‪ً،‬‬
‫وربما مومجد من ذلك روايتين متناقضتين عن مفيسر واحد فيتهمه بالتناقضِ فى قوله‪ ً،‬ويتهم المسلمين‬
‫بقبول هذه الروايات المتناقضة المتضاربة‪.‬‬
‫يقول الستاذ "جولدزيهر" فى كتابه "المذاهب السلمية فى تفسير القرآن" ) ‪ - (82 - 78‬ما نصه‪:‬‬
‫"وإنما لمما يلفت النظر فى هذا المحيط‪ ً،‬هذه الظاهرة الغريبة‪ ً،‬وهى أن التعاليم بالمنسوبة إلى ابن عباس‬
‫تحمل طابع التصديقا بشكل متساو‪ ً،‬وهى فى نفسها تظهر فى تضاد شديد بينها وبين بعضها‪ ً،‬مما ل‬
‫يقبل التوسط أو التوفيقا"‪.‬‬
‫ثم يسوقا بعد ذلك مثالل لهذا التضاد‪ ً،‬فيذكر ما قام حول تعيين الذبيح من خلف أسنده مثيروه إلى أقوال‬
‫مأثورة عن السملمف‪ ً،‬ويذكر فى ضمن كلمه‪" :‬أن كل فريقا يعتمد فى رأيه على هَإسناد متصل بابن عباس‬
‫يدعم به رأيه‪ ً،‬فالسحاقيون عن عكرمة‪ ً،‬والسماعيليون عن الشعبى أو مجاهد‪ ً،‬كل يأولئك سمعوا ذلك‬
‫عن ابن عباس‪ ً،‬وكل اردعى بأن هذا هو رأيه فى هذه المسألة‪"..‬‬
‫ثم يقول بعد كلم ساقه فى هذا الموضوع‪" :‬ويمكن أن ييرى من ذلك إلى أى حد يكون مقدار صحة‬
‫الرأى المستند إلى ابن عباس‪ ً،‬وإلى أى حد يمكن العتراف به‪ .‬وما نعتبره بالنسبة له وللراء المأثورة‬
‫عنه‪ ً،‬يمكن أن ييعتبر إلى أقصى حد بالنسبة للتفسير المأثور‪ ً،‬فالقوال المتناقضة يمكن أن ترجع دائما‬
‫إلى قائل واحد‪ ً،‬معتمدة فى الوقت نفسه على أسانيد مرضية موثوقا بها‪"...‬‬
‫ثم يقول بعد كلم ساقه عن السناد وما قع فيه من اللعب والخداع‪" :‬ومن الملحظات التى أبديناها‪ً،‬‬
‫يمكن أن نخلص بهذه النتيجة‪ :‬وهى أنه ل يوجد بالنسبة لتفسير مأثور للقرآن ما نستطيع أن نسميه وحده‬
‫تامة أو كيانا قائما‪ ً،‬فإنه قد يتروى عن الصحابة فى تفسير الموضوع الواحد آراء متخالفة وفى أغلب‬
‫الحيان يناقضِ بعضها بعضا من جهة‪ ً،‬ومن جهة أخرى فقد يتنسب للصحابى الواحد فى معنى الكلمة‬
‫الواحدة أو الجملة كلها آراء مختلفة‪ ً،‬وبناء على ذلك‪ ً،‬ييعتبر التفسير الذيِ يخالف بعضه بعضا‪ً،‬‬
‫والمناقضِ بعضه بعضا‪ ً،‬مساويا للتفسير بالعلم"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا ما حكم به الستاذ "جولدزيهر" على التفسير بالمأثور فى كتابه‪ ً،‬وكل ما قاله فى هذا الموضوع ل‬
‫يعدو أن يكون محاولت فاشلة يريد من ورائها أن ييظهر أن ابن عباس خاصة‪ ً،‬ومن تكلم فى التفسير‬
‫من الصحابة عامة‪ ً،‬بمظهر الشخص الذى يناقضِ نفسه فى الكلمة الواحدة أو الموضوع الواحد‪ .‬كما‬
‫يرمى من وراء ذلك أن يصرف نظر المسلمين عن هذه الثروة الضخمة التى خرلفها لهم المسملف الصالح‬
‫فى التفسير‪ ً،‬زعما أن هذا التناقضِ الموجود بين الروايات‪ ً،‬نتيجة لختلف وجهات النظر من شخص‬
‫واحد أو أشخاص‪ ً،‬وتفسير هذا شأنه نحن فى رحرل من التزامه‪ ً،‬لنهم قالوا بعقولهم‪ ً،‬ونحن مشتركون‬
‫معهم فى هذا المقهدر‪.‬‬
‫ونحن ل ننكر أن هناك اختلفا بين المسملف فى التفسير‪ ً،‬كما ل ننكر أرن هناك اختلفا بين قولين أو أقوال‬
‫ل‪ :‬إن معظمه يرجع إلى اختلف‬ ‫صل‬‫لشخص واحد منهم‪ ً،‬ولكن هذا الختلف قلنا عنه فيما سبقا مف ر‬
‫عبارة وتنوع‪ ً،‬ل اختلف تناقضِ وتضاد‪ ً،‬فما كان من هذا القبيل‪ ً،‬فالجمع بينه سهل ميسور‪ ً،‬وما لم‬
‫يمكن فيه الجمع‪ ً،‬فالمتأخر من القولين عن الشخص الواحد مقردم إن استويا فى الصحة عنه‪ ً،‬وإل‬
‫فالصحيح المقردم‪.‬‬
‫أما إذا تعارضت أقوال جماعة من الصحابة وتعرذر الجمع أو الترجيح‪ ً،‬فييقردم ابن عباس على غيره‪ ً،‬لن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم برشره بذلك حيث قال‪" :‬الرلهم عيلمه التأويل" وقد رجح الشافعى قول زيد فى‬
‫الفرائضِ لحديث‪ " :‬أفرضكم زيد"‪.‬‬
‫وأما ما ساقه على سبيل المثال من اختلف الرواية عن ابن عباس فى تعيين الذبيح‪ ً،‬فقد رجعت إلى ابن‬
‫جرير فى تفسيره‪ ً،‬فوجدته قد ذكر عن ابن عباس هاتين الروايتين المختلفتين‪ ً،‬وساقا كل رواية منها‬
‫بأسانيد تتصل إلى ابن عباس‪ ً،‬بعضها يرفعه إلى الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وبعهضا موقوف عليه‪.‬‬
‫وابن جرير ‪ -‬كما نعلم ‪ -‬لم يلتزم الصحة فى كل ما يرويه‪ ً،‬ولو أننا عرضنا هاتين الروايتين على‬
‫قواعد المحمدثين فى نقد الرواية والترجيح‪ ً،‬لتبين لنا بكل وضوح وجلء‪ ً،‬أن الرواية القائلة بأن الذبيح‬
‫هو إسماعيل‪ ً،‬أصح من غيرها وأرجح مما يخالفها‪ ً،‬لنها مؤرسيدة بأدلة كثيرة يطول ذكرها‪ ً،‬وأيضا فإن‬
‫الرواية التى يذكرها ابن جرير عن ابن عباس مرفوعة إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ومفيدة أن‬
‫الذبيح هو إسحاقا‪ ً،‬فى سندها الحسن بن دينار عن علسى بن زيد‪ ً،‬والحسن بن دينار متروك‪ ً،‬وعلسى بن‬
‫زيد منكر الحديث‪ ً،‬كما ذكره الحافظ ابن كثير فى تفسيره‪.‬‬
‫أما باقى الروايات الموقوفة على ابن عباس‪ ً،‬والتى تفيد أن الذبيح هو إسحاقا‪ ً،‬فهى ‪ -‬وإن كانت‬
‫صحيحة السانيد ‪ -‬محمولة على أن ما تضمنته من أن الذبيح هو إسحاقا‪ ً،‬كان رأى ابن عباس فى أول‬
‫المر‪ ً،‬لنه سمع ذلك من بعضِ الصحابة الذين كانوا يحيدثون فى مثل هذا بما سمعوه من كعب وغيره‬
‫من مسلمى اليهود‪ ً،‬ثم علم بعد‪ :‬أن ذلك قول اليهود فرجع عنه وصررح بنقيضه‪ ً،‬كا قال ابن جرير‪:‬‬
‫"حردثنى يونس‪ ً،‬أخبرنا ابن وهب‪ ً،‬أخبرنى عمر بن قيس‪ ً،‬عن عطاء بن أبى رباح‪ ً،‬عن عبد ال بن‬
‫عباس أنه قال‪ :‬المفردى إسماعيل‪ ً،‬وزعمت اليهود أنه إسحاقا وكذبت اليهود"‪ ً،‬وهذا الثر صحيح عن ابن‬
‫عباس‪ ً،‬إسناده على شرط الصحيح‪ ً،‬وهو كما ترى صريح فى تكذيب اليهود فيما زعموه‪ ً،‬وهو يقضى‬
‫على كل أثر بخلفه‪ ً،‬وبهذا الطريقا تنتظم الثار الواردة عن ابن عباس فى هذا الباب‪ .‬قال ابن كثير فى‬
‫تفسيره )جـ ‪ 4‬ص ‪ (17‬بعد ما ساقا الروايات فى أن الذبيح هو إسحاقا‪" :‬وهذه القوال ‪ -‬وال أعلم ‪-‬‬
‫كلها مأخوذة عن كعب الحبار‪ ً،‬فإنه لما أسلم فى الدولة العمرية جعل ييحيدث عمر رضى ال عنه عن‬
‫كتبه قديما‪ ً،‬فربما استمع له عمر رضى ال عنه‪ ً،‬فتررخص الناس فى استماع ما عنده‪ ً،‬ونقلوا ما عنده‬
‫لرمة ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬حاجة إلى حرف واحد مما عنده"‪.‬‬ ‫عنه‪ ً،‬غثها وسمينها‪ ً،‬وليس لهذه ا ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأما ما رمى إليه من جعل التفسير المأثور مساويا للتفسير بالعلم‪ ً،‬وادعاؤه أنه ل يوجد له وحدة تامة أو‬
‫كيان قائم‪ ً،‬فهذا شطط منه فى الرأى‪ ً،‬ول يكاد يسلم له هذا المردعى‪ ً،‬لن المأثور الذى صح عن النبى‬
‫ل موهحفي ييومحـى{ُ‪ ..‬وأما ما صح عن الصحابة فغالبه مما‬ ‫صلى ال عليه وسلم له مكانته وقيمته‪} ً،‬إرهن يهمو إر ر‬
‫تلقوه عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقليل منه قالوه عن نظر منهم واجتهاد وحتى هذا القليل ‪ -‬عند‬
‫مم هن ل يرى أن له حكم المرفوع ‪ -‬له أيضا قيمته ومكانته‪ ً،‬ول يجوز العدول عنه إذا صح إلى غيره‪ً،‬‬
‫لنهم أدرى بذلك‪ ً،‬لما شاهدوه من القرائن والحوال التى اخيتصوا بها‪ ً،‬ولما لهم من الفهم التام والعلم‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فهل ييعمد التفسير المأثور مساويا للتفسير بالعلم؟ الرلهم إن هذا ل يقوله منصف‪.‬‬
‫**‬
‫* قيمة التفسير الموضوع‪:‬‬
‫ثم إن هذا التفسير الموضوع‪ ً،‬لو نظرنا إليه من ناحيته الذاتية بصرف النظر عن ناحيته السنادية‪ً،‬‬
‫لوجدنا أنه ل يخلو من قيمته العلمية‪ ً،‬لنه مهما كثر الوضع فى التفسير فإن الوضع ينصب على الرواية‬
‫نفسها‪ ً،‬أما التفسير فى حد ذاته فليس دائما أمرا خياليا بعيدا عن الية‪ ً،‬وإنما هو ‪ -‬فى كثير من الحيان‬
‫ل ممهن يضع فى التفسير شيئا وينسبه إلى علسى أو إلى ابن عباس‪ ً،‬ل‬ ‫‪ -‬نتيجة اجتهاد علمى له قيمته‪ ً،‬فمث ل‬
‫يضعه على أنه مجرد قول يلقيه على عواهنه‪ ً،‬وإنما هو رأى له‪ ً،‬واجتهاد منه فى تفسير الية‪ ً،‬بناه على‬
‫تفكيره الشخصى‪ ً،‬وكثيرا ما يكون صحيحا‪ ً،‬غاية المر أنه أراد لرأيه رواجا وقبولل‪ ً،‬فنسبه إلى ممهن‬
‫ينرسب إليه من الصحابة‪ .‬ثم إن هذا التفسير المنسوب إلى علسى أو ابن عباس لم يفقد شيئا من قيمته‬
‫العلمية غالبا‪ ً،‬وإنما الشئ الذى ل قيمة له فيه هو نسبته إلى علسى أو ابن عباس‪.‬‬
‫فالموضوع من التفسير ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬لم يكن مجرد خيال أو وهم يخرلقا خلقا‪ ً،‬بل له أساس ما‪ ً،‬يهم‬
‫الناظر فى التفسير درسه وبحثه‪ ً،‬وله قيمته الذاتية وإن لم يكن له قيمته السنادية‪.‬‬
‫***‬
‫ثانيا‪ :‬السرائيليات‬
‫* تمهيد ‪ -‬فى بيان المراد بالسرائيليات ومدى الصلة بينها وبين القرآن‪:‬‬
‫لفظ السرائيليات وإن كان يدل بظاهره على اللون اليهودى للتفسير‪ ً،‬وما كان للثقافة اليهودية من أثر‬
‫ظاهر فيه‪ ً،‬إل أرنا نريد به ما هو أوسع من ذلك وأشمل‪ ً،‬فنريد به ما يعم اللهون اليهودى واللون‬
‫النصرانى للتفسير‪ ً،‬وما تأثر به التفسير من الثقافتين اليهودية والنصرانية‪.‬‬
‫وإنما أطلقنا على جميع ذلك لفظ "السرائيليات"‪ ً،‬من باب التغليب للجانب اليهودى على الجانب‬
‫النصرانى‪ ً،‬فإن الجانب اليهودى هو الذى اشتهر أمره فكثر النقل عنه‪ ً،‬وذلك لكثرة أهله‪ ً،‬وظهور‬
‫أمرهم‪ ً،‬وشدة اختلطهم بالمسلمين من مبدأ ظهور السلم إلى أن بسط رواقه على كثير من بلد العالم‬
‫ودخل الناس فى دين ال أفواجا‪.‬‬
‫كان لليهود ثقافة دينية‪ ً،‬وكان للنصارى ثقافة دينية كذلك‪ ً،‬وكلتا الثقافتين كان لها أثرفى التفسير إلى حد‬
‫ما‪.‬‬
‫أما اليهود‪ ً،‬فإن ثقافتهم تعتمد ألو ما تعتمد على التوراة التى أشار إيها القرآن بقوله‪} :‬إررنآ مأنمزهلمنا ٱلرتهومرامة‬
‫رفيمها يهلدى موينوفر{ُ ودرل على بعضِ ما جاء فيها من أحكام بقوله‪} :‬مومكمتهبمنا معملهيرههم رفيمهآ أمرن ٱلرنهفمس ربٱِلرنهفرس‬
‫ص{ُ‪..‬‬ ‫صا ف‬ ‫ليذرن موٱليسرن ربٱِليسين موٱهليجيرومح رق م‬ ‫ليذمن بٱِ ي‬
‫لهنرف موٱ ي‬
‫لهنمف ربٱِ م‬
‫موٱهلمعهيمن ربٱِهلمعهيرن موٱ م‬
‫ر‬
‫وكثيرا ما يستعمل المسلمون واليهود أنفسهم لفظ "التوراة" ويطلقونه على كل الكتب المقردسة عند اليهود‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فيشمل الزبور وغيره‪ .‬وتسمى التوراة بما اشتملت عليه من السفار الموسوية وغيرها‪ :‬العهد القديم‪.‬‬
‫وكان لليهود بجانب التوراة سنن ونصائح وشروح لم تؤخذ عن موسى بطريقا الكتابة‪ ً،‬وإنما تحرملوها‬
‫ونقلوها بطريقا المشافهة‪ ً،‬ثم نمت على مرور الزمن وتعاقب الجيال‪ ً،‬ثم يديونت ويعررفت باسم التلمود‪ً،‬‬
‫ويو رجد بجوار ذلك كثير من الدب اليهودى‪ ً،‬والقصص‪ ً،‬والتاريخْ‪ ً،‬والتشريع‪ ً،‬والساطير‪.‬‬
‫وأما النصارى فكانت ثقافتهم تعتمد ‪ -‬فى الغالب الهم ‪ -‬على النجيل‪ ً،‬وقد أشار القرآن إلى أنه من‬
‫كتب السماء التى نزلت على الرسل فقال‪} :‬يثرم مقرفهيمنا معلمـى آمثارررهم ربيريسرلمنا مومقرفهيمنا ربرعيمسى ٱهبرن ممهرميم موآمتهيمنايه‬
‫لنرجيمل{ُ وغير هذا كثير من آيات القرآن التى تشهد له بذلك‪.‬‬ ‫ٱر‬
‫والناجيل المعتبرة عند النصارى ييطلقا عليها وعلى ما انضم إليها من رسائل الرسل‪ ً،‬اسم‪ :‬العهد‬
‫الجديد‪ .‬والكتاب المقسدس لدى النصارى يشمل‪ :‬التوراة والنجيل وييطلقا عليه‪ :‬العهد القديم والعهد‬
‫الجديد‪.‬‬
‫وكان طبيعيا أن ييشرح النجيل بشروح مختلفة‪ ً،‬كانت فيما بعد منبعا من منابع الثقافة النصرانية‪ ً،‬كما‬
‫يورجمد بجوار ذلك ما زاده النصارى من القصص‪ ً،‬والخبار‪ ً،‬والتعاليم‪ ً،‬التى زعموا أنهم تلقوها عن‬
‫عيسى عليه السلم‪ ً،‬وهذا كله كان من ينابيع هذه الثقافة النصرانية‪.‬‬
‫إذن‪ ...‬فقد كانت التوراة المصدر الول لثقافة اليهودية الدينية‪ ً،‬كما كان النجيل المصدر الهم لثقافة‬
‫النصارى الدينية‪.‬‬
‫وإذا نحن أجلنا النظر فى التوراة والنجيل نجد أنهما قد اشتمل على كثير مما اشتمل عليه القرآن‬
‫الكريم‪ ً،‬وبخاصة ما كان له تعلقا بقصص النبياء عليهم السلم‪ ً،‬وذلك على اختلف فى الجمال‬
‫ل ‪ -‬فإنه ينحو فيها ناحية يخالف بها‬ ‫والتفصيل‪ ً،‬فالقرآن إذا عرضِ لقصة من قصص النبياء ‪ -‬مث ل‬
‫منحى التوراة والنجيل‪ ً،‬فتراه يقتصر على مواضع العظة‪ ً،‬ول يتعرضِ لتفصيل جزئيات المسائل‪ ً،‬فل‬
‫يذكر تاريخْ الوقائع‪ ً،‬ول أسماء البلدان التى حصلت فيها‪ ً،‬كما أنه ل يذكر فى الغالب أسماء الشخاص‬
‫الذين جرت على أيديهم بعضِ الحوادث‪ .‬ويدخل فى تفاصيل الجزئيات‪ ً،‬بل يتخرير من ذلك ما يمس‬
‫جوهر الموضوع‪ ً،‬وما يتعلقا بموضع العبرة‪.‬‬
‫وإذا نحن تتبعنا هذه الموضوعات التى اتفقا فى ذكرها القرآن والتوراة‪ ً،‬أو القرآن والنجيل‪ ً،‬ثم أخذنا‬
‫موضوعا منها‪ ً،‬وقارنا بين ما جاء فى الكتابين وجدنا اختلف المسلك ظاهرا جليا‪.‬‬
‫ل قصة آدم عليه السلم‪ ً،‬ورد ذكرها فى التوراة‪ ً،‬كما وردت فى القرآن فى مواضع كثيرة‪ ً،‬أطولها‬ ‫فمث ل‬
‫ما ورد فى سورة البقرة‪ ً،‬وما ورد فى سورة العراف‪ .‬وبالنظر فى هذه اليات من السورتين‪ ً،‬نجد أن‬
‫القرآن لم يتعرضِ لمكان الجنة‪ ً،‬ول لنوع الشجرة التى ينرهى آدم وزوجه عن الكل منها‪ ً،‬ول برين‬
‫الحيوان الذى تقمصه الشيطان فدخل الجنة ليزل آدم وزوجه‪ .‬كما لم يتعررضِ للبقعة التى هبط إليها آدم‬
‫وزوجه وأقام بها بعد خروجهما من الجنة‪ ...‬إلى آخر ما يتعلقا بهذه القصة من تفصيل وتوضيح‪.‬‬
‫ولكن نظرة واحدة يجيلها النسان فى التوراة يجد بعدها أنها قد تعررضت لكل ذلك وأكثر منه‪ .‬فأبانت أن‬
‫الجنة فى عدن شرقا‪ ً،‬وأن الشجرة التى ينهيا عنها كانت فى وسط الجنة‪ ً،‬وأنها شجرة الحياة‪ ً،‬وأنها‬
‫شجرة معرفة الخير والشر‪ ً،‬وأن الذى خاطب حواء هو الحرية‪ ً،‬وذكرت ما انتقم ال به من الحرية التى‬
‫تقمصها إبليس‪ ً،‬بأن جعلها تسعى على بطنها وتأكل التراب‪ ً،‬وانتقم من حواء بتعبها هى ونسلها فى‬
‫حبلها‪ ...‬إلى آخر ما يذكر فيها مما يتعلقا بهذه القصة‪.‬‬
‫ل نجد القرآن الكريم قد اشتمل على موضوعات وردت فى النجيل‪ ً،‬فمن ذلك قصة عيسى ومريم‪ً،‬‬ ‫ومث ل‬
‫ومعجزات عيسى عليه السلم‪ ً،‬كل ذلك جاء به القرآن فى أسلوب موجز‪ ً،‬يقتصر على موضع العظة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل‪ ً،‬ول لكيفية ولدته‪ ً،‬ول للمكان الذى يورلمد فيه‪ً،‬‬ ‫صل‬‫ومكان العبرة‪ ً،‬فلم يتعررضِ القرآن لنسب عيسى مف ر‬
‫ول لذكر الشخص الذى يقرذفت به مريم‪ ً،‬كما لم يتعرضِ لنوع الطعام الذى نزلت به مائدة السماء‪ ً،‬ول‬
‫لحوادث جزئية من إبراء عيسى للكمة والبرص وإحياء الموتى‪..‬‬
‫مع أننا لو نظرنا فى النجيل لوجدناه قد تعررضِ لنسب عيسى‪ ً،‬ولكيفية ولدة مريم له‪ ً،‬ولذكر الشخص‬
‫الذى يقرذفت به مريم‪ ً،‬ولنوع الطعام الذى نزلت به مائدة السماء ولحوادث جزئية من إبراء الكمة‬
‫والبرص وإحياء الموتى‪ ً،‬ولكثير من مثل هذا التفصيل المورسع الذى أعرضِ عنه القرآن فلم يذكره لنا‪.‬‬
‫ل لهذا اليجاز فى كتب‬ ‫وبعد‪ ...‬فهل يجد المسلمون هذا اليجاز فى كتابهم‪ ً،‬ويجدون بجانب ذلك تفصي ل‬
‫ضح لما فيه من‬ ‫الديانات الخرى‪ ً،‬ثم ل يقتبسون منها بقدر ما يرون أنه شارح لهذا اليجاز ومو ي‬
‫غموضِ؟‪ ..‬هذا ما نريد أن نعرضِ له فى هذا البحث‪ ً،‬ليتبين لنا كيف دخلت السرائيليات فى التفسير‪ً،‬‬
‫وكيف تطرور هذا الدخول‪ ً،‬وإلى أى حد تأثر التفسير بالتعاليم اليهودية والنصرانية‪.‬‬
‫**‬
‫* مبدأ دخول السرائيليات فى التفسير وتطوره‪:‬‬
‫نستطيع أن نقول‪ :‬إن دخول السرائيات فى التفسير‪ ً،‬أمر يرجع إلى عهد الصحابة رضى ال عنهم‪ً،‬‬
‫وذلك نظرا لتفاقا القرآن مع التوراة والنجيل فى ذكر بعضِ المسائل كما تقردم‪ ً،‬مع فارقا واحد‪ ً،‬هو‬
‫اليجاز فى القرآن‪ ً،‬والبسط والطناب فى التوراة والنجيل‪ .‬وسبقا لنا القول بأن الرجوع إلى أهل‬
‫الكتاب‪ ً،‬كان مصدرا من مصادر التفسير عند الصحابة‪ ً،‬فكان الصحابى إذا ممرر على قصة من قصص‬
‫ل إلى أن يسأل عن بعضِ ما طواه القرآن منها ولم يتعرضِ له‪ ً،‬فل يجد ممن‬ ‫القرآن يجد من نفسه مي ل‬
‫يجيبه على سؤاله سوى هؤلء النفر الذين دخلوا فى السلم‪ ً،‬وحملوا إلى أهله ما معهم من ثقافة دينية‪ً،‬‬
‫فألقوا إليهم ما ألقوا من الخبار والقصص الدينى‪.‬‬
‫غير أن الصحابة ‪ -‬رضوان ال عليهم أجمعين ‪ -‬لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شئ‪ ً،‬ولم يقبلوا منهم‬
‫كل شئ‪ ً،‬بل كانوا يسألون عن أشياء ل تعدو أن تكون توضيحا للقصة وبيانا لما أجمله القرآن منها‪ ً،‬مع‬
‫ل لقول‬ ‫توقفهم فيما ييلقى إليهم‪ ً،‬فل يحكمون عليه بصدقا أو بكذب ما دام يحتمل كل المرين‪ ً،‬امتثا ل‬
‫صيدقوا أهل الكتاب ول يتمكيذبوهم‪ ً،‬وقولوا‪} :‬آممرنا ربٱِللرره موممآ يأنرزمل إرلمهيمنا{ُ‪..‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يت م‬
‫الية‪.‬‬
‫كما أنهم لم يسألوهم عن شئ مما يتعلقا بالعقيدة أو يتصل بالحكام‪ ً،‬السلهم إل إذا كان على جهة‬
‫الستشهاد والتقوية لما جاء به القرآن‪ .‬كذلك كانوا ل يعدلون عما ثبت عن الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫من ذلك إلى سؤال أهل الكتاب‪ ً،‬لنه إذا ثبت الشئ عن الرسول صلى ال عليه وسلم فليس لهم أن‬
‫يعدلوا عنه إلى غيره‪ ً،‬كما كانوا ل يسألون عن الشياء التى ييشبه أن يكون السؤال عنها نوعا من اللهو‬
‫ضررب به القتيل من البقرة‪ ً،‬ومقدار سفينة‬ ‫والعبث‪ ً،‬كالسؤال عن لون كلب أهل الكهف‪ ً،‬والبعضِ الذى ي‬
‫نوح‪ ً،‬ونوع خشبها‪ ً،‬واسم الغلم الذى قتله الخضر‪ ..‬وغير ذلك‪ ً،‬ولهذا قال الدهلوى بعد أن بسين أن‬
‫السؤال عن مثل هذا تكلف ما ل يعنى‪" :‬وكانت الصحابة رضى ال عنهم يعدون مثل ذلك قبيحا من‬
‫قبيل تضييع الوقات"‪.‬‬
‫صيدقون اليهود فيما يخالف الشريعة أو يتنافى مع العقيدة‪ .‬بل بلغ بهم المر أنهم‬ ‫كذلك كان الصحابة ل ي م‬
‫كانوا إذا سألوا أهل الكتاب عن شئ فأجابوا عنه خطأ‪ ً،‬مرسدوا عليهم خطأهم‪ .‬وبرينوا لهم وجه الصواب‬
‫فيه‪ ً،‬فمن ذلك ما رواه البخارى عن أبى هريرة رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ذكر‬
‫يوم الجمعة فقال‪" :‬فيه ساعة ل يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل ال تعالى شيئا إل أعطاه إياه"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأشار بيده يقللها‪.‬‬
‫فقد اختلف المسملف فى تعيين هذه الساعة‪ ً،‬وهل هى باقية أو يررفمعت؟ وإذا كانت باقية‪ ً،‬فهل هى فى جمعة‬
‫واحدة من السنة أو فى كل جمعة منها؟ فنجد أبا هريرة رضى ال عنه يسأل كعب الحبار عن ذلك‪ً،‬‬
‫فيجيبه كعب‪ :‬بأنها فى جمعة واحدة من السنة‪ ً،‬فيرد عليه أبو هريرة قوله هذا ويبيين له‪ :‬أنها فى كل‬
‫جمعه‪ ً،‬فيرجع كعب إلى التوراة‪ ً،‬فيرى الصواب مع أبى هريرة فيرجع إليه‪.‬‬
‫كما نجد أبا هريرة أيضا يسأل عبد ال بن سلم عن تحديد هذه الساعة ويقول له‪ :‬أخبرنى ول تضن‬
‫عل سى‪ ً،‬فيجيبه عبد ال بن سلم بأنها آخر ساعة فى يوم الجمعة‪ ً،‬فيرد عليه أبو هريرة بقوله‪ :‬كيف تكون‬
‫صيلى"‬ ‫آخر ساعة فى يوم الجمعة وقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يصادفها عبد مسلم وهو ي م‬
‫وتلك الساعة ل ييصرلى فيها؟ فيجيبه عبد ال بن سلم بقوله‪ :‬ألم يقل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"ممن جلس مجلسا ينتظر الصلة فهو فى صلة حتى ييصيلى"؟‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فمثل هذه المراجعة التى كانت بين أبى هريرة وكعب تارة‪ ً،‬وبينه وبين ابن سلم تارة أخرى‪ ً،‬تدلنا على‬
‫أن الصحابة كانوا ل يقبلون كل ما يقال لهم‪ ً،‬بل كانوا يتحرون الصواب ما استطاعوا‪ ً،‬ويرسدون على‬
‫أهل الكتاب أقوالهم إن كانت ل توافقا وجه الصواب‪.‬‬
‫ومهما يكن من شئ فإن الصحابة ‪ -‬رضى ال عنهم ‪ -‬لم يخرجوا عن دائرة الجواز التى حردها لهم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وعما فهموه من الباحة فى قوله عليه السلم‪" :‬بيلغوا عنى ولو آية‪ً،‬‬
‫ومحيدثوا عن بنى إسرائيل ول محمرج‪ ً،‬وممن كذب علرى متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"‪.‬‬
‫كما أنهم لم يخالفوا قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يتصيدقوا أهل الكتاب ول يتمكيذبوهم‪ ً،‬وقولوا‪:‬‬
‫آمنا بال وما يأنزل إلينا‪ ...‬الية" ول تعارضِ بين هذين الحديثين‪ ً،‬لن الول أباح لهم أن يمحيدثوا عما‬
‫وقع لبنى إسرائيل من العاجيب‪ ً،‬لما فيها من العبرة والعظة‪ ً،‬وهذا بشرط أن يعلموا أنه ليس مكذوبا‪ً،‬‬
‫لن الرسول صلى ال عليه وسلم ل يعقل أن يبيح لهم رواية المكذوب‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر فى الفتح عند شرحه لهذا الحديث‪" :‬وقال الشافعى‪ :‬من المعلوم أن النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم ل يجيز التحدث بالكذب‪ ً،‬فالمعنى‪ :‬محيدثوا عن بنى إسرائيل بما ل تعلمون كذبه‪ ً،‬وأما ما‬
‫صيدقوهم‬ ‫تجيوزونه فل محمرج عليكم فى التحدث به عنهم‪ .‬وهو نظير قوله‪" :‬إذا حردثكم أهل الكتاب فل يت م‬
‫ول يتمكيذبوهم"‪ ً،‬ولم يرد الذن ول المنع من التحدث بما يقطع بصدقه"‪.‬‬
‫ل للصدقا والكذب‪ً،‬‬ ‫وأما الحديث الثانى‪ ً،‬يفيراد منه التوقف فيما ييحيدث به أهل الكتاب‪ ً،‬مما يكون محتم ل‬
‫صيدقونه‪ ً،‬فيقعون بذلك فى المحمرج‪ ً،‬أما ما خلفا شرعنا فنحن فى‬ ‫لنه ربما كان صدقا فيمكيذبونه‪ ً،‬أو كذبا في م‬
‫رحرل من تكذيبه‪ ً،‬وأما وافقه فنحن فى رحرل من تصديقه‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث‪" :‬ل يتصيدقوا أهل الكتاب ول يتمكيذبوهم" ‪" :‬أيِ‪ :‬إذا كان ما‬
‫ل‪ ً،‬لئل يكون فى نفس المر صدقا فتكيذبوه‪ ً،‬أو كذبا فتصيدقوه‪ ً،‬فتقعوا فى المحمرج‪ ً،‬ولم‬ ‫يخبرونكم به محتم ل‬
‫يرد النهى عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلفه‪ ً،‬ول عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه‪ .‬نربه على‬
‫ذلك الشافعى رحمه ال"‪...‬‬
‫ثم قال‪ :‬طوعلى هذا نحمل ما جاء عن المسملف من ذلك"‪.‬‬
‫وأما ما أخرجه المام أحمد‪ ً،‬وابن أبى شيبة‪ ً،‬والبزار‪ ً،‬من حديث جابر ابن عبد ال‪" :‬أن عمر بن‬
‫الخطاب أتى النبى صلى ال عليه وسلم بكتاب أصابه من بعضِ أهل الكتاب‪ ً،‬فقرأه عليه فغضب فقال‪:‬‬
‫"أمتهوكون فيها يا بن الخطاب؟والذى نفسى بيده‪ ً،‬لقد جئتكم بها بيضاء نقية‪ .‬ل تسألوهم عن شئ‬
‫صيدقوا به‪ ً،‬والذى نفسى بيده‪ ً،‬لو أرن موسى صلى ال عليه وسلم‬ ‫فيخبروكم بحقا مفيتمكيذبوا به‪ ً،‬أو بباطل مفيت م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كان حيا ما وسعه إل أن يتبعنى" فل يعارضِ ما قلناه من الجواز‪ ً،‬لن النهى الوارد هنا كان فى مبدأ‬
‫السلم وقبل استقرار الحكام‪ .‬والباحة بعد أن يعررفت الحكام واستقررت‪ ً،‬وذهب خوف الختلط‪ ..‬قال‬
‫الحافظ ابن حجر فى الفتح‪" :‬وكأن النهى وقع قبل استقرار الحكام السلمية‪ ً،‬والقواعد الدينية خشية‬
‫الفتنة‪ ً،‬فلما زال المحذور وقع الذن فى ذلك‪ ً،‬لما فى سماع الخبار التى كانت فى زمانهم من العتبار"‪.‬‬
‫ويمكن أن ندفع ما ييتوهم من التعارضِ بما نقله ابن بطال عن المهلب أنه قال‪" :‬هذا النهى إنما هو فى‬
‫سؤالهم عما ل نص فيه‪ ً،‬لن شرعنا مكتف بنفسه‪ ً،‬فإذا لم يوجد فيه نص ففى النظر والستدلل غنلى‬
‫عن سؤالهم‪ ً،‬ول يدخل فى النهى سؤالهم عن الخبار المصيدقة لشرعنا‪ ً،‬والخبار عن المم السالفة"‪.‬‬
‫ومن هذا كله يتبين لنا‪ :‬أنه ل تعارضِ بين هذه الحاديث الثلثة‪ ً،‬كما يتبين لنا المقدار الذى أباحة‬
‫الشارع من الرواية عن أهل الكتاب‪.‬‬
‫ولسنا بعد ما فهمناه من هذه الحاديث‪ ً،‬وما عرفناه من حرص الصحابة‪ ً،‬على امتثال ما أمرهم به‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬نستطيع أن نقر الستاذ "جولدزيهر" والستاذ أحمد أمين على هذا التهام‬
‫الذى و رجهاه إلى ابن عباس خاصة‪ ً،‬وإلى الصحابة عامة‪ ً،‬من رجوعهم إلى أهل الكتاب فى كل شئ‪ً،‬‬
‫وقبولهم لما نهى الرسول عن أخذه من أهل الكتاب‪ ً،‬وقد ذكرنا كلمهما ورددنا عليه عند الكلم عن ابن‬
‫عباس‪ ً،‬كما ذكرنا الثر الذى أخرجه البخارى عن ابن عباس‪ ً،‬وفيه ييشيدد ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬النكير‬
‫على ممن يأخذون من أهل الكتاب وييصيدقونهم فى كل شئ‪ ً،‬فهل ييعقل بعد هذا‪ ً،‬وبعد ما عرفناه من عدالة‬
‫الصحابة وحرصهم على امتثال أوامر ال ورسوله‪ ً،‬ومراجعة أبى هريرة لكعب الحبار وعبد ال بن‬
‫سلم‪ ً،‬أن نعترف بتهاون الصحابة ومخالفتهم لتعاليم رسول ال صلى ال عليه وسلم!! اللهم إرنا ل نقر‬
‫ذلك ول نرضاه‪.‬‬
‫وأما ما ذكره الستاذ "جولدزيهر"‪ :‬من أن ابن عباس كان يرجع لرجل يسمى أبا الجلد غيلن بن فروة‬
‫الزدى فى تفسير القرآن‪ ً،‬فعلى فرضِ صحة ذلك‪ .‬فإسنا ل نكاد ينصيدقا أن ابن عباس كان يرجع إليه فى‬
‫كل شئ‪ ً،‬بل كان يرجع إليه فيسأله عن أشياء ل تعدو دائرة الجواز‪ ً،‬وليس من شك فى ذلك بعد ما‬
‫عرفمت من شدة نكير ابن عباس على ممن كان يرجع لهل الكتاب ويأخذ عنهم‪.‬‬
‫وأما ما اعتمد عليه هذا المستشرقا فى دعواه هذه‪ ً،‬من أن الطبرى سعند تفسيره للفظ "البرقا" فى قوله‬
‫تعالى فى الية من سورة الرعد‪} :‬يهمو ٱرلرذيِ يررييكيم ٱهلمبهرمقا مخهوفا مومطممعا{ُ‪ ..‬نسب إلى ابن عباس أنه قال‪:‬‬
‫إ رن أبا الجدل يقول‪ :‬إن معناه المطر فهو اعتماد ل يكاد ينهضِ بهذه الدعوى‪ ً،‬لن ما رواه ابن جرير‬
‫رواه عن المثنى‪ ً،‬قال‪ :‬حردثنا حجاج‪ ً،‬قال‪ :‬حردثنا حماد‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى‬
‫ابن عباس قال‪ :‬كتب ابن عباس إلى أبى الجلد يسأله عن البرقا فقال‪ :‬البرقا‪ :‬الماء" وهذا إسناد منقطع‪ً،‬‬
‫لن موسى بن سالم أبا جهضم لم يدرك ابن عباس‪ ً،‬ولم يكن مولى له‪ ً،‬وإنما كان مولى العباسيين‪ً،‬‬
‫وروى عن أبى جعفر الباقر الذى كان بعد ابن عباس بمدة طويلة ولعل ما قاله ابن جرير من أنه مولى‬
‫ابن عباس هو منه‪ ً،‬أو لعله خطأ وقع أثناء الطبع‪.‬‬
‫ثم إرن سؤال ابن عباس عن معنى البرقا‪ ً،‬ليس سؤالل عن أمر يتعلقا بالعقيدة أو الحكام‪ ً،‬وإنما هو سؤال‬
‫يرجع إلى تعرف بعضِ ظواهر الكون الطبيعية‪ ً،‬وليس فى هذا ما يجر إلى مخالفة الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم فى نهيه عن سؤال أهل الكتاب‪ .‬على أن الحديث ليس فيه ما يدل على أن ابن عباس صردقا‬
‫أبا الجلد فيما قال‪ ً،‬وكل ما فيه‪ :‬أنه حكى قوله فى البرقا‪ .‬وأما ما ينرسب لعبد ال بن عمرو بن العاص‬
‫من أنه أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب اليهود فكان ييحيدث منهما‪ ً،‬فليس على إطلقه‪ ً،‬بل كان‬
‫يمحيدث منهما فى حدود ما فهمه من الذن فى قوله عليه السلم‪ " :‬محيدثوا عن بنى إسرائيل ول محمرج" كما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫نص على ذلك ابن تيمية‪.‬‬
‫هذا هو مبلغ رجوع الصحابة إلى أهل الكتاب وأخذهم عنهم‪ .‬أما التابعون فقد تورسعوا فى الخذ عن أهل‬
‫الكتاب‪ ً،‬فكثرت على عهدهم الروايات السرائيلية فى التفسير‪ ً،‬ويرجع ذلك لكثرة ممن دخل رمهن أهل‬
‫الكتاب فى السلم‪ ً،‬وميل نفوس القوم لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية أو‬
‫نصرانية‪ ً،‬فظهرت فى هذا العهد جماعة من المفيسرين أرادوا أن يسسدوا هذه الثغرات القائمة فى التفسير‬
‫بما هو موجود عند اليهود والنصارى‪ ً،‬فحشوا التفسير بكثير من القصص المتناقضِ‪ ً،‬ومن هؤلء‪ :‬مقاتل‬
‫بن سليمان )المتوفى سنة ‪ 15‬هـ( الذى نسبه أبو حاتم إلى أنه استقى علومه بالقرآن من اليهود‬
‫والنصارى وجعلها موافقة لما فى كتبهم‪ ً،‬بل ونجد بعضِ المفيسرين فى هذا العصر ‪ -‬عصر التابعين ‪-‬‬
‫يصل بهم المر إلى أن يصلوا بين القرآن وما يتعلقا بالسلم فى مستقبله‪ ً،‬فيشرحوا القرآن بما يشبه‬
‫التكهن عن المستقبل‪ ً،‬والتنبؤ بما يطويه الغيب‪ ً،‬فهذا مقاتل بن سليمان‪ ً،‬كان يرى أن قوله تعالى‪} :‬مورإن‬
‫ل منهحين يمههرليكومها مقهبمل ميهورم ٱهلرقمياممرة أمهو يممعيذيبومها معمذابا مشرديدا مكامن ـذرلك رفي ٱهلركمتارب ممهسيطورا{ُ‪.‬‬
‫يمن مقهرميهَة إر ر‬
‫يرجع إلى فتح القسطنيطنية‪ ً،‬وتدمير الندلس وغيرها من البلد‪ ً،‬فقد جاء عنه أنه قال‪ :‬وجديت فى كتاب‬
‫الضحاك بن مزاحم فى تفسيرها‪" :‬أما مكة فتخربها الحبشة‪ ً،‬وتهلك المدينة بالجوع‪ ً،‬والبصرة بالغرقا‪ً،‬‬
‫والكوفة بالترك‪ ً،‬والجبال بالصواعقا والرواجف‪ ً،‬وأما خراسان فهلكها ضروب‪ ...‬ثم ذكر بلدا بلدا‪.‬‬
‫وروى عن وهب بن منبه‪ :‬أن الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية‪ ً،‬وأرمينية آمنة حتى‬
‫تخرب مصر‪ ً،‬ومصر آمنتة حتى تخرب الكوفة‪ ً،‬ول تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب الكوفة‪ ً،‬فإذا‬
‫كانت الملحمة الكبرى‪ ً،‬فيترحت قسطنطينية على يد رجل من بنى هاشم‪ ً،‬وخراب الندلس من رقمبل الزنج‪ً،‬‬
‫وخراب إفريقية من رقمبل الندلس‪ ً،‬وخراب مصر من انقطاع النيل واختلف الجيوش فيها‪ ً،‬وخراقا‬
‫العراقا من الجوع‪ .‬وخراب الكوفة من رقمبل عدو يحصرهم ويمنعهم من الشراب من الفرات‪ ً،‬وخراب‬
‫البصرة من رقمبل الغراقا )الغرقا(‪ ً،‬وخراب اليلة من عدو يحصرهم برا وبحرا‪ ً،‬وخراب الرى من‬
‫الديلم‪ ً،‬وخراب خراسان من رقمبل التبت‪ ً،‬وخراب التبت من رقمبل الصين‪ ً،‬وخراب الهند واليمن من رقمبل‬
‫الجراد والسلطان‪ ً،‬وخراب مكة من رقمبل الحبشة‪ ً،‬وخراب المدينة من رقمبل الجوع"‪.‬‬
‫ثم جاء بعد عصر التابعين ممن عظم شغفه بالسرائيليات‪ ً،‬وأفرط فى الخذ منها إلى درجة جعلتهم ل‬
‫يرسدون قولل‪ .‬ول يحجمون عن أن يلصقوا بالقرآن كل ما ييرموى لهم وإن كان ل يتصوره العقل!!‪.‬‬
‫واستمر هذا الشغف بالسرائيليات‪ ً،‬والولع بنقل هذه الخبار التى أصبح الكثير منها نوعا من الخرافة‬
‫إلى أن جاء دور التدوين للتفسير‪ ً،‬مفيورجد من المفيسرين ممهن حشوا كتبهم بهذا القصص السرائيلى‪ ً،‬الذى‬
‫كاد يصد الناس عن النظر فيها والركون إليها‪.‬‬
‫**‬
‫* مقالة ابن خلدون فى السرائيليات‪:‬‬
‫ونرى بعد هذا أن نذكر عبارة ابن خلدون فى مقدمته‪ ً،‬ليتبين لنا أسباب الستكثار من هذه المرويات‬
‫السرائيلية‪ ً،‬وكيف تسرربت إلى المسلمين‪ ً،‬فإنه خير ممهن كتب فى هذا الموضوع‪ ً،‬وإليك نص عبارته‪:‬‬
‫قال رحمه ال‪ ..." :‬وقد جمع المتقدمون فى ذلك ‪ -‬يعنى التفسير النقلى ‪ -‬وأوعوا إل أن كتبهم‬
‫ومنقولتهم تشتمل على الغث والسمين‪ ً،‬والمقبول والمردود‪ .‬والسبب فى ذلك أن العرب لم يكونوا أهل‬
‫لمرية‪ ً،‬وإذا تشوقوا إلى معرفة مما تتشوقا إليه النفوس‬ ‫كتاب ول علم‪ .‬وإنما غلبت عليهم البداوة وا ي‬
‫المبشرية فى أسباب المكونات‪ ً،‬وبدء الخليقة‪ ً،‬وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم‪ً،‬‬
‫ويستفيدونه منهم‪ ً،‬وهم أهل التوراة من اليهود وممهن تبع دينهم من النصارى‪ .‬وأهل التوراة الذين بين‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫العرب يومئذ بادية مثلهم‪ ً،‬ول يعرفون من ذلك إل ما تعرفه العامة من أهل الكتاب‪ ً،‬ومعظمهم من‬
‫"رحمير" الذين أخوذا بدين اليهودية‪ ً،‬فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما ل تعلقا له بالحكام‬
‫الشرعية التى يحتاطون لها‪ ً،‬مثل أخبار بدء الخليقة‪ ً،‬وما يرجع إلى الحدثان والملحم‪ ً،‬وأمثال ذلك‬
‫وهؤلء مثل‪ :‬كعب الحبار‪ ً،‬ووهب بن منبه‪ ً،‬وعبد ال بن سلم‪ ً،‬وأمثالهم‪ ً،‬فامتلت التفاسير من‬
‫المنقولت عنهم‪ ً،‬وفى أمثال هذه الغراضِ أخبار موقوفة عليهم‪ ً،‬وليست مما ييرجع إلى الحكام‬
‫فييتحررى فيها الصحة التى يجب بها العمل‪ ً،‬وتساهل المفيسرون فى مثل ذلك‪ ً،‬وملوا الكتب بهذه‬
‫المنقولت‪ ً،‬وأصلها ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ول تحقيقا عندهم بمعرفة ما‬
‫ينقلونه من ذلك‪ ً،‬إل أنهم مبيعد صيتهم‪ ً،‬وعظمت أقدارهم‪ ً،‬لما كانوا عليه من المقامات فى الدين والرمرلة‪ً،‬‬
‫فتلقيت بالقبول من يومئذ‪"...‬‬
‫ومن هذا يتضح لنا أن ابن خلدون أرجع المر إلى اعتبارات اجتماعية وأخرى دينية‪ ً،‬فعد من‬
‫لميية على العرب وتشوقهم لمعرفة ما تتشروقا إليه النفوس‬ ‫العتبارات الجتماعية غلبة البداوة وا ي‬
‫المبشرية‪ ً،‬من أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود‪ ً،‬وهم إنما يسألون فى ذلك أهل الكتاب‬
‫قبلهم‪.‬‬
‫وعرد من العتبارات الدينية التى سروغت لهم تلقى المرويات فى تساهل وعدم تحر للصحة "أن مثل هذه‬
‫المنقولت ليست مما يرجع إلى الحكام فييتحررى فيها الصحة التى يجب بها العمل"‪.‬‬
‫وسواء أكانت هذه هى كل السباب أم كانت هناك أسباب أخرى‪ ً،‬فإن كثيرا من كتب التفسير قد اتسع‬
‫لما قيل من ذلك وأكثر‪ ً،‬حتى أصبح ما فيها مزيجا متنوعا من مخلفات الديان المختلفة‪ ً،‬والمذاهب‬
‫المتباينة‪.‬‬
‫**‬
‫* أثر السرائليات فى التفسير‪:‬‬
‫ولقد كان لهذه السرائيليات التى أخذها المفيسرون عن أهل الكتاب وشرحوا بها كتاب ال تعالى أثر سئ‬
‫فى التفسير‪ ً،‬ذلك لن المر لم يقف على ما كان عليه فى عهد الصحابة‪ ً،‬بل زادوا على ذلك فرووا كل‬
‫ما قيل لهم إن صدقا وإن كذبا‪ ً،‬بل ودخل هذا النوع من التفسير كثير من القصص الخيالى المختمرع‪ً،‬‬
‫مما جعل الناظر فى كتب التفسير التى هذا شأنها يكاد ل يقبل شيئا مما جاء فيها‪ ً،‬لعتقاده أرن الكل من‬
‫واد واحد‪ .‬وفى الحقا أرن المكثرين من هذه السرائيليات وضعوا الشوك فى طريقا المشتغلين بالتفسير‪ً،‬‬
‫وذهبوا بكثير من الخبار الصحيحة بجانب ما رووه من قصص مكذوب وأخبار ل تصح‪ ً،‬كما أن نسبة‬
‫هذه السرائيليات التى ل يكاد يصح شئ منها إلى بعضِ من آمن رمهن أهل الكتاب‪ ً،‬جعلت بعضِ الناس‬
‫ينظر إليهم بعين التهام والريبة‪ .‬وسومف نعرضِ لهذا فيما بعد‪ ً،‬ونرد عليه إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫**‬
‫* قيمة ما ييروى من السرائيليات‪:‬‬
‫تنقسم الخبار السرائيلية إلى أقسام ثلثة‪ ً،‬وهى ما يأتى‪:‬‬
‫ل صحيحا‪ ً،‬وذلك كتعيين اسم‬ ‫القسم الول‪ :‬ما ييعلم صحته بأن ينرقل عن النبى صلى ال عليه وسلم نق ل‬
‫صاحب موسى عليه السلم بأنه الخضر‪ ً،‬فقد جاء هذا السم صريحا على لسان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم كما عند البخارى أو كان له شاهد من الشرع يؤيده‪ .‬وهذا القسم صحيح مقبول‪.‬‬
‫القسم الثانى‪ :‬ما ييعلم كذبه بأن يناقضِ ما عرفناه من شرعنا‪ ً،‬أو كان ل يتفقا مع العقل‪ ً،‬وهذا القسم ل‬
‫يصح قبوله ول روايته‪ .‬القسم الثالث‪ :‬ما هو مسكوت عنه‪ ً،‬ل هو من قبيل الول‪ ً،‬ول هو من قبيل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الثانى‪ ً،‬وهذا القسم نتوقف فيه‪ ً،‬فل نؤمن به ول ينكيذبه‪ ً،‬وتجوز حكايته‪ ً،‬لما تقردم من قوله صلى ال عليه‬
‫صيدقوا أهل الكتاب ول يتمكيذبوهم"‪ ً،‬وقولوا آمنا بال وما أيرنزمل إلينا‪ "...‬الية‪.‬‬ ‫وسلم‪":‬ل يت م‬
‫وهذا القسم غالبه مما ليس فيه فائدة تعود إلى أمر دينى‪ ً،‬ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب فى مثل هذا‬
‫اختلفا كثيرا‪ ً،‬ويأتى عن المفيسرين خلف بسبب ذلك‪ ً،‬كما يذكرون فى مثل هذا أسماء أصحاب الكهف‪ً،‬‬
‫ولون كلبهم‪ ً،‬وعصا موسى من أى الشجر كانت‪ ً،‬وأسماء الطيور التى أحياها ال لبراهيم‪ ً،‬وتعيين‬
‫ضررب به قتيل بنى إسرائيل‪ ً،‬ونوع الشجرة التى كيلم ال منها موسى‪ ..‬إلى غير ذلك‬ ‫بعضِ البقرة الذى ي‬
‫مما أبهمه ال فى القرآن ول فائدة فى تعيينه تعود على المكرلفين فى ديناهم أو دينهم‪.‬‬
‫ثم إذا جاء شى من هذا القبيل ‪ -‬أعنى ما سكت عنه الشرع ولم يكن فيه ما يؤيده أو يفنده ‪ -‬عن أحد‬
‫من الصحابة بطريقا صحيح‪ ً،‬فإن كان قد جزم به فهو كالقسم الول‪ ً،‬ييقبل ول ييرد‪ ً،‬لنه ل يعقل أن‬
‫يكون قد أخذه عن أهل الكتاب بعد ما علم من نهى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن تصديقهم‪ .‬وإن‬
‫كان لم يجزم به فالنفس أسكن إلى قبوله‪ ً،‬لن احتمال أن يكون الصحابى قد سمعه من النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬أو ممن سمعه منه‪ ً،‬أقوى من احتمال السماع من أهل الكتاب‪ ً،‬ول سيما بعد ما تقرر من أن‬
‫ل بالنسبة لغيرهم من التابعين وممن يليهم‪.‬‬ ‫أخذ الصحابة عن أهل الكتاب كان قلي ل‬
‫أما إن جاء شئ من هذا عن بعضِ التابعين‪ ً،‬فهو مما ييتوقف فيه ول ييحكم عليه بصدقا ول يكذب‪ ً،‬وذلك‬
‫لقوة احتمال السماع من أهل الكتاب‪ ً،‬لما يعرفوا به من كثرة الخذ عنهم‪ ً،‬ويبعد احتمال كونه مما يسمع‬
‫من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وهذا إذا لم يتفقا أهل الرواية من علماء التفسير على ذلك‪ ً،‬أما إن‬
‫اتفقوا عليه‪ .‬فإنه يكون أبعد من أن يكون مسموعا من أهل الكتاب‪ ً،‬وحينئذ تسكن النفس إلى قبوله‬
‫والخذ به‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫**‬
‫* موقف المفيسر إزاء هذه السرائيليات‪:‬‬
‫علمنا أن كثرة النقل عن أهل الكتاب بدون تفرقة بين الصحيح والعليل دسيسة دخلت فى ديننا واستفحل‬
‫صيدقوا أهل الكتاب ول يتمكيذبوهم" فاعدة مقرررة ل‬ ‫خطرها‪ ً،‬كما علمنا أن قوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬ل يت م‬
‫يصح العدول عنها بأى حال من الحوال‪ ً،‬وبعد هذا وذاك نقول‪ :‬إنه يجب على المفيسر أن يكون يقظا‬
‫إلى أبعد حدود اليقظة‪ ً،‬ناقدا إلى نهاية ما يصل إليه النقاد من قدة وروية حتى يستطيع أن يستخلص من‬
‫هذا الهشيم المركوم من السرائيليات ما يناسب روح القرآن‪ ً،‬ويتفقا مع العقل والنقل‪ ً،‬كما يجب عليه أن‬
‫ل يرتكب النقل عن أهل الكتاب إذا كان فى سسرنة نبينا صلى ال عليه وسلم بيان لمجمل القرآن‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل‬
‫حيث وجد لقوله تعالى‪} :‬موملمقهد مفمترنا يسملهيممامن موأمهلمقهيمنا معملـى يكهررسيره مجمسدا يثرم أممنامب{ُ مجمل فى السسرنة النبوية‬
‫الصحيحة وهو قصة ترك "إن شاء ال" والمؤاخذة عليه فل يرتكب قصة صخر المارد‪.‬‬
‫كذلك يجب على المفيسر أن يلحظ أن الضرورى يتقردر بقدر الحاجة‪ ً،‬فل يذكر فى تفسيره شيئا من ذلك‬
‫إل بقدر ما يقتضيه بيان الجمال‪ ً،‬ليحصل التصديقا بشهادة القرآن فيكف اللسان عن الزيادة‪.‬‬
‫نعم‪ ...‬إذا اختلف المتقدمون فى شئ من هذا القبيل وكثرت أقوالهم ونقولهم‪ ً،‬فل مانع من نقل المفيسر‬
‫لهذه القوال جميعا‪ ً،‬على أن ينبه على الصحيح منها‪ ً،‬ويبيطل الباطل‪ ً،‬وليس له أن يحكى الخلف‬
‫وييطلقه‪ ً،‬ول ينبه على الصحيح من القوال‪ ً،‬لأن مثل هذا العمل يمعد ناقصا ل فائدة فيه ما دام قد خلط‬
‫الصحيح بالعليل‪ ً،‬ووضع أمام القارئ من القوال المختلفة ما يسبب له الحيرة والضطراب‪.‬‬
‫على أن من الخير للمفيسر أن يعرضِ كل العراضِ عن هذه السرائيليات وأن يمسك عما ل طائل‬
‫ل عن التدبير فى حكمه وأحكامه‪ ً،‬وبدعى أن هذا أحكم وأسلم‪.‬‬ ‫تحته مما يمعد صارفا عن القرآن‪ ً،‬وشاغ ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا‪ ..‬وقد يشير إلى ما قلناه من جواز نقل الخلف من المتقدمين على شريطة استيفاء القوال وتزييف‬
‫الزائف منها وتصحيح الصحيح‪ ً،‬وأن من الخير أن يمسك النسان عن الخوضِ فيما ل طائل تحته‪ ً،‬ما‬
‫جاء فى الية ]‪ [22‬من سورة الكهف من قوله تعالى‪} :‬مسمييقويلومن مثلمثفة رراربيعيههم مكهليبيههم مومييقويلومن مخهممسفة‬
‫ل‬ ‫مسارديسيههم مكهليبيههم مرهجما ربٱِهلمغهيرب مومييقويلومن مسهبمعفة مومثارمينيههم مكهليبيههم يقل رريبي أمهعمليم ربرعردرترهم رما ميهعمليميههم إر ر‬
‫ل مقرليفل مف م‬
‫ل متهسمتهفرت رفيرههم يمهنيههم أممحدا{ُ‪ ..‬فقد اشتملت هذه الية الكريمة ‪ -‬كما يقول ابن‬ ‫ل رممرآلء مظارهرا مو م‬ ‫يتممارر رفيرههم إر ر‬
‫تيمية ‪ -‬على الدب فى هذا المقام‪ ً،‬وتعليم ما ينبغى فى مثل هذا‪ ً،‬فإنه تعالى أخبر عنهم بثلثة أقوال‬
‫ل لرده كما رردهما‪ ً،‬ثم‬ ‫ضرعف القولين الرولين‪ ً،‬وسكت عن الثالث‪ ً،‬فدرل على صحته‪ ً،‬إذ لو كان باط ل‬ ‫م‬
‫أرشد إلى أن الطلع على رعردتهم ل طائل تحته‪ ً،‬فيقال فى مثل هذا‪} :‬يقل رريبي أمهعلميم ربرعردرترهم{ُ‪ ..‬فإنه ما‬
‫ل رممرآلء مظارهرا{ُ‪ ..‬أى ل‬ ‫ل يتممارر رفيرههم إر ر‬‫يعلم بذلك إل قليل من الناس ممن أطلعه ال عليه‪ ً،‬مفملهذا قال‪} :‬مف م‬
‫تجهد نفسك فيما ل طائل تحته‪ ً،‬ول تسألهم عن ذلك‪ ً،‬فإنهم ل يعلمون من ذلك إلى رجم الغيب"‪.‬‬
‫**‬
‫* أقطاب الروايات السرائيلية‪:‬‬
‫يتصفح النسان كتب التفسير بالمأثور‪ ً،‬فل يلبث أن يلحظ أن غالب ما يرى فيها من إسرائيليات‪ ً،‬يكاد‬
‫يدور على أربعة أشخاص‪ ً،‬هم‪ :‬عبد ال ابن سلم‪ ً،‬وكعب الحبار‪ ً،‬ووهب بن منيبه‪ ً،‬وعبد الملك بن عبد‬
‫العزيز ابن جريج‪ ..‬وهؤلء الربعة اختلفت أنظار الناس فى الحكم عليهم والثقة بهم‪ ً،‬فمنهم من ارتفع‬
‫بهم عن حد التهمة‪ ً،‬ومنهم من رماهم بالكذب وعدم التثبت فى الرواية ولهذا أرى أن أعرضِ لكل فرد‬
‫منهم‪ ً،‬لكشف عن قيمته فى باب الرواية‪ ً،‬وبخاصة ما يرجع من ذلك إلى ناحية التفسير‪ ً،‬لنرى أى‬
‫الفريقين أصدقا فى حكمه‪ ً،‬وأدقا فى نقده‪.‬‬
‫‪ - 1‬عبد ال بن سلم‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو يوسف‪ ً،‬عبد ال بن سلم بن الحارث السرائيلى النصارى‪ ً،‬حليف بن عوف من الخرزج‪ ً،‬وهو‬
‫من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلم‪ .‬أسلم عند قدوم النبى صلى ال عليه وسلم المدينة‪ .‬ويحدثنا‬
‫البخارى عن قصة إسلمه فيقول فى ضمن حديث ساقه فى باب الهجرة‪ .." :‬فلما جاء نبى ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬جاء عبد ال بن سلم فقال‪ :‬أشهد أنك رسول ال‪ ً،‬وأن جئمت بحقا‪ ً،‬وقد علمت اليهود أنى‬
‫سيدهم وابن سيدهم‪ ً،‬وأعلمهم وابن أعلمهم‪ ً،‬فادعهم فاسألهم عنى قبل أن يعلموا أنى قد أسلمت‪ ً،‬فإنهم إن‬
‫يعلموا أنى قد أسلمت قالوا فرى ما ليس فسى‪ ً،‬فأرسل نبى ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فأقبلوا فدخلوا عليه‪ً،‬‬
‫فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬يا معشر اليهود؛ً ويلكم‪ ً،‬اتقوا ال‪ ً،‬فوال الذى ل إله إل هو‪ً،‬‬
‫إنكم لتعلمون أنى رسول ال حقا‪ ً،‬وأنى جئتكم بحقا فأسلموا"‪ ً،‬قالوا‪ :‬ما نعلمه‪ ً،‬قالوا للنبى صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬قالها ثلث مرات‪ ً،‬قال‪" :‬فأى رجل فيكم عبد ال بن سلم"؟ قالوا‪ :‬ذلك سيدنا وابن سيدنا‪ ً،‬وأعلمنا‬
‫وابن أعلمنا‪ ً،‬قال‪" :‬أفرأيتم إن أسلم"؟ قالوا‪ :‬حاشا ل‪ ً،‬ما كان ليسلم‪ ً،‬قال‪" :‬أفرأيتم إن أسلم"؟ قالوا‪ :‬حاشا‬
‫ل ما كان ليسلم‪ ً،‬قال‪ " :‬أفرأيتم إن أسلم"؟ قالوا‪ :‬حاشا ل ما كان ليسلم‪ ً،‬قال‪" :‬يا بن سلم‪ ..‬أخرج‬
‫عليهم"‪ ً،‬فخرج‪ ً،‬فقال‪ :‬يا معشر اليهود؛ً اتقوا ال‪ ً،‬فوال الذى ل إله إل هو‪ ً،‬إنكم لتعلمون أنه رسول ال‬
‫وأنه جاء بحقا‪ ً،‬فقالوا‪ :‬كذبت‪ ً،‬فأخرجهم رسول ال صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬
‫قيل‪ :‬وكان اسمه الحصين‪ ً،‬فسماه النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬عبد ال"‪ ً،‬وشهد له بالجنة‪ .‬ونجد البخارى‬
‫ل فى مناقبه‪ ً،‬فروى‬ ‫رضى ال عن ‪ -‬عند الكلم عن مناقب النصار ‪ -‬ييفرد لعبد ال بن سلم بابا مستق ل‬
‫فيما روى من ذلك بإسناده إلى سعد بن أبى وقاص أنه قال‪ :‬ما سمعيت النبى صلى ال عليه وسلم يقول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لحد يمشى على الرضِ إنه من أهل الجنة إل لعبد ال بن سلم‪ ً،‬وقال‪ :‬فيه نزلت هذه الية‪} :‬مومشرهمد‬
‫مشارهفد يمن مبرنيي إرهسمرارئيمل {ُ‪ ...‬الية‪:‬‬
‫ومما ييذكر عنه رحمه ال‪ :‬أنه وقف خطيبا فى المتألبين على عثمان رضى ال عنه يدافع عنه‪ ً،‬وييخيذل‬
‫الثائرين‪ ً،‬فقد روى عبد الملك بن عمير عن ابن أخى عبد ال بن سلم‪ ً،‬قال‪ :‬لما أريد قتل عثمان رضى‬
‫ال عنه‪ ً،‬جاء عبد ال بن سلم‪ ً،‬فقال له عثمان‪ :‬ما جاءبك؟ قال‪ :‬جئيت فى نصرك‪ ً،‬قال‪ :‬أخرج إلى‬
‫الناس فاطردهم عنى‪ ً،‬فإنك خارج يخر لك منك داخل‪ ً،‬فخرج عبد ال إلى الناس فقال‪ :‬يا أيها الناس؛ً‬
‫إنه كان اسمى فى الجاهلية فلنا‪ ً،‬فسمانى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬عبد ال‪ ً،‬ونزلت فرى آيات من‬
‫كتاب ال معرز ومجرل‪ ً،‬نزل فرى‪} :‬مومشرهمد مشارهفد يمن مبرنيي إرهسمرارئيمل معلمـى رمهثرلره مفآمممن موٱهسمتهكمبهريتهم{ُ‪ ..‬ونزل فى‪:‬‬
‫} يقهل مكمفـى ربٱِلرلره مشرهيدا مبهيرني مومبهيمنيكهم موممهن رعنمديه رعهليم ٱهلركمتارب{ُ‪ ..‬إن ل سيفا مغمودا‪ ً،‬وإن الملئكة قد‬
‫جاوؤتكم فى بلدكم هذا الذى نزل فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فال ال فى هذا الرجل أن تقتلوه‪ً،‬‬
‫فوال لئن قتلتموه لتطردن جيرانكم من الملئكة ولييسملرن سيف ال المغمود فيكم فل ميغمد إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬اقتلوا اليهودى‪ ..‬وقتلوا عثمان"‪..‬‬
‫روى عن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وروى عنه ابناه‪ :‬يوسف ومحمد‪ ً،‬وعوف بن مالك‪ ً،‬وأبو هريرة‪ً،‬‬
‫وأبو بردة بن أبى موسى‪ ً،‬وعطاء بن يسار‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وشهد مع عمر رضى ال عنه فتح بيت المقدس‬
‫والجابية‪ .‬ومات بالمدينة سنة ‪ 43‬هت )ثلث وأربعين من الهجرة(‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪ .‬وقد معرده بعضهم‬
‫فى البدريين‪ ً،‬أما ابن سعد فذكره فى الطبقة الثالثة ممن شهد الخندقا وما بعدها‪.‬‬
‫**‬
‫* مبلغه من العلم والعدالة‪:‬‬
‫أما مبلغه من العلم‪ ً،‬فيكفى ما جاء فى الحديث البخارى السابقا من إخباره عن نفسه‪ :‬أنه أعلم اليهود‬
‫وابن أعلمهم‪ ً،‬وإقرار اليهود بين يدى رسول ال صلى ال عليه وسلم بذلك‪ .‬والحقا أنه اشتهر بين‬
‫الصحابة بالعلم‪ ً،‬حتى لقد روى أنه رلما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له‪ :‬يا أبا عبد الرحمن أوصنا‪ً،‬‬
‫فقال‪ :‬أجلسونى‪ ...‬قال‪ :‬إن العلم واليمان عند أربعة رهط‪ :‬عند عويمر أبى الدرداء‪ ً،‬وعند سلمان‬
‫الفارسى‪ ً،‬وعند عبد ال بن مسعود‪ ً،‬وعند عبد ال ابن سلم الذى كان يهوديا فأسلم‪ ً،‬فإنى سمعيت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬إنه عاشر عشرة فى الجنة"‪.‬‬
‫وليس عجيبا أن يكون عبد ال بن سلم فى هذه المكانة العالية من العلم بعد أن اجتمع لديه علم التوراة‬
‫وعلم القرآن‪ ً،‬وبعد أن امتزجت فيه الثقافتان اليهودية والسلمية‪ ً،‬ولقد نقل عنه المسلمون كثيرا مما يدل‬
‫على علمه بالتوراة وما حولها‪ ً،‬ونجد ابن جرير الطبرى ينسب إليه فى تاريخه كثيرا من القوال فى‬
‫المسائل التاريخية الدينية‪ ً،‬كما نجده يتجمع حول اسمه كثير من المسائل السرائيلية‪ ً،‬يرويها كثير من‬
‫المفيسرين فى كتبهم‪.‬‬
‫ونحن أمام ما ييرموى عنه من ذلك ل ينزييف كل ما قيل‪ ً،‬ول نقبل كل ما قيل‪ ً،‬بل علينا أن نعرضِ كل ما‬
‫يير موى عنه على مقياس الصحة المعتبر فى باب الرواية‪ ً،‬فما صح قبلناه‪ ً،‬وما لم يصح رفضناه‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإرنا ل نستطيع أن نتهم الرجل فى علمه‪ ً،‬ول فى ثقته وعدالته‪ ً،‬بعد ما علممت أنه من خيار‬
‫الصحابة وأعلمهم‪ ً،‬وبعد ما جاء من آيات القرآن‪ ً،‬وبعد أن اعتمده البخارى وغيره من أهل الحديث‪ ً،‬كما‬
‫أننا لم نجد من أصحاب الكتب التى بين أيدينا ممن طعن عليه فى علمه‪ ً،‬أو نسب إليه من التهم مثل ما‬
‫نسب إلى كعب الحبار ووهب بن منيبه‪.‬‬
‫***‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ - 2‬كعب الحبار‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو إسحاقا‪ ً،‬كعب بن ماتع الحميرى‪ ً،‬المعروف بكعب الحبار‪ ً،‬من آل ذى رعين‪ ً،‬وقيل‪ :‬من ذى‬
‫الكلع‪ ً،‬وأصله من يهود اليمن‪ ً،‬ويقال‪ :‬إنه أدرك الجاهلية وأسلم فى خلفة أبى بكر‪ ً،‬وقيل‪ :‬فى خلفة‬
‫عمر‪ ً،‬وقيل‪ :‬إنه أسلم فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم وتأخرت هجرته‪ ً،‬وقال ابن حجر فى الفتح‪ :‬إن‬
‫إسلمه فى خلفة عمر أشهر‪ ً،‬وبعد إسلمه انتقل إلى المدينة‪ ً،‬وغزا الروم فى خلفة عمر‪ ً،‬ثم تحرول‬
‫فى خلفة عثمان إلى الشام فسكنها إلى أن مات بحمص سنة ‪ 32‬هـ )اثنتين وثلثين من الهجرة( على‬
‫أرجح القوال فى ذلك‪ .‬وذكره ابن سعد فى الطبقة الولى من تابعى أهل الشام وقال‪ :‬كان على دين‬
‫يهود فأسلم وقدم المدينة‪ ً،‬ثم خرج إلى الشام فسكن حمص حتى يتوفى بها سنة اثنتين وثلثين فى خلفة‬
‫عثمان‪ ً،‬وقد بلغ مائة وأربعين سنة‪ .‬وقال أبو مسهر‪ :‬والذى حردثنى به غير واحد‪ :‬أنه كان مسكنه اليمن‪ً،‬‬
‫ل‪ ً،‬وعن‬ ‫فقدم على أبى بكر‪ ً،‬ثم أتى الشام فمات به‪ .‬روى عن رسول ال صلى ال عليه وسلم مرس ل‬
‫عمر‪ ً،‬وصهيب‪ ً،‬وعائشة‪ ً،‬وروى عنه معاوية‪ ً،‬وأبو هريرة‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وعطاء بن أبى رباح‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫**‬
‫* مبلغة من العلم‪:‬‬
‫كان كعب بن ماتع على مبلغ عظيم من العلم‪ ً،‬ولهذا كان يقال له‪" :‬كعب المحهبر" و "وكعب الحبار"‪ ً،‬ولقد‬
‫ينقل عنه فى التفسير وغيره ما يدل على علمه الواسع بالثقافة اليهودية والثقافة السلمية‪ ً،‬ولم يؤثر عنه‬
‫أنه ألرمف كما أرلف وهب بن منيبه‪ ً،‬بل كانت تعاليمه كلها ‪ -‬على ما يظهر لنا وما وصل إلينا ‪ -‬شفوية‬
‫تناقلها عنه أصحابه و ممن أخذوا عنه‪ .‬وقد جاء فى الطبقات الكبرى حكاية عن رجل دخل المسجد فإذا‬
‫عامر بقن عبد ال بن قيس جالس إلى كتب وبينها رسهفر من أسفار التوراة وكعب يقرأ‪ ً،‬وهذا يدلنا على‬
‫أن كعبا كان ل يزال بعد إسلمه يرجع إلى التوراة والتعاليم السرائيلية‪ .‬وقال ابن سعد‪ :‬قالوا‪ :‬ذكر أبو‬
‫الدرداء كعبا فقال‪ :‬إن عند ابن الحميرى لعلما كثيرا‪ .‬وروى معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن‬
‫جبير أنه قال‪ :‬قال معاوية‪ :‬أل إرن أبا الدرداء أحد الحكماء‪ ً،‬أل إرن عمرو بن العاص أحد الحكماء‪ ً،‬أل‬
‫إ رن كعب الحبار أحد العلماء‪ ً،‬إن كان عنده علم كالثمار وإن كنا المفرطين‪ .‬وفى تاريخْ محمد بن عثمان‬
‫بن أبى شيبة‪ ً،‬من طريقا ابن أبى ذئب‪ ً،‬أن عبد ال ابن الزبير قال‪ :‬ما أصبت فى سلطانى شيئا إل قد‬
‫أخبرنى به كعب قبل أن يقع‪.‬‬
‫**‬
‫* ثقته وعدالته‪:‬‬
‫أما ثقته وعدالته فهذا أمر نقول به‪ ً،‬ول نستطيع أن نطعن عليه كما طعن بعضِ الناس‪ ً،‬فابن عباس على‬
‫جلله قدره‪ ً،‬وأبو هريرة على مبلغ علمه‪ ً،‬وغيرهما من الصحابة كانوا يأخذون عنه ويروون له‪ ً،‬ونرى‬
‫المام مسلما ييخيرج له فى صحيحه‪ ً،‬فقد وقعت الرواية عنه فى مواضع من صحيحه فى أواخر كتاب‬
‫اليمان‪ ً،‬كما نرى أبا داود والترمذى والنسائى ييخيرجون له‪ ً،‬وهذا دليل على أن كعبا كان ثقة عند هؤلء‬
‫جميعا‪ ً،‬وتلك شهادة كافية لرد كل تهمة بهذا المحهبر الجليل‪.‬‬
‫* اتهام الستاذ أحمد أمين لكعب‪:‬‬
‫ولكننا نجد الستاذ أحمد أمين ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يحاول أن يغضِ من ثقة كعب وعدالته‪ ً،‬بل ودينه‪ ً،‬فنراه‬
‫يوجه إليه من التهم ما نعيذ كعبا من أن يلحقه شئ منها‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪" :‬وقد لحظ بعضِ الباحثين‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل‪ ً،‬ولكن‬ ‫أن بعضِ الثقات كابن قتيبة والنووى ل يروى عنه أبدا‪ ً،‬وابن جرير الطبرى يروى عنه قلي ل‬
‫غيرهم كالثعلبى‪ ً،‬والكسائى ينقل عنه كثيرا فى قصص النبياء‪ ً،‬كقصة يوسف‪ ً،‬والوليد بن الرريان وأشباه‬
‫ذلك‪ ً،‬ويروى ابن جرير أنه جاء إلى عمر بن الخطاب قبل مقتله بثلثة أيام وقاله له‪ :‬اعهد فإنك ميت‬
‫فى ثلثة أيام‪ ً،‬قال‪ :‬وما يدريك؟ قال‪ :‬أجده فى كتاب ال معرز ومجرل‪ ..‬فى التوراة قال عمر‪ :‬إنك لتجد‬
‫عمر بن الخطاب فى التوراة!‪ :‬قال‪ :‬الرلهم ل‪ ً،‬ولكن أجد صفتك وحليتك وأنه قد فنى أجلك"‪.‬‬
‫ثم قال الستاذ أحمد أمين‪" :‬وهذه القصة إن صرحت درلت على وقوف كعب على مكيدة قتل عمر‪ ً،‬ثم‬
‫وضعها هو فى هذه الصيغة السرائيلية‪ ً،‬كما تدلنا على مقدار اختلفه فيما ينقل"‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬وعلى الجملة فقد دخل على المسلمين من هؤلء وأمثالهم ‪ -‬يريد كعبا ووهبا وغيرهما من أهل‬
‫الكتاب ‪ -‬فى عقيدتهم وعلمهم كثير كان له فيهم أثر غير صالح"‪.‬‬
‫*‬
‫* تفنيد هذا التهام‪:‬‬
‫ونحن مع الستاذ فى قوله‪" :‬وهذه القصة‪ ً،‬إن صرحت درلت على وقوف كعب على مكيدة قتل عمر‪ ً،‬ثم‬
‫وضعها هو فى هذه الصيغة السرائيلية" ولكن لسنا نعتقد صحة هذه القصة‪ ً،‬ورواية ابن جرير لها ل‬
‫تدل على صحتها‪ ً،‬لن ابن جرير ‪ -‬كما هو معروف عنه ‪ -‬لم يلتزم الصحة فى كل ما يرويه‪ ً،‬والذى‬
‫ينظرفى تفسيره يجد فيه مما ل يصح شيئا كثيرا‪ ً،‬كما أن ما يرويه فى تاريخه ل يعدو أن يكون من‬
‫قبيل الخبار التى تحتمل الصدقا والكذب‪ ً،‬ولم يقل أحد بأن كل ما ييذكر فى كتب التاريخْ ثابت صحيح‪.‬‬
‫ثم إرن ما ييعرف عن كعب الحبار من دينه‪ ً،‬ويخيلقه‪ ً،‬وأمانته‪ ً،‬وتوثيقا أكثر أصحاب الصحاح له‪ ً،‬يجعلنا‬
‫نحكم بأرن هذه القصة موضوعة عليه‪ ً،‬ونحن ننزه كعبا عن أن يكون على علم بمكيدة قتل عمر وما يديبمر‬
‫ضاعا‪ ً،‬يحتال‬ ‫من أمرها‪ ً،‬ثم ل يذكر لعمر ممن ييديبر له القتل ويكيد له‪ ً،‬كما ننزهه عن أن يكون كرذابا و ر‬
‫على تأكيد ما ييخمبر به بنسبته إلى التوراة وصوغه فى قالب إسرائيلى‪.‬‬
‫وأما قوله‪" :‬وعلى الجملة فقد دخل المسلمين من هؤلء وأمثالهم فى عقيدتهم وعلمهم كثير كان له فيهم‬
‫أثر غير صالح" فإن أراد أن ييرجع ذنب هذا الثر السئ إلى كعب وأضزابه فنحن ل نوافقه عليه‪ ً،‬لن‬
‫ما يرويه كعب وغيره من أهل الكتاب لم يسندوهه إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولم يكذبوا فيه‬
‫على أحد من المسلمين‪ ً،‬وإنما كانوا يروونه على أنه من السرائيليات الموجودة فى كتبهم‪ ً،‬ولسنا يمكرلفين‬
‫صيدقوا‬ ‫بتصديقا شئ من ذلك‪ ً،‬ول يمطاملبين باليمان به‪ ً،‬بعد ما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يت م‬
‫أهل الكتاب ول يتكيذبوهم"‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه السرائيليات المروية عن كعب وغيره‪ ً،‬قد أرثمرت فى عقيدة المسلمين وعلمهم أثرا غير‬
‫صالح‪ ً،‬فليس ذنب هذا راجعا إلى كعب وأضرابه‪ ً،‬لنهم رووه على أنه مما فى كتبهم‪ ً،‬ولم يشرحوا به‬
‫القرآن ‪ -‬الرلهم إل ما يتفقا من هذا مع القرآن ويشهد له ‪ -‬ثم جاء ممهن بعدهم فحاولوا أن يشرحوا القرآن‬
‫بهذه السرائيليات فربطوا بينها وبينه على ما بينهما من يبعد شاسع‪ ً،‬بل وزادوا على ذلك ما نسجوه من‬
‫قصص خرافية‪ ً،‬نسبوا لهؤلء العلم‪ ً،‬ترويجا لها وتمويها على العامة‪.‬‬
‫فالذنب إذن ذنب المتأخرين الذين ربطوا هذه السرائيليات بالقرآن وشرحوه على ضوئها‪ ً،‬واخترعوا من‬
‫الساطير ما نسبوه زروا وبهتانا إلى هؤلء العلم وهم منه براء‪.‬‬
‫**‬
‫* اتهام الشيخْ رشديِ رضا الكعب‪:‬‬
‫كذلك نجد السيد محمد رشيد رضا ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فى مقدمة تفسيره بعد أن ذكر كلما لبن تيمية فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫شأن ما ييرموى من السرائيليات عن كعب ووهب يقول ما نصه‪" :‬فأنت ترى أن هذا المام المحققا ‪-‬‬
‫يريد ابن تيمية ‪ -‬جزم بالوقف عن تصديقا جميع ما يعررف أنه من رواة السرائيليات‪ .‬وهذا فى غير ما‬
‫يقوم الدليل على بطلنه فى نفسه‪ ً،‬وصررح فى هذا المقام بروايات كعب الحبار ووهب بن منيبه‪ ً،‬مع أن‬
‫قدماء رجال الجرح والتعديل اغتروا بهما وعردلوهما‪ ً،‬فكيف لو تبين له ما تبين لنا من كذب كعب‬
‫ووهب وعزوهما إلى التوراة وغيرها من كتب الرسل ما ليس فيها شئ منه ول حرومت حوله"‪.‬‬
‫*‬
‫* تفنيد هذا التهام‪:‬‬
‫ونحن ل ننكر ما ذهب إليه ابن تيمية فى مقدمة أصول التفسير التى اعتمد عليها الشيخْ فيما نقل عنه‪ً،‬‬
‫ولكن ننكر على الشيخْ فهمه لعبارة ابن تيمية‪ ً،‬وذلك أنه اردعى أن ابن تيمية جزم بالوقف عن تصديقا‬
‫جميع ما يع ررف أنه من رواة السرائيليات‪ ً،‬وهذا فى غير ما يقوم الدليل على بطلنه فى نفسه ‪ -‬يعنى‬
‫أنه ل ييتوقف فيه بل ييرفضِ رفضا باتا‪.‬‬
‫وعبارة ابن تيمية التى ذكرها الشيخْ ل تفيد ذلك الذى قاله وإنما تفيد أرن ما جاء عن رواة السرائيليات‬
‫ييتوقف فيه إذا كان مما هو مسكوت عنه فى شرعنا ولم يقم دليل على بطلنه‪ ً،‬أما ما روى عنه موافقا‬
‫لما جاء فى شرعنا فهذا صحيح مقبول بدون توقف‪ ً،‬كما نص عليه ابن تيمية )فى ص ‪ (27 ً، 26‬من‬
‫مقدمة فى أصول التفسير‪ ً،‬وهو عين ما عناه بعبارته الموجودة )فى ص ‪ (14 ً، 13‬وهى التى اعتمد‬
‫عليها السيد محمد رشيد فى طعنه على كعب وغيره‪.‬‬
‫كما أننا ل نقر الشيخْ على هذا التهام البليغ لكعب ووهب‪ ً،‬ول على رميهما بالكذب‪ ً،‬ول على ادعاء‬
‫عزوهما إلى التوراة وغيرها ما ليس فيها‪ ً،‬كما أرنا ل نقره على اتهامه لعلماء الجرح والتعديل الذين‬
‫طرهروا لنا السسرنة‪ ً،‬وأزاحوا عنها ما لصقا بها من الموضوعات‪ ً،‬وبرينوا لنا الصحيح والعليل منها والعدل‬
‫والمجروح من رواتها‪ ً،‬حيث رماهم بالغفلة والغترار‪ ً،‬وهم أهل هذا الفن الذى ل يصلح له إل قليل من‬
‫الناس‪ ً،‬ول ندرى ما هذا الكذب الذى تبرين له من كعب ووهب وخفى على ابن تيمية وهو ممن نعلم علما‬
‫ومعرفة‪ .‬وليت الشيخْ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬برين لنا ما يستند إليه فى دعواه‪ ً،‬ول أظن إل أنه استند إلى ما جاء‬
‫عن معاوية رضى ال عنه عندالبخارى فى شأن كعب‪ ً،‬وهذا نصه كما فى صحيح البخارى‪:‬‬
‫قال أبو اليمان‪ :‬أخبرنا شعيب عن الزهرى‪ :‬أخبرنى حميد بن عبد الرحمن‪ :‬أنه سمع معاوية ييحيدث‬
‫رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الحبار‪ ً،‬فقال‪" :‬إن كان من أصدقا هؤلء المحيدثين الذين يحيدثون‬
‫عن أهل الكتاب‪ ً،‬وإن كنا مع ذلك لنبلوا عليه الكذب"‪.‬‬
‫نعم أظنه أن الشيخْ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬اتهم كعبا وأضرابه بالكذب استنادا لهذا الثر المروى عن معاوية‪ً،‬‬
‫والذى ررجح لدرى هذا الظن ما قاله الشيخْ بعد كلمه السابقا بقليل‪" :‬وقد يعرلم أن بعضِ الصحابة رووا‬
‫عن أهل الكتاب حتى عن كعب الحبار الذى روى البخارى عن معاوية أنه قال‪ :‬إن كنا لنبلوا عليه‬
‫الكذب‪ ..‬ومنهم أبو هريرة وابن عباس"‪.‬‬
‫وأرى أن الشيخْ قد مفرند قول نفسه بنفسه حيث أثبت ‪ -‬كما هو الواقع ‪ -‬أن أبا هريرة وابن عباس‬
‫ضاع‪ ً،‬بعد ما‬ ‫وغيرهما من الصحابة أخذوا عن كعب‪ ً،‬وهل ييعقل أن صحابيا يأخذ علمه عن كرذاب و ر‬
‫يع ررف عن الصحابة من العدالة والتثبت فى تحمل الخبار‪ ً،‬خصوصا ابن عباس الذى كان يتشدد فى‬
‫الرواية ويتأكد من صحة ما ييرموى له؟‬
‫نعم‪ ..‬إن حديث البخارى الذى رواه عن معاوية‪ ً،‬ييشعر لول وهلة بنسبة الكذب إلى كعب‪ ً،‬ولكن لو‬
‫رجعنا إلى شرراح الحديث لوجدناهم جميعا يشرحونه بما ييبعد هذه الوصمة الشنيعة عن كعب الحبار‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وإليك بعضِ ما قيل فى ذلك‪:‬‬
‫قال ابن حجر فى الفتح عند قوله‪" :‬وإن كنا لنبلوا عليه الكذب" ‪ -‬أى يقع بعضِ ما يخبرنا عنه بخلف‬
‫ما يخبرنا به‪ ً،‬فال ابن التين‪ :‬وهذا نحو قول ابن عباس فى حقا كعب المذكور‪ :‬مبردل من قبله فوقع فى‬
‫الكذب‪ ً،‬قال‪ :‬والمراد بالمحيدثين ‪ -‬فى قوله‪ :‬إن كان من أصدقا هؤلء المحيدثين الذين ييحيدثون عن أهل‬
‫الكتاب ‪ -‬أنداد كعب ممن كان من أهل الكتاب وأسلم فكان ييحيدث عنهم‪ ً،‬وكذا ممن نظر فى كتبهم فحردث‬
‫عما فيها‪ ً،‬قال‪ :‬ولعلهم كانوا مثل كعب‪ ً،‬إل أن كعبا كان أشد منهم بصيرة‪ ً،‬وأعرف بما يتوقاه‪.‬‬
‫وقال ابن حبان فى كتاب الثقات‪ :‬أراد معاوية أنه يخطئ أحيانا فيما ييخبر به‪ ً،‬ولم يرد أنه كان كرذابا‪.‬‬
‫وقال غيره‪ :‬الضمير فى قوله‪" :‬لنبلوا عليه" للكتاب ل لكعب‪ ً،‬وإنما يقع فى كتابهم الكذب لكونهم مبردلوه‬
‫ومحررفوه‪ .‬وقال عياضِ‪ :‬يصح عوده على الكتاب‪ ً،‬ويصح عوده على كعب وعلى حديثه وإن لم يقصد‬
‫الكذب ويتعمده‪ ً،‬إذ ل ييشترط فى مسمى الكذب التعمد‪ ً،‬بل هو الخبار عن الشئ بخلف ما هو عليه‪ً،‬‬
‫وليس فيه تجريح لكعب بالكذب‪ .‬وقال ابن الجوزى‪ :‬المعنى أن بعضِ الذى ييخبر به كعب عن أهل‬
‫الكتاب يكون كذبا‪ ً،‬ل أنه يتعمد الكذب‪ ً،‬وإل فقد كان كعب من أخيار الحبار"‪.‬‬
‫هذه هى القوال التى سردها لنا الحافظ ابن حجر‪ ً،‬ونحن نميل إلى القول بأن كعبا كان يروى ما يرويه‬
‫على أنه صحيح لم ييبردل ولم ييحررف‪ ً،‬فهو لم يتعمد كذبا ول يينسب إلى كذب‪ ً،‬وإن كان ما يرويه كذبا فى‬
‫حد ذاته‪ ً،‬خفى عليه كما خفى على غيره‪ .‬ولهذا التحريف والتبديل نهى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عن تصديقا أهل الكتاب وعن تكذيبهم فيما يروونه من ذلك‪ ً،‬لنه ربما كان صدقا فييكيذبونه أو كذبا‬
‫فييصيدقونه فى المحمرج‪.‬‬
‫ثم إن معاوية الذى قال هذا القول‪ ً،‬روينا عنه فيما سبقا أنه قال‪" :‬أل إن كعب الحبار أحد العلماء إن‬
‫كان عنده علم كالثمار وإن كنا المفرطين"‪ ً،‬فمعاوية قد شهد لكعب بالعلم وغزارته‪ ً،‬وحكم على نفسه بأنه‬
‫فررط فى علم كعب‪ ً،‬فهل ييعقل أن معاوية يشهد هذه الشهادة لرجل كرذاب؟ وهل ييعقل أنه يتحسر ويتندم‬
‫على ما فاته من علم رجل ييديلس فى كتب ال وييحيرف فى وحى السماء؟‪ ..‬الرلهم إنى ل أعقل ذلك‪ ً،‬ول‬
‫أقول إل أرن كعبا عارلم له مكانته‪ ً،‬وثقة له قيمته‪ ً،‬وعدل له منزلته وشهرته‪..‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬وهب بن يممنيبه‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو عبد ال‪ ً،‬وهب بن منربه بن سيج بن ذى كنار‪ ً،‬اليمانى الصنعانى‪ ً،‬صاحب القصص‪ ً،‬من خيار‬
‫علماء التابعين‪ .‬قال عبد ال ابن أحمد بن حنبل عن أبيه‪ :‬كان من أبناء فارس‪ ً،‬وأصل والده "منربه" من‬
‫خراسان من أهل هراة‪ ً،‬أخرجه كسرى منها إلى اليمن فأسلم فى عهد النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وكان‬
‫وهب بن منيبه يختلف إلى هراة ويتفقد أمرها‪ ً،‬وقيل‪ :‬إنه تولى قضاء صنعاء‪ .‬قال إسحاقا بن إبراهيم بن‬
‫عبد الرحمن الهروى‪ :‬ولد سنة ‪ 34‬هـ )أربع وثلثين( فى خلفة عثمان‪ ً،‬وقال ابن سعد وجماعة‪ :‬مات‬
‫سنة ‪ 110‬هـ )عشر ومائة(‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫روى عن أبى هريرة‪ ً،‬وأبى سعيد الخدرى‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وابن عمر‪ ً،‬وابن عمرو بن العاص‪ ً،‬وجابر‪ً،‬‬
‫وأنس‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬وروى عنه ابناه‪ :‬عبد ال وعبد الرحمن‪ ً،‬وعمر بن دينار‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وأخرج له‬
‫البخارى‪ ً،‬ومسلم‪ ً،‬والنسائى‪ ً،‬والترمذى‪ ً،‬وأبو داود‪.‬‬
‫**‬
‫* مبلغه من العلم والعدالة‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كان وهب بن منيبه واسع العلم‪ ً،‬كثير الطلع على الكتب القديمة‪ ً،‬محيطا بأخبار كثيرة وقصص يتعلقا‬
‫بأخبار ا ي‬
‫لمول ومبدأ العالم‪ ً،‬ومما يؤثر عنه أنه أرلف كتابا فى المغازى‪ ً،‬ويحيدثنا ابن خلكان‪ :‬أنه رأى‬
‫لوهب بن منيبه تصنيفا ترجمه بذكر الملوك المتروجه من رحممير‪ ً،‬وأخبارهم‪ ً،‬وقصصهم‪ ً،‬وقبورهم‬
‫وأشعارهم‪ ً،‬فى مجلد واحد‪ ً،‬قال‪ :‬وهو من الكتب المفيدة‪.‬‬
‫وقال أحمد بن حنبل عن عبد الرزاقا عن أبيه‪ :‬حج عامة الفقهاء سنة مائة فحج وهب‪ ً،‬فلما صلوا‬
‫العشاء أتاه فيهم عطاء والحسن‪ ً،‬وهم يريدون أن يتذكروا المقمدر‪ ً،‬قال‪ :‬فأمعن فى باب الحمد‪ ً،‬فما زال‬
‫فيه حتى طلع الفجر‪ ً،‬فافترقوا ولم يسألوه عن شئ‪ ً،‬قال أحم‪ :‬وكان ييتهم بشئ من المقمدر ثم رجع‪ ً،‬وقال‬
‫حماد بن سلمة عن أبى سنان‪ :‬سمعت وهب بن منيبه يقول‪ :‬كنت أقول بالمقمدر حتى قرأت بضعة وسبعين‬
‫كتابا من كتب النبياء فى كلها‪" :‬ممن جعل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر" فتركت قولى‪ .‬وقال‬
‫الجوزجانى‪ :‬كان وهب كتب كتابا فى المقمدر ثم حدث أنه ندم عليه‪.‬‬
‫فأنت ترى من بين هذه الخبار أن وهبا كان على ناحية عظيمة من المعرفة بالكتب اللهية القديمة‪ ً،‬كما‬
‫ترى أنه لم يثبت على رأيه وعقيدته فى المقمدر‪ ً،‬بل تركها بعد ما تبين له الحقا‪ ً،‬وندم على ما كان منه‬
‫بعد أن ظهر له الصواب‪ ً،‬وبعد رجوعه عن رأيه ل يصح أن نطعن عليه من هذه الناحية‪ ً،‬ولقد كان‬
‫وهب يرى فى نفسه أنه قد جمع علم ابن سلم وعلم كعب‪ ً،‬ويحيدث هو بذلك عن نفسه فيقول‪ :‬يقولون‪:‬‬
‫عبد ال بن سلم أعلم أهل زمانه‪ ً،‬وكعب أعلم أهل زمانه‪ ً،‬أفرأيمت من جمع علمهما؟ ‪ -‬يريد نفسه‪.‬‬
‫**‬
‫* مطاعن بعضِ الناس عليه‪:‬‬
‫ومع تلك المنزلة العالية التى كان عليها وهب‪ ً،‬طعن عليه بعضِ الناس كما طعن على كعب‪ ً،‬ورموه‬
‫بالكذب والتدليس وإفساد عقول بعضِ المسلمين وعقائدهم‪ ً،‬وقد سمعمت مقالة السيد محمد رشيد رضا فيه‬
‫وفى كعب‪ ً،‬وسمعمت الرد عليه‪ ً،‬كما سمعمت مقالة الستاذ أحمد أمين وما تعقبناه به‪.‬‬
‫**‬
‫* رأينا فيه وشهادات المويثقين له‪:‬‬
‫ص كثيرا من القصص إل أنى ل أتهمه‬ ‫وأنا وإن كنت ل أنكر أن صاحبنا أكثمر من السرائيليات‪ ً،‬وق ر‬
‫بشئ من الكذب‪ ً،‬ول أنسب إليه إفساد العقول والعقائد‪ ً،‬ول أيمحمله تبعة ذلك‪ ً،‬لن القوم هم الذين أفسدوا‬
‫بإدخالهم فى التفسير ما ل صلة له به‪ ً،‬وبالوضع عليه وعلى غيره ترويجا للموضوع كما سبقا‪.‬‬
‫ولو أرنا رجعنا إلى ما قاله العلماء الينرقاد فى شأن وهب لتبين لنا أنه رجل منرزه عما يرمى به‪ ً،‬مبرأ من‬
‫كل ما يخدش عدالته وصدقه‪ .‬قال الذهبى‪ :‬كان ثقة صادقا‪ ً،‬كثير النقل من كتب السرائيليات‪ .‬وقال‬
‫العجلى‪ :‬ثقة تابعى‪ ً،‬كان على قضاء صنعاء‪ ً،‬وقال ابن حجر‪ :‬وهب بن منيبه الصنعانى من التابعين‪ً،‬‬
‫ورثقة الجمهور‪ ً،‬وشرذ الفلس فقال‪ :‬كان ضعيفا‪ ً،‬وكان شبهته فى ذلك أنه كان ييتهم بالقول فى المقمدر‪.‬‬
‫وقال أبو زرعة والنسائى‪ :‬ثقة‪ .‬وذكره ابن حبان فى الثقات‪ .‬والبخارى نفسه يعتمد عليه وييومثقه‪ ً،‬ونرى‬
‫له فى البخارى حديثا واحدا عن أخيه همام عن أبى هريرة فى كتابة الحديث‪ ً،‬وتابعه عليه معمر عن‬
‫همام‪ ً،‬ولهمام هذا عن أبى هريرة نسخة مشهورة أكثرها فى الصحاح‪ ً،‬رواها عنه معمر ويحيدثنا مثنى‬
‫بن الصباح‪ .‬أن وهبا لبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءا‪ ..‬وغير هذا كثير مما شهد‬
‫لعدالة الرجل وحسن إيمانه‪..‬‬
‫ونحن أمام توثيقا الجمهور له‪ ً،‬واعتماد البخارى وغيره لحديثه‪ ً،‬وما ثبت عنه من الورع والصلح‪ ً،‬ل‬
‫نقول إل أنه رجل مظلوم من متهميه‪ ً،‬ومظلوم هو وكعب من أولئك الذين استغلوا شهرة الرجلين‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومنزلتهما العلمية‪ ً،‬فنسبوا إليهما ما ل يصح عنهما‪ ً،‬وشروهوا سمعتهما‪ ً،‬وعررضوهما للنقد اللذع‬
‫والطعن المرير!!‬
‫‪ - 4‬عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج‬
‫* ترجمته‪:‬‬
‫هو أبو خالد ‪ -‬أو أبو الوليد ‪ -‬عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج‪ ً،‬الموى مولهم ‪ -‬أصله رومى‬
‫نصرانى‪ .‬كان من علماء مكة ومحيدثيهم‪ ً،‬وهو رمن أول ممهن صرنف الكتب بالحجاز‪ ً،‬وهو قطب‬
‫السرائيليات فى عهد التابعين‪ ً،‬ولو أرنا رجعنا إلى تفسير ابن جرير الطبرى‪ ً،‬وتتعبنا اليات التى وردت‬
‫فى النصارى‪ ً،‬لوجدنا كثيرا مما يرويه ابن جرير فى تفسير هذه اليات يدور على عبد الملك‪ ً،‬الذى‬
‫يمعيبر عنه دائما بـ "ابن جريج"‪.‬‬
‫روى عن أبيه‪ ً،‬وعطاء بن أبى رباح‪ ً،‬وزيد بن أسلم‪ ً،‬والزهرى‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬وروى عنه ابناه‪ :‬عبد العزيز‬
‫ومحمد‪ ً،‬والوزاعى‪ ً،‬والليث‪ ً،‬ويحيى بن سعيد النصارى‪ ً،‬وحماد بن زيد‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬قال أبو سعد‪ :‬ولد‬
‫سنة ‪ 80‬هـ )ثمانين(‪ ً،‬وأما وفاته فمختلف فيها‪ ً،‬فمنهم ممن قال‪ :‬سنة ‪ 150‬هـ )خمسين ومائة(‪ ً،‬ومنهم‬
‫ممن قال‪ :‬سنة ‪ 159‬هـ )تسع وخمسين ومائة(‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫**‬
‫*مبلغه من العلم والعدالة‪:‬‬
‫ابن جريج ‪ -‬كما قيل ‪ -‬هو أول ممن صرنف الكتب بالحجاز‪ ً،‬ويعدونه من طبقة مالك بن أنس وغيره‬
‫ممن جمعوا الحديث ومدرونوه‪ .‬قال عبد ال ابن أحمد بن حنبل‪ :‬قلت لبى‪ :‬ممهن أول ممهن صرنف الكتب؟‬
‫قال‪ :‬ابن جريج وبان أبى عروبة‪ .‬وقال ابن عيينة‪ :‬سمعت أخى عبد الرزاقا بن همام عن ابن جريج‬
‫يقول‪ :‬ما درون العلم تدوينى أحد‪ .‬وقد يعرف عن ابن جريج أنه كان ررحالة فى طلب العلم‪ ً،‬فقد يورلمد بمكة‬
‫ثم ط روف فى كثير من البلد‪ ً،‬فرحل إلى البصرة واليمن وبغداد‪ .‬ويقول ابن خلدون فى "العبر" ‪ :‬إنه لم‬
‫يطلب العلم إلا فى الكهولة‪ ً،‬ولو سمع فى عنفوان شبابه لحمل عن غير واحد من الصحابة‪ ً،‬فإنه قال‪:‬‬
‫كنت أتتبع الشعار العربية والنساب فقيل لى‪ :‬لو لزممت عطاء؟ فلزمته ثمانية عشر عاما"‪.‬‬
‫وقد رويت عن ابن جريج أجزاء كثيرة فى التفسير عن ابن عباس‪ ً،‬منها الصحيح‪ ً،‬ومنها ما ليس‬
‫بصحيح‪ ً،‬وذلك لنه لم يقصد الصحة فيما جمع‪ ً،‬بل روى ما يذركمر فى كل آية من الصحيح والسقيم‪.‬‬
‫أما منزلته من ناحية العدالة‪ ً،‬فإنه لم يظفر بإجماع العلماء على توثيقه وتثبته فيما يرويه‪ ً،‬وإنما اختلفت‬
‫أنظارهم فيه‪ ً،‬فمنهم ممن ورثقه‪ ً،‬ومنهم ممن ضرعفه‪ .‬قال فيه العجلى‪ :‬مكى ثقة‪ .‬وقال سليمان بن النضر بن‬
‫مخلد بن يزيد‪ :‬ما رأيت أصدقا لهجة من ابن جريج‪ .‬وعن يحيى بن سعيد قال‪ :‬كنا نسمى كتب ابن‬
‫جريج كتب المانة‪ ً،‬وإن لم يحدثك بها ابن جريج من كتابه لم يينتفع به‪ .‬وقال ابن معين‪ :‬ثقة فى كل ما‬
‫يرروى عنه من الكتاب‪ .‬وعن يحيى ابن سعيد قال‪ :‬كان ابن جريج صدوقا فإذا قال‪" :‬حردثنى"‪ ً،‬فهو سماع‪.‬‬
‫وإذا قال‪" :‬أخبرنى" فهو قراءة‪ ً،‬وإذا قال‪" :‬قال"‪ ً،‬فهو شبه الريح‪ .‬وقال الدراقطنى‪ :‬تجنب تدليس ابن‬
‫جريج فإنه قبيح التدليس‪ ً،‬ل ييمديلس إل فيما سمعه من مجروح‪ .‬وذكره ابن حبان فى الثقات وقال‪ :‬كان‬
‫من فقهاء أهل الحجاز وقررائهم ومتقنيهم وكان ييمديلس‪ .‬وقال عنه الذهبنى فى ميزان العتدال‪ :‬أحد‬
‫العلم الثقات ييمديلس‪ ً،‬وهو فى نفسه مجمع على ثقته مع كونه قد تزوج نحوا من تسعين امرأة نكاح‬
‫متعة‪ ً،‬وكان يرى اليرخصة فى ذلك‪ ً،‬وكان فقيه أهل مكة فى زمانه‪ .‬قال عبد ال بن أحمد بن حنبل‪ :‬قال‬
‫أبى‪ :‬بعضِ هذه الحاديث التى كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة‪ ً،‬كان ابن جريج ل يبالى من‬
‫أين يأخذها‪ ً،‬يعنى قوله‪ :‬أيهخربرت ويحردثت عن فلن‪ .‬وذكر الخزرجى فى "خلصته" أنه مجمع عليه من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أصحاب الكتب الستة‪ .‬ولكن نرى الستاذ أحمد أمين ينقل فى "ضحى السلم"‪ :‬أن البخارى لم يويثقه‬
‫وقال‪ :‬إنه ل ييتامبع فى حديثه‪ ً،‬ولسنا ندرى من أين استقى صاحب "ضحى السلم" هذا الكلم الذى عزاه‬
‫إلى البخارى رضى ال عنه‪.‬‬
‫هذه هى نظرة العلماء إليه وحكمهم عليه‪ ً،‬ونرى أن كثيرا منهم يحكم عليه بالتدليس وعدم الثقة ببعضِ‬
‫مروياته‪ ً،‬ومع هذا فقد قال فيه المام أحمد‪ :‬إنه من أوعية العلم‪ ً،‬ونحن معه فى ذلك‪ ً،‬ولكنه وعاء لعلم‬
‫امتزج صحيحه بعليله‪ ً،‬ول نظن إل أن المام أحمد يعنى ذلك‪ ً،‬بدليل ما تقدم عنه من قوله‪" :‬بعضِ هذه‬
‫الحاديث التى كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة‪ ً،‬وكان ابن جريج ل يبالى من أين أخذها"‪.‬‬
‫وكان المام مالك رضى ال عنه يرى فيه أنه ل يبالى من أين يأخذ‪ ً،‬فقد روى عنه أنه قال‪ :‬كان ابن‬
‫جريج حاطب ليل‪.‬‬
‫وأخيرا فعلى المفيسر أن يكون على حذر فيما يرروى عن ابن جريج فى التفسير حتى ل يروى ضعيفا‪ ً،‬أو‬
‫يعتمد على سقيم‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهؤلء هم أقطاب السرائيليات‪ ً،‬وعليهم يدور كثير مما هو مبثوث فى كتب التفسير‪ ً،‬وسواء‬
‫ضمع عليهم‪ ً،‬فقد علممت قيمة كل واحد منهم‪ ً،‬وعلمت قيمة ما‬ ‫أكان كل ما يينسب إليهم صح عنهم أم يو ر‬
‫ييرموى من هذه السرائيليات وما يجوز روايته وما ل يجوز‪ ...‬وهذا هو جهد اليميقل وغاية ما وصليت‬
‫ضب‪.‬‬ ‫إليه فى هذا الموضوع الذى التوى‪ ً،‬ثم التوى‪ ً،‬حتى صار أعقد من مذمنرب ال ر‬
‫***‬
‫ثالثا‪ :‬حذف السناد‬
‫حذف السناد هو السبب الثالث والخير الذى يرجع إليه ضعف التفسير المأثور‪ ً،‬وسبقا أن أشرنا إلى‬
‫مبدأ اختصار السانيد‪ ً،‬ونعود إليه فنقول‪:‬‬
‫إ رن الصحابة ‪ -‬رضوان ال عليهم أجمعين ‪ -‬كانوا يتحرون الصحة فيما يتحملون‪ ً،‬وكان الواحد منهم ل‬
‫يروى حديثا إل وهو متثبت مما يقول‪ ً،‬ولكن لم ييعرفقا عن الصحابة أهم كانوا يسألون عن السناد‪ ً،‬لما‬
‫يعرفوا به جميعا من العدالة والمانة‪ .‬وإذا كان المر قد وصل ببعضهم إلى أنه كان ل يقبل الحديث إل‬
‫بعد أن تثبت عنده صحته بالشهادة أو اليمين كما درلت على ذلك الثار الكثيرة‪ ً،‬فإن الغرضِ من ذلك هو‬
‫لمبيى بن كعب ‪ -‬وقد‬ ‫زيادة التأكد والتثبت‪ ً،‬ل عدم الثقة بمن يروون عنه منهم‪ ً،‬فقد روى أن عمر قال ي‬
‫روى له حديثا ‪ -‬لتأتيننى على ما تقول ببيينة‪ ً،‬فخرج فإذا ناس من النصار فذكر لهم‪ ً،‬قالوا‪ :‬قد سمعنا‬
‫هذا من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬أما إنى لم أتهمك‪ ً،‬ولكن أحببت أن أتثبت"‪.‬‬
‫ثم جاء عصر التابعين‪ ً،‬وفيه ظهر الوضع وفشا الكذب‪ ً،‬فكانوا ل يقبلون حديثا إل إذا جاء بسنده‪ً،‬‬
‫وتثبتت لهم عدالة رواته‪ ً،‬أما إن يحرذف السند‪ ً،‬أو يذركر وكان فى رواته ممهن ل ييوثقا بحديثه‪ ً،‬فإنهم كانوا‬
‫ل يقبلون الحديث الذى هذا شأنه‪ ً،‬فقد روى المام مسلم فى مقدمة صحيحه عن ابن سيرين أنه قال‪" :‬لم‬
‫يكونوا يسألون عن السناد‪ ً،‬فلما وقعت الفتنة قالوا‪ :‬سموا لنا رجالكم"‪.‬‬
‫ظل المر فى عهد التابعين على هذا‪ ً،‬فكان ما يرووهنه من التفسير المأثور عن النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم أو عن الصحابة‪ ً،‬ل يروونه إل بإسناده‪ ً،‬ثم جاء بعد عصر التابعين ممن جرممع التفسير‪ ً،‬ومدرون ما‬
‫تجرمع لديه من ذلك‪ ً،‬فيأيلفت تفاسير تجمع أقوال النبى صلى ال عليه وسلم فى التفسير‪ ً،‬وأقوال الصحابة‬
‫والتابعين‪ ً،‬مع ذكر السانيد‪ ً،‬كتفسير سفيان بن عيينة‪ ً،‬ووكيع بن الجراح‪ ً،‬وغيرهما ممن تقردم ذكرهم‪.‬‬
‫ثم جاء بعد هؤلء أقوام أرلفوا فى التفسير‪ ً،‬فاختصروا السانيد‪ ً،‬ونقلوا القوال غير معزروة لقائليها‪ ً،‬ولم‬
‫يتحروا الصحة فيما يروون‪ ً،‬فدخل من هنا الدخيل‪ ً،‬والتبس الصحيح بالعليل‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم صار كل ممهن يسنح له قول يورده‪ ً،‬وممهن يخطر بباله شئ يعتمده‪ ً،‬ثم ينقل ذلك عنه ممهن يجئ بعده‪ً،‬‬
‫ل‪ ً،‬غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن المسملف‪.‬‬ ‫ظانا أرن له أص ل‬
‫وفى الحقا أن هذا السبب يكاد يكون أخطر السباب جميعا‪ ً،‬لن حذف السانيد جعل ممهن ينظر فى هذه‬
‫الكتب يظن صحة كل ما جاء فيها‪ ً،‬وجعل كثيراص من المفيسرين ينقلون عنها ما فيها من السرائيليات‬
‫والقصص المخترع على أنه صحيح كله‪ ً،‬مع أن فيها ما يخالف النقل ول يتفقا مع العقل‪.‬‬
‫وإذا كان للوضع خطره‪ ً،‬وللسرائيليات خطرها‪ ً،‬فإن هذا الخطر كان من الممكن تلفيه لو يذركرت لنا‬
‫هذه القوال بأسانيدها‪ ً،‬ولكن حذفها ‪ -‬وللسف ‪ -‬عرمى علينا كل شئ‪ ً،‬وليت هؤلء الذين حذفوا‬
‫السانيد وعنوا بجمع شتات القوال فعلوا كما فعل ابن جرير من رواية كل قول بإسناده‪ ً،‬فهو وإن كان‬
‫له يتحر الصحة فيما يرويه‪ ً،‬إل أن عذره فى ذلك‪ ً،‬أنه ذكر لنا السند مع كل رواية يرويها‪ ً،‬وكانوا‬
‫يرون أنهم متى ذكروا السند فقد خرجوا عن العهدة‪ ً،‬فإن أحوال الرجال كانت معروفة فى العهد الول‪ً،‬‬
‫وبذلك تعرف قيمة ما يروونه من ضعف وصحة‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهذه هى السباب الثلثة التى يرجع إليها ضعف التفسير المأثور‪ ً،‬وكل واحد منهما له خطره‬
‫وأثره فى التفسير‪ ً،‬وقد أدرك المسلمون أخيرا هذا الخطر‪ ً،‬وقردروا ما كان لهذه السباب من أثر‪ً،‬‬
‫فتداعى علماؤهم وأشياخهم إلى تجريد كتب التفسير من هذه السرائيليات‪ ً،‬وتطهيرها من كل ما دخل‬
‫عليها‪ ً،‬ولكن لم نجد منهم ممهن نشط لهذا العمل‪ ً،‬وإرنا لنرجو آملين‪ ً،‬أن يهيئ ال للمسلمين من بين علمائنا‬
‫وأشياخنا من ينقد لهم هذه المجموعة المركومة من التفسير النقلمى‪ ً،‬على هدى قواعد القوم فى نقد‬
‫الرواية متنا وسندا‪ ً،‬ليستبعد منها هذا كثيرا الذى ل يستحقا البقاء‪ ً،‬وليستريح الناظرون فى الكتاب‬
‫الكريم من الوقوف أمام شئ ل أساس له إذا ما حاولو تفهم آية منه‪.‬‬
‫وليس يت أظن أن هذا العمل الشاقا المضنى يستطيع أن يقوم به فرد وحده‪ ً،‬بل ل بد له من جماعة كبيرة‪ً،‬‬
‫تتفرغا له‪ ً،‬ويتسع أمامها الزمن‪ ً،‬وتتوفر لديها جميع المصادر والمراجع التى تتعلقا بالموضوع وتتصل‬
‫به‪.‬‬
‫ذلك ما نرجوه ونأمله‪ ً،‬ونسأل ال تعالى أن يحققا الرجاء ويصدقا المل‪..‬‬
‫***‬
‫أشهر ما يديومن من كتب التفسير المأثور وخصائص هذه الكتب‬
‫ل نريد أن نستقصى هنا جميع الكتب المدرونة فى التفسير المأثور‪ ً،‬لن هذا أمر ل يتيسر لنا‪ ً،‬نظرا لعدم‬
‫وقوع كثير منها فى أيدينا‪ .‬ولو تيسر لنا لوقفت عند عزمى هذا‪ :‬وهو أنى ل أتعرضِ لكل كتاب أيليمف‬
‫فى هذا النوع من التفسير‪ ً،‬بل أتكلم عما اشتهر وكثر تداوله فحسب‪ ً،‬فأنى لو ذهبت أتكلم عن جميع ما‬
‫يديون من هذه الكتب‪ ً،‬كتابا كتابا‪ ً،‬لطال علرى المر‪ ً،‬والرسول صلى ال عليه وسلم يقولك "إن اليمهنمبرت ل‬
‫أرضا قطع ول ظهرا أبقى"‪.‬‬
‫لهذا رأيت أن أتكلم عن ثمانية كتب منها‪ ً،‬هى أهمها وأشهرها وأكثرها تداولل‪ ً،‬وسبيلى فى هذا‪ :‬أن‬
‫أعرضِ أولل لنبذة مختصرة عن المؤلف‪ ً،‬ثم يأبيين خصائص كل كتاب وطريقة مؤلفه فيه‪ ً،‬وهذه الكتب‬
‫التى وقع عليها اختيارى هى ما يأتى‪:‬‬
‫‪ - 1‬جامع البيان فى تفسير القرآن ‪ :‬لبن جرير الطبرى‬
‫‪ - 2‬بحر العلوم ‪:‬لبى الليث السمرقندى‬
‫‪ - 3‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن ‪:‬لبى إسحاقا الثعلبى‬
‫‪ - 4‬معالم التنزيل ‪:‬لبى محمد الحسين البغووى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ - 5‬المحررالوجيز فى تفسير الكتاب العزيز ‪:‬لبن عطية الندلسى‪.‬‬
‫‪ - 6‬تفسير القرآن العظيم ‪:‬لبى الفداء الحافظ ابن كثير‬
‫‪ - 7‬الجواهر الحسان فى تفسير القرآن‪ :‬لعبد الرحمن الثعالبى‬
‫‪ - 8‬الدر المنثور فى التفسير المأثور ‪ :‬لجلل الدين السيوطى‬
‫وسنتكلم عن كل واحد منها بحسب هذا الترتيب فنقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫‪ - 1‬جامع البيان فى تفسير القرآن )للطبرى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو جعفر‪ ً،‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير ابن غالب الطبرى‪ ً،‬المام الجليل‪ً،‬‬
‫المجتهد المطلقا‪ ً،‬صاحب التصانيف المشهورة‪ ً،‬وهو من أهل آمل طبرستان‪ ً،‬يورلمد بها سنة ‪ 224‬هـ‬
‫)أربع وعشرين ومائتين من الهجرة(‪ ً،‬ورحل من بلده فى طلب العلم وهو ابن اثنتى عشرة سنة‪ ً،‬سنة‬
‫‪ 236‬هـ )ست وثلثين ومائتين(‪ ً،‬وطروف فى القاليم‪ ً،‬فيسرممع بمصر والشام والعراقا‪ ً،‬ثم ألقى عصاه‬
‫واستقر ببغداد‪ ً،‬وبقى بها إلى أن مات سنة ‪ 310‬هـ )عشر وثلثمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫**‬
‫* مبلغه من العلم والعدالة‪:‬‬
‫كان ابن جرير أحد الئمة العلم‪ ً،‬ييحكم بقوله‪ ً،‬وييرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله‪ ً،‬وكان قد جمع من‬
‫العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره‪ ً،‬فكان حافظما لكتاب ال‪ ً،‬بصيرا بالقرآن‪ ً،‬عارفا بالمعانى‪ً،‬‬
‫فقيها فى أحكام القرآن‪ ً،‬عالما بالسنن وطرقها‪ ً،‬وصحيحها وسقيمها‪ ً،‬وناسخها ومنسوخها‪ ً،‬عارفا بأقوال‬
‫الصحابة والتابعين وممهن بعدهم رم من المخالفين فى الحكام‪ ً،‬ومسائل الحلل والحرام‪ ً،‬عارفا بأيام الناس‬
‫وأخبارهم‪ ً،‬هذا هو ابن جرير فى نظر الخطيب البغدادى وهى شهادة عارلم خبير بأحوال الرجال‪ .‬ويذركمر‬
‫أن أبا العباس بن سريج كان يقول‪ :‬محمد بن جرير فقيه عالم‪ .‬وهذه الشهادة جد صادقة‪ ً،‬فإن الرجل‬
‫صرنف فى علوم‬ ‫برع فى علوم كثيرة‪ ً،‬منها‪ :‬علم القراءات‪ ً،‬والتفسير‪ ً،‬والحديث‪ ً،‬والفقه‪ ً،‬والتاريخْ وقد م‬
‫كثيرة وأبدع التأليف وأجاد فيما صرنف‪ ً،‬فمن مصنفاته‪ :‬كتاب التفسير الذى نحن بصدده‪ .‬وكتاب التاريخْ‬
‫المعروف بتاريخْ المم والملوك‪ ً،‬وهو من يأمهات المراجع‪ ً،‬وكتاب القراءات‪ ً،‬والعدد والتنزيل‪ ً،‬وكتاب‬
‫اختلف العلماء‪ ً،‬وتاريخْ الرجال من الصحابة والتابعين‪ ً،‬وكتاب أحكام شرائع السلم‪ ً،‬أرلفه على ما أرداه‬
‫إليه اجتهاده‪ ً،‬وكتاب التبصر فى أصول الدين‪ ...‬وغير هذا كثير من تصانيفه التى تدل على سعة علمه‬
‫وغزارة فضله‪.‬‬
‫ولكن هذه الكتب قد اختفى معظمها من زمن بعيد‪ ً،‬ولم يحظ منها بالبقاء إلى يومنا هذا وبالشهرة‬
‫الواسعة‪ ً،‬سوى كتاب التفسير‪ ً،‬وكتاب التاريخْ‪.‬‬
‫وقد اعيتربر الطبرى أبا للتفسير‪ .‬كما اعيتربر أبا للتاريخْ السلمى‪ ً،‬وذلك بالنظر لما فى هذين الكتابين من‬
‫الناحية العلمية العالية‪ .‬ويقول ابن خلكان‪ :‬إنه كان من الئمة المجتهدين‪ ً،‬لم يقلدا أحدا‪ ً،‬وينرقل أن الشيخْ‬
‫أبا إسحاقا الشيرازى ذكره فى طبقات الفقهاء فى جملة المجتهدين‪ .‬قالوا‪ :‬وله مذهب معروف‪ً،‬‬
‫وأصحاب ينتحلون مذهبه يقال لهم "الجريرية"‪ ً،‬ولكن هذا المذهب الذى أسسه ‪ -‬على ما يظهر ‪ -‬بعد‬
‫بحث طويل‪ ً،‬ووجد له أتباعا من الناس‪ ً،‬لم يستطع البقاء إلى يومنا هذا كغيره من مذاهب المسلمين‪ً،‬‬
‫ويظهر أن ابن جرير كان قبل أن يبلغ هذه الدرجة من الجتهاد ميتمذهبا بمذهب الشافعى‪ ً،‬يدلنا على ذلك‬
‫ما جاء فى الطبقات الكبرى لبن السبكى‪ ً،‬من أن ابن جرير قال‪ :‬أظهريت فقه الشافعى‪ ً،‬وأفتييت به‬
‫ببغداد عشر سنين‪ ً،‬وتلقاه منى ابن بشار الحول‪ ً،‬أستاذ أبى العباس بن سريج‪ .‬وقال السيوطى فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫طبقات المفيسرين‪ :‬وكان أولل شافعيا ثم انفرد بمذهب مستقل‪ ً،‬وأقاويل واختيارات‪ ً،‬وله أتباع مقيلدون‪ً،‬‬
‫وله فى الصول والفروع كتب كثيرة‪.‬‬
‫وذكره صاحب لسان الميزان فقال‪" :‬ثقة‪ ً،‬صادقا‪ ً،‬فيه تشيع يسير‪ ً،‬وموالة ل تضر‪ "...‬ثم قال‪ :‬أقذع‬
‫أحمد بن على السليمانى الحافظ فقال‪ :‬كان يضع للروافضِ‪ ً،‬وهذا رجم بالظن الكاذب‪ ً،‬بل ابن جرير من‬
‫كبار أئمة السلم المعتمدين‪ ً،‬وما نردعى عصمته من الخطأ‪ ً،‬ول يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوى‪ ً،‬فإن‬
‫كلم العلماء بعضهم فى بعضِ ينبغى أن ييتأرتى فيه‪ ً،‬ول سيما فى مثل إمام كبير‪ ً،‬ولعل السليمانى أراد‬
‫التى ‪ -‬يريد محمد ابن جرير بن رستم الطبرى الرافضى ‪ -‬قال‪ :‬ولو حلفيت أن السليمانى ما أراد إل‬
‫التى لبررت‪ ً،‬والسليمانى حافظ متقن‪ ً،‬كان يدرى ما يخرج من رأسه‪ ً،‬فل أعتقد أنه يطعن فى مثل هذا‬
‫المام بهذا الباطل"‪.‬‬
‫هذا هو ابن جرير‪ ً،‬وهذه هى نظرات العلماء إليه‪ ً،‬وذلك هو حكمهم عليه‪ ً،‬ومن كل ذلك تتبين لنا قيمته‬
‫ومكانته‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه‪:‬‬
‫يعتبر تفسير ابن جرير من أقوم التفاسير وأشهرها‪ ً،‬كما يعتبر المرجع الول عند المفيسرين الذين عنوا‬
‫بالتفسير النقلى‪ ً،‬وإن كان فى الوقت نفسه ييعتبر مرجعا غير قليل الهمية من مراجع التفسير العقلى‪ً،‬‬
‫نظرا لما فيه من الستنباط‪ ً،‬وتوجيه القوال‪ ً،‬وترجيح بعضها على بعضِ‪ ً،‬ترجيحا يعتمد على النظر‬
‫العقلى‪ ً،‬والبحث الحر الدقيقا‪.‬‬
‫ويقع تفسير ابن جرير فى ثلثين جزءا من الحجم الكبير‪ ً،‬وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب سيكاد‬
‫ييعتبر مفقودا ل وجود له‪ ً،‬ثم قردر ال له الظهور والتداول‪ ً،‬فكانت مفاأجة سارة للوساط العلمية فى‬
‫الشرقا والغرب أن يورجمدت فى حيازة أمير "حائل" المير حمود ابن المير عبد الرشيد من أمراء نجد‬
‫نسخه مخطوة كاملة من هذا الكتاب‪ ً،‬يطربع عليها الكتاب من زمن قريب‪ ً،‬فأصبحت فى يدنا دائرة‬
‫معارف غنية فى التفسير المأثور‪.‬‬
‫ولو أننا تتبعنا ما قاله العلماء فى تفسير ابن جرير‪ ً،‬لوجدنا أن الباحثين فى الشرقا والغرب قد أجمعوا‬
‫الحكم على عظيم قيمته‪ ً،‬واتفقوا على أنه مرجع ل رغمنى عنه لطالب التفسير‪ ً،‬فقد قال السيوطى رضى‬
‫ال عنه‪" :‬وكتابه ‪ -‬يعنى تفسير محمد بن جرير ‪ -‬أرجل التفاسير وأعظمها‪ ً،‬فإنه يتعرضِ لتوجيه‬
‫القوال‪ ً،‬وترجيح بعضها على بعضِ‪ ً،‬والعراب‪ ً،‬والستنباط‪ ً،‬فهو يفوقا بذلك على تفاسير القدمين"‪.‬‬
‫لمة على أنه لم ييصرنف مثل تفسير الطبرى" وقال أبو حامد السفرايينى‪" :‬لو‬ ‫وقال النووى‪" :‬أجمعت ا ي‬
‫سافر رجل إلى الصين حتى يحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا"‪ ً،‬وقال شيخْ‬
‫السلم ابن تيمية‪" :‬وأما التفاسير التى فى أيدى الناس‪ ً،‬فأصحها تفسير ابن جرير الطبرى‪ ً،‬فإنه يذكر‬
‫مقالت المسملف بالسانيد الثابتة‪ ً،‬وليس فبه بدعة‪ ً،‬ول ينقل عن المتهمين‪ ً،‬كمقاتل بن بكير والكلبى"‪.‬‬
‫ويذكر صاحب لسان الميزان‪ :‬أن ابن خزيمة استعار تفسير ابن جرير من ابن خالويه فرده بعد سنين ثم‬
‫قال‪" :‬نظر يت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الرضِ أعلم من ابن جرير" فابن خزيمة ما شهد‬
‫هذه الشهادة إل بعد أن اطلع على ما فى هذا التفسير من علم واسع غزير‪.‬‬
‫وهذا قد كتب "نولدكه" فى سنة ‪ 1860‬بعد اطلعه على بعضِ فقرات من هذا الكتاب‪" :‬لو كان بيدنا هذا‬
‫الكتاب لستغنينا به عن كل التفاسير المتأخرة‪ ً،‬ومع السف فقد كان يظهر أنه مفقود تماما‪ ً،‬وكان مثل‬
‫تاريخه الكبير مرجعا ل يغيضِ معينه أخذ عنه المتأخرون معارفهم"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ويظهر مما بأيدينا من المراجع‪ ً،‬أن هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم‪ ً،‬اختصر مؤلفه إلى هذا‬
‫القدر الذى هو عليه الن‪ ً،‬كما أن كتابه فى التاريخْ ظفر بمثل هذا البسط والختصار‪ ً،‬فابن السبكى يذكر‬
‫فى طبقاته الكبرى‪" :‬أن أبا جعفر قال لصحابه‪ :‬أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا‪ :‬كم يكون قدره؟‪ ً،‬فقال‪:‬‬
‫ثلثون ألف ورقة‪ ً،‬فقالوا‪ :‬هذا ربما تفنى العمار قبل تمامه‪ ً،‬فاختصره فى نحو ثلثة آلف ورقة‪ ً،‬ثم‬
‫قال‪ :‬هل تنشطون لتاريخْ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا‪ :‬كم قدره؟‪ ً،‬فذكر نحوا مما ذكره فى‬
‫التفسير‪ ً،‬فأجابوه بمثل ذلك‪ ً،‬فقال‪ :‬إرنا ل‪ ً،‬ماتت الهمم‪ ..‬فاختصره فى نحو ما اختصر التفسير"‪.‬‬
‫وهذا ونستطيع أن نقول إن تفسير ابن جرير هو التفسير الذى له الرولية بين كتب التفسير‪ ً،‬أرولية زمنية‪ً،‬‬
‫وأرولية من ناحية الفن والصناعة‪.‬‬
‫أما أ روليته الزمنية‪ ً،‬فلنه أقدم كتاب فى التفسير وصل إلينا‪ ً،‬وما سبقه من المحاولت التفسيرية ذهبت‬
‫بمرور الزمن‪ ً،‬ولم يصل إلينا شئ منها‪ ً،‬الرلهم إل ما وصل إلينا منها فى ثنايا ذلك الكتاب الخالد الذى‬
‫نحن بصدده‪.‬‬
‫وأما أروليته من ناحية الفن والصناعة‪ ً،‬فذلك أمر يرجع إلى ما يمتاز بهن الكتاب من الطريقة البديعة‬
‫التى سلكها فيه مؤلفه‪ ً،‬حتى أخرجه للناس كتابا له قيمته ومكانته‪.‬‬
‫ونريد أن نعطى هنا مثالل لطريقة ابن جرير فى تفسيره‪ ً،‬بعد أن أخذنا فكرة عامة عن الكتاب‪ ً،‬حتى‬
‫يتبين للقارئ أن الكتاب واحد فى بابه‪ ً،‬سبقا به مؤلفه غيره من المفيسرين‪ ً،‬فكان عمدة المتأخرين‪ً،‬‬
‫ومرجعا مهما من مراجع المفيسرين‪ ً،‬على اختلف مذاهبهم‪ ً،‬وتعدد طرائقهم‪ ً،‬فنقول‪:‬‬
‫* طريقة ابن جرير فى تفسيره‪:‬‬
‫تتجرلى طريقة ابن جرير فى تفسيره بكل وضوح إذا نحن قرأنا فيه وقطعنا فى القراءة شوطا بعيدا‪ ً،‬فأول‬
‫ما نشاهده‪ ً،‬أنه إذا أراد أن يفيسر الية من القرآن يقول‪" :‬القول فى تأويل قوله تعالى كذا وكذا" ثم‬
‫يف يسرالية ويستشهد على ما قاله بما يرويه بسنده إلى الصحابة أو التابعين من التفسير المأثور عنهم فى‬
‫هذه الية‪ ً،‬وإذا كان فى الية قولن أو أكثر‪ ً،‬فإنه يعرضِ لكل ما قيل فيها‪ ً،‬ويستشهد على كل قول بما‬
‫يرويه فى ذلك عن الصحابة أو التابعين‪.‬‬
‫ثم هو ل يقتصر على مجرد الرواية‪ ً،‬بل نجده يتعرضِ لتوجيه القوال‪ ً،‬ويرجح بعضها على بعضِ‪ ً،‬كما‬
‫نجده يتعرضِ لناحية العراب إن دعت الحال إلى ذلك‪ ً،‬كما أنه يستنبط الحكام التى يمكن أن تؤخذ من‬
‫الية‪ ً،‬مع توجيه الدلة وترجيح ما يختار‪.‬‬
‫* إنكار على ممن يفيسر بمجرد الرأى‪:‬‬
‫ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأى المستقلين فى التفكير‪ ً،‬ول يزال ييشيدد فى ضرورة الرجوع إلى العلم‬
‫ل صحيحا مستفيضا‪ ً،‬ويرى أن ذلك وحده هو علمة‬ ‫الراجع إلى الصحابة أو التابعين‪ ً،‬والمنقول عنهم نق ل‬
‫ل عندما تكرلم عن قوله تعالى فى الية ]‪ [49‬من سورة يوسف‪} :‬يثرم ميهأرتي رمن مبهعرد‬ ‫التفسير الصحيح‪ ً،‬فمث ل‬
‫صيرومن{ُ‪ ..‬نجده يذكر ما ورد فى تفسيرها عن المسملف مع توجيهه‬ ‫ـذرلمك معافم رفيره يمغايث ٱلرنايس مورفيره ميهع ر‬
‫للقوال وتعسرضه للقراءات بقدر ما يحتاج إليه تفسير الية‪ ً،‬ثم يعرج بعد ذلك على ممهن يفيسر القرآن‬
‫برأيه‪ ً،‬وبدون اعتماد منه على شئ إل على مجدراللغة‪ ً،‬فيفند قوله‪ ً،‬ويبطل رأيه‪ ً،‬فيقل ما نصه‪..." :‬‬
‫وكان بعضِ ممن ل علم له بأقوال المسملف من أهل التأويل‪ ً،‬ممن ييفيسر القرآن برأيه على مذهب كلم‬
‫صيرومن{ُ‪ ..‬إلى‪ :‬وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث‪ ً،‬ويزعم أنه‬ ‫العرب‪ ً،‬يوجه معنى قوله‪} :‬مورفيره ميهع ر‬
‫رممن العصر‪ ً،‬والعصر التى بمعنى المنجاة‪ ً،‬من قول أبى زبيد الطائى‪:‬‬
‫*صاديا يستغيث غير مغاث * ولقد كان عصرة المنجود*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أى المقهور ‪ -‬ورمهن قول لبيد‪:‬‬
‫*فبات وأسرى القوم آخر ليلهم * وما كان وقافا بغير معصر*‬
‫وذلك تأويل يكفى من الشهادة على خطئة خلفه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين"‪.‬‬
‫وكثيرا ما يقف ابن جرير مثل هذا الموقف حيال ما يروى عن مجاهد أو الضحاك أو غيرهما ممن‬
‫يررون عن ابن عباس‪.‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [65‬من سورة البقرة‪} :‬مولممقهد معرلهميتيم ٱرلرذيمن ٱهعمتمدوها رمهنيكهم رفي ٱلرسهبرت مفيقهلمنا‬ ‫فمث ل‬
‫مليههم يكوينوها رقمرمدلة مخارسرئيمن{ُ‪ ..‬يوقل ما نصه‪" :‬حردثنى المثنى‪ ً،‬قال‪ .‬حردثنا أبو حذيفة‪ ً،‬قال‪ :‬حردثنا شبل‪ ً،‬عن‬
‫ابن أبي نجيح‪ ً،‬عن مجاهد‪} :‬مولممقهد معرلهميتيم ٱرلرذيمن ٱهعمتمدوها رمهنيكهم رفي ٱلرسهبرت مفيقهلمنا لميههم يكوينوها رقمرمدلة مخارسرئيمن{ُ قال‪:‬‬
‫"يمرسمخمت قلوبهم ولم مييمسخوا قردة‪ ً،‬وإنما هو مثل ضربه ال لهم‪ ً،‬كمثل الحمار يحمل أسفارا"‪.‬‬
‫ثم يعقب ابن جرير بعد ذلك على قول مجاهد فيقول ما نصه‪" :‬وهذا القول الذى قاله مجاهد‪ ً،‬قول لظاهر‬
‫ما درل عليه كتاب ال مخالف"‪ ....‬الخْ‪.‬‬
‫ل متهعمتيدومها‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى‪ :‬فى الية‪ [229] :‬من سورة البقرة أيضا‪} :‬رتهلمك يحيدويد ٱللرره مف م‬ ‫ومث ل‬
‫موممن ميمتمعرد يحيدومد ٱلرلره مفيأهولمــرئمك يهيم ٱلرظارليمومن{ُ‪ ..‬نجده يروى عن الضحاك فى معنى هذه الية‪ :‬أمن ممهن‬
‫طرلقا لغير الرعردة فقد اعتدى وظلم نفسه‪ ً،‬وممهن يتعرد حدود ال فأولئك هم الظالمون‪ .‬ثم يقول‪" :‬وهذا الذى‬
‫يذكر عن الضحاك ل معنى له فى هذا الموضع‪ ً،‬لنه لم يجر للطلقا فى الرعردة ذكر فيقال‪} :‬رتهلمك يحيدويد{ُ‪ً،‬‬
‫وإنما جرى ذكر العدد الذى يكون للمطيلقا فيه الرجعة والذى ل يكون له فيه الرجعة‪ ً،‬دون ذكر البيان‬
‫عن الطلقا للرعردة"‪.‬‬
‫‪ ...‬وهكذا نجد ابن جرير فى يغر موضع من تفسيره‪ ً،‬ينبرى للرد على مثل هذه الراء التى ل تستند‬
‫على شئ إل على مجرد الرأى أو محضِ اللغة‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من السانيد‪:‬‬
‫ثم إن ابن جرير وإن التزم فى تفسيره ذكر الروايات بأسانيدها‪ ً،‬إل أنه فى العم الغلب ل يتعقب‬
‫السانيد بتصحيح ول تضعيف‪ ً،‬لنه كان يرى ‪ -‬كما هو مقرر فى أصول الحديث ‪ -‬أرن ممن أسند لك‬
‫فقد حملك البحث عن رجال السند ومعرفة مبلغهم من العدالة أو الجرح‪ ً،‬فهو بعمله هذا قد خرج من‬
‫العهدة‪ ً،‬ومع ذلك فابن جرير يقف من السند أحيانا موقف الناقد البصير‪ ً،‬فيمعيدل ممهن يمعيدل من رجال‬
‫السناد‪ ً،‬وييجيرح ممهن يمجيرح منهم‪ ً،‬ويرد الرواية التى ل يثقا بصحتها‪ ً،‬وييصيرح برأيه فيها بما يناسبها‪ً،‬‬
‫ل نحده عنده تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [94‬من سورة الكهف‪...} :‬مفمههل منهجمعيل ملمك مخهرجا معملـى مأن‬ ‫فمث ل‬
‫متهجمعمل مبهيمنمنا مومبهيمنيههم مسسدا{ُ ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬يرروى عن عكرمة فى ذلك ‪ -‬يعنى فى ضم سين " سدا"‬
‫وفتحها ‪ -‬ما حردثنا به أحمد بن يوسف‪.‬‬
‫قال‪ :‬حردثنا القاسم‪ ً،‬قال‪ :‬حردثنا حجاج‪ ً،‬عن هارون‪ ً،‬عن أيوب‪ ً،‬عن عكرمة قال‪ :‬ما كان من صنعة بنى‬
‫آدم فهو الرسد ‪ -‬يعنى بفتح السين‪ ً،‬وما كان من صنع ال فهو السسد‪ ً،‬ثم يعقب على هذا السند فيقول‪ :‬وأما‬
‫ما ذكره عن عكرمة فى ذلك‪ ً،‬فإرن الذى نقمل عن أيوب‪" :‬هارون"‪ ً،‬و فى نقله نظر‪ ً،‬ول نعرف ذلك عن‬
‫أيوب من رواية ثقاة أصحابه"‪.‬‬
‫**‬
‫* تقديره للجماع‪:‬‬
‫لرمة‪ ً،‬ويعطيه سلطانا كبيرا فى اختيار ما يذهب إليه من‬ ‫كذلك نجد ابن جرير فى تفسيره يمقيدر إجماع ا ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل مترحسل مليه رمن مبهعيد محرتـى‬ ‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [230‬من سورة البقرة‪} :‬مفرإهن مطلرمقمها مف م‬ ‫التفسير‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل مترحسل لميه رمن مبهعيد‬ ‫متهنركمح مزهوجا مغهيمريه{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬فإن قال قائل‪ :‬فأى النكاحين معرنمى ال بقوله‪} :‬مف م‬
‫محرتـى متهنركمح مزهوجا مغهيمريه {ُ؟ النكاح الذى هو رجماع؟ أم النكاح الذى هو عقد تزويج؟ قيل‪ :‬كلهما‪ ً،‬وذلك‬
‫أن المرأة إذا نكحت زوجا نكاح تزويج ثم لم يطأها فى ذلك النكاح ناكحها ولم يجامعها حتى ييطيلقها لم‬
‫لرمة جميعا‪ ً،‬فإذا كان ذلك‬ ‫تحل للول‪ ً،‬وكذلك إن وطئها واطئ بغير نكاح لم تحل للول‪ ً،‬لجماع ا ي‬
‫ل مترحسل لميه رمن مبهعيد محرتـى متهنركمح مزهوجا مغهيمريه{ُ‪ ً،‬نكاحا صحيحا‪ ً،‬ثم يجامعها‬ ‫كذلك‪ ً،‬فمعلوم أن تأويل قوله‪} :‬مف م‬
‫فيه‪ ً،‬ثم ييطيلقها‪ ً،‬فإن قال‪ :‬فإن ذكر الرجماع غير موجود فى كاب ال تعالى ذكره‪ ً،‬فما الدللة على أن‬
‫لرمة جميعا على أن ذلك معناه"‪.‬‬ ‫معناه ما قلت؟ قيل‪ :‬الدللة على ذلك إجماع ا ي‬
‫* موقفه من القراءات‪:‬‬
‫كذلك نجد ابن جرير يعنى بذكر القراءات وينزلها على المعانى المختلفة‪ ً،‬وكثيرا ما يرد القراءات التى‬
‫ل تعتمد على الئمة الذين يعيتبرون عنده وعند علماء القراءت يحرجة‪ ً،‬والتى تقوم على يأصول مضطربة‬
‫مما يكون فيه تغيير وتبديل لكتاب ال‪ ً،‬ثم يتبع ذلك برأيه فى آخر المر مع توجيه رأيه بالسباب‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل‬
‫صمفلة{ُ‪ ..‬يذكر أن عامة يقرراء‬ ‫عند قوله تعالى فى الية ]‪ [81‬من سورة النبياء‪} :‬مولريسلمهيممامن ٱليريمح معا ر‬
‫المصار قرأوا "الريمح" بالنصب على أنها مفعول لـ "سرخرنا" المحذوف‪ ً،‬وأن عبد الرحمن العرج قرأ‬
‫"الري يح" بالرفع على أنها مبتدأ ثم يقول‪ :‬والقراءة التى ل أستجيز القراءة بغيرها فى ذلك ما عليه يقرراء‬
‫المصار لجماع اليحرجة من اليقسراء عليه‪.‬‬
‫ولقد يرجع السبب فى عناية ابن جرير بالقراءات وتوجيهها إلى أنه كان من علماء القراءات‬
‫المشهورين‪ ً،‬حتى إنهم ليقولون عنه‪ :‬إنه أرلف فيها مؤيلفا خاصا فى ثمانية عشر مجلدا‪ ً،‬ذكر فيه جميع‬
‫القراءات من المشهور والشواذ وعرلل ذلك وشرحه‪ ً،‬واختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور‪ ً،‬وإن‬
‫كان هذا الكتاب قد ضاع بمرورالزمن ولم يصل إلى أيدينا‪ ً،‬شأن الكثير من مؤلفاته‪.‬‬
‫**‬
‫*موقفه من السرائيليات‪:‬‬
‫ثم إننا نجد ابن جرير يأتى فى تفسيره بأخبار مأخوذة من القصص السرائيلى‪ ً،‬يرويها بإسناده إلى كعب‬
‫الحبار‪ ً،‬ووهب بن منيبه‪ ً،‬وابن جريج‪ ً،‬والسدى‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬ونراه ينقل عن محمد بن إسحاقا كثيرا مما‬
‫رواه عن مسلمة النصارى‪ .‬ومن السانيد التى تسترعى النظر‪ ً،‬هذا السناد‪ :‬حردثنى ابن حميد‪ ً،‬قال‪:‬‬
‫حردثنا سلمة عن ابن إسحاقا عن أبى عتاب ‪ -‬رجل من تغلب ‪ -‬كان نصرانيا عمرا من دهره ثم أسلم‬
‫بعد فقرأ القرآن وفقه فى الدين‪ ً،‬وكان فيما ذكر‪ ً،‬أنه كان نصرانيا أربعين سنة ثم عمر فى السلم‬
‫أربعين سنة‪.‬‬
‫يذكر ابن جرير هذا السناد‪ ً،‬ويروى لهذا الرجل النصرانى الصل خبرا عن آخر أنبياء بنى إسرائيل‪ً،‬‬
‫لهنيفرسيكهم موإرهن أممسهأيتهم مفلممها‬
‫عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من سورة السراء‪} :‬إهن أمهحمسهنيتهم أمهحمسهنيتهم م‬
‫ر‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫مفرإمذا مجآمء موهعيد ٱلرخمررة رلمييسويءوها يويجومهيكهم مورلميهديخيلوها ٱهلممهسرجمد مكمما مدمخلويه أرومل ممررهَة مورليمتيبيروا مما معملهوا متهتربيرا{ُ‪.‬‬
‫ي‬
‫كما نراه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [94‬من سورة الكهف‪} :‬مقايلوها ـيمذا ٱهلمقهرمنهيرن إررن ميهأيجومج موممهأيجومج‬
‫ضِ{ُ‪ ..‬الية‪ ..‬يسوقا هذا السناد‪ :‬حردثنا ابن حميد قال‪ :‬حردثنا سلمة قال‪ :‬حردثنا محمد‬ ‫يمهفرسيدومن رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫ابن إسحاقا قال‪ :‬حردثنى بعضِ ممن يسوقا أحاديث العاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم‪ ً،‬مما توارثوا من‬
‫ل من أهل مصر‪ ً،‬اسمه مرزبا بن مردبة اليونانى من ولد يونن‬ ‫علم ذى القرنين أرن ذا القرنين كان رج ل‬
‫بن يافث بن نوح‪ ..‬إلخْ"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ ...‬وهكذا ييكثر ابن جرير من رواية السرائيليات‪ ً،‬ولعل هذا راجع إلى ما تأرثر به من الروايات‬
‫التاريخية التى عالجها فى بحوثه التاريخية الواسعة‪.‬‬
‫وإذا كان ابن جرير يتعقب كثيرا من هذه الروايات بالنقد‪ ً،‬فتفسيره ل يزال يحتاج إلى النقد الفاحص‬
‫الشامل‪ ً،‬احتياج كثير من كتب التفسير التى اشتملت على الموضوع والقصص السرائيلى‪ ً،‬على أن ابن‬
‫جرير ‪ -‬كما قردمنا ‪ -‬قد ذكر لنا السند بتمامه فى كل رواية يرويها‪ ً،‬وبذلك يكون قا دخرج من العهدة‪ً،‬‬
‫وعلينا نحن أن ننظر فى السند ونتفقد الروايات‪.‬‬
‫**‬
‫*انصرافه عما ل فائدة فيه‪:‬‬
‫ومما يلفت النظر فى تفسير ابن جرير أن مؤيلفه ل يهتم فيه ‪-‬كما يهتم غيره من المفيسرين ‪ -‬بالمور‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة المائدة‪} :‬إرهذ مقامل ٱهلمحمواررسيومن ـيرعيمسى‬ ‫التى ل تغنى ول تفيد‪ ً،‬فنراه مث ل‬
‫ٱهبمن ممهرميم مههل ميهسمترطييع مرسبمك مأن يمنيزمل معملهيمنا ممآرئمدلة يممن ٱلرسممآرء‪ ُ{.......‬اليات إلى قوله‪} :‬موٱهريزهقمنا مومأنمت‬
‫مخهيير ٱلررارزرقيمن{ُ ]‪ ..[114 - 112‬يعرضِ لذكر ما ورد من الروايات فى نوع الطعام الذى نزلت به‬
‫مائدة السماء‪ ..‬ثم ييعيقب على هذا بقوله‪" :‬وأما الصواب من القول فيما كان على المائدة فأن يقال‪ :‬كان‬
‫عليها مأكول‪ ً،‬وجائز أن يكون سمكا وخبزا‪ ً،‬وجائز أن يكون ثمرا من الجنة‪ ً،‬وغير نافع العلم به‪ ً،‬ول‬
‫ضار الجهل به‪ ً،‬إذا أقرر تالى الية بظاهر ما احتمله التنزيل"‪.‬‬
‫كما نراه عند تفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [20‬من سورة يوسف‪} :‬مومشمرهويه ربمثممهَن مبهخهَس مدمرارهم ممهعيدومدهَة‬
‫مومكاينوها رفيره رممن ٱلرزارهرديمن{ُ‪ ..‬يعرضِ لمحاولت قدماء المفيسرين فى تحديد عدد الدراهم‪ ً،‬هل هى‬
‫عشرون؟ أو اثنان وعشرون؟ أو أربعون؟‪ ..‬إلى آخر ما ذكره من الروايات‪ ..‬ثم ييعرقب على ذلك كله‬
‫بقوله‪" :‬والصواب من القول أن يقال‪ :‬إرن ال ‪ -‬تعالى ذكره ‪ -‬أخبر أنهم باعوه بدراهم معدودة غير‬
‫موزونة‪ ً،‬ولم يحد مبلغ ذلك بوزن ول عدد‪ ً،‬ول وضع عليه دللة فى كتاب ول خبر من الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد يحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين‪ ً،‬وأن يكون كان أربعون‪ ً،‬وأقل من ذلك وأكثر‪ً،‬‬
‫وأى ذلك فإنها كانت معدودة غير موزونة‪ ً،‬وليس فى العلم بملغ وزن ذلك فائدة تقع فى دين‪ ً،‬ول فى‬
‫ضرر فيه‪ ً،‬واليمان بظاهر التنزيل فرضِ‪ ً،‬وما عداه فموضوع عنا تكلف علمه"‬ ‫الجهل به دخول ي‬
‫**‬
‫*احتكامه إلى المعروف من كلم العرب‪:‬‬
‫وثمة أمر آخر سلكه ابن جرير فى كتابه‪ ً،‬ذلك أنه اعتبر الستعمالت اللغوية بجانب النقول المأثورة‬
‫وجعلها مرجعا موثوقا به عند تفسيره للعبارات المشكوك فيها‪ ً،‬وترجيح بعضِ القوال على بعضِ‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [40‬من سورة هود‪} :‬محرتـى إرمذا مجآمء أمهميرمنا مومفامر ٱلرتسنوير يقهلمنا ٱهحرمهل‬ ‫فمث ل‬
‫رفيمها رمن يكرل مزهومجهيرن ٱهثمنهيرن{ُ‪ ..‬الية ‪ -‬نراه يعرضِ لذكر الروايات عن المسملف فى معنى لفظ "التنور"‪ً،‬‬
‫فيروى لنا قول ممهن قال‪ :‬إن التنور عبارة عن وجه الرضِ‪ ً،‬وقول ممهن قال‪ :‬إنه عبارة عن تنوير‬
‫الصبح‪ ً،‬وقول ممهن قال‪ :‬إنه عبارة عن أعلى الرضِ وأشرفها‪ ً،‬وقول ممهن قال‪ :‬إنه عبارة عما ييختبز‬
‫فيه‪ ..‬ثم يقول بعد أن يفرغا من هذا كله‪" :‬وأمهولى هذه القوال عندنا بتأويل قوله "التنور" قول من قال‪:‬‬
‫التنور‪ :‬الذى ييختبز فيه‪ ً،‬لن ذلك هو المعروف من كلم العرب‪ ً،‬وكلم ال ل يروجه إل إلى الغلب‬
‫الشهر من معانيه عند العرب‪ ً،‬إل أن تقوم يحرجة على شئ منه بخلف ذلك فييسرلم لها‪ ً،‬وذلك أنه مجرل‬
‫ثناؤه إنما خاطبهم بما خاطبهم به لفهامهم معنى ما خاطبهم به‪"...‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* رجوعه إلى الشعر القديم‪:‬‬
‫كذلك نجد ابن جرير يرجع إلى شواهد من الشعر القديم بشكل واسع‪ ً،‬متبعا فى هذا ما أثاره ابن عباس‬
‫ل متهجمعيلوها للرره مأنمدادا{ُ‪..‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [22‬من سورة البقرة‪...} :‬مف م‬ ‫فى ذلك‪ ً،‬فمث ل‬
‫يقول ما نصه‪ :‬قال أبو جعفر‪ :‬والنداد جمع ند‪ ً،‬والند‪ :‬العدل والمثل‪ ً،‬كما قال حسان ابن ثابت‪:‬‬
‫*أتهجويه وليسمت له بنهَد * مفمشسريكمما رلمخيرريكما الرفمدايء*‬
‫يعنى بقوله‪" :‬وليس مت له بند" ‪" :‬ليست له بمثل ول عدل‪ ً،‬وكل شئ كان نظيرا لشئ وشبيها فهو له ند" ثم‬
‫يسوقا الروايات عمن قال ذلك من المسملف‪.‬‬
‫**‬
‫* اهتمامه بالمذاهب النحوية‪:‬‬
‫كذلك نجد ابن جرير يتعررضِ كثيرا لمذاهب النحويين من البصريين والكوفيين فى النحو والصرف‪ً،‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى‬ ‫ويوجه القوال‪ ً،‬تارة على المذهب البصرى‪ ً،‬وأخرى على المذهب الكوفى‪ ً،‬فمث ل‬
‫الية ]‪ [18‬من سورة إبراهيم‪} :‬رممثيل ٱرلرذيمن مكمفيروها ربمريبرههم أمهعممالييههم مكمرمماهَد ٱهشمتردهت ربره ٱليرييح رفي ميهوهَم‬
‫صهَف{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬اختلف أهل العربية فى رافع "مثل" فقال بعضِ نحويى البصرة‪ :‬إنما هو كأنه‬ ‫معا ر‬
‫ص عليكم مممثل الذين كفروا‪ ً،‬ثم أقبل ييفيسره كما قال‪ :‬مثل الجنة‪ ..‬وهذا كثير‪ .‬وقال بعضِ‬ ‫قال‪ :‬ومما منيق س‬
‫نحويى الكوفيين‪ :‬إنما المممثل للعمال‪ ً،‬ولكن العرب يتمقيدم السماء لنها أعرف‪ ً،‬ثم تأتى بالخبر الذى يتهخبر‬
‫عنه مع صاحبه‪ ً،‬ومعنى الكلم‪ :‬مممثيل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد‪ ..‬إلخْ"‪.‬‬
‫وهذكا ييكثر ابن جرير فى مناسبات متعددة من الحتكام إلى ما هو معروف من لغة العرب‪ ً،‬ومن‬
‫الرجوع إلى الرشعر القديم يستشهد به على ما يقول‪ ً،‬ومن التعرضِ للمذاهب النحوية عند ما تمس‬
‫الحاجة‪ ً،‬مما جعل الكتاب يحتوى على جملة كبيرة من المعالجات اللغوية والنحوية التى أكسبت الكتاب‬
‫شهرة عظيمة‪.‬‬
‫والحقا أرن ما قردمه لنا ابن جرير فى تفسيره من البحوث اللغوية المتعددة والتى تعتبر كنزا ثمينا ومرجعا‬
‫مهما فى بابها‪ ً،‬أمر يرجع إلى ما كان عليه صاحبنا من المعرفة الواسعة بعلوم اللغة وأشعار العرب‪ً،‬‬
‫معرفة ل تقل عن معرفته بالدين والتاريخْ‪ .‬ونرى أن ننبه هنا إلى أن هذه البحوث اللغوية التى عالجها‬
‫ابن جرير فى تفسيره لم تكن أمرا مقصودا لذاته‪ ً،‬وإنما كانت وسيلة للتفسير‪ ً،‬على معنى أنه يتوصل‬
‫بذلك إلى ترجيح بعضِ القوال على بعضِ‪ ً،‬كما يحاول بذلك ‪ -‬أحيانا ‪ -‬أن يوفقا بين ما صح عن‬
‫المسملف وبين المعارف اللغوية بحيث يزيل ما ييتوهم من التناقضِ بينهما‪.‬‬
‫**‬
‫* معالجته للحكام الفقهية‪:‬‬
‫كذلك نجد فى هذا التفسير آثارا للحكام الفقهية‪ ً،‬يعالج فيها ابن جرير أقوال العلماء ومذاهبهم‪ ً،‬ويخلص‬
‫ل نجده عند تفسيره لقوله تعالى فى‬ ‫من ذلك كله برأى يختاره لنفسه‪ ً،‬ويرجحه بالدلة العلمية القيمة‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل متهعمليمومن{ُ‪ ..‬نجده‬ ‫الية ]‪ [8‬من سورة النحل‪} :‬موٱهلمخهيمل موٱهلربمغامل موٱهلمحرميمر لرمتهرمكيبومها مورزيمنلة موميهخلييقا مما م‬
‫يعرضِ لقوال العلماء فى حكم أكل لحوم الخيل والبغال والحمير‪ ً،‬ويذكر قول كل قائل بسنده‪ ...‬وأخيرا‬
‫يختار قول ممهن قال‪ :‬إن الية ل تدل على يحهرمة شئ من ذلك‪ ً،‬وورجه اختياره هذا فقال ما نصه‪:‬‬
‫"والصواب رممن القول فى ذلك عندنا ما قاله أهل القول الثانى ‪ -‬وهو أن الية ل تدل على اليحهرمة ‪-‬‬
‫وذلك أنه لو كان فى قوله ‪ -‬تعالى ذكره ‪} -‬رلمتهرمكيبومها{ُ دللة على أنها ل تصلح إذا كانت للركوب‬
‫للكل‪ ً،‬لكان فى قوله‪} :‬رفيمها ردهففء مومممنارفيع مورمهنمها متهأيكيلومن{ُ دللة على أنها ل تصلح إذ كانت للكل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والدفء للركوب‪ .‬وفى إجماع الجميع على أرن ركوب ما قال تعالى ذكره‪} :‬مورمهنمها متهأيكيلومن{ُ جائز حلل‬
‫غير حرام‪ ً،‬دليل واضح على أن أكل ما قال‪} :‬رلمتهرمكيبومها{ُ جائز حلل غير حرام‪ ً،‬إل بما نص على‬
‫تحريمه‪ ً،‬أو وضع على تحريمه دللة من كتاب أو وحى إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فأما بهذه‬
‫الية فل يحرم أكل شئ‪ .‬وقد وضع الدللة على تحريم لحوم اليحيمر الهلية بوحيه إلى رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬وعلى البغال بما قد برينا فى كتابنا "كتاب الطعمة" بما أغنى عن إعادته فى هذا‬
‫الموضع‪ ً،‬إذ لم يكن هذا الموضع من مواضع البيان عن تحريم ذلك‪ ً،‬وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أن‬
‫ل وجه لقول من استردل بهذه الية على تحريم لحم الفرس"‪.‬‬
‫**‬
‫* خوضه فى مسائل الكلم‪:‬‬
‫ول يفوتنا أن ننبه على ما نلحظه فى هذا التفسير الكبير‪ ً،‬من تعرضِ صاحبه لبعضِ النواحى الكلمية‬
‫عند كثير من آيات القرآن‪ ً،‬مما يشهد له بأنه كان عالما ممتازا فى أمور العقيدة‪ ً،‬فهو إذا ما طسبقا أصول‬
‫العقائد على ما يتفقا مع الية أفاد فى تطبيقه‪ ً،‬وإذا ناقش بعضِ الراء الكلمية أجاد فى مناقشته‪ ً،‬وهو‬
‫فى جدله الكلمى وتطبيقه ومناقشته‪ ً،‬موافقا لهل السسرنة فى آرائهم‪ ً،‬ويظهر ذلك جليا فى رده على‬
‫القدرية فى مسألة الختيار‪.‬‬
‫ضآيليمن{ُ‪..‬‬ ‫ل ٱل ر‬‫ضورب معلمهيرهم مو م‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى آخر سورة الفاتحة آية ]‪} :[7‬مغهيرر ٱهلممهغ ي‬ ‫فمث ل‬
‫نراه يقول ما نصه‪" :‬وقد ظن بعضِ بعضِ أهل الغباء من المقمدرية أن فى وصف ال مجرل ثناؤه النصارى‬
‫ضآيليمن{ُ وإضافة الضلل إليهم دون إضافة إضللهم إلى نفسه‪ ً،‬وتركه وصفهم‬ ‫ل ٱل ر‬‫بالضلل بقوله‪} :‬مو م‬
‫بأنهم المضللون كالذى وصف به اليهود أنه مغضوب عليهم‪ ً،‬دللة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة‬
‫ل منه بسعة كلم العرب وتصاريف وجوهه‪ .‬ولو كان المر على ما ظنه الغبى الذى‬ ‫المقمدرية‪ ً،‬جه ل‬
‫وصفنا شأنه‪ ً،‬لوجب أن يكون كل موصوف بصفة أو مضاف إليه فعل ل يجوز أن يكون فيه سبب‬
‫لغيره‪ ً،‬وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك من فعله‪ ً،‬ولوجب أن يكون خطأ قول القائل‪ :‬تحركت الشجرة‬
‫إذا حرركتها الرياح‪ ً،‬واضطربت الرضِ إلى حرركتها الرياح‪ ً،‬واضطربت الرضِ إذا حرركتها الزلزلة‪ً،‬‬
‫وما أشبه ذلك من الكلم الذى يطول بإحصائه الكتاب‪ ً،‬وفى قوله مجرل ثناؤه‪} :‬محرتـى إرمذا يكنيتهم رفي ٱهليفهلرك‬
‫مومجمرهيمن ربرهم{ُ وإن كان جريها بإجراء غيرها إياها‪ ً،‬ما يدل على خطمأ التأويل املمذى تأروله ممن وصفنا قوله‬
‫ضآيليمن{ُ ‪ ..‬وادعائه أن فى نسبة ال مجرل ثناؤه الضللة إلى ممن نسبها إليه من النصارى‬ ‫فى قوله‪} :‬مو م‬
‫ل ٱل ر‬
‫تصحيحا لما اردعى المنكرون أن يكيون ال معرز ذكره نصا فى آى كثيرة من تنزيله‪ :‬أنه المضل الهادى‪ً،‬‬
‫ضلريه ٱللريه معملـى رعهلهَم مومخمتم معملـى مسهمرعره مومقهلربره‬‫فمن ذلك قوله مجرل ثناؤه‪} :‬أممفمرأمهيمت ممرن ٱرتمخمذ إرملــمهيه مهموايه موأم م‬
‫ضيل الهادى دومن‬ ‫ل متمذركيرومن{ُ‪ ..‬فأنبأ مجرل ذكره أنه الرم ي‬ ‫صررره رغمشامولة مفممن ميههرديره رمن مبهعرد ٱلرلره أممف م‬‫مومجمعمل معلمـى مب م‬
‫غيره‪ ً،‬ولكن القرآن نزل بلسان العرب على ما قردمنا البيان عنه فى أول الكتاب‪ ً،‬ومن شأن العرب‬
‫إضافة الفعل إلى ممهن يورجمد منه وإن كان مشيئة غير الذى يورجمد منه الفعل غيره‪ ً،‬فكيف بالفعل الذى‬
‫يكتسبه العبد كسبا‪ ً،‬وييوجرده ال مجرل ثناؤه معهينا منشأة‪ ً،‬بل ذلك أحرى أن ييضاف إلى مكتسبه كسبا له‬
‫بالقوة منه عليه‪ ً،‬والختيار منه له‪ ً،‬وإلى ال جرل ثناؤه بإيجاد معهينه وإنشائها تدبيرا"‪.‬‬
‫ل يجادلهم‬ ‫وكثيرا ما نجد ابن جرير يتصدى للرد على المعتزلة فى كثير من آرائهم العقتادية‪ ً،‬فنراه مث ل‬
‫مجادلة حادة فى تفسيرهم العقلى التنزيهى لليات التى تثبت رؤية ال عند أهل السسرنة‪ ً،‬كما نراه يذهب‬
‫إلى ما ذهب إليه السملف من عدم صرف آيات الصفات عن ظاهرها‪ ً،‬مع المعارضة لفكرة التجسيم‬
‫والتشبيه‪ ً،‬والرد على أولئك الذين ميمشيبهون ال بالنسان‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ ...‬وهكذا نجد ابن جرير لم يقف كمفيسر موقفا بعيدا عن مسائل النزاع التى تدور حول العقيدة فى‬
‫عصره‪ ً،‬بل نراه يشسارك فى هذا المجال من الجدل الكلمى بنصيب ل ييستهان به‪ ً،‬مع حرصه كل‬
‫الحرص على أن يحتفظ بيسينيته ضد وجوه النظر التى ل تتفقا وتعاليم أهل السسرنة‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فإن ما جمعه ابن جرير فى كتابه من أقوال المفيسرين الذين تقردموا عليه‪ ً،‬وما نقله لنا من مدرسة‬
‫ابن عباس‪ ً،‬ومدرسة ابن مسعود‪ ً،‬ومدرسة على بن أبى طالب‪ ً،‬ومدرسة أيمبسى بن كعب‪ ً،‬وما استفاده مما‬
‫جمعه ابن جريج والسدى وابن إسحاقا وغيرهم من التفاسير جعلت هذا الكتاب أعظم الكتب المؤرلفة فى‬
‫التفسير بالمأثور‪ ً،‬كما أن ما جاء فى كتاب من إعراب‪ ً،‬وتوجيهات يلغوية‪ ً،‬واستنباطات فى نواح متعددة‪ً،‬‬
‫وترجيح لبعضِ القوال على بعضِ‪ ً،‬كان نقطة التحول فى التفسير‪ ً،‬ونواة لما يورجد بعد من التفسير‬
‫بالرأى‪ ً،‬كما كان مظهرا من مظاهر الروح العلمية السائدة فى هذا العصر الذى يعيش فيه ابن جرير‪.‬‬
‫وفى الحقا إن شخصية ابن جرير الدبية والعلمية‪ ً،‬جعلت تفسيره مرجعا مهما من مراجع التفسير‬
‫بالرواية‪ ً،‬فترجيحاته المختلفة تقوم على نظرات أدبية ويلغوية وعلمية قييمة‪ ً،‬فوقا ما جمع فيه من‬
‫الروايات الثرية المتكاثرة‪.‬‬
‫صف به هذا الكتاب ما نقله الداودى عن أبى محمد عبد ال بن أحمد‬ ‫وعلى الجمال‪ ً،‬فخير ما يو ر‬
‫الفرعانى فى تاريخه حيث قال‪" :‬فتم من كتبه ‪ -‬يعنى محمد بن جرير ‪ -‬كتاب تفسير القرآن‪ ً،‬وجروده‪ً،‬‬
‫وبرين فيه أحكامه‪ ً،‬وناسخه ومنسوخة‪ ً،‬ومشكلة غريبة‪ ً،‬ومعانيه‪ ً،‬واختلف أهل التأويل والعلماء فى‬
‫أحكامه وتأويله‪ ً،‬والصحيح لديه من ذلك‪ ً،‬وإعراب حروفه‪ ً،‬والكلم على الملحدين فيه‪ ً،‬والقصص‪ً،‬‬
‫لرمة والقيامة‪ ً،‬وغير ذلك مما حواه من الرحكمن والعجائب كلمة كلمة‪ ً،‬وآية آية‪ ً،‬من الستعاذة‪ً،‬‬ ‫وأخبار ا ي‬
‫صف منه عشرة كتب كل كتاب منها يحتوى على علم مفرد وعجيب‬ ‫وإلى أبى جاد‪ ً،‬فلو اردعى عالم أن ي ي‬
‫مستفيضِ لفعل"‪.‬‬
‫هذا وقد جاء فى معجم الدباء )الجزء ‪ 18‬ص ‪ (65 - 64‬وصف مسهب لتفسير ابن جرير‪ ً،‬جاء فى‬
‫آخره ما نصه‪ ..." :‬وذكر فيه من كتب التفاسير المصرنفة عن ابن عباس خمسة طرقا‪ ً،‬وعن سعيد بن‬
‫جبير طريقين‪ ً،‬وعن مجاهد بن جبر ثلثة طرقا‪ ً،‬وعن الحسن البصرى ثلثة طرقا‪ ً،‬وعن عكرمة ثلثة‬
‫طرقا‪ ً،‬وعن الضحاك بن مزاحم طريقين‪ ً،‬وعن عبد ال ابن مسعود طريقا‪ ً،‬وتفسير عبد الرحمن بن‬
‫زيد بن أسلم‪ ً،‬وتفسير ابن جريج‪ ً،‬وتفسير مقاتل بن حبان‪ ً،‬سوى ما فيه من مشهور الحديث عن‬
‫المف يسرين وغيرهم‪ ً،‬وفيه من المسند حسب حاجته إليه‪ ً،‬ولم يتعرضِ لتفسير غير موثوقا به‪ ً،‬فإنه لم‬
‫ييدخل فى كتابه شيئا عن كتاب محمد بن السائب الكلبى‪ ً،‬ول مقاتل بن سليمان‪ ً،‬ول محمد بن عمر‬
‫الواقدى‪ ً،‬لنهم عنده أظرناء وال أعلم‪ .‬وكان إذا رجع إلى التاريخْ والسير وأخبار العرب حكى عن محمد‬
‫بن السائب الكلبى‪ ً،‬وعن ابنه هشام‪ ً،‬وعن محمد بن عمرالواقدى‪ ً،‬وغيرهم فيما ييفتقر إليه ول ييؤخذ إل‬
‫عنهم‪.‬‬
‫وذكر فيه مجموع الكلم والمعانى من كتاب علسى بن حمزة الكسائى‪ ً،‬ومن كتاب يحيى بن زيادة الفرراء‪ً،‬‬
‫ومن كتاب أبى الحسن الخفش‪ ً،‬ومن كتاب أبى علسى قطرب‪ ً،‬وغيرهم مما يقتضيه الكلم عند حاجته‬
‫إليه‪ ً،‬إذ كان هؤلء هم المتكلمون فى المعانى‪ ً،‬وعنهم يؤخذ معانيه وإعرابه‪ ً،‬وربما لم يسمهم إذا ذكر‬
‫شيئا من كلمهم‪ ً،‬وهذا كتاب يشتمل على عشرة آلف ورقة أو دونها حسب سعة الخط أو ضيقه"‪.‬‬
‫كما نجد فى معجم الدباء أيضا قبل ذلك بقليل‪ ً،‬ما يدل على أن الطبرى أتم تفسيره هذا فى سبع سنوات‪ً،‬‬
‫إمللء على أصحابه‪ ً،‬فقد جاء فى الجزء )‪ 18‬ص ‪ (42‬على أبى بكر بن بالويه أنه قال‪" :‬قال لى أبو‬
‫بكر محمد بن إسحاقا ‪ -‬يعنى ابن خزيمة ‪ : -‬بلغنى أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير؟ قلت‪ :‬نعم‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كتبنا التفسير عنه إمل لء‪ ً،‬قال‪ :‬كله؟ قلت‪ :‬نعم‪ ً،‬قال‪ :‬فى أى سنة؟ قلت‪ :‬من سنة ثلث وثمانين إلى سنة‬
‫تسعين‪ "...‬إلخْ‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فأحسب أنى قد أفضت فى الكلم عن هذا التفسير‪ ً،‬وتوسعت فى الحديث عنه‪ ً،‬وأقول‪ :‬إن السر‬
‫فى ذلك هو أن الكتاب ييعتبر المرجع الول والهم للتفسير بالمأثور‪ ً،‬وتلك ميزة ل نعرفها لغيره من‬
‫كتب التفسير بالرواية‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬بحر العلوم )للسمرقندى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو الليث‪ ً،‬نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندى الفقيه الحنفى‪ ً،‬المعروف بإمام‬
‫الهدى‪ .‬تفقه على أبى جعفر الهندوانى‪ ً،‬واشتهر بكثرة القوال المفيدة‪ ً،‬والتصانيف المشهورة‪ .‬ومن أهم‬
‫تصانيفه تفسير القرآن المسمى بـ "بحر العلوم"‪ ً،‬والمعروف بتفسير أبى الليث السمرقندى‪ ً،‬وهو ما نحن‬
‫بصدده الن‪ ً،‬وكتاب النوازل فى الفقه‪ ً،‬وخزانة الفقه فى مجلد‪ ً،‬وتنبيه الغافلين‪ ً،‬والبستان‪ .‬وكانت وفاته‬
‫رحمه ال سنة ‪ 373‬هـ )ثلث وسبعين وثلثمائة( وقيل‪ :‬سنة ‪ 375‬هـ )خمس وسبعين وثلثمائة( من‬
‫الهجرة‪.‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫قال فى كشف الظنون‪" :‬تفسير أبى الليث‪ ً،‬نصر بن محمد الفقيه السمرقندى الحنفى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪375‬‬
‫هـ )خمس وسبعين وثلثمائة(‪ ً،‬وهو كتاب مشهور لطيف مفيد‪ ً،‬خررج أحاديثه الشيخْ زين الدين قاسم‬
‫ابن قطلوبغا الحنفى سنة ‪ 854‬هـ )أربع وخسمين وثمانمائة(‪.‬‬
‫وهذا التفسير مخطوط فى ثلث مجلدات كبار‪ ً،‬وموجود بدار الكتب المصرية‪ ً،‬وتوجد منه نسختان‬
‫مخطوطتان بمكتبة الهر‪ .‬واحدة فى مجلدين والخرى فى ثلث مجلدات‪.‬‬
‫وقد رجعيت إلى هذا التفسير وقرأيت فيه كثيرا‪ ً،‬فوجديت مؤيلفه قد قردم له بباب فى الحث على طلب‬
‫التفسير وبيان فضله‪ ً،‬واستشهد على ذلك بروايات عن المسملف‪ ً،‬رواها بإسناد إليهم‪ ً،‬ثم برين أنه ل يجوز‬
‫لحد أن يفيسر القرآن برأيه من ذات نفسه ما لم يتعلم أو يعرف وجوه اللغة وأحوال التنزيل‪ ً،‬واستدرل‬
‫على يحهرمه التفسير بمجرد الرأى بأقوال رواها عن المسملف بإسناده إليهم أيضا‪ ً،‬ثم برين أن الرجل إذا لم‬
‫يعلم وجوه اللغة وأحوال التنزيل‪ ً،‬فليتعلم التفسير ويتكرلف حفظه‪ ً،‬ول بأس بذلك على سبيل الحكاية‪..‬‬
‫وبعد أن فرغا من المقدمة شرع فى التفسير‪.‬‬
‫تتبعيت هذا التفسير فوجديت صاحبه يفيسر القرآن بالمأثور عن المسملف‪ ً،‬فيسوقا الروايات عن الصحابة‬
‫والتابعين وممهن بعدهم فى التفسير‪ ً،‬ولكنه ل يذكر إسناده إلى ممهن يروى عنه‪ ً،‬ويندر سياقه للسناد فى‬
‫بعضِ الروايات‪ ً،‬وقد لحظيت عليه إذا ذكر القوال والروايات المختلفة ل ييعيقب عليها ول يمررجح كما‬
‫ل ‪ -‬الرلهم إل فى حالت نادرة أيضا‪ ً،‬وهو يعرضِ للقراءات ولكن بقدر‪ً،‬‬ ‫يفعل ابن جرير الطبرى ‪ -‬مث ل‬
‫كما أنه يحتكم إلى اللغة أحيانا ويشرح القرآن بالقرآن إن وجد من اليات القرآنية ما يوضح معنى آية‬
‫أخرى‪ ً،‬كما أنه يروى من القصص السرائيلى‪ ً،‬ولكن على رقرلة وبدون تعقيب منه على ما يرويه‪ً،‬‬
‫وكثيرا ما يقول‪ :‬قال بعضهم كذا‪ ً،‬وقال بعضهم كذا‪ ً،‬ول ييعرين هذا البعضِ‪ .‬وهو يروى أحيانا عن‬
‫الضعفاء‪ ً،‬فيمخيرج من رواية الكلبى ومن رواية أسباط عن السدى‪ ً،‬ومن رواية غيرهما ممن يتكيلم فيه‪ً،‬‬
‫ووجدته ييو يجه بعضِ إشكالت ترد على ظاهر النظم ثم يجيب عنها‪ ً،‬كام يعرضِ لموهم الختلف‬
‫والتناقضِ فى القرآن ويزل هذا اليهام‪ ..‬وبالجملة‪ ً،‬فالكتاب مقيفم فى ذاته‪ ً،‬جمع فيه صاحبه بين التفسير‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بالرواية والتفسير بالدراية إل أنه غرلب الجانب النقلى فيه على الجانب العقلى‪ ً،‬ولهذا عددناه ضمن كتب‬
‫التفسير المأثور‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن )للثعلبى(‬
‫التعريف بمؤلف هذا التفسير‪ :‬مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو إسحاقا أحمد بن إبراهيم الثعلبى النيسابورى‬
‫المقرئ‪ ً،‬المف يسر‪ ً،‬كان حافظا واعظا‪ ً،‬رأسا فى التفسير والعربية‪ ً،‬متين الديانة‪ ً،‬قال ابن خلكان‪" :‬كان‬
‫أوحد زمانه فى علم التفسير‪ ً،‬وصرنف التفسير الكبير الذى فاقا غيره من التفاسير"‪ .‬وقال ياقوت فى‬
‫معجم الدباء‪" :‬أبو إسحاقا الثعلبى‪ ً،‬المقرئ‪ ً،‬المفيسر‪ ً،‬الواعظ‪ ً،‬الديب‪ ً،‬الثقة‪ ً،‬الحافظ‪ ً،‬صاحب التصانيف‬
‫الجليلة‪ :‬من التفسير الحاوى أنواع الفرائد من المعانى والشارات‪ ً،‬وكلمات أرباب الحقائقا ووجوه‬
‫العراب والقراءات‪ ."..‬وله من المؤرلفات كتاب العرائس فى قصص النبياء صلوات ال عليهم أجمعين‪ً،‬‬
‫وله غير ذلك من المؤلفات‪ .‬ونقل السمعانى عن بعضِ العلماء أنه يقال له "الثعلبى" و "الثعالبى"‪ ً،‬وهو‬
‫لقب له وليس بنسب‪ .‬وذكره عبد الغفار بن إسماعيل الفارسى فى كتاب "سياقا تاريخْ نيسابور"‪ ً،‬وأثنى‬
‫عليه‪ ً،‬وقال‪ :‬هو صحيح النقل موثوقا به‪ .‬حردث عن أبى طاهر بن خزيمة والمام أبى بكر بن مهران‬
‫المقرئ‪ .‬وعنه أخذ أبو الحسن الواحدى التفسير وأثنى عليه‪ ً،‬وكان كثير الحديث كثير الشيوخ‪ .‬ولكن‬
‫هناك رممن العلماء ممهن يرى أنه ل يوثقا به‪ ً،‬ول يصح نقله‪ .‬وسنذكر بعضِ ممن يرى ذلك فيه ومقالتهم‬
‫عند الكلم عن تفسيره هذا‪ ..‬وقد توفى الثعلبى رحمه ال سنة ‪ 427‬هـ )سبع وعشين‬
‫وأربعمائة) فرحمه ال وأرضاه‪* * .‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه‪:‬‬
‫ألقى مؤلف هذا التفسير ضوءا عليه فى مقدمته‪ ً،‬وأوضح فيها عن منهجه وطريقته التى سلكها فيه فذكر‬
‫أو لل اختلفه منذ الصغر إلى العلماء‪ ً،‬واجتهاده فى القتباس من علم التفسير الذى هو أساس الدين‬
‫ورأس العلوم الشرعية‪ ً،‬ومواصلته ظلم الليل بضوء الصباح بعزم أكيد وجهد جهيد‪ ً،‬حتى رزقه ال ما‬
‫عرف به الحقا من الباطل‪ ً،‬والمفضول من الفاضل‪ ً،‬والحديث من القديم‪ ً،‬والبدعة من السسرنة‪ ً،‬واليحرجة من‬
‫الشبهة‪ ً،‬وظهر له أن المصنفين فى تفسير القرآن رفمرقا على يطرهَقا مختلفة‪:‬‬
‫رفرقة أهل البدع والهواء‪ ً،‬ومعرد منهم الجبائى والررمانى‪.‬‬
‫ورفرقة ممن أرلفوا فأحسنوا‪ ً،‬إل أنهم خلطوا أباطيل المبتدعين بأقاويل المسملف الصالحين‪ ً،‬ومعرد منهم أبا بكر‬
‫القرفال‪.‬‬
‫ورفرقة اقتصر أصحابها على الرواية والنقل دون الدارية والنقد‪ ً،‬ومعرد منهم أبا يعقوب إسحاقا بن إبراهيم‬
‫الحنظلى‪.‬‬
‫ورفرقة حذفت السناد الذى هو الركن والعماد‪ ً،‬ونقلت من الصحف والدفاتر‪ ً،‬وحرررت على هوى‬
‫الغث والسمين‪ ً،‬والواهى والمتين‪ ً،‬قال‪ :‬وليسوا فى عداد العلماء‪ ً،‬فصنت الكتاب عن‬ ‫الخواطر‪ ً،‬وذكرت س‬
‫ذكرهم‪ .‬ورفرقة حازوا قصب السبقا‪ ً،‬فى جودة التصنيف والحذقا‪ .‬غير أنهم طرولوا فى كتبهم بالمعادات‪ً،‬‬
‫وكثرة اليطيرقا والروايات‪ ً،‬ومعرد منهم ابن جرير الطبرى‪ .‬ورفرقة جرردت التفسير دون الحكام‪ ً،‬وبيان‬
‫الحلل والحرام‪ ً،‬والحل عن الغوامضِ والمشكلت‪ ً،‬والرد على أهل الزيغ والشبهات‪ ً،‬كمشايخْ المسملف‬
‫الماضين‪ ً،‬مثل مجاهد والسدى والكبى‪.‬‬
‫ثم برين أنه لم يعثر فى كتب مهن تقردمه على كتاب جامع مهرذب ييعتمد‪ ..‬ثم ذكر ما كان من رغبة الناس‬
‫إليه فى إخراج كتاب فى تفسير القرآن وإجابته لمطلوبهم‪ ً،‬رعاية منه لحقوقهم‪ ً،‬وتقربا به إلى ال‪ ..‬ثم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قال‪" :‬فاستخر يت ال تعالى فى تصنيف كتاب شامل‪ ً،‬مهذب‪ ً،‬ملخص‪ ً،‬مفهوم‪ ً،‬منظوم‪ ً،‬مستخرج من‬
‫زهاء مائة كتاب مجموعات مسموعات‪ .‬سوى ما التقطته من التعليقات والجزاء المتفرقات‪ ً،‬وتلقفته عن‬
‫أقوام من المشايخْ الثبات‪ ً،‬وهم قريب من ثلثمائة شيخْ‪ ً،‬نرسقته بأبلغ ما قدريت عليه من اليجاز‬
‫والترتيب" ثم قال‪ :‬وخررجت فيه الكلم على أربعة عشر نحوا‪ :‬البسائط والمقدمات‪ ً،‬والعدد والتنزلت‪ً،‬‬
‫والقصص‪ ً،‬والنزولت‪ ً،‬والوجوه والقراءات‪ ً،‬والعلل والحتجاجات‪ ً،‬والعربية واللغات‪ ً،‬والعراب‬
‫والموازنات‪ ً،‬والتفسير والتأويلت‪ ً،‬والمعانى والجهات‪ ً،‬والغومضِ والمشكلت‪ ً،‬والحكام والفقهيات‪ً،‬‬
‫والحكم والشارات‪ ً،‬والفضائل والكرامات‪ ً،‬والخبار والمتعلقات‪ ً،‬أدرجتها فى أثناء الكتاب بحذف‬
‫البواب‪ ً،‬وسميته‪ :‬كتاب "الكشف والبيان عن تفسير القرآن"‪ ..‬ثم ذكر فى أول الكتاب أسانيده إلى ممهن‬
‫يروى عنهم التفسير من علماء المسملف‪ ً،‬واكتفى بذلك عن ذكرها أثناء الكتاب‪ ً،‬كما ذكر أسانيده إلى‬
‫مصنفات أهل عصره ‪ -‬وهى كثيرة ‪ -‬وكتب الغريب والمشكل والقراءات‪ ً،‬ثم ذكر بابا فى فضل القرآن‬
‫وأهله‪ ً،‬وبابا فى معنى التفسير والتأويل‪ ً،‬ثم شرع فى التفسير‪.‬‬
‫عثريت على هذا التفسير بمكتبة الزهر فوجدته مخطوطا غير كامل‪ ً،‬وجديت منه أربع مجلدات ضخام ‪-‬‬
‫الول والثانى والثالث والرابع ‪ .-‬والرابع ينتهى عنه أواخر سورة الفرقان‪ ً،‬وباقى الكتاب مفقود لم أعثر‬
‫عليه بحال‪.‬‬
‫قرأيت فى هذا التفسير فوجدته ييفيسر القرآن بما جاء عن المسملف‪ ً،‬مع اختصاره للسانيد‪ ً،‬اكتفالء بذكرها‬
‫ل عند‬ ‫فى مقدمة الكتاب‪ ً،‬ولحظيت عليه أنه يعرضِ للمسائل النحوية ويخوضِ فيها بتوسع ظاهر‪ ً،‬فمث ل‬
‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [90‬من سورة البقرة‪} :‬ربهئمسمما ٱهشمتمرهوها ربره أمهنيفمسيههم مأن ميهكيفيروها ربممآ أمنمزمل‬
‫ٱللريه{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نجده يتوسع فى الكلم على "رنهعمم" و "ربهئمس" ويفيضِ فى ذلك‪.‬‬
‫كما أنه يعرضِ لشرح الكلمات اللغوية وأصولها وتصاريفها‪ ً،‬ويستشهد على ما يقول بالشعر العربى‪ً،‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [171‬من سورة البقرة‪} :‬مومممثيل ٱرلرذيمن مكمفيروها مكمممثرل ٱرلرذيِ ميهنرعيقا ربمما‬ ‫فمث ل‬
‫ل دقيقا ويصرفها على وجوهها كلها‪.‬‬ ‫ل يدمعآلء {ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نجده يحلل كلمة "ينعقا" تحلي ل‬
‫ل ميهسمميع إر ر‬
‫م‬
‫ل معاهَد{ُ‪...‬‬ ‫ضيطرر مغهيمر مباهَغا مو م‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [173‬من السورة نفسها‪} :‬مفممرن ٱ ه‬ ‫ومث ل‬
‫الية‪ ً،‬نجده يحلل لفظ البغى ويتكلم عن أصل المادة بتوسع‪.‬‬
‫ومما لحظته على هذا التفسير أنه يتوسع فى الكلم عن الحكام الفقهية عندما يتناول من آيات الحكام‪ً،‬‬
‫فتراه يذكر القوال والخلفات والدلة ويعرضِ للمسألة من جميع نواحيها‪ ً،‬إلى درجة أنه يخرج عما‬
‫صييكيم ٱللريه رفيي‬ ‫ييراد من اليةن انظر إليه عندما يعرضِ لقوله تعلى فى الية ]‪ [11‬من سورة النساء‪} :‬ييو ر‬
‫لرديكهم{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬تجده يفيضِ فى الكلم عما ييفعل بتركه الميت بعد موته‪ ً،‬ثم يذكر جملة الورثة والسهام‬ ‫أمهو م‬
‫المحددة‪ ً،‬وممهن فرضه اليريبع‪ ً،‬وممهن فرضه اليثيمن‪ ً،‬واليثلثان‪ ً،‬واليثليلث‪ ً،‬واليسيدس‪ ..‬وهكذا‪ ً،‬ثم يعرضِ لنصيب‬
‫الجد والجدة والجردات‪ ً،‬ثم يقول بعد هذا‪" :‬فصل فى بساط الية‪ ً،‬وفيه يتكلم عن نظام الميراث عند‬
‫الجاهلية وقبل مبعث الرسول‪.‬‬
‫وارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [24‬من سورة النساء‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن‬
‫ضلة{ُ‪ ً،‬تجده قد تورسع فى نكاح المتعة وتعررضِ لقوال العلماء‪ ً،‬وذكر أدلتهم بتوسع ظاهر‪.‬‬ ‫أييجومريهرن مفرري م‬
‫وارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [31‬من سورة النساء‪} :‬رإن متهجمترنيبوها مكمبآرئمر مما يتهنمههومن معهنيه‬
‫ينمكيفهر معهنيكهم مسيمئارتيك هم{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬تجده يقول‪" :‬فصل‪ :‬فى أقاويل أهل التأويل فى عدد الكبائر‪ ً،‬مجموعة من‬
‫الكتاب والسسرنة‪ ً،‬مقرونة بالدليل واليحرجة"‪ ..‬ثم يسردها جميعا ويذكر أدلتها على وجه التفصيل‪.‬‬
‫ضـى أمهو معلمـى مسمفهَر‬ ‫وارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة النساء‪} :‬موإرهن يكهنيتهم رمهر م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صرعيدا مطييبا{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬تجده يعرضِ‬ ‫أمهو مجآمء أممحفد يمهنيكهم يمن ٱهلمغآرئرط أمهو م‬
‫لممهسيتيم ٱلينمسآمء مفملهم مترجيدوها ممآلء مفمتميرميموها م‬
‫لقوال المسملف فى معنى اللمس والملمسة‪ ..‬ثم يقول‪ :‬واختلف الفقهاء فى حكم الية على خمسة مذاهب‪ً،‬‬
‫ويتوسع على الخصوص فى بيان مذهب الشافعى ويسرد أدلته‪ ً،‬ويذكر تفصيل كيفية الملمسة عنده‪ ً،‬كما‬
‫يعرضِ لقوال العلماء فى التيمم ومذاهبهم وأدلتهم بتوسع ظاهر عندما يتكلم عن قوله تعالى‪} :‬مفمتميرميموها‬
‫صرعيدا مطييبا{ُ وهكذا يتطرقا الكتاب إلى نواح علمية متعددة‪ ً،‬فى إكثار وتطويل يكاد يخرج به عن دائرة‬ ‫م‬
‫التفسير بالمأثور‪.‬‬
‫ثم إن هناك ناحية أخرى يمتاز بها هذا التفسير‪ ً،‬هى التوسع إلى حد كبير فى ذكر السرائيليات بدون أن‬
‫يتعقب شيئا من ذلك أو يينيبه على ما فيه رغم استبعاده وغرابته‪ ً،‬وقد قرأيت فيه قصصا إسرائيليا نهاية‬
‫فى الغرابة‪ .‬ويظهر لنا أن الثعلبى كان مولعا بالخبار والقصص إلى درجة كبيرة‪ ً،‬بدليل أنه أرلف كتابا‬
‫يشتمل على قصص النبياء‪ ً،‬ولو أنك رجعت إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة‬
‫ل فى‬ ‫الكهف‪} :‬إرهذ أمموى ٱهلرفهتميية إرملى ٱهلمكههرف{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬لوجدته يروى عن السدى ووهب وغيرهما كلما طوي ل‬
‫أسماء أصحاب الكهف وعددهم‪ ً،‬وسبب خروجهم إليه‪ ً،‬ولوجدته يروى عن كعب الحبار‪ ً،‬ما جرى لهم‬
‫مع الكلب حين تبعهم إلى الغار‪ ً،‬ولعجبمت حين تراه يروى أن النبى صلى ال عليه وسلم طلب من ربه‬
‫رؤية أصحاب الكهف فأجابه ال بأنه لن يراهم فى دار الدنيا‪ ً،‬وأمره بأن يبعث لهم أربعة من خيار‬
‫أصحابه ليبلغوهم رسالته‪ ..‬إلى آخر القصة التى ل يكاد العقل يصدقها‪.‬‬
‫ثم ارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [94‬من سورة الكهف أيضا }إررن ميهأيجومج موممهأيجومج‬
‫ضِ{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬تجده قد أطال وذكر كلما ل يمكن أن ييقبل بحال‪ ً،‬لنه فأرب إلى الخيال‬ ‫لهر ر‬‫يمهفرسيدومن رفي ٱ م‬
‫منه إلى الحقيقة‪.‬‬
‫ثم ارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [77‬من سورة مريم‪} :‬مفمأمتهت ربره مقهومممها متهحرملييه{ُ‪ ..‬الية‪ً،‬‬
‫تجده يروى عن السدى ووهب وغيرهما قصصا كثيرا‪ ً،‬وأخبارا فى نهاية الغرابة واليبهعد‪.‬‬
‫ثم إن الثعلبى لم يتحر الصحة فى كل ما ينقل من تفاسير المسملف‪ ً،‬بل نجده ‪ -‬كما لحظنا عليه وكام قال‬
‫السيوطى فى التقان ‪ -‬يكثر من الرواية عن السدى الصغير عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس‪.‬‬
‫كذلك نجده قد وقع فيما وقع فيه كثير من المفيسرين من الغترار بالحاديث الموضوعة فى فضائل‬
‫القرآن سورة سورة‪ ً،‬فروى فى نهاية كل سورة حديثا فى فضلها منسوبا إلى أيمبسى بن كعب‪ ً،‬كما اغتر‬
‫بكثير من الحاديث الموضوعة على ألسنة الشيعة فسرود بها كتابه دون أن يشير إلى وضعها واختلقها‪.‬‬
‫وفى هذا ما يدل عن أن الثعلبى لم يكن له باع فى معرفة صحيح الخبار من سقيمها‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الثعلبى قد مجرر على نفسه وعلى تفسيره بسبب هذه الكثرة من السرائيليات‪ ً،‬وعدم الدقة فى‬
‫اختيار الحاديث‪ ً،‬اللوم المرير والنقد اللذع من بعضِ العلماء الذين لحظوا هذا العيب على تفسيره‪ً،‬‬
‫فقال ابن تيمية فى مقدمته فى أصول التفسير‪" :‬والثعلبى هو نفسه كان فيه خير ودين‪ ً،‬وكان حاطب ليل‪ً،‬‬
‫ينقل ما وجد فى كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع"‪.‬‬
‫وقال أيضا فى فتاواه ‪ -‬وقد سئل عن بعضِ كتب التفسير‪" :‬وأما الواحدى فإنه تلميذ الثعلبى‪ ً،‬وهو أخبر‬
‫منه بالعربية‪ ً،‬لكن الثعلبى فيه سلمة من البدع وإن ذكرها تقليدا لغيره وتفسيره‪ ً،‬وتفسير الواحدى‬
‫البسيط والوسيط والوجيز فيها فوائد جليلة‪ ً،‬وفها غث كثير من المنقولت الباطلة وغيرها"‪.‬‬
‫وممن يقرأ تفسير الثعلبى يعلم أن ابن تيمية لم يتقرول عليه‪ ً،‬ولم يصفه إل بما هو فيه‪.‬‬
‫وقال الكتانى فى الرسالة المستطرفة عند الكلم عن الواحدى المفيسر‪" :‬ولم يكن له ول لشيخة الثعلبى‬
‫كبير بضاعة فى الحديث‪ ً،‬بل فى تفسيرهما ‪ -‬وخصوصا الثعلبى ‪ -‬أحاديث موضوعة وقصص باطلة"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والحقا أن الثعلبى رجل قليل البضاعة فى الحديث‪ ً،‬بل ول أكون قاسيا عليه إذا قلت إنه ل يستطيع أن‬
‫يميز الحديث الموضوع من غير الموضوع‪ ً،‬وإل لما روى فى تفسيره أحاديث الشيعة الموضوعة على‬
‫علسى‪ ً،‬وأهل البيت‪ ً،‬وغيرها من الحاديث التى اشتهر وضعها‪ ً،‬ومحرذمر العلماء من روايتها‪.‬‬
‫والعجب أن الثعلبى بعد هذا كله يعيب كل كتب التفسير أو معظمها‪ ً،‬حتى كتاب محمد بن جرير الطبرى‬
‫الذى شهد له خلقا كثير‪ ً،‬وليته إذ اردعى فى مقدمة تفسيره أنه لم يعثر فى كتب ممهن تقردمة من المفيسرين‬
‫على كتاب جامع مهرذب ييعتمد‪ ً،‬أخرج لنا كتابه خاليا مما عاب عليه المفيسرين‪ ..‬ليته فعل ذلك‪ ..‬إذن‬
‫لكان قد أراحنا وأراح الناس من هذا الخلط والخبط الذى ل يخلو منه موضع فى كتابه‪.‬‬
‫‪ - 4‬معالم التنزيل )للبغوى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف معالم التنزيل هو أبو محمد‪ ً،‬الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفرراء البغوى‪ ً،‬الفقيه‪ً،‬‬
‫الشافعى‪ ً،‬المحيدث‪ ً،‬المفيسر‪ ً،‬الملرقب بمحيى السسرنة وركن الدين‪ .‬تفقه البغوى على القاضى حسين وسمع‬
‫الحديث منه‪ ً،‬وكان تقيا ورعا‪ ً،‬زاهدا‪ ً،‬قانعا‪ ً،‬إذا ألقى الدرس ل يلقيه إل على طهارة‪ ً،‬وإذا أكل ل يأكل‬
‫إل الخبز وحده‪ ً،‬ثم عدل عن ذلك فصار يأكل الخبز مع الزيت‪ .‬توفى رحمه ال فى شروال سنة ‪510‬‬
‫هـ )عشر وخمسمائة من الهجرة( بـ "مروروز" وقد جاوز الثمانين‪ ً،‬ويدرفن عند شيخه القاضى حسين‬
‫بمقبرة الطالقانى‪.‬‬
‫* مبلغة من العلم‪:‬‬
‫كان البغوى إماما فى التفسير‪ ً،‬إماما فى الحديث‪ ً،‬إماما فى الفقه‪ ً،‬ومعرده التاج السبكى من علماء الشافعية‬
‫العلم‪ ً،‬وقال‪ :‬كان إماما جلي ل‬
‫ل‪ ً،‬ورعا زاهدا فقيها‪ ً،‬محيدثا مفيسرا‪ ً،‬جامعا بين العلم والعمل‪ ً،‬سالكا سبيل‬
‫المسملف‪ ً،‬وصرنف فى تفسير كلم ال تعالى‪ ً،‬وأوضح المشكلت من قول النبى صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫وروى الحديث واعتنى بدراسته‪ ً،‬وصرنف كتبا كثيرة‪ ً،‬فمن تصانيفه‪" :‬معالم التنزيل فى التفسير"‪ ً،‬وهو‬
‫الذى ترجمنا له‪ ً،‬وسنتكلم عنه‪ ً،‬وشرح السسرنة فى الحديث‪ ً،‬والمصابيح فى الحديث أيضا‪ ً،‬والجمع بين‬
‫الصحيحين‪ ً،‬والتهذيب فى الفقه‪ ً،‬وغير ذلك‪ ً،‬وقد بورك له فى تصانيفه ورريزقا فيها القبول لحسن رنريته‪.‬‬
‫* التعريف بمعالم التنزيل وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫قال فى كشف الظنون‪" :‬معالم التنزيل فى التفسير‪ ً،‬للمام محيى السسرنة‪ ً،‬أبى محمد حسين بن مسعود‬
‫الفرراء البغوى الشافعى المتوفى سنة ‪ 516‬هـ )ست عشرة وخمسائة(‪ ً،‬وهو كتاب متوسط‪ ً،‬نقل فيه عن‬
‫مفيسرى الصحابة والتابعين وممن بعدهم‪ ً،‬واختصره الشيخْ تاج الدين أبو نصرى عبد الوهاب بن محمد‬
‫الحسينى المتوفى سنة ‪ 875‬هـ )خمس وسبعين وثمانمائة(‪.‬‬
‫ووصفه الخازن فى مقدمة تفسيره بأنه‪" :‬من أرجرل المصنفات فى علم التفسير وأعلها‪ ً،‬وأنبلها وأسناها‪ً،‬‬
‫جامع للصحيح من القاويل‪ ً،‬عار عن الشيبره والتصحيف والتبديل‪ ً،‬محرلى بالحاديث النبوية‪ ً،‬مطررز‬
‫صع بأحسن الشارات‪ً،‬‬ ‫بالحكام الشرعية‪ ً،‬مورشى بالقصص الغريبة‪ ً،‬وأخبار الماضيين العجيبة‪ ً،‬مر ر‬
‫يممخررج بأوضح العبارات‪ ً،‬يممفررغا فى قالب الجمال بأفصح مقال"‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية فى مقدمته فى أصول التفسير‪" :‬والبغوى تفسيره مختصر من الثعلبى‪ ً،‬لكنه صان تفسيره‬
‫عن الحاديث الموضوعة والراء المبتدعة"‪.‬‬
‫وقال فى فتاواه ‪ -‬وقد سئل عن أى التفاسير أقرب إلى الكتاب والسسرنة‪ :‬الزمخشرى‪ .‬أم القرطبى‪ .‬أم‬
‫البغوى أم غير هؤلء؟؟ ‪ -‬قال‪" :‬وأما التفاسير الثلثة المسئول عنها‪ ً،‬فأسلمها من البدعة والحاديث‬
‫الضعيفة البغوى‪ ً،‬لكنه مختصر من تفسير الثعلبى‪ ً،‬وحذف منه الحاديث الموضوعة والبدع التى فيه‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وحذف أشياء غير ذلك"‪.‬‬
‫وقال الكتانى فى الرسالة المستطرفة )ص ‪" :(85‬وقد يوجد فيه ‪ -‬يعنى معالم التنزيل ‪ -‬من المعانى‬
‫والحكايات ما ييحكم بضعفه أو وضعه"‪.‬‬
‫وقد يطربع هذا التفسير فى نسخة واحدة مع تفسير ابن كثير القرشى الدمشقى‪ ً،‬كما يطربمع مع تفسير‬
‫الخازن‪ ً،‬وقد قرأيت فيه فوجدته يتعرضِ لتفسير الية بلفظ سهل موجز‪ ً،‬وينقل ما جاء عن المسملف فى‬
‫ل‪ :‬قال ابن عباس كذا وكذا‪ ً،‬وقال‬ ‫تفسيرها‪ ً،‬وذلك بدون أن يذكر السند‪ ً،‬يكتفى فى ذلك بأن يقول مث ل‬
‫مجاهد كذا وكذا‪ ً،‬وقال عطاء كذا وكذا‪ ً،‬والسر فى هذا هو أنه ذكر فى مقدمة تفسيره إسناده إلى كل ممن‬
‫يروى عنه‪ .‬وبرين أن له طرقا سواها تركها اختصارا‪ .‬ثم إنه إذا روى عمن ذكر أسانيده إليهم بإسناد‬
‫آخر غير الذى ذكره فى مقدمة تفسيره فإنه يذكره عند الرواية‪ ً،‬كما يذكر إسناده إذا روى عن غير ممهن‬
‫ذكر أسانيده إليهم رممن الصحابة والتابعين‪ ً،‬كما أنه ‪ -‬بحكم كونه رممن الحرفاظ المتقنين للحديث ‪ -‬كان‬
‫يتح ررى الصحة فيما يسنده إلى الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويعرضِ عن المناكير وما ل تعلقا له‬
‫بالتفسير‪ ً،‬وقد أوضح هذا فى مقدمة كتابه فقال‪ :‬وما ذكريت من أحاديث رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فى أثناء الكتاب على وفاقا آية أو بيان حكم فإن الكتاب ييطملب بيانه من اليسرنة‪ .‬وعليها مدار الشرع‬
‫ويأمور الدين ‪ -‬فهى من الكتب المسموعة للليحرفاظ وأئمة الحديث‪ ً،‬وأعرضيت عن ذكر المناكير وما ل‬
‫يليقا بحال التفسير"‪.‬‬
‫وقد لحظيت على هذا التفسير أنه يروى عن الكلبى وغيره من الضعفاء‪ ً،‬كما لحظيت أنه يتعرضِ‬
‫للقراءات‪ ً،‬ولكن بدون إسراف منه فى ذلك‪ ً،‬كما أنه يتحاشى ما ولع به كثير من المفيسرين من مباحث‬
‫العراب‪ ً،‬ونكت البلغة‪ ً،‬والستطراد إلى علوم أخرى ل صلة لها بعلم التفسير‪ ً،‬وإن كان فى بعضِ‬
‫الحيان يتطرقا إلى الصناعة النحوية ضرورة الكشف عن المعنى‪ ً،‬ولكه مقل ل يكثر‪ .‬ووجدته يذكر‬
‫أحيانا بعضِ السرائيليات ول يمعيقب عليها ووجدته يورد بعضِ إشكالت على ظاهر النظم ثم يجيب‬
‫عنها‪ ً،‬كما وجدته ينقل الخلف عن المسملف فى التفسير ويذكر الروايات عنهم فى ذلك‪ ً،‬ول يمريجح رواية‬
‫ضيعف رواية وييصحح أخرى‪.‬‬ ‫على رواية‪ ً،‬ول ي م‬
‫وعلى العموم فالكتاب فى جملته أحسن وأسلم من كثير من كتب التفسير بالمأثور وهو متدامول بين أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 5‬المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز )لبن عطية(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو أبو محمد عبد الحقا بن غالب بن عطية الندلسى المغربى الغرناطى الحافظ‬
‫القاضى‪ .‬ولى القضاء بمدينة المرية بالندلس ولما تورلى توخى الحقا وعدل فى الحكم وأعز الخطة‪.‬‬
‫صررف منها إلى الرقة بالمغرب‪ً،‬‬ ‫صرد عن دخولها‪ ً،‬و ي‬
‫ويقال‪ :‬إنه قصد مرسية بالمغرب ليتولى قضاءها‪ ً،‬ف ي‬
‫واعيتدى عليه رحمه ال‪ ً،‬وكان مولده سنة ‪ 481‬هـ )إحدى وثمانين وأربعمائة(‪ ً،‬ويتوفى باليرقة سنة‬
‫‪ 546‬هـ )ست وأربعين وخمسمائة من الهجرة(‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫**‬
‫* مكانته العلمية‪:‬‬
‫نشأ القاضى أبو محمد بن عطية فى بيت علم وفضل‪ ً،‬فأبوه أبو بكر غالب بن عطية‪ ً،‬إمام حافظ‪ ً،‬وعالم‬
‫جليل‪ .‬رحل فى طلب العلم وتفقه على العلماء‪ .‬وجمده عطية أنسل كثيرا لهم قدر وفيهم فضل‪ ً،‬فل عجب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إذن أن يشبه الفرع أصله‪.‬‬
‫كان أبو محمد بن عطية غاية فى الدهاء والذكاء وحسن الفهم وجلله التصرف‪ ً،‬شغوفاص باقتناء‬
‫ل‪ ً،‬عارفا بالحكام والحديث والتفسير‪ ً،‬نحويا‬‫الكتب‪ ً،‬وكان على مبلغ عظيم من العلم‪ ً،‬فكان فقيها جلي ل‬
‫يلغويا‪ ً،‬أديبا شاعرا‪ ً،‬مقيدا ضابطا‪ ً،‬يسينيا فاضل‪ .‬وصفه صاحب "قلئد العقيان" بالبراعة فى الدب‪ً،‬‬
‫والنظم‪ ً،‬والنثر‪ ً،‬وذكر شيئاص من رشعره‪ ً،‬ووصفه أبو حيان فى مقدمة البحر المحيط بأنه‪" :‬أرجل ممهن‬
‫صرنف فى علم التفسير‪ ً،‬وأفضل ممهن تعررضِ فيه للتنقيح والتحرير"‪.‬‬
‫روى عن أبيه‪ ً،‬وأبى علسى الغرسانى‪ ً،‬والصفدى‪ .‬وروى عنه أبو بكر ابن أبى حمزة‪ ً،‬وأبو القاسم بن‬
‫حبيش‪ ً،‬وأبو جعفر بن مضاء‪ ً،‬وغيرهم‪.‬‬
‫وقد خرلف من المؤلفات كتاب التفسير‪ ً،‬المسمى بـ "المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز"‪ ً،‬وهو‬
‫الكتاب الذى ترجمنا له وستتكلم عنه‪ ً،‬كما أرلف برنامجا ضمنه مروياته وأسماء شيوخه‪ ً،‬وقد حرر هذا‬
‫الكتاب وأجاد فيه‪.‬‬
‫وعلى الجملة‪ ً،‬فالقاضى أبو محمد بن عطية عارلم له شهرته العلمية فى نواح مختلفة‪ ً،‬وقد عرده ابن‬
‫فرحون فى "الديباج المذهب" من أعيان مذهب المالكية‪ ً،‬كما عرده السيوطى فى "بغية الوعاة" من شيوخ‬
‫النحو وأساطين النحاة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫تفسير ابن عطية المسمى بـ "المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز" تفسير له قيمته العالية بين كتب‬
‫التفسير وعند جميع المفيسرين‪ ً،‬وذلك راجع إلى أن مؤلفه أضفى عليه من روحه العلمية الفسياضة ما‬
‫أكسبه دقة‪ ً،‬ورواجا‪ ً،‬وقبولل‪ .‬وقد لخصه مؤلفه ‪ -‬كما يقول ابن خلدون فى مقدمته ‪ -‬من كتب التفاسير‬
‫كلها ‪ -‬أى تفاسير المنقول ‪ -‬وتحررى ما هو أقرب إلى الصحة منها‪ ً،‬ووضع ذلك فى كتاب متداول بين‬
‫أهل المغرب والندلس‪ ً،‬حسن المنحى"‪.‬‬
‫والحقا أن ابن عطية أحسن فى هذا التفسير وأبدع‪ ً،‬حتى طار صيته كل مطار‪ ً،‬وصار أصدقا شاهد‬
‫لمؤلفه بإمامته فى العربية وغيرها من النواحى العلمية المختلفة‪ ً،‬ومع هذه الشهرة الواسعة لهذا الكتاب‬
‫فإنه ل يزال مخطوطا إلى اليوم‪ ً،‬وهو يقع فى عشر مجلدات كبار‪ ً،‬ويوجد منه فى دار الكتب المصرية‬
‫أربعة أجزاء فقط‪ :‬الجزء الثالث‪ ً،‬والخامس‪ ً،‬والثامن‪ ً،‬والعاشر‪ .‬وقد رجعيت إلى هذه الجزاء وقرأيت‬
‫منها ما شاء ال أن أقرأ‪ ً،‬فوجديت المؤلف يذكر الية ثم يفيسرها بعبارة عذبة سهلة‪ ً،‬ويورد من التفسير‬
‫المأثور ويختار منه فى غير إكثار‪ ً،‬وينقل عن ابن جرير الطبرى كثيرا‪ ً،‬ويناقش المنقول عنه أحيانا‪ً،‬‬
‫كما يناقش ما ينقله عن غير ابن جرير ويرد عليه‪ .‬وهو كثير الستشهاد بالشعر العربى‪ ً،‬ممهعرنى بالشواهد‬
‫الدبية للعبارات‪ ً،‬كما أنه يحتكم إلى اللغة العربية عندما ييوجه بعضِ المعانى‪ ً،‬وهو كثير الهتمام‬
‫بالصناعة النحوية‪ ً،‬كما أنه يتعرضِ كثيرا للقراءات ويينزل عليها المعانى المختلفة‪.‬‬
‫ونجد أبا حيان فى مقدمة تفسيره يعقد مقارنة بين تفسير ابن عطية وتفسير الزمخشرى فيقول‪" :‬وكتاب‬
‫ابن عطية أنقل‪ ً،‬وأجمع‪ ً،‬وأخلص‪ ً،‬وكتاب الزمخشرى ألخص‪ ً،‬وأغوص"‪.‬‬
‫ونجد ابن تيمية يعقد مقارنة بين الكتابين ‪ -‬كتاب ابن عطية وكتاب الزمخشرى ‪ -‬فى فتاواه فيقول‪:‬‬
‫ل وبحثا‪ ً،‬وأبعد عن البدع وإن اشتمل على‬ ‫"وتفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشرى‪ ً،‬وأصح نق ل‬
‫بعضها‪ ً،‬بل هو خير منه بكثير‪ ً،‬بل لعله أرجح هذه التفاسير"‪ .‬كما يعقد مثل هذه المقارنة فى مقدمته فى‬
‫أصول التفسير فيقول‪" :‬وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسسرنة والجماعة‪ ً،‬وأسلم من البدعة من تفسير‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الزمخشرى‪ ً،‬ولو ذكر كلم المسملف الموجود فى التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل‪ً،‬‬
‫فإنه كثيرا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبرى ‪ -‬وهو من أرجرل التفاسير وأعظمها قدرا ‪ -‬ثم إنه‬
‫يدع ما نقله ابن جرير عن المسملف ل يحكيه بمحال‪ ً،‬ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين‪ ً،‬وإنما يعنى بهم‬
‫طائفة من أهل الكلم الذين قرروا أصولهم بطرقا من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم‪ ً،‬وإن كان‬
‫أقرب إلى السسرنة من المعتزلة"‪.‬‬
‫وأنا فى أثناء قراءتى فى هذا التفسير‪ ً،‬رأيت ابن عطية عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [26‬من‬
‫سورة يونس‪} :‬ليرلرذيمن أمهحمسينوها ٱهليحهسمنـى مورزميامدفة{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬قالت فرقة هى الجمهور‪ :‬اليحسنى‪:‬‬
‫الجنة‪ .‬والزيادة‪ :‬النظر إلى ال عرز ومجرل‪ ً،‬ويروى فى ذلك حديث عن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬رواه‬
‫صيديقا‪ ً،‬ويحذيفة‪ ً،‬وأبى موسى الشعرى‪ "..‬ثم يقول‪" :‬وقالت‬ ‫صهيب‪ ً،‬ويروى هذا القول عن أبى بكر ال ر‬
‫فرقة‪ :‬ال يحسنى هى الحسنة‪ ً،‬والزيادة هى تضعيف الحسنات إلى سبعمائة‪ ً،‬فروتها حسب ما روى فى‬
‫ضارعيف رلممن ميمشآيء{ُ‪ ً،..‬وهذا قول يعضده النظر‪ ً،‬ولول عظم القائلين‬ ‫نص الحديث وتفسير قوله تعالى‪} :‬ي م‬
‫بالقول الول لترجح هذا القول"‪ ..‬ثم يأخذ فى ذكر طرقا الترجيح للقول الثانى‪.‬‬
‫وهذا يدلنا على أنه يميل إليه المعتزلة‪ ً،‬أو على القل يقيدر ما ذهبت إليه المعتزلة فى مسألة الرؤية وإن‬
‫كان يحترم مع ذلك رأى الجمهور‪ .‬ولعل مثل هذا التصرف من ابن عطية هو الذى جعل ابن تيمية‬
‫يحكم عليه بحكمه السابقا‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 6‬تفسير القرآن العظيم )لبن كثير(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو المام الجليل الحافظ‪ ً،‬عماد الدين‪ ً،‬أبو الفداء‪ ً،‬إسماعيل بن عمرو بن كثير من‬
‫ضوء بن كثير بن زرع البصرى ثم الدمشقى‪ ً،‬الفقيه الشافعى‪ ً،‬مقردم الشافعى‪ ً،‬مقردم دمشقا وله سبع سنين‬
‫مع أخيه بعد موت أبيه‪ .‬سمع من ابن الشجنة‪ ً،‬والمدى‪ ً،‬وابن عساكر‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬كما لزم المزى وقرأ‬
‫عليه تهذيب الكمال‪ ً،‬وصاهره على ابنته‪ .‬وأخذ عن ابن تيمية‪ ً،‬ويفرتن بحبه‪ ً،‬واميترحن بسببه‪ .‬وذكر ابن‬
‫قاضى شهبة فى طبقاته‪ :‬أنه كانت له خصوصية بابن تيمية‪ ً،‬ومناضلة عنه‪ ً،‬واتباع له فى كثير من‬
‫آرائه‪ ً،‬وكان يفتى برأيه فى مسألة الطلقا واميترحن بسبب ذلك ويأورذى‪.‬‬
‫وقال الداودى فى طبقات المفيسرين‪" :‬كان قدوه العلماء واليحرفاظ‪ ً،‬وعمدة أهل المعانى واللفاظ‪ ً،‬مورلمى‬
‫مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبى ‪ -‬وبعد موت السبكى مشيخة الحديث الشرفية مدة يسيرة‪ ً،‬ثم أيرخذت‬
‫منه"‪.‬‬
‫وكان مولده سن ‪ 700‬هـ )سبعمائة( أو بعدها بقليل وتوفى فى شعبان سنة ‪ 774‬هـ )أربع وسبعين‬
‫وسعبمائة من الهجرة(‪ ً،‬ويدرفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية‪ ً،‬وكان قد كرف بصره فى آخر عمره‪.‬‬
‫رحمه ال رحمة واسعة‪.‬‬
‫**‬
‫* مكانته العلمية‪:‬‬
‫كان ابن كثير على مبلغ عظيم من العلم‪ ً،‬وقد شهد له العلماء بسعة علمه‪ ً،‬وغزارة مادته‪ ً،‬خصوصا فى‬
‫التفسير والحديث والتاريخْ‪ .‬قال عنه ابن حجر‪" :‬اشتغل بالحديث مطالعة فى متونه ورجاله‪ ً،‬وجمع‬
‫التفسير‪ ً،‬وشرع فى كتاب كبير فى الحكام لم يكمل‪ ً،‬وجمع التاريخْ الذى سرماه البداية والنهاية‪ ً،‬وعمل‬
‫طبقات الشافعية‪ ً،‬وشرع فى شرح البخارى‪ ..‬وكان كثير الستحضار‪ ً،‬حسن المفاكهة‪ ً،‬وصارت‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تصانيفه فى البلد فى حياته‪ ً،‬وانتفع بها الناس بعد وفاته‪ ً،‬ولم يكن على طريقا المحيدثين فى تحصيل‬
‫العوالى‪ ً،‬وتمييز العالى من النازل‪ ً،‬ونحو ذلك من فنونهم‪ ً،‬وإنما هو من محيدثى الفقهاء‪ ً،‬وقد اختصر مع‬
‫ذلك كتاب ابن الصلح‪ ً،‬وله فيه فوائد"‪ .‬وقال الذهبى عنه فى المعجم المختص‪" :‬المام المفتى‪ ً،‬المحيدث‬
‫البارع‪ ً،‬فقيه متفنن‪ ً،‬يممحيدث متقن‪ ً،‬يممفيسر نرقال‪ ً،‬وله تصانيف مفيدة"‪ ً،‬وذكره صاحب شذرات الذهب فقال‪:‬‬
‫"كان كثير الستحضار‪ ً،‬قليل النسيان‪ ً،‬جيد الفهم"‪ ً،‬وقال ابن حبيب فيه‪" :‬زعيم أرباب التأويل‪ ً،‬سمع‬
‫وجمع وصرنف‪ ً،‬وأطرب السماع بالفتوى وشرنف‪ ً،‬وحردث وأفاد‪ ً،‬وطارت أوراقا فتاويه فى البلد‪ً،‬‬
‫واشتهر بالضبط والتحرير‪ ً،‬وانتهت إليه رياسة العلم فى التاريخْ والحديث والتفسير"‪ ً،‬وقال فيه أحد‬
‫تلميذه ابن حجى‪" :‬أحفظ ممهن أدركناه لمتون الحديث‪ ً،‬وأعرفهم بجرحها ورجالها‪ ً،‬وصحيحها وسقيمها‪ً،‬‬
‫وكان فأرانه وشيوخه يعترفون له بذلك‪ ً،‬وما أعرف أنى اجتمعيت به على كثرة ترددى عليه إل واستفديت‬
‫منه"‪ .‬وعلى الجملة‪ ..‬فعلم ابن كثير يتجلى بوضوح لمن يقرأ تفسيره أو تاريخه‪ ً،‬وهما من خير ما أرلف‪ً،‬‬
‫وأجود ما أخرج الناس‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه‪:‬‬
‫تفسير ابن كثير من أشهر ما يديون فى التفسير المأثور‪ ً،‬وييعتبر فى هذه الناحية الكتاب الثانى بعد كتاب‬
‫ابن جرير‪ .‬اعتنى فيه مؤلفه بالرواية عن مفيسرى المسملف‪ ً،‬ففرسر فيه كلم ال تعالى بالحاديث والثار‬
‫ل‪ .‬وقد يطربع هذا التفسير مع معالم التفسير‬ ‫مسندة إلى أصحابها‪ ً،‬مع الكلم عما يحتاج إليه جرحا وتعدي ل‬
‫ل فى أربعة أجزاء كبار‪.‬‬ ‫للبغوى‪ ً،‬ثم يطربع مستق ل‬
‫لمور التى لها تعلقا واتصال بالقرآن‬ ‫وقد قردم له مؤلفه بمقدمة طويلة هامة‪ ً،‬تعررضِ فيها لكثير من ا ي‬
‫وتفسيره‪ ً،‬ولكن أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلم شيخه ابن تيمية الذى ذكره فى مقدمته فى‬
‫أصول التفسير‪.‬‬
‫ولقد قرأيت فى هذا التفسير فوجدته يمتاز فى طرييقته بأنه يذكر الية‪ ً،‬ثم ييفيسرها بعبارة سهلة موجزة‪ً،‬‬
‫وإن أمكن توضيح الية بآية أخرى ذكرها وقارن بين اليتين حتى يتبين المعنى ويظهر المراد‪ ً،‬وهو‬
‫شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذى يسمونه تفسير القرآن بالقرآن‪ ً،‬وهذا الكتاب أكثر ما يعررف من‬
‫كتب التفسير سردا لليات المتناسبة فى المعنى الواحد‪.‬‬
‫ثم بعد أن يفرغا من هذا كله‪ ً،‬يشرع فى سرد الحاديث المرفوعة التى تتعلقا بالية‪ ً،‬ويبين ما ييحمتج به‬
‫وما ل ييحمتج به منها‪ ً،‬ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين وممن يليهم من علماء المسملف‪ .‬ونجد ابن‬
‫ضيعف بعضِ الروايات‪ ً،‬وييصيحح بعضا آخر منها‪ ً،‬ويمعيدل‬ ‫كثير يمريجح بعضِ القوال على بعضِ‪ ً،‬وي م‬
‫بعضِ الرواة ويمجيرح بعضا آخر‪ .‬وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال‬
‫الرجال‪.‬‬
‫وكثيرا ما نجد ابن كثير ينقل من تفسير ابن جرير‪ ً،‬وابن أبى حاتم‪ ً،‬وتفسير ابن عطية‪ ً،‬وغيرهم ممن‬
‫تقردمه‪.‬‬
‫ومما يمتاز به ابن كثير‪ ً،‬أنه يمنيبه إلى ما فى التفسير المأثور من منكرات السرائيليات‪ ً،‬ويمحيذر منها‬
‫على وجه الجمال تارة‪ ً،‬وعلى وجه التعيين والبيان لبعضِ منكراتها تارة أخرى‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬وما بعدها من سورة البقرة‪} :‬إررن ٱلرلمه ميهأيميريكهم أمهن متهذمبيحوها‬ ‫فمث ل‬
‫مبمقمرلة‪ ..ُ{...‬إلى آخر القصة‪ ً،‬نراه يقص لنا قصة طويلة وغريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة‪ ً،‬وعن‬
‫وجودهم لها عند رجل من بنى إسرائيل كان من أممبير الناس بأبيه‪ ..‬إلخْ‪ ً،‬ويروى كل ما قيل من ذلك عن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بعضِ علماء المسملف‪ .:‬ثم بعد أن يفرغا من هذا كله يقول ما نصه‪" :‬وهذه السياقات عن عبيدة وأبى‬
‫العالية والسدسى وغيرهم‪ ً،‬فيها اختلف‪ ً،‬والظاهر أنها مأخوذة من كتب بنى إسرائيل‪ ً،‬وهى مما يجوز‬
‫صردقا ول يتمكرذب‪ ً،‬فلهذا ل ييعتمد عليها إل ما وافقا الحقا عندنا‪ .‬وال أعلم"‪.‬‬ ‫نقلها ولكن ل يت م‬
‫ومث لل عند تفسيره لول سورة "قا" نراه يعرضِ لمعنى هذا الحرف فى أول السورة "قا" ويقول‪.." :‬وقد‬
‫روى عن بعضِ المسملف أنهم قالوا‪" :‬قا" جبل محيط بجميع الرضِ يقال له جبل قاف‪ ً،‬وكأن هذا ‪ -‬وال‬
‫أعلم ‪ -‬من خرافات بنى إسرائيل التى أخذها عنهم مما ل ييصردقا ول يمكرذب‪ ً،‬وعندى أن هذا وأمثاله‬
‫لرمة مع‬ ‫وأشباهه من اختلقا بعضِ زنادقتهم‪ ً،‬يمليبسون به على الناس أمر دينهم‪ ً،‬كما افترى فى هذه ا ي‬
‫جللة قدر علمائها ويحرفاظها وأئمتها أحاديث عن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وما بالعهد من رقمدم‪ ً،‬فكيف‬
‫بيأرمه بنى إسرائيل مع طول المدى ورقرلة اليحرفاظ الينرقاد فيهم‪ ً،‬وشربهم الخمور وتحريف علمائهم الكلم عن‬
‫مواضعه‪ ً،‬وتبديل كتب ال وآياته؟ وإنما أباح الشارع الرواية عنهم فى قوله‪" :‬وحيدثوا عن بنى إسرائيل‬
‫ول محمرج" فيما قد يمجيوزه العقل‪ ً،‬فأما فيما تحيله العقول‪ ً،‬وييحكم فيه بالبطلن‪ ً،‬ويغلب على الظنون كذبه‪ً،‬‬
‫فليس من هذا القبيل‪ .‬وال أعلم"‪.‬‬
‫كما نلحظ على ابن كثير أنه يدخل فى المناقشات الفقهية‪ ً،‬ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم عندما يشرح آية‬
‫من آيات الحكام‪ ً،‬وإن شئمت أن ترى مثالل لذلك فارجع إليه عند تفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [185‬من‬
‫صهميه موممن مكامن ممرريضا أمهو معلمـى مسمفهَر مفرعردفة يمهن أمرياهَم أيمخمر{ُ‪..‬‬
‫سورة البقرة‪...} :‬مفممن مشرهمد رمنيكيم الرشههمر مفهلمي ي‬
‫الية‪ ً،‬فإنه ذكر أربع مسائل تتعلقا بهذه الية‪ ً،‬وذكر أقوال العسلماء فيها‪ ً،‬وأدلتهم على ما ذهبوا إليه‪ً،‬‬
‫ل مترحسل مليه رمن‬ ‫وارجع إليه عند تفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [230‬من سورة البقرة أيضا‪} :‬مفرإهن مطلرمقمها مف م‬
‫مبهعيد محرتـى متهنركمح مزهوجا مغهيمريه{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬فإنه قد تعررضِ لما ييشترط فى نكاح الزوج المحيلل‪ ً،‬وذكر أقوال‬
‫العلماء وأدرلتهم‪.‬‬
‫وهكذا يدخل ابن كثير فى خلفات الفقهاء‪ ً،‬ويخوضِ فى مذاهبهم وأدرلتهم كلما تكرلم عن آية لها تعلقا‬
‫بالحكام‪ ً،‬ولكنه مع هذا مقتصد يمرقفل ل ييسرف كما أسرف غيره من فقهاء المفيسرين‪.‬‬
‫وبالجملة‪ ..‬فإن هذا التفسير من خير كتب التفسير بالمأثور‪ ً،‬وقد شهد له بعضِ العلماء فقال السيوطى‬
‫فى ذيل "تذكرة الحرفاظ" والزرقانى فى "شرح المواهب"‪ :‬إنه لم ييمؤرلف على نمطه مثله‪.‬‬
‫‪ - 7‬الجواهر الحسان فى تفسير القرآن )للثعالبى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف الجواهر الحسان‪ ً،‬هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبى‪ ً،‬الجزائرى‪ ً،‬المغربى‪ً،‬‬
‫المالكى‪ ً،‬المام اليحرجة‪ ً،‬العارلم العامل‪ ً،‬الزاهد الورع‪ ً،‬ولسى ال الصالح العارف بال‪ .‬كان من أولياء ال‬
‫المعرضين عن الدنيا وأهلها‪ ً،‬ومن خيار عباد ال الصالحين‪ .‬قال ابن سلمة الكبرى‪ :‬كان شيخنا‬
‫الثعالبى رج لل صالحا‪ ً،‬زاهدا عالما‪ ً،‬عارفا‪ ً،‬وليا من أكابر الولياء‪ .‬وبالجملة فقد اتفقا الناس على‬
‫صلحه وإمامته‪ ً،‬وأثنى عليه جماعة من شيوخه بالعلم والدين والصلح‪ ً،‬كالمام البسى‪ ً،‬والولسى‬
‫العراقى‪ ً،‬وغيرهما‪ .‬وقد عررف هو بنفسه فى مواضع من كتبه‪ ً،‬وبرين أنه رحل من الجزائر لطلب العلم‬
‫فى آخر القرن الثامن فدخل بجاية‪ ً،‬ثم تونس‪ ً،‬ثم رحل إلى مصر‪ ً،‬ثم رجع إلى تونس‪ ً،‬ويقول هو‪ :‬لم‬
‫يكن بتونس يومئذ ممن يفوتنى فى علم الحديث‪ ً،‬إذا تكلمت أنصتوا وقبلوا ما أرويه‪ ً،‬تواضعا منهم‬
‫وإنصافا‪ ً،‬واعترفا بالحقا‪ ً،‬وكان بعضِ المغاربة يقول لى لما قدمت من المشرقا‪ :‬أنت آية فى علم‬
‫الحديث‪ .‬وذكر كل شيوخه الذين سمع منهم فى تلك البلد‪.‬‬
‫صينفا‪ ً،‬خرلف للناس يكتبا كثيرة نافعة‪ ً،‬منها‪" :‬الجواهر الحسان فى تفسير‬ ‫لمة يم م‬ ‫وكان الثعالبى إماما ع ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫القرآن" وهو التفسير الذى نحن بصدده‪ ً،‬وكتاب الذهب البريز فى غرائب القرآن العزيز‪ ً،‬وتحفة‬
‫لمهات فى أحكام العبادات‪ ً،‬وغير ذلك من الكتب‬ ‫الخوان فى إعراب بعضِ آيات القرآن‪ ً،‬وكتاب جامع ا ي‬
‫النافعة فى نواح علمية مختلفة‪ .‬وكانت وفاته سنة ‪876‬هـ )ست وسبعين وثمانمائة من الهجرة( أو فى‬
‫أواخر التى قبلها‪ ً،‬عن نحو تسعين سنة‪ ً،‬ودفن بمدينة الجزائر‪ ً،‬فرحمه ال ورضى عنه‪.‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه‪:‬‬
‫نستطيع أن نأخذ فكرة عامة واضحة عن هذا التفسير من كلم مؤيلفة نفسه الذى ذكره فى مقدمته‬
‫وخاتمته‪ .‬يقول الثعالبى رحمه ال فى مقدمة تفسيره بعد حمد ال والصلة والسلم على رسول ال‪:‬‬
‫"فإنى قد جمعت لنفسى ولك فى هذا المختصر ما أرجو أن يقر ال به عينى وعينك فى الدارين‪ ً،‬فقد‬
‫ضرمنته بحمد ال المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية‪ ً،‬وزدته فوائد جممة‪ ً،‬من غيره من كتب الئمة‪ً،‬‬
‫لرمة‪ ً،‬حسبما رأيته أو يررويته عن الثبات وذلك قريب من مائة تأليف‪ ً،‬وما فيها تأليف‬ ‫وثقات أعلم هذه ا ي‬
‫إل وهو لمام مشهور بالدين ومعدود فى المحققين‪ ً،‬وكل ممهن نقلت عنه من المفيسرين شيئا فمن تأليفه‬
‫نقلت‪ ً،‬وعلى لفظ صاحبه عرولت‪ ً،‬ولم أنقل شيئاص من ذلك بالمعنى خوف الوقوع فى الزلل‪ ً،‬وإنما هى‬
‫عبارات وألفاظ لمن أعزوها إليه‪ ً،‬وما انفرديت بنقله عن الطبرى‪ ً،‬فمن اختصار الشيخْ أبى عبد ال‬
‫محمد ابن عبد ال بن أحمد اللخمى النحوى لتفسير الطبرى نقلت‪ ً،‬لنه اعتنى بتهزيبه"‪.‬‬
‫ثم أبان المؤلف عن رموز الكتاب فقال‪" :‬وكل ما فى آخره‪" :‬انتهى" فليس هو من كلم ابن عطية‪ ً،‬بل‬
‫ذلك مما انفردت بنقله من غيره‪ ً،‬وممهن أشكل عليه لفظ فى هذا المختصر فليراجع المهات المنقول عنها‬
‫فليصلحه منها‪ ً،‬ول يصلحه فى هذ المختصر فليراجع المهات المنقول عنها فليصلحه منها‪ ً،‬ول يصلحه‬
‫برأيه وبديهة عقله فيقع فى الزلل من حيث ل يشعر‪ .‬وجعليت علمة "التاء" لنفسى بدلل من‪" :‬قلت"‪ ً،‬وممهن‬
‫شاء كتبها‪ :‬قلت‪ .‬وأما "العين" فلبن عطية‪ .‬وما نقلته من العراب عن غير ابن عطية فمن الصفاقصى‬
‫مختصر أبى حيان غالبا‪ .‬وجعلت "الصاد" علمة عليه‪ ً،‬وربما نقليت عن غيره معزوا لمن عنه نقلت‪.‬‬
‫وكل ما نقلته عن أبى حيان ‪ -‬وإنما نقلى له بواسطة الصفاقصى ‪ -‬أقول‪ :‬قال الصفاقصى‪ :‬وجعلت‬
‫علمة ما زدته على أبى حيان "م" وما يتفقا لى إن أمكن فعلمته‪" :‬قلت"‪ ..‬وبالجملة فحيث أطلقا‪ً،‬‬
‫فالكلم لبى حيان‪"..‬‬
‫ثم قال‪" :‬وما نقلته من الحاديث الصحاح والحسان عن غير البخارى ومسلم وأبى داود والترمذى فى‬
‫باب الذكار والدعوات‪ ً،‬فأكثره من النووى وسلح المؤمن‪ .‬وفى الترغيب والترهيب وأصول الخرة‪ً،‬‬
‫فمعظمه من التذكرة للقرطبى‪ ً،‬والعاقبة لعبد الحقا‪ .‬وربما زدت زيادة كثيرة من مصابيح البغوى وغيره‪ً،‬‬
‫كما ستقف إن شاء ال تعالى على كل ذلك معزوا لمحاله‪ .‬وبالجملة فكتابى هذا محشو بنفائس الرحمكم‪ً،‬‬
‫وجواهر ال يسنن الصحيحة‪ ً،‬والحسان المأثورة عن سيدنا محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬وسميته بالجواهر‬
‫الحسان فى تفسير القرآن"‪.‬‬
‫ثم نقل مما جاء فى مقدمة تفسير ابن عطية‪ ً،‬فذكر بابا فى فضل القرآن‪ ً،‬وبابا فى فضل تفسير القرآن‬
‫ل فى اختلف الناس‬ ‫ل فيما قبل فى الكلم فيه‪ ً،‬والجرأة عليه‪ ً،‬ومراتب المفيسرين‪ ً،‬وفص ل‬
‫وإعرابه‪ ً،‬وفص ل‬
‫ل فى ذكر اللفاظ التى فى‬ ‫فى معنى قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬يأنرزل القرآن على سبعة أحرف"‪ ً،‬وفص ل‬
‫القرآن مما للغات العجم بها تعلقا‪ ً،‬وبابا فى تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والية‪ ..‬ثم شرع فى‬
‫التفسير بعد ذلك كله‪ ً،‬وفى كل ما تقردم يعتمد على ابن عطية وينقل عنه‪.‬‬
‫ل من الدرر‪ ً،‬وقد استوعبيت بحمد ال مهمات ابن‬ ‫وفى خاتمة التفسير يقول‪" :‬وقد أودعه بحمد ال جزي ل‬
‫عطية‪ ً،‬وأسقطيت كثيرا من التكرار وما كان من الشواذ فى غاية الوهى‪ ً،‬وزديت من غيره جواهر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صدقا‬ ‫ونفائس ل ييستغنى عنها‪ ً،‬ممريزة معزروة لمحالها‪ ً،‬منقولة بألفاظها‪ ً،‬وتوخييت فى جميع ذلك ال ي‬
‫والصواب"‪.‬‬
‫هذا هو وصف المؤلف لكتابه وبيانه له‪ ً،‬ومنه يضح جليا أن الكتاب عبارة عن مختصر لتفسير ابن‬
‫عطية‪ ً،‬مع زيادة ينيقول نقلها الثعالبى عرمن سبقه من المفيسرين‪ ً،‬ومن أجل هذا نستطيع أن نقول‪ :‬إن‬
‫الثعالبى فى تفسيره هذا ليس له بعد الجمع والترتيب إل عمل قليل‪ ً،‬وأثر فكرى ضئيل‪.‬‬
‫والكتاب مطبوع فى الجزائر فى أربعة أجزاء‪ ً،‬وتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية‪ ً،‬وأخرى بالمكتبة‬
‫الزهرية‪ ً،‬وفى آخر الكتاب معجم مختصر فى شرح ما وقع فيه من اللفاظ الغريبة‪ ً،‬ألحقه به مؤلفه‪ً،‬‬
‫وزاد فيه كلمات أخرى وردت فى غيره ييحتاج إلى معرفتها‪ ً،‬ويجرلها مما جاء فى الموطأ وصحيحى‬
‫البخارى‪ ً،‬ومسلم وغيرهما من الكتب الستة‪ ً،‬وبعد هذا ذكر الثعالبى مرائية التى رأى فيها النبى صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ .‬وقد قرأت فى هذا التفسير فلحظيت أنه التزم ما ذكره فى مقدمته‪ ً،‬فنقل عرمن ذكرهم‪ً،‬‬
‫ورمز إليهم بالحروف المذكورة‪ ً،‬ووجدته يتعرضِ للقراءات أحيانا‪ ً،‬ويدخل فى الصناعة النحوية ناق ل‬
‫ل‬
‫عرمن ذكره ورمهن عند نفسه‪ ً،‬ورأيته يستشهد فى بعضِ المواضع بالشعر العربى على المعنى الذى يذكره‪ً،‬‬
‫وهو إذ يذكر الروايات المأثورة فى التفسير يذكرها بدون أن يذكر سنده إلى من يروى عنه‪ ً،‬وقد وجدت‬
‫الثعالبى يذكر بعضِ الروايات السرائيلية‪ ً،‬ولكنه يتعقب ما يذكره بما يفيد عدم صحته‪ ً،‬أو على القل‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [20‬من سورة النمل‪} :‬مومتمفرقمد ٱلرطهيمر‬ ‫بما يفيد عدم القطع بصحته‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل أممرى ٱهليههديهمد أمهم مكامن رممن ٱهلمغآرئربيمن{ُ نجده يذكر بعضِ الخبار السرائيلية‪ ً،‬ثم يقول بعد الفراغا‬
‫مفمقامل ممارلمي م‬
‫ل عندما تكلم عن "بلقيس" فى نفس السورة السابقة نجدة يقول‪:‬‬ ‫منهأ‪" :‬وال أعلم بما صرح من ذلك"‪ ً،‬ومث ل‬
‫"وأكثر بعضِ الناس فى قصصها بما رأيت اختصاره لعدم صحته‪ ً،‬وإنما الملزم من الية‪ ً،‬أنها امرأة‬
‫ملكة على مدائن اليمن‪ ً،‬ذات يمهلك‪ ً،‬عظيم‪ ً،‬وكانت كافرة من قوم يكرفار"‪ .‬وجملة القول‪ ..‬فإن الكتاب مفيد‪ً،‬‬
‫جامع لخلصات كتب مفيدة‪ ً،‬وليس فيه ما فى غيره من الحشو اليمرخل‪ ً،‬والستطراد اليمرمل‪* * * .‬‬
‫‪ - 8‬اليدسر المنثور فى التفسير المأثور )للسيوطى( * التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو الحافظ جلل الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمد‪ ً،‬السيوطى‬
‫الشافعى‪ ً،‬المسند المحققا‪ ً،‬صاحب المؤلفات الفائقة النافعة‪ ً،‬رويلد فى رجب سنة ‪ 849‬هـ )تسع وأربعين‬
‫وثمانمائة( وتوفى والده وله من العمر خمس سنوات وسبعة أشهر‪ ً،‬وأسند وصايته إلى جماعة‪ ً،‬منهم‬
‫الكمال بن الهمام‪ ً،‬فقرره فى وظيفة الشيخونية ولحظه بنظره‪ ً،‬وختم القرآن وله من العمر ثمان سنين‪ً،‬‬
‫وحفظ كثيرا من المتون‪ ً،‬وأخذ عن شيوخ كثيرين‪ ً،‬عسدهم تلميذه الداودى بلغ بهم واحدا وخسمين‪ ً،‬كما‬
‫معرد مؤلفاته فبلغ بها ما يزيد على الخمسمائة يمؤرلف‪ ً،‬وشهرة مؤلفاته يتغنى عن ذكرها‪ ً،‬فقد اشتهرت شرقا‬
‫وغربا‪ ً،‬وريزقت قبول الناس‪ .‬وكان السيوطى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬آية فى سرعة التأليف حتى قال تلميذه‬
‫الداودى‪ :‬عاينيت الشيخْ وقد كتب فى يوم واحد ثلثة كراريس تأليفا وتحريرا‪.‬‬
‫وكان أعمل أهل زمانة بعلم الحديث وفنونه‪ ً،‬رجالل‪ ً،‬وغريبا‪ ً،‬ومتنا‪ ً،‬وسندا‪ ً،‬واستنباطا للحكام‪ .‬ولقد‬
‫أخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتى ألف حديث‪ ً،‬قال‪ :‬لو وجدت أكثر لحفظت‪ .‬ولما بلغ الربعين سنة تجررد‬
‫للعبادة‪ ً،‬وانقطع إلى ال تعالى‪ ً،‬وأعرضِ عن الدنيا وأهلها‪ ً،‬وترك الفتاء والتدريس‪ ً،‬واعتذر عن ذلك‬
‫فى يمؤرلف سرماه بـ " التنفيس"‪ ً،‬وأقام فى روضة المقياس ولم يتحرول عنها إلى أن مات‪ .‬وله مناقب‬
‫وركامات كثيرة‪ .‬وله شعر كثير جيد‪ ً،‬أغلبه فى الفوائد العلمية‪ ً،‬والحكام الشرعية‪ .‬وتوفى فى مسمحر ليلة‬
‫الجمعة تاسع عشر جمادى الولى سنة ‪ 911‬هـ )إحدى عشرة وتسعمائة( فى منزلة بروضة المقياس‪ً،‬‬
‫فرضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫**‬
‫التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫عررف الجلل السيوطى نفسه هذا التفسير‪ ً،‬وبرين لنا الحامل له على تأليفه‪ ً،‬وذلك بمجموع ما ذكره فى‬
‫آخر كتاب التقان له‪ ً،‬وما ذكره فى مقدمة اليدسر المنثور نفسه‪ ً،‬فقال فى آخر التقان )‪" :(183 /2‬وقد‬
‫جمعت كتابا مسندا فيه تفاسير النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فيه بضعة عشر ألف حديث ما بين مرفوع‬
‫وموقوف‪ ً،‬وقد تم ول الحمد فى أربع مجلدات‪ ً،‬وسميته "ترجمان القرآن"‪.‬‬
‫وقال فى مقدمة ساليدير المنثور )‪" :(2 /1‬وبعد‪ ..‬فلما ألرفيت كتاب ترجمان القرآن ‪ -‬وهو التفسير اليمهسمند‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وتم بحمد ال فى مجلدات‪ ً،‬فكان ما أوردته فيه من الثار بأسانيد‬
‫الكتب المخررجة منها واردات‪ ً،‬رأييت قصور أكثر الهمم عن تحصيله‪ ً،‬ورغبتهم فى القتصار على متون‬
‫الحاديث دون السناد وتطويله‪ ً،‬فلرخصيت منه هذا المختصر‪ ً،‬مقتصرا فيه على متن الثر‪ ً،‬مصدرا‬
‫بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر‪ ً،‬وسميته باليدير المنثور‪ ً،‬فى التفسير المأثور"‪ .‬ومن هاتين‬
‫العبارتين يتبين لنا أن السيوطى اختصر كتابه اليدسر المنثور من كتابه ترجمان القرآن‪ ً،‬وحذف السانيد‬
‫مخافة الملل‪ ً،‬مع عزره كل رواية إلى الكتاب الذى أخذها منه‪.‬‬
‫ويقول السيوطى فى آخر التقان )‪" :(19 /3‬وقد شرعيت فى تفسير جامع لجميع ما ييجتاج إليه من‬
‫التفاسير المنقولة‪ ً،‬والقوال المعقولة‪ ً،‬والستنباطات والشارات‪ ً،‬والعاريب واللغات‪ ً،‬ونكت البلغة‬
‫ل‪ ً،‬وسميته بمجمع البحرين ومطلع‬ ‫ومحاسن البدائع وغير ذلك‪ ً،‬بحيث ل ييحتاج معه إلى غيره أص ل‬
‫البدرين‪ ً،‬وهو الذى جعلت هذا الكتاب ‪ -‬يعنى التقان مقدمة له"‪.‬‬
‫ومن هذه العبارة يتبين لنا أن كتاب‪ " :‬مجمع البحرين‪ ً،‬ومطعل البدرين" يشبه فى منهجه وطريقته ‪ -‬إلى‬
‫حد كبير ‪ -‬تفسير ابن جرير الطبرى‪ ً،‬ولكن ل ندرى إذا كان السيوطى قد أتم هذا التفسير أم ل‪ ً،‬ويظهر‬
‫لنا أنه ل صلة بينه وبين كتاب اليدسر المنثور‪ ً،‬وذلك لنى استعرضيت كتاب اليدسر المنثور فوجدته ل‬
‫يتعرضِ فيه مطلقا لما ذكره من منهجه فى مجمع البحرين ومطلع البدرين‪ ً،‬فل استنباط‪ ً،‬ول إعراب‪ً،‬‬
‫ول نكات بلغية‪ ً،‬ول يممحيسنات بديعية‪ ً،‬ول شئ مما ذكر أنه سيعرضِ له فى مجمع البحرين ومطلع‬
‫البدرين‪ ً،‬وكل ما فيه هو سرد الروايات عن المسملف فى التفسير بدون أن ييعيقب عليها‪ ً،‬فل يمعيدل ول‬
‫صيحح‪ ً،‬فهو كتاب جامع فقط لما ييروى عن المسملف فى التفسير‪ ً،‬أخذه السيوطى‬ ‫ضيعف ول ي م‬ ‫ميمجيرح‪ ً،‬ول ي م‬
‫من البخارى‪ ً،‬ومسلم‪ ً،‬والنسائى‪ ً،‬والترمذى‪ ً،‬وأحمد‪ ً،‬وأبى داود‪ ً،‬وابن جرير‪ ً،‬وابن أبى حاتم‪ ً،‬وعبد ابن‬
‫حميد‪ ً،‬وابن أبى الدنيا‪ ً،‬وغيرهم ممن متقردمه ومدرون التفسير‪.‬‬
‫والسيوطى رجل يمغرم بالجمع وكثرة الرواية‪ ً،‬وهو مع جللة قدره‪ ً،‬ومعرفته بالحديث وعلله‪ ً،‬لم يتحر‬
‫الصحة فيما جمع فى هذا التفسير‪ ً،‬وإنما خلط فيه بين الصحيح والعليل‪ ً،‬فالكتاب يحتاج إلى تصفية حتى‬
‫يتميز لنا عنه من سمينه‪ ً،‬وهو مطبوع فى ست مجلدات‪ ً،‬ومتدامول بين أهل العلم‪.‬‬
‫ول يفوتنا هنا أن ننبه إلى أن كتاب اليدسر المنثور‪ ً،‬هو الكتاب الوحيد الذى اقتصر على التفسير المأثور‬
‫من بين هذه الكتب التى تكلمنا عنها‪ ً،‬فلم يخلط بالروايات التى نقلها شيئا من عمل الرأى كما فعل غيره‪.‬‬
‫وإنما اعتبرنا كل هذه الكتب من كتب التفسير بالمأثور‪ ً،‬نظرا لما امتازت به عرما عداها من الكثار فى‬
‫النقل‪ ً،‬والعتماد على الرواية‪ ً،‬وما كان وراء ذلك من محاولت تفسيرية أو استطردات إلى نواح تتصل‬
‫بالتفسير‪ ً،‬فذلك أمر يكاد يكون ثانويا بالنسبة لما جاء فيها من روايات عن المسملف فى التفسير‪.‬‬
‫وإلى هنا نمسك عن الكلم عن بقية الكتب المؤرلفة فى التفسير المأثور لما قسدمناه من عدم وصول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫جميعها إلينا‪ ً،‬ومن مخافة التطويل‪ ..‬ولعل القارئ الكريم يتفقا معى على أن هذه الكتب التى تقردمت‪ً،‬‬
‫يغنى الكلم عنها عن الكلم عما عداها من الكتب التى نهجت هذا المنهج وسلكت هذا الطريقا‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬
‫للتفسير ‪ ..‬أو التفسير فى عصور التدوين ( ضمن العنوان ) التفسير بالرأى وما يتعلقا به من مباحث (‬

‫*معنى التفيسر بالرأى‪:‬‬


‫ييطلقا الرأى على العتقاد‪ ً،‬وعلى الجتهاد‪ ً،‬وعلى القياس‪ ً،‬ومنه‪ :‬أصحاب الرأى‪ :‬أى أصحاب القياس‪.‬‬
‫والمراد بالرأى هنا "الجتهاد" وعليه فالتفسير بالرأى‪ ً،‬عبارة عن تفسير القرآن بالجتهاد بعد معرفة‬
‫المف يسر لكلم العرب ومناحيهم فى القول‪ ً،‬ومعرفته لللفاظ العربية ووجوه دللتها‪ ً،‬واستعانته فى ذلك‬
‫بالشعر الجاهلة ووقوفه على أسباب النزول‪ ً،‬ومعرفت بالناسخْ والمنسوخ من آيات القرآن‪ ً،‬وغير ذلك‬
‫من الدوات التى يحتاج إليها المفيسر‪ ً،‬وسنذكرها قريبا إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫* موقف العلماء من التفسير بالرأى‪:‬‬
‫اختلف العلماء من قديم الزمان فى جواز تفسير القرآن بالرأى‪ ً،‬ووقف المفيسرون بإزاء هذا الموضوع‬
‫موقفين متعارضين‪:‬‬
‫فقوم تشرددوا فى ذلك فلم يجرءوا على تفسير شئ من القرآن‪ ً،‬ولم يبيحوه لغيرهم‪ ً،‬وقالوا‪ :‬ل يجوز لحد‬
‫تفسير شئ من القرآن وإن كان عالما أديبا متسعا فى معرفة الدلة‪ ً،‬والفقه‪ ً،‬والنحو‪ ً،‬والخبار‪ ً،‬والثار‪ً،‬‬
‫وإنما له أن ينتهى إلى ما روى النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وعن الذين شهدوا التنزيل من الصحابة‬
‫رضى ال عنهم‪ ً،‬أو عن الذين أخذوا عنهم من التابعين‪.‬‬
‫وقوم كان موقفهم على العكس من ذلك‪ ً،‬فلم يروا بأسا من أن يفيسروا القرآن باجتهادهم‪ ً،‬ورأوا أن ممهن‬
‫كان ذا أدب وسيع فمورسع له أن ييفيسر القرآن برأيه واجتهاده‪.‬‬
‫والفريقان على طرفى نقيضِ فيما يبدو‪ ً،‬وكل يمعيزز رأيه ويمقيويه بالدلة والبراهين‪ .‬أما الفريقا الول ‪-‬‬
‫فريقا المانعين ‪ -‬قد استردلوا بما يأتى‪:‬‬
‫أو لل ‪ -‬قالوا‪ :‬إن التفسير بالرأى قول على ال بغير علم‪ ً،‬والقول على ال بغير علم منهى عنه‪ ,‬فالتفسير‬
‫بالرأى منهى عنه دليل الصغرى‪ :‬أن المفيسر بالرأى ليس على يقين بأنه أصاب ما أراد ال تعالى‪ ً،‬ول‬
‫يمكنه أن يقطع بما يقول‪ ً،‬وغاية المر أنه يقول بالظن‪ ً،‬والقول بالظن قول على ال بغير علم‪.‬‬
‫ل متهعمليمومن{ُ وهو معطوف على ما قبله من‬ ‫ودليل الكبرى‪ :‬قوله تعالى‪} :‬مومأن متيقويلوها معملى ٱلرلره مما م‬
‫المحررمات فى قوله فى الية ]‪ [33‬من سورة العراف‪} :‬يقهل إررنمما محررم مريبمي ٱهلمفموارحمش مما مظمهمر رمهنمها مومما‬
‫ل متهقيف مما لمهيمس لممك ربره رعهلفم{ُ‪..‬‬
‫مبمطمن{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬وقوله تعالى فى الية ]‪ [36‬من سورة السراء‪} :‬مو م‬
‫قد مررد المجيزون هذا الدليل فقالوا‪ :‬نمنع الصغرى‪ .‬لن الظن نوع من العلم‪ ً،‬إذ هو إدراك الطرف‬
‫الراجح‪ .‬وعلى فرضِ تسليم الصغرى فإرنا نمنع الكبرى‪ ً،‬لن الظن منهى عنه إذا أمكن الوصول إلى‬
‫العلم اليقينى القطعى‪ ً،‬بأن يوجد نص قاطع من نصوص الشرع‪ ً،‬أو دليل عقلى موصل لذلك‪ .‬أما إذا لم‬
‫يوجد شئ من ذلك‪ ً،‬فالظن كاف هنا‪ ً،‬لستناده إلى دليل قطعى من ال سبحانه وتعالى على صحة العمل‬
‫ل يوهسمعمها{ُ‪ ..‬وقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬جعل ال‬ ‫ل يمكلييف ٱللريه منهفسا إر ر‬
‫به إذ ذاك‪ .‬كقوله تعالى‪ } :‬م‬
‫للمصيب أجرين وللمخطئ واحدا"‪ ً،‬ولقول رسول ال صلى ال عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن‪:‬‬
‫"فربمم تحكم؟ قال‪ :‬بكتاب ال‪ ً،‬قال‪ :‬فإن لم تجد؟ قال‪ :‬بسسرنة رسول ال‪ ً،‬قال‪ :‬فإن لم تجد؟ قال‪ :‬أجتهد‬
‫رأيى‪ ً،‬فضرب رسول ال صلى ال عليه وسلم فى صدره وقال‪ :‬الحمد ل الذى وفقا رسول رسول ال‬
‫لما ييرضى رسول ال"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثانيا ‪ -‬استدلوا بقوله تعالى‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرملهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرملهيرههم{ُ‪ ً،‬فقد أضاف البيان إليه‪ ً،‬فيعرلم‬
‫أنه ليس لغيره شئ من البيان لمعانى القرآن‪.‬‬
‫وأجاب المجيزون عن هذا الدليل فقالوا‪ :‬نعم إرن النبى صلى ال عليه وسلم مأمور البيان ولكنه مات ولم‬
‫يبيين كل شئ فما ورد بيانه عنه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ففيه الكفاية عن فكره من بعده‪ ً،‬وما لم يرد‬
‫عنه ففيه حينئذ فكرة أهل العلم بعده‪ ً،‬فيستدلون بما ورد بيانه على ما لم يرد‪ ً،‬وال تعالى يقول فى آخر‬
‫الية‪} :‬مولممعلريههم ميمتمفركيرومن{ُ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬استردلوا بما ورد فى السسرنة من ترحيم القول فى القرآن بالرأى فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما رواه الترمذى عن ابن عباس رضى ال عنهما عن النبى صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬اتقوا‬
‫الحديث عنى إل ما علمتم‪ ً،‬فممن كذب علسى متعمدا فليتبوأ مقعده من النار‪ ً،‬وممن قال فى القرآن برأيه‬
‫فليتبوأ مقعده من النار"‪ ..‬قال أبو عيسى‪ :‬هذا حديث حسن‪.‬‬
‫‪ - 2‬ما رواه الترمذى وأبو داود عن يجندب أنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ممن قال فى‬
‫القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"‪.‬‬
‫وأجاب المجيزون عن هذين الحديثين بأجوبة‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن النهى محمول على ممهن قال برأيه فى نحو مشكل القرآن‪ ً،‬ومشتابهة‪ ً،‬من كل ما لم ييعلم إل عن‬
‫طريقا النقل عن النبى صلى ال عليه وسلم والصحابة عليهم رضوان ال‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أنه أراد ‪ -‬بالرأى ‪ -‬الرأى الذى يغلب على صاحبه من غير دليل يقوم عليه‪ ً،‬أما الذى يشده‬
‫البرهان‪ ً،‬ويشهد له الدليل‪ ً،‬فالقول به جائز‪ ً،‬فالنهى على هذا متناول لمن كان يعرف الحقا ولكنه له فى‬
‫الشئ رأى وميل إليه من طبعه وهواه‪ ً،‬فيتأرول القرآن على وفقا هواه‪ ً،‬ليحتج به على تصحيح رأيه الذى‬
‫يميل إليه‪ ً،‬ولو لم يكن له ذلك الرأى والهوى لما لح له هذا المعنى الذى حمل القرآن عليه‪ .‬ومتناول‬
‫ل بالحقا ولكنه يحمل الية التى تحتمل أكثر من وجه على ما يوافقا رأيه وهواه‪ ً،‬ويمريجح‬ ‫لمن كان جاه ل‬
‫هذا الرأى بما يتناسب مع ميوله‪ ً،‬ولول هذا لما متمررجمح عنده ذلك الوجه‪ .‬ومتناول أيضا لمن كان له‬
‫غرضِ صحيح ولكنه يستدل لغرضه هذا بدليل قرآنى يعلم أنه ليس مقصودا به ما أراد‪ ً،‬مثل الداعى إلى‬
‫مجاهدة النفس الذى يستدل على ذلك بقوله تعالى‪} :‬ٱهذمههب إرلمـى رفهرمعهومن إررنيه مطمغـى{ُ‪ ً،‬ويريد من فرعون‬
‫النفس‪ ..‬ول شك أن مثل هذا قائل فى القرآن برأيه‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن النهى محمول على ممهن يقول فى القرآن بظاهر العربية‪ ً،‬ومن غير أن رجع إلى أخبار‬
‫الصحابة الذى شاهدوا تنزيله‪ ً،‬وأسدوا إلينا من السينن ما يكون بيانا لكتاب ال تعالى‪ ً،‬وبدون أن يرجع إلى‬
‫السماع والنقل فيما يتعلقا بغريب القرآن‪ ً،‬وما فيه من المبهامات‪ .‬والحذف‪ ً،‬والختصار‪ ً،‬والضمار‪ً،‬‬
‫والتقديم‪ ً،‬والتأخير‪ ً،‬ومراعاة مقتضى الحال‪ ً،‬ومعرفة الناسخْ والمنسوخ‪ ً،‬وما إلى ذلك من كل ما يجب‬
‫ل‪ ً،‬ثم‬‫معرفته لمن يتكلم فى التفسير‪ ً،‬فإرن النظر إلى ظاهر العربية وحده ل يكفى‪ ً،‬بل ل بد من ذلك أو ل‬
‫بعد ذلك يكون التوسع فى الفهم والستنباط‪.‬‬
‫صمرلة مفمظمليموها ربمها{ُ معناه‪ :‬وآتينا ثمود الناقة معجزة واضحة‪ ً،‬وآية‬ ‫فمث ل‬
‫ل قوله تعالى‪} :‬موآمتهيمنا مثيمومد ٱلرنامقمة يمهب ر‬
‫بيينة على صدقا رسالته‪ ً،‬فظلموا بعقرها أنفسهم‪ ً،‬ولكن الواقف عن ظاهر العربية وحدها بدون أن‬
‫يستظهر بشئ مما تقردم‪ ً،‬يظن أن "مبصرة" من البصار بالعين‪ ً،‬وهو حال من الناقة‪ ً،‬وصف لها فى‬
‫معنى‪ ً،‬ول يدرى بعد ذلك ربم ظلموا‪ ً،‬ول ممهن ظلموا‪.‬‬
‫كل من هذه الجوبة الثلثة‪ .‬يمكن أن ييجاب به على ممهن يستند فى قوله بهحهرمة التفسير بالرأى على‬
‫هذين الحديثين المتقدمين‪ ً،‬وهى أجوبة سليمة دامغة‪ ً،‬كافية لسقاط يحرجتهما والعتماد عليهما‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا‪ ..‬ويمكن الجابة عن حديث يجندب ‪ -‬زيادة عم تقردم ‪ -‬بأرن هذا الحديث لم تثبت صحته‪ ً،‬لن رمن‬
‫رواته يسهل بن أبى حزم‪ ً،‬وهو يمتكرلم فيه‪ ً،‬قال فيه أبو حاتم‪ :‬ليس بالقوى‪ ً،‬وكذا قال البخارى والنسائى‪ً،‬‬
‫وض رعفه ابن معين‪ ً،‬وقال فيه المام أحمد‪ :‬روى أحاديث منكرة‪ ً،‬والترمذى نفسه يقول بعد روايته لهذا‬
‫الحديث‪" :‬وقد تكرلم بعضِ أهل الحديث فى يسهيل بن أبى حزم"‪.‬‬
‫رابعا ‪ 0‬ما ورد عن المسملف من الصحابة والتابعين‪ ً،‬من الثار التى تدل على أنهم كانوا يمعيظمون تفسير‬
‫القرآن ويتحررجون من القول فيه بآرائهم‪.‬‬
‫صيديقا رضى ال عنه فى تفسير حرف من‬ ‫فمن ذلك‪ :‬ما جاء عن أبى يمليكة أنه قال‪ :‬يسئل أبو بكر ال ر‬
‫القرآن فقال‪" :‬أسى سماء تظلنى‪ ً،‬وأسى أرى تقلنى‪ ً،‬وأين أذهب‪ ً،‬وكيف أصنع إذا قليت فى حرف من كتاب‬
‫ال بغير ما أراد تبارك وتعالى"؟ وما ورد عن سعيد بن المسيب‪ :‬أنه كان إذا يسئل عن الحلل والحرام‬
‫تكرلم‪ ً،‬وإذا يسئل عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع شيئا‪.‬‬
‫وما روى عن الشعبى أنه قال‪" :‬ثلث ل أقول فيهن حتى أموت‪ :‬القرآن‪ ً،‬والروح‪ ً،‬والرأى"‪.‬‬
‫لمبيى‪ :‬أنت الذى يتفيسر القرآن برأيك؟ فبكى‬ ‫وهذا ابن مجاهد يقول‪" :‬قال رجل ي‬
‫ل من أصحاب النبى صلى ال‬ ‫بى‪ ً،‬ثم قال‪ :‬إنى إذن لجرئ‪ ً،‬لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رج ل‬ ‫أيم س‬
‫عليه وسلم ورضى عنهم"‪.‬‬
‫وهذا هو الصمعى إمام اللغة‪ ً،‬كان مع علمه الواسع شديد الحتراز فى تفسير الكتاب‪ ً،‬بل والسسرنة‪ ً،‬فإذا‬
‫يسئل عن معنى شئ من ذلك يقول‪" :‬العرب تقول‪ :‬معنى هذا كذا‪ ً،‬ول أعلم المراد منه فى الكتاب والسسرنة‬
‫أى شئ هو"‪.‬‬
‫‪ ..‬وغير هذا كثير من الثارا لدالة على المنع من القول فى التفسير بالرأى‪ .‬وقد أجاب المجيزون عن‬
‫هذه الثار‪ :‬بأن إحجام ممن أحجم من المسملف عن التفسير بالرأى‪ ً،‬إنما كان منهم ورعا واحتياطا لنفسهم‪ً،‬‬
‫مخافة أل يبلغوا ما يكيلفوا به من إصابة الحقا فى القول‪ ً،‬وكانوا يرون أن التفسير شهادة على ال بأنه‬
‫معرنى باللفظ كذا وكذا‪ ً،‬فأمسكوا عنه خشية أن ل يوافقوا مراد ال معرز ومجرل‪ ً،‬وكان منهم ممن يخشى أن‬
‫ييفيسر القرآن برأيه فييجعل فى التفسير إماما ييبمنى على مذهبه وييقتمفى طريقه‪ ً،‬فربما جاء أحد المتأخرين‬
‫وف رسر القرآن برأيه فوقع فى الخطأ‪ ً،‬ويقول‪ :‬إمامى فى التفسير بالرأى فلن من المسملف‪.‬‬
‫ويمكن أن ييقال أيضا‪ :‬إن إحجامهم كان يمقريدا بما لم يعرفوا وجه الصواب فيه‪ ً،‬أما إذا عرفوا وجه‬
‫الصواب فكانوا ل يتحررجون من إبداء ما يظهر لهم ولو بطريقا الظن‪ .‬فهذا أبو بكر رضى ال عنه‬
‫يقول ‪ -‬وقد يسئل عن الكللة ‪" : -‬أقول فيها برأيى فإن كان صوابا فرمن ال‪ ً،‬وإن كان غير ذلك فرمنى‬
‫ورمن الشيطان‪ :‬الكللة كذا وكذا"‪.‬‬
‫ويمطكن أن ييقال أيضا‪ :‬إنما أحجم ممهن أحجم‪ ً،‬لنه كان ل يتعرين للجابة‪ ً،‬لوجود ممهن يقوم عنه فى تفسير‬
‫القرآن وإجابة السائل‪ ً،‬وإل لكانوا كاتمين للعلم‪ ً،‬وقد أمرهم ال ببيانه للناس‪.‬‬
‫وهناك أجوبة يأخرى غير ما تقردم‪ .‬والكل يوضح لنا سر إحجام ممهن أحجم رممن المسملف عن القول فى‬
‫التفسير برأيهم‪ ً،‬ويبيين أنه لم يكن عن اعتقاد منهم بعدم جواز التفسير بالرأى‪.‬‬
‫ل ‪ -‬بنصوص‬ ‫وأما الفريقا الثانى ‪ -‬فريقا المجيوزين ‪ -‬فقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يأتى‪ :‬أو ل‬
‫ل ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن أمهم معلمـى يقيلوهَب أمهقمفاليمهآ‪ ُ{..‬وقوله‪:‬‬
‫كثيرة وردت فى كتاب ال تعالى‪ :‬منها قوله تعالى‪} :‬أممف م‬
‫لهلمبارب{ُ وقوله‪} :‬موملهو مرسدويه إرملى ٱلرريسورل موإرملـى‬ ‫}ركمتافب مأنمزهلمنايه إملهيمك يممبامرفك ليميردربيريوها آميارتره مورلميمتمذركمر أيهويلوها ٱ م‬
‫ر‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫لهمرر رمهنيههم لممعرلمميه ٱلرذيمن ميهسمتهنربطومنيه رمهنيههم{ُ‪ ً،‬ووجه الدللة فى هذه اليات‪ :‬أنه تعالى محث فى اليتين‬ ‫ر‬ ‫أيهورلي ٱ م‬
‫الوليين على تدبر القرآن والعتبار بآياته‪ ً،‬والتعاظ بعظاته‪ ً،‬كما دسلت الية الخيرة على أن فى القرآن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ما يستنبطه يأولوا اللباب باجتهادهم‪ ً،‬ويصلون إليه بإعمال عقولهم‪ ً،‬وإذا كان ال قد حرثنا على التدبر‪ً،‬‬
‫وتعربدنا بالنظر فى القرآن واستنباط الحكام منه‪ ً،‬فهل ييعقل أن يكون تأويل ما لم يستأثر ال بعلمه‬
‫محظورا على العلماء‪ ً،‬مع أنه طريقا العلم‪ ً،‬وسبيل المعرفة والعظة؟ لو كان ذل لكرنا يمهلمزمين بالتعاظ‬
‫والعتبار بما ل نفهم‪ ً،‬ولما توصلنا لشئ من الستنباط‪ ً،‬ولما يفرهم الكثير من كتاب ال تعالى‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬قالوا‪ :‬لو كان التفسير بالرأى غير جائز لما كا الجتهاد جائزا‪ ً،‬ولتعطل كثير من الحكام‪ ً،‬وهذا‬
‫باطل مبري ين البطلن‪ ً،‬وذلك لن باب الجتهاد ل يزال مفتوحا إلى اليوم أمام أربابه‪ ً،‬والمجتهد فى حكم‬
‫الشرع مأجور‪ ً،‬أصاب أو أخطأ‪ ً،‬والنبى صلى ال عليه وسلم لم ييفيسر كل آيات القرآن‪ ً،‬ولم يستخرج لنا‬
‫جميع ما فيه من أحكام‪ .‬ثالثا ‪ -‬استدلوا بما ثبت من أن الصحابة ‪ -‬رضوان ال عليهم ‪ -‬قرأوا القرآأن‬
‫واختلفوا فى تفسيره على وجوه‪ ً،‬ومعلوم أنهم لم يسمعوا كل ما قالوه فى تفسير القرآن من النبى صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬إذ أنه لم ييبيين لهم كل معانى القرآن‪ ً،‬بل مبريمن لهم بعضِ معانيه‪ ً،‬وبعضه الخر تروصلوا‬
‫إلى معرفته بعقولهم واجتهادهم‪ ً،‬ولو كان القول بالرأى فى القرآن محظورا لكانت الصحابة قد خالفت‬
‫ووقعت فيما حررم ال‪ ً،‬ونحن ينعيذ الصحابة من المخالفة والجيرأة على محارم ال‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬قالو‪ :‬إ رن النبى صلى ال عليه وسلم دعا لبن عباس رضى ال عنهما‪ ً،‬فقال فى دعائه له‪" :‬الرلهم‬
‫فقهه فى الدين‪ ً،‬وعيلمه التأويل" فلو كان التأويل مقصورا على السماع والنقل كالتنزيل‪ ً،‬لما كان هناك‬
‫فائدة لتخصيص ابن عباس بهذا الدعاء‪ ً،‬مفمدرل ذلك على أن التأويل الذى دعا به الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم لبن عباس أمر آخر وراء النقل والسماع‪ ً،‬ذلك هو التفسير بالرأى والجتهاد‪ ً،‬وهذا مبيفن ل إشكال‬
‫فيه‪.‬‬
‫هذه هى أدلة الفريقين‪ ً،‬وكسل يحاول بما ذكر من الدلة أن يثبت قوله ويركز يمردعاه ‪ -‬والغزالى ‪ -‬فى‬
‫الحياء‪ ً،‬بعد الحتجاج والستدلل على بطلن القول بأن ل يتكلم أحد فى القرآن إل بما يسمعه ‪ -‬يقول‪:‬‬
‫"فبطل أن ييشترط السماع فى التأويل‪ ً،‬وجاز لكل واحد أن يستنبط من القرآن بقدر فهمه وحد عقله"‪ .‬كما‬
‫قال قبل ذلك بقليل‪" :‬إن فى فهم معانى القرآن مجالل رحبا‪ ً،‬ومتسعا بالغا‪ ً،‬وإن المنقول من ظاهر التفسير‬
‫ليس منتهى الدراك فيه"‪.‬‬
‫والراغب الصفهانى ‪ -‬بعد أن ذكر المذهبين وأدلتهما فى مقدمة التفسير ‪ -‬يقول‪" :‬وذكر بعضِ‬
‫المحققين‪ :‬أن المذهبين هما الغلو والتقصير‪ ً،‬فممن اقتصر على المنقول إليه فقد ترك كثيرا مما يحتاج‬
‫إليه‪ ً،‬وممهن أجار لكل أحد الخوضِ فيه فقد عررضه للتخليط‪ ً،‬ولم يعتبر حقيقة قوله تعالى‪} :‬ليميردربيريوها آميارتره‬
‫لهلمبارب{ُ‪.‬‬‫مورلميمتمذركمر أيهويلوها ٱ م‬
‫**‬
‫* حقيقة الخلف‪:‬‬
‫ونحن مع هذا البعضِ الذى نقل عنه الراغب هذا التحقيقا إن وقف الفريقا الول عند المنقول فلم‬
‫يتجاوزه‪ ً،‬وأجاز الفريقا الثانى لكل أحد الخوضِ فى التفسير والكلم فيه‪ ً،‬إذ أن الجمود على المنقول‬
‫تقصير وتفريط بل نزاع‪ ً،‬والخوضِ فى التفسير لكل إنسان غلو وإفراط بل جدال‪.‬‬
‫ولكن لو رجعنا إلى هؤلء المتشيددين فى التفسير وعرفنا سر تشددهم فيه‪ ً،‬ثم رجعنا إلى هؤلء‬
‫المج يوزين للتفسير بالرأى ووقفنا على ما شرطوه من شروط ل بد منها لمن يتكلم فى التفسير برأيه‪ً،‬‬
‫ل دقيقا‪ ً،‬لظهر لنا أن الخلف لفظى ل حقيقى‪ ً،‬ولبيان ذلك نقول‪:‬‬ ‫وحرللنا أدلة الفريقين تحلي ل‬
‫الرأى قسمان‪ :‬قسم جار على موافقة كلم العرب‪ ً،‬ومناحيهم فى القول‪ ً،‬مع موافقة الكتاب واليسرنة‪ً،‬‬
‫ورماعاة سائر شروط التفسير‪ ً،‬وهذا القسم جائز ل شك فيه‪ ً،‬وعليه ييحمل كلم المجيزين للتفسير‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بالرأى‪.‬‬
‫وقسم غير جار على قوانين العربية‪ ً،‬ول موافقا للدلة الشرعية‪ ً،‬ول مستوف لشرائط التفسير‪ ً،‬وهذا هو‬
‫مورد النهى ومحط الذم‪ ً،‬وهو الذى يرمى إليه كلم ابن مسعود إذ يقول‪" :‬ستجدون أقواما يدعونكم إلى‬
‫كتاب ال وقد نبذوه وراء ظهورهم‪ ً،‬فعليكم بالعلم‪ ً،‬وإياكم والتبدع‪ ً،‬وإياكم والتنطع"‪ ً،‬وكلم عمر إذ‬
‫يقول‪" :‬إنما أخاف عليكم رجلين‪ :‬رجل يتأرول القرآن على غير تأويله‪ ً،‬ورجل ينافس اليمهلك على أخيه"‪ً،‬‬
‫لرمة من مؤمن ينهاه إيمانه‪ ً،‬ول من فاسقا مبيين فسقه‪ ً،‬ولكنى‬ ‫وكلمه إذ يقول‪" :‬ما أخاف على هذه ا ي‬
‫ل قد قرأ القرآن حتى أذلقه بلسانه‪ ً،‬ثم تأروله على غير تأويله"‪ ..‬فكل هذا ونحوه‪ ً،‬وارد‬ ‫أخاف عليها رج ل‬
‫ل هواه رائده‪ ً،‬ومذهبه‬ ‫فى حقا ممن ل ييراعى فى تفسير القرآن قوانين اللغة ول أدلة الشريعة‪ ً،‬جاع ل‬
‫قائده‪ ً،‬وهذا هو الذى ييحمل عليه كلم المانعين للتفسير بالرأى‪ ً،‬وقد قال ابن تيمية ‪ -‬بعد أن ساقا الثار‬
‫معرمن تحررج من المسملف من القول فى التفسير ‪ : -‬فهذه الثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة المسملف‪ً،‬‬
‫محمولة على تحرجهم عن الكلم فى التفسير بما ل علم لهم به‪ ً،‬فأما ممن تكرلم بما يعلم من ذلك لغة‬
‫وشرعا فل محمرج عليه‪ ً،‬ولهذا ريوى عن هؤلء وغيرهم أقوال فى التفسير‪ ً،‬ول منافاة‪ ً،‬لنهم تكيلموا فيما‬
‫علموه‪ ً،‬وسكتوا عما جهلوه‪ ً،‬هذا هو الواجب على كل أحد‪ ً،‬فإنه كما يجب السكوت عما ل عمل له به‪ً،‬‬
‫ل متهكيتيمومنيه{ُ‪ ..‬ولما جاء فى‬ ‫فكذلك يجب القول فيما يسرئل عنه مما يعلمه‪ ً،‬لقوله تعالى‪} :‬مليتمبيينرنيه رللرنارس مو م‬
‫الحديث المروى من طرقا‪" :‬ممهن يسرئمل عن علم فكتمه أيهلرجمم يوم القيامة بلجاهَم من نار"‪.‬‬
‫وإذ قد علمنا أن التفسير بالرأى قسمان‪ :‬قسم مذموم غير جائز‪ ً،‬وقسم ممدوح جائز‪ ً،‬وتبين لنا أن القسم‬
‫الجائز محدود بحدود‪ ً،‬ومقريد بقيود‪ ً،‬فل بد لنا من أن نعرضِ هنا لما ذكروه من العلوم التى يحتاج إليها‬
‫المفيسر‪ ً،‬وما ذكروه من الدوات التى إذا توافرت لديه وتكاملت فيه‪ ً،‬خرج عن كونه مفيسرا للقرآن‬
‫بمجرد الرأى‪ ً،‬ومحضِ الهوى‪.‬‬
‫* العلوم التى يحتاج إليها المفيسر‪:‬‬
‫اشترط العلماء فى المفيسر الذى يريد أن ييفيسر القرآن برأيه بدون أن يلتزم الوقوف عند حدود المأثور‬
‫منه فقط‪ ً،‬أن يكون يمرلما بجملة من العلوم التى يستطيع بواسطتها أن ييفيسر القرآن تفسيرا عقليا مقبو ل‬
‫ل‪ً،‬‬
‫وجعلوا هذه العلوم بمثابة أدوات تعصم المفيسر من الوقوع فى الخطأ‪ ً،‬وتحميه من القول على ال بدون‬
‫صلة‪ ً،‬مع توضيح ما لكل علم منها من الثر فى الفهم وإصابة وجه الصواب‪:‬‬ ‫علم‪ .‬وإليك هذه العلوم مف ر‬
‫الول ‪ -‬علم اللغة‪ :‬لن به يمكن شرح مفردات اللفاظ ومدلولتها بحسب الوضع‪ ً،‬قال مجاهد‪" :‬ل يحل‬
‫لحد يؤمن بال واليوم الخر أن يتكلم فى كتاب ال إذا لم يكن عالماص بلغات العرب"‪ ً،‬ثم إنه ل بد من‬
‫التوسع والتبحر فى ذلك‪ ً،‬لن اليسير ل يكفى‪ ً،‬إذ ربما كان اللفظ مشتركا‪ ً،‬والمفيسر يعلم أحد المعنيين‬
‫ويخفى عليه الخر‪ ً،‬وقد يكون هو المراد‪.‬‬
‫الثانى ‪ -‬علم النحو‪ :‬لن المعنى يتغير ويختلف باختلف العراب‪ ً،‬فلبد من اعتباره‪ .‬أخرج أبو عبيدة‬
‫عن الحسن أنه يسرئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها يحسن المنطقا ويقيم بها قراءته فقال‪ :‬حسن‬
‫فتعلمها‪ ً،‬فإن الرجل يقرأ الية فيعيى بوجهها فيهلك فيها‪.‬‬
‫الثالث ‪ -‬علم الصرف‪ :‬وبواسطته يتعرف البنية والصيغ‪ .‬قال ابن فارس‪" :‬وممن فاته المعظم‪ ً،‬لرن "وجد"‬
‫ل كلمة مبهمة‪ ً،‬فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها"‪ ً،‬وحكى السيوطى عن الزمخشرى أنه قال‪" :‬من‬ ‫مث ل‬
‫بدع التفاسير قول ممن قال‪ :‬إن المام فى قوله تعالى‪} :‬ميهوم منهديعوها يكرل أيمناهَس ربرإممارمرههم{ُ جمع‬
‫"أيسم "‪ ً،‬وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم قال‪ :‬وهذا غلط أوجبه جهله بالتصريف‪ ً،‬فإن‬
‫"أيمما" ل يتجمع على إمام"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الرابع ‪ -‬الشتقاقا‪ :‬لن السم إذا كان اشتقاقه سمن مادتين مختلفتين‪ ً،‬اختلف باختلفهما‪ ً،‬كالمسيح مث ل‬
‫ل‪ً،‬‬
‫هل هو من السياحة أو من المسح؟‬
‫الخامس والسادس والسابع ‪ -‬علوم البلغة الثلثة "المعانآ‪ ً،‬والبيان‪ ً،‬والبديع"‪ :‬فعلم المعانى‪ ً،‬ييعرف به‬
‫خواص تراكيب الكلم من جهة إفادتها المعنى‪ ً،‬وعلم البيان‪ ً،‬ييعرف به خواص التراكيب من حيث‬
‫اختلفها بحسب وضوح الدللة وخفائها‪ ً،‬وعلم البديع‪ ً،‬ييعرب به وجوه تحسين الكلم‪ ..‬وهذه العلوم‬
‫الثلثة من أعظم أركان المفيسر‪ ً،‬لنه ل بد له من مراعاة ما يقتضيه العجاز‪ ً،‬وذلك ل ييدرك إل بهذه‬
‫العلوم‪.‬‬
‫الثامن‪ - :‬علم القراءات‪ :‬إذ بمعرفة القراءة يمكن ترجيح بعضِ الوجوه المحتملة على بعضِ‪.‬‬
‫التاسع ‪ -‬علم أصول الدين‪ :‬وهو علم الكلم‪ ً،‬وبه يستطيع المفرسر أن يستدل على ما يجب فى حقه‬
‫تعالى‪ ً،‬وما يجوز‪ ً،‬وما ييستمحل‪ ً،‬وأن ينظر فى اليات المتعلقة بالنبوات‪ ً،‬والمعاد‪ ً،‬وما إلى ذلك نظرة‬
‫صائبة‪ ً،‬ولول ذلك لوقع المفيسر فى ورطات‪ .‬العاشر ‪ -‬علم أصول الفقه‪ :‬إذ به يعرف كيف يستنبط‬
‫الحكام من اليات ويستدل عليها‪ ً،‬ويعرف الجمال والتنبيين‪ ً،‬والعموم‪ ً،‬والخصوص‪ ً،‬والطلقا‪ً،‬‬
‫والتقييد‪ ً،‬ودللة المر والنهى‪ ً،‬وما سوى ذلك من كل ما يرجع إلى هذا العلم‪ .‬الحادى عشر ‪ -‬علم‬
‫أسباب النزول‪ :‬إذ أن معرفة سبب النزول يعين على فهم المراد من الية‪.‬‬
‫ل يعين على توضيح ما أجمل منها فى القرآن‪.‬‬ ‫الثانى عشر ‪ -‬علم القصص‪ :‬لن معرفة القصة تفصي ل‬
‫الثالث عشر ‪ -‬علم الناسخْ والمنسوخ‪ :‬وبه يعلم المحكوم من غيره‪ .‬وممن فقد هذه الناحية‪ ً،‬ربما أفتى‬
‫بحكم منسوخ فيقع فى الضلل والضلل‪.‬‬
‫الرابع عشر ‪ -‬الحاديث المبيينة لتفسير المجمل والمبهم‪ ً،‬ليستعين بها على توضيح ما يشكل عليه‪.‬‬
‫الخامس عشر ‪ -‬علم الموهبة‪ :‬وهو علم ييورثه ال تعالى ‪ -‬لمن عمل بما علم‪ ً،‬وإليه الشارة بقوله‬
‫تعالى‪} :‬موٱرتيقوها ٱلرلمه مويمعلييميكيم ٱللريه{ُ‪ ..‬وبقوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬ممن عمل بما علم موررثه الي علم ما ل‬
‫يعلم"‪.‬‬
‫قال السيوطى بعد أن معرد علم الموهبة من العلوم التى ل بد منها للمفيسر‪" :‬ولعلك تستشكل علم الموهبة‬
‫وتقول‪ :‬هذا شئ ليس فى قدرة النسان‪ .‬وليس المر كما ظننت من الشكال‪ ً،‬والطريقا فى تحصيله‬
‫ارتكاب السباب الموجبة له من العمل والزهد‪ .‬قال فى البرهان‪" :‬اعلم أنه ل يحصل للناظر فهم معانى‬
‫صير على ذنب‪ً،‬‬ ‫الوحى ول تظهر له أسراره‪ ً،‬وفى قلبه بدعة‪ ً،‬أو كبر‪ ً،‬أو هوى‪ ً،‬أو حب دنيا‪ ً،‬أو هو يم ي‬
‫أو غير متحققا باليمان‪ ً،‬أو ضعيف التحقيقا‪ ً،‬أو يعتمد على قول مفيسر ليس عنده علم‪ ً،‬أو راجع إلى‬
‫صرريف‬‫معقوله‪ ً،‬وهذه كلها يحيجب وموانع بعضها آكد من بعضِ" قلت‪ :‬وفى هذا المعنى قوله تعالى‪} :‬مسمأ ه‬
‫ضِ ربمغهيرر ٱهلمحيقا{ُ قال ابن عيينة‪ :‬أنزع عنهم فهم القرآن‪ .‬أخرجه ابن‬ ‫معهن آميارتي ٱرلرذيمن ميمتمكربيرومن رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫أبى حاتم"‪.‬‬
‫صلة‪ ً،‬وإن كان‬ ‫هذه هى العلوم التى اعتبرها العلماء أدوات لفهم كتاب ال تعالى‪ ً،‬وقد ذكرناها مسهبة مف ر‬
‫بعضِ العلماء ذكر بعضا وأعرضِ عن بعضِ آخر‪ ً،‬ومنهم ممن أدمج بعضها فى بعضِ وضغطها حتى‬
‫كانت أقل عددا مما ذكرنا‪ ً،‬وليس هذا العدد الذى ذكرنا حاصرا لجميع العلوم التى يتوقف عليها التفسير‪ً،‬‬
‫ل ‪ -‬قد اشتمل على أخبار المم الماضية وسيرهم وحوادثهم‪ ً،‬وهى أمور تقتضى اللمام‬ ‫فإن القرآن ‪ -‬مث ل‬
‫لمم‪ ً،‬ووقعت فيها هذه‬ ‫بعلمى التاريخْ وتقويم البلدان‪ ً،‬لمعرفة العصور والمكنة التى يوجدت فيها تلك ا ي‬
‫ر‬
‫الحوادث‪ .‬وأرى أن أسوقا هنا مقالة الستاذ المرحوم السيد محمد رشيد رضا فى مقدمة تفسيره تتميما‬
‫للفائدة‪ ً،‬وإليك نص هذه المقالة التى اقتبسها من دروس أستاذه المام الشيخْ محمد عبده عليه رضوان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ال‪.‬‬
‫قال رحمه ال‪" :‬للتفسير مراتب‪" :‬أدناها أن ييبيين بالجمال ما ييشررب القلب عظمة ال وتنزيهه‪ ً،‬ويصرف‬
‫النفس عن الشر‪ ً،‬ويجذبها إلى الخير‪ ً،‬وهذه هى التى قلنا إنها متيسرة لكل أحد‪} :‬مولممقهد ميرسهرمنا ٱهليقهرآمن‬
‫رلليذهكرر مفمههل رمن سمردركهَر{ُ‪..‬‬
‫وأما المرتبة العليا فهى ل تتم إل بأمور‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬فهم حقائقا اللفاظ المفردة التى أودعها القرآن‪ ً،‬بحيث يحققا المفيسر ذلك من استعمالت أهل‬
‫اللغة‪ ً،‬غير مكتف بقول فلن وفهم فلن‪ ً،‬فإن كثيرا من اللفاظ كانت يتستعمل فى زمن التنزيل لمعان ثم‬
‫غلبت على غيرها بعد ذلك بزمن قريب أو بعيد‪ ً،‬من ذلك لفظ‪" :‬التأويل"‪ ً،‬اشيتهر بمعنى التفسير مطلقا‪ً،‬‬
‫ل متهأرويلميه ميهوم‬
‫أو على وجه مخصوص‪ ً،‬ولكنه جاء فى القرآن بمعان أخرى‪ ً،‬كقوله تعالى‪} :‬مههل مينيظيرومن إر ر‬
‫ميهأرتي متهأرويلييه مييقويل ٱرلرذيمن منيسويه رمن مقهبيل مقهد مجآمءهت يريسيل مريبمنا ربٱِهلمحيقا{ُ‪ ..‬فما هذا التأويل؟ يجب على ممهن يريد‬
‫الفهم الصحيح أن يتتبع الصطلحات التى حدثت فى الرمرلة‪ ً،‬ليفيرقا بينها وبين ما ورد فى الكتاب‪ ً،‬فكثيرا‬
‫ما ييفيسر المفيسرون كلمات القرآن بالصطلحات التى حدثت فى الرمرلة بعد القرون الثلثة الولى‪ ً،‬فعلى‬
‫اليمديققا أن ييف يسر القرآن بحسب المعانى التى كانت مستعملة فى عصر نزوله‪ ً،‬والحسن أن يفهم اللفظ‬
‫من القرآن نفسه‪ ً،‬بأن يجمع ما تكرر فى مواضع منه وينظر فيه‪ ً،‬فربما اسيترعمل بمعان مختلفة كلفظ‬
‫الهداية وغيره‪ ً،‬ويحققا كيف يتفقا معناه مع جملة معنى الية‪ :‬فيعرف المعنى المطلوب من بن معانيه‪ً،‬‬
‫وقد قالوا‪ :‬إن القرآن ييفيسر بعضه بعضما‪ ً،‬وإن أفضل قرينة تقوم على حقيقة معنى اللفظ موافقته لما سيقا‬
‫له من القول‪ ً،‬واتفاقه مع جملة المعنى‪ ً،‬وائتلفه مع القصد الذى جاء له الكتاب بجملته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الساليب‪ ً،‬فينبغى أن يكون عنده من عملها ما يفهم به هذه الساليب الرفيعة‪ ً،‬وذلك يحصل‬
‫بممارسة الكلم البليغ ومزاولته‪ ً،‬مع التفطن لنكته ومحاسنه‪ ً،‬والعناية بالوقوف على مراد المتكلم منه‪.‬‬
‫نعم إننا ل نتسامى إلى فهم مراد ال تعالى كله على وجه الكمال والتمام‪ ً،‬ولكن يمكننا فهم ما نهتدى به‬
‫بقدر الطاقة‪ ً،‬وييحتاج فى هذا علم العراب وعلم الساليب )المعانى والبيان( ولكن مجرد العلم بهذه‬
‫الفنون وفهم مسائلها وحفظ أحكامها ل يفيد المطلوب‪.‬‬
‫ترون فى كتب العربية أن العرب كانوا مسددين فى النطقا‪ ً،‬يتكلمون بما يوافقا القواعد قبل أن توضع‪ً،‬‬
‫أتحسبون أن ذلك كان طبيعيا لهم؟ كل‪ ً،‬وإنما هى ممملكة مكتسبة بالسماع والمحاكاة‪ ً،‬ولذلك صار أبناء‬
‫العرب أشد يع هجمة من العجم عندا اختلطوا بهم‪ ً،‬ولو كان طبيعيا ذاتيا لما فقدوه فى مدة خمسين سنة بعد‬
‫الهجرة‪ .‬ثالثها‪ :‬علم أحوال المبشر‪ ً،‬فقد أنزل ال هذا الكتاب جعله آخر الكتب‪ ً،‬وبرين فيه ما لم ييبيين فى‬
‫ص علينا أحسن‬ ‫غيره‪ ً،‬مبرين فيه كثيراص من أحوال الخلقا وطبائعهم‪ ً،‬واليسنن اللهية فى البشر‪ ً،‬وق ر‬
‫القصص عن المم وسيرها الموافقة ليسرنته فيها‪ ً،‬فل بد للناظر فى هذا الكتاب من النظر فى أحوال‬
‫البشر فى أطوارهم وأدوارهم‪ ً،‬ومناشئ اختلف أحوالهم من قوة وضعف‪ ً،‬وعز وذل‪ ً،‬وعلم وجهل‪ً،‬‬
‫وإيمان وكفر‪ ً،‬ومن العلم بأحوال العالم الكبير‪ ً،‬يعلوية ويسفلية‪ ً،‬ويحتاج هذا إلى فنون كثيرة من أهمها‬
‫التاريخْ بأنواعه‪.‬‬
‫قال الستاذ المام‪ :‬أنا ل أعقل كيف يمكن لحد أن يفيسر قوله تعالى‪} :‬مكامن ٱلرنايس أيرملة موارحمدلة مفمبمعمث ٱللريه‬
‫ٱلرنربيييمن يممبيشرريمن مويمنرذرريمن{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬وهو ل يعرف أحوال المبشر‪ ً،‬وكيف اتحدوا‪ ً،‬وكيف تفررقوا‪ ً،‬وما‬
‫معنى تلك الوحدة التى كانوا عليها‪ ً،‬وهل كانت نافعة أو ضارة‪ ً،‬وماذا كان من آثار بعثة النبيين فيهم‪.‬‬
‫لمم وعن اليسنن الملهية‪ ً،‬وعن آياته فى السموات والرضِ‪ ً،‬وفى الفاقا‬ ‫أجمل القرآن الكريم عن ا ي‬
‫والنفس‪ ً،‬وهو إجمال صادر عرمن أحاط بكل شئ علما‪ ً،‬وأمرنا بالنظر والتفكر‪ ً،‬والسير فى الرضِ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لنفهم إجماله بالتفصيل الذى يزيدنا ارتقالء وكمالل‪ ً،‬ولو اكتفينا من علم الكون بنظرة فى ظاهره‪ ً،‬لكرنا‬
‫كمن يعتبر الكتاب بلون جلده‪ ً،‬ل بما حواه من علم وحكمة‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬العلم بوجه هداية البشر كلهم بالقرآن‪ ً،‬فيجب على المفيسر القائم بهذا الفرضِ الكفائى‪ ً،‬أن يعلم‬
‫ماكان عليه الناس فى عصر النبوة من العرب وغيرهم‪ ً،‬لن القرآن ينادى بأن النس كلهم كانوا فى شقاء‬
‫وضلل‪ ً،‬وأن النبى صلى ال عليه وسلم يبعث به لهدايتهم وإسعادهم‪ ً،‬وكيف يفهم المفيسر ما قربحته‬
‫اليات من عوائدهم على وجه الحقيقة أو ما يقرب منها‪ ً،‬إذا لم يكن عارفا بأحوالهم وما كانوا عليه؟‬
‫هل ييكمتفى من علماء القرآن ‪ -‬دعاة الدين والمناضلين عنه بالتقليد ‪ -‬بأن يقولوا تقليدا لغيره‪ :‬إن الناس‬
‫كانوا على باطل‪ ً،‬وإن القرآن دحضِ أباطيلهم فى الجملة؟ كل‪.‬‬
‫وأقول الن‪ :‬ييروى عن عمر رضى ال عنه أنه قال‪" :‬إن جهل الناس بأحوال الجاهلية هو الذى يخشى‬
‫أن ينقضِ يعى السلم يعروة عروة"‪.‬‬
‫)انتهى بالمعنى(‪.‬‬
‫والمراد‪ :‬أن ممن نشأ فى السلم ولم يعرف حال الناس قبله‪ ً،‬يجهل تأثير هدايته‪ ً،‬وعناية ال بجعله‬
‫يمغييرا لحوال البشر‪ ً،‬ويمهخرجا لهم من الظلمات إلى النور‪ ً،‬وممن جهل هذا يظن أن السلم أمر عادى‪ً،‬‬
‫كما ترى بعضِ الذين يتربون فى النظافة والنعيم يعدون التشديد فى المر بالنظافة والسواك من قبيل‬
‫اللغو‪ ً،‬لنه من ضروريات الحياة عندهم‪ ً،‬ولو اختبروا غيرهم من طبقات الناس لعرفوا الحكمة فى تلك‬
‫الوامر‪ ً،‬وتأثير تلك الداب من أين جاء؟‬
‫خامسها‪ :‬العلم بسيرة النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ً،‬وما كانوا عليه من علم وعمل‪ ً،‬وتصرف فى‬
‫الشئون دنيويها ويأخروريمها‪.‬‬
‫هذه هى عبارة الستاذ الشيخْ رشيد رضا بنصها‪ ً،‬وفيها تركيز‪ ً،‬وإدماج لبعضِ ما قلناه من قبل‪ ً،‬وفيها‬
‫ضح بعضِ ما فيه من إيجاز‪.‬‬ ‫شرح وإيضاح لبعضِ آخر منه‪ ً،‬وهى يتلقى ضوءا على ما تقردم‪ ً،‬ويتو ي‬
‫**‬
‫* مصادر التفسير‪:‬‬
‫خرجنا من المعركة التى قامت بين المتحرجين من القول فى التفسير بالرأى والمجيزين له‪ :‬بأن الخلف‬
‫لفظى ل حقيقى‪ ً،‬وأسفرت النتيجة عن انقسام التفسير بالرأى إلى قسمين‪ :‬قسم جائز ممدوح‪ ً،‬وقسم حرام‬
‫ل للتفسير بالرأى الجائز‪ ً،‬وبقى‬ ‫مذموم‪ ً،‬وعرنفا العلوم التى يجب على المفيسر معرفتها حتى يكون أه ل‬
‫علينا بعد ذلك أن نذكر المصادر التى يجب على المفيسر أن يرجع إليها عند شرحه للقرآن‪ ً،‬حتى يكون‬
‫تفسيره جائزا ومقبولل‪ ً،‬وإليك أهم هذه المصادر‪:‬‬
‫أو لل‪ :‬الرجوع إلى القرآن نفسه‪ ً،‬وذلك بأن ينظر فى القرآن نظرة فاحص يممديققا‪ ً،‬ويجمع اليات التى فى‬
‫موضوع واحد‪ ً،‬ثم يقارن بعضها ببعضها الخر‪ ً،‬فإن من اليات ما أيهجممل فى مكان ويفيسر فى مكان‬
‫آخر‪ ً،‬ومنها ما يأوجز فى موضع ويبرسط فى موضع آخر‪ ً،‬فيحمل اليمجممل على اليمفرسر‪ ً،‬ويشرح ما جاء‬
‫ل‪ ً،‬وهذا هو ما يسمونه تفسير القرآن بالقرآن‪ ً،‬فإن عدل عن هذا وفرسر‬ ‫صل‬ ‫موجزا بما جاء يمسهبا يمف ر‬
‫برأيه فقد أخطأ وقال برأيه المذموم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النقل عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬مع الحتراز عن الضعيف والموضوع فإنه كثير‪ ً،‬فإن‬
‫وقع له تفسير صحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فليس له أن يعدل عنه ويقول برأيه‪ ً،‬لن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم مؤريد من ربه‪ ً،‬وموكول إليه أن يمبيين للناس ما ينيزل إليهم‪ ً،‬فممن يترك ما يصح‬
‫عن النبى صلى ال عليه وسلم فى التفسير إلى رأيه فهو قائل بالرأى المذموم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثالثا‪ :‬الخذ بما صسح عن الصحابة فى التفسير‪ ً،‬ول يغتر بكل ما يينسب لهم من ذلك‪ ً،‬لن فى التفسير‬
‫ضع على الصحابة كذبا واختلقا‪ ً،‬فإن وقع على قول صحيح لصحابى فى التفسير‪ ً،‬فليس له‬ ‫كثيرا مما يو ر‬
‫أن يهجره ويقول برأيه‪ ً،‬لنهم أعلم بكتاب ال‪ ً،‬وأدرى بأسرار التنزيل‪ ً،‬رلمما شاهدوه من القرائن‬
‫والحوال‪ ً،‬ولما اخيتصوا به من الفهم التام والعلم الصحيح‪ ً،‬ل سيما علماؤهم وكبراؤهم‪ ً،‬كالئمة‬
‫الربعة‪ :‬الخلفاء الراشدين ‪ ً،‬وأيمبسى بن كعب‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وابن عباس وغيرهم‪ ً،‬وقد سبقا لنا أن‬
‫عرضنا لقول الصحابى‪ ً،‬هل له حكم المرفوع أو ل‪ ً،‬واستوفينا الكلم فى ذلك بما ييغنى عن إعادته هنا‪.‬‬
‫ثم هل للمف يسر أن يعدل عن أقوال التابعين فى التفسير‪ ً،‬أو ل بد له من الرجوع إلى أقوالهم؟ خلف سبقا‬
‫لنا أن عرضنا له أيضا فل داعى لعادته‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الخذ بمطلقا اللغة‪ ً،‬لن القرآن نزل بلسان عربى مبين‪ ً،‬ولكن على المفيسر أن يحترز من صرف‬
‫الية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة‪ ً،‬يدل عليها القليل من كلم العرب‪ ً،‬ول توجد غالبا إل فى‬
‫الشعر ونحوه‪ ً،‬ويكون المتبادر خلفها‪ ً،‬روى البيهقى فى اليشمعب عن مالك رضى ال عنه أنه قال‪" :‬ل‬
‫ل"‪.‬‬‫يأورتمى برجل غير عاهَل بلغة العرب ييفيسر كتاب ال إل جعلته نكا ل‬
‫خامسا‪ :‬التفسير بالمقتضى من معنى الكلم والمتقضب من قوة الشرع‪ ً،‬وهذا هو الذى دعا به النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم لبن عباس حيث قال‪" :‬الرلهم فيقهه فى الدين وعيلمه التأويل" والذى عناه علسى رضى‬
‫ال عنه بقوله ‪ -‬حين يسرئل‪ :‬هل عندكم عن رسول ال صلى ال عليه وسلم شئ بعد القرآن؟ فقال‪" :‬ل‬
‫ل فى القرآن"‪.‬‬ ‫والذى فلقا الحبة وبرأ النسمة إل فهم يؤتيه ال معرز ومجرل رج ل‬
‫ومن هنا اختلف الصحابة فى فهم بعضِ آيات القرآن‪ ً،‬فأخذ كفل بما وصل إليه عقله‪ ً،‬وأرداه إليه نظره‪.‬‬
‫**‬
‫لمور التى يجب على المفيسر أن يتجنبها فى تفسيره‪:‬‬ ‫*اي‬
‫هناك يأمور يجب على المفيسر أن يتجنبها فى تفسيره حتى ل يقع فى الخطأ ويكون ممن قال فى القرآن‬
‫برأيه الفاسد‪ ً،‬وهذه اليمور هى ما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬التهجم على بيان مراد ال تعالى من كلمه مع الجهالة بقوانين اللغة وأصول الشريعة‪ ً،‬وبدون أن‬
‫صل العلوم التى يجوز معها التفسير‪.‬‬ ‫يمح ي‬
‫ثانيا‪ :‬الخوضِ فيما استأثر ال بعلمه‪ ً،‬وذلك كالمتشابه الذى ل يعلمه إل ال‪ .‬فليس للمفيسر أن يتهجم على‬
‫الغيب بعد أن جعله ال تعالى سرا من أسراره ومحمجبه عن عباده‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬السير مع الهوى والستحسان‪ ً،‬فل ييفيسر بهواه ول يمريجح باستحسانه‪ .‬رابعا‪ :‬التفسير المقرر‬
‫ل والتفسير تابعا‪ ً،‬فيحتال فى التأويل حتى يصرفه إلى عقيدته‪ً،‬‬ ‫للمذهب الفاسد‪ ً،‬بأن يجعل المذهب أص ل‬
‫ويرده إلى مذهبه بأى طريقا أمكن‪ ً،‬وإن كان غاية فى اليبهعرد والغرابة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التفسير مع القطع بأن مراد ال كذا وكذا من غير دليل‪ ً،‬وهذا منهى عنه شرعا‪ ً،‬لقوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [169‬من سورة البقرة‪} :‬مومأن متيقويلوها معملى ٱللرره مما م‬
‫ل متهعلميمومن{ُ‪.‬‬
‫وإذ قد بيينا أن المفيسر ل يجوز له أن يتهجم على تفسير ما استأثر ال تعالى بعلمه ومحجمبه عن خلقه‪ً،‬‬
‫وبرينا أنه ل يجوز له أن يقطع بأن مراد ال كذا وكذا من غير دليل‪ ً،‬لزم علينا أن نبرين أنواع العلوم التى‬
‫اشتمل عليها القرآن ما يمكن معرفته منها وما ل يمكن‪ ً،‬فنقول‪:‬‬
‫أنواع علوم القرآن‬
‫تتنوع علوم القرآن إلى أنواع ثلثة‪ ً،‬وهى ما يأتى‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬علم لم يطلع ال عليه أحدا من خلقه‪ ً،‬وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه‪ ً،‬من معرفة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يك هنه ذاته وغيوبه التى ل يعلمها إل هو‪ ً،‬وهذا النوع ل يجوز لحد الخوص فيه والتهجم عليه بوجه من‬
‫الوجوه إجماعا‪.‬‬
‫النوع الثانى‪ :‬ما أطلع ال عليه نبيه صلى ال عليه وسلم من أسرار الكتاب واختصه به‪ ً،‬وهذا ل يجوز‬
‫الكلم فيه إل له ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أو لمن أذن له‪ .‬قيل‪ :‬ومنه الحروف المقطعة فى أوائل‬
‫السور‪ ً،‬ورممن العلماء ممهن يجعلها من النوع الول‪ .‬النوع الثالث‪ :‬علوم عرلمها ال نبيه مما أودع فى كتابه‬
‫من المعانى الجلية والخفية وأمره بتعليمها‪ ً،‬وهذا النوع قسمان‪:‬‬
‫قسم ل يجوز الكلم فيه إل بطريقا السمع‪ ً،‬وذلك كأسباب النزول‪ ً،‬والناسخْ والمنسوخ‪ ً،‬والقراءات‪ً،‬‬
‫لمم الماضية‪ ً،‬وأخبار ما هو كائن من الحوادث‪ ً،‬ويأمور الحشر والمعاد‪.‬‬ ‫واللغات‪ ً،‬وقصص ا ي‬
‫وقسم يؤخذ بطريقا النظر والستدلل والستنباط والستخراج من العبارات واللفاظ‪ ً،‬وهو ينقسم إلى‬
‫قسمين‪ ..‬أحدهما‪ :‬اختلفوا فى جوازه‪ ً،‬وهو تأويل اليات المتشابهات فى الصفات‪ ً،‬وثانيهما‪ :‬اتفقوا على‬
‫جوازه‪ ً،‬وهو استنباط الحكام الصلية والفرعية‪ ً،‬والمواعظ والرحمكم والشارات وما شاكل ذلك من كل‬
‫ل لذلك‪.‬‬ ‫ما ل يمتنع استنباطه من القرآن واستخراجه منه لمن كان أه ل‬
‫**‬
‫* المنهج الذى يجب على المفيسر أن ينهجه فى تفسيره‪:‬‬
‫علمنا مما سبقا‪ :‬أن المفيسر برأيه ل بد أن يلم بكل العلوم التى هى وسائل لفهم كتاب ال‪ ً،‬وأدوات‬
‫ل من كتاب ال‪ً،‬‬ ‫للكشف عن أسراره‪ ً،‬كما علمنا مما سبقا أيضا‪ :‬أن المفيسر ل بد أن يطلب المعنى أو ل‬
‫ضحة له‪ ً،‬فإن أعجزه ذلك رجع إلى أقوال‬ ‫فإن لم يجده طلبه من السسرنة‪ ً،‬لنها شارحة للقرآن ويمو ي‬
‫الصحابة‪ ً،‬لنهم أدرى بكتاب ال وأعلم بمعانيه‪ ً،‬لما اخيتصوا به من الفهم التام‪ ً،‬والعلم الصحيح‪ ً،‬والعمل‬
‫الصالح‪ ً،‬ولحتمال أن يكونوا سمعوه من الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فإن عجز عن هذا كله‪ ً،‬ولم‬
‫يظفر بشئ من تلك المراجع الولى للتفسير‪ ً،‬فليس عليه بعد ذلك إل أن ييعمل عقله‪ ً،‬ويقدح فكره‪ً،‬‬
‫ويجتهد وسعه فى الكشف عن مراد ال تعالى‪ ً،‬مستندا إلى الصول التى تقردمت‪ ً،‬مبتعدا عن كل ما‬
‫لمور التى تجعل المفيسر فى رعداد المفيسرين بالرأى المذموم‪ ً،‬وعليه بعد ذلك أن ينهج فى‬ ‫ذكرنا من ا ي‬
‫تفسيره منهجا يراعى فيه القواعد التية‪ ً،‬بحيث ل يحيد عنها‪ ً،‬ول يخرج عن نطاقها‪ ً،‬وهذه القواعد هى‬
‫ما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬مطابقة التفسير للمفرسر‪ ً،‬من غير نقص لما يحتاج إليه فى إيضاح المعنى‪ ً،‬ول زيادة ل تليقا‬
‫بالغرضِ ول تناسب المقام‪ ً،‬مع الحتراز من كون التفسير فيه زيغ عن المعنى وعدول عن المراد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراعاة المعنى الحقيقى والمعنى المجازى‪ ً،‬فلعل المراد المجازى‪ ً،‬فيحمل الكلم على الحقيقة أو‬
‫العكس‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مراعاة التأليف والغرضِ الذى رسيقا له الكلم‪ ً،‬والمؤاخاة بين المفردات‪ .‬رابعا‪ :‬مراعاة التناسب‬
‫ضح أن القرآن‬ ‫بين اليات‪ ً،‬فيبيين وجه المناسبة‪ ً،‬ويربط بين السابقا واللحقا من آيات القرآن‪ ً،‬حتى يو ي‬
‫ل تفكك فيه‪ ً،‬وإنما هو آيات متناسبة يأخذ بعضها بيحجز بعضِ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ملحظة أسباب النزول‪ .‬فكل آية نزلت على سبب فل بد مخن ذكره بعد بيان المناسبة وقبل‬
‫الدخول فى شرح الية‪ ً،‬وقد ذكر السيوطى فى التقان أن الزركشى قال فى أوائل البرهان‪" :‬قد جرت‬
‫عادة المفيسرين أن يبدأوا بذكر سبب النزول‪ ً،‬ووقع البحث فى أنه‪ :‬أيهما أولى بالبداءة؟ أييبدأ بذكر‬
‫السبب‪ ً،‬أو بالمناسبة لنها المصيححة لنظم الكلم‪ ً،‬وهى سابقة على النزول؟ قال‪ :‬والتحقيقا التفصيل بين‬
‫أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية }إرن ٱلرلمه ميهأيميريكهم مأن يتؤسدوها ٱ م‬
‫لممامنارت إرلميى أمههرلمها{ُ‪..‬‬ ‫ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فهذا ينبغى فيه تقديم ذكر السبب‪ ً،‬لنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد‪ .‬وإن لم يتوقف على‬
‫لهولى تقديم وجه المناسبة"‪.‬‬ ‫ذلك‪ ً،‬فا م‬
‫سادسا‪ :‬بعد الفراغا من ذكر المناسبة وسببن النزول‪ .‬يبدأ بما يتعلقا باللفاظ المفردة ‪ -‬من اللغة‪ً،‬‬
‫والصرف‪ ً،‬والشتقاقا ‪ -‬ثم يتكلم عليها بحسب التركيب‪ ً،‬فيبدأ بالعراب‪ ً،‬ثم بما يتعلقا بالمعانى‪ ً،‬ثم‬
‫البيان‪ ً،‬ثم البديع‪ ً،‬ثم يبيين المعنى المراد‪ ً،‬ثم يستنبط ما يمكن استنباطه من الية فى حدود القوانين‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬على المفيسر أن يتجنب ادعاء التكرار فى القرآن ما أمكن‪.‬‬
‫ل يتهبرقي‬
‫نقل السيوطى عن بعضِ العلماء أنه قال‪" :‬مما يدفع توهم التكرار فى عطف المترادفين نحو‪ } :‬م‬
‫صلمموافت يمن رريبرههم مومرهحممفة{ُ وأشباه ذلك‪ ً،‬أن يعتقد أن مجموع المترادفين يحصل معنى ل‬ ‫ل متمذير{ُ‪ } ً،‬م‬
‫مو م‬
‫يوجد عند انفراد أحدهما‪ ً،‬فإن التركيب ييحدث معلنى زائدا‪ ً،‬وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى‪ً،‬‬
‫فكذلك كثرة اللفاظ"‪.‬‬
‫وعلى المفيسر أيضا أن يتجنب كل ما ييعتبر من قبيل الحشو فى التفسير كالخوضِ فى ذكر علل النحو‪ً،‬‬
‫ودلئل مسائل أصول الفقه‪ ً،‬ودلئل مسائل الفقه‪ ً،‬ودلئل مسائل أصول الدين‪ ً،‬فإن كل ذلك مقرر فى‬
‫تآليف هذه العلوم‪ ً،‬وإنما يؤخذ ذلك مسيلما فى علم التفسير دون استدلل عليه‪.‬‬
‫وكذلك على المفيسر أن يتجنب ذكر ما ل يصح من أسباب النزول وأحاديث الفضائل‪ ً،‬والمقصص‬
‫الموضوع‪ ً،‬والخبار السرائيلية‪ ً،‬فإن هذا مما ييذهب بجمال القرآن‪ ً،‬وييشرغل الناس عن التدبر والعتبار‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬على المف يسر بعد كل هذا أن يكون يقظا‪ ً،‬فطنا عليما بقانون الترجيح‪ ً،‬حتى إذا كانت الية محتملة‬
‫لكثر من وجه أمكنه أن يمريجح ويختار‪.‬‬
‫وإذا كان المفيسر ل بد له من أن يحتكم إلى قانون الترجيح عندما تحتمل الية أكثر من وجه‪ ً،‬فإرنا فى‬
‫حاجة إلى بيان هذا القانون‪ ً،‬الذى هو المحمكم الفصل عند تزاحم الوجوه وكثرة الحتمالت‪ ً،‬فنقول‪:‬‬
‫قانون الترجيح فى الرأى‬
‫أجمع كلمة قيلت فى بيان هذا القانون‪ ً،‬هى الكلمة التى نقلها لنا السيوطى فى كتابه التقان عن البرهان‬
‫ل عن التقان‪ ً،‬ونكتفى بذلك لما فيها من الكفاية‪:‬‬ ‫للزركشى‪ ً،‬ونرى أن نسوقها هنا نق ل‬
‫قال الزركشى رحمه ال تعالى‪" :‬كل لفظ احتمل معنيين فصاعدا هو الذى ل يجوز ليغر العلماء الجتهاد‬
‫فيه‪ ً،‬وعليهم اعتماد الشواهد والدلئل دون مجرد الرأى‪ ً،‬فإن كان أحد المعنيين أظهر‪ ً،‬وجب الحمل‬
‫عليه‪ ً،‬إل أن يقوم الدليل على أن المراد هو الخفى‪.‬‬
‫وإن استويا‪ ً،‬والستعمال فيهما حقيقة‪ ً،‬لكن فى أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية‪ ً،‬وفى الخر شرعية‪ً،‬‬
‫صـملومتك‬‫صيل معلمهيرههم إررن م‬
‫فالحمل على الشرعية أولى‪ ً،‬إل أن يدل دليل على إرادة اللغوية‪ ً،‬كما فى قوله‪} :‬مو م‬
‫مسمكفن لريه هم{ُ ‪ ..‬ولو كان فى أحدهما عرفية‪ ً،‬والخر لغوية‪ ً،‬فالحمل على العرفية أولى‪ .‬وإن اتفقا فى ذلك‬
‫أيضا‪ ً،‬فإن تنافى اجتماعهما ولم يمكن إرادتهما باللفظ الواحد‪ ً،‬كاليقرء للحيضِ واليطهر‪ ً،‬اجتهد فى المراد‬
‫منهما بالمارات الدالة عليه‪ ً،‬فما ظنه فهو مراد ال تعالى فى حقه‪ .‬وإن لم يظهر له شئ فه يتخرير فى‬
‫الحمل على أيهما شاء؟ أو يأخذ بالغلظ حكما؟ أو بالخف؟ أقوال‪ .‬وإأن لم يتنافيا وجب الحمل عليهما‬
‫عند المحققين‪ ً،‬ويكون ذلك أبلغ فى العجاز والفصاحة‪ ً،‬إل إن درل دليل على إرادة أحدهما"‪.‬‬
‫**‬
‫* منشأ الخطأ فى التفسير بالرأى‪:‬‬
‫يقع الخطأ كثيرا فى التفسير من بعضِ المتصدرين للتفسير بالرأى‪ ً،‬الذين عدلوا عن مذاهب الصحابة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والتابعين‪ ً،‬وفرسروا بمجرد الرأى والهوى‪ ً،‬غير مستندين إلى تلك الصول التى قردمنا أنها أول شئ يجب‬
‫على المفيسر أن يعتمد عليه‪ .‬ول متذرعين بتلك العلوم التى هى فى الواقع أدوات لفهم كتاب ال والكشف‬
‫عن أسراره ومعانيه‪.‬‬
‫ونرى هنا أن نذكر منشأ هذا الخطأ الذى وقع فيه كثير من طوائف المفيسرين فنقول‪:‬‬
‫يرجع الخطأ فى التفسير بالرأى ‪ -‬غالبا ‪ -‬إلى جهتين حدثنا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم‬
‫بإحسان‪ ً،‬فإن الكتب التى ييذكر فيها كلم هؤلء صرفا غير ممزوج بغيره‪ ً،‬كتفسير عبد الرزاقا‪ ً،‬وعبد‬
‫بن حميد‪ ً،‬وغيرهما‪ ً،‬ل يكاد يوجد فيها شئ من هاتين الجهتين‪ ً،‬بخلف الكتب التى مجردت بعد ذلك فإن‬
‫كثيرا منها‪ ً،‬كتفاسير المعتزلة والشيعة‪ ً،‬مليئة بأخطاء ل يتغتفر‪ ً،‬حملهم على ارتكابهم ينصرة المذهب‬
‫والدفاع عن العقيدة‪.‬‬
‫أما هاتان الجهتان اللتان يرجع إليهما الخطأ فى الغالب فهما ما يأتى‪:‬‬
‫الجهة الولى‪ :‬أن يعتقد المفيسر معنى من المعانى‪ ً،‬ثم يريد أن يحمل ألفاظ القرآن على ذلك المعنى الذى‬
‫يعتقده‪.‬‬
‫الجهة الثانية‪ :‬ن يفيسر القرآن بمجرد ما يسوغا أن يريده بكلمه ممهن كان رممن الناطقين بلغة العرب‪ .‬وذلك‬
‫بدون نظر إلى المتكلم بالقرآن‪ ً،‬والمنرزل عليه‪ ً،‬والمخامطب به‪.‬‬
‫فالجهة الولى‪ :‬مراعى فيها المعنى الذى يعتقده المفيسر من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآنمن‬
‫الدللة والبيان‪.‬‬
‫والجهة الثانية‪ :‬مراعى فيها مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به العربى‪ ً،‬من غير نظر إلى ما يصلح‬
‫للمتكلم به والمخامطب‪ ً،‬وسياقا الكلم‪.‬‬
‫ثم إن الخطأ الذى يرجع إلى الجهة الولى يقع على أربع صور‪:‬‬
‫الصورة الولى‪ :‬أن يكون المعنى الذى يريد المفيسر نفيه أو إثباته صوابا‪ ً،‬فمراعاة لهذا المعنى يحمل‬
‫عليه لفظ القرآن‪ ً،‬مع أنه ل يدل عليه ول ييراد منه‪ ً،‬وهو مع ذلك ل ينفى المعنى الظاهر المراد‪ ً،‬وعلى‬
‫هذا يكون الخطأ واقعا فى الدليل ل فى المدلول‪ ً،‬وهذه الصورة تنطبقا على كثير من تفاسير الصوفية‬
‫والورعاظ الذين يفيسرون القرآن بمعان صحيحة فى ذاتها ولكنها غير مرادة‪ ً،‬ومع ذلك فهم يقولون بظاهر‬
‫ل عندما عرضِ لقوله‬ ‫المعنى‪ ً،‬وذلك مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى حقائقا التفسير‪ ً،‬فمث ل‬
‫تعالى فى الية ]‪ [66‬من سورة النساء‪} :‬مولمهو أمرنا مكمتهبمنا معلمهيرههم أمرن ٱهقيتلييوها أمهنيفمسيكهم أمرو ٱهخيريجوها رمن‬
‫ردميارريكهم‪ ُ{ ....‬الية‪ ً،‬نجده يقول ما نصه‪} :‬ٱهقيتلييوها أمهنيفمسيكهم{ُ بمخالفة هواها‪} ً،‬أمرو ٱهخيريجوها رمن ردميارريكهم{ُ‪ ً،‬أيِ‬
‫أخرجوا حب الدنيا من قلوبكم‪ ..‬إلخْ‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يكون المعنى الذى يريد المفيسر نفيه أو إثباته صوابا‪ ً،‬فمراعاة لهذا العنى يسلب لفظ‬
‫القرآن ما يدل عليه وييراد به‪ .‬ويحمله على ما يريده هو‪ ً،‬وعلى هذا يكون الخطأ واقعا فى الدليل ل فى‬
‫المدلول أيضا‪ ً،‬وهذه الصورة تنطبقا على تفاسير بعضِ المتصوفة الذين يفيسرون القرآن بمعان إشارية‬
‫صحيحة فى حد ذاتها‪ ً،‬ومع ذلك فإنهم يقولون‪ :‬إن المعانى الظاهرة غير مرادة‪ ً،‬وتفسير هؤلء أقرب ما‬
‫يكون إلى تفسير الباطنية‪ ً،‬ومن ذلك ما فرسمر به سهل التسترى قوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة‬
‫ل متهقمرمبا مهــرذره ٱلرشمجمرمة مفمتيكومنا رممن ٱهلرظارلرميمن{ُ‪ ..‬حيث يقول ما نصه‪ :‬لم يرد ال معنى الكل فى‬ ‫البقرة‪} :‬مو م‬
‫الحقيقة‪ ً،‬وإنما أراد معنى مساكنة الهمة لشئ هو غيره‪ ....‬إلخْ‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬أن يكون المعنى الذى يريد المفيسر نفيه أو إثباته خطأ‪ ً،‬فمراعاة لهذا المعنى يحمل عليه‬
‫لفظ القرآن‪ ً،‬مع أنه ل يدل عليه ول ييراد منه‪ ً،‬وهو مع ذلك ل ينفى الظاهر المراد‪ ً،‬وعلى هذا يكون‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الخطأ واقعا فى الدليل والمدلول معا‪ ً،‬وهذه الصورة تنطبقا على ما ذكره بعضِ المتصوفة من المعانى‬
‫الباطلة‪ ً،‬وذلك كالتفسير المبنى على القول بوحدة الوجود‪ ً،‬كما جاء فى التفسير المنسوب لبن عربى‬
‫ل{ُ‪ ..‬من‬ ‫عندما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [8‬من سورة المزمل‪} :‬موٱهذيكرر ٱهسم مريبمك مومتمبرتهل إرلمهيره متهبرتي ل‬
‫قوله فى تفسيرها‪ :‬واذكر اسم ربك الذى هو أنت‪ ً،‬أى اعرف نفسك ول تنسها فينسك ال ‪ ....‬إلخْ‪.‬‬
‫الصورة الرابعة‪ :‬أن يكون المعنى الذى يريد المفيسر نفيه أو إثباته خطأ‪ ً،‬فمراعاة لهذا المعنى يسلب لفظ‬
‫القرآن ما يدل عليه وييراد به‪ ً،‬ويحمله على ذلك الخطأ دون الظاهر المراد‪ ً،‬وعلى هذا يكون الخطأ فى‬
‫الدليل والمدلول معا‪ ً،‬وهذه الصورة تنطبقا على تفاسير أهل البدع‪ ً،‬والمذاهب الباطلة‪ ً،‬فتارة يلوون لفظ‬
‫القرآن عن ظاهره المراد إلى معنى ليس فى اللفظ أى دللة عليه‪ ً،‬كتفسير بعضِ غلة الشيعة‪" :‬الجبت‬
‫والطاغوت" بأبى بكر وعمر‪ ً،‬وتارة يحتالون على صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى فيه تكلف غير‬
‫مقبول‪ ً،‬وذلك إذا أحسوا أن اللفظ القرآنى يصادم مذهبهم الباطل‪ ً،‬كما فعل بعضِ المعتزلة ففرسر لفظ‬
‫ضمرفة * إرملـى مريبمها منارظمرفة{ُ‬ ‫"إلى" فى قوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 - 22‬من سورة القيامة‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫بالنعمة‪ ً،‬ذهابا منهم إلى أن "إلى" واحد اللء‪ ً،‬بمعنى النعم‪ ً،‬فيكون المعنى‪ :‬ناظرة نعمة ربها‪ ً،‬على‬
‫التقديم والتأخير‪ ً،‬وذلك كله ليصرف الية عما تدل عليه من رؤية ال فى الخرة‪.‬‬
‫وأما الخطأ الذى يرجع إلى الجهة الثانية فهو يقع على صورتين‪:‬‬
‫ل للمعنى الذى ذكره المفيسر لغة‪ ً،‬ولكنه غير مراد‪ ً،‬وذلك كاللفظ‬ ‫الصورى الولى‪ :‬أن يكون اللفظ محتم ل‬
‫الذى ييطلقا فى اللغة على معنيين أو أكثر‪ .‬والمراد منه واحد بعينه‪ ً،‬فيأتى المفيسر فيحمله على معنى‬
‫آخر من معانيه غير المعنى المراد‪ ً،‬وذلك كلفظ "أيرمة" فإنه ييطلقا على معان‪ ً،‬منها‪ :‬الجماعة‪ ً،‬والطريقة‬
‫المسلوكة فى الدين‪ ً،‬والرجل الجامع لصفات الخير‪ ً،‬فحمله على غير معنى الطريقة المسلوكة فى الدين‬
‫فى قوله تعالى فى الية ]‪ [22‬من سورة الزخرف‪} :‬إررنا مومجهدمنآ آمبآمءمنا معلمـى أيرمهَة{ُ غير صحيح وإن احتمله‬
‫اللفظ لغة‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يكون اللفظ موضوعا لمعنى بعينه‪ ً،‬ولكنه غير يمراد فى الية‪ ً،‬وإنما المراد معنى‬
‫ل‪ ً،‬فيخطئ المفيسر فى تعيين المعنى المراد‪ ً،‬لنه اكتفى‬ ‫آخر غير ما وضع له اللفظ بقرينة السياقا مث ل‬
‫بظاهر اللغة‪ ً،‬فشرح اللفظ على معناه الوضعى‪ ً،‬وذلك كتفسير لفظ "مبصرة" فى قوله تعالى فى الية ]‬
‫صمرلة{ُ يجعل "مبصرة" من البصار بالعين‪ ً،‬على أنها حال‬ ‫‪ [59‬من سورة السراء‪} :‬موآمتهيمنا مثيمومد ٱلرنامقمة يمهب ر‬
‫من الناقة‪ ً،‬وهذا خلف المراد‪ ً،‬إذ المراد‪ :‬آية واضحة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعارضِ بين التفسير المأثور والتفسير بالرأى‪:‬‬
‫قلنا إن التفسير بالرأى قسمان‪ :‬قسم مذموم غير مقبول‪ ً،‬وقسم ممدوح ومقبول‪ ً،‬أما القسم المذموم‪ ً،‬فل‬
‫يعقل وجود تعارضِ بينه وبين المأثور‪ ً،‬لنه ساقط من أول المر‪ ً،‬وخارج عن محيط التفسير بمعناه‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وأما التفسير بالرأى المحمود‪ ً،‬فهذا هو الذى يعقل التعارضِ بينه وبين التفسير المأثور‪ ً،‬وهذا هو الذى‬
‫نريد أن نتكلم فيه ونعرضِ له بالبحث والبيان‪ ً،‬غير أنه يتحتم علينا ‪ -‬ليكون الكلم على بصيرة ‪ -‬أن‬
‫نعرضِ لبيان معنى هذا التعارضِ فنقول‪:‬‬
‫التعارضِ بين التفسير العقلى والتفسير المأثور معناه التقابل والتنافى بينهما‪ ً،‬وذلك بأن يدل أحدهما على‬
‫ل منهما‬ ‫ل‪ ً،‬والخر يدل على نفيه‪ ً،‬بحيث ل يمكن اجتماعهما بحال من الحوال‪ ً،‬فكأن ك ل‬ ‫إثبات أمر مث ل‬
‫وقف فى عرضِ الطريقا فمنع الخر من السير فيه‪ .‬وأما إذا وجدن المغايرة بينهما بدون منافاة وأمكن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صمرامط ٱهليمهسمترقيمم{ُ بالقرآن‪ ً،‬وبالسلم‪ ً،‬وبطريقا‬
‫الجمع‪ ً،‬فل ييسمى ذلك تعارضا‪ ً،‬وذلك كتفسيرهم‪} :‬ٱل ي‬
‫العبودية‪ ً،‬وبطاعة ال ورسوله‪ ً،‬فهذه المعانى وإن تغايرت غير متنافية ول متناقضة‪ ً،‬لن طريقا السلم‬
‫ل تفسيرهم لقوله تعالى‪} :‬مفرمهنيههم‬ ‫هو طريقا القرآن‪ ً،‬وهو طريقا العبودية‪ ً،‬وهو طاعة ال ورسوله‪ .‬ومث ل‬
‫صفد مورمهنيههم مساربفقا ربٱِهلمخهيمرارت{ُ‪ ..‬قيل فيه‪ :‬السابقا هو الذى ييصيلى فى أول الوقت‪ً،‬‬
‫مظارلفم ليمنهفرسره مورمهنيههم سمهقمت ر‬
‫والمقتصد هو الذى ييصرلى فى أثنائه‪ ً،‬والظالم هو الذى ييصيلى بعد فواته‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬السابقا ممن ييؤدى الزكاة المفروضة مع الصدقة‪ ً،‬والمقتصد ممن ييؤدى الزكاة المفروضة وحدها‪ً،‬‬
‫والظالم لنفسه من يمنع الزكاة ول يتصدقا‪.‬‬
‫ضييع للواجبات‪ً،‬‬ ‫وغير خاف أنه ل تنافى بين هذين التفسيرين وأن تغايرا‪ ً،‬لن الظالم لنفسه يتناول اليم م‬
‫والمنتهك للحرمات‪ ً،‬والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحررمات‪ ً،‬والسابقا يتنول من يفعل‬
‫الواجبات ويتقررب بعد ذلك بزيادة الحسنات‪ ً،‬فكل ذكمر فردا لعام على سبيل التمثيل ل الحصر‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الصور العقلية التى يحصل فيها التعارضِ بين التفسير العقلى والتفسير النقلى هى ما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬أن يكون العقلى قطعيا والنقىل قطعيا كذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يكون أحدهما قطعيا والخر ظنيا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن يكون أحدهما ظنيا ولآخر ظنيا كذلك‪.‬‬
‫أما الصورة الولى‪ ً،‬ففرضية‪ ً،‬لنه ل يعقل تعارضِ بين قطعى وقطعى‪ ً،‬ومن المحال أن يتناقضِ الشرع‬
‫مع العقل‪.‬‬
‫وأما الصورة الثانية‪ :‬فالقطعى منهما يممقردم على الظنى إذا تعرذر الجمع ولم يمكن التوفيقا‪ ً،‬أخذا بالرجح‬
‫ل بالقوى‪.‬‬ ‫وعم ل‬
‫وأما الصورة الثالثة‪ :‬فإن أمكن الجمع بين العقلى والنقلى‪ ً،‬وجب حمل النظم الكريم عليهما‪ .‬وإن تعرذر‬
‫الجمع‪ ً،‬يقيدمم التفسير المأثور عن النبى صلى ال عليه وسلم إن ثبتمن طريقا صحيح‪ ً،‬وكذا يمقردم ما صرح‬
‫عن الصحابة‪ ً،‬لن ما يصح نسبته إلى الصحابة فى التفسير‪ ً،‬النفس إليه أميل‪ ً،‬لحتمال سماعه من‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولما امتازوا به من الفهم الصحيح والعمل الصالح‪ ً،‬ولما اخيتصوا به من‬
‫مشاهدة التنزيل‪.‬‬
‫وأما ما يؤثر عن التابعين ففيه التفصيل‪ ً،‬وذلك إما أن يكون التابعى معروفا بالخذ عن أهل الكتاب أو‬
‫ل‪ ً،‬فإن يعررف بالخذ عن أهل الكتاب قدم التفسير العقلى‪ .‬وإن لم ييعرف بالخذ عن أهل الكتاب‬
‫وتعارضِ ما جاء عنه مع التفسير العقلى ‪ -‬كما هو الفرضِ ‪ -‬فحينئذ نلجأ إلى الترجيح‪ ً،‬فإن تأريد‬
‫أحدهما بسمع أو استدلل رجحناه على الخر‪ ً،‬وإن اشتبهت القرائن‪ ً،‬وتعارضت الدلة والشواهد‪ ً،‬توقفنا‬
‫فى المر‪ ً،‬فنؤمن بمراد ال تعالى‪ ً،‬ول نتهجم على تعيينه‪ ً،‬وينزل ذلك منزلة المجمل قبل تفصيله‪ً،‬‬
‫والمتشابه قبل تبيينه‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فهذا هو التفسير العقلى بقسميه‪ ً،‬وهذه هى نظرات العلماء إليه‪ ً،‬وتلك هى حقيقة الخلف‪ ً،‬ثم هذه‬
‫ل وثيقا‪ ً،‬وأرى بعد ذلك أن أتكلم عن أهم كتب‬ ‫هى البحوث التى تتعلقا به تعلقا قويا‪ ً،‬وتتصل به اتص ل‬
‫التفسير بالرأى الجائز وأشهرها‪ ً،‬متعرضا لنبذة قصيرة عن كل مؤلف‪ ً،‬تلقى لنا ضوءا على شخصيته‬
‫الذاتية والعلمية‪ ً،‬ملتزما بيان المسلك الذى سلكه كل منهم فى تفسيره‪ ً،‬وطريقته التى جرى عليها وامتاز‬
‫بها‪ ً،‬بما يظهر لى من ذلك أثناء قراءتى فى هذه الكتب‪ ً،‬مستعينا فى ذلك بما أظفر به من مقدمات قردم‬
‫بها أصحاب هذه الكتب لكتبهم‪ ً،‬ثم بعد الفراغا من ذلك يكون لنا كلم آخر عن موقف بعضِ الرفرقا من‬
‫التفسير‪ ً،‬وعن أشهر مؤلفاتهم فيه‪ ً،‬وهى ل تكاد تخرج عن دائرة التفسير بالرأى المذموم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬
‫للتفسير ‪ ..‬أو التفسير فى عصور التدوين ( ضمن العنوان ) أهم كتب التفسير بالرأى الجائز (‬

‫* تمهيد‪:‬‬
‫ابتدأ عهد التدوين من قديم‪ ً،‬وظفر التفسير بالتدوين كغيره من العلوم‪ ً،‬فيأيلفت فيه كتب اختلفت فى‬
‫منهجها‪ ً،‬حسب اختلف مشارب مؤلفيها‪ ً،‬وظفرت هذه الناحية من التفسير ‪ -‬ناحية التفسير بالرأى‬
‫الجائز ‪ -‬بكثرة زاخرة من الكتب المؤلفة‪ ً،‬كثرة تضخمت على ممير العصور ومكير الدهور‪ ً،‬ففى كل‬
‫عصر مييجد جديد من الكتب المؤرلفة فى التفسير بالرأى الجائز‪ ً،‬ثم تنضم إلى ما سبقا من ذلك‪ ً،‬حتى‬
‫ازدحمت بها المكتبة السلمية على اتساعها وطول عهدها‪.‬‬
‫ولكن هل احتفظت لنا المكتبة السلمية بكل هذه الكتب؟ أو عفى رسمها وذهب أثرها؟‬
‫ل‪ ..‬ل هذا‪ ً،‬ول ذاك‪ ً،‬بل احتفظت لنا ببعضها‪ ً،‬وذهب بعضها الخر بتقادم الزمن عليه‪ ً،‬ومع هذا فإن‬
‫القصور المكتبى‪ ً،‬حال بيننا وبين الطلع‪ ً،‬على جميع ما خرلفته لنا المكتبة السلمية العامة‪ ..‬لهذا‪ً،‬‬
‫ولعدم القدرة على الطلع على كل ما يوجد من هذه الكتب واستيعابه بالبحث والدراسة‪ ً،‬أكتفى بأن‬
‫أتعرضِ لبعضِ هذه الكتب على ضوء المنهج الذى برينته‪ ً،‬ولعل فى ذلك رغمنلى عن بعضها الخر‪ ً،‬الذى‬
‫حال بينى وبين القصور المكتبى تارة‪ ً،‬والقصور الزمنى تارة أخرى‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬ول يقوتنى أن أنبه إلى أن هذه الكتب التى وقع عليها اختيارى‪ ً،‬يتجه كل منها إلى اتجاه معرين‪ً،‬‬
‫وتغلب عليه ناحية خاصة من نواحى التفسير وألوانه‪ ً،‬فمنها ما تغلب عليه الصناعة النحوية‪ ً،‬ومنها ما‬
‫تغلب عليه النزعة الفلسفية والكلمية‪ ً،‬ومنها ما تطغى فيه الناحية القصصية والسرائيلية‪ ً،‬ومنها غير‬
‫ذلك‪ .‬ولكن الجميع ينضم تحت شئ واحد هو التفسير بالرأى الجائز‪ ً،‬فل عليه ‪ -‬إذن ‪ -‬إن كنت قد‬
‫جمعت بين هذه الكتب المختلفة المنازع والتجاهات‪ ً،‬وهذا أمر اعتبارى ل أقل ول أكثر‪.‬‬
‫أما هذه الكتب التى وقع عليها اختيارى‪ ً،‬فهى ما يأتى‪:‬‬
‫‪ - 1‬مفاتيح الغيب‪ :‬للفخر الرازى‬
‫‪ - 2‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ :‬للبيضاوى‬
‫‪ - 3‬مدارك التنزيل وحقائقا التأويل‪ :‬للنسفى‬
‫‪ - 4‬يلباب التأويل فى معانى التنزيل‪ :‬للخازن‬
‫‪ - 5‬البحر المحيط‪ :‬لبى حيان‬
‫‪ - 6‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان‪ :‬للنيسابورى‬
‫‪ - 7‬تفسير الجللين‪ :‬للجلل المحلى‪ ً،‬والجلل السيوطى‬
‫‪ - 8‬السراج المنير فى العانة على معرفة بعضِ معانى كلم ربنا الحكيم‬
‫الخبير‪ :‬للخطيب الشربينى‬
‫‪ - 9‬إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ‪:‬لبى السعود‬
‫‪ - 10‬روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى ‪ :‬لللوسى‬
‫هذه هى الكتب التى وقع عليها اختيارى‪ ً،‬وسأتكلم عنها على حسب هذا الترتيب‪ ً،‬فأقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫‪ - 1‬مفاتيح الغيب )للرازى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو عبد ال‪ ً،‬محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن ابن علسى‪ ً،‬التميمى‪ ً،‬البكرى‪ً،‬‬
‫الطبرستانى‪ ً،‬الرازى‪ ً،‬الملرقب بفخر الدين‪ ً،‬والمعروف بابن الخطيب الشافعى‪ ً،‬المولود سنة ‪ 544‬هـ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫)أربع وأربعين وخمسمائة من الهجرة(‪ .‬كان رحمه ال فريد عصره‪ ً،‬ومتكلم زمانه‪ ً،‬جمع كثيرا من‬
‫العلوم ونبغ فيها‪ ً،‬فكان إماما فى التفسير والكلم‪ ً،‬والعلوم العقلية‪ ً،‬وعلوم اللغة‪ ً،‬ولقد أكسبه نبوغه‬
‫العلمى شهرة عظيمة‪ ً،‬فكان العلماء يقصدونه من البلد‪ ً،‬ويشدون إليه الرحال من مختلف القطار‪ ً،‬وقد‬
‫أخذا لعلم عن والده ضياء الدين يالمعروف بخطيب الرى‪ ً،‬وعن الكمال السمعانى‪ ً،‬والمجد الجيلى‪ً،‬‬
‫وكثير من العلماء الذين عاصرهم ولقيهم‪ ً،‬وله فوقا شهرته العلمية شهرة كبيرة فى الوعظ‪ ً،‬حتى قيل إنه‬
‫كان يعظ باللسان العربى واللسان العجمى‪ ً،‬وكان يلحقه الوجد فى حال الوعظ ويكثر البكاء‪ ً،‬ولقد خرلف‬
‫‪ -‬رحمه ال ‪ -‬للناس مجموعة كبيرة من تصانيفه فى الفنون المختلفة‪ ً،‬وقد انتشرت هذه التصانيف فى‬
‫البلد‪ ً،‬ورزقا فيها الحظوة الواسعة‪ ً،‬والسعادة العظيمة‪ ً،‬إذ أن الناس اشتغلوا بها‪ ً،‬وأعرضوا عن كتب‬
‫المتقدمين‪ .‬ومن أهم هذه المصنفات‪ :‬تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب‪ ً،‬وهو ما نحن بصدده الن‪ً،‬‬
‫وله تفسير سورة الفاتحة فى مجلد واحد‪ ً،‬ولعله هو الموجود بأول تفسيره "مفاتيح الغيب"‪ ً،‬وله فى علم‬
‫الكلم‪ :‬المطالب العالية‪ ً،‬وكتاب البيان والبرهان فى الرد على أهل الزيغ والطغيان‪ .‬وله فى أصول‬
‫الفقه‪ :‬المحصول‪ ً،‬وفى الحكمة‪ :‬المخلص‪ ً،‬وشرح الشارات لبن سينا‪ ً،‬وشرح عيون الحكمة‪ ً،‬وفى‬
‫الطلمسات‪ :‬السر المكنون‪ ً،‬ويقال‪ :‬إنه شرح المفصل فى النحو للزمخشرى‪ ً،‬وشرح الوجيز فى الفقه‬
‫للغزالى‪ ..‬وغير هذا كثير من مصنفاته‪ ً،‬التى تتجلى فيها علم الرجل الواسع الغزير‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وقد كانت وفاة الرازى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬سنة ‪ 606‬هـ )ست وستمائة من الهجرة( بالرى‪ ً،‬ويقال‬
‫فى سبب وفاته‪ :‬أنه كان بينه وبين الكررامية خلف كبير وجدل فى أمور العقيدة‪ ً،‬فكان ينال منهم‬
‫وينالون منه سبا وتكفيرا‪ ً،‬وأخيرا سسموه فمات على إثر ذلك واستراحوا منه‪.‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يقع هذا التفسير فى ثمانى مجلدات كبار‪ ً،‬وهو مطبوع ومتداول بين أهل العلم‪ ً،‬ويقول ابن قاضى يشهبة‪:‬‬
‫إنه ‪ -‬أى الفخر الرازى ‪ -‬لم يتمه‪ ً،‬كما يقول ذلك ابن خلكان فى وفيات العيان‪ ً،‬إذن فممن الذى أكمل‬
‫هذا التفسير؟ وإلى أى موضع من القرآن وصل الفخر الرازى فى تفسيره؟‬
‫ل حاسما‪ ً،‬لتضارب أقوال العلماء فى هذا الموضوع‪ ً،‬فابن‬ ‫الحقا أن هذه مشكلة لم نوفقا إلى حلها ح ل‬
‫حجر العسقلنى‪ ً،‬فى كتابه الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة‪ ً،‬يقول‪" :‬الذى أكمل تفسير فخر الدين‬
‫الرازى‪ ً،‬هو أحمد بن محمد بن أبى الحزم مكى نجم الدين المخزومى القمولى‪ ً،‬مات سنة ‪ 727‬هـ‬
‫)سبع وعشرين وسبعمائة من الهجرة( هو مصرى"‪.‬‬
‫وصاحب كشف الظنون يقولك "وصرنف الشيخْ نجم الدين أحمد ابن محمد القمولى تكملة له‪ ً،‬وتوفى سنة‬
‫‪ 727‬هـ )سبع وعشرين وسبعمائة من الهجرة(‪ ً،‬وقاضى القضاة شهاب الدين بن خليل الخويى‬
‫الدمشقى‪ ً،‬كرمل ما نقص منه أيضا‪ ً،‬وتوفى سنة ‪ 639‬هـ )تسع وثلثين وستمائة("‪.‬‬
‫فأنت ترى أن ابن حجر يذكر أن الذى أتم تفسير الفخر هو نجم الدين القمولى‪ ً،‬وصاحب كشف الظنون‬
‫يجعل لشهاب الدين الخويى مشاركة على وجه ما فى هذه التكملة‪ ً،‬وإن كانا يتفقان على أن الرازى لم‬
‫يتم تفسيره‪.‬‬
‫وأما إلى أى موضع وصل الفخر فى تفسيره؟ فهذه كالولى أيضا‪ ً،‬وذلك لننا وجدنا على هامش كشف‬
‫ل عن شرح الشفا للشهاب‪ ً،‬أنه وصل فيه إلى‬ ‫الظنون ما نصه‪" :‬الذى رأيته بخط السيد مرتضى نق ل‬
‫سورة النبياء"‪.‬‬
‫وقد وجدت فى أثناء قراءتى فى هذا التفسير عند قوله تعالى فى الية ]‪ [24‬من سورة الواقعة‪} :‬مجمزآلء‬
‫ربمما مكاينوها ميهعمميلو من{ُ هذه العبارة‪" :‬المسألة الولى أصولية‪ ً،‬ذكرها المام فخر الدين رحمه ال فى مواضع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كثيرة‪ ً،‬ونحن نذكر بعضها‪ ..‬إلخْ"‪.‬‬
‫وهذه العبارة تدل على أن المام فخر الدين‪ ً،‬لم يصل فى تفسيره إلى هذه السورة‪ .‬كما وجديت عند‬
‫صلرة{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬أنه‬ ‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة }ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم إرملى ٱل ر‬
‫تعررضِ لموضوع النرية فى الوضوء‪ .‬واستشهد على اشتراط النرية فيه بقوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من‬
‫صيمن لميه ٱليديمن{ُ‪ ..‬وبرين أن الخلص عبارة عن النرية‪ ً،‬ثم‬ ‫سورة البينة‪} :‬موممآ أيرميريوها إر ر‬
‫ل رلميهعيبيدوها ٱلرلمه يمهخرل ر‬
‫صيمن لميه‬ ‫قال‪" :‬وقد حققنا الكلم فى هذا الدليل فى تفسير قوله تعالى‪} :‬موممآ أيرميريوها إر ر‬
‫ل رلميهعيبيدوها ٱلرلمه يمهخرل ر‬
‫ٱليديمن{ُ فلييرجع إليه فى طلب زيادة التقان"‪.‬‬
‫وهذه العبارة يتشعر بأن الفخر الرازى فرسر سورة البيينة‪ ً،‬أى أنه وصل إليها فى تفسيره‪ ً،‬وهذا طبعا‬
‫بحسب ظاهر العبارة المجرد عن كل شئ‪.‬‬
‫والذى أستطيع أن أقوله كحل لهذا الضطراب‪ :‬هو أن المام فخر الدين‪ ً،‬كتب تفسيره هذا إلى سورة‬
‫النبياء‪ ً،‬فأتى بعده شهاب الدين الخويى‪ ً،‬فشرع فى تكملة هذا التفسير ولكنه لم يتمه‪ ً،‬فأتى بعده نجم‬
‫الدين القمولى فأكمل ما بقى منه‪ .‬كما يجوز أن يكون الخويى أكمهل إلى نهاية‪ ً،‬والقمولى كتب تكملة‬
‫أخرى غير التى كتبها الخويى‪ ً،‬وهذا هو الظاهر من عبارة صاحب كشف الظنون‪.‬‬
‫وأما إحالة الفخر على ما كتبه فى سورة البيينة‪ ً،‬فهذا ليس بصريح فى أنه وصل إليها فى تفسيره‪ ً،‬إذ‬
‫ل لسورة البيينة‪ ً،‬أو لهذه الية وحدها‪ ً،‬فهو يشير إلى ما كتب فيها ويحيل عليه‪.‬‬ ‫لعله كتب تفسيرا مستق ل‬
‫ل حاسما لهذا الضطراب‪ ً،‬وإنما هو توفيقا يقول على الظن ييخطئ‬ ‫أقول هذا‪ ً،‬وأعتقد أنه ليس ح ل‬
‫وييصيب‪.‬‬
‫ثم إن القارئ فى هذا التفسير‪ ً،‬ل يكاد يلحظ فيه تفاوتا فى المنهج والمسلك‪ ً،‬بل يجرى الكتاب من أوله‬
‫إلى آخره على نمط واحد‪ ً،‬وطريقة واحدة‪ ً،‬تجعل الناظر فيه ل يستطيع أن ييمييز بين الصل والتكملة‪ً،‬‬
‫ول يتمكن من الوقوف على حقيقة المقدار الذى كتبه الفخر‪ ً،‬والمقدار الذى كتبه صاحب التكملة‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن تفسير الفخر الرازى ليحظى بشهرة واسعة بين العلماء‪ ً،‬وذلك لنه يمتاز عن غيره من كتب‬
‫التفسير‪ ً،‬بالبحاث الفرياضة الواسعة‪ ً،‬فى نواح شرتى من العلم‪ ً،‬ولهذا يصفه ابن خلكان فيقول‪" :‬إنه ‪ -‬أى‬
‫الفخر الرازى ‪ -‬جمع فيه كل غريب وغريبة"‪.‬‬
‫**‬
‫* اهتمام الفخر الرازى ببيان المناسبات بين آيات القرآن وسورة‪:‬‬
‫وقد قرأيت فى هذا التفسير‪ ً،‬فوجديت أنه يمتاز بذكر المناسبات بين اليات بعضها مع بعضِ‪ ً،‬وبين السور‬
‫بعضها مع بعضِ‪ ً،‬وهو ل يكتفى بذكر مناسبة واحدة بل كثيراص ما يذكر أكثر من مناسبة‪.‬‬
‫* اهتمامه بالعلوم الرياضية والفلسفية‪:‬‬
‫كما أنه ييكثر من الستطراد إلى العلوم الرياضية والطبيعية‪ ً،‬وغيرها من العلوم الحادثة فى الرمرلة‪ ً،‬على‬
‫ما كانت عليه فى عهده‪ ً،‬كالهيئة الفكلية وغيرها‪ ً،‬كما أنه يعرضِ كثيرا لقوال الفلسفة بالرد والتفنيد‪ً،‬‬
‫وإن كان يصوغا أدلته فى مباحث اللهيات على نمط استدللته العقلية‪ ً،‬ولكن بما يتفقا ومذهب أهل‬
‫اليسرنة‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من المعتزلة‪:‬‬
‫ثم إنه ‪ -‬كسسينى يرى ما يراه أهل السسرنة‪ ً،‬ويعتقد بكل ما يقررونه من مسائل علم الكلم ‪ -‬ل يدع فرصة‬
‫تمر دون أن يعرضِ لمذهب المعتزلة بذكر أقوالهم والرد عليهم‪ ً،‬ردا ل يراه البعضِ كافيا ول شافيا‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صر فى‬ ‫فهذا هو الحافظ ابن حجر يقول عنه فى لسان الميزان‪" :‬وكان ييعاب بإيراد الشبهة الشديدة‪ ً،‬ويمق ي‬
‫حلها‪ ً،‬حتى قال بعضِ المغاربة‪" :‬ييورد اليشمبه نقدا ويحلها نسيئة"‪.‬‬
‫وقال ابن حجر أيضا فى لسان الميزان‪" :‬ورأيت فى الكسير فى علم التفسير للنجم الطوفى ما ملخصه‪:‬‬
‫ما رأيت فى التفاسير أجمع لغالب علم التفسير من القرطبى‪ ً،‬ومن تفسير المام فخر الدين‪ ً،‬إل أنه كثير‬
‫العيوب‪ ً،‬فحردثنى شرف الدين النصيبى‪ ً،‬عن شخيه سراج الدين السرمياحى المغربى‪ ً،‬أنه صرنف كتاب‬
‫المأخذ فى مجلدين‪ ً،‬برين فيهما فى تفسير الفخر من الزيف والبهرج‪ ً،‬وكان ينقم عليه كثيرا ويقول‪ :‬يورد‬
‫يشمبه المخالفين فى المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيقا‪ ً،‬ثم يورد مذهب أهل السسرنة والحقا‬
‫على غاية من الوهاء‪ .‬قال الطوفى‪ :‬ولمعمرى‪ ً،‬إن هذا دأبه فى كتبه الكلمية والحكمة‪ .‬حتى اتهمه بعضِ‬
‫الناس‪ ً،‬ولكنه خلف ظاهر حاله‪ ً،‬لنه لو كان اختار قولل أو مذهبا ما كان عنده ممن يخاف منه حتى‬
‫يستر عنه‪ ً،‬ولعل سببه أنه كان يستفرغا أقوالل فى تقرير دليل الخصم‪ ً،‬فإذا انتهى إلى تقرير دليل نفسه ل‬
‫يبقى عنده شئ من القوى‪ ً،‬ول شك أن القوى النفسانية تابعة للقوى البدنية‪ ً،‬وقد صررح فى مقدمة نهاية‬
‫العقول‪ :‬أنه مقرر مذهب خصمه تقريرا لو أراد خصمه تقريره لم يقدر على الزيادة على ذلك"‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من علوم الفقه والصول والنحو والبلغة‪:‬‬
‫ثم إن الفخر الرازى ل يكاد يمر بآية من آيات الحكام إل ويذكر مذاهب الفقهاء فيها‪ ً،‬مع ترويجه‬
‫لمذهب الشافعى ‪ -‬الذى ييقيليده ‪ -‬بالدلة والبراهين‪.‬‬
‫كذلك نجده يستطرد لذكر المسائل الصولية‪ ً،‬والمسائل النحوية‪ ً،‬والبلغية‪ ً،‬وإن كان ل يتوسع فى ذلك‬
‫توسعه فى مسائل العلوم الكونية والرياضية‪.‬‬
‫وبالجملة‪ ..‬فالكتاب أشبه ما يكون بموسوعة فى علم الكلم‪ ً،‬وفى علوم الكون والطبيعة‪ ً،‬إذ أن هذه‬
‫الناحية‪ ً،‬هى التى غلبت عليه حتى كادت يتمقيل من أهمية الكتاب كتفسير للقرآن الكريم‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك قال صاحب كشف الظنون‪" :‬إن المام فخر الدين الرازى مل تفسيره بأقوال الحكماء‬
‫والفلسفة‪ ً،‬وخرج من شئ إلى شئ‪ ً،‬حتى يقضى الناظر العجب" وقنل عن أبى حيان أنه قال فى البحر‬
‫المحيط‪" :‬جمع المام الرازى فى تفسيره أشياء كثيرة طويلة ل حاجة بها فى علم التفسير‪ ً،‬ولذلك قال‬
‫بعضِ العلماء‪ :‬فيه كل شئ إل التفسير"‪.‬‬
‫ويظهر لنا أن المام فخر الدين الرازى كان مولعا بكثرة الستنباطات والستطرادات فى تفسيره‪ ً،‬ما دام‬
‫يستطيع أن يجد صلة ما بين المستنبط أو المستطمرد إليه وبين اللفظ القرآنى‪ ً،‬والذى يقرأ مقدمة تفسيره‬
‫ل يسعه إل أن يحكم على الفخر هذا الحكم‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪" :‬اعلم أنه ممرر على لسانى فى بعضِ‬
‫الوقات‪ ً،‬أن هذه السورة الكريمة ‪ -‬يريد الفاتحة ‪ -‬يمكن أن ييستنمبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلف‬
‫مسألة‪ ً،‬فاستبعد هذا بعضِ اليحرساد‪ ً،‬وقوم من أهل الجهل والغى والعناد‪ ً،‬وحملوا ذلك ما ألفوه من أنفسهم‬
‫من التعلقات الفارعة عن المعانى‪ ً،‬والكلمات الخالية المعاقد والمبانى‪ ً،‬فلما شرعيت فى تصنيف هذا‬
‫الكتاب‪ ً،‬قردميت هذه المقدمة‪ ً،‬لتصير كالتنبيه على أن ما ذكرناه أمر ممكن الحصول‪ ً،‬قريب الوصول"‪...‬‬
‫إلخْ‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فالكتاب بين يديك‪ ً،‬فأرجهل نظرك فى جميع نواحيه‪ ً،‬فسوف ل ترى إل ما قلته فيه‪ ً،‬وما حكميت به‬
‫عليه‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل )للبيضاوى(‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو قاضى القضاة‪ ً،‬ناصر الدين أبو الخير‪ ً،‬عبد ال ابن عمر بن محمد بن علسى‪ً،‬‬
‫البيضاوى الشافعى‪ ً،‬وهو من بلد فارس‪ ً،‬قال ابن قاضى شهبة فى طبقاته‪" :‬صاحب المصنفات‪ ً،‬وعالم‬
‫أذربيجان‪ ً،‬وشيخْ تلك الناحية‪ .‬ولى قضاء شيراز"‪ .‬وقال السبكى‪" :‬كان إماما يمبمررا نرظارا مخييرا‪ ً،‬صالحا‬
‫متعبدا"‪ .‬وقال ابن حبيب‪" :‬تكرلم كل من الئمة بالثناء على مصنفاته‪ ً،‬ولو لم يكن له غير المنهاج الوجيز‬
‫لفظه المحرر لكفاه"‪ .‬ولى القضاء بشيراز‪ ً،‬وتوفى بمدينة تبريز‪ .‬قال السبكى والسنوى‪ :‬سنة ‪ 691‬هـ‬
‫)إحدى وتسعين وستمائة(‪ ً،‬وقال ابن كثير وغيره‪" :‬سنة ‪685‬هـ )خمس وثمانين وستمائة(‪ .‬ومن أهم‬
‫مصنفاته‪ :‬كتاب المنهاج وشرحه فى أصول الفقه‪ ً،‬وكتاب الطوالع فى أصول الدين‪ ً،‬وأنوار التنزيل‬
‫وأسرار التأويل فى التفسير‪ ً،‬وهو ما نحن بصدده الن‪ .‬وهذه الكتب الثلثة من أشهر الكتب وأكثرها‬
‫ل بين أهل العلم‪.‬‬ ‫تداو ل‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫تفسير العلمة البيضاوى‪ ً،‬تفسير متوسط الحجم‪ ً،‬جمع فيه صاحبه بين التفسير والتأويل‪ ً،‬على مقتضى‬
‫قواعد اللغة العربية‪ ً،‬وقرر فيه الدلة على أصول أهل السسرنة‪ .‬وقد اختصر البيضاوى تفسيره من‬
‫الكشاف للزمخشرى‪ ً،‬ولكنه ترك ما فيه من اعتزالت‪ ً،‬وإن كان أحيانا يذهب إلى ما يذهب إليه صاحب‬
‫الكشاف‪ ً،‬ومن ذلك أنه عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [275‬من سورة البقرة‪} :‬ٱرلرذيمن ميهأيكيلومن ٱليرمبا م‬
‫ل‬
‫ل مكمما مييقويم ٱرلرذيِ ميمتمخربيطيه ٱلرشهيمطاين رممن ٱهلمميس{ُ ‪ .....‬الية‪ ً،‬وجدناه يقول‪" :‬إل قياما كقيام‬‫مييقويمومن إر ر‬
‫المصروع‪ ً،‬وهو وارد على ما يزعمون أن الشيطان يخبط النسان فييصمرع"‪ ..‬ثم يفيسر المس بالجنون‬
‫ويقول‪" :‬وهذا أيضا من زعمانهم أرن الجنى يمس الرجل فيختلط عقله"‪.‬‬
‫ول شك أن هذا موافقا لما ذهب إليه الزمخشرى من أن الجن ل تسلط لها على النسان إل بالوسوسة‬
‫والغواء‪.‬‬
‫كما أننا نجد البيضاوى قد وقع فيما وقع فيه صاحب الكشاف‪ ً،‬من ذكره فى نهاية كل سورة حديثا فى‬
‫فضلها وما لقارئها من الثواب والجر عند ال‪ ً،‬وقد عرفنا قيمة هذه الحاديث‪ ً،‬وقلنا إنها موضوعة‬
‫باتفاقا أهل الحديث‪ ً،‬وليسيت أعرف كيف اعترر بها البيضاوى فرواها وتابع الزمخشرى فى ذكرها عند‬
‫آخر تفسيره لكل سورة‪ ً،‬مع ما له من مكانة علمية‪ ً،‬وسيأتى اعتذار بعضِ الناس عنه فى ذلك‪ ً،‬وإن كان‬
‫اعتذارا ضعيفا‪ ً،‬ل يكتفى لتبرير هذا العمل الذى ل يليقا بعالم كالبيضاوى له قيمته ومكانته‪ .‬وكذلك‬
‫استمد البيضاوى تفسيره من التفسير الكبير المسمى بمفاتيح الغيب للفخر الرازى‪ ً،‬ومن تفسير الراغب‬
‫الصفهانى‪ ً،‬وضم لذلك بعضِ الثار الواردة عن الصحابة والتابعين‪ ً،‬كما أنه أعمل فيه عقله‪ ً،‬فضمنه‬
‫نكتا بارعة‪ ً،‬ولطائف رائعة‪ ً،‬واستنباطات دقيقة‪ ً،‬كل هذا فى أسلوب رائع موجز‪ ً،‬وعبارة تيدقا أحيانا‬
‫وتخفى إل على ذى بصيرة ثاقبة‪ ً،‬وفطنة نييرة‪ .‬وهو يهتم أحيانا بذكر القراءت‪ ً،‬ولكنه ل يلتزم المتواتر‬
‫منها فيذكر الشاذ‪ ً،‬كما أنه يعرضِ للصناعة النحوية‪ ً،‬ولكن بدون توسع واستفاضة‪ ً،‬كما أنه يتعرضِ عند‬
‫آيات الحكام لبعضِ المسائل الفقهية بدو نتوسع منه فى ذلك‪ ً،‬وإن كان يظهر لنا أنه يميل غالبا لتأييد‬
‫صمن‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [228‬من سورة البقرة‪} :‬موٱهليممطلرمقايت ميمتمررب ه‬ ‫مذهبه وترويجه‪ ً،‬فمث ل‬
‫لمثمة يقيريوهَء{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪ :‬ويقروء جمع يقرء‪ ً،‬وهو ييطلقا للحيضِ كقوله عليه الصلة‬ ‫ربمأهنيفرسرهرن مث م‬
‫والسلم‪" :‬مدرعى الصلة أيام أقرائك" ولليطهر الفاصل بين الحيضتين‪ ً،‬كقول العشى‪:‬‬
‫*مورثة مالل وفى الحى رفعة * لما ضاع فيها من يقروء نسائكما*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأصله النتقال من الطهر إلى الحيضِ‪ ً،‬وهو المراد فى الية‪ ً،‬لنه الدال على براءة الرحم ل الحيضِ‬
‫كما قاله الحنفية‪ ً،‬لقوله تعالى‪} :‬مفمطلييقويهرن رلرعردرترهرن{ُ أى وقت عسدتهن‪ ً،‬والطلقا المشروع ل يكون فى‬
‫الحيضِ‪ .‬وأما قوله عليه الصلة والسلم‪" :‬طلقا المة تطليقتان وعردرتها حيضتان"‪ ً،‬فل ييقاوم ما رواه‬
‫الشيخان فى قصة ابن عمر‪" :‬يمهريه فليراجعها‪ ً،‬ثم ليمسكها حتى تطهر‪ ً،‬ثم تحيضِ‪ ً،‬ثم تطهر‪ ً،‬ثم إن شاء‬
‫أمسك بعد‪ ً،‬وإن شاء طلقا قبل أن يمس‪ ً،‬فتلك الرعردة التى أمر ال تعالى أن يتمطرلقا لها النساء"‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫كذلك نجد البيضاوى كثيرا ما يقرر مذهب أهل السسرنة ومذهب المعتزلة‪ ً،‬عندما يعرضِ لتفسير آية لها‬
‫صلة بنقطة من نقط النزاع بينهم‪.‬‬
‫ل مرهيمب رفيره يهلدى‬ ‫فمثلص عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [2‬و ]‪ [3‬من سورة البقرة‪} :‬مذرلمك ٱهلركمتايب م‬
‫صلمة مومرما مرمزهقمنايههم يهنرفيقومن{ُ نراه يعرضِ لبيان معنى اليمان‬ ‫ليهليمرترقيمن * ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب مويرقييمومن ٱل ر‬
‫والنفاقا عند أهل السسرنة والمعتزلة والخوراج‪ .‬بتوسع ظاهر‪ ً،‬وترجيح منه لمذهب أهل السسرنة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة البقرة أيضا‪} :‬مومرما مرمزهقمنايههم يهنرفيقومن{ُ نراه يتعرضِ للخلف‬ ‫ومث ل‬
‫الذى بين أهل السسرنة والمعتزلة فيما ييطلقا عليه اسم الرزقا‪ ً،‬ويذكر وجهة نظر كل فريقا‪ ً،‬مع ترجيحه‬
‫لمذهب أهل السسرنة‪.‬‬
‫والبيضاوى رحمه ال يميقفل جدا من ذكر الروايات السرائيلية‪ ً،‬وهو ييصيدر الرواية بقوله‪ :‬يروى‪ ً،‬أو‬
‫قيل‪ ...‬إشعارا منه بضعفها‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [22‬من سورة النمل‪} :‬مفمممكمث مغهيمر مبرعيهَد مفمقامل أممحطيت ربمما لمهم يترحهط‬ ‫فمث ل‬
‫ربره مورجهئيتمك رمن مسمبهَإ ربمنمبهَإ ميرقيهَن{ُ يقول بعد فراغه فى تفسيرها‪ :‬يروى أنه عليه السلم لما أتم بناء بيت‬
‫المقدس تجهز للحج‪ ..‬إلى آخر القصة التى يقف البيضاوى بعد روايتها موقف المجيوز لها‪ .‬غير القاطع‬
‫بصحتها‪ ً،‬حيث يقول ما نصه‪" :‬ولعله فى عجائب قدرة ال وما‬
‫خص به خاصة عباده أشياء أعظم من ذلك‪ ً،‬يستكبرها من يعرفها‪ ً،‬ويستنكرها ممن ينكرها"‪.‬‬ ‫ر‬
‫ثم إن البيضاوى إذا عرضِ لليات الكونية‪ ً،‬فإنه ل يتركها بدون أن يخوضِ فى مباحث الكون‬
‫والطبيعة‪ ً،‬ولعل هذه الظاهرة سرتإليه من طريقا التفسير الكبير للفخر الرازى‪ ً،‬الذى استمد منه كما قلنا‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة الصافات‪} :‬مفمأهتمبمعيه رشمهافب مثارقفب{ُ نراه يعرضِ‬ ‫فمث ل‬
‫لحقيقة الشهاب فيقول‪ :‬الشهاب ما ييرى كان كوكبا انقضِ‪ ً،‬ثم يرد على ممن يخالف ذلك فيقول‪ :‬وما قيل‬
‫صرح ‪ -‬لم ييناف ذلك"‪ ..‬إلى آخر كلمه فى هذا‬ ‫إنه بخار يصعد إلى الثير فيشتعل فتخمين ‪ -‬إن م‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫هذا وأرى أن أسوقا لك بعضِ العبارات الشارحة لمنهج البيضاوى فى تفسيره‪ ً،‬والمبيينة لمصادره التى‬
‫رجع إليها واختصره منها‪ ً،‬كشاهد على بعضِ ما ذكرناه من ناحية‪ ً،‬وتتميما للفائدة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫قال البيضاوى نفسه فى مقدمة تفسيره هذا بعد الديباجة ما نصه‪" :‬ولطالما أحردث نفسى بأن أصينف فى‬
‫هذا الفن ‪ -‬يعنى التفسير ‪ -‬كتابا يحتوى على صفوة ما بلغنى من عظماء الصحابة‪ ً،‬وعلماء التابعين‬
‫وممن دونهم من المسملف الصالحين‪ ً،‬وينطوى على رنكات بارعة‪ ً،‬ولطائف رائعة‪ ً،‬استنبطتها أنا ومن قبلى‬
‫رمن أفاضل المتأخرين‪ ً،‬وأماثل المحققين‪ ً،‬ويعرب عن وجوه القراءات المشهورة المهميزية إلى الئمة‬
‫ل أن قصور بضاعتى ييثبطنى عن القدام‪ً،‬‬ ‫الثمانية المشهورين‪ ً،‬والشواذ المروية عن القرراء المعبترين‪ ً،‬إ ر‬
‫ويمنعنى عن النتصاب فى هذا المقام‪ ً،‬حتى سنح لى بعد الستخارة ما صمم به عزمى على الشروع‬
‫فيما أردته‪ ً،‬ولإتيان بما قصدته‪ ً،‬ناويا أن أسميه بأنوار التنزيل وأسرار التأويل"‪.‬‬
‫ويقول فى آخر الكتاب ما نصه‪" :‬وقد اتفقا إتمام تعليقا سواد هذا الكتاب المنطوى على فوائد ذوى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمة‪ ً،‬فى تفسير القرآن وتحقيقا‬ ‫اللباب‪ .‬المشتمل على خلصة أقوال أكابر الئمة‪ ً،‬وصفوة آراء أعلم ا ي‬
‫معانيه‪ .‬والكشف عن عويصات آلفاظه ومعجزات مبانيه‪ ً،‬مع اليجاز الخالى عن الخلل‪ ً،‬والتلخيص‬
‫العارى عن الضلل‪ ً،‬الموسوم بأنوار التنزيل وأسرار التأويل"‪.‬‬
‫ص منه‪ ً،‬ضمن ما‬ ‫وكأينى به فى هذه الجملة الخيرة‪ ً،‬يشير إلى أنه اختصر من تفسير الكشاف ولرخ م‬
‫صه من كتب التفسير الخرى‪ ً،‬غير أنه ترك ما فيه من نزعات الضلل‪ ً،‬وشطحات‬ ‫اختصره ولرخ م‬
‫العتزال‪.‬‬
‫ويقول الجلل السيوطى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فى حاشيته على هذا التفسير المسماة بـ "نواهد البكار وشوارد‬
‫ص هذا الكتاب فأجاد‪ ً،‬وأىى بكل يمستجاد‪ً،‬‬ ‫الفكار" ما نصه‪" :‬وإن القاضى ناصر الدين البيضاوى لرخ م‬
‫وماز فيه أماكن العتزال‪ ً،‬وطرح موضع الدسائس وأزال‪ ً،‬وحررر يمهمات‪ ً،‬واستدرك تتمات‪ ً،‬فظهر كأنه‬
‫سبيكة رنضار‪ ً،‬واشتهر اشتهار الشمس فى رائعة النهار‪ ً،‬وعكف عليه العاكفون‪ ً،‬ولمهج بذكر محاسنه‬
‫الواصفون‪ ً،‬وذاقا طعم دقائقه العارفون‪ ً،‬فأمكرب عليه العلماء تدريسا ومطالعة‪ ً،‬وبادروا إلى تلقيه بالقبول‬
‫رغبة فيه ومسارعة"‪.‬‬
‫ويقول صاحب كشف الظنون ما نصه‪" :‬وتفسيره هذا ‪ -‬يريد تفسير البيضاوى ‪ -‬كتاب عظيم الشأن‬
‫ص فيه من الكشاف ما يتعلقا بالعراب والمعانى والبيان‪ ً،‬ومن التفسير الكبير ما‬ ‫غنى عن البيان‪ ً،‬لرخ م‬
‫يتعلقا بالحكمة والكلم‪ ً،‬ومن تفسير الراغب ما يتعلقا بالشتقاقا وغوامضِ الحقائقا ولطائف الشارات‪.‬‬
‫وضم إليه ما مو ررى زناد فكره من الوجوه المعقولة‪ ً،‬فجل رين الشك عن السريرة‪ ً،‬وزاد فى العلم بسطة‬
‫وبصيرة‪ ً،‬كما قال مولنا المنشى‪:‬‬
‫*أولوا اللباب لم يأتوا * بكشف قناع ما ييتلى*‬
‫*ولكن كان القاضى * يد بيضاء ل يتبلى*‬
‫ولكونه متبحرا جال فى ميدان فرسان الكلم‪ ً،‬فأظهر مهارته فى العلوم حسبما يليقا بالمقام‪ ً،‬كشف القناع‬
‫عن تارة عن وجوه محاسن الشارة‪ ً،‬وهملح الستعارة‪ ً،‬وهتك الستار أخرى عن أسرار المعقولت بيد‬
‫صعاب المرام‪ً،‬‬ ‫الحكمة ولسانها‪ .‬وترجمان المناطقة وميزاتها‪ ً،‬فحل ما أهشمكمل على النام‪ ً،‬وذرلل لهم ر‬
‫وأورد فى المباحث الدقيقة ما يهؤممين به عن اليشمبه المضلة‪ ً،‬وأوضح لهم مناهج الدلة‪ .‬والذى ذكره من‬
‫وجوه التفسير ثانيا أو ثالثا أو رابعا بلفظ "قيل"‪ ً،‬فهو ضعيف ضعف المرجوح أو ضعف المردود‪.‬‬
‫وأما الوجه الذى تفررد فيه‪ ً،‬وظن بعضهم أنه مما ل ينبغى أن يكون من الوجوه التفسيرية السسينية‪ ً،‬كقوله‪:‬‬
‫وحمل الملئكة العرش وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له‪ ً،‬ونحون‪ ً،‬فهو ظن من لعله يقصر‬
‫فهمه عن تصور مبانية‪ ً،‬ول يبلغ علمه إلى الحاطة بما فيه‪ ً،‬فممن اعترضِ بمثله على كلمه كأنه‬
‫ينصب الحبالة للعنقاء‪ ً،‬ويروم أن يقنص نسر السماء‪ ً،‬لنه مالك زمام العلوم الدينية‪ ً،‬والفنون اليقينية‪ً،‬‬
‫على مذهب أهل السسرنة والجماعة‪ .‬وقد اعترفوا له قاطبة بالفضل المطلقا‪ ً،‬وسرلموا إليه قصب السبقا‪ً،‬‬
‫فكان تفسيره يحتوى فنونا من العلم وعرة المسالك‪ ً،‬وأنواعا من القواعد المختلفة الطرائقا‪ ً،‬وقسل من برز‬
‫فى فن إل وصرده عن سواه وشغله‪ ً،‬والمرء عده لما جهله‪ ً،‬فل يصل إلى مرامه إل من نظر إليه بعين‬
‫فكره‪ ً،‬وأعمى عين هواه‪ ً،‬واستعبد نفسه فى طاعة موله‪ ً،‬حتى يسلم من الغلط والزلل‪ ً،‬ويقتدر على رد‬
‫السفسطة والجدل‪.‬‬
‫وأما أكثر الحاديث التى أوردها فى أواخر السور‪ ً،‬فإنه لكونه ممن صفت مرآة قلبه‪ ً،‬وتعسرضِ لنفحات‬
‫ربه‪ ً،‬تسامح فيه‪ ً،‬وأعرضِ عن أسباب التجريح والتعديل‪ ً،‬ونحا نحو الترغيب والتأويل‪ ً،‬عالما بأنها مما‬
‫فاه صاحبه بزور‪ ً،‬ودرلى بغرور‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم إن هذا الكتاب يررزقا من عند ال سبحانه وتعالى بحسن القبول عند جمهور الفاضل والفحومل‪ ً،‬فعكفوا‬
‫عليه بالدرس والتحشية‪ ً،‬فمنهمخْ من عرلقا تعليقه على سورة منه‪ ً،‬ومنهم من حشى تحشية تامة‪ ً،‬ومنهم‬
‫من كتب على بعضِ مواضع منه"‪ ..‬ثم معرد من هذه الحواشى ما يزيد عددة على الربعين‪ ً،‬ول أطيل‬
‫بذكرها‪ ً،‬و ممن شاء الطلع على ذلك فليرجع إليه فى موضعه الذى أشرت إليه‪ ً،‬وحسبى أن أقول‪ :‬إن‬
‫أهشر هذه الحواشى وأكثرها تداو لل ونفعا‪ :‬حاشية قاقضى زاده‪ ً،‬وحاشية الشهاب الخفاجى‪ ً،‬وحاشية‬
‫القونوى‪.‬‬
‫وجملة القول‪ ..‬فالكتاب من يأمهات كتب التفسير‪ ً،‬التى ل يستغنى عنها من يريد أن يفهم كلم ال تعالى‪ً،‬‬
‫ويقف على أسراره ومعانيه‪ ً،‬وهو مطبوع عدة طبعات‪ ً،‬ومتوسط فى حجمه‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬مدارك التنزيل وحقائقا التأويل )للنسفى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو البركات‪ ً،‬عبد ال بن أحمد بن محمود النسفى الحنفى‪ ً،‬أحد السزهاد‬
‫ل عديم النظير فى زمانه‪ ً،‬رأسا فى الفقه والصول‪ ً،‬بارعا‬ ‫المتأخرين‪ ً،‬والئمة المعتبرين‪ ً،‬كان إماما كام ل‬
‫فى الحديث ومعانيه‪ ً،‬بصيرا بكتاب ال تعالى‪ ً،‬وهو صاحب التصانيف المفيدة المعتبرة فى الفقه‬
‫والصول وغيرهما‪ .‬فمن مؤلفاته‪ :‬متن الوافى فى الفروع‪ ً،‬وشرحه الكافى‪ ً،‬وكنز الدقائقا فى الفقه‪ً،‬‬
‫وال يعمدة فى أصول الدين‪ ً،‬ومدارك التنزيل وحقائقا التأويل‪ ً،‬وهو التفسير الذى نحن بصدد الكلم عنه‪ً،‬‬
‫وغير ذلك من المؤرلفات التى تداولها العلماء‪ ً،‬وتناولوها دراسة وبحثا‪ ً،‬وليس هذا التراث العلمى بكثير‬
‫على رجل تفرقه على كثير من مشايخْ عصره وأخذ عنهم‪ ً،‬ومن هؤلء‪ :‬شمس الئمة الكردى وعليه تفقه‪ً،‬‬
‫وأحمد بن محمد العتابى الذى روى عنه الزيادات‪ .‬وكانت وفاة النسفى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬سنة ‪ 701‬هـ‬
‫)إأحدى وسبعمائة من الهجرة(‪ ً،‬ودفن ببلدة أيذج فرضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫هذا التفسير‪ ً،‬اختصره النسفى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من تفسير البيضاوى ومن الكشاف للزمخشرى‪ ً،‬غير أنه‬
‫ترك ما فى الكشاف من العتزالت‪ ً،‬وجرى فيه على مذهب أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬وهو تفسير وسيط‬
‫بين الطول والقصر‪ ً،‬جمع فيه صاحبه بين وجوه العراب والقراءات‪ ً،‬وضمنه ما اشتمل عليه الكشاف‬
‫من النكت البلغية‪ ً،‬والمحسرنات البديعية‪ ً،‬والكشف عن المعانى الدقيقة الخفية‪ ً،‬وأورد فيه ما أورده‬
‫الزمخشرى فى تفسيره من السئلة والجوبة‪ ً،‬لكن ل على طريقته من قوله‪" :‬فإن قيل‪ ...‬قلت" بل جعل‬
‫ذلك فى الغالب كلما مدرجا فى ضمن شرحه للية‪ ً،‬كما أنه لم يقع فيما وقع فيه صاحب الكشاف من‬
‫ذكره للحاديث الموضوعة فى فضائل السور‪.‬‬
‫هذا وقد أورد النسفى فى مقدمة تفسيره عبارة قصيرة‪ ً،‬أوضح فيها عن طريقته التى سلكها فيه‪ ً،‬وأرى‬
‫أن أسوقها لك بنصها لتمام الفائدة‪:‬‬
‫قال رحمه ال‪" :‬قد سألنى من تتعين إجابته‪ ً،‬كتابا وسطا فى التأويلت‪ ً،‬جامعا لوجوه‪ ً،‬العراب‬
‫والقراءات‪ ً،‬متضمنا لدقائقا علمى البديع والشارات‪ ً،‬حاليا بأقاويل أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬خاليا عن‬
‫ل وأؤخر‬ ‫أباطيل أهل البدع والضللة‪ ً،‬ليس بالطويل الممل‪ ً،‬ول بالقصير المخل‪ ً،‬وكنت يأقيدم فيه ررهج ل‬
‫أخرى‪ ً،‬استقصارا لقوة المبشر عن درك هذا الوطر‪ ً،‬وأخذا لسبيل الحذر عن ركوب متن الخطر‪ ً،‬حتى‬
‫شرعيت فيه بتوفيقا ال والعوائقا كثيرة‪ ً،‬وأتممته فى مدة يسيرة‪ ً،‬وسميته بمدارك التنزيل وحقائقا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التأويل"‪.‬‬
‫وقال صاحب كشف الظنون‪" :‬اختصره ‪ -‬يعنى تفسير النسفى ‪ -‬الشيخْ زين الدين‪ ً،‬أبو محمد‪ ً،‬عبد‬
‫الرحمن بن أبى بكر بن العينى‪ ً،‬وزاد فيه"‪ .‬ولكن لم يقع فى يدنا هذا المختصر‪ ً،‬ولم نظفر به حتى نحكم‬
‫عليه‪.‬‬
‫قرأ يت فى هذا التفسير فوجدته كما قلت آنفا موجز العبارة سهل المأخذ‪ ً،‬مختصرا من تفسير الكشاف‪ً،‬‬
‫جامعا لمحاسنه‪ ً،‬متحاشيا لمساوئه‪ ً،‬ومن تفسير البيضاوى أيضا حتى إنه ليأخذ عبارته بنصها أو قريبا‬
‫منه ويضمنها تفسيره‪.‬‬
‫**‬
‫* خوضه فى المسائل النحوية‪:‬‬
‫كذلك وجدته ‪ -‬كما يقول صاحبه ‪ -‬جامعا بين وجوه العراب والقراءات‪ ً،‬غير أنه من ناحية العراب‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى‬ ‫ل يستطرد كثيرا‪ .‬ول يزج بالتفاصيل النحوية فى تفسيره كما يفعل غيره‪ ً،‬فمث ل‬
‫صود معن‬ ‫فى الية ]‪ [217‬من سورة البقرة‪} :‬ميهسمأيلومنمك معرن ٱلرشههرر ٱهلمحمرارم رقمتاهَل رفيره يقهل رقمتافل رفيره مكربيفر مو م‬
‫مسربيرل ٱللرره مويكهففر ربره موٱهلممهسرجرد ٱهلمحمرارم{ُ ‪ ..‬الية‪.‬‬
‫صسد عن سبيل ال وعن المسجد الحرام‪ً،‬‬ ‫يقول ما نصه‪" :‬والمسجد الحرام"‪ :‬عطف على "سبيل ال"‪ ً،‬أى مو م‬
‫وزعم الف سراء أنه معطوف على الهاء فى "به"‪ ً،‬أى كفر به وبالمسجد الحرام‪ ً،‬ول يجوز عند البصريين‬
‫العطف على الضمير المجرور إل بإعادة الجار‪ ً،‬فل تقول‪ :‬مررت به وزيد‪ ً،‬ولكن تقول‪ :‬بزيد‪ ً،‬ولو‬
‫كان معطوفا على الهاء هنا لقيل‪ :‬وكفر به وبالمسجد الحرام‪* * .‬‬
‫* موقفه من القراءات‪:‬‬
‫وأما من ناحية القراءتت فهو ملتزم للقراءات السبع المتواترة مع نسبة كل قراءة إلى قارئها‪.‬‬
‫***‬
‫* خوضه فى مسائل الفقه‪:‬‬
‫كذلك عند تفسيره لية من آيات الحكام نجده يعرضِ للمذاهب الفقهية التى لها تعلقا وارتباط بالية‪ً،‬‬
‫ويوجه القوال ولكن بدون توسع‪.‬‬
‫ضِ يقهل يهمو أملذى‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [222‬من سورة البقرة‪} :‬موميهسمأيلومنمك معرن ٱهلمرحي ر‬ ‫فمث ل‬
‫ل متهقمريبويهرن محرتـى ميهطيههرمن مفرإمذا متمطرههرمن مفهأيتويهرن رمهن محهييث أممممريكيم ٱللريه{ُ‪.‬‬ ‫مفٱِهعمترزيلوها ٱلينمسآمء رفي ٱهلمرحي ر‬
‫ضِ مو م‬
‫يقول ما نصه‪ ..." :‬ثم عند أبى حنيفة وأبى يوسف ‪ -‬رحمهما ال ‪ -‬يجتنب ما اشتمل عليه الزار‪.‬‬
‫ومحمد ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ل ييوجب إل اعتزال المفيرج‪ ً،‬وقالت عائشة رضى ال عنها‪ :‬يجتنب شعار الدم‬
‫وله ما سوى ذلك‪.‬‬
‫ل متهقمريبويهرن{ُ مجامعين‪ ً،‬أو‪ :‬ول تقربوا مجامعتهن }محرتـى ميهطيههرمن{ُ بالتشديد ‪ -‬كوفى غير حفص ‪ -‬أى‬ ‫}مو م‬
‫يغتسلن‪ ً،‬وأصله يتطهرن فأدغم التاء فى الطاء لقرب مخرجيهما‪ .‬وغيرهم }ميهطيههرمن{ُ أى ينقطع دمهن‪ً،‬‬
‫والقراءتان كآيتين‪ ً،‬فعملنا بهما‪ .‬وقلنا‪ :‬له أن يقربها فى أكثر الحيضِ بعد انقطاع الدم وإن لم تغتسل‪ً،‬‬
‫ل بقراءة‬ ‫ل بقراءة التخفيف‪ ً،‬وفى أقل منه ل يقربها حتى تغتسل أو بمضى عليها وقت الصلة‪ ً،‬عم ل‬ ‫عم ل‬
‫التشديد‪ ً،‬والحمل على هذا أول من العكس‪ ً،‬لنه حينئذ يجب ترك العمل بإحداهما لما يعرف‪ .‬وعند‬
‫الشافعى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ل يقربها حتى تطهر وتتطهر‪ ً،‬دليله قوله تعالى‪} :‬مفرإمذا متمطرههرمن مفهأيتويهرن{ُ‪:‬‬
‫فجامعوهن‪ ً،‬فجمع بينهما‪"..‬‬
‫وهو ينتصر لمذهبه الحنفى ويرد على ممهن خالفه فى كثير من الحيان‪ ً،‬وإن أردت الوقوف على ذلك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صمن ربمأهنيفرسرهرن‬ ‫فارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [228‬من سورة البقرة‪} :‬موٱهليممطلرمقايت ميمتمررب ه‬
‫لمثمة يقيريوهَء{ُ ‪) ..‬جـ ‪ 1‬ص ‪(89‬؛ً وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية )‪ (237‬من سورة البقرة‪} :‬مورإن‬ ‫مث م‬
‫ل مأن ميهعيفومن أمهو ميهعيفموها ٱرلرذيِ‬ ‫ضيتهم إر ر‬‫صيف مما مفمر ه‬ ‫ضلة مفرن ه‬ ‫مطلرهقيتيمويهرن رمن مقهبرل مأن متممسسويهرن مومقهد مفمر ه‬
‫ضيتهم لميهرن مفرري م‬
‫ربميردره يعهقمدية ٱلينمكافح{ُ ‪) .‬جـ ‪ 1‬ص ‪ (95‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة الطلقا‪:‬‬
‫}أمهسركينويهرن رمهن محهييث مسمكنيتم يمن يوهجرديكهم{ُ ‪ ..‬الية‪) ً،‬جـ ‪4‬ص ‪* * .(201‬‬
‫* موقفه من السرائيليات‪:‬‬
‫ومما نلحظه على هذا التفسير أنه يمرقل جدا فى ذكره للسرائيليات‪ ً،‬وما يذكره من ذلك يمر عليه بدون‬
‫أن يتعقبه أحيانا‪ ً،‬وأحيانا يتعقبه ول يرتضيه‪.‬‬
‫ل نجده عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة النمل‪} :‬موموررمث يسلمهيمماين مدايوومد مومقامل ـيمأسيمها‬ ‫فمث ل‬
‫ٱلرنايس يعليهممنا ممنرطمقا ٱلرطهيرر{ُ يقول‪ :‬روى أنه صاحب فاخته فأخبر أنها تقول‪ :‬ليت ذا الخلقا لم ييخلقوا‪ً،‬‬
‫وصاح طاووس فقال‪ :‬يقول‪ :‬كما تدين تدان‪ .‬وصاح هدهد فقال‪ :‬يقول‪ :‬استغفروا ال يا مذنبون‪ .‬وصاح‬
‫خطاف فقال‪ :‬يقول‪ :‬قيدموا خيرا تجدوه‪ ً،‬وصاحت رخمة فقال‪ :‬تقول‪ :‬سبحان ربى العلى ملء سمائه‬
‫وأرضه‪ ً،‬وصاح قمرى فأخبر أنه يقول‪ :‬سبحان ربى العلى‪ ً،‬وقال‪ :‬الحدأة تقول‪ :‬كل شئ هالك إل ال‪ً،‬‬
‫والقطاة تقول‪ :‬ممن سكت سلم‪ ً،‬والديك يقول‪ :‬اذكروا ال يا غافلون‪ ً،‬والنسر يقول‪ :‬يا بن آدم‪ ً،‬رعهش ما‬
‫شئت آخرك الموت‪ ً،‬واليعقاب يقول‪ :‬فى اليبعد عن الناس يأنس‪ .‬والضفدع يقول‪ :‬سبحانه ربى القدوس‪.‬‬
‫ثم يتكلم عن قوله تعالى‪} :‬مويأورتيمنا رمن يكيل مشهيهَء{ُ بدون أن يتعقب ما ذكره من ذلك كله‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النمل أيضا‪} :‬موإريني يمهررسملفة إرملهيرههم ربمهردريهَة مفمنارظمرفة‬ ‫ومث ل‬
‫ربم ميهررجيع ٱهليمهرمسيلو من{ُ‪ ..‬نراه يذكر خبر هدية بلقيس لسليمان وما كان من امتحانها له‪ ً،‬وهو خبر أشبه ما‬
‫يكون بقصة نسجها خيال شخص مسرف فى تخيله‪ ً،‬ومع ذلك فل يمعيقب عليها المام النسفى بكلمة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫صرم إرهذ‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [21‬و ]‪ [22‬فى سورة ]ص[‪} :‬مومههل أممتامك منمبيأ ٱهلمخ ه‬ ‫ومث ل‬
‫ضِ‬ ‫ضمنا معلمـى مبهع هَ‬ ‫صممارن مبمغـى مبهع ي‬ ‫ل متمخهف مخ ه‬ ‫متمسرويروها ٱهلرمهحمرامب * إرهذ مدمخيلوها معلمـى مدايوومد مفمفرزمع رمهنيههم مقايلوها م‬
‫ل‬‫صمرارط{ُ‪ ..‬نراه ‪ -‬بعد أن يذكر من الروايات ما م‬ ‫ل يتهشرطهط موٱههردمنآ إرلمـى مسموآرء ٱل ي‬ ‫مفٱِهحيكهم مبهيمنمنا ربٱِهلمحيقا مو م‬
‫يتنافى مع عمصة داود عليه السلم ‪ -‬يقو ما نصه‪" :‬وما ييحكى أنه بعث مرة بعد مرة أوريا إلى غزوة‬
‫البلقاء وأحب أن ييقتل ليتزوجها ‪ -‬يعنى زوجه أوريا ‪ -‬فل يليقا من المتسلمين بالصلح من أفناء‬
‫ل عن بعضِ أعلم النبياء‪ ً،‬وقال علسى رضى ال عنه‪ :‬ممن حردثكم بحديث داود عليه السلم‬ ‫الناس‪ ً،‬فض ل‬
‫على ما يرويه القصاص‪ ً،‬جلدته مائة وستين‪ ً،‬وهو حد الفرية على النبياء"‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [34‬من سورة ]ص[ أيضا‪} :‬مولممقهد مفمترنا يسلمهيممامن موأمهلمقهيمنا معلمـى‬ ‫ومث ل‬
‫يكهررسييره مجمسدا يثرم أممنامب{ُ‪ ..‬نراه يذكر من الروايات ما ل يتنافى مع عمصة سليمان عليه السلم‪ ً،‬ثم يقول‬
‫ما نصه‪" :‬وأما ما ييروى من حديث الخاتم والشيطان‪ ً،‬وعبادة الوثن فى بيت سليمان عليه السلم‪ ً،‬فمن‬
‫أباطيل اليهود"‪.‬‬
‫ففى هذه الية الخيرة وما قبلها نجد النسفى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يتصدى للتنبيه والرد على المقصص‬
‫المكذوب الذى يتنافى مع عمصة النبياء‪ ً،‬ول يتساهل هنا كما تساهل فيما مرثلنا به قبل ذلك‪ ً،‬ولعله يرى‬
‫أن كل ما يمس العقيدة من هذا المقصص يجب التنبيه على عدم صحته‪ ً،‬وما ل يمس العقيدة فل مانع من‬
‫روايته بدون تعقيب عليه‪ ً،‬ما دام يحتمل الصدقا والكذب فى ذاته‪ ً،‬ول يتنافى مع العقل أو يتصادم مع‬
‫الشرع‪ .‬هذا‪ ..‬وإن الكتاب لمتداول بين أهل العلم‪ ً،‬ومطبوع فى أربعة أجزاء متوسطة الحجم‪ ً،‬وقد منرفمع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ال به الناس كام نرفمعهم بغيره من مؤرلفات النسفى رحمه ال‪.‬‬
‫‪ - 4‬ليمباب التأويل فى معانى التنزيل )للخازن( * التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ .‬هو علء الدين‪ ً،‬أبو الحسن‪ ً،‬علسى بن محمد ابن إبراهيم بن عمر بن خليل الشيحى‪.‬‬
‫البغدادى‪ ً،‬الشافعى‪ ً،‬الصوفى‪ ً،‬المعروف بالخازن‪ .‬اشتهر بذلك لنه كان خازن كتب خانقاه السميساطية‬
‫بدمشقا‪ .‬ويلد ببغداد سنة ‪ 678‬هـ )ثمان وسبعين وستمائة من الهجرة(‪ ً،‬وسمع بها من ابن الدوليبى‪ً،‬‬
‫وقدم دمشقا فسمع من القاسم ابن مظفر ووزيرة بنت عمر‪ ً،‬واشتغل بالعلم كثيرا‪ .‬قال ابن قاضى شهبة‪:‬‬
‫"كان من أهل العلم‪ ً،‬جمع وأرلف‪ ً،‬وحردث ببعضِ مصنفاته"‪ .‬وقد مخرلف رحمه ال كتبا جرمة فى فنون‬
‫مختلفة‪ ً،‬فمن ذلك‪ :‬ليمباب التأويل فى معانى التنزيل‪ ً،‬وهو التفسير الذى نريد الكلم عنه‪ ً،‬وشرح عمدة‬
‫الحكام‪ ً،‬ومقبول المنقول فى عشر مجلدات‪ ً،‬جمع فيه بين مسندى الشافعى وأحمد والكتب الستة‬
‫والموطأ وسنن الدارقطنى‪ ً،‬وررتبه على البواب‪ ً،‬وجمع سيرة نبوية مطرولة‪ ً،‬وكان رحمه ال صوفيا‬
‫حسن السمت بشوش الوجه‪ ً،‬كثير التودد للناس‪ .‬توفى سنة ‪ 741‬هـ )إحدى وأربعين وسبعمائة من‬
‫الهجرة( بمدينة حلب‪ ً،‬فرحمه ال رحمة واسعة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫هذا التفسير اختصره مؤلفه من معالم التنزيل للبغوى‪ ً،‬وضم إلى ذلك ما نقله ولسخصه من تفاسير من‬
‫تقردم عليه‪ ً،‬وليس له فيه ‪ -‬كما يقول ‪ -‬سوى النقل والنتخاب‪ ً،‬مع حذف السانيد وتجنب التطويل‬
‫والسهاب‪.‬‬
‫وهو مكثر من رواية التفسير المأثور إلى حد ما‪ ً،‬ممهعرنسى بتقرير الحكام وأدلتها‪ ً،‬مملوء بالخبار‬
‫التاريخية‪ ً،‬والقصص السرائيلى الذى ل يكاد يسلم كثير منه أمام ميزان العلم الصحيح‪ ً،‬والعقل السليم‪ً،‬‬
‫وأرى أن أسوقا هنا ما قاله الخازن نفسه فى مقدمة تفسيره‪ ً،‬مبيينا به طريقته التى سلكها‪ ً،‬ومنهجه الذى‬
‫نهجه فيه‪ ً،‬وفيها رغنى عن كل شئ‪.‬‬
‫قال رحمه ال تعالى‪ :‬ولما كان كتاب معالم التنزيل‪ ً،‬الذى صرنفه الشيخْ الجليل‪ ً،‬والمحهبر النبيل‪ ً،‬المام‬
‫لمة‪ ً،‬وإمام الئمة‪ ً،‬مفتى الفرقا‪ ً،‬ناصر الحديث‪ ً،‬ظهير الدين‪ ً،‬أبو محمد‬ ‫العالم محيى السسرنة‪ ً،‬قدوة ا ي‬
‫الحسين ابن مسعود البغوى ‪ -‬قردس ال روحه‪ ً،‬ونرور ضريحه ‪ -‬رمن أرجرل المصنفات فى علم التفسير‬
‫وأعلها‪ ً،‬وأنبلها وأسناها‪ .‬جامعا للصحيح من القاويل‪ ً،‬عاريا عن اليشبه والتصحيف والتبديل‪ ً،‬محلسى‬
‫بالحاديث النبوية‪ ً،‬مطرزا بالحكام الشرعية‪ ً،‬موشلى بالمقصص الغريبة‪ ً،‬وأخبار الماضين العجيبة‪ً،‬‬
‫يمرصعا بأحسن الشارات‪ ً،‬مخرجا بأوضح العبارات‪ ً،‬يمفرغا فى قالب الجمال بأفصح مقال‪ ً،‬فرحم ال‬
‫تعالى يمصينفه وأجزل ثوابه‪ .‬وجعل الجنة متقلبة ومآبه‪ .‬لما كان هذا كتاب كما وصفيت‪ ً،‬أحببيت أن‬
‫أنتخب من يغمررر فوائده‪ ً،‬ويدمررر فرائده‪ ً،‬وزواهر نصوصه‪ ً،‬وجواهر فصوصه‪ ً،‬مختصرا جامعا لمعانى‬
‫التفسير‪ ً،‬ويلباب التأويل والتعبير‪ ً،‬حاويا لخلصة منقوله‪ ً،‬متضمنا لنكته وأصوله‪ ً،‬مع فوائد نقلتها‪ ً،‬وفرائد‬
‫لرخصتها من كتب التفسير المصرنفة‪ ً،‬فى سائر علومه المؤرلفة‪ ً،‬ولم أجعل لنفسى تصرفا سوى النقل‬
‫والنتخاب‪ ً،‬مجتنبا حد التطويل والسهاب‪ ً،‬وحذفيت منه السناد لنه أقرب إلى تحصيل المراد‪ ً،‬فما‬
‫أورد يت فيه من الحاديث النبوية والخبار المصطفوية‪ ً،‬على تفسير آية أو بيان حكم ‪ -‬فإن الكتاب‬
‫ييطلب بيانه من السسرنة‪ ً،‬وعليها مدار الشرع وأحكام الدين ‪ -‬عزويته إلى مخرجه‪ ً،‬وبرينيت اسم ناقله‪ً،‬‬
‫وجعليت عوضِ كل اسم حرفا ييعرف به‪ ً،‬ليهون على الطالب طلبه‪ .‬فما كان من صحيح أبى عبد ال‬
‫محمد بن إسماعيل البخارى فعلمته قبل ذكر الصحابى الراوى للحديث )خ(‪ .‬وما كان من صحيح أبى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحسين مسلم ابن الحجاج النيسابورى فعلمته )م(‪ .‬وما كان مما اتفقا عليه فعلمته )قا(‪ .‬وما كان من‬
‫كتب السنن‪ ً،‬كسنن أبى داود‪ ً،‬والترمذى‪ ً،‬والنسائى فإنى أذكر اسمه بغير علمة‪ .‬وما لم أجده فى هذه‬
‫الكتب ووجدت البغوى قد أخرجه بسند له انفرد به‪ .‬قلت‪ :‬روى البغوى بسنده‪ ً،‬وما رواه البغوى بإسناد‬
‫الثعلبى قلت‪ :‬روى البغوى بإسناد الثغلبى‪ .‬وما كان فيه من أحاديث زائدة وألفاظ متغيرة فاعتمده‪ ً،‬فإنى‬
‫اجتهدت فى تصحيح ما أخرجته من الكتب المعتبرة عند العلماء كالجمع بين الصحيحين للحميدى‪ً،‬‬
‫وكتاب جامع الصول لبن الثير الجزرى‪ ً،‬ثم إنى عروضيت عن حذف السناد شرح غريب الحديث وما‬
‫يتعلقا به‪ .‬ليكون أكمل فائدة فى هذا الكتاب‪ ً،‬وأسهل على اليطلب‪ ً،‬وسقته بأبلغ ما قدريت عليه من‬
‫اليجاز وحسن الترتيب‪ ً،‬مع التسهيل والتقريب‪ .‬وينبغى لكل مؤلف كتابا فى فن قد يسبقا إليه‪ ً،‬أن ل‬
‫ل‪ .‬أو جمعه إن كان متفرقا‪ .‬أو شرحه إن كان‬ ‫يخلو كتابه من خمس فوائد‪ :‬استنباط شئ إن كان معض ل‬
‫غامضا‪ .‬أو يحهسن نظم وتأليف‪ .‬أو إسقاط حشو وتطويل‪ ً،‬وأرجو أن ل يخلو هذا الكتاب عن هذه‬
‫الخصال التى ذكرت‪ .‬وسرميته‪" :‬يلباب التأويل فى معانى التنزيل"‪.‬‬
‫ثم قردم الخازن لتفسيره بخمسة فصول ‪ -‬الفصل الول‪ :‬فى فصل القرآن وتلوته وتعليمه‪ .‬الفصل‬
‫الثانى‪ :‬فى وعيد ممن قال فى القرآن برأيه من غير علم‪ ً،‬ووعيد من أوتى القرآن فنسيه ولم يتعهده‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬فى جمع القرآن وترتيب نزوله‪ ً،‬وفى كونه نزل على سبعة أحرف‪ .‬الفصل الرابع‪ :‬فى‬
‫كون القرآن نزل على سبعة أحرف وما قيل فى ذلك‪ .‬الفصل الخامس‪ :‬فى معنى التفسير والتأويل‪ .‬ثم‬
‫ابتدأ بعد ذلك فى التفسير‪.‬‬
‫* توسعه فى ذكر السرائيليات‪:‬‬
‫وقد قرأت فى هذا التفسير كثيرا فوجدته يتوسع فى ذكر القصص السرائيلى وكثيرا ما ينقل ما جاء من‬
‫ذلك عن بعضِ التفاسير التى تعنى بهذه الناحية كتفسير الثعلبى وغيره‪ ً،‬وهو فى الغالب ل ييعيقب على ما‬
‫يذكر من القصص السرائيلى‪ ً،‬ول ينظر إليه بعين الناقد البصير‪ ً،‬وإن كان فى بعضِ المواضيع ل‬
‫يترك القصة تمر بدون أن يمبيين لنا ضعفها أو كذبها‪ ً،‬ولكن على ندرة‪.‬‬
‫صرم إرهذ متمسرويروها ٱهلرمهحمرامب‪ُ{.......‬‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة ]ص[‪ } :‬مومههل أممتامك منمبيأ ٱهلمخ ه‬ ‫فمث ل‬
‫اليات إلى قوله تعالى‪} :‬مومظرن مدايوويد أمرنمما مفمترنايه مفٱِهسمتهغمفمر مرربيه مومخرر مراركعا موأممنامب{ُ ]‪ [24 - 21‬نراه يسوقا‬
‫قصصا أشبه ما يكون بالخرافة كقصة الشيطان الذى تمرثل لداود فى صورة حمامة من ذهب فيها من كل‬
‫لون حسن‪ ً،‬وجناحاها من السدر والزبرجد‪ ً،‬فطارت ثم وقعت بين رجليه وألهته عن صلته‪ ً،‬وقصة‬
‫المرأة التى وقع بصره عليها فأعجبه جمالها فاحتال على زوجها حتى يقرتل رجاء أن تسلم له هذه المرأة‬
‫التى يفرتمن بها ويشرغمف بحبها‪ ً،‬وغير ذلك من الروايات العجيبة الغريبة‪ ً،‬ولكنه يأتى بعد كل هذا فيقول‪:‬‬
‫"فصل فى تنزيه داود عليه الصلة والسلم عما ل يليقا به ويينسب إليه" ويمفيند فى هذا الفصل كل ما‬
‫ذكره مما يتنافى مع عصمة نبى ال داود عليه السلم‪.‬‬
‫ولكرنا نرى الخازن يمر بقصص كثيرة ل ييعيقب عليها‪ ً،‬مع أن بعضها غاية فى الغرابة‪ ً،‬وبعضها مما‬
‫يخل بمقام النبروة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة الكهف‪} :‬إرهذ أمموى ٱهلرفهتميية إرملى ٱهلمكههرف{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نراه‬ ‫فمث ل‬
‫يذكر قصة أصحاب الكهف‪ ً،‬وسبب خروجهم إليه عن محمد بن إسحاقا ومحمد بن يسار‪ ً،‬وهى غاية فى‬
‫الطول والغرابة ومع ذلك فهو يذكرها ول يمعيقب عليها بلفظ واحد‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [84 ً، 83‬من سورة النبياء‪} :‬موأمسيومب إرهذ منامدـى مرربيه أميني‬ ‫ومث ل‬
‫ضرر موآمتهيمنايه أمههلميه مورمهثلميههم رممعيههم مرهحمملة‬‫ضسر مومأنمت أمهرمحيم ٱلررارحرميمن * مفٱِهسمتمجهبمنا لميه مفمكمشهفمنا مما ربره رمن ي‬
‫ممرسرنمي ٱل س‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يمهن رعنردمنا مورذهكمرـى رلهلمعاربرديمن{ُ‪ ..‬نراه يروى فى حقا أيوب عليه السلم‪ ً،‬قصة طويلة جدا عن موهب بن‬
‫منربه‪ ً،‬وهى مما ل يكاد يقرها الشرع أو ييصيدقها العقل‪ ً،‬لما فيها من المنافاة لمقام النبروة‪ ً،‬ومع ذلك‪ ً،‬فهو‬
‫يذكر هذه القصة ويمر عليها بدون أن يمعيقب عليها بأية كلمة‪.‬‬
‫**‬
‫* عنايته بالخبار التاريخية‪:‬‬
‫كذلك نلحظ على هذا التفسير أنه يفيضِ فى ذكر الغزوات التى كانت على عهد النبى صلى ال عليه‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [9‬من سورة الحزاب‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن‬ ‫وسلم وأشار إليها القرآن‪ .‬فمث ل‬
‫آممينوها ٱهذيكيروها رنهعمممة ٱلرلره معلمهييكهم إرهذ مجآمءهتيكهم يجينوفد مفمأهرمسهلمنا معلمهيرههم رريحا مويجينودا لرهم متمرهومها مومكامن ٱللريه ربمما‬
‫صيرا{ُ نراه بعد أن يفرغا من التفسير يقول‪" :‬ذكر غزوة الخندقا وهى الحزاب" ثم يذكر وقائع‬ ‫متهعمميلومن مب ر‬
‫الغزوة وما جرى فيها باستفاضة وتوسع‪.‬‬
‫ضيههم موردميامريههم‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [27‬من سورة الحزاب أيضا‪} :‬موأمهومرمثيكهم أمهر م‬ ‫ومث ل‬
‫موأمهمموالميههم موأمهرضا لرهم متمطيئومها مومكامن ٱللريه معلمـى يكيل مشهيهَء مقرديرا{ُ‪ ..‬نراه يستطرد إلى ذكر غزوة بنى قريظة‪ً،‬‬
‫بتوسع ظاهر‪ ً،‬وتفصيل تام‪* * .‬‬
‫* عنايته بالناحية الفقهية‪:‬‬
‫كذلك نجد هذا التفسير يعنى جد العناية بالناحية الفقهية‪ ً،‬فإذا تكرلم عن آية من آيات الحكام‪ ً،‬استطرد إلى‬
‫مذاهب الفقهاء وأدرلتهم‪ ً،‬وأقحم فى التفسير فروعا فقهية كثيرة‪ ً،‬قد ل تهم المفيسر بوصف كونه مفيسرا فى‬
‫قليل ول كثير‪.‬‬
‫ص أمهرمبمعرة‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية )‪ (226‬من سورة البقرة‪} :‬ليرلرذيمن يهؤيلومن رمن ينمسآرئرههم متمرسب ي‬ ‫فمث ل‬
‫أمهشيههَر مفرإهن مفآيءو مفرإرن ٱلرلمه مغيفوفر رررحيفم{ُ نراه بعد أن ينتهى من التفسير يقول‪" :‬فروع تتعلقا بحكم الية" ثم‬
‫يذكر خمسة فروع ‪ -‬الفرع الول‪ :‬فى حكم ما إذا حف أنه ل يقرب زوجته أبدا أو مدة هى أكثر من‬
‫أربعة أشهر‪ ً،‬والثانى‪ :‬فى حكم ما لو حلف إل يطأها أقل من أربعة أشهر‪ ً،‬والثالث‪ :‬فى حكم ما لو حلف‬
‫أل يطأها أربعة أشهر‪ ً،‬والرابع‪ :‬فى مدة اليلء فى حقا الحر والعبد واختلف المذاهب فى ذلك‪ً،‬‬
‫والخامس‪ :‬فيما إذا خرج من اليلء بالوطء‪ ً،‬فهل تجب عليه كرفارة أو ل تجب‪.‬‬
‫صمن ربمأهنيفرسرهرن مث م‬
‫لمثمة‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [228‬من سورة البقرة‪} :‬موٱهليممطلرمقايت ميمتمررب ه‬ ‫ومث ل‬
‫يقيريوهَء{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نراه يعرضِ لمذاهب الحنفية ومذهب الشافعية فيما تنقضى به رعردة الحائضِ‪ ..‬ثم يقول‪:‬‬
‫"فصل فى أحكم الرعردة‪ ً،‬وفيه مسائل" فيذكر أربع مسائل‪ ً،‬يتكلم فى المسألة الولى منها‪ :‬عن رعردة‬
‫الحوامل‪ ً،‬وفى الثانية‪ :‬عن رعردة المتوفى عنها زوجها‪ ً،‬وفى الثالثة‪ :‬عن رعردة المطيلقة المدخول بها‪ ً،‬وفى‬
‫الرابعة‪ :‬عن رعردة الماء‪..‬‬
‫ل يجمنامح‬ ‫ل يرقيمما يحيدومد ٱللرره مف م‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [229‬من سورة البقرة‪} :‬مفرإهن رخهفيتهم أم ر‬ ‫ومث ل‬
‫معلمهيرهمما رفيمما ٱهفمتمدهت ربره{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪" :‬فصل فى حكم اليخهلع‪ ً،‬وفيه مسائل" ويذكر مثلث مسائل؛ً‬
‫المسألة الولى‪ :‬فيما ييباح من أجله اليخهلع‪ ً،‬والثانية‪ :‬فى جواز اليخهلع بأكثر مما أعطاها وعدم جوازه‪ً،‬‬
‫الثالثة‪ :‬فى اختلف العلماء فى اليخهلع هل هو فسخْ أو طلقا؟‬
‫ل فى أحكام الكرفارة‪ ً،‬وما‬ ‫ل عند تفسيره لية المظمهار التى فى أول سورة المجادلة نراه يسوقا فص ل‬ ‫ومث ل‬
‫يتعلقا بالمظمهار‪ ً،‬ويورد فيه ثمانى مسائل ل نطيل بذكرها‪.‬‬
‫**‬
‫* عنايته بالمواعظ‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم إ رن هذا التفسير كثيرا ما يتعرضِ للمواعظ والرقاقا‪ ً،‬ويسوقا أحاديث الترغيب والترهيب‪ ً،‬ولعل نزعه‬
‫ل عند‬ ‫الخازن الصوفية هى التى أرثرت فيه فجعلته يعنى بهذه الناحية ويستطرد إليها عند المناسبات‪ .‬فمث ل‬
‫ضارجرع{ُ‪ ..‬الية؛ً نراه يقول‬‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة السجدة‪} :‬متمتمجامفـى يجينويبيههم معرن ٱهلمم م‬
‫بعد النتهاء من التفسير‪" :‬فصل فى فضل قيام الليل والحث عليه"‪ ..‬ثم يسوقا فى ذلك أحاديث كثيرة عن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم كلها تدور على البخارى ومسلم والترمذى‪ .‬وهكذا نجد هذا التفسير يطرقا‬
‫موضوعات كثيرة فى نواح من العلم مختلفة‪ .‬ولكن يشههرته المقصصية‪ ً،‬ويسهمعه السرائيلية‪ ً،‬أساءت إليه‬
‫كثيرا‪ ً،‬وكادت تصد الناس عن الرجوع إليه والتعديل عليه!!‪ .‬ولعل ال يهيئ لهذا الكتاب ممهن يعلقا عليه‬
‫بتعليقات توضح مغرثيه رمه‪ ً،‬مسرمينه‪ ً،‬وتستخلص صحيحه رمهن سقيمه‪ .‬والكتاب مطبوع فى سبعة أجزاء‬
‫متوسطة الحجم‪ ً،‬وهو متداول بين الناس‪ ً،‬خصوصا ممهن له شغف بالقصص وولوع بالخبار‪.‬‬
‫‪ - 5‬البحر المحيط )لبى حيان(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو أثير الدين‪ ً،‬أبو عبد ال‪ ً،‬محمد بن يوسف بن علسى بن يوسف بن حيان‪ً،‬‬
‫الندلسى‪ ً،‬الغرناطى ‪ ً،‬الحريانى‪ ً،‬الشهير بأبى حريان‪ ً،‬المولود سنة ‪ 654‬هـ )أربع وخسمين وستمائة من‬
‫الهجرة(‪ .‬كان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يميلما بالقراءت صحيحها وشاذها‪ ً،‬قرأ القرآن على الخطيب عبد الحقا بن‬
‫عل سى إفرادها وجمعا‪ ً،‬ثم على الخطيب أبى جعفر ابن الطباع‪ ً،‬ثم على الحافظ أبى علسى بن أبى الحوص‬
‫بمالقة‪ ً،‬وسمع الكثير من العلماء ببلد الندلس وإفريقية‪ ً،‬ثم مقردمم السكندرية فقرأ القراءات على عبد‬
‫النصير بن علسى المريوطى‪ ً،‬وبمصر على أتى طاهر إسماعيل بن عبد ال المليجى‪ ً،‬ولزم بها الشيخْ‬
‫بهاء الدين بن النحاس‪ ً،‬فسمع عليه كثيرا من كتب الدب‪ .‬قال أبو حيان‪" :‬وعدة ممن أخذيت عنه أربعمائة‬
‫وخمسون شخصا‪ ً،‬وأما مم هن أجازتى فكثير جدا‪ ً،‬وقال الصفدى‪" :‬لم أره قط إل يسمع‪ ً،‬أو يشتغل‪ ً،‬أو‬
‫يكتب‪ ً،‬أو ينظر فى كتاب‪ ً،‬ولم أره على غير ذلك"‪.‬‬
‫كذلك يعررف أبو حيان‪ ً،‬بكثرة نظمه للشعار والموشحات‪ ً،‬كما كان على جانب كبير من المعرفة باللغة‪ً،‬‬
‫أما النحو والتصريف فهو المام المطلقا فيهما‪ ً،‬خدم هذا الفن أكثر عمره‪ ً،‬حتى صار ل ييذكر أحد فى‬
‫أقطار الرضِ فيهما غيره‪ ً،‬وبجانب هذا كله كان لبى حيان اليد الطولى فى التفسير‪ ً،‬والحديث‪ ً،‬وتراجم‬
‫الرجال‪ ً،‬ومعرفة طبقاتهم‪ ً،‬خصوصا المغاربة‪.‬‬
‫ولقد أخذ كثير عنه العلم حتى صار من تلمذته أئمة وأشياخ فى حياته‪ ً،‬وهو الذى مجرسر الناس على‬
‫كتب ابن مالك وررغبتهم فيها وشرح لهم غامضها‪ .‬وأما مؤلفاته فكثيرة‪ ً،‬انتشرت فى حياته وبعد وفاته‬
‫فى كثير من أقطار الرضِ وتلقاها الناس بالقبول‪ ً،‬ومن أهمها‪ :‬تفسير البحر المحيط الذى نحن بصدده‬
‫الن‪ ً،‬وغريب القرآن فى مجلد واحد‪ ً،‬وشرح التسهيل‪ ً،‬ونهاية العراب‪ ً،‬وخلصة البيان‪ ً،‬وله منظومة‬
‫على وزن الشاطبية فى القراءات بغير رموز‪ ً،‬وهي أخصر وأكثر فوائد‪ ً،‬ولكنها لم ترزقا من القبول‬
‫حظ الشاطبية‪ ,‬هذا‪ ً،‬وقد قيل‪ :‬إن أبا حيان كان ظاهرى المذهب‪ ً،‬ثم رجع عنه وتبع الشافعى على مذهبه‪ً،‬‬
‫وكان عريا من الفسلفة‪ ً،‬بريئا من العتزال والتجسيم‪ ً،‬متمسكا بطريقة السلف‪ .‬أما وفاته فكانت بمصر‬
‫سنة ‪ 745‬هـ )خمس وأربعين وسبعمائة من الهجرة(‪ ً،‬فرحمه ال ورضى عنه‪.‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يقع هذا التفسير فى ثمان مجلدات كبار‪ ً،‬وهو مطبوع ومتداول بين أهل العلم‪ .‬ومعتبر عندهم المرجع‬
‫الول والهم لمن يريد أن يقف على وجوه العراب اللفاظ القرآن الكريم‪ ً،‬إذ أن الناحية النحوية هى‬
‫أبرز ما فيه من البحوث التى تدور حول آيات الكتاب العزيز‪ ً،‬والمؤلف إذ يتكلم عن هذه الناحية‪ ً،‬فهو‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ابن بجدتها‪ ً،‬وفارس حلبتها‪ ً،‬غير أنه ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬قد أكثر من مسائل النحو فى كتابه‪ ً،‬مع توسعه‬
‫فى مسائل الخلف بين النحويين‪ ً،‬حتى أصبح الكتاب أقرب ما يكون إلى كتب النحو منه إلى كتب‬
‫التفسير‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن أبا حيان وإن غلبت عليه الصناعة النحوية فى تفسيره إل أنه مع ذلك لم يهمل ما عداها من‬
‫النواحى التى لها اتصال بالتفسير‪ ً،‬فنراه يتكلم على المعانى اللغوية للمفردات‪ ً،‬ويذكر أسباب النزول‪ً،‬‬
‫والناسخْ والمنسوخ‪ ً،‬والقراءات الواردة مع توجيهها‪ ً،‬كما أنه ل يغفل الناحية البلغية فى القرآن‪ ً،‬ول‬
‫يهمل الحكام الفقهية عندما يمر بآيات الحكام‪ ً،‬مع ذكره لما جاء عن السلف ومن تقدمه من الخلف فى‬
‫ذلك‪ ً،‬كل هذا على طريقة وضعها لنفسه‪ ً،‬ومشى عليها فى كتابه‪ ً،‬ونبهنا عليها فلى مقدمته‪ ً،‬وذلك حيث‬
‫يقول‪" :‬وترتيبى فى هذا الكتاب‪ ً،‬أنى أبتدئ أولل بالكلم على مفردات الية التى أفسرها لفظة لفظة‪ ً،‬فيما‬
‫يحتاج إليه من اللغة والحكام النحوية التى لتلك اللفظة قبل التركيب‪ ً،‬وإذا كان للكلمة معنيان أو معان‬
‫ذكريت ذلك فى أول موضع فيه تلك الكلمة‪ ً،‬ليينظر ما يناسب لها من تلك المعانى فى كل موضع تقع فيه‬
‫فيحمل عليه‪ ً،‬ثم أشرع فى تفسير الية ذاكرا سبب نزولها إذا كان لها سبب‪ ً،‬ونسخها‪ ً،‬ومناسبتها‪ً،‬‬
‫ل‬‫وارتباطها بما قبلها‪ ً،‬حاشدا فيها القراءات‪ ً،‬شاذها ومستعملها‪ .‬ذاكرا توجيه ذلك فى علم العربية‪ ً،‬ناق ل‬
‫أقاويل المسملف والخملف فى فهم معانيها‪ ً،‬متكلما على جليها وخفيها‪ ً،‬بحيث أنى ل أغادر منها كلمة وإن‬
‫اشتهرت حتى أتكلم عليها‪ ً،‬مبديا ما فيها من غوامضِ العراب‪ ً،‬ودقائقا الداب‪ ً،‬من بديع وبيان‪ ً،‬مجتهدا‬
‫أنى ل أكرر الكلم فى لفظ سبقا‪ ً،‬ول فى جملة تقردم الكلم عليها‪ ً،‬ول فى آية يفيسرت‪ ً،‬بل أذكر فى كثير‬
‫منها الحوالة على الموضع الذى يتكيلم فيه على تلك اللفظة أو الجملة أو الية‪ ً،‬وإن عرضِ تكرير فبمزيد‬
‫ل‬‫ل أقاويل الفقهاء الربعة وغيرهم فى الحكام الشرعية مما فيه تعلقا باللفظ القرآنى‪ ً،‬يمحي ل‬ ‫فائدة‪ ً،‬ناق ل‬
‫على الدلئل التى فى كتب الفقه‪ ً،‬وكذلك ما نذكره من القواعد النحوية أحيل فى تقريرها والستدلل‬
‫عليها على كتب النحو‪ ً،‬وربما أذكر الدليل إذا كان الحكم غريبا أو خلف مشهور ما قال معظم الناس‪ً،‬‬
‫بادئا بمقتضى الدليل وما مدرل عليه ظاهر اللفظ مريجحا له لذلك‪ ً،‬ما لم يصد عن الظاهر ما يجب إخراجه‬
‫به عنه متنكبا فى العراب عن الوجوه التى تنسزه القرآن عنها‪ ً،‬مبيينا أنها مما يجب أن ييعدل عنه وأنه‬
‫ينبغى أن ييحمل على أحسن إعراب وأحسن تركيب‪ ً،‬إذ كلم ال تعالى أفصح الكلم‪ ً،‬فل يجوز فيه‬
‫جميع ما ييج يوزه النحاة فى شعر الشماخ والطرماح وغيرهما من سلوك التقادير البعيدة‪ ً،‬والتراكيب‬
‫القلقة‪ ً،‬والمجازات المعرقدة‪ ً،‬ثم أختتم فى جملة من اليات التى فسريتها إفرادا وتركيبا بما ذكروا فيها من‬
‫علم البيان والبديع ملخصا‪ ً،‬ثم أتبع آخر اليات بكلم منثور‪ ً،‬أشرح به مضمون تلك اليات على ما‬
‫اأختاره من تلك المعانى‪ ً،‬ملخصا جملها أحسن تلخيص‪ ً،‬وقد ينجر معها ذكر معان لم تتقدم فى التفسير‪ً،‬‬
‫وصار ذلك أنموذجا لمن يريد أن يسلك ذلك فيما بقى من سائر القرآن‪ ً،‬وستقف على هذا المنهج الذى‬
‫سلكته إن شاء ال تعالى‪ ً،‬وربما ألممت بشئ من كلم الصوفية بما فيه بعضِ مناسبة لمدلول اللفظ‪ً،‬‬
‫وتجنبت كثيرا من أقاويلهم ومعانيهم التى ييحيملونا اللفاظ وتركيت أقوال الملحدين الباطنية‪ ً،‬المخرجين‬
‫اللفاظ العربية عن مدلولتها فى اللغة‪ ً،‬إلى هذيان افتروه على ال‪ ً،‬وعلى علرى كررم ال تعالى وجهه‪ً،‬‬
‫وعلى يذيريته‪ ً،‬ويسمونه علم التأويل‪."..‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن أبا حيان ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ -‬ينقل فى تفسيره كثيرا من تفسير الزمخشرى‪ ً،‬وتفسير ابن‬
‫عطية‪ ً،‬خصوصا ما كان من مسائل النحو ووجوه العراب‪ ً،‬كما أنه يتعقبهما كثيرا بالرد والتفنيد لما‬
‫قاله فى مسائل النحو على الخصوص‪ ً،‬ولكثرة هذا التعقيب منه على كلم الزمخشرى وابن عطية تجد‬
‫تلميهذ تاج الدين أحمد بن عبد القادر )بن أحمد( بن مكتوم المتوفى سنة ‪ 749‬هـ )تسع وأربعين‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وسبعمائة من الهجرة( يختصر هذا التفسير فى كتاب سرماه‪:‬‬
‫"السد‬
‫ر‬
‫س‬
‫اللقيط من البحر المحيط" يكاد يقتصر فيه على مباحثه مع ابن عطية والزمخشرى ورده عليها وهذا‬
‫المختصر يتوجد منه نسخة مخطوطة بمكتبة الزهر‪ ً،‬كما أنه مطبوع على هامش البحر المحيط‪.‬‬
‫كذلك نجد الشيخْ يحيى الشاوى المغربى يفرد مؤلفا عنوانه‪" :‬بين أبى حيان والزمخشرى" يجمع فيه‬
‫اعتراضات أبى حيان على الزمخشرى وهو مخطوط فى مجلد كبير بالمكتبة الزهرية‪.‬‬
‫وكثيرا ما يحمل أبو حيان على الزمخشرى حملت ساخرة قاسية من أجل آرائه العتزالية )جـ ‪ 2‬ص‬
‫‪ 276‬ص ‪ ً،(85‬ومع ذلك نجده يشيد با للزمخشرى من مهارة فائقة فى تجلية بلغة القرآن وقوة بيانه‪.‬‬
‫حيث يصفه بأنه أوتى من علم القرآن أوفر حظ‪ ً،‬وجمع بين اختراع المعنى وبراعة اللفظ )جـ ص‬
‫‪.(85‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن أبا حيان يعتمد فى أكثر نقول كتابه هذا ‪ -‬كما يقول ‪" : -‬على كتاب التحرير والتحبير‬
‫لقوال أئمة التفسير‪ ً،‬من جمع شيخه الصالح‪ ً،‬القدوة‪ ً،‬الديب‪ ً،‬جمال الدين أبى عبد ال‪ ً،‬محمد بن‬
‫صينف فى‬ ‫سليمان بن حسن ابن حسين المقدسى‪ ً،‬المعروف بابن النقيب‪ ً،‬رحمه ال‪ .‬إذ هو أكبر كتاب ي‬
‫علم التفسير‪ ً،‬يبلغ فى العدد مائة رسهفهَر أو يكاد"‪.‬‬
‫ونهاية القول‪ ً،‬فإن أبا حيان قد غلبت عليه فى تفسيره الناحية التى برز فيها وبرع فيها وهى الناحية‬
‫النحوية التى طغت على ما عداها من نواحى التفسير‪.‬‬
‫‪ - 6‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان )للنيسابورى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫لمة الخطير‪ ً،‬نظام الدين ابن الحسن بن محمد بن الحسين‪ً،‬‬ ‫مؤيلف هذا التفسير‪ ً،‬هو المام الشهير‪ ً،‬والع ر‬
‫الخراسانى‪ ً،‬النيسابورى‪ ً،‬المعروف بالنظام العرج‪ .‬أصله وموطن أهله وعشيرته مدينة "يقم"‪ ً،‬وكان‬
‫منشؤه وموطنه بديار نيسابور‪ .‬كان رحمه ال من أساطين بنيسابور‪ ً،‬يميلما بالعلوم العقلية‪ ً،‬جامعا لفنون‬
‫اللغة العربية‪ ً،‬له القدم الرساخ فى صناعة النشاء‪ ً،‬والمعرفة الوافرة بعلم التأويل والتفسير وهو معدود‬
‫فى رعداد كبار الحرفاظ والمقرئين‪ ً،‬وكان مع هذه الشهرة العلمية الواسعة على جانب كبير من الورع‬
‫والتقوى‪ ً،‬وعلى مبلغ عظيم من الزهد والتصرف‪ ً،‬ويظهر أثر ذلك واضحا جليا فى تفسيره الذى أودع‬
‫فيه موادجيده الروحية‪ ً،‬وفيوضاته الربانية‪ ً،‬ولقد مخرلف رحمه ال للناس كتبا مفيدة نافعة‪ ً،‬ومصرنفات‬
‫فريدة واسعة‪ ً،‬فمن ذلك شرحه على متن الشافية فى فن الصرف للمام ابن الحاجب‪ ً،‬وهو معروف‬
‫بشرح النظام‪ ً،‬وشرحه على تذكرة الخواجة نصير الرمرلة والدين الطوسى فى علم الهيأة‪ ً،‬وهو المسمى‬
‫بتوضيح التذكرة‪ ً،‬ورسائل فى علم الحساب‪ ً،‬وكتاب فى أوقات القرآن على حذو ما كتبه السجاوندى‬
‫المشهور‪ ً،‬وأهم مصرنفاته تفسيره لكتاب ال تعالى المعروف بـ "غرائب القرآن ورغائب الفرقان"‪ ً،‬وهو‬
‫ما نحن بصدده الن‪ ً،‬وله مجلد آخر فى لب التأويل نظير تأويلت المولى عبد الرزاقا القاشانى‪.‬‬
‫أما تاريخْ وفاته‪ ً،‬فلم نعثر عليه فى الكتب التى بين أيدينا‪ ً،‬وكل ما عثرنا عليه هو قول صاحب روضات‬
‫الجرنات‪" :‬إنه كان من علماء رأس المائة التاسعة‪ ً،‬على قرب من درجة السيد الشريف‪ ً،‬والمولى جلل‬
‫الدين الدوانى‪ ً،‬وابن حجر العسقلنى‪ ً،‬وقرنائهم الكثيرين من علماء الجمهور‪ ً،‬وتاريخْ إنهاء مجلدات‬
‫تفسيره المذكور‪ ً،‬صادفت حدود ما بعد الثمانمائة والخمسين من الهجرة" قال‪" :‬ويوجد أيضا بالبال نسبة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التشيع إليه فى بعضِ مصنفات الصحاب"‪.‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫اختصر النيسابورى تفسيره هذا من التفسير الكبير للفخر الرازى‪ ً،‬وضم إلى ذلك بعضِ ما جاء فى‬
‫الكشاف وغيره من التفاسير‪ ً،‬وما فتح ال به عليه من الفهم لحكم كتابه‪ ً،‬وضرمنه ما ثبت لديه من تفاسير‬
‫لرمة من الصحابة والتابعين‪.‬‬ ‫مسملف هذه ا ي‬
‫* موقفه من الزمخشرى والفخر الرازى‪:‬‬
‫وهو إذ يختصر كلم الفخر الرازى‪ ً،‬أو يقتبس من تفسير الكشاف أو غيره‪ ً،‬ل يقف عند النص وقوف‬
‫مم هن يجمد عند النصوص ويرى أنها ضربة لزب عليه فل يعترضِ ول يتصرف‪ ً،‬بل نجده حرا فى‬
‫تفكيره‪ ً،‬متصرفا فيما يختصر أو يقتبس‪ ً،‬فإن وجد فسادا منربه عليه وأصلحه‪ ً،‬وإن رأى نقصا تداركه‬
‫فأتمه وأكمله‪.‬‬
‫وكثيرا ما نجده ينقل عن الكشاف فيقول‪ :‬قال فى الكشاف كذا وكذا‪ ً،‬أو قال جار ال كذا وكذا‪ ً،‬وقد ينقل‬
‫ما ذكره صاحب الكشاف وما اعترضِ به عليه الفخر الرازى ثم ينصب نفسه محمكما بين المامين‪ً،‬‬
‫ويبدى رأيه على حسب ما يظهر له‪.‬‬
‫ضـيتيه ميهوم‬
‫ضِ مجرميعـا مقهب م‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من سورة الزمر‪} :‬موٱ م‬
‫لهر ي‬ ‫فمث ل‬
‫ٱهلرقميا ممرة{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬قال جار ال‪ :‬الغرضِ من هذا الكلم ‪ -‬إذا أخذته كما هو بجملته ‪ -‬تصوير‬
‫عظمته‪ ً،‬والتوقيف على كنه جلله‪ ً،‬من غير ذهاب بالقبضة واليمين إلى جهة حقيقة أو إلى جهة مجاز‪ً،‬‬
‫ل من أهل الكتاب جاء إلى النبى صلى ال عليه‬ ‫وكذلك حكم ما ييروى عن عبد ال بن مسعود‪ :‬أن رج ل‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا أبا القاسم؛ً إن ال يمسك السموات يوم القيامة على إصبع‪ ً،‬والرضِ على إصبع‪ ً،‬والجبال‬
‫على إصبع‪ ً،‬والشجر على إصبع‪ ً،‬والثرى على إصبع‪ ً،‬وسائر الخلقا على إصبع‪ ً،‬ثم يهزهن فيقول‪ :‬أنا‬
‫الملك‪ .‬فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم تعجبا مما قال‪ ً،‬وأنزل ال الية تصديقا له‪ .‬قال جار ال‪:‬‬
‫وإنما ضحك أفصح العرب وتعجب لنه لم يفهم منه إل ما يفهمه علماء البيان من غير تصور إمساك‪ً،‬‬
‫ول إصبع‪ ً،‬ول هز‪ ً،‬ول شئ من ذلك‪ ً،‬ولكن فهمه وقع أول شئ وآخره على اليزهبدة والخلصة‪ ً،‬التى‬
‫هى الدللة على القدرة الباهرة‪ .‬وأن الفعال العظام التى ل تكتنهها الوهام هيينة عليه‪ ..‬ثم ذكر كلما‬
‫ل‪ ً،‬واعترضِ عليه المام فخر الدين الرازى‪ :‬بأن هذا الكلم الطويل ل طائل تحته‪ ً،‬لنه هل‬ ‫آخر طوي ل‬
‫يسلم أن الصل فى الكلم حمله على حقيقته أم ل؟ وعلى الثانى يلزم خروج القرآن بكليته عن كونه‬
‫يح رجة‪ ً،‬فإن الكل أحد حينئذ أن يؤول الية بما يشاء‪ ً،‬وعلى الول ‪ -‬وهو الذى عليه الجمهور ‪ -‬يلزم‬
‫بيان أنه ل يمكن حمل اللفظ الفلنى على معناه الحقيقى لتعين المصير إلى التأويل‪ ً،‬ثم إن كان هناك‬
‫مجازان وجب إقامة الدليل على تعيين أحدهما‪ ً،‬ففى هذه الصورة ل شك أن لفظ القبضة واليمين مشعر‬
‫بهذه الجوارح‪ ً،‬إل أن الدلئل العقلية قامت على امتناع العضاء والجوارح ل تعالى‪ ً،‬فوجب المصير‬
‫إلى التأويل صونا للنص عن التعطيل‪ ً،‬ول تأويل إل أن ييقال‪ :‬المراد كونها تحت تدبيره وتسخيره‪ ً،‬كما‬
‫يقال‪ :‬فلن فى قبضة فلن‪ .‬وقال تعالى‪} :‬مومما ممملمكهت أمهيمماينيههم{ُ ويقال‪ :‬هذه الدار فى يد فلن ويمينه‪ً،‬‬
‫وفلن صاحب اليد‪.‬‬
‫وأنا أقول‪ :‬هذا الذى ذكره المام طريقا أصولى‪ ً،‬والذى ذكره جار ال طريقا بيانى‪ .‬وإنهم يحيلون كثيرا‬
‫من المسائل إلى الذوقا فل منافاة بينها‪ ً،‬ول يرد اعتراضِ المام تشنيعه‪ ً،‬وقد مرر لنا فى هذا الكتاب‬
‫الصل الذى كان يعمل به المسملف فى باب المتشابهات فى مواضع‪ ً،‬فتذكر"‪.‬‬
‫* منهجه فى التفسير‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم إننا نجد المام النيسابورى‪ ً،‬قد سلك فى تفسيره مسلكا قد يكون منفردا به من بين المفيسرين‪ ً،‬ذلك أنه‬
‫يذكر اليات القرآنية أولل‪ ً،‬ثم يذكر القراءات‪ ً،‬مع التزامه أل يذكر ما كان منها منسوبا إلى الئمة‬
‫العشرة‪ ً،‬وإضافة كل قراءة إلى صاحبها الذى يتنسب إليه‪ ً،‬ثم بعد ذلك يذكر الوقوف مع التعليل لكل‬
‫وقف منها‪ ً،‬ثم بعد ذلك يشرع فى التفسير‪ ً،‬مبتدئا بذكر المناسبة وربط اللحقا بالسابقا مع عناية كبيرة‬
‫بذلك سرت إليه من التفسير الكبير للفخرالرازى‪ ً،‬ث مبعد ذلك يبين معانى اليات بأسلوب بديع‪ ً،‬يشتمل‬
‫على إبراز المقدرات‪ ً،‬وإظهار المضمرات‪ ً،‬وتأويل المتشابهات‪ ً،‬وتصريح الكنايات‪ ً،‬وتحقيقا المجاز‬
‫والستعارات‪ ً،‬وتفصيل المذاهب الفقهية‪ ً،‬مع توجيه أدلة كل مذهب وما يحرملت عليه الية القرآنية‪ً،‬‬
‫لتكون مؤيدة لمذهب من المذاهب‪ ً،‬أو غير متعارضة معه ول منافية له‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [38‬من سورة المائدة‪} :‬موٱلرسارريقا موٱلرساررمقية مفٱِهقمطيعيوها أمهيردمييهمما{ُ‬‫فمث ل‬
‫نجده يقول‪" :‬واعلم أن الكلم فى السرقة‪ ً،‬يتعلقا بأطراف المسروقا‪ ً،‬ونفس السرقة‪ ً،‬والسارقا"‪ ..‬ثم‬
‫يمضى فيتكلم عن هذه النواحى الثلث من الناحية الفقهية‪ ً،‬بتفصيل واسع وتوجيه للدلة‪.‬‬
‫**‬
‫* خوضه فى المسائل الكلمية‪:‬‬
‫كذلك نجده يخوضِ فى المسائل الكلمية‪ ً،‬فيذكر مذهب أهل السسرنة ومذهب غيرهم‪ ً،‬مع ذكره لدلة كل‬
‫مذهب‪ ً،‬وانتصاره لمذهب أهل السسرنة وتأييده له‪ ً،‬ورسد ما يرد عليه من جانب المخالفين‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [25‬من سورة النعام‪} :‬مورمهنيههم رمن ميهسمترميع إرلمهيمك مومجمعهلمنا معلمـى‬ ‫فمث ل‬
‫يقيلوربرههم أمركرنلة مأن ميهفمقيهويه مورفيي آمذارنرههم موهقرا{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬تحده يقول‪" :‬وفى الية دللة على أن ال تعالى هو‬
‫الذى يصرف عن اليمان‪ ً،‬ويحول بين المرء وبين قلبه‪ ً،‬وقالت المعتزلة‪ :‬ل يمكن إجراؤها على‬
‫ظاهرها‪ ً،‬وإل كان يحرجة للكفار‪ ً،‬ولنه يكون تكليفا للعاجز‪ ً،‬ولم يتوجه ذمهم فى قولهم‪} :‬مومقايلوها يقيلويبمنا‬
‫يغهل فف{ُ‪ ً،‬فل بد من التأويل‪ .‬وذلك من وجوه‪ ..‬ثم ساقا خمسة أوجه للمعتزلة‪ ً،‬وبعد أن فرغا منها تعقبها‬
‫بالرد عليها‪ ً،‬تفنيدا لمذهب المعتزلة‪ ً،‬وتصحيحا لمذهب أهل السسرنة‪.‬‬
‫**‬
‫*خوضه فى المسائل الكونية والفلسفية‪:‬‬
‫كذلك إذا مسر النيسابورى على آية من اليات الكونية فإنه ل يمر عليها بدون أن يخوضِ بأسرار الكون‬
‫وكلم الطبيعيين والفلسفة‪.‬‬
‫لرهرلرة{ُ نراه يذكر سبب‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [189‬من سورة البقرة‪} :‬ميهسمأيلومنمك معرن ٱ م‬‫فمث ل‬
‫نزول الية‪ ً،‬ثم يبين الحكمة التى أرادها ال من وراء جوابه لهم على غير مقصودهم‪ ً،‬وهنا يتعرضِ‬
‫للسبب الذى من أجله يبدو الهلل دقيقا ثم يزيد شيئا فشيئا حتى يصير بدرا‪ ً،‬ثم يأخذ فى النقصان إلى أن‬
‫يعود كما بدأ‪.‬‬
‫لنيفمس رحيمن رمهورتـمها{ُ‪..‬‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [42‬من سورة الزمر‪} :‬ٱللريه ميمتمورفى ٱ م‬‫ومث ل‬
‫الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪" :‬وقال حكماء السلم‪ :‬النفس النسانية جوهر مشرقا نورانى‪ ً،‬إذا تعلقا بالبدن‬
‫حصل ضوءه فى جميع العضاء ظاهرها وباطنها‪ ً،‬وهو الحياة واليقظة‪ ً،‬وأما فى وقت النوم فإن ضوء‬
‫ل يقع إل على باطن البدن وينقطع عن ظاهره‪ ً،‬فتبقى نفس الحياة التى بها النفس وعمل القوى البدنية‬
‫فى الباطن ويفنى ما به التمييز والعقل‪ ً،‬وإذا انقطع هذا الضوء بالكلية عن البدن فهو الموت"‪.‬‬
‫وهذا المسلك الذى سلكه النيسابورى فى الكونيات والراء الفلسفية‪ .‬ليس هو فى الواقع إل صدى لما‬
‫جاء فى تفسير الفخر الرازى الذى لرخص منه تفسيره‪ .‬وإن كان النيسابورى ليس بوقا للرازى فى كل ما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يقول بل كثيرا ما يستدرك عليه ول يرتضى قوله‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [2 ً، 1‬من سورة النفطار‪} :‬إرمذا ٱلرسممآيء ٱنمفمطمرهت * موإرمذا‬ ‫فمث ل‬
‫ٱهلمكمواركيب ٱنمتمثمرهت{ُ يقول ما نصه‪" :‬وفيه ‪ -‬يعنى فى قوله تعالى }إرمذا ٱلرسممآيء ٱنمفمطمرهت{ُ‪ ً،‬وكذا فى قوله‪:‬‬
‫}موإرمذا ٱهلمكمواركيب ٱنمتمثمرهت{ُ ‪ -‬إبطال قول من زعم أن الفلكيات ل تنخرقا‪ ً،‬أما الدليل المعقول الذى ذكره‬
‫المام فخر الدين الرازى فى تفسيره‪ ً،‬وهو أن الجسام متماثلة فى الجسمية‪ .‬فيصح على كل واحد منهما‬
‫ما يصح على الباقى‪ ً،‬لكن السفليات يصح عليها النخراقا‪ ً،‬فيصح على العلويات أيضا‪ ً،‬فغير مفيد ول‬
‫مقنع‪ ً،‬لن الخصم لو سرلم الصحة فله أن ينازع فى الوقوع لمانع‪ ً،‬كالصورة الفلكية وغيرها"‪.‬‬
‫**‬
‫* النزعة الصوفية فى تفيسر النيسابورى‪:‬‬
‫ثم إن النيسابورى بعد أن يفرغا من تفسير الية عن التأويل‪ ً،‬والتأويل الذى يتكلم عنه هو عبارة عن‬
‫التفسيرات الشارية لليات القرآنية التى يفتح ال بها على عقول أهل الحقيقة من المتصيوفة‪ً،‬‬
‫والنيسابورى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان صوفيا كبيرا‪ ً،‬أفاضِ من روحه الصوفية الصافية على تفسيره‪ ً،‬فنراه‬
‫لذلك يستطرد أثناء التفسير إلى كثير من المواعظ والمبكيات‪ .‬والحكم والغاليات‪ ً،‬كما نراه فى تأويله‬
‫الشارى يمثل الفلسفة التصوفية بأعلى أنواعها‪.‬‬
‫**‬
‫* ليس فى تفسير النيسابورى ما يدل على تشيعه‪:‬‬
‫وعلى كثرة ما قرأت فى هذا التفسير لم أقع على نص منه يدل على تشيع مؤلفه‪ ً،‬وكل ما وقعت عليه‪ً،‬‬
‫أنه قال فى خاتمة تفسيره )جـ ‪ 30‬ص ‪" :(228‬وإنى أرجو فضل ال العظيم‪ ً،‬وأتوسل إليه بوجهه‬
‫الكريم‪ ً،‬ثم بنبيه القرشى البطحى ووليه المعظم العلى‪ ..‬إلخْ" وهذه الجملة الخيرة‪" :‬ووليه المعظم‬
‫ل قاطعا على تشيعه‪ ً،‬بل نجد‬ ‫العلى" وإن كانت اعترافا منه بولية علسى رضى ال عنه‪ ً،‬ليست دلي ل‬
‫النيسابورى على العكس من ذلك يعترف فى نفس خاتمة تفسيره )جـ ‪ 30‬ص ‪ (224‬بأنه لم يمل فى‬
‫تفسيره إل إلى مذهب أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬وإذا رجعت إلى تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪[55 ً،54‬‬
‫من سورة المائدة‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها ممن ميهرمترد رمنيكهم معن رديرنره مفمسهومف ميهأرتي ٱللريه ربمقهوهَم يرحسبيههم مويرحسبومنيه{ُ‪ ..‬إلخْ‬
‫)جـ ‪ 6‬ص ‪ 196‬وما بعدها( لوجدته يرد على الشيعة استدللهم بهاتين اليتين على ولية علسى رضى‬
‫ال عنه وأنه الخليفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وإن كان ما ذكره تلخيصا لما قال الفخر‬
‫الرازى فى تفسيره‪.‬‬
‫وهنا ‪ -‬وبعد ما ذكرت ‪ -‬أرى لزاما علرى أن أذكر كلم النيسابورى الذى أوضح فيه مسلكه فى تفسيره‬
‫ومنهجه الذى نهجه فيه‪ ً،‬فإن صاحب البيت أعرف به وأدرى بما فيه‪.‬‬
‫قال رحمه ال فى مقدمة تفسيره ما نصه‪," :‬إذا ورفقنى ال تعالى لتحريك القلم فى أكثر الفنون المنقولة‬
‫والمعقولة ‪ -‬كما اشتهر بحمد ال تعالى ومنه فيما بين أهل الزمان ‪ -‬وكان علم التفسير من العلوم‬
‫بمنزلة النسان من العين والعين من النسان‪ ً،‬وكان دقا رزقنى ال تعالى من إربان الصبا وعنفوان‬
‫الشباب‪ ً،‬حفظ لفظ القرآن وفهم معنى الفرقان‪ ً،‬وطالما طالبنى بعضِ أرجلريه الخوان‪ ً،‬وأرعرزة الخدان ممن‬
‫كنت مشارا إليه عندهم بالبنان فى البيان ‪ -‬وال المرنان يجازيهم عن حسن ظنونهم‪ ً،‬ويوفقنا لسعاف‬
‫ل على المهمات‪ ً،‬منبئا عما وقع إلينا‬ ‫سؤلهم‪ ً،‬وإنجاح مطلوبهم ‪ -‬أن أجمع كتابا فى علم التفسير‪ ً،‬مشتم ل‬
‫من نقل الثبات‪ ً،‬وأقوال الثقات من الصحابة والتابعين‪ ً،‬ثم من العلماء الراسخين‪ ً،‬والفضلء المحققين‪ً،‬‬
‫المتقدمين والمتأخرين ‪ -‬جعل ال تعالى سعيهم مشكورا‪ ً،‬وعملهم مبرورا ‪ -‬فاستعنيت بالمعبود‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وشرع يت فى المقصود‪ ً،‬معترفا بالعجز والقصور فى هذا الفن‪ ً،‬وفى سائر الفنون ل كمن هو بانبه‬
‫ل‪ ً،‬وكفى بال‬ ‫ل{ُ وممن أصدقا من ال قي ل‬ ‫مفتون‪ ً،‬كيف وقد قال معرز رمهن قائل‪} :‬موممآ يأورتييتم يممن ٱهلرعهلم إر ر‬
‫ل مقرلي ل‬
‫ر‬
‫ل‬
‫وليا‪ ً،‬وكفى بال وكيل‪.‬‬
‫ولما كان التفسير الكبير المنسوب إلى المام الفضل‪ ً،‬والهمام المثل‪ ً،‬والمحهبر الرنهحرير‪ ً،‬والبحر الغزير‪ً،‬‬
‫الجامع بين المعقول والمنقول‪ ً،‬الفائز بالفروع والصول‪ ً،‬أفضل المتأخرين‪ ً،‬فخر الرمرلة والحقا والدين‪ً،‬‬
‫محمد بن عمر ابن الحسين الخطيب الرازى‪ ً،‬تغرمده ال برضوانه وأسكنه بحبوبة جنانه‪ ً،‬اسمه مطابقا‬
‫لمسماه وفيه من اللطائف والبحوث ما ل ييحصى‪ ً،‬ومن الزوائد والفتوى ما ل ييخفى‪ ً،‬فإنه قد بذل‬
‫مجهوده‪ ً،‬ونثل موجوده‪ ً،‬حتى معرسمر كتبه على الطالبين‪ ً،‬وهأرعموز تحصيله على الراغبين‪ ً،‬فحاذييت سياقا‬
‫مرامه‪ ً،‬وأورديت حاصل كلمه‪ ً،‬وقرربيت مسالك أقدامه‪ ً،‬والتقطيت عقود نظامه‪ ً،‬من غير إخلل بشئ من‬
‫الفوائد‪ .‬وإهمال لما يمعد من اللطائف والفرائد‪ ً،‬وضمميت إليه ما وجديت فى الكشاف وفى سائر التفاسير‬
‫من اللطائف المهمات‪ ً،‬أو رزقنى ال تعالى من البضاعة المزجاة‪ ً،‬وأثبت القراءات المعتبرات والوقوف‬
‫المعللت‪ ً،‬ثم التفسير المشتمل على المباحث اللفظيات‪ ً،‬والمعنويات مع إصلح ما يجب إصلحه وإتمام‬
‫ما ينبغى إتمامه من المسائل الموردة فى التفسير الكبير والعتراضات‪ ً،‬ومع كل ما ييوجد فى الكشاف‬
‫من المواضع المعضلت‪ ً،‬سوى البيات المعقدات‪ ً،‬فإن ذلك يوردها ممهن ظن أن تصحيح القراءات‬
‫ل فإن القرآن يحرجة على غيره وليس غيره يحرجة‬ ‫وغرائب القرآن‪ ً،‬إنما يكون بالمثال والمستشهدات‪ ً،‬ك ر‬
‫عليه‪ ً،‬فل علينا أن نقتصر فى غرائب القرآن على تفسيرها باللفاظ المشتهرات‪ ً،‬وعلى إيراد بعضِ‬
‫المتجانسات التى نعرف منها أصول الشتقاقات‪ ً،‬وذكريت طرفا من الشارات المقتنعات‪ ً،‬والتأويلت‬
‫الممكنات‪ ً،‬والحكايات المبكيات‪ ً،‬والمواعظ الرادعة عن المنهبات‪ ً،‬الباعثة على أداء الواجبات‪ ً،‬والتزميت‬
‫إيراد لفظ القرآن الكريم أولل‪ ً،‬مع ترجمته على وجه بديع‪ ً،‬وطريقا منيع‪ ً،‬يشتمل على إبراز المقدرات‪ً،‬‬
‫وإظهار المضمرات‪ ً،‬وتأويل المتشابهات‪ ً،‬وتصريح الكنايات‪ ً،‬وتحقيقا المجازات والستعارات‪ ً،‬فإن هذا‬
‫النوع من الترجمة مما يتسكب فيه العبرات‪ ً،‬وترن المترحمون هنالك إلى العثرات‪ ً،‬وقرلما يفطن له‬
‫ل عن الدخيل الزحيل القاصر فى العلوم الدبية‪ ً،‬واجتهديت‬ ‫الناشئ الواقف على متن اللغة العربية‪ ً،‬فض ل‬
‫كل الجتهاد‪ ً،‬فى تسهيل سبيل الرشاد‪ ً،‬ووضعت الجميع على طرف التمام‪ ً،‬ليكون الكتاب كالبدر التمام‪ً،‬‬
‫وكالشمس فى إفادة الخاص والعام‪ ً،‬من غير تطويل ييورث الملم‪ ً،‬ول تقصير ييوعر مسالك السالك‬
‫ويبدد نظام الكلم‪ ً،‬فخير الكلم ما مقرل ومدرل‪" :‬وحسبك من الزاد ما بلغك المحل"‪.‬‬
‫وقال فى آخر تفسيره ما نصه‪" :‬وقد تضمن كتابى هذا حاصل التفسير الكبير‪ ً،‬الجامع لكثر التفاسير‪ً،‬‬
‫ويجرل كتاب الكشاف الذى يررزقا له القبول من أساتذة الطراف والكتاف‪ ً،‬واحتوى على ذلك على النكت‬
‫المستحسنة الغريبة‪ ً،‬والتأويلت المحكمة العجيبة‪ ً،‬مما لم يوجد فى سائر تفاسير الصحاب‪ ً،‬أو يورجمدت‬
‫متفرقة السباب‪ ً،‬أو مجموعة طويلة الذيول والذناب‪.‬‬
‫أما الحاديث‪ ً،‬فإما من الكتب المشهورة‪ ً،‬كجامع الصول‪ ً،‬والمصابيح وغيرها‪ ً،‬وإما من كتاب الكشاف‬
‫والتفسير الكبير ونحوهما‪ ً،‬إل الحاديث الموردة فى الكشاف فى فضائل السور‪ ً،‬فإرنا قد أسقطناها لن‬
‫النقد مزريفها إل ما مشرذ منها‪.‬‬
‫وأما الوقوف فللمام السجاوندى‪ ً،‬مع اختصار لبعضِ تعليلت‪ ً،‬وإثبات لليات لتوقفها على التوقيف‪.‬‬
‫وأما أسباب النزول‪ ً،‬فمن كتاب جامع الصول‪ ً،‬والتفسيرين‪ ً،‬أو من تفسير الواحدى‪.‬‬
‫وأما اللغة‪ ً،‬فمن صحاح الجوهرى‪ ً،‬ومن التفسيرين كما ينقل‪.‬‬
‫وأما المعانى والبيان وسائر المسائل الدبية‪ ً،‬فمن التفسيرين‪ ً،‬والمفتاح‪ ً،‬وسائر الكتب العربية‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأما الحكام الشرعية‪ ً،‬فمنهما‪ ً،‬ومن الكتب المعتبرة فى الفقه‪ ً،‬ول سيما شرح الوجيز للمام الرافعى‪.‬‬
‫وأما التأويل‪ ً،‬فأكثرها للشيخْ المحققا‪ ً،‬المتقى المتقن نجم الرمرلة والدين المعروف بـ "داية" يقردس نفسه‬
‫وير يوح رمسه‪ ً،‬وطرف منها مما دار بخلدى‪ ً،‬وسمحت به ذات يدى غير جازم بأنه المراد من الية‪ ً،‬بل‬
‫خائف من أن يكون ذلك جرأة منى وخصوصا فيما ل يعنينى‪ ً،‬وإنما شجعنى على ذلك سائر الئمة‬
‫الذين اشتهروا بالذوقا والوجدان‪ ً،‬وجمعوا بين العرفان واليمان‪ ً،‬والتقان فى معنى القرآن‪ ً،‬الذى هو‬
‫باب واسع‪ ً،‬يطمع فى تصنيفه كل طامع‪ ً،‬فإن أصبيت فبها‪ ً،‬وإن أخطأيت فعلى المام ما سها‪ ً،‬والعذر‬
‫مقبول عند أهل الكرم والنهى‪ ً،‬وال المستعان لنا ولهم فى مظان الخلل والزلل‪ ً،‬وعلى رحمته التكلن‬
‫فى محال الخطأ والخطل‪ ً،‬فعلى المرء أن يبذل وسعه لدراك الحقا‪ ً،‬ثم ال معين لرادة الصواب‪ً،‬‬
‫ومعين للهام الصدقا‪.‬‬
‫وكذا الكلم فى بيان الرباطات والمناسبات بين السور واليات‪ ً،‬وفى أنواع التكريرات وأصناف‬
‫المشتبهات‪ ً،‬فإن للخواطر والظنون فيها مجالل‪ ً،‬وللناس الكياس فى استنباط الوجوه والنسب هناك‬
‫ل"‪.‬‬‫مقا ل‬
‫ثم مضى فقال‪" :‬وإنى لم أمل فى هذا الملء إل إلى مذهب أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬فبرينت أصولهم‪ً،‬‬
‫ووجوه استدللتهم بها‪ ً،‬وما ورد عليها من العتراضات‪ ً،‬والجوبة عنها‪.‬‬
‫وأما فى الفروع‪ ً،‬فذكريت استدلل كل طائفة بالية على مذهبه‪ ً،‬من غير تعصب ومراء وجدال وهراء"‪.‬‬
‫ثم مضى فقال‪" :‬ولقد يويفقيت لتمام هذا الكتاب فى مدة خلفة علسى رضى ال عنه‪ ,‬وكنا ينمقيدر إتمامه فى‬
‫مدة خلفة الخلفاء الراشدين وهى ثلثون سنة‪ ً،‬ولو لم يكن ما اتفقا فى أثناء التفسير من وجود السفار‬
‫الشاسعة‪ ً،‬وعدم السفار النافعة‪ ً،‬ومن غموم ل ييعد عديدها‪ ً،‬وهموم ل يينامدى وليدها ‪ -‬لكان يمكن إتمامه‬
‫لمة"‪.‬‬ ‫فى مدة خلفة أبى بكر‪ ً،‬كما وقع لجار ال الع ر‬
‫هذا‪ ..‬وقد منروه صاحب روضات الجرنات بمكانة هذا التفسير فقال‪" :‬وتفسيره ‪ -‬يريد النيسابورى ‪ -‬من‬
‫أحسن شروح كتاب ال المجيد‪ ً،‬وأجمعها للفوائد اللفظية والمعنوية‪ ً،‬وأحوزها للفوائد القشرية والسلبية‪ً،‬‬
‫وهو قريب من تفسير مجمع البيان كرما وكيفا‪ ً،‬ورسممة وترتيبا‪ ً،‬بزيادة أحكام الوقاف فى أوائل تفسير‬
‫الى‪ ً،‬ومراتب التأويل فى آخره‪ ً،‬والشارة إلى جملة من دقائقا نكات العربية فى البيين"‪.‬‬
‫والكتاب مطبوع على هامش تفسير ابن جرير الطبرى ومتدامول بين أهل العلم‪ - 7 .‬تفسير الجللين لـ‬
‫)جلل الدين المحرلى( و )جلل الدين السيوطى(‬
‫* التعريف بمؤلفى هذا التفسير‪:‬‬
‫أرلف هذا التفسير المامان الجليلن‪ ً،‬جل الدين المحرلى‪ ً،‬وجلل الدين السيوطى‪ ً،‬أما جلل الدين‬
‫السيوطى‪ ً،‬فقد سبقا التعريف به عند الكلم عن تفسيره المسمى بالسدير المنثور‪.‬‬
‫وأما جلل الدين المحرلى‪ ً،‬فهو جلل الدين‪ ً،‬محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحرلى الشافعى‪ً،‬‬
‫لمة‪ .‬قال فى حسن المحاضرة‪" :‬ولد بمصر سنة ‪ 791‬هـ )إحدى وتسعين‬ ‫تفتازانى العرب‪ ً،‬المام الع ر‬
‫وسعبمائه(‪ ً،‬واشتغل وبرع فى النفون فقها‪ ً،‬وكلما‪ ً،‬ويأصولل‪ ً،‬ونحوا‪ ً،‬ومنطقا‪ ً،‬وغيرها‪ .‬وأخذ من البدر‬
‫لمة‬ ‫محمود القصرانى‪ ً،‬والبرهان البيجورى‪ ً،‬والشمس البساطى‪ ً،‬والعلء البخارى‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬وكان ع ر‬
‫آية فى الذكاء والفهم‪ ً،‬حتى كان بعضِ أهل عصره يقول فيه‪ :‬إن ذهنه يثقب الماس‪ ً،‬وكان يقول عن‬
‫نفسه‪ :‬إن فهمه ل يقبل الخطأ‪ ً،‬ولم يك يقدر على الحفظ"‪.‬‬
‫وكان يغررة عصره فى سلوك طريقا المسملف‪ ً،‬على مبلغ عظيم من الصلح والورع‪ ً،‬آمرا بالمعروف‪ً،‬‬
‫ناهيا عن المنكر‪ ً،‬ل تأخذه فى الحقا لومه لئم‪ ً،‬فكان يواجه بالحقا أكابر المظملمة واليحركام‪ ً،‬وكانوا يأتوا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إليه فل يلتفت إليهم‪ ً،‬ول يأذن لهم فى الدخول عليه‪ ً،‬وكان حديد الطبع ل يراعى أحدا فى القول‪ ً،‬وقد‬
‫يع ررضِ عليه القضاء الكبر فلم يقبله‪ ً،‬وولى تدريس الفقه بالمؤيدية والبرقوقية‪ ً،‬وسمع من جماعة‪ ً،‬وكان‬
‫مع هذا متقشفا فى معيشته يتكسب بالتجارة‪ ً،‬وقد أرلف كتبا كثيرة يتمشد إليها الررمحال‪ ً،‬وهى غاية فى‬
‫الختصار‪ ً،‬والتحرير والتنقيح‪ ً،‬وسلمة العبارة وحسن المزج والحل‪ ً،‬وقد أقبل الناس على مؤلفاته‬
‫وتلقوها بالقبول‪ ً،‬وتداولوها فى دراساتهم‪ ً،‬فمن مؤلفاته‪ :‬شرح جمع الجوامع فى الصول‪ ً،‬وشرح‬
‫المنهاج فى فقه الشافعية‪ ً،‬وشرح الورقات فى الصول‪ ً،‬ومنها هذا التفسير الذى نحن بصدده‪.‬‬
‫توفى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فى أول يوم من سنة ‪ 864‬هـ )أربع وستين وثمانمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفيه فيه‪:‬‬
‫اشترك فى هذا التفسير ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬المامان الجليلن‪ ً،‬جلل الدين المحرلى‪ ً،‬وجلل الدين السيوطى‪.‬‬
‫أما جلل الدين المحرلى‪ ً،‬فقد ابتدأ تفسيره من أول سورة الكهف إلى آخر سورة الناس‪ ً،‬ثم ابتدأ بتفسير‬
‫الفاتحة‪ ً،‬وبعد أن أتمها اخترمته المنية فلم ييفيسر ما بعدها‪ .‬وأما جلل الدين السيوطى ‪ -‬فقد جاء بعد‬
‫الجلل المحرلى فكرمل تفسيره‪ ً،‬فابتدأ بتفسير سورة البقرة‪ ً،‬وانتهى عند آخر سورة السراء‪ ً،‬ووضع‬
‫تفسير الفاتحة فى آخر تفسير الجلل المحرلى لتكون ملحقة به‪.‬‬
‫هذا هو الواقع‪ .‬ول أظن صاحب كشف الظنون مصيبا حيث يقول عند الكلم على تفسير الجللين ما‬
‫لمة جلل الدين محمد بن أحمد المحسلى‬ ‫نصه‪" :‬تفسير الجللين من أوله إلى آخر سورة السراء للع ر‬
‫الشافعى المتوفى سنة ‪864‬هـ )أربع وستين وثمانمائة(‪ ً،‬ولما مات كسمله الشيخْ المتبحر جلل الدين عبد‬
‫الرحمن بن أبى بكر السيوطى المتوفى سنة ‪ 911‬هـ )إحدى عشرة وتسعمائة(‪ ..‬وحيث يقول بعد ذلك‬
‫بقليل‪" :‬وكأن المحرلى لم ييفيسر الفاتحة‪ ً،‬وفرسرها السيوطى تفسيرا مناسبا"‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬ل أظن صاحب كشف الظنون مصيبا فى ذلك‪ ً،‬لن السيوطى ‪ -‬فى مقدمة هذا التفسير وقبل‬
‫الكلم على سورة البقرة ‪ -‬يقول بعد الديباجة ما نصه‪" :‬هذا ما اشتدت إليه حاجة الراغبين فى تكملة‬
‫تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬الذى أمرلفه المام المحققا‪ ً،‬جلل الدين‪ ً،‬محمد بن أحمد‪ ً،‬المحرلى الشافعى رحمه ال‪ً،‬‬
‫وتتميم ما فاته وهو ‪ -‬يريد ما فات الجلل المحرلى وقام هو بتفسيره ‪ -‬من أول سورة البقرة إلى آخر‬
‫سورة السراء"‪.‬‬
‫ويقول فى آخر سورة السراء ما نصه‪" :‬قال مؤلفه‪ :‬هذا آخر ما كرمليت به تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬الذى‬
‫لمة المحققا‪ ً،‬جلل الدين المحرلى الشافعى رضى ال عنه"‪.‬‬ ‫أرلفه الشيخْ المام‪ ً،‬العارلم الع ر‬
‫هذا هو ناحية تعيين المقهدر الذى فرسره كل منهما‪ .‬وأما من الناحية الخرى وهى ادعاء صاحب كشف‬
‫الظنون أن المحرلى لم ييفيسر الفاتحة‪ ً،‬وإنما الذى فرسرها هو السيوطى‪ ً،‬فهى أيضا دعوى يظهر لنا أنها‬
‫غير صحيحة وذلك لما يقوله الشيخْ سليمان الجمل فى مقدمة حاشيته على هذا التفسير )جـ ‪ 1‬ص ‪:(7‬‬
‫"وأما الفاتحة ففرسرها المحرلى‪ ً،‬فجعلها السيوطى فى آخر تفسير المحرلى لتكون منضمة لتفسيره‪ ً،‬وابتدأ‬
‫هو من أول سورة البقرة"‪.‬‬
‫ولقوله فى الحاشية نفسها )جـ ‪ 4‬ص ‪ (626‬عند نهاية ما كتبه على تفسير سورة الفاتحة‪" :‬إنه ‪ -‬أى‬
‫الجلل المحرلى ‪ -‬كان قد شرع فى تفسير النصف الول‪ ً،‬وأنه ابتدأ بالفاتحة‪ ً،‬وأنه اخترمته المنية بعد‬
‫الفراغا وقبل الشروع فى البقرة وما بعدها"‪ .‬هذا‪ ..‬وقد قال صاحب كشف الظنون بعد ما نقلناه عنه آنفا‬
‫بقليل‪" :‬ولم يتكلم الشيخان على البسملة‪ ً،‬فتكرلم عليها بأقل مما ينبغى من الكلم بعضِ العلماء من زبيد‬
‫وكتب ذلك حاشية بالهامش‪ ً،‬وهذا صحيح‪ ً،‬فإن الجلل المحرلى لم يتكلم عن تفسير البسملة مطلقا فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الجزء الذى ف رسره‪ ً،‬ل فى أول سورة الكهف‪ ً،‬ول فى أول فاتحة الكتاب‪ ً،‬كذلك الجلل السيوطى‪ ً،‬لم‬
‫يتكرلم عن تفسيرها مطلقا فى الجزء الذى فرسره‪.‬‬
‫وبعد هذا ‪ ..‬فالجلل المحرلى‪ ً،‬فرسر الجزء الذى فرسره بعبارة موجزة محررة‪ ً،‬فى غاية الحسن ونهاية‬
‫الدقة‪ .‬والجلل السيوطى تابعة على ذلك ولم يتوسع؛ً لنه التزم بأن يتم الكتاب على النمط الذى جرى‬
‫عليه الجلل المحرلى‪ ً،‬كما أوضح هو ذلك فى مقدمته‪ ً،‬وذكر فى خاتمة سورة السراء أنه أرلف الجزء‬
‫الذى أرلفه فى قدر ميعاد الكليم‪ ً،‬وهو أربعون يوما‪ ً،‬كما ذكر فى هذا الموضوع نفسه‪ :‬أنه استفاد فى‬
‫تفسيره من تفسير الجلل المحرلى‪ ً،‬وأنه اعتمد عليه فى الى المتشابهة‪ ً،‬كما أنه اعترف ‪ -‬جازما ‪ -‬بأن‬
‫الذى وضعه الجلل المحرلى فى قطعته أحسن مما وضعه هو بطبقات كثيرة"‪.‬‬
‫وعلى الجملة‪ ..‬فالسيوطى قد نهج فى تفسيره منهج المحرلى "من ذكر ما يفهم من كلم ال تعالى‪ً،‬‬
‫والعتماد على أرجح القوال‪ ً،‬وإعراب ما يحتاج إليه‪ ً،‬والتنبيه على القراءات المختلفة المشهورة‪ ً،‬على‬
‫وجه لطيف‪ ً،‬وتعبير وجيز‪ ً،‬وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية‪ ً،‬وأعاريب محلها كتب العربية"‪.‬‬
‫ول شك أن الذى يقرأ تفسير الجللين‪ ً،‬ل يكاد يلمس فرقا واضحا بين طريقة الشخيين فيما فرسراه‪ ً،‬ول‬
‫يكاد يحس بمخالفة بينهما فى ناحية من نواحى التفسير المختلفة‪ ً،‬الرلهم إل فى مواضع قليلة ل تبلغ‬
‫العشرة كما قيل‪.‬‬
‫فمن هذه المواضع أن المحرلى فى سورة )ص( فرسمر "الروح"‪ :‬بأنها جسم لطيف يحيا به السنان بنفوذه‬
‫فيه‪ .‬والسيوطى تابعه على هذا التفسير فى سورة الرحهجر ثم ضرب عليه لقوله تعالى فى الية ]‪ [85‬من‬
‫ل{ُ فهى‬ ‫سورة السراء‪} :‬موميهسمأيلومنمك معرن ٱلسروح يقرل ٱلسرويح رمهن أمهمرر مريبي موممآ يأورتييتم يممن ٱهلرعهلم إر ر‬
‫ل مقرلي ل‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫صريحة أو كالصريحة فى أن الروح من علم ال تعالى‪ ً،‬فالمساك عن تعريفها أولى‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن المحرلى قال فى سورة الحج‪" :‬الصابئون‪ :‬فرقة من اليهود"‪ ً،‬والسيوطى فى سورة البقرة تابعة‬
‫على ذلك وزاد عليه‪" :‬أو النصارى" بيانا منه لقول ثان‪ ...‬وهكذا تلمح الخلف بين الشيخين قليل نادرا‪.‬‬
‫ثم إن هذا التفسير‪ ً،‬غاية فى الختصار واليجاز‪ ً،‬حتى لقد ذكر صاحب كشف الظنون عن بعضِ علماء‬
‫اليمن أنه قال‪" :‬عدديت حروف القرآن وتفسيره للجللين فوجدتهما متساويين إلى سورة المزمل‪ .‬ومن‬
‫سورة المدثر التفسير زائد على القرآن‪ ً،‬فعلى هذا يجوز حمله بغير الوضوء"‪.‬‬
‫ومع هذا الختصار‪ ً،‬فالكتاب مقيفم فى بابه‪ ً،‬وهو من أعظم التفاسير انتشارا‪ ً،‬وأكثرها تداولل ونفعا‪ ً،‬وقد‬
‫يطربع مرارا كثيرة‪ ً،‬وظفر بكثير من تعاليقا العلماء وحواشيهم عليه‪ ً،‬ومن أهم هذه الحواشى‪ :‬حاشية‬
‫الجمل‪ ً،‬وحاشية الصاوى‪ ً،‬وهما متداولتان بين أهل العلم‪.‬‬
‫وذكر صاحب كشف الظنون‪ :‬أن عليه حاشية لشمس الدين محمد ابن العلقمى سرماها‪ :‬قبس النيرين‪ ً،‬فرغا‬
‫من تأليفها سنة ‪ 952‬هـ )اثنين وخمسين وتسعمائة(‪ ً،‬وحاشية مسماة بالجمالين‪ ً،‬لمولنا الفاضل نور‬
‫الدين على بن سلطان محمد القارى نزيل مكة المكرمة‪ ً،‬والمتوفى بها عام ‪ 1010‬هـ )عشر وألف(‪ً،‬‬
‫وشرح لجلل الدين محمد بن محمد الكرخى‪ ً،‬وهو كبير فى مجلدات سماه مجمع البحرين ومطلع‬
‫البدرين‪ ً،‬وله حاشية صغرى"‪ ..‬ولكن شيئا مما ذكره صاحب كشف الظنون لم يقع تحت أيدينا‪ ً،‬ولم‬
‫نظفر بالطلع عليه‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 8‬السراج المنير‪ ..‬فى العانة على معرفة بعضِ معانى كلم ربنا الحكيم الخبير ‪ -‬للخطيب‬
‫الشربينى‪.‬‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمة شمس الدين‪ ً،‬محمد بن محمد الشربينى‪ ً،‬القاهرة الشافعى‬ ‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو المام الع ر‬
‫الخطيب‪ .‬تلقى العلم عن كثير من مشايخْ عصره؛ً فمنهم الشيخْ أحمد البرلسى‪ ً،‬والنور المحرلى‪ ً،‬والبدر‬
‫ل للفتوى والتدريس أجازوه بها‬ ‫المشهدى‪ ً،‬والشهاب الرملى‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬ولما أنس منه أشياخه ورأوه أه ل‬
‫فدررس وأفتى فى حياتهم‪ ً،‬وانتفع به خلئقا ل يحصون‪.‬‬
‫ولقد كان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬على جانب عظيم من الصلح والورع‪ ً،‬وقد أجمع أهل مصر على ذلك‪ً،‬‬
‫ووصفوه بالعلم والعمل‪ ً،‬والزهد والورع‪ ً،‬وكثرة التنسك والعبادة‪ .‬وكان من عادته أن يعتكف من أول‬
‫رمضان فل يخرج من الجامع إل بعد صلة العيد‪ ً،‬وكان إذا حج ل يركب إل بعد تعب شديد‪ ً،‬وكان‬
‫يؤثر الخمول ول يكترث بأشغال الدنيا‪ .‬وعلى الجملة‪ ً،‬فقد كان آية من آيات ال تعالى‪ ً،‬ويحرجة من‬
‫يحمججه على خلقه‪ .‬توفى فى عصر يوم الخميس ثانى شعبان سنة ‪977‬هـ )سبع وسبعين وتسعمائة من‬
‫الهجرة(‪ .‬ومن أهم مؤلفاته‪ :‬شرحه لكتاب المنهاج وكتاب التنبيه‪ ً،‬وهما شرحان عظيمان‪ ً،‬جمع فيهما‬
‫تحريرات أشياخه بعد القاضى زكريا‪ ً،‬وأقبل الناس على قراءتهما وكتابتهما إلى حياته‪ ً،‬وتفسيره لكتاب‬
‫ال تعالى‪ ً،‬وهو الذى نحن بصدده الن‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه‪:‬‬
‫ذكر مؤلف هذا الكتاب فى مقدمتهك أن أئمة المسملف أرلفوا فى التفسير كتبا‪ ً،‬كل على قدر فهمه ومبلغ‬
‫علمه‪ ً،‬وأنه خطر له أن يقتفى أثرهم‪ ً،‬ويسلك طريقهم‪ ً،‬ولكنه تردد فى ذلك مدة من الزمن‪ ً،‬مخافة أن‬
‫يدخل تحت الوعيد الوارد فى حقا ممهن فرسر القرآن برأيه أو بغير علم‪ ً،‬ثم ذكر أنه استخار ال تعالى فى‬
‫حضرته‪ ً،‬بعد أن صرلى ركعتين فى روضته‪ ً،‬وسأله أن يشرح صدره لذلك وييسره له‪ ً،‬فشرح ال له‬
‫صدره‪ ً،‬ولما رجع من سفره‪ ً،‬كتم ذلك فى سره‪ ً،‬حتى قال له شخص من أصحابه‪ :‬إنه رأى فى المنام أن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم أو الشافعى يقول‪ :‬قل لفلن يعمل تفسيرا على القرآن‪ .‬وذكر المؤلف أنه لم‬
‫يمضِ عليه إل القليل حتى قرر فى وظيفة مشيخه تفسير البيمارستان‪ ً،‬وذكر أن جماعة من أصحابه‬
‫ممن لم شغف بالعلم‪ ً،‬طلبوا منه بعد فراغه من شرح منهاج الطالبين‪ ً،‬أن يجعل لهم تفسيرا وسيطا بين‬
‫ل وصية الرسول صلى ال عليه وسلم فيهم‪ً،‬‬ ‫الطويل الممل والقصير المخل‪ ً،‬فأجابهم إلى ذلك‪ ً،‬متمث ل‬
‫حيث قال فيما يرويه عنه أبو سعيد الخدرى رضى ال عنه‪" :‬إن رجالل يأتونكم من أقطار الرضِ‬
‫يتفقهون فى الدين‪ ً،‬فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا" ومقتديا بالماضين من المسملف‪ ً،‬فى تدوين العلم إبقالء‬
‫على الخلف‪ ً،‬وذكر أنه ليس على ما فعلوه مزيد‪ ً،‬ولكن ل بد فى كل زمان من تجديد ما طال به العهد‪ً،‬‬
‫وقصر للطالبين فيه الجد والجهد‪ ً،‬تنبيها للمتوقفين‪ ً،‬وتحريضا للمتثبطين‪ ً،‬وليكون ذلك عونا له‬
‫وللقاصرين أمثاله ‪ -‬كما يقول‪.‬‬
‫وذكر أنه اقتصر فيه على أرجح القوال‪ ً،‬وإعراب ما يحتاج إليه عند السؤال‪ ً،‬وترك التطويل بذكر‬
‫أقوال غير مرضية‪ ً،‬وأعاريب محلها كتب العربية‪ ً،‬وذكر أن ما يذكره فيه من القراءات فهو من السبع‬
‫المشهورات‪ .‬قال‪ :‬وقد أذكر بعضِ أقوال وأعاريب لقوة مدراكها‪ ً،‬أو لورودها ولكن بصيغة‪" :‬قيل"‪ً،‬‬
‫ليعلم أن المرضى أولها‪ ً،‬وسميته‪" :‬السراج المنير فى العانة على معرفة معانى كلم ربنا الحكيم‬
‫الخبير"‪ ..‬ثم قال‪ :‬وقد تلقيت التفسير ‪ -‬بحمد ال ‪ -‬من تفاسير متعددة رواية‪ ً،‬عن أئمة ظهرت وبهرت‬
‫مفاخرهم واشتهرت وانتشرت مآثرهم"‪.‬‬
‫وقالفى خاتمة الكتاب‪" :‬فدونك تفسيرا كأنه سبيكة عسجد‪ ً،‬أو در منضد‪ ً،‬جمع من التفاسير معظمها‪ ً،‬ومن‬
‫القراءات متواترها‪ ً،‬ومن القاويل أظهرها‪ ً،‬ومن الحاديث صحيحها وحسنها‪ ً،‬محررا لدلئل فى هذا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الفن‪ ً،‬مظهرا لدقائقا استعملنا الفكر فيها إذا الليل جن"‪ ..‬إلخْ‪.‬‬
‫وقد قرأيت فى هذا التفسير فوجدته تفسيرا سهل المأخذ‪ ً،‬ممتع العبارة‪ .‬ليس بالطويل الممل ول بالقصير‬
‫المخل‪ ً،‬نقل فيه صاحبه بعضِ تفسيرات مأثورة عن المسملف‪ ً،‬كما أنه يذكر أحيانا أقوال من سبقه من‬
‫المفيسرين كالزمخشرى‪ ً،‬والبيضاوى‪ ً،‬والبغوى‪ ً،‬وقد يسويجه ما يذكره من هذه القوال ويرتضيها‪ ً،‬وقد‬
‫يناقشها ويرد عليها‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من القراءات والعاريب والحديث‪:‬‬
‫وقد ورفى فيه صاحبه بما وعد علم يذكر من القراءت إل ما تواتر منها‪ ً،‬ولم ييقحم نفسه فيما ل يعنى‬
‫المفيسر من ذكر العاريب التى ل متيمست إلى التفسير بسبب‪ .‬كما أنه مورفى بما التزمه من أنه ل يذكر فيه‬
‫إل حديثا صحيحا أو حسنا‪ ً،‬ولهذا نراه يتعقب الزمخشرى والبيضاوى فميا ذكراه من الحاديث‬
‫الموضوعة فى فضائل القرآن سورة سورة‪ ً،‬كما يمنيبه على الحاديث الضعيفة إن روى شيئا منها فى‬
‫تفسيره‪.‬‬
‫ل فى آخر سورة آل عمران يقول ما نصه‪" :‬روى الطبرى لكن بإسناد ضعيف‪" :‬ممن قرأ السورة التى‬ ‫فمث ل‬
‫ييذكر فيه آل عمران يوم الجمعة صرلى ال عليه وملئكته حتى يتحجب الشمس"‪ ..‬أى تغيب‪ ً،‬وما رواه‬
‫البيضاوى تبعا للزمخشرى وتبعهما ابن عادل من أنه ‪ -‬صرلى ال عليه وسلم ‪ -‬قال‪" :‬ممهن قرأ سورة آل‬
‫عمران أيهعمطى بكل آية منها أمانا على جسر جهنم"‪ ً،‬فهو من الحاديث الموضوعة على أيمبيى بن كعب‬
‫فى فضائل السور‪ ً،‬فلييتنبه لذلك وييحذر منه‪ ً،‬وقد نربه أئمة الحديث قديما وحديثا على ذلك‪ ً،‬وعابوا ممن‬
‫أورده من المفيسرين فى تفاسيرهم‪ ً،‬وال أعلم"‪.‬‬
‫وفى آخر سورة العراف يقول ما نصه‪" :‬والحديث الذى ذكره البيضاوى تبعا للزمخشرى وهو‪" :‬ممهن‬
‫قرأ سورة العراف جعل ال يوم القيامة بينه وبين إبليس سدا‪ ً،‬وكان آدم شفيعا له يوم القيامة"‪ ..‬حديث‬
‫موضوع"‪.‬‬
‫وفى آخر سورة الجاثية يقول ما نصه‪" :‬وما رواه البيضاوى تبعا للزمخشرى من أنه ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬قال‪" :‬ممهن قرأ سورة حم الجاثية‪ ً،‬ستر ال عورته‪ ً،‬وس ركن روعته يوم الحساب"‪ ..‬حديث‬
‫موضوع"‪.‬‬
‫**‬
‫* اهتمامه بالنكت التفسيرية ومشكلت القرآن‪:‬‬
‫ومما نلحظه فى هذا التفسير‪ ً،‬أنه يورد بعضِ النكت التفسيرية‪ ً،‬وبعضِ الشكالت والجابة عنها‪ ً،‬تارة‬
‫بقوله‪ :‬تنبيه‪ ً،‬وتارة بقوله‪ :‬فإن قيل كذا يأجيب بكذا‪* * .‬‬
‫* عنايته بالمناسبات بين اليات‪:‬‬
‫كما أنه شديد العناية بذكر المناسبات بين آيات القرآن‪ ً،‬عظيم الهتمام بتقرير الدلة وتوجيهها‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من المسائل الفقهية‪:‬‬
‫ل فى‬ ‫كما أننا نلحظ عليه أنه يستطرد إلى ذكر الحكام الفقهية‪ .‬ومذاهب العلماء وأدلتهم‪ ً،‬وإن كان مق ل‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [225‬من‬ ‫هذه الناحية‪ ً،‬فل يتوسع ول يكثر من ذكر الفروع‪ .‬فمث ل‬
‫ل ييمؤارخيذيكيم ٱللريه ربٱِرللهغرو رفيي أمهيممارنيكهم مولمــركن ييمؤارخيذيكم ربمما مكمسمبهت يقيلويبيكهم موٱللريه مغيفوفر محرليفم{ُ‬
‫سورة البقرة‪ } :‬ر‬
‫نراه يعرضِ لبعضِ أقوال العلماء فى معنى اليمين الرلغو‪ ً،‬ثم بعد الفراغا من تفسير الية يقول‪" :‬تنبيه" ثم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يذكر ما ينعقد به اليمين‪ ً،‬وما يترتب على الحنث فى اليمين المنعقدة‪ ً،‬وهل تجب الكرفارة بالرحنث فى‬
‫اليمين المغموس أو ل تجب؟ فيذكر عن الشافعية أنهم يقولون بوجوبها‪ ً،‬وعن بعضِ العلماء أنه ل كرفارة‬
‫فيها كأكثر الكبائر‪ ً،‬ويعرضِ لحكم الحلف بغير ال كالكعبة والنبى والب غير ذلك‪.‬‬
‫ليقا ممررمتارن مفرإهممسافك ربممهعيروهَف أمهو‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [229‬من سورة البقرة‪} :‬ٱلرط م‬ ‫ومث ل‬
‫متهسرريفح ربرإهحمسا هَن{ُ يقول بعد الفراغا فى التفسير‪" :‬تنبيه‪ :‬اختلف العلماء فيما إذا كان أحلد الزوجين رقيقا‪ً،‬‬
‫فذهب الكثر ‪ -‬ومنهم الشافعى رضى ال عنه ‪ -‬إلى أنه يعتبر عدد الطلقا بالزوج‪ ً،‬فالحر يملك على‬
‫زوجته الممة ثلث تطليقات‪ ً،‬والعبد ل يملك على زوجته اليحررة إل طلقتين‪ .‬وذهب القل ‪ -‬ومنهم أبو‬
‫حنيفة رضى ال عنه ‪ -‬إلى أن العتبار بالمرأة فى عدد الطلقا كالرعردة‪ ً،‬فيملك العبد على زوجته اليحررة‬
‫ثلث طلقات‪ ً،‬ول يملك الحر على زوجته الممة إل طلقتين"‪.‬‬
‫**‬
‫* خوضه فى السرائيليات‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬ولم يخل تفسير الخطيب‪ ً،‬من ذكر بعضِ المقصص السرائيلى الغريب‪ ً،‬وذلك بدون أن يتعقبه‬
‫بالتصحيح أو التضعيف‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة النمل‪} :‬موموررمث يسملهيمماين مدايوومد مومقامل ـيمأسيمها ٱلرنايس‬ ‫فمث ل‬
‫ل عن كعب فيه‪ :‬أنه صاح ورمشان عند سليمان عليه‬ ‫يعليهممنا ممنرطمقا ٱلرطهيرر{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يروى خبرا طوي ل‬
‫السلم فقال‪ :‬أتدرون ما يقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬إنه يقول‪ :‬لدوا للموت وابنوا للخراب‪ .‬وصاحت فاختة‬
‫فقال‪ :‬أتدرون ما تقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ ً،‬قال‪ :‬فإنها تقول‪ :‬ليت ذا الخلقا لم يهخملقوا‪ .‬وصاح طاووس فقال‪:‬‬
‫أتدرون ما يقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فإنه يقول‪ :‬كما تدين يتمدان‪ ...‬إلى آخر ما ذكره من صيحات حيوانات‬
‫متعددة‪ ً،‬ومعانى هذه الصيحات‪ ً،‬ثم يروى ما يشبه هذا عن مكحول‪ ً،‬وعن فرقد السنجى كما يروى بعد‬
‫ذلك أن جماعة من اليهود سألوا عن معانى ما تقوله بعضِ الطيور‪ ً،‬وما كان من جواب ابن عباس عن‬
‫ذلك‪ ً،‬وهو شبيه بما تقردم أيضا‪ ً،‬ومع كون القصة فى نهاية الغرابة واليبهعد فإن الخطيب يمر عليها ممسر‬
‫الكرام‪ ً،‬ول يمعيقب عليها بكلمة واحدة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النمل أيضا‪} :‬موإريني يمهررسلمفة إرلمهيرههم ربمهردريهَة مفمنارظمرفة‬ ‫ومث ل‬
‫ربم ميهررجيع ٱهليمهرمسيلومن{ُ نراه يقص لنا عن وهب بن مرنبه وغيره قصة غريبة فيها بيان نوع هدية بلقيس‬
‫لسليمان‪ ً،‬وما كان اختبارها له‪ .‬وما كان من سليمان عليه السلم من إجابته على ما اختبرته به‪ً،‬‬
‫وإظهاره لعظمة يمهلكه وقوة سلطانه‪ ً،‬مما يبعث الدهشة ويثير العجب‪ ً،‬ومع ذلك ل يمعيقب على ما رواه‬
‫بكلمة واحدة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [123‬من سورة الصافات‪} :‬موإررن إرهلميامس ملرممن ٱهليمهرمسرليمن{ُ‪ ..‬نراه‬ ‫ومث ل‬
‫يقول‪" :‬تنبيه أذكر فيه شيئا من قصته عليه السلم"‪ ..‬ثم يروى لنا قصة طويلة وعجيبة عن علماء السير‬
‫والخبار‪ ً،‬وبعد الفراغا منها ل يتعقبها بتصحيح أو تضعيف‪.‬‬
‫مر على مثل هذه القصص بدون أن يمعيقب عليها‪ ً،‬ل يرضى لنفسه أن مييمرر على قصة‬ ‫ولكن الخطيب إن م س‬
‫فيها ما يخل بمقام النبوة إل بعد أن يمعيقب عليها بما ييظهر بطلنها وعدم صحتها‪.‬‬
‫صرم‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليات‪ [24 ً،23 ً،22 ً،21] :‬من سورة ]ص[‪} :‬مومههل أممتامك منمبيأ ٱهلمخ ه‬ ‫فمث ل‬
‫إرهذ متمسرويروها ٱهلرمهحمرا مب{ُ‪ ...‬اليات‪ ً،‬إلى آخر القصة‪ ً،‬نراه يذكر لنا عبارة الفخر الرازى التى ذكرها فى‬
‫تفسيره لتفنيد الروايات الباطلة فى هذه القصة‪ ً،‬وتقرير ما هو لئقا فى حقا نبى ال داود عليه السلم‪.‬‬
‫‪ ...‬وهكذا نلحظ على هذا التفسير أنه يغلب عليه الجانب المقصصى بالنسبة لغيره من بقية جوانب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التفسير‪.‬‬
‫**‬
‫* كثرة نقوله عن تفسير الفخر الرازى‪:‬‬
‫هذا ول يفوتنا أن الخطيب الشربينى‪ ً،‬كثيرا ما يعتمد على التفسير الكبير للفخر الرازى‪ ً،‬والذى يقرأ فى‬
‫تفسيره هذا‪ ً،‬يجد أنه يكثر من النقول عنه‪ .‬والكتاب مطبوع فى أربعة أجزاء كبار‪ ً،‬ومتدامول بين أهل‬
‫العلم‪ ً،‬لما فيه من السهولة والجمع لخلصة التفاسير التى سبقته مع الدقة واليجاز‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 9‬إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم )لبى مسعود(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى‪ ً،‬العمادى‪ ً،‬الحنفى المولود فى سنة‬
‫‪ 983‬هـ )ثلث وتسعين ثمنمائة من الهجرة(‪ ً،‬بقرية قريبة من القسطنطينية‪ ً،‬وهو من بيت يعرف أهله‬
‫بالعلم والفضل حتى قال بعضهم فيه‪ :‬مترربى فى حجر العلم حتى مرمبى‪ ً،‬وارتضع ثدى الفضل إلى أن‬
‫ترعرع ومحمبا‪ ً،‬ول زال يخدم العلوم الشريفة حتى رحب باعه‪ ً،‬وامتد ساعده واشتد اتساعه"‪.‬‬
‫قرأ كثيرا من كتب العلم على والده‪ ً،‬وتتلمذ لكثير من جرلة العلماء‪ ً،‬فاستفاد منهم علما جسما‪ ً،‬مث طارت‬
‫سمعته‪ ً،‬وفاضت شهرته‪ ً،‬وعظم صيته‪ ً،‬وتولى التدريس فى كثير من المدارس التركية‪ ً،‬ثم يقيلد قضاء‬
‫بروسة ثم ينقل إلى قضاء القسطنطينية‪ ً،‬ثم ينقل إلى قضاء ولية العسكر فى ولية روم أيلى‪ ً،‬ودام على‬
‫قضائها مدة ثمان سنين‪ ً،‬ثم تولى أمر الفتوى بعد ذلك‪ ً،‬فقام بها خير قيام بعد أن اضطرب أمرها‬
‫بانتقالها من يد إلى يد‪ ً،‬وكان ذلك سنة ‪ 952‬هـ )اثنتين وخمسين وتسعمائة من الهجرة( ومكث فى‬
‫منصب الفتاء نحوا من ثلثين سنة أظهر فيها الدقة العلمية التامة‪ ً،‬والبراعة فى الفتوى والتفنن فيها‪ً،‬‬
‫وقد ذكروا عنه أنه كان يكتب جواب الفتوى على منوال ما يكتبه السائل من الخطاب‪ ً،‬فإن كان السؤال‬
‫منظوما‪ ً،‬كان الجواب منظوما كذلك‪ ً،‬مع التفاقا بينهما فى الوزن والقافية‪ ً،‬وإن كان السؤال نثرا‬
‫مسجعا‪ ً،‬كان الجواب مثله‪ ً،‬وإنكان بلغه العرب فالجواب بلغة العرب‪ ً،‬وإن كان بلغة اليتهرك‪ ً،‬فالجواب‬
‫بلغة اليتهرك‪ ...‬وهكذا مما يشهد للرجل بسعة يأفقه وغزارة مادته‪ ً،‬ولقد قرأنا فى ترجمته شيئا من‬
‫الستفتاء والفتوى‪ ً،‬فوجدنا صدقا ما قبل عنه فى ذلك‪.‬‬
‫وكان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كما قيل عنه من الذى قعدوا من الفضائل والمعارف على سنامها وغاربها‪ً،‬‬
‫وسارت بذكره الركبان فى مشارقا الرضِ ومغاربها‪ ً،‬ولقد حاز قصب السبقا بين أقرانه‪ ً،‬ولم يقدر أحد‬
‫أن يجاريه فى ميدانه‪ ً،‬ولقد كان اشتغاله بالتدريس وتنقله بين كثير من المدارس وتوليه للقضاء ثم‬
‫الفتوى سببا عاتقا له من التفرغا والتصنيف والتأليف‪ ً،‬ولكنه اختلس فرصا من وقته فصرفها إلى كتابه‬
‫التفسير‪ .‬فأخرج الناس كتابه الذى نحن بصدده‪ ً،‬كما أنه كتب البيع من الهداية‪ .‬وعلى الجملة فقد جمع‬
‫صاحبنا بين العلم والدب‪ ً،‬فبينما نراه يمجيودا فيما كتهب وأرلفه من كتب العلم‪ ً،‬نراه مبدعا غاية وفاته قد‬
‫تغالى فى الثناء‪ ً،‬أو اشتط فى الرثاء حيث يقول فى مرثيته الطويلة‪:‬‬
‫*ما العلم إل ما حويمت حقيقة * وعلوم غيرك فى الورى كسراب*‬
‫توفى رحمه ال بمدينة القسطنطينية‪ ً،‬ودفن بجوار أبى أيوب النصارى‪ ً،‬وذلك فى أوائل جمادى الولى‬
‫سنة ‪ 982‬هـ )اثنتين وثمانين وتسعمائة من الهجرة(‪ .‬فرحمه ال رحمة واسعة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قلنا‪ :‬إن صاحب هذا التفسير شيغل كثيرا بالتدريس والقضاء والفتوى‪ ً،‬ولكنه اختلس فرصا من وقته أرلف‬
‫فيها كتابه فى التفسير‪ ً،‬قلنا هذا فيما سبقا‪ ً،‬والمؤلف نفسه يقرر هذا فى مقدمة تفسيره‪ ً،‬ولم ييعرف أنه‬
‫أخرج تفسيره للناس دفعة واحدة‪ ً،‬بل ذكروا أنه ابتدأ فيه‪ ً،‬فلم وصل إلى آخر سورة )ص( عرضِ له‬
‫من الشواغل ما جعله يقف فى تفسيره عند هذا الحد‪ ً،‬فبريضِ ما كتب فى شعبان سنة ‪973‬هـ )ثلث‬
‫وسبعين وتسعمائة من الهجرة( ثم أرسله إلى الباب العالى‪ ً،‬فتلقاه السلطان سليمان خان بحسن القبول‪ً،‬‬
‫وأنعم عليه بما أنعم‪ ً،‬وزاد فى وظيفته كل يوم خمسمائة درهم‪ ً،‬ثم تريسر له بعد ذلك إتمامه‪ ً،‬فأتمه بعد‬
‫سنة‪ ً،‬ثم أرسله إلى السلطان ثانيا بعد إتمامه‪ ً،‬فقابله السلطان بمزيد لطفه وإنعامه‪ ً،‬وزاد فى وظيفته مرة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫والحقا أن هذا التفسير غاية فى بابه‪ ً،‬ونهاية فى حسن الصوغا وجمال التعبير‪ ً،‬كشف فيه صاحبه عن‬
‫أسرار البلغة القرآنية‪ ً،‬بما لم يسبقه أحد إليه‪ ً،‬ومن أجل ذلك ذاعت شهرة هذا التفسير بين أهل العلم‪ً،‬‬
‫وشهد له كثير من العلماء بأنه خير ما يكتب فى التفسير‪ ً،‬فصاحب "العقد المنظوم فى ذكر أفاضل‬
‫الروم"‪ ً،‬يقول عنه فى كتابه‪" :‬وقد أتى فيه بما لم تسمح به الزمان‪ ً،‬ولم تقرع به الذان‪ ً،‬فصدقا المثل‬
‫السائر‪ :‬كم ترك الول للخر"‪.‬‬
‫وصاحب "الفوائد البهية فى تراجم الحنفية" يقول‪" :‬وقد طالعيت تفسيره وانتفعيت به وهو تفسير حسن‪ً،‬‬
‫ليس بالطويل الممل‪ ً،‬ول بالقصير المخل‪ ً،‬متضمن لطائف ونكات‪ ً،‬ومشتمل على فوائد وإشارات"‪ .‬ووقع‬
‫له التلقى بالقبول من الفحول الكبار‪ ً،‬لحسن سبكه وصدقا تعبيره‪ ً،‬فصار يقال له‪" :‬خطيب المفسرين"‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن تفسير أحد سواه بعد الكشاف والقاضى لم يبلغ إلى ما بلغه من رتبة العتبار"‪.‬‬
‫ولم يظفر هذا التفسير ‪ -‬كغيره من التفاسير ‪ -‬بكثرة الحواشى والتعليقات التى تكشف عن مراده‪ .‬أو‬
‫تتعقبه فى بعضِ ما يقول‪ ً،‬ولم يقع تحت يدنا شئ من ذلك‪ ً،‬غير أننا نجد فى "كشف الظنون" عند الكلم‬
‫عن هذا التفسير‪ ً،‬ذكر ما كتب عليه من التعليقات فمن ذلك‪ :‬تعليقات الشيخْ أحمد الرومى الحصارى‬
‫المتوفى سنة ‪ 1041‬هـ )إحدى وأربعين وألف من الهجرة(‪ ً،‬من سورة الروم إلى سورة الدخان‪.‬‬
‫وتعليقه الشيخْ رضى الدين بن يوسف القدسى‪ ً،‬عرلقها إلى قريب من النصف‪ ً،‬وأهداها إلى المولى أسعد‬
‫بن سعد الدين‪ ً،‬حين دخل المقدس زائرا‪ ً،‬وكان دأبه فيها نقل كلم العلمتين الزمخشرى والبيضاوى‪ً،‬‬
‫وكلم ذلك الفاضل" أبى السعود" بقوله‪ :‬قال الكشاف‪ ً،‬وقال القاضى‪ ً،‬وقال المفتى‪ ً،‬ثم المحاكمة فيما‬
‫بينهم‪ .‬هذا ما ذكره صاحب كشف الظنون‪ ً،‬ول نعلم أحدا كتب عليه غير من ذكرهما‪.‬‬
‫قرأت مقدمة الكتاب لمؤلفه‪ ً،‬فوجدته يثنى كثيرا على تفسير الكشاف‪ ً،‬وأنوار التنزيل للبيضاوى‪ ً،‬ويذكر‬
‫أنه قرأهما قبل أن يؤلف تفسيره‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬ولقد كان فى سوابقا اليام‪ ً،‬وسوالف الدهور والعوام‪ ً،‬أوان‬
‫اشتغالى بمطالعتهما وممارستهما‪ ً،‬وزمان انتصابى لمفاوضتهما ومدارستهما‪ ً،‬يدور فى خلدى على‬
‫استمرار‪ ً،‬آناء الليل وأطراف النهار‪ ً،‬أن أنظم درر فوائدهما فى سمط دقيقا‪ ً،‬وأرتب غرر فرائدهما على‬
‫ترتيب أنيقا‪ ً،‬وأضيف إليهما ما ألفيته فى تضاعيف الكتب الفاخرة من جواهر الحقائقا‪ ً،‬وصادفته فى‬
‫أصداف العيالم الزاخرة من زواهر الدقائقا‪ ً،‬وأسلك خللها بطريقا الترصيع‪ ً،‬على نسقا أنيقا وأسلوب‬
‫بديع‪ ً،‬حسبما تقتضيه جلله شأن التنزيل‪ ً،‬ويستدعيه جزالة نظمه الجليل‪ ً،‬ما نسح للفكر العليل بالعناية‬
‫الربانية‪ ً،‬وسمح به النظر الكليل بالهداية السبحانية‪ ً،‬من عوارف معارف تمتد إليها أعناقا الهمم من كل‬
‫ماهر لبيب‪ .‬وغرائب رغائب ترنو إليها أحداقا المم من كل نحرير أريب‪ ً،‬وتحقيقات رصينة تقيل‬
‫عثرات الفهام فى مداحضِ القدام‪ ً،‬وتدقيقات متينة تزيل خطرات الوهام من خواطر النام‪ ً،‬فى‬
‫معارك أفكار تشتبه فيها الشئون‪ ً،‬ومدارك أنظار تختلط فيها الظنون‪ ً،‬وأبرز من وراء أستار الكمون‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫من دقائقا السر المخزون فى خزائن الكتاب المكنون‪ ً،ً،‬ما تطمئن إليه النفوس‪ ً،‬وتقر به العيون‪ ً،‬من‬
‫خفايا الرموز وخبايا الكنوز‪ ..‬ناويا أن أسميه عند تمامه‪ ً،‬بتوفيقا ال وإنعامه "إرشاد العقل السليم‪ ً،‬إلى‬
‫مزايا الكتاب الكريم"‪.‬‬
‫ومن هنا تبين لنا‪ ً،‬أن أبا السعود يعتمد فى تفسيره على تفسير الكشاف والبيضاوى وغيرهما ممن تقدمه‪ً،‬‬
‫غير أنه لم يغتر بما جاء فى الكشاف من العتزالت‪ .‬ولهذا مل يذكرها إل على جهة التحذير منها‪ ً،‬مع‬
‫جريانه على مذهب أهل السسرنة فى تفسيره‪ ً،‬ولكن نجده قد وقع فيما وقع فيه صاحب الكشاف‪ ً،‬وصاحب‬
‫أنوار التنزيل من أنه ذكر فى آخر كل سورة حديثا عن النبى صلى ال عليه وسلم فى فضلها‪ ً،‬وما‬
‫لقارئها من الثواب والجر عند ال‪ ً،‬مع أن هذه الحاديث موضوعة باتفاقا أهل العلم جميعا‪.‬‬
‫**‬
‫* عنايته بالكشف عن بلغة القرآن وسر إعجازه‪:‬‬
‫قرأت فى هذا التفسير فلحظت عليه ‪ -‬غير ما تقدم ‪ -‬أنه كثير العناية بسبك العبارة وصوغها‪ ً،‬مولع‬
‫كل الولوع بالناحية البلغية للقرآن‪ ً،‬فهو يهتم بأن يكشف عن نواحى القرآن البلغية‪ ً،‬وسر إعجازه فى‬
‫نظمه وأسلوبه‪ ً،‬وبخاصة فى باب الفصل والوصل‪ ً،‬واليجاز والطناب‪ ً،‬والتقديم والتأخير‪ ً،‬والعتراضِ‬
‫والتذييل‪ ً،‬كما أنه يهتم بإبداء المعانى الدقيقة التى تحملها التراكيب القرآنية بين طرياتها‪ ً،‬مما ل يكاد‬
‫يظهر إل لمن أوتى حظا وافرا من المعرفة بدقائقا اللغة العربية‪ ً،‬ويكاد يكون صاحبنا هو أول المفيسرين‬
‫المبرزين فى هذه الناحية‪.‬‬
‫**‬
‫* اهتمامه بالمناسبات وإلمامه ببعضِ القراءات‪:‬‬
‫ونلحظ على أبى السعود فى تفسيره أنه كثيرا ما يهتم بإبداء وجوه المناسبات بين اليات‪ ً،‬كما نلحظ عليه‬
‫أنه يعرضِ أحيانا لذكر القراءات‪ ً،‬ولكن بقدر ما يوضح به المعنى‪ ً،‬ول يتوسع كما يتوسع غيره‪.‬‬
‫**‬
‫* إقلله من وراية السرائيليات‪:‬‬
‫ومن ناحية أخرى نجد أنه يمرقفل فى سدر السرائيليات‪ ً،‬غير يمولع بذكرها‪ ً،‬وإن ذكرها أحيانا فإنه ل‬
‫صيدر ذكر الرواية بقوله‪ :‬روى‪ ً،‬أو قيل‪ ً،‬مما ييشعر‬ ‫يذكرها على سبيل الجزم بها‪ ً،‬والقطع بصحتها‪ ً،‬بل ي م‬
‫بضعفها‪ ً،‬وإن كان ل ييعرقب عليها بعد ذلك‪ ً،‬ولعله يكتفى بهذه الشارة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النمل‪} :‬موإريني يمهررسلمفة إرلمهيرههم ربمهردريهَة مفمنارظمرفة ربم‬ ‫فمث ل‬
‫ميهررجيع ٱهليمهرمسيلومن{ُ يقول‪ :‬يروى أنها بعثت خمسمائة غلم عليهم ثياب الجوارى وحليهم الساور‬
‫والطواقا‪ ...‬إلى آخر ما ذكره من القصة العجيبة الغريبة‪ ً،‬ومع ذلك فلم يمعيقب عليها ول بكلمة واحدة‪ً،‬‬
‫ولعله اكتفى ‪ -‬كما قلت ‪ -‬بما يشير إليه لفظ "يروى" من عدم صحة ما ذكره‪* * .‬‬
‫* روايته عن بعضِ ممن اشتهر بالكذب‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله‬ ‫كما نلحظ عليه أنه يروى بعضِ القصص عن طريقا الكلبى عن أبى صالح‪ ً،‬فمث ل‬
‫تعالى فى الية ]‪ [15‬وما بعدها من سورة سبأ‪} :‬لممقهد مكامن رلمسمبهَإ رفي ممهسمكرنرههم آميفة مجرنمتارن معن ميرميهَن‬
‫مورشمما هَل{ُ‪ ...‬اليات إلى آخر القصة‪ ً،‬نجده يقول‪ :‬وأصل قصتهم ما رواه الكلبى عن أبى صالح‪ :‬أن‬
‫عمرو بن عامر من أولد سبأ‪ ً،‬وبينهما أثنى عشر أبا‪ ً،‬وهو الذى يقال "مزيقيا بنه ماء السماء"‪ ً،‬أخبرته‬
‫"طريفة" الكاهنة بخراب سد مأرب‪ ً،‬وتغريقا سيل العرم الجرنتين‪ ..‬ويمضى فى ذكر روايات أخرى عن‬
‫رجال آخرين مع العلم أن الكلبى يمرتهم بالكذب‪ ً،‬فقد قال السيوطى فى خاتمه الدر المنثور ما نصه‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"الكلبى اتهموه بالكذب وقد مرضِ فقال لصحابه فى مرضه‪ :‬كل شئ حردثتكم عن أبى صالح كذب"‬
‫ولكن نجد أبا السعود‪ ً،‬يخلص من تبعه هذه الروايات التى سردها بقوله أخيرا‪" :‬وال تعالى أعلم" وهذا‬
‫ييشعر بأنه يشك فى صدقها وصحتها‪.‬‬
‫**‬
‫* إقلله من ذكر المسائل الفقهية‪:‬‬
‫كذلك نجد أبا السعود ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يتعرضِ فى تفسيره لبعضِ المسائل الفقيهة‪ ً،‬ولكنه يمرقفل جدا‪ ً،‬ول‬
‫يكاد يدخل فى المناقشات الفقهية والدلة المذهبية‪ ً،‬بل نجده يسرد المذاهب فى الية ول يزيد على ذلك‪.‬‬
‫ل ييمؤارخيذيكيم ٱللريه ربٱِرللهغرو رفيي أمهيممارنيكهم{ُ‪ ..‬الية‪ً،‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [225‬من سورة البقرة‪ } :‬ر‬
‫فمث ل‬
‫نجده يعرضِ للخلف المذهبى فى تحديد معنى اليمين اللغو فيقول‪" :‬وقد اخيترلمف فيه‪ ً،‬فعندنا هو أن يحلف‬
‫على شئ يظنه على ما حلف عليه ثم يظهر خلفه‪ ً،‬فإنه ل يقصد فيه الكذب‪ .‬وعند الشافعى ‪ -‬رحمه‬
‫ل‪ ً،‬مما يؤكدون به كلمهم من غير إخطار الحلف بالبال" ول‬ ‫ال ‪ -‬هو قول العرب‪ :‬ل وال‪ ً،‬وبلى وا ر‬
‫يزيد على ذلك بل يمضى فينزل الية على قول الحنفية‪.‬‬
‫**‬
‫* تناوله لما تحتمله اليات من وجوه العراب‪:‬‬
‫كما نلحظ عليه أنه يعرضِ أحيانا للناحية النحوية إذا كانت الية تحتمل أوجها من العراب‪ ً،‬ويينزل‬
‫الية على اختلف العاريب‪ ً،‬ويمريجح واحدلل منها ويدلل على رجحانه‪.‬‬
‫وعلى الجملة‪ ..‬فالكتاب دقيقا غاية الدقة‪ ً،‬بعيد عن خلط التفسير بما ل يتصل به‪ ً،‬غير يمسرف فيما‬
‫يضطر إليه من التكلم عن بعضِ النواحى العلمية‪ ً،‬وهو مرجع مهم يعتمد عليه كثير ممن جاء بعده من‬
‫المفيسرين‪ ً،‬وقد يطبع هذا التفسير مرارا‪ ً،‬وهو يقع فى خمسة أجزاء متوسطة الحجم‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 10‬روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى )لللوسى(‪.‬‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو‪ :‬أبو الثناء‪ ً،‬شهاب الدين‪ ً،‬السيد محمود أفندى الولوسى البغدادى‪ .‬ولد فى سنة‬
‫‪ 1217‬هـ )سبع عشرة ومائتين بعد اللف من الهجرة النبوية(‪ ً،‬فى جانب الكرخ من بغداد‪.‬‬
‫كان رحمه ال شيخْ العلماء فى العراقا‪ ً،‬وآية من آيات ال العظام‪ ً،‬ونادرة من نوادر اليام‪ .‬جمع كثيرا‬
‫لمة فى المنقول والمعقول‪ ً،‬فرهامة فى الفروع والصول‪ ً،‬يممحيدثا ل ييجارى‪,‬‬ ‫من العلوم حتى أصبح ع ر‬
‫ويممف يسرا لكتاب خالد النقشبندى‪ ً،‬والشيخْ على السويدى‪ ً،‬وكان رحمه ال غاية فى الحرص على تزايد‬
‫علمه‪ ً،‬وتوفير نصيبه منه‪ ً،‬وكان كثيرا مما ينشد‪:‬‬
‫*سهرى لتنقيح العلوم السذلى * من وصل غانية وطيب عناقا*‬
‫اشتغل بالتدريس والتأليف وهو ابن ثلث عشرة سنة‪ ً،‬ودرس فى عدة مدارس‪ ً،‬وعندما يقيلد إفتاء الحنفية‪ً،‬‬
‫شرع ييمد يرس سائر العلوم فى داره الملصقة لجامع الشيخْ عبد ال العاقولى فى الرصافة‪ .‬وقد تتلمذ له‬
‫وأخذ عنه خلقا كثير من قاصى البلد ودانيها‪ ً،‬وتخررج عليه جماعات من الفضلء من بلد مختلفة‬
‫كثيرة‪ ً،‬وكان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ييواسى طلبته من ملبسه ومأكله‪ ً،‬وييسكنهم البيوت الرفيعة من منزلة‪ ً،‬حتى‬
‫صار فى العراقا المعمليم المفرد‪ ً،‬وانتهت إليه الرياسة لمزيد فضله الذى ل ييجحد‪ ً،‬وكان نسيفج وحده فى‬
‫النثر وقوة التحرير‪ ً،‬وغزارة الملء وجزالة التعبير‪ ً،‬وقد أملى كثيرا من الخطيب والرسائل‪ ً،‬والفتاوى‬
‫والمسائل‪ ً،‬ولكن أكثر ذلك ‪ -‬علتى قرب العهد ‪ -‬مدمرمس مومعفت آثاره‪ ً،‬ولم تظفر اليدى إل بالقليل منه‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وكان ذا حافظة عجيبة‪ .‬وفكرة غريبة‪ ً،‬وكثيرا ما كان يقول‪" :‬ما استودعيت ذهنى شيئا فخاننى‪ ً،‬ول‬
‫دعويت فكرى لمعضله إل وأجابنى"‪ .‬يقيلد إفتاء الحنفية فى السنة الثامنة والربعين بعد المائتين واللف‬
‫من الهجرة المحمدية‪ ً،‬وقبل ذلك بأشهر‪ ً،‬ولى أوقاف المدرسة المرجانية‪ ً،‬إذا كانت مشروطة لعلم لهل‬
‫البلد‪ ً،‬وتحققا لدى الوزير الخطير علسى رضا باشا‪ ً،‬أنه ليس فيها من يدانيه من أحد‪ .‬وفى شروال سنة‬
‫‪ 1263‬هـ )ثلث وستين ومائتين بعد اللف( انفصل من منصب الفتاء‪ ً،‬وبقى مشتغ ل‬
‫ل بتفسير القرآن‬
‫الكريم حتى أتمه‪ ً،‬ثم سافر القسطنطينية فى السنة السابعة والستين بعد المائتين واللف‪ ً،‬فعرضِ تفسيره‬
‫على السلطان على المجيد خان‪ ً،‬فنال إعجابه ورضاه‪ ً،‬ثم رجع منها سنة ‪ 1269‬هـ )تسع وستين‬
‫ومائتين بعد اللف(‪.‬‬
‫وكان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬عالما باختلف المذاهب‪ ً،‬مطلعا على الملل والنحل‪ ً،‬مسملفى العتقاد‪ ً،‬شافعى‬
‫المذهب‪ ً،‬إل أنه فى كثير من المسائل ييقيلد المام العظم أبا حنيفة النعمان رضى ال عنه‪ ً،‬وكان فى‬
‫آخر أمره يميل إلى الجتهاد‪ .‬ولقد مخرلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬للناس ثروة علمية كبيرة ونافعة‪ ً،‬فمن ذلك‬
‫تفسيره لكتاب ال‪ ً،‬وهو الذى نحن بصدده الن‪ ً،‬وحاشيته على القطر‪ ً،‬كتب منها فى الشباب إلى موضع‬
‫الحال‪ ً،‬وبعد وفاته أتمها انبه السيد نعمان اللوسى‪ ً،‬وشرح السلم فى المنطقا‪ ً،‬وقد يفرقد‪ ً،‬ومنها الجوبة‬
‫العراقية عن السئلة اللهورية‪ ً،‬والجوبة العراقية على السئلة اليرانية‪ ً،‬ويدررة الغواص فى أوهام‬
‫الخواص‪ ً،‬والنفحات القدسية فى المباحات المامية‪ ً،‬والفوائد السنية فى علم آداب البحث‪.‬‬
‫وقد توفى رحمه ال فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة ‪ 1270‬هـ )سبعين ومائتين‬
‫بعد اللف من الهجرة(‪ ً،‬ويدفن مع أهله فى مقبرة الشيخْ معروف الكرخى فى الكرخ‪ ً،‬فرضى ال عنه‬
‫وأرضاه‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫ذكر مؤلف هذا التفسير فى مقدمته أنه منذ عهد الصغر‪ ً،‬لم يزل متطلبا لستكشاف سر كتاب ال‬
‫المكتوم‪ ً،‬مترقبا لرتشاف رحيقه المختوم‪ ً،‬وأنه طالما فرقا نومه لجمع شوارده‪ ً،‬وفارقا قومه لوصال‬
‫خرائده‪ ً،‬ل يرفل فى مطارف اللهو كما يرفل أقرانه‪ ً،‬ول يهب نفائس الوقات لخسائس الشهوات كما‬
‫يفعل إخوانه‪ ً،‬وبذلك ورفقه ال للوقوف على كثير من حقائقه‪ ً،‬وحل وفير من دقائقه‪ ً،‬وذكر أنه قبل أن‬
‫يكمل سنة العشرين‪ ً،‬شرع يدفع كثيرا من الشكالت التى ترد على ظاهر النظم الكريم‪ ً،‬ويتجاهر بما لم‬
‫يظفر به فى كتاب من دقائقا التفسير‪ ً،‬ويعلقا على ما أغلقا مما لم تعلقا به ظفر كل ذى ذهن خطير‪ً،‬‬
‫وذكر أنه استفاد من علماء عصره‪ ً،‬واقتطف من أزهارهم‪ ً،‬واقتبس من أنوارهم‪ ً،‬وأودع علمهم صدره‪ً،‬‬
‫وأفنى فى كتابه فوائدهم حبره ‪ ...‬ثم ذكر أنه كثيرا ما خطر له أن يحرر كتابا يجمع فيه ما عنده من‬
‫ذلك وأنه كان يتردد فى ذلك‪ ً،‬إلى أن رأى فى بعضِ ليالى الجمعة من شهر رجب سنة ‪ 1252‬هـ‬
‫)اثنتين وخمسين ومائتين بعد اللف من الهجرة(‪ ً،‬أن ال مجسل شأنه أمره بطى السموات والرضِ‪ ً،‬ورتقا‬
‫فتقهما على الطول والعرضِ‪ ً،‬فرفع يدا إلى السماء‪ ً،‬وخفضِ الخرى إلى مستقر الماء‪ ً،‬ثم انتبه من نومه‬
‫وهو مستعظم لرؤيته‪ ً،‬فجعل يفتش لها عن تعبير‪ ً،‬فرأى فى بعضِ الكتب أنها إشارة إلى تأليف تفسير‪ً،‬‬
‫فشرع فيه فى الليلة السادسة عشرة من شهر شعبان من السنة المذكورة‪ ً،‬وكان عمره إذ ذاك أربعا‬
‫وثلثين سنة‪ ً،‬وذلك فى عهد السلطان محمود خان بن السلطان عبد الحميد خان‪ ً،‬وذكر فى خاتمته أنه‬
‫انتهى منه ليلة الثلثاء لربع خلون من شهر ربيع الخر سنة ‪ 1267‬هـ )سبع وستين ومائتين بعد‬
‫اللف(‪ ً،‬ولما انتهى منه جعل يفكر ماى اسمه؟ وبماذا يدعوه؟ فلم يظهر له اسم تهتش له الضمائر‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وتبتش من سماعه الخواطر‪ ً،‬فعرضِ المر على وزير الوزراء علسى رضا باشا‪ .‬فسرماه على الفور‪:‬‬
‫"روح المعانى‪ ً،‬فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى"‪.‬‬
‫هذه هى قصة تأليف هذا التفسير‪ ً،‬كما ذكرها صاحبه عليه رضوان ال‪ .‬وقد ذكروا أن سلوكه فى‬
‫تفسيره هذا كان أمرا عظيما‪ ً،‬وسرا من السرار غريبا‪ ً،‬فإن نهاره كان للفتاء والتدريس وأول ليلة‬
‫لمنادمة مستفيد وجليس‪ ً،‬فيكتب بأواخر الليل منه ورقات‪ ً،‬فيعطيها صباحا لليكرتاب الذين ورظفهم فى داره‬
‫فل يكملونها تبييضا إل فى نحو عشر ساعات‪.‬‬
‫**‬
‫* مكانة هذا التفسير من التفاسير التى تقدمته‪:‬‬
‫ثم إن هذا التفسير ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬قد أفرغا فيه مؤلفه وسعه‪ ً،‬وبذل مجهوده حتى أخرجه للناس كتابا‬
‫ل على أقوال المخملف بكل أمانة وعناية‪ ً،‬فهو جامع لخلصة كل‬ ‫جامعا لراء المسملف رواية ودارية‪ ً،‬مشتم ل‬
‫ما سبقه من التفاسير‪ ً،‬فتراه ينقل لك عن تفسير ابن عطية‪ ً،‬وتفسير أبى حيان‪ ً،‬وتفسير الكشاف‪ ً،‬وتفسير‬
‫أبى السعود‪ ً،‬وتفسير البيضاوى‪ ً،‬وتفسير الفخر الرازى‪ ً،‬وغيرها من كتب التفسير المعتبرة‪ ً،‬وهو إذا نقل‬
‫عن تفسير أبى السعود يقول ‪ -‬غالبا ‪ : -‬قال شيخْ السلم‪ .‬وإذا نقل عن تفسير البيضاوى يقول ‪ -‬غالبا‬
‫‪ : -‬قال القاضى‪ ً،‬وإذا نقل عن تفسير الفخر الرازى يقول ‪ -‬غالبا ‪ : -‬قال المام‪ .‬وهو إذ ينقل عن‬
‫هذه التفاسير ينصب نفسه محمكما عدلل بينها‪ ً،‬ويجعل من نفسه نرقادا يمدققا‪ ً،‬ثم يبدى رأيه حرا فيما ينقل‪ً،‬‬
‫فتراه كثيرا ما يعترضِ على ما ينقله عن أبى السعود‪ ً،‬أو عن البيضاوى‪ ً،‬أو عن أبى حيان‪ ً،‬أو عن‬
‫غيرهم‪ .‬كما تراه يتعقب الفخر الرازى فى كثير من المسائل‪ ً،‬ويرد عليه على الخصوص فى بعضِ‬
‫المسائل الفقهية‪ ً،‬انتصارا منه لمذهب أبى حنيفة‪ ً،‬ثم إنه إذا استصوب رأيا لبعضِ ممن ينقل عنهم‪ ً،‬انتصر‬
‫له وررجمحه على ما عداه‪.‬‬
‫**‬
‫* موقف اللوسى من المخالفين لهل السسرنة‪:‬‬
‫واللوسى مسملفى المذهب سسينى العقيدة‪ ً،‬ولهذا نراه كثيا ما يمفيند آراء المعتزلة والشيعة‪ ً،‬وغيرهم من‬
‫أصحاب المذاهب المخالفة لمذهبه‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [15‬من سورة البقرة‪} :‬ٱللريه ميهسمتههرزىيء ربرههم مومييمسديههم رفي يطهغميارنرههم‬ ‫فمث ل‬
‫ميهعمميهو من{ُ‪ ..‬يقول بعد كلم طويل ما نصه‪ ..." :‬وإضافته ‪ -‬أى الطغيان ‪ -‬إليهم‪ ً،‬لنه فعلهم الصادر‬
‫منهم‪ ً،‬بقدرهم المؤثرة بإذن ال تعالى فالختصاص المشعرة به الضافة‪ ً،‬إنما هو بهذا العتبار‪ ً،‬ل‬
‫ل من غير‬ ‫باعتبار المحلية والتصاف‪ ً،‬فإنه معلوم ل حاجة فيه إلى الضافة‪ ً،‬ول باعتبار اليجاد استقل ل‬
‫توقف على إذن الفرعال لما يريد‪ ً،‬فإنه اعتبار عليه غبار‪ ً،‬بل غبار ليس له اعتبار‪ ً،‬فل تهولنك جعجعة‬
‫الزمخشرى وقعقعته"‪.‬‬
‫وانظر إلى ما كتبه قبل ذلك عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من السورة نفسها‪} :‬مخمتم ٱللريه معلمـى‬
‫صارررههم رغمشاموفة مومليههم معمذافب عرظيفم{ُ تجده يطيل بما ل يتسع لذكره المقام‬ ‫يقيلوربههم مومعملـى مسهمرعرههم مومعملـى أمهب م‬
‫هنا‪ ً،‬من بيان إسناد الختم إليه معرز وجرل علىمذهب أهل السسرنة‪ ً،‬ومن ذكر ما ذهب إليه المعتزلة فى هذه‬
‫الية وما ررد به عليهم‪ ً،‬وفرند به تأويلهم الذى يتفقا مع مذهبهم العتزالى‪.‬‬
‫ضيوها إرملهيمها‬‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [11‬من سورة الجمعة‪} :‬موإرمذا مرأمهوها رتمجامرلة أمهو ملههوا ٱنمف س‬ ‫ومث ل‬
‫مومتمريكومك مقآرئما يقهل مما رعنمد ٱلرلره مخهيفر يممن ٱللرههرو مورممن ٱليتمجامررة موٱللريه مخهيير ٱلررارزرقيمن{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬وطعن‬
‫ضوا إلى‬ ‫الشيعة لهذه الية الصحابة رضى ال تعالى عنهم‪ ً،‬بأنهم آثروا دنياهم‪ ً،‬على آخرتهم‪ ً،‬حيث أنف س‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الرلهوا والتجارة‪ ً،‬ورغبوا عن الصلة التى هو عماد الدين‪ ً،‬وأفضل من كثير من العبادات‪ ً،‬ل سيما مع‬
‫رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم‪ ً،‬وروى أن ذلك قد وقع مرارا منهم‪ ً،‬وفيه أن كبار الصحابة كأبى‬
‫ضوا‪ ً،‬والقصة كانت فى أوائل زمن الهجرة‪ ً،‬ولم يكن أكثر‬ ‫بكر وعمر وسائر العشرة المبشرة لم ينف س‬
‫القوم تام التحلى بحلية آداب الشريعة بعد‪ ً،‬وكان قد أصاب أهل المدينة جوع وغلء سعر‪ ً،‬فخاف أولئك‬
‫ضوا‪ ً،‬ولذا لم يتوعدهم ال على ذلك‬ ‫ضون اشتداد المر عليهم بشراء غيرهم ما ييقتات به لو لم ينف س‬ ‫المنف س‬
‫بالنار أو نحوها‪ ً،‬بل قصارى ما فعل سبحانه أنه عاتبهم ووعظهم ونصحهم‪ ً،‬ورواية أن ذلك وقع منهم‬
‫مرارا إن أ}يد بها رواية البيهقى فى يشمعب اليمان عن مقاتل بن حيان أنه قال‪ :‬بلغنى ‪ -‬وال تعالى أعلم‬
‫‪ -‬أنهم فعلوا ذلك ثلث مرات‪ ً،‬فمثل ذلك ل ييلتفت إليه ول يمعيول عند المحيدثين عليه‪ .‬وإن أريد بها‬
‫غيرها فليبين وليثبت صحته‪ ً،‬وأرنى بذلك؟ وبالجملة‪ :‬الطعن بجميع الصحابة لهذه القصة التى كانت من‬
‫بعضهم فى أوائل أمرهم ‪ -‬وقد عقبها منهم عبادات ل تحصى ‪ -‬سفه ظاهر وجهل وافر‪.‬‬
‫* اللوسى والمسائل الكونية‪:‬‬
‫لمور الكونية‪ .‬ويذكر كلم أهل‬ ‫ومما نلحظه على اللوسى فى تفسيره‪ ً،‬أنه يستطرد إلى الكلم فى ا ي‬
‫الهيئة وأهل الحكمة‪ ً،‬ويقر منه ما يرتضيه‪ ً،‬وييفرند ما ل يرتضيه‪ ً،‬وإن أردت مثالل جامعا‪ ً،‬فارجع إليه‬
‫عند تفسيره لقوله تعالى فى اليات ]‪ [40 ً،39 ً،38‬من سورة يس‪} :‬موٱلرشهميس متهجرريِ رليمهسمتمقرر لرمهـا مذرلمك‬
‫ل ٱلرشهميس مينمبرغي لممهآ مأن تهدررمك‬ ‫متهقرديير ٱهلمعرزيرز ٱهلمعرليرم * موٱهلمقمممر مقردهرمنايه مممنارزمل محرتـى معامد مكٱِليعريجورن ٱهلمقرديرم * م‬
‫ل ٱهللرهييل مساربيقا ٱلرنمهارر مويكول رفي مفملهَك ميهسمبيحومن{ُ‪..‬‬
‫ٱلمقمممر مو م‬
‫وارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [12‬من سورة الطلقا‪} :‬ٱللريه ٱرلرذيِ مخملمقا مسهبمع مسممامواهَت‬
‫ضِ رمهثلميهرن{ُ فسترى منه توسعا فى هذه الناحية‪.‬‬ ‫مورممن ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫**‬
‫* كثرة استطراده للمسائل النحوية‪:‬‬
‫كذلك يستطرد اللوسى إلى الكلم فى الصناعة النحوية‪ ً،‬ويتوسع فى ذلك أحيانا إلى حد يكاد يخرجد به‬
‫عن وصف كونه مفيسرا‪ ً،‬ول أحيلك على نقطة بعينها‪ ً،‬فإنه ل يكاد يخلو موضع من الكتاب من ذلك‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من المسائل الفقهية‪:‬‬
‫كذلك نجده إذا تكلم عن آيات الحكام فإنه ل يمر عليها إل إذا استوفى مذاهب الفقهاء وأدلتهم مع عدم‬
‫تعصب منه لمذهب بعينه‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية‪ [236] :‬من سورة البقرة‪} :‬مومميتيعويهرن معملى ٱهليمورسرع مقمديريه مومعملى‬ ‫فمث ل‬
‫ٱهليمهقرترر مقمديريه مممتاعا ربٱِهلممهعيرورف محسقا معملى ٱهليمهحرسرنيمن{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪ :‬وقال المام مالك‪ :‬المحسنون‪:‬‬
‫المتطوعون‪ ً،‬وبذلك استدل على استحباب المتعة وجعله قرينة صارفة للمر إلى الندب‪ ً،‬وعندنا‪ :‬هى‬
‫واجبة للمطرلقات فى الية‪ ً،‬مستحمبة لسائر المطرلقات‪ .‬وعند الشافعى رضى ال عنه فى أحد قوليه‪ :‬هو‬
‫واجبة لكل زوجة مطرلقة إذا كان الفراقا من رقمبل الزوج إل التى سمى لها ويطيلقت قبل الدخول‪ ً،‬ولما لم‬
‫يساعده مفهوم الية ولم يعتبر العموم فى قوله تعالى‪} :‬مورلهليممطلرمقارت مممتافع ربٱِهلممهعيرورف{ُ لنه يحمل المطلقا‬
‫على المقيد‪ ً،‬قال بالقياس‪ ً،‬وجعله مقردما على المفهوم‪ ً،‬لنه من الحجج القطعية دونه‪ ً،‬وأجيب عما قاله‬
‫مالك‪ ً،‬بمنع قصر المحسن على المتطوع‪ ً،‬بل هو أعم منه ومن القائم بالواجبات‪ ً،‬فل ينافى الوجوب‪ ً،‬فل‬
‫يكون صارفا للمر عنه مع ما انضم إليه من لفظ حقا"‪.‬‬
‫وإذا أردت أن تتأكد من أن اللوسى غير متعصب لمذهب بعينه فارجع إلى البحث الذى أفاضِ فيه عند‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صمن ربمأهنيفرسرهرن مث م‬
‫لمثمة يقيريوهَء{ُ‪...‬‬ ‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [228‬من سورة البقرة‪} :‬موٱهليممطلرمقايت ميمتمررب ه‬
‫الية‪ ً،‬تجده بعد أن يذكر مذهب الشافعية‪ ً،‬ومذهب الحنفية‪ ً،‬وأدلة كل منهم‪ ً،‬ومناقشاتهم يقول‪" :‬وبالجملة‪ً،‬‬
‫كلم الشافعية فى هذا المقام قوى‪ ً،‬كما ل يخفى على ممن أحاط بأطراف كلمهم‪ ً،‬واستقرأ ما قالوه‪ ً،‬تأمل‬
‫ما دفعوا به من أدلة مخالفيهم"‪* * .‬‬
‫* موقفه من السرائيليات‪:‬‬
‫ومما نلحظ على اللوسى أنه شديد النقد للسرائيليات والخبار المكذوبة التى حشا بها كثير من‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‬ ‫المفيسرين تفاسيرهم وظنوها صحيحة‪ ً،‬مع سخرية منه أحيانا‪ .‬فمث ل‬
‫‪ [12‬من سورة المائدة‪} :‬مولممقهد أممخمذ ٱللريه رميمثامقا مبرنيي إرهسمرآرئيمل مومبمعهثمنا رمنيهيم ٱهثمنهي معمشمر منرقيبا{ُ‪ ..‬نجده يقص‬
‫علينا قصة عجيبة عن عوج بن عنقا‪ ً،‬يرويها عن البغوى‪ ً،‬ولكنه بعد الفراغا منها يقول ما نصه‪:‬‬
‫لمة ابن حجر‪ ً،‬قال‬ ‫"وأقول‪ :‬قد شاع أمر عوج عند العامة‪ ً،‬ونقلوا فيه حكايات شنيعة‪ ً،‬وفى فتاوى الع ر‬
‫الحافظ العماد ابن كثير‪ :‬قصة عوج وجميع ما يحكون عنه‪ ً،‬هذيان ل أصل له‪ ً،‬وهو من مختلقات أهل‬
‫لمور‬ ‫الكتاب‪ ً،‬ولم يكن قط على عهد نوح عليه السلم‪ ً،‬ولم يسلم من الكفار أحد‪ .‬وقال ابن القيم‪ :‬من ا ي‬
‫التى ييعرف بها كون الحديث موضوعا‪ ً،‬وليس العجب من جرأة ممن وضع هذا الحديث وكذب على ال‬
‫تعالى‪ ً،‬إنما العجب ممن ييدمخل هذا الحديث فى كتب العلم من التفسير وغيره ول يبيين أمره‪ ً،‬ثم قال‪ :‬ول‬
‫ريب أن هذا وأمثاله من صنع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا الستهزاء والسخرية بالرسل الكرام‬
‫عليهم الصلة والسالم وأتباعهم ‪ ..‬ثم مضى اللوسى فى تفنيد هذه القصة بما حكاه عن غيره ممن تقسدم‬
‫من العلماء الذين استنكروا ههذ القصة الخرافية‪.‬‬
‫ل يمن‬ ‫صمنيع ٱهليفهلمك مويكلرمما ممرر معلمهيره مم ف‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [38‬من سورة هود‪} :‬مومي ه‬ ‫ومث ل‬
‫صنعت فيه‪ ..‬ثم ييعيقب على‬ ‫مقهورمره مسرخيروها رمهنيه{ُ‪ ..‬نجده يروى أخبارا كثيرة ارتفاعها‪ ً،‬وفى المكان الذى ي‬
‫كل ذلك بقوله‪" :‬وسفينة الخبار فى تحقيقا الحال فيما رأى ل تصلح للركوب فيها‪ ً،‬إذ هى غير سالمة‬
‫عن عيب‪ ً،‬فالحرى بحال ممن ل يميل إلى الفضول‪ ً،‬أن يؤمن بأنه عليه السلم صنع اليفهلك حسبما قص‬
‫ال تعالى فى كتاب‪ ً،‬ول يخوضِ فى مقدار طولها وعرضها وارتفاعها‪ ً،‬ومن أى خشب صنعها‪ ً،‬وبكم‬
‫مدة أتم عملها إلى غير ذلك مما لم يشرحه الكتاب ولم تبينه السسرنة الصحيحة"‪.‬‬
‫**‬
‫* تعرضه للقراءات والمناسبات وأسباب النزول‪:‬‬
‫ثم إن اللوسى يعرضِ لذكر القراءات ولكنه ل يتقيد بالمتواتر منها‪ ً،‬كما أنه يعنى بإظهار وجه‬
‫المناسبات بين السور كما يعنى بذكر المناسبات بين اليات ويذكر أسباب النزول لليات التى أنزلت‬
‫على سبب‪ ً،‬وهو كثير الستشهاد بأشعار العرب على ما يذهب إليه من المعانى اللغوية‪.‬‬
‫**‬
‫* اللوسى والتفسير الشارى‪:‬‬
‫ولم يفت اللوسى أن يتكلم عن التفسير الشارى بعد أن يفرغا من الكلم عن كل ما يتعلقا بظاهر‬
‫اليات‪ ً،‬ومن هنا معرد بعضِ العلماء تفسيره هذا فى ضمن كتب التفسير الشارى‪ ً،‬كما معرد تفسير‬
‫النيسابورى فى ضمنها كذلك‪ ً،‬ولكنى رأيت أن أجعلهما فى عداد كتب التفسير بالرأى المحمود‪ ً،‬نظرا‬
‫إلى أنه لم يكن مقصودهما الهم هو التفسير الشارى‪ ً،‬بل كان ذلك تابعا ‪ -‬كما يبدو ‪ -‬لغيره من‬
‫التفسير الظاهر‪ ً،‬وهذه ‪ -‬كما قلت من قبل ‪ -‬مسألة اعتبارية ل أكثر ول أقل‪ ً،‬وإنما أردت أن يأبيين‬
‫جهتى العتبار‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمة اللوسى ليس إل موسوعة تفسيرية قييمة‪ .‬جمعت يجرل ما قاله‬ ‫وجملة القول‪ ..‬فروح المعانى للع ر‬
‫علماء التفسير الذين تقردموا عليه‪ ً،‬مع النقد الحر‪ ً،‬والترجيح الذى يعتمد على قوة الذهن وصفاء القريحة‪ً،‬‬
‫وهو وإن كان يستطرد إلى نواح علمية مختلفة‪ ً،‬مع توسع يكاد يخرجه عن مهمته كمفيسر إل أنه متزن‬
‫فى كل ما يتكلم فيه‪ ً،‬مما يشهد له بغزارة العلم على اختلف نواحيه‪ ً،‬وشمول الحاطة بكل ما يتكلم فيه‪ً،‬‬
‫فجزاه ال عن العلم وأهله خير الجزاء‪ ً،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهذه هى أهم كتب التفسير بالرأى الجائز‪ ً،‬وهناك كتب أخرى تدخل فى هذا النوع من التفسير‪ً،‬‬
‫ولها أهميتها وقيمتها‪ ً،‬كما أن لها شهرتها الواسعة بين أهل العلم الذين يعنون بالتفسير‪ ً،‬غير أنى أمسكت‬
‫عنها هنا مخافة التطويل‪ ً،‬ولعدم إمكان الحصول على بعضها‪ ً،‬وأحسب أن فى هذا القدر كفاية وغنى‬
‫عن كتب أخرى كثيرة‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الباب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬
‫للتفسير ‪ ..‬أو التفسير فى عصور التدوين ( ضمن العنوان ) التفسير بالرأى المذموم ‪ ..‬أو تفسير الفرقة‬
‫المبتدعة (‬

‫* تمهيد فى بيان نشأة الرفمرقا السلمية‪:‬‬


‫جرى التفسير منذ زمن النبوة إلى زمن أتباع التابعين‪ ً،‬على طريقة تكاد تكون واحدة‪ ً،‬فمخملف كل عصر‬
‫يحمل التفسير عرمن سلف بطريقا الرواية والسماع‪ ً،‬وفى كل عصر من هذه العصور‪ ً،‬تتجدد نظرات‬
‫تفسيرية‪ ً،‬لم يكن لها وجود قبل ذلك‪ ً،‬وهذا راجع إلى أن الناس كلما بعدوا عن عصر النبوة ازدادت‬
‫نواحى الغموضِ فى التفسير‪ .‬فكان ل بد للتفسير من أن يتضخم كلما مررت عليه السنون‪.‬‬
‫لم يكن هذا التضخم فى الحقيقة إل محاولت عقلية‪ ً،‬ونظرات اجتهادية‪ ً،‬قام بها أفراد ممن لهم عناية‬
‫بهذه الناحية‪ .‬غير أن هذه الناحية العقلية فى التفسير لم تخرج عن قانون اللغة‪ ً،‬ولم تتخط حدود‬
‫الشريعة‪ ً،‬بل ظرلت محتفظة بصبغتها العقلية والدينية‪ ً،‬فلم تتجاوز دائرة الرأى المحمود إلى دائرة الرأة‬
‫المذوم الذى ل يتفقا وقواعد الشرع‪ .‬ظرل المر على ذلك إلى أن قامت الفرقا المختلفة‪ ً،‬وظهرت‬
‫المذاهب الدينية المتنوعة‪ ً،‬وورجد من العلماء من يحاول ينصرة مذهبه والدفاع عن عقيدته بكل وسيلة‬
‫وحيلة‪ .‬وكان القرآن هو هدفهم الول الذى يقصدون إليه جميعا‪ ً،‬كفل يبحث فى القرآن ليجد فيه ما يمقيوى‬
‫رأيه وييمؤييد مذهبه‪ ً،‬وكفل واجد ما يبحث عنه ولو بطريقا إخضاع اليات القرآنية لمذهبه‪ ً،‬والميل بها مع‬
‫ل يجعلها غير منافية لمذهبه ول متعارضة معه‪.‬‬ ‫رأيه وهواه‪ ً،‬وتأويل ما يصادمه منها تأوي ل‬
‫ومن هنا بدأ الخروج عن دائرة الرأى المحمود إلى دائرة الرأى المذموم‪ ً،‬واستفحل المر إلى حد جعل‬
‫القوم يتسعون فى حماية عقائدهم‪ ً،‬والترويج لمذاهبهم‪ ً،‬بما أخرجوه للناس من تفاسير حملوا فيها كلم ال‬
‫على وفقا أهوائهم‪ ً،‬ومقتضى نزعاتهم ونحلهم!! ونحن نعلم بطريقا الجمال ‪ -‬وللتفصيل موضع غير‬
‫هذا ‪ -‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ستفترقا أيرمتى ثلثا وسعبين رفهرقة‪ ً،‬كلها فى النار‪ ً،‬إل‬
‫واحدة‪ ً،‬وهى ما أنا عليه وأصحابى" وقد حققا ال نبوءة رسوله‪ ً،‬وصردقا قوله فتصدعت الوحدة‬
‫السلمية إلى أحزاب مختلفة‪ ً،‬وفرقا متنافرة متناحرة‪ ً،‬ولم يظهر هذا التفرقا بكل ما فيه من خطر على‬
‫السلم والمسلمين إل فى عصر الدولة العباسية‪ ً،‬أما قبل ذلك‪ ً،‬فقد كان المسلمون يدا واحدة‪ ً،‬وكانت‬
‫ضمرون‬ ‫عقيدتهم واحدة كذلك‪ ً،‬إذا استثنينا ما كان بينهم من المنافقين الذين ينتسبون إلى السلم وي ي‬
‫الكفر‪ ً،‬وما كان بين علسى ومعاوية من خلف لم يكن له مثل هذه الخطر‪ .‬وإن كان النواة التى قام عليها‬
‫التحزب‪ ً،‬ونبت عنها التفرقا والختلف‪.‬‬
‫بدأ الخلف بين المسلمين أول ما بدأ‪ ً،‬فى يأمور اجتهادية ل تصل بأحد منهم إلى درجة البتداع والكفر‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كاختلفهم عن قول النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬إئتونى بقرطاس أكتب لكم كتابا ل تضلوا بعدى" حتى‬
‫قال عمر‪ :‬إن النبى قد غيبه الوجع‪ ً،‬حسبنا كتاب ال‪ ً،‬وكثر اللغط فى ذلك حتى قال النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬قوموا عنى‪ ً،‬ل ينبغى عندى التنازع"‪.‬‬
‫وكاختلفهم فى موضع دفنه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أييدفن بمكة‪ ً،‬لنها مولده وبها رقهبلته ومشاعر‬
‫الحج؟ أم ييدفن بالمدينة‪ ً،‬لنها موضع هجرته‪ ً،‬وموطن أهل ينصرته؟ أم ييدفن ببيت المقدس‪ ً،‬لن بها‬
‫تربة النبياء ومشاهدهم؟‬
‫وكالخلف الذى وقع بينهم فى سقيفة بنى ساعدة فى تولية ممن يخلف رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد‬
‫وفاته‪ ً،‬وغير ذلك من الخلفات التى وقعت بينهم‪ ً،‬ولم يكن لها خطرها الذى ينجم عنه التفرقا ووقوع‬
‫الفتنة والبغضاء بين المسلمين‪.‬‬
‫ظل المر على ذلك إلى زمن عثمان رضى ال عنه‪ ً،‬وكان ما كان من خروج بعضِ المسلمين عليه‪ً،‬‬
‫ومحاصرتهم لداره‪ ً،‬وقتلهم له‪ ً،‬فعرى المسلمين من ذلك الوقت رجة فكرية عنيفة‪ ً،‬طاحت بالروية‪ً،‬‬
‫وذهبت بكثير من الفكار مذاهب شرتى‪ ً،‬فقام قوم يطالبون بدم عثمان‪ ً،‬ثم نشبت الحرب بين علسى‬
‫ومعاوية رضى ال عنهما من أجل الخلفة‪ ً،‬وكان لكل منهم شيعة وأنصار يشدون أزره‪ ً،‬ويقوون‬
‫عزمه‪ ً،‬وتبع ذلك انشقاقا جماعة علسى كررم ال وجهه‪ ً،‬بعد مسألة التحكيم فى الخلف الذى بينه وبين‬
‫معاوية‪ ً،‬فى السنة السابعة والثلثين من الهجرة‪ ً،‬فظهرت من ذلك الوقت فرقة الشيعة‪ ً،‬وفرقة الخوراج‪ً،‬‬
‫وفرقة المرجثة‪ ً،‬وفرقة أخرى تنحاز لمعاوية‪ ً،‬وتؤيد المويين على وجه العموم‪.‬‬
‫ثم أخذ هذا الخلف والتفرقا‪ ً،‬يتدرج شيئا فشيئا‪ ً،‬ويترقى حينا بعد حين‪ ً،‬إلى أن ظهر فى أيام المتأخرين‬
‫من الصحابة خلف القدرية‪ ً،‬وكان أول ممن جهر بهذا المذهب ووضع الحجر الساسى لقيام هذه الرفرقة‪ً،‬‬
‫معبد الجهنى الذى أخذ عنه مذهبه غيلن الدمشقى وممن شاكله‪ ً،‬وكان ينكر عليهم مذهبهم هذا ممن بقى‬
‫من الصحابة كعبد ال بن عمر‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وأنس‪ ً،‬وأبى هريرة‪ ً،‬وغيرهم‪.‬‬
‫ثم ظهر بعد هؤلء ‪ -‬وقفى زمن الحسن البصرى بالبصرة ‪ -‬خلف واصل ابن عطاء فى القدر‪ ً،‬وفى‬
‫القول بالمنزلة بين المنزلتين‪ ً،‬ومجادلته للحسن البصرى فى ذلك‪ ً،‬واعتزاله مجلسه‪ ً،‬ومن ذلك الوقت‬
‫ظهرت فرقة المعتزلة‪.‬‬
‫ثم كان من أصحاب الديانات المختلفة كاليهودية‪ ً،‬والنصرانية‪ ً،‬والمجوسية‪ ً،‬والصابئة‪ ..‬إلى آخر من تزيا‬
‫بزى السلم وأبطن الكيد له‪ ً،‬حنينا إلى رمرلتهم الولى‪ ً،‬كعبد ال بن سبأ اليهودى‪ ً،‬فأوضعوا خلل‬
‫المسلمين يبغونهم الفتنة‪ ً،‬ويرجون لهم اليفهرقة‪ ً،‬فأفلحوا فيما قصدوا إليه من تخرب المسلمين وتفرقهم‪.‬‬
‫وفى خلل ذلك غل بعضِ الطوائف التى ولدها الخلف‪ ً،‬فابتدعوا أقوالل خرجت بهم عن دائرة السلم‬
‫كالقائلين بالحلول والتناسخْ من السبئية‪ ً،‬وكالباطنية الذين ل ييعدون من فرقا السلم‪ ً،‬وإنما هو فى‬
‫الحقيقة على دين المجوس‪ .‬لم يزل الخلف يتشعب‪ ً،‬والراء تتفرقا‪ ً،‬حتى تفررقا أهل السلم وأرباب‬
‫المقالت‪ ً،‬إلى ثلث وسبعين رفرقة كما قال صاحب المواقف‪ ً،‬وكما عردهم وبيرنهم المام الكبير‪ ً،‬أبو‬
‫المظفر السفرايينى‪ ً،‬فى كتابه "التبصير فى الدين"‪ ً،‬وليس هذا موضع ذكرها واستقصائها‪.‬‬
‫والذى اشتهر من هذه الرفمرقا خمس‪ :‬أهل السسرنة‪ ً،‬والمعتزلة‪ ً،‬والمرجئة‪ ً،‬والشيعة‪ ً،‬والخوارج‪ ً،‬وما وراء‬
‫ذلك من الفرقا كالجبرية‪ ً،‬والباطنية‪ ً،‬والمشبهة‪ ً،‬وغيرها‪ ً،‬فمعظمها مشتقا من هذه المفمرقا الخمس‬
‫الرئيسية‪.‬‬
‫نحن نعلم هذا التفرقا الذى أصاب المسلمين فى وحدتهم الدينية والسياسية‪ ً،‬ونعلم أيضا‪ ً،‬أن الناس كانوا‬
‫فى عصر النبى صلى ال عليه وسلم وبعده يقرأون القرآن أو يسمعونه فيغنون بتفهم روحه‪ ً،‬فإن عنى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫علماؤهم بشئ وراء ذلك‪ ً،‬فما يوضح الية من سبب للنزول‪ ً،‬واستشهاد بأبيات من أشعار العرب يتفيسر‬
‫لفظا عربيا‪ ً،‬أو أسلوبا غامضا‪ .‬ولكرنا ل نعلم فى هذا العصر الول‪ ً،‬انحياز الصحابة إلى مذاهب دينية‬
‫وآراء فى الملل والنحل‪ ً،‬فلما وقع هذا التفرقا الذى أشرنا إليه وأجملنا مبدأه وتطوره‪ ً،‬رأينا كل رفهرقة من‬
‫هذه الرفمرقا تنظر إلى القرآن من خلل عقيدتها‪ ً،‬ويتفيسره بما يتلءم مع مذهبها‪ ً،‬فالمعتزلى يطبقا القرآن‬
‫على مذهبه فى الختيار‪ ً،‬والصفات‪ ً،‬والتحسين والتقبيح العقليين‪ ..‬وييؤيول ما ل يتفقا ومذهبه‪ ً،‬وكذلك‬
‫يفعل الشيعى‪ ً،‬وكذلك يفعل كل صاحب مذهب حتى يسلم له مذهبه‪.‬‬
‫غير أننا لم نحط علما بكل هذه النظرات المذهبية فى القرآن‪ ً،‬ولم يقع تحت أيدينا من كتب التفسير‬
‫المذهبية إل القليل النادر بالنسبة لما يحرمت منه المكتبة السلمية‪ ً،‬على أن هذا القليل ليس إل لبعضِ‬
‫الرفرقا دون بعضِ‪ ً،‬وهناك تفسيرات وتأويلت لبعضِ من آيات القرآن لبعضِ من الفرقا‪ ً،‬ولكنها متفرقة‬
‫مشتتة بين صحائف كتب التفسير خاصة وكتب العلم عامة‪ .‬وهناك رفرقا أخرى لم نظفر لها بتفسير‬
‫كامل ول بشئ من التفسير‪ ً،‬ولهذا أرى أن أتكلم عن التفسير المذهبى ل لكل الرفمرقا‪ ً،‬بل للرفرقا التى أرلفت‬
‫وخرلفت لنا كتبا فى التفسير‪ ً،‬ووقعت تحت أيدينا‪ ً،‬فاستطعنا بعد القراءة فيها والنظر إليها أن نحكم عليها‬
‫بما يتناسب مع المنهج الذى أنتهجه فيها مؤلفوها‪ ً،‬والطريقا الذى سلكوه فى شرحهم لكتاب ال تعالى‪.‬‬
‫وسبقا لنا أن تكلمنا عن التفسير بالرأى الجائز وأهم ما أيرلف فيه من كتب‪ ً،‬وذلك هو تفسير أهل السسرنة‬
‫والجماعة‪ ً،‬وتلك هى أشهر تفاسيرهم التى خرلفوها للناس‪ ً،‬فل نعود لذلك‪ ً،‬بل نشرع فى الكلم عن‬
‫موقف غيرهم من الرفمرقا‪ ً،‬بالنسبة لكتاب ال تعالى‪ ً،‬وعن أهم ما خرلفوه لنا من كتب فى التفسير‪ ً،‬وال‬
‫يتولنا وييسيدد يخطانا‪ ً،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫***‬
‫المعتزلة‪ ..‬وموقفهم من تفسير القرآن الكريم‬
‫* كلمة إجمالية عن المعتزلة وأصولهم المذهبية ‪ -‬نشأة المعتزلة‪:‬‬
‫نشأت هذه الرفهرقة فى العصر الموى‪ ً،‬ولكنها شغلت الفكر السلمى فى العصر العباسى ردحا طوي ل‬
‫ل‬
‫من الزمان‪ .‬وأصل هذه الرفهرقة هو واصل بن عطاء المرلقب بالغرزال المولود سنة ‪ 80‬هـ )ثمانين(‪ً،‬‬
‫والمتوفى سنة ‪ 131‬هـ )إحدى وثلثين ومائة(‪ ً،‬فى خلفة هشام بن عبد الملك‪ ً،‬وذلك أنه دخل على‬
‫الحسن البصرى رجل فقال‪ :‬يا إمام الدين؛ً ظهر فى زماننا جماعة يمكيفرون صاحب الكبيرة ‪ -‬يريد‬
‫وعيدية الخوارج ‪ -‬وجماعة أخرى ييرجئون الكبائر‪ ً،‬ويقولون‪ :‬ل تضر مع اليمان معصية‪ ً،‬كما ل تنفع‬
‫مع الكفر طاعة‪ ً،‬فكيف لنا أن نعتقد فى ذلك؟ فتفركر الحسن‪ ً،‬وقبل أن يجيب قال واصل‪ :‬أنا ل أقول إن‬
‫صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا‪ ً،‬ول كافر مطلقا‪ ً،‬ثم قام إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد‪ ً،‬وأخذ يقرر‬
‫على جماعة من أصحاب الحسن ما أجاب به‪ ً،‬من أن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ول كافر‪ ً،‬ويثبت له‬
‫ل‪ :‬إن المؤمن اسم مدح‪ ً،‬والفاسقا ل يستحقا المدح فل يكون مؤمنا‪ ً،‬وليس‬ ‫المنزلة بين المنزلتين‪ ً،‬قائ ل‬
‫بكافر أيضا‪ ً،‬لقراره بالشهادتين‪ ً،‬ولوجود سائر أعمال الخير فيه‪ ً،‬فإذا مات بل توبة يخيلمد فى النار‪ ً،‬إذ‬
‫ليس فى الخرة إل فريقان‪ ً،‬فريقا من الجنة‪ ً،‬وفريقا فى السعير‪ ً،‬لكن يمخمفيف عنه‪ ً،‬وتكون دركته فوقا‬
‫دركات الكفار‪ ً،‬فقال الحسن‪ :‬اعتزل عنا واصل‪ ً،‬فلذلك يسمى هو وأصحابه معتزلة‪.‬‬
‫ويلمرقب المعتزلة بالقدرية تارة‪ ً،‬وباليممعيطلة تارة أخرى‪ ً،‬أما تلقييبهم بالقدرية‪ ً،‬فلنهم يسندون أفعال العباد‬
‫إلى قدرتهم‪ ً،‬وينكرون المقمدر فيها‪ .‬وأما تلقيبهم باليممعيطلة فلنهم يقولون بنفى صفات المعانى فيقولون‪ :‬ال‬
‫عارلم بذاته‪ ً،‬قاردر بذاته‪ ..‬وهكذا‪ .‬فأنت ترى مما تقدم‪ ً،‬أن العتزال نشأ فى البصرة‪ ً،‬ولكن سرعان ما‬
‫انتشر فى العراقا‪ ً،‬واعتنقه من خلفاء بنى أمية يزيد بن الوليد‪ ً،‬ومروان بن محمد‪ ً،‬وفى العصر العباسى‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫استحفل أمر المعتزلة‪ ً،‬واحتلت أفكارهم وعقائدهم من عقول الناس وجدل العلماء مكانا عظيما‪ ً،‬وما لبث‬
‫أن تكرونت للعتزال مدرستان كبيرتان‪ :‬مدرسة البصرة‪ ً،‬وعلى رأسها واصل بن عطاء‪ .‬ومدرسة‬
‫بغداد‪ ً،‬وعلى رأسها بشر بن المعتمر‪ ً،‬وكان بين معتزلى البصرة ومعتزلى بغداد جدال وخلف فى كثير‬
‫من المسائل‪.‬‬
‫ول أطيل بذكر ما كان بين المدرستين من مسائل خلفية‪ ً،‬فإن هذه اليعمجتلة ل تتحمل الطالة والتفصيل‪ً،‬‬
‫ويكفى أن يأجمل القول فى ذكر يأصول المعتزلة‪ ً،‬وأن أشير إلى تعدد فرقهم‪ ً،‬وممن أراد التفصيل فليرجع‬
‫إلى الكتب التى أييلفت فى تاريخْ الرفمرقا‪ ً،‬وهى كثيرة‪.‬‬
‫**‬
‫* أصول المعتزلة‪:‬‬
‫أما أصول المعتزلة فهى خمسة‪ :‬التوحيد‪ ً،‬والعدل‪ ً،‬والوعد والوعيد‪ ً،‬والمنزلة بين المنزلتين‪ ً،‬والمر‬
‫بالمعروف والنهى عن المنكر‪ .‬وهذه الصول الخمسة يجمع الكل عليها‪ ً،‬وممن لم يقل بها جميعا فليس‬
‫معتزليا بالمعنى الصحيح‪ .‬قال أبو الحسن الخياط أحد زعماء المعتزلة فى القرن الثالث الهجرى‪" :‬وليس‬
‫يستحقا أحد منهم اسم العتزال حتى يجمع القول بالصول الخمسة‪ :‬التوحيد‪ ً،‬والعدل‪ ً،‬والوعد‪ ً،‬والوعيد‪ً،‬‬
‫والمنزلة بين المنزلتين‪ ً،‬والمر بالمعروف والنهى عن المنكر‪ ً،‬فإذا كملت هذه الخصال فهو معتزلى"‪.‬‬
‫أما التوحيد‪ :‬فهو لييب مذهبهم‪ ً،‬ورأس نحلتهم‪ ً،‬وقد بنوا على هذا الصل‪ :‬استحالة رؤية ال سبحانه‬
‫وتعالى يوم القيامة‪ ً،‬وأن الصفات ليست شيئا غير الذات‪ ً،‬وأن القرآن مخلوقا ل تعالى‪.‬‬
‫وأما العدل‪ :‬فقد بنوا عليه‪ :‬أن ال تعالى لم يشأ جميع الكائنات‪ ً،‬ول خلقها ول هو قادر عليها‪ ً،‬بل عندهم‬
‫أن أفعال العباد لم يخلقها ال تعالى‪ ً،‬ل خيرها ول شرها‪ ً،‬ولم يرد إل ما أمر به شرعا‪ ً،‬وما سوى ذلك‬
‫فإنه يكون بغير مشيئته‪.‬‬
‫وأما الوعد والوعيد‪ :‬فمضمونه‪ ً،‬أن ال يجازى ممن أحسن بالحسان‪ ً،‬وممنت أساء بالسوء‪ ً،‬ل يغفر‬
‫لمرتكب الكبيرة ما لم يتب‪ ً،‬ول يقبل فى أهل الكبائر شفاعة‪ ً،‬ول ييخرج أحدا منهم من النار‪ .‬وأوضح‬
‫من هذا أنهم يقولون‪ :‬إنه يجب على ال أن ييثيب المطيع وييعاقب مرتكب الكبيرة‪ ً،‬فصاحب الكبيرة إذا‬
‫مات ولم يتب ل يجوز أن يعفو ال عنهن‪ ً،‬لنه أوعد بالعقاب على الكبائر وأخبر به‪ ً،‬فلو لم يعاقب لزم‬
‫الخلف فى وعيده‪ .‬وهم يعنون بذلك أن الثواب على الطاعات‪ ً،‬والعقاب على المعاصى قانون حتمى‬
‫صردقا بوحدانية ال وآمن برسله‪ ً،‬لقوله‬ ‫التزم ال به‪ ً،‬كما قالوا‪ :‬إن مرتكب الكبيرة يممخرلفد فى النار ولو م‬
‫صمحايب‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [81‬من سورة البقرة‪} :‬مبلمـى ممن مكمسمب مسيمئلة موأممحامطهت ربره مخرطييـمئيتيه مفيأهولميـرئمك أم ه‬
‫ٱلرنارر يههم رفيمها مخارليدومن{ُ‪ ..‬وأما المنزلة بين المنزلتين‪ :‬فقد سبقا أن بريناا فى مناظرة واصل بن عطاء‬
‫للحسن البصرى‪.‬‬
‫وأما المر بالمعروف والنهى عن المنكر‪ ً،‬فهو مبدأ مقرر عندهم‪ ً،‬وواجب على المسلمين لنشر الدعوة‬
‫السلمية‪ ً،‬وهداية الضالين وإرشاد الغاوين‪ ً،‬ولكنهم بالغوا فى هذا الصل‪ ً،‬وخالفوا ما عليه الجمهور‪ً،‬‬
‫فقالوا‪ :‬إن المر بالمعروف والنهى عن المنكر يكون بالقلب إن كفى‪ ً،‬وباللسان إن لم يكف القلب‪ ً،‬وباليد‬
‫إن لم يغنيا‪ ً،‬وبالسيف إن لم تكف اليد‪ ً،‬لقوله تعالى فى الية ]‪ [9‬من سورة الحجرات‪} :‬مورإن مطآرئمفمتارن رممن‬
‫صرليحوها مبهيمنيهمما مفإن مبمغهت إهحمدايهمما معلمـى ٱ ي‬
‫لهخمرـى مفمقارتيلوها ٱلررتي متهبرغي محرتـى مترفييمء إرلمـى أمهمرر‬ ‫ٱهليمهؤرمرنيمن ٱهقمتمتيلوها مفمأ ه‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ٱلرلره{ُ‪ ..‬وهم فى ذلك ل ييفيرقون بين صاحب السلطان وغيره‪ ً،‬كما أنهم لم ييفيرقوا بين الصول الدينية‬
‫اليمهجميع عليها وعقائدهم العتزالية‪.‬‬
‫وهناك مبادئ أخرى للمعتزلة‪ ً،‬ل يشتركون فيها‪ ً،‬بل هى مبادئ خاصة لكل رفهرقة من رفرقهم المتعددة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التى بلغت العشرين أو تزيد‪ ً،‬ول أطيل بذكر هذه الرفمرقا وبيان خصائص كل رفهرقة‪ ً،‬وأحيلك على‬
‫المواقف‪ ً،‬أو التبصير فى الدين‪ ً،‬أو المفهرقا بين الرفمرقا وخصائصها‪ ً،‬إذ ليس هذا موضع التفصيل‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فقد عرفنا نشأة المعتزلة‪ ً،‬وعرفنا أصولهم التى أجمعوا عليها‪ ً،‬وما علينا بعد ذلك إل أن نتكلم‬
‫عن موقفهم الذى وقفوه من تفسير القرآن‪ ً،‬ثم بعد ذلك نتكلم عن أهم من عرفناه من مفيسرى المعتزلة‪.‬‬
‫وعن كتبهم التى ألريفوها فى التفسير‪ ً،‬ونسأل ال التوفيقا والسداد‪.‬‬
‫**‬
‫موقف المعتزلة من تفسير القرآن الكريم‬
‫* إقامة تفسيرهم على أصولهم الخمسة‪:‬‬
‫أقام المعتزلة مذهبهم على الصول الخمسة التى ذكرناها آنفا‪ ً،‬ومن المعلوم أن هذه الصول ل تتفقا‬
‫ومذهب أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬الذين يعتبرون أهم خصوصهم‪ ً،‬لهذا كان من الضرورى لهذه الرفهرقة ‪-‬‬
‫رفهرقة المعتزلة ‪ -‬فى سبيل مكافحة خصومها‪ ً،‬أن يتقيم مذهبها ويتديعم تعاليمها على يأسس دينية من‬
‫القرآن‪ ً،‬وكان ل بد لها أيضا أن ترد الحجج القرآنية لهؤلء الخصوم‪ ً،‬وتضعف من قوتها‪ ً،‬وسبيل ذلك‬
‫كله هو النظر إلى القرآن أولل من خلل عقيدتهم‪ ً،‬ثم إخضاعهم عبارات القرآن لرائهم التى يقولون‬
‫بها‪ ً،‬وتفسيرهم لها تفسيرا يتفقا مع نحلتهم وعقيدتهم‪.‬‬
‫ول شك أن مثل هذا التفسير الذى يخضع للعقيدة‪ ً،‬يحتاج إلى مهارة كبيرة‪ ً،‬واعتماد على العقل أكثر من‬
‫العتماد على النقل‪ ً،‬حتى يستطيع المفيسر الذى هذا حاله‪ ً،‬أن يلوى العبارة إلى جانبه‪ ً،‬ويصرف ما‬
‫يعارضه عن معارضته له وتصادمه معه‪.‬‬
‫والذى يقرأ تفسير المعتزلة‪ ً،‬يجد أنهم بنوا تفسيرهم على يأسسهم من التنزيه المطلقا‪ ً،‬والعدل حرية‬
‫الرادة‪ ً،‬وفعل الصلح‪ ..‬ونحو ذلك‪ ً،‬ووضعوا أسسا لليات التى ظاهرها التعارضِ مفمحركيموا العقل‪ً،‬‬
‫ليكون الفيصل بين المتشابهات وقد كان ممن قبلهم يكتفون بمجرد النقل عن الصحابة أو التابعين‪ ً،‬فإذا‬
‫جاءوا المتشابهات سكتوا وفروضوا العلم ل‪.‬‬
‫**‬
‫* إنكار المعتزلة لما يعارضهم من الحاديث الصحيحة‪:‬‬
‫ثم إن هذا السلطان العقلى المطلقا‪ ً،‬قد مجرر المعتزلة إلى إنكار ما صح من الحاديث التى تناقضِ أسسهم‬
‫وقواعدهم المذهبية‪ ً،‬كما أنه نقل التفسير الذى كان يعتمد أولل وقبل كل شئ على الشعور الحى‪ً،‬‬
‫والحساس الدقيقا‪ ً،‬البساطة فى الفهم وعدم التكلف والتعمقا‪ ً،‬إلى مجموعة من القضايا العقلية‪ً،‬‬
‫والبراهين المنطقية‪ ً،‬مما يشهد للمعتزلة ‪ -‬رغم اعتزالهم ‪ -‬بقوة العقل وجودة التفكير‪.‬‬
‫ومع أن هذا السلطان العقلى المطلقا‪ ً،‬كان له الثر الكبر فى تفسير المعتزلة للقرآن‪ ً،‬حتى اضطرهم فى‬
‫بعضِ الحيان إلى رد ما يعارضهم من الحاديث الصحيحة‪ ً،‬فإرنا ل نستطيع أن نقول أن نقول إن‬
‫المعتزلة كانوا يقصدون الخروج على الحديث أو عدم العتراف بالتفسير المأثور‪ ً،‬وذلك لن حالهم‬
‫بإزاء التفسير المأثور وتصديقهم له‪ ً،‬يظهر بأجلى وضوح من حكم النظام على استرسال المفيسرين من‬
‫معاصريه‪.‬‬
‫وكان "النظام" معتبرا فى مدرسة المعتزلة من الرؤوس الحرة الواسعة الحرية وقد ذكر لنا تلميذه‬
‫الجاحظ قوله الذى قاله فى شأن هؤلء المفيسرين‪ ً،‬وهذا نصه‪ :‬قال الجاحظ‪" :‬كان أبو إسحاقا يقول‪ :‬ل‬
‫تسترسلوا إلى كثير من المفيسرين وإن نصبوا أنفسهم للعامة وأجابوا فى كل مسألة‪ ً،‬فإن كثيرا منهم يقول‬
‫بغير رواية على غير أساس وكلما كان المفيسر أغرب عندهم كان أحب إليهم‪ ً،‬وليكن عندكم رعكرمة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والكلبى‪ ً،‬والسدسى‪ ً،‬والضحاك‪ ً،‬ومقاتل بن سليمان‪ ً،‬وأبو بكر الصم فى سبيل واحدة‪ ً،‬وكيف أثقا‬
‫بنفسيرهم وأسكن إلى صوابهم وقد قالوا فى قوله معرز ومجرل‪} :‬موأمرن ٱهلمممسارجمد رللرره{ُ‪ :‬إن ال معرز ومجرل‪ ً،‬لم‬
‫يعن بهذا الكلم مساجدنا التى نصلى فيها‪ ً،‬بل إنما عنى الجباه‪ ً،‬وكل ما سجد الناس عليه من يد وجبهة‬
‫وأنف وثفنة ‪ -‬وقالوا فى قوله تعالى‪} :‬أممف م ي‬
‫لهبرل مكهيمف يخرلمقهت{ُ‪ :‬إنه ليس يعنى الجمال‬ ‫ل مينظيرومن إرملى ٱ ر‬
‫ضوهَد{ُ قالوا‪ :‬الطلح هو الموز ‪ -‬وجعلوا‬ ‫والنوقا‪ ً،‬وإنما يعنى السحاب ‪ -‬وإذا يسئلوا عن قوله‪} :‬مومطهلهَح رمن ي‬
‫لمم وأن الناس غريروه قوله تعالى‪} :‬يكرتمب معلمهييكيم‬ ‫الدليل على أن شهر رمضان قد كان فرضا على جميع ا ي‬
‫صميايم مكمما يكرتمب معملى ٱرلرذيمن رمن مقهبرليكهم{ُ‪ ..‬وقالوا فى قوله تعالى‪} :‬مقامل مريب رلم محمشهرمترنيي أمهعممـى مومقهد يكنيت‬ ‫ٱل ي‬
‫صيرا{ُ‪..‬قالوا‪ :‬إنه حشره بل يحجة ‪ -‬وقالوا فى قوله تعالى‪} :‬موهيفل ليهليممطيفرفيمن{ُ‪ :‬الويل واد فى جهنم‪ ً،‬ثم‬ ‫مب ر‬
‫قعدوا يصفون ذلك الوادى‪ .‬ومعنى الويل فى كلم العرب معروف‪ ً،‬وكيف كان فى الجاهلية قبل‬
‫السلم‪ ً،‬وهو من أشهر كلمهم ‪ -‬وسئلوا عن قوله تعالى‪} :‬يقهل أميعويذ ربمريب ٱهلمفلمرقا{ُ‪ ..‬قالوا‪ :‬الفلقا واد فى‬
‫جهنم‪ .‬ثم قعدوا يصفونه‪ ً،‬وقال آخرون‪ :‬الفلقا‪ :‬المقطرة بلغة اليمن‪ ..‬إلى آخر ما ذكره من تفسيراتهم‬
‫الغريبة"‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الزمخشرى ‪ -‬وهو أهم ممن عرفنا من مفيسرى المعتزلة ‪ -‬نجده كثيرا ما يذكر ما جاء عن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم أو عن المسلف من التفسير ويعتمد على ما يذكر من ذلك فى تفسيره‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [42 - 41‬من سورة الحزاب‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها ٱهذيكيروها ٱللرمه‬ ‫فمث ل‬
‫ل{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪} :‬ٱهذيكيروها ٱلرلمه{ُ اثنوا عليه بضروب الثناء‪ ً،‬من‬ ‫صي ل‬‫رذهكرا مكرثيرا * مومسيبيحويه يبهكمرلة موأم ر‬
‫ل{ُ أى كافة الوقات‪ً،‬‬ ‫صي ل‬ ‫التقديس‪ ً،‬والتحميد‪ ً،‬والتهليل‪ ً،‬والتكبير‪ ً،‬وما هو أهله‪ ً،‬وأكثروا ذلك }يبهكمرلة موأم ر‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ذكر ال على فم كل مسلم" ‪ -‬وريوى‪" :‬فى قلب كل مسلم" وعن‬
‫قتادة‪" :‬قولوا سبحان ال‪ ً،‬والحمد ل‪ ً،‬ول إله إل ال‪ ً،‬وال أكبر‪ ً،‬ول حول ول قوة إل بال العلى العظيم"‬
‫وعن مجاهد‪" :‬هذه كلمات يقولها الطاهر واليجينب والغفلن" أعنى‪ :‬اذكروا وسيبحوا موجهان إلى اليبكرة‬
‫صرل يوم الجمعة"‪ ..‬إلخْ‪.‬‬ ‫صهم و م‬ ‫والصيل‪ ً،‬كقولك‪ :‬ي‬
‫* ادعاؤهم أن كل محاولتهم فى التفسير مرادة ل‪:‬‬
‫ثم إن المعتزلة ‪ -‬بناء على رأيهم فى الجتهاد‪ ً،‬من أن الحكم ما أردى إيه اجتهاد كل مجتهد‪ ً،‬فإذا اجتهدوا‬
‫فى حادثة فالحكم عند ال تعالى فى حقا كل واحد مجتهده ‪ -‬رفضوا أن يكون للية التى تحتمل أوجها‬
‫تفسيرا واحدا ل خطأ فيه‪ ً،‬وحكموا على جميع محاولتهم التى حاولوها فى حل المسائل الموجودة فى‬
‫القرآن‪ ً،‬بأنها مرادة ل تعالى‪ ً،‬وغاية ما قطعوا به هو عدم إمكان التفسير المخالف لمبادئهم وآرائهم‪.‬‬
‫وبدهى أن هذا الذى ذهب إليه المعتزلة‪ ً،‬يخالف مذهب أهل السسرنة من أن لكل آية من القرآن معنى واحدا‬
‫مرادا ل تعالى‪ ً،‬وما عداه من المعانى المحتملة‪ ً،‬فهى محاولت واجتهادات‪ ً،‬ييراد منها الوصول إلى‬
‫يمراد ال بدون قطع‪ ً،‬غاية المر أن المفيسر يقول باجتهاده‪ ً،‬والمجتهد قد ييخطئ وقد ييصيب‪ ً،‬وهو‬
‫مأجور فى الحالتين وإن كان الجر على تفاوت‪* * .‬‬
‫* المبدأ اللغوى فى التفسير وأهميته لدى المعتزلة‪:‬‬
‫كذلك نجد المعتزلة قد حرصوا كل الحرص على الطريقة اللغوية التى تعتبر عندهم المبدأ العلى‬
‫لتفسير القرآن‪ ً،‬وهذا المبدأ اللغوى‪ ً،‬يظهر أثره واضحا فى تفسيرهم للعبارات القرآنية التى ل يليقا‬
‫ظاهرها عندهم بمقام اللوهية‪ ً،‬أو العبارات التى تحتوى على التشبه‪ ً،‬أو العبارات التى تصادم بعضِ‬
‫أصولهم‪ ً،‬فنراهم يحاولون أولل إبطال المعنى الذى يرونهن مشتبها فى اللفظ القرآنى‪ ً،‬ثم ييثبتون لهذا‬
‫اللفظ معنى موجودا فى اللغة ييزيل هذا الشتباه ويتفقا مع مذهبهم‪ ً،‬ويستشهدون على ما يذهبون إليه من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المعانى التى يحملون ألفاظ القرآن عليهم بأدلة من اللغة والشعر العربى القديم‪.‬‬
‫ل اليات التى تدل على رؤية ال تعالى كقوله سبحانه فى اليتين ]‪ [23 - 22‬من سورة القيامة‪:‬‬ ‫فمث ل‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ .‬وقوله تعالى فى الية ]‪ [23‬من سورة المطففين‪} :‬معملى‬ ‫}يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫لمرآرئرك مينيظيرومن{ُ نجد المعتزلة ينظرون إليها بعين غير العين التى ينظر بها أهل السسرنة‪ ً،‬ويحاولون بكل‬ ‫ٱم‬
‫ما يستطيعون أن يمطيبقوا مبدأهم اللغوى‪ ً،‬حتى يتخلصوا من الورطة التى أوقعهم فيها ظاهر اللفظ‬
‫الكريم‪ ً،‬فإذا بهم يقولون‪ :‬إن النظر إلى ال معناه الرجاء والتوقع للنعمة والكرامة‪ ً،‬واستدلوا على ذلك‬
‫بأن النظرإلى الشئ فى العربية ليس مختصا بالرؤية المادية‪ ً،‬واستشهدوا على ذلك بقول الشاعر‪:‬‬
‫*وإذ نظريت إليك من ملك * والبحر دونك زدتنى نعما*‬
‫ل عندما يقرأ المعتزلى قوله تعالى فى الية ]‪ [31‬من سورة الفرقان‪} :‬مومكمذرلمك مجمعهلمنا رليكيل منربري معيدسوا‬ ‫ومث ل‬
‫يممن ٱهليمهجرررميمن{ُ يجد أن مذهبه الذى يقول بوجوب الصلح والصلح على ال ل يتفقا وهذا الظاهر من‬
‫معنى الجعل‪ ً،‬ولكن سرعان ما يتخلص من هذه الضائقة العارلم المعتزلى الكبير أبو علسى الجبائى فيفيسر‪:‬‬
‫"جعل" بمعنى "مبرين" ل بمعنى خلقا‪ ً،‬ويستدل على ذلك بقول الشاعر‪:‬‬
‫*جعلنا لهم نهج الطريقا فأصبحوا * على ثبت من أمرهم حين يمموا*‬
‫فيكون المعنى على هذا‪ :‬أن ال سبحانه مبريمن لكل نبى عدوه حتى يأخذ حذره منه‪.‬‬
‫**‬
‫*تصرف المعتزلة فى القراءات المتواترة المنافية لمذهبهم‪:‬‬
‫وأحيانا يحاول المعتزلة تحويل النص القرآنى من أجل عقيدتهم إلى ما ل يتفقا وما تواتر من القراءات‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ل ينظر بعضِ المعتزلة إلى قوله تعالى فى الية ]‪ [164‬من سورة النساء‪} :‬مومكلرم ٱللريه يمومسـى‬ ‫فمث ل‬
‫متهكرليما{ُ‪ ..‬فيرى أن مذهبه ل يتفقا وهذا اللفظ القرآنى حيث جاء المصدر مؤسكدا للفعل‪ ً،‬رافعا لحتمال‬
‫المجاز‪ ً،‬فيبادر إلى تحويل هذا النص إلى ما يتفقا ومذهبه فيقرؤه هكذا‪" :‬وكرلم ال موسى تكليما" بنصب‬
‫لفظ الجللة على أنه مفعول‪ ً،‬ورفع موسى على أنه فاعل‪ .‬وبعضِ المعتزلة ييبقى اللفظ القرآنى على‬
‫وضعه المتواتر‪ ً،‬ولكنه يحمله على معنى بعيد حتى ل يبقى مصادما لمذهبه فيقول‪ :‬إن "كلم" من المكهلم‬
‫بمعنى الجرح‪ ً،‬فالمعنى‪ :‬وجرح ال موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن‪ ً،‬وهذا ليفر من ظاهر النظم‬
‫الذى يصادم عقيدته ويخالف هواه‪.‬‬
‫هذا الذى ذكرناه‪ ً،‬تع ررضِ له الزمخشرى فى كشافه‪ ً،‬فرواه عمن قال به عندما تكلم عن هذه الية فقال‪:‬‬
‫وعن إبراهيم ويحيى بن وثاب أنهما قرءا "وكلم ال" بالنصب‪ ً،‬ثم قال منددا بالرأى الثانى‪" :‬ومن بدع‬
‫التفاسير أنه من المكهلم‪ ً،‬وأن معناه‪ :‬وجرح ال موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن"‪.‬‬
‫ومن المثلة التى يظهر فيها هذا التصرف من أجل أغراضهم المذهبية‪ ً،‬قوله تعالى فى الية ]‪ [88‬من‬
‫ل رما يهؤرمينومن{ُ‪ ..‬فبعضِ المعتزلة أحس من‬ ‫سورة البقرة‪} :‬مومقايلوها يقيلويبمنا يغهلفف مبل لرمعمنيهيم ٱللريه ربيكهفرررههم مفمقرلي ل‬
‫هذه الية أنها ل تتفقا ومذهبه‪ ً،‬لنها يتشعر بأن ال خلقا قلوبهم على طبيعة وحالة ل تقبل معها السلم‪ً،‬‬
‫فيكون هو الذى منعهم عن الهدى وألجأهم إلى الضلل فقرأها هذا المعتزلى‪" :‬يغليفف"‪ ..‬جمع غلف‬
‫بمعنى الوعاء‪ ً،‬أى قلوبنا أوعية حاوية للعلم‪ ً،‬فهم مستغنون بما عندهم عما جاءهم به محمد عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ً،‬وهذا الوجه يتمشى مع القراءة المعروفة‪} :‬يغهلفف{ُ على أنه مخفف "غلف"‪ ً،‬وبطبيعة الحال يكون‬
‫هذا القول من اليهود افتخارا منهم بأن قلوبهم أوعية للعلم‪ ً،‬فل حاجة لهم بما جاء به محمد عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ً،‬وليس اعتذارا منهم وتبريرا لكفرهم بأن ال خلقا قلوبهم فى أكنة مما يدعوهم إليه‪ ً،‬ومغشاة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بأغطية تمنع وصول دعوة الرسول إليها‪.‬‬
‫وهذا الذى ذكرنا من قراءة "غلف" بدون تخفيف تعرضِ لذكره الزمخشرى فقال‪" :‬وقيل يغيلف‪ :‬تخفيف‬
‫يغهلف‪ ً،‬جمع غلف أى قلوبنا أوعية للعلم فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره‪ ً،‬وريوى عن أبى عمرو‪:‬‬
‫"قلوبنا يغهلف"‪ ..‬بضمتين‪.‬‬
‫كما ذكره أيضا المام فخر الدين الرازى فى تفسيره لهذه الية فقال‪ ..." :‬وثانيها ‪ -‬أى ثانى الوجه ‪-‬‬
‫روى الصم عن بعضهم أن قلوبهم يغليهف بالعلم‪ ً،‬ومملوؤة بالحكمة‪ ً،‬فل حاجة معها بهم إلى شرع محمد‬
‫عليه السلم"‪.‬‬
‫وهكذا نجد شيوخ المعتزلة‪ ً،‬يحاولون التوفيقا بين مذهبهم والقرآن‪ ً،‬بكل ما يستطيعون من وسائل‬
‫التوفيقا‪ ً،‬تارة بتطبيقا مبدئهم اللغوى على كثير من آيات القرآن الكريم‪ ً،‬حتى يتمشى النص القرآنى مع‬
‫قواعد مذهبهم أو يتلخصوا من معارضته ومصادمته لهم على القل‪ ً،‬وتارة بتحويل النص القرآنى‬
‫والتصرف فيه‪ ً،‬بما يجعله فى جانبهم ل فى جانب خصومهم‪.‬‬
‫* نقد ابن قتيبة لهذا المسلك العتزالى فى التفسير‪:‬‬
‫لمة ابن قتيبة وأهاجه عليهم فانتقدهم انتقاضا مرا لذعا فى كتابه‬ ‫غير أن هذا المسلك قد أغضب الع ر‬
‫"تأويل مختلف الحديث"‪ ً،‬وإليك ما قاله بنصه لتقف على ما كان بين الفريقين ‪ -‬فريقا أهل السسرنة وفريقا‬
‫المعتزلة ‪ -‬من جدال ومحاورة‪ ً،‬وليتبين لك مقدار الميل بالعبارات القرآنية إلى ناحية المذهب والعقيدة‬
‫من كبار شيوخ المذهب العتزالى‪.‬‬
‫قال أبو محمد‪" :‬وفرسروا ‪ -‬أى المعتزلة ‪ -‬القرآن بأعجب تفسير‪ ً،‬يريدون أن يردوه إلى مذهبهم‪ً،‬‬
‫ضِ{ُ أى‬ ‫ويحملوا التأويل على نحلهم‪ ً،‬فقال فريقا منهم فى قوله تعالى‪} :‬مورسمع يكهررسسييه ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر م‬
‫علمه‪ ً،‬وجاءوا على ذلك بشاهد ل ييعرف‪ ً،‬وهذا قول الشاعر‪:‬‬
‫*ول بكهرسيئ علم ال مخلوقا*‬
‫كأنه عندهم‪ :‬ول يعلم علم ال مخلوقا‪ .‬والكرسى غير مهموز‪ ً،‬وبكرسئ مهموز‪ ً،‬يستوحشون أن يجعلوا‬
‫ل تعالى كرسيا أو سريرا‪ ً،‬ويجعلون العرش شيئا آخر‪ ً،‬والعرل ل تعرف من العرش إل السرير وما‬
‫عرش من السقف والبار‪ ً،‬يقول ال تعالى‪} :‬مومرمفمع أممبموهيره معملى ٱهلمعهررش{ُ‪ ..‬أى السرير‪ ً،‬وأمية بن أبى‬
‫الصلت يقولو‪:‬‬
‫*مميجدوا ال‪ ً،‬وهو للمجد أهل * ربنا فى السماء أمسى كبيرا*‬
‫*بالبناء العلى الذى سبقا النا * س وسروى فوقا السماء سريرا*‬
‫*مشهر مجعا ما يناله العيـ * ـن ترى دونه الملئك صورا*‬
‫وقال فريقا منهم فى قوله تعالى‪} :‬مولممقهد مهرمهت ربره مومهرم ربمها{ُ‪ :‬إنها مهرمهت بالفاحشة‪ ً،‬وهرم هو بالفرار منها أو‬
‫ل مأن ررمأى يبهرمهامن مريبره{ُ أفتراه أراد الفرار منها أو الضرب لها‪ ً،‬فلما‬ ‫الضرب لها‪ ً،‬وال تعالى يقول‪} :‬لمهو ي‬
‫رأى البرهان أقام عندها؟ وليس يجوز فى اللغة أن تقول‪ :‬همميت بفلن ومهرم بى‪ ً،‬وأنت تريد اختلف‬
‫الهرمين حتى تكون أنت تهم بإهانته ويهم هو بإكرامك‪ ً،‬وإنما يجوز هذا الكلم إذا اتفقا الهرمان‪.‬‬
‫صـى مءامديم مرربيه مفمغموـى{ُ‪ :‬إنه أتخم من أكل الشجرة‪ ً،‬فذهبوا إلى قول‬ ‫وقال فريقا منهم فى قوله تعالى‪} :‬مومع م‬
‫غوى‪ ً،‬إذا أكثر من شرب اللبن حتى يبشم‪ .‬وذلك غموى ميهغروى مغسيا‪ ً،‬وهو‬ ‫العرب‪ :‬مغرومى الفصيل ميهغوى م ر‬
‫من البشم‪ :‬مغروى ميهغموى مغوسى‪.‬‬
‫ه‬
‫لهنرس {ُ‪ :‬أى ألقينا فيها‪ ً،‬يذهب إلى‬ ‫وقال فريقا منهم فى قوله تعالى‪ } :‬مولممقهد مذمرأمنا رلمجمهرنم مكرثيرا يممن ٱهلرجين موٱ ر‬
‫قول الناس‪ :‬ذرته الريح‪ .‬ول يجوز أن يكون ذرأنا من ذرته الريح‪ ً،‬لن ذرأنا مهموز‪ ً،‬وذرته الريح‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تذروه غير مهموز‪ .‬ول يجوز أن نجعله من أذرته الدابة عن ظهرها أى ألقته‪ ً،‬لن ذلك من "ذرأت"‬
‫تقدير فعلت بالهمز‪ ً،‬وهذا من "أذريت" تقدير أفعلت بل همز‪ ً،‬واحتج بقول المثقب العبدى‪:‬‬
‫*تقول إذا ذرأت لها وضينى * أهذا دينه أبدا ودينى؟*‬
‫وهذا تصحيف‪ ً،‬لنه قال‪ :‬تقول إذا درأت‪ ً،‬أى دفعت‪ ً،‬بالدال غير معجمة‪ .‬وقالوا فى قوله معرز وجرل‪:‬‬
‫ضبا مفمظرن مأن رلن رنهقردمر معلمهيره{ُ‪ :‬إنه ذهب مغاضبا لقومه‪ ً،‬استيحاشا من أن يجعلوه‬ ‫}مومذا ٱلسنورن رإذ رذمهمب يممغا ر‬
‫مغاضبا لربه مع عصمة ال‪ ً،‬فجعلوه مغاضبا لقومه حين آمنوا‪ ً،‬ففروا إلى مثل ما استقبحوا‪ ً،‬وكيف‬
‫يجوز أن يغضب نبى ال صلى ال عليه وسلم على قومه حين آمنوا وبذلك يبرعمث وبه يأمرر؟ وما الفرقا‬
‫بينه وبين ال إن كان يغضب من إيمان مائة ألف أو يزيدون ولم يخرج مغاضبا لربه ول لقومه؟ ‪-‬‬
‫وهذا مبين فى كتابى المؤلف فى مشكل القرآن‪ ً،‬ولم يكن قصدى فى هذا الكتاب الخبار عن هذه‬
‫الحروف وأشباهها‪ ً،‬وإنما كان القصد به الخبار عن جهلهم وجرأتهم على ال بصرف الكتاب إلى ما‬
‫يستحسنون‪ ً،‬وحمل التأويل على ما ينتحلون‪.‬‬
‫ل{ُ‪ :‬أى فقيرا إلى رحمته‪ ً،‬وجعلوه من المخلة بفتح الخاء‪ً،‬‬ ‫وقالوا فى قوله تعالى‪} :‬موٱرتمخمذ ٱللريه إرهبمرارهيم مخرلي ل‬
‫ل لحد من خلقه‪ ً،‬واحتجوا بقول زهير‪:‬‬ ‫استيحاشا أن يكون ال تعالى خلي ل‬
‫*وإن أتاه خليل يوم مستغبة * يقول ل غائب مالى ول حرم*‬
‫أى إن أتاه فقير‪ ً،‬فأيه فضيلة فى هذا القول لبراهيم صلى ال عليه وسلم؟ أما تعلمون أن الناس جميعا‬
‫فقراء إلى ال تعالى‪ ً،‬وهل إبراهيم خليل ال إل كما قيل‪ ً،‬وموسى كليم ال‪ ً،‬وعيسى روح ال؟‬
‫وقالوا فى قوله تعالى‪} :‬مومقاملرت ٱهلمييهويد مييد ٱلرلره ممهغيلوملفة{ُ‪ :‬إن اليد ههنا النعمة‪ ً،‬لقول العرب‪ :‬لى عند فلن‬
‫يد‪ ً،‬أى نعمة ومعروف‪ .‬وليس يجوز أن تكون اليد ههنا النعمة‪ ً،‬لنه قال‪} :‬يغلرهت أمهيرديرههم{ُ معارضة عما‬
‫قالوه فيها‪ ً،‬ثم قال‪} :‬مبهل ميمدايه ممهبيسومطمتارن{ُ‪ ...‬ول يجوز أن يكون أراد يغرلت نعمهم بل نعمتاه مبسوطتان‪ً،‬‬
‫لن النعم ل يترغل‪ ً،‬ولن المعروف ل يمكرنى عنه باليدين كما يمكرنى عنه باليد‪ ً،‬إل أن يريد جنسين من‬
‫المعروف فيقول‪ :‬لى عنده يدان‪ .‬ونعم ال تعالى أكثر من أن ييحاط بها"‪.‬‬
‫**‬
‫* تذرع المعتزلة بالفروضِ المجازية إذا بدا ظاهر القرآن غريبا‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن المعتزلة فى كثير من الحيان‪ ً،‬يعتمدون فى طريقتهم التفسيرية على الفروضِ المجازية‪ً،‬‬
‫فمثلص إذا مروا بآية من اليات التى تبدو فى ظاهرها غريبة مستبعدة‪ ً،‬كقوله تعالى فى الية ]‪[172‬‬
‫من سورة العراف‪} :‬موإرهذ أممخمذ مرسبمك رمن مبرنيي مءامدم رمن يظيهورررههم يذيرريمتيههم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬وقوله تعالى فى الية ]‬
‫ضِ موٱهلرجمبارل مفأمبهيمن مأن ميهحرمهلمنمها{ُ‪...‬‬ ‫لممامنمة معملى ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬ ‫ضمنا ٱ م‬
‫‪ [77‬من سورة الحزاب‪} :‬إررنا معمر ه‬
‫الية‪ ً،‬نجدهم يحملون الكلم على التمثيل أو التخييل‪ ً،‬ول يقولون بالظاهر لول يحيومون عليه‪ ً،‬الرلهم إل‬
‫للرد على من يقول به ويمجيوز حصوله‪ ..‬نعم إن القرآن يمثل القمة العالية فى كمال السلوب وبراعة‬
‫النظم‪ ً،‬وهو فى نفسه يقبل ما يقوله المعتزلة من المجازات والستعارات‪ ً،‬ولكن ما الذى يمنع من إرادة‬
‫الحقيقة؟ وأى صارف يصرف اللفظ عن الظاهر إلى غيره من التمثيل أو التخييل بعد ما تقرر من أن‬
‫اللفظ إذا أمكن حمله على الظاهر وجب حمله عليه وقبح صرفه إلى غير ما يتبادر منه؟؟‪ ..‬الرلهم ل شئ‬
‫يمنع من إرادة المعنى الظاهر إل استبعاد ذلك على قدرة ال تعالى‪ ً،‬ولسنا فى شك من صلحية القدرة‬
‫لمثل ما جاء فى اليات التى أشرنا إليها‪ ً،‬غاية المر‪ ً،‬أن كيفية أخذ ال يذيرية بنى آدم من ظهورهم‪ً،‬‬
‫ومخاطبته لتلك اليذيرية‪ ً،‬وكيفية عرضِ المانة على ما ذكر من السموات والرضِ والجبال وإبائها عن‬
‫حملها‪ ً،‬أمر ل نستطيع أن نخوضِ فيه‪ ً،‬بل يجب علينا أن نفيوضِ علمه وحقيقته إلى ال سبحانه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وسيأتى الكلم عن هذه الناحية بالذات بما هو أوسع من هذا‪ ً،‬عند الكلم على الكشاف للزمخشرى‪ ً،‬فإنه‬
‫صاحب اليد الطولى فى هذه الناحية‪ ً،‬وخير من أفاضِ وجود فيها وأجاد‪.‬‬
‫* تفسيرهم للقرآن على ضوء ما أنكروه من الحقائقا الدينية‪:‬‬
‫وكذلك نجد المعتزلة قد وقفوا تجاه بعضِ الحقائقا الدينية الثابتة عند جمهور أهل السسرنة موقف المعارضة‬
‫والكفاح‪ ً،‬فأهل السسرنة يقولون بحقيقة السحر‪ ً،‬ويعترفون بما له من تأثير فى المسحور‪ ً،‬ويقولون بوجود‬
‫صمرع‪ ً،‬ويقولون‬ ‫الجن‪ ً،‬ويعترفون بما لهم من قوة التأثير فى النسان حتى ينشأ عن ذلك المس وال م‬
‫بكرامات الولياء‪ ..‬وما إلى ذلك‪ ً،‬ولكن المعتزلة الذين ربطوا التفسير با شرطوه من جعل العقل مقياسا‬
‫للحقائقا الدينية وقفوا ضد هذا كله وجعلوه من قبيل الخرافات‪ ً،‬والتصورات المخالفة لطبيعة الشياء‪ً،‬‬
‫وكان من وراء ذلك أن تمرد المعتزلة ‪ -‬فى حرية مطلقة من كل قيد ‪ -‬على العتقاد بالسحر والمسمحرة‪ً،‬‬
‫صررح بأن‬ ‫وما يدور حول ذلك‪ ً،‬وبلغ بهم المر أن أنكروا أو تأرولوا ما صح من الحاديث التى يت م‬
‫ل أمام ما يعارضهم من سورة الفلقا‪ ً،‬بل تخرلصوا‬ ‫الرسول صلى ال عليه وسلم قد يسرحر‪ ً،‬ولم يقفوا طوي ل‬
‫بتأويلت ثلث ذكرها الزمخشرى فى كشافه )الجزء الثانى ص ‪.(568‬‬
‫كذلك تمرد بعضِ أعلم المعتزلة كالنظام على العتقاد بوجود الجن‪ ً،‬وثار بعضهم كالزمخشرى ضد‬
‫من يقول بأن الجن لها قوة التأثير فى النسان مع العتراف منه بوجودها فى نفسها‪ ً،‬فأرولوا ما‬
‫يصادميهم من اليات القرآنية‪ ً،‬وأنكروا أو تأرولوا ما صح من الحاديث النبوية‪ ً،‬كالحديث الصحيح الذى‬
‫أخرجه البخارى‪ ً،‬وفيه‪" :‬أن شيطانا من الجن عرضِ للنبى صلى ال عليه وسلم وهو فى الصلة يريد‬
‫أن يشغله عنها فأمكنه ال منه"‪ ً،‬وكالحديث الصحيح الثابت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو‪:‬‬
‫"ما من مولود يولد إل والشيطان يمسه حين ييولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إل مريم وابنها"‪.‬‬
‫كذلك تم ررد المعتزلة على العتقاد بكرامات الولياء‪ ً،‬واعتمدوا فى تمردهم هذا على قول ال تعالى فى‬
‫ضـى رمن‬ ‫ل ممرن ٱهرمت م‬‫ل يهظرهير معلمـى مغهيربره أممحدا * إر ر‬
‫اليتين ]‪ [27 ً، 26‬من سورة الجن‪} :‬معارليم ٱهلمغهيرب مف م‬
‫رريسو هَل{ُ‪ ..‬ونرى الزمخشرى يستنتج من هذه الية‪" :‬أنه تعالى ل يطلع على الغيب إل المرتضى‪ ً،‬الذى‬
‫هو مصطفى للنبوة خاصة‪ ً،‬ل كل مرتضى‪ ً،‬وفى هذا إبطال الكرامات‪ ً،‬لن الذين تضاف إليهم وإن‬
‫ص ال الرسل من بين المرتضين بالطلع على الغيب‪ً،‬‬ ‫كانوا أولياء مرتضين‪ ً،‬فليسوا برسل‪ ً،‬وقد خ س‬
‫وإبطال الكهانة والتنجيم‪ ً،‬لن أصحابهما أبعد شئ من الرتضاء وأدخله فى السخط"‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فإن المعتزلة لم يقفوا هذا الموقف الذى ل يتفقا مع معتقدات أهل السسرنة‪ ً،‬ولم يعطوا العقل هذا‬
‫السلطان الواسع فى التفسير‪ ً،‬إل من أجل أن يبعدوا ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬كل الساطير الخرافية عن محيط‬
‫الحقائقا الدينية‪ ً،‬وليربطوا بين القرآن وبين عقيدتهم التى قامت على التوحيد الخالص من كل شائبة‪.‬‬
‫ولكن هل وقف أهل السسرنة حيال هذه المحاولت العتزالية فى فهم نصوص القرآن الكريم موقف التسليم‬
‫لها والرضا بها؟ أو أغضبهم هذا التصرف من خصومهم المعتزلة؟ الحقا أن هذا التصرف من المعتزلة‬
‫أثار عليهم خصومهم أهل السسرنة واستعداهم عليهم فرموهم بالعبارات اللذعة‪ ً،‬واتهموهم بتحريك‬
‫ل مع العقيدة‪ .‬وقد مرر بك آنفا مقالة ابن قتيبة‪ ً،‬وفيها ييشيدد‬ ‫النصوص عن مواضعها تمشيا مع الهوى ومي ل‬
‫عليهم النكير من أجل مسلكهم اللغوى فى التفسير‪.‬‬
‫**‬
‫* حكم المام أبى الحسن الشعرى على تفسير المعتزلة‪:‬‬
‫وهذا هو المام أبو الحسن الشعرى‪ ً،‬يحكم على تفسير المعتزلة بأنه زيغ وضلل‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى‬
‫مقدمة تفسيره المسمى بالمختزن والذى لم يقع لنا‪" :‬أما بعد‪ ً،‬فإن أهل الزيغ والتضليل تأرولوا القرآن على‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫آرائهم‪ ً،‬وفرسروه على أهوائهم‪ ً،‬تفسيرا لم يينزل ال به سلطانا‪ ً،‬ول أوضح به برهانا‪ ً،‬ول رووه عن‬
‫رسول رب العالمين‪ ً،‬ول عن أهل بيته الطيبين‪ ً،‬ول عن المسملف المتقدمين‪ ً،‬من الصحابة والتابعين‪ً،‬‬
‫ضسلوا وما كانوا مهتدين‪.‬‬ ‫افترالء على ال‪ ً،‬قد م‬
‫وإنما أخذوا تفسيرهم عن أبى الهذيل بياع العلف ومتبعيه‪ ً،‬وعن إبراهيم نرظام الخرز ومقلديه‪ ً،‬وعن‬
‫الفوطى وناصريه‪ ً،‬وعن المنسوب إلى قرية يجبى ومنتحليه‪ ً،‬وعن الشج جعفر بن حرب ومجتبييه‪ً،‬‬
‫وعن جعفر بن مبشر القصبى ومتعصبيه‪ ً،‬وعن السكافى الجاهل ومعظميه‪ ً،‬وعن الفروى المنسوب إلى‬
‫مدينة بلخْ وذويه‪ ً،‬فإنهم قادة الضلل‪ ً،‬من المعتزلة الجهال‪ ً،‬الذين قلدوهم فى دينهم‪ ً،‬وجعلوهم معولهم‬
‫الذى عليه ييعيولون‪ ً،‬وركنهم الذى إليه يستندون‪.‬‬
‫ورأيت الجبائى أرلف فى تفسير القرآن كتابا أروله خلف ما أنزل ال معرز ومجرلن وعلى لغة أهل قريته‬
‫المعروفة ب يجبى‪ ً،‬وليس من أهل اللسان الذى نزل به القرآن‪ ً،‬وما روى فى كتاب حرفا عن أحد من‬
‫المف يسرين‪ .‬وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه‪ ً،‬ولول أنه استغوى بكتابه كثيرا من العوام‪ً،‬‬
‫واستنزل به عن الحقا كثيرا نم الطغام‪ ً،‬لم يكن لتشاغلى به وجه"‪.‬‬
‫**‬
‫* حكم ابن تيمية على تفسير المعتزلة‪:‬‬
‫كذلك حكم ابن تيمية على تفسيرهم فقال‪" :‬إن مثل هؤلء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه‪ ً،‬وليس‬
‫لهم مسملف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان‪ ً،‬ول من أئمة المسلمين‪ ً،‬ل فى رأيهم ول فى تفسيرهم‪ً،‬‬
‫وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إل وبطلنه يظهر من وجوه كثيرة‪ ً،‬وذلك من جهتين‪ :‬تارة من‬
‫ل على قولهم‪ ً،‬أو جوابا على‬ ‫العلم بفساد قولهم‪ ً،‬وتارة من العلم بفساد ما فرسروا به القرآن إما دلي ل‬
‫المعارضِ لهم‪ ً،‬ومن هؤلء ممن يكون حسن العبارة فصيحا ويدس البدع فى كلمه وأكثر الناس ل‬
‫يعلمون‪ ً،‬كصاحب الكشاف‪ ً،‬ونحوه‪ ً،‬حتى إنه يروج على خلقا كثير ممن ل يعتقد الباطل من تفاسيرهم‬
‫الباطلة ما شاء ال‪ ً،‬وقد رأيت من العلماء المفيسرين وغيرهم ممن يذكر فى كتابه وكلمه من تفسيرهم ما‬
‫يوافقا أصولهم التى يعلم أو يعتقد فسادها ول يهتدى لذلك"‪.‬‬
‫* حكم ابن القيم على تفسير المعتزلة‪:‬‬
‫لمة ابن القيم يحكم على التفسير المعتزلة حكما قاسيا فيقول‪" :‬إنه يزبالة الذهان‪ ً،‬ونخالة‬ ‫كذلك نجد الع ر‬
‫الفكار‪ ً،‬وعفار الراء‪ ً،‬ووساوس الصدور‪ ً،‬فملوا به الوراقا سوادا‪ ً،‬والقلوب شكوكا‪ ً،‬والعالم فسادا‪ً،‬‬
‫وكل ممن له مسكة من عقل يعلم أن فساد العالم إنما نشأ من تقديم الرأى على الوحى‪ ً،‬والهوى على‬
‫العقل"‪.‬‬
‫أهم كتب التفسير العتزالى‬
‫صرنف كثير من شيوخ المعتزلة تفاسيرللقرآن الكريم على أصول مذهبهم‪ ً،‬ولم تكن هذه التفاسير أكثر‬ ‫م‬
‫حظا من غيرها من كتب التفسير المختلفة‪ ً،‬حيث امتدت إلى كثير منها يد الزمان‪ ً،‬فضاعت بتقادم العهد‬
‫عليها‪ ً،‬و يحرمت المكتبة السلمية العامة من معظم هذا التراث العلمى الذى لو بقى إلى يومنا هذا للقى‬
‫لنا ضوءا واضحا على مدى التفكير التفسيرى‪ ً،‬لشيوخ هذا المذهب العتزالى‪ ً،‬ولكشف لنا عن حقيقة ما‬
‫يينسب لبعضِ شيوخهم من تفسيرات واسعة النطاقا‪ ً،‬نسمع بها من علمائنا المتقدمين‪ ً،‬ونقف منها موقف‬
‫ل أو مبالغا‬‫الحائر بين الشك واليقين‪ ً،‬لما ييذكر عنها من الستفاضة والتضخم إلى حد يكاد يكون متخي ل‬
‫فيه‪.‬‬
‫نتصفح طبقات المفيسرين للسيوطى‪ ً،‬وطبقات المفيسرين لتلميذه الداودى‪ ً،‬وغيرهما من الكتب التى لها‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صرنف فى التفسير من المعتزلة‪ :‬أبو بكر‪ ً،‬عبد الرحمن بن‬ ‫عناية بهذا الشأن‪ ً،‬فنجد أن من أشهر من م‬
‫كيسان الصم المتوفى سنة ‪ 240‬هـ )أربعين ومائتين من الهجرة(‪ .‬أقدم شيوخ المعتزلة‪ ً،‬وشيخْ إبراهيم‬
‫ابن إسماعيل بن عليه الذى كان يناظر الشافعى‪ ً،‬فقد ذكر ابن النديم فى الفهرست‪ :‬أنه أرلف تفسيرا‬
‫للقرآن الكريم‪ .‬ولكنا ل نعلم عن هذا التفسير خبرا‪ ً،‬حيث إنه يفرقد بمرور الزمن وتقادم العهد عليهم‪.‬‬
‫ومحمد بن عبد الوهاب بن سلم )أبو على الجبائى( المتوفى سنة ‪ 303‬هـ )ثلث وثلثمائة من‬
‫الهجرة(‪ ً،‬وأحد شيوخ المعتزلة الذين كانت لهم شهرة واسعة فى الفلسفة والكلم‪ ً،‬فقد ذكر السيوطى فى‬
‫طبقات المفيسرين‪ :‬أنه أرلف فى التفسير‪ ً،‬وذكر ذلك ابن النديم فى الفهرست أيضا‪ .‬ولكرنا ل نعلم شيئا عن‬
‫هذا التفسير أكثر مما ذكرناه آنفاص عن أبى الحسن الشعرى‪.‬‬
‫وأبو القاسم‪ ً،‬عبد ال بن أحمد البلخى الحنفى‪ ً،‬المعروف بالكعبى المعتزلى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 319‬هـ‬
‫)تسع عشرة وثلثمائة من الهجرة(‪ ً،‬فقد ذكر صاحب الظنون‪ :‬أنه أرلف تفسيرا كبيرا يقع فى اثنى عشر‬
‫مجلدا‪ ً،‬وقال‪ :‬إنه لم ييسمبقا إليه ولكن لم يقع لنا هذا التفسير كغيره‪.‬‬
‫وأبو هاشم عبد السلم بن أبى علسى الجبائى المتوفى سنة ‪ 321‬هـ )إحدى وعشرين وثلثمائة من‬
‫الهجرة(‪ ً،‬ذكر السيوطى فى طبقات المفيسرين‪ :‬أنه أرلف تفسيرا‪ ً،‬وقال إنه رأى جزءا منه‪ ً،‬ولكرنا لم نظفر‬
‫به أيضا‪.‬‬
‫وأبو مسلم‪ ً،‬محمد بن بحر الصفهانى المتوفى سنة ‪ 322‬هـ )اثنتين وعشرين وثلثمائة من الهجرة(‪ً،‬‬
‫صرنف تفسيرا اسمه "جامع التأويل لمحكم التنزيل" يقع فى أربعة عشر مجلدا‪ ً،‬وقيل‪ :‬فى عشرين مجلدا‪ً،‬‬
‫وقد أشار إلى هذا التفسير ابن النديم فى الفهرست‪ ً،‬والسيوطى فى يبغية الوعاة فى طبقات النحاة‪ .‬وهذا‬
‫التفسير ‪ -‬فيما يبدو ‪ -‬هو الذى يعتمد عليه الفخر الرازى فيما ينقله فى تفسيره من أقوال منسوبة لبى‬
‫مسلم‪ ً،‬وقد أخذ بعضِ المؤلفين ما جاء فى تفسير الفخر الرازى منسوبا لبى مسلم‪ ً،‬وجمعه فى كتاب‬
‫مستقل سماه تفسير أبى مسلم الصفهانى‪ ً،‬وقد اطلعيت على جزء منه صغير الحجم بمكتبة الجامعة‬
‫المصرية )جامعة القاهرة(‪.‬‬
‫وأبو الحسن علسى بن عيسى الرمانى المتوفى سنة ‪ 384‬هـ )أربع وثمانين وثلثمائة من الهجرة(‪ ً،‬وأحد‬
‫شيوخ المعتزلة المتشيعين صرنف تفسيرا للقرآن الكريم‪ ً،‬قال السيوطى فى طبقات المفيسرين إنه رآه‪.‬‬
‫وذكر صاحب كشف الظنون‪ :‬أنه اختصره عبد الملك بن علسى المؤذن الهروى المتوفى سنة ‪489‬‬
‫هـ) تسع وثمانين وأربعمائة من الهجرة( ولكرنا لم نظفر به ول بمختصره‪.‬‬
‫وعبيد ال بن محمد بن جرو السدى أبو القاسم النحوى العروضى المعتزلى المتوفى سنة ‪ 387‬هـ‬
‫)سبع وثمانين وثلثمائة من الهجرة(‪ ً،‬قال السيوطى فى طبقات المفيسرين‪ :‬إنه صرنف تفسيرا للقرآن‬
‫الكريم‪ ً،‬وذكر فى }بسم ٱل الررهحـمرن الرررحيـرم{ُ مائة وعشرين وجها ولكرنا لم نظفر به أيضا‪.‬‬
‫والقاضى عبد الجبار بن أحمد الهمدانى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 415‬هـ )خمس عشرة وأربعمائة من الهجرة(‪ً،‬‬
‫أرلف كتابه "تنزيه القرآن عن المطاعن" وهو بين أيدينا‪ ً،‬ومتداومل بني أهل العلم‪ ً،‬ولكنه غير شامل لجميع‬
‫آيات القرآن الكريم‪ .‬والشريف المرتضى‪ ً،‬العالم الشيعى العلوى المتوفى سنة ‪ 436‬هـ )ست وثلثين‬
‫وأربعمائة من الهجرة( كتب بحوثا فرياضة فى بعضِ آيات القرآن الكريم التى تصادم مذهب المعتزلة‪ً،‬‬
‫ووفقا بين ظاهر النظم الكريم والعقيدة العتزالية‪ ً،‬ونجد هذه البحوث التفسيرية ضمن ما درونه فى أماليه‬
‫التى سماها‪ :‬يغرر الفوائد ويدرر القلئد‪ .‬وعبد السلم بن محمد بن يوسف القزوينى شيخْ المعتزلة‬
‫المتوفى سنة ‪ 483‬هـ )ثلث وثمانين وأربعمائة من الهجرة(‪ ً،‬فرسر القرآن تفسيرا واسعا‪ ً،‬فقد جاء فى‬
‫طبقات المف يسرين‪ ً،‬للسيوطى‪" :‬أنه جمع التفسير الكبير الذى لم يرد فى التفاسير أكبر منه ول أجمع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫للفوائد‪ ً،‬لول أنه موجه بكلم المعتزلة ومبرث فيه معتقدة وهو فى ثلثمائة مجلد‪ ً،‬منها سبع مجلدات فى‬
‫الفاتحة" ونقل عن ابن النجار أنه قال فى شأن القزوينى هذا‪" :‬إنه كان طويل اللسان‪ ً،‬ولم يكن محققا إل‬
‫فى التفسير‪ ً،‬فإنه لهج بالتفاسير حتى جمع كتابا بلغ خمسمائة مجلد حشى فيه العجائب‪ ً،‬حتى رأيت منه‬
‫مجلدا فى آية واحدة‪ ً،‬وهى قوله تعالى‪} :‬موٱرتمبيعوها مما متهتيلوها ٱلرشميارطيين{ُ‪ ...‬الية"‪.‬‬
‫وأبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى المتوفى سنة ‪ 538‬هـ )ثمان وثلثين وخمسمائة من الهجرة(‪ً،‬‬
‫ف رسر القرآن الكريم تفسيرا عظيما جدا لول ما فيه من نزعات العتزال‪ ً،‬وهو أشمل ما وصل إلينا من‬
‫تفاسير المعتزلة‪.‬‬
‫هؤلء هم أشهر من عرفناهم من مفيسرى المعتزلة‪ .‬وهذه هى تفاسيرهم التى نسمع عنها‪ ً،‬ولم يصل إلينا‬
‫منها إل هذه المصرنفات الثلثة‪ :‬تنزيه القرآن عن المطاعن للقاضى عبد الجبار‪ ً،‬وأمالى الشريف‬
‫المرتضى‪ ً،‬والكشاف للزمخشرى‪ .‬لهذا نرى أن نتكلم عن هذه الكتب الثلثة‪ ً،‬وعن المسلك الذى سلكه‬
‫فيها أصحابها‪ ً،‬بما يلقى لنا ضوءا على المنحى الذى نحاه المعتزلة فى تفسيرهم لكتاب ال تعالى‪ً،‬‬
‫وتأويلهم لنصوصه‪ ً،‬حتى تشهد لهم‪ ً،‬أو ل تتعارضِ معهم على القل‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 1‬تنزيه القرآن عن المطاعن )للقاضى عبد الجبار(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو قاضى القضاة‪ ً،‬أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد ابن عبد الجبار بن أحمد بن‬
‫الخليل الهمدانى السد باذى الشافعى‪ ً،‬شيخْ المعتزلة‪ .‬سمع من أبى الحسن بن سلمة بن القطان‪ ً،‬وعبد ال‬
‫ل وفاقا أقرانه‪ ً،‬وسار ذكره‪ ً،‬وعظم صيته‪ ً،‬ورحلت‬ ‫بن جعفر ابن فارس‪ ً،‬وغيرهما‪ .‬عاش دهرا طوي ل‬
‫إليه الطلبة‪ ً،‬وأخذ عنه كثير من العلماء‪ ً،‬منهم‪ :‬أبو القاسم علسى بن الحسن التنوخى‪ ً،‬والحسن بن على‬
‫الصيمرى الفقيه‪ ً،‬وأبو محمد عبد السلم القزوينى المفيسر المعتزلى‪.‬‬
‫استدعاه الصاحب إلى الررى بعد سنة ‪ 360‬هـ )ستين وثلثمائة من الهجرة(‪ ً،‬فولى قضاءها‪ ً،‬وبقى بها‬
‫مواظبا على التدريس إلى آخر حياته‪ ً،‬وكان الصاحب يقول فيه‪ :‬هو أعلم أهل الرضِ‪.‬‬
‫وقد خرلف القاضى عبد الجبار مصرنفات فى أنواع مختلفة من العلوم‪ ً،‬منها‪ :‬كتاب الخلف والوفاقا‪ً،‬‬
‫وكتاب المبسوط‪ ً،‬وكتاب المحيط‪ ً،‬وكلها فى علم الكلم‪ .‬وأرلف فى أصول الفقه‪ :‬النهاية‪ ً،‬والعمدة‪ً،‬‬
‫وشرحه‪ .‬وأرلف فى المواعظ كتابا سماه نصيحة المتفقهة‪ .‬وقال ابن كثير فى طبقاته‪ :‬إن من أرجل‬
‫مصنفاته وأعظمها‪ ً،‬كتاب دلئل النبوة‪ ً،‬فى مجلدين‪ ً،‬أبان فيه عن علم وبصيرة جيدة‪ ً،‬وبالجملة فقد طبقا‬
‫الرضِ بكتبه‪ ً،‬وبعد صيته‪ ً،‬وعظم قدره‪ ً،‬حتى انتهت إليه الرياسة فى المعتزلة‪ ً،‬وصار شيخها وعالمها‬
‫غير مدافع‪ ً،‬وكانت وفاته فى ذى العقدة ‪ 415‬هـ )خمس عشرة وأربعمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بكتاب تنزيه القرآن عن المطاعن وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫ذكر مؤلف هذا الكتاب فى مقدمته )ص ‪ :(4 ً،3‬أنه ل يينتفع بكتاب ال إل بعد الوقوف على معانى ما‬
‫فيه‪ ً،‬وبعد الفصل بين يمحكمه ومتشابهه‪ ً،‬وذكر أن كثيرا من الناس قد ضرل بأن تمسك بالمتشابه حتى‬
‫ضِ{ُ حقيقة فى الحجر والدر والطير‬ ‫اعتقد أن قوله تعالى‪} :‬مسربمح رلرلره مما رفي ٱلرسمماموارت مومما رفي ٱ م‬
‫لهر ي‬
‫والنعم‪ ً،‬وربما رأوا فى ذلك تسبيح كل شئ من ذلك‪ ً،‬وممن اعتقد ذلك لم ينتفع بما يقرؤه‪ ً،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ل ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن{ُ‪ .‬وكذلك وصفه تعالى بأنه‪} :‬رميههرديِ رللررتي رهمي أمهقمويم مويمبيشير ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ‪ ..‬ثم قال‪ :‬وقد‬
‫}أممف م‬
‫أملينا فى ذلك كتابا يفصل بين المحكم والمتشابه‪ ً،‬عرضنا فيه سور القرآن على ترتيبها‪ ً،‬وبرينا معانى ما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تشابه من آياتها‪ ً،‬مع بيان وجه خطأ فريقا من الناس فى تأويلها‪ ً،‬ليكون النفع به أعظم‪ ً،‬ونسأل ال‬
‫التوفيقا للصواب إن شاء ال‪.‬‬
‫فالكتاب لم يقصد فيه مؤلفه أن يعرضِ لشرح كتاب ال آية آية‪ ً،‬بل كان كل همه ‪ -‬كما نأخذ من عبارته‬
‫السابقة‪ ً،‬وكما يظهر لنا من مسلكه فى الكتاب نفسه ‪ -‬موجها إلى الفصل بين يمحكم الكتاب ومتشابهه‪ً،‬‬
‫وإلى بيان معانى هذه اليات المتشابهة‪ ً،‬ثم إلى بيان خطأ فريقا من الناس‪ ً،‬فى تأويلها‪ ً،‬وهو يقصد بهذا‬
‫الفريقا ‪ -‬فى الغالب ‪ -‬جماعة أهل السسرنة الذين ل يرون رأيه فى القرآن‪ ً،‬ول ينظرون إليه نظرته‬
‫العتزالية‪.‬‬
‫نقرأ هذا الكتاب‪ ً،‬فنجد أن مؤلفه قد ابتدأه بسورة الفاتحة‪ ً،‬واختتمه بسورة الناس‪ ً،‬ولكنه ل يستقصى‬
‫جميع السورة‪ ً،‬ول يعرضِ لكل آياتها بالشرح كما قلنا‪ ً،‬بل نجده يبنى كتابه على مسائل‪ ً،‬كل مسألة‬
‫تتضمن إشكا لل وجوابا‪ ً،‬وهذا الشكال تارة يرد على ظاهر النظم الكريم من ناحية الصناعة العربية‪ً،‬‬
‫وتارة يرد عليه من ناحية أنه ل يتفقا مع عقيدته العتزالية‪.‬‬
‫**‬
‫* بعضِ مواقفه من مشكلت الصناعة العربية‪:‬‬
‫أما المسائل التى أوردها مشتملة على مشكلت الصناعة العربية وأجوبتها‪ ً،‬فهو ل تخرج عما عرضِ له‬
‫عامة المف يسرين فى تفاسيرهم‪ ً،‬وهذا الجانب يشمل جزءا غير قليل من الكتاب‪ ً،‬وإليك بعضِ هذه‬
‫المسائل‪:‬‬
‫ل فى سورة الحمد يقول فى )ص ‪ (5 ً،4‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬قالوا‪ :‬الحمد ل‪ :‬خبر‪ ً،‬فإن كان حمد‬ ‫فمث ل‬
‫نفسه فل فائدة لنا فيه‪ .‬وإن أمرنا بذلك‪ ً،‬فكان يجب أن يقول‪ :‬قولوا الحمد ل‪ .‬وجوابنا عن ذلك‪ :‬أن‬
‫المراد به المر بالشكر والتعليم لكى نشكره‪ ً،‬لكنه وإن حذف المر فقد دل عليه بقوله‪} :‬إرريامك منهعيبيد موإرريامك‬
‫منهسمترعيين{ُ‪ ..‬لنه ل يليقا بال تعالى‪ ً،‬وإنما يليقا بالعباد‪ ً،‬فإذا كان معناه قولوا‪} :‬إرريامك منهعيبيد{ُ فكذلك قوله‪:‬‬
‫لفم معملهييكم{ُ‪ ..‬ومثله كثير من‬ ‫لرئمكية ميهديخيلومن معملهيرههم يمن يكيل مباهَب * مس م‬
‫}ٱهلمحهميد لرلره{ُ‪ ..‬وهكذا كقوله‪} :‬موالمم م‬
‫القرآن"‪.‬‬
‫ل فى سورة البقرة يقول فى )ص ‪ (6‬ما نصه‪" :‬مسألة" ‪ -‬ومتى قيل‪ :‬ولماذا قال تعالى‪} :‬مذرلمك‬ ‫ومث ل‬
‫ٱهلركمتايب{ُ ولم يقل‪ :‬هذا الكتاب؟ فجوابنا‪ :‬أنه مجرل ومعرز وعد رسوله إنزال كتاب عليه ل يمحوه الماء‪ ً،‬فلما‬
‫أنزل ذلك قال‪} :‬مذرلمك ٱهلركمتايب{ُ‪ .‬والمراد‪ :‬ما وعدتك‪ ً،‬ولو قال‪" :‬هذا الكتاب" لم يفد هذه الفائدة"‪.‬‬
‫ل مرهيمب رفيره{ُ وقد علمتم‬ ‫ويقول بعد ذلك مباشرة فى )ص ‪ (706‬ما نصه‪" :‬مسألة" ‪ -‬قالوا‪ :‬ما معنى‪ } :‬م‬
‫أن خلقا يشسكومن فى ذلك فكيف يصح ذلك؟‪ .‬وإن أراد‪ :‬ل ريب فيه عندى وعند ممن يعلم‪ ً،‬فل فائدة فى‬
‫ذلك‪ .‬فجوابنا‪ :‬أن المراد أنه حقا يجب أن ل ييرتاب فيه‪ ً،‬وهذا كما يبين المرء الشئ لخصمه فيحسن منه‬
‫بعد البيان أن يقول‪ :‬هذا كالشمس واضح‪ ً،‬وهذا ل يشك فيه أحد‪ ً،‬وهذا كما يقال عند إظهار الشهادتين‪:‬‬
‫إن ذلك حقا وصدقا‪ ً،‬وإن كان فى الناس ممن يمكيذب بذلك"‪.‬‬
‫ل فى سورة هود يقول فى )ص ‪ (164‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬أممفممن مكامن‬ ‫ومث ل‬
‫معلمـى مبيمنهَة يمن رريبره موميهتيلويه مشارهفد يمهنيه{ُ‪ :‬ما الفائدة فى هذا البتداء ول خبر له؟ وجوابنا‪ :‬أن الخبر قد‬
‫ييحذف إذا كان كالمعلوم‪ ً،‬والمراد‪ :‬أفمن كان بهذا الوصف كمن هو يكفر ول يسلك طريقا العبادة وما‬
‫توجبه البيينة"‪.‬‬
‫ل فى سورة الفرقان يقول فى )ص ‪ (354‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬يقهل أمـذرلمك‬ ‫ومث ل‬
‫ل؟ وجوابنا‪ :‬أن المراد‪ :‬أيهما أولى بأن يكون‬ ‫مخهيفر أمهم مجرنية ٱهليخهلرد{ُ كيف يصح ذلك ول خير فى النار أص ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫خيرا؟ وقد يقول الحكيم لغيره من العصاة‪ :‬إن التمسك بالطاعة خير لك من المعصية‪ ً،‬والمراد ما قد‬
‫ذكرنا"‪.‬‬
‫هذه أمثلة من الشكالت التى أوردها القاضى عبد الجبار على ظاهر النظم من ناحية الصناعة‪ ً،‬وهذه‬
‫هى الجوبة التى أجاب بها عن هذه المشكلت‪* * .‬‬
‫* بعضِ مواقفه من المشكلت العقيدية العتزالية‪:‬‬
‫وأما المسائل التى أوردها مشتملة على إشكالت ترد على ظاهر النظم من ناحية أنه ل يتفقا وعقيدته‪ً،‬‬
‫وعلى أجوبة هذه الشكالت‪ ً،‬فهى كثيرة جدا‪ ً،‬وهى تشغل الجزء الكبر من هذا المؤرلف‪ ً،‬وإليك بعضه‬
‫هذه المسائل‪:‬‬
‫* الهداية والضلل‪:‬‬
‫ل يقول فى سورة البقرة )ص ‪ (10 ً،9‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬قالوا‪ :‬فقد قال تعالى‪} :‬مخمتم ٱللريه معلمـى‬ ‫فمث ل‬
‫صارررههم{ُ‪ ..‬وهذا يدل على أنه قد منعم من اليمان‪ ً،‬ومذهبكم بخلفه‪ً،‬‬ ‫يقيلوربههم مومعملـى مسهمرعرههم مومعملـى أمهب م‬
‫وكيف تأويل الية؟ وجوابنا‪ :‬أن للعلماء فى ذلك جوابين‪ ً،‬أحداهما‪ :‬أنه مشربه حالهم بحال الممنوع الذى‬
‫على بصره غشاوة من حيث أزاح كل عللهم فلم يقبلوا‪ ً،‬كما قد تعرين للواحد الحقا فتوضحه فإذا لم يقبل‬
‫ص رح أن تقول‪ :‬إنه حمار قد طبع ال على قلبه‪ ً،‬وربما تقول‪ :‬إنه ميت‪ ً،‬وقد قال تعالى للرسول‪} :‬إررنمك م‬
‫ل‬
‫يتهسرميع ٱهلممهومتـى{ُ وكانوا أحياء‪ ً،‬فلما لم يقبلوا شربههم بالموتى‪ ً،‬وهو كقول الشاعر‪:‬‬
‫*لقد أسمعمت لو ناديمت حيا * ولكن ل حياة لمن تنادى*‬
‫ويبيين ذلك أنه تعالى مذرمهم‪ ً،‬ولو كان هو المانع لهم لما مذرمهم‪ ً،‬وأنه ذكر فى جملة ذلك الغشاوة على‬
‫سمعهم وبصرهم‪ ً،‬وذلك لو كان ثابتا لم يؤثر فى كونهم عقلء يمكرلفين‪ .‬والجواب الثانى‪ :‬أن الختم علمة‬
‫يفعلها تعالى فى قلوبهم‪ ً،‬لتعرف الملئكة كفرهم وأنهم ل يؤمنون فتجتمع على مذرمهم‪ ً،‬ويكون ذلك لطفا‬
‫لهم‪ ً،‬ولطفا لمن يعرف ذلك من الكفار أو يظنه‪ ً،‬فيكون أقرب إلى أن يقلع عن الكفر‪ .‬وهذا جواب‬
‫الحسن رحمه ال‪ ً،‬ولهذا قال تعالى‪} :‬رغمشاموفة مومليههم معمذافب عرظيفم{ُ‪.‬‬
‫ل فى سورة العراف يقول فى )ص ‪ (140‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬ممن ميههرد‬ ‫ومث ل‬
‫ضرلهل مفيأهولمــرئمك يهيم ٱهلمخارسيرومن{ُ أليس ذلك يدل على أنه يخلقا الهدى والضلل؟‬ ‫ٱللريه مفيهمو ٱهليمههمترديِ موممن ي ه‬
‫وجوابنا‪ :‬أن المراد‪ :‬ممن يهد ال إلى الجنة والثواب فهو المهتدى فى الدنيا‪ .‬وممن ييضلل عن الثواب إلى‬
‫العقاب فيأولئك هم الخاسرون فى الدنيا‪ ً،‬وسبيل ذلك أن يكون بعثا من ال تعالى على الطاعة‪ .‬وكذلك‬
‫ل مهاردميِ لميه{ُ المراد‪ :‬ممن ييضلله عن الثواب فى الخرة فل هادى له إليه‪ً،‬‬ ‫ضرلرل ٱللريه مف م‬
‫قوله تعالى‪} :‬ممن ي ه‬
‫وإن كنا قد أزحنا الرعرلة وسرهلنا السبيل إلى الطاعة"‪.‬‬
‫ل فى سورة الحج يقول فى )ص ‪ (241 ً،240‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬موأمرن‬ ‫ومث ل‬
‫ٱلرلمه ميههرديِ ممن يررييد{ُ‪ :‬إن ذلك يدل على أنه يهدى قوما دون قوم بخلف قولكم‪ :‬إن الهدى عام‪ .‬وجوابنا‪:‬‬
‫أن المراد‪ :‬يكلف ممن يريد‪ ً،‬لن فى الناس ممن ل يبلغه حد التكليف‪ .‬أو يحتمل أن يريد الهداية إلى‬
‫الثواب‪ ً،‬لنها خاصة فى المطيعين دون العصاة‪ ً،‬وررغمب تعالى المؤمن فى تحمل المشاقا واحتمال ما‬
‫صامرـى موٱهلمميجومس موٱرلرذيمن‬ ‫يناله من المبطلين بقوله تعالى‪} :‬إررن ٱرلرذيمن آممينوها موٱرلرذيمن مهايدوها موٱل ر‬
‫صاربرئيمن موٱلرن م‬
‫صيل مبهيمنيههم ميهوم ٱهلرقياممرة{ُ‪ ..‬فبيين يحسن عاقبة المؤمن عند الفصل‪ ً،‬ليكون فى الدنيا وإن‬ ‫أمهشمريكيوها إررن ٱلرلمه ميهف ر‬
‫لحقه الذل صابرا‪ .‬وعلى هذا الوجه قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذا كله‪ :‬أنه يفر من القول بأن ال تعالى هو الذى يصرف العبد عن طريقا الهدى إلى‬
‫طريقا الضلل أو العكس‪ ً،‬تمشيا مع مذهبه وعقيدته‪..‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫*‬
‫* مس الشيطان‪:‬‬
‫كذلك نراه ييف يسر اليات التى تدل على أن الشيطان له قدرة على أن يؤثر فى النسان بما يوافقا مذهبه‪ً،‬‬
‫ل‬‫فيقول فى سورة البقرة )ص ‪ (50‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل‪ :‬إن قوله‪} :‬ٱرلرذيمن ميهأيكيلومن ٱليرمبا م‬
‫ل مكمما مييقويم ٱرلرذيِ ميمتمخربيطيه ٱلرشهيمطاين رممن ٱهلمميس{ُ كيف يصح ذلك وعندكم أن الشيطان ل يقدر‬ ‫مييقويمومن إر ر‬
‫على مثل ذلك؟ وجوابنا‪ :‬أن مس الشيطان إنما هو بالوسوسة كما قال تعالى فى قصة أيوب‪} :‬ممرسرنمي‬
‫صهَب مومعمذاهَب{ُ‪ ً،‬كما يقال فيمن يفكر فى شئ يغمه‪ :‬قد مرسه التعب‪ ً،‬وبرين ذلك قوله فى صفة‬ ‫ٱلرشهيمطاين ربين ه‬
‫ل مأن مدمعهويتيكهم مفٱِهسمتمجهبيتهم رلي{ُ‪ ..‬ولو كان يقدر على أن يخبط‬ ‫الشيطان‪} :‬مومما مكامن رلمي معلمهييكهم يمن يسهلمطاهَن إر ر‬
‫لصرلف رهرمته إلى العلماء واليزرهاد وأهل العقول‪ ً،‬ل إلى ممن يعتريه الضعف‪ .‬وإذا وسوس ضعف قلب‬
‫من يخصه بالوسوسة فتغلب عليه المرة فيتخبط‪ ً،‬كما يتفقا ذلك فى كثير من النس إذا فعلوا ذلك‬
‫لغيرهم"‪.‬‬
‫ويقول فى سورة الناس ) ص ‪" :(386 ً،385‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬يقهل أميعويذ ربمريب ٱلرنارس‬
‫*مرلرك ٱلرنارس *إرلمــره ٱلرنارس *رمن مشير ٱهلموهسموارس ٱهلمخرنارس{ُ ‪ :‬أليس ذلك يدل على أن السيطان يؤثر فى‬
‫الناسن حتى أيرمرنا بأن نتعروذ من شره‪ ً،‬وأنتم تقولون‪ :‬إن هل يقدر على شئ من ذلك؟ وجوابنا‪ :‬أنه‬
‫تعالى برين أن هذا السواس من الرجرنة والناس‪ ً،‬ومعلوم أن من يوسوس من الناس ل يخبط ول ييحدث‬
‫فيمن يوسوس له تغيير عقل وجسم‪ ً،‬فكذلك حال الشيطان‪ ً،‬ومع ذلك فل بد فى وسوستهم من أن يكون‬
‫ضرر يصح أن ييتعروذ بال تعالى منه‪ ً،‬وهذا يدل إذا تأمله المرء على قولنا بأن العبد مختار لفعله‪ ً،‬وذلك‬
‫لنه تعالى لو كان يخلقا كل هذه المور فيه لم يكن لهذا التعسوذ معنى‪ ً،‬لنه إن أراد خلقا ما يضره فيه‪ً،‬‬
‫وخلقا المعاصى فيه‪ ً،‬فهذا التعسوذ وجوده كعدمه‪ ً،‬وإنما ينفع متى كان العبد مختارا‪ ً،‬فإذا أتى بهذا التعسوذ‬
‫كان أقرب إلى أن ل يناله من رقمبرل الرجرنة والناس ما كان يناله لول ذلك"‪.‬‬
‫* رؤية ال‪:‬‬
‫ولما كان المعتزلة ل يجويزون وقوع رؤية ال فى الخرة‪ ً،‬فإن صاحبنا قد تخرلص من كل آية يتجروز‬
‫وقوع الرؤية‪.‬‬
‫ل فى سورة يونس يقول فى )ص ‪ (159‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬ليرلرذيمن‬ ‫فمث ل‬
‫أمهحمسينوها ٱهليحهسمنـى مورزميامد فة{ُ‪ :‬أليس المراد بها الرؤية على ما روى فى الخبر؟ وجوابنا‪ :‬أن المراد بالزيادة‬
‫التفضل فى الثواب‪ ً،‬فتكون الزيادة من جنس المزيد عليه‪ ً،‬وهذا مروى‪ ً،‬وهو الظاهر‪ ً،‬فل معنى لتعلقهم‬
‫بذلك‪ ً،‬وكيف يصح ذلك وعندهم أن الرؤية أعظم من كل الثواب فكيف يتجعل زيادة على الحسنى؟‬
‫ل رذلرفة{ُ فبرين أن الزيادة هى من هذا الجنس فى الجرنة"‪.‬‬ ‫ل ميهرمهيقا يويجومهيههم مقمتفر مو م‬‫ولذلك قال بعده‪} :‬مو م‬
‫وفى سورة القيامة يقول فى )ص ‪ (359 ً،358‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬يويجوفه‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ :‬إنه أقوى دليل على أن ال تعالى يمرى فى الخرة‪ .‬وجوابنا‪ :‬أن ممن‬ ‫ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫تعرلقا بذلك إن كان ممن يقول بأن ال تعالى جسم‪ ً،‬فإرنا ل ننازعه فى أنه يمرى‪ .‬بل فى أنه ييصافح‪ً،‬‬
‫وييعانقا‪ ً،‬وييلممس‪ ً،‬تعالى ال عن ذلك‪ ً،‬وإنما نكلمه فى أنه ليس بجسم‪ .‬وإن كان ممن ينفى التشبيه عن ال‬
‫فل بد من أن يعترف بأن النظر إلى ال تعالى ل يصح‪ ً،‬لن النظر هو تقليب العين الصحيحة نحو الشئ‬
‫طلبا لرؤيته‪ ً،‬وذلك ل يصح إل فى الجسام‪ .‬فيجب أن ييتأرول على ما يصح النظر إليه وهو الثواب‪ً،‬‬
‫كقوله تعالى‪} :‬موهسمئرل ٱهلمقهرميمة{ُ‪ ً،‬فإرنا تأرولناه على أهل القرية لصحة المسألة منهم‪ .‬وبرين ذلك أن ال ذكر‬
‫ذلك ترغيبا فى الثواب كما ذكر قوله‪} :‬مويويجوفه ميهومرئهَذ مبارسمرفة * متيظسن مأن يهفمعمل ربمها مفارقمرفة{ُ زجرا عن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫العقاب‪ ً،‬فيجب حمله على ما ذكرناه"‪.‬‬
‫* أفعال العباد‪:‬‬
‫كذلك يتأثر القاضى عبد الجبار بعقيدته العتزالية القائلة بأن ال تعالى ل يخلقا أفعال العباد‪ ً،‬فيقول فى‬
‫سورة النفال )ص ‪ (144‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬مفملهم متهقيتيلويههم موملــركرن ٱلرلمه مقمتمليههم‬
‫مومما مرممهيمت إرهذ مرممهيمت مولمــركرن ٱلرلمه مرممـى{ُ‪ ً،‬كيف يصح ذلك مع القول بأن ال تعالى ل يخلقا أفعال العباد؟‬
‫وجوابنا‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم كان يرمى يوم بدر‪ ً،‬وال تعالى بلغ برميته المقاتل‪ ً،‬فلذلك أضافه‬
‫ل إليه بقوله‪} :‬إرهذ مرممهيمت{ُ‪ ً،‬والكلم متفقا بحمد ال‪.‬‬ ‫تعالى إلى نفسه كما أضاف الرمية أو ل‬
‫ويقول فى سورة الصافات )ص ‪ (299 ً،298‬ما نصه‪" :‬مسألة‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬أممتهعيبيدومن مما‬
‫متهنرحيتومن * موٱللريه مخلممقيكهم مومما متهعمميلومن{ُ‪ :‬أليس فى ذلك تصريح بخلقا أعمال العباد؟ وجوابنا‪ :‬أن المراد‪:‬‬
‫ل خلقكم وما تعملون من الصنام‪ ً،‬فالصنام من خلقا ال‪ ً،‬وإنما عملهم نحتها وتسويتها‪ ً،‬ولم يكن‬ ‫وا ي‬
‫الكلم فى ذلك‪ ً،‬فإنه صلى ال عليه وسلم أنكر عبادتهم‪ ً،‬فقال‪ :‬أتعبدون ما تنحتون؟ وذلك الذى تنحتون‬
‫ال خلقه‪ .‬وليصح لما أورده عليهم معنى إل على هذا الوجه‪ ً،‬وذلك فى اللغة ظاهر‪ ً،‬لنه يقال فى‬
‫النجار‪ :‬عمل السرير ‪ -‬وإن كان عمله قد تقضى ‪ -‬وعمل الباب‪ ً،‬ونظير ذلك قوله تعالى فى عصا‬
‫موسى‪} :‬مفرإمذا رهمي متهلمقيف مما ميهأرفيكومن{ُ‪ :‬المراد ما وقع إفكهم فيه‪ ً،‬فعلى هذا الوجه نتأرول هذه الية‪ ً،‬معنى‬
‫صارلرحيمن{ُ"‪* .‬‬ ‫قوله من بعد‪} :‬مومقامل إريني مذارهفب إرلمـى مريبي مسميههرديرن * مريب مههب رلي رممن ٱل ر‬
‫* المنزلة بين المنزلتين‪:‬‬
‫ولما كان القاضى عبد الجبار يقول ‪ -‬كغيره من المعتزلة ‪ -‬بالمنزلة بين المنزلتين‪ ً،‬فإرنا نراه يتأثر بهذه‬
‫العقيدة‪ ً،‬ففى سورة النفال فى قوله تعالى‪} :‬إررنمما ٱهليمهؤرمينومن ٱرلرذيمن إرمذا يذركمر ٱللريه مورجلمهت يقيلويبيههم موإرمذا يترلميهت‬
‫لمة مورمرما مرمزهقمنايههم يينرفيقومن * أيهوليــرئمك‬ ‫صم‬ ‫معلمهيرههم آميايتيه مزامدهتيههم رإيممانا مومعلمـى مريبرههم ميمتموركيلومن * ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫يهيم ٱهليمهؤرمينومن محسقا {ُ‪ ..‬نجده فى )ص ‪ (143‬يقول ما نصه‪" :‬وكل ذلك يدل على أن اليمان قول وعمل‪ً،‬‬
‫ويدخل فيه كل هذه الطاعات‪ ً،‬وأن المؤمن ل يكون مؤمنا إل أن يقوم بحقا العبادات‪ ً،‬ومتى وقعت منه‬
‫كبيرة خرج عن أن يكون مؤمنا"‪.‬‬
‫وفى سورة النسان يقول فى )ص ‪ (360 ً،359‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬إررنا‬
‫مهمدهيمنايه ٱلرسربيمل إررما مشاركرا موإررما مكيفورا{ُ‪ :‬أما يدل ذلك على أنه ليس من المكرلفين إل كافر ومؤمن؟‬
‫وجوابنا‪ :‬أن الشاكر قد يكون شاكرا وإن لم يكن مؤمنا بررا تقيا‪ ً،‬لن الفاسقا بغضب أو غيره قد يكون‬
‫شاكرا فل يدل على ما قالوا‪ ً،‬بل فى الية دللة على ما نقول من أن الكافر والمؤمن هما سواء فى أن‬
‫ال تعالى قد هداهما‪ ً،‬ل كما قالت المجيبرة‪ :‬إنه تعالى إنما هدى المؤمنين‪ .‬والمراد به أنه درل الجميع‬
‫وأزال رعرلتهم‪ ً،‬فممن عصى فرمن جهة نفسة أيرتمى"‪.‬‬
‫**‬
‫* تذرعه بالمجاز والتشبيه فيما ييستبعد ظاهره‪:‬‬
‫كذلك نرد القاضى عبد الجبار يقف أمام اليات التى تبدو فى ظاهرها غريبة مستبعدة‪ ً،‬موقف النفور من‬
‫جواز إرادة المعنى الحقيقى‪ ً،‬والتخلص من هذا الظاهر المستغمرب بحمل الكلم على المجاز والتشبيه‪.‬‬
‫ل يقول فى سورة العراف )ص ‪ (140‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬وربما قيل فى قوله تعالى‪} :‬موإرهذ أممخمذ‬ ‫فمث ل‬
‫مرسبمك رمن مبرنيي مءامدم رمن يظيهورررههم يذيرريمتيههم موأمهشمهمديههم معملـى مأنيفرسرههم أمملهسيت ربمريبيكهم مقايلوها مبملـى{ُ‪ :‬وفى الخبر أن‬
‫جميع بنى آدم أخذ عليهم المواثيقا من ظهر آدم صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬كيف يصح ذلك؟ وجوابنا‪ :‬أن‬
‫القوم مخطئون فى الرواية‪ ً،‬فمن المحال أن يأخذ عليهم المواثيقا وهم كالرذر ل حياة لهم ول عقل‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فالمراد أنه أخذ الميثاقا من العقلء‪ ً،‬بأن أودع فى عقلهم ما ألزمهم‪ ً،‬إذ فائدة الميثاقا أن يكون يممنيبها‪ ً،‬وأن‬
‫يمذ يكر المرء بالدنيا والخرة‪ ً،‬وذلك ل يصح إل فى العقلء‪ ً،‬وظاهر الية بخلف قولهم‪ ً،‬لنه تعالى أخذ‬
‫من ظهور بنى آدم‪ ً،‬لها من آدم‪ ً،‬والمراد أنه خرج من ظهورهم يذيرية أكمل عقولهم‪ ً،‬فأخذ الميثاقا‬
‫عليهم‪ ً،‬وأشهدهم على أنفسهبم بما أودعه عقلهم"‪.‬‬
‫ل فى سورة الرعد يقول فى )ص ‪ (181‬ما نصه‪" :‬مسألة ‪ -‬ومتى قيل‪ :‬فما معنى قوله تعالى‪:‬‬ ‫ومث ل‬
‫}مويمسيبيح ٱلررهعيد ربمحهمردره{ُ‪ ً،‬وكيف يصلح التسبيح من الرعد؟ وجوابنا‪ :‬أن المراد دللة الرعد وتلك‬
‫ضِ{ُ‪..‬‬ ‫الصوات الهائلة على قدرته وعلى تنزيهه‪ ً،‬وذلك بقوله تعالى‪} :‬مسربمح للرره مما رفي ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫لرئمكية رمهن رخيمفرتره{ُ ففصل بين المرين‪ .‬وقوله‬ ‫لدللة الكل على أنه منرزه عما ل يليمقا‪ ً،‬ولذلك قال‪} :‬موٱهلمم م‬
‫ضِ مطهوعا مومكهرها{ُ؛ً معناه‪ :‬يخضع‪ ً،‬فالمكرلف العارف بال‬ ‫بعد‪} :‬مولرلره ميهسيجيد ممن رفي ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫يخضع طوعا‪ ً،‬وغيره يخضع كرها‪ ً،‬لرنا يعلم أن نفس السجود ل يقع من كل أحد"‪.‬‬
‫وقد رأينا كيف حمل القاضى حملته الشعواء فى مقدمة كتابه على ممن يحمل مثل هذه الية على حقيقتها‪ً،‬‬
‫وكيف حكم عليه بأنه ضال ل ينتفع بما يقرأ من كتاب ال‪ ... .‬وهكذا نجد القاضى عبد الجبار يتأثر‬
‫تأثرا عظيما بمذهبه العتزالى‪ ً،‬فل يكاد يمر بآية تعارضِ مذهبه إل صرفها عن ظاهرها‪ ً،‬ومال بها إلى‬
‫ناحية مذهبه‪ ..‬وعلى الجملة فالكتاب ‪ -‬رغم ما فيه من هذه النزعات العتزالية ‪ -‬قد كشف لنا عن‬
‫كثير من الشبهات التى ترد على ظاهر النظم الكريم‪ ً،‬وأوضح لنا عن كثير من جمال التركيب القرآنى‬
‫الذى ينطو على البلغة والعجاز‪ ً،‬مما يشهد لمؤلفه وغزارة العلم‪ .‬وهو مطبوع فى مجلد واحد كبير‬
‫ومتداول بين أهل العلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬أمالى الشريف المرتضى أو "يغمرر الفوائد ويدمرر القلئد"‬
‫* التعريف بمؤلف هذا الكتاب‪:‬‬
‫مؤلف هذا الكتاب‪ ً،‬هو أبو القاسم‪ ً،‬علسى بن الطاهر أبى أحمد الحسين ابن موسى بن محمد بن إبراهيم‬
‫بن موسى الكاظم بن جعفر الصادقا بن محمد الباقر بن علسى زين العابدين بن الحسين بن علسى بن أبى‬
‫طالب رضى ال عنهم‪ ً،‬وهو أخو الشريف الرضسى‪ ً،‬وشيخْ الشيعة ورئيسهم بالعراقا‪ ً،‬وكان مع تشيعه‬
‫معتزليا فى اعتزاله‪ ً،‬وقد تبرحر ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فى فنون العلم‪ ً،‬ويعررف بالمامة فى الكلم والدب‪ً،‬‬
‫والشعر‪ ً،‬وأخذ عن الشيخْ المفيد‪ ً،‬وروى الحديث عن سهل الديباجى الكرذاب‪ ً،‬وله تصانيف كثيرة على‬
‫مذهب الشيعة ومقالة فى أصول الدين‪ ً،‬وله ديوان شعر كبير‪ ً،‬وله كتاب "المالى" الذى سرماه "يغمرر‬
‫الفوائد ويد مرر القلئد"‪ ً،‬وجمع فيه بين التفسير العتزالى‪ ً،‬والحديث‪ ً،‬والدب‪ ً،‬وهو ما نحن بصدد الكلم‬
‫عنه الن‪ ً،‬واختلف الناس فى كتاب "نهج البلغة" المنسوب إلى الامم علسى بن أبى طالب‪ ً،‬هل هو‬
‫جمعه؟ أو جمع أخيه الشريف الرضسى؟‪ .‬وبالجملة فقد كان الشريف المرتضى إمام أئمة العراقا‪ ً،‬يفزع‬
‫إليه علماؤها‪ ً،‬ويأخذ عنه عظماؤها‪ .‬وكانت ولدته سنة ‪ 355‬هـ )خمس وخمسين وثلثمائة من‬
‫الهجرة(‪ ً،‬وتوفى سنة ‪ 436‬هـ )ست وثلثين وأربعمائة( ببغداد‪ ً،‬ويدفن فى داره معشية يوم وفاته‪ً،‬‬
‫فرضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا الكتاب وطريقة مؤيلفه التى سلكها فى التفسير‪:‬‬
‫كتاب يغمرر الفوائد ويدمرر القلئد‪ ً،‬كتاب يشتمل على محاضرات أو أمالى‪ ً،‬أملها الشريف المرتضى فى‬
‫ثمانين مجسا‪ ً،‬تشتمل على بحوث فى التفسير والحديث‪ ً،‬والدب‪ ً،‬وهو كتاب ممتع‪ ً،‬يدل على فضل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كثير‪ ً،‬وتوسع فى الطلع على العلوم‪ ً،‬وهو ل يحيط بتفسير القرآن كله‪ ً،‬بل ببعضِ من آياته التى يدور‬
‫أغلبها حول العقيدة‪ ً،‬وعلى ضوء ما فرسره من اليات نستطيع أن نلقى نظرة فاحصة على تفسير‬
‫المعتزلة للقرآن فى ذلك العصر‪ ً،‬كما نستطيع أن نقف على مبلغ جنود الشريف المرتضى للتوفيقا بين‬
‫آرائه العتزالية وآيات القرآن التى تتصادم معها‪.‬‬
‫ونحن إذ نتكلم عن أمالى الشريف المرتضى ل نتكلم عنها إل من ناحية ما فيها من التفسير‪ ً،‬أما الناحية‬
‫الحديثية والدبية فل تعنينا فى هذا البحث‪ ً،‬وإن كان لها قيمتها ومكانتها العلمية بين رجال الدين‬
‫والدب‪.‬‬
‫نتصفح كتاب المالى‪ ً،‬ونجيل النظر بين ما فيه من بحوث فى التفسير‪ ً،‬فنجد السيد الشريف يسعى بكل‬
‫جوده إلى الوصول إلى مبادئه العتزالية عن طريقا التفسير‪ ً،‬مستعينا فى ذلك بنبوغه الدبى‪ ً،‬ومعرفته‬
‫بفنون اللغة وأساليبها‪ ً،‬حتى إننا لنراه يقف من اليات التى تعارضه موقفا يلتزم فيه مخالفة ظاهرا‬
‫ضل فيه التفسير الملتوية لبعضِ اللفاظ على ما يتبادر منها إرضاء لعقيدته‪ ً،‬وتمشيا مع‬ ‫القرآن‪ ً،‬ويمف ي‬
‫مذهبه‪ .‬وإليك بعضِ المثلة من تفسيره لليات التى تدور حول العقيدة‪ ً،‬لتقف على حقيقة المر‪ ً،‬ولتلمس‬
‫مقدار هذا التعصب المذهبى عند هذا الشريف العلوى‪:‬‬
‫* رؤية ال‪:‬‬
‫يقول فى المجلس الثالث )جـ ‪" : (29 - 28 1‬مسألة ‪ -‬اعلم بأن أصحابنا قد اعتمدوا فى إبطال ما‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ على وجوه معروفة‪ً،‬‬
‫ظرنه أصحاب الرؤية فى قوله تعالى‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫لنهم برينوا أن النظرليس يفيد الرؤية‪ ً،‬ول الرؤية من أحد محتملته‪ ً،‬ودسلوا على أن النظر ينقسم إلى‬
‫أقسام كثيرة‪ :‬منها تقليب الحدقة الصحيحة يفى جهة المرئى طلبا للرؤية‪ ً،‬ومنها النظر الذى هو‬
‫النتظار‪ ً،‬ومنها النظر الذى هو التعطف والمرحمة‪ ً،‬ومنها النظر الذى هو الفكر والتأمل‪ .‬وقالوا‪ :‬إذ لم‬
‫يكن فى أقسام النظر الرؤية‪ ً،‬لم يكن للقوم بظاهرها تعلقا‪ ً،‬واحتجنا جميعا إلى طلب تأويل الية من جهة‬
‫غير الرؤية‪ .‬وتأرولها بعضهم على النتظار للثواب‪ ً،‬وإن كان اليممنمتمظر فى الحقيقة محذوفا‪ ً،‬واليمهنمتظر منه‬
‫مذكورا على عادة للعرب معروفة‪ .‬وسرلم بعضهم أن النظر يكون الرؤية بالبصر‪ .‬وحمل الية على‬
‫رؤية أهل الجرنة لرنمعم ال تعالى عليهم‪ ً،‬على سبيل حذف المرئى فى الحقيقة‪ .‬وهذا كلم مشروح فى‬
‫مواضعه‪ ً،‬وقد برينا ما يرد عليه‪ ً،‬وما ييجاب به عن الشبهة المعترضة فى مواضع كثيرة‪.‬‬
‫وههنا وجه غريب فى الية‪ ً،‬يحكى عن بعضِ المتأخرين‪ ً،‬ل يفتقر معتمده إلى العدول عن الظاهر‪ ً،‬أو‬
‫إلى تقدير محذوف‪ ً،‬ول يحتاج إلى منازعتهم فى أن النظر يحتمل الرؤية أو ل يحتملها‪ ً،‬بل يصح‬
‫العتماد عليه‪ ً،‬سواء أكان النظر المذكور فى الية هو النتظار بالقلب أو الرؤية بالعين‪ ً،‬وهو أن ييحرمل‬
‫قوله تعالى‪} :‬إرلمـى مريبمها{ُ‪ ً،‬إلى أنه أراد نعمة ربها‪ ً،‬لن اللء الرنمعم‪ ً،‬وفى واحدها أربع لغات‪ ً،‬ألى مثل‬
‫قمفى‪ ً،‬وأرلى مثل ررمى‪ ً،‬ورإلى مثل معى‪ ً،‬وإلى مثل رحنى‪ ً،‬قال أعشى بكر بن وائل‪:‬‬
‫ضِ ل يربه الهزال ول * يقطع مرهحما ول يخون إلى*‬ ‫*أبي ي‬
‫أراد أنه ل خون نعمة‪ .‬وأراد تعالى‪} :‬إرملـى مريبمها{ُ‪ ً،‬فأسقط التنوين للضافة؛ً فإن قيل‪ :‬فأى فرقا بين هذه‬
‫الوجه وبين تأويل ممن حمل الية على أنه أراد به‪ :‬إلى ثواب ربها ناظرة‪ ً،‬بمعنى‪ :‬رائية لنعمه وثوابه؟‬
‫قلنا‪ :‬ذلك الوجه يفتقر إلى محذوف‪ ً،‬لنه إذا جعل "إلى" حرفا‪ ً،‬ولم يعلقها بالرب تعالى‪ ً،‬فل بد من تقدير‬
‫محذوف‪ ً،‬وفى الجواب الذى ذكرناه ل ييفتقر إلى تقدير محذوف‪ ً،‬لن "إلى" فيه اسم يتعلقا به الرؤية‪ ً،‬ول‬
‫يحتاج إلى تقدير غيره‪ .‬وال أعلم بالصواب"‪.‬‬
‫*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* الرادة وحرية الفعال‪:‬‬
‫وفى المجلس الرابع )جـ ‪ 1‬ص ‪ (33 - 30‬يقول ما نصه‪" :‬تأويل آية ‪ -‬إن قال قائل‪ :‬ما تأويل قوله‬
‫ل ميهعرقيلومن{ُ‪ ..‬فظاهر هذا الكلم‬ ‫ل ربرإهذرن ٱلرلره موميهجمعيل ٱليرهجمس معملى ٱرلرذيمن م‬‫تعالى‪} :‬مومما مكامن رلمنهفهَس مأن يتهؤرممن إر ر‬
‫يدل على أن اليمان إنما كان لهم فعله بإذنه وأمره‪ ً،‬وليس هذا مذهبكم‪ .‬وإن يحرمل الذن هنا على‬
‫الرادة‪ ً،‬اقتضى أن ممن لم يقع منه اليمان لم يرده ال منه‪ ً،‬وهذا أيضا بخلف قولكم‪ .‬ثم جعل الرجس‬
‫‪ -‬الذى هو العذاب ‪ -‬على الذين ل يعقلون‪ ً،‬وممن كان فاقدا لعقله ل يكون مكرلفا‪ .‬فكيف يستحقا العذاب‪.‬‬
‫وهو بالضد من الخبر المروى عن النبى صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬أكثر أهل الجنة اليبلة"؟ ‪..‬‬
‫ل ربرإهذرن ال{ُ وجوه‪ :‬منها أن يكون الذن‪ :‬المر‪ ً،‬ويكون معنى‬ ‫الجواب‪ :‬يقال له‪ :‬فى قوله تعالى‪} :‬إر ر‬
‫الكلم أن اليمان ل يقع إل بعد أن يأذن ال فيه ويأمر به‪ ً،‬ول يكون معناه ما ظنه السائل من أنه ل‬
‫يكون للفاعل فعله إل بإذنه‪ ً،‬ويجرى هذا مجرى قوله تعالى }مومما مكامن رلمنهفهَس أمهن متيمومت إر ر‬
‫ل ربرإهذرن ال{ُ‪..‬‬
‫ومعلوم أن معنى قوله‪" :‬ليس لها" ‪ -‬فى هذه الية‪ .‬هو ما ذكرناه‪ ً،‬وإن كان الشبه فى هذه الية التى‬
‫يذركر فيها الموت أن يكون المراد بالذن‪ :‬العلم‪ ً،‬ومنها أن يكون الذن هو‪ :‬التوفيقا والتيسير والتسهيل‪.‬‬
‫ول شبهة فى أن ال ييويفقا لفعل اليمان ويلطف فيه‪ ً،‬وييسيهل السبيل إليه‪ ..‬ومنها أن يكون الذن‪ :‬العلم‪ً،‬‬
‫من قولهم‪ :‬أذنيت لكذا وكذا‪ ً،‬إذا سمعته وعلمته‪ .‬وأذنيت فلنا بكذا‪ ً،‬إذا أعلمته‪ ً،‬فتكون فائدة الية‪ :‬الخبار‬
‫عن علمه تعالى بسائر الكائنات‪ ً،‬فإنه ممن ل تخفى عليه الخفيات‪ .‬وقد أنكر بعضِ ممن ل بصيرة له أن‬
‫لذن ‪-‬‬ ‫يكون الهذن ‪ -‬بكسر اللف وتسكين الذال ‪ -‬عبارة عن العلم‪ ً،‬وزعم أن الذى هو العلم‪ :‬ا ي‬
‫بالتحريك ‪ -‬واستشهد بقول الشاعر‪:‬‬
‫*إرن مهرمى فى سماع ويأذن*‬
‫وليس المر على ما تورهم هذا المتوهم‪ ً،‬لن الذن هو المصدر‪ ً،‬والذن هو اسم الفعل‪ ً،‬فيجرى مجرى‬
‫الحمذر‪ ً،‬والحذر فى أنه مصدر‪ ً،‬والحهذر ‪ -‬بالتسكين ‪ -‬السم‪ .‬على أنه لو لم يكن مسموعا إل الذن‬
‫بالتحريك لجاز التسكين مثل‪ :‬ممثل مهثل‪ ً،‬ومشبه ورشهبه‪ ً،‬ونظائر ذلك كثيرة‪ ..‬ومنها أن يكون الذن‪ :‬العلم‪ً،‬‬
‫ومعناه إعلم ال بفضل اليمان وما يدعو إلى فعله‪ ً،‬ويكون معنى الية‪ :‬وما كان لنفس أن تؤمن إل‬
‫بإعلم ال لها بما يبعثها على اليمان وما يدعوها إلى فعله‪ ..‬فأما ظن السائل دخول الرادة فى محتمل‬
‫اللفظ فباطل‪ ً،‬لن الذن ل يحتمل الرادة فى السلغة‪ ً،‬ولو احتملها أيضا لم يجب ما توهمه‪ ً،‬لنه إذا قال‪:‬‬
‫إن اليمان ل يقع إل وأنا مريد له‪ ً،‬لم ينف أن يكون مريدا لما لم يقع‪ ً،‬ولس فى صريح الكلم ول دللته‬
‫شئ من ذلك"‪ .‬ثم انتقل من هذا إلى كشف الشبهة عن معنى قوله‪} :‬موميهجمعيل ٱليرهجمس معملى ٱرلرذيمن م‬
‫ل‬
‫ميهعرقيلومن{ُ مما ل يتصل بعقيدته العتزالية‪.‬‬
‫وفى المجلس )‪ 41‬جـ ص ‪ (4 - 2‬يقول ما نصه‪" :‬تأويل آية ‪ -‬إن سأل سائل عن قوله تعالى‪} :‬مفأهيمن‬
‫ل رذهكفر ليهلمعاملرمي من{ُ‪ ...‬إلى آخر الية فقال‪ :‬ما تأويل هذه الية؟ أو ليس ظاهرها يقتضى‬ ‫متهذمهيبومن * إرهن يهمو إر ر‬
‫ص إيمان من كفر‪ ً،‬ول طاعة من معصية‪..‬؟ الجواب‪:‬‬ ‫أرنا ل نشأ شيئا إل وال تعالى شاءه‪ ً،‬ولم يخ س‬
‫الوجه المذكور فى هذه الية أن الكلم متعلقا بما تقدمه من ذكر الستقامة‪ ً،‬لنه تعالى قال‪} :‬رلممن مشآمء‬
‫ل مأن ميمشآمء ٱللريه مرسب ٱهلمعاملرميمن{ُ‪ :‬أى ما تشاءون الستقامة إل وال‬ ‫رمنيكهم مأن ميهسمترقيمم{ُ ثم قال‪} :‬مومما متمشآيءومن إر ر‬
‫تعالى مريد لها‪ ً،‬ونحن ل ننكر أن يريد ال تعالى الطاعات‪ ً،‬وإنما أنكرنا إرادته المعاصى‪ ,‬وليس لهم أن‬
‫يقولوا‪ :‬تقدم ذكر الستقامة ل يوجب قصر الكلم عليها ول يمنع من عمومه‪ ً،‬كما أن السبب ل يوجب‬
‫قصر ما يخرج من الكلم عليه حتى ل يتعداه‪ ً،‬وذلك أن الذى ذكروه إنما يجب فيما يستقل بنفسه من‬
‫ل مأن ميمشآمء ٱللريه{ُ ل ذكر للمراد فيه‪ ً،‬فهو غير‬ ‫الكلم دون ما ل يستهقل‪ ..‬وقوله تعالى‪} :‬مومما متمشآيءومن إر ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مستقل بنفسه‪ ً،‬وإذا علقا بما تقدم من ذكر الستقامة استقل‪ .‬على أنه لو كان للية ظاهر يقتضى ما‬
‫ظسنوه ‪ -‬وليس لها ذلك ‪ -‬لوجب النصراف عنه بالدلة الثابتة على أنه تعالى ل يريد المعاصى ول‬
‫القبائح‪ .‬على أن مخالفينا فى هذه المسألة ل يمكنهم حمل الية على العموم‪ ً،‬لن العباد قد يشاءون‬
‫عندهم ما ل يشاؤه ال تعالى بأن يريدوا الشئ ويعزموا عليه فل يقع لمانع‪ ً،‬ممتنعا كان أو غيره‪ .‬وكذلك‬
‫قد يريد النبى عليه الصلة والسلم من الكفار واليمان‪ ً،‬وقد تعبدنا بأن نريد من المقدم على القبيح‬
‫تركه‪ ً،‬وإن كان تعالى عندهم ل يريد ذلك إذا كان المعلوم أنه ل يقع‪ ً،‬فل بد لهم من تخصيص الية‪ً،‬‬
‫فإذا جاز لهم ذلك بالشبهة‪ ً،‬جاز لنا مثله باليحرجة‪ ً،‬وتجرى هذه الية مجرى قوله تعالى‪} :‬إررن مهــرذره متهذركمرفة‬
‫ل مأن ميمشآمء‬ ‫ل مأن ميمشآمء ٱللريه{ُ‪ ..‬وقوله تعالى‪} :‬مومما ميهذيكيرومن إر ر‬
‫ل* مومما متمشآيءومن إر ر‬
‫مفممن مشآمء ٱرتمخمذ إرلمـى مريبره مسربي ل‬
‫ٱللريه{ُ فى تعلقا الكلم بما قبله‪ ..‬فإن قالوا‪ :‬فالية تدل على صحة مذهبنا من وجه بطلن مذهبكم من‬
‫ل مأن ميمشآمء ٱللريه{ُ‪ .‬وذلك يقتضى أنه يشاء الستقامة فى‬ ‫وجه آخر‪ ً،‬وهو أنه معرز وجرل قال‪} :‬مومما متمشآيءومن إر ر‬
‫حال مشيئتنا لها لن "أن" الخفيفة إذا دخلت على الفعل المضارع اقتضت الستقبال‪ ً،‬وهذا يوجب أنه‬
‫يشاء أفعال العباد فى كل حال‪ ً،‬ويبطل ما تذهبون إليه من أنه إنما يريد الطاعات فى حال المر‪ ً،‬قلنا‪:‬‬
‫ليس فى ظاهر الية أرنا ل نشاء إل ما شاءه ال تعالى فى حال مشيئتنا كما ظننتم‪ ً،‬وإنما يقتضى حصول‬
‫مشيئته لما نشاءوه من الستقامة من غير ذكر لتقدم ول تأخر‪ ً،‬ويجرى ذلك مجرى قول القائل‪ :‬ما يدخل‬
‫زيد هذه الدار إل أن يدخلها عمرو‪ ً،‬ونحن نعلم أنه غير واجب بهذا الكلم أن يكون دخولهما فى حالة‬
‫واحدة‪ ً،‬بل ل يمتنع أن يتقدم دخول عمرو‪ ً،‬ويتلوه دخول زيد‪ .‬و "أن" الخفيفة وإن كانت للستقبال ‪-‬‬
‫على ما ذكر ‪ -‬فلم يبطل على تأويلنا معنى الستقبال فيها‪ ً،‬لن تقدير الكلم‪ :‬وما تشاءون الطاعات إل‬
‫بعد أن يشاء ال تعالى‪ .‬ومشيئته تعالى قد كانت لها حال الستقبال‪ .‬وقد ذهب أبو على الجبائى إلى أنه‬
‫ل يمتنع أن يريد تعالى الطاعات حالل بعد حال‪ ً،‬وإن كان قد أرادها فى حال المر‪ ً،‬كما يحص أن يأمر‬
‫بها أمرا بعد أمر‪ ً،‬قال‪ :‬لنه قد يصح أن يتعلقا بإرادته ذلك منا بعد المر وفى حال الفعل مصلحة‪.‬‬
‫ويعلم تعالى أرنا نكون متى علمنا ذلك كنا إلى فعل الطاعات أقرب‪ ً،‬وعلى هذا المذهب ل ييعترضِ بما‬
‫ذكروه‪ ..‬والجواب الول واضح إذا لم نذهب إلى مذهب أبى علسى فى هذا الباب‪ .‬على أن اقتضاء الية‬
‫للستقبال من أوضح دليل على فساد قولهم‪ ً،‬لن الكلم إذا اقتضى حدوث المشيئة وأبطل استقبالها بطل‬
‫قول من قال منهم‪ :‬إنه مريد بنفسه‪ ً،‬أو مريد بإرادة قديمة‪ ً،‬وصرح ما نقوله من أن إرادته يمهحمدثة يممجرددة‪.‬‬
‫ويمكن فى تأويِ الية وجه آخر مع حملنا إياها على العموم من غير أن نخصها بما تقردم ذكره من‬
‫الستقامة‪ ً،‬ويكون المعنى‪ :‬وما تشاءون شيئا من فعالكم إل أن يشاء ال تمكينكم من مشيئتكم‪ ً،‬وإقداركم‬
‫عليها‪ ً،‬والتخلية بينكم وبينها‪ .‬وتكون الفائدة فى ذلك الخبار عن الفتقار إلى ال تعالى‪ ً،‬وأنه ل قدرة‬
‫على ما لم يمقيدره ال تعالى عرز ومجرل‪ .‬وليس يجب عليه أن يستبعد هذا الوجه‪ ً،‬لن ما تتعلقا به المشيئة‬
‫ل مأن ميمشآمء ٱللريه{ُ بالفعال‪ ً،‬دون تعلقه‬ ‫فى الية محذوف غير مذكور‪ ً،‬وليس لهم أن ييعيلقوا قوله تعالى‪} :‬إر ر‬
‫باليقدرة‪ ً،‬لن كل واحد من المرين غير مذكور‪ ً،‬وكل هذا واضح بحمد ال‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذه اليممثيل وغيرها لو رجعت إليها فى مكانها أن الشريف المرتضى تأثر فى تأويله‬
‫لليات القرآنية بعقيدته العتزالية ودافع بكل ما يستطيع عن مذهبه‪ ً،‬ومررد كل يشبهة متررد عليه بما يدل‬
‫على قوة ذهنه وسعة اطلعه‪.‬‬
‫**‬
‫* رفضه لبعضِ ظواهر القرآن‪:‬‬
‫كذلك نجد الشريف المرتضى ‪ -‬كغيره من المعتزلة ‪ -‬يرفضِ بشدة المعانى القرآنية الظاهرة‪ ً،‬التى تبدوا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فى أول أمرها يمهستبعمدة يمهسغمربة‪ ً،‬والتى يجيوزها أهل السسرنة ويرونها أولى بأن ييحمل اللفظ عليها من‬
‫غيرها‪ ً،‬ويتخلص منه ذلك إما بحمل اللفظ على معنى حقيقى آخر ل غرابة فيه‪ ً،‬وإما بحمله على التمثيل‬
‫ل جليا واضحا فى المجلس الثالث )جـ ‪ 1‬ص ‪ (22 ً،20‬حيث يقول ما‬ ‫أو التخييل‪ ً،‬ونجد لذلك مث ل‬
‫نصه‪ :‬قال ال تعالى‪} :‬موإرهذ أممخمذ مرسبمك رمن مبرنيي مءامدم رمن يظيهورررههم يذيرريمتيههم موأمهشمهمديههم معملـى مأنيفرسرههم أمملهسيت‬
‫ربمريبيكهم مقايلوها مبلمـى مشرههدمنآ مأن متيقويلوها ميهوم ٱهلرقمياممرة إررنا يكرنا معهن مهــمذا مغارفرليمن * أمهو متيقولييوها إررنممآ أمهشمرمك آمبايؤمنا رمن‬
‫مقهبيل مويكرنا يذيرريلة يمن مبهعردرههم أممفيتههرليكمنا ربمما مفمعمل ٱهليمهبرطيلومن{ُ‪..‬‬
‫ظن بعضِ من ل بصيرة له ول فطنة عنده‪ ً،‬أن تأويل هذه الية‪ :‬أن ال استخرج من ظهر آدم‬ ‫وقد ر‬
‫جميع يذيريته وهم فى خلقا الرذر‪ ً،‬فقررهم بمعرفته‪ ً،‬وأشهدهم على أنفسهم‪ .‬وهذا التأويل مع أن العقل‬
‫يبطله ويحيله‪ ً،‬مما يشهد ظاهر القرآن بخلفه‪ ً،‬لن ال تعالى قال‪} :‬موإرهذ أممخمذ مرسبمك رمن مبرنيي مءامدمم{ُ‪ ً،‬ولم‬
‫يقل‪ :‬من ظهره‪ .‬وقال‪} :‬يذيرريمتيههم{ُ‪ ً،‬ولم يقل‪ :‬يذيريته‪ .‬ثم أخبر تعالى بأنه فعل ذلك لئل يقول إنهم كانوا عن‬
‫هذا غافلين‪ .‬أو يعتذروا بشرك آبائهم‪ ً،‬وأنهم نشئوا على دينهم وسرنتهم‪ ً،‬وهذا يقتضى أن الية لم تتناول‬
‫ولد آدم لصلبه‪ ً،‬وأنها تناولت من كان له آباء مشركون‪ ً،‬وهذا يدل على اختصاصها ببعضِ ولد آدم‪ً،‬‬
‫فهذه شهادة الظاهر ببطلن تأويله‪ .‬فأما شهادة العقل؛ً فمن حيث ل تخلو هذه اليذيرية التى اسيتهخررجت من‬
‫ظهر آدم فخوطبت ويقرررت من أن تكون كاملة العقول مستوفية لشروط التكليف‪ ً،‬أو ل تكون كاملة‬
‫العقول مستوفية لشروط التكليف‪ ً،‬فإن كانت بالصفة الولى وجب أن يذكر هؤلء بعد خلقهم وإنشائهم‬
‫وإكمال عقولهم ما كانوا عليه فى تلك الحال‪ ً،‬وما يقررروا به واسيتهشرهدوا عليه‪ ً،‬لن العاقل ل ينسى ما‬
‫يجرى هذا المجرى وإن مبيعمد العهد وطال الزمان‪ ً،‬ولهذا ل يجوز أن يتصرف أحدنا فى بلد من البلدان‬
‫وهو عاقل كامل‪ ً،‬فينسى مع يبهعد العهد جميع تصرفه المتقدم وسائر أحواله‪ ً،‬وليس أيضا لتخلل الموت‬
‫بين الحالتين تأثير‪ ً،‬لنه لو كان تخلل الموت يزيل الرذهكر‪ ً،‬لكان تخلل النوم‪ ً،‬واليسكر‪ ً،‬والجنون‪ ً،‬والغماء‬
‫من أحوال العقلء يزيل رذهكرهم لما مضى من أحوالهم‪ ً،‬لن سائر ما عددناه مما ينفى العلوم يجرى‬
‫مجرى الموت فى هذا‪ .‬وليس لهم أن يقولوا‪ :‬إذا جاز فى العاقل الكامل أن ينسى ما كان عليه فى حال‬
‫الطفولية جاز ما ذكرناه‪ ً،‬وذلك إنما أوجبنا ذكرالعقلء لما اردعوه إذا كملت عقولهم‪ ً،‬من حيث يجرى‬
‫عليهم وهم كاملو العقول‪ ً،‬ولو كانوا بصفة الطفال فى تلك الحال لم نوجب عليهم ما أوجبناه‪ .‬على أن‬
‫تجويز النسيان عليهم ينقضِ الغرضِ فى الية‪ ً،‬وذلك أن ال تعالى أخبرنا بأنه إنما قررهم وأشهدهم‪ً،‬‬
‫لئل يردعوا يوم القيامة الغفلة وسقوط اليحرجة عنهم‪ ً،‬فإذا جاز نسيانهم له‪ ً،‬عاد المر إلى سقوط اليحرجة‬
‫وزوالها‪ ً،‬وإن كانوا على الصفة الثانية من فقد العقل وشرائط التكليف‪ ً،‬قبح خطابهم‪ ً،‬وتقريرهم‪ً،‬‬
‫وإشهادهم‪ ً،‬وصار ذلك عبثا قبيحا‪ .‬فإن قيل‪ :‬قد أبطلتم قول مخالفيكم‪ ً،‬فما تأويلها الصحيح عندكم؟ قلنا‪:‬‬
‫فى الية وجهان‪ ً،‬أحدهما‪ :‬أن يكون تعالى إنما معرنمى بها جماعة من يذيرية بنى آدم‪ ً،‬خلقهم‪ ً،‬وبرلغهم‪ً،‬‬
‫وأكمل عقولهم‪ ً،‬وقرررهم على ألسن رسله عليهم السلم بمعرفته‪ ً،‬وما يجب من طاعته‪ ً،‬فيأرمروا بذلك‪ً،‬‬
‫وأشهدهم على أنفسهم لئل يقولوا يوم القيامة‪ :‬إرنا كنا عن هذا غافلين‪ ً،‬أو يعتذروا بشرك آبائهم‪ .‬وإنما‬
‫ل كام ل‬
‫ل‪ً،‬‬ ‫أيرتمى ممن اشتبه عليه تأويل الية من حيث ظن أن اسم اليذيرية ل يقع إلى على ممن لم يكن عاق ل‬
‫وليس المر كما ظن‪ ً،‬لنه سمى جميع المبشر بأنهم يذيرية آدم وإن دخل فيهم العقلء الكاملون‪ ً،‬وقد قال‬
‫صـلممح رمهن آمبآرئرههم موأمهزموارجرههم مويذيرريارترههم{ُ ولفظ‬ ‫تعالى‪} :‬مرربمنا مومأهدرخهليههم مجرنارت معهدهَن ٱلررتي مومعهدرتيههم موممن م‬
‫ل‪ ً،‬فإن استبعدوا تأويلنا وحملنا الية على البالغين المكرلفين‬ ‫ل عاق ل‬ ‫"الصالح" ل ييطلقا إل على من كان كام ل‬
‫فهذا جوابهم‪.‬‬
‫والجواب الثانى‪ :‬أنه تعالى لما خلقهم وركربهم تركيبا يدل على معرفته‪ ً،‬ويشهد بقدرته ووجوب عبادته‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فأراهم الرعبر‪ ً،‬واليات‪ ً،‬والدلئل‪ ً،‬فى أنفسهم وفى غيرهم‪ ً،‬كان بمنزلة اليمهشرهد لهم على أنفسهم وكانوا‬
‫فى مشاهدة ذلك ومعرفته‪ ً،‬وظهوره فيهم على الوجه الذى أراده ال تعالى وتعرذر امتناعهم منه وانفكاكهم‬
‫من دللته‪ ً،‬بمنزلة اليميقر المعترف وإن لم يكن هناك إشهاد ول اعتراف على الحقيقة‪ ً،‬ويجرى ذلك‬
‫ضِ ٱهئرتميا مطهوعا أمهو مكهرها مقاملمتآ أممتهيمنا‬ ‫مجرى قوله تعالى‪} :‬يثرم ٱهسمتموـى إملى ٱلرسممآرء مورهمي يدمخافن مفمقامل ملمها مورل م‬
‫لهر ر‬ ‫ر‬
‫مطآرئرعيمن{ُ‪ ً،‬وإنه لم يكن منه تعالى قول على الحقيقة‪ ً،‬ول منهما جواب‪ .‬ومثله قوله تعالى‪} :‬مشارهرديمن معلـى‬
‫م‬
‫أمهنيفرسرههم رباهليكهفرر{ُ‪ ً،‬ونحن نعلم أن الكفار لم يعترفوا بالكفر بألسنتهم‪ ً،‬وإنما ذلك لمرما ظهر منهم ظهورا ل‬
‫يتمكنون من دفعه‪ ً،‬كانوا بمنزلة المعترفين به‪ ً،‬ومثل هذا قولهم‪ :‬جوارحى تشهد بنعمتك‪ ً،‬وحالى معترفة‬
‫بإحسانك‪ ً،‬وما يرورى عن بعضِ الحكماء من قوله‪ :‬سل الرضِ ممن شقا أنهاررك؟ وعرس أشجارك؟‬
‫وجنى ثماررك؟ فإن لم تجيبك جؤارا‪ ً،‬أجابتك اعتبارا‪ ً،‬وهذا باب كبير‪ ً،‬وله نظائر كثيرة فى النظم‬
‫والنثر‪ ً،‬ييغنى عن ذكر جميعها القدر الذى ذكرناه منها‪.‬‬
‫**‬
‫الطريقة السلغوية فى تفسيره للقرآن‪:‬‬
‫ثم إننا نجد الشريف المرتضى‪ ً،‬فقد ولع بالطريقة السلغوية فى تفسيره لليات القرآنية‪ ً،‬وحرص كل‬
‫الحرص على تطبيقا هذا المبدأ السلغوى‪ ً،‬الذى ييعتبر الصل المهم من قواعد التفسير عند المعتزلة‪ً،‬‬
‫وكثيرا ما نراه ييظهر مهارة فائقة فى استعماله لهذه الطريقة عندما يساوره الشك فى ظاهر اللفظ الذى‬
‫يتعلقا بالعقيدة‪ ً،‬فنراه يفيسره تفسيرا مقبولل لديه‪ ً،‬يقوم على أساس من السس السلغوية‪ .‬والحقا أن الشريف‬
‫المرتضى قد ظهر تفوقه العلمى الصحيح‪ ً،‬عند تطبيقه لهذا المبدأ‪ ً،‬وذلك راجع إلى تمكنه العظيم من‬
‫السلغة والشعر القديم‪ ً،‬ولهذا تجده ل ييعتبر من التفاسير السلغوية إل ما كان له شاهد من السلغة أو الشعر‬
‫العربى القديم‪ .‬أما التفسير المطلقا‪ ً،‬الذى ل يعتمد على شاهد من ذلك‪ ً،‬فإنه يرفضه ول يرضاه‪ .‬وإليك‬
‫بعضِ المثلة التى تصرور لك عناية المرتضى بهذا المبدأ السلغوى‪.‬‬
‫ففى المجلس )‪ 23‬جـ ‪ 2‬ص ‪ (9 - 6‬يقول ما نصه‪ :‬إن سأل سائل عن قوله تعالى‪} :‬متهعمليم مما رفي منهفرسي‬
‫ل أمهعلميم مما رفي منهفرسمك{ُ‪ ً،‬ما المراد بالنفس فى هذه الية وهل المعنى فيها كالمعنى فى قوله‪} :‬مويمحيذيريكيم‬ ‫مو م‬
‫ٱللريه منهفمس يه{ُ أو يخالفه؟ أو يطابقا معنى اليتين؟ والمراد بالنفس فيهما ما رواه أبو هريرة عن النبى صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬يقول ال معرز وجرل‪ :‬إذا أحرب العبيد لقائى أحببيت لقاؤه‪ ً،‬وإذا ذكرنى فى نفسه‬
‫ل خير منه‪ ً،‬وإذا تقررب إلسى ذراعا تقرربيت إليه باعا"‬ ‫ل ذكرته فى مم هَ‬ ‫ذكرته فى نفسى‪ ً،‬وإذا ذكرنى فى مم هَ‬
‫أو ل يطابقه؟‪ ..‬الجواب‪ :‬قلنا‪ :‬إن النفس فى اللغة لها معان مختلفة‪ .‬ووجوه فى التصرف متباينه؛ً فالنفس‬
‫نفس النسان وغيره من الحيوان‪ ً،‬وهى التى إذا فقدها خرج عن كونه حيا‪ ً،‬ومنه قوله تعالى‪} :‬يكسل منهفهَس‬
‫مذآرئمقية ٱهلممهورت{ُ‪ ..‬والنفس‪ :‬ذات الشئ الذى ييخبر عنه‪ ً،‬كقولهم‪ :‬فعلل ذلك فلن نفسه‪ ً،‬إذا تولى فعله‪ً،‬‬
‫والنفس‪ :‬النفة‪ ً،‬من قولهم‪ :‬ليس لفلن نفس‪ ً،‬أى ل أنفة له‪ ً،‬والنفس‪ :‬الرادة‪ ً،‬من قولهم‪ :‬نفس فلن فى‬
‫كذا‪ ً،‬أى إرادته‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫*فنفساى نفس قالت إئت ابن بجدل * تجد فرجا من كل غم تهابا*‬
‫*ونفس تقول اجهد نجاك فل تكن * كخاصبة لم يغن شيئا خضابها*‬
‫ومنه‪ :‬أن رج لل قال للحسن البصرى‪ :‬يا أبا سعيد؛ً لم أحجج قط‪ ً،‬فنفس تقول لى‪ :‬حج‪ ً،‬ونفس تقول لى‪:‬‬
‫تزوج‪ ً،‬فقال الحسن‪ :‬أما النفس فواحدة‪ ً،‬ولكن لك هم يقول‪ :‬حج‪ ً،‬وهم يقول‪ :‬تزوج‪ ً،‬وأمره بالحج‪ .‬وقال‬
‫الممزقا العبدى‪ ً،‬ويروى لمعقر بن حمار البارقى‪:‬‬
‫*أل ممن لعين قد نآها حميمها * وأررقنى بعد المنام همومها*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فباتت لها نفسان‪ ً،‬شرتى همومها * فنفس تعزيها‪ ً،‬ونفس تلومها*‬
‫وقال نمر من تولب العكلى‪:‬‬
‫*أما خليلى‪ ً،‬فإنى لسيت معجله * حتى يؤامر نفسه كما زعما*‬
‫*نفس له من نفوس القوم صالحة * تعطى الجزيل‪ ً،‬ونفس ترضع الغنما*‬
‫أراد أنه بين نفسين‪ :‬نفس تأمره بالجود‪ ً،‬وأخرى تأمره بالبخل‪ ً،‬ومكرنى برضاع الغنم عن البخل‪ ً،‬لن‬
‫البخيل يرضع اللبن من الشاة ول يحلبها‪ ً،‬لئل يسمع الضيف صوت الشخب فيهتدى إليه‪ ً،‬ومنه قيل‪ :‬لئيم‬
‫راضع‪ ً،‬وقال كثير‪:‬‬
‫*فأصبحيت ذا نفسين‪ :‬نفس مريضة * من الناس‪ ً،‬ما ينفك هم يعودها*‬
‫*ونفس ترجى وصلها بعد صرمها * تجمل كى يزداد غيظا حسودها*‬
‫والنفس‪ :‬العين التى تصيب النسان يقال‪ :‬أصابت فلنا نفس‪ :‬أى عين‪ ً،‬وريوى أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم كان يرقى فيقول‪" :‬بسم ال أرقيك‪ ً،‬وال يشفيك‪ ً،‬من كل داء يؤذيك‪ ً،‬وداء هو فيك‪ ً،‬من كل‬
‫عين عائن‪ ً،‬ونفس نافس‪ ً،‬وحسد حاسد"‪.‬‬
‫ل فقال‪ :‬كان والر حسودا نفوسا‬ ‫وقال ابن العرابى‪ :‬النفوس‪ :‬التى تصيب الناس بالنفس‪ ً،‬وذكر رج ل‬
‫كذوبا‪ ً،‬وقال عبد ال بن قيس الرقيات‪ ً،‬وهو قرشى‪:‬‬
‫*يتقى أهلها النفوس عليها * فعلى نحرها الرقى والتميم*‬
‫وقال مضرس الفقعسى‪:‬‬
‫*وإذا نموا صعدا فليس عليهم * منا الخيال ول نفوس اليحرسرد*‬
‫وقال ابن هرمة‪ ً،‬يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك‪:‬‬
‫*فاسلم‪ ً،‬سلممت من المكاره والردى * وعثارها‪ ً،‬وويقيمت نفس اليحرسرد*‬
‫والنفس أيضا من الدباغا بمقدار الدبغة‪ ً،‬تقول‪ :‬أعطنى نفسا من دباغا‪ ً،‬أى قدر ما أدبغ به مرة‪ .‬والنفس‪:‬‬
‫الغيب‪ ً،‬يقول القائل‪ :‬إنى ل أعلم نفس فلن‪ :‬أى غيبة‪ .‬وعلى هذا تأويل قوله تعالى‪} :‬متهعمليم مما رفي منهفرسي‬
‫ل أمهعلميم مما رفي منهفرسمك{ُ‪ :‬أى تعلم غيبى وما عندى‪ ً،‬ول أعلم غيبك‪ .‬وقيل‪ :‬إن النفس أيضا‪ :‬العقوبة‪ ً،‬من‬ ‫مو م‬
‫قولهم‪ :‬أحذرك نفسى‪ :‬أى عقوبتى وبعضِ المفيسرين يحمل قوله تعالى‪} :‬مويمحيذيريكيم ٱللريه منهفمسيه{ُ على هذا‬
‫المعنى كأنه‪ :‬يحذركم عقوبته‪ ً،‬وروى ذلك عن ابن عباس والحسن وآخرين‪ ً،‬قالوا‪ :‬معنى الية‪ :‬يحذركم‬
‫ل أمهعلميم مما رفي منهفرسمك{ُ ما‬
‫ال إياه‪ .‬وقد يروى عن الحسن ومجاهد فى قوله تعالى‪} :‬متهعلميم مما رفي منهفرسي مو م‬
‫ذكرناه من التأويل بعينه‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ما وجه تسميته "الغيب" بأنه نفس؟ قلنا‪ :‬ل يمتنع أن يكون الوجه فى ذلك‪ :‬أن نفس النسان لما‬
‫كانت خفية الموضع‪ ً،‬نزل ما يكتمه ويجتهد فى ستره منزلتها‪ ً،‬وسمى باسمها فقيل فيه‪ :‬إنه نفسه‪ ً،‬مبالغة‬
‫ل أمهعلميم‬
‫فى وصفه بالكتمان والخفاء‪ .‬وإنما محيسن أن يقول تعالى مخبرا عن نبيه عليه الصلة والسلم‪} :‬مو م‬
‫مما رفي منهفرسمك{ُ من حيث تدقم قوله تعالى‪} :‬متهعلميم مما رفي منهفرسي{ُ ليزدوج الكلم‪ ً،‬ولهذا ل يحسن ابتدالء‪ :‬أنا‬
‫ل أعلم ما فى نفس ال تعالى وإن محيسمن على الوجه الول‪ ً،‬ولهذا نظائر فى الستعمال مشهورة‬
‫مذكورة‪ .‬فأما الخبر الذى يرويه السائل فتأويله ظاهر‪ ً،‬وهو خارج على مذهب العرب فى مثل هذا‬
‫إلى شهبرا جازيته‬ ‫الباب المعروف‪ ً،‬ومعناه‪ :‬أن من ذكرنى فى نفسه جاريته على ذكره لى‪ ً،‬وإذا تقررب ي‬
‫على تقربه إل سى‪ ..‬وكذلك الخبر إلى آخره‪ ً،‬فسمى المجازاة على الشئ باسمه اتساعا‪ ً،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫}مومجمزآيء مسيمئهَة مسيمئفة يمهثليمها{ُ‪} ً،‬موميهميكيرومن موميهميكير ٱللريه{ُ ‪ ..‬وكما قال الشاعر‪:‬‬
‫أل ل يجهلن أحد علينا * فنجهل فوقا جهل الجاهلينا*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ونظائر هذا كثير فى كلم العرب‪ .‬ولما أراد تعالى المبالغة فى وصف ما يفعله به من الثواب والمجازاة‬
‫على تقربه بالكثرة والزيادة‪ ً،‬مكرنى عن ذلك بذكر المسافة المتضاعفة فقال‪ :‬باعا وذراعا‪ ً،‬إشارة إلى‬
‫المعنى من أبلغ الوجوه وأحسنها‪.‬‬
‫وقال فى المجلس )‪ 45‬جـ ‪ 3‬ص ‪ (50 - 46‬ما نصه‪ :‬إن سأل سائل عن معنى قوله تعالى‪} :‬يكسل‬
‫ل موهجمهيه{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى }إررنمما ينهطرعيميكهم رلموهجره ٱلرلره{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬موميهبمقـى موهجيه مريبمك يذو‬ ‫مشهيهَء مهارلفك إر ر‬
‫لهكمرا رم{ُ‪ ..‬وما شاكل ذلك من آى القرآن المتضمنة لذكر الوجه‪ ..‬الجواب‪ :‬قلنا‪ :‬الوجه ينقسم‬ ‫لرل موٱ ر‬‫ٱهلمج م‬
‫فى اللغة العربية إلى أقسام‪ :‬فالوجه المرركب فيه العينان من كل حيوان‪ .‬والوجه أيضا‪ :‬أول الشئ‬
‫وصدره‪ .‬ومن ذلك قوله تعالى‪} :‬مومقالمهت رطآرئمففة يمهن أمههرل ٱهلركمتارب آرمينوها ربٱِرلرذييِ أيهنرزمل معملى ٱرلرذيمن آممينوها موهجمه‬
‫ٱلرنمهارر موٱهكيفيريوها آرخمريه{ُ‪ :‬أى أول النهار‪ ً،‬ومنه قول الربيع ابن زياد‪:‬‬
‫*ممن كان مسرورا بمقتل مالك * فليأت نسوتنا بوجه نهار*‬
‫أى غداة كل يوم‪ ً،‬وقال قوم‪ :‬وجه نهار‪ :‬اسم موضع‪ .‬والوجه‪ :‬القصد بالفعل‪ ً،‬من ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫}موممهن أمهحمسين ردينا رمرمهن أمهسلمم موهجمهيه ل{ُ‪ ..‬وقال الفرزدقا‪:‬‬
‫*وأسلميت وجهى حين شردت ركائبى * إلى آل مروان بناة المكارم*‬
‫أى جعليت قصدى وإرادتى لهم‪ .‬وأنشد الفرراء‪:‬‬
‫*أستغفر ال ذنبا لسيت محصيه * مرسب العباد إليه الورجه والعمل*‬
‫أى القصد‪ ً،‬ومنه قولهم فى الصلة‪ :‬موجرهيت وجهى للذى مفمطمر السموات والرضِ‪ :‬أى قصديت قصدى‬
‫بصلتى وعملى‪ ً،‬وكذلك قوله تعالى‪} :‬مفمأرقهم موهجمهمك رلليديمن ٱهلرقيرم{ُ‪..‬‬
‫والوجه‪ :‬الحتيال فى المر‪ ً،‬من قولهم‪ :‬كيف الوجه لهذا المر‪ ً،‬وما الوجه فيه‪ ً،‬أى الحيلة‪ .‬والوجه‪:‬‬
‫الذهاب والجهة والناحية‪ .‬قال حمزة ابن بيضِ الحنفى‪* :‬أى الوجوه انتجعت؟ قلت لهم * لى وجه إل‬
‫إلى الحكم*‬
‫*متى يقل صاحبا سرادقه * هذا ابن بيضِ الباب يبتسم*‬
‫والوجه‪ :‬القدر والمنزلة‪ ً،‬ومنه قولهم‪ :‬لفلن وجه عريضِ‪ ً،‬وفلن أوجه رمن فلن‪ ً،‬أى أعظم قدرا‬
‫وجاها‪ ً،‬ويقال‪ :‬أوجهه السلطان‪ ً،‬إذا جعل له جاها‪ .‬قال امرؤ القيس‪* :‬ونامت قيصر فى ملكه *‬
‫فأوجهنى وركبت البريدا*‬
‫يقال‪ :‬حمل فلنا على البريد إذا هريأ له فى كل مرحلة مركبا ليركبه‪ ً،‬فإذا وصل إلى المرحلة الخرى‬
‫نزل عن المعيى وركب المررفه‪ ..‬وهكذا إلى أن يصل إلى مقصده‪ .‬والوجه‪ :‬الرئيس المنظور إليه‪ ً،‬يقال‪:‬‬
‫فلن وجه القوم‪ ً،‬وهو وجه عشيرته‪ .‬ووجه الشئ‪ :‬نفسه وذاته‪ ً،‬قال أحمد بن جندل‪:‬‬
‫*ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة * فأفلت منها وجهه عتد بها*‬
‫أراد أفلته ونرجاه‪ ً،‬ومن ذلك قولهم‪ :‬إنما أفعل ذلك لوجهك‪ ً،‬ويدل أيضا على أن الوجه ييعربير به عن‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة *مويويجوفه ميهومرئهَذ مبارسمرفة * متيظسن مأن يهفمعمل ربمها‬ ‫الذات‪ ً،‬قوله تعالى‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫ضميفة{ُ‪ ً،‬لن جميع ما أضيف إلى الوجوه فى‬ ‫مفارقمرفة{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنارعممفة * ليمسهعريمها مرا ر‬
‫ظاهر الى من النظر والظن والرضا ل يصح إضافته على الحقيقة إليها‪ ً،‬وإنما يضاف إلى الجملة‪ً،‬‬
‫ل موهجمهيه{ُ‪ ً،‬أى كل شئ هالك إل إياه‪ .‬فكذلك قوله تعالى‪} :‬يكسل ممهن‬ ‫فمعنى قوله تعالى‪} :‬يكسل مشهيهَء مهارلفك إر ر‬
‫لهكمرارم{ُ؛ً لما كان المراد بالوجه نفسه لم يقل‪" :‬ذى" كما قال‪:‬‬ ‫لرل موٱ ر‬‫معملهيمها مفاهَن * موميهبمقـى موهجيه مريبمك يذو ٱهلمج م‬
‫لهكمرام{ُ لما كان اسمه غيره‪ ..‬ويمكن فى قوله تعالى‪} :‬يكسل مشهيهَء مهارلفك إر ر‬
‫ل‬ ‫}متمبامرمك ٱهسيم مريبمك رذيِ ٱهلمج م‬
‫لرل موٱ ر ر‬
‫موهجمهيه{ُ‪ ً،‬وجه آخر ‪ -‬وقد روى عن بعضِ المتقدمين ‪ -‬وهو أن يكون المراد بالوجه ما ييقصد به إلى ال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تعالى‪ ً،‬وييورجه به إليه‪ ً،‬نحو اليقربة إليه مجرلت عظمته‪ ً،‬فيقول‪ :‬ل تشرك بال ول تدع إملها غيره‪ ً،‬فإرن كل‬
‫فعل ييتقرب به إلى غيره‪ ً،‬وييقصد به سواه فهو هالك باطل‪ ً،‬وكيف يسوغا للمشبهة أن يحملوا هذه الية‬
‫والتى قبلها على الظاهر؟ أمو ليس ذلك ييوجب أنه تعالى يفنى ويبقى وجهه‪ ً،‬وهذا كفر وجهل من قائله‪..‬‬
‫ل ٱهبرتمغآمء موهجره مريبره ٱ م‬
‫لهعملـى{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬موممآ آمتهييتهم يمن‬ ‫فأما قوله تعالى‪} :‬إررنمما ينهطرعيميكهم رلموهجره ٱلرلره{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬إر ر‬
‫مزمكاهَة يتررييدومن موهجمه ٱلرلره{ُ‪ ً،‬فمحمول على أن هذه الفعال مفعولة له‪ ً،‬ومقصود بها ثوابه واليقربة إليه‪ً،‬‬
‫والزلفى عنده‪ .‬فأما قوله تعالى‪} :‬مفمأهيمنمما يتموسلوها مفمثرم موهجيه ٱللرره{ُ‪ ً،‬فييحتمل أن ييراد به فمثرم ال‪ ً،‬ل على معنى‬
‫الحلول‪ ً،‬ولكن على معنى التدبير والعلم‪ .‬ويحتمل أيضا أن ييراد به‪ :‬مفمثرم رضا ال وثوابه واليقربة إليه‪.‬‬
‫وييحتمل أن يكون المراد بالوجه‪ :‬الجهة‪ ً،‬ويكون الضافة بمعنى‪ :‬الملك‪ ً،‬والخلقا‪ ً،‬والنشاء‪ ً،‬والحداث‪ً،‬‬
‫لنه عرز ومجرل قال‪} :‬مولرلره ٱهلممهشرريقا موٱهلممهغرريب مفمأهيمنمما يتموسلوها مفمثرم موهجيه ٱلرلره{ُ‪ :‬أى أن الجهات كلها ل‪ ً،‬وتحت‬
‫ملكه‪ ً،‬وكل هذا واضح مبيفن بحمد ال‪.‬‬
‫ونراه يقول فى المجلس )‪ 39‬جـ ‪ 2‬ص ‪ (56 - 53‬ما نصه‪ :‬إن سأل سائل عن قوله تعالى‪} :‬يأوملــرئمك‬
‫صيفب يمرما مكمسيبوها موٱللريه مسررييع ٱهلرحمسارب{ُ فقال‪ :‬أسى متمسدح فى سرعة الحساب وليس بظاهر وجه‬ ‫لميههم من ر‬
‫المدح فيه؟ الجواب‪ :‬قلنا‪ :‬فى ذلك وجوه‪:‬‬
‫أولها‪ :‬أن يكون المعنى أنه سريع الحساب للعباد على أعمالهم‪ ً،‬وأن وقت الجزاء قريب وإن تأخر‪ً،‬‬
‫صرر أمهو يهمو أمهقمريب{ُ‪ ً،‬وإنما جاز أن ييعربر عن‬ ‫ويجرى مجرى قوله تعالى‪} :‬موممآ أمهمير ٱلرسامعرة إر ر‬
‫ل مكلمهمرح ٱهلمب م‬
‫المجازاة أو الجزاء بالحساب‪ ً،‬لن ما ييجامزى به العبد هو كفؤ لفعله وبمقداره‪ ً،‬فو حساب له إذا كان‬
‫ل مكافئا‪ .‬ومما يشهد بأن فى الحساب معنى المكافأة قوله تعالى‪} :‬مجمزآلء يمن رريبمك معمطآلء رحمسابا{ُ‪ :‬أى‬ ‫مماث ل‬
‫عطا لء كافيا‪ .‬ويقال‪ :‬أحسبنى الطعام يحسبنى إحسابا‪ :‬إذا كفانى‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫*وإذ ل ترى فى الناس يحسنا يفوتها * وفى الناس يحسنا لو تأملت محسب*‬
‫معناه‪ :‬كاف‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن يكون المراد أنه معرز ومجرل ييحاسب الخلقا جميعا فى أوقات يسيرة‪ .‬ويقال‪ :‬إن مقدار ذلك‬
‫حلب شاة‪ ً،‬لنه تعالى ل يشغله محاسبة بعضهم عن محاسبة غيره‪ ً،‬بل يكلمهم جميعا‪ ً،‬ويحاسبهم كلهم‬
‫على أعمالهم فى وقت واحد‪ ً،‬وهذا أحد ما يدل على أنه تعالى ليس بجسم‪ ً،‬وأنه ل يحتاج فى فعل الكلم‬
‫إلى آلة‪ ً،‬لنه لو كان بهذه الصفات ‪ -‬تعالى عنها ‪ -‬لما جاز أن يخاطب اثنين فى وقت واحد بمخاطبتين‬
‫مختلفتين‪ ً،‬ولكان خطاب بعضِ الناس يشغله عن خطاب غيره ولكانت مدة محاسبته للخلقا على أعمالهم‬
‫طويلة غير قصيرة‪ ً،‬كما أن جميع ذلك واجب فى اليمحيدثين الذين يفتقرون فى الكلم إلى اللت‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬ما ذكره بعضهم من أن المراد بالية سريع بكل محسوب‪ ً،‬وأنه لما كانت عادة بنى الدنيا أن‬
‫يستعملوا الحساب والحصاء فى أكثر أمورهم‪ ً،‬أعلمهم ال أنه يعلم ما يحسبون بغير حساب‪ ً،‬وإنما سمى‬
‫العلم حسابا‪ ً،‬لن الحساب إنما ييراد به العلم‪ ً،‬وهذا جواب ضعيف‪ ً،‬لن العلم بالحساب أو المحسوب ل‬
‫ييسمى حسابا‪ ً،‬ولو يسمى بذلك لما جاز أيضا أن يقال‪ :‬إنه سريع العلم بكذا‪ ً،‬لن علمه بالشياء مما ل‬
‫يتجدد فيوصف بالسرعة‪.‬‬
‫ورابعها‪ :‬أن ال تعالى سريع القبول لدعاء عباده والجابة لهم‪ ً،‬وذلك أنه ييسئل فى وقت واحد سؤالت‬
‫مختلفة من أمور الدنيا والخر‪ ً،‬فيجزى كل عبد بمقدار استحقاقه ومصلحته‪ ً،‬فيوصل إليه عند دعائه‬
‫ومسألته ما يستوجبه بحد ومقدار‪ ً،‬فلو كان المر على ما يتعارفه الناس لطال العدد واتصل الحساب‪ً،‬‬
‫فأعلمنا تعالى أنه سريع الحساب‪ ً،‬أى سريع القبول للدعاء بغير إحصاء‪ ً،‬وبحث عن المقدار الذى‬
‫يستحقه الداعى‪ .‬كما يبحث المخلوقون للحساب والحصاء‪ .‬وهذا جواب مبنى أيضا على دعوى أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قبول الدعاء ييسمى حسابا‪ ً،‬ولم ييعهد ذلك فى لغة‪ ً،‬ول يعرف ول شرع‪ .‬وقد كان يجب على ممن أجاب‬
‫بهذا الجواب‪ ً،‬أن يستشهد على ذلك بما يكون يحرجة فيه‪ ً،‬وإل فل طائل فيما ذكره‪ .‬ويمكن فى الية وجه‬
‫آخر‪ :‬وهو أن يكون المراد بالحساب محاسبة الخلقا على أعمالهم يوم القيامة‪ ً،‬ومواقفهم عليها‪ ً،‬وتكون‬
‫الفائدة‪ ً،‬فى الخبار بسرعته‪ :‬الخبار عن قرب الساعة‪ ً،‬كما قال تعالى‪} :‬مسررييع ٱهلرعمقارب{ُ‪ ً،‬وليس لحد أن‬
‫يقول‪ :‬فهذا هو الجواب الول الذى حكيتموه وذلك أن بينهما فرقا‪ ً،‬لن الول مبنى على أن الحساب فى‬
‫الية هو الجزاء والمكافأة على العمال‪ ً،‬وفى هذا الجواب لم يخرج الحساب عن بابه‪ ً،‬وعن معنى‬
‫المحاسبة المعروفة‪ ً،‬والمقابلة بالعمال وترجيحها‪ ً،‬وذلك غير الجزاء الذى يفضى الحساب إليه‪ .‬وقد‬
‫طعن بعضهم فى الجواب الثانى معترضا على أبى علسى الجبائى فى اعتماده إياه‪ ً،‬بأن قال‪ :‬مخرج الكلم‬
‫فى الية على وجه الوعيد‪ ً،‬وليس فى خفة الحساب وسرعة زمانه ما يقتضى زجرا‪ ً،‬ول هو مما ييتوعد‬
‫بمثله فيجب أن يكون المراد بالخبار عن قرب أمر الخرة‪ ً،‬والمجازاة على العمال‪ .‬وهذا الجواب‬
‫على المبتدئ به‪ ً،‬بل قد حكى عن الحسن البصرى‪ ً،‬واعتمده أيضا قطرب بن المستنير النحوى‪ً،‬‬ ‫ليس أبو س‬
‫وذكره الفضل بن سلمة‪ ً،‬وليس الطعن الذى حكيناه عن هذا الطاعن بمبطل له‪ ً،‬لنه اعتمد على أن‬
‫مخرج الية مخرج الوعيد‪ ً،‬وليس كذلك‪ ً،‬لنه تعالى قال‪} :‬مفرممن ٱلرنارس ممن مييقويل مرربمنآ آرتمنا رفي ٱلسدهنميا مومما‬
‫لهَقا * رورمهنيههم رمن مييقويل مرربمنآ آرتمنا رفي ٱلسدهنميا محمسمنلة مورفي ٱلرخمررة محمسمنلة مورقمنا معمذامب ٱلرنارر‬
‫مليه رفي ٱلرخمررة رمهن مخ م‬
‫صيفب يمرما مكمسيبوها موٱللريه مسررييع ٱهلرحمسارب{ُ‪ ً،‬فالشبه بالظاهر أن يكون وعدا بالثواب‪ً،‬‬ ‫* يأولمــرئمك لميههم من ر‬
‫وراجعا إلى الذين يقولون‪ :‬ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الخرة حسنة وقنا عذاب النار‪ ً،‬أو يكون راجعا‬
‫إلى الجميع‪ ً،‬فيكون المعنى‪ :‬أن للجميع نصيبا مما كسبوا‪ ً،‬فل يكون وعيدا خالصا‪ :‬بل إما أن يكون‬
‫وعدا خالصا‪ ً،‬أو وعدا ووعيدا‪ .‬على أنه لو كان وعيدا خالصا على ما ذكر الطاعن لكان لقوله تعالى‪:‬‬
‫}موٱللريه مسررييع ٱهلرحمسارب{ُ على تأويل من أراد قصر الزمان وسرعة الموافقة وجه وتعلقا بالوعمد والوعيد‪ً،‬‬
‫لن الكلم على كل حال متضمن لوقوع المحاسبة على أعمال العباد‪ ً،‬والحاطة بخيرها وشرها وإن‬
‫وصف الحساب مع ذلك بالسرعة‪ ً،‬وفى هذا ترغيب وترهيب ل محالة‪ ً،‬لن ممن علم بأنه ييحامسب‬
‫بأعماله‪ ً،‬وييومقف على جميلها وقبيحها انزجر عن القبيح‪ ً،‬وعمل ورغب فى فعل الجواب‪ ً،‬فهذا ينصر‬
‫الجواب‪ ً،‬وإن كنا ل ندفع أن فى حمل الجواب على قرب المجازاة‪ ً،‬وقرب المحاسبة على العمال‬
‫ترغيبا فى الطاعات‪ ً،‬وزجرا على المقبحات‪ ً،‬فالتأويل الول أشبه بالظاهر ونسقا الية‪ ً،‬إل أن التأويل‬
‫الخر غير مرفوع أيضا ول مردود‪.‬‬
‫فأنت ترى فى المثالين الرولين كيف تخرلص من ظاهر اللفظ الذى يمس عقيدته بمهارته السلغوية وتوسعه‬
‫فى المعرفة بأشعار العرب‪ ً،‬كما ترى فى المثال الثالث كيف لم يقبل قول من قال‪ :‬إن معنى "سريع‬
‫الحساب" سريع العلم‪ ً،‬أو سريع القبول للدعاء‪ ً،‬لن القولين لم يستندا ‪ -‬كما قال ‪ -‬إلى أصل سلغوى‪ ً،‬أو‬
‫يعهرفى‪ ً،‬أو شرعى‪.‬‬
‫**‬
‫* دفعة لموهم الختلف والتناقضِ‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الشريف المرتضى ل يقتصر فى أماليه على هذا النوع المذهبى من التفسير‪ ً،‬بل نجده‬
‫يعرضِ لبعضِ الشكالت التى ترد على ظاهر النظم الكريم مما يوهم الختلف والتناقضِ‪ ً،‬ثم يجيب‬
‫عنها بدقة بالغة‪ ً،‬ترجع إلى مهارته فى السلغة وإحاطته بفنونها‪.‬‬
‫ل فى المجلس الثالث )جـ ‪ 1‬ص ‪ (20 - 18‬يقول ما نصه‪" :‬تأويل آية ‪ -‬إن سأل سائل فقال‪" :‬ما‬ ‫فمث ل‬
‫صايه مفرإمذا رهمي يثهعمبافن سمربيفن{ُ‪ ً،‬وقال تعالى فى‬ ‫تقولون فى قوله تبارك وتعالى حكاية عن موسى‪} :‬مفمأهلمقـى مع م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صامك مفملرما مرآمها متههمتسز مكمأرنمها مجآون مولرـى يمهدربرا موملهم يمعيقهب{ُ‪ ً،‬والثعبان‪ :‬الحية‬ ‫موضع آخر‪} :‬موأمهن أمهلرقا مع م‬
‫العظيمة الرخهلقة‪ ً،‬والجان‪ :‬الصغير من الحريات‪ ً،‬فكيف اختلف الوصفان والقصة واحدة؟ وكيف يجوز أن‬
‫صيغر منها؟ وبأى شئ تزيلون‬ ‫تكون العصا فى حال واحدة بصفة ما معيظم مخهلقه من الحريات وبصفة ما م‬
‫التناقضِ عن هذا الكلم؟ الجواب‪ :‬أول ما نقول‪ :‬إرن الذى ظرنه السائل من كون اليتين خبرا عن قصة‬
‫واحدة باطل‪ ً،‬بل الحالتان مختلفتان‪ ً،‬فالحال التى أخبر أن العصا فيها بصفة الجان‪ ً،‬كانت فى ابتداء‬
‫النبوة وقبل مسير موسى إلى فرعون‪ .‬والحال التى صار العصا عليها ثعبانا‪ ً،‬كانت عند لقائه فرعون‬
‫وإبلغه الرسالة‪ ً،‬والتلوة تدل على ذلك‪ ً،‬وإذا اختلفت القصتان فل مسألة‪ ً،‬على أرن قوما من المفيسرين‬
‫قد تعاطوا الجواب على هذا السؤال‪ ً،‬إما لظنهم أن القصة واحدة‪ ً،‬أو لعتقادهم أن العصا الواحدة ل‬
‫يجوز أن تنقلب فى حالتين‪ ً،‬تارة إلى صفة الجان‪ ً،‬وتارة إلى صفة الثعبان‪.‬‬
‫أو على سبيل الستظهار فى اليحرجة‪ ً،‬وأرن الحال لو كانت واحدة على سبيل ما ظن لم يكن بين اليتين‬
‫تناقضِ‪ .‬وهذا الوجه أحسن ما تكرلف به الجواب لجله‪ ً،‬لن الرولين ل يكونان إل عن غلط أو عن غفلة‪.‬‬
‫وذكروا وجهين تزول بكل منهما اليشبهة من تأويلها‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه تعالى إنما شربهها بالثعبان فى إحدى الحالتين رلعمظم خلقها‪ ً،‬وركمبر جسمها‪ ً،‬وهول منظرها‪.‬‬
‫وشربهها فى الية الخرى بالجان لسرعة حركتها‪ ً،‬ونشاطها‪ ً،‬وخفتها‪ ً،‬فاجتمع لها مع أنها فى جسم‬
‫الثعبان وكبر خلقه‪ ً،‬نشاط الجان وسرعة حركته‪ ً،‬وهذا أبهر فى باب العجاز وأبلغ فى خرقا العادة‪ً،‬‬
‫ول تناقضِ بين اليتين‪ .‬وليس يجب إذا شربهها بالرثعبان أن يكون لها جميع صفات الثعبان‪ ً،‬وإذا شربهها‬
‫ضهَة موأمهكواهَب مكامنهت‬
‫بالجان أن يكون لها جميع صفاته‪ ً،‬وقد قال ال تعالى‪} :‬مويمطايف معملهيرههم ربآرنميهَة يمن رف ر‬
‫ضهَة‪ ً،ُ{..‬ولم يرد تعالى أن الفضة قوارير على الحقيقة‪ ً،‬وإنما وصفها بذلك لنه‬ ‫مقموارريمرها* مقموارريمرها رمن رف ر‬
‫اجتمع لها صفاء القوارير وشفوفها ورقتها‪ ً،‬مع أنها من فضة‪ ً،‬وقد يتمشيبه العرب الشئ بغيره فى بعضِ‬
‫وجوهه‪ ً،‬فييشيبهون المرأة بالظبية‪ ً،‬وبالبقرة‪ ً،‬ونحن نعلم أن فى الظباء والبقر من الصفات ما ل ييستحسن‬
‫أن يكون فى النساء‪ ً،‬وإنما وقع التشبيه فى صفة دون صفة‪ ً،‬ومن وجه دون وجه‪ .‬والجواب الثانى‪ :‬أنه‬
‫تعالى لم يرد بذكر الجان فى الية الخرى الحية‪ ً،‬وإنما أراد أحد الجن‪ ً،‬فكأنه تعالى أخبر بأن العصا‬
‫صارت ثعبانا فى الرخهلقة ورعمظم الجسم‪ ً،‬وكانت مع ذلك أحد الجن فى هول المنظر وإفزاعها لمن‬
‫شاهدها‪ ً،‬ولهذا قال تعالى‪} :‬مفملرما مرآمها متههمتسز مكمأرنمها مجآون مولرـى يمهدربرا موملهم يمعيقهب{ُ ويمكن أن يكون فى الية‬
‫تأويل آخر استخرجناه‪ ً،‬إن لم يزد على الوجهين الرولين لم ينقص عنهما‪ ً،‬والوجه فى تكلفنا له‪ ً،‬ما بريناه‬
‫من الستظهار فى اليحرجة‪ ً،‬وأن التناقضِ الذى توهم زائل على كل وجه‪ ً،‬وهو أن العصا لما انقلبت حرية‬
‫صارت أولل بصفة الجان وعلى صورته‪ ً،‬ثم صارت بصفة الثعبان‪ ً،‬ولم تصر كذلك ضربة واحدة‪ً،‬‬
‫فتتفقا اليتان على هذا التأويل ول يختلف حكمهما‪ ً،‬وتكون الية الولى تتضمن ذكر الثعبان إخبارا عن‬
‫غاية حال العصا‪ ً،‬وتكون الية الثانية تتضمن ذكر الحال التى ورلى موسى منها هاربا‪ ً،‬وهى حال‬
‫انقلب العصا إلى رخلقه الجان‪ ً،‬وإن كانت بعد تلك الحال انتهت إلى صورة الثعبان‪ .‬فإن قيل على هذا‬
‫الوجه‪ :‬كيف يصح ما ذكرتموه مع قوله تعالى‪} :‬مفرإمذا رهمي يثهعمبافن سمربيفن{ُ‪ ً،‬وهذا يقتضى أنها صارت ثعبانا‬
‫بعد اللقاء بل فصل؟ قلنا‪ :‬ليس تفيد الية ما ظن‪ ً،‬وإنما فائدة قوله تعالى‪} :‬مفرإمذا رهمي{ُ يقرب الحال التى‬
‫صارت فيها بتلك الصفة‪ ً،‬وأنه لم يطل الزمان فى مصيرها كذلك‪ ً،‬ويجرى هذا مجرى قوله تعالى‪:‬‬
‫صيفم سمربيفن{ُ‪ ً،‬مع تباعد ما بين كونه نطفة وكونه خصيما‬ ‫لنمساين أمرنا مخملهقمنايه رمن سنهطمفهَة مفرإمذا يهمو مخ ر‬ ‫م‬
‫}أموملهم ميمر ٱ ر‬
‫مبينا‪ ً،‬وقولهم‪ :‬ركب فلن من منزله فإذا هو فى ضيعته‪ ً،‬وسقط من أعلى الحائط فإذا هو فى الرضِ‪ً،‬‬
‫ونحن نعلم أن بين خروجه من منزله وبلوغه ضيعته زمانا‪ ً،‬وأنه لم يصل إليها إل على تدريج‪ ً،‬وكذلك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الهابط من الحائط‪ ً،‬وإنما فائدة الكلم الخبار عن تقارب الزمان وأنه لم يطل ولم يمتد"‪.‬‬
‫* ليس فى المالى أثر للتشيع‪ ً،‬وإنما فيه عزو يأصول المعتزلة إألى الئمة من آل البيت‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإرنا ل نكاد نجد أثرا ظاهرا للتشيع فيما فرسره الشريف المرتضى من اليات فى آماليه‪ ً،‬رغم أنه‬
‫من شيوخ الشيعة وعلمائهم‪ ً،‬غير أرنا نجد منه محاولة مجيدية‪ ً،‬يريد من ورائها أن يثبت أن أصول‬
‫المعتزلة مأخوذة من كلم أمير المؤمنينعلسى بن أبى طالب رضى ال عنه‪ ً،‬ومن كلم غيره من أئمة‬
‫الشيعة وغيرهم‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى المجلس العاشر )جـ ‪ 1‬ص ‪ (104 ً،103‬ما نصه‪" :‬اعلم أن‬
‫أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلم أمير المؤمنين علسى )عليه السلم( وخطبه وأنها تتضمن م ذلك‬
‫ما ل مزيد عليه ول غاية وراءه‪ ً،‬ومن تأمل المأثور فى ذلك من كلمه علم أن جميع ما أسهب‬
‫المتكلمون من بعد فى تصنيفه وجمعه إنما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الصول‪ ً،‬ويروى عن‬
‫الئمة من أبنائه عليهم السلم ما ل يكاد ييحاط به كثرة‪ ً،‬وممن أحب الوقوف عليه وطلبه من مظانه‬
‫أصاب منه الكثير الغزير الذى فى بعضه شفاء للصدور السقيمة‪ ً،‬ونتاج للعقول العقيمة‪ ً،‬ونحن ينقيدم على‬
‫ما نريد ذكره شيئا مما ييروى عنهم فى هذا الباب"‪ ..‬ثم ساقا أشياء كثيرة منها ما نصه‪" :‬وروى صفوان‬
‫بن يحيى قال‪ :‬دخل أبو قرة المحيدث على أبى الحسن الرضا عليه السلم‪ ً،‬فسأله عن أشياء من الحلل‬
‫والحرام‪ ً،‬والحكام والفرائضِ‪ ً،‬حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد‪ ً،‬فقال أبو قرة‪ :‬إرنا يروينا‪ :‬أن ال قرسم الكلم‬
‫والرؤية‪ ً،‬فقسم لموسى عليه السلم الكلم‪ ً،‬ولمحمد صلى ال عليه وسلم الرؤية‪ ً،‬فقال الرضا عليه‬
‫ل يرحييطومن ربره‬ ‫صاير{ُ‪} ً،‬مو م‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫السلم‪ :‬فممن المبيلغ عن ال إلى المثمقلين ‪ -‬الجن والنس ‪ : -‬أنه } ر‬
‫رعهلما{ُ‪} ً،‬ملهيمس مكرمهثرلره مشهي فء{ُ‪ ..‬أليس محمد نبيا صادقا؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬وكيف يجئ رجل إلى الخلقا جميعا‬
‫ل يرحييطومن ربره رعهلما{ُ و‬ ‫صاير{ُ‪} ً،‬مو م‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫فيخبرهم أنه جاء من عند ال يدعوهم إليه بأمره ويقول‪ } :‬ر‬
‫}لمهيمس مكرمهثرلره مشهيفء{ُ‪ ..‬ثم يقول‪ :‬سأراه بعينى‪ ً،‬ويأحيط به علما‪ ً،‬أل تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه‬
‫بهذا‪ ً،‬أن يكون يأتى عن ال بشئ‪ ً،‬ثم يأتى بخلفه من وجه آخر‪ .‬قال أبو قرة‪ :‬فإنه يقول‪} :‬مولممقهد مرآيه‬
‫منهزمللة أيهخمرـى * رعنمد رسهدمررة ٱهليمنمتمه ـى{ُ‪ ..‬قال عليه السلم‪ :‬ما قبل هذه الية يدل على ما رأى حيث يقول‪:‬‬
‫}مما مكمذمب ٱهليفمؤايد مما مرأمـى{ُ‪ ..‬يقول‪ :‬ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه‪ ً،‬ثم أخبر بما رأى فقال‪} :‬لممقهد مرأمـى‬
‫ل يرحييطومن ربره رعهلما{ُ فإذا رأته‬ ‫رمهن آميارت مريبره ٱهليكهبمرـى{ُ‪ ً،‬وآيات ال غير ال‪ ً،‬وقد قال ال تعالى‪} :‬مو م‬
‫البصار فقد أحاط به العلم‪ ً،‬فقال أبو قرة‪ :‬فيأكيذب بالرؤية؟ فقال الرضا عليه السلم‪ :‬إن القرآن كرذبها‬
‫وما أجمع عليه المسلمون أنه ل ييحاط به علما‪ ً،‬ول تدركه البصار‪ ً،‬وليس كمثله شئ"‪.‬‬
‫‪ ..‬ثم قال بعد قليل‪" :‬وريوى أن شيخا حضر صفين مع أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬أخربرنا يا أمير‬
‫المؤمنين عن مسيرنا إلى الشام‪ ً،‬أكان بقضاء من ال تعالى وقدر؟ قال له‪ :‬نعم يا أخا أهل الشام‪ ً،‬والذى‬
‫فلقا الحبة وبرأ النسمة‪ ً،‬ما وطئنا موطئا‪ ً،‬ول هبطنا واديا‪ ً،‬ول علونا تلعة‪ ً،‬إل بقضاء من ال وقدر‪ً،‬‬
‫فقال الشامى‪ :‬عند ال أحتسب عنايِ يا أمير المؤمنين‪ ً،‬وما أظن أن لى أجرا فى سعيى إذا كان ال‬
‫قضاء علسى وقردره‪ ً،‬فقال له عليه السلم‪ :‬إرن ال قد أعظم لكم الجر على مسيركم وأنتم سائرون‪ ً،‬وعلى‬
‫مقامكم وأنتم مقيمون‪ ً،‬ولم تكونوا فى شئ من حالتكم يمهكمرهين‪ ً،‬وإل إليها مضطرين‪ ً،‬ول عليها‬
‫يمجهبمرين‪ ً،‬فقال الشامى‪ :‬كيف ذاك والقضاء والمقمدر ساقانا‪ .‬وعنهما كان مسيرنا وانصرافنا؟ فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ويحك يا أخا أهل الشام! لعلك ظننت قضالء لزما‪ ً،‬ومقمدرا حاكما‪ ً،‬لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب‬
‫والعقاب‪ ً،‬وسقط الوعد والوعيد‪ ً،‬والمر من ال والنهى‪ ً،‬ولما كان المحسن أولى بثواب الحسان من‬
‫المسئ‪ ً،‬والمسئ أولى بعقوبة الذنب من المحسن‪ ً،‬تلك مقالة عبدة الوثان‪ ً،‬وحزب الشيطان‪ ً،‬وخصماء‬
‫لمة ومجوسها‪ .‬إن ال أمر عباده تخييرا‪ ً،‬ونهاهم تحذيرا‪ ً،‬وكرلف‬ ‫الرحمن‪ ً،‬وشهداء الزور‪ ً،‬وقدرية هذه ا ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يسيرا‪ ً،‬وأعطى على القليل كثيرا‪ .‬ولم يمطع مكرها‪ ً،‬ولم ييعص مغلوبا‪ ً،‬ولم يركلف عسيرا‪ ً،‬ولم ييرسل‬
‫ل }مذرلمك مظسن ٱرلرذيمن‬
‫النبياء لعبا‪ ً،‬ولم يينزل الكتب لعباده عبثا‪ ً،‬ول خلقا السموات والرضِ وما بينهما باط ل‬
‫مكمفيروها مفموهيفل ليرلرذيمن مكمفيروها رممن ٱلرنارر{ُ‪ ..‬قال الشامى فما القضاء والمقدر الذى كان مسيرنا بهما وعنهما؟‬
‫قال‪ :‬المر من ال بذلك والحكم‪ .‬ثم تل‪} :‬مومكامن أمهمير ٱلرلره مقمدرا رمهقيدورا{ُ‪ ..‬فقام الشامى‪ :‬فرحا مسرورا لما‬
‫سمع هذا المقال‪ ً،‬وقال‪ :‬فررجت عنى‪ ً،‬فررج ال عنك يا أمير المؤمنين‪ ً،‬وجعل يقول‪:‬‬
‫*أنت المام الذى نرجو بطاعته * يوم الحساب من الرحمن غفرانا*‬
‫*أوضحمت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالحسان إحسانا"*‬
‫وهكذا يذكر الشريف المرتضى من الخبار عن أهل البيت وعن غيرهم ما يستدل به على أن أصول‬
‫المعتزلة مستمدة من كلمهم‪ ً،‬وال يعلم مقدار ما عليه هذه الخبار من الصحة‪ ً،‬وأنا ل أكاد أصدقها‬
‫بالنسبة لعل سى )رضى ال عنه(‪ .‬فقد روى أبو القاسم بن حبيب فى تفسيره بإسناده‪ :‬أن علسى بن أبى طالب‬
‫رضى ال عنه سأله سائل عن المقمدر فقال‪ :‬دقي ل تمش فيه‪ ً،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين أخربرنى عن المقمدر‪ً،‬‬
‫ضِ فيه‪ ً،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين أخربرنى عن المقمدر‪ ً،‬فقال‪ :‬سر خفى ل ل يتفرشه‪ً،‬‬ ‫فقال‪ :‬بحر عميقا ل متيخ ه‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين أخربرنى عن المقمدر‪ ً،‬فقال علسى )رضى ال عنه(‪ :‬يا سائل؛ً إن ال خلقك كما شاء‬
‫أو كما شئت؟ فقال‪ :‬كما شاء‪ ً،‬قال‪ :‬إن ال تعالى يبعثك يوم القيامة كما شئت أو كما شاء؟ فقال‪ :‬كما‬
‫شاء‪ .‬فقال‪ :‬يا سائل؛ً لك مشيئة مع ال أو فوقا مشيئته أو دون مشيئته؟ فإن قلت‪ :‬مع مشيئته‪ ً،‬ادعيت‬
‫الشركة معه‪ .‬وإن قلت‪ :‬دون مشيئته‪ ً،‬استغنيمت عن مشيئته‪ .‬وإن قلت‪ :‬فوقا مشيئته‪ ً،‬كانت مشيئتك غالبة‬
‫فى مشيئته‪ .‬ثم قال‪ :‬ألست تسأل ال العافية؟ فقال‪ :‬نعم‪ ً،‬فقال‪ :‬فعن ماذا تسأله العافية؟ أمن بلء هو‬
‫ابتلك به؟ أو من بلء غيره ابتلك به؟ قال‪ :‬من بلء ابتلنى به‪ .‬فقال‪ :‬ألست تقول‪ :‬ل حول ول قوة‬
‫إل بال العلى العظيم؟ قال‪ :‬بلى‪ ً،‬قال‪ :‬تعرف تفسيرها؟ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ً،‬عيلمنى مما عرلمك ال‪ً،‬‬
‫فقال‪ :‬تفسيره‪ :‬أن العبد ل قدرة له على طاعة ال ول على معصيته إل بال معرز ومجرل‪ ً،‬يا سائل؛ً إن ال‬
‫يسقم ويداوى‪ ً،‬منه الداء‪ .‬ومنه الدواء‪ ً،‬اعقل عن ال‪ ً،‬فقال السائل عقلت‪ ً،‬فقال له‪ :‬الن صرمت مسلما‪ً،‬‬
‫ل من أهل المقمدر لخذت بعنقه‪ ً،‬ول‬ ‫على‪ :‬لو وجدت رج ل‬ ‫قوموا إلى أخيكم المسلم وخذوا بيده‪ ً،‬ثم قال س‬
‫ي‬
‫أزال أضربه حتى أكسر عنقه‪ ً،‬فإنهم يهود هذه المة‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهذه هى أمالى الشريف المرتضى‪ ً،‬وهى وإن كانت ل تصيور لنا تفسيرا متناولل للقرآن كله إل‬
‫أنها يمكن أن تكشف لنا عن مبلغ تأثر صاحبها بعقيدته العتزالية فى بحوثه التفسيرية التى عالجها‪ ً،‬كما‬
‫تكشف لنا عن مبلغ ما كان لفنه الدبى من الثر الظاهر فى التفسير‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 3‬الكشاف عن حقائقا التنزيل وعيون القاويل فى وجوه التأويل )للزمخشرى(‬
‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو القاسم‪ :‬محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمى‪ ً،‬المام الحنفى‬
‫المعتزلى‪ ً،‬الملقب بجار ال‪ ً،‬ولد فى رجب سنة ‪ 467‬هـ )سبع وستين وأربعمائة من الهجرة( بزمخشر‬
‫‪ -‬قرية من قرى خوارزم وقدم بغداد‪ ً،‬ولقى الكبار وأخذ عنهم‪ ً،‬دخل خراسان مرارا عديدة‪ .‬وما دخل‬
‫بلدا إل واجتمع عليه أهلها وتتلمذوا له‪ ً،‬وما ناظر أحدا إل ومسرلم له واعترف به‪ .‬ولقد عظم صيته وطار‬
‫ذكره حتى صار إمام عصره من غير مدافعة‪.‬‬
‫ليس عجبا أن يحظى الزمخشرى بكل هذا وهو المام الكبير فى التفسير والحديث والنحو‪ ً،‬واللغة‬
‫والدب‪ ً،‬وصاحب التصانيف البديعة فى شرتى العلوم‪ .‬ومن أرجل مصنفاته‪ :‬كتابه فى تفسير القرآن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫العزيز الذى لم ييصرنف قبله مثله‪ ً،‬وهو ما نحن بصدده الن‪ ً،‬والمحاجاة فى المسائل النحوية‪ ً،‬والمفرد‬
‫صل فى النحو‪ً،‬‬ ‫والمركب فى العربية‪ ً،‬والفائقا فى تفسير الحديث‪ ً،‬وأساس البلغة فى اللغة‪ ً،‬والمف ر‬
‫ورؤوس المسائل فى الفقه‪ ..‬وغير هذا كثير من مؤلفاته‪.‬‬
‫قال صاحب وفيات العيان‪" :‬كان الزمخشرى معتزلى العتقاد‪ ً،‬متظاهرا باعتزاله‪ ً،‬حتى ينرقل عنه‪ :‬أنه‬
‫كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه فى الدخول يقول لمن يأخذ له الذن‪ :‬قل له أبو القاسم المعتزلى‬
‫بالباب‪ ً،‬وأول ما صرنف كتاب الكشاف‪ ً،‬كتب استتفتاح الخطبة‪" :‬الحمد ل الذى خلقا القرآن" فيقال إنه‬
‫قيل له‪ :‬متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس سول يرغب أحد فيه‪ ً،‬فغريره بقوله‪" :‬الحمد ل الذى‬
‫جعل القرآن" و "جعل" عندهم بمعنى "خلقا"‪ ً،‬والبحث فى ذلك يطول‪ .‬ورأيت فى كثير من النسخْ‪" :‬الحمد‬
‫ل الذى أنزل القرآن" وهذا إصلح الناس ل إصلح اليمصينف"‪ .‬يقول الفيروزآبادى ‪ -‬وصاحب القاموس‬
‫‪ -‬فيما عرلقه على خطبة الكشاف‪" :‬قال بعضِ الطلبة ‪ -‬وأثبته بعضِ المعتنين بالكشاف فى تعليقا له عليه‬
‫‪ -‬أنه كان فى الصل كتب‪" :‬خلقا" مكان‪" :‬أنزل" وأخيرا غريره المصنف أو غريره حذرا عن الشناعة‬
‫الواضحة وهذا قول ساقط جدا وقد عرضته على أستاذى فأنكره غاية النكار‪ ً،‬وأشار إلى أن هذا القول‬
‫ل لن تفوته اللطائف المذكورة فى‬ ‫بمعزل عن الصواب لوجهين‪ :‬أحدهما أن الزمخشرى لم يكن أه ل‬
‫"أنزل" وفى "نزل" فى مفتتح كلمه ووضع كلمة خالية من ذلك‪ .‬والثانى‪ :‬أنه لم يكن يأنف من انتمائه‬
‫إلى العتزال‪ ً،‬وإنما كان يفتخر بذلك‪ ً،‬وأيضا أتى عقيبة بما هو صريح فى المعنى ولم يبال بأنه قبيح‪ً،‬‬
‫وقد رأيت النسخة التى بخط يده بمدينة السلم‪ ً،‬مختبئة فى تربة المام أبى حنيفة‪ ً،‬خالية عن أثر كشط‬
‫وإصلح"‪.‬‬
‫وكانت وفاة الزمخشرى رحمه ال ليلة عرفة سنة ‪ 538‬هـ )ثمان وثلثين وخمسمائة من الهجرة(‬
‫بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة‪ ً،‬ورثاه بعضهم‪ ً،‬بأبيات من جملتها‪:‬‬
‫*فأرضِ مكة منردى الدمع مقلتها * حزنا ليفرقة جار ال محمود*‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه ‪ -‬قصة تأليف الكشاف‪:‬‬
‫قبل الخوضِ فى التعريف بالكشاف للزمخشرى‪ ً،‬أرى أن أسوقا لك قصة تأليفه وما كان من الزمخشرى‬
‫من التردد بين القدام عليه والحجام عنه أولل‪ ..‬ثم العزم المصم منه على تأليفه حتى أخرجه للناس‬
‫كتابا جامعا نافعا‪.‬‬
‫ل عن الزمخشرى فى مقدمة كشافه‪ ً،‬فقد أوضح ما كان منه أول المر‪ ً،‬وكشف عن‬ ‫أسوقا هذه القصة نق ل‬
‫السبب الذى دعاه إلى تأليف كتابه فى التفسير فقال‪" :‬ولقد رأيت إخواننا فى الدين من أفاضل الفئة‬
‫الناجية العدلية‪ ً،‬الجامعين بين علم العربية والصول الدينية‪ ً،‬كلما رجعوا إلرى فى تفسير آية فأبرزت لهم‬
‫بعضِ الحقائقا من اليحيجب‪ ً،‬أفاضوا فى الستحسان والتعجب‪ ً،‬واستطيروا شوقا إلى يمصرنف يضم أطرافا‬
‫من ذلك‪ ً،‬حتى اجتمعوا إلى مقترحين أن يأملى عليهم الكشف عن حقائقا التنزيل‪ ً،‬وعيون القاويل‪ ً،‬فى‬
‫وجوه التأويل‪ ً،‬فاستعفيت‪ ً،‬فأبوا إل المراجعة والستشفاع بعظماء الدين‪ ً،‬وعلماء العدل والتوحيد‪ .‬والذى‬
‫حدانى إلى الستعفاء ‪ -‬على علمى أنهم طلبوا ما الجابة إليه علرى واجبة‪ ً،‬لن الخوضِ فيه كفرضِ‬
‫المع هين ‪ -‬ما أرى عليه الزمان من رثاثة أحواله‪ ً،‬وركاكة رجاله‪ ً،‬وتقاصر همهم عن أدنى عدد هذا العلم‪ً،‬‬
‫ل أن تترقى إلى الكلم المؤسس على علمى البيان والمعانى‪ ً،‬فأمليت عليهم مسألة فى الفواتح‪ً،‬‬ ‫فض ل‬
‫وطائفة من الكلم فى حقائقا سورة البقرة‪ ً،‬وكان كلما مبسوطا كثير السؤال والجواب‪ ً،‬طويل الذيول‬
‫والذناب‪ ً،‬وإنما حاولت به التنبيه على غزارة نكت هذا العلم‪ ً،‬وأن يكون لهم منارا ينتحونه‪ ً،‬ومثا ل‬
‫ل‬
‫يحتذونه‪ ً،‬فلما صمم العزم على معاودة جوار ال‪ ً،‬والناخة بحرم ال‪ ً،‬فتوجهت تلقاء مكة‪ ً،‬وجدت فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مجتازى بكل بلد ممن فيه مسكة من أهلها ‪ -‬وقليل ما هم ‪ -‬عطشى الكباد إلى العثور على ذلك الممملى‪ً،‬‬
‫متطلعين إلى إيناسه‪ ً،‬حراصا على اقتباسه‪ ً،‬فهرز ما رأيت من رعطفى‪ ً،‬وحررك الساكن من نشاطى‪ ً،‬فلما‬
‫حططت المر هحل بمكة إذا أنا بالشعبة السنية من الدرجة الحسنية‪ :‬المير الشريف‪ ً،‬المام شرف آل رسول‬
‫ال‪ ً،‬أبى الحسن‪ ً،‬بن حمزة بن وهاس ‪ -‬آدم ال مجده ‪ -‬وهو النكتة والشامة فى بنى الحسن‪ ً،‬مع كثرة‬
‫محاسنهم‪ ً،‬وجموم مناقبهم‪ ً،‬أعطش الناس كبدا‪ ً،‬وألهبهم حشلى‪ ً،‬وأوفاهم رغبة‪ ً،‬حتى ذكر أنه كان ييحيدث‬
‫نفسه فى مدة غيبتى عن الحجاز مع تزاحم ما هو فيه من المشادة‪ ً،‬بقطع الفيافى وطى المهامه‪ ً،‬والفادة‬
‫علينا بخوارزم‪ ً،‬ليتوصل إلى إصابة هذا الغرضِ‪ ً،‬فقلت‪ :‬قد ضاقت على المستعفى الحيل‪ ً،‬وعسيت به‬
‫العلل‪ .‬ورأيتنى قد أخذت منى السن‪ ً،‬وتقعقع الشن‪ ً،‬وناهزت العشر التى سمتها العرب دقاقة الرقاب‪ً،‬‬
‫فأخذت فى طريقة أخصر من الولى‪ ً،‬مع ضمان التكثير من الفوائد‪ ً،‬والفحص عن السرائر‪ ً،‬وورفقا ال‬
‫وسردد‪ ً،‬فيفررغمنه فى مقدار مدة خلفة أبو بكر الصيديقا رضى ال عنه وكان يمقردر تمامه فى أكثر من‬
‫ثلثين سنة‪ .‬وما هى إل آية من آيات هذا البيت المحررم‪ ً،‬وبركة يأفيضت علسى من بركات هذا الحرم‬
‫المع رظم‪ .‬أسأل ال أن يجعل ما تعبت فيه سبببا ينجينى‪ ً،‬ونورا لى على الصراط يسعى بين يدى ويمينى‪ً،‬‬
‫ورنهعم المسئول"‪.‬‬
‫هذه قصة تأليف الكشاف كما يرويها الزمخشرى نفسه‪.‬‬
‫**‬
‫* قيمة الكشاف العلمية‪:‬‬
‫وأما قيمة هذا التفسير‪ .‬فهو ‪ -‬بصرف النظر عما فيه من العتزال ‪ -‬تفسير لم ييسبقا مؤلفه إليه‪ ً،‬لما‬
‫أبان فيه من وجوه العجاز فى غير ما آية من القرآن‪ ً،‬ولما ظهر فيه من جمال النظم القرآنى وبلغته‪ً،‬‬
‫وليس كالزمخشرى ممن يستطيع أن يكشف لنا عن جمال القرآن وسحر بلغته‪ ً،‬لما برع فيه من المعرفة‬
‫بكثير من العلوم‪ .‬ل سيما ما برز فيه من اللمام بلغة العرب‪ .‬والمعرفة بأشعارهم‪ .‬وما امتاز به من‬
‫الحاطة بعلوم البلغة‪ ً،‬والبيان والعراب‪ ً،‬والدب‪ ً،‬ولقد أضفى هذا النبوغا العلمى والدبى على تفسير‬
‫ل‪ ً،‬لفت إليه أنظار العلماء وعرلقا به قلوب المفيسرين‪ .‬هذا‪ ..‬وقد أحس الزمخشرى‬ ‫الكشاف ثوبا جمي ل‬
‫إحساسا قويا بضرورة اللمام بعلمى المعانى والبيان قبل كل شئ‪ ً،‬لمن يريد أن ييفيسر كتاب ال معرز‬
‫وجرل‪ ً،‬وجهر بذلك وأنهضها بما ييبهر اللباب القوارح‪ ً،‬من غرائب نكت يلطف مسلكها‪ ً،‬ومستودعات‬
‫أسرار يدقا سبكها‪ ً،‬علم التفسير‪ ً،‬الذى ل يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كل ذى علم ‪ -‬كما ذكر الجاحظ‬
‫فى كتاب نظم القرآن ‪ -‬فالفقيه وإن برز على القران فى علم الفتاوى والحكام‪ ً،‬والمتكلم وإن مبرز أهل‬
‫الدنيا فى صناعة الكلم‪ ً،‬وحافظ القصص والخبار وإن كان من ابن الرقيرية أحفظ‪ ً،‬والواعظ وإن كان‬
‫من الحسن البصرى أوعظ‪ ً،‬والنحوى وإن كان أنحى من سيبويه‪ ً،‬والسلغوى وإن علك اللغات بقوة لحييه‪ً،‬‬
‫ل يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائقا‪ ً،‬ول يغوص على شئ من تلك الحقائقا‪ ً،‬إل رجل قد برع فى‬
‫علمين مختصين بالقرآن‪ ً،‬وهما‪ :‬علم المعانى‪ ً،‬وعلم البيان‪ ً،‬وتمهل فى ارتيادهما آونة‪ ً،‬وتعب فى التنقير‬
‫عنهما أزمنة‪ ً،‬وبعثته على تتبع مظانهما همة فى معرفة لطائف يحرجة ال‪ ً،‬وحرص على استيضاح‬
‫معجزة رسول ال بعد أن يكون آخذا من سائر العلوم بحظ‪ ً،‬جامعا بين أمرين‪ :‬تحقيقا وحفظ‪ ً،‬كثير‬
‫المطالعات‪ ً،‬طويل المراجعات‪ ً،‬قد مرمجمع زمانا ويررجمع إليه‪ ً،‬ومررد ويررد عليه‪ ً،‬فارسا فى علم العراب‪ً،‬‬
‫مقردما فى حملة الكتاب‪ ً،‬وكان مع ذلك مسترسل الطبيعة منقادها‪ ً،‬مشتعل القريحة ورقادها‪ ً،‬يقظان النفس‪ً،‬‬
‫درا كاللمحة وإن لطف شأنها‪ ً،‬منتبها على الرمزة وإن خفى مكانها‪ ً،‬ل كرزا جاسيا‪ ً،‬ول غليظا جافيا‪ً،‬‬
‫متصرفا ذا دراية بأساليب النظم والنثر‪ ً،‬مرتاضا غير ريضِ بتلقيح بنات الفكر‪ ً،‬قد علم كيف ييررتب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صف‪ ً،‬طالما دفع إلى مضايقه‪ .‬ووقع فى مداحضه ومزالقه"‪.‬‬ ‫الكلم وييؤرلف‪ ً،‬وكيف يينرظم ويير ر‬
‫وفى الحقيقة أن الزمخشرى قد جمع كل هذه الوسائل التى ل بد منها للمفيسر‪ ً،‬فأخرج للناس هذا الكتاب‬
‫العظيم فى تفسير القرآن "الكشاف عن حقائقه‪ ً،‬المخلص من مضايقه‪ ً،‬المخلص من مضايقه‪ ً،‬المطلع‬
‫على غوامضه‪ ً،‬المثبت فى مداحضه‪ ً،‬اليملرخص لنكته ولطائف نظمه‪ ً،‬اليممنيقر عن رفمقره وجواهر علمه‪ً،‬‬
‫المكتنز بالفوائد المفترنة التى ل يتوجد إل فيه‪ ً،‬المحيط بما ل يكتنه من بدع ألفاظه ومعانيه‪ ً،‬مع اليجاز‬
‫الحاذف للفضول‪ ً،‬وتجنب المستكرة المملول‪ ً،‬ولو لم يكن فى مضمونه إل إيراد كل شئ على قانونه‪ً،‬‬
‫لكفى به ضالة ينشدها محققة الخبار‪ ً،‬وجوهرة يتمنى العثور عليها غاصة البحار"‪.‬‬
‫ولما علم الزمخشرى أن كتابه قد تحرلى بهذه الوصاف قال متحدثا بنعمة ال‪:‬‬
‫*إن التفاسير فى الدنيا بل عدد * وليس فيها لمعهمرى مثل كشافى*‬
‫*إن كنت تبغى الهدى فالزم قراءته * فالجهل كالداء والكشاف كالشافى*‬
‫وإذا كان الزمخشرى قد اعترز بكشافه‪ ً،‬وبلغ إعجابه به إلى حد جعله يقول فيه ما قال من تقريظ له‪ً،‬‬
‫وإطراء عليه‪ ً،‬فإرنا نعذره فى ذلك ول نلومه عليه‪ ً،‬فالكتاب واحفد فى بابه‪ ً،‬ومعلمفم شامخْ فى نظر علماء‬
‫التفسير ويطلبه‪ ً،‬ولقد اعترف له خصومه بالبرعة وحسن الصناعة‪ ً،‬وإن أخذوا عليه بعضِ المآخذ التى‬
‫يرجع ^^أغليها^^ إلى ما فيه من ناحية العتزال‪ ً،‬وإليك مقالت بعضِ العلماء فى الكشاف‪ * :‬مقالة ابن‬
‫بشكوال فى الكشاف‪:‬‬
‫وإرنا لنجد فى مقدمة تفسير أبى حيان‪ ً،‬مقارنة للحافظ أبى القاسم بن بشكوال‪ ً،‬بين تفسير ابن عطية‬
‫ل عميقا لكتاب الكشاف يقول فيها‪:‬‬ ‫وتفسير الزمخشرى‪ ً،‬ووصفا رقيقا وتحلي ل‬
‫"وكتاب ابن عطية أنقل وأجمع وأخلص‪ .‬وكتاب الزمخشرى ألخص وأغوص‪ ً،‬إل أن الزمخشرى قائل‬
‫بالطفرة‪ ً،‬ومقتصر من الذؤابة على الوفرة‪ ً،‬فربما سنح له آبى المقادة فأعجزه اعتياصه‪ ً،‬ولم يمكنه لتأنيه‬
‫ل لمن يرتاده‪ .‬وربما ناقضِ هذا المنزع‪ ً،‬فثنى العنان إلى‬ ‫ل لمن يصطاده‪ ً،‬وغف ل‬ ‫اقتناصه‪ ً،‬فتركه عق ل‬
‫الواضح والسهل اللئح‪ ً،‬وأجال فيه كلما‪ ً،‬ورمى نحو غرضه سهاما‪ .‬هذا مع ما فى كتابه من نصرة‬
‫مذهبه‪ ً،‬وتقحم مرتكبه‪ ً،‬وتجشم حمل كتاب ال معرز ومجرل عليه‪ ً،‬ونسبة ذلك إليه‪ ً،‬فمغتفر إساءته لحسانه‪ً،‬‬
‫ومصفوح عن سقطه فى بعضِ‪ ً،‬لصابته فى أكثر تبيانه"‪.‬‬
‫*‬
‫* مقالة الشيخْ حيدر الهروى‪:‬‬
‫كذلك نجد للشيخْ حيدر الهروى ‪ -‬أحد الذين معرلقوا على الكشاف ‪ -‬وصفا دقيقا لكتاب الكشاف وهذا‬
‫نصه‪:‬‬
‫"‪ ...‬وبعد‪ ً،‬فإن كتاب الكشاف‪ ً،‬كتاب معلسى القدر رفيع الشأن‪ ً،‬لم يمر مثله فى تصانيف الرولين‪ ً،‬ولم يرد‬
‫شبيهه فى تآليف الخرين‪ .‬اتفقت على متانة تراكيبه الرشيقة كلمة المهرة المتقنين‪ ً،‬واجتمعن على‬
‫صمر فى قوانين التفسير وتهذيب براهينه‪ .‬وتمهيد‬ ‫محاسن أساليبه النيقة ألسنة الكلمة المفلقين‪ .‬ما ق ر‬
‫قواعده وتشييد معاقده‪ .‬وكل كتاب بعده فى التفسير‪ ً،‬ولو يفررضِ أنه ل يخلو عن النقير والقطمير‪ ً،‬إذا‬
‫قيس به ل تكون له تلك الطلوة‪ ً،‬ول ييوجد فيه شئ من تلك الحلوة‪ ً،‬على أن مؤلفه ميقتفى أثره‪ ً،‬وميسأل‬
‫خبره‪ .‬وقرلما غرير تركيبا من تراكيبه إلوقع فى الخطأ والخطل‪ ً،‬وسقط من مزالقا الخبط والزلل‪ ً،‬ومع‬
‫ذلك كله إذا فتشت عن حقيقة الخبر‪ ً،‬فل عين منه ول أثر‪ ً،‬ولذلك قد تداولته أيدى النظار‪ ً،‬فاشتهر فى‬
‫القطار‪ ً،‬كالشمس فى وسط النهار‪ ً،‬إل أنه لخطائه سلوك الطرقا الدبية‪ ً،‬وإغفاله عن إجمال أرباب‬
‫الكمال‪ .‬أصابته عين الكللة‪ .‬فالتزم فى كتابه يأمورا أذهبت رونقه وماءه‪ ً،‬وأبطلت منظره ورواءه‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فتكدرت مشارعه الصافية‪ ً،‬وتضريقت موارده الضافية‪ ً،‬وتزلزلت رتبة العالية‪.‬‬
‫منها‪ :‬أنه كلما شرع فى تفسير آية من اليِ القرآنية مضمونها ل يساعد هواه‪ ً،‬ومدلولها ل يطاوع‬
‫مشتهاه‪ ً،‬صرفها عن ظاهرها بتكلفات باردة‪ ً،‬وتعسفات جامدة‪ ً،‬وصرف الية ‪ -‬بل نكتة بلغية لغير‬
‫الضرورة ‪ -‬عن الظاهر‪ ً،‬وفيه تحريف لكلم ال سبحانه وتعالى‪ ً،‬وليته يكتفى بقدر الضرورة‪ ً،‬بل يبالغ‬
‫فى الطناب والتكثير‪ ً،‬لئل يوهم بالعجز والتقصي‪ ً،‬فتراه مشحونا بالعتزالت الظاهرة التى تتبادر إلى‬
‫الفهام‪ ً،‬والخفية التى ل تتسارقا إليها الوهام‪ ً،‬بل ل يهتدى إلى حبائله إل ورراد بعد ورراد من الذكياء‬
‫الحرذاقا‪ ً،‬ول ينتبه لمكائده إل واحد من فضلء الفاقا‪ .‬وهذه آفة عظيمة ومصيبة جسيمة‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أنه يطعن فى أولياء ال المرتضين من عباده‪ ً،‬ويغفل عن هذا الصنيع لفرط عناده‪ .‬ورنهعم ما قال‬
‫الرازى فى تفسير قوله تعالى‪} :‬يرحسبيههم مويرحسبومنيه{ُ‪ ..‬خاضِ صاحب الكشاف فى هذا المقام فى الطعن فى‬
‫أولياء ال تعالى‪ ً،‬وكتب فيها ما ل يليقا بعاقل أن يكتب مثله فى كتب الفحش‪ ً،‬فهب أنه اجترأ على‬
‫الطعن فى أولياء ال تعالى‪ ً،‬فكيف اجتراؤه على كتبه ذلك الكلم الفاحش فى تفسير كلم ال المجيد‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أنه أورد فيه أبياتا كثيرة‪ ً،‬وأمثالل غزيرة بنى على الهزل والفكاهة أساسها‪ .‬وأورد على المزاح‬
‫البارد نبراسها‪ .‬وهذا أمر من الشرع والعقل بعيد‪ ً،‬ل سيما عند أهل العدل والتوحيد‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أنه يذكر أهل السسرنة والجماعة ‪ -‬وهم الفرقة الناجية ‪ -‬بعبارات فاحشة‪ ً،‬فتارة ييعيبر عنهم‬
‫باليممجيبرة‪ ً،‬وتارة ينسبهم على سبيل التعريضِ إلى الكفر واللحاد‪ .‬وهذه وظيفة السفهاء الشطار‪ ً،‬ل‬
‫طريقة العلماء البرار"‪.‬‬
‫*‬
‫* مقالة أبى حيان‪:‬‬
‫ونجد أبا حيان صاحب البحر المحيط عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [49‬من سورة النمل‪} :‬مقايلوها‬
‫صارديقومن{ُ‪ ..‬يتعقب الزمخشرى فى‬ ‫متمقامسيموها ربٱِلرلره لمينمبيمترنيه موأمههلميه يثرم لممنيقولمرن رلمورلييره مما مشرههدمنا ممههرلمك أمههرلره موإررنا لم م‬
‫صارديقومن{ُ‪ ..‬ثم يصفه بقوله‪" :‬وهذا الرجل وإن كان يأورتمى من علم القرآن أوفر‬ ‫تفسيره لقوله تعالى‪} :‬موإررنا مل م‬
‫حظ‪ ً،‬وجمع بين اختراع المعنى وبراعة اللفظ‪ ً،‬ففى كتابه فى التفسير أشياء منتقدة‪ ً،‬وكنت قريبا من‬
‫تسطير هذه الحرف قد نظمت قصيدا فى شغل النسان بكتاب ال‪ ً،‬واستطردت إلى مدح كتاب‬
‫الزمخشرى‪ ً،‬فذكرت أشياء من محاسنه‪ ً،‬ثم نبهت على ما فيه مما يجب تجنبه‪ ً،‬ورأيت إثبات ذلك هنا‬
‫لينتفع بذلك ممن يقف على كتابى هذا‪ ً،‬ويتنبه على ما تضمنه من القبائح‪ ً،‬فقلت بعد ذكر ما مدحته به‪:‬‬
‫*ولكنه فيه مجال لناقد * وزلت سوء قد أخذن المخانقا*‬
‫ل * ويعزو إلى المعصوم ما ليس لئقا*‬ ‫*فيثبت موضوع الحاديث جاه ل‬
‫*ويشم أعلم الئمة ضلة * ول سيما إن أولجوه المضايقا*‬
‫*وييسهب فى المعنى الوجيز دللة * بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا*‬
‫*ييقيول فيها ال ما ليس قائل * وكان محبا فى الخطابة وامقا*‬
‫*ويخطئ فى تركيبه لكلمه * فليس لما قد رركبوه موافقا*‬
‫*وينسب إبداء المعانى لنفسه * لييوهم أغمارا وإن كان سارقا*‬
‫*ويخطئ فى فهم القرآن لنه * يمجيوز إعرابا أبى أن يطابقا*‬
‫*وكم بين ممن يؤتى البيان سليقة * وآخر عاناه فما هو لحقا*‬
‫*ويحتال لللفاظ حتى يديرها * لمذهب سوء فيه أصبح مارقا*‬
‫*فيا خسرة شيخْ تخررقا صيته * مغارب تخريقا الصبا ومشارقا*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫*لئن لم تداركه من ال رحمة * لسوف ييرى للكافرين مرافقا"*‬
‫وأحسب أن القارئ ل يفوته أن يدرك ما فى الوصف من قسوة على الزمخشرى‪ ً،‬وما فيه من اتهمه برقرلة‬
‫بضاعته فى البيان والعربية‪ ً،‬مع أنه سلطان هذه الطريقة فى التفسير غير مدافع‪.‬‬
‫*‬
‫* مقالة ابن خلدون‪:‬‬
‫لمة ابن خلدون‪ ً،‬نجده عندما تكلم عن القسم الثانى من التفسير وهو ما يرجع إلى اللسان‪ً،‬‬ ‫وهذا هو الع ر‬
‫من معرفة اللغة والعراب والبلغة فى تأدية المعنى بحسب المقاصد والساليب‪ .‬يقول‪" :‬ومن أحسن ما‬
‫اشتمل عليه هذا الفن من التفاسير كتاب الكشاف للزمخشرى من أهل خوارزم العراقا‪ ً،‬إل أن مؤيلفه من‬
‫أهل العتزال فى العقائد‪ ً،‬فيأتى بالحجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعمرضِ له فى آى القرآن من طرقا‬
‫البلغة‪ ً،‬فصار بذلك للمحققين من أهل السسرنة انحراف عنه‪ ً،‬وتحذير للجمهور من مكانته‪ ً،‬مع إقرارهم‬
‫برسوخ قدمه فيما يتعلقا باللسان والبلغة‪ ً،‬وإذا كان الناظر فيه واقفا مع ذلك على المذاهب السسينية‪ً،‬‬
‫محسنا للحجاج عنها‪ ً،‬فل جرم أنه مأمون من غوائله‪ ً،‬فلتغتنم مطالعته لغرابة فنونه فى اللسان‪ .‬ولقد‬
‫وصل إلينا فى هذه العصور تأليف لبعضِ العراقيين‪ ً،‬وهو شرف الدين الطيبى من أهل توريز‪ ً،‬من‬
‫عراقا العجم‪ ً،‬شرح فيه كتاب الزمخشرى هذا‪ ً،‬ومتمنربع ألفاظه‪ ً،‬ومتمعررضِ لمذاهبه فى العتزال بأدلة‬
‫يتزيفها‪ ً،‬ويتبيين أن البلغة إنما تقع فى الية على ما يراه أهل السسرنة‪ ً،‬ل على ما يراه المعتزلة‪ ً،‬فأحسن‬
‫فى ذلك ما شاء‪ ً،‬مع إمتاعه فى سائر فنون البلغة‪ ً،‬وفوقا كل ذى علم عليم"‪.‬‬
‫*‬
‫*مقالة التاج السبكى‪:‬‬
‫لمة تاج الدين السبكى يقول فى كتابه "معيد الرنمعم ومبيد الرنمقم"‪" :‬واعلم أن الكشاف‬ ‫وأخيرا‪ ..‬فهذا هو الع ر‬
‫كتاب عظيم فى بابه‪ ً،‬ومصينفه إمام فى فنه‪ ً،‬إل أنه رجل مبتدع متاجر ببدعته‪ ً،‬يضع من قدر النبوة‬
‫كثيرا‪ ً،‬ويسئ أدبه على أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬والواجب كشط ما فى الكشاف من ذلك كله‪ ً،‬ولقد كان‬
‫الشيخْ المام ‪ -‬يعنى والده تقى الدين السبكى ‪ -‬يقرأه فإذا انتهى إلى كلمه فى قوله تعالى فى سورة‬
‫التكوير الية ]‪} :[19‬إررنيه لممقهويل مريسوهَل مكرريهَم{ُ أعرضِ عنه صفحا‪ ً،‬وكتب ورقة حسبة سماها "سبب‬
‫النكفاف‪ ً،‬عن إقراء الكشاف" وقال فيها‪ :‬قد رأيت كلمه على قوله تعالى‪} :‬معمفا ٱللريه معنمك{ُ‪ ً،‬وكلمه فى‬
‫سورة التحريم وغير ذلك من الماكن التى أساء أدبه فيها على خير خلقا ال تعالى‪ ً،‬سيدنا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فأعرضيت عن إقراء كتابه حيالء من النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬مع ما فى كتابه‬
‫من الفوائد والنكت البديعة"‪.‬‬
‫هذه هى شهادات بعضِ العلماء فى تفسير الكشاف بما له وما عليه‪ .‬ومهما يكن من شئ‪ ً،‬فالكل مجمع‬
‫عن أن الزمخشرى هو سلطان الطريقة السلغوية فى تفسير القرآن‪ ً،‬وبها أمكنة أن يكشف عن وجه‬
‫العجاز فيه‪ ً،‬ومن أجلها طار كتابه فى أقصى المشرقا والمغرب‪ ً،‬واشتهر فى الفاقا‪ ً،‬واستمد كل من‬
‫جاء بعده من المفيسرين من بحره الزاخر‪ ً،‬وارتشف من معينه الفرياضِ‪ ً،‬واعتنى الئمة المحققون بالكتابة‬
‫عليه‪ :‬فمن ممييز لما جاء فيه من العتزال‪ ً،‬ومن مناقش لما أتى فيه من وجوه العراب‪ ً،‬ومن محش‬
‫صرحمح وأنقد‪ ً،‬ومن مختصر لمرخص‬ ‫ضمح ومنرقمح واستشكل وأجاب‪ ً،‬ومن مخرج لحاديثه معمزا وأسهنمد و م‬ ‫ور‬
‫وأوجز‪.‬‬
‫ول أطيل بذكر الكتب التى معرنمى فيها أصحابها بهذه النواحى‪ ً،‬ويكفى أن أقول‪ :‬إن من أهم الحواشى على‬
‫تفسير الكشاف‪ ً،‬حاشية العلمة شرف الدين الحسن بن محمد الطيبى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 743‬هـ )ثلث‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأربعين وسبعمائة من الهجرة(‪ ً،‬وهى تقع فى ست مجلدات كبارا‪ ً،‬وهى التى أشار إليها ابن خلدون فى‬
‫مقالته السابقة‪ .‬وقد سرمتاها صاحبها "فتوح الغيب‪ ً،‬فى الكف عن قناع الريب" وممن يريد الوقوف على‬
‫كل ما يكرتب على الكشاف ليرجع إلى كشف الظنون )جـ ‪ 2‬ص ‪ (177 - 173‬وسيراها كثيرة‪ ً،‬كثرة‬
‫يضيقا المقام عن ذكرها‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن حظوة الكشاف بهذا التقدير والعجاب حتى من خصومه‪ ً،‬وظفره بهذه الشهرة الواسعة التى‬
‫أغرت العلماء بالكتابة عليه بمثل هذه الكثرة الوافرة الزاخرة من المؤلفات‪ ً،‬لدليل قاطع على أنه تفسير‬
‫فى أعلى القمة‪.‬‬
‫وليس عجبا أن يكون الكشاف كذلك وهو أول كتاب فى التفسير كشف لنا على سر بلغة القرآن‪ ً،‬وأبان‬
‫لنا عن وجوه إعجازه‪ ً،‬وأوضح لنا عن دقة المعنى الذى ييفهم من التركيب اللفظى‪ .‬كل هذا فى قالب‬
‫أدبى رائع‪ ً،‬وصوغا إنشائى بديع‪ ً،‬ل يتفقا لغير الزمخشرى‪ ً،‬إمام السلغة وسلطان المفيسرين‪ .‬وإذا كان‬
‫الزمخشرى قد تأثر فى تفسيره بعقيدته العتزالية فمال باللفاظ القرآنية إلى المعانى التى تشهد لمذهبه‪ً،‬‬
‫أو تأ رولها بحيث ل يتنافى معه على القل‪ ً،‬فإنه فى محاولته هذه قد برهن بحقا على براعته وقوة ذهنه‪ً،‬‬
‫وص رور لنا مقدار ما كان من التأثر بين التفسير وهوى العقيدة‪ ً،‬وما كان لنا بعد هذا كله أن نغضِ‬
‫الطرف عن هذا التفسير‪ ً،‬تأثرا بمذهبنا السسينى‪ ً،‬وكراهة لمذهب المعتزلة‪ ً،‬وبخاصة بعد ما هو ثابت‬
‫وواقع من ثناء كثير من علماء أهل السسرنة عليه ‪ -‬فيما عدا ناحيته العتزالية ‪ -‬واعتماد معظم مفيسريهم‬
‫عليه وأخذهم منه‪ .‬فالكشاف ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬قد بلغ فى نجاحه مبلغا عظيما‪ ً،‬ليس فقط لنه ل يمكن‬
‫الستغناء عنه فى بيان القوال الكثيرة لقدماء المعتزلة‪ ً،‬بل لنه استطاع أيضا أن يكون معمترفا به من‬
‫الصدقاء والخصوم على السواء ككتاب أساسى للتفسير‪ ً،‬وأن يأخذ طابعا شعبيا يغرى الكل ويتسع‬
‫للجميع‪.‬‬
‫ل للقمة العالية فى التفسير بالمأثور فأطنبنا فى وصفه وأطلنا الكلم‬ ‫وكما اعتبرنا تفسير الطبرى ممث ل‬
‫عليه‪ ً،‬فهنا كذلك سنعتبر الكشاف للزمخشرى القمة العالية للتفسير العتزالى‪ ً،‬لنه الكتاب الوحيد من‬
‫ل للفكار العتزالية التى تتصل بالقرآن‬ ‫تفاسير المعتزلة التذى وصل إلينا متناولل للقرآن كله‪ .‬وشام ل‬
‫الكريم باعتباره أصل العقيدة ومعتمد ما يتشعب عنها من آراء وأفكار‪ ً،‬ولهذا أرانى مضطرا إلى‬
‫الطناب والفاضة فى كلمى عن هذا التفسير‪ ً،‬ودراستى له من جميع نواحيه بمقدار ما يفتح ال‪.‬‬
‫**‬
‫* اهتمام الزمخشرى بالناحية البلغية للقرآن‪:‬‬
‫لمة الزمخشرى فى كرشافه‪ً،‬‬ ‫عندما يلقى النسان ظشرة فاحصة على العمل التفسيرى الذى قام به الع ر‬
‫يظهر له من أول وهلة‪ ً،‬أن المبدأ الغالب عليه فى جهوده التفسيرية‪ ً،‬كان فى تبيين ما فى القرآن من‬
‫الثروة البلغية التى كان لها كبير الثر فى عجز العرب عن معارضته والتيان بأقصر سورة من مثله‪.‬‬
‫والذى يقرأ ما أورده الزمخشرى عند تفسيره لكثير من اليات من ضروب الستعارات‪ ً،‬والمجازات‪ً،‬‬
‫والشكال البلغية الخرى‪ ً،‬يرى أن الزمخشرى كان يحرص كل الحرص على أن ييبرز فى حلة بديعة‬
‫جمال أسلوبه وكمال نظمه‪ ً،‬وإرنا لنكاد نقطع ‪ -‬إذا استعرضنا كتب التفسير وتأملنا مبلغ عنايتها‬
‫ل فى‬ ‫باستخراج ما يحتويه القرآن من ثروة بلغية فى المعانو والبيان ‪ -‬بأنه ل يوجد تفسير أوسع مجا ل‬
‫جهوده فى هذا الصدد من تفسير الزمخشرى‪.‬‬
‫ولقد كانت لعناية الزمخشرى بهذه الناحية فى تفسيره من الثر بين المفيسرين وبين مواطنيه من‬
‫المشارقة ما هو واضح بيفن‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أما أثره بين المفيسرين‪ ً،‬فإرن كل ممن جاء بعده منهم ‪ -‬حتى من أهل السسرنة ‪ -‬استفادوا من تفسيره فوائد‬
‫كثيرة كانوا ل يلتفتون إليها لوله‪ ً،‬فأوردوا فى تفسيرهم ما ساقه الزمخشرى فى كرشافه من ضروب‬
‫الستعارات‪ ً،‬والمجازات‪ ً،‬والشكال البلغية الخرى‪ ً،‬واعتمدوا ما نربه عليه الزمخشرى من نكات‬
‫بلغية‪ ً،‬تكشف عما مدرقا من براعة نظم القرآن وحسن يأسلوبه‪.‬‬
‫وليس عجيبا أن يعتمد خصوم الزمخشرى كغيرهم على كتاب الكشاف‪ ً،‬وينظروا إليه كمرجع مهم من‬
‫مراجع التفسير فى هذه الناحية‪ ً،‬بعد ما قردروا هذ الناحية البلغية فى تفسير القرآن‪ ً،‬وبعد ما علموا أن‬
‫الزمخشرى هو سلطان هذه الطريقة غير مدامفع‪.‬‬
‫وأما أثره بين مواطنيه من المشارقة‪ ً،‬فإنهم أخذوا عنه هذا الفن البلغى وبرعوا فيه‪ ً،‬حتى سبقوا من‬
‫عداهم من المغاربة‪ ً،‬وقد برين ابن خلدون فى مقدمته ‪ -‬عند الكلم عن علم البيان ‪ -‬ما لتفسير‬
‫الزمخشرى من الثر فى براعة المشارقة فى هذا الفن فقال‪:‬‬
‫"‪ ..‬وبالجملة‪ ً،‬فالمشارقة على هذا الفن أقوم من المغاربة‪ ً،‬وسببه ‪ -‬وال ‪ -‬أعلم ‪ -‬أنه كمالى فى العلوم‬
‫اللسانية‪ ً،‬والصنائع الكمالية توجد فى العمران والمشرقا أوفر عمرانا من المغرب كما ذكرنا‪ .‬أو نقول‪:‬‬
‫لعناية العجم ‪ -‬وهم معظم أهل المشرقا ‪ -‬بتفسير الزمخشرى وهو كله مبنى على هذا الفن وهو أصله"‪.‬‬
‫ثم إرنا نستعرضِ هذه الروح البلغية التى تسود فى تفسير الزمخشرى فنشهدها واضحة من أول المر‬
‫عندما تكلم عن قوله تعالى فى الية ]‪ [2‬من سورة البقرة‪} :‬يهلدى ليهليمرترقيمن{ُ‪ ..‬فغبعد أن ذكر كل‬
‫الحتمالت التى تجوز فى محل هذه الجملة من العراب‪ ً،‬نربمه على أن الواجب على يممفيسر كلم ال‬
‫تعالى أن يلتفت للمعانى ويحافظ عليها‪ ً،‬ويجعل اللفاظ تبعا لها‪ ً،‬فقال ما نصه‪ .." :‬والذى هو أرسخْ‬
‫عرقا فى البلغة أن ييضرب عن هذه الحال صفحا وأن يقال‪ :‬إن قوله‪} :‬آلم{ُ جملة برأسها أو طائفة من‬
‫ل مرهيمب رفيره{ُ ثالثة و }يهلدى ليهليمرترقيمن{ُ رابعة‪ً،‬‬
‫حروف المعجم مستقلة بنفسها‪} .‬مذرلمك ٱهلركمتايب{ُ جملة ثانية و } م‬
‫وقد أصيب بترتيبها مفصل البلغة‪ ً،‬وموجب حسن النظم‪ ً،‬حيث جئ بها متناسقة هكذا من غير حرف‬
‫نسقا‪ ً،‬وذلك حسن لمجيئها متآخية آخذا بعضها بعنقا بعضِ‪ ً،‬فالثانية متحدة بالولى معتنقة لها‪ ..‬وهلم‬
‫ل على أنه الكلم اليممتحردى به‪ .‬ثم أشير إليه بأنه الكتاب‬ ‫جسرا إلى الثالثة والرابعة‪ .‬بيان ذلك‪ :‬أنه منربه أو ل‬
‫المبعوث بغاية الكمال‪ ً،‬فكان تقريرا لجهة التحدى وشدا من أعضاده‪ ً،‬ثم نفى عنه أنه يتشبث به طرف‬
‫ل بكماله‪ ً،‬لنه ل كمال أكمل مما للحقا واليقين‪ ً،‬ول نقص أنقص مما‬ ‫من الريب‪ ً،‬فكان شهادة وتسجي ل‬
‫للباطل والشبهة‪ .‬وقيل لبعضِ العلماء‪ :‬فيم لرذتك؟ فقال‪ :‬فى يحرجة تتبختر اتضاحا‪ ً،‬وفى شبهة تتضاءلب‬
‫افتضاحا‪ .‬ثم أخبر عنه بأنه }يهلدى ليهليمرترقيمن{ُ‪ ً،‬فقرر بذلك كونه يقينا ل يمحروم الشك حوله‪ ً،‬وحقا ل يأتيه‬
‫الباطل من بين يديه ول من خلفه‪ ً،‬ثم لم تخل كل واحدة من الربع بعد أن ريتبت هذا الترتيب النيقا‪ً،‬‬
‫وينرظ ممت هذا النظم السوى‪ ً،‬من نكته ذات جزالة‪ ً،‬ففى الولى‪ :‬الحذف‪ ً،‬والرمز إلى الغرضِ بألطف وجه‬
‫وأرشقه‪ ً،‬وفى الثانية‪ :‬ما فى التعريف من الفخامة‪ ً،‬وفى الثالثة‪ :‬ما فى تقديم الريب على الظرف‪ .‬وفى‬
‫الرابعة‪ :‬الحذف‪ ً،‬وضح المصدر الذى هو }يهلدى{ُ موضع الوصف الذى هو }مهاد{ُ‪ ً،‬وإيراده منكرا‪ً،‬‬
‫واليجاز فى ذكر }ليهليمرترقيمن{ُ‪ .‬زادنا ال اطلعا على أسرار كلمه‪ ً،‬وتيينا لنكت تنزيله‪ ً،‬وتوفيقا للعمل بما‬
‫فيه"‪.‬‬
‫**‬
‫* تذرعه بالمعانى اللغوية لينصرة مذهبه العتزالى‪:‬‬
‫كذلك نرى الزمخشرى ‪ -‬كغيره من المعتزلة ‪ -‬إذا ممرر بلفظ يشتبه عليه ظاهره ول يتفقا مع مذهبه‪ً،‬‬
‫ييحاول بكل جهوده أن ييبطل هذا المعنى الظاهر‪ ً،‬وأن ييثبت للفظ معنى آخر موجودا فى اللغة‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل يراه عندما متمعررضِ لتفسير قوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 - 22‬من سورة القيامة‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ‬ ‫فمث ل‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ ..‬يتخلص من المعنى الظاهر لكلمة "ناظرة"‪ ً،‬لنه ل يتفقا مع مذهبه الذى ل‬ ‫رنا ر‬
‫يقول برؤية ال تعالى‪ ً،‬ونراه يثبت له معنى آخر هو التوقع والرجاء‪ ً،‬ويستشهد على ذلك بالشعر‬
‫العربيى فيقول ما نصه‪} :‬إرملـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ :‬تنظر إلى ربها خاصة ل تنظر إلى غيره‪ ً،‬وهذا معنى تقديم‬
‫صيير‬ ‫المفعول‪ ً،‬أل ترى إلى قوله‪} :‬إرلمـى مريبمك ميهومرئهَذ ٱهليمهسمتمقسر{ُ‪} ..‬إرلمـى مريبمك ميهومرئهَذ ٱهلمممسايقا{ُ‪} ..‬إرملى ٱللرره مت ر‬
‫صيير{ُ‪} ..‬موإرلمهيره يتهرمجيعومن{ُ‪} ..‬معلمهيره متموركهليت موإرلمهيره أيرنييب{ُ كيف مدرل فيها التقديم على‬ ‫ليموير{ُ‪} ..‬إرلمـى ٱلرلره ٱهلم ر‬ ‫ٱي‬
‫معنى الختصاص‪ ً،‬ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء ل يحيط بها الحصر‪ ً،‬ول تدخل تحت العدد‪ ً،‬وفى‬
‫محشر يجتمع فيه الخلئقا كلهم‪ ً،‬فإن المؤمنين نرظارة ذلك اليوم‪ ً،‬لنهم المنون الذين ل خوف عليهم ول‬
‫هم يحزنون‪ ً،‬فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظورا إليه محال‪ ً،‬فوجب حمله على معنى يصح معه‬
‫الختصاص‪ .‬والذى يصح معه أن يكون من قول الناس‪ :‬أنا إلى فلن ناظر ما يصنع بى‪ ً،‬تريد معنى‬
‫التوقع والرجاء‪ ً،‬ومنه قول القائل‪:‬‬
‫*وإذا نظريت إليك من ملك * والبحر دونك زدتنى نعما*‬
‫وسمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر‪ ً،‬حين يغلقا الناس أبوابهم ويأوون إلى مقائلهم‪ ً،‬تقول‪:‬‬
‫يعيينتى نويظرة إلى ال وإليكم" والمعنى‪ :‬أنهم ل يتوقون النعمة والكرامة إل من ربهم‪ ً،‬كما كانوا فى‬
‫الدنيا ل يخشون ول يرجون إل إياه"‪* * .‬‬
‫* اعتماده على الفروضِ المجازية‪ ً،‬وتذرعه بالتمثيل والتخييل فيما ييستبعد ظاهره‪:‬‬
‫كذلك نرى الزمخشرى يعتمد فى تفسيره على الفروضِ المجازية فى الكلم الذى يبدو فى حقيقته بعيدا‬
‫وغريبا‪.‬‬
‫ضِ‬ ‫لهر ر‬ ‫لممامنمة معملى ٱلرسمماموارت موٱ م‬ ‫ضمنا ٱ م‬ ‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [72‬من سورة الحزاب‪} :‬إررنا معمر ه‬ ‫فمث ل‬
‫موٱهلرجمبارل{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬يقول ما نصهك "وهو يريد بالمانة الطاعة‪ ً،‬فعرظم أمرها‪ ً،‬ومفرخم شأنها‪ .‬وفيه وجهان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن هذه الجرام العظام من السموات والرضِ والجبال‪ ً،‬قد انقادت لمر ال معرز وعل انقياد‬
‫مثلها‪ ً،‬وهو ما يتأتى من الجمادات‪ ً،‬وأطاعت له الطاعة التى تصح منها وتليقا بها‪ ً،‬حيث لم تمتنع على‬
‫مشيئته وإرادته إيجادا‪ ً،‬وتكوينا‪ ً،‬وتسوية على هيئات مختلفة وأشكال متنوعة‪ ً،‬كما قال‪} :‬مقالممتآ أممتهيمنا‬
‫مطآرئرعي من{ُ‪ ..‬وأما النسان‪ ً،‬فلم تكن حاله فيما يصح منه من الطاعات ويليقا به من النقياد لوارم ال‬
‫ونواهيه ‪ -‬وهو حيوان عاقل صالح للتكليف ‪ -‬مثل حال تلك الجمادات فيما يصح منها ويليقا بها من‬
‫النقياد وعدم المتناع‪ ً،‬والمراد بالمانة‪ :‬الطاعة‪ ً،‬لنها لزمة الوجود‪ ً،‬كما أن المانة لزمة الداء‪.‬‬
‫وعرضها على الجمادات وإباؤها وإشفاقها مجاز‪ .‬وأما حمل المانة‪ ً،‬فمن قولك‪ :‬فلن حامل للمانة‬
‫ومحتمل لها‪ ً،‬تريد أنه ل يؤديها إلى صاحبها حتى تزول عن ذمته ويخرج عن عهدتها‪ ً،‬لن المانة‬
‫كأنها راكبة للمؤتمن عليها وهو حاملها‪ ً،‬أل تراهم يقولون‪ :‬ركبته الديون‪ ً،‬ولى عليه حقا‪ ..‬فإذا أرداها لم‬
‫ل لها‪ .‬ونحوه قولهم‪ :‬ل يملك مولى لمولى نصرا‪ ً،‬يريدن أنه يبذل النصرة له‬ ‫تكن راكبة له ول هو حام ل‬
‫ويسامحه بها ول يمسكها الخاذل‪ ً،‬ومنه قول القائل‪:‬‬
‫*أخوك الذى ل تملك الحس نفسه * وترفضِ عند المحفظات الكتائف*‬
‫أى ل يمسك الرقة والعطف إمساك المالك الضنين ما فى يده‪ ً،‬بل يبذل ذلك ويسمح به‪ .‬ومنه قولهم‪:‬‬
‫ابغضِ حقا أخيك‪ ً،‬لنه إذا أحبه لم يخرجه إلى أخيه ولم يؤيده‪ ً،‬وإذا أبغضه أخرجه وأرداه‪ .‬فمعنى‪} :‬مفأمبهيمن‬
‫م‬ ‫م‬
‫ل لها ل‬ ‫لهنمساين{ُ‪ :‬فأبين إل أن يؤدينها وأبى النسان إل أن يكون محتم ل‬ ‫أن ميهحرمهلمنمها موأهشمفهقمن رمهنمها مومحمملممها ٱ ر‬
‫يؤيديها‪ .‬ثم وصفه بالظلم لكونه تاركا لداء المانة‪ ً،‬وبالجهل لخطائه ما يسعده مع تمكنه منه وهو‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أداؤه‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬أرن ما يكيلفه النسان بلغ من عظمه وثقل محمله‪ ً،‬أنه يعرضِ على أعظم ما خلقا ال من الجرام‬
‫وأقواه وأشده أن يتحمله ويستقل به‪ ً،‬فأبى حمله والستقلل به‪ ً،‬وأشفقا منه‪ ً،‬وحمله النسان على ضعفه‬
‫ورخاوة قوته }إررنيه مكامن مظيلوما مجيهولل{ُ حيث حمل المانة ثم لم يف بها‪ ً،‬وضمنها ثم خاس بضمانه فيها‪:‬‬
‫ونحو هذا الكلم كثير فى لسان العرب‪ ً،‬وما جاء القرآن إل على طرقهم وأساليبهم‪ .‬ومن ذلك قولهم‪" :‬لو‬
‫قيل للشحم أين تذهب؟ لقال‪ :‬أسوى العوج" وكم لهم من أمثال على ألسنة البهائم والجمادات‪ ً،‬وتصور‬
‫مقاولة الشحم محال ولكن الغرضِ أن السمن فى الحيوان مما يحسن قبيحه‪ ً،‬كما أن العجف مما يقبح‬
‫حسنه‪ ً،‬فصرور أثر السمن فيه تصويرا هو أوقع فى نفس السامع‪ ً،‬وهى به آنس‪ ً،‬وله أقبل وعلى حقيقته‬
‫أوقف‪ ً،‬وكذلك تصوير عظم المانة‪ ً،‬وصعوبة أمرها‪ ً،‬وثقل محملها‪ ً،‬والوفاء بها‪.‬‬
‫وهنا تقوم أمام الزمخشرى صعوبات ومشاكل يصيورها لنا فى سؤاله‪" :‬فإن قلت‪ :‬قد يعرلم وجه التمثيل‬
‫ل ويتمريخر أخرى‪ ً،‬لنه يميثملت حاله فى تميله‬ ‫فى قولهم للذى ل يثبت على رأى واحد‪ :‬أراك يتمقيدم ررهج ل‬
‫وترجحه بين الرأيين‪ ً،‬وتركه المضى على أحدهما‪ ً،‬بحال من يتردد فى ذهابه فل يجمع رجليه للمضى‬
‫فى وجهة‪ ً،‬وكل واحد من الممثل والممرثل به شئ مستقيم داخل تحت الصحة والمعرفة‪ ً،‬وليس كذلك ما‬
‫فى هذه الية‪ ً،‬فإن عرضِ المانة على الجماد وإباؤه وإشفاقه محال فى نفسه غير مستقيم‪ ً،‬فكيف صسح‬
‫بناء التمثيل على المحال؟ وما مثال هذا إل أن يتشيبه شيئا والمشربه به غير معقول"‪.‬‬
‫ل أمام هذه الصعوبات‪ ً،‬بل نراه يتخلص منها بكل دقة وبراعة حيث‬ ‫ولكن الزمخشرى ل يقف طوي ل‬
‫يقول‪" :‬قلت الممرثل به فى الية‪ ً،‬وفى قولهم‪ :‬لو قيل للشحم أين تذهب‪ ً،‬وفى نظائره‪ ً،‬مفروضِ‪ً،‬‬
‫والمفروضات تتخيل فى الذهن كما المحققات مثلت حال التكليف فى صعوبته وثقل محمله‪ ً،‬بحاله‬
‫المفروضة لو يعررضت على السموات والرضِ والجبال لبين أن يحملنها وأشفقن منها"‪.‬‬
‫ثم إن هذه الطريقة التى يعتمد عليها الزمخشرى فى تفسيره ‪ -‬أعنى طريقة الفروضِ المجازية‪ ً،‬وحمل‬
‫الكلم الذى يبدو غريبا فى ظاهره على أنه من قبيل التعبيرات التمثيلية أو التخييلية ‪ -‬قد أثارت حفيظة‬
‫خصمه السسينى ابن المنير السكندرى عليه‪ ً،‬فاتهمه بأشنع التهم فى كثير من المواضع التى تحمل هذا‬
‫الطابع‪ ً،‬ونسبه فيها إلى رقرلة الدب وعدم الذوقا‪.‬‬
‫ل عندما يعرضِ الزمخشرى لقوله تعالى فى الية ]‪ [21‬من سورة الحشر‪} :‬ملهو مأنمزهلمنا مهــمذا ٱهليقهرآمن‬ ‫فمث ل‬
‫ضرريبمها رللرنارس لممعلريههم ميمتمفركيرومن{ُ‪ ..‬نراه‬ ‫صيدعا يمهن مخهشميرة ٱلرلره موت رهلمك ٱ م‬
‫لهممثايل من ه‬ ‫معلمـى مجمبهَل لرمرأمهيمتيه مخارشعا سممت م‬
‫لممامنمة{ُ وقد درل عليه قوله‪} :‬موت رهلمك‬ ‫ضمنا ٱ م‬ ‫يقول‪" :‬هذا تمثيل وتخييل كما ممرر فى قوله تعالى‪} :‬إررنا معمر ه‬
‫ضرريبمها رللرنارس ملمعلريههم ميمتمفركيرومن{ُ‪ ..‬والغرضِ توبيخْ النسان على قسوة قلبه ورقرلة تخشعه‪ ً،‬عند‬ ‫لهممثايل من ه‬‫ٱم‬
‫تلوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره"‪.‬‬
‫ولكن هذا قد أغضب ابن المنير على الزمخشرى فقال معقبا عليه‪" :‬وهذا مما تقردم إنكارى عليه فيه‪ ً،‬أفل‬
‫ل‪ ً،‬ولم يقل‪ :‬تلك الخيالت نضربها للناس؟ ألهمنا ال يحهسن‬ ‫كان يتأدب بأدب الية‪ ً،‬حيث سرمى ال هذا مممث ل‬
‫الدب معه‪ .‬وال الموفقا"‪.‬‬
‫ولكن الزمخشرى ولع بهذه الطريقة‪ ً،‬فمشى عليها من أول تفسيريه إلى آخره‪ ً،‬ولم يقبل المعانى الظاهرة‬
‫التى ييجيوزها أهل السسرنة‪ ً،‬بل ويرونها أقرب إلى الصواب من غيرها‪ ً،‬وهو فى كل ما يذكر من المعانى‬
‫ل عربيا سائرا‪ ً،‬أو بيتا من الشعر القديم يشهد لما يقوله‪ ً،‬كما أنه ل ينفك عن التنديد بأهل‬ ‫ل يعدم مث ل‬
‫السسرنة الذين يقبلون هذه المعانى الظاهرة ويقولون بها‪ ً،‬وكثيرا ما ينسبهم من أجل ذلك إلى أنهم من أهل‬
‫الوهام والخرافات‪ .‬وإليك بعضِ المثلة لتقف على مقدار تمسكه بهذه الطريقة‪ :‬ففى سورة البقرة عند‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ضِ{ُ‪ ..‬يذكر الزمخشرى أربع أوجه فى‬ ‫لهر م‬ ‫قوله تعالى فى الية ]‪} :[255‬مورسمع يكهررسسييه ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫معنى الكرسى‪ ً،‬يقول فى الوجه الول منها‪ :‬إن كرسسيه لم يضقا عن الرسمموات والرضِ لبسطته ورسمعته‪ً،‬‬
‫وما هو إل تصوير لعظمته وتخييل فقط‪ ً،‬ول كرسى ثمة‪ ً،‬ول قعود‪ ً،‬ول قاعد‪ ً،‬كقوله‪} :‬مومما مقمديروها ٱلرلمه‬
‫ضـيتيه ميهوم ٱهلرقمياممرة موٱلرسمماموايت ممهطروريافت ربميرميرنره{ُ‪ .‬من غير تصور قبضة‬ ‫ضِ مجرميعـا مقهب م‬ ‫لهر ي‬‫محرقا مقهدررره موٱ م‬
‫وطى ويمين‪ ً،‬وإنما هو تخييل لعظمة شأنه‪ ً،‬وتمثيل حسن‪ ً،‬أل ترى إلى قوله‪} :‬مومما مقمديروها ٱلرلمه محرقا‬
‫مقهدررره{ُ‪..‬‬
‫وبطبيعة الحال لم يرتضِ ابن المنير هذا الكلم فتعقبه بقوله‪" :‬قوله فى الوجه الول‪ :‬إن ذلك تخييل‬
‫للعظمة‪ ً،‬سوء أدب فى الطلقا‪ ً،‬ويبهعفد فى الصرار‪ .‬فإن التخييل إنما ييستعمل فى الباطيل وما ليست له‬
‫حقيقة صدقا‪ ً،‬فإن يكن معنى ما قاله صحيحا‪ ً،‬فقد أخطأ فى التعبير عنه بعبارة موهمة‪ ً،‬ل مدخل لها فى‬
‫الدب الشرعى‪ .‬وسيأتى له أمثالها مما يوجب الدب أن ييجتنب"‪.‬‬
‫وفى سورة العراف عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[173 ً،172‬موإرهذ أممخمذ مرسبمك رمن مبرنيي مءامدم رمن‬
‫يظيهورررههم يذيرريمتيههم موأمهشمهمديههم معلمـى مأنيفرسرههم أملمهسيت ربمريبيكهم مقايلوها مبلمـى مشرههدمنآ مأن متيقويلوها ميهوم ٱهلرقميامرة إررنا يكرنا معهن‬
‫مهــمذا مغارفرليمن * أمهو متيقولييوها إررنممآ أمهشمرمك آمبايؤمنا رمن مقهبيل مويكرنا يذيرريلة يمن مبهعردرههم أممفيتههرليكمنا ربمما مفمعمل ٱهليمهبرطيلومن{ُ‬
‫يقول ما نصه‪ :‬وقوله‪} :‬أمملهسيت ربمريبيكهم مقايلوها مبملـى مشرههدمنآ{ُ من باب التمثيل ومعنى ذلك‪ :‬أنه نصب لهم الدلة‬
‫على ربوبيته ووحدانيته‪ ً،‬وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التى رركبها فيهم‪ ً،‬وجعلها مميزة بين الضللة‬
‫والهدى‪ ً،‬فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم‪ .‬وقال لهم‪} :‬أملمهسيت ربمريبيكهم{ُ وكأنهم قالوا‪ :‬مبملى أنت ربنا‪ً،‬‬
‫شهدنا على أنفسنا‪ ً،‬وأقررنا بوحدانيتك‪ .‬وباب التمثيل واسع فى كلم ال تعالى ورسوله عليه السلم وفى‬
‫كلم العرب‪ ً،‬ونظيره قوله تعالى }إررنمما مقهوليمنا رلمشهيهَء إرمذآ أممرهدمنايه مأن رنيقومل لميه يكهن مفمييكوين{ُ‪} ً،‬مفمقامل لممها‬
‫ضِ ٱهئرتميا مطهوعا أمهو مكهرها مقالممتآ أممتهيمنا مطآرئرعيمن{ُ‪ ..‬وقوله‪:‬‬ ‫لهر ر‬ ‫مورل م‬
‫*إذا قالت النساع للبطن الحقا * قالت له ريح الصبا قرقار*‬
‫ومعلوم أنه ل قول‪ ً،‬وإنما هو تميل وتصوير للمعنى"‪.‬‬
‫ولكن ابن المنير السسيى لم يرضِ هذا من الزمخشرى بطبيعة الحال‪ ً،‬ولذا تعقبه بقوله‪" :‬إطلقا التمثيل‬
‫أحسن‪ ً،‬وقد ورد الشرع به‪ ً،‬وأما إطلقه التخييل على كلم ال تعالى فمردوده ولم يرد به سمع‪ .‬وقد‬
‫كثر إنكارا عليه لهذه اللفظة‪ ً،‬ثم إن القاعدة مستقرة على أن الظاهر ما لم يخالف المعقول يجب إقراره‬
‫على ما هو عليه‪ ً،‬فكذلك أقره الكثرون على ظاهره وحقيقته ولم يجعلوه مثالل‪ .‬وأما كيفية الخراج‬
‫والمخاطبة فال أعلم بذلك"‪.‬‬
‫ل يتهؤرمينومن ربٱِللرره موٱلرريسويل‬ ‫ويتصل بهذه الية السابقة قوله تعالى فى الية ]‪ [8‬من سورة الحديد‪} :‬مومما مليكهم م‬
‫ميهديعويكهم رليتهؤرمينوها ربمريبيكهم مومقهد أممخمذ رميمثامقيكهم رإن يكنيتهم سمهؤرمرنيمن{ُ‪ ..‬فالزمخشرى يميل فى تفسير الميثاقا هنا إلى‬
‫المعنى الذى حمل عليه أخذ العهد فى آية العراف‪ ً،‬فيقول‪" :‬والمعنى‪ :‬وأى عذر لكم فى ترك اليمان‬
‫والرسول يدعوكم إليه‪ ً،‬وينبهكم عليه‪ ً،‬ويتلو عليكم الكتاب الناطقا بالبراهين والحجج‪ ً،‬وقبل ذلك قد أخذ‬
‫ال ميثاقكم باليمان‪ ً،‬حيث رركمب فيكم العقول‪ ً،‬ونصب لكم الدلة‪ ً،‬ومركنكم من النظر وأزاح عللكم‪ ً،‬فإذا‬
‫لم تبقا لكم رعرلة بعد أدلة العقول وتنبيه الرسول‪ ً،‬فمالكم ل تؤمنون"‪.‬‬
‫ولكن ابن المنير السسينى‪ ً،‬يريد أن يحمل أخذ الميثاقا الذى فى سورة الحديد‪ ً،‬على المعنى الذى ارتضاه‬
‫للفظ "العهد" فى سورة العراف‪ ً،‬ولهذا نراه يرد على الزمخشرى ويشيدد عليه النكير فيقول‪" :‬ومما عليه‬
‫أن يحمل أخذ الميثاقا على ما بيرنه ال فى آية غير هذه‪ ً،‬إذ يقول تعالى‪} :‬موإرهذ أممخمذ مرسبمك رمن مبرنيي مءامدم رمن‬
‫يظيهورررههم يذيرريمتيههم موأمهشمهمديههم معلمـى مأنيفرسرههم أملمهسيت ربمريبيكهم مقايلوها مبلمـى{ُ ولقد يريبنى منه إنكاره لكثير من مثل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل‪ ً،‬ووقوعها بالسمع قطعا‪ ً،‬إلى ما يتوهمه من‬ ‫هذه الظواهر‪ ً،‬والعدول بها عن حقائقها مع إمكانها عق ل‬
‫ل‪ .‬فالقاعدة التى تعتمد عليها كى ل يضرك ما يومئ إليه‪ :‬أن كل ما جروزه العقل‬ ‫تمثيل يسميه تخيي ل‬
‫وورد بوقوعه السمع‪ ً،‬وجب حمله على ظاهره‪ .‬وال الموفقا"‪.‬‬
‫ومسألة التمثيل والتخيل يستعملها الزمخشرى بحرية أوسع فيما ورد من الحاديث التى يبدو ظاهرها‬
‫مستغربا‪ ً،‬وأسوقا إليك مثالل أتى به الزمخشرى عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [36‬من سورة آل‬
‫عمران‪} :‬روإريني أيرعييذمها ربمك مويذيرريمتمها رممن ٱلرشهيمطارن ٱلرررجيرم{ُ‪ ..‬قال رحمه ال‪" :‬وما يروون من الحديث‪" :‬ما‬
‫من مولود إل والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إل مريم وابنها" فال أعلم‬
‫بصحته‪ ً،‬فإن صح فمعناه أن كل مولود يطمع الشيطان فى إغوائه إل مريم وابنها‪ ً،‬فإنهما كانا‬
‫معصوممهين‪ ً،‬وكذلك كل ممن كان فى صتفهما‪ ً،‬كقوله تعالى‪ ...} :‬ي‬
‫لهغروميرنيههم أمهجمرعيمن * إر ر‬
‫ل رعمبامدمك رمهنيهيم‬
‫صيمن{ُ‪ ..‬واستهلله صارخا من مسه‪ ً،‬تخييل وتصوير لطعمه فيه‪ ً،‬كأنه يمسه ويضرب بيده عليه‪ً،‬‬ ‫ٱهليمهخمل ر‬
‫ويقول‪ :‬هذا ممن أغويه‪ .‬ونحوه من التخييل قول ابن الرومى‪:‬‬
‫* لما تؤذن الدنيا به من صروفها * يكون بكاء الطفل ساعة يولد*‬
‫وأما حقيقة المس والنخس كما يتوهم أهل الحشو فكل‪ ً،‬ولو يسليمط إبليس على الناس بنخسهم لمتلت‬
‫الدنيا صراخا وعياطا مما يبلونا به من نخسه"‪.‬‬
‫وبالضرورة لم يرتضِ ابن المنير هذا الصنيع من خصمه المعتزلى‪ ً،‬فنراه يتوررك عليه بقوله‪" :‬أما‬
‫الحديث فمذكور فى الصحاح متمفقا على صحته‪ ً،‬فل محيص له إذن عن تعطيل كلمه عليه السلم‬
‫بتعميله ما ل يحتمله‪ ً،‬جنوحا إلى اعتزال منتزع‪ ً،‬فى فلسفة منتزعة‪ ً،‬فى إلحاد‪ .‬ظلمات بعضها فوقا‬
‫ل مكمما مييقويم ٱرلرذيِ ميمتمخربيطيه ٱلرشهيمطاين رممن ٱهلمميس{ُ ما فيه‬ ‫ل مييقويمومن إر ر‬‫بعضِ‪ ً،‬وقد قدمت عند قوله تعالى‪ } :‬م‬
‫الكفاية‪ .‬وما أرى الشيطان إل طعن فى خواصر القدرية حتى بقرها‪ ً،‬وذكر فى قلوبهم حتى حمل‬
‫الزمخشرى وأمثاله أن يقول فى كتاب ال تعالى وكلم رسوله عليه السلم بما يتخيل‪ ً،‬كما قال فى هذا‬
‫الحديث‪ .‬ثم تنظيره بتخييل ابن الرومى فى شعره جرأة وسوء أدب‪ .‬ولو كان معنى ما قاله صحيحا‬
‫لكانت هذه العبارة واجبا أن يتجتنب‪ .‬ولو كان الصراخ غير واقع من المولود لمكن على يبهعهَد أن يكون‬
‫ل‪ ً،‬أما وهو واقع يمشاهمد فل وجه لحمله على التخييل إل العتقاد الضئيل‪ ً،‬وارتكاب الهوى الوبيل"‪.‬‬ ‫تمثي ل‬
‫**‬
‫* مبدأ الزمخشرى فى التفسير عندما يصادم النص القرآنى مذهبه‪:‬‬
‫والمبدأ الذى يسير عليه الزمخشرى فى تفسيره ويعتمد عليه عندما تصادمه آية تخالف مذهبه وعقيدته‪ً،‬‬
‫هو حمل اليات المتشابهة على اليات المحكمة‪ ً،‬وهذا المبدأ قد وجده المزمخشرى فى قوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [7‬من سورة آل عمران‪} :‬يهمو ٱرلرذييِ مأنمزمل معلمهيمك ٱهلركمتامب رمهنيه آميافت سمهحمكممافت يهرن أيسم ٱهلركمتارب موأيمخير‬
‫يممتمشاربمهافت{ُ‪ ..‬فـ "المحكمات" هى التى أحكمت عباراتها‪ ً،‬بأن يحفظت من الحتمال والشتباه‪ .‬و‬
‫"المتشابهات" هى المتشبهات المحتملت‪ .‬و "أم الكتاب" هى أصله الذى ييحمل عليه المتشابه‪ ً،‬ويمرد إليه‪ً،‬‬
‫وييفرسر به‪.‬‬
‫علمى هذا التفسير جرى الزمخشرى فى كرشافه عندما متعررضِ لهذه الية‪ ً،‬وهو تفسير ل غبار عليه‪ ً،‬كما‬
‫أن هذا المبدأ ‪ -‬أعنى مبدأ حمل اليات المتشابهات على اليات المحكمات ‪ -‬مبدأ سليم يقول به غير‬
‫الزمخشرى أيضا من علماء أهل السسرنة‪ ً،‬ولكن الذى ل ينمسيلمه للزمخشرى هو تطبيقه لهذا المبدأ على‬
‫اليات التى تصادمه‪ ً،‬فإذا ممرر بآية يتعاررضِ مذهبه‪ ً،‬وآية أخرى فى موضوعها تشهد له بظاهرها‪ ً،‬نراه‬
‫ميردعى الشتباه فى الولى والحكام فى الثانية‪ ً،‬ثم يحمل الولى على الثانية وبهذا ييرضى هواه المذهبى‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وعقيدته العتزالية‪.‬‬
‫وقد ممرثل الزمخشرى لحمرل المتشابه على المحكم ورده إليه بقوله تعالى فى الية ]‪ [103‬من سورة‬
‫صامر{ُ وقوله فى اليتين ]‪ [23 ً،22‬من سورة القيامة‪} :‬يويجوفه‬ ‫صاير مويهمو ييهدرريك ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫النعام‪ } :‬ر‬
‫ضمرفة * إرملـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ ..‬فهو يرى أن الية الولى محكمة‪ ً،‬والية الثانية متشابهة‪ ً،‬وعليه‬ ‫ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫فتجب أن تكون الية الثانية متفقة مع الية الولى‪ ً،‬ول سبيل إلى ذلك إل بحملها عليها‪ ً،‬وردها إليها‪.‬‬
‫وممرثل أيضا بقوله تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة العراف‪} :‬موإرمذا مفمعيلوها مفارحمشلة مقايلوها مومجهدمنا معلمهيمهآ آمبامءمنا‬
‫ل متهعمليمومن{ُ‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [16‬من‬ ‫ل ميهأيمير ربٱِهلمفهحمشآرء أممتيقويلومن معملى ٱللرره مما م‬ ‫موٱللريه أممممرمنا ربمها يقهل إررن ٱلرلمه م‬
‫سورة السراء‪} :‬موإرمذآ أممرهدمنآ مأن سنههرلمك مقهرميلة أمممهرمنا يمهتمررفيمها مفمفمسيقوها رفيمها مفمحرقا معلمهيمها ٱهلمقهويل مفمدرمهرمنامها‬
‫متهدرميرا{ُ‪ ..‬فهو يرى أن الية الولى محكمة‪ ً،‬والية الثانية متشابهة‪ ً،‬فل بد من حمل الثانية على الولى‬
‫ليتفقا المعنى ويتحدد المراد‪.‬‬
‫ثم ل ينتهى الزمخشرى من تطبيقه لهذا المبدأ حتى يتساءل عن السبب الذى من أجله لم يكن القرآن كله‬
‫محكما‪ ً،‬وعن السر الذى من أجله جعل ال فى القرآن آيات محتملت متشابهات؟‪ .‬ولكن الزمخشرى‬
‫يجيب بنفسه على ما تساءل عنه فيقول‪" :‬لو كان كله محكما لتعرلقا الناس به لسهولة مأخذه‪ ً،‬ولعرضوا‬
‫عما يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمل من النظر والستدلل‪ ً،‬ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريقا الذى ل‬
‫ييتوصل إلى معرفة ال وتوحيده إل به‪ ً،‬ولما فيه المتشابه من البتلء والتمييز بين الثابت على الحقا‬
‫والمتزلزل فيه‪ ً،‬ولما فى تقادح العلماء وإتعابهم القرائح فى استخراج معانيه ورده إلى المحكم من الفوائد‬
‫الجليلة‪ ً،‬والعلوم الجرمة‪ ً،‬ونيل الدرجات عند ال‪ ً،‬ولن المؤمن المعتقد أن ل مناقضة فى كلم ال ول‬
‫اختلف‪ ً،‬وإذا رأى فيه ما يتناقضِ فى ظاهره‪ ً،‬وأهمه طلب ما ييوفقا بينه ويجريه على سنن واحد‪ ً،‬ففركر‬
‫وراجع نفسه وغيره‪ ً،‬ففتح ال عليه‪ ً،‬وتبين مطابقة المتشابه المحكم‪ ً،‬ازداد طمأنينة إلى معتقدة وقوة فى‬
‫إيقانه"‪.‬‬
‫وهذا الجواب فى منتهى القوة والسداد‪ ً،‬وابن المنير السسرنى يمر على كل هذا الكلم فل يرى فيه أدنى‬
‫ناحية من نواحى العتزال‪ ً،‬لكنه يغضب على الزمخشرى فقط من أجل أنه عرد قوله تعالى‪} :‬يويجوفه‬
‫ل يتهدرريكيه‬‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ من قبيل المتشابه الذى يجب حمله على آية النعام‪ } :‬ر‬ ‫ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫صامر{ُ‪ ً،‬فيقول معقبا عليه‪ :‬قال محمود‪" :‬المحكمات التى يأحكمت عباراتها‪ ..‬إلخْ"‬ ‫صاير مويهمو ييهدرريك ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫لهب م‬‫ٱم‬
‫قال أحمد‪ :‬هذا كما قدمته عنه من تكلفه لتنزيل الى على وفقا ما يتعقده‪ ً،‬وأعوذ بال من جعل القرآن‬
‫تبعا للرأى‪ ً،‬وذلك أن معتقده إحالة رؤية ال تعالى‪ ً،‬بناء على زعم القدرية من أن الرؤية تستلزم‬
‫الجسمية والجهة‪ ً،‬فإذا ورد عليهم النص القاطع الدال على وقوع الرؤية كقوله‪} :‬إرملـى مريبمها منارظمرفة{ُ مالوا‬
‫إلى جعله من المتشابه حتى يردوه بزعمهم إلى الية التى ميردعون أن ظاهرها سيوافقا رأيهم‪ ً،‬ولية قوله‬
‫صاير{ُ ثم جمع ابن المنير بين اليتين بما يتفقا مع مذهبه السسينى‪ ..‬ثم قال‪ :‬وأما‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫تعالى‪ } :‬ر‬
‫ل ميهأيمير ربٱِهلمفهحمشآرء{ُ‪ ً،‬والخرى‬ ‫اليتان الخريان اللتان إحداهما قوله تعالى‪} :‬موٱللريه أممممرمنا ربمها يقهل إررن ٱلرلمه م‬
‫التى هى قوله تعالى‪} :‬أمممهرمنا يمهتمررفيمها مفمفمسيقوها رفيمها{ُ‪ ً،‬فل ينازع الزمخشرى فى تمثيل المحكم والمتشابه‬
‫بهما"‪.‬‬
‫**‬
‫* انتصار الزمخشرى لعقائد المعتزلة‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الزمخشرى لينتصر لمذهبه العتزالى‪ ً،‬ويؤيده بكل ما يملك من قوة اليحرجة وسلطان الدليل‪ً،‬‬
‫وإرنا لنلمس هذا التعصب الظاهر فى كثير مما أسلفنا من النصوص‪ ً،‬وفى غيرها مما نسوقه لك من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المثلة‪ .‬وهو يحرص كل الحرص على أن يأخذ من اليات القرآنية ما يشهد لمذهبه‪ ً،‬وعلى أن يتأرول ما‬
‫كان منها معارضا له‪ * .‬انتصاره لرأى المعتزلة فى أصحاب الكبائر‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [93‬من سورة النساء‪} :‬موممن ميهقيتهل يمهؤرمنا سممتمعيمدا مفمجمزآيؤيه مجمهرنيم‬ ‫فمث ل‬
‫ضمب ٱللريه معملهيره موملمعمنيه موأممعرد مليه معمذابا معرظيما{ُ‪ ..‬نجده يجعل هذه الية أهمية كبيرة فى‬ ‫مخارلدا رفيمها مومغ ر‬
‫ينهصرة مذهبه‪ ً،‬ويتيه بها على خصومه من أهل السسرنة‪ ً،‬ويمنيدد بهم حيث يقولون بجواز مغفرة الذنب وإن‬
‫ل لهذه الفرصة المواتية‬ ‫لم يتب منه صاحبه‪ ً،‬وبأن صاحب الكبيرة ل يخلد فى النار‪ ً،‬فيقول مستغ ل‬
‫للستهزاء من خصومه السسينين‪" :‬هذه الية فيها من التهديد واليعاد‪ ً،‬والبراقا والرعاد‪ ً،‬أمر عظيم‬
‫ومخهطفب غليظ‪ ً،‬ومن ثرم يرروى عن ابن عباس ما يرروى من أن توبة قاتل المؤمن عمدا غير مقبولة‪ ً،‬وعن‬
‫سفيان‪ :‬كان أهل العلم إذا يسرئلوا‪ ً،‬قالوا‪ :‬ل توبة له‪ ً،‬وذلك محمول منهم على القتداء بيسرنة ال فى التغليظ‬
‫ل‪ ً،‬وفى الحديث‪" :‬لزوال الدنيا أهون‬ ‫والتشديد‪ ً،‬وإل فكل ذنب ممحو بالتوبة‪ ً،‬وناهيك بمحو الشرك دلي ل‬
‫ضى بالمغرب ي‬
‫لرشمرك فى دمه"‬ ‫على ال من قتل امرئ مسلم"‪ .‬وفيه‪" :‬لو أن رجل يقرتمل بالمشرقا وآخر مر ر م‬
‫وفيه‪" :‬إن هذا النسان بنيان ال‪ ً،‬ملعون ممن هدم بنيانه"‪ .‬وفيه‪" :‬ممن أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة‬
‫جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه‪ :‬آيس من رحمة ال"‪ .‬والعجب من قوم يقرأون هذه الية ويرون ما‬
‫فيها ويسمعون هذه الحاديث العظيمة وقول ابن عباس بمنع التوبة‪ ً،‬ثم ل تدعم أشعيبتهم وطماعيتهم‬
‫الفارغة‪ ً،‬واتباعهم هواهم‪ ً،‬وما يمخييل إليهم يمنارهم‪ ً،‬أن يطمعوا فى العفو عن قاتل المؤمن بغير توبة‪} :‬أممف م‬
‫ل‬
‫ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن أمهم معلمـى يقيلوهَب أمهقمفاليمهآ{ُ‪ ..‬ثم ذكر ال سبحانه وتعالى التوبة فى قتل الخطأ ‪ -‬لما علسى يقع‬
‫من نوع تفريط فيما يجب من الحتياط والتحفظ ‪ -‬فيه حسم للطماع وأى حسم‪ ً،‬ولكن ل حياة لمن‬
‫تنادى‪ ً،‬فإن قلت‪ :‬هل فيها دليل على خلود ممن لم يتب من أهل الكبائر؟ قلت‪ :‬ما أبين الدليل‪ ً،‬وهو تناوله‬
‫قوله‪} :‬موممن ميهقيتهل{ُ أ سى قاتل كان‪ ً،‬من مسلم أو كافر‪ ً،‬تائب أو غير تائب‪ ً،‬إل أن التائب أخرجه الدليل‪ً،‬‬
‫فممن اردعى إخراج المسلم غير التائب فليأت بدليل مثله"‪.‬‬
‫ل مينمفيع منهفسا‬‫ضِ آميارت مريبمك م‬ ‫وفى سورة النعام عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪} :[158‬ميهوم ميهأرتي مبهع ي‬
‫رإيمماينمها لمهم متيكهن آمممنهت رمن مقهبيل أمهو مكمسمبهت رفيي رإيممارنمها مخهيرا{ُ‪ ..‬نجد الزمخشرى يمسك بهذه الية‪ ً،‬ويستدل‬
‫بها على صحة عقيدته فى أن الكافر والعاصى سواء فى الخلود فى النار فيقول‪" :‬والمعنى أن أشراط‬
‫الساعة إذا جاءت ‪ -‬وهى آيات ملجئة مضطرة ‪ -‬ذهب أوان التكليف عندها‪ ً،‬فلم ينفع اليمان حينئذ‬
‫نفسا غير مقردمة إيمانها من قبل ظهور اليات‪ ً،‬أو مقيدمة اليمان غير كاسبة فى إيمانها خيرا‪ ً،‬فلم يمفيرقا‬
‫‪ -‬كما ترى ‪ -‬بين النفس الكافرة إذا آمنت فى غير وقت اليمان‪ ً،‬وبين النفس التى آمنت فى وقته ولم‬
‫صارلمحارت{ُ جمع بين قرينتين ل ينبغى أن تنفك‬ ‫تكسب خيرا‪ ً،‬ليعلم أن قوله‪} :‬ٱرلرذين آممينوها مومعرميلوها ٱل ر‬
‫إحداهما عن الخرى‪ ً،‬حتى يفوز صاحبهما ويسعد‪ ً،‬وإل فالشقوة والهلك"‪.‬‬
‫**‬
‫* انتصاره لمذهب المعتزلة فى اليحهسن واليقهبح العقليين‪:‬‬
‫ولما كان الزمخشرى يقول بمبدأ المعتزلة فى التحسين والتقبيح العقليين‪ ً،‬كان لبد له أن يتخلص من‬
‫ل‬‫ظاهر هذين النصين المنافيين لمذهبه‪ ً،‬وهما‪ :‬قوله تعالى فى الية ]‪ [165‬من سورة النساء‪} :‬سريس ل‬
‫ل مييكومن رللرنارس معملى ٱلرلره يحرجفة مبهعمد ٱلسريسرل{ُ‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [15‬من سورة‬ ‫سممبيشرريمن مويمنرذرريمن رلمئ ر‬
‫السراء‪} :‬مومما يكرنا يممعيذربيمن محرتـى منهبمعمث مريسولل{ُ‪ ..‬فنراه فى الية الولى يستشعر معارضة ظاهر الية‬
‫لهذا المبدأ فيسأل هذا السؤال‪" :‬كيف يكون للناس على ال يحرجة رقبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه‬
‫ال من الدلة التى النظر فيها موصل إلى المعرفة‪ ً،‬والرسل فى أنفسهم لم يتوصلوا إلى المعرفة إل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بالنظر فى تلك الدلة‪ ً،‬ول يعررمف أنهم رسل ال إل بالنظر فيها"؟‬
‫ثم يجيب هو عن هذا السؤال فيقول‪" :‬قلت‪ :‬الرسل مينيبهون عن الغفلة‪ ً،‬وباعثون على النظر‪ ً،‬كما ترى‬
‫علماء أهل العدل والتوحيد‪ ً،‬مع تبليغ ما حملوه من تفصيل يأمور الدين‪ ً،‬وبيان أحوال التكليف‪ .‬وتعليم‬
‫ل فيوقظنا‬ ‫الشرائع‪ ً،‬فكان إرسالهم إزاحة للرعرلة‪ ً،‬وتتميما للزام اليحرجة لئل يقولوا‪ :‬لول أرسلمت إلينا رسو ل‬
‫من رسمنة الغفلة‪ ً،‬وينبهنا لما وجب النتباه له"‪.‬‬
‫وعندما تكلم عن الية الثانية نراه يستشعر مثل ما استشعر فى الية الولى‪ ً،‬ويسأل ويجب بمثل ما سأل‬
‫عنه وأجاب به فى الية الولى فيقول‪" :‬فإن قلت‪ :‬اليحرجة لزمة لهم قبل بعثة الرسل‪ ً،‬لن معهم أدلة‬
‫العقل التى بها ييعرف ال‪ ً،‬وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه‪ ً،‬واستيجابهم العذاب لغفالهم النظر فيما‬
‫معهم‪ ً،‬وكفرهم لذلك‪ ً،‬ل لغفال الشرائع التى ل سبيل إليها إل بالتوقيف والعمل بها ل يصح إل بعد‬
‫اليمان‪ .‬قلت‪ :‬بعثة الرسل من جملة التنبيه على النظر واليقاظ من رقدة الغفلة‪ ً،‬لئل يقولوا‪ :‬كنا غافلين‬
‫فلول بعثمت إلينا رسولل ينبهنا على النظر فى أدلة العقل"‪.‬‬
‫**‬
‫* انتصار لمعتقد المعتزلة فى السحر‪:‬‬
‫ثم إن الزمخشرى ‪ -‬كغيره من المعتزلة ‪ -‬ل يقول بالسحر ول يعتقد فى المسمحرة‪ ً،‬ولهذا نجده عندما‬
‫يفيسر سورة الفلقا التى تشهد لهل السسرنة ول تشهد له‪ ً،‬ل تخونه مهارته‪ ً،‬ول تعوزه الحيلة التى يخرج‬
‫بها فى تفسيره من هذه الورطة الصريحة‪ ً،‬كما نجده يشيدد النكير ويغرقا فى الستهزاء والسخرية بأهل‬
‫السسرنة القائلين بحقيقة السحر‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪" :‬النرفاثات‪ :‬النساء أو النفوس‪ ً،‬أو الجماعات السواحر‪ً،‬‬
‫اللتى يعقدن يعمقدا فى الخيوط‪ ً،‬وينفثن عليها ويرقين‪ .‬والنفث‪ :‬النفخْ من ريقا‪ .‬ول تأثير لذلك‪ ً،‬الرلهم إل‬
‫إذا كان مث رم إطعام شئ ضار‪ ً،‬أو سقيه‪ ً،‬أو إشمامه‪ ً،‬أو مباشرة المسحور به على بعضِ الوجوه‪ ً،‬ولكن ال‬
‫ل على سبيل المتحان الذى يتميز به الثبت على الحقا‪ ً،‬من الحشوية‬ ‫معرز ومجرل‪ ً،‬قد يفعل عند ذلك فع ل‬
‫والجهلة من العوام‪ ً،‬فينسبه الحشو والرعاع إليهن وإلى نفثهن‪ ً،‬والثابتون بالقول الثابت ل يلتفتون إلى‬
‫ذلك ول يعبأون به‪ .‬فإن قلت‪ :‬فما معنى الستعاذة من شيرهن؟ قلت‪ :‬فيها ثلثة أوجه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن ييستعاذ من عملهن الذى هو صنعه السحر ومن إثمهن فى ذلك‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬أن ييستعاذ من فتنتهن الناس بسحرهن وما يخدعنهم به من باطلهن‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن ييستعاذ مما يصيب ال به من الشر عند نفثهن‪.‬‬
‫ويجوز أن ييراد بهن النساء الكريادات من قوله‪} :‬إررن مكهيمديكرن معرظيفم{ُ تشبيها لكيدهن بالسحر والنفث فى‬
‫اليعمقد‪ ً،‬أو اللتى يفترن الرجال بتعرضهن لهم وعرضهن محاسنهن‪ ً،‬كأنهن يسحرنهم بذلك"‪.‬‬
‫وفى الحقا أن هذه محاولة عقلية عنيفة من الزمخشرى يريد من ورائها أن يحيول الحقائقا التى ورد‬
‫بوقوعها الكتاب والسسرنة‪ .‬إلى ما يتناسب مع هواه وعقيدته‪ .‬ولقد دهش ابن المنير من هذه المحالوة وحكم‬
‫على الزمخشرى بأنه‪" :‬استفرزه الهوى حتى أنكر ما يعررف‪ ً،‬وما به إل أن يتبع اعتزاله‪ ً،‬ويغطى بكفه‬
‫وجه الغزالة"‪.‬‬
‫**‬
‫* انتصاره لمذهب المعتزلة فى حرية الرادة وخلقا الفعال‪:‬‬
‫ولقد تأثر الزمخشرى برأيه العتزالى فى حرية الرادة وخلقا الفعال‪ ً،‬ولكنه وجد ما يصادمه من‬
‫اليات الصريحة فى أن أفعال العباد كلها مخلوقة ل تعالى‪ ً،‬فأراد أن يتفادى هذا التصادم ويعمل على‬
‫الخروج من هذه الورطة الكبرى‪ ً،‬فساعده على ما أراد هذا المعنى الذى تمسك به المعتزلة ونفعهم فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كثير من المواضع‪ .‬وهو "السلطف" من ال‪ ً،‬فبالسلطف منه تعالى يسهل عمل الخير على النسان‪ ً،‬وبسلبه‬
‫يصعب عليه عمل الخير‪.‬‬
‫هذا "السلطف" وما يتصل به من "التوفيقا" ساعد الزمخشرى على الخروج من الضائقة التى صادفته‬
‫عندما تناول بالتفسير تلك اليات القرآنية الصريحة فى أن ال يخلقا أفعال العباد خيرها وشرها‪ ً،‬والتى‬
‫يعتبرها أهل السسرنة سلحا قويا لهم ضد هذه النظرية العتزالية‪.‬‬
‫ل يترزهغا يقيلومبمنا مبهعمد إرهذ مهمدهيمتمنا{ُ‪ ..‬نجد‬‫ففى سورة آل عمران عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[8‬مرربمنا م‬
‫الزمخشرى يستشعر من هذه الية أن قلوب العباد بيد ال يقلبها كيف يشاء‪ ً،‬فمن أراد ال هدايته هداه‪ً،‬‬
‫ل يترزهغا يقيلومبمنا{ُ ل تبلنا ببليا تزيغ فيها‬ ‫وممن أراد ضلله أضله‪ ً،‬ولكنه يفر من هذا الظاهر فيقول‪} :‬مرربمنا م‬
‫قلوبنا }مبهعمد إرهذ مهمدهيمتمنا{ُ وأرشدتنا لدينك‪ .‬أو ل تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا"‪.‬‬
‫وفى سورة المائدة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[41‬موممن يرررد ٱللريه رفهتمنمتيه مفملن متهمرلمك لميه رممن ٱلرلره مشهيئا‬
‫أيهوملــرئمك ٱرلرذيمن ملهم يرررد ٱللريه مأن يمطيهمر يقيلومبيههم مليههم رفي ٱلسدهنميا رخهزفيِ مومليههم رفي ٱلرخمررة معمذافب معرظيفم{ُ‪ ..‬نجد‬
‫الزمخشرى ل يجزع من هذا الظاهر الذى يتشبث به أهل السسرنة ويتيهون به على خصومهم‪ ً،‬بل نراه‬
‫ل‬‫يفيسرها حسب هواه ووفقا مبدئه فيقول‪} :‬موممن يرررد ٱللريه رفهتمنمتيه{ُ تركه مفتونا وخذلنا‪} ..‬إررن ٱرلرذيمن م‬
‫ل ميههرديرهيم ٱللريه{ُ فلن نستطيع له من لطف ال وتوفيقه شيئا‪ ً،‬أولئك الذين لم ييرد ال أن‬ ‫يهؤرمينومن ربآميارت ٱلرلره م‬
‫يمنحهم من ألطافه ما ييطيهر به قلوبهم‪ ً،‬لنهم ليسوا من أهلها‪ ً،‬لعلمه أنهم ل تنفع فيهم ول تنجع‪} :‬مكهيمف‬
‫ميههرديِ ٱللريه مقهوما مكمفيروها مبهعمد رإيممارنرههم{ُ‪.‬‬
‫وهكذا نجد الزمخشرى بواسطة هذه التأويلت يهخضع لمبدئه العتزالى فى الجبر والختيار مثل هذه‬
‫المواضع القرآنية التى لم تكن طريعة له‪ .‬ولكن ابن المنير السكندرى لم ترقه هذه التأويلت‪ ً،‬ولم يمسيلم بها‬
‫الخصمة‪ ً،‬فأخذ يناقشه فى معنى السلطف مناقشة حادة ساخرة‪ ً،‬فعندما تكلم الزمخشرى عن قوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [272‬من سورة البقرة‪} :‬لرهيمس معلمهيمك يهمدايههم مولمــركرن ٱلرلمه ميههرديِ ممن ميمشآيء{ُ وتذرع بلفظ "السلطف"‬
‫تعقبه ابن المنير فقالك "المعتمقد الصحيح‪ ً،‬أن ال هو الذى يخلقا الهدى لمن يشاء هداه‪ ً،‬وذلك هو السلطف‪ً،‬‬
‫ل كما يزعم الزمخشرى أن الهدى ليس خلقا ل إنما العبد يخلقه لنفسه‪ ً،‬وإن أطلقا ال تعالى إضافة‬
‫الهدى إليه كما فى الية فهو مؤرول ‪ -‬على زعم الزمخشرى ‪ -‬بطلف ال الحامل للعبد على أن يخلقا‬
‫هداه‪ .‬إن هذا إل اختلقا‪ .‬وهذه النزعة من توابع معتقدهم السئ فى خلقا الفعال‪ ً،‬وليس علينا هداهم‪ً،‬‬
‫ولكن ال يهدى من يشاء‪ ً،‬وهو المسئول أل يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا"‪.‬‬
‫ضرلهليه موممن ميمشهأ‬ ‫وعندما تكرلم الزمخشرى عن قوله تعالى فى الية ]‪ [39‬من سورة النعام‪} :‬ممن ميمشرإ ٱللريه ي ه‬
‫ضرلهليه{ُ‪ ..‬أى يخذله ويخله وضلله لم يلطف به‪ ً،‬لنه‬ ‫صمراهَط سمهسمترقيهَم{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬ممن ميمشرإ ٱللريه ي ه‬ ‫ميهجمعهليه معملـى ر‬
‫صمراهَط سمهسمترقيهَم{ُ أى يلطف به‪ ً،‬لن السلطف يجدى عليه‪.‬‬ ‫ليس من أهل السلطف‪} .‬موممن ميمشهأ ميهجمعهليه معلمـى ر‬
‫عندما قال ذلك تعقبه ابن المنير فقال‪" :‬وهذا من تحريفاته للهداية والضللة اتباعا لمعتقده الفاسد فى أن‬
‫ال تعالى ل يخلقا الهدى ول الضلل‪ ً،‬وأنهما من جملة مخلوقات العباد‪ .‬وكم تخرقا عليه هذه العقيدة‬
‫فيروم أن يرقعها‪ ً،‬وقد اتسع الخرقا على الراقع"‪.‬‬
‫وعندما تكلم الزمخشرى عن قوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة العراف‪} :‬مومقايلوها ٱهلمحهميد لرلره ٱرلرذيِ‬
‫ل أمهن مهمدامنا ٱللريه{ُ وتأورلل الهداية هنا بمعنى السلطف والتوفيقا كعادته‪ .‬تعقبه‬ ‫مهمدامنا رلمهــمذا مومما يكرنا رلمنههمتردميِ لمهو ي‬
‫ابن المنير ورسد عليه ردا فى غاية التهكم والسخرية فقالك "وهذه الية ‪ -‬يعنى قوله تعالى‪} :‬مومما يكرنا‬
‫ل أمهن مهمدامنا ٱللريه{ُ ‪ -‬تكفح وجوه القدرية بالرد‪ ً،‬فإنها شاهدة شهادة تامة مؤكدة باللم على أن‬ ‫رلمنههمتردميِ لمهو ي‬
‫المهتدى ممهن خلقا ال له الهدى‪ ً،‬وأن غير ذلك محال أن يكون‪ ً،‬فل يهتدى إل ممن هدى ال ولو لم يهده‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لم يهتد‪ ً،‬وأما القدرية فيزعمون أن كل مهتد خلقا لنفسه الهدى فهو إذن مهتد وإن لم يهده ال‪ ً،‬إذ هدى‬
‫ال للعبد خلقا الهدى له‪ ً،‬وفى زعمهم أن ال تعالى لم يخلقا لحد من المهتدين الهدى ول يتوقف ذلك‬
‫على خلقه‪ .‬تعالى ال عما يقولون‪ .‬ولما فطن الزمخشرى لذلك جرى على عادته فى تحريف الهدى من‬
‫صف من نفسك‪ ً،‬واعررضِ قول القائل‪:‬‬ ‫ال تعالى إلى السلطف الذى بسببه يخلقا العبد الهتداء لنفسه فأن ر‬
‫المهتدى ممن اهتدى بنفسه من غير أن يهديه ال ‪ -‬أى يخلقا له الهدى ‪ -‬على قوله تعالى حكاية عن‬
‫ل أمهن مهمدامنا ٱللريه{ُ‪ ..‬وانظر تباين هذين القولين ‪ -‬أعنى‬ ‫قول الممويحدين فى دار الحقا‪} :‬مومما يكرنا رلمنههمتردميِ لمهو ي‬
‫قول المعتزلى فى الدنيا وقول الممويحد فى الخرة فى مقعد صدقا ‪ -‬واختر لنفسك أى الفريقين تقتدى به‪.‬‬
‫وما أراك ‪ -‬والخطاب لكل عاقل ‪ -‬تعدل بهذا القول المحكى عن أولياء ال فى دار السلم منوها به‬
‫فى الكتاب العزيز‪ ً،‬قول قدرى ضال تذبذب مع هواه وتعصبه فى دار الغرور والزوال‪ .‬نسأل ال يحهسن‬
‫المآب والمآل"‪.‬‬
‫**‬
‫* خصومة العقيدة بين الزمخشرى وأهل السسرنة‪:‬‬
‫ومن أجل هذا الخلف العقيدى بين الزمخشرى وأهل السسرنة‪ ً،‬نجد الخصومة بينهم حادة عنيفة‪ ً،‬كل يتهم‬
‫خصمه بالزيغ والضلل‪ ً،‬ويرميه بأوصاف يسكله بها فى قرن واحد مع الكفرة الفجرة‪ ً،‬وتلك ‪ -‬على ما‬
‫أعتقد ‪ -‬مبالغة يمرسرفة فى الخصومة ‪ -‬ما كان ينبغى لحد الخصمين أن يخوضِ فيها على هذا الوجه‪.‬‬
‫وبخاصة بعد ما يعررف من أن كليهما يهدف إلى تنزيه ال عما ل يليقا بكماله‪ .‬وإليك بعضِ الحملت‬
‫التى وجهها كل من الخصمين إلى الخر‪ ً،‬لتلمس بنفسك مبلغ هذه الخصومة وتحكم عليها‪:‬‬
‫* حملة الزمخشرى على أهل السسرنة‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن المتتبع لما فى الكرشاف من الجدل المذهبى‪ ً،‬ليجد أن الزمخشرى قد مزجه فى الغالب بشئ‬
‫من المبالغة فى السخرية والستهزاء بأهل السسرنة‪ ً،‬فهو ل يكاد يدع فرصة تمر بدون أن ييحيقرهم‬
‫ويرميهم بالوصاف المقذعة‪ ً،‬فتارة يسميهم المجبرة‪ ً،‬وأخرى يسميهم الحشوية‪ ً،‬وثالثة يسميهم المشبهة‪ً،‬‬
‫وأحيانا يسميهم القدرية‪ ً،‬تلك التسمية التى أطلقها أهل السسرنة على منكرين المقمدر‪ ً،‬فرماهم بها الزمخشرى‬
‫صبا‬ ‫لمة يمن ر‬ ‫لنهم يؤمنون بالمقمدر‪ ً،‬كما جعل حديث الرسول الذى حكم فيه على القدرية أنهم مجوس هذه ا ي‬
‫عليهم‪ ً،‬وذلك حيث قال عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [17‬من سورة فصلت‪} :‬موأمرما مثيمويد مفمهمدهيمنايههم‬
‫صارعمقية ٱهلمعمذارب ٱهليهورن ربمما مكاينوها ميهكرسيبومن{ُ‪" :‬ولو لم يكن فى القرآن‬ ‫مفٱِهسمتمحسبوها ٱهلمعممـى معملى ٱهليهمدـى مفمأمخمذهتيههم م‬
‫يحرجة على القدرية الذين هم مجوس هذه المة بشهادة نبيها صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وكفى به شاهدا ‪ -‬إل‬
‫هذه الية لكفى بها يحرجة"‪.‬‬
‫كما س رماهم بهذا السخم ورماهم بأنهم يحيون لياليهم فى تحمل فاحشة ينسبونها إلى ال تعالى‪ ً،‬حيث قال‬
‫عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [10 ً،9‬من سورة الشمس‪} :‬مقهد أمهفلممح ممن مزركامها * مومقهد مخامب ممن‬
‫مدرسامها{ُ‪" :‬وأما قول ممن زعم أن الضمير فى "مز ركى" و "درسى" ل تعالى‪ ً،‬وأن تأنيث الراجع إلى "ممهن" لنه‬
‫فى معنى النفس‪ ً،‬فمن تعكس القدرية الذين يوركون على ال مقمدرا هو برئ منه ومتعال عنه‪ ً،‬ويحيون‬
‫لياليهم فى تمحل الفاحشة ينسبونها إليه"‪.‬‬
‫والظاهرة العجيبة فى خصومة الزمخشرى‪ ً،‬أنه يحرص كل الحرص على أن ييحيول اليات القرآنية التى‬
‫وردت فى حقا الكفار إلى ناحية مخالفية فى العقيدة من أهل السسرنة‪ ً،‬ففى سورة آل عمران حيث يقول ال‬
‫ل متيكوينوها مكٱِرلرذيمن متمفرريقوها موٱهخمتلميفوها رمن مبهعرد مما مجآمءيهيم ٱهلمبيمنايت{ُ‪ ..‬نجد‬
‫تعالى فى الية ]‪} :[105‬مو م‬
‫الزمخشرى بعد ما يعترف بأن الية واردة فى حقا اليهود والنصارى‪ ً،‬يمجيوز أن تكون واردة فى حقا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمة‪ ً،‬وينص على أنهم المشبهة‪ ً،‬والمجبرة‪ ً،‬والحشوية‪ ً،‬وأشباههم‪.‬‬ ‫مبتدعى هذه ا ي‬
‫وفى سورة يونس حيث يقول ال تعالى فى الية ]‪} :[39‬مبهل مكرذيبوها ربمما لمهم يرحييطوها ربرعهلرمره مولمرما ميهأرترههم‬
‫متهأرويلي يه{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬بل سارعوا إلى التكذيب وفاجأوه فى بديهة السماع قبل أن يفقهوه ويعلموا يكهنمه أمره‪ً،‬‬
‫وقبل أن تيدبروه ويقفوا على تأويله ومعانيه‪ ً،‬وذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم‪ .‬وشرادهم عن‬
‫مفارقة دين آبائهم‪ ً،‬كالناشئ على التقليد من الحشوية‪ ً،‬إذا أحس بكلمة ل توافقا ما نشأ عليه وألفه ‪ -‬وإن‬
‫كان أضوأ من الشمس فى ظهور الصحة وبيان الستقامة ‪ -‬أنكرها فى أول وهلة‪ ً،‬واشمأز منها قبل أن‬
‫يحسن إدراكها بحاسة سمعه من غير فكر فى صحة أو فساد‪ ً،‬لنه لم ييشعر قلبه إل صحة مذهبه وفساد‬
‫ما عداه من المذاهب"‪.‬‬
‫ولقد أظهر الزمخشرى تعصبا قويا للمعتزلة‪ ً،‬إلى حد جعله ييخرج خصومه السسينيين من دين ال وهو‬
‫السلم‪ ً،‬وذلك حيث يقول عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [18‬من سورة آل عمران‪} :‬مشرهمد ٱللريه أمرنيه م‬
‫ل‬
‫لرئمكية موأيهويلوها ٱهلرعهلرم{ُ‪ ..‬الية‪" :‬فإن قلت‪ :‬ما المراد بـ "يأولى العلم" الذين عرظمهم هذا‬ ‫ل يهمو موٱهلمم م‬ ‫إرملــمه إر ر‬
‫التعظيم‪ ً،‬حيث جمعهم معه ومع الملئكة فى الشهادة على وحدانيته وعدله؟ قلت‪ :‬هم الذين ييثبتون‬
‫وحدانيته وعدله بالحجج والبراهين القاطعة‪ ً،‬وهم علماء العدل والتوحيد ‪ -‬يريد أهل مذهبه ‪ -‬فإن قلت‪:‬‬
‫ل إرملــمه إر ر‬
‫ل‬ ‫ليم{ُ‪..‬قلت‪ :‬فائدته أن قوله‪ } :‬م‬ ‫لهس م‬‫ما فائدة هذا التوكيد؟ ‪ -‬يعنى فى قوله‪} :‬إررن اليديمن رعنمد ٱلرلره ٱ ر‬
‫ليم{ُ فقد آذن أن‬ ‫لهس م‬ ‫يهمو{ُ توحيد‪ .‬وقوله‪} :‬مقآرئمما ربٱِهلرقهسرط{ُ تعديل‪ ً،‬فإذا أردفه قوله‪} :‬إررن اليديمن رعنمد ٱللرره ٱ ر‬
‫السلم هو العدل والتوحيد‪ ً،‬وهو الدين عند ال‪ ً،‬وما عداه فليس عنده فى شئ من الدين‪ .‬وفيه أن ممن‬
‫ذهب إلى تشبيه أو ما يؤدى إليه كإجازة الرؤية‪ ً،‬أو ذهب إلى الجبر الذى هو محضِ المجهور‪ ً،‬لم يكن‬
‫على دين ال الذى هو السلم‪ .‬وهذا بريفن مجرلفى كما ترى"‪.‬‬
‫هذه بعضِ المثلة التى يتجلى فيها تعصب الزمخشرى لمذهبه العتزالى‪ ً،‬وانتصاره له‪ .‬ويتضح منها‬
‫مبلغ إيغاله فى الخصومة‪ ً،‬ومقدار حملته على أهل السسرنة‪ ً،‬وهناك غيرها كثير مما أثار عليه خصومه‬
‫من السسينين‪ ً،‬فتعقبوه بالمناقشة والتفنيد‪ ً،‬وردوا بشكل حاسم على ما أورده فى كسشافه من استنتاجات‬
‫اعتقادية‪ .‬من آى القرآن الكريم‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إنها جافة وقائمة على الرأى الطليقا‪.‬‬
‫ومع ذلك لم يجحدوا ما كان للزمخشرى من أثر محمود فى التفسير‪ ً،‬فنراهم ‪ -‬على ما بينهم وبينه من‬
‫خصومه‪ ً،‬ورغم ما سيمر بك من حملتهم عليه ‪ -‬يمقيدرون إلى حد بعيد ما كان له من مجهود خاص فى‬
‫عمله التفسيرى الذى يرجع إلى الناحية البلغية والسلغوية‪ ً،‬كما نراهم فى الغالب يسطون على كتابه‬
‫ويأخذون منه ما يعجبون به ويرون أنه عزيز المنال إل على الزمخشرى‪.‬‬
‫* حملة ابن القيم على الزمخشرى‪:‬‬
‫لمة ابن القيم‪ ً،‬كثيراص ما يثور على الزمخشرى من أجل تفسيره العتزالى‪.‬‬ ‫فهذا هو الع ر‬
‫ل يراه يذكر ما يذكر ما مفرسمر به الزمخشرى قوله تعالى فى الية ]‪ [176‬من سورة العراف‪} :‬مولمهو‬ ‫فمث ل‬
‫ضِ موٱرتمبمع مهموايه{ُ‪ ..‬ثم يقول‪" :‬فهذا منه شنشنة نعرفها من مقمدرى‬ ‫لهر ر‬‫رشهئمنا لممرمفهعمنايه ربمها مولمــركرنيه أمهخملمد إملى ٱ م‬
‫ر‬
‫ناهَف للمشيئة العامة‪ ً،‬مبعد للنجعة فى جعل الكلم ال معتزليا قدريا"‪* .‬‬
‫* حملة ابن المنير على الزمخشرى‪:‬‬
‫ومن الذين خصصوا جهودهم للكرشاف بعد قرون من ظهوره‪ ً،‬قاضى السكندرية‪ ً،‬أحمد بن حمد بن‬
‫منصور المنير المالكى‪ ً،‬فقد كتب عليه حاشية خاصة سماها "النتصاف" ناقش فيها الزمخشرى وجادله‬
‫فى بعضِ ما جاء فى كرشافه سمن أعاريب وغيرها‪ ً،‬ولكنه ركز مجهوده العظيم فى بيان ما تضمنه من‬
‫العتزال‪ ً،‬وإبطال ما فيه من تأويلت تتناسب مع مذهب الزمخشرى وتتفقا مع هواه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ويظهر أن القاضى المالكى كان يميل بوجه عام إلى الجدال والنقاش‪ ً،‬فقد قيل‪ :‬إنه كان بصدد أن يرد‬
‫على كتب المام الغزالى‪ ً،‬تلك الكتب التى لم تكن مقبولة عند المالكية‪ ً،‬ولم يصرفه عن قصده إل يأمه‬
‫التى لم يطب خاطرها بهذه الحرب التى يثيرها ابنها ضد الموتى كا أثارها ضد الحياء‪ ً،‬ولكنه مع ذلك‬
‫فعل هذا مع الزمخشرى‪ ً،‬واعتقد أنه بعمله هذا قد ثار لهل السسرنة من أهل البدعة‪ ً،‬وقد صررح بذلك‬
‫حيث تورجه باللوام للزمخشرى على تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪24 ً،23‬ي[ من سورة آل عمران‪:‬‬
‫صيبا يممن ٱهلركمتارب ييهدمعهومن إرلمـى ركمتارب ٱللرره رلميهحيكم مبهيمنيههم يثرم ميمتمولرـى مفرريفقا يمهنيههم مويههم‬ ‫}أملمهم متمر إرملى ٱرلرذيمن يأويتوها من ر‬
‫ل أمرياما رمهعيدومداهَت مومغرريههم رفي رديرنرههم رما مكاينوها ميهفمتيرومن{ُ‪..‬‬ ‫ضومن * ـذرلمك ربمأرنيههم مقايلوها ملن متممرسمنا ٱلرناير إر ر‬ ‫سمهعرر ي‬
‫فقال‪" :‬فانظر إليه كيف أشحن قلبه بغضا لهل السسرنة وشقاقا‪ ً،‬وكيف مل الرضِ من هذه النزعات نفاقما‪ً،‬‬
‫فالحمد ل الذى أرهل عبده الفقير إلى التورك عليه‪ ً،‬لن آخذ من أهل البدعة بثأر أهل السسرنة‪ ً،‬فأصمى‬
‫أفئدتهم من قواطع البراهين بمقومات اليسنة"‪.‬‬
‫كما اعتقد أنه أردى للمسلمين وللسلم خدمة عظيمة‪ ً،‬كافية لن تقوم له عذرا أمام ال وأمام الناس عن‬
‫تخلفه عن الخروج للغزو والجهاد فى سبيل ال وذلك حيث يقول بعد تعقيبه على الزمخشرى فى تفسيره‬
‫ل منمفمر رمن يكيل رفهرمقهَة‬ ‫لقوله تعالى فى الية ]‪ [122‬من سورة التوبة‪} :‬مومما مكامن ٱهليمهؤرمينومن رلمينرفيروها مكآرفلة مفلمهو م‬
‫يمهنيههم مطآرئمففة ليميمتمفرقيهوها رفي ٱليديرن مورليينرذيروها مقهومميههم إرمذا مرمجيعيوها إرملهيرههم ملمعلريههم ميهحمذيرومن{ُ‪ ..‬قال أحمد‪ :‬ول أجد فى‬
‫تأخرى عن حضورا لغزاة عذرا إل صرف الهمة لتحرير هذا اليمصرنف‪ ً،‬فإنى تفقرهيت فى أصل الدين‬
‫وقواعد العقائد مؤيدا بآيات الكتاب العزيز‪ ً،‬مع ما اشتمل عليه من صيانة حوزتها من مكايد أهل البدع‬
‫والهواء‪ ً،‬وأنا مع ذلك أرجو من ال يحهسن التوجه‪ .‬برلغنا ال الخير‪ ً،‬وورفقنا لما يرضيه‪ ً،‬وجعل أعمالنا‬
‫خالصة لوجهه الكريم"‪.‬‬
‫وابن المنير ‪ -‬مع شدة خصومته للزمخشرى ‪ -‬ل ينسى ما له من أثر طيب فى التفسير ‪ -‬فكثيرا ما‬
‫ييبدى إعجابه به‪ ً،‬لتنويهه بأساليب القرآن العجيبة التى تنادى بأنه ليس من كلم المبشر‪ ..‬وكثيرا ما‬
‫يعترف ‪ -‬بتقدير كبير وفى عدالة واعتدال ‪ -‬بتحليلته السلغوية‪ ً،‬ونكاته البلغية‪.‬‬
‫ل عندما تعرقب تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [91‬من سورة النعام‪} :‬مومما مقمديروها ٱلرلمه محرقا مقهدررره إرهذ‬ ‫فمث ل‬
‫مقايلوها ممآ مأنمزمل ٱللريه معلمـى مبمشهَر يمن مشهيهَء يقهل ممهن مأنمزمل ٱهلركمتامب ٱرلرذيِ مجآمء ربره يمومسـى ينورا مويهلدى يللرنارس‬
‫ل آمبايؤيكهم يقرل ٱللريه يثرم مذهريههم رفي‬ ‫متهجمعيلومنيه مقمرارطيمس يتهبيدومنمها مويتهخيفومن مكرثيرا مويعليهميتهم رما ملهم متهعمليميوها مأنيتهم مو م‬
‫ضرههم ميهلمعيبو من{ُ‪ ..‬نجده يقول‪" :‬وهذا أيضا من دقة نظره فى الكتاب العزيز والعمقا فى آثار معادنه‪ً،‬‬ ‫مخهو ر‬
‫وإبراز محاسنه"‪.‬‬
‫وفى سورة يونس عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[11‬موملهو يمعيجيل ٱللريه رللرنارس ٱلرشرر ٱهسرتهعمجامليههم ربٱِهلمخهيرر{ُ‪..‬‬
‫الية‪ ً،‬نجده يثنى على تفسيره لها فيقول‪" :‬وهذا أيضا من تنبيهات الزمخشرى الحسنة التى تقوم على دقة‬
‫نظره"‪.‬‬
‫وفى سورة هود عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[91‬مقايلوها ـييشمعهييب مما منهفمقيه مكرثيرا يمرما متيقويل موإررنا لممنمرامك رفيمنا‬
‫ل مرههيطمك ملمرمجهممنامك موممآ مأنمت معملهيمنا ربمعرزيهَز{ُ‪ ..‬اثنى على تفسيره لقوله‪} :‬موإررنا ملمنمرامك رفيمنا‬ ‫ضرعيفا موملهو م‬
‫م‬
‫مضرعيفا{ُ‪ ..‬فقال‪" :‬وهذا من محاسن نكته الدالة على أنه كان مليا بالحذاقة فى علم البيان"‪.‬‬
‫ل مترترخيذوها‬‫وعندما برين الزمخشرى سر التعبير بقوله تعالى فى الية ]‪ [51‬من سورة النحل‪} :‬مومقامل ٱللريه م‬
‫رإلــمههيرن ٱهثمنهي رن{ُ‪ ..‬قال ابن المنير معترفا بدقة الزمخشرى وبراعته‪" :‬وهذا الفصل من حسناته التى ل‬
‫ييدافع عنها"‪.‬‬
‫ومع كل هذا العتراف‪ ً،‬فإن ابن المنير يلحظ على الزمخشرى ‪ -‬أحيانا ‪ -‬أنه سئ النية فيما يقول‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فمن ذلك أن الزمخشرى لما تكلم عن قوله تعالى فى الية ]‪ [33‬من سورة الرعد‪} :‬مومجمعيلوها للرره يشمرمكآمء‬
‫ضِ مأم ربمظارههَر يممن ٱهلمقهورل{ُ‪ ..‬وختم تفسيره للية بقوله‪" :‬وهذا‬ ‫ل ميهعلميم رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬ ‫يقهل مسسمويههم أمهم يتمنيبيئومنيه ربمما م‬
‫الحتجاج وأساليبه العجيبة التى ورد عليها‪ ً،‬مناد على نفسه بلسان طلقا ذلقا‪ :‬أنه ليس من كلم البشر‬
‫لمن عرف وأنصف من نفسه‪ .‬فتبارك ال أحسن سالخالقين" لما قال الزمخشرى هذه المقالة‪ ً،‬لم يتركها‬
‫ل‪ ً،‬لنه يمعيرضِ فيها‬ ‫ابن المنير تمر بدون أن يينيبه على ما فيها فقال‪" :‬هذه الخاتمة كلمة حقا أراد بها باط ل‬
‫بخلقا القرآن‪ ً،‬فتنبه لها‪ .‬وما أسرع اليمطالع لهذا الفصل أن يمر على لسانه وقلبه ويستحسنه‪ ً،‬وهو غافل‬
‫عما تحته‪ ً،‬لول هذا التنبيه واليقاظ"‪.‬‬
‫وفى الوقت نفسه لم يترك ابن المنير فرصة تمر بدون أن يكيل للزمخشرى بمثل كيله من القذاع فى‬
‫القول والسخرية به وبأمثاله من المعتزلة‪ ً،‬فنراه يرد هجمات الزمخشرى التى يشنها على أهل السسرنة‬
‫بعبارات شديدة يوجهها إلى الزمخشرى وأصحابه‪ ً،‬مع تحقيره له ولهم‪ ً،‬واستتبشاعه لتفسيره وتفسيرهم‪.‬‬
‫ل إرملــمه‬‫ل فى سورة آل عمران عندما تلكم الزمخشرى عن قوله تعالى فى الية ]‪} :[18‬مشرهمد ٱللريه أمرنيه م‬ ‫فمث ل‬
‫ل يهمو{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬ونروه بأنه وأصحابه أهل العدل والتوحيد‪ ً،‬وأنهم يأولوا العلم المرادون بالية‪ ً،‬وصررح ‪-‬‬ ‫إر ر‬
‫أو كاد ‪ -‬بخروج أهل السسرنة من رمرلة السلم‪ .‬عندما تكلم الزمخشرى بهذا كله‪ ً،‬عرقب عليه ابن المنير‬
‫بتهكمه اللذع‪ ً،‬وسخريته الفاضحة فقال‪" :‬وهذا تعريضِ بخروج أهل السسرنة من ربقة السلم‪ ً،‬بل‬
‫تصريح‪ ً،‬وما ينقم منهم إل أن صردقوا وعد ال عباده المكرمين على لسان نبيهم الكريم صلى ال عليه‬
‫وسلم بأنهم يرون ربهم كالقمر ليلة البدر ل يضامون فى رؤيته‪ ً،‬ولنهم ورحدوا ال حقا توحيده‪ ً،‬فشهدوا‬
‫أ هن ل إله إل هو‪ ً،‬ول خالقا لهم ولفعالهم إل هو‪ ً،‬واقتصروا على أن نسبوا لنفسهم قدرة تقارن فعلهم‪ً،‬‬
‫ل خلقا لها ول تأثير غير التمييز بين أفعالهم الختيارية والضطرارية‪ .‬وتلك هى اليممعربير عنه شرعا‬
‫بالكسب فى مثل قوله تعالى‪} :‬مفربمما مكمسمبهت أمهيردييكهم{ُ‪.‬‬
‫هذا إيمان القوم وتوحيدهم‪ ً،‬ل كقوم يغيرون فى وجه النصوص‪ ً،‬فيجحدون الرؤية التى يظهر أن‬
‫جحدهم لها سبب فى حرمانهم إياها‪ ً،‬ويجعلون أنفسهم الخسيسة شريكة ل فى مخلوقاته‪ ً،‬فيزعمون أنهم‬
‫يخلقون لنفسهم بما شاءوا من أفعال على خلف مشيئة ربهم‪ ً،‬محادة ومعاندة ل فى يملكه‪ ً،‬ثم بعد ذلك‬
‫يتسترون بتسمية أنفسهم‪ :‬أهل العدل والتوحيد‪ ً،‬وال أعلم بمن اتقى‪ ً،‬ولممجهبفر خيفر من إشراك‪ ً،‬إن كان‬
‫أهل السسرنة مجبرة فأنا أول المجيبرين‪.‬‬
‫ولو نظرت أيها الزمخشرى بين النصاف إلى جهالة القدرية وضللها لنبعثت إلى حدائقا السسرنة‬
‫وظللها‪ ً،‬ولخرجمت من مزالقا البدع ومرزالها ‪ -‬ولكن كره ال انبعائهم ‪ -‬ولعلممت أى الفريقين أحقا‬
‫بالمن‪ ً،‬وأولى بالدخول فى يأولى العلم المقرونين فى التوحيد بالملئكة المشرفين بعطفهم على اسم ال‬
‫معرز ومجرل"‪.‬‬
‫وفى سورة المائدة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[41‬موممن يرررد ٱللريه رفهتمنمتيه مفملن متهمرلمك لميه رممن ٱلرلره مشهيئا‬
‫أيهولمــرئمك ٱرلرذيمن لمهم يرررد ٱللريه مأن يمطيهمر يقيلومبيههم{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نراه ييمعن فى السخرية من المعتزلة‪ ً،‬ويفرقا فى‬
‫النكير على تفسير الزمخشرى لهذه الية‪ .‬وذلك حيث يقول‪" :‬كم يتلجلج والحقا أبلج‪ .‬هذه الية ‪ -‬كما‬
‫تراها ‪ -‬منطبقة على عقيدة أهل السسرنة فى أن ال تعالى أراد الفتنة من المفتونين‪ ً،‬ولم يرد أن يمطيهر‬
‫قلوبهم من دنس الفتنة ووضر الكفر‪ ً،‬ل كما تزعم المعتزلة من أنه تعالى ما أراد الفتنة من أحد‪ ً،‬وأراد‬
‫من كل أحد اليمان وطهارة القلب‪ ً،‬وأن الواقع من الفتن على خلف إرادته‪ ً،‬وأن غير الواقع من طهارة‬
‫قلوب الكفار مراد‪ ً،‬ولكن لم يقع‪ ً،‬فحسبهم هذه الية وأمثالها ‪ -‬لو أراد ال أن يطهر قلوبهم من وضر‬
‫ل ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن أمهم معلمـى يقيلوهَب أمهقمفاليمهآ{ُ‪.‬‬‫البدع‪} :‬أممف م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وما أبشع صرف الزمخشرى هذه الية عن ظاهرها بقوله‪ :‬لم يرد ال أن يمنحهم ألطافه‪ ً،‬لعلمه أن‬
‫ألطافه ل تنجع فيهم ول تنفع‪ ً،‬فلطف ممن ينفع؟ وإرادة ممن تنجع؟ وليس وراء ال للمرء مطمع"‪.‬‬
‫ولقد يتطرف ابن المنير فيرمى خصومه من المعتزلة بالشرك‪ ً،‬ففى سورة يونس عند تفسير الزمخشرى‬
‫ضِ{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نرى ابن المنير يقول‪ :‬وهذه‬ ‫لهر ر‬ ‫لقوله تعالى فى الية ]‪} :[31‬يقهل ممن ميهريزيقيكم يممن ٱلرسممآرء موٱ م‬
‫الية كافحة لوجوه القدرية‪ ً،‬الزاعمين أن الرزاقا منقسمة‪ ً،‬فمنها ما رزقه ال للعبد وهنو الحلل‪ ً،‬ومنها‬
‫ما رزقه العبد لنفسه وهو الحرام‪ ً،‬وهذه الية ناعمة عليهم هذا الشرك الخفى لو سمعوا‪} :‬أممفمأنمت يتهسرميع‬
‫ل ميهعرقيلومن{ُ‪..‬‬ ‫صرم موملهو مكاينوها م‬ ‫ٱل س‬
‫وإرنا لنرى ابن المنير يعتمد فى حملته الساخرة القاسية التى يحملها على الزمخشرى‪ ً،‬على ما يعتمد‬
‫عليه الزمخشرى فى حلماته على أهل السسرنة‪ ً،‬أو على الصح‪ ً،‬يأخذ من كلم الزمخشرى نفسه ما يبرر‬
‫به موقفه الذى وقفه منه للرد على اعتزالته‪ ً،‬فحيث يقول الزمخشرى فى تفسير قوله تعالى فى الية ]‬
‫صيير{ُ‪:‬‬ ‫‪ [73‬من سورة التوبة‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنربسي مجارهرد ٱهليكرفامر موٱهليممنارفرقيمن موٱهغليهظ معملهيرههم موممهأموايههم مجمهرنيم موربهئمس ٱهلم ر‬
‫" }مجارهرد ٱهليكرفامر{ُ بالسيف }موٱهليممنارفرقيمن{ُ باليحرجة }موٱهغليهظ معلمهيرههم{ُ فى الجهادين جميعا ول تحابهم‪ .‬وكل ممن‬
‫يورقمف منه على فساد فى العقيدة فهذا الحكم ثابت فيه‪ ً،‬ييجامهد باليحرجة‪ ً،‬ويتستعمل معه الغلظة ما أمكن"‪ً،‬‬
‫عندما يقول الزمخشرى هذا‪ ً،‬ويرمى من ورائه إلى أن الية شاملة لخصومه من أهل السسرنة‪ ً،‬نرى ابن‬
‫المنير يستغل هذا الكلم لنفسه ويقلبه على خصمه المعتزلى فيقول‪" :‬الحمد ل الذى أنطقه باليحرجة لنا فى‬
‫إغلظ عليه أحيانا"‪.‬‬
‫وقد تبدو على ابن المنير علئم الربهشر‪ ً،‬وتأخذه نشوة الفرح والسرور‪ ً،‬عندما يرى أن الزمخشرى قد‬
‫ابتعد عن متطرفى المعتزلة‪ ً،‬وخالفهم فى بعضِ آرائهم‪ ً،‬وأخ برأى أهل السسرنة ومثل هذا نراه عندما فرسر‬
‫الزمخشرى قوله تعالى فى الية ]‪ [185‬من سورة آل عمران‪} :‬يكسل منهفهَس مذآرئمقية ٱهلممهورت موإررنمما يتمورفهومن‬
‫ل مممتايع ٱهليغيرورر{ُ‪..‬‬ ‫أييجومريكهم ميهوم ٱهلرقمياممرة مفممن يزهحرزمح معرن ٱلرنارر مويأهدرخمل ٱهلمجرنمة مفمقهد مفامز موما ٱهلمحمياية ٱلسدهنميا إر ر‬
‫حيث قال فى تفسير هذه الية‪" :‬فإن قلت‪ :‬كيف اتصل به ‪ -‬أى بقوله‪} :‬يكسل منهفهَس مذآرئمقية ٱهلممهورت{ُ ‪} -‬موإررنمما‬
‫يتمورفهومن أييجومريكهم{ُ‪ ..‬قلت‪ :‬اتصاله به على أن كلكم تموتون‪ ً،‬ول بد لكم من الموت‪ ً،‬ول يتمورفون أجوركم‬
‫على طاعاتكم ومعاصيكم عقب موتكم‪ ً،‬وإنما يتمورفونها يوم قيامكم من القبور‪ .‬فإن قلت‪ :‬فهذا يوهم نفى ما‬
‫ييروى أن القبر روضة من رياضِ الجنة أو حفرة من حفر النار‪ .‬قلت‪ :‬كلمة التوفيه يتزيل هذا الوهم‪ً،‬‬
‫لن المعنى أن توفيه الجور وتكميلها يكون ذلك اليوم‪ ً،‬وما يكون قبل ذلك فبعضِ الجور"‪.‬‬
‫وهنا نرى ابن المنير يعترف بأن الزمخشرى قد أحسن فى مخالفته لصحابه من المعتزلة‪ ً،‬وموافقته‬
‫لهل السسرنة‪ ً،‬فيقول‪" :‬هذا ‪ -‬كما ترى ‪ -‬صريح فى اعتقاده حصول بعضها قبل يوم القيامة‪ ً،‬وهو المراد‬
‫بما يكون فى القبر من نعيم وعذاب‪ ً،‬ولقد أحسن الزمخشرى فى مخالفة أصحابه فى هذه العقيدة‪ ً،‬فإنهم‬
‫يجحدون عذاب القبر‪ ً،‬وها هو قد اعترف به"‪.‬‬
‫***‬
‫* موقف الزمخشرى من المسائل الفقهية‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن الزمخشرى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يتعرضِ إلى حد ما‪ ً،‬وبدون توسع إلى المسائل الفقهية التى تتعلقا‬
‫ببعضِ اليات القرآنية‪ ً،‬وهو معتدل ل يتعصب لمذهبه الحنفى‪.‬‬
‫ضِ يقهل يهمو أملذى مفٱِهعمترزيلوها ٱلينمسآمء‬ ‫ففى سورة البقرة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[222‬موميهسمأيلومنمك معرن ٱهلمرحي ر‬
‫ل متهقمريبويهرن محرتـى ميهطيههرمن مفرإمذا متمطرههرمن مفهأيتويهرن رمهن محهييث أممممريكيم ٱللريه إررن ٱلرلمه يرحسب ٱلرترواربيمن‬ ‫ضِ مو م‬‫رفي ٱهلمرحي ر‬
‫مويرحسب ٱهليممتمطيهرري من{ُ‪ ..‬يقول‪ ... " :‬وبين الفقهاء خلف فى العتزال‪ ً،‬فأبو حنيفة وأبو يوسف يوجبان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫اعتزال ما اشتمل عليه الزار‪ .‬ومحمد بن الحسن ل يوجب إل اعتزال المفهرج‪ ً،‬وروى محمد حديث‬
‫عائشة رضى ال عنها‪ :‬أن عبد ال بن عمر سألها‪ :‬هل يباشر الرجل امرأته وهى حائضِ؟ فقال‪ :‬تشد‬
‫ل سأل النبى صلى ال عليه‬ ‫إزارها على سفلتها‪ ً،‬ثم ليباشرها إن شاء‪ ً،‬وما روى زيد بن أسلم‪ :‬أن رج ل‬
‫وسلم‪ :‬ما يحل لى من امرأتى وهى حائضِ؟ قال‪" :‬لتشد عليها إزارها‪ ً،‬ثم شأنك بأعلها"‪ ً،‬ثم قال‪ :‬وهذا‬
‫قول أبى حنيفة‪ ً،‬وقد جاء ما هو أرخص من هذا عن عائشة رضى ال عنها أنها قالت‪" :‬يجتنب شعارا‬
‫لدم وله ما سوى ذلك"‪ .‬وقرئ "يرطهرن" بالتشديد‪ ً،‬أى يتطهرن‪ ً،‬بدليل قوله‪} :‬مفرإمذا متمطرههرمن{ُ ‪ ..‬وقرأ عبد‬
‫ال‪" :‬حتى يترطههرن" و "ميهطهرن" بالتخفيف‪ ً،‬والتطهر الغتسال‪ ً،‬واليطهر انقطاع دم الحيضِ‪ .‬وكلتا‬
‫القراءتين مما يجب العمل به‪ ً،‬فذهب أبو حنيفة إلى أن له أن يقربها فى أكثر الحيضِ بعد انقطاع الدم‬
‫وإن لم تغتسل وفى أقل الحيضِ ل يقربها حتى تغتسل أو يمضى عليها وقت صلة‪ .‬وذهب الشافعى إلى‬
‫أنه ل يقربها حتى متهطهر وترطهر فتجمع بين المرين‪ ً،‬وهو قول واضح‪ ً،‬ويعضده قوله‪} :‬مفرإمذا متمطرههرمن{ُ‪.‬‬
‫ل مأن ميهعيفومن أمهو ميهعيفموها ٱرلرذيِ ربميردره يعهقمدية‬
‫وعندما مفرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [237‬من سورة البقرة‪} :‬إر ر‬
‫ٱلينمكارح{ُ‪ ..‬قال‪" :‬والذى بيده عقدة النكاح الولى‪ ً،‬يعنى إل أن تعفو المطلرقات عن أزواجهن فل يطالبنهم‬
‫بنصف المهر‪ ً،‬وتقول المرأة‪ :‬ما رآنى‪ ً،‬ول خدمته‪ ً،‬ول استمتع بى‪ ً،‬فكيف آخذ منه شيئا‪.‬‬
‫أو يعفو الولى الذى يلى عقد نكاحهن‪ ً،‬وهو مذهب الشافعى‪ .‬وقيل هو الزوج وعفوة أن يسوقا إليها‬
‫ل‪ ً،‬وهو مذهب أبى حنيفة‪ ً،‬والول ظاهر الصحة"‪.‬‬ ‫المهر كام ل‬
‫وفى سورة الطلقا عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[1‬ـيأسيمها ٱلرنربسي إرمذا مطلرهقيتيم ٱلينمسآمء مفمطلييقويهرن رلرعردرترهرن‬
‫صوها ٱهلرعردمة{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬فطلقوهن مستقبلت لعدتهن‪ ً،‬كقولك‪ :‬أتيته لليلة بقيت من المحررم‪ ً،‬أى‬ ‫موأمهح ي‬
‫ل لها‪ .‬وفى قراءة رسول ال صلى اله عليه وسلم‪" :‬فى قبل رعردتهم"‪ ً،‬وإذا يطيلقت المرأة فى‬ ‫مستقب ل‬
‫اليطههرل المتقدم لليقهررء الول من أقرائها فقد يطيلقت مستقبلة لرعردتها‪.‬‬
‫والمراد أن يرطلمقن فى يظهر لم ييجاممهعمن فيه‪ ً،‬ثم ييخلين حتى تنقضى عدتهن‪ ً،‬وهذا أحسن الطلقا‪ ً،‬وأدخله‬
‫فى السسرنة‪ ً،‬وأبعده من الندم‪ ً،‬ويدل عليه ما روى عن إبراهيم النخعى‪ :‬أن أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫ل ييطيلقوا أزواجهم للسسرنة إل واحدة‪ ً،‬ثم ل يمطيلقوا غير ذلك حتى تنقضى‬ ‫عليه وسلم كانوا يستحبون أ ر‬
‫الرعردة‪ ً،‬وكان أحسن عندهم من أن ييطيلقا الرجل ثلثاي فى ثلثة أطهار‪ .‬وقال مالك بن أنس رضى ال‬
‫عنه‪ :‬ل أعرف طلقا السسرنة إل واحدة‪ ً،‬وكان يكره الثلث مجموعة كانت أو متفرقة‪.‬‬
‫وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنما كرهوا ما زاد على الواحدة فى يطهر واحد‪ ً،‬فأما يمفررقا فى الطهار فل‪ً،‬‬
‫لما روى عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال لبن عمر حيث طرلقا امرأته وهى حائضِ‪" :‬ما‬
‫ل‪ ً،‬ويتطيلقها لكل يقرء تطليقه"‪ .‬وروى أنه قال لعمر‪:‬‬ ‫هكذا أمرك ال‪ ً،‬إنما السسرنة أن تستقبل اليطهر استقبا ل‬
‫"مر ابنك فليراجعها‪ ً،‬ثم ليدعها حتى تحيضِ ثم تطهر‪ ً،‬ثم لييطيلقها إن شاء‪ ً،‬فتلك الرعردة التى أمر ال أن‬
‫يترطملقا لها النساء"‪.‬‬
‫وعند الشافعى رضى ال عنه ل بأس بإرسال الثلث‪ ً،‬وقال‪ :‬ل أعرف فى عدد الطلقا يسرنة ول بدعة‪ً،‬‬
‫وهو مباح‪.‬‬
‫فمالك يراعى فى طلقا السسرنة الواحدة والوقت‪ .‬وأبو حنيفة يراعى التفريقا والوقت‪ .‬والشافعى يراعى‬
‫الوقت وحده"‪.‬‬
‫**‬
‫* موقف الزمخشرى من السرائيليات‪:‬‬
‫صيدره بلفظ "روى"‪ً،‬‬ ‫ثم إن الزمخشرى يمرقفل من ذكر الروايات السرائيلية‪ ً،‬وما يذكره من ذلك إما أن ي م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫اليمشعر بضعف الرواية ويبعدها عن الصحة‪ ً،‬وأما أن يمفيوضِ علمه إلى ال سبحانه‪ ً،‬وهذا فى الغالب‬
‫يكون عند ذكره للروايات التى ل يلزم من التصديقا بها مساس بالدين‪ ً،‬وإما أن يمنيبه على درجة الرواية‬
‫ومبلغها من الصحة أو الضعف ولو بطريقا الجمال‪ ً،‬وهذا فى الغالب يكون عند الروايات التى لها‬
‫مساس بالدين ومتعسلقا به‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النمل‪} :‬موإريني يمهررسلمفة إرلمهيرههم ربمهردريهَة{ُ‪ ..‬الية ‪ ً،‬نجده‬ ‫فمث ل‬
‫يذكر هذه الرواية فيقول‪" :‬روى أنها بعثت خمسمائة غلم عليهم ثياب الجوارى‪ ً،‬وحليهم الساور‬
‫صع بالجواهر‪ً،‬‬ ‫لة اللسيجم والسروج بالذهب المر ر‬ ‫والطواقا والقرطة‪ ً،‬راكبى خيل مغرشاة بالديباج مح ر‬
‫ل بالسدرر والياقوت‬ ‫وخمسمائة جارية على رماك فى رزيى الغلمان‪ ً،‬وألف لمربنة من ذهب وفضة‪ ً،‬وتاجا مركلم ل‬
‫المرتفع والمسك والعنبر‪ ً،‬ويحقا فيه يدررة عذراء وجزعة معوجة الثقب‪ ً،‬وبعثت رجلين من أشراف‬
‫قومها‪ :‬المنذر ابن عمرو‪ ً،‬وآخر ذا رأى وعقل‪ ً،‬وقالت‪ :‬إن كان نبيا ممريز بين الغلمان والجوارى‪ ً،‬وثقب‬
‫اليد ررة ثقبا مستويا‪ ً،‬وسلك فى الخرزة خيطا‪ .‬ثم قالت للمنذر‪ :‬إن نظر إليك نظر غضبان فهو ملك‪ ً،‬فل‬
‫يهولنك‪ ً،‬وأن رأيته مبرشا لطيفا فهو نبى‪ .‬فأقبل الهدهد فأخبر سليمان‪ ً،‬فأمر الجن فضربوا لمربمن الذهب‬
‫والفضة‪ ً،‬وفرشوه فى ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخْ‪ ً،‬وجعلوا حول الميدان حائطا يشمرمفيه من الذهب‬
‫والفضة‪ ً،‬وأمر بأحسن الدواب فى البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللرربن‪ ً،‬وأمر‬
‫بأولد الجن ‪ -‬وهم خلقا كثير ‪ -‬فيأقيموا على اليمين واليسار‪ ً،‬ثم قعد على سريره والكراسى من جانبيه‪ً،‬‬
‫واصطفت الشياطين صفوفا فراسخْ‪ ً،‬والنس صفوفا فراسخْ‪ ً،‬والوحش والسباع والهوام والطيور كذلك‪ً،‬‬
‫فلما دنا القوم ونظروا يبهتوا‪ ً،‬ورأوا الدواب تروث على اللرربن فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم‪ً،‬‬
‫ولما وقفوا بين يديه نظر إليهم بوجه طلقا وقال‪ :‬ما وراءكم؟ وقال‪ :‬أين اليحسقا؟ وأخبره جبرهيل عليه‬
‫السلم بما فيه‪ ً،‬فقال لهم‪ :‬إن فيه كذا وكذا‪ ً،‬ثم أمر الرضة فأخذت شعرة ونفذت فيها فيجرعل رزقها من‬
‫الشجرة‪ ً،‬وأخذت دودة بيضاء الخيط بفيها ونفذت فيها فجيعرل رزقها فى الفواكه‪ ً،‬ودعا بالماء فكانت‬
‫الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله فى الخرى ثم تضرب به وجهها‪ ً،‬والغلم كما يأخذه يضرب به وجهه‪ً،‬‬
‫ثم مررد الهدية وقال للمنذر‪ :‬ارجع إليهم‪ ً،‬فقالت‪ :‬هو نبى وما لنا به طاقة‪ ً،‬فشخصت إليه فى اثنى عشر‬
‫ألف مقهيهَل تحت كل مقهيهَل ألوف"‪.‬‬
‫ل مما معرلهميت مليكهم يمهن‬‫وفى سورة القصص عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪} :[38‬مومقامل رفهرمعهوين ـيمأسيمها ٱهلم ي‬
‫صهرحا{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬قال‪" :‬روى أنه لما أمر ببناء‬ ‫إرلمــهَه مغهيرريِ مفمأهورقهد رلي ـيمهامماين معملى ٱليطيرن مفٱِهجمعل يلي م‬
‫لجراء‪ ً،‬وأمر بطبخْ الجر‬ ‫الصرح‪ ً،‬جمع هامان العمال حتى اجتمع خمسون ألف برناء سوى التباع وا ي‬
‫والجص ونجر الخشب وضرب المسامير‪ ً،‬فشريده حتى بلغ ما لم يبلغ بنيان أحد من الخلقا‪ ً،‬فكان البانى‬
‫ل يقدر أن يقوم على رأسه يبنى‪ ً،‬فبعث ال تعالى جبريل عليه السلم عند غروب الشمس فضربه‬
‫بجناحه فقرطعه ثلث قطع‪ ً،‬وقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل‪ ً،‬ووقعت قطعة فى‬
‫البحر‪ ً،‬وقطعة فى المغرب ولم يبقا أحد من يعرماله إل قد هلك‪ .‬ويروى فى هذه القصة أن فرعون ارتقى‬
‫فوقه فرمى بينشابه إلى السماء‪ ً،‬فأراد ال أن يفتنهم‪ ً،‬فيردت إليه ملطوخة بالدم‪ ً،‬فقال‪ :‬قد قتليت إمله موسى‪ً،‬‬
‫فعندما بعث ال جبريل عليه السلم لهدمه‪ ً،‬وال أعلم بصحته"‪.‬‬
‫صردرها أيضا بهذا‬ ‫صردرها الزمخشرى بلفظ‪" :‬روى" المشعر بضعفها‪ .‬والقصة الثانية م‬ ‫فالقصة الولى م‬
‫اللفظ ومعرقمب عليها بقوله‪" :‬وال أعلم بصحته" مما مييدل على أنه متشكك فى صحة هذه الرواية‪ .‬وكلتا‬
‫القصتين على فرضِ صحتهما ل مطعن فيهما ول مغمز من ورائها يحلقا الدين‪ ً،‬ولهذا اكتفى‬
‫الزمخشرى بما ذكر فى حكمه عليهما‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صرم إرهذ متمسرويروها ٱهلرمهحمرامب{ُ‪ ..‬اليات ]‪[21‬‬ ‫وفى سورة "ص" عند تفسيره لقوله تعالى‪} :‬مومههل أممتامك منمبيأ ٱهلمخ ه‬
‫وما بعدها إلى آخر القصة نراه يقول‪" :‬كان أهل زمان داود عليه السلم يسأل بعضهم بعضا أن ينزل له‬
‫عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته‪ ً،‬وكانت لهم عادة فى المواساة بذلك قد اعتادوها ‪ -‬وقد روينا أن‬
‫النصار كانوا ييواسون المهاجرين بمثل ذلك ‪ -‬فاتفقا أن عين داود وقعت على امرأة رجل يقال له‬
‫"أوريا" فأحبها‪ ً،‬فسأله النزول له عنها‪ ً،‬فاستحيا أن يرده‪ ً،‬ففعل‪ ً،‬فتزوجها ‪ -‬وهى أم سليمان ‪ -‬فقيل له‪:‬‬
‫إنك مع عظيم منزلتك‪ ً،‬وارتفاع مرتبتك وكبر شأنك‪ ً،‬وكثرة نسائك‪ ً،‬لم يكن ينبغى لك أن تسأل رج ل‬
‫ل‬
‫ليس له إل امرمأة واحدة النزول عنها‪ ً،‬بل كان الواجب عليك مغالبة هواك‪ ً،‬وقهر نفسك‪ ً،‬والصبر على‬
‫ما اميتحن مت به‪ .‬وقيل‪ :‬خطبها "أوريا" ثم خطبها داود فآثره أهلها‪ ً،‬فكان ذنبه أن خطب على رخطبة أخيه‬
‫المؤمن مع كثرة نسائه‪.‬‬
‫وأما ما ييذكر أن داود عليه السلم‪ ً،‬تمرنى منزلة آبائه إبراهيم وإسحاقا ويعقوب‪ ً،‬فقال‪ :‬يا رب‪ ً،‬إن آبائى‬
‫قد ذهبوا بالخير كله‪ ً،‬فأوحى إليه أنهم ابتلوا ببليا فصبروا عليها‪ ً،‬قد ابيترلمى إبراهيم بنمروذ وذبح ولده‪ً،‬‬
‫وإسحاقا بذبحه وذهاب بصره‪ ً،‬ويعقوب بالحزن على يوسف‪ ً،‬فسأل البتلء‪ ً،‬فأوحى ال إليه‪ :‬إنك‬
‫لمبتل لى فى يوم كذا وكذا فاحترس‪ ً،‬فلما حان ذلك اليوم‪ ً،‬دخل محرابه‪ ً،‬وأغلقا بابه‪ ً،‬وجعل ييصيلى ويقرأ‬
‫الزبور‪ ً،‬فجاء الشيطان فى صورة حمامة من ذهب‪ ً،‬فمرد يده ليأخذها لبن له صغير فطارت‪ ً،‬فامتد إليها‬
‫فطارت‪ ً،‬فوقعت فى‬
‫ك‬
‫و‬
‫س‬
‫ة فتتبعها‪ ً،‬فأبصر امرأة جميلة قد نفضت شعرها فغطى بدنها‪ ً،‬وهى امرأة أوريا‪ ً،‬وهو من غزاة البلقاء‪ً،‬‬
‫فكتب إلى أيوب بن صوريا ‪ -‬وهو صاحب بعث البلقاء ‪ -‬أن ابعث أوريا ومقيدمه على التابوت ‪ -‬وكان‬
‫من يتقدم ل يحل له أن يرع حتى يفتح ال على يده أو يستشهد ‪ -‬ففتح ال على يده وسلم‪ ً،‬فأمر برده‬
‫مرة أخرى وثالثة حتى يقرتل‪ ً،‬فأتاه خبر قتله فلم يحزن كما يحزن على الشهداء‪ ً،‬وتزوج امرأته‪ .‬فهذا‬
‫ل عن بعضِ‬ ‫ونحوه‪ ً،‬مما ل يصح أن يمحردث به عن بعضِ المتسمين بالصلح من أفناء المسلمين‪ ً،‬فض ل‬
‫أعلم النبياء‪ .‬وعن سعيد بن المسيب والحارث العور‪ :‬أن علسى بن أبى طالب رضى ال عنه قال‪:‬‬
‫صاص‪ ً،‬جلدته مائة وستين مجهلدة‪ ً،‬وهو حد الفرية على النبياء‪.‬‬ ‫ممن محردثكم بحديث داود على ما يرويه اليق ر‬
‫وروى أنه يحيدث بذلك عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من أهل الحقا فكرذب المحيدث به وقال‪ :‬إن كانت‬
‫القصة على ما فى كتاب ال فما ينبغى أن ييلتمس خلفها‪ ً،‬وأعظم بأن يقال غير ذلك‪ ً،‬وإن كان كما‬
‫ذكرت وك رف ال عنها سترا على نبيه‪ ً،‬فما ينبغى إظهارها عليه‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬لسماعى هذا الكلم أحسب‬
‫إلسى مما طعلت عليه الشمس‪ .‬والذى يدل عليه المثل الذى ضربه ال لقصته عليه السلم ليس إل طلبه‬
‫إلى زوج المرأة أن ينزل عنها فحسب"‪.‬‬
‫فأنت ترى أن الزمخشرى يرتضى قصة النزول عن الزوجة‪ ً،‬وقصة الخطبة على الخطبة‪ ً،‬ول يرى فى‬
‫ذلك إخللل بعصمة داود‪ ً،‬ول مساسا بمقام النبوة‪ ً،‬ويمثل قصة النزول بما كان من تنازل النصار‬
‫للمهاجرين عن أزواجهم فى مبدأ الهجرة‪ ً،‬ويروى أن الية تدل على ذلك‪ ً،‬ولكنه يستنكر القصة الخيرة‪ً،‬‬
‫ويذكر فى الخبار ما يؤكد استبعادها‪ ً،‬وذلك لنه يرى فيها ‪ -‬لو صرحت ‪ -‬إخللل بمقام النبوة‪ ً،‬وهدما‬
‫لعصمة نبى ال داود عليه السلم‪.‬‬
‫كذلك نرى الزمخشرى فى السورة نفسها عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪} :[34‬مولممقهد مفمترنا يسلمهيممامن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫موأمهلمقهيمنا معملـى يكهررسييره مجمسدا يثرم أممنامب{ُ‪ ..‬يقول "قيل‪ :‬يفرتن سليمان بعد ما يميلك عشرين سنة‪ ً،‬وممملك بعد الفتنة‬
‫عشرين سنة‪ .‬وكانت من فتنة‪ :‬أنه يورلد له ابن فقالت الشياطين‪ :‬إن عاش لم ننفك من السخرة‪ ً،‬فسبيلنا أن‬
‫نقتله أو نخبله‪ ً،‬فعلم‪ .‬فكان يغذوه فى السحاب‪ ً،‬فما راعه إل أن يألقى على كرسيه ميتا‪ ً،‬فتبنه على خطئه‬
‫فى أن لم يتوكل فيه على ربه‪ ً،‬فاستغفر ربه وتاب إليه‪ .‬وروى عن النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬قال‬
‫سليمان‪ :‬لطوف رن الليلة على سبعين امرأة‪ ً،‬كل واحدة تأتى بفارس يجاهد فى سبيل ال ‪ -‬ولم يقل إن شاء‬
‫ال ‪ -‬فطاف عليه رن فلم يحمل إل امرأة واحدة‪ ً،‬جاءت بشقا رجل‪ ً،‬والذى نفسى بيده لو قال‪ :‬إن شاء ال‬
‫لجاهدوا فى سبيل فرسانا أجمعون"‪ .‬فذلك قوله تعالى‪} :‬موملمقهد مفمترنا يسملهيممامن{ُ‪ .‬وهذا ونحوه مما ل بأس به‪.‬‬
‫وأما ما يروى من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن فى بيت سليمان فال أعلم بصحته‪ .‬حكوا أن‬
‫سليمان بلغه خبر صيدون‪ ً،‬وهى مدنية فى بعضِ الجزائر‪ ً،‬وأن بها ممرلكا عظيم الشأن ل ييقوى عليه‬
‫لتحصنه بالبحر‪ ً،‬فخرج إليه تحمله الريح حتى أناخ بجنوده من الجن والنس فقتل ملكها‪ ً،‬وأصاب بنتا له‬
‫اسمها "جرادة"‪ .‬ومن أحسن الناس وجها‪ ً،‬وفاصطفاها لنفسه‪ .‬وأسلمت‪ ً،‬وأحبها‪ .‬وكانت ل يرقأ دمعها‬
‫على أبيها‪ ً،‬فأمر الشياطين فمرثلوا بها صورة أبيها فكستها مثل كسوته‪ ً،‬وكانت تغدو إليها وتروح مع‬
‫كعادتهن فى ملكه‪ ً،‬فأخبر آصف سليمان بذلك‪ ً،‬فكسر الصورة‪ ً،‬وعاقب المرأة‪ ً،‬ثم‬ ‫س‬ ‫ولئدها‪ ً،‬يسجدن له‬
‫خرج وحده إلى مفلهَة ويفرش له الرماد فجلس عليه تائبا إلى ال متضرعا‪ .‬وكانت له أم ولد يقال لها‬
‫"أمينة" إذا دخل للطهارة أو الصابة امرأة وضع خاتمه عندها ‪ -‬وكان يملكه فى خاتمه ‪ -‬فوضعه عندها‬
‫يوما‪ ً،‬وأتاها الشيطان صاحب البحر ‪ -‬وهو الذى مدرل سليمان على الماس حين أمر ببناء بيت المقدس‪ً،‬‬
‫واسمه "صخر" ‪ -‬على صورة سليمان فقال‪ :‬يا أمينة‪ ً،‬خاتمى‪ ً،‬فتخرتم به وجلس على كرسى سليمان‪ً،‬‬
‫وعكفت عليه الطير والجن والنس وغرير سليمان من هيئته‪ ً،‬فأتى أمينة لطلب الخاتم فأنكرته وطردته‪ً،‬‬
‫فعرف أن الخطيئة قد أدركته‪ .‬فكان يدور على البيوت يتكفف‪ ً،‬فإذا قال أنا سليمان‪ ً،‬حثوا عليه التراب‬
‫وسسبوه‪ ً،‬ثم عمد إلى السرماكين ينقل لهم السمك فيعطونه كل يوم سمكتين فمكث على ذلك أربعين صباحا‬
‫عدد ما يعربد الوثن فى بيته‪ ً،‬فأنكر آصف وعظماء بنى إسرائيل حكم الشيطان‪ .‬وسأل آصف نساء‬
‫سليمان‪ ً،‬فقلن‪ :‬ما يدع امرأة منا فى دمها ول يغتسل من جنابة‪ .‬وقيل‪ :‬بل نفذ حكمه فى كل شئ إل‬
‫فيهن‪ .‬ثم طار الشيطان وقذف الخاتم‪ .‬فتخرتم به ووقع ساجدا‪ ً،‬ورجع إليه يملكه‪ ً،‬وجاب صخرة لـ‬
‫"صخر" فجعله فيها‪ ً،‬وسرد عليه بأخرى‪ ً،‬ثم أوثقها بالحديد والرصاص وقذفه فى البحر‪ .‬وقيل‪ :‬لما افتتن‬
‫كان يسقط الخاتم من يده ل يتماسك فيها‪ ً،‬فقال له آصف‪ :‬إنك لمفتون بذنبك‪ .‬والخاتم ل يقر فى يدك‪ً،‬‬
‫فيتهب إلى ال معرز ومجرل‪ .‬ولقد أبى العلماء المتقنون قبوله‪ ً،‬وقالوا‪ :‬هذا من أباطيل اليهود‪ ً،‬والشياطين ل‬
‫يتمكون من فعل هذه الفاعيل‪ ً،‬وتسليط ال إياهم على عباده حتى يقعوا فى تغيير الحكام‪ ً،‬وعلى نساء‬
‫النبياء حتى يفجروا بهن قبيح‪ .‬وأما اتخاذ التماثيل فيجوز أن تختلف فيه الشرائع‪ ً،‬أل ترى إلى قوله‪:‬‬
‫}رمن رممحارريمب مومتممارثيمل{ُ‪ ..‬وأما السجود للصورة فل ييظن ينبى ال أن يأذن فيه‪ ً،‬وإذا كان بغير علمه فل‬
‫عليه"‪.‬‬
‫ومجرلسى أن الزمخشرى قد صررج بجواز الروايتين )الولى والثانية( ورأى أنه ل بأس من وقوع إحداهما‪ً،‬‬
‫ولكنه مفرنمد الرواية الخيرة ‪ -‬رواية صخر المارد ‪ -‬ومبريمن أنها يتهذرهب بعصمة النبياء‪ ً،‬ول تتفقا وقواعد‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫‪ ...‬وهكذا لم يقع الزمخشرى فيما وقع فيه غيره من المفيسرين من الغترار بالمقصص السرائيلى‬
‫والخبار المختلفةف المصنوعة‪ ً،‬وهذه محمدة أخرى لهذا المفيسر الكبير يتحممد له وييشمكر عليها‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فهذه الكتب الثلثة‪ :‬تنزيه القرآن عن المطاعن‪ ً،‬وأمالى الشريف المرتضى‪ ً،‬وكرشاف‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الزمخشرى‪ ً،‬هى كل ما وصل إلى أيدينا من تراث المعتزلة ومؤلفاتهم فى التفسير‪ ً،‬وهى وإن كانت‬
‫ل إلى حد كبير عن‬ ‫قليلة بالنسبة لما لم تنله أيدينا من تفاسير المعتزلة‪ ً،‬يمكن أن تكون تعويضا مقبو ل‬
‫التفاسير التى طوتها يد النسيان‪ ً،‬وأدرجتها فى غضون الزمن السحيقا‪ .‬وهى بعد ذلك يتعتبر أثرا خالدا‬
‫ومهما‪ ً،‬ل فى تاريخْ التفسير العتزالى فقط‪ ً،‬بل فيه‪ ً،‬وفى تاريخْ الدب العربى كذلك‪ ً،‬لما تشتمل عليه‬
‫من بحوث أدبية قيمة‪ ً،‬تلقى لنا ضوءا على ما كان بين الدب والتفسير من تأثر كل منهما بالخر‬
‫وتأثيره فيه‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) كلمة إجمالية عن الشيعة وعقائدهم (‬

‫*كلمة إجمالية عن الشيعة وعقائدهم‪:‬‬


‫الشيعة في الصل‪ ً،‬هم الذين شايعوا عليا وأهل بيته ووالوهم‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إن عليا هو المام بعد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وإن الخلفة حقا له‪ ً،‬استحقها بوصية من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وهي ل‬
‫تخرج عنه في حياته‪ ً،‬ول عن أبنائه بعد وفاته‪ ً،‬وإن خرجت عنهم فذلك يرجع إلى واحد من أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يغتصب غاصب ظالم هذا الحقا لنفسه‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن يتخلى صاحب الحقا عنه في الظاهر‪ ً،‬تقرية منه‪ ً،‬ودرءا للشر عن نفسه وعن أتباعه‪.‬‬
‫وهذا المذهب الشيعي‪ ً،‬من أقدم المذاهب السلمية‪ ً،‬وقد كان مبدأ ظهوره في آخر عهد عثمان رضي‬
‫ال عنه‪ ً،‬ثم نما واتسع على عهد علسي رضي ال عنه‪ ً،‬إذ كان كلما اختلط ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬بالناس‬
‫تملكهم العجب‪ ً،‬واستولت عليهم الدهشة‪ ً،‬مما يظهر لهم من قوة دينه‪ ً،‬ومكنون علمه‪ ً،‬وعظيم مواهبه‪ً،‬‬
‫فاستغل الدعاة كل هذا العجاب وأخذوا ينشرون مذهبهم بين الناس‪.‬‬
‫ثم جاء عصر بني يأمية وفيه وقعت المظالم على العلويين‪ ً،‬ونزلت بهم محن قاسية‪ ً،‬أثارت كامن المحبة‬
‫علي وذيريته شهداء هذا الظلم المور‪ ً،‬فاتسع نطاقا‬ ‫لهم‪ ً،‬وحسركت دفين الشفقة عليهم‪ ً،‬ورأى الناس في س‬
‫لعلي وأهل بيته‪ ً،‬وتفضيلهم على من‬ ‫هذا المذهب الشيعي وكثر أنصاره‪ .‬ويظهر لنا أن هذا الحب ر‬
‫سواهم‪ ً،‬ليس بالمر الذيِ مجرد وحدث بعد عصر الصحابة‪ ً،‬بل يوجمد من الصحابة ممن كان يحب عليا‬
‫ويرى أنه أفضل من سائر الصحابة‪ ً،‬وأنه أولى بالخلفة من غيره‪ ً،‬كعرمار بن ياسر‪ ً،‬والمقداد بن‬
‫السود‪ ً،‬وأبي ذر الغفاريِ‪ ً،‬وسلمان الفارسي‪ ً،‬وجابر بن عبد ال‪ ...‬وغيرهم كثير‪.‬‬
‫غير أن هذا الحب والتفضيل لم يمنع أصحابه من مبايعة الخلفاء الذين سبقوا عليا رضي ال عنه‪ً،‬‬
‫لعلمهم أن المر شورى بينهم‪ ً،‬وأن صلح السلم والمسلمين ل بد له من شمل متحد وكلمة مجموعة‪ً،‬‬
‫كما أن المر لم يصل بهم إلى القول بالمبدأ الذيِ تكاد تتفقا عليه كلمة الشيعة‪ ً،‬ويرونه قوام مذهبهم‬
‫لمة‪ ً،‬ويعين القائم بها‬ ‫وعقيدتهم وهو "أن المامة ليست من مصالح العامة التي يتفروضِ إلى نظر ا ي‬
‫لمة‪ ً،‬بل يجب‬ ‫بتعيينهم‪ ً،‬بل هي ركن الدين وقاعدة السلم‪ ً،‬ول يجوز للنبي إغفاله ول تفويضه إلى ا ي‬
‫عليه تعيين المام لهم‪ ً،‬ويكون معصوما من الكبائر والصغائر‪ ً،‬وأن عليا رضي ال عنه‪ ً،‬هو الذيِ عرينه‬
‫رسول ال صلوات ال وسلمه عليه"‪.‬‬
‫لم يكن الشيعة جميعا متفقين في المذهب‪ ً،‬والعقيدة‪ ً،‬بل تفسرقت بهم الهواء فانقسموا إلى رفمرقا رعسدة‪ً،‬‬
‫يرجع أساس اختلفها وانقسامها إلى عاملين قويين‪ ً،‬كان لهما كل الثر تقريبا في تعدد رفمرقا الشيعة‬
‫وتفرقا مذاهبهم‪.‬‬
‫أولهما‪ :‬اختلفهم في المبادئ والتعاليم‪ ً،‬فمنهم ممن تغلى في تشيعه وتطسرف فيه إلى حد جعله يلقى على‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الئمة نوعا من التقديس والتعظيم‪ ً،‬ويرمي كل ممن خالف عليما وحزبه بالكفر‪ .‬ومنهم ممن اعتدل في‬
‫تشيعه فاعتقد أحقية الئمة بالمامة وخطأ من خالفهم‪ ً،‬ولكن ليس بالخطأ الذيِ يصل بصاحبه إلى درجة‬
‫الكفر‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬الختلف في تعيين الئمة‪ ً،‬وذلك أنهم اتفقوا جميعا على إمامة علسي رضي ال عنه‪ ً،‬ثم على‬
‫إمامة ابنه الحسن من بعده‪ ً،‬ثم على إمامة الحسين من بعد أخيه‪ .‬ولما يقتل الحسين على عهد يزيد بن‬
‫معاوية تعددت وجهة نظر الشيعة فيمن يكون المام بعد الحسين رضي ال عنه‪:‬‬
‫ففريقا يرى أن الخلفة بعد قتل الحسين انتقلت إلى أخيه من أبيه‪ ً،‬محمد ابن علسي‪ ً،‬المعروف بابن‬
‫الحنفية‪ ً،‬فبايعوه بها‪.‬‬
‫وفريقا ثان‪ :‬يرى حصر المامة في ولد علسي من فاطمة‪ ً،‬وقد أصبحت بعد قتل الحسين حقا لولد‬
‫الحسن‪ ً،‬لنه أكبر إخوته فل يؤثر بها غير أولده‪ ً،‬وهم ينتظرون كبرهم ليبايعوا أرشدهم‪.‬‬
‫وفريقا ثالث‪ :‬يرى ما يراه الفريقا الثاني من حصرها في ولد علسي من فاطمة‪ ً،‬غاية المر أنه يقول‪ :‬إن‬
‫الحسن قد تنازل عنها فسقط حقا أولده فيها‪ ً،‬وبقيت المامة حقا لولد الحسين الذيِ يقتل من أجلها فهم‬
‫أولى بالنتظار‪.‬‬
‫بلغ عدد الرفمرقا التي انقسم إليها الشيعة حدا كبيرا من الكثرة‪ ً،‬منها ممن تغالى في تشيعه وتجاوز بمعتقداته‬
‫حد العقل واليمان‪ ً،‬ومنها ممن اعتدل في تشيعه فلم تبالغ كما بالغ غيرها‪.‬‬
‫ولست بمستوعب كل هذه الفرقا‪ ً،‬ولكني سأقتصر على فرقتين هما‪ :‬الزيدية‪ ً،‬والمامية "الثنا عشرية"‪ً،‬‬
‫والسماعيلية‪ ً،‬لني لم أعثر على مؤلفات في التفسير لغير هاتين الفرقتين من فرقا الشيعة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) الزيدية (‬

‫فهم أتباع زيد بن علسي بن الحسين رضي ال عنهم‪ ً،‬طمحت نفسه إلى استرداد الخلفة‪ ً،‬فخرج على‬
‫صلب‪ ً،‬ثم يأحرقا جسده‪ .‬وقد‬ ‫الخليفة المويِ هشام بن عبد الملك‪ ً،‬ولكن أتباعه خذلوه وتفررقوا عنه فيقتل و ي‬
‫ورد في سبب تفرقا أصحابه عنه وخذلنهم له "أنه لما اشتد القتال بينه وبين يوسف ابن عمر الثقفي‬
‫عامل هشام بن عبد الملك‪ ً،‬قال الذين بايعوه‪ :‬ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فقال زيد‪ :‬اثنى عليهما جديِ‬
‫علسي‪ ً،‬وقال فيهما حسنا‪ ً،‬وأنما خروجي على بني يأمية‪ ً،‬فإنهم قاتلوا جديِ عليا‪ ً،‬وقتلوا جديِ حسينا‪ً،‬‬
‫فخرجوا عليه ورفضوه‪ ً،‬فيسسموا رافضة بذلك السبب"‪.‬‬
‫والزيدية أقرب فرقا الشيعة إلى الجماعة السلمية‪ ً،‬إذ أنها لم تغل في معتقداتها‪ ً،‬ولم يمكيفر الكثرون‬
‫منها أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولم ترفع الئمة إلى مرتبة الله أو إلى درجة النبيين‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) قوام مذهب الزيدية (‬

‫وقوام مذهب زيد وأتباعه إلى ما قبل طرو التغير عليه والتفرقا بين أصحابه‪ ً،‬هو ما يأتي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن المام منصوص عليه بالوصف ل بالسم‪ ً،‬وهذه الوصاف هي‪ :‬كونه فاطميا‪ ً،‬ورعا‪ ً،‬سخيا‪ً،‬‬
‫يخرج داعيا الناس لنفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه يجوز إمامة المفضول مع وجود ممن هو أفضل منه بتوفر هذه الصفات فيه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وبنوا على هذا أنه لو وقع اختيار يأولي الحل والعقد على إمام تتوفر فيه هذه الصفات مع وجود ممن‬
‫تتوفر فيه صرحت إمامته‪ ً،‬ولزمت مبهيعته‪ ً،‬ولهذا قالوا بصحة إمامة أبي بكر وعمر رضي ال عنهما‪ً،‬‬
‫وعدم تكفير الصحابة ببيعتهما‪.‬‬
‫ولقد كان من مذهب الزيدية جواز خروج إمامين في يقهطرين مختلفين ل في يقهطر واحد‪ ً،‬كما كان من‬
‫مذهبهم أن مرتكب الكبيرة إذا لم يتب فهو يممخرلد في النار‪ ً،‬وهذا هو معهين مذهب المعتزلة‪ .‬ويظهر أن‬
‫هذه العقيدة تسرربت من المعتزلة إلى الزيدية فقالوا بها كما قالوا بكثير من مبادئهم‪ .‬والسر في ذلك هو‬
‫أن زيدا يقهطر واحد‪ ً،‬كما كان من مذهبهم أن مرتكب الكبيرة إذا لم يتب فهو يممخرلد في النار‪ ً،‬وهذا هو‬
‫معهين مذهب المعتزلة‪ .‬ويظهر أن هذه العقيدة تسرربت من المعتزلة إلى الزيدية فقالوا بها كما قالوا بكثير‬
‫من مبادئهم‪ .‬والسر في ذلك هو أن زيدا رحمه ال تتلمذ لواصل بن عطاء‪ ً،‬فأخذ عنه آراءه العتزالية‬
‫وقال بها‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬بل تفررقوا واختلفت عقائدهم‪ .‬وقد ذكر لنا‬ ‫غير أن الزيدية لم يدوموا على وحدتهم الذهبية زمنا طوي ل‬
‫صاحب "المواقف" أنهم تفررقوا إلى ثلث رفمرقا‪ ً،‬وذكر لكل فرقة خصائصها ومميزاتها وعقائدها‪ ً،‬ول‬
‫نطيل بذكر ذلك‪ .‬وممن أراد الوقوف عليه فليرجع إليه في موضعه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) المامية (‬

‫أما المامية فهم القائلون بأن النبي صلى ال عليه وسلم نص على إمامة علسي رضي ال عنه نصا‬
‫ظاهرا‪ ً،‬ل بطريقا التعريضِ بالوصف كما يقول الزيدية‪ ً،‬كما أنهم يحصرون المامة بعد علسي في ولده‬
‫من فاطمة رضي ال عنها‪.‬‬
‫وأصحاب هذا المذهب قد بالغوا في تشيعهم‪ ً،‬وتعدوا حدود العقل والشرع‪ ً،‬فكرفروا الكثير من الصحابة‪ً،‬‬
‫واعتبروا أبا بكر وعمر مغتصبين للخلفة ظالمين لعلسي رضي ال عنه‪ ً،‬فأوجبوا التبرؤ منهما‪ ً،‬ولم يسلم‬
‫من هذا التطرف إل نفر قليل‪ ً،‬كالعلمة الطبرسي صاحب التفسير‪.‬‬
‫وقد اتفقا المامية على إمامة علسي رضي ال عنه‪ ً،‬ثم انتقلت المامة إلى ابنه الحسن بالوصية له من‬
‫أبيه‪ ً،‬ثم إلى أخيه الحسين من بعده‪ ً،‬ثم إلى ابنه‬
‫علي زين العابدين‪ ً،‬ثم إلى ابنه محمد الباقر‪ ً،‬ثم إلى ابنه جعفر الصادقا‪ ً،‬ثم اختلفوا بعد ذلك في سهوقا‬
‫ر‬
‫المامة‪ ً،‬وانقسموا إلى رفمرقا عدة أشهرها فرقتان‪ :‬المامية الثنا عشرية‪ ً،‬والمامية السماعيلية‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) المامية الثنا عشرية (‬

‫أما المامية الثنا عشرية‪ ً،‬فيرون أن المامية بعد جعفر الصادقا انتقلت إلى ابنه موسى الكاظم‪ ً،‬ثم إلى‬
‫ابنه علسي الرضا‪ ً،‬ثم إلى ابنه محمد الجواد‪ ً،‬ثم إلى ابنه علسي الهاديِ‪ ً،‬ثم إلى ابنه الحسن العسكريِ‪ ً،‬ثم‬
‫إلى ابنه محمد المهديِ المنتظر وهو المام الثاني عشر‪ ً،‬ويزعمون أنه دخل سردابا في دار أبيه بـ‬
‫"سير ممن رأى" ولم يعد بعد‪ ً،‬وأنه سيخرج في آخر الزمان‪ ً،‬ليمل الدنيا عدلل وأمنا‪ ً،‬كما يملئت ظلما‬
‫وخوفا‪.‬‬
‫وهؤلء قد جاوزوا الحد في تقديسهم للئمة‪ ً،‬فزعموا‪ :‬أن المام له صلة روحية بال كصلة النبياء‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬إن اليمان بالمام جزء من اليمان بال‪ ً،‬وأن ممن مات غير معتقد بالمام فهو ميت على الكفر‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وغير ذلك من اعتقاداتهم الباطلة في الئمة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) أشهر تعاليم المامية الثنا عشرية (‬

‫وأشهر تعاليم المامية الثنا عشرية أمور أربعة‪ :‬العصمة‪ ً،‬والمهدية‪ ً،‬والرجعة‪ ً،‬والتقية‪.‬‬
‫أما العصمة‪ :‬فيقصدون منها أن الئمة معصومون من الصغائر والكبائر في كل حياتهم‪ ً،‬ول يجوز‬
‫عليهم شيء من الخطأ والنسيان‪.‬‬
‫وأما المهدية‪ :‬فيقصدون منها المام المنتظر الذيِ يخرج في آخر الزمان فيمل الرضِ أمنا وعد ل‬
‫ل‪ ً،‬بعد‬
‫أن يملئت خوفا وجورا‪ .‬وأول ممن قال بهذا هو "كيسان" مولى علسي بن أبي طالب في محمد ابن الحنفية‪.‬‬
‫ثم تسرربت إلى طوائف المامية‪ ً،‬فكان لكل منها مهديِ منتظر‪.‬‬
‫وأما الرجعة‪ :‬فهي عقيدة لزمة لفكرة المهدية‪ ً،‬ومعناها‪ :‬أنه بعد ظهور المهديِ المنتظر‪ ً،‬يرجع النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم إلى الدنيا‪ ً،‬ويرجع علسي‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬والحسين‪ ً،‬بل وكل الئمة‪ ً،‬كما يرجع خصومهم‪ً،‬‬
‫كأبي بكر وعمر‪ ً،‬فييقتص لهؤلء الئمة من خصومهم‪ ً،‬ثم يموتون جميعا‪ ً،‬ثم يحيون يوم القيامة‪.‬‬
‫وأما التقية‪ :‬فمعناها المداراة والمصانعة‪ ً،‬وهي مبدأ أساسي عندهم‪ ً،‬وجزء من الدين يكتمونه عن الناس‪ً،‬‬
‫فهي نظام سرى يسيرون على تعاليمه‪ ً،‬فيدعون في الخفاء لمامهم المختفى ويظهرون الطاعة لمن بيده‬
‫المر‪ ً،‬فإذا قويت شوكتهم أعلنوها ثورة مسلحة في وجه الدولة القائمة الظالمة‪.‬‬
‫هذه هي أهم تعاليم المامية الثنا عشرية‪ ً،‬وهم يستدلون على كل ما يقولون ويعتقدون بأدلة كثيرة‪ ً،‬غير‬
‫أنها ل يتسرلم لهم‪ ً،‬ول يتثبت مدعاهم‪ .‬ونحن نمسك عنها وعن ردها خوف الطالة‪ ً،‬وسيمر بك ‪ -‬إن شاء‬
‫ال تعالى ‪ -‬شيء من ذلك‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) المامية السماعيلية (‬

‫وأما المامية السماعيلية‪ ً،‬فيرون أن المامة بعد جعفر الصادقا انتقلت إلى ابنه إسماعيل‪ ً،‬بالنص من‬
‫أبيه على ذلك‪ ً،‬قالوا‪ :‬وفائدة النص مع أنه مات قبل أبيه هو بقاء المامة في عقبه‪ ً،‬ثم انتقلت المامة من‬
‫إسماعيل إلى ابنه محمد المكتوم‪ ً،‬وهو أول الئمة المستورين‪ ً،‬وبعده تتابع أئمة مستورون إلى أن ظهر‬
‫بالدعوة المام عبد ال المهديِ رأس الفاطميين‪.‬‬
‫ثم إن هؤلء المامية السماعيلية لييقبوا بسبعة ألقاب‪ ً،‬وبعضِ هذه اللقاب أسماء لبعضِ فرقهم‪ ً،‬وهذه‬
‫اللقاب هي ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬السماعيلية‪ :‬لثباتهم المامة لسماعيل بن جعفر الصادقا كما قلناه‪.‬‬
‫‪ - 2‬الباطنية‪ :‬لقولهم بالمام الباطن أيِ المستور‪ ً،‬أو لقولهم بأن للقرآن ظاهرا وباطنا‪ ً،‬والمراد منه باطنه‬
‫دون ظاهره‪.‬‬
‫‪ -3‬القرامطة‪ :‬لن أولهم الذيِ دعا الناس إلى مذهبهم رجل يقال له "حمدان قرمط"‪.‬‬
‫‪ -4‬الحرمية‪ :‬لباحتهم المحررمات والمحارم‪.‬‬
‫‪ -5‬السبعية‪ :‬لنهم زعموا أن النطقاء بالشرائع سبعة‪ :‬آدم‪ ً،‬ونوح‪ ً،‬وإبراهيم‪ ً،‬وموسى‪ ً،‬وعيسى‪ ً،‬ومحمد‪ً،‬‬
‫ومحمد المهديِ المنتظر سابع النطقاء‪ ً،‬وبين كل اثنين من النطقاء سبعة أئمة يتممون شريعته‪ ً،‬ول بد في‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كل عصر من سبعة بهم ييقتدى وبهم ييهتدى‪.‬‬
‫‪ -6‬البابكية أو الخرمية‪ :‬لتباع طائفة منهم "بابك الخرمي" الذيِ خرج بأذربيجان‪.‬‬
‫‪ -7‬المحمرة‪ :‬للبسهم الحمرة أيام بابك‪ ً،‬أو لتسميتهم المخالفين لهم حميرا‪.‬‬
‫هذا وسيأتي بعد ما يكشف لنا عن عقيدة هؤلء الباطنية‪ ً،‬عندما نتكلم عن موقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم‪.‬‬
‫وقبل أن أخلص من هذه اليعمجالة أسوقا لك كلمة أنقلها بنصها عن أبي المظفر السفرايني في كتابه‬
‫"التبصير في الدين" قال رحمه ال‪:‬‬
‫"واعلم أن الزيدية‪ ً،‬والمامية منهم‪ ً،‬يمكيفر بعضهم بعضا‪ ً،‬والعداوة بينهم قائمة دائمة‪ ً،‬والكيسانية يمعدون‬
‫في المامية‪ .‬واعلم أن جميع ممن ذكرناهم من رفرقا المامية متفقون على تكفير الصحابة‪ ً،‬ويردعون أن‬
‫القرآن قد يغيير عما كان‪ ً،‬ووقع فيه الزيادة والنقصان من رقمبل الصحابة‪ ً،‬ويردعون أن القرآن قد يغيير عما‬
‫كان‪ ً،‬ووقع فيه الزيادة والنقصان من رقمبل الصحابة‪ ً،‬ويزعمون أنه قد كان فيه النص على إمامة علسي‬
‫فأسقطه الصحابة منه‪ ً،‬ويزعمون أنه ل اعتماد على القرآن الن ول على شيء من الخبار المروية عن‬
‫المصطفى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويزعمون أنه ل اعتماد على الشريعة التي في أيديِ المسلمين‪ً،‬‬
‫وينتظرون إماما يسمونه "المهديِ" يخرج ويعلمهم الشريعة‪ ً،‬وليسوا على شيء من الدين وليس‬
‫مقصودهم من هذا الكلم تحقيقا الكلم في المامة‪ ً،‬ولكن مقصودهم إسقاط كلفة تكليف الشريعة عن‬
‫أنفسهم حتى يتوسعوا في استحلل المحررمات الشرعية‪ ً،‬ويعتذروا عند العوام بما يعدونه من تحريف‬
‫الشريعة وتغير القرآن من عند الصحابة‪ ً،‬ول مزيد على هذا النوع من الكفر‪ ً،‬إ ل بقاء فيه على شيء‬
‫من الدين"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) موقف الشيعة من تفسير القرآن الكريم (‬

‫إذا نحن أجلنا النظر في مذهب الشيعة‪ ً،‬وجدنا أصحابه لم يسلموا من التفرقا والتحزب والنقسام في‬
‫الرأى والعقيدة‪ .‬فبينا نجد الغلة الذين رفعوا عليا إلى مرتبة اللهة فكفروا‪ ً،‬نجد المعتدلين الذين يرون‬
‫عليا أفضل من غيره من الصحابة‪ ً،‬وأنه أحقا بالولية وأولى بها من غيره فحسب‪ ً،‬ونجد ممن يقف موقفا‬
‫وسطا بين هؤلء وهؤلء‪ ً،‬فل هو يؤيله عليا‪ ً،‬ول هو يرى أنه بشر ييخطيء وييصيب‪ ً،‬بل يرى أنه‬
‫معصوم‪ ً،‬وأنه الخليفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم غير منازع ول مدافع وإن يغلب على أمره‬
‫صمبت الولية منه‪.‬‬‫واعيت ر‬
‫ولم يقل أمر الشيعة عند حد النقسام إلى حزبين أو ثلثة‪ ً،‬بل تفررقت بهم الهواء ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬إلى حد‬
‫الكثرة في التحزب‪ ً،‬وكان كل حزب له عقيدة خاصة ل يشاركه فيها غيره‪ ً،‬ورأى خاص ل يقول به‬
‫سواه‪.‬‬
‫وكان طبيعيا ‪ -‬وكل حزب من هذه الحزاب ميردعي السلم‪ ً،‬ويعترف بالقرآن ولو في الجملة ‪ -‬أن‬
‫يبحث كل عن مستند يستند إليه من القرآن ويحرص كل الحرص على أن يكون القرآن شاهدا له ل‬
‫ل على مذهبه تمسك به‪ ً،‬وأخذ في إقام مذهبه على‬ ‫عليه‪ ً،‬فما وجده من اليات القرآنية يمكن أن يكون دلي ل‬
‫دعامة منه‪ .‬وما وجده مخالفا لمذهبه حاول بكل ما يستطيع أن يجعله موافقا ل مخالفا‪ ً،‬وإن أدى هذا كله‬
‫ضمع له ورسيمقا من أجله‪ .‬وإليك طرفا من تأويلت هؤلء‬ ‫إلى خروج اللفظ القرآني عن معناه الذيِ يو ر‬
‫الغلة‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* من تأويلت السبئية‪:‬‬
‫ل نجد بعضِ السبئية يزعم أن عليا فى السحاب‪ ً،‬وعلى هذا ييفيسرون الرعد بأنه صوت‬ ‫فمث ل‬
‫على‪ ً،‬والبرقا بأنه لمعان سهوطه أو تبسمه‪ ً،‬ولهذا كان الواحد منهم إذا سمع صوت الرعد يقول‪ :‬عليك‬ ‫ر‬
‫السلم يا أمير المؤمنين‪.‬‬
‫كذلك ندد زعيم السبئية يزعم أن محمدا صلى ال عليه وسلم سيرجع إلى الحياة الدنيا‪ ً،‬وتأرول على ذلك‬
‫ضِ معلمهيمك ٱهليقهرآمن لممرآسدمك إرلمـى مممعاهَد{ُ‪* .‬‬ ‫قوله تعالى فى الية ]‪ [85‬من سورة القصص‪} :‬إررن ٱرلرذيِ مفمر م‬
‫* من تأويلت البيانية‪:‬‬
‫كذلك نجد بيان بن سمعان التميمى زعيم البيانية‪ ً،‬يزعم أنه هو المذكور فى القرآن بقوله تعالى فى الية‬
‫]‪ [138‬من سورة آل عمران‪} :‬مهــمذا مبميافن يللرنارس مويهلدى موممهورعمظفة ليهليمرترقيمن{ُ‪ ..‬ويقول‪ :‬أنا البيان‪ ً،‬وأنا‬
‫الهدى والموعظة‪.‬‬
‫كما نراه يزعم أن ال تعالى رجل من نور‪ ً،‬وأنه يفنى كله غير وجهه‪ ً،‬ويتأرول على زعمه هذا قوله‬
‫تعالى فى الية ]‪ [88‬من سورة القصص‪:‬‬
‫ل موهجمهيه{ُ‪ ..‬وقوله فى اليتين ]‪ [27 - 26‬من سورة الرحمن‪} :‬يكسل ممهن معلمهيمها مفاهَن *‬ ‫}يكسل مشهيهَء مهارلفك إر ر‬
‫موميهبمقـى موهجيه مريبمك‪.ُ{...‬‬
‫*‬
‫* من تأويلت المغيرية‪:‬‬
‫كذلك نجد المغيرة بن سعيد العجلى زعيم المغيرية يقول‪ :‬إن ال تعالى لما أراد أن يخلقا العاملم تكرلم‬
‫بالسم العظم‪ ً،‬فطار ذلك السم ووقع تاجا على رأسه‪ ً،‬وتأرول على ذلك قوله تعالى فى الية الولى من‬
‫لهعلمـى{ُ‪ ...‬وزعم أن السم العلى إنما هو ذلك التاج‪.‬‬ ‫سورة العلى‪} :‬مسيبح ٱهسم مريبمك ٱ م‬
‫ر‬
‫ويزعم المغيرة أيضا‪ :‬أن ال تعالى خلقا إظلل الناس قبل أجسادهم‪ ً،‬فكان أول ما خلقا منها ظل محمد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬وقال‪ :‬فذلك قوله فى الية ]‪ [81‬من سورة الزخرف‪} :‬يقهل رإن مكامن رللررهحممــرن موملفد‬
‫مفمأمنها أمرويل ٱهلمعاربردي من{ُ‪ ..‬قال‪ :‬ثم أرسل ظل محمد إلى أظلل الناس‪ ً،‬ثم عرضِ على السموات والجبال أن‬
‫يمنعن علسى أبى طالب من ظالميه فأبين ذلك‪ ً،‬فعرضِ ذلك على الناس‪ .‬فأمر عمر أبا بكر أن يتحمل‬
‫صره علسى ومنعه من أعدائه‪ ً،‬وأن يغدر به فى الدنيا‪ ً،‬وضمن له أن يعينه على الغدر به‪ ً،‬على شريطة‬ ‫ين ه‬
‫أن يجعل له الخلفة من بعده‪ ً،‬ففعل أبو بكر ذلك‪ .‬قال‪ :‬فذلك تأويل قوله فى الية ]‪ [72‬من سورة‬
‫ضِ موٱهلرجمبارل مفأمبهيمن مأن ميهحرمهلمنمها موأمهشمفهقمن رمهنمها مومحمملممها‬ ‫لممامنمة معملى ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬ ‫ضمنا ٱ م‬
‫الحزاب‪} :‬إررنا معمر ه‬
‫لهنمساين إررنيه مكامن مظيلوما مجيهولل{ُ‪ ..‬فزعم أن الظلوم والجهول أبو بكر‪.‬‬ ‫ٱر‬
‫لنمسارن ٱهكيفهر مفلمرما‬‫وتأرول فى عمر قوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة الحشر‪} :‬مكمممثرل ٱلرشهيمطارن إرهذ مقامل رل ر‬
‫مكمفمر مقامل إريني مبررييِفء يمنمك{ُ‪ ..‬والشيطان عنده عمر‪.‬‬
‫*‬
‫* من تأويلت المنصورية‪:‬‬
‫وكذلك نجد أبا منصور العجلى زعيم المنصورية والمعروف بـ "الركهسف"‪ ً،‬يزعم أنه يعررج به إلى‬
‫السماء‪ ً،‬وأن ال تعالى مسح بيده على رأسه سوقال له‪ :‬يا بنى بيلغ عنى‪ ً،‬ثم أنزله إلى الرضِ‪ ً،‬وزعم‬
‫أنه الركهسف الساقط من السماء المذكور فى قوله تعالى فى الية ]‪ [44‬من سورة فاطر‪} :‬مورإن ميمرهوها ركهسفا‬
‫يممن ٱلرسممآرء مسارقطا مييقويلوها مسمحافب رمهريكوفم{ُ‪.‬‬
‫وتأرولت هذه الطائفة الجرنة بأنها رجل يأرمرنا بمولته وهو المام‪ ً،‬والنار بالضد‪ ً،‬أى رجل أيرمرنا ببغضه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وهو ضد المام وخصمه كأبى بكر وعمر‪ ً،‬وتأرولوا الفرائضِ والممحررمات فقالوا‪ :‬الفرائضِ أسماء رجال‬
‫أيرمرنا بموالتهم‪ ً،‬والمحررمات أسماء رجال أيرمرنا بمعاداتهم‪.‬‬
‫*‬
‫* من تأويلت الخطابية‪:‬‬
‫كذلك نجد من الخطابية ممن يتأرول الجرنة بأنها نعيم الدنيا‪ ً،‬والنار بأنها آلمها‪ .‬ووجدنا منهم ممن يقول‪ :‬إنه‬
‫ل يؤمن إل وال تعالى ييوحى إليه‪ ً،‬وعلى هذا المعنى كانوا يتأرولون قوله تعالى فى الية ]‪ [145‬من‬
‫ل{ُ‪ ..‬ويقولون‪ :‬إن معناه‪ :‬بوحى من‬ ‫سورة آل عمران‪} :‬مومما مكامن رلمنهفهَس أمهن متيمومت إر ر‬
‫ل ربرإهذرن ال ركمتابا سممؤرج ل‬
‫ال‪ ً،‬ويقولون‪ :‬إذا جاز أن ييوحى إلى النحل كما ورد فى قوله تعالى فى الية ]‪ [68‬من سورة النحل‪:‬‬
‫}موأمهومحـى مرسبمك إرلمـى ٱلرنهحرل أمرن ٱرترخرذيِ رممن ٱهلرجمبارل يبييوتا مورممن ٱلرشمجرر مورمرما ميهعرريشومن{ُ‪ ..‬رلم ل يجوز أن ييوحى‬
‫إلينا؟‬
‫*‬
‫* من تأويلت العبيدين‪:‬‬
‫كذلك نجد أبا إسحاقا الشاطبى يذكرلنا عن بعضِ العلماء‪ :‬أن عبيد ال الشيعى المسمى المهدى‪ ً،‬حين‬
‫ملك إفريقيا واستولى عليها‪ ً،‬كان له صاحبان من كتامة ينتصر بهما على أمره‪ ..‬وكان أحدهما يسمى‬
‫بـ "نصر ال"‪ ً،‬والخر يسمى بـ "الفتح" فكان يقول لهما‪ :‬أنتما الرلذان ذكركما ال فى كتابه فقال‪} :‬إرمذا‬
‫صير ٱلرلره موٱهلمفهتيح{ُ قالوا‪ :‬وقد كان عمل ذلك فى آيات من كتاب ال تعالى فبردل قوله تعالى فى الية‬ ‫مجآمء من ه‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫]‪ [110‬من سورة آل عمران‪} :‬يكهنيتهم مخهيمر أرمهَة أهخررمجهت رللرنارس{ُ‪ ..‬بقوله‪" :‬كتامة خير أرمة أهخررجت للناس"‪.‬‬
‫فأنت ترى أن هؤلء الغلة الذين كفروا بما يعتقدو‪ ً،ً،‬يجدون فى صرف الرلفظ القرآنى عن معناه الذى‬
‫سيقا له إلى معنى يتفقا مع عقيدتهم‪ ً،‬ويتناسب مع أهوائهم ونزعاتهم‪ ً،‬وهم بعملهم هذا يمحيملون القرآن ما‬
‫ل يحتمله‪ ً،‬ويقولون على ال بغير علم ول برهان‪.‬‬
‫كذلك نجد المامية الثنا عشرية يميلون بالقرآن نحو عقائدهم‪ ً،‬ويلوونه حسب أهوائهم ومذاهبهم‪ً،‬‬
‫وهؤلء ليس لهم فى تفسيرهم المذهبى مستند صحيح يستندون إليه‪ ً،‬ول دليل سليم يعتمدون عليه‪ ً،‬وإنما‬
‫هى أوهام نشأت عن سلطان العقيدة الزائفة‪ ً،‬وخرافات صدرت من عقول عرشش فيها الباطل وأفرخ‪ً،‬‬
‫فكان ما كان من خرافات وترهات!!‬
‫نعم‪ ..‬يعتمد المامية الثنا عشرية فى تفسيرهم للقرآن الكريم ونظراتهم إليه‪ ً،‬على أشياء ل تعدو أن‬
‫تكون من قبيل الوهام والخرافات التى ل توجد إل فى عقول أصحابها‪ ً،‬فمن ذلك الذى يعتمدون عليه ما‬
‫يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬جمع القرآن الكريم وتأويله‪ ً،‬وهو كتاب جمع فيه علسى رضى ال عنه القرآن على ترتيب النزول‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬كتاب أملى فيه أمير المؤمنين عليه السلم ستين نوعا من أنواع علوم القرآن‪ ً،‬وذكر لكل نوع‬
‫مثالل يخصه‪ .‬ويعتقدون أنه الصل لكل ممن كتب فى أنواع علوم القرآن‪ ً،‬وهم يروون عن علسى رضى‬
‫ال عنه هذا الكتاب بطرقا عدة‪ ً،‬وهو فى أيديهم إلى اليوم‪ ً،‬ويبلغ ثلث عشرة ورقة إل ربعا بالقطع‬
‫الكبير الكامل‪ ً،‬كل صفحة منها سبعة وعشرون سطرا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الجامعة وهى كتاب طوله سبعون ذراعا من إملء رسول ال صلى ال عليه وسلم وخط علسى‬
‫عليه السلم‪ ً،‬مكتوب على الجلد المسمى بالرقا فى عرضِ الجلد‪ ً،‬يجرمعت الجلود بعضها ببعضِ حتى بلغ‬
‫طولها سبعين ذراعا وعدها من مؤلفات علسى باعتبار أنه كتبها ورتبها من قول رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وإملئه‪ .‬قالوا‪ :‬وفيها كل حلل وحرام‪ ً،‬وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الرش فى الخدش‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫رابعا‪ :‬الجفر‪ ً،‬وهو غير الجامعة وفيه يقول ابن خلدون‪" :‬واعلم أن كتاب الجفر كان أصله أن هارون‬
‫بن سعد العجلى وهو رأس الزيدية‪ ً،‬كان له كتاب يرويه عن جعفر الصادقا‪ ً،‬وفيه علم ما سيقع لهل‬
‫البيت على العموم‪ ً،‬ولبعضِ الشخاص منهم على الخصوص‪ ً،‬وقع ذلك لجعفر ونظائره من رجالتهم‪ً،‬‬
‫على طريقا الكرامة والكشف الذى يقع لمثلهم من الولياء‪ ً،‬وكان مكتوبا عند جعفر فى جلد ثور صغير‪ً،‬‬
‫فرواه عنه هارون العجلى‪ ً،‬وكتبه‪ ً،‬وسماه "الجفر" باسم الجلد الذى يكرتب فيه‪ ً،‬لن الجفر فى اللغة هو‬
‫الصغير‪ ً،‬وصار هذا السم معملما على هذا الكتاب عندهم‪ ً،‬وكان فيه تفسير القرآن وما فى باطنه من‬
‫غرائب المعانى‪ ً،‬مروية عن جعفر الصادقا‪ .‬وهذا الكتاب لم تتصل روايته‪ ً،‬ول يعررف معهينه‪ ً،‬وإنما‬
‫يظهر منه شواذ من الكلمات ل يصحبها دليل‪ ً،‬ولو صح السند إلى جعفر الصادقا لكان فيه رنهعم المستند‬
‫من نفسه‪ ً،‬أو من رجال قومه‪ ً،‬فهم أهل الكرامات"‪.‬‬
‫وييع يرف صاحب أعيان الشيعة "الجفر" بأنه كتاب أمله رسول ال صلى ال عليه وسلم على علسى رضى‬
‫ال عنه‪ ً،‬ويذكر فى ذلك أقوالل متضاربة ثم يقول بعد فراغه منها‪" :‬الظاهر من الخبار أن الجفر كتاب‬
‫فيه العلوم النبوية من حلل‪ ً،‬وحرام‪ ً،‬وأحكام‪ ً،‬ويأصول‪ ..‬ما يحتاج إليه الناس فى أحكام دينهم وما‬
‫يصلحهم فى دنياهم‪ ً،‬والخبار عن بعضِ الحوادث‪ ً،‬ويمكن أن يكون فيه تفسير بعضِ المتشابه من‬
‫القرآن المجيد‪ ً،‬ثم ينكر على من يستبعد أن يكون الجفر فيه كل هذه العلوم‪ ً،‬ويتمثل بقول أبى العلء‬
‫الممعيرى‪:‬‬
‫*لقد عجبوا لهل البيت لما * أروهم علمهم فى مسك جفر*‬
‫*ومرآة المنجم وهى صغرى * أرته كل عامرة وقفر*‬
‫خامسا‪ :‬مصحف فاطمة‪ ً،‬جاء فى البصائر‪" :‬أن أبا عبد ال سأله بعضِ الصحاب عن مصحف فاطمة‪ً،‬‬
‫فقال‪ :‬إنكم تبحثون عما تريدون وعما ل تريدون‪ .‬إن فاطمة مكثت بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫خمسة وسبعين يوما‪ ً،‬وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها‪ ً،‬وكان جبريل يأتيها وييحسن عزاءها على‬
‫أبيها‪ ً،‬وييطيب نفسها‪ ً،‬وييخبرها عن أبيها ومكانه‪ ً،‬وييخبرها بما يكون بعدها فى يذيريتها‪ .‬وكان علسى عليه‬
‫السلم يكتب ذلك‪ ً،‬فهذا مصحف فاطمة‪.‬‬
‫هذه هى أهم الشياء التى يستند إليها المامية الثنا عشرية فى تفسيرهم لكتاب ال تعالى‪ ً،‬وهى كلها‬
‫أوهام وأباطيل ل ثبوت لها إل فى عقول الشيعة‪ ..‬وكيف يكون سائغا ومقبولل أن ينبنى تفسير القرآن‬
‫وفهم معانيه على أوهام وأباطيل؟؟ لهذا نرى العلمة ابن قتيبة يشدد النكير على الشيعة فى تفسيرهم‬
‫لكتاب ال تعالى فيقول‪" :‬وأعجب من هذا التفسير ‪ -‬يعنى تفسير المعتزلة ‪ -‬تفسير الروافضِ للقرآن‪ً،‬‬
‫وما يردعونه من علم باطنه بما وقع إليهم من الجفر الذى ذكره هارون بن سعد العجلى‪ ً،‬وكان رأس‬
‫الزيدية فقال‪:‬‬
‫*ألم نر أن الرافضين تفررقوا * فكلهم فى جعفر قال منكرا*‬
‫*فطائفة قالوا‪ :‬إمام‪ ً،‬ومنهم * طوائف سرمته النبى اليمطرهرا*‬
‫*ومن عجب لم أقضه جلد جفرهم * مبررئيت إلى الرحمن ممن تجرفرا*‬
‫*مبرئيت إلى الرحمن من كان رافضِ * بصير بباب الكفر‪ ..‬فى الدين أعورا*‬
‫صرا*‬ ‫*إذا كرف أهل الحقا عن بدعة مضى * عليها‪ ً،‬وإن يمضوا على الحقا ق ر‬
‫*ولو قال‪ :‬إن الفيل ضفب لصردقوا * ولو قال‪ :‬زنجى تحرول أحمرا*‬
‫وأخلف من بول البعير فإنه * إذا هو للقبال يويجه أدبرا*‬
‫*فيقيبح أقوام رموه بفرية * كما قال فى عيسى المفرى ممن تنصرا*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قال أبو محمد‪ :‬وهو جلد جفر اردعوا أنه كتب فيه لهم المام كل ما يحتاجه إلى علمه‪ ً،‬وكل ما يكون إلى‬
‫يوم القيامة‪ ً،‬فمن ذلك قولهم فى قول ال معرز ومجرل‪} :‬موموررمث يسلمهيمماين مدايوومد{ُ‪ :‬إنه المام ورث النبى صلى‬
‫ال عليه وسلم علمه‪ .‬وقولهم فى قول ال عز وجل‪} :‬إررن ٱلرلمه ميهأيميريكهم أمهن متهذمبيحوها مبمقمرلة{ُ‪ :‬إنها عائشة‬
‫ضمها{ُ‪ :‬إنه طلحة والزبير‪ .‬وقولهم فى الخمر‬ ‫رضى ال عنها‪ ً،‬وفى قوله تعالى‪} :‬مفيقهلمنا ٱ ه‬
‫ضرريبويه ربمبهع ر‬
‫والميسر‪ :‬إنهما أبو بكر وعمر رضى ال عنهما‪ ..‬والجبت والطاغوت‪ :‬إنهما معاوية وعمرو بن‬
‫العاص‪ ..‬مع عجائب أرغب عن ذكرها‪ ً،‬ويرغب ممن بلغه كتابنا هذا عن استماعها‪.‬‬
‫وكان بعضِ أهل الدب يقول‪ :‬ما أشبه تفسير الرافضة للقرآن إل بتأويل رجل من أهل مكة للشعر‪ ً،‬فإنه‬
‫قال ذات يوم‪ :‬ما سمعيت بأكذب من بنى تميم‪ ً،‬زعموا أن قول القائل‪:‬‬
‫*بيت زرارة محتب بفنائه * ومجاشع‪ ً،‬وأبو الفوارس نهشل*‬
‫إنه فى رجال منهم‪ ..‬قيل له‪ :‬فما تقول أنت فيهم؟ قال‪ :‬البيت‪ :‬بيت ال‪ .‬وزرارة‪ :‬الرحهجر‪ ً،‬قيل‪ :‬فمجاشع؟‬
‫قال‪ :‬رمز‪ :‬جشعت بالماء‪ .‬قيل‪ :‬فأبو الفوارس؟ قال‪ :‬أبو قبيس‪ ً،‬قيل له‪ :‬فنهشل؟ قال‪ :‬نهشل‪ ..‬أشده‪ً،‬‬
‫وفكر ساعة ثم قال‪ :‬نهشل‪ :‬مصباح الكعبة‪ ً،‬لنه طويل أسود‪ ً،‬فذلك نهشل‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬فمنهم قوم يقال لهم البيانية‪ ً،‬يينسبون إلى رجل يقال له "بيان"‪ ً،‬قال لهم‪:‬‬ ‫وهم أكثر البدع اقترافا ونح ل‬
‫إلسى أشار ال تعالى إذ قال‪} :‬مهــمذا مبميافن يللرنارس مويهلدى موممهورعمظفة ليهليمرترقيمن{ُ‪.‬‬
‫وهم أول من قال بخلقا القرآن‪ ً،‬ومنهم المنصورية‪ ً،‬أصحاب أبى منصور الكهسف‪ ً،‬وكان قال لصحابه‪:‬‬
‫فى نزل قوله‪} :‬ورإن ميمرهوها ركهسفا يممن ٱلرسممآرء مسارقطا{ُ‪ ..‬ومنهم الخرناقون والشرداخون‪ ً،‬ومنهم الغررابية‪ ً،‬وهم‬ ‫ر‬
‫الذين ذكروا أن عليا رضى ال عنه كان أشبه بالنبى صلى ال عليه وسلم من الغراب بالغراب‪ ً،‬فتغلط‬
‫جبريل عليه السلم حيث يبرعمث إلى علسى لشبهه به‪.‬‬
‫قال أبو محمد‪ :‬ول نعلم فى أهل البدع والهواء أحدا اردعى الربوبية لمبشر غيرهم‪ ً،‬فإن عبد ال بن سبأ‪ً،‬‬
‫اردعى الربوبية لعلسى فأحرقا علسى أصحابه بالنار‪ ً،‬وقال فى ذلك‪:‬‬
‫*لما رأيت المر أمرا منكرا * أججت نارى ودعوت قنبرا*‬
‫ول نعمل أحدا اردعى النبوة لنفسه غيرهم‪ ً،‬فإن المختار بن أبى عبيد اردعى النبوة لنفسه‪ ً،‬وقال‪" :‬إن‬
‫جبريل وميكائيل يأتيان إلى جهته‪ ً،‬فصردقه قوم واتبعوه‪ ً،‬وهم الكيسانية"‪.‬‬
‫هذا ول يفوتنا أن نقولك إن هذه الطوائف من الشيعة قد باد معظمها‪ ً،‬وأشهر ما بقى منها إلى اليوم‬
‫ثلث رفمرقا‪ ً،‬هى‪ :‬المامية الثنا عشرية‪ ً،‬والمامية السماعيلية ‪ -‬وهم المسمون بالباطنية ‪ -‬والزيدية‪.‬‬
‫أما المامية الثنا عشرية‪ ً،‬فينتشرون اليوم فى بلد إيران‪ ً،‬وبلد العراقا كما يوجد منهم جماعة بالشام‪.‬‬
‫وأما السماعيلية‪ ً،‬فينتشرون فى بلد الهند‪ ً،‬كما يوجدون فى نواح أخرى متفرقة‪ ً،‬وزعيمهم أغا خان‬
‫الزعيم الهندى السماعيلى المعروف‪.‬‬
‫وأما الزيدية فيوجدون ببلد اليمن‪.‬‬
‫إذن‪ ..‬فالجدار بنا أن نمسك عن موقف هذه الرفمرقا البائدة من تفسير القرآن‪ ً،‬ما دامت قد بادت ولم يبقا‬
‫لها أثر‪ ً،‬وما دمناا لم نقف لها على شئ فى التفسير أكثر من هذه الينمبذ المتفرقة التى وجدناها للبعضِ‬
‫منهم وجمعناها من بطون الكتب المختلفة‪ .‬والذى يستحقا عنايتنا وبحثنا بعد ذلك‪ ً،‬هو تلك الرفمرقا الثلث‬
‫التى ل تزال موجوده إلى اليوم‪ ً،‬محتفظة بتعاليمها وآرائها‪ .‬وسنبدأ أولل بالمامية الثنا عشرية‪ ً،‬ثم‬
‫المامية السماعيلية‪ ً،‬ثم بالزيدية‪ ً،‬فنقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -1‬موقف المامية الثنا عشرية من تفسير القرآن الكريم (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫للمامية الثنا عشرية معتقدات يدينون بها‪ ً،‬وينفردون بها عمن عداهم من طوائف الشيعة‪ .‬وهم حين‬
‫يعتقدون هذه المعتقدات ل بد لهم ‪ -‬ما داموا يقرون بالسلم ويعترفون بالقرآن ولو بوجه ما ‪ -‬أن‬
‫يقيموا هذه العقائد على دعائم من نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬وأن يدافعوا عنها بكل ما يمكنهم من سلح‬
‫الجدل وقوة الديل‪ * .‬موقفهم من الئمة وأثر ذلك فى تفسيرهم‪:‬‬
‫وإذا نحن استعرضنا هذه المعتقدات وجدنا أن أهمها يدور حول أئمتهم‪ ً،‬فهم يلقون على الئمة نوعا من‬
‫التقديس والتعظيم‪ ً،‬ويرون أن الئمة "أركان الرضِ أن تميد بأهلها‪ ً،‬ويحرجة ال البالغة على ممن فوقا‬
‫الرضِ و ممن تحت الثرى"‪ ً،‬ويرون أن المامة "زمام الدين‪ ً،‬ونظام المسلمين‪ ً،‬وصلح الدنيا‪ ً،‬وعز‬
‫المؤمنين"‪.‬‬
‫ولما كان المام عندهم فوقا أن ييحكم عليه‪ ً،‬وفوقا الناس فى طينته وتصرفاته‪ ً،‬فإرنا نراهم يعتقدون بأن‬
‫له صلة روحية بال تعالى كتلك الصلة التى للنبياء والرسل‪ ً،‬وأنه يممشيرع ويممنيقذ‪ ً،‬وأن ال قد فروضِ‬
‫النبى والمام فى الدين‪ ً،‬ويروون عن الصادقا أنه قال‪" :‬إن ال خلقا نبيه على أحسن أدب وأرشد عقل‪ً،‬‬
‫ثم أردب نبيه فأحسن تأديبه فقال‪} :‬يخرذ ٱهلمعهفمو موهأيمهر ربٱِهليعهررف موأمهعرر ه‬
‫ضِ معرن ٱهلمجارهرليمن{ُ‪ ..‬ثم أثنى ال عليه‬
‫فقال‪} :‬موإررنمك لممعلمـى يخليهَقا معرظيهَم{ُ‪ ..‬ثم بعد ذلك فروضِ إليه دينه‪ ً،‬فروضِ إليه التشريع فقال‪} :‬موممآ آمتايكيم‬
‫ٱلرريسويل مفيخيذويه مومما منمهايكهم معهنيه مفٱِنمتيهوها{ُ‪ ً،‬و }رمهن يرطرع ٱلرريسومل مفمقهد أممطامع ٱلرلمه{ُ‪ ..‬وال فروضِ دينه إلى نبيه‪.‬‬
‫ثم إن نبى ال فروضِ كل ذلك إلى علسى وأولده سرلمتم وجحده الناس‪ ً،‬فوال لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا‪ً،‬‬
‫وأن تصمتوا إذا صمتنا‪ ً،‬ونحن فيما بينكم وبين ال‪ ً،‬وما جعل ال لحد فى خلف أمرنا"‪.‬‬
‫وحيث إن ال تعالى خلقا النبى وكل إمام بعده على أحسن أدب وأرشد عقل‪ ً،‬فل يختار النبى ول المام‬
‫إل ما فيه صلح وثواب‪ ً،‬ول يخطر بقلب النبى ول بقلب المام ما يخالف مشيئة ال وما يتناقضِ‬
‫لمور إلى رأى النبى ورأى المام‪ ً،‬مثل الزيادة فى عدد‬ ‫لمة‪ ً،‬فيفيوضِ ال تعيين بعضِ ا ي‬ ‫مصلحة ا ي‬
‫ركعات الفرضِ‪ ً،‬ومثل تعيين النوافل من الصلة والصيام‪ ً،‬وذلك إظهارا لكرامة النبى والمام‪ ً،‬ولم يكن‬
‫أصل التعيين إل بالوحى‪ ً،‬ثم لم يكن الختيار باللهام‪ ً،‬وله فى الشرع شواهد‪ :‬حررم ال الخمر‪ ً،‬وحررم‬
‫النبى كل مسكر فأجازه ال‪ ً،‬وفرضِ ال الفرائضِ ولم يذكر الجد‪ ً،‬فجعل النبى للجد السدس‪ ً،‬وكان النبى‬
‫يمبيشر وييعطى الجرنة على ال ويجيزه ال‪ .‬وأيضا فروضِ ال للنبى والئمة من بعده يأمور الخلقا‪ ً،‬ويأمور‬
‫الدارة والسياسة من التأديب والتكميل والتعليم‪ ً،‬وواجب على الناس طاعتهم فى كل ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬وهذا‬
‫حقا ثابت درلت الخبار عليه‪.‬‬
‫وأيضا ف روضهم ال تعالى فى البيان‪ ً،‬بيان الحكام والفتاء وتفسير آيات القرآن وتأويلها‪ ً،‬ولهم أن ييبيينوا‬
‫ولهم أن يسكتوا‪ ً،‬ولهم فوقا ذلك البيان كيفما أرادوا وعلى أى وجه شاءوا‪ ً،‬متقرية منهم وعلى حسب‬
‫الحوال والمصلحة‪ .‬والتفويضِ بهذا المعنى يردعون أنه حقا ثابت لهم‪ ً،‬والخبار ناطقة به وشاهدة عليه‪.‬‬
‫يقول صاحب الكافى‪" :‬سأل ثلثة من الناس الصادقا عن آية واحدة فى كتاب ال فأجاب كل واحد‬
‫بجواب‪ ً،‬أجاب ثلثة بأجوبة ثلثة‪ ً،‬واختلف الجوبة فى مسألة واحدة كان يقع إما على سبيل التقرية وإما‬
‫على سبيل التفويضِ"‪.‬‬
‫وهناك نوع آخر من التفويضِ يثبتونه للنبى والئمة‪ ً،‬ذلك هو أن النبى أو المام له أن يحكم بظاهر‬
‫الشريعة‪ ً،‬وله أن يترك الظاهر ويحكم بما يراه وما يلهمه ال من الواقع وخالص الحقا فى كل واقعة‪ً،‬‬
‫كما كان لصاحب موسى فى قصة الكهف‪ ً،‬وكما وقع لذى القرنين‪.‬‬
‫ثم كان من توابع هذه العقيدة التى يعتقدونها فى أئمتهم أن قالوا بعصمة الئمة‪ ً،‬وقالوا بالمهدى المنتظر‪ً،‬‬
‫وقالوا بالرجعة‪ ً،‬وقالوا بالمتقرية‪ ً،‬وهذه كلها عقائد رسخت فى أذهانهم وتمكنت من عقولهم‪ ً،‬فأخذوا بعد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا ينظرون إلى القرآن الكريم من خلل هذه العقائد ففرسروا القرآن وفقا لهواهم‪ ً،‬وفهموا نصوصه‬
‫وتأ رولوها حسبما تمليه عليهم العقيدة ويزينه لهم الهوى‪ ..‬وهذا تفسير بالرأى المذموم‪ ً،‬تفسير من اعتقد‬
‫أو ل‬
‫ل‪ ً،‬ثم فرسر ثانيا بعد أن اعتقد‪.‬‬
‫**‬
‫* تأثير المامية الثنا عشرية بآراء المعتزلة وأثر ذلك فى تفسيرهم‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن المامية الثنا عشرية لهم فى نصوص القرآن التى تتصل بمسائل علم الكلم نظرة تتفقا إلى‬
‫حد كبير مع نظرة المعتزلة إلى هذه النصوص نفسها‪ ً،‬ولم يكن بينهم وبين المعتزلة خلف إل فى‬
‫مسائل قليلة‪ ً،‬ويظهر أن هذا الرتباط الوثيقا الذى كان بين الفريقين راجع إلى تتلمذ الكثير من شيوخ‬
‫الشيعة وعلمائهم لبعضِ شيوخ المعتزلة‪ ً،‬كما يظهر لنا جليا أن هذا الرتباط فى التفكير شئ قديم غير‬
‫جديد‪ ً،‬فالحسن العسكرى‪ ً،‬والشريف المرتضى‪ ً،‬وأبو على الطيرسى‪ ً،‬وغيرهم من قدماء الشيعة‪ً،‬‬
‫ينظرون هذه النظرة العتزالية فى تفاسيرهم التى بأيدينا‪ ً،‬والتى تعررضنا لبعضها وسنعرضِ لبعضها‬
‫الخر قريبا‪ ً،‬بل إننا نجد الشريف المرتضى فى أمالية يحاول محاولة جدية أن يجعل عليا رضى ال‬
‫عنه معتزليا أو رأس المعتزلة على الصح‪ ً،‬وقد تقدمت لنا مقالته التى عرضنا لها عند الكلم عن‬
‫أماليه‪ .‬وليس من شك فى أن هذه النظرات العتزالية كان لها أثر كبير فى تفسيرهم‪ ً،‬وسنقف على شئ‬
‫من ذلك إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫**‬
‫لصولية فى تفاسيرهم‪:‬‬ ‫* تأثرهم بمذاهبهم الفقهية وا ي‬
‫ل نجدهم يذكرون أن أدلة الفقه أربعة‬ ‫ثم إن الشيعة لهم فى الفقه ويأصوله آراء خالفوا بها ممن سواهم‪ ً،‬فمث ل‬
‫وهى‪ :‬الكتاب‪ ً،‬والسسرنة‪ ً،‬والجماع‪ ً،‬ودليل العقل‪ .‬أما الكتاب فلهم رأى فيه سنعرضِ له فيما بعد‪.‬‬
‫وأما الرسرنة فهم غير أمناء عليها ول ملتزمين ما صح منها‪ ً،‬وسنعرضِ لها فيما بعد أيضا‪.‬‬
‫وأما الجماع فليس يحرجة بنفسه‪ ً،‬وإنما يكون يحرجة إذا دخل المام المعصوم فى اليمجهمعين‪ ً،‬أو كان‬
‫الجماع كاشفا عن رأيه فى المسألة‪ ً،‬أو كان الجماع عن دليل معتبر‪ ً،‬فهو فى الحقيقة داخل فى الكتاب‬
‫أو السسرنة‪.‬‬
‫وأما دليل العقل عندهم فل يدخل فيه القياس‪ ً،‬ول الستحسان‪ ً،‬ول المصالح المرسلة‪ ً،‬لن ذلك كله ليس‬
‫يحرجة عندهم‪.‬‬
‫ل تراهم يقولون‪ :‬إن فرضِ الررهجلين فى الوضوء هو المسح دون‬ ‫وفى الفقه لهم مخالفات يشذون بها‪ ً،‬فمث ل‬
‫الغسل‪ ً،‬ول يجيوزون المسح على الخفين‪ ً،‬وجروزوا نكاح المتعة‪ ً،‬وجروزوا أن تورث النبياء‪ ً،‬ولهم‬
‫ل‪ ً،‬ولهم مخالفات كثيرة غير ذلك فى مسائل الجتهاد‪.‬‬ ‫مخالفات فى نظام الرث‪ ً،‬كإنكارهم للعول مث ل‬
‫لهذا كان طبيعيا أن يقف المامية الثنا عشرية من اليات التى تتعلقا بالفقه وأصوله موقفا فيه تعصب‬
‫وتعسف‪ ً،‬حتى يستطيعوا أن يخضعوا هذه النصوص ويجعلوها أدلة لرائهم ومذاهبهم‪ ً،‬كما كان طبيعيا‪ً،‬‬
‫أن يتأ رولوا ما يعارضهم من اليات والحاديث‪ .‬بل ووجدناهم أحيانا يزيدون فى القرآن ما ليس منه‬
‫ويردعون أنه قراءة أهل البيت‪ ً،‬وهذا إمعان منهم فى اللجاج‪ ً،‬وإغراقا فى المخالفة والشذوذ‪.‬‬
‫***‬
‫* احتيالهم على تركيز عقائدهم وترويجها‪:‬‬
‫ويظهر لنا أن المامية الثنا عشرية لم يجدوا فى القرآن كل ما يساعدهم على أغراضهم وميولهم‪ً،‬‬
‫ل( يردعون أن القرآن له ظاهر وباطن بل وبواطن كثيرة‪ ً،‬وأن علم جميع القرآن عند الئمة‪ً،‬‬ ‫فراحوا )أو ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫سواء فى ذلك ما يتعلقا بالظواهر وما يتعلقا بالبواطن‪ ً،‬وحجروا على العقول فمنعوا الناس من القول فى‬
‫القرآن بغير سماع من أئمتهم‪.‬‬
‫وراحوا )ثانيا( يردعون أن القرآن وارد كلسه أو جله فى أئمتهم ومواليهم‪ ً،‬وفى أعدائهم ومخالفيهم كذلك‪.‬‬
‫وراحوا )ثالثا( يردعون أن القرآن يحيرف ويبيدل عما كان عليه زمن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وكل هذا‬
‫ل أعتقد إل أنه من قبيل الحتيال على تركيز عقائدهم وإيهام الناس أنها مستقاة من القرآن الذى هو‬
‫المنبع الساسى والول للدين‪.‬‬
‫وأعجب من هذا‪ ..‬أنهم أخذوا يميوهون على الناس‪ ً،‬ويغرون العامة بما وضعوه من أحاديث على رسول‬
‫ل منهم‪ ً،‬ورموهم بكل‬ ‫ال صلى ال عليه وسلم وعلى أهل بيته‪ ً،‬وطعنوا على الصحابة إل نفرا قلي ل‬
‫نقيصة فى الدين‪ ً،‬ليجدوا لنفسهم من وراء ذلك ثغرة يخرجون منها عندما تأخذ بخناقهم الحاديث‬
‫الصحيحة التى يرويها هؤلء الصحابة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ويحسن بنا أل نمر سراعا على هذه النقط الربع بالذات‪ ً،‬بل علينا أن نقف أمامها وقفة طويلة ودقيقة‬
‫حتى نستطيع أن نقف على مدى هذه الوهام والدعاوى‪ .‬التى كان لها أكبر الثر فى اتجاه التفسير عند‬
‫المامية الثنا عشرية‪ ً،‬فنقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫‪ - 1‬ظاهر القرآن وباطنه‪:‬‬
‫يقول المامية الثنا عشرية‪ :‬إرن القرآن له ظاهر وباطن‪ .‬وهذه حقيقة نقرهم عليها ول نعارضهم فيها‬
‫بعد ما صح لدينا من الحاديث التى تقرر هذا المبدأ فى التفسير‪ ً،‬غاية المر أن هؤلء المامية لم يقفوا‬
‫عند هذا الحد‪ .‬بل تجاوزوا إلى القول بأن للقرآن سبعة وسبعين بطنا‪ ً،‬ولم يقتصروا على ذلك بل تمادوا‬
‫واردعوا أن ال تعالى جعل ظاهر القرآن فى الدعوة إلى التوحيد والنبوة والرسالة‪ ً،‬وجعل باطنه فى‬
‫الدعوة إلى المامة والولة وما يتعلقا بهما‪.‬‬
‫* حرصهم على التوفيقا بين ظاهر القرآن وباطنه‪:‬‬
‫ولقد كان من أثر هذا الرأى فى القرآن‪ ً،‬أن اشتد حرص هؤلء القائلين به على أن يعقدوا صلة بين‬
‫المعانى الظاهرة والمعانى الباطنة للقرآن‪ ً،‬ويعملوا بكل ما فى وسعهم وطاقتهم على إيجاد مناسبة بينهما‬
‫حتى ييقيربوا هذا المبدأ من عقول الناس ويجعلوه أمرا سائغا مقبولل‪ .‬ومن أمثلة هذا التوفيقا والربط بين‬
‫ظاهر القرآن وباطنه‪ ً،‬قوله تعالى فى الية ]‪ [15‬من سورة محمد عليه السلم‪} :‬رممثيل ٱهلمجرنرة ٱلررتي يورعمد‬
‫ٱهليمرتيقومن رفيمهآ أمهنمهافر يمن رمآهَء مغهيرر آرسهَن موأمهنمهافر يمن لرمبهَن لرهم ميمتمغريهر مطهعيميه موأمهنمهافر يمهن مخهمهَر لررذهَة يللرشاررربيمن‬
‫صدفى مولميههم رفيمها رمن يكيل ٱلرثمممرارت{ُ‪ ..‬فهم يقرون أن هذا الظاهر مراد ال تعالى‪ً،‬‬ ‫موأمهنمهافر يمهن معمسهَل سم م‬
‫ومراد له مع هذا الظاهر معنى آخر باطنى هو علوم الئمة عليهم السلم‪ ً،‬ويقولون‪ :‬إن الجامع بين‬
‫المعنيين هو النتفاع بكل منهما وبمثل هذا يوفقون بين المعانى الظاهرة والباطنة‪ ً،‬حتى ل يكون مستبعدا‬
‫إرادة ال لمعنى خاص حسب ما يدل عليه ظاهر اللفظ‪ ً،‬وإرادته لمعنى آخر بحسب ما يدل عليه باطن‬
‫المر‪.‬‬
‫**‬
‫* حملهم الناس على التسليم بما يردعون من المعانى الباطنة للقرآن‪:‬‬
‫وكأينى بالمامية الثنا عشرية بعد أن ربطوا بين ظاهر القرآن وباطنه‪ ً،‬وجمعوا بينهما بجامع التناسب‬
‫والتشابه‪ ..‬كأرنى بهم يعتقدون أن مثل هذا الربط ل يكفى فى حمل الناس على أن يذهبوا مذهبهم هذا‪ً،‬‬
‫فحاولوا أن يحملوهم عليه من ناحية العقيدة والرهاب الدينى‪ ً،‬الذى يشبه الرهاب المكمنسى للعامة فى‬
‫العصور المظلمة‪ ً،‬من حمل الناس على ما يوحون به إليهم بعد أن حظروا عليهم إعمال العقل‪ ً،‬وحالوا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بينهم وبين حريتهم الفكرية‪ ً،‬فقالوا‪ :‬إن النسان يجب عليه أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه على السواء‪ً،‬‬
‫كما يجب عليه أن يؤمن بمحكمه ومتشابه‪ ً،‬وناسخه ومنسوخه‪ ً،‬ول بد أن يكون ذلك على سبيل التفصيل‬
‫ل عن آل البيت‪ ً،‬ويكفى فيه الجمال إن لم يصل إليه التفصيل‪ .‬قالوا‪ :‬ول‬ ‫صل‬ ‫إن وصل إليه علم ذلك مف ر‬
‫يجوز أن ينكر الباطن بحال‪ ً،‬وعليه أن يمسلهم بكل ما وصل إليه من ذلك عن طريقا آل البيت وإن لم‬ ‫ي‬
‫يفهم معناه‪ ً،‬ولو أن إنسانا آمن بالظاهر وأنكر الباطن لكفر بذلك‪ ً،‬كما لو أنكر الظاهر وآمن بالباطن أو‬
‫الظاهر والباطن جميعا‪.‬‬
‫وحرصا منهم على تعطيل عقول الناس ومنعهم من النظر الحر فى نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬قالوا‪ :‬إن‬
‫جميع معانى القرآن‪ ً،‬سواء منها ما يتعلقا بالظاهر وما يتعلقا بالباطن‪ ً،‬اختص بها النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم والئمة من بعده‪ ً،‬فهم الذين عندهم علم الكتاب كله‪ ً،‬لن القرآن نزل فى بيتهم "وأهل البيت أدرى‬
‫بما فى البيت"‪ .‬أما ممن عداهم من الناس فل يرون أدنى شبهة فى قصور علمهم‪ ً،‬وعدم إدراكه لكثير من‬
‫ل عن معانيه الباطنة‪ ً،‬قالوا‪ :‬ولهذا ل يجوز لنسان أن يقول فى القرآن إل‬ ‫معانى القرآن الظاهرة‪ ً،‬فض ل‬
‫بما وصل إليه من طريقهم‪ ً،‬غاية المر أنهم جروزوا لمن أخلص حبه وانقياده ل ولرسوله ولهل البيت‪ً،‬‬
‫واستمد علومه من أهل البيت حتى آنس من نفسه العلم والمعرفة‪ ..‬جروزوا لمثل هذا أن يستنبط من‬
‫القرآن ما يتيسر له‪ ً،‬لنه بحبه لل البيت وأخذه عنهم صار كأنه منهم‪ ً،‬وقد قيل‪" :‬سلمان منا آل البيت"‪.‬‬
‫***‬
‫* أثر التفسير الباطنى فى تلعبهم بنصوص القرآن‪:‬‬
‫ولقد كان من نتائج هذا التفسير الباطنى للقرآن أن وجد القائلون به أمام أفكارهم مضطربا بالغا ومجا ل‬
‫ل‬
‫رحبا‪ ً،‬يتسع لكل ما يشاؤه الهوى وتزينه لهم العقيدة‪ ً،‬فأخذوا يتصررفون فى القرآن كما يحبون‪ ً،‬وعلى‬
‫أى وجه يشتهون‪ ً،‬بعد ما ظنوا أن العامة قد انخدعت بأوهامهم وسرلموا بأفكارهم ومبادئهم‪.‬‬
‫ل ‪ -‬إرن من لطف ال تعالى أن يشير بواسطة المعانى الباطنة لبعضِ اليات إلى ما سيحدث‬ ‫فقالوا ‪ -‬مث ل‬
‫فى المستقبل من حوادث‪ ً،‬ويعدون هذا من وجوه إعجازه‪ ً،‬ثم ييفيرعون على هذه القاعدة ما يشاؤه لهم‬
‫ل فى قوله تعالى فى الية ]‪ [9‬من‬ ‫الهوى‪ ً،‬وما يزينه فى أعينهم داعى العقيدة وسلطانها‪ ً،‬فيقولون مث ل‬
‫لمة ستسلك سبيل من كان قبلها من‬ ‫سورة النشقاقا‪} :‬لممتهرمكيبرن مطمبقا معن مطبقا{ُ‪ :‬إنه إشارة إلى أن هذه ا ي‬
‫هَ‬
‫المم فى الغدر بالوصياء بعد النبياء‪.‬‬ ‫ي‬
‫كذلك مركن لهم القول بباطن القول من أن يقولوا‪ :‬إن الرلفظ الذى يراد به العموم ظاهرا‪ ً،‬كثيرا ما يراد به‬
‫ل لفظ "الكافرون" الذى ييراد به العموم‪ ً،‬يقولون‪ :‬هو فى الباطن‬ ‫الخصوص بحسب المعنى الباطن‪ ً،‬فمث ل‬
‫مخصوص بمن كفر بولية علسى‪ .‬كما مركنهم أيضا من أن يصرفوا الخطاب الذى هو مورجه فى الظاهر‬
‫لمة بحسب‬ ‫لمم السابقة أو إلى أفراد منها‪ ً،‬إلى ممن يصدقا عليه الخطاب فى نظرهم من هذه ا ي‬ ‫إلى ا ي‬
‫ل قوله تعالى فى الية ]‪ [159‬من سورة العراف‪} :‬مورمن مقهورم يمومسـى أيرمفة ميههيدومن ربٱِهلمحيقا موربره‬ ‫الباطن‪ ً،‬فمث ل‬
‫ميهعرديلومن{ُ‪ ..‬يقولون فيه‪ :‬قوم موسى فى الباطن هم أهل السلم‪.‬‬
‫ولقد م ركنهم أيضا من أن يتركوا أحيانا المعنى الظاهر ويقولوا بالباطن وحده‪ ً،‬كما فى قوله تعالى فى‬
‫ل * رإذا لمذهقمنامك‬ ‫ل مأن مثربهتمنامك لممقهد ركدرت متهرمكين إرلمهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬ ‫اليتين ]‪ [75 - 74‬من سورة السراء‪} :‬مولمهو م‬
‫صيرا{ُ‪ ..‬فالظاهر غير مراد عندهم‪ ً،‬ويقولون‪ :‬عنى‬ ‫ضهعمف ٱهلممممارت يثرم م‬
‫ل مترجيد لممك معلمهيمنا من ر‬ ‫ضهعمف ٱهلمحميارة مو ر‬
‫ر‬
‫بذلك غير النبى‪ ً،‬لن مثل هذا ل يليقا أن يكون موجها للنبى عليه الصلة والسلم‪ ً،‬وإنما هو معنى به‬
‫من قد مضى‪ ً،‬أو هو من باب‪" :‬إياك أعنى واسمعى يا جارة"‪.‬‬
‫كذلك مركنهم هذا المبدأ من إرجاع الضمير إلى ما يسبقا له ذكر‪ ً،‬كما فى قوله تعالى فى الية ]‪ [15‬من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل ميهريجومن رلمقآمءمنا ٱهئرت ربيقهرآهَن مغهيرر مهــمذآ أمهو مبيدهليه{ُ‪ ..‬حيث يفسرون "أو مبيديله"‬
‫سورة يونس‪} :‬مقامل ٱرلرذيمن م‬
‫بمعنى أو بيدل عليا‪.‬؟ ومعلوم أن عليا لم يسبقا له ذكر‪ ً،‬ولم يكن الكلم مسوقا فى شأن خلفته ووليته‪.‬‬
‫ومما ساغا لهم أن يقولوه بعد تقريرهم لمبدأ القول بالباطن‪ :‬أن تأويل اليات القرآنية ل يجرى على أهل‬
‫زمان واحد‪ ً،‬بل عندهم أن كل فقرة من فقرات القرآن لها تأويل يجرى فى كل آن‪ ً،‬وعلى أهل كل‬
‫زمان‪ ً،‬فمعانى القرآن على هذا متجددة‪ .‬حسب تجدد الزمنة وما يكون فيها من حوادث‪ .‬بل وساغا لهم‬
‫ما هو أكثر من ذلك فقالوا‪ :‬إن الية الواحدة لها تأويلت كثيرة مختلفة متناقضة‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إن الية‬
‫الواحدة يجوز أن يكون أولها فى شئ وآخرها فى شئ آخر‪ ..‬ول شك أن باب التأويل الباطنى باب‬
‫واسع يمكن لكل من ولجه أن يصل منه إلى كل ما يدور بخلده ويجيش بخاطره‪ .‬وليس القائل أن يقول‪:‬‬
‫إن رسول ال صلى ال عليه وسلم صررح بأن للقرآن باطنا‪ ً،‬وأن المفيسرين جميعا يعترفون بذلك‬
‫ويقولون به‪ ً،‬فكيف توجه اللوم إلى المامية وحدهم؟ ليس لقائل أن يقول ذلك‪ ً،‬لن الباطن الذى أشار إيه‬
‫الحديث وقال به جمهور المفيسرين‪ ً،‬هو عبارة عن التأويل الذى يحتمله اللفظ القرآنى‪ ً،‬ويمكن أن يكون‬
‫من مدلولته‪ .‬أما الباطن الذى يقول به الشيعة فشئ يتفقا مع أذواقهم ومشاربهم‪ ً،‬وليس فى اللفظ القرآنى‬
‫الكريم ما يدل عليه ولو بالشارة‪.‬‬
‫**‬
‫* مخلصهم من تناقش أقوالهم فى التفسير‪:‬‬
‫ثم إن المامية الثنا عشرية‪ ً،‬أحسوا بخطر موقفهم وتحرجه عندما جروزوا أن يكون للية الواحدة أكثر‬
‫من تفسير واحد مع التناقضِ والختلف بين هذه التفاسير‪ .‬فأخذوا يميوهون على العامة ويضللونهم‪ً،‬‬
‫فقرروا من المبادئ ما أوجبوا العتقاد به أولل على الناس ليصلوا بعد ذلك إلى مخلص يتخلصون به‬
‫من هذا المأزقا الحرج‪ ً،‬فكان من هذه المبادئ التى قررها وأوجبوا العتقاد بها ما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬أن المام مفروضِ من رقمبرل ال فى تفسير القرآن‪.‬‬
‫لمة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أنه مفروضِ فى سياسة ا ي‬
‫ثالثا‪ :‬التقية‪.‬‬
‫وكل واحد من هذه الثلثة يمكن أن يكون مخلصا للخروج من هذا التناقضِ الذى وقع فى تفاسيرهم التى‬
‫يروونها عن أئمتهم‪ ً،‬فكون المام مفروضا من رقمبرل ال فى تفسير القرآن مخلص لهم‪ ً،‬لن باب التفويضِ‬
‫لمة مخلص أيضا‪ ً،‬لن المام أعلم بالتنزيل والتأويل‪ ً،‬وأعلم بما فيه‬ ‫واسع‪ .‬وكونه مفروضا فى سياسة ا ي‬
‫صلح السائل والسامع‪ ً،‬فهو يجيب كل إنسان على حسب ما يرى فيه صلح حاله‪ ً،‬والقول بالتقية‬
‫مخلص أوسع من سابقيه‪ ً،‬لن المام له أن يسكت ول يجيب‪ ً،‬تقية منه‪" .‬قيل عند الباقر‪ :‬إن الحسن‬
‫البصرى يزعم أن الذين يكتمون العلم تؤذى ريح بطونهم أهل النار‪ ً،‬فقال الباقر‪ :‬فهلك إذن مؤمن آل‬
‫فرعون‪ ً،‬ما زال العلم مكتوما منذ بعث ال نوحا‪ ً،‬فليذهب الحسن يمينا وشمالل‪ ً،‬ل يوجد العلم إل ههنا‪..‬‬
‫وأشار إلى صدره"‪.‬‬
‫وللمام أن يجيب بحسب الحوال ما يرى فيه المصلحة‪ ..‬تقية منه أيضا وبنوا على هذا "أن المام إن‬
‫قال قو لل على سبيل التقية‪ ً،‬فللشيعى أن يأخذ به ويعمل بما قاله المام إن لم يتنبه الشيعى إلى أن قول‬
‫المام كن على سبيل التقية"‪.‬‬
‫ونحن ل نظن أن الئمة كانوا يلجأون إلى هذه التقية‪ ..‬تقية الخداع فى الخبار‪ ً،‬والنفاقا فى الحكام‪ً،‬‬
‫وإنما هى تمحلت يتمحلونها‪ ً،‬لييخيلصوا بها أنفسهم من هذا الرتباك الذى وقعوا فيه‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -2‬موقف القرآن من الئمة وأوليائهم وأعدائهم (‬

‫على ومن بعده رممن الئمة والتزام حبهم‬ ‫ثم إن المامية الثنا عشرية‪ ً،‬قرروا أن القرار بإمامة ر‬
‫وموالتهم‪ ً،‬وبغضِ مخالفيهم وأعدائهم‪ ً،‬أصل من يأصول اليمان‪ ً،‬بحيث ل يصلح إيمان المرء إل إذا‬
‫حصل ذلك‪ ً،‬مع القرار بباقى الصول‪ ً،‬كما قرروا وجوب طاعة الئمة‪ ً،‬واعتقاد أفضليتهم على‬
‫الخلئقا أجمعين‪.‬‬
‫قرر المامية هذا كله‪ ً،‬ثم أخذوا يينزلون نصوص القرآن على قرروه‪ ً،‬بل وزادواعلى ذلك فقالوا‪ :‬إن كل‬
‫آيات المدح والثناء وردت فى الئمة وممن والهم‪ ً،‬وكل آيات الذم والتقريع وردت فى مخالفيهم‬
‫جل القرآن بل كلسه‪ ً،‬أنرزل فى الرشاد إليهم‪ً،‬‬ ‫وأعدائهم‪ ً،‬بل ويردعون ما هو أكثر من ذلك فيقولون‪ :‬إن ي س‬
‫والعلن بهم‪ ً،‬والمر بموافقتهم‪ ً،‬والنهى عن مخالفتهم‪.‬‬
‫ولقد كان من أثر زعمهم أن القرآن يجلسه أو كلره وارد فى أئمتهم ومن والهم‪ ً،‬وفى أعدائهم وممن وافقهم‪ً،‬‬
‫أن قالوا‪ :‬إن ما نسبه ال إلى نفسه بصيغة الجمع أو ضميره سره أن أراد إدخال النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم والئمة معه‪ ً،‬قالوا‪ :‬وهو مجاز شائع معروف‪ ً،‬بل وبالغوا فقالوا‪ :‬إن الئمة هم المقصودون بالذات‬
‫أحيانا كما فى قوله تعالى‪} :‬مومما مظلميمومنا مولمــركن مكاينيوها أمهنيفمسيههم ميهظرليمومن{ُ‪ ..‬حيث رووا عن أبى جعفر‬
‫وأجل من أن يظلم‪ ً،‬ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه‬ ‫س‬ ‫محمد الباقر أنه قال فيها‪ :‬إن ال أعظم وأمعسز‬
‫ووليتنا وليته‪ ً،‬حيث يقول‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ بمعنى الئمة منا‪.‬‬
‫وأعجب من هذا‪ ً،‬أنهم جعلوا لفظ الجللة‪ ً،‬والله والرب‪ ً،‬مرادا به المام‪ ً،‬وكذا الضمائر الراجعة إليه‬
‫سبحانه‪ ً،‬وتأرولوا ما أضافه ال إلى نفسه من الطاعة والرضا والغنى والفقر مث ل‬
‫ل‪ ً،‬بما يتعلقا بالمام‬
‫كإطاعته‪ ً،‬ورضاه‪ ً،‬وغناه‪ ً،‬وفقره‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬ويعدون ذلك من قبيل المجاز الشائع المعروف‪ ..‬ولكن ل‬
‫شيوع لمثل هذا المجاز ول معرفة لنا به إذ المجاز المتعامرف عليه بين العلماء هو استعمال الرلفظ فى‬
‫ضع له لعلقة مع قرينة تمنع من إرادة المعنى الصلى‪ ً،‬وأين العلقة هنا؟ وإذا تكرلفوا العلقة‬ ‫غير ما يو ر‬
‫فأين القرينة الصارفة للفظ عن حقيقته؟ ثم‪ ..‬رلمم هذا التكلف والعدول إلى المجاز‪ ً،‬وقد تقرر أنه ل ييعدل‬
‫إلى المجاز إل عند تعذر الحقيقة؟‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -3‬تحريف القرآن وتبديله (‬

‫وأحسب أن المامية الثنا عشرية‪ ً،‬عرز عليهم أن يكون القرآن غير صحيح فى عقيدتهم بالنسبة للئمة‬
‫وموافقيهم‪ ً،‬وبالنسبة لعدائهم ومخالفيهم‪ ً،‬وكأينى بهم وقد تساءلوا فيما بينهم فقالوا‪ :‬إذا كان القرآن يجسله‬
‫واردا فى شأن الئمة وشيعتهم‪ ً،‬وفى شأن أعدائهم ومخالفيهم‪ ً،‬فرلم لمهم يأت القرآن بذلك صريحا مع أنه‬
‫ل بالذات؟ ورلمم اكتفى بالشارة الباطنة فقط؟‪ ..‬كأينى بهم بعد هذا التساؤل‪ ً،‬وبعد هذا‬ ‫المقصود أو ل‬
‫العتراضِ الذى أخذ بخناقهم‪ ً،‬وراحوا يتلمسون للتخلص منه كل سبيل‪ ً،‬فلم يجدوا أسهل من القول‬
‫بتحريف القرآن وتبديله‪ ً،‬فقالوا‪ :‬إن القرآن الذى جمعه علسى عليه السلم‪ ً،‬وتوارثه الئمة من بعده‪ ً،‬هو‬
‫القرآن الصحيح الذى لم يتطرقا إليه تحريف ول تبديل‪ ً،‬أما ما عداه فمحررف ومبردل‪ ً،‬يحرذف منه كل ما‬
‫ورد صريحا فى فضائل آل البيت‪ ً،‬وكل ما ورد صريحا فى مثالب أعدائهم ومخالفيهم‪ .‬وأخبار التحريف‬
‫متواترة عند الشيعة‪ ً،‬ولهم فى ذلك روايات كثيرة يروونها عن آل البيت‪ ً،‬وهم منها براء‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يروى الكافى عن الصادقا‪ :‬أن القرآن الذى نزل به جبريل على محمد سبعة عشر ألف آية‪ ً،‬والتى‬
‫بأيدينا منها ستة آلف ومائتان وثلث وستون آية‪ ً،‬والبواقى مخزونة عند أهل البيت فيما جمعه علسى‪.‬‬
‫ل من قريش بأنسابهم وآبائهم‪ .‬وإن‬ ‫ويقولون‪ :‬إن سورة "لم يكن" كانت مشتملة على اسم سبعين رج ل‬
‫سورة "الحزاب" كانت مثل سورة "النعام" أسقطا منها فضائل أهل البيت‪ ً،‬وإن سورة "الولية" يأسقطت‬
‫بتمامها‪ ...‬وغير ذلك من خرافاتهم‪.‬‬
‫وأخف ما لهم فى هذا الموضوع هو "أن جميع ما فى المصحف كلم ال‪ ً،‬إل أنه بعضِ ما نزل‪ ً،‬والباقى‬
‫مما نزل عند المستحفظ لم يضع منه شئ‪ ً،‬وإذا قام القائم يقرؤه الناس كما أنزله ال على ما جمعه أمير‬
‫المؤمنين علسى"‪.‬‬
‫ولقد اصطدم مردعو التحريف والتبديل‪ ً،‬بنصوص من القرآن صريحه فى هدم مردعاهم هذا‪ ً،‬فمن تلك‬
‫النصوص‪ :‬قوله تعالى فى الية ]‪ [9‬من سورة الرحهجر‪} :‬إررنا منهحين منرزهلمنا ٱليذهكمر موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ‪ ..‬ولكن‬
‫سرعان ما تخرلصوا منها بالتأويل فقالوا‪} :‬موإررنا مليه ملمحارفيظومن{ُ أى عند الئمة‪ ً،‬وبمثل هذا التأويل‬
‫يتخرلصلون من باقى النصوص المعارضة لهم‪.‬‬
‫واصطدموا أيضا بأمرين آخرين لهما عظيم الخطر على عقائدهم ومبائدهم‪ .‬أولهما‪ :‬كيف تعتمدون فى‬
‫تعاليمكم ومعتقداتكم على هذا القرآن الذى بأيدينا وقد جزمتم بوقوع التحريف والتبديل فيه؟‬
‫ثانيهما‪ :‬كيف يتوجبون على الناس أن يعترفوا بفضائل آل البيت‪ ً،‬ويتبرأوا من أعدئاهم ومخالفيهم‪ً،‬‬
‫واليحرجة غير قائمة عليهم بعد أن يحرذف كل ذلك من القرآن؟ وقد أجابوا عن الول‪ :‬بأن التحريف إنما‬
‫وقع فيما ل يخل بالمقصود كثير إخلل‪ ً،‬كحذف اسم علسى‪ ً،‬وآل محمد‪ ً،‬وأسماء المنافقين‪.‬‬
‫وأجابوا عن الثانى‪ :‬بأن ال تعالى علم ما سيكون من وقوع التحريف والتبديل فى القرآن‪ ً،‬فلم يكتف‬
‫بماء جاء صريحا فى فضائل أهل البيت ومثالب أعدائهم‪ ً،‬بل أشار إلى ذلك ومدرل عليه بحسب بطون‬
‫القرآن وتأويله‪ ً،‬وهذا قد سلم من التحريف والتبديل قطعا‪ ً،‬فبقيت اليحرجة قائمة على الناس وإن بردلوا‬
‫الظاهر وحررفوه‪.‬‬
‫والحقا أن الشيعة هم الذين حررفوا وبردلوا‪ .‬فكثيرا ما يزيدون فى القرآن ما ليس منه‪ ً،‬ويردعون أنه قراءة‬
‫ل نراهم عند قوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من سورة المائدة‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل‬ ‫أهل البيت‪ ً،‬فمث ل‬
‫إرملهيمك رمن رريبمك{ُ‪ ..‬يزيدون‪" :‬فى شأن علسى"‪ ً،‬وهى زيادة لم ترد إل من طريقهم‪ ً،‬وهى طريقا مطعون‬
‫فيها‪.‬‬
‫وهم الذين حررفوا القرآن أيضا حيث تأرولوا على غير ما أنزل ال "قيل للصادقا‪ :‬ألم يكن علسى قويا فى‬
‫دين ال؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قيل‪ :‬فكيف ظهر عليه القوم ولم يدفعهم؟ وما منعه من ذلك قال؟ الصادقا‪ :‬آية فى‬
‫كتاب ال منعته‪ .‬قيل‪ :‬أى آية؟ قال‪} :‬لمهو متمزرييلوها لممعرذهبمنا ٱرلرذيمن مكمفيروها رمهنيههم معمذابا أمرليما{ُ‪ ً،‬كان ل ودائع‬
‫مؤمنون فى أصلب قوم كافرين ومنافقين‪ ً،‬ولم يكن علسى يقتل الباء حتى تخرج الودائع‪ ً،‬فلما خرجت‬
‫ظهر علسى على ما ظهر فقتلهم"‬
‫وروى العياشى عن الباقر أنه قال‪" :‬لما قال النبى‪" :‬الرلهم أعز السلم بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن‬
‫ضدا{ُ‪.‬‬ ‫ضيليمن مع ي‬ ‫هشام" أنزل ال‪} :‬مومما يكنيت يمرترخمذ ٱهليم ر‬
‫وتقول يأصول الكافى فى قوله تعالى فى الية ]‪ [137‬من سورة النساء‪} :‬إررن ٱرلرذيمن آممينوها يثرم مكمفيروها يثرم‬
‫ل{ُ‪ :‬إن هذه الية نزلت فى أبى‬ ‫آممينوها يثرم مكمفيروها يثرم ٱهزمدايدوها يكهفرا لرهم مييكرن ٱللريه رلميهغرفمر مليههم مو م‬
‫ل رلميههردمييههم مسربي ل‬
‫بكر وعمرو وعثمان‪ ً،‬آمنوا بالنبى أولل‪ ً،‬ثم كفروا حيث يعرضت عليهم ولية علسى‪ ً،‬ثم آمنوا بالبيعة‬
‫لمة‪.‬‬ ‫لعلسى‪ ً،‬ثم كفروا بعد موت النبى‪ .‬ثم ازدادوا كفرا بأخذ البيعة من كل ا ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذه أمثلة نذكرها ونضعها بين يدى القارئ الكريم ليحكم بنفسه حكما صادقا‪ :‬أن هؤلء الشيعة‪ ً،‬الذين‬
‫يردعون التحريف والتبديل للقرآن‪ ً،‬هم أنفسهم المحررفون لكتاب ال‪ ً،‬المبديلون فيه‪ ً،‬بصرفهم ألفاظ القرآن‬
‫إلى غير مدلولتهم وتقولهم على ال بالهوى والتشهى‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -4‬موقفهم من الحاديث النبوية وآثار الصحابة (‬

‫ولقد رأى المامية الثنا عشرية أنفسهم أمام كثرة من الحاديث المروية عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬وأمام كثيرة من الروايات المأثورة عن الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين‪ .‬وفى تلك الحاديث‬
‫وهذه الثار ما يخالف تعاليمهم مخالفة صريحة‪ ً،‬لذا كان بدهيا أن يتخلص القوم من كل هذه الروايات‪ً،‬‬
‫إما بطريقا ردها‪ ً،‬وإما بطريقا تأويلها‪ .‬والرد عندهم سهل ميسور‪ ً،‬ذلك لن الرواية إما أن تكون قو ل‬
‫ل‬
‫لصحابى‪ ً،‬وإما أن تكون قولل لرسول ال صلى ال عليه وسلم عن طريقا صحابى‪ ً،‬وهم يمجيرحون معظم‬
‫الصحابة‪ ً،‬بل ويمكيفرونهم لمبايعتهم أبا بكر أولل‪ ً،‬ثم عمر من بعده‪ ً،‬ثم عثمان من بعدهما‪ ..‬وأما التأويل‬
‫ل ندهم يردون الحاديث والثار التى ثبتت فى تحريم نكاح المتعة‬ ‫فباب واسع ‪ ..‬وهم أهله وأربابه‪ .‬فمث ل‬
‫ونسخْ رحرله‪ ً،‬كما نجدهم يردون أحاديث المسح على الخفين ويقولون‪ :‬إنها من رواية المغيرة بن شعبة‬
‫ل ولكنهم يتأرولونها فيقولون‪ :‬إن الخف الذى كان‬ ‫رأس المنافقين‪ .‬ثم نجدهم يمسيلمون صحة الرواية جد ل‬
‫يلبسه النبى صلى ال عليه وسلم كان مشقوقا من أعلى‪ ً،‬فكان يمسح على ظاهر قدمه من هذا الشقا‪..‬‬
‫وظاهر أن هذا تأويل بارد متكلف‪.‬‬
‫فإذا كان هؤلء ل يقبلون أقوال الصحابة‪ ً،‬ول يثقون بروايتهم عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬إذن‬
‫فممن يقبلون قوله؟ وممن يثقون بروايته؟‬
‫الذى عليه الشيعة إلى اليوم‪ ً،‬أنهم ل يأخذون الحديث إل ممن كان شيعيا‪ ً،‬ول يقبلون تفسيرا إل ممن‬
‫كان شيعيا‪ ً،‬ول يثقون بشئ مطلقا إل إذا وصل إليهم من طريقا شيعى!!‪ ...‬وبهذا حصروا أنفسهم فى‬
‫دائرة خاصة‪ ً،‬حتى كأنهم هم المسلمون وحدهم‪ ً،‬فإن عاشوا وسط السنيين فباطنهم لنفسهم‪ ً،‬وظاهرهم‬
‫للتقية!!‬
‫وليت المر وقف بهم عند هذا الحد ‪ -‬حد الثقة بأشياعهم والتهام لمن عداهم ‪ -‬بل وجدنا الرؤساء من‬
‫الشيعة كجابر بن يزيد الجعفى وغيره ‪ -‬قد استغلوا أفكار الجمهور الساذجة‪ ً،‬وقلوبهم الطيبة الطاهرة‪ً،‬‬
‫وحبهم لل بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فراحوا يضعون الحاديث عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وعلى آل بيته‪ ً،‬ويضمونها ما ميرضى ميولهم المذهبية‪ ً،‬وأغراضهم السيئة الدنيئة‪ ً،‬ولم يفتهم‬
‫أن يحكموا أسانيد هذه الشيعة لنهم وجدوها مؤيدة لدعواهم‪..‬‬
‫ويعجبنى هنا ما ذكره أبو المظفر السفرائينى فى كتابه "التبصير فى الدين"‪ ً،‬وهو‪ :‬أن الروافضِ "لما‬
‫رأوا الجاحظ يتوسع فى التصانيف‪ ً،‬ويصنف لكل فريقا‪ ً،‬قالت له الروافضِ‪ :‬صينهف لنا كتابا‪ ً،‬فقال لهم‪:‬‬
‫لس يت أدرى لكم شبهة حتى أرتبها وأتصرف فيها‪ ً،‬فقالوا له‪ :‬إذن دلنا على شئ نتمسك به‪ ً،‬فقال‪ :‬ل أرى‬
‫لكم وجها إل أنكم إذا أردتم أن تقولوا شيئا تزعمونه‪ ً،‬تقولون‪ :‬إنه قول جعفر بن محمد الصادقا‪ ً،‬ل‬
‫أعرف لكم سببا تستندون إليه غير هذا الكلم‪ .‬فتمسكوا بحمقهم وغباوتهم بهذه السوءة التى درلهم عليها‪ً،‬‬
‫فكلما أرادوا أن يختلفوا بدعة أو يخترعوا كذبة‪ ً،‬نسبوها إلى ذلك السيد الصادقا‪ ً،‬وهو عنها منرزه ومن‬
‫مقالتهم فى الدارين برئ"‪* * .‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) أهم الكتب التى يعتمدون عليها فى رواية الحاديث والخبار (‬

‫هذا‪ ..‬وللمامية الثنا عشرية كتب كثيرة‪ ً،‬يعتمدون عليها فى رواية الحاديث والخبار‪ ً،‬ويينزلونها من‬
‫أنفسهم منزلة سامية‪ ً،‬ويثقون بها وثوقا بالغا‪ ً،‬فمن أهم هذه الكتب ما يأتى‪:‬‬
‫أو لل‪ :‬كتاب "الكافى"‪ ً،‬وهو أهم الكتب عند المامية الثنا عشرية على الطلقا‪ ً،‬وهو لبى جعفر محمد‬
‫بن يعقوب الكلينى المتوفى سنة ‪ 328‬هـ )أو ‪329‬هـ(‪ .‬وهو عندهم كالبخارى عند أهل السسرنة‪ ً،‬وهذا‬
‫الكتاب يحتوى على ستة عشر ألف حديث‪ ً،‬قسمها ‪ -‬كما فعل أهل السسرنة ‪ -‬إلى صحيح‪ ً،‬وحسن‪ً،‬‬
‫وضعيف‪ .‬وهو يقع فى ثلث مجلدات‪ :‬المجلد الول فى الصول‪ ً،‬والثانى والثالث فى الفروع‪ .‬ثانيا‪:‬‬
‫كتاب "التهذيب" لمحمد بن الحسن الطوسى‪ ً،‬مجلدان فى الفروع‪ .‬ثالثا‪ :‬كتاب "ممن ل يحضره الفقيه"‪ً،‬‬
‫لمحمد بن علسى بن بابويه‪ .‬وهو فى الفروع‪ .‬رابعا‪ :‬كتاب "الستبصار فيما اخيترلمف فيه من الخبار"‪ً،‬‬
‫لمحمد ابن الحسن الطوسى )اختصره من كتاب التهذيب(‪.‬‬
‫هذه الكتب الربعة‪ ً،‬هى يأمهات كتب الشيعة التى يعتمدون عليها ويثقون بها‪ ً،‬وقد جمعها كتاب "الوافى"‬
‫فى ثلث مجلدات كبيرة‪ ً،‬وهو من مؤلفات محمد بن مرتضى‪ ً،‬المعروف بما محسن الكاشى‪.‬‬
‫وهناك كتب فى الحديث ذكرها صاحب "أعيان الشيعة" غير ما تقدم‪ ً،‬منها‪" :‬وسائل الشيعة إلى أحاديث‬
‫الشريعة"‪ ً،‬للشيخْ محمد بن الحسن العاملى‪ ً،‬و "بحار النوار فى أحاديث النبى والئمة الطهار"‪ ً،‬للشيخْ‬
‫محمد الباقر‪ ً،‬وهى ل تقل أهمية عن الكتب المتقدمة‪.‬‬
‫والذى يقرأ فى هذه الكتب ل يسعه أمام ما فيها من خرافات وأضاليل إل أن يحكم بأن متونها‬
‫موضوعة‪ ً،‬وأسانيدها مفتعلة مصنوعة‪ ً،‬كما ل يسعه إل أن يحكم على هؤلء المامية بأنهم قوم ل‬
‫ييحسنون الوضع‪ ً،‬لنهم ينقصهم الذوقا‪ ً،‬وتعوزههم المهارة‪ ً،‬وإل فأى ذوقا وأية مهارة فى تلك الرواية‬
‫التى يروونها عن جعفر الصادقا رضى ال عنه‪ ً،‬وهى‪ :‬أنه قال‪" :‬ما من مولود يولد إل وإبليس من‬
‫البالسة بحضرته‪ ً،‬فإن علم ال أن المولود من شعيتنا حجبه من ذلك الشيطان‪ ً،‬وإن لم يكن المولود من‬
‫شيعتنا أثبت الشيطان أصبعه فى يدبير الغلم فكان مأبونما‪ ً،‬وفى مفهرج الجارية فكانت فاجرة"‪.‬‬
‫أظن أن القارئ معى فى أن الذى وضع هذه الرواية واختلقها على جعفر الصادقا‪ ً،‬رجل ينقصه الذوقا‪ً،‬‬
‫وتعوزه المهارة‪ ً،‬ونحن أمام هذه الحاديث والروايات‪ ً،‬ل يسعنا إل أن نردها ردا باتا‪ ً،‬وذلك لسباب‬
‫التية‪:‬‬
‫أو لل‪ :‬إن غالب هذه الحاديث يروونها بدون سند‪ ً،‬بل يعتمدون على مجرد وجودها فى كتبهم‪ .‬تروى‬
‫كتب الشيعة أن إماما من أئمة أهل البيت ألواد علسى يقول‪" :‬ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس‬
‫وإنكم أخذتم عن رسول ال"‪ .‬ولكن بأى سند؟ تجيب كتب الشيعة‪" :‬إن شيوخنا رووا عن الباقر وعن‬
‫الصادقا وكانت التقية شديدة‪ ً،‬وكانت الشيوخ تكتم الكتب‪ ً،‬فلما خلت الشيوخ وماتت وصلت كتب الشيوخ‬
‫إلينا‪ ً،‬فقال إمام من الئمة‪ :‬حيدثوا بها فإنها صادقة"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن ما روى من هذه الروايات مسندا ل بد أن يكون فى سنده شيعى متعصب لمذهبه‪ ً،‬وقد قال‬
‫رجال الحديث‪ :‬إنه ل يتقبل رواية المبتدع الذى يدعو لمذهبه ويمريوج له‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إن القاعدة المتفقا عليها بين المحيدثين‪ :‬أن "كل متين يناقضِ المعقول‪ .‬أو يخالف الصول‪ .‬أو‬
‫يعارضِ الثابت من المنقول‪ ً،‬فهو موضوع على الرسول"‪ ً،‬وغالب أحاديثهم ل تسلم لهم إذا عرضناهم‬
‫على هذه القاعدة‪.‬‬
‫وكلمة الحقا والنصاف‪ :‬أنه لو تصفح إنسان يأصول "الكافى"‪ ً،‬وكتاب "الوافى" وغيرهما من الكتب التى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يعتمد عليها المامية الثنا عشرية‪ ً،‬لظهر له أن معظم ما فيها من الخبار موضوع وضع كذب‬
‫وافتراء‪ ً،‬وكثير ما روى فى تأويل اليات وتنزيلها‪ ً،‬ل يدل إلى على جهل القائل بها وافترائه على ال‪ً،‬‬
‫ولو صح ما ترويه هذه الكتب من تأويلت فاسدة للقرآن‪ ً،‬لما كان قرآن‪ ً،‬ول إسلم‪ ً،‬ول شرف لهل‬
‫البيت‪ ً،‬ول رذهكر لهم‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فغالب ما فى كتب المامية الثنا عشرية فى تأويل اليات وتنزيلها‪ ً،‬وفى ظهر القرآن وبطنه‪ً،‬‬
‫استخفاف بالقرآن والكريم‪ ً،‬ولعب بآيات الذكر الحكيم‪ ...‬وإذا كان لهم فى تأويل وتنزيلتها أغلط‬
‫كثيرة‪ ً،‬فليس من المعقول أن تكون كلها صادرة عن جهل منهم‪ ً،‬بل المعقول أن بعضها قد صدر عمدا‬
‫عن هوى ملتزم‪ ً،‬وللشيعة ‪ -‬كما برينا ‪ -‬أهواء التزمتها‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) أهم كتب التفسير عند المامية الثنا عشرية (‬

‫للمامية الثنا عشرية ثروة كبيرة من كتب التفسير‪ ً،‬منها ما تم‪ ً،‬ومنها ما لم يتم‪ ً،‬ومنها القديم‪ ً،‬ومنها‬
‫الحديث‪ .‬ومنها ما بقى‪ ً،‬ومنها ما اندثر‪ ً،‬وكلها تدور حول تركيز عقيدتهم مع اختلف بينها فى الغلو‬
‫والعتدال‪ ً،‬واختلف فى المنهج الذى سلكه مؤلف كل منها ومن هذه الكتب ما يأتى‪:‬‬
‫‪ - 1‬تفسير الحسن العسكرى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 245‬هت )أربع وخمسين ومائتين من الهجرة( لم يتم‪ ً،‬وهو‬
‫مطبوع فى مجلد واحد‪ ً،‬ومنه نسخة بدار الكتب المصرية‪ - 2 .‬تفسير محمد بن مسعود بن محمد بن‬
‫عياش السلمى الكوفى المعروف بـ "العياشى" من علماء القرن الثالث الهجرى‪ ً،‬وهو من يأمهات كتب‬
‫التفسير عند الشيعة‪ .‬وعليه يعيولون كثيرا‪ ً،‬ولم يقع لنا هذا التفسير‪.‬‬
‫على بن إبراهيم الق يمى‪ .‬فى أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجرى‪ ً،‬وهو تفسير‬ ‫‪ - 3‬تفسير س‬
‫مختصر يعتمد عليه أرباب هذا المذهب كثيرا‪ ً،‬وهو مطبوع فى مجدل واحد كبير‪ ً،‬ومنه نسخة بدار‬
‫الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ - 4‬التبيان‪ :‬للشيخْ أبى جعفر محمد بن الحسن بن على الطوسى المتوفى سنة ‪ 460‬هـ )ستين‬
‫وأربعمائة من الهجرة(‪ .‬وهو الذى استمد منه الطبرسى تفسيره‪ ً،‬وقد ذكر صاحب "أعيان الشيعة" أنه يقع‬
‫فى عشرين مجلدا‪ .‬ولم يقع لنا هذا التفسير أيضا‪.‬‬
‫‪ - 5‬مجمع البيان‪ :‬لبى علسى الفضل بن الحسن الطبرسى المتوفى سنة ‪ 538‬هـ )ثمان وثلثين‬
‫وخمسمائة من الهجرة(‪ ً،‬وهو مطبوع فى مجلدين كبيرين‪ ً،‬وموجود بدار الكتب المصرية وبالمكتبة‬
‫الزهرية‪.‬‬
‫‪ - 6‬الصافى‪ :‬لمحمد بن مرتضى‪ ً،‬الشهير بمل محسن الكاشى‪ ً،‬من علماء القرن الحاديِ عشر الهجرى‪ً،‬‬
‫وهو مطبوع فى مجلد واحد كبير‪ ً،‬ومنه نسخة بدار الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ - 7‬الصفى‪ :‬للمؤلف السابقا‪ ً،‬وهو مختصر من الصافى‪ ً،‬ومطبوع فى مجلد واحد كبير‪ ً،‬ومنه نسخة‬
‫بدار الكتب المصرية‪ ً،‬وأخرى بمكتبة الجامعة المصرية "جامعة القاهرة"‪.‬‬
‫‪ - 8‬البرهان‪ :‬لهاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسينى البحرانى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 1107‬هـ )سبع ومائة‬
‫بعد اللف من الهجرة(‪ ً،‬وهو مطبوع فى مجلدين‪ ً،‬وموجود دار الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ - 9‬مرآة النوار ومشكاة السرار‪ :‬للمولى عبد اللطيف الكازرانى‪ ً،‬ولم يقع لنا هذا التفسير والموجود‬
‫منه مقدمته فقط‪ ً،‬وهى مطبوعة فى مجلد كبير وموجودة فى دار الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ - 10‬المؤيلف‪ :‬لمحمد مرتضى الحسينى‪ ً،‬المعروف بنور الدين‪ ً،‬من علماء القرن الثانى عشر الهجرى‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وهو مخطوط فى مجلد واحد صغير‪ ً،‬وموجود بدار الكتب المصرية‪ - 11 .‬تفسير القرآن‪ :‬للمولى السيد‬
‫عبد ال بن محمد رضا العلوى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 1242‬هـ )اثنتين وأربعين ومائتين بعد اللف من‬
‫الهجرة(‪ ً،‬وهو مطبوع فى مجلد كبير‪ ً،‬وموجود بدار الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ - 12‬بيان السعادة فى مقامات العبادة‪ :‬لسلطان بن محمد بن حيدر الخراسانى‪ ً،‬من علماء القرن الرابع‬
‫عشر الهجرى‪ ً،‬وهو مطبوع فى مجلد كبير وموجود بدار الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ -13‬آلء الرحمن فى تفسير القرآن‪ :‬لمحمد جواد بن الحسن النجفى المتوفى سنة ‪ 1352‬هت )اثنتين‬
‫وخمسين وثلثمائة بعد اللف من الهجرة(‪ .‬لم يتم‪ ً،‬والموجود منه بدار الكتب المصرية الجزء الول‪ً،‬‬
‫وهو كل ما كتبه المؤلف‪ ً،‬ثم عاجلته المنية قبل إتمامه‪ .‬وهو يبدأ بسورة الفاتحة‪ ً،‬وينتهى عند قوله تعالى‬
‫فى الية ]‪ [56‬من سورة النساء‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مكمفيروها ربآميارتمنا مسهومف ين ه‬
‫صرليرههم منارا{ُ‪ ....‬الية‪.‬‬
‫هذا هو أهم ما عرفناه من كتب التفسير عند المامية الثنا عشرية وقد أمكننى أن أطلع على كل ما‬
‫ذكرته من الموجود من هذه الكتب‪ .‬وعلى غير ما ذكرته مما هو موجود أيضا بدار الكتب المصرية‪ً،‬‬
‫فوقفت بنفسى على مشارب أصحابها فى التفسير‪ ً،‬واتجاهاتهم فى فهمهم لكتاب ال تعالى‪ ً،‬وكم كنت أود‬
‫أن أطلع على تفسير العياشى‪ ً،‬وتفير الطوسى‪ ً،‬لقف بنفسى على هذين الكتابين المعتبرين أهم المراجع‬
‫فى التفسير عند أرباب هذا المذهب‪.‬‬
‫وأظننى لست بحاجة إلى أن أتكلم عن كل كتاب اطلعت عليه من كتب هؤلء القوم فى التفسير‪ ً،‬بل‬
‫يكفينى أن أتكلم عن بعضِ منها‪ ً،‬وهو أهمها‪ ً،‬مع ملحظة أن يكون كل كتاب عليه اختيارى‪ ً،‬له لون‬
‫خاص من ألوان التفسير عند المامية الثنا عشرية‪ ً،‬وطابع يمتاز به عما سواه‪.‬‬
‫وقد رأيت أن ألخص أولل مقدمة "مرآة النوار ومشكاة السرار" للكازرانى‪ ً،‬لنها تعطينا فكرة واضحة‬
‫عن التفسير من وجهة نظر هؤلء القوم بوجه عام‪ ً،‬ومن وجهة نظر مؤلفها بوجه خاص‪.‬‬
‫ثم أتكلم عن "تفسير الحسن العسكرى"‪ ً،‬لنه يمثل لنا تفسير إمام من أئمتهم المعصومين‪ ً،‬الذين عندهم‬
‫علم الكتاب كله‪ ً،‬ظاهره وباطنه‪.‬‬
‫ثم عن "مجمع البيان" للطبرسى‪ ً،‬لنه يمثل لنا تفسير معتدلى المامية الثنا عشرية كما أنه يعطينا فكرة‬
‫واضحة عن طريقة الجدل عندهم‪ ً،‬ومقدار دفاعهم عن آرائهم وعقائدهم‪.‬‬
‫ثم عن "الصافى" لمل محسن الكاشى‪ ً،‬لنه يمثل لنا التفسير عند متطرفى المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫ثم عن "تفسير القرآن" للسيد عبد ال العلوى‪ ً،‬لنه يمثل لنا التفسير السهل الذى جمع بين الختصار‬
‫وكثرة الفائدة‪.‬‬
‫ثم عن "بيان السعادة فى مقامات العبادة"‪ ً،‬لسلطان بن محمد الخراسانى‪ ً،‬لنه يمثل لنا التفسير الصوفى‬
‫الفلسفى عند المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫هذه هى أهم الكتب التى سأتلكم عنها وعن مؤلفيها وسأعرضِ لها مررتبة حسب ترتيبها فى الذكر‪ ً،‬فأقول‬
‫مستمدا من ال العون والتوفيقا‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -1‬مرآة النوار ومشكاة السرار )للمولى عبد اللطيف الكازرانى (‬

‫*التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير هو المولى عبد اللطيف الكازرانى مولدا‪ ً،‬النجفى مسكنا‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بمرآة النوار ومشكاة السرار وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل ل بد‬ ‫هذا التفسير يمعد فى الحقيقة مرجعا مهما من مراجع التفسير عند المامية الثنا عشرية‪ ً،‬وأص ل‬
‫من قراءته لمن يريد أن يقف على مدى تأثير عقيدة صاحبه وممن على شاكلته فى فهمه لكتاب ال‪ً،‬‬
‫وتنزيله لنصوصه على وفقا ميوله المذهبية وهواه الشيعى‪ ...‬ولكن كيف نحكم بأهمية هذا التفسير‬
‫كمرجع من مراجع التفسير عند المامية الثنا عشرية‪ ً،‬ونحن لم نعثر عليه فى مكتبة من مكاتبنا‬
‫المصرية؟ أليس هذا يمعد من قبيل الحكم على ما نجهله‪ ً،‬والقول فيما ليس لنا به علم؟؟‪ ...‬ل‪ ً،‬فالكتاب‬
‫وإن لم نظفر به ولم نطلع عليه‪ ً،‬قد وجدنا ما هو عوضِ عنه إلى حد كبير‪ ً،‬ذلك هو مقدمته التى قردم بها‬
‫مؤلفه لتفسيره هذا‪.‬‬
‫وجدت هذه المقدمة فى دار الكتب المصرية‪ ً،‬فقرأتها‪ ً،‬فرأيتها تكشف لنا عن منهج صاحبها فى تفسيره‪ً،‬‬
‫وتوضح لنا كثيرا من آرائه فى فهم كتاب ال وتبين فى صراحة تامة كيف تأثر المولى الكازرانى‬
‫بعقيدته الزائفة‪ ً،‬فحرمل كتاب ال ما ل يحتمله بأى حال من الحوال‪ .‬وها أنا ذا يألخص لك أهم المباحث‬
‫التى تشتمل عليها هذه المقدمة‪ ً،‬وبذلك ينلقى ضوءا على هذا التفسير المفقود وينعطى القارئ فكرة‬
‫واضحة إلى حد كبير عن طريقة المؤلف ومنهجه فى تفسيره‪.‬‬
‫**‬
‫المؤلف يتكلم عن الباعث له على تأليف تفسيره وعلى منهجه الذى سلكه فيه‪ :‬يجد القارئ أول ما يقرأ‬
‫فى هذه المقدمة‪ ً،‬بيانا مسهبا من المؤلف‪ ً،‬يكشف لنا فيه عن الباعث الذى حمله على تأليفه لهذا التفسير‪ً،‬‬
‫وعن المنهج الذى نهجه لنفسه فيه وسار عليه‪ ً،‬كما يكشف لنا فى أثناء بيانه هذا‪ ً،‬عن نظرته لكتاب ال‬
‫وموقفه من تفسيره‪ .‬تلك النظرة التى ل نشك أنها نظرة رجل ينظر إلى القرآن من خلل عقيدته‪ ً،‬وذلك‬
‫الموقف الذى ل نرتاب فى أنه موقف من أغراه مذهبه وخدعه هواه‪.‬‬
‫لمور‬ ‫يقول المؤلف فى المقدمة )ص ‪ (3 - 2‬ما نصه‪ ..." :‬إن من أبين الشياء وأظهرها‪ ً،‬وأوضح ا ي‬
‫وأشهرها‪ ً،‬أن لكل آية من كلم ال المجيد‪ ...‬وكل فقرة من كتاب ال الحميد‪ ً،‬ظهرا وبطنا‪ ً،‬وتفسيرا‬
‫وتأويل‪ ً،‬بل لكل واحدة منها ‪ -‬كما يظهر من الخبار المستفيضة ‪ -‬سبعة بطون وسبعون بطنا‪ ً،‬وقد‬
‫درلت أحاديث متكاثرة‪ ً،‬كادت أن تكون متواترة‪ ً،‬على أن بطونها وتأويلها‪ ً،‬بل كثيرا من تنزيلها‬
‫وتفسيرها‪ ً،‬فى فضل شأن السادة الطهار‪ ً،‬وإظهار جللة حال القادة الخيار‪ ً،‬أعنى النبى المختار‪ ً،‬وآلة‬
‫الئمة البرار‪ ً،‬عليهم صلوات ال الملك الغرفار‪ .‬بل الحقا المتين‪ ً،‬والصدقا المبين‪ ً،‬كما ل يخفى على‬
‫البصير الخبير بأسرار كلم العليم القديم‪ ً،‬المرتوى من عيون علوم أمناء الحكيم الكبير‪ ً،‬أن أكثر آيات‬
‫الفضل والنعام‪ ً،‬والمدح والكرام‪ ً،‬بل كلهها فيهم وفى أوليائهم نزلت‪ ً،‬وأن يجرل فقرات التوبيخْ والتشنيع‪ً،‬‬
‫والتهديد والتفضيح‪ ً،‬بل جملتها فى مخالفيهم وأعدائهم وردت‪.‬‬
‫بل التحقيقا الحقيقا ‪ -‬كما سيظهر عن قريب ‪ -‬أن تمام القرآن إنما يأنزل للرشاد إليهم‪ ً،‬والعلم بهم‪ً،‬‬
‫وبيان العلوم والحكام لهم‪ ً،‬والمر بإطاعتهم وترك مخالفتهم‪ ً،‬وأن ال معرز ومجرل جعل جملة بطن القرآن‬
‫فى دعوة المامة والولية‪ ً،‬كما جعل يجسل ظهره فى دعوة التوحيد والنبوة والرسالة"‪.‬‬
‫وهذه الدعاوى من المولى الكازرانى ل نكاد ينسيلمها له‪ ً،‬إذ أنها ل تقوم على دليل صحيح‪ ً،‬أمر ل ييلتمفت‬
‫إليه ول ييعرول عليه‪ ً،‬لن ما يعنيه من الخبار والحاديث ل يعدو أن يكون موضوعا ل أصل له‪ .‬ومن‬
‫هذا يتضح لنا أن هذا الشيعى مبالغ فى تشيعه إلى حد جعله يمحيمل كتاب ال تعالى ما ل يحتمله‪ ً،‬ويجعله‬
‫موزعا بين دعوة الحقا ودعوة الباطل‪ ً،‬تلك بظاهرالقرآن وهذه بباطنه!!‬
‫ثم ذكر المؤلف بعد ذلك ما كان من تسامح مفيسرى الشيعة الذين سبقوه‪ ً،‬وسكوتهم عن ذكر ما ثبت عن‬
‫الئمة فى تفاسيرهم‪ ً،‬وبرين عذرهم فى ذلك‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم ذكر أنه كان يجيش بصدره‪ ً،‬ويدور بخاطره وخلده‪ ً،‬أن يجمع ما تفررقا من الخبار المأثورة عن آل‬
‫البيت ويشرح مضامينها‪ ً،‬ثم ييلحقا نصوص كل آية بسورتها‪ ً،‬وذلك كله فى كتاب مستقل‪ ً،‬ولكن حال‬
‫بينه وبين ما تطمح إليه نفسه ‪ -‬حقبة من الزمن ‪ -‬تفسرقا باله‪ ً،‬وتشستت حاله‪ ً،‬وكثرة أشغاله‪ ً،‬ثم ظفر بعد‬
‫ذلك بجملة من الثار التى كان حريصا على جمعها‪ ً،‬فرأى أن الذى تطمح إليه نفسه ل يصح التغافل‬
‫والتسامح فيه‪ ً،‬فاستخار ال واستعان بمحهوله وقوته على تحقيقا مرامه‪ ً،‬فشرع فى جمع الروايات‬
‫وتحريرها‪ ً،‬وتفسير اليات وتقريرها‪.‬‬
‫ثم بسين لنا هدفه الذى يرمى إليه من وراء هذا التفسير‪ ً،‬وهو أنه أراد أن يفيسر آيات القرآن ويقرر‬
‫معانيها على وجه منيف‪ ً،‬وبيان لطيف‪ ً،‬وطور رشيقا‪ ً،‬وطرز أنيقا‪ ً،‬بطريقا اليجاز والختصار‪ ً،‬مع‬
‫ذكر لب المقصود من اليات والخبار‪ ً،‬بحيث يوضح غوامضِ أسرارها‪ ً،‬ويكشف عن خبايا أستارها‪ً،‬‬
‫ويتبين طريقا الوصول إلى ذخائر كنوزها‪ ً،‬ويرفع النقاب عن وجوه رموزها‪ ً،‬من غير تطويل ممل‪ً،‬‬
‫ول اختصار زائد مخل‪.‬‬
‫ثم برين لنا منهجه الذى سلكه فى تأليفه لهذا التفسير‪ ً،‬وهو يتلخص فيما يأتى‪ - 1 :‬يختصر الخبار فل‬
‫يذكرها بتمامها‪ ً،‬بل يقتصر على موضع الحاجة ويحذف السانيد رغبة منه فى الختصار‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنه ل يتعرضِ لبيان جميع ما يتعلقا بظاهر اليات إل إذا وجد أن التصريح بالمعنى الظاهر أمر‬
‫لزم محترم‪ ً،‬وقد جعل مدار هذا التفسير على بيان ما يتعلقا بالبطون لخلو أكثر التفاسير منها أو من‬
‫يجيلها‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنه إذا لم يعثر على نص يفيسر به الية اجتهد فى تفسيرها على وفقا الخبار العامة المطلقة التى‬
‫يمكن استخلص معنى الية منها‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنه يحرص كل الحرص على ذكر ما يعرفه من قراءة أهل البيت عند كل آية من القرآن‪.‬‬
‫ثم ذكرأنه وفقا لما وفقا إليه من كتابه التفسير "ببركات أول ممن آمن بال بعين اليقان‪ ً،‬وثانى أول ما‬
‫خلقا ال قبل الكون والمكان‪ ً،‬قاسم درجات الجنان ودركات النيران‪ ...‬إمام المشارقا والمغارب‪ ً،‬أمير‬
‫المؤمنين أبى الحسنين علسى بن أبى طالب"‪ .‬ثم قال‪" :‬وكنت ل أرجو من القدام على هذا المر إل أن‬
‫يدخلنى فى شيعته الخاصين‪ .‬وأوليائه الخالصين‪ .‬وأن تدركنى شفاعته المقبولة‪ ً،‬وحمايته المأمولة‪ً،‬‬
‫وجعلته خدمة لسدته السنية‪ ً،‬وثوابه هدية إلى حضرته العلية‪ ً،‬وسميته "مرآة النوار ومشكاة السرار"‪.‬‬
‫وبالجملة‪ ..‬فهذا التفسير أشبه ما يكون بالتفسير المأثور‪ ً،‬للتزام صاحبه فيه بيان المعنى بما ورد من‬
‫الخبار عن علماء أهل البيت إما صريحا أو استخلصا من عموم الخبار‪ ً،‬غاية المر أن هذه الخبار‬
‫أخبار ل ييوثقا بصحتها‪ ً،‬ول ييعرول على صدقا نسبتها إلى ممن يتنسب إليه من علماء آل البيت رضى ال‬
‫عنهم‪.‬‬
‫بعد هذا البيان قال المولى عبد اللطيف الكازرانى‪" :‬ولنذكر قبل الشروع فى المقصود ثلث مقدمات‬
‫نافعة لبد من بيانها ههنا"‪.‬‬
‫ونستعرضِ هذه المقدمات الثلث فنراه قد جعل المقدمة الولى فى بيان ما يوضح حقيقة ورود بطن‬
‫القرآن فيما يتعلقا بدعوة الولية والمامة‪ ً،‬كما أن ورود ظهره فيما يتعلقا بدعوة التوحيد والنبوة‬
‫والرسالة‪ ً،‬وأن الصل فى تنزيل آيات القرآن بتأويلها‪ ً،‬إنما هو الرشاد إلى ولية النبى والئمة صلوات‬
‫ال عليهم وإعلم عز شأنهم وذل حال شانئهم‪ ً،‬بحيث ل خير أخبر به إل وهو فيهم وفى أتباعهم‬
‫وعارفيهم‪ ً،‬ول سوء يذركر فيه إل وهو صادقا على أعدائهم وفى مخالفيهم‪ .‬قال‪" :‬ويستبين ذلك فى ثلث‬
‫مقالت‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المقالة الولى‪ :‬فى بيان ما يوضح المقصود بحسب الخبار الواردة فى خصوص هذه المقدمة‪ ً،‬وهى تتم‬
‫بفصول‪ .‬ثم ذكر ثلثة فصول‪.‬‬
‫جعل الفصل الول منها فى بيان نبذ مما يدل على أن للقرآن بطونا ولياته تأويلت‪ .‬وأن مفاد القرآن‬
‫غير مقصور على أهل زمان واحد‪ ً،‬بل لكل منها تأويل يجرى فى كل أوان وعلى أهل كل زمان‪...‬‬
‫ثم ساقا الروايات الدالة على ذلك وكلها مسندة إلى آل البيت‪ ً،‬فمن هذه الروايات ما رواه العياشى وغيره‬
‫عن جابر قال‪" :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن شئ من تفسير القرآن فأجابنى‪ ً،‬ثم سألته ثانية فأجابنى‬
‫بجواب آخر‪ ً،‬فقلت‪ :‬يجرعل يت فداك‪ ً،‬كيف أجبت فى هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال لى‪ :‬يا‬
‫جابر؛ً إن للقرآن بطنا‪ ً،‬وللبطن بطنا وظهرا‪ .‬يا جابر؛ً وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير‬
‫القرآن‪ ..‬إن الية ليكون أولها فى شئ وآخرها فى شئ وهو كلم متصل يتصرف على وجوه"‪.‬‬
‫ثم عقب المولى عبد اللطيف على هذا الخبر فقال‪" :‬دللة مبدأ هذا الخبر على وجود تأويل له باطن‬
‫وظاهر‪ ً،‬وعلى تعدد تأويل آية واحدة‪ ً،‬وعلى عدم تنافى تأويل أول آية فى شئ وآخرها فى آخر‪ ً،‬بل‬
‫عدم تنافى التفسير بالظاهر فى أولها والباطن فى آخرها أو بالعكس ظاهرة‪ ً،‬فإذا سمعت شيئا من ذلك‬
‫فل تنكره‪ ً،‬لنهم عليهم السلم أعلم بالتنزيل والتأويل‪ ً،‬وبما فيه إصلح السائل والسامع‪ ً،‬ولهذا ورد‪" :‬إن‬
‫القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن الوجوه"‪ .‬ويؤيده ما فى الكافى عن الصادقا عليه السلم أنه‬
‫صمل{ُ‪ :‬هذه نزلت فى‬ ‫صيلومن ممآ أممممر ٱللريه ربره مأن ييو م‬
‫قال لعمر بن يزيد لما سأله عن قوله تعالى‪} :‬موٱرلرذيمن مي ر‬
‫رحم آل محمد صلى ال عليه وسلم وقد يكون فى قرابتك‪ ً،‬فل تكونن ممن يقول للشئ إنه فى شئ‬
‫واحد"‪.‬‬
‫ومن هذه الروايات ما نقله عن كتاب العلل بإسناده إلى أبى حكيم الزاهد قال‪ :‬حدثنى أبو عبد ال بمكة‬
‫قال‪" :‬بينما أمير المؤمنين عليه السلم مار بفناء الكعبة إذ نظر إلى رجل يصلى فاستحسن صلته‪ً،‬‬
‫فقال‪ :‬يا هذا الرجل؛ً إن ال تبارك وتعالى ما بعث نبيه صلى ال عليه وسلم بأمر من المور إل وله‬
‫متشابه وتأويل وتنزيل‪ ً،‬وكل ذلك على التعبد‪ ً،‬فممن لم يعرف تأويل صلته فصلته كلها خداج ناقصة‬
‫غير تامة"‪ .‬ثم عقب المولى على هذا فقال‪" :‬الظاهر أن المراد المتشابه الشبيه‪ ً،‬وبالتأيول الباطن‪ً،‬‬
‫وبالتنزيل الظاهر‪ ً،‬وبالتعبد سبيل الطاعة‪ ً،‬والمعنى‪ :‬أن كل ما جاء به النبى صلى ال عليه وسلم وأمر‬
‫به الظاهر فله شبيه ونظير مأمور به فى الباطن‪ ً،‬ويلزم اليمان بهما جميعا‪ ً،‬فممن لم يعرف شبيه الصلة‬
‫وباطنها الذى هو المام وإطاعته ‪ -‬كما سيأتى ‪ -‬فصلته الظاهرية ناقصة" )ص ‪.(4 - 3‬‬
‫وعند الفصل الثانى فى ذكر الخبار الصريحة فى أن بطن القرآن وتأويله‪ ً،‬إنما ‪ -‬هو بالنسبة إلى الئمة‬
‫‪ -‬ووليتهم وأتباعهم وما يتعلقا بذلك‪ ً،‬فكان من جملة الخبار التى ساقها‪ :‬ما رواه الكلينى بإسناده إلى‬
‫أبى بصير قال‪" :‬قال الصادقا عليه السلم‪ :‬يا أيا محمد؛ً ما من آية تقود إلى الجنة وييذكر أهلها بخير إل‬
‫وهى فينا وفى شعيتنا‪ ً،‬وما من آية نزلت ييذكر أهلها بشر وتسوقا إلى النار إل وهى فى عدونا وممن‬
‫خالفنا"‪ .‬وما نقله عن الكافى وتفسير العياشى وغيرهما‪ ً،‬عن محمد بن ميمون‪ ً،‬عن الكاظم عليه السلم‬
‫فى قوله تعالى‪} :‬يقهل إررنمما محررم مريبمي ٱهلمفموارحمش مما مظمهمر رمهنمها مومما مبمطمن{ُ‪ ..‬قال‪ :‬القرآن له ظهر وبطن‪ً،‬‬
‫فجميع ما حررم ال فى الكتاب هو الظاهر‪ ً،‬والباطن من ذلك أئمة الجور‪ ً،‬وجميع ما أمحرل ال فى الكتاب‬
‫هو الظاهر‪ ً،‬والباطن من ذلك أمئة الحقا‪.‬‬
‫وما رواه عن الباقر عليه السلم قال‪ :‬قال النبى صلى ال عليه وسلم فى خطبته يوم الغدير‪" :‬معاشر‬
‫الناس؛ً هذا علسى أحقكم بى‪ ً،‬وأقربكم إلسى‪ ً،‬وال أنا عنه راضيان‪ ً،‬وما نزلت آية رضا إل فيه‪ ً،‬وما‬
‫خاطب الذين آمنوا إل بدأ به‪ ً،‬وما نزلت آية مدح فى القرآن إل فيه‪ .‬معاشر الناس؛ً إن فضائل علسى عند‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عز وجرل‪ ً،‬وقد أنزلها علسى فى القرآن أكثر من أن أحصيها فى مكان واحد‪ ً،‬فمن نبأكم بها وعرفها‬ ‫ال م ر‬
‫فصيدقوه"‪ .‬وما رواه عن عبد ال بن سنان أنه قال‪ :‬قال ذريح المحاربى‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫ضوها متمفمثيه هم{ُ‪ .‬فقال‪ :‬المراد لقاء المام‪ ً،‬فأتيت أبا عبد ال عليه السلم وقلت له‪:‬‬ ‫عن قوله تعالى‪} :‬يثرم هلميهق ي‬
‫ضوها متمفمثيههم{ُ‪ ..‬قال‪ :‬أخذ الشارب‪ ً،‬وقص الظافر‪ ً،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬ ‫يجرعليت فداك‪ ً،‬قوله عرز ومجرل‪} :‬يثرم هلميهق ي‬
‫فحكيت له كلم ذريح فقال‪ :‬صدقا ذريح وصدقت‪ ً،‬إن للقرآن ظاهرا وباطنا وممن يحتمل ما يحتمل‬
‫ذريح؟ ثم عرقب المولى على هذا فقال‪" :‬الكلم من المام عليه السلم صريح فى أنهم عليهم السلم كانوا‬
‫يكتمون أمثال هذه التأويلت عن أكثر الناس‪ ً،‬حتى عن ابن سنان الذى كان من فضلء أصحابه" )ص‬
‫‪.(5‬‬
‫وعقد الفصل الثالث فى بيان نبذ مما يدل على وجوه تناسب الظواهر مع البطون‪ ً،‬وجهات تشابه أهل‬
‫التأويل مع أهل التنزيل فقال‪" :‬اعلم أن ما درلت عليه الخبار الماضية‪ ً،‬وما تدل عليه الخبار التى ستأتى‬
‫من المعانى الباطنة والتأويلت‪ .‬ليست جملتها مما استعمل فيها اللفظ على سبيل الحقيقة‪ ً،‬بل أكثرها‬
‫ومعظمها على طريقا التج ديوز‪ ً،‬ونهج الستعارة‪ ً،‬وسبيل الكناية ومن قبيل المجازات السلغوية والعقلية‪ ً،‬إذ‬
‫أبواب التج سوز فى كلم العرب واسعة ومواردة فى عبارات الفصحاء سائغة‪ ً،‬فل استبعاد إن أراد ال معرز‬
‫ومجرل بحسب الستعمال الذى يدل عليه ظاهر اللفظ معنى‪ ً،‬وبحسب التجسوز الذى تدل عليه القرائن‬
‫ويجتمع مع الظاهر بنوع من التناسب معنى آخر‪ ً،‬وسنشير إلى كثير من وجوه التناسب فى المقدمة‬
‫الثالثة وغيرها‪ ً،‬ولكن نذكر فى هذا المقام من كليات تلك الوجوه بعضِ ما ييستفاد من أخبار الئمة‬
‫الطياب‪ ً،‬ونرفع عن وجوه اليات لطالب تأويلها الحجاب‪ ً،‬ونكشف عنها النقاب‪ ً،‬تبصرة لمن أراد‬
‫التبصر من يأولى اللباب‪ .‬وأما إحاطة العلم بالجميع‪ ً،‬فهى للراسخين فى العلم وممن عنده علم الكتاب‪...‬‬
‫كما سيظهر فى الفصل الخير‪.‬‬
‫فاعلم أنه يمكن تبيين المرام فى هذا المقام من وجوه وإن أمكن إرجاع بعضها إلى بعضِ‪ ً،‬ثم ساقا‬
‫وجوها خمسة يرجع بعضها إلى بعضِ كما قال‪ ً،‬فكان مما ذكره فى الوجه الرابع ما جاء فى البصائر‬
‫عن نصر بن قابوس قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قوله معرز ومجرل‪} :‬مورظرل رمهميدوهَد * موممآهَء‬
‫ل ممهمينومعهَة{ُ قال‪ :‬يا نصر؛ً إنه ليس حيث يذهب الناس‪ ً،‬وإنما‬ ‫ل ممهقيطومعهَة مو م‬ ‫رمهسيكوهَب * مومفاركمههَة مكرثيمرهَة * ر‬
‫هو العارلم وما يخسرج منه‪.‬‬
‫ثم قال المولى‪" :‬قال شيخنا العلمة ‪ -‬رحمه ال ‪" : -‬لعل المعنى ليس حيث يذهب الناس من انحصار‬
‫جرنة المؤمنين فى الجرنة الصورية الخروية‪ ً،‬بل لهم فى الدنيا أيضا ببركة أئمتهم عليهم السلم جرنات‬
‫روحانية من ظل حمايتهم ولطفهم الممدود فى الدنيا والخرة‪ .‬وماء مسكوب من علومهم الممتعة التى‬
‫بها تحيا النفوس والرواح‪ ً،‬وفواكه كثيرة من أنواع معارفهم التى ل تنقطع عن شيعتهم ول ييمنعون‬
‫منها‪ ً،‬ويفيرفش مرفوعة مما يتلذذون به من حكمهم وآدابهم‪ ً،‬بل ل يتلذذ المقرربون فى الخرة أيضا فى‬
‫الجنان الصورية إل بتلك الملذ المعنوية التى كانوا يتنعمون بها فى الدنيا كما تشهد به الخبار" ‪-‬‬
‫انتهى كلمه أعلى ال مقامه ‪ -‬فتأمل ول تغفل عن جريان مثله فى سائر رنمعم الجرنة‪ ً،‬مثل أنهار الخمر‬
‫وأمثالها‪ ً،‬كما يشهد له ما سيأتى فى النهار واللبن من تأويل اللبن والخمر بعلوم الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫وسيأتى فى الجرنة والنار وما بمعناهما من تأويل الولى بولية الئمة‪ ً،‬والثانية بعداوتهم‪ ً،‬وأمثال هذه‬
‫التأويلت كثيرة ينادى بها كثير من الخبار فى الترجمات الجائية المناسبة لها فافهم‪ ً،‬وكذا كل ما ورد‬
‫ظاهره فى العذاب‪ ً،‬والمسخْ والهلك‪ ً،‬والموت البدنى‪ ً،‬ونحو ذلك‪ ً،‬فباطنه فى الهلك المعنوى‬
‫بضللتهم وحرمانهم عن العلم والكمالت‪ ً،‬وموت قلوبهم ومسخها وعميها عن إدراك الحقا‪ً،‬فهم إن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كانوا فى صور المبشر لكنهم كالنعام بل هم أضل‪ ً،‬وإن كانوا ظاهرا بين الحياء‪ ً،‬فهم أموات‪ ً،‬ولكن ل‬
‫يشعرون‪ ً،‬إذ ل يسمعون الحقا‪ ً،‬ول يبصرونه‪ ً،‬ول يعقلونه‪ ً،‬ول ينطقون به‪ ً،‬ول يأتى منهم أمر ينفعهم‬
‫فى يأخراهم‪ ً،‬فهم شر من الموات‪ ً،‬وكذا كل ما كان فى القرآن مما ظاهره فى النهى عن القبائح‬
‫الصورية‪ ً،‬وتحريم الخبائث الظاهرية‪ ً،‬كالزنا‪ ً،‬والسرقة‪ ً،‬واليذاء‪ ً،‬ونحوها مما هو علمة رذالة حال‬
‫فاعله‪ ً،‬ودليل خباثة طبع مرتكبه‪ ً،‬كالخمر‪ ً،‬والميتة‪ ً،‬والدم‪ ً،‬ونحوها مما تستقذر منه الطبائع السليمة‪ً،‬‬
‫وتنفر منه القرائح المستقيمة‪ ً،‬فبطنه فى النهى عن القبائح الباطنة التى هى معاداة الئمة عليهم السلم‪ً،‬‬
‫والزجر عن الخبائث المعنوية التى هى أعاديهم ومنكرو وليتهم والفضائل التى هى فيهم‪ ً،‬فإنها أيضا ‪-‬‬
‫فى استقذار الرواح‪ ً،‬وتخبث القلوب‪ ً،‬واستنفار العقول‪ ...‬ونحو ذلك مثل الخبائث الظاهرة والقبائح‬
‫الصورية‪ .‬بل أشد كما ل يخفى‪ ً،‬وهكذا حال بطون ما ظاهره فى الترغيب بالمبرات والمر بالخيرات‬
‫بالنسبة إلى الئمة ووليتهم ومعرفتهم‪ ً،‬وبالجملة المدار على تشبيه المور المعنوية بالصورية‪ ً،‬كالحياة‬
‫والموت والنتفاعات والتصورات الروحانية بالجسمية‪ ...‬وهكذا فى البواقى‪ .‬على أن فى هذا الخير‬
‫تناسبا آخر أيضا‪ ً،‬وهو أنه ل خفاء فى كون النبى والئمة صلوات ال عليهم وسائط معرفة العبادات‬
‫والمأمورات‪ ً،‬وأنهم الصل فى قبولها فل يبهعد إن أريدوا بها فى بطن القرآن‪ .‬وكذا ل يبهعد فى كون‬
‫أعدائهم من حيث مضادتهم لهم من المراد بالخبائث والمنهيات" )ص ‪.(8‬‬
‫وفى الوجه الخامس من العلل‪ ً،‬عرلل ما ورد من تأويل معرفة ال‪ ً،‬وعبادته‪ ً،‬ومخالفته‪ ً،‬وأسفه‪ ً،‬وظلمه‪ً،‬‬
‫ورضاه‪ ً،‬وسخطه‪ ً،‬وأمثالها بمعرفة المام وإطاعته ومخالفته وأسفه وظلمه ورضاه وسخطه‪ ً،‬وكذا تأويل‬
‫صه به‪ً،‬‬‫المام يد ال‪ ً،‬وعينه‪ ً،‬وجنبه‪ ً،‬وقلبه‪ ً،‬وسائر ما هو من هذا القبيل مما نسبه ال إلى نفسه وخ ر‬
‫بالمام عليه السلم‪ ً،‬وما ورد من الخبار فى تأويل روح ال ونفسه‪ ً،‬ولفظ الجللة والله والرب المام‬
‫عليه السلم‪ ..‬عرلل هذه التأويلت وما شاكلها بأن الذى جرى من عادة العاظم والملوك والكبر أن‬
‫ينسبوا ما وقع من خدمهم بأمرهم إلى نفسهم تجسوزا‪ ً،‬وكذا قد ينسبون مجازا ما يصيب خدمهم ومقربيهم‬
‫من الطاعة والخير والشر إلى أنفسهم‪ ً،‬إظهارا لجللة حال يأولئك الخدم عندهم‪ ً،‬وإشعارا بأنهم فى لزوم‬
‫المراعاة والطاعة ودفع الضر عنهم وجلب النفع إليهم بمنزلة مخاديمهم وفى حكمهم‪ ً،‬بحيث أن كل ما‬
‫يصل إليهم فهو كالواصل إلى المخاديم‪.‬‬
‫قال الصادقا عليه السلم ‪ -‬كما سيأتى عن الكافى وغيره ‪ -‬إن ال تعالى ‪ -‬ل يأسف كأسفنا‪ ً،‬ولكن‬
‫خلقا أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون‪ ً،‬فجعل رضاهم رضا نفسه‪ ً،‬وسخطهم‬
‫سخط نفسه‪ ً،‬لنهم جعلهم الدعاة إليه والدلء عليه‪) ...‬الخبر(‪.‬‬
‫وفى رواية أخرى‪ :‬ولكن ال خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه‪ ً،‬ووليتنا وليته‪ ً،‬ثم أنزل بذلك قرآنا على‬
‫نبيه‪) ...‬الخبر(‪.‬‬
‫صلة‪ .‬وهكذا كثيرا ما ييطلقا تجسوزا على يمقيربى الرجل وأعوانه‬ ‫قال المولى‪ :‬وسيأتى بقية الخبار مف ر‬
‫أسامى جوارحه وأعضائه وسائر ما يختص به فى النفع كما يقال للوزير الكامل المقررب عند السلطان‬
‫النافع له جدا‪ :‬إنه يده وسيفه وعينه‪ ..‬وهكذا بناء على أنه فى الدفع والنفع واليقرب والرعرزة مثل ذلك‪ً،‬‬
‫حتى إنه قد يقال‪ :‬إنه روحه ونفسه‪ ً،‬بل ربما يقال إنه السلطان تجسوزا بمعنى أنه جعل إطاعته إطاعته‪ً،‬‬
‫ومخالفته مخالفته‪ ً،‬بحيث ل يرضى بغير ذلك )ص ‪.(9‬‬
‫ثم عقد الفصل الرابع فى بيان ما يدل على أن الواجب على النسان أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه‪ً،‬‬
‫وتنزيله وتأويله معا‪ ً،‬كما أن الواجب اليمان بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه‪ ً،‬وبسائر ما يتعلقا‬
‫ل أو على سبيل الجمال إن لم يعلم التفصيل من طريقا أهل البيت الذين هم أدرى بما‬ ‫صل‬‫بذلك جميعا مف ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فى البيت‪ .‬وأن ممن أنكر الظاهر كافر وإن أقر بالباطن‪ ً،‬كما هو مذهب الباطنية من ملحدة الخطابية‬
‫والسماعيلية وغيرهم القائلين بسقوط العبادات كما سيظهر‪ ً،‬وكذا بالعكس‪ :‬أى إنكار الباطن وإن أقر‬
‫بالظاهر‪ ً،‬على كل مؤمن أن ل يجترئ بإنكار ما ينقل عن الئمة عليهم السلم فى ذلك تفسيرا وتأوي ل‬
‫ل‬
‫وإن لم يفهم معناه ولم يدرك مغزاه‪ .‬ثم ساقا من الروايات ما يدل على ذلك‪ ً،‬وكلها منسوبة إلى أهل‬
‫البيت‪ ً،‬فمن ذلك ما روى عن الباقر عليه السلم أنه قال‪" :‬إن ال عرز ومجرل قد أرسل رسله بالكتاب‬
‫وبتأويله‪ ً،‬فمن كرذب بالكتاب أو كرذب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب فهو مشترك" )ص ‪.(9‬‬
‫ومنها ما روى عن الهيثم التميمى‪ ً،‬قال‪" :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا هيثم؛ً إن قوما آمنوا بالظاهر‬
‫وكفروا بالباطن فلم ينفعهم ذلك شيئا‪ ً،‬وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر فلم ينفعهم‬
‫ذلك شيئا‪ ..‬ل إيمان بظاهر إل بباطن‪ ً،‬ول بباطن إل بظاهر" ) ص ‪.(9‬‬
‫وعقد الفصل الخامس فى بيان ما يدل على أن علم تأويل القرآن كله عند الئمة عليهم السلم‪ ً،‬وما ذكر‬
‫فى الخبار الواردة فى المنع من تفسير القرآن بالرأى وبغير سماع من الئمة‪ ً،‬وفى الجمع بينها وبين‬
‫ما يعارضها من اليات والروايات وتوجيه ما هو الحقا فى ذلك‪ ً،‬فقال‪ :‬اعلم أنه ل ريب فى اطلع‬
‫النبى والئمة على جميع وجوه آيات القرآن ومعانيها كلها‪ ً،‬ظواهرها وبواطنها‪ ً،‬تنزيلها وتأويلها‪ ً،‬وأنهم‬
‫الذين عنهم علم الكتاب كله‪ ً،‬كام أنزله ال فى بيتهم‪ ً،‬فإن أهل البيت أدرى بما فى البيت‪ ً،‬وقد درلت على‬
‫هذا أخبار متواترة‪ ...‬فمنها‪ :‬ما فى البصائر بسند صحيح عن أبى الصباح قال‪ :‬والر لقد قال لى جعفر‬
‫بن محمد عليه السلم‪ :‬إن ال عرلم نبيه صلى ال عليه وسلم التنزيل والتأويل‪ .‬قال‪ :‬فعرلم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم عليا عليه السلم‪ ً،‬قال‪ :‬وعرلمنا‪) ....‬الخبر(‪.‬‬
‫وما فيه أيضا بإسناده عن يعقوب بن جعفر قال‪ :‬كنت مع أبى الحسن عليه السلم بمكة‪ ً،‬فقال له رجل‪:‬‬
‫إنك لتف يسر من كتاب ال ما لم نسمع به‪ ً،‬فقال أبو الحسن‪ :‬فنحن نعرف حلله وحرامه‪ ً،‬وناسخه‬
‫ومنسوخه‪ ً،‬وسفريه وحضريه‪ ً،‬وفى أى ليلة نزلت من آية‪ ً،‬فمن نزلت‪ ً،‬وفيم أنزلت ‪) ...‬الخبر(‪.‬‬
‫واستدل أيضا بما فى الكافى عن أبى جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬ما يستطيع أحد يردعى أن عنده علم‬
‫جميع القرآن كله ظاهره وباطنه إل الولياء‪.‬‬
‫ثم قال المولى عبد اللطيف بعد سياقه لهذه الروايات وغيرها‪" :‬وأما غيرهم عليهم السلم فل شبهة فى‬
‫قصور علومهم وعجز أفهامهم عن الوصول إلى ساحة إدراك كثير من تفسير الظواهر والتنزيل‪ ً،‬فض ل‬
‫ل‬
‫عن البواطن والتأويل‪ ً،‬بل إسناد من الئمة العاملين‪ ً،‬وعناية من ال رب العالمين"‪.‬‬
‫ثم بعد أن استدل على ذلك بما ذكره من روايات سابقة ولحقة قال‪" :‬ولهذا ورد المنع من التفسير بغير‬
‫الخذ منهم عليهم السلم"‪ .‬ثم استدل على عدم جواز تفسير القرآن بالرأى وضرورة الرجوع إلى الئمة‬
‫فى فهم معانيه‪ ً،‬فكان مما استدل به‪ ً،‬ما رواه عن العياشى عن الصادقا عليه السلم قال‪" :‬ممن مفرسر‬
‫القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر‪ ً،‬وإن أخطأ فهو أبعد من السماء"‪ ً،‬وما روى عن النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬ممن ف رسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعدة من النار"‪ ً،‬وما ورد فى تفسير المام عليه السلم من قوله‪:‬‬
‫"أتدرون من المتمسك بالقرآن الذى له الشرف العظيم؟ هو الذى يأخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت‪ ً،‬أو‬
‫عن وسائط السفراء عنا إلى شيعتنا‪ ً،‬ل عن آراء المجادلين‪ ً،‬وقياسا الفاسقين‪ ً،‬فأما ممن قال فى القرآن‬
‫برأيه فإن اتفقا له مصادفة صواب فقد جهل فى أخذه عن غير أهله‪ ً،‬وإن أخطأ القائل فى القرآن برأيه‬
‫فقد تبوأ مقعدة من النار" )ص ‪.(12 - 11‬‬
‫ثم بعد ذلك ورفقا بين الخبار الدالة بظواهرها على يحهرمة التفسير بالرأة وبين ما ورد من قوله تعالى‪:‬‬
‫ل ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن أمهم معلمـى يقيلوهَب أمهقمفاليمهآ{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬لممعرلمميه ٱرلرذيمن ميهسمتهنربيطومنيه رمهنيههم{ُ‪ ...‬وقوله عليه السلم‪:‬‬
‫}أممف م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"القرآن ذلومل ذو ومجوه‪ ً،‬فاحملوه على أحسن الوجوه"‪ ً،‬وغير ذلك من اليات والخبار الدالة على أن فى‬
‫معانى القرآن لرباب الفهم متسعا بالغا ومجالل رحبا فقال‪ :‬لنا فى هذا المقام توجيهات عديدة نشير ههنا‬
‫إلى ماهو الكمل منها‪ ً،‬وهو ما ذكره بعضِ محققى علمائنا‪ ً،‬وقال‪" :‬الصواب أن يقال‪ :‬إن ممن أخلص‬
‫النقياد ل ورسوله ولهل البيت‪ ً،‬وأخذ علمه منهم‪ ً،‬وتتبع آثارهم‪ ً،‬واطلع على جملة من أسرارهم‪ً،‬‬
‫بحيث يحصل له المراس فى العلم والطمأنينة فى المعرفة‪ ً،‬وانفتح عينا قلبه‪ ً،‬وهجم به العلم على حقائقا‬
‫ا يلمور‪ ً،‬وباشر روح اليقين‪ ً،‬وأنس بما استوحش منه الجاهلون‪ ً،‬فله أن يستفيد من القرآن غرائبه‪ً،‬‬
‫ويستنبط منه ينبذا من عجائبه‪ ً،‬وليس ذلك من كرم ال بغريب‪ ً،‬ول من جوده بعجيب‪ ً،‬وليست السعادة‬
‫وقفا على قوم دون آخرين‪ ً،‬وقد عسدوا عليهم السلم جماعة من أصحابهم المتصفين بهذه الصفات من‬
‫أنفسهم‪ ً،‬كما قالوا‪ :‬سلمان منا أهل البيت‪ ً،‬فممن هذه صفته ل يبعد دخوله فى الراسخين فى العلم‪ ً،‬العالمين‬
‫بالتأويل" )ص ‪.(13 - 12‬‬
‫ثم قال‪ :‬وأما التفسير المنهى عنه‪ ً،‬فقد نرزله المحققا أيضا على وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يكون للمفيسر فى الشئ رأى وإليه ميل من طبعه وهواه فيتأرول القرآن على وفقا رأيه‬
‫وهواه‪ ً،‬ليحتج به على تصحيح غرضه ومردعاه‪ ً،‬فكيون قد فرسر القرآن برأيه‪ ً،‬أى رأيه هو الذى حمله‬
‫على ذلك التفسير‪ ً،‬ولول رأيه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه‪ .‬وهذا كما أنه مع الجهل كأكثر تفاسير‬
‫ل كذلك قد يكون مع العلم‪ ً،‬كالذى يحتج ببعضِ آيات القرآن على تصحيح بدعته وهو يعلم‬ ‫المخالفين مث ل‬
‫أنه ليس المراد بالية ذلك‪ ً،‬ولكن ييليبس على خصمه‪ ً،‬ومن هذا ما مرر من تأويلت الباطنية‪ ً،‬وقد يصدر‬
‫ل من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به ذلك‪ً،‬‬ ‫مثله عمن له غرضِ صحيح‪ ً،‬لكن يطلب له دلي ل‬
‫ل إلى مجاهدة القلب القاسى فيقول‪ :‬قال ال تعالى‪} :‬ٱهذمههب إرلمـى رفهرمعهومن إررنيه مطمغـى{ُ‪ ً،‬ويشير‬ ‫كالذى يدعو مث ل‬
‫إلى قلبه ويومئ إليه أنه المراد بفرعون‪ .‬قال ذلك المحققا‪ :‬وهذا قد يستغله بعضِ الورعاظ فى المقاصد‬
‫الصحيحة تحسينا للكلم وترغيبا للمستمع وهو ممنوع‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية‪ ً،‬من غير استظهار بالسماع والنقل عن الئمة فيما‬
‫يتعلقا بغرائب القرآن وما فيها من اللفاظ المبهمة والمبردلة‪ ً،‬وما فيها من الختصار والحذف والضمار‬
‫والتقديم والتأخير‪ ً،‬وفيما يتعلقا بالناسخْ والمنسوخ والخاص والعام والرخص والعزائم والمحكم‬
‫والمتشابه‪ ...‬إلى غير ذلك من وجوه اليات المفتقرة إلى السماع إذ ممن بادر إلى استنباط المعانى فيها‬
‫بمجرد فهم العربية كثر غلطه‪ ً،‬ودخل فى زمرة ممن يفيسر بالرأى‪ ً،‬فل بد له أولل من السماع وظاهر‬
‫التفسير ليتقى مواضع الغلط‪ ً،‬ثم بعد ذلك يتسع التفهم والستنباط‪ ً،‬فإن ظاهر التفسير يجرى مجرى تعليم‬
‫السلغة التى ل بد منها للفهم‪ ً،‬ومن هذا القبيل قوله تعالى‪} :‬موآمتهيمنا مثيمومد ٱلرنامقمة يمهب ر‬
‫صمرلة مفمظمليموها ربمها{ُ‪ ..‬فإن‬
‫معناه‪ :‬آبة مبصرة فظلموا أنفسهم بقتلها‪ ً،‬والناظر إلى ظاهرة العربية يظن أن المراد أن الناقة كانت‬
‫مبصرة ولم تكن عمياء‪ .‬ول يدرى أنهم بماذا ظلموا‪ ً،‬وأنهم ظلموا غيرهم أو أنفسهم‪ .‬ومن ذلك اليات‬
‫التى سنشير إلى كونها واردة على سبيل الكناية والرموز بحيث ل يطلع على ما فيها إل ممن تجررع‬
‫كؤوس علوم آل محمد صلوات ال عليه وعليهم أجمعين‪ ً،‬كما سيأتى فى الفصل السادس من المقالة‬
‫الولى من المقدمة الثالثة فى قوله تعالى‪} :‬مومما مظلميمومنا مولمــركن مكاينيوها أمهنيفمسيههم ميهظرليمومن{ُ من أن المراد ظلم‬
‫ل مأن‬‫محمد وآله‪ .‬ومنها ما سيأتى أيضا فى الفصل الثالث من المقالة المذكورة فى قوله تعالى‪} :‬مولمهو م‬
‫ل{ُ من أنه تعالى عنى بذلك غير النبى صلى ال عليه وسلم كما قال‬ ‫مثربهتمنامك ملمقهد ركدرت متهرمكين إرملهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬
‫الصادقا عليه السلم‪" :‬ما خاطب ال به نبيه فهو يعنى به ممن قد مضى" وقد روى الكلينى وغيره عنه‬
‫عليه السلم أنه قال‪" :‬نزل القرآن بـ "إيارك أعنى واسمعى يا جارة"‪ .‬وعن الباقر عليه السلم‪" :‬إذا علم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ال شيئا هو كائن أخبر عنه ما قد كان"‪ ً،‬وقد مرر فى حديث جابر قوله عليه السلم‪," :‬ليس شئ أبعد من‬
‫عقول الرجال من تفسير القرآن أن الية ليكون أولها فى شئ وآخرها فى شئ"‪) ...‬الخبر(‪ .‬وسنذكر عن‬
‫قريب فى فصول المقالة المذكورة وغيرها‪ ً،‬ما يوضح حال تفسير اليات التى كذا شأنها‪ ً،‬ليتبصر به‬
‫الناظر فيما نذكره من تفسير تلك اليات إن شاء ال تعالى )ص ‪.(13‬‬
‫ونحن ل نرى أدنى خلل فيما ذكره من الوجهين السابقين بصرف النظر عما ذكره من تفسير‪ ً،‬ولكن‬
‫نأخذ عليه أنه لم يأخذ بما قال‪ ً،‬بل جعل القرآن تبعا لرأيه‪ .‬ونرزله على معان تتفقا وهواه‪ ً،‬ورمى غيره‬
‫بالداء الذى هو فيه‪.‬‬
‫ثم ذكر المقالة الثانية‪ ً،‬فجعلها فى بيان ما يوضح اشتمال كلم ال تعالى‪ ً،‬الوارد فيما يتعلقا بالتوحيد‬
‫ل‪ ً،‬بحسب الخبار الواردة‬ ‫ل‪ ً،‬على ما يتعلقا بالولية والمامة بطنا وكناية وتأوي ل‬ ‫والنبوة صريحا وتنزي ل‬
‫فى أن الولية ‪ -‬أى القرار بنبوة النبى وإمامه الئمة والتزام حبهم وإطاعتهم وبغضِ أعدائهم‬
‫ومخالفيهم ‪ -‬أصل اليمان‪ ً،‬مع توحيد ال معرز ومجرل‪ ً،‬بحيث ل يصح الدين إل بذلك كله‪ ً،‬بل إنها بسبب‬
‫إيجاد العاملم‪ ً،‬وبناء حكم التكليف‪ ً،‬وشرط قبول العمال والخروج عن حد الكفر والشرك‪ ً،‬وأنها التى‬
‫يعررضت كالتوحيد على الخلقا جميعا‪ ً،‬وأيرخذ عليهم الميثاقا‪ ً،‬ويبرعث بها النبياء‪ ً،‬ويأنرزلت فى الكتب‪ ً،‬ويكيلف‬
‫بها جميع ا يلمم ولو ضمنا‪ ً،‬وأن نسبة النبوة إلى المامة كنسبتها إلى التوحيد فى تلزم القرار بها‬
‫وبقرينها‪ ً،‬بحيث إن الكفر بكرل فى حكم الكفر بالخر‪ .‬ول يفيد اليمان ببعضِ دون بعضِ‪ ً،‬وأن الئمة‬
‫مثل النبى فى فرضِ الطاعة والفضلية بعده على الخلئقا أجمعين‪ ً،‬وكونهم وسائط ووسائل لسائر عباد‬
‫ال المكررمين‪ ً،‬من النبياء والوصياء والملئكة المقرربين‪ ...‬عقد هذه المقالة الثانية لهذا الغرضِ فقال‪:‬‬
‫لمور المذكورة‪ ً،‬بل أكثرها مما هو يمجممع عليه‬ ‫"اعلم أن الحاديث الغير المحصورة‪ ً،‬تدل على هذه ا ي‬
‫عند علمائنا الماميين‪ ً،‬وقد نص على حقيقتها بل كون يجسلها من ضروريات هذا المذهب أعاظم أصحابنا‬
‫المحدثين‪ ً،‬وكفى فى بيان ذلك ما ذكروه من مباحث المامة وكتب فضائل الئمة‪ ً،‬وسنذكر فى هذا‬
‫الكتاب لها شواهد كثيرة‪ ً،‬فلنكتف بههنا بنقل شئ من تصريحات محققى أصحابنا فى هذا الباب‪ ً،‬وذكر‬
‫أقل قليل من نصوص الئمة الطياب إذ ليس هنا موضع البسط والطناب‪ ً،‬ويكفى ما سنذكره فى‬
‫تبصرة من هو رمن يأولى اللباب "فههنا فصول خمسة"‪ ...‬ثم ساقا الفصول الخمسة‪:‬‬
‫فجعل الفصل الول منها فى بيان ينمبذ من تصريحات علماء الشيعة المامية من رعمظم شأن الئمة‬
‫ووليتهم وكفر منكريهم‪.‬‬
‫وجعل الفصل الثانى فى بيان ينمبذ من الخبار التى وردت فى خصوص فرضِ ولية أهل البيت وحبهم‬
‫وطاعتهم‪ ً،‬وأن ذلك مناط صحة اليمان‪ ً،‬وشرط قبول العمال والخروج عن حد الكفر والشرك‪ ً،‬وأورد‬
‫فيه ما جاء من ذم إنكار الولية والشك فيهم‪ ً،‬وكفر مبغضيهم ومخالفيهم‪.‬‬
‫وجعل الفصل الثالث فى بيان بعضِ الخبار التى وردت فى أن القرار بإبمامة الئمة وحبهم ووليتهم‬
‫يتلو القرار بنبوة النبى صلى ال عليه وسلم وآله وسلم فى مدخليه صحة الدين وصدقا اليمان‪ ً،‬كما أن‬
‫القرار بالنبوة يتلو التوحيد فى ذلك‪ ً،‬وأن نسبة النبوة إلى المامة‪ ً،‬كنسبتها إلى التوحيد فى تلزم‬
‫القرار بها وبقرينها‪ ً،‬بحيث إن الكفر بكرل فى حكم الكفر بالخر ول يفيد اليمان ببعضِ دون الخر‪.‬‬
‫وجعل الفصل الرابع فى بيان بعضِ الخبار التى وردت فى خصوص أن الولية يعرضت مع التوحيد‬
‫على الخلقا جميعا‪ ً،‬وأيرخذ عليهم الميثاقا‪ ً،‬ويبرعث بها النبياء‪ ً،‬ويأنزلت فى الكتب‪ ً،‬ويكليمف بها جميع ا ي‬
‫لمم‪ً،‬‬ ‫ر‬
‫وأورد فيه ما يدل على أنها سبب إيجاد الخلقا أيضا‪.‬‬
‫وجعل الفصل الخامس فى بيان بعضِ الخبار التى وردت فى أن النبى صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والئمة عليهم السلم أول المخلوقين‪ ً،‬وأفضلهم وأكملهم‪ ً،‬وأكرمهم بحيث كانت الملئكة والنبياء تتوسل‬
‫بهم وبوليتهم‪ ً،‬وتفخر الملئكة بخدمتهم‪ ً،‬وتعرلموا التسبيح والتمجيد منهم‪ ً،‬وأنهم ووليتهم الرعلمذة فى‬
‫اليجاد‪ ً،‬والصل فى الطاعة والمعرفة‪.‬‬
‫ثم ذكر المقالة الثالثة وجعلها فى بيان ما يوضح ورود بطون القرآن فيما يتعلقا بالولية والمامة‪ً،‬‬
‫لمم السابقة‪ ً،‬وسيرة من كان قبلهم من كل‬ ‫بحسب الخبار التى تدل على أن هذه الية تقتفى سنن ا ي‬
‫لمم‪ ً،‬قال‪" :‬فإنها بجملتها ‪ -‬يعنى بطون‬ ‫أفعالهم وجميع أطوارهم وأعمالهم‪ ً،‬كما أنه كان كذلك فى سائر ا ي‬
‫القرآن ‪ -‬تقتضى بحسب لطف ال تعالى أن ل يترك النذار والتبشير فيهم‪ ً،‬كما لم يترك بالنسبة إلى‬
‫سابقهم‪ ً،‬وأن يشير إلى الزين والشين فى كل أوان بالنسبة إلى أهل كل زمان‪ .‬وحيث لم يكن وقت نزول‬
‫القرآن بعضِ ما علم ال صدوره من هذه المة صار أبعد منهم‪ ً،‬فل بد من ألطافه الكاملة أن يجعل ذلك‬
‫تأويل كلمه البليغ‪ ً،‬بحيث ييستفاد من التنزيل والتليغ‪ ً،‬ول شك أن هذا أبلغ فى العجاز وأجمل‬
‫لليجاز‪"..‬‬
‫وقد أورد فى جملة ما أورد من الخبار فى ذلك‪ ً،‬ما رواه الطبرسى فى الحتجاج عن علسى عليه السلم‬
‫أنه قال فى قوله تعالى‪} :‬لممتهرمكيبرن مطمبقا معن مطبهَقا{ُ‪ :‬أى لتسلكن سبيل ممن كان قبلكم من المم فى الغدر‬
‫بالوصياء بعد النبياء‪ .‬وما رواه الكلينى فى الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلم فى قوله‬
‫تعالى‪} :‬لممتهرمكيبرن مطمبقا معن مطبهَقا{ُ‪ ..‬قال‪" :‬يا زرارة؛ً أى لتركبن هذه المة بعد نبيها طبقا عن طبقا فى‬
‫أم سر فلن‪ ً،‬وفلن‪ ً،‬وفلن"‪ ..‬قال المولى الكازرانى‪" :‬أقول‪ :‬أى كانت ضللتهم بعد نبيهم مطلقة ^^ من‬
‫المم السابقة فى ترك الخليفة واتباع العجل والسامرى وأشباه ذلك‪ ..‬قال‪ :‬ويحتمل أن يكون المعنى‬
‫تطابقا أحوال خلفاء الجور فى الشدة والفساد" )ص ‪.(24 - 23‬‬
‫ثم ذكر المقدمة الثانية فتكلم فى بيان ما يوضح وقوع بعضِ تغيير فى القرآن وأنه السر فى جعل‬
‫الرشاد إلى أمر الولية والمامة والشارة إلى فضائل أهل البيت وفرضِ طاعة الئمة بحسب بطن‬
‫القرآن وتأويله‪ ً،‬والشعار بذلك على سبيل التجسوز والرموز والتعريضِ فى ظاهر القرآن وتنزيله فقال‪:‬‬
‫"اعلم أن الحقا الذى ل محيص عنه بحسب الخبار الواردة المتواترة التية وغيرها‪ ً،‬أن هذا القرآن‬
‫الذى فى أيدينا قد وقع فيه بعد رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم شئ من التغييرات‪ ً،‬وأسقط الذين‬
‫جمعوه بعده كثيرا من الكلمات واليات‪ ً،‬وأن القرآن المحفوظ عما ذكر‪ ً،‬الموافقا لما أنزله ال تعالى‪ ً،‬ما‬
‫جمعه علسى عليه السلم وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه السلم‪ ...‬وهكذا إلى أن ينتهى إلى‬
‫القائم عليه السلم‪ ً،‬شئ من التغييرات‪ ً،‬وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات واليات‪ ً،‬وأن القرآن‬
‫المحفوظ عما ذكر‪ ً،‬الموافقا لما أنزله ال تعالى‪ ً،‬ما جمعه علسى عليه السلم وحفظه إلى أن وصل إلى‬
‫ابنه الحسن عليه السلم‪ ...‬وهكذا إلى أن ينتهى إلى القائم عليه السلم‪ ً،‬وهو اليوم عنده صلوات ال‬
‫عليه‪ .‬ولهذا ‪ -‬كما قد ورد صريحا حديث سنذكره ‪ -‬لما أرن ال معرز ومجرل قد سبقا فى علمه الكامل‬
‫صدور تلك الفعال الشنيعة من المفسدين فى الدين‪ ً،‬وأنهم بحيث كمال اطلعوا على تصريح بما يضرهم‬
‫ويزيد فى شأن علسى عليه السلم ويذيريته الطاهرين‪ ً،‬حاولوا إسقاط ذلك رأسا أو تغييره محيرفين‪ ً،‬وكان‬
‫فى مشيئته الكاملة ومن ألطافه الشاملة محافظة أوامر المامة والولية‪ ً،‬ومحارسة مظاهر فضائل النبى‬
‫صلى ال عليه وآله الئمة‪ ً،‬بحيث تسلم عن تغيير أهل التضييع والتحريف ويبقى لهل مفادها مع بقاء‬
‫التكليف‪ ً،‬لم يكتف بما كان مصرحا به منها فى كتابه الشريف‪ ً،‬بل جعل يجسل بيانها بحسب البطون وعلى‬
‫نهج التأويل‪ ً،‬وفى ضمن بيان ما تدل عليه ظواهر التنزيل‪ ً،‬وأشار إلى جمل من برهانها بطريقا التجسوز‬
‫والتعريضِ‪ ً،‬والتعبير عنها بالرموز والتورية وسائر ما هو من هذا القبيل‪ ً،‬حتى تتم يحرجته على الخلئقا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫جميعا ولو بعد إسقاط المسقطين ما يدل عليه صريحا بأحسن وجه وأجمل سبيل" قال‪ :‬ويستبين صدقا‬
‫هذا المقال بملحظة جميع ما نذكره فى هذه الفصول الربعة المشتملة على كل هذه الحوال‪.‬‬
‫ثم عقد الفصل الول فى بيان ينمبذ مما ورد فى جمع القرآن ونقصه وتغييره‪ ً،‬من الروايات التى نقلها‬
‫أصحابه من المامية فى كتبهم‪.‬‬
‫وعقد الفصل الثانى فى بيان ينمبذ مما ورد فى جمع القرآن ونقصه وتغييره‪ ً،‬والختلف فيه من الروايات‬
‫التى نقلها المخالفون فى كتبهم‪.‬‬
‫وعقد الفصل الثالث فى بيان ما وعد به سابقا‪ ً،‬من الخبر المشتمل على التصريح بتغيير القرآن‪ ً،‬وأنه‬
‫هو السر فى الشارة إلى ما يتعلقا بالولية والمامة على سبيل الرمز والتعريضِ‪.‬‬
‫وعقد الفصل الرابع فى بيان خلصة أقوال علمائهم فى تغيير القرآن وعدمه وتزييف استدلل من أنكر‬
‫التغيير‪.‬‬
‫ثم ذكر المقدمة الثالثة وقد عقدها لبيان ما يوضح ينمبذا من التأويلت المأثورة عن الئمة السادات‬
‫والمفهومة من بعضِ الروايات‪ ً،‬المرشدة إلى تأويل ما لم يظفر من تأويله على نص خاص من الكلمات‬
‫القرآنية واليات‪.‬‬
‫قال‪ :‬وييستبان بها أيضا ما بينته من صحة ورود بطن القرآن فيما يتعلقا بالولية والمامة‪ ً،‬وأن فى هذا‬
‫المر تأويل ما ورد تنزيله فيما يتعلقا بالتوحيد والنبوة‪ ..‬عقد هذه المقدمة لبيان ما تقدم فقال‪:‬‬
‫"اعلم أن التأويلت التى ظفرنا عليها من أخبار الئمة الطهار على ثلثة أقسام‪ :‬الول‪ :‬ما ورد مختصا‬
‫بكلمة أو آية مذكورة فى موضع واحد بحيث ل يجرى فى غيرها‪ ً،‬ومحل ذكر مورده‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬ما ورد فى آية أو كلمة قرآنية لكنه بحيث يجرى فى غيرها‪ .‬بل ربما يكون الورود على سبيل‬
‫العموم أيضا‪ ً،‬ونحن نذكر هذا القسم فى هذه المقدمة مع نصه أو الشارة إلى موضع ذكر النص‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما لم يرد فى تأويل آية إل أنه مما يجرى فيها‪ ً،‬كقوله عليه السلم‪" :‬نحن يد ال"‪ ...‬ونحوه‪ً،‬‬
‫وهذا أيضا مما نذكره فى هذه المقدمة مع ذكر نصه أو الشارة إليه‪ ً،‬وفى هذين الخيرين إذا وصلنا فى‬
‫كتابنا هذا إلى موضع يجرى فيه إحدهما أولناه على وفقه بعد الشارة إلى ورود التأويل وموضعه‪ ً،‬بل‬
‫مع إعادة ذكر أكثر النصوص فى مواردها‪ .‬ثم من هذه التأويلت ما هو على نهج الكناية والتعريضِ‬
‫والمجازات العقلية‪ .‬ومنها ما هو من قبيل المجاز السلغوى‪ ً،‬وها نحن نرتب هذه المقدمة على مقالتين‪ً،‬‬
‫نذكر فى إحداهما مظاهره على النهج الول مما ل بد من إفراد ذكره‪ ً،‬وفى الخرى سائر التأويلت‬
‫العامة مع نصوصها‪ .‬ثم نلحقها بخاتمة نختم بها المقدمات" )ص ‪ .(36‬ثم ذكر المقالة الولى‪ :‬فجعلها‬
‫فى بيان بعضِ التأويلت التى ل بد من إفراد ذكرها من حيث رعمظم فوائدها‪ ً،‬ويجسلها من قبيل المجازات‬
‫العقلية‪ ً،‬والتج سوز فى السناد‪ ً،‬والكناية‪ ً،‬والتعريضِ وإن أمكن التكلف فى إدخال بعضها تحت المجاز‬
‫السلغوى‪ ً،‬وقد جعل هذه المقالة مشتملة على سبعة فصول‪:‬‬
‫جعل الفصل الول منها‪ :‬فى بيان ما يظهر من الخبار من أن ال معرز ومجرل كثيراص ما أراد فى كتابه‬
‫بحسب الباطن باللفاظ والخطابات الواردة ظاهرا على سبيل العموم خصوص بعضِ أفراد ما صدقت‬
‫عليه‪ ً،‬كالئمة أو شيعتهم أو أعدائهم أو نحو ذلك‪ .‬قال‪ :‬ويدل على هذا أحاديث كثيرة‪ ً،‬منها ما سيأتى‬
‫سفى تأويل الكافرين‪ :‬بمن كفر بالولية‪ ً،‬والمنافقين‪ :‬بمن نافقا فيها‪ ً،‬والمشركين‪ :‬بمن أشرك مع المام‬
‫ممن ليس بإمام‪ ً،‬وأشباه ذلك‪ ..‬ثم قال‪ :‬والحقا أنه إذا تأمل بصيفر فى أكثر ما ورد من تفسير البطن علن‬
‫أن معظم ذلك من هذا القبيل‪ ً،‬وهو مجاز شائع ذائع استعماله فى كثير من اللفاظ العامة والمطلقة‬
‫ونحوها‪ ...‬إلخْ )ص ‪.(36‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وجعل الفصل الثانى‪ :‬فى بيان ما يظهر من الخبار أن ال تعالى كثيرا ما يخاطب بخطاب أو وصف‬
‫لمم السالفة بحسب الظاهر‪ ً،‬ومراده‬ ‫صادقا على الماضين من أهل أزمان النبى صلى ال عليه وسلم وا ي‬
‫لمة بالنظر إلى حال المامة‬ ‫بحسب التأويل والباطن ممن صدقا ذلك الخطاب أو الوصف عليه من هذه ا ي‬
‫والولية وإن لم يكن فى ذلك الزمان‪ ..‬ثم ذكر فى ضمن ما رواه من الخبار الدالة على ذلك ما جاء‬
‫فى تفسير العياشى عن عبد ال بن سنان عن أبى عبد ال فى قوله معرز ومجرل‪} :‬مورمن مقهورم يمومسـى أيرمفة‬
‫ميههيدومن ربٱِهلمحيقا موربره ميهعرديلو من{ُ‪ ..‬قال‪ :‬قوم موسى‪ :‬هم أهل السلم‪ .‬قال المولى‪" :‬والظاهر أن مراده عليه‬
‫لمة‪ ً،‬ويؤيده ما سيأتى فى الئمة‪ ً،‬فل‬ ‫ل لحال هذه ا ي‬ ‫السلم‪ :‬أن نظيره جار فيهم‪ ً،‬وإنما ذكر فى الية تمثي ل‬
‫ينافى هذا ما هو الظاهر من الية من وجود جماعة فى قوم موسى هادين إلى الحقا صريحا كما يظهر‬
‫من بعضِ الخبار" )ص ‪.(37‬‬
‫وجعل الفصل الثالث‪ :‬فى بيان ما يظهر من الخبار من أن ال سبحانه قد يريد بخطابه فى كتابه بحسب‬
‫التأويل والبطن مخاطبا غير من ميفهم من الظاهر كون الخطاب متوجها إليه‪ ً،‬وكان ذلك فى أثناء‬
‫الخطاب وبين الخطاب مع المخاطب المفهوم من الظاهر وفى آية واحدة‪ ً،‬وذلك كما ورد فى خبر جابر‬
‫من قوله عليه السلم‪" :‬إن الية لتكون أولها فى شئ وآخرها فى شئ"‪ ً،‬وما ورد فى الكافى وفى تفسير‬
‫العياشى عن عبد ال بن بكير عن أبى عبد ال قال‪ :‬نزل القرآن بـ إياك أعنى وأسمعى يا جارة"‪ً،‬‬
‫وفيهما أيضا عن أبى عمير عمن حردثه عن أبى عبد ال قال‪" :‬ما خاطب ال بن فهو يغنى به ممن قد‬
‫ل{ُ معرنمى بذلك غيره‪.‬‬ ‫ل مأن مثربهتمنامك لممقهد ركدرت متهرمكين إرلمهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬
‫مضى ذكره فى القرآن مثل قوله‪} :‬مولمهو م‬
‫قال بعضِ المحدثين‪ :‬لعل المراد ممن مضى ذكره فى القرآن من الذين أسقط أسماءهم الملحدون فى‬
‫آيات‪ ...‬قال‪ :‬وفى كنز الفوائد عن العمش قال‪ :‬سمعت عطاء بن أبى رباح يقول‪ :‬يسئل رسول ال‬
‫وعلى نهلرقى فى جهنم‬ ‫س‬ ‫صلى ال عليه وسلم عن قول ال معرز ومجرل‪} :‬أمهلرقميا رفي مجمهرنم يكرل مكرفاهَر معرنيهَد{ُ‪" :‬أنا‬
‫كل من عادانا"‪) ....‬الخبر( )ص ‪.(37‬‬
‫وجعل الفصل الرابع‪ :‬فى بيان ما يظهر من الخبار من أن الضمير فى القرآن قد يكون بحسب التأويل‬
‫ل‪ ً،‬كالضمائر التى ورد‬ ‫راجعا إلى شئ ليس بمذكور صريحا‪ ً،‬بل مقصود بحسب الباطن ومعهود تأوي ل‬
‫رجوعها إلى الولية أو إلى أمير المؤمنين عليه السلم أو نحو ذلك‪ ً،‬بل سبقا ذكر ظاهرا‪ .‬ثم ذكر ما‬
‫ورد من الخبار فى ذلك‪ ً،‬منها‪ :‬ما رواه الكلينى عن المفضل قال‪ :‬سألت أبى عبد ال عليه السلم عن‬
‫ل ميهريجومن رلمقآمءمنا ٱهئرت ربيقهرآهَن مغهيرر مهــمذآ أمهو مبيدهليه{ُ‪ ..‬قال‪ :‬قالوا‪ :‬أو مبيدل‬ ‫قول ال معرز ومجرل‪} :‬مقامل ٱرلرذيمن م‬
‫عليا‪ ..‬وما ورد فى كنز الفوائد للكراكجى من تأويل أهل البيت فى حديث أحمد بن إبراهيم عنهم عليهم‬
‫السلم قالوا‪} :‬مومتهجمعيلومن ررهزمقيكهم{ُ‪ :‬أى أن شكر النعمة التى رزقكم وما ممرن عليكم بمحمد وآله }أمرنيكهم‬
‫ل إرمذا مبلممغرت ٱهليحهليقوم * مومأنيتهم رحيمنرئهَذ متنيظيرومن{ُ إلى وصية علسى عليه السلم يبشر‬ ‫يتمكيذيبومن{ُ أى بوصيه }مفلمهو م‬
‫صيرومن{ُ‪..‬‬ ‫على منكم }ولمــركن ر‬
‫ل يتهب ر‬ ‫وليه بالجرنة‪} :‬مومنهحين أمهقمريب إرلمهيره رمنيكهم{ُ‪ :‬يعنى أقرب إلى أمير المؤمنين ر‬
‫أى ل تعرفون‪.‬‬
‫ومنها ما ورد فى تفسير اليقيمى عن أبى الشمال عن أبى جعفر عليه السلم فى قوله تعالى فى سورة‬
‫لهحمدى ٱهليكمبرر * منرذيرا ليهلمبمشرر{ُ قال‪ :‬يعنى فاطمة‪ ً،‬وكذا قال فى سائر الضمائر التى فى‬ ‫المدثر‪} :‬إررنمها ر‬
‫السورة )ص ‪.(38‬‬
‫وجعل الفصل الخامس‪ :‬فى بيان ما يدل على أنه ل استبعاد فى أن يحمل ما عبر عنه بالماضى على ما‬
‫هو المستقبل التى كما يقتضيه كثير من التأويلت فقال‪ :‬روى الكلينى فى الكافى بإسناده عن أبى جعفر‬
‫الباقر عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا علم ال شيئا هو كائن أخبر خبر ما قد كان‪ .‬يعنى‪ :‬إذا كان فى علم ال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تعالى الكامل وقوع الشئ ل محالة وأنه سيكون قطعا‪ ً،‬أخبر عنه على سبيل ام قد مضى وكان‪ ً،‬سواء‬
‫أكان ذلك مما يدل عليه ظاهر القرآن وتنزيله‪ ً،‬أو باطنه وتأويله‪ ً،‬كما هو مقتضى التطابقا كأحوال يوم‬
‫ل‪ ً،‬والثواب والعقاب وسائر ما هو من هذا القبيل كالرجعة وما يكون فيها‪ ً،‬وما يصدر من‬ ‫القيامة مث ل‬
‫لمة بالنسبة إلى المامة وأمثال ذلك‪ ..‬قال‪ :‬ول يخفى أنه بنالء على هذا يرتفع الستبعاد المذكور )ص‬ ‫اي‬
‫‪.(38‬‬
‫وجعل الفصل السادس‪ :‬فى بيان ما يظهر من الخبار من أن إيراد أكثر الشياء التى نسبها ال معرز‬
‫ومجرل إلى نفسه على صيغة الجمع وضميره كقوله سبحانه وتعالى‪} :‬مفملرمآ آمسيفومنا ٱنمتمقهممنا رمهنيههم{ُ‪ ً،‬وقوله معرز‬
‫ومجرل‪} :‬إررن إرلمهيمنآ إرميامبيههم * يثرم إررن معلمهيمنا رحمسامبيههم{ُ‪ ً،‬وأمثالها من الكلمات القرآنية فإن السر فيه إدخال النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم والئمة فيها‪ ً،‬بل إنهم هم المقصودون فى كثير منها‪ .‬ومعرد هذا من قبيل المجازات‬
‫الشائعة فى كلم الملوك والعاظم‪ ...‬ثم قال‪ :‬فلنكتف ههنا بنقل بعضِ الخبارالدالة عليه‪ ً،‬وذكر أخبارا‪ً،‬‬
‫منها‪ :‬ما رواه الكلينى فى الصحيح عن حمزة بن بزيغ عن أبى عبد ال عليه السلم فى قول ال معرز‬
‫ومجرل‪} :‬مفلمرمآ آمسيفومنا ٱنمتمقهممنا رمهنيه هم{ُ‪ ..‬فقال‪ :‬إن ال تعالى ل يأسف كأسفنا‪ ً،‬ولكنه خلقا أولياء لنفسه يأسفون‬
‫وهم مخلوقون مربوبون‪ ً،‬فجعل رضاهم رضا نفسه‪ ً،‬وسخطهم سخط نفسه‪ ً،‬لنه جعلهم الدعاة إليه‬
‫والدلء عليه‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬وليس أن ذلك يصل إلى ال كما يصل إلى خلقه‪ ً،‬ولكن هذا معنى ما قال من ذلك‪ً،‬‬
‫وقد قال‪" :‬ممن أهان لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة ودعانى إليها"‪ ً،‬وقال‪} :‬رمهن يرطرع ٱلرريسومل مفمقهد أممطامع‬
‫ٱلرلمه{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬إررن ٱرلرذيمن يمبارييعومنمك إررنمما يمبارييعومن ٱلرلمه مييد ٱلرلره مفهومقا أمهيرديرههم{ُ ‪ ..‬قال‪ :‬وهكذا الرضا والغضب‬
‫وغيرهما من الشياء مما يشاكل ذلك الخبر ول يخفى صراحة فى المقصود ههنا‪ ..‬قال‪ :‬وفى الكافى‬
‫وغيره عن زرارة عن أبى جعفر قال‪ :‬سألته عن قول ال معرز ومجرل‪} :‬مومما مظلميمومنا مولمــركن مكاينيوها أمهنيفمسيههم‬
‫وأجل من أن يظلم‪ ً،‬ولكن خلطنا بنفسه‪ ً،‬بجعل ظلمنا ظلمه‪ ً،‬ووليتنا‬ ‫س‬ ‫ميهظرليمومن{ُ فقال‪ :‬إن ال أعظم وأ م ر‬
‫عز‬
‫وليته حيث يقول‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ‪ ..‬يعنى الئمة منا )ص ‪.(39‬‬
‫وجعل الفصل السابع‪ :‬فى بيان ما يظهر من الخبار من إطلقا لفظ الجللة والله والرب بحسب بطن‬
‫القرآن وتأويله على المام فى مواضع عديدة‪ ً،‬بل هكذا حال بعضِ الضمائر الراجعة بحسب التنزيل إليه‬
‫سبحانه‪ ً،‬وأن تأويل ما نسبه ال إلى نفسه بإضافته إلى هذه اللفاظ من العبادة‪ ً،‬والطاعة‪ ً،‬والمعرفة‪ً،‬‬
‫والرضا‪ ً،‬والسخط‪ ً،‬والمخالفة‪ ً،‬والفقر‪ ً،‬والغنى‪ ...‬إلى غير ذلك هو ما يتعلقا بالمام كمتابعته‪ ً،‬وإقامته‪ً،‬‬
‫وإطاعته‪ ً،‬ورضاه‪ ً،‬وسخطه‪ ً،‬وسبه‪ ً،‬وأذاه‪ ً،‬ومخالفته‪ ً،‬وغناه‪ ً،‬وفقره‪ ...‬ونحو ذلك‪ .‬ومعرد ذلك من قبيل‬
‫المجازات العقلية والتجسوز فى السناد‪ ً،‬قال‪ :‬لكن يظهر فى بعضِ ما سنذكره من الخبار أن فى ذلك ما‬
‫هو من قبيل المجاز السلغوى أو التشبيه بالمعنى اليعهرفى‪ .‬ثم ذكر بعضِ ما هو نص فى بيان المقصود‪ً،‬‬
‫فذكر من ذلك ما رواه الطبرسى فى الحتجاج عن علسى عليه السلم أنه قال فى حديث له طويل‪ :‬إن‬
‫ضِ إرلمــفه{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مويهمو مممعيكهم أمهيمن مما يكنيتهم{ُ‪ ً،‬وقوله‪:‬‬ ‫قوله تعالى‪} :‬مويهمو ٱرلرذيِ رفي ٱلرسمآرء إلمــفه مورفي ٱ م‬
‫لهر ر‬ ‫ر‬
‫ل يهمو مراربيعيههم{ُ‪ ..‬فإنما أراد بذلك استيلء أمنائه بالقدرة التى ركبها فيهم على‬ ‫}مما مييكوين رمن رنهجموـى مث م‬
‫لمثهَة إر ر‬
‫جميع خلقه‪ ً،‬وأن فعلهم فعله‪) ...‬الخبر(‪ ً،‬وما رواه العياشى فى تفسيره عن أبى بصير قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫ل مترترخيذوها رإلــمههيرن ٱهثمنهيرن إررنمما يهمو رإلــفه موارحفد{ُ يعنى بذلك‪ :‬ل تتخذوا‬ ‫عبد ال عليه السلم يقول‪} :‬مومقامل ٱللريه م‬
‫إمامين إنما هو إمام واحد‪ ً،‬وما جاء فى كنز الفوائد للكراكجى عن علسى بن أسباط عن إبراهيم الجعفرى‬
‫ل ميهعمليمومن{ُ‪..‬‬ ‫عن أبى الجارود عن أبى عبد ال عليه السلم فى قوله تعالى‪} :‬أمإرملــفه رممع ٱل مبهل أمهكمثيريههم م‬
‫قال‪ :‬أى مءإمام هدى مع إمام ضلل فى قرن واحد؟ وما رواه اليقيمى فى تفسير قوله تعالى‪} :‬موأمهشمرمقرت‬
‫ضِ ربينورر مريب مها{ُ‪ ..‬أن الصادقا عليه السلم قال‪ :‬أى رب الرضِ‪ ً،‬يعنى إمام الرضِ‪ ً،‬وما جاء فى‬ ‫لهر ي‬‫ٱم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تفسير اليقيمى فى قوله تعالى‪} :‬رممثيل ٱرلرذيمن مكمفيروها ربمريبرههم أمهعممالييههم مكمرمماهَد ٱهشمتردهت ربره ٱليرييح{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬قال‪:‬‬
‫ممن لم يقر بولية عل سى عليه السلم بطل عمله مثل الرماد الذى تجئ الريح فتحمله‪ ً،‬وما جاء فى كنز‬
‫الفوائد من تأويل قوله تعالى‪} :‬مقامل أمرما ممن مظلمم مفمسهومف ينمعيذيبيه يثرم يمرسد إرلمـى مريبره مفيمعيذيبيه معمذابا سنهكرا{ُ‪ ..‬أن‬
‫المام عليه السلم قال‪ :‬هو يمرسد إلى أمير المؤمنين عليه السلم فيعذبه عذابا نكرا‪ ً،‬ثم يقول‪} :‬ـيملهيمترني‬
‫يكنيت يتمرابا{ُ‪ ..‬أى من شيعه أبى تراب )ص ‪.(41‬‬
‫وأما المقالة الثانية‪ :‬فهى فى بيان سائر التأويلت العامة التى تجرى فى غير موضعها وتعم أكثر من‬
‫موضع واحد مع نصوصها وأدلتها‪ .‬وقد رتب المولى ما فى هذه المقالة على ترتيب حروف الهجاء‬
‫ونهج فيها منهج كتب السلغة بملحظة الحرف الول‪ ً،‬ثم الخر ثم الثانى‪ .‬فمن ذلك الذى ذكره ما يأتى‪:‬‬
‫"الصر" قال‪ :‬هو فى سورة البقرة‪ ً،‬وآل عمران‪ ً،‬والعراف‪ .‬وفى أساس البلغة‪ :‬الصر‪ :‬الثقل‪ .‬وفى‬
‫القاموس‪ :‬الصر ‪ -‬بالكسر‪ :‬الذنب‪ ً،‬وسيأتى فى الذنب تأويله‪ .‬وقد روى الكلينى أيضا عن الباقر عليه‬
‫لمل ٱلررتي مكامنهت معملهيرههم{ُ‪ ..‬أنه قال‪" :‬الصر‪ :‬الذنوب‬ ‫لهغ م‬‫صمريههم موٱ م‬ ‫ضيع معهنيههم إر ه‬‫السلم فى قوله تعالى‪} :‬مومي م‬
‫التى كانوا فيها قبل معرفة فضل المام‪ ً،‬فلما عرفوا فضل المام وضع عنهم الصر‪ ً،‬قال‪ :‬قال عليه‬
‫السلم‪ :‬الصر الذنب‪ ً،‬وهى الصار"‪) ...‬الخبر(‪ ً،‬وتأويله ظاهر‪ .‬وفى تفسير اليقيمى عن الصادقا عليه‬
‫صرريِ{ُ‪ :‬أى عهدى‪ ً،‬أى عهد اليمان بالنبى صلى ال‬ ‫السلم أنه قال من قوله تعالى‪} :‬موأممخهذيتهم معملـى ـذرليكهم إر ه‬
‫عليه وسلم وينصرة علسى عليه السلم‪) ....‬ص ‪.(50‬‬
‫"الباطل" قال‪ :‬الباطل والمبطلون‪ ً،‬والباطل ضد الحقا وقد ورد تأويله بأعداء الئمة‪ ً،‬وبدولة الباطل‪ ً،‬وبما‬
‫كان عليه بنو يأمية وأشباههم من غاصبى الخلفة‪ ً،‬كعداوة الئمة وغيرها‪ ً،‬ومنه يظهر المراد بالمبطلين‬
‫أى يمردعى الباطل وأتباعهم‪ ً،‬ففى تفسير اليقيمى عن الصادقا عليه السلم فى قوله تعالى‪} :‬مذرلمك ربمأرن ٱرلرذيمن‬
‫مكمفيروها ٱرتمبيعوها ٱهلمبارطمل{ُ قال‪ :‬هم الذين اتبعوا أعداء علسى وآل الرسول‪) ....‬الخبر( )ص ‪.(70‬‬
‫"الراجفة" قال‪ :‬الراجفة‪ ً،‬والرادفة‪ ً،‬والرجفة‪ ً،‬والمرجفون‪ :‬أصل الرجفة الحركة والضطراب‪ ً،‬ومنها‬
‫الرجوفة للكذب الذى يوقع فى الضطراب‪ .‬وفى سورة الحزاب فى الية ]‪} :[60‬موٱهليمهررجيفومن رفي‬
‫ٱهلممرديمنرة{ُ‪ ..‬قال‪ :‬وسيأتى هناك عن الصادقا عليه السلم‪ :‬أن الراجفة الحسين عليه السلم‪ ً،‬والرادفة أبوه‬
‫عل سى عليه السلم‪ ً،‬وأن أول من ينفضِ التراب عن رأسه فى الرجفة الحسين عليه السلم‪ .‬وقد فرسرها‬
‫المف يسرون بالنفخْ الول‪ ً،‬والرادفة بالنفخْ الثانى‪ ً،‬وهو أيضا مناسب للتأويل المذكور كما سيأتى فى‬
‫الصور‪ .‬وربما أمكن إجراء ما ذكرناه من التأويل فى بعضِ موارد الرجفة على حسب التناسب‪ ً،‬بل‬
‫يمكن التأويل أيضا بقيام القائم ورجعة الناس فل تغفل )ص ‪.(109‬‬
‫"الزيت والزيتون" قال‪ :‬أما الزيتون فمعروف‪ .‬وأما الزيت ففرد منه‪ ً،‬ويأتى إن شاء ال فى المشكاة‪ً،‬‬
‫وفى سورة النور عند تأويل آية النور ما يدل على تأويل الزيت بالعلم‪ ً،‬وفى سورة "التين" ما يدل على‬
‫أوله القيمى أيضا بعلسى عليه السلم كما سيظهر فى السورة المذكورة‪ً،‬‬ ‫تأويل الزيتون بالحسين‪ ً،‬وقد س‬
‫ولعله يمكن إجراء ذلك فى غير تلك السورة أيضا‪ .‬وقد قيل فى وجه هذه الستعارة‪ :‬إن الزيتون فاكهة‬
‫وإدام ودواء وله دهن مبارك لطيف‪ ً،‬وعلسى عليه السلم وكذا الحسين عليه السلم كل واحد ثمره فؤاد‬
‫المقرربين‪ ً،‬وعلومه قوة قلب المؤمنين‪ ً،‬وبنوره ونور أولده الطاهرين اهتدى جميع المهتدين‪ ً،‬وقد مرثل‬
‫ال نوره بأنوارهم كما شاع فى أخبارهم‪ ً،‬ثم قد ودر تأويل الزيتون ببيت المقدس كما يأتى فى "الطور"‬
‫)ص ‪.(113‬‬
‫صرلى نحوها‪ ً،‬والجهة‪ ً،‬والكعبة‪ ً،‬وكل ما ييستقبل ‪ -‬يقال‪ :‬ما له رقهبلة‬ ‫"الرقهبلة" قال فى القاموس‪ :‬الرقهبلة التى ي م‬
‫ول ردهبرة ‪ -‬بكسرهما ‪ -‬أى وجهة‪ ً،‬هذا وقد ممرر فى الصلة ما يدل على تأويل الرقهبلة بالئمة عليهم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫السلم‪ ً،‬وأنهم المراد بها بحسب بطن القرآن‪ ً،‬واستقبالها كناية عن التمسك بهم واتباعهم ونحو هذا‪ .‬وفى‬
‫تفسير العياشى عن الصادقا عليه السلم‪" :‬نحن رقهبلة ال‪ ً،‬ونحن كعبة ال" وسيأتى بعضِ المؤييد فى‬
‫"الكعبة" وال الهادى )ص ‪.(183‬‬
‫ثم ذكر الخاتمة‪ ً،‬وجعلها مشتملة على فصلين‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬فى بيان ينمبذ مما ورد من تأويلت الحروف المقطعة التى فى أوائل بعضِ السور فقال‪:‬‬
‫"اعلم أن أصل تركيب مقطعات أوائل السور من غير ملحظة ما تكرر منها أربع عشرة بعدد‬
‫المعصومين الربعة عشر‪ :‬النبى وفاطمة والئمة الثنا عشر‪ .‬والسور هى هذه‪" :‬آلم‪ .‬آلمص‪ .‬آلر‪ .‬آلمر‪.‬‬
‫كهيعص‪ .‬طه‪ .‬طسم‪ .‬طس‪ .‬يس‪ .‬ص‪ ,‬حم‪ .‬حمعسقا‪ .‬قا‪ .‬ن"‪ ..‬ثم قال‪ :‬وفى معانى الخبار بإسناده إلى‬
‫أبى بصير عن أبى عبد ال عليه السلم قال‪ :‬طآلم‪ :‬حروف من حروف اسم ال العظم المقطع فى‬
‫القرآن‪ ً،‬الذى يؤلفه النبى والمام عليه السلم‪ ً،‬فإذا دعا به يأجيب"‪ ً،‬قال بعضِ الفاضل‪ :‬فى هذه‬
‫الحاديث دللة على أن الحروف المقطعات أسرار بين ال ونبيه‪ ً،‬ورموز لم ييقصد بها إفهام غيره‬
‫وغير الراسخين فى العلم من يذيريته‪ .‬أقول‪ :‬ويؤيده ما فى تفسير المام عليه السلم‪ :‬أن معنى "آلم"‪ :‬أن‬
‫هذا الكتاب الذى أنزلته هو الحروف المقطعة التى منها "أ ل م" وهو بلغتكم وحروف هجائكم‪ ً،‬فأتوا‬
‫بمثله إن كنتم صادقين‪ ...‬ثم قال‪ :‬وسنشير فيما ورد فى "ص" إلى ما يدل على أن جميع المقطعات‬
‫القرآنية اسم للنبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولنذكر بعضِ ما يتعلقا بتأويلها على ترتيبها‪ .‬فما ورد فى ‪:‬‬
‫آلم‪ ً،‬وآلمص‪ ً،‬وآلر‪ ً،‬وآلمر‪ .‬ما قيل من أن معنى "آلم"‪ :‬أنا ال أعلم وأرى‪ .‬و "آلمص"‪ :‬أنا ال أعلم‬
‫وأفصل‪ .‬وعلى هذا يمكن التأويل بأنه علم حيث اختار‪ ً،‬محمدا وعليا وآلهما الطيبين للنبوة والمامة‬
‫وأنزل لهم وفيهم كتابه المجيد‪ ً،‬وعلى هذا القياس تأويل ما يأتى بعده‪ ....‬إلخْ" )ص ‪.(231‬‬
‫ثم قال‪ :‬وأما "كهيعص" فمعناه‪ :‬أنا الكافى الهادى‪ ً،‬والوالى العالم الصادقا الوعد‪ .‬أقول‪ :‬تأويل هذا‪ :‬ما‬
‫ورد عنه عليه السلم أيضا أنه قال‪ :‬أى كاف لشيعتنا‪ ً،‬هاد لهم‪ ً،‬ولى لهم‪ ً،‬وعده حقا‪ ً،‬يبلغ بهم المنزلة‬
‫التى وعدهم إياها فى بطن القرآن‪ .‬وفى فى الحتجاج والمناقب وإكمال الدين عن سعد بن عبد ال عن‬
‫اليح رجة القائم عليه السلم أنه سأل عن تأويل "كهيعص" فقال‪ :‬إن هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع ال‬
‫صلها على محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه‬ ‫عليها عبده زكريا‪ ً،‬ثم ف ر‬
‫ر‬
‫بأسماء الخمسة‪ ً،‬فأهبط ال عليه جبريل عليه السلم فعلمه إياها‪ ً،‬فكان زكريا إذا ذكر محمدا‪ ً،‬وعليا‪ً،‬‬
‫وفاطمة‪ً،‬و الحسن سرى عنه همه وانجلى كربه‪ ً،‬وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة‪.‬‬
‫فقال ذات يوم‪ :‬إلهى؛ً ما بالى إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومهى‪ ً،‬وإذا ذكرت الحسين‬
‫تدمع عينى وتثور زفرتى؟ فأنبأه تبارك وتعالى عن قصته فقال‪" :‬كهيعص" فالكاف‪ :‬اسم كربلء‪ً،‬‬
‫والهاء‪ :‬هلك العترة‪ ً،‬والياء‪ :‬يزيد لعنه ال ‪ -‬وهو ظالم الحسين ‪ -‬والعين‪ :‬عطشه‪ ً،‬والصاد‪ :‬صبره‪ً،‬‬
‫فلما سمع بذلك زكريا لم يفارقا مسجده ثلثة أيام‪ ً،‬ومنه فيها الناس من الدخول عليه‪) ....‬الخبر(‪.‬‬
‫قال‪ :‬وسيأتى تتمته فى سورته )ص ‪.(223‬‬
‫وجعل الفصل الثانى من الخاتمة فى ذكر بعضِ الفوائد‪.‬‬
‫فالفائدة الولى‪ :‬برين فيها أن دأبه فى هذا التفسير على شيئين‪:‬‬
‫لمم السابقة وما صدر منهم بالنسبة إلى طاعة أنبيائه‬ ‫أحدهما‪ :‬تأويل ما ورد بحسب التنزيل بالنسبة إلى ا ي‬
‫وعصيانهم‪ ً،‬بأن المراد الطاعة وعدمها فيما برلغوا إليهم وأمروهم به من القرار بولية النبى والئمة‪ً،‬‬
‫والعتراف بحقهم‪ ً،‬والتمسك بهم‪ ً،‬مع التبرى من أعدائهم‪ .‬بعد القرار بال ورسله‪ ً،‬وتصديقهم فيما برلغوا‬
‫جميعا‪ ً،‬ل سيما الولية‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمم وإلى إطاعتهم وإلى معصيتهم وما ورد عليهم من‬ ‫وثانيهما‪ :‬تطبيقا كثير مما ورد بالنسبة إلى تلك ا ي‬
‫لمة فيما صدر منهم بالنسبة إلى إطاعة النبى‬‫الشر والنقم والخير والنعم وغير ذلك على طوائف هذه ا ي‬
‫والئمة فى أمر الولية وعدمها‪ ً،‬وما ورد ويرد عليهم من الشر والخير لذلك‪ ً،‬وذلك بتمثيل الخيار‬
‫بالخيار‪ ً،‬والشرار بالشرار‪ ً،‬وتبيان وجه الشبه فى تنظيم أفعالهم بأفعالهم‪ ً،‬كتنظير أصحاب السبت‬
‫ل‪ ً،‬وأصحاب الكهف بأبى طالب ونظرائه مثل‪ ً،‬وأصحاب‬ ‫بقتله يذيرية النبى كبنى يأمية وبنى العباس مث ل‬
‫الرعهجل بأهل السقيفة‪ ...‬وغير ذلك )ص ‪.(235‬‬
‫والفائدة الثانية‪ :‬برين فيها أن المراد فى الباطن بجميع ما حررم ال فى القرآن‪ :‬أئمة الجور‪ ً،‬وبما‬
‫أح‬
‫ل‬
‫س‬
‫‪ :‬أئمة الحقا‪ ً،‬وأنهم أصل كل خير‪ ً،‬فروعهم كل بر‪ ً،‬وأعداؤهم أصل كل شر‪ ً،‬ومن فروعهم كل قبيح‬
‫وفاحشة‪ ً،‬وأن أعداءهم المراد بالفواحش والمناهى وما ييعبد من دون ال )ص ‪.(236‬‬
‫ل منهما مقصود‬ ‫والفائدة الثالثة‪ :‬قال فيها‪" :‬إنه تقردم وجوب اليمان بظاهر القرآن وباطنه معا‪ ً،‬وأن يك ل‬
‫البارى‪ ً،‬ولكن لما كانت التفاسير المتداولة مشتملة على يجيل ما يتعلقا بالظاهر‪ ً،‬وكان مقصدنا بالذات من‬
‫وضع هذا الكتاب إبراز خبايا التأويلت المستفادة من الئمة السادة‪ ً،‬لخلو أكثر التفاسير عنها جميعا‪ً،‬‬
‫ومن أكثرها‪ ً،‬جعلنا مدار كلمنا على تبيين هذا المر وبيان ما يتعلقا بالبطون فل نتعرضِ لما يتعلقا‬
‫ل‪ ً،‬حذرا من التطويل والخروج عن المقصود الصلى )ص ‪ .(236‬والفائدة الرابعة‪ :‬برين‬ ‫صل‬‫بالظواهر مف ر‬
‫فيها أن كل ما ذكره من تأويل اليات والكلمات القرآنية فى تفسيره‪ ً،‬فمبناه على التجسوز فى المعنى‪ ً،‬أو‬
‫السناد‪ ً،‬أو نحو ذلك من وجوه الستعارات وأمثالها‪ .‬قال‪ :‬ومع هذا ل يجوز ذلك فى موضع إلبعد‬
‫وجدان مستند له فيه وفى مثله‪ ً،‬أو بحسب العموم والطلقا الشامل )ص ‪.(236‬‬
‫والفائدة الخامسة‪ :‬برين فيها أنه اقتصر فى نقل الخبار على موضع الحاجة منها وما يدل على المراد‪ً،‬‬
‫مخافة التطويل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فربما فررقنا مضمون خبر على مواضع‪ ً،‬وربما نقلنا خلصة مضمون روايته‪ ً،‬ولكن كل ذلك بحيث‬
‫ل يخل بالحديث ول يتغير منه معناه )ص ‪.(236‬‬
‫والفائدة السادسة‪ :‬برين فيها أن كل ما ذكره فى تفسيره من التأويلت فهو غير خال من المستند المستفاد‬
‫من الئمة عليهم السلم )ص ‪.(236‬‬
‫والفائدة السابعة‪ :‬برين فيها أن الرجعة من ضروريات مذهب الشيعى‪ ً،‬واردعى تواتر الحاديث المثبتة لها‬
‫فى الجملة وإن كانت مختلفة فى تفصيلها وقال‪ :‬لقد وقفت على أزيد من مائتى حديث فيها‪ ً،‬ثم ذكر من‬
‫الخبار ما يدل على ذلك )ص ‪.(239 - 237‬‬
‫ثم قال‪" :‬وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده فى مقدمات تفسيرنا‪ ً،‬ونشرع بعد هذا فى أصل التفسير إن شاء‬
‫صيليا ويممسيلما‪ ً،‬والحمد ل رب العالمين‪ ً،‬والصلة والسلم‬ ‫ال تعالى وبمحهوله ويقروته وتوفيقه‪ ً،‬حامدا ويم م‬
‫على خير خلقه محمد وآله الئمة المعصومين‪ ً،‬صلوات ال عليهم أجميعن‪ ً،‬حمدا وصلة وتسليما كثيرا‬
‫كثيرا كثيرا"‪ .‬ولكن أين هذا التفسير؟؟‪ .‬قلنا‪ :‬لم نعثر عليه فى مكتبة من مكاتبنا المصرية‪ .‬وقلنا‪ :‬إنه لو‬
‫وقع لنا لكان خير مرجع ييصيور لنا معالم التفسير عند المامية الثنا عشرية‪ ..‬ولكن ألسمت معى فى أن‬
‫هذه المقدمة التى لخصيت لك أهم مباحثها‪ ً،‬تكشف لنا إلى حد كبير عن مذهب صاحبها فى تفسيره‪ ً،‬وعن‬
‫مقدار تأثره بعقيدته فى فهمه لكتاب ال؟ أظن أنك معى فى هذا وإليك أسوقا أهم القواعد التى سار عليها‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المولى عبد اللطيف فى تفسيره‪ ً،‬وهى قواعد استخلصتها ولخصتها من مقدمة تفسيره‪ ً،‬ول أحسب أنه‬
‫تخطاها أو شذ عنها بعد ما دافع عنها وقرواها بما استطاع من الدلة‪ .‬وهذه هى أهم القواعد‪:‬‬
‫أو لل‪ :‬القرآن له ظهر وبطن‪ ً،‬بل كل فقرة من كتاب ال لها سبعة وسبعون بطنا‪ ً،‬وجملة باطن الكتاب فى‬
‫الدعوة إلى المامة والولية‪ ً،‬وجملة ظاهره فى الدعوة إلى التوحيد والنبوة والرسالة‪ ً،‬وكل ما ورد من‬
‫اليات المشتملة على المدح والكرام ففى أئمتهم‪ ً،‬وكل ما ورد من اليات المشتملة على التهديد والوعيد‬
‫والتوبيخْ والتقريع ففى مخالفيهم وأعدائهم نزلت‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ل تقتصر معانى اليات القرآنية على أهل زمان واحد‪ ً،‬بل لكل آية تأويل يجرى فى كل أوان‬
‫وعلى أهل كل زمان‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬معانى القرآن الظاهرة متناسبة مع معانيه الباطنة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬المعانى الباطنة ليست جملتها مما استعمل فيها الرلفظ على سبيل الحقيقة بل أكثرها ومعظمها على‬
‫طريقا التجسوز ونهج الستعارة وسبيل الكناية ومن قبيل المجازات السلغوية والعقلية‪ ً،‬وهذا فى تقديره أمر‬
‫ل غرابة فيه ول استبعاد‪ ً،‬إذ أن أبواب التجسوز فى كلم العرب واسعة‪ ً،‬وموارده فى عبارات الفصحاء‬
‫سائغة‪ .‬خاسما‪ :‬يجب على النسان أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه على السواء‪ ً،‬كما يجب عليه أن‬
‫ل إن لم يعلم‬ ‫ل أو إجما ل‬ ‫يؤمن بمحكم القرآن ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وبسائر ما يتعلقا بذلك تفصي ل‬
‫التفصيل من أهل البيت‪ ً،‬وممن أنكر الظاهر وأقرر بالباطن أو العكس فهو ملحد كافر‪ ً،‬بل ويجب على كل‬
‫إنسان أن ييصيدقا بكل ما ينرقل عن الئمة من تفسير وتأويل وإن لم يفهم معناه‪ ً،‬ومن الجرأة أن ينكر أحد‬
‫شيئا من ذلك لخفائه عليه‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬علم تأويل القرآن جميعه عند الئمة‪ ً،‬وهذا أمر اخيتصوا به دون ممن عداهم‪ ً،‬فلهذا ل يجوز لحد‬
‫أن ييفيسر القرآن برأيه وبدون سماع منهم‪ ً،‬لنه ل شبهة فى أن ممن عداهم تقصر علومهم وتعجز أفهامهم‬
‫ل عن بواطنه وتأويله‪.‬‬ ‫عن الوصول إلى كثير من ظواهر القرآن فض ل‬
‫لمة المحمدية فى الزمنة المستقبلة ‪ -‬أى بعد نزول القرآن ‪ -‬أشار‬ ‫سابعا‪ :‬ما علم ال صدوره من هذه ا ي‬
‫جد من الحوادث بعد نزول القرآن يستفاد من آياته عن‬ ‫ال إليه ومنربه عليه فى كتابه الكريم‪ ً،‬فكل ما مجرد ومي ر س‬
‫طريقا تأويلها‪ ً،‬وهذا أبلغ فى العجاز وأجمل لليجاز‪ ً،‬فقوله تعالى‪} :‬لممتهرمكيبرن مطمبقا معن مطبهَقا{ُ تأويله‬
‫لمم فى الغدر بالوصياء بعد‬ ‫لمة ستسلك سبيل ممن كان قبلها من ا ي‬ ‫الخبار من ال بأن ال هذه ا ي‬
‫النبياء‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬القرآن الذى جمعه علسى عليه السلم وتوارثته الئمة من بعده هو القرآن الصحيح‪ ً،‬وما عداه وقع‬
‫فيه التغيير والتبديل‪ ً،‬فكل ما ورد صريحا فى مدح أهل البيت وذم شانئيهم أيرسقط من القرآن أو يحيرف‬
‫ويبيدل‪ ً،‬ولعلم ال بما سيكون من التغيير والتبديل لم يكتف ال تعالى بالرشاد إلى أمر المامة والولية‬
‫وفضائل أهل البيت ومثالب أعدائهم بما صررح به القرآن‪ ً،‬بل أرشد إلى ذلك أيضا بحسب ما يدل عليه‬
‫باطن الرلفظ وتأويله‪ ً،‬لتقوم بذلك اليحرجة على الناس وإن يحيرف القرآن ويبيدل‪ .‬تاسعا‪ :‬كثيرا ما يريد ال فى‬
‫كتابه بحسب الباطن باللفاظ والخطابات الواردة ظاهرا على سبيل العموم خصوص بعضِ أفراد ما‬
‫صدقت عليه‪ ً،‬كالئمة أو شيعتهم أو أعدائهم أو نحو ذلك‪ ً،‬كما ورد فى تأويل "المشركين" بمن أشرك مع‬
‫المام من ليس بإمام‪.‬‬
‫لمم السابقة كثيرا ما ييراد به بحسب الباطن ما يصدقا عليه الخطاب من‬ ‫عاشرا‪ :‬ما ورد من الخطاب ل ي‬
‫لمة بحسب المامة والولية وغيرهما‪ ً،‬مع إرادة الظاهر أيضا مثل‪} :‬مورمن مقهورم يمومسـى أيرمفة ميههيدومن‬ ‫هذه ا ي‬
‫ربٱِهلمحيقا موربره ميهعرديلومن{ُ أراد فى الباطن بقوم موسى‪ :‬أهل السلم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحادية عشرة‪ :‬قد ييراد بالخطاب فى الباطن مخامطبا غير ممن نفهم من الظاهر كون الخطاب له‪ ً،‬كما‬
‫ل مأن‬
‫ورد عن أبى عبد ال أنه قال‪ :‬نزل القرآن بـ "إياك أعنى واسمعى يا جارة"‪ ً،‬فقوله تعالى‪} :‬مولمهو م‬
‫ل{ُ معرنى به غير النبى‪.‬‬ ‫مثربهتمنامك لممقهد ركدرت متهرمكين إرلمهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬
‫الثانية عشرة‪ :‬قد يرجع الضمير بحسب التأويل والباطن إلى ما لم يسبقا له ذكر صريحا‪ ً،‬مثل قوله‬
‫ل ميهريجومن رلمقآمءمنا ٱهئرت ربيقهرآهَن مغهيرر مهــمذآ أمهو مبيدهليه{ُ‪ :‬يعنى أو مبيدل عليا‪.‬‬‫تعالى‪} :‬مقامل ٱرلرذيمن م‬
‫الثالثة عشرة‪ :‬ما نسبه ال إلى نفسه بصيغة الجمع أو ضميره كقوله‪} :‬مفلمرمآ آمسيفومنا ٱنمتمقهممنا رمهنيههم{ُ السر فيه‬
‫إدخال النبى صلى ال عليه وسلم والئمة فى مفهومه وهذا مجاز شائع معروف‪ .‬الرابعة عشرة‪ :‬لفظ‬
‫ل‪ ً،‬وهذا مجاز شائع‬ ‫الجللة وما شاكله والضمائر الراجعة إلى ال فى الظاهر مراد به المام باطنا وتأوي ل‬
‫معروف‪.‬‬
‫هذه هى أهم القواعد التى سار عليها المؤلف فى تفسيره‪ ً،‬وهى كما ترى ملخصه من مقدمة تفسيره‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير‬
‫القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -2‬تفسير الحسن العسكرى (‬

‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير هو أبو محمد الحسن بن علسى الهادى بن محمد الجواد ابن علسى الرضا بن موسى‬
‫الكاظم بن جعفر الصادقا بن محمد الباقر بن علسى زين العابدين بن الحسين بن علسى بن أبى طالب‪ً،‬‬
‫المام الحادى عشر عند المامية الثنا عشرية‪ ً،‬والمعروف بالحسن العسكرى‪ ً،‬وهو والد المهدى‬
‫المنتظر‪.‬‬
‫ولد سنة ‪ 231‬هـ )إحدى وثلثين ومائتين من الهجرة( وقيل سنة ‪ 232‬هـ بالمدينة على الراجح‪ً،‬‬
‫وتوفى بـ "يسرر من رأى" سنة ‪ 260‬هـ )ستين ومائتين( ودفن بها بجانب أبيه‪.‬‬
‫**‬
‫*التعريف بهذا التفسير‪:‬‬
‫عثرنا على هذا التفسير فى دار الكتب المصرية فوجدناه منسوبا إلى المام أبى محمد الحسن العسكرى‪ً،‬‬
‫ومروياص عنه برواية أبى يعقوب يوسف بن محمد بن زياد‪ ً،‬وأبى الحسن علسى بن محمد بن محمد بن‬
‫سيار‪ ً،‬وهما من الشيعة المامية‪ ً،‬وقد تلقيا هذا التفسير وكتباه عن الحسن العسكرى فى سبع سنين‪.‬‬
‫ولهما فى تلقى هذا التفسير عن الحسن العسكرى قصة غريبة فى مقدمة الكتاب حردثا بها فقال ما‬
‫ملخصه‪ :‬كنا صغيرين‪ .‬وكان أبوانا إماميين‪ ً،‬وكانت هم الغالبين بـ "إستراباذ"‪ ً،‬وكنا فى إمارة الحسن‬
‫ابن زيد العلوى‪ ً،‬الملقب بالداعى إلى الحقا‪ ً،‬إمام الزيدية‪ ً،‬وكان كثير الصغاء إليهم‪ ً،‬يقتل الناس‬
‫لسعاياتهم‪ ً،‬فخاف أبوانا الوشاية بهما عنده فخرجا بنا وبأهلينا إلى حضرة المام أبى محمد الحسن بن‬
‫عل سى بن محمد أبى القائم‪ ً،‬فلما دخل عليه قال لهما‪ :‬مرحبا بالوين إلينا‪ ً،‬الملتجئين إلى كنفنا‪ ً،‬قد تقربل ال‬
‫سعيكما‪ ً،‬وآمن روعكما‪ ً،‬وكفاكما أعداءكما‪ ً،‬فانصررفا آمنين على أنفسكما وأموالكما‪ ً،‬قال‪ :‬فماذا تأمر أيها‬
‫المام؟ أن نرجع فى طريقنا إلى أن ننتهى إلى ربلد خرجنا منه؟ وكيف ندخل ذلك البلد ومنه هربنا‬
‫وطلب سلطان البلد لنا حثيث‪ ً،‬ووعيده إيانا شديد؟ فقال عليه السلم‪ :‬خيلفا علرى ولديكما هذين لفيدهما‬
‫العلم الذى يشرفهما ال به‪ ً،‬ثم ل تحفل بالسعاة ول بوعيد المسعى إيه‪ ً،‬فإن ال معرز ومجرل يقصهم السعاة‬
‫ويلجئهم إلى شفاعتكم فيهم عند ممن هربتم منه‪.‬‬
‫قال أبو يعقوب وأبو الحسن‪ :‬فأتمرا لما أيرمرا‪ ً،‬وخرجا وخيلفانا هناك‪ ً،‬فكنا نختلف إليه فيتلقانا ببر الماء‬
‫وذوى الرحام الماسة‪ ً،‬فقال لنا ذات يوم‪ :‬إذا أتاكما خبر كفاية ال معرز ومجرل أبويكما‪ ً،‬وإخزائه أعداءهما‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل على بعضِ أخبار‬ ‫وصدقا وعدى إياهما‪ ً،‬جعلت من شكر ال معرز ومجرل أن أفيدكما تفسير القرآن مشتم ل‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فيعظم ال بذلك شأنكما‪ ً،‬قال‪ :‬ففرحنا وقلنا‪ :‬يا ابن رسول ال؛ً فإذن نأتى‬
‫جميع علوم القرآن ومعانيه؟ قال‪ :‬كل‪ ً،‬إن الصادقا علم ما أريد أن أعلمكما بعضِ أصحابه ففرح بذلك‬
‫ل واسعا‪ً،‬‬ ‫وقال‪ :‬يا ابن رسول ال قد جمعت علوم القرآن كلها‪ ً،‬قال‪ :‬قد جمعت خيرا كثيرا ويأتييت فض ل‬
‫ولكنه مع ذلك أقل قليل أجزء علم القرآن‪ ً،‬إن ال معرز ومجرل يقول‪} :‬يقل لرهو مكامن ٱهلمبهحير رممدادا ليمكرلممارت مريبي‬
‫ضِ رمن مشمجمرهَة أمهق م‬
‫لفم‬ ‫لهر ر‬‫لممنرفمد ٱهلمبهحير مقهبمل مأن متنمفمد مكرلممايت مريبي مولمهو رجهئمنا ربرمهثرلره مممددا{ُ‪ ً،‬ويقول‪} :‬مولمهو أمرنمما رفي ٱ م‬
‫موٱهلمبهحير مييمسديه رمن مبهعردره مسهبمعية أمهبيحهَر رما منرفمدهت مكرلممايت ٱلرلره{ُ‪ ً،‬وهذا علم القرآن ومعانيه وما أودع من عجائبه‪ً،‬‬
‫ضملك ال به على كل ممن‬ ‫فكيف ترى مقدار ما أخذته من جميع هذا القرآن؟ ولكن القدر الذى أخذته قد ف ر‬
‫ل يعلم كعلمك ول يفهم كفهمك‪.‬‬
‫ثم ذكرا ما كان من أمر عدول الحسن بن زيد العلوى عن بطشه وفتكه‪ ً،‬وعدم تعرضه للناس فى‬
‫مذاهبهم‪ ً،‬وأمره لبويهما بملزمة المام أبى محمد الحسن العسكرى لما سمع بهذا قال‪ :‬هذا حين‬
‫إنجازى ما وعدتكما من تفسير القرآن‪ ً،‬ثم قال‪ :‬قد ورظفيت لكما كل يوم شيئا منه تكتبانه‪ ً،‬فالمزمانى‬
‫وواظبا على توفيقا ال تعالى من العبادة حظوظكما‪ .‬فأول ما أملى علينا أحاديث فى فضل القرآن وأهله‪ً،‬‬
‫ثم أملى علينا التفسير بعد ذلك فكتبناه فى مدة مقامنا عنده‪ ً،‬وذلك سبع سنين‪ ً،‬نكتب فى كل يوم منه‬
‫مقدار ما ننشط له‪ ً،‬فكان أول ما أملى علينا وكتبناه قال‪" :‬حردثنى أبى‪ :‬علسى بن محمد‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬محمد‬
‫بن علسى‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬علسى بن موسى‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬موسى ابن جعفر‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬جعفر بن محمد الصادقا‪ ً،‬عن‬
‫أبيه‪ :‬الباقر محمد ابن علسى‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬علسى بن الحسين زين العابدين‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬الحسين ابن علسى سيد‬
‫لمة‪ً،‬‬ ‫المستشهدين‪ ً،‬عن أبيه‪ :‬أمير المؤمنين وسيد الوصيين وخليفة رسول ال رب العالمين‪ ً،‬فاروقا ا ي‬
‫وباب مدينة الحكمة‪ ً،‬ووصى رسول الرحمة‪ ً،‬علسى بن أبى طالب صلوات ال عليه وعليهم أجمعين‪ ً،‬عن‬
‫غر المحرجلين‪ ً،‬والمخصوص بأشرف الشفاعات فى يوم‬ ‫رسول رب العالمين‪ ً،‬وسيد المرسلين‪ ً،‬وقائد ال ي س‬
‫الدين‪ ً،‬صلى ال عليه وآله أجمعين"‪.‬‬
‫ثم ذكر شيئا من الخبار فى فضل القرآن وحملته‪ ..‬ثم قال‪" :‬قال رسول ال‪" :‬أتدرون من المتمسك الذى‬
‫بتمسكه ينال هذا الشرف العظيم؟ هو الذى أخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت‪ ً،‬وعن وسائطنا السفراء‬
‫عنا إلى شيعتنا‪ ً،‬ل عن آراء المجادلين وقياس القايسين‪ ."..‬ثم قال‪" :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫صيدورر مويهلدى مومرهحممفة‬ ‫فى قوله تعالى‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنايس مقهد مجآمءهتيكهم رمهورعمظفة يمن رريبيكهم مورشمفآفء ليمما رفي ٱل س‬
‫ضرل ٱلرلره موربمرهحمرتره مفربمذرلمك مفهلميهفمريحوها يهمو مخهيفر يمرما ميهجمميعومن{ُ قال رسول ال صلى ال‬ ‫ليهليمهؤرمرنيمن * يقهل ربمف ه‬
‫ضمل ال معرز ومجرل القرآن والعلم بتأويله‪ .‬وبرحمته‪ :‬توفيقه لموالة محمد وآله الطيبين‪ً،‬‬ ‫عليه وسلم‪ :‬ف ر‬
‫ومعاداة أعدائهم‪."..‬‬
‫ثم ذكر الحسن العسكرى تفسير "أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم" منسوبا إلى علسى رضى‬
‫ال عنه‪ ً،‬وفيه يقول علسى‪" :‬أل يأنبئكم ببعضِ أخبارنا؟ قالوا‪ :‬بلى يا أمير المؤمنين‪ .‬قال‪ :‬إن رسول ال‬
‫لما بنى مسجده بالمدينة وأشرع فيه بابه وأشرع المهاجرين والنصار أبوابهم‪ ً،‬أراد ال إبانة محمد وآله‬
‫الفضلين بالفضيلة‪ ً،‬فنزل جبريل عن ال تعالى‪ :‬بأن يسسدوا البواب عن مسجد رسول ال قبل أن ينزل‬
‫بكم العذاب‪ ً،‬فأول من بعث إليه رسول ال يأمره بسد بابه العباس بن عبد المطلب‪ ً،‬فقال‪ :‬سمعا وطاعة‬
‫ل ولرسوله ‪ -‬وكان الرسول معاذ بن جبل ‪ -‬ثم مرر العباس بفاطمة فرآها قاعدة على بابها وقد أقعدت‬
‫الحسن والحسين‪ ً،‬فقال لها‪ :‬ما بالك قاعدة؟ انظروا إليها كأنها لبؤة بين يديها جرواها‪ ً،‬أتظن أن رسول‬
‫ال ييخرج عمه وييدخل ابن عمه؟! فمرر بهم رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال لها‪ :‬ما بالك قاعدة؟‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قالت‪ :‬أنتظر أمر رسول ال بسد البواب‪ ً،‬فقال لها‪ :‬إن ال تعالى أمرهم بسد البواب واستثنى منهم‬
‫رسول ال‪ ً،‬وإنما أنتم نفس رسول ال‪ .‬ثم إن عمر بن الخطاب جاء فقال‪ :‬أحب النظر إليك يا رسول ال‬
‫صلك‪ ً،‬فهأذن لى فى يفرجه أنظر إليك منك‪ ً،‬فقال‪ :‬قد أبى ال معرز ومجرل ذلك‪ ً،‬قال‪:‬‬ ‫إذا مررت إلى يم م‬
‫فمقدار ما أضع عليه وجهى‪ ً،‬قال‪ :‬قد أبى ال ذلك‪ ً،‬قال‪ :‬فمقدار ما أضع عليه إحدى معهينرى‪ ً،‬قال‪ :‬أبى ال‬
‫ذلك‪ ً،‬ولو قل مت قدر طرف البرة لم آذن لك‪ ً،‬والذى نفس محمد بيده ما أنا أخرجتكم ول أدخلتهم‪ ً،‬ولكن‬
‫ال أدخلهم وأخرجكم‪ ..‬ثم قال‪ :‬ل ينبغى لحد يؤمن بال واليوم الخر أن يبيت فى هذا المسحد يجينبا إل‬
‫محمد وعل سى وفاطمة والحسن والحسين والمنتجبون من آلهم الطيبين من أولدهم‪ .‬قال‪ :‬فأما المؤمنون‬
‫فقد رضوا وسرلموا‪ ً،‬وأما المنافقون فاغتاظوا لذلك وأنفوا‪ ً،‬ومشى بعضهم يقول إلى بعضِ فيما بينهم‪ :‬أل‬
‫ترون محمدا ل يزال يخص بالفضائل ابن عمه لييخرجنا منها صفرا‪ ً،‬وال لئن أنفذنا له فى حياته لنأتين‬
‫عليه بعد وفاته‪ ً،‬وجعل عبد ال بن أييبسى يصغى إلى مقالتهم ويغضب تارة ويسكن أخرى‪ ً،‬ويقول لهم‪ :‬إن‬
‫محمدا لمتأيله‪ ً،‬فإياكم ومكاشفته‪ ً،‬فإن ممن كاشف المتأيله انقلب خاسئا حسيرا وينغص عليه عيشه‪ .‬وإن‬
‫صة ينتهز اليفرصة‪ .‬فبينما هم كذلك إذا طلع رجع من المؤمنين يقال له‬ ‫الفطن اللبيب من يتجرع على اليغ ر‬
‫ي‬
‫زيد بن أرقم فقال لهم‪ :‬يا أعداء ال‪ ً،‬أبال يتمكيذبون؟ وعلى رسوله تطعنون؟ ولدينه تكيدون؟ وال لهخربرن‬
‫رسول ال بكم‪ ً،‬فقال عبد ال ابن أيمبسى والجماعة‪ :‬والر لئن أخبرته بنا لنكذبنك ولنحلفن له‪ ً،‬فإنه إذن‬
‫ييصيدقنا‪ ً،‬ثم والر لنقيمن عليك من يشهد عليك عنده بما يوجب قتلك أو قطعك أو حدك‪ ً،‬قال‪ :‬فأتى زيد‬
‫رسول ال فأمسرر إليه ما كان من عبد ال بن أيمبسى وأصحابه‪ ً،‬فأنزل ال معرز ومجرل‪} :‬مو م‬
‫ل يترطرع ٱهلمكارفرريمن{ُ‬
‫المجاهدين لك يا محمد فيما دعوتهم إليه من اليمان بال والموالة لك ولوليائك‪ ً،‬والمعاداة لعدائك‪ً،‬‬
‫}موٱهليممنارفرقيمن{ُ الذين يطيعونك فى الظاهر ويخالفونك فى الباطن‪} ً،‬مومدهع أممذايههم{ُ مما يكون منهم من القول‬
‫السئ فيك وفى ذويك‪} ً،‬مومتموركـهل معملى ٱلرلره{ُ فى إتمام أمرك وإقامة يحرجتك‪ ً،‬فإن المؤمن هو الظاهر‬
‫باليحرجة وإن يغرل مب فى الدنيا‪ ً،‬لن العاقبة له‪ ً،‬لن غرضِ المؤمنين فى كدحهم فى الدنيا إنما هو الوصول‬
‫إلى نعيم البد فى الجنة‪ ً،‬وذلك حاصل لك وللك ولصحابك وشيعتك‪.‬‬
‫ثم إن رسول ال صلى ال عليه وسلم لم يلتفت إلى ما بلغه عنهم‪ ً،‬وأمر زيدا فقال‪" :‬إن أردت أن ل‬
‫يصيبك شرهم ول ينالك مكرهم فقل إذا أصبحت‪ :‬أعوذ بال من الشيطان الرجيم‪ ً،‬فإن ال يعيذك من‬
‫شرهم‪ ً،‬فإنهم شياطين ييوحى بعضهم إلى بعضِ زخرف القول غرورا‪ ً،‬وإذا أردت أن ييمؤيمنك بعد ذلك‬
‫من الغرقا والحرقا والسرقا فقل إذا أصبحت‪ :‬بسم ال ما شاء ال ل يصرف السوء إل ال‪ ً،‬بسم ال ل‬
‫يسوقا الخير إل ال‪ ً،‬بسم ال ما شاء ال ما يكون من نعمة فمن ال‪ ً،‬بسم ال ما شاء ل حول ول قوة إل‬
‫بال العلى العظيم‪ ً،‬بسم ال ما شاء ال وصلى ال على محمد وآله الطيبين‪ ً،‬فإن من قالها ثلثا إذا أصبح‬
‫أمن من الغرقا والحرقا والسرقا حتى يمسى‪ ً،‬وممن قالها ثلثا إذا أمسى أمن من الحرقا والغرقا حتى‬
‫يصبح‪ ً،‬وإن الخضر وإلياس يلتقيان فى كل موسم‪ ً،‬فإذا تفرقا تفرقا عن هذه الكلمات‪ ً،‬وإن ذلك شعار‬
‫شيعتى‪ ً،‬وبه يمتاز أعدائى من أوليائى يوم خروج قائمهم‪"..‬‬
‫ل عن الباقر يتضمن ما كان من المحاورة بين العباس ورسول ال صلى ال‬ ‫ثم ذكر حديثا آخر طوي ل‬
‫عليه وسلم بشأن إغلقا باب العباس وغيره‪ ً،‬وإبقاء باب علسى وحده‪ ً،‬وفيه شهادة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بالفضل لعلسى على غيره‪ ً،‬وفى آخره يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬يا عم رسول‬
‫ضع حب علسى فى ميزان أحد‬ ‫على ثقيل‪ ً،‬وما و ر‬
‫ال؛ً إن شأن علسى عظيم‪ ً،‬إن حال علسى جليل‪ .‬وإن وزن س‬
‫ضع فى ميزان أحد إل رجع على حسناته"‪...‬إلخْ‪.‬‬ ‫إل رجع على سيئاته‪ ً،‬ول يو ر‬
‫هذا‪ ..‬والكتاب مطبوع فى مجلد صغير يقع فى )‪ 286‬صحيفة(‪ ً،‬وهو غير شامل للقرآن كله‪ ً،‬بل بعد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الفراغا من المقدمة وشرح الستعاذة شرع فى الفاتحة ففرسرها‪ ً،‬ثم شرع فى سورة البقرة فوصل فيها إلى‬
‫قوله تعالى فى الية ]‪} :[114‬موممهن أمهظلميم رمرمهن رممنمع مممسارجمد ٱللرره مأن يهذمكمر رفيمها ٱهسيميه مومسمعـى رفي مخمراربمهآ‬
‫ل مخآرئرفيمن لريههم رفي ٱلسدهنميا رخهزفيِ مولميههم رفي ٱلرخمررة معمذافب معرظيفم{ُ‪) ..‬وذلك‬ ‫أيهولمــرئمك مما مكامن لميههم مأن ميهديخيلومهآ إر ر‬
‫يبدأ من أول الكتاب إلى ص ‪.(236‬‬
‫ص محميافة{ُ الية ]‬ ‫صا ر‬ ‫صمفا موٱهلممهرمومة{ُ الية ]‪ ...[158‬إلى قوله‪} :‬مولميكهم رفي ٱهلرق م‬ ‫ومن قوله تعالى فيها‪} :‬إررن ٱل ر‬
‫‪) ..[179‬وذلك يبدأ من ص ‪ 236‬إلى ص ‪.(254‬‬
‫ضيتم يمهن معمرمفاهَت{ُ الية ]‪...[198‬‬ ‫ل يمن رريبيكهم مفرإمذآ أممف ه‬
‫ضل‬‫ومن قوله تعالى‪} :‬ملهيمس معملهييكهم يجمنافح مأن متهبمتيغوها مف ه‬
‫ل مأن ميهأرتمييهيم ٱللريه رفي يظلمهَل يممن ٱهلمغممارم{ُ الية ]‪) ..[210‬وذلك يبدأ من ص ‪254‬‬ ‫إلى قوله‪} :‬مههل مينيظيرومن إر ر‬
‫إلى ص ‪.(267‬‬
‫ل ميهسمترطييع مأن يرمرل يهمو مفهليهمرلهل مورلسييه ربٱِهلمعهدرل{ُ الية ]‪ ...[282‬إلى‬ ‫ضرعيفا أمهو م‬ ‫ومن قوله تعالى فيها‪} :‬أمهو م‬
‫ل متهكيتيموها ٱلرشمهامدمة موممن ميهكيتهممها مفرإرنيه آرثفم مقهليبيه{ُ فى الية ]‪) ..[283‬وذلك يبدأ من ص ‪ 267‬إلى‬ ‫قوله‪} :‬مو م‬
‫ص ‪.(286‬‬
‫هذا هو كل ما يورجد ويطبع من التفسير المنسوب إلى الحسن العسكرى رحمه ال تعالى‪ ً،‬وأرى أن أسوقا‬
‫لك بعضِ النماذج لتقف بنفسك على مسلكه فى التفسير‪ ً،‬وتأثره بمذهب المامية‪ ً،‬ولنرى بعد ذلك هل‬
‫يمكن أن يكون هذا التفسير حقيقة لهذا المام الصالح‪ ً،‬أو ينسب إليه زورا وبهتانا‪.‬‬
‫* ولية على‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [8‬من سورة البقرة‪} :‬مورممن ٱلرنارس ممن مييقويل آممرنا ربٱِللرره موربٱِهلميهورم‬ ‫فمث ل‬
‫ٱلرخرر مومما يهم ربيمهؤرمرني من{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬قال العالم موسى بن جعفر‪ :‬إن رسول ال لما أوقف أمير المؤمنين‬
‫عل سى ابن أبى طالب فى يوم الغدير موقفه المشهور المعروف‪ ً،‬ثم قال‪ :‬يا عباد ال؛ً انسبونى‪ ً،‬فقالوا‪ :‬أنت‬
‫محمد بن عبد ال بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف‪ ً،‬ثم قال‪ :‬يا أيها الناس؛ً ألست أولى بكم من‬
‫أنفسكم؟ قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ً،‬فنظر إلى السماء وقال‪ :‬الرلهم اشهد بقول هؤلء ‪ -‬وهو يقول ويقولون‬
‫ذلك ثلثا ‪ -‬ثم قال‪ :‬أل فمن كنيت موله وأولى به فهذا علسى موله وأولى به‪ ً،‬الرلهم وال ممن واله‪ ً،‬وعاد‬
‫ممن عاداه‪ ً،‬وانصر ممن نصره‪ ً،‬واخذل من خذله‪ ..‬ثم قال‪ :‬قم يا أبا بكر فبايع له بإمرة المؤمنين‪ ً،‬فقام‬
‫وبايع له‪ .‬ثم قال‪ :‬قم يا عمر فبايع له بإمره المؤمنين‪ ً،‬فقام فبايع له‪ ً،‬ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة رؤساء‬
‫المهاجرين والنصار‪ ً،‬فبايعوا كلهم‪ ً،‬فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب فقال‪ :‬مبهَخْ مبهَخْ يا ابن أبى‬
‫تفرقوا عند ذلك وقد ويكمدهت عليهم العهود‬ ‫طالب‪ ً،‬أصحبت مولى ومولى كل مؤمن ومؤمنة‪ ً،‬ثم س‬
‫والمواثيقا‪ .‬ثم إن قوما من متمرديهم وجبابرتهم تواطأوا بينهم لئن كان بمحمد كائنة ليدفعن هذا المر‬
‫من علسى ول يتركونه‪ ً،‬فعرف ال ذلك من رقمبلهم‪ ً،‬وكانوا يأتون رسول ال ويقولون‪ :‬لقد أقممت عينا أحب‬
‫خلقا ال إلى ال وإليك وإلينا فكفيتنا مؤنة الظلمة لنا والمتجبرين فى سياستنا‪ ً،‬وعلم ال من قلوبهم خلف‬
‫ذلك من مواطأة بعضهم لبعضِ أنهم على العداوة مقيمون‪ ً،‬ولدفع المر عن مستحقه مؤثرون‪ ً،‬فأخبر ال‬
‫معرز ومجرل محمدا عنهم فقال‪ :‬يا محمد }مورممن ٱلرنارس ممن مييقويل آممرنا ربٱِللرره{ُ الذى أمرك بنصب علسى إماما‬
‫لمتك ومدبرا‪} ً،‬مومما يهم ربيمهؤرمرنيمن{ُ بذلك‪ ً،‬ولكنهم يتواطأون على إهلكك وإهلكه‪ ً،‬يوطنون‬ ‫وسايسا ي‬
‫أنفسهم على التمرد على علسى إن كانت بك كائنة"‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [13‬من سورة البقرة‪} :‬موإرمذا رقيمل مليههم آرمينوها مكممآ آمممن ٱلرنايس مقالييوها أمينهؤرمين مكممآ‬
‫ل ميهعلميمومن{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬قال موسى بن جعفر‪ :‬إذا قيل لهؤلء‬ ‫ل إررنيههم يهيم ٱلسسمفمهآيء مولمــركن ر‬ ‫آمممن ٱلسسمفمهآيء أم ي‬
‫الناكثين للمبهيعة‪ ً،‬قال لهم خيار المؤمنين كسلمان والمقداد وأبى ذر وعمار‪ :‬آمنوا برسول ال وعلسى الذى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أوقفه موقفه وأقامه مقامه وأناط مصالح الدين والدنيا كلها به‪ ً،‬وآمنوا بهذا النبى وسيلموا لهذا المام‪ً،‬‬
‫وسيلموا له فى ظاهر المر وباطنه‪ ً،‬كما آمن الناس المؤمنون كسلمان والمقداد وأبى ذر وعمار‪ ً،‬آمنوا‬
‫برسول ال وعلسى الذى أوقفه وأقامه مقامه وأناط مصالح الدين والدنيا كلها به‪ ً،‬وآمنوا بهذا النبى‬
‫وسيلموا لهذا المام‪ ً،‬وسيلموا له فى ظاهر المر وباطنه‪ ً،‬كما آمن الناس المؤمنون كسلمان والمقداد وأبى‬
‫ذر وعمار‪ ً،‬قالوا فى الجواب لمن يفضون إليه ل لهؤلء المؤمنين‪ ً،‬فإنهم ل يجسرون على مكاشفتهم‬
‫بهذا الجواب‪ ً،‬ولكنهم يذكرون لمن يفضون إليه من أهلهم والذين يثقون بهم من المنافقين ومن‬
‫المستضعفين من المؤمنين الذين هم بالستر عليهم واثقون بهم‪ ً،‬يقولون لهم‪} :‬أمينهؤرمين مكممآ آمممن ٱلسسمفمهآيء{ُ؟!‬
‫يعنون سلمان وأصحابه لما أعطوا عليا خالص ودهم ومحضِ طاعتهم‪ ً،‬وكشفوا رؤوسهم بمؤالة أوليائه‬
‫ومعاداة أعدائه حتى إن اضمحل أمر محمد طحطحهم أعداؤه‪ ً،‬وأهلكهم سائر الملوك والمخالفين لمحمد‪ً،‬‬
‫ل إررنيههم يهيم ٱلسسمفمهآيء{ُ الخفاء العقول‬ ‫فهم بهذا التعرضِ لعداء محمد جاهلون سفهاء‪ ً،‬قال ال معرز ومجرل‪} :‬أم ي‬
‫والراء‪ ً،‬الذين لم ينظروا فى أمر محمد حقا النظر فيعرفوا نبوته‪ ً،‬ويعرفوا صحة ما ناطه بعلمه من‬
‫أمر الدين والدنيا‪ ً،‬حتى بقوا لتركهم تأمل حجج ال جاهلين‪ ً،‬وصاروا خائفين وجلين من محمد ويذيريته‬
‫ومن مخالفيهم‪ ً،‬ل يأمنون أيهم يغلب فيهلكون معه‪ .‬فهم السفهاء حيث ل يسلم لهم بنفاقهم هذا ل محبة‬
‫محمد والمؤمنين ول محبة اليهود وسائر الكافرين‪ ً،‬لنهم ييظهرون لمحمد من موالته وموالة أخيه‬
‫على ومعاداة أعدائهم اليهود والنصارى‪ ً،‬كما يظهرون لهم معاداة محمد وعلسى وموالة أعدائهم‪ ً،‬فهم‬ ‫س‬
‫ه‬
‫ييقيدرون فيهم نفاقهم معهم كنفاقهم مع محمد وعلسى‪ ً،‬ولكن ل يعلمون أن المر كذلك وأن ال يطرلع نبيه‬
‫على أسرارهم فيخشاهم ويعلنهم وييسقطهم"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ 159‬و ‪ [160‬من سورة البقرة‪} :‬إررن ٱرلرذيمن ميهكيتيمومن ممآ مأنمزهلمنا رممن‬
‫ل ٱرلرذيمن متايبوها‬
‫لرعينومن * إر ر‬ ‫ٱهلمبيمنارت موٱهليهمدـى رمن مبهعرد مما مبريرنايه رللرنارس رفي ٱهلركمتارب يأولمــرئمك ميلمعينيهيم ٱللريه موميهلمعينيهيم ٱل ر‬
‫صلميحوها مومبريينوها مفيأهوملـرئمك أميتويب معلمهيرههم موأممنا الرتروايب الرررحييم{ُ‪ ..‬يقول‪} :‬إررن ٱرلرذيمن ميهكيتيمومن ممآ مأنمزهلمنا رممن‬ ‫موأم ه‬
‫على وحليته‪} ً،‬وٱهليهمدـى رمن مبهعرد مما مبريرنايه رللرنارس رفي ٱهلركمتارب{ُ‪ ..‬قال‪ :‬والذى‬ ‫ٱهلمبيمنارت{ُ من صفة محمد وصفة ر‬
‫أنزلناه هو ما أظهرناه من اليات على فضلهم ومحلهم‪ ً،‬كالغمامة التى تظل رسول ال فى أسفاره‪ً،‬‬
‫والمياه الجاجة التى كانت تعذب فى البار بريقه‪ ً،‬والشجار التى طانت تتهدل ثمارها بنزوله تحتها‪ً،‬‬
‫والعاهات التى كانت تزول بمسح يده عليها أو بنفث ريقه فيها‪ ً،‬وكاليات التى ظهرت عى علسى من‬
‫تسليم الجبال والصخور والشجار قائلة‪ :‬يا ولى ال ويا خليفة رسول ال‪ ً،‬والسموم القاتلة التى تناولها‬
‫صه ال تعالى به من فضائله‪ ً،‬فهذا من الهدى‬ ‫ممن سرمى باسمه عليها ولم يصبه بلؤها‪ ...‬وسائر ما خ ر‬
‫الذى برينه ال للناس فى كتابه‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫**‬
‫* روايات مكذوبة فى فضل أهل البيت‪:‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة البقرة‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬ثم وصف‬
‫هؤلء المتقين الذين هذا الكتاب هدلى لهم فقال‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ يعنى بما غاب عن حواسهم من‬
‫لمور التى يلزمهم اليمان بها‪ :‬كالبعث‪ ً،‬والنشور‪ ً،‬والحساب‪ ً،‬والجرنة‪ ً،‬والنار‪ ً،‬وتوحيد ال تعالى‪ً،‬‬ ‫اي‬
‫وسائر ما ل ييعرف بالمشاهدة وإنما ييعرف بدلئل قد نصبها ال معرز ومجرل عليها‪ :‬كآدم‪ ً،‬وحواء‪ً،‬‬
‫وإدريس‪ ً،‬ونوح‪ ً،‬وإبراهيم‪ ً،‬والنبياء الذين يلزمهم اليمان بهم بحجج ال تعالى وإن لم يسشاهدوهم‪ً،‬‬
‫ويؤمنون بالغيب وهم من الساعة مشفقون‪ ً،‬وذلك أن سلمان الفارسى ممرر بقوم من اليهود فسألوه أن‬
‫يجلس إليهم وييحيدثهم بما سمع من محمد فى يومه هذا‪ ً،‬فجلس إليهم لحرصه على إسلمهم فقال‪ :‬سمعيت‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫محمدا يقول‪ :‬إن ال معرز ومجرل يقول‪ :‬يا عبادى؛ً أمو ليس من له إليكم حوائج كبار ل تجودون بها إل أن‬
‫يتجمل عليكم بأحب الخلقا إليكم تقضونها كرامة لشفيعه؟ أل فاعلموا أن أكرم الخلقا علسى وأفضلهم لدرى‬
‫محمد وأخوه علسى‪ ً،‬ومن بعده الئمة الذين هم الوسائل إلرى‪ ً،‬أل فلمييديعنى من أمههرمته حاجة يرديِ نفعها‪ ً،‬أو‬
‫دهته دهياء يريد كف ضررها‪ ً،‬بمحمد وآله الفضلين الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن مما يقضيها‬
‫ممن تشفون إليه بأعرز الخلقا عليه‪ .‬قالوا لسلمان ‪ -‬وهم يستهزئون به ‪ -‬يا عبد ال؛ً فما بالك ل تقترح‬
‫على ال وتتوسل بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة؟ فقال سلمان‪ :‬قد دعوت ال معرز ومجرل بهم‪ ً،‬وسألته ما‬
‫جل وأفضل وأنفع من مهلك الدنيا بأسرها‪ ً،‬وسألته بهم أن يهب لى لسانا لتمجيد شأنه ذاكرا‪ ً،‬وقلبا‬ ‫هو أ م س‬
‫للئه شاكرا‪ ً،‬وعلى الدواهى الداهية لى صابرا‪ ً،‬وهو معرز ومجرل قد أجابنى إلى ملتمسى من ذلك‪ ً،‬وهو‬
‫أفضل من يمهلك الدنيا بحذافيرها وما يشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرة‪ .‬قال‪ :‬فجعلوا يهزأون‬
‫ويقولون‪ :‬يا سلمان؛ً لقد اردعيت مرتبة عظيمة ييحتاج أن ييمتحن صدقك من كذبك فيها‪ ً،‬وها نحن إذن‬
‫قائمون إليك بسياط عذابنا فضاربوك‪ ً،‬فاسأل ربك أن يكرف أيدينا عنك‪ ً،‬فجعل سلمان يقول‪ :‬الرلهم اجعلنى‬
‫على البليا صابرا‪ ً،‬وجعلوا يضربونه بسياطهم حتى أعيوا ومسلوا‪ ً،‬وجعل سلمان ل يزيد على قوله‪:‬‬
‫اللرههم اجعلنى على البليا صابرا‪ ً،‬فلما ممسلوا وأعيوا قالوا‪ :‬يا سلمان؛ً ما ظننا أن روحا تثبت فى مقرها‬
‫على مثل هذا العذاب الوارد عليك‪ ً،‬فما بالك ل تسأل ربك أن يكسفنا عنك؟ قال‪ :‬لن سؤال ذلك ربى‬
‫خلف الصبر‪ ً،‬بل سرلميت لمهال ال تعالى لكم‪ ً،‬وسألته الصبر‪ ً،‬فلما استراحوا قاموا بعد إليه بسياطهم‬
‫فقالوا‪ :‬ل نزال نضربك بسياطنا حتى تزهقا روحك أو تكفر بمحمد‪ ً،‬فقال‪ :‬ما كنيت أفعل ذلك‪ ً،‬فإن ال‬
‫قد أنزل على محمد‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ‪ ً،‬وإن احتمالى لمكارهكم لدخل فى جملة ممن مدحه ال‬
‫بذلك سهل علرى يسير‪ ً،‬فجعلوا يضربونه بسياطهم حتى ممسلوا‪ ً،‬ثم قعدوا وقالوا‪ :‬يا سلمان؛ً لو كان لك عند‬
‫ربك قدر ليمانك بمحمد لستجاب دعاءك وكرفنا عنك‪ ً،‬فقال سلمان‪ :‬ما أجهلكم!! كيف يكون مستجيبا‬
‫دعائى إذا فعل بى خلف ما أريد منه‪ ً،‬أنا أردت منه الصبر فقد استجاب لى فصبرت‪ ً،‬ولم أسأله كفكم‬
‫عنى فيمنعنى حتى يكون ضد دعائىكما تظنون‪ ً،‬فقاموا إليه ثالثة بسياطهم فجعلوا يضربونه وسلمان ل‬
‫يزيد على قوله‪ :‬الرلهم صيبرنى على البليا فى حب صفيك وخليلك محمد‪ ً،‬فقالوا له‪ :‬يا سليمان؛ً ويحك!‬
‫أو ليس محمد قد ررخص لك أن تقول كلمة الكفر به بما تعتقد ضده للتقية؟ فقال سلمان‪ :‬إن ال قد‬
‫ررخص لى ذلك ولم يفرضه علسى‪ ً،‬بل أجاز لى أل أعطيكم ما تريدون وأحتمل مكارهكم‪ ً،‬وجعله أفضل‬
‫المنزلتين‪ ً،‬وأنا ل أختار غيره‪ ً،‬ثم قاموا إليه بسياطهم وضربوه ضربا كثيرا وسريلوا دماءه‪ ً،‬وقالوا له‬
‫وهم ساخرون‪ :‬لو لم تسأل ال كسفنا عنك ول فتظهر لنا ما نريد منك لنكسف به عنك فادع علينا بالهلك‬
‫إن كن مت من الصادقين فى دعواك أن ال ل يرد دعاءك بمحمد وآله الطيبين الطاهرين‪ ً،‬فقال سلمان‪:‬‬
‫إنى لكره أن أدعوا ال بهلككم مخافة أن يكون فيكم ممن قد علم ال أن سيؤمن من بعد فأكون قد سألت‬
‫ال اقتطاعه عن اليمان‪ ً،‬فقالوا‪ :‬قل‪ :‬الرلهم أههرلك ممن كان فى علمك أنه يبقى إلى الموت على تمرده‪ً،‬‬
‫فإنك ل تصادف بهذا الدعاء ما رخهفته‪ ً،‬قال‪ :‬فانفرج له حائط البيت الذى هو فيه مع القوم وشاهد رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وهو يقول‪ :‬يا سلمان؛ً ادع عليهم بالهلك فليس فيهم أحد يرشد‪ .‬كما دعا نوح‬
‫على قومه لما عرف أنه لن يؤمن من قومه إل ممن قد آمن‪ ً،‬فقال سلمان‪ :‬كيف تريدون أن أدعو عليكم‬
‫بالهلك؟ فقالوا‪ :‬تدعو ال بأن يقلب مسهوط كل واحد منا أفعى تعطف رأسها ثم تمشش عظام سائر بدنه‪..‬‬
‫فدعا ال بذلك‪ ً،‬فما من سياطم مسهوط إل قلبه ال تعالى أفعى لها رأسان تتناول برأس رأسه‪ ً،‬وبرأس آخر‬
‫يمينه التى كان فيها سوطه‪ ً،‬ثم رضضتهم ومششتهم وبلعتهم والتقمتهم‪ ً،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وهو فى مجلسه‪ :‬معاشر المؤمنين؛ً إن ال تعالى قد نصر أخاكم سلمان ساعتكم هذه على عشرين‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫رفهرقة من اليهود والمنافقين‪ ً،‬يقرلبت سياطهم أفاعى رضضتهم ومششتهم ومهشمت عظامهم والتقمتهم‪ً،‬‬
‫فقوموا بنا ننظر إلى تلك الفاعى المبعوثة لينهصرة سلمان‪ ً،‬فقام رسول ال وأصحابه إلى تلك الدار وقد‬
‫اجتمع إليها جيرانها من اليهود والمنافقين لما سمعوا ضجيج القوم بالتقام الفاعى لهم‪ ً،‬فإذا هم خائفون‬
‫منها‪ ً،‬نافرون من يق هربها‪ ً،‬فلما جاء رسول ال صلى ال عليه وسلم خرجت كلها إليه عن البيت إلى‬
‫شارع المدينة‪ ً،‬وكان شارعا ضيقا فورسعه ال تعالى وجعله عرة أضعافه‪ ً،‬ثم نادت الفاعى‪ :‬السلم‬
‫عليك يا محمد يا سيد الرولين والخرين‪ ً،‬السلم عليك يا علسى يا سيد الوصيين‪ ً،‬السلم على يذيريتك‬
‫الطيبين الطاهرين الذين يجعلوا على الخلقا قروامين‪ ً،‬ها نحن سياط هؤلء المنافقين الذين قلبنا ال تعالى‬
‫أفاعى بدعاء هذا المؤمن سلمان‪ ً،‬قال رسول ال‪ :‬الحمد ل الذى جعل من يضاهى بدعائه عند قبضه‬
‫وعند انبساطه نوحا نبيه‪ .‬ثم نادت الفاعى‪ :‬يا رسول ال؛ً قد اشتد غضبنا على هؤلء الكافرين‪ً،‬‬
‫وأحكامك وأحكام وصيك علينا جائزة فى ممالك رب العالمين‪ ً،‬ونحن نسألك أن تسأل ال تعالى أن‬
‫يجعلنا أفاعى جهنم حتى نكون فيها لهؤلء يمعيذبين كما كنا لهم فى هذه الدنيا ملتقمين‪ ً،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬قد أجبتكم إلى ذلك فالحقوا بالطبقا السفل من جهنم‪ ً،‬بعد أن تقذفوا ما فى أجوافكم‬
‫من أجزاء أجسام هؤلء الكافرين ليكون أتم لخزيهم وأبقى للعار عليهم إذا كانوا بين أظهرهم مدفونين‪ً،‬‬
‫يعتبر بهم المؤمنون المارون بقبورهم‪ ً،‬يقولون‪ :‬هؤلء الملعونون المخزيون بدعاء ولى محمد سلمان‬
‫الخير من المؤمنين‪ ً،‬فقذفت الفاعى ما فى بطونها من أجزاء أبدانهم‪ ً،‬فجاء أهلوهم فدفنوهم‪ ً،‬وأسلم كثير‬
‫من الكافرين‪ ً،‬وأخلص كثير من المنافقين‪ ً،‬وغلب الشقاء على كثير من الكافرين والمنافقين‪ ً،‬فقالوا‪ :‬هذا‬
‫سحر مبين‪ .‬ثم أقبل رسول ال على سلمان فقال‪ :‬يا عبد ال؛ً أنت من خواص إخواننا المؤمنين‪ ً،‬ومن‬
‫أحباب قلوب ملئكة ال المقرربين‪ ً،‬إنك فى ملكوت السموات واليحيجب والكرسى والعرش وما دون ذلك‬
‫إلى الثرى أشهر فى فضلك عندهم من الشمس الطالعة فى يوم ل غيم ول قتر ول غبار فى الجو‪ ً،‬فأنت‬
‫من أفاضل الممدوحين بقوله‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ‪.‬‬
‫ل مأن ميهأرتمييهيم ٱللريه رفي يظملهَل يممن‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [210‬من سورة البقرة‪} :‬مههل مينيظيرومن إر ر‬
‫ليموير{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪ .." :‬قامل علسى بن الحسين‪ :‬طلب‬ ‫لهمير موإملى ٱلرلره يتهرمجيع ٱ ي‬
‫ضمي ٱ م‬ ‫ٱهلمغممارم موٱهلم ي‬
‫لرئمكية مويق ر‬
‫ر‬
‫هؤلء الكفار اليات ولم يقنعوا بما أتاهم به منها بما فيه الكفاية والبلغا‪ ً،‬حتى قيل لهم‪} :‬مههل مينيظيرومن‬
‫ل مأن ميهأرتمييهيم ٱللريه{ُ‪ ..‬أى إذا لم يقتنعوا بالحجج الواضعة الدامغة‪ ً،‬فهل ينظرون إل أن يأتيهم ال؟ وذلك‬ ‫إر ر‬
‫محال‪ ً،‬لن التيان على ال ل يجوز‪ ً،‬كذلك النواصب اقترحوا على رسول ال فى نصب أمير المؤمنين‬
‫عل سى إماما‪ ً،‬واقترحوا‪ ..‬حتى اقترحوا المحال‪ ً،‬وذلك أن رسول ال لما نص على علسى بالفضيلة‬
‫والمامة‪ ً،‬وسكن إلى ذلك قلوب المؤمنين وعاند فيه أصناف الجاحدين من المعاندين‪ ً،‬وشك فى ذلك‬
‫ضعفاء من الشاكين‪ ً،‬واحتال فى السلم من الفريقين من النبى وخيار أصحابه ومن أصناف أعدائه‬
‫جماعة المنافقين‪ ً،‬وفاضِ فى صدورهم العداوة والبغضاء‪ ً،‬والحسد والشحناء‪ ً،‬حتى قال قائل المنافقين‪:‬‬
‫لقد أسرف محمد فى مدح نفسه‪ ً،‬ثم أسرف فى مدح أخيه علسى‪ ً،‬وما ذاك من عند رب العالمين‪ ً،‬ولكنه‬
‫فى ذلك من المتقيولين‪ ً،‬يريد أن يثبت لنفسه الرياسة علينا حيا ولعلسى بعد موته‪ ً،‬قال ال تعالى‪ :‬يا محمد؛ً‬
‫قل لهم‪ :‬وأى شئ أنكرتم من ذلك؟ هو عظيم كريم حكيم‪ ً،‬ارتضى عبادا من عباده‪ ً،‬قد اختصهم‬
‫بكرامات‪ ً،‬لما علم من حسن طاعتهم ولنقيادهم لمره‪ ً،‬ففروضِ إليهم أمور عباده‪ ً،‬وجعل إليهم سياسة‬
‫خلقه بالتدبير الحكيم الذى وفقهم له‪ ً،‬أفل ترون لملوك الرضِ إذا ارتضى أحدهم خدمة بعضِ عبيده‬
‫ووثقا بحسن اصطناعه بما يندب له من يأمور ممالكه‪ ً،‬جعل ما وراء بابه إليه واعتمد فى سياسة جيوشه‬
‫ورعاياه عليه؟ كذلك محمد فى التدبير الذى رفعه له ربه‪ ً،‬وعلسى من بعده الذى جعله وصيه وخليفته فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أهله‪ ً،‬وقاضى دينه ومنجز عداته‪ ً،‬والموازر لوليائه والمناصب لعدائه‪ ً،‬فلم يقنعوا بذلك ولم ييسيلموا‪ً،‬‬
‫وقالوا‪ :‬ليس الذى تسنده إلى ابن أبى طالب أمرا صغيرا إنما هو دماء الخلقا‪ ً،‬ونساؤهم‪ ً،‬وأولدهم‪ً،‬‬
‫وأموالهم‪ ً،‬وحقوقهم‪ ً،‬وأنصباؤهم‪ ً،‬ودنياهم‪ ً،‬وأخراهم‪ ً،‬فلتأتنا بآية تليقا بجللة هذه الولية‪ ً،‬فقال رسول‬
‫ال‪ :‬أما كفاكم نور علسى اهلمهشرقا فى الظلمات الذى رأيتموه ليلة خروجه من عند رسول ال إلى منزله؟‬
‫أما كفاكم أن عليا جاز والحيطان بين يديه ففتحت له ويطيرقت ثم عادت والتأمت؟ أما كفاكم يوم غدير‬
‫يخم أن عليا لما أقامه رسول ال رأيتم أبواب السماء مفتحة والملئكة فيها مطلعين تناديكم‪ :‬هذا ولى ال‬
‫فاتبعوه وإل محرل بكم عذاب ال فاحذروه؟ أما كفاكم رؤيتكم علسى بن أبى طالب وهو يمشى والجبال تسير‬
‫من بين يديه لئل يحتاج إلى انحراف عنها‪ ً،‬فلما جاز رجعت الجبال إلى أماكنها؟ ثم قال‪ :‬الرلهم زدهم‬
‫آيات فإنها عليك سهلت يسيرات لتزيد يحرجتك عليهم تأكيدا‪ .‬قال‪ :‬فرجع القوم إلى بيوتهم فأرادوا دخولها‬
‫فاعتقلتهم الرضِ ومنعتهم ونادتهم‪ :‬حرام عليكم دخولها حتى تؤمنوا بولية علسى‪ ً،‬قالوا‪ :‬آمنا‪ ..‬ودخلوا‪..‬‬
‫ثم ذهبوا ينزعون ثيابهم ليلبسوا غيرها فثقلت عليهم ول يقلوها‪ ً،‬ونادتهم‪ :‬حرام عليكم سهولة نزعنا حتى‬
‫تقروا بولية عل سى‪ ً،‬فأقروا‪ ..‬ونزعوها‪ ..‬ثم ذهبوا يلبسون ثياب الليل فثقلت عليهم ونادتهم‪ :‬حرام عليكم‬
‫لبسنا حتى تعترفوا بولية علسى‪ ً،‬فاعترفوا‪ ..‬ثم ذهبوا يأكلون فثقلت عليهم اللقم وما لم يثقل منها استحجر‬
‫فى أفواههم وناداهم‪ :‬حرام عليكم أكلنا حتى تعترفوا بولية علسى‪ ً،‬فاعترفوا‪ ..‬ثم ذهبوا يبولون‬
‫ويتغوطون فتعذبوا وتعذر عليهم ونادتهم بطونهم ومذاكيرهم‪ :‬حرام عليكم السلمة منا حتى تعترفوا‬
‫بولية علسى بن أبى طالب‪ ً،‬فاعترفوا‪ ..‬ثم ضجر بعضهم وقال‪} :‬ٱللريهرم رإن مكامن مهــمذا يهمو ٱهلمحرقا رمهن رعنردمك‬
‫مفمأهمرطهر معملهيمنا رحمجامرلة يممن ٱلرسممآرء أمرو ٱهئرتمنا ربمعمذاهَب أمرليهَم{ُ قال ال معرز ومجرل‪} :‬مومما مكامن ٱللريه رليمعيذمبيههم مومأنمت‬
‫رفيرههم{ُ‪ ..‬إلخْ‬
‫**‬
‫* الشجرة التى ينهى آدم عن الكل منها‪ :‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة البقرة‪:‬‬
‫ل متهقمرمبا مهــرذره ٱلرشمجمرمة{ُ‪ ..‬يبين‬ ‫}مويقهلمنا ميآمءامديم ٱهسيكهن أمهنمت مومزهويجمك ٱهلمجرنمة مويك م‬
‫ل رمهنمها مرمغدا محهييث رشهئيتمما مو م‬
‫المراد من الشجرة ويعلل النهى عنها فيقول‪ .." :‬ل تقربا هذه الشجرة‪ :‬شجرة العلم‪ ً،‬شجرة علم محمد‬
‫وآل محمد‪ ً،‬الذين آثرهم ال معرز ومجرل به دون سائر خلقه‪ ً،‬فقال ال تعالى‪ :‬ل تقربا هذه الشجرة‪ ً،‬شجرة‬
‫العلم‪ ً،‬فإنها لمحمد وآله خاصة دون غيرهم‪ ً،‬ول يتناول منها بأمر ال إل هم‪ ..‬ومنها ما كان يتناوله‬
‫النبى‪ ً،‬وعل سى‪ ً،‬وفاطمة‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬والحسين‪ ً،‬بعد إطعامهم المسكين واليتيم والسير حتى لم يحسوا بعد‬
‫بجوع ول عطش ول تعب ول منمصب‪ ً،‬وهى شجرة تميزت من بين أشجار الجنة‪ ً،‬إن سائر أشجار الجنة‬
‫كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار والمأكول‪ ً،‬وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل اليبرر والرعمنب‬
‫والتين واليعرناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والطعمة‪ ً،‬فلذلك اختلف الحاكون لتلك الشجرة‪ ً،‬فقال‬
‫بعضهم‪ :‬هى يبررة‪ ً،‬وقال آخرون‪ :‬هى رعمنبة‪ ً،‬وقال آخرون‪ :‬هى يعرنابة‪ .‬قال ال تعالى‪ :‬ول تقربا هذه‬
‫صهم بهذه دون غيرها‪ ً،‬وهى‬ ‫الجشرة تلتمسان بذلك دوحة محمد وآل محمد فى فضلهم‪ ً،‬فإن ال تعالى خ ر‬
‫شجرة التى من يتناول منها بإذن ال معرز ومجرل أيهلرهم علم الرولين والخرين من غير تعلم‪ .‬وممرن تناول‬
‫منها بغير إذن ال خاب من مراده وعصى ربه‪} ً،‬مفمتيكومنا رممن ٱهلرظارلرميمن{ُ‪ ..‬بمعصيتكما والتماسكما درجة‬
‫قد أوثر بها غيركما كما إذ أردتما بغير حكم ال"‪.‬‬
‫**‬
‫* توسل النبياء وا يلمم السابقة بمحمد صلى ال عليه وسلم وبأهل البيت‪ :‬وقد جاء فى هذا التفسير من‬
‫لمم السابقين كانوا إذا حزبهم أمر وأهمهم توسلوا بمحمد صلى ال‬ ‫الخبار ما يدل على أن النبياء وا ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عليه وسلم وأهل بيته رضوان ال تعالى عليهم‪.‬‬
‫ل مخهوفف‬ ‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [38‬من سورة البقرة‪} :‬مفرإرما ميهأرتميرنيكم يميني يهلدى مفممن متربمع يهمداميِ مف م‬ ‫فمث ل‬
‫ل يههم ميهحمزينومن{ُ‪ ..‬نراه يقول‪ .." :‬فلما زرلت من آدم الخطيئة واعتذر إلى ربه معرز ومجرل قال‪ :‬يا‬ ‫معلمهيرههم مو م‬
‫رب؛ً يتهب علسى واقبل معذرتى‪ ً،‬وأعدنى إلى مرتبتى‪ ً،‬وارفع لديك درجتى فما أشد تبين بغضِ الخطيئة‬
‫وذلها بأعضائى وسائر بدنى‪ ً،‬قال ال تعالى‪ :‬يا آدم؛ً أما تذكر أمرى إياك بأن تدعونى بمحمد وآله‬
‫الطيبين عند شدائدك ودواهيك وفى النوازل تنزل بك؟ قال آدم‪ :‬يا رب بلى‪ ً،‬قال ال معرز ومجرل له‪:‬‬
‫فتوسل بمحمد وعلسى وفاطمة والحسن والحسين خصوصا‪ ً،‬فادعنى أجبك إلى ملتمسك وأزدك فوقا‬
‫مرادك‪ ً،‬فقال آدم‪ :‬يا رب وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل بهم تقبل توبتى‪ ً،‬وتغفر خطيئتى‪ ً،‬وأنا‬
‫الذا أسجدمت له ملئكتك‪ ً،‬وأبحته جرنتك‪ ً،‬وزروجته حواء أمممتك‪ ً،‬وأخدمته كرام ملئكتك؟ قال ال‪ :‬يا آدم؛ً‬
‫إنما أمريت الملئكة بتعظيمك بالسجود إذ كنمت وعالء لهذه النوار‪ ً،‬ولو كنت سألتنى بهم قبل خطيئتك أن‬
‫أعصمك منها وأن أفطنك لدواعى عدوك إبليس حتى تحذر منها لكنيت قد جعليت ذلك‪ ً،‬ولكن المعلوم فى‬
‫لجبك‪ ً،‬فعند ذلك قال آدم‪ :‬الرلهم بجاه محمد وآله‬ ‫سابقا علمى يجرى موافقا لعلمى‪ ً،‬فالن بهم فادعنى ي‬
‫ضلت بقبول توبتى‪ً،‬‬ ‫الطيبين‪ ً،‬بجاه محمد وعلسى وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تف ر‬
‫وغفران زرلتى‪ .‬وإعادتى من كراماتك إلى مرتبتى‪ ً،‬فقال ال معرز ومجرل‪ :‬قد قبليت توبتك وأقبليت برضوانى‬
‫عليك‪ ً،‬ورزقيت آلئى ونعمائى عليك‪ ً،‬وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتى‪ ً،‬ووفرت نصيبك من رحماتى‪.‬‬
‫فذلك قوله معرز ومجرل‪} :‬مفمتلمرقـى مءامديم رمن رريبره مكرلمماهَت مفمتامب معلمهيره إررنيه يهمو ٱلرتروايب ٱلرررحييم{ُ‪.ً،‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [50‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ مفمرهقمنا ربيكيم ٱهلمبهحمر مفمأنمجهيمنايكهم موأمهغمرهقمنا آمل‬ ‫ومث ل‬
‫رفهرمعهومن موأمهنيتهم متنيظيرومن{ُ نجده يقول‪" :‬قال ال معرز ومجرل‪ :‬واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقا ينقطع بعضه‬
‫عن بعضِ‪ ً،‬فأنجيناكم هناك وأغرقنا فرعون وقومه وأنتم تنظرون إليهم وهم يغرقون‪ ً،‬وذلك أن موسى‬
‫لما انتهى إلى البحر أوحى ال معرز ومجرل إليه‪ :‬قل لبنى إسرائيل جيددوا توحيدى‪ ً،‬وأمرمسروا بقلوبكم ذكر‬
‫محمد سيد عبيدى وإمائى‪ ً،‬وأعيدوا على أنفسكم الولية لعلسى أخى محمد وآله الطبيين‪ ً،‬وقولوا‪ :‬الرلهم‬
‫بجاههم ج يوزنا على متن هذا الماء‪ ً،‬فإنه يتحول لكم أرضا‪ ً،‬فقال لهم موسى ذلك‪ ً،‬فقالوا‪ :‬أتورد علينا ما‬
‫نكره‪ ً،‬وهل فررنا من آل فرعون إل من خوف الموت‪ ً،‬وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات‪ً،‬‬
‫وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا؟ فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له ‪ -‬وكان ذلك الخليج‬
‫أربعة فراسخْ ‪ -‬يا نبى ال؛ً أمرك ال بهذا أن نقوله وندخل الماء؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وأنت تأمرنى به؟‬
‫على والطيبين من آلهما ما أرممر به‪ً،‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ً،‬فوقف وجردد على نفسه من توحيد ال ونبوة محمد وولية س‬
‫ثم قال‪ :‬الرلهم بجاههم جيوزنى على متن هذا الماء‪ ً،‬وإذا الماء قصته كأرضِ لينة‪ ً،‬حتى بلغ آخر الخليج‬
‫ثم عاد راكضا‪ ً،‬ثم قال لبنى إسرائيل‪ :‬يا بنى إسرائيل؛ً أطيعوا موسى‪ ً،‬فما هذا الدعاء إل مفتاح أبواب‬
‫الجنان‪ ً،‬ومغاليقا أبواب النيران‪ ً،‬ومستنزل الرزاقا‪ .‬وجالب على عباد ال وإمائه رضا المهيمن‬
‫الخلقا‪ .‬فأبوا وقالوا‪ :‬ل نسير إل على الرضِ‪ ً،‬فأوحى ال‪ :‬يا موسى؛ً اضرب بعصاك البحر وقل‪:‬‬
‫الرلهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته‪ ً،‬ففعل؛ً فانفلقا وظهرت الرضِ إلى آخر الخليج‪ ً،‬فقال موسى‪:‬‬
‫ادخلوها‪ ً،‬قالوا‪ :‬الرضِ وحلة‪ ً،‬نخاف أن نرسب فيها‪ ً،‬فقال ال معرز ومجرل‪ :‬يا موسى؛ً قل‪ :‬الرلهم بحقا‬
‫محمد وآله الطيبين جففها‪ ً،‬فقالها‪ ً،‬فأرسل ال عليها ريح الصبا فجرفت‪ ً،‬فقالموسى‪ :‬ادخلوها‪ ً،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫نبى ال؛ً نحن اثنتا عشرة قبيلة بنو اثنى عشر أبا‪ ً،‬وإن دخلناها رام كل فريقا منا تقدم صاحبه‪ ً،‬ول نأمن‬
‫من وقوع الشر بيننا‪ ً،‬فلو كان لكل فريقا منا طريقا على حدة لمنا ما نخافه‪ ً،‬فأمر ال موسى أن‬
‫يضرب البحر بعددهم اثنى عشر ضربة‪ ً،‬فى اثنتى عشرة موضعا إلى جانب ذلك الموضع ويقول‪ :‬الرلهم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بجاه محمد وآله الطيبين مبيين الرضِ لنا‪ ً،‬وأقصر الماء عنا‪ ً،‬فصار فيه تمام اثنى عشر طريقا‪ ً،‬ومجرف‬
‫قرار الرضِ بريح الصبا‪ ً،‬فقال‪ :‬ادخلوها‪ ً،‬فقالوا‪ :‬كل فريقا منا يدخل سكة من هذه السكك ل يدرى ما‬
‫يحدث على الخرين‪ ً،‬فقال ال معرز ومجرل‪ :‬فاضرب كل مطهود من الماء بين هذه السكك‪ ً،‬فضرب فقال‪:‬‬
‫الرلهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت فى هذا الماء طيقانا واسعة يرى بعضهم بعضا‪ ً،‬فحدثت طيقان‬
‫واسعة يرى بعضهم بعضا‪ ً،‬ثم دخلوها‪ ً،‬فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه فدخل بعضهم‪ ً،‬فلما دخل‬
‫آخرهم وه رم أولهم بالخروج أمر ال تعالى البحر فانطبقا عليهم فغرقوا‪ ً،‬وأصحاب موسى ينظرون إليهم‬
‫فذلك قوله معرز ومجرل‪} :‬موأمهغمرهقمنا آمل رفهرمعهومن موأمهنيتهم متنيظيرومن{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫* التقرية‪:‬‬
‫وهو يعترف بالتقرية ويدين بها‪ ً،‬ويروى عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أحاديث فيها‪ ً،‬فمن ذلك‪ :‬أنه‬
‫ضلهم ال على‬ ‫روى عن الحسن بن علسى أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬إن النبياء إنما ف ر‬
‫الخلقا أجمعين لشدة مداراتهم لعداء دين ال‪ ً،‬ويحسن تقيتهم لجل إخوانهم فى ال"‪.‬‬
‫وروى عن أمير المؤمنين أنه قال‪" :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬ممن يسئل عن علم‬
‫فكتمه حيث يجب إظهاره وتزول عنه التقية‪ ً،‬جاء يوم القيامة ملجما بلجام من النار"‪.‬‬
‫ل يهمو‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [163‬من سورة البقرة‪} :‬موإرلمــيهيكهم إرلمــفه موارحفد ر‬
‫ل إرلمــمه إر ر‬
‫ٱلررهحممــين ٱلرررحييم{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬الرحيم بعباده المؤمنين من شيعة آل محمد‪ ً،‬ورسع لهم فى التقية‪ ً،‬يجاهرون‬
‫بإظهار موالة أولياء ال ومعاداة أعدائه إذا قدروا‪ ً،‬وييسسرونها إذا عجزوا"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [173‬من سورة البقرة‪} :‬إررنمما محررم معلمهييكيم ٱهلممهيمتمة موٱلردم مولمهحم‬
‫ٱهلرخنرزيرر{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬يقول‪ .." :‬نظر الباقر إلى بعضِ شيعته وقد دخل خلمف بعضِ المنافقين إلى الصلة‪ً،‬‬
‫وأحس الشيعى بأن الباقر قد عرف ذلك منه بقصده وقال‪ :‬أعتذر إليك يا ابن رسول ال عن صلتى‬
‫خلف فلن فإنها تقرية‪ ً،‬ولول ذلك لصلييت وحدى‪ ً،‬قال له الباقر‪ :‬يا أخى؛ً إنما كنت تحتاج أن تعتذر لو‬
‫تركت‪ ً،‬يا عبد ال المؤمن؛ً ما زالت ملئكته السموات السبع والرضين السبع تصلى عليك وتلعن‬
‫إمامك ذاك‪ ً،‬وإن ال تعالى أمر أن يتحسب صلتك خلفه للتقرية بسبعمائة صلة لو صليتها لوحدك‪ .‬فعليك‬
‫بالتقرية"‪.‬‬
‫**‬
‫* تأثره بمذهب المعتزلة‪:‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من‬ ‫وإنا لنجد فى هذا التفسير تأثرا بمذهب المعتزلة ومعتقداتهم‪ ً،‬فمث ل‬
‫صارررههم رغمشاموفة{ُ‪ ..‬نجد المؤلف ل يرتضى‬ ‫سورة البقرة‪} :‬مخمتم ٱللريه معلمـى يقيلوربههم مومعلمـى مسهمرعرههم مومعلمـى أمهب م‬
‫نسبة الختم إلى ال على ظاهره‪ ً،‬ونراه يتأرول هذا الختم بما يتفقا ورأى المعتزلة فيقول‪" :‬أى ومسممهنا‬
‫برسممة يعرفها ممن يشاء من ملئكته إذا نظروا إليها بأنهم الذين ل يؤمنون‪ ً،‬وعلى سمعهم كذلك برسممات‪ً،‬‬
‫صروا فيما أيرريد منهم‪ ً،‬جهلوا‬ ‫وعلى أبصارهم غشاوة‪ ً،‬وذلك أنهم لما أعرضوا عن النظر فيما يكيلفوه‪ ً،‬وق ر‬
‫ما لزمهم من اليمان به‪ ً،‬فصاروا كمن على عينه غطاء ل يبصر ما أمامه‪ ً،‬فإن ال معرز ومجرل يتعالى‬
‫عن العبث والفساد‪ ً،‬وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه‪ ً،‬فل يأمرهم بمغالبته ول بالمسير إلى ما‬
‫قد صردهم بالعجز"‪.‬‬
‫**‬
‫* تأثره فى تفسيره بآراء الشيعة فى الفروع الفقهية‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كذلك نجد المؤلف يجرى فى تفسيره على وفقا ما يميل إليه من الحكام الفقهية التى يقول بها المامية‬
‫الثنا عشرية‪.‬‬
‫لمة موآيتوها ٱلرزمكامة{ُ ‪ ..‬نراه يروى‬
‫صم‬‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة البقرة‪} :‬موأمرقييموها ٱل ر‬
‫فمث ل‬
‫ل عن رسول ال صلى ال عليه وسلم يؤخذ منه صراحة أن فرضِ الررهجلين فى الوضوء‬ ‫حديثا طوي ل‬
‫مسحهما ل غسلهما‪ ً،‬وأن غسلهما ل يجوز إل للتقرية‪ ً،‬وهذا الحديث هو‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه تناثرت ذنوب وجهه‪ ً،‬وإذا غسل يديه إلى المرفقين تناثرت‬
‫عنه ذنوب يديه‪ ً،‬وإذا مسح رأسه تناثرت ذنوب رأسه‪ ً،‬وإذا مسح رجليه ‪ -‬أو غسلهما تقرية ‪ -‬تناثرت‬
‫ذنوب رجليه"‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫وهكذا نجد هذا التفسير يسير مع الهوى الشيعى‪ ً،‬سيرا فيه كثير من التطرف والغلو والخروج عن دائرة‬
‫المعقول المقبول‪ .‬وإذا كان هذا التفسير من عمل الحسن العسكرى‪ ً،‬المام المعصوم‪ ً،‬الذى عنده علم‬
‫القرآن كله‪ ً،‬فتلك أكبر شهادة على أنه ل عصمة له ول علم عنده‪ ً،‬وكيف يصدر هذا التلعب بنصوص‬
‫القرآن من إمام له قيمته ومكانته‪.‬‬
‫وإذا كان ما يذكره صاحب أعيان الشيعة من علمه وصلحه أمرا حقيقيا‪ ً،‬فالظن بهذا الكتاب أن يكون‬
‫منسوبا إلى هذا المام زورا وبهتانا‪ ً،‬وهذا ما يأرجحه وأختاره‪ ً،‬لنى لم أعثر على نقل صحيح يدل على‬
‫غلو الرجل وتطرفه فى التشيع كما فعل غيره‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -3‬مجمع البيان لعلوم القرآن )للطبرسى( (‬

‫* ترجمة المؤلف ومكانته العلمية‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير فى نظر أصحابه هو أبو‬
‫على‪ ً،‬الفضل بن الحسن ابن الفضل الطبرسى المشهدى‪ ً،‬الفاضل‪ ً،‬العالم‪ ً،‬المفيسر‪ ً،‬الفقيه‪ ً،‬المحيدث‪ً،‬‬
‫ي‬
‫الجليل‪ ً،‬الثقة‪ ً،‬الكامل‪ ً،‬النبيل‪ ً،‬وهو من بيت يعررف أهله بالعلم‪ ً،‬فهو وابنه رضى الدين أبو نصر حسن‬
‫بن الفضل صاحب مكارم الخلقا‪ ً،‬وسبطه أبو الفضل علسى بن الحسن‪ ً،‬وسائر سلسلته وأقربائه‪ ً،‬من‬
‫أكابر العلماء‪ .‬ويروى عنه جماعة من العلماء منهم‪ :‬ولده المذكور‪ ً،‬وابن شهراشوب‪ ً،‬والشيخْ منتخب‬
‫الدين‪ ً،‬والقطب الراوندى‪ ً،‬وغيرهم‪ .‬ويروى هو عن الشيخْ أبى علسى ابن الشيخْ الطوسى‪ .‬قال الشيخْ‬
‫منتخب مجمع البيان فى تفسير القرآن‪ ً،‬والوسيط فى التفسير أربع مجلدات‪ ً،‬والوجيز مجلدة‪ ً،‬وإعلم‬
‫الورى بأعلم الهدى مجلدتين‪ ً،‬وتاج المواليد‪ ً،‬والداب الدينية للخزانة المعيبة"‪.‬‬
‫قال صاحب روضات الجرنات معقبا على هذا‪" :‬وقد فرغا من تأليف المجمع فى منتصف ذى القعدة سنة‬
‫‪ 534‬هـ )أربع وثلثين وخمسمائة( ولعل مراده بالوسيط هو تفسير جوامع الجامع المشهور‪.‬‬
‫وبالوجيز‪ :‬الكارف الشارف عن الكشاف‪ ً،‬ويحتمل المغايرة"‪.‬‬
‫وقال صاحب مجالس المؤمنين ما معناه‪" :‬إن عمدة المفيسرين‪ ً،‬أمين الدين‪ ً،‬ثقة السلم‪ ً،‬أبو علسى الفاضل‬
‫بن الحسن بن الفضل الطبرسى‪ ً،‬كان من نجارير علماء التفسير‪ ً،‬وتفسيره الكبير الموسوم بمجمع البيان‪ً،‬‬
‫بيان كاف ودليل واف لجامعيته لفنون الفصل والكمال‪ ً،‬ثم لما وصل إليه بعد هذا التأليف كتاب الكشاف‬
‫ل لفوائد تفسيره الول ولطائف الكشاف‪ ً،‬وسماه‬ ‫واستحسن طريقته‪ ً،‬أرلف تفسيرا آخر مختصرا‪ ً،‬شام ل‬
‫الجوامع‪ ً،‬وله تفسير ثالث أيضا أخصر من الولين‪ ً،‬وتصانيف أخرى فى الفقه والكلم‪ ً،‬ويظهر من‬
‫ل فى زمرة مجتهدى علمائنا أيضا‪ً،‬‬ ‫كتاب اللمعة الدمشقية فى مبحث الرضاع أن الطبرسى هذا كان داخ ل‬
‫ومقالته فى الرضاع معروفة‪ ً،‬وهى قوله بعدم اعتبار اتحاد الفحل فى نشر الحرمة‪ ً،‬وكذا قوله بأن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المعاصى كلها كبائر‪ ً،‬وإنما يكون اتصافها بالصغيرة بالنسبة لما هو أكبر"‪.‬‬
‫ومن العجيب أنهم يذكرون قصة فى غاية الطرافة والغرابة فى سبب تأليفه لتفسيره "مجمع البيان" ‪-‬‬
‫الذى نحن بصدده ‪ -‬فيقولون‪" :‬ومن عجيب أمر هذا الطبرسى بل من غريب كراماته‪ ً،‬وما اشتهر بين‬
‫الخاص والعام‪ ً،‬أنه قد أصابته السكتة فظنوا به الوفاة فغسلوه وكفنوه ودفنوه ثم رجعوا‪ ً،‬فلما أفاقا وجد‬
‫نفسه فى القبر ومسدودا عليه سبيل الخروج عنه من كل جهة‪ ً،‬فنذر فى تلك الحالة أنه إذا نجى من تلك‬
‫الداهية أرلف كتابا فى تفسير القرآن‪ ً،‬فاتفقا أن بعضِ النرباشين قصده لخذ كفنه‪ ً،‬فلما كشف عن وجه‬
‫القبر أخذ الشيخْ بيده‪ ً،‬فتحرير النباش‪ ً،‬ودهش مما رآه‪ ً،‬ثم تكلم معه فأزداد به قلقا‪ ً،‬فقال له‪ :‬ل تخف‪ ً،‬أنا‬
‫حى وقد أصابتنى السكتة ففعلوا بى هذا‪ ً،‬ولما لم يقدر على النهوضِ والمشى من غاية ضعفه‪ ً،‬حمله‬
‫ل‪ ً،‬وتاب على يده النرباش‪ً،‬‬‫ل جزي ل‬ ‫النرباش على عاتقه وجاء به إلى بيته الشريف‪ ً،‬فأعطاه الخلعة وأوله ما ل‬
‫ثم إنه بعد ذلك وفى بنذره الموصوف‪ ً،‬وشرع فى تأليفه مجمع البيان"‪.‬‬
‫وكانت وفاته ليلة النحر سنة ‪ 835‬هـ )ثمان وثلثين وخمسمائة من الهجرة(‪* * .‬‬
‫* الكلم على هذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫قبل أن أخوضِ فى الكلم عن هذا التفسير أرى أن أسوقا ما جاء فى مقدمة هذا التفسير للمؤلف رحمه‬
‫ال‪ ً،‬لما جاء فيه من بيان الحوافز التى دفعت مؤلفة إلى تأليفه‪ ً،‬ولما أوضحه لنا من طريقته التى سلكها‬
‫فى تفسيره‪ ً،‬فهو أدرى بها وأعلم‪..‬‬
‫*‬
‫* الدواعى التى حملت الطبرسى على كتابة هذا التفسير‪:‬‬
‫ذكر الطبرسى هذه الدواعى فقال‪ ..." :‬وقد خاضِ العلماء قديما وحديثا فى علم تفسير القرآن‪ ً،‬واجتهدوا‬
‫فى إبراز مكنونه وإظهار مضمونه‪ ً،‬وأرلفوا فيه كتبا جرمة غاصوا فى كثير منها إلى أعماقا لججه‪ً،‬‬
‫وشققوا الشعر فى إيضاح حججه‪ ً،‬وحققوا فى تفتيح أبوابه وتغلغل شعابه‪ ً،‬إل أن أصحابنا ‪ -‬رضى ال‬
‫عنهم ‪ -‬لم يديونوا فى ذلك غير مختصرات نقلوا فيها ما وصل إليهم فى ذلك من الخبار‪ ً،‬ولم يعنوا‬
‫ببسط المعانى فيه وكشف السرار‪ ً،‬إل ما جمعه الشيخْ الجل السعيد‪ ً،‬أبو جعفر محمد بن الحسن‬
‫الطوسى من كتاب التبيان‪ ً،‬فإنه الكتاب الذى ييقتبس من ضيائه الحقا‪ ً،‬ويلوح عيه رواء الصدقا‪ ً،‬وقد‬
‫تضمن فيه من المعانى السرار البديعة‪ ً،‬واختصر من اللفاظ اللغة الوسيعة‪ ً،‬ولم يقنع بتدوينها دون‬
‫تبينها‪ ً،‬ول بتنميقها دون تحقيقها‪ ً،‬وهو القدوة استضئ بأنواره‪ ً،‬وأطأ مواقع آثاره‪ ً،‬غير أنه خلط فى‬
‫أشياء مما ذكره فى العراب والنحو الغث بالسمين‪ ً،‬والخاثر بالزباد‪ ً،‬ولم يميز الصلح مما ذكر فيه‬
‫والفساد‪ ً،‬وأدى اللفاظ فى مواضع من متضمناته قاصرة عن المراد‪ ً،‬وأخرل بحسن الترتيب وجودة‬
‫التهذيب‪ ً،‬فلم يقع له لذلك من القلوب السليمة الموقع المرضى‪ ً،‬ولم يعل من الخواطر الكريمة المكان‬
‫العلى"‪.‬‬
‫"وقد كنت فى ريعان الشباب وحداثة السن‪ ً،‬ورريان العيش ونضارة الغصن‪ ً،‬كثير النزاع شديد التشوقا‬
‫إلى جمع كتاب فى التفسير‪ ً،‬ينتظم أسرار النحو اللطيفة‪ ً،‬ولمع السلغة الشريفة‪ ً،‬ويقى موارد القراءات من‬
‫متوجهاتها‪ ً،‬مع بيان حججها الواردة من جميع جهاتها‪ ً،‬ويجمع جوامع البيان فى المعانى المستنبطة من‬
‫معادنها‪ ً،‬المستخرجة من كوامنها‪ ً،‬إلى غير ذلك من علومه الجرمة‪ ً،‬مطلعة من الغلف والكمة‪ ً،‬فيعترضِ‬
‫لذلك جوائح الزمان‪ ً،‬وعوائقا الحدثان‪ ً،‬وواردات الهموم‪ ً،‬وهفوات القدر المحتوم‪ ً،‬وهلم جرآ إلى الن‪ً،‬‬
‫وقد زرف سنى على الستين واشتعل الرأس شيبا‪ ً،‬وامتلت العيبة عيبا‪ ً،‬فحدانى على تصميم هذه‬
‫العزيمة ما رأيت من عناية مولنا المير السيد الجل العارلم‪ ً،‬ولى النرعيم جلل الدين ركن السلم‪ ً،‬فخر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫آل رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ً،‬أمبى منصور محمد بن يحيى بن هبة ال الحسين ‪ -‬أدام ال عله ‪-‬‬
‫بهذا العلم‪ ً،‬وصدقا رغبته فى معرفة هذا الفن‪ .‬وقصر همه على تحقيقا حقائقه‪ ً،‬والحتواء على جلئله‬
‫ودقائقه‪ ً،‬وال معرز اسمه المسئول أن يحرس للسلم والمسلمين رفيع حضرته‪ ً،‬ويفيضِ على الفضل‬
‫والفضلء سجال سيادته‪ ً،‬ويمد على العلم والعلماء أمداد سعادته‪ ..‬فأوجبت على نفسى إجابته إلى‬
‫مطلوبه‪ ً،‬وإسعافه بمحبوبه‪ ً،‬واستخريت ال تعالى‪ ً،‬ثم قصرت ومههمى ومهيمى على اقتناء هذه الذخيرة‬
‫الخطيرة‪ ً،‬واكتساب هذه الفضيلة النبيلة‪ ً،‬وشمريت عن ساقا الجد‪ ً،‬وبذليت غاية الجهد والكد‪ ً،‬وأسهرت‬
‫الناظر‪ ً،‬وأتعبيت الخاطر‪ ً،‬وأطليت التفكير‪ ً،‬وأحضريت التفاسير‪ ً،‬واستمدديت من ال التوفيقا والتيسير"‪.‬‬
‫**‬
‫* وصف الطبرسى لتفسيره‪:‬‬
‫ثم وصف الطبرسى تفسيره فقال‪" :‬وابتدأيت فى تأليف كتاب هو فى غاية التلخيص والتهذيب‪ ً،‬وحسن‬
‫النظم والترتيب‪ ً،‬يجمع أنواع هذا العلم وفنونه‪ ً،‬ويحوى فصوصه وعيونه‪ ً،‬من علم قراءاته وإعرابه‬
‫ولغاته‪ ً،‬وغومضه ومشكلته‪ ً،‬ومعانيه وجهاته‪ ً،‬ونزوله وأخباره‪ ً،‬وقصصه وآثاره‪ ً،‬وحدوده وأحكامه ‪-‬‬
‫وحلله وحرامه‪ ً،‬والكلم على مطاعن المبطلين فيه‪ ً،‬وذكرنا ما يتفرد به أصحابنا ‪ -‬رضى ال عنهم ‪-‬‬
‫من الستدلل بمواضع كثيرة منه على صحة ما يعتقدونه من الصول والفروع‪ ً،‬والمعقول والمسموع‪ً،‬‬
‫على وجه العتدال والختصار‪ ً،‬فوقا اليجاز دون الكثار‪ ً،‬فإن الخواطر فى هذا الزمان ل تحمل أعباء‬
‫العلوم الكثيرة‪ ً،‬وتضعف عن الجراء فى الحلبات الخطيرة‪ ً،‬إذ لم يبقا من العلماء إل السماء‪ ً،‬ومن‬
‫العلوم إل الذماء"‪* * .‬‬
‫* منهج الطبرسى فى تفسيره‪:‬‬
‫ضح منهجه فقال‪ " :‬وقردميت فى مطلع كل سورة ذكر مكيها ومدنيها‪ ً،‬ثم ذكر الختلف فى عدد‬ ‫ثم و ر‬
‫ي‬
‫آياتها‪ ً،‬ثم ذكرت تلوتها‪ ً،‬قم أقيدم فى كل آية الختلف فى القراءات‪ ً،‬ثم أذكر العلل والحتجاجات‪ ً،‬ثم‬
‫أذكر العربية والسلغات‪ ً،‬ثم أذكر العراب والمشكلت‪ ً،‬ثم أذكر السباب والنزولت‪ ً،‬ثم أذكر المعانى‬
‫والحكام والتأويلت‪ ً،‬والقصص والجهات‪ ً،‬ثم أذكر انتظام اليات‪ .‬على أنى قد جمعت فى عربيته كل‬
‫يغررة لئحة‪ ً،‬وفى إعرابه كل يحرجة واضحة‪ ً،‬وفى معانيه كل قول متين‪ ً،‬وفى مشكلته كل برهان مبين‪ً،‬‬
‫فهو بحمد ال للديب عمدة‪ ً،‬وللنحوى يعردة‪ ً،‬وللمقرئ بصيرة‪ ً،‬وللناسك ذخيرة‪ ً،‬وللمتكلم يحرجة‪ ً،‬وللمحيدث‬
‫محجة‪ ً،‬وللفقيه دللة‪ ً،‬وللواعظ آلة‪ ً،‬وسميته "مجمع البيان لعلوم القرآن"‪.‬‬
‫**‬
‫* مقدمات الكتاب‪:‬‬
‫ثم استطرد إلى ذكر مقدمات تتعلقا ببعضِ علوم القرآن فقال‪ :‬وقبل أن نشرع فى تفسير السور واليات‪ً،‬‬
‫فنحن ينصيدر الكتاب بذكر مقدمات ل بد من معرفتها‪ ً،‬لمن أراد الخوضِ فى علومه تجمعها فنون سبعة‪:‬‬
‫جعل الفن الول منها‪ :‬فى أعداد آى القرآن والفائدة من معرفتها‪.‬‬
‫والفن الثانى‪ :‬فى ذكر أسامى القرراء المشهورين فى المصار ورواتهم‪.‬‬
‫والفن الثالث‪ :‬فى ذكر التفسير والتأويل والمعنى‪ ً،‬والتوفيقا بين ما ورد من اليات والثار من النهى عن‬
‫التفسير بالرأة وإباحته‪.‬‬
‫والفن الرابع‪ :‬فى ذكر أسامى القرآن ومعانيها‪.‬‬
‫والفن الخامس‪ :‬فى أشياء من علوم القرآن يحال فى شرحها وبسط الكلم فيها على المواضع المختصة‬
‫بها والكتب المؤرلفة فيها كإعجاز القرآن‪ ً،‬والكلم عن زيادة القرآن ونقصانه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وهنا يقول‪ :‬فأما الزيادة فيه فيمهجممع على بطلنه‪ ً،‬وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم‬
‫من حشوية العامة أن فى القرآن تغييرا ونقصانا‪ ً،‬والصحيح من مذهب أصحابنا خلفه‪ ً،‬وهو الذى‬
‫نصره المرتضى قردس ال روحه‪ ...‬إلخْ‪ .‬ثم ذكر من جملة العلوم التى يحال فى شرحها وبسط الكلم‬
‫فيها على الكتب المؤرلفة فيها الكلم فى النسخْ والناسخْ والمنسوخ وغير ذلك من العلوم المتعلقة بالقرآن‬
‫وليست داخلة فى التفسير‪.‬‬
‫والفن السادس‪ :‬فى ذكر بعضِ ما جاء من الخبار المشهورة فى فضل القرآن وأهله‪ .‬والفن السابع‪ :‬فى‬
‫ذكر ما ييستمحب للقارئ من تحسين اللفظ وتزيين الصوت بقراءة القرآن‪.‬‬
‫ثم شرع فى التفسير فتكلم عن الستعاذة فالبسملة ففاتحة الكتاب وهكذا إلى آخر القرآن‪.‬‬
‫والحقا أن تفسير الطبرسى ‪ -‬بصرف النظر عما فيه من نزعات تشيعية وآراء اعتزالية ‪ -‬كتاب عظيم‬
‫فى بابه‪ ً،‬يدل على تبحر صاحبه فى فنون مختلفة من العلم والمعرفة‪ .‬والكتاب يجرى على الطريقة التى‬
‫أوضحها لنا صاحبه‪ ً،‬فى تناسقا تام وترتيب جميل‪ ً،‬وهو يجيد فى كل ناحية من النواحى التى يتكلم‬
‫عنها‪ ً،‬فإذا تكلم عن القراءات ووجوهها أجاد‪ ً،‬وإذا تكلم عن المعانى السلغوية للمفردات أجاد‪ ً،‬وإذا تكلم‬
‫عن وجوه العراب أجاد‪ ً،‬وإذا شرح المعنى والجمالى أوضح المراد‪ ً،‬وإذا تكلم عن أسباب النزول‬
‫وشرح القصص استوفى القوال وأفاضِ‪ ً،‬وإذا تكلم عن الحكام تعررضِ لمذاهب الفقهاء‪ ً،‬وجهر بمذهبه‬
‫ونصره إن كانت هناك مخالفة منه للفقهاء‪ ً،‬وإذا ربط بين اليات آخى بين اليجممل‪ ً،‬وأوضح لنا عن يحهسن‬
‫السبك وجمال النظم‪ ً،‬وإذا عرضِ لمشكلت القرآن أذهب الشكال وأراح البال‪ .‬وهو ينقل أقوال ممن‬
‫تقردمه من المف يسرين معزوة لصحابها‪ ً،‬ويرجح ويوجه ما يختار منها‪ ً،‬وإذا كان لنا بعضِ المآخذ عليه‬
‫فهو تشيعه لمذهبه وانتصاره له‪ ً،‬وحمله لكتاب ال على ما يتفقا وعقيدته‪ ً،‬وتنزيله ليات الحكام على ما‬
‫يتناسب مع الجتهادات التى خالف فيها هو وممن على شاكلته‪ ً،‬وروايته لكثير من الحاديث الموضوعة‪.‬‬
‫غير أنه ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬ليس مغاليا فى تشيعه‪ ً،‬ول متطرفا فى عقيدته‪ ً،‬كما هو شأن كثير غيره من‬
‫علماء المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫وإليك بعضِ المثل من هذا التفسير‪ ً،‬لترى كيف يميل الطبرسى باليات القرآنية إلى المعانى التى تتفقا‬
‫ومذهبه‪ ً،‬وكيف يحاول بكل قواه الجدلية العنيفة أن يقيم مذهبه على يأسس من القرآن الكريم‪ ً،‬وأن يرد ما‬
‫يصادفه من ظواهر النصوص ويدفع بها فى وجه خصمه‪:‬‬
‫* إمامة علسى‪:‬‬
‫لما كان الطبرسى يدين بإمامة علسى رضى ال عنه‪ ً،‬ويرى أنه خليفة النبى صلى ال عليه وسلم بل‬
‫فصل‪ ً،‬فإرنا نراه يحاول بكل جهوده أن يثبت إمامته ووليته من القرآن فنراه عند تفسيره لقوله تعالى فى‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة‬
‫صم‬‫الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫مويههم مراركيعومن{ُ‪ ..‬يبذل مجهودا كبيرا لستخلص وجوب إمامة علسى رضى ال عنه من هذه الية‪ ً،‬فنجده‬
‫صرة‬ ‫ل يتكلم عن المعانى السلغوية لبعضِ مفردات الية‪ ً،‬فيفيسر "الولى" بقوله‪" :‬الولى هو الذى يلى الين ه‬ ‫أو ل‬
‫والمعونة‪ ً،‬والولى هو الذى يلى تدبير المر‪ .‬يقال‪ :‬فلن ولى أمر المرأة إذا كان يملك تدبير نكاحها‪.‬‬
‫وولى الدم ممن كان إليه المطالبة بالمقمود‪ .‬والسلطان ولى أمر الراعية‪ .‬ويقال لمن يرشحه للخلفة عليهم‬
‫بعده‪ :‬ولى عهد المسلمين‪ .‬قال الكميت يمدح عليا‪:‬‬
‫*ورنهعم ولى المر بعد وليه * ومنتجع التقوى ورنهعم المؤدب*‬
‫ويروى الفتوى‪," :‬إنما أراد ولى المر والقائم بتدبيره‪ ً،‬قال المبرد فى كتاب العبادة عن صفات ال‪:‬‬
‫"أصل الولى الذى هو أولى ‪ -‬أى أحقا ‪ -‬ومثله المولى"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم بعد ذلك ف رسر الطبرسى "الركوع" و "الحزب"‪ ً،‬ثم ذكر العراب ثم ذكر سبب النزول فقال بعد سياقه‬
‫لسند طويل‪ ..." :‬بينا عبد ال بن عباس جالس على شفير زمزم يقول‪" :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم"‪ ً،‬إذ أقبل رجل متعمم بعمامة‪ ً،‬فجعل ابن عباس ل يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬إل‬
‫قال الرجل‪" :‬قال رسول ال‪ ً،‬فقال ابن عباس‪ :‬سألتك بال ممن أنت؟ فركشف العمامة عن وجهه وقال‪ :‬يا‬
‫أيها الناس؛ً ممن عرفنى فقد عرفنى‪ ً،‬وممن لم يعرفنى فأنا جندب من جنادة البدرى أبو ذر الغفارى‪ً،‬‬
‫سمعيت رسول ال صلى ال عليه وسلم بهاتين وإل صمتا‪ ً،‬ورأيته بهاتين وإل عميتا يقول‪:‬‬
‫"على قائد البررة‪ ً،‬وقاتل الكفرة‪ ً،‬ومنصور ممن نصره‪ ً،‬ومخذوفل ممن خذله"‪ ً،‬أما إنى صلييت مع رسول‬ ‫و‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يوما من اليام صلة الظهر فسأل سائل فى المسجد فلم يعطه أحد شيئا‪ ً،‬فرفع‬
‫السائل يده إلى السماء فقال‪ :‬الرلهم إنى سألت فى مسجد رسول ال فلم يعطنى أحد شيئا‪ ً،‬وكان علسى‬
‫راكعا فآوى بخنصره اليمنى إليه ‪ -‬وكان يتختم فيها ‪ -‬فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره‪ ً،‬وذلك‬
‫بعين رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فلما فرغا النبى من صلته رفع رأسه إلى السماء فقال‪ :‬الرلهم إن‬
‫صهدرريِ * مومييسهر رليي أمهمرريِ * موٱهحليهل يعهقمدلة يمن ليمسارني * ميهفمقيهوها‬ ‫أخى موسى سألك فقال‪} :‬مريب ٱهشمرهح رلي م‬
‫مقهورلي * موٱهجمعل يلي مورزيرا يمهن أمههرلي * مهايرومن أمرخي* ٱهشيدهد ربره أمهزرريِ *موأمهشررهكيه رفيي أمهمرريِ{ُ فيأنرزلت عليه‬
‫صيلومن إرملهييكمما{ُ‪ ً،‬اللريهم وأنا محمد نبيك‬ ‫ل مي ر‬ ‫ضمدمك ربمأرخيمك مومنهجمعيل مليكمما يسهلمطانا مف م‬
‫قرآنا ناطقا‪} :‬مسمنيشسد مع ي‬
‫وصفيك‪ ً،‬الرلهم فاشرح لى صدرى‪ ً،‬ومييسر لى أمرى‪ ً،‬واجعل لى وزيرا من أهلى‪ ً،‬عليا أشدد به ظهرى‪.‬‬
‫قال أبو ذر‪ :‬فوالر ما استتم رسول ال صلى ال عليه وسلم الكلمة حتى نزل عليه جبريل من عند ربه‬
‫فقال‪ :‬يا محمد؛ً اقرأ‪ ً،‬قال‪ :‬وما أقرأ؟ قال اقرأ‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسويليه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ‪..‬‬
‫وروى هذا الخبر أبو إسحاقا الثعلبى فى تفسيره بهذا السناد بعينه‪ ً،‬وروى أبو بكر الرازى فى كتاب‬
‫أحكام القرآن ‪ -‬على ما حكاه المغربى عنه‪ ً،‬والرمانى‪ ً،‬والطبرى أنها نزلت فى علسى حين تصردقا‬
‫بخاتمه وهو راكع‪ ً،‬وهو قول مجاهد والسدى‪ .‬والمروى عن أبى جعفر وأبى عبد ال وجميع علماء أهل‬
‫البيت‪.‬‬
‫وقال الكلينى‪ :‬نزلت فى عبد ال بن سلم وأصحابه لما أسلموا فقطعت اليهود موالتهم فنزلت الية‪.‬‬
‫وفى رواية عطاء قال عبد ال بن سلم‪ :‬يا رسول ال؛ً أنا رأيت عليا تصردقا بخاتمه وهو راكع فنحن‬
‫نتوله‪.‬‬
‫وقد رواه السيد أبو الحمد أبى القاسم الحسكانى بالسناد المتصل المرفوع إلى أبى صالح أبى الصلح‬
‫عن ابن عباس قال‪ :‬أقبل عبد ال بن سلم ومعه نفر من قومه ممن آمنوا بالنبى صلى ال عليه وسلم‬
‫فقالوا‪ :‬يا رسول ال؛ً إن منازلنا بعيدة‪ ً،‬وليس لنا مجلس ول متحدث دون هذه المجالس‪ .‬وإن قومنا لما‬
‫رأونا آمنا بال ورسوله وصردقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن ل يجالسونا ول يناكحونا ول يكلمونا‬
‫فشقا ذلك علينا‪ ً،‬فقال لهم النبى صلى ال عليه وسلم‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬ثم إن النبى‬
‫خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع‪ ً،‬فبصر بسائل‪ ً،‬فقال النبى صلى ال عليه وسلم‪ :‬هل أعطاك‬
‫أحد شيئا؟ فقال‪ :‬نعم‪ ً،‬خاتم من فضة‪ ً،‬فقال النبى‪ :‬من أعطاكه؟ قال‪ :‬ذلك القائم ‪ -‬وأومأ بيده إلى علسى ‪-‬‬
‫فقال النبى صلى ال عليه وسلم‪ :‬على أى حال أعطاكه؟ قال‪ :‬أعطانى وهو راكع‪ ً،‬فكربر النبى ثم قرأ‪:‬‬
‫}موممن ميمتمورل ٱلرلمه مومريسولميه موٱرلرذيمن آممينوها مفرإرن رحهزمب ٱلرلره يهيم ٱهلمغارليبومن{ُ‪ ..‬فأنشأ حسان بن ثابت يقول فى ذلك‪:‬‬

‫*أبا حسن تفديك نفسى ويمهجتى * وكل بطئ فى الهدى ومسارع*‬


‫*أيذهب مدحيك المحبر ضائعا * وما المدح فى جنب الله بضائع*‬
‫فأنت الذى أعطيت إذ كنت رائعا * زكاة فدتك النفس يا خير راكع*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فأنزل فيك ال خير ولية * وثبتها ثبت الكتاب الشرائع*‬
‫وفى حديث إبراهيم بن الحكم بن ظهير‪ :‬أن عبد ال بن سلم أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم مع‬
‫رهط من قومه يشكو إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ما لقوا من قومهم‪ ً،‬فبينا هم يشكون إذ نزلت‬
‫هذه الية‪ ً،‬وأرذن بلل فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى المسجد وإذا بمسكين يسأل‪ ً،‬فقال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬ماذا أهعرطيمت؟ قال‪ :‬خاتم من فضة‪ ً،‬قال‪ :‬ممن أعطاكه؟ قال‪ :‬ذلك القائم‪ .‬فإذا هو علسى‪.‬‬
‫قال‪ :‬على أى حال أعطاكه؟ قال‪ :‬أعطانى وهو راكع‪ ً،‬فكربر رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال‪} :‬موممن‬
‫ميمتمورل ٱلرلمه مومريسومليه‪..ُ{..‬‬
‫ثم شرح المعنى فقال‪" :‬ثم برين تعالى ممن له الولية على الخلقا والقيام بأمرهم‪ ً،‬ويجب طاعته عليهم‪ً،‬‬
‫فقال‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه{ُ‪ ..‬أى الذى يتولى مصالحكم ويحققا تدبيركم هو ال تعالى‪ ً،‬ورسوله يفعله‬
‫لمة{ُ بشرائطها‪}ً،‬مويهؤيتومن ٱلرزمكامة{ُ أى‬ ‫صم‬ ‫بأمره‪} :‬موٱرلرذيمن آممينوها{ُ‪ ..‬ثم وصف الذين آمنوا فقال‪} :‬يرقييمومن ٱل ر‬
‫ويعطون الزكاة }مويههم مراركيعومن{ُ أى فى حال الركوع‪ .‬وهذه الية من أوضح الدللة على صحة إمامة‬
‫علسى بعد النبى صلى ال عليه وسلم بل فصل‪ .‬والوجه فيه‪ :‬أنه إذا ثبت أن لفظة‪} :‬مورلسييكيم{ُ فى الية تفيد‬
‫ممن هو أولى بتدبير أموركم ويجب طاعته عليكم‪ ً،‬وثبت أن المراد بـ }ٱرلرذيمن آممينوها{ُ علسى‪ ً،‬ثبت النص‬
‫صوا‬ ‫عليه بالمامة ووضح‪ .‬والذى يدل على الول هو الرجوع إلى السلغة‪ .‬فمن تأملها علم أن القوم من س‬
‫على ذلك‪ ً،‬وقد ذكرنا قول أهل السلغة فيه قبل فل وجه لعادته‪ .‬وإن الذى يدل على أنها فى الية تفيد‬
‫ذلك دون غيره‪ ً،‬أن لفظه }إررنمما{ُ على ما تقدم ذكره تفيد التخصيص ونفى الحكم عمن عدا المذكور‪ ً،‬كما‬
‫يقولون‪ :‬إنما الفصاحة للجاهلية‪ ً،‬ويعنون نفى الفصاحة عن غيرهم‪ .‬وإذا تقرر هذا لم يجز حمل لفظة‬
‫"الوالى" على الموالة فى الدين والمحبة‪ ً،‬لنه ل تخصيص فى هذا المعنى لمؤمن دون مؤمن آخر‪ً،‬‬
‫ضيههم أمهورلميآيء‬
‫والمؤمنون كلهم مشتركون فى هذا المعنى‪ ً،‬كما قال سبحانه‪} :‬موٱهليمهؤرمينومن موٱهليمهؤرممنارت مبهع ي‬
‫ضِ{ُ‪ ..‬وإذا لم يجز حمله على ذلك لم يبمقا إل الوجه الخر وهو التحقيقا بالمور‪ ً،‬وما يقتضى فرضِ‬ ‫مبهع هَ‬
‫الطاعة على الجمهور‪ ً،‬لنه ل محتمل للفظ إل الوجهان‪ ً،‬فإذا بطل أحدهما ثبت الخر‪ ً،‬والذى يدل على‬
‫أن المعنى بـ }ٱرلرذيمن آممينوها{ُ هو علسى؛ً الرواية الواردة من طريقا العامة والخاصة بنزول الية يه لما‬
‫تصردقا بخاتمه فى حال الركوع‪ ً،‬وقد تقدم ذكرها‪ ً،‬وأيضا فإن كل ممن قال‪ :‬إن المراد بلفظة "ولى" ما‬
‫يرجع إلى فرضِ الطاعة والمامة‪ ً،‬ذهب إلى أنه هو المقصود بالية والمنفرد‪ ً،‬ول أحد من المة يذهب‬
‫إلى أن هذه اللفظة تقتضى ما ذكرنا ويذهب إلى أن المعنرىى بها سواه‪ ً،‬وليس لحد أن يقول‪ :‬إن لفظة‬
‫}ٱرلرذيمن آممينوها{ُ لفظ جمع فل يجوز أن يتوجه إليه على النفراد‪ ً،‬وذلك أن أهل اللغة قد ييعيبرون بلفظ‬
‫الجمع عن الواحد على سبيل التفخيم والتعظيم‪ ً،‬وذلك أشهر فى كلمهم من أن يحتاج إلى الستدلل‬
‫عليه‪ .‬وليس لهم أن يقولوا‪ :‬إن المراد بقوله‪} :‬مويههم مراركيعومن{ُ‪ ً،‬أن هذه شيمتهم وعادتهم ول يكون حا ل‬
‫ل‬
‫لمة{ُ‪ ً،‬قد دفع فيه الركوع‪ ً،‬فلو لم يحمل قوله‪} :‬مويههم مراركيعومن{ُ‬ ‫صم‬ ‫ليتاء الزكاة‪ ً،‬وذلك لن قوله‪} :‬يرقييمومن ٱل ر‬
‫على أنه حال من }مويهؤيتومن ٱلرزمكامة{ُ أى ويعطون الزكاة{ُ‪ ً،‬وحملناه على من صفتهم الركوع‪ ً،‬كان ذلك‬
‫كالتكرار غير المفيد‪ ً،‬والتأويل المفيد أولى من البعيد الذى ل يفيد‪ .‬ووجه آخر فى الدللة على أن الولية‬
‫فى الية مختصة‪ ً،‬أنه قال‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه{ُ فخاطب جميع المؤمنين‪ ً،‬ودخل فى الخطاب النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم وغيره‪ ً،‬ثم قال‪} :‬مومريسولييه{ُ فأخرج النبى صلى ال عليه وسلم من جملتهم لكونهم مضافين‬
‫إلى وليته‪ ً،‬ثم قال‪} :‬موٱرلرذيمن آممينوها{ُ فوجب أن يكون الذى خوطب بالية هو الذى يجرعملت له الولية وإل‬
‫أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه‪ ً،‬وإلى أن يكون كل واحد من المؤمنين ولى نفسه‪ً،‬‬
‫وذلك محال‪ .‬واستيفاء الكلم فى هذا الباب يطول به الكتاب وممن أراده فليطلبه من مظانه‪"...‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ول شك أن هذه محاولة فاشلة‪ ً،‬فإن حديث تصدقا علسى بخاتمه فى الصلة ‪ -‬وهو محور الكلم ‪-‬‬
‫حديث موضوع ل أصل له‪ ً،‬وقد تكفل العلمة ابن تيمية بالرد على هذه الدعوى فى كتابه منهاج السسرنة‬
‫)الجزء الرابع ص ‪.(9 - 3‬‬
‫* عصمة الئمة‪:‬‬
‫ولما كان الطبرسى يدين بعصمة الئمة فإرنا نراه عند تفسيره لقوله تعاتلى فى الية ]‪ [33‬من سورة‬
‫الحزاب‪} ً،‬إررنمما يررييد ٱللريه رليهذرهمب معنيكـيم ٱليرهجمس أمههمل ٱهلمبهيرت مويمطيهمريكهم متهطرهيـرا{ُ‪ ..‬يحاول محاولة جدية‬
‫أن يقصر أهل البيت على النبى صلى ال عليه وسلم وعلسى وفاطمة والحسن والحسين‪ ً،‬ليصل من وراء‬
‫ذلك إلى أن الئمة معصومون من جميع القبائح كالنبياء سواء بسواء‪ ً،‬فلهذا يقول بعد ما سرد من‬
‫الروايات ما يشهد له بالقصر الذى يريده‪ ..." :‬والروايات فى هذا كثيرة من طريقا العامة والخاصة‪ ً،‬لو‬
‫تصدينا ليرادها لطال الكلم‪ ً،‬وفيما أوردناه كفاية‪ ..‬واستدلت الشيعة على اختصاص الية بهؤلء‬
‫الخمسة بأن قالوا‪ :‬إن لفظة }إررنمما{ُ محققة لما يأثبت بعدها‪ ً،‬نافية لما لم يثبت‪ ً،‬فإن قول القائل‪ :‬إنما لك‬
‫عندى درهم‪ ً،‬وإنما فى الدار زيد‪ ً،‬يقتضى أنه ليس عندى سوى الدرهم‪ ً،‬وليس فى الدار سوى زيد‪ .‬وإذا‬
‫تقرر هذا فل تخلو الرادة فى الية أن تكون هى الرادة المحضة‪ ً،‬أو الرادة التى يتبعها التطهير‬
‫وإذهاب الرجس‪ ً،‬نول يجوز الوجه الول‪ ً،‬لن ال تعالى قد أراد من كل يمكرلف هذه الرادة المطلقة‪ ً،‬فل‬
‫اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلقا‪ ً،‬ولن هذا القول يقتضى المدح والتعظيم لهم بغير شك‬
‫وشبهة‪ ً،‬ول مدح فى الرادة المجردة‪ ً،‬فثبت الوجه الثانى‪ ً،‬وفى ثبوته ثبوت عصمة الئمة بالية من‬
‫جميع القبائح‪ .‬وقد علمنا أن ممن عدا ممن ذكرنا من أهل البيت غير مقطوع على عصمته‪ ً،‬فثبت أن الية‬
‫مختصة بهم لبطلن تعلقها بغيرهم‪ .‬ومتى قيل‪ :‬إن صدر الية وما بعدها فى الزواج‪ ً،‬فالقول فيه‪ :‬إن‬
‫هذا لينكره ممن عرف عادة الفصحاء فى كلمهم‪ ً،‬فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه‪ً،‬‬
‫والقرآن من ذلك مملوء وكذلك كلم العرب وأشعارهم"‪.‬‬
‫فأنت ترى أن الطبرسى يحاول من وراء هذا الجدل العنيف أن يثبت عمصة الئمة‪ ً،‬وهى عقيدة فاسدة‬
‫يؤمن بها هو و ممن على شاكلته من المامية الثنا عشرية‪ ً،‬ول شك أن هذا تحكم فى كلم ال تعالى‬
‫دفعه إليه الهوى وحمله عليه تأثير المذهب‪* * .‬‬
‫* الرجعة‪:‬‬
‫ولما كان الطبرسى يقول بالرجعة‪ ً،‬فإرنا نراه عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [56‬من سورة البقرة‪} :‬يثرم‬
‫مبمعهثمنايكم يمن مبهعرد ممهورتيكهم لممعلريكهم متهشيكيرومن{ُ يقول ما نصه‪ .." :‬واستدل قوم من أصحابنا بهذه الية على‬
‫جواز الرجعة‪ .‬وقول من قال‪ :‬إن الرجعة ل تجوز إل فى زمن النبى لتكون معجزة له دللة على نبوته‬
‫باطل‪ ً،‬لن عندنا ‪ -‬بل عند أكثر المة ‪ -‬يجوز إظهار المعجزات على أيدى الئمة والولياء‪ ً،‬والدلة‬
‫على ذلك مذكورة فى كتب الصول‪"....‬‬
‫**‬
‫* المهدى‪:‬‬
‫والطبرسى يدين بالمهدى‪ ً،‬ويعتقد أنه اختفى وسيرجع فى آخر الزمان‪ ً،‬وقد تأثر بهذه العقيدة‪ ً،‬فنجده عند‬
‫صلمة مومرما‬‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة البقرة‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب مويرقييمومن ٱل ر‬
‫مرمزهقمنايههم يهنرفيقومن{ُ يذكر القوال الواردة فى المعنى المراد بـ "الغيب"‪ ً،‬وينقل فى جملة ما ينقل من‬
‫القوال‪ :‬أن ابن مسعود وجماعة من الصحابة فرسروا الغيب بما غاب عن العباد علمه‪ .‬ثم يقول‪" :‬وهذا‬
‫أولى لعمومه‪ ً،‬ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من زمان غيبة المهدى ووقت خروجه"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* التقرية‪:‬‬
‫ولما كان الطبرسى يقول بمبدأ التقرية‪ ً،‬فإرنا نجده يستطرد إلى الكلم فيها ويؤيد مذهبه عندما فرسر قوله‬
‫ل ميرترخرذ ٱهليمهؤرمينومن ٱهلمكارفرريمن أمهورلميآمء رمن يدورن ٱهليمهؤرمرنيمن موممن‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة آل عمران‪ } :‬ر‬
‫ل مأن مترتيقوها رمهنيههم يتمقالة{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬فيقول‪" :‬من اتخذ الكافرين أولياء من‬ ‫ميهفمعهل ـذرلمك مفملهيمس رممن ٱلرلره رفي مشهيهَء إر ر‬
‫دون المؤمنين فليس من ال فى شئ‪ ً،‬أى ليس هو من أولياء ال‪ ً،‬وال برئ منه‪ ً،‬وقيل‪ :‬ليس هو من‬
‫ل مأن مترتيقوها رمهنيههم يتمقالة{ُ‪..‬‬
‫ولية ال تعالى فى شئ‪ .‬وقيل‪ :‬ليس من دين ال فى شئ‪ .‬ثم استثنى فقال‪} :‬إر ر‬
‫والمعنى‪ :‬إل أن يكون الكفار غالبين والمؤمنون مغلوبين فيخافهم المؤمن إن لم ييظهر موافقتهم ولم‬
‫ييحسن الرعهشرة معهم‪ ً،‬فعند ذلك يجوز له إظهار موردتهم بلسانه‪ ً،‬ومداراتهم متقرية منهم ودفعا عن نفسه من‬
‫غير أن يعتقد ذلك‪ .‬وفى هذه الية دللة على أن التقرية جائزة فى الدين عند الضرورة‪ ً،‬وربما وجبت‬
‫فيها لضرب من اللطف والستصلح وليس تجوز من الفعال فى قتل المؤمن‪ ً،‬ول فيما ييعلم أو يغلب‬
‫على الظن أنه استفساد فى الدين‪.‬‬
‫قال المفيد‪ :‬إنها قد تجب أحيانا وتكون فرضا‪ ً،‬وتجوز أحيانا من غير وجوب‪ ً،‬وتكون فى وقت أفضل‬
‫ل عليه بترك اللوم‬ ‫من تركها‪ ً،‬وقد يكون تركها أفضل وإن كان فاعلها معذورا أو معفوا عنه متفض ل‬
‫عليها‪.‬‬
‫وقال الشيخْ أبو جعفر الطوسى‪ :‬وظاهر الروايات يدل على أنها واجبة عند الخوف على النفس‪ ً،‬وقد‬
‫روى يرهخصته فى جواز الفصاح بالحقا عنده‪ ً،‬وروى الحسن‪ :‬أن مسليمة الكرذاب أخذ رجلين من‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فلقال لحدهما‪ :‬أتشهد أرن محمدا رسول ال؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫أفتشهد أنى رسول ال؟ قال‪ :‬نعم‪ ً،‬ثم دعا بالخر فقال‪ :‬أتشهد أرن محمدا رسول ال؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫أفتشهد أنى رسول ال؟ قال‪ :‬إنى أصم‪ ..‬قالها ثلثا‪ ً،‬كل ذلك يجيبه بمثل الول‪ ً،‬فضرب عنقه‪ ً،‬فبلغ ذلك‬
‫رسول ال فقال‪ :‬أما ذلك المقتول فمضى على صدقه ويقينه‪ ً،‬وأخذ بفضله فهنيئا له‪ ً،‬وأما الخر فقبل‬
‫يرهخصة ال فل تبعة عليه‪ ً،‬فعلى هذا تكون التقرية يرهخصة والفصاح بالحقا فضيلة"‪.‬‬
‫**‬
‫* تأثر الطبرسى بفقه الشيعة فى تفسيره‪:‬‬
‫ونجد الطبرسى فى تفسيره يتأثر بفقه المامية الثنا عشرية وآرائهم الجتهادية‪ ً،‬فنراه يستشهد بكثير من‬
‫اليات علىصحة مذهبه‪ ً،‬أو يرد استدلل مخالفيه بآيات القرآن على مذابهم‪ ً،‬وهو فى استدلله‪ ً،‬ورده‪ً،‬‬
‫ودفاعه‪ ً،‬وجدله‪ ً،‬عنيف كل العنف‪ ً،‬قوى إلى حد بعيد‪ ً،‬بحيث يخيل لغير المدققا الخبير أن الحقا بجانبه‪ً،‬‬
‫والباطل بجانب من يخالفه‪ * .‬نكاح المتعة‪:‬‬
‫ل نجد المامية الثنا عشرية يقولون بجواز نكاح المتعة‪ ً،‬ول يعترفون بنسخه كغيرهم من المسلمين‪ً،‬‬ ‫فمث ل‬
‫فلهذا حاول الطبرسى ‪ -‬وهو واحد منهم ‪ -‬أن يأخذ هذا المذهب بدليله من كتاب ال تعالى؛ً فعندما فرسر‬
‫ل مما‬‫صمنايت رممن ٱلينمسآرء إر ر‬ ‫قوله تعالى؛ً فعندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [24‬من سورة النساء‪} :‬موٱهليمهح م‬
‫صرنيمن مغهيمر يممسارفرحيمن مفمما‬ ‫ممملهكمت أمهيمماينيكهم ركمتامب ٱلرلره معملهييكهم موأيرحرل مليكهم رما مومرامء مذرليكهم مأن متهبمتيغوها ربمأهمموارليكهم سمهح ر‬
‫ضلة{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن‬ ‫ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن أييجومريهرن مفرري م‬
‫ضلة{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬قيل‪ :‬المراد بالستمتاع هنا درك البغية والمباشرة وقضاء الوطر من الرلذة‪..‬‬ ‫أييجومريهرن مفرري م‬
‫عن الحسن ومجاهد وابن زيد‪ .‬فمعناه على هذا‪ :‬فما استمتعتم وتلذذتم من النساء بالنكاح فآتوهن‬
‫مهورهن‪ .‬وقيل‪ :‬المراد نكاح المتعة‪ ً،‬وهو النكاح المنعقد بمهر معرين إلى أجل معلوم‪ ..‬عن ابن عباس‬
‫والسدى وابن سعيد وجماعة من التابعين‪ ً،‬وهو مذهب أصحابنا المامية‪ ً،‬وهو الواضح‪ ً،‬لن أصل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الستمتاع والتمتع وإن كان فى الصل واقعا على النتفاع واللتذاذ فقد صار يبهعرف الشرع مخصوصا‬
‫بهذا العقد‪ ً،‬ول سيما إذا أضيف إلى النساء‪ ً،‬فعلى هذا يكون معناه‪ :‬فمتى عقدتم عليهن هذا العقد المسمى‬
‫يمتعة فآتوهن يأجورهن‪ ً،‬ويدل على ذلك أن ال عرلقا وجوب إعطاء المهر بالستمتاع وذلك يقتضى أن‬
‫يكون معناه هذا العقد المخصوص دون الرجماع والستلذاذ‪ ً،‬لن المهر ل يجب إل به‪ .‬هذا‪ ً،‬وقد روى‬
‫عن جماعة من الصحابة منهم أيمبسى بن كعب‪ ً،‬وعبد ال بن عباس‪ ً،‬وعبد ال بن مسعود‪ :‬أنهم قرأوا‪" :‬فم‬
‫استمتعتم به منهن إلى أجل يمسرمى فآتوهن يأجورهن"‪ ..‬وفى ذلك تصريح بأن المراد به عقد المتعة‪ .‬وقد‬
‫أورد الثعلبى فى تفسيره عن حبيب بن أبى ثابت قال‪ :‬أعطانى ابن عباس مصحفا فقال‪ :‬هذا على قراءة‬
‫بى‪ ً،‬فرأيت فى المصحف‪" :‬فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسرمى"‪ .‬وبإسناده عن أبى نضرة قال‪ :‬سألت‬ ‫أيم س‬
‫ابن عباس عن المتعة فقال‪ :‬أما تقرأ سورة النساء؟ فقلت‪ :‬بلى‪ ً،‬فقال‪" :‬فما استمتعتم به منهن إلى أجل‬
‫يمس رمى"‪ ً،‬قلت‪ :‬ل أقرؤها هكذا‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬والر هكذا أنزلها ال تعالى )ثلث مرات(‪ .‬وبإسناده عن‬
‫سعيد بن جبير أنه قرأ‪" :‬فما استمتعتم به منهن إلى أجل يمسرمى"‪ .‬وبإسناده عن شعبة بن الحكم بن عيينة‬
‫قال‪ :‬سألته عن هذه الية‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن{ُ أمنسوخة هى؟ قال‪ :‬قال الحكم‪ :‬قال علسى بن أبى‬
‫طالب‪ :‬لول أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إل شفى‪ .‬وبإسناده عن عمران بن الحصين قال‪ :‬نلزت آية‬
‫المتعة فى كتال ال تعالى ولم تنزل آية بعدها تنسخها‪ ً،‬فأمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم وتمتعنا‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ومات ولم ينهنا عنها‪ ً،‬فقال بعد رجل برأيه ما شاء‪ .‬ومما أورده‬
‫مسلم بن الحجاج فى الصحيح قال‪ :‬حدثنا الحسن الحلوانى‪ ً،‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرزاقا‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنا ابن‬
‫جريج‪ ً،‬قال‪ :‬قال عطاء‪ :‬قدم جابر ابن عبد ال معتمرا فجئناه فى منزله‪ ً،‬فسأله القوم عن أشياء‪ ً،‬ثم‬
‫ذكروا المتعة‪ ً،‬فقال‪ :‬استمتعنا على عهد رسول ال وأبى بكر وعمر‪.‬‬
‫ومما يدل أيضا على أن لفظ الستمتاع فى الية ل يجوز أن يكون المراد به النتفاع والجماع‪ ً،‬أنه لو‬
‫كان كذلك لوجب أن ل يلزم شئ من المهر من ل ينتفع من المرأة بشئ‪ ً،‬وقد علمنا أن لو طرلقها قبل‬
‫الدخول لزم نصف المهر‪ ً،‬ولو كان المراد به النكاح الدائم لوجب للمرأة بحكم الية جميع المهر بنفس‬
‫ضلة{ُ أى مهورهن‪ ً،‬ول خلف فى أن ذلك غير واجب‪ ً،‬وإنما‬ ‫العقد‪ ً،‬لنه قال‪} :‬مفآيتويهرن أييجومريهرن مفرري م‬
‫يجب الجر بكماله بنفس العقد فى نكاح المتعة‪.‬‬
‫ومما يمكن التعلقا به فى هذه المسألة‪ ً،‬الرواية المشهورة عن عمر بن الخطاب أنه قال‪ :‬متعتان كانتا‬
‫على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم حللل‪ ً،‬أنا أنهى عنهما ويأعاقب عليهما‪ ً،‬فأخبر بأن هذه المتعة‬
‫كانت على عهد رسول ال وأضاف النهى عنها إلى نفسه بضرب من الرأى‪ ً،‬فلو كان النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم نسخها أو نهى عنها أو أباحها فى وقت مخصوص دون غيره لضاف التحريم إليه دون‬
‫نفسه‪ .‬وأيضا فإنه قرن بين متعة الحج ومتعة النساء فى النهى‪ ً،‬ول خلف فى أن متعة الحج غير‬
‫ل يجمنامح معلمهييكهم رفيمما متمرا م‬
‫ضهييتهم‬ ‫منسوخة ول محررمة‪ ً،‬فوجب أن يكون حكم متعة النساء حكمها‪ .‬وقوله‪} :‬مو م‬
‫ربره رمن مبهعرد ٱهلمفرري مضرة{ُ‪ ..‬من قال إن المراد بالستمتاع النتفاع والجماع‪ ً،‬قال‪ :‬المراد به‪ :‬ول حرج ول‬
‫إثم عليكم فيما تراضيتم به من زيادة مهر ونقصانه‪ ً،‬أو حط‪ ً،‬أو إبراء‪ ً،‬أو تأخير‪ .‬وقال السدى‪ :‬معناه‪:‬‬
‫ل يجناح عليكم فيما تراضيتم به من استئناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الجل المضروب فى عقد‬
‫المتعة‪ ً،‬يزيدها الرجل فى الخر وتزيده فى المدة‪ ً،‬وهذا قول المامية وتظاهرت به الروايات عن‬
‫أئمتهم‪"..‬‬
‫* فرضِ الررهجملين فى الوضوء‪:‬‬
‫كذلك يقول الطبرسى ‪ -‬كغيره من علماء مذهبه ‪ -‬بأن المسح هو فرضِ الررهجلين فى الوضوء‪ ً،‬فلهذا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫نراه يجادل بكل قوة‪ ً،‬ويدافع عن مذهبه وينصره بأدلة إن درلت على شئ فهو قوة عقلية هذا الرجل‬
‫وسعة ذهنه وكثرة اطلعه‪ ً،‬فعندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها‬
‫صلرة فٱِهغرسيلوها يويجومهيكهم موأمهيردمييكهم إرملى ٱهلمممرارفرقا موٱهممسيحوها ربيريؤورسيكهم موأمهريجلميكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪..‬‬
‫إرمذا يقهميتهم إرملى ٱل ر‬
‫يقول ما نصه‪} :‬موأمهريجمليكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ..‬خيترلمف فى ذلك‪ ً،‬فقال جمهور الفقهاء‪ :‬إن فرضهما الغسل‪.‬‬
‫وقالت المامية‪ :‬فرضهما المسح دون غيره‪ ً،‬وبه قال رعكرمة‪ .‬وقد روى القول بالمسح عن جماعة من‬
‫الصحابة والتابعين‪ ً،‬كابن عباس‪ ً،‬وأنس وأبى العالية والشعبى‪ .‬وقال الحسن البصرى بالتخيير بين‬
‫المسح والغسل‪ ً،‬وإليه ذهب الطبرى والجبائى إل أنهم قال‪ :‬يجب مسح جميع القدمين ول يجوز‬
‫القتصار على مسح ظاهر القدم‪ .‬قال ناصر الحقا من جملة أئمة الزيدية‪ :‬يجب الجمع بين المسح‬
‫والغسل‪ .‬وروى عن ابن عباس أنه وصف وضوء رسول ال فمسح على رجليه‪ .‬وروى عنه أنه قال‪:‬‬
‫إن فى كتاب ال المسح‪ ً،‬ويأبى الناس إل الغسل‪ .‬وقال‪ :‬الوضوء غسلتان ومسحتان‪ .‬وقال قتادة‪ :‬فرضِ‬
‫ال غسلتين ومسحتين‪ .‬وروى ابن يعلية‪ ً،‬عن حميد‪ ً،‬عن موسى ابن أنس‪ :‬أنه قال لنس ونحن عنده‪ :‬إن‬
‫المح رجاج خطبنا بالهواز فذكر الطهر فقال‪ :‬اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم‪ ً،‬وإنه ليس شئ‬
‫من بنى آدم أقرب من خبثه من قدميه‪ ً،‬فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقبهما‪ ً،‬فقال أنس‪ :‬صدقا ال‬
‫وكذب المحرجاج‪ ً،‬قال تعالى‪} :‬موٱهممسيحوها ربيريؤورسيكهم موأمهريجمليكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ..‬قال فكان أنس إذا مسح قدميه‬
‫ل‪ ً،‬ويلغى‬ ‫برلهما‪ .‬وقال الشعبى‪ :‬نزل جبريل عليه السلم بالمسح‪ .‬وقال‪ :‬إن فى التميم يمسح ما كان غس ل‬
‫ما كان مسحا‪ .‬وقال يونس‪ :‬حدثنى ممن صحب عكرمة إلى واسط‪ .‬قال‪ :‬فما رأيته غسل رجليه‪ ً،‬إنما كان‬
‫صى‪ ً،‬فمن ذلك ما روى‬ ‫يمسح عليهما ‪ -‬وأما ما يروى عن سادة أهل البيت فى ذلك فأكثر من أن ييح م‬
‫الحسين بن سعيد الهوازى‪ ً،‬عن فضالة‪ ً،‬عن حماد بن عثمان‪ ً،‬عن غالب بن هذيل قال‪ :‬سألت أبا جعفر‬
‫عن المسح على رجلين فقال‪ :‬هو الذى نزل به جبريل‪ .‬وعنه عن أحمد ابن محمد قال‪ :‬سألت أبا الحسن‬
‫موسى بن جعفر عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضح بكفه على الصابع ثم مسحهما إلى الكعبين‪ً،‬‬
‫ل قال بأصبعين من أصابعه هكذا إلى الكعبين؟ قال‪ :‬ل‪ ً،‬إل بكفه كلها‪ .‬وأما وجه‬ ‫فقلت له‪ :‬لو أن رج ل‬
‫القراءتين فى }موأمهريجلميكهم{ُ فمن قال بالغسل حمل الجر فيه على أنه عطف على }ربيريؤورسيكهم{ُ‪ ً،‬وقال‪ :‬المراد‬
‫بالمسح هو الغسل‪ .‬وروى عن أبى زيد أنه قال‪ :‬المسح خفيف الغسل‪ ً،‬فقد قالوا‪ :‬تمرسحت للصلة‪ ً،‬وقوى‬
‫ذلك بأن التحديد إنما جاء فى المغسول ولم يجئ فى الممسوح‪ ً،‬فلما وقع التحديد فى المسح يعرلم أنه فى‬
‫حكم الغسل لموافقه الغسل فى التحديد‪ ً،‬وهذا قول ابن علسى الفارسى‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬هو خفضِ على جوار‪ ً،‬كما قالوا‪ :‬حجر ضب خرب‪ .‬وخرب من صفات الحجر ل‬
‫الضب‪ ً،‬وكما قال امرؤ القيس‪:‬‬
‫*كأن ثبيرا فى عرانين وبله * كبير أناس بجاد مزمل*‬
‫وقال الزرجاج‪ :‬إذا قرئ بالجر يكون عطفا على الرؤوس فيقتضى كونه ممسوحا‪ ً،‬ويذكر عن بعضِ‬
‫المسملف أنه قال‪ :‬نزل جبريل بالمسح‪ ً،‬والسسرنة فيه الغسل‪ .‬قال‪ :‬والخفضِ على الجوار ل يجوز فى كتاب‬
‫ال تعالى‪ ً،‬ولكن المسح على هذا التحديد فى القرآن كالغسل‪ .‬وقال الخفش‪ :‬هو معطوف على الرؤوس‬
‫فى اللفظ‪ ً،‬مقطوع فى المعنى‪ ً،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫*علفتها تبنا ومالء باردا*‬
‫أى‪ :‬وسقيتها مالء باردا‪.‬‬
‫وأما القراءة بالنصب‪ ً،‬فقالوا فيه‪ :‬إنه معطوف على }موأمهيردمييكهم{ُ لرنا رأينا فقهاء المصار عملوا على‬
‫الغسل دون المسح‪ ً،‬ولما روى أن النبى صلى ال عليه وسلم رأى قوما توضأوا وأعقابهم تلوح‪ .‬فقال‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫على الفارسى‪ ً،‬وأما من قال بوجوب مسح الرجلين‪ ..‬حمل الجر‬ ‫"ويل للعراقيب من النار"‪ .‬ذكره أبو ر‬
‫والنصب فى "أرجلكم" على ظاهره بدون تعسف‪ ً،‬فالجر للعطف على الرؤوس‪ ً،‬والنصب للعطف على‬
‫موضع الجار والمجرور‪ ً،‬وأمثال ذلك فى كلم العرب أكثر من أن يتحصى‪ .‬قالوا‪ :‬ليس فلن بقائم ول‬
‫ذاهبا‪ ً،‬وأنشد‪:‬‬
‫*معاوى إننا بشر فأسجح * فلسنا بالجبال ول الحديدا*‬
‫وقال تأبط شرا‪:‬‬
‫*هل أنت باعث دينارا لحاجتنا * أو عبد رب أخا عون بن مخراقا*‬
‫ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫*جئنى بمثل بنى بدر لقومهم * أو مثل إخوة منظور بن سيار*‬
‫فإنه لما كان معنى "جئنى"‪ :‬هات وأحضر لى مثلهم‪ ً،‬عطف بالنصب على المعنى‪ ً،‬وأجابوا الرولين عما‬
‫ل من أن المراد‬ ‫ذكروه فى وجه الجر والنصب بأجوبة نوردها على وجه اليجاز‪ ..‬قالوا‪ :‬ما ذكروه أو ل‬
‫بالمسح الغسل فباطل من وجوه‪ :‬أحدها‪ :‬أن فائدة الرلفظين فى السلغة والشرع مختلفة‪ ً،‬وقد فررقا ال سبحانه‬
‫بين العضاء المغسولة وبين العضاء الممسوحة‪ ً،‬فكيف يكون معنى المسح والغسل واحدا؟‬
‫وثانيها‪ :‬أن الرجل إذا كان معطوفا على الرؤوس‪ ً،‬وكان الفرضِ فى الرؤوس المسح الذى ليس بغسل‬
‫بل خلف‪ ً،‬فيجب أن يكون حكم الرجل كذلك‪ ً،‬لن حقيقة العطف تقتضى ذلك‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أن المسح لو كان بمعنى الغسل لسقط استدللهم بما رووه عن النبى صلى ال عليه وسلم أنه‬
‫ل وفى هذا ما فيه‪.‬‬ ‫توضأ وغسل رجليه‪ ً،‬لن على هذا ل ينكر أن يكون مسحهما فسسموا المسح غس ل‬
‫فأما استشهاد أبى زيد بقولهم‪ :‬تمرسهحيت للصلة‪ ً،‬فالمعنى فيه‪ :‬أنهم لما أرادوا أن ييخبروا عن الطهور‬
‫ل من ذلك تمرسهحيت‪ً،‬‬ ‫بلفظ موجز ولم يجز أن يقولوا‪ :‬تغرسهليت للصلة‪ ً،‬لن ذلك تشبيه باليغسل‪ ً،‬قالوا بد ل‬
‫ل على أن المراد مفهوم‪ ً،‬وهذا ل يقتضى‬ ‫لن المغسول من العضاء ممسوح أيضا فتجروزوا لذلك تعوي ل‬
‫أن يكونوا جعلوا المسح من أسماء الغسل‪.‬‬
‫وأما ما قالوا فى تحديد طهاهرة الررهجلين فقد ذكر المرتضى فى الجواب عنه‪ :‬أن ذلك ل يدل على‬
‫الغسل‪ ً،‬وذلك لن المسح فعل قد أوجبته الشريعة كالغسل فل يينكر تحديده كتحديد الغسل‪ ً،‬ولو صررح‬
‫سبحانه وتعالى فقال‪ :‬وامسحوا أرجلكم وانتهوا بالمسح إلى الكعبين لم يكن منكرا‪ .‬فإن قالوا‪ :‬إن تحديد‬
‫اليدين لما اقتضىالغسل فكذلك تحديد الررجلين يقتضى الغسل‪ ً،‬قلنا‪ :‬إرنا لم نوجب الغسل فى اليدين‬
‫للتحديد بل للتصريح بغسلهما‪ ً،‬وليس كذلك فى الررجلين‪ ً،‬وإن قالوا‪ :‬عطف المحدود على المحدود وهى‬
‫معطوفة على الوجوه التى ليست فى الية محدودة‪ ً،‬فإذن جاز عطف الرجل وهى محدودة‪ ً،‬على‬
‫الرؤوس التى ليست بمحدودة‪ ً،‬وهذا أشبه مما ذكرتموه‪ ً،‬لن الية تضمنت ذكر عضو مغسول غير‬
‫محدود وهو الوجه‪ ً،‬وعطف عضو محدود مغسول عليه‪ ً،‬ثم استؤنف ذكر عضو ممسوح غير محدود‪ً،‬‬
‫فيجب أن يكون "أرجل" ممسوحة محدودة معطوفة على الرؤوس دون غيره‪ .‬ليتقابل الجملتان فى عطف‬
‫مغسول محدود على مغسول غير محدود‪ ً،‬وعطف ممسوح محدود على ممسوح غير محدود‪.‬‬
‫وأما ممن قال‪ :‬إنه عطف على الجوار‪ ً،‬فقد ذكرنا عن الزرجاج أنه لم ييجيوز ذلك فى القرآن‪ ً،‬وممن أجاز‬
‫ذلك فى الكلم فإنما يجوز مع فقد حرف العطف‪ ً،‬وكل ما استشهد به على العراب بالمجاورة فل‬
‫حرف فيه حائل بين هذا وذاك‪ .‬وأيضا فإن المجاورة إنما وردت فى كلمهم عند ارتفاع اللرهبس والمن‬
‫من الشتباه‪ ً،‬فإن أحدا ل يشتبه عليه أن "خربا" ل يكون من صفة الضب‪ ً،‬ولفظة "مزمل" ل يكون من‬
‫صفة البجاد‪ ً،‬وليس كذلك الرجل فإنها يجوز أن تكون ممسوحة كالرؤوس‪ .‬وأيضا فإن المحققين من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النحويين نفوا أن يكون العراب بالمجاورة جائزا فى كلم العرب‪ ً،‬وقالوا فى "حجر ضب خرب"‪ :‬إنهم‬
‫أرادوا خرب جحره‪ ً،‬فحذفوا المضاف الذى هو "جحر" وأقيم المضاف إليه وهو الضمير المجرور‬
‫مقامه‪ ً،‬وإذا ارتفع الضمير استكن فى "خرب" وكذلك القول فى "كبير أناس فى بجاد مزمل" فتقديره‪:‬‬
‫مزمل كبيره‪ ً،‬فبطل العراب بالمجاورة جملة‪ ً،‬وهذا واضح لمن تدبره‪.‬‬
‫وأما ممن جعله مثل قول الشاعر‪" :‬علفتها تبنا ومالء باردا" كأنه قردر فى الية‪ :‬واغسلوا أرجلكم‪ ً،‬فقوله‬
‫أبعد من الجميع‪ ً،‬لن مثل ذلك لو جاز فى كتاب ال تعالى ‪ -‬على ضعفه ويبهعده فى سائر الكلم ‪ -‬فإنما‬
‫يجوز إذا استحال حمله على ظاهر‪ ً،‬فأما إذا كان الكلم مستقيما ومعناه ظاهرا فكيف يجوز مثل هذا‬
‫التقدير الشاذ البعيد؟ وأما ما قاله أبو علسى فى القراءة بالنصب على أنه معطوف على اليدى‪ ً،‬فقد أجاب‬
‫عنه المرتضى بأن قال‪ :‬جعل التأثير فى الكلم للقريب أولى من جعله للبعيد‪ ً،‬فنصب الرجل عطفا‬
‫على الموضع أولى من عطفها على اليدى والوجوه‪ ً،‬على أن الجملة الولى المأمور فيها بالغسل قد‬
‫انقضت وبطل حكمها باستئناف الجملة الثانية‪ ً،‬ول يجوز بعد انقطاع حكم الجملة الولى أن تعطف على‬
‫ما فيها‪ ً،‬فإن ذلك يجرى مجرى قولهم‪ :‬ضربيت زيدا ومعهمرا‪ ً،‬وأكرميت خالدا وبكرا‪ ً،‬فإن رد بكر إلى‬
‫خالد فى الكرام هو الوجه فى الكلم ل يسوغا الذى سواه‪ ً،‬ول يجوز رده إلى الضرب الذى قد انقطع‬
‫حكمه‪ ً،‬ولو جاز ذلك أيضا لترجح ما ذكرناه لتطابقا معنى القراءتين ول تتنافيان‪.‬‬
‫فأما ما روى فى الحديث أنه قال‪" :‬ويل للعراقيب من النار"‪ ً،‬وغير ذلك من الخبار التى رووها عن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم أنه توضأ وغسل رجليه‪ ً،‬فالكلم فى ذلك أنه ل يجوز أن ييرجهع عن ظاهر‬
‫القرآن المعلوم بظاهر الخبار الذى ل يوجب علما وإنما يقتضى الظن‪ ً،‬على أن هذه الخبار معارضة‬
‫بأخبار كثيرة وردت من طرقهم ويورجدت فى كتبهم‪ ً،‬وينرقلت عن شيوخهم‪ ً،‬مثل ما روى عن أوس بن أبى‬
‫أوس أنه قال‪ :‬رأييت النبى صلى ال عليه وسلم يتوضأ ومسح على نعليه ثم قام فصرلى‪ ً،‬وعن حذيفة‬
‫قال‪ :‬أتى رسول ال سباطة قوم فبال عليها ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على قدميه‪ ً،‬وذكره أبو عبيدة فى‬
‫غريب الحديث‪ ...‬إلى غير ذلك مما يطول ذكره‪ .‬وقوله‪" :‬ويل للعراقيب من النار"‪ ً،‬فقد روى فيه أن‬
‫قوما من أجلف العراب كانوا يبولون وهم قيام‪ ً،‬فيتشرشر البول على أعقابهم وأرجلهم فل يغسلونها‪ً،‬‬
‫ويدخلون المسجد للصلة‪ ً،‬وكان ذلك سببا لهذا الوعيد‪..‬‬
‫وأما الكعبان فقد اخيترلف فى معناهما‪ ً،‬فعند المامية هما العظمان النابتان فى ظهر القدم عند معقد‬
‫الشراك‪ ً،‬ووافقهم فى ذلك محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة‪ ً،‬وإن كان يوجب غسل الرجلين إلى هذا‬
‫الموضع‪ .‬وقال جمهور المفسرين والفقهاء‪ :‬الكعبان هما عظما الساقين‪ ً،‬قالوا‪ :‬ولو كان كما قالوه لقال‬
‫سبحانه‪" :‬وأرجلكم إلى الكعاب" ولم يقل‪ :‬إلى الكعبين‪ ً،‬لن على ذلك القول يكون فى كل ررهجل كعبان"‪.‬‬
‫**‬
‫* نكاح الكتابيات‪:‬‬
‫ولما كان مذهب الطبرسى عدم جواز نكاح أهل الكتاب من اليهود والنصارى‪ ً،‬فإرنا نجده يتأثر بهذا‬
‫المذهب فيفيسر كلم ال على مقتضاه‪ ً،‬فنجده عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [221‬من سورة البقرة‪:‬‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن مو م‬
‫لممفة سمهؤرممنفة مخهيفر يمن سمهشررمكهَة{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول بعد ما تكلم عن السلغة‬ ‫}مو م‬
‫والعراب وسبب النزول‪" :‬لما تقدم ذكرا لمخاطبة برين تعالى من يجوز مخالطته بالنكاح فقال‪} :‬مو م‬
‫ل‬
‫متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ أى ل تزوجوا النساء الكافرات حتى يؤمسن ‪ -‬أى يصدقن بال ‪ -‬وهى عامة عندنا‬
‫فى تحريم مناكحه جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم‪ .‬وليست بمنسوخة ول مخصوصة‪ ً،‬فاختلفوا‬
‫فيه‪ ً،‬فقال بعضهم‪ :‬ل يقع اسم المشركات على أهل الكتاب‪ ً،‬وقد فصل ال بينهما فقال‪} :‬لمهم مييكرن ٱرلرذيمن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل ٱهليمهشررركيمن{ُ وعطف‬ ‫مكمفيروها رمهن أمههرل ٱهلركمتارب موٱهليمهشررركيمن{ُ‪ ً،‬و }رما ميموسد ٱرلرذيمن مكمفيروها رمهن أمههرل ٱهلركمتارب مو م‬
‫أحدهما على الخر‪ ً،‬فل نسخْ فى الية ول تخصيص‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬الية متناولة جميع الكفار‪ ً،‬والشرك ييطلقا على الكل‪ ً،‬وممن جحد نبوة نبينا محمد صلى ال‬
‫عليه وسلم فقد أنكر معجزته وأضافه إلى غير ذلك‪ ً،‬وهذا هو الشرك بعينه‪ ً،‬لن المعجزة شهادة من ال‬
‫له بالنبوة‪ .‬ثم اختلف هؤلء‪ :‬منهم من قال‪ :‬إن الية منسوخة فى الكتاب بالية التى فى المائدة‪:‬‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب{ُ‪ ..‬عن ابن عباس والحس ومجاهد ‪ -‬ومنهم من قال‪ :‬إنها‬ ‫}موٱهليمهح م‬
‫مخصوصة بغير الكتابيات‪ ..‬عن قتادة وسعيد بن جبير ‪ -‬ومنهم ممن قال‪ :‬إنها على ظاهرها فى تحريم‬
‫نكاح كل كافرة كتابية كانت أو مشركة‪ ..‬عن ابن عمر وبعضِ الزيدية وهو مذهبنا‪ ً،‬وسيأتى بيان آية‬
‫لممفة سمهؤرممنفة مخهيفر يمن سمهشررمكهَة{ُ‪ :‬معناه‪ :‬مملوكة مصيدقة مسلمة خير‬ ‫المائدة فى موضعها إن شاء ال‪} :‬مو م‬
‫من يحررة مشركة‪} ً،‬مولمهو أمهعمجمبيكهم{ُ‪ :‬معناه‪ :‬ولو أعجبتكم بمالها أو حسبها أو جمالها‪ ً،‬فظاهر هذا يدل على‬
‫ل{ُ‪...‬‬‫أنه يجوز نكاح المة المؤمنة فى وجود المطهول‪ ً،‬فأما قول ال تعالى‪} :‬موممن لرهم ميهسمترطهع رمنيكهم مطهو ل‬
‫ل يتهنركيحوها ٱهليمرشررركيمن محرتـى يهؤرمينوها{ُ معناه‪ :‬ول يترنكحوا‬ ‫الية‪ ً،‬فإنما هى على التنزيه دون التحريم‪} ً،‬مو م‬
‫النساء المسلمات جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حتى يؤمنوا‪ ً،‬وهذا يؤيد قول من يقول‪ :‬إن قوله‪:‬‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ يتناول جميع الكافرات‪ ً،‬وقوله‪} :‬موملمعهبفد سمهؤرمفن مخهيفر يمن سمهشررهَك{ُ‪ ً،‬أى عبد مصيدقا‬ ‫}مو م‬
‫مسلم خير من يحرر مشرك ولو أعجبكم ماله أو حاله أو جماله"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة المائدة‪} :‬ٱهلميهوم أيرحرل لميكيم ٱلرطيمبايت مومطمعايم ٱرلرذيمن يأويتوها‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن‬ ‫صمنايت رممن ٱهليمهؤرممنارت موٱهليمهح م‬ ‫ٱهلركمتامب رحول لريكهم مومطمعايميكهم رحول لريههم موٱهليمهح م‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم{ُ وهم اليهود‬ ‫مقهبرليكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يقول ما نصه‪} :‬موٱهليمهح م‬
‫والنصارى‪ ً،‬واخيتلف فى معناه‪ ً،‬فقيل‪ :‬هرن العفائف حرائر كرن أو إماء‪ ً،‬حربيات كرن أو رذيميات‪ ..‬عن‬
‫مجاهد والحسن والشعبى وغيرهم ‪ -‬وقيل‪ :‬هرن الحرائر رذيميات كرن أو حربيات ‪ -‬وقال أصحابنا‪ :‬ل‬
‫ل‬‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ‪ ً،‬ولقوله‪} :‬مو م‬ ‫يجوز عقد نكاح الدوام على الكتابية‪ ً،‬لقوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب{ُ اللتى‬ ‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪ .‬وأرولوا هذه الية بأن المراد بـ }ٱهليمهح م‬ ‫يتهمرسيكوها ربرع م‬
‫صمنايت رممن ٱهليمهؤرممنارت{ُ‪ :‬اللتى يكرن فى الصل مؤمنات بأن يورلهدن على‬ ‫أسلمن منه‪ ً،‬والمراد بـ }موٱهليمهح م‬
‫السلم‪ ً،‬وذلك أن قوما كانوا يتحررجون من العقد على ممن أسلمت عن كفر‪ ً،‬فبرين سبحانه أنه ل محمرج‬
‫فى ذلك‪ ً،‬ولهذا أفردهن بالذكر‪ ً،‬حكى ذلك أبو القاسم البلخى‪ .‬قالوا‪ :‬ويجوز أن يكون مخصوصا أيضا‬
‫بنكاح المتعة وملك اليمين‪ ً،‬فإن عندنا يجوز وطؤهن بكل الوجهين‪ ً،‬علىأنه قد روى أبو الجارود عن‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪.‬‬‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬
‫أبى جعفر أنه منسوخ بقوله‪} :‬مو م‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ قال ما نصه‪:‬‬ ‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة الممتحنة‪} :‬مو م‬
‫"أى ل تمسكوا بنكاح الكافرات‪ ً،‬وأصل العصمة المنع‪ ً،‬وسمى النكاح عصمة‪ ً،‬لن المنكوحة تكون فى‬
‫حبال الزوج وعصمته‪ ً،‬وفى هذا دللة على أنه ل يجوز العقد على الكافرة سواء أكانت حربية أو رذمرية‪ً،‬‬
‫وعلى كل حال‪ ً،‬الية عامة فى الكوافر‪ ً،‬وليس لحد أن يخص الية بعابدة الوثن لنزولها بسببهن‪ ً،‬لن‬
‫العبرة بعموم اللفظ ل بالسبب"‪.‬‬
‫**‬
‫* بالغنائم‪:‬‬
‫ولما كانت المامية الثنا عشرية لهم فى الغنائم نظام خاص يخالفون به ممن عداهم فيوجبون اليخمس‬
‫لمستحقيه فى مطلقا الغنيمة‪ ً،‬فهو غير مختص عندهم بغنائم الحرب بل يشسمل أنواعا سبعة هى‪ :‬غنائم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحرب‪ ً،‬وغنائم الغوص‪ ً،‬والكنز الذى ييعثر عليه‪ ً،‬والمعدن الذى ييستنبط من الرضِ‪ ً،‬وأرباح المكاسب‪ً،‬‬
‫والحلل المختلط بالحرام‪ ً،‬والرضِ المتنقلة من المسلم إلى الرذيمى‪ .‬وليس اليخمس الهاشمى الذى يرون‬
‫وجوبه ‪ -‬فيما عدا الغنائم الحربية ‪ -‬من الصدقات كما يتوهم البعضِ‪ ً،‬ولكنهم يعتبرونه حقا امتيازيا لل‬
‫محمد الذين يحيرمت عليهم الصدقات نظير ما تمتاز به السر المالكة اليوم من التمتع بمخصصات‬
‫خاصة‪ ً،‬وقد تضافر الحديث عن الئمة بأن اليخمس حقا سلطانى بإرادة ملكية‪ ً،‬وهى إرادة مليك الكائنات‬
‫لمستحقيه الذين ذكرهم القرآن‪.‬‬
‫لما كان هذا‪ ً،‬فإرنا الطبرسى يينزل ما ورد فى الغنائم من اليات على مذهبه‪ ً،‬ولهذا عندما فرسر قوله‬
‫تعالى فى الية ]‪ [41‬من سورة النفال‪} :‬موٱهعلميميوا أمرنمما مغرنهميتهم يمن مشهيهَء{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول متأثرا بمذهبه‪:‬‬
‫"اختلف العلماء فى كيفية قسمة اليخمس ومن يستحقه على أقوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ما ذهب إليه أصحابنا‪ ً،‬وهو أن اليخمس ييقرسم على ستة أسهم‪ ً،‬فسهم ال‪ ً،‬وسهم للرسول‪ ً،‬وهذان‬
‫السهمان مع سهم ذى اليق مربى للمام القائم مقام الرسول‪ ً،‬وسهم ليتامى آل محمد‪ ً،‬وسهم لمساكينهم‪ ً،‬وسهم‬
‫لبناء سبيلهم‪ ً،‬ول يشركهم فى ذلك غيرهم‪ ً،‬لن ال سبحانه محررم عليهم الصدقات لكونها أوساخ الناس‬
‫وعروضهم من ذلك اليخمس‪ ً،‬وروى ذلك الطبرى عن علسى بن الحسين زين العابدين‪ ً،‬ومحمد بن علسى‬
‫الباقر‪ .‬وروى أيضا عن أبى العالية والربيع أنه ييقسم على ستة أسهم إل أنهما قال‪ :‬سهم ال للكعبة‪ً،‬‬
‫والباقى لمن ذكره ال‪ .‬وهذا القسم مما يقتضيه ظاهر الكتاب ويقويه‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬أن اليخمس ييقسم على خمسة أسهم‪ ً،‬وأن سهم ال والرسول واحد‪ ً،‬وييصرف هذا السهم إلى‬
‫الكراع والسلح‪ ً،‬وهو المروى عن ابن عباس‪ ً،‬وإبراهيم‪ ً،‬وقتادة‪ ً،‬وعطاء‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن ييقسم على أربعة أسهم‪ :‬سهم لذى اليقمربى‪ ..‬لقرابة النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬والسهم الثلثة‬
‫لمن يذركروا بعد ذلك من سائر المسلمين وهو مذهب الشافعى‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أنه ييقسم على ثلثة أسهم‪ ً،‬لن سهم الرسول قد سقط بوفاته‪ ً،‬لن النبياء ل تورث فيما‬
‫يزعمون‪ ً،‬وسهم ذوى اليقربى قد سقط‪ ً،‬لن أبا بكر وعمرلم يعطيا سهم ذى اليقمربى ولم ينكر ذلك‪ ً،‬أحد‬
‫من الصحابة عليهما‪ ..‬وهو مذهب أبى حنيفة وأهل العراقا ‪ -‬ومنهم ممن قال‪ :‬لو أعطى فقراء ذوى‬
‫اليقربى سهما والخرين ثلثة أسهم جاز‪ ً،‬ولو جعل ذوى اليقمربى يأسوة بالفقراء ول يفرد لهم سهم جار ‪-‬‬
‫واخيترلف فى ذى اليقمربى‪ :‬فقيل‪ :‬هم بنو هاشم خاصة من ولد عبد المطلب‪ ً،‬لن هاشما لم يعقب إل منه‪..‬‬
‫عن ابن عباس ومجاهد‪ ً،‬وإليه ذهب أصحابنا ‪ -‬وقيل‪ :‬هم بنو هاشم بن عبد مناف‪ ً،‬وبنو عبد المطلب‬
‫بن عبد مناف‪ ...‬وهو مذهب الشافعى‪ ً،‬وروى ذلك عن جبير بن مطعم عن النبى صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬وقال أصحابنا‪ :‬إن ال يخمس واجب فى كل فائدة تحصل للنسان من المكاسب‪ ً،‬وأرباح التجارات‪ ً،‬وفى‬
‫الكنوز والمعادن‪ ً،‬والغوص‪ ً،‬وغير ذلك مما هو مذكور فى الكتب‪ ً،‬ويمكن أن ييستدل على ذلك بهذه‬
‫الية‪ ً،‬فإن فى يعهرف اللغة ييطلقا على جميع ذلك اسم اليغهنم والغنيمة‪ ."..‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [7‬من سورة الحشر‪} :‬رمآ أممفآمء ٱللريه معلمـى مريسورلره رمهن أمههرل ٱهليقمرـى مفرللرره مورللرريسورل مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى‬
‫موٱهلميمتاممـى موٱهلمممساركيرن موٱهبرن ٱلرسربيرل{ُ‪...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪} :‬رمآ أممفآمء ٱللريه معملـى مريسورلره رمهن أمههرل ٱهليقمرـى{ُ أى‬
‫من أموال كفار أهل القرى‪} ً،‬مفرلرلره{ُ يأمركم فيه بما أحب‪} ً،‬مورللرريسورل{ُ بتمليك ال إياه‪} ً،‬مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى{ُ‬
‫يعنى أهل بيت رسول ال وقرابته‪ ً،‬وهم بنو هاشم‪} ً،‬موٱهلميمتاممـى موٱهلمممساركيرن موٱهبرن ٱلرسربيرل{ُ منهم‪ ً،‬لن‬
‫التقدير‪ :‬ولذى يقهرباه‪ ً،‬ويتامى أهل بيته ومساكينهم وابن السبيل منهم‪ ً،‬وروى المنهال بن عمرو عن‬
‫على بن الحسين قال‪ :‬قلت‪ :‬قوله‪} :‬ورلرذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلميمتاممـى موٱهلمممساركيرن موٱهبرن ٱلرسربيرل{ُ قال‪ :‬هم أقرباؤنا‬ ‫ر‬
‫ومساكيننا وأبناء سبيلنا‪ .‬وقال جميع الفقهاء‪ :‬هم يتامى سالناس عامة‪ ً،‬وكذلك المساكين وأبناء السبيل‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وقد روى أيضا ذلك عنهم‪ .‬وروى محمد بن مسلم عن أبى جعفر أنه قال‪" :‬كان أبى يقول‪ :‬لنا سهم‬
‫رسول ال وسهم ذوى اليقمربى‪ ً،‬ونحن شركاء الناس فيما بقى‪ .‬والظاهر يقتضى أن ذلك لهم‪ ً،‬سواء أكانوا‬
‫أغنياء أو فقراء‪ ..‬وهو مذهب الشافعى ‪ -‬وقيل‪ :‬إن مال الفئ للفقراء من قرابة رسول ال وهم بنو هاشم‬
‫وبنو المطلب‪ .‬وروى عن الصادقا أنه قال‪ :‬نحن قوم فرضِ ال طاعتنا‪ ً،‬ولنا النفال‪ ً،‬ولنا صفو المال‪..‬‬
‫يعنى ما كان ييصطفى لرسول ال صلى ال عليه وسلم سمن فره الدواب‪ ً،‬وحسان الجوارى‪ ً،‬واليدررة‬
‫الثمينة‪ ً،‬والشئ الذى ل نظير له"‪.‬‬
‫**‬
‫* ميراث النبياء‪:‬‬
‫والطبرسى يقول كغيره من علماء مذهبه بأن النبياء عليهم السلم يورثون كما يورث سائر الناس‪ً،‬‬
‫ل عندما فرسر قوله تعالى فى اليتين ]‪ [6 ً،5‬من‬ ‫ولهذا نراه يتأثر بمذهبه هذا‪ .‬فيحمل عليه كلم ال‪ ً،‬فمث ل‬
‫سورة مريم‪} :‬موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي رمن مومرآرئي مومكامنرت ٱهممرأمرتي معارقرا مفمههب رلي رمن رليدهنمك مورلسيا * ميرريثرني‬
‫ضسيا{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪ .." :‬اخيترلف فى معناه‪ ً،‬فقيل‪ :‬معناه‪ :‬يرثنى‬ ‫موميرريث رمهن آرل ميهعيقومب موٱهجمعهليه مريب مر ر‬
‫مالى ويرث من آل يعقوب النبوة‪ ..‬عن أبى صالح ‪ -‬وقيل معناه‪ :‬يرث نبوتى ونبوة آل يعقوب‪ ..‬عن‬
‫الحسن ومجاهد‪ .‬واستدل أصحابنا بالية على أن النبياء يورثون المال‪ ً،‬وأن المراد بالرث المذكور‬
‫فيها المال دون العلم والنبوة‪ ً،‬بأن قالوا‪ :‬إن لفظ الميراث فى السلغة والشريعة ل ييطلقا إل على ما يينقل‬
‫من الموروث إلى الوارث كالموال‪ ً،‬ول ييستعمل فى غير المال إل على طريقا المجاز والتوسع‪ ً،‬ول‬
‫ضسيا{ُ‪ ..‬أى‬ ‫ييعدل عن الحقيقة إلى المجاز بغير دللة‪ .‬وأيضا فإن زكريا قال فى دعائه‪} :‬موٱهجمعهليه مريب مر ر‬
‫ل لمرك‪ ً،‬ومتى حملنا الرث على النبوة لم‬ ‫اجعل يا رب ذلك المولى الذى يرثنى رضيا عندما ممتث ل‬
‫يكن لذلك معنى‪ ً،‬وكان لغوا عبثا‪ ً،‬أل ترى أنه ل يحسن أن يقول أحد‪ :‬الرلهم ابعث لنا نبيا‪ ً،‬واجعله عاق ل‬
‫ل‬
‫رضيا فى أخلقه‪ ً،‬لنه إذا كان نبيا فقد دخل الرضا وما هو أعظم من الرضا فى النبوة‪ ً،‬ويقوى ما قلناه‬
‫أن زكريا صررح بأنه يخاف بنى عمه بعده بقوله‪} :‬موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي رمن مومرآرئي{ُ‪ ..‬وإنما يطلب وارثا‬
‫لجل خوفه‪ ً،‬ول يليقا خوفه منهم إل بالمال دون النبوة والعلم‪ ً،‬لنه كان أعلم بال تعالى من أن يخاف‬
‫أن يبعث نبيا من ليس بأهل النبوة‪ ً،‬وأن يورث علمه وحكمته من ليس لهما بأهل‪ ً،‬ولنه إنما يبعث‬
‫لذاعة العلم ونشره فى الناس‪ ً،‬فكيف يخاف من المر الذى هو الغرضِ من بعثته‪ .‬فإن قيل‪ :‬إن هذا‬
‫يرجع عليكم فى ورثة المال‪ ً،‬لن فى ذلك إضافة الضن والبخل إليه‪ ً،‬قلنا‪ :‬معاذ ال أن يستوى المران‪ً،‬‬
‫فإن المال قد يروقا المؤمن والكافر‪ ً،‬والصالح والطالح‪ ً،‬ول يمتنع أن يأسى على بنى عمه إذا كانوا من‬
‫أهل الفساد أن يظفروا بماله فيصرفوه فيما ل ينبغى‪ ً،‬بل فى ذلك غاية الحكمة‪ ً،‬فإن تقوية اليفرساقا‬
‫ضنا فهو غير منصف‪ ً،‬وقوله‪:‬‬ ‫لوم‬ ‫وإعانتهم على أفعالهم المذمومة محظورة فى الدين‪ ً،‬فمن معرد ذلك بخ ل‬
‫}موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي رمن مومرآرئي{ُ ييفهم منه أن خوفه إنما كان من أخلقهم وأفعالهم ومعان فيهم ل من‬
‫أعيانهم‪ ً،‬كما أن ممن خاف ال تعالى فإنما خاف عقابه‪ ً،‬فالمراد به‪ :‬رخهفيت تضييع الموالى مالى وإنفاقهم‬
‫إياه فى معصية ال"‪.‬‬
‫وعندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة النمل‪} :‬موموررمث يسلمهيمماين مدايوومد{ُ‪ ..‬نجده يقول ما نصه‪:‬‬
‫"فى هذه دللة على أن النبياء يورثون المال كتوريث غيرهم‪ ..‬وهو قول الحسن ‪ -‬وقيل‪ :‬معناه‪ :‬أنه‬
‫ورث علمه ونبوته ويملكه دون سائر أولده‪ .‬ومعنى الميراث هنا أنه قام مقامه فى ذلك‪ ً،‬فهأطلقا عليه اسم‬
‫الرث كما يأطلقا على الجرنة اسم الرث‪ ..‬عن الجبائى‪ ً،‬وهذا خلف الظاهر‪ ً،‬والصحيح عند أهل البيت‬
‫هو الول"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫**‬
‫* الجماع‪:‬‬
‫ولما كان الطبرسى كعلماء مذهبه ل يعتبرون رحيجية الجماع مهما كان نوعه إل إذا كان كاشفا عن رأى‬
‫ل فى جملة المجمعين‪ ً،‬فإرنا نراه يرد الدلة القرآنية التى استدل بها الجمهور‬ ‫المام أو كان المام داخ ل‬
‫على رحيجية الجماع ويناقشهم فى فهم هذه اليات‪.‬‬
‫ل عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [59‬من سورة النساء‪} :‬مفرإن متمنامزهعيتهم رفي مشهيهَء مفيرسدويه إرملى ٱلرلره‬ ‫فمث ل‬
‫ل{ُ‪ ..‬نراه يرد استدلل الجمهور بهذه‬ ‫موٱلرريسورل رإن يكهنيتهم يتهؤرمينومن ربٱِلرلره موٱهلميهوم ٱلرخرر ـذرلمك مخهيفر موأمهحمسين متهأروي ل‬
‫ر‬
‫واستدل بعضهم بقوله‪} :‬فرإن متمنامزهعيتهم رفي مشهيهَء مفيرسدويه إرملى‬ ‫ر‬ ‫الية على رحيجية الجماع فيقول ما نصه‪..." :‬‬
‫لمة يحرجة بأن قالوا‪ :‬إنما أوجب ال الرد إلى الكتاب والسسرنة بشرط‬ ‫ٱلرلره موٱلرريسورل{ُ على أن إجماع ا ي‬
‫وجود التنازع‪ ً،‬فدل على أنه إذا لم يوجد التنازع ل يجب الرد‪ ً،‬ول يكون كذلك إل والجماع يحرجة‪.‬‬
‫لمة معصوما حافظا للشرع‪ ً،‬فأما إذا لم ييفرضِ ذلك فل‬ ‫وهذا الستدلل إنما يصح لو يفرضِ أن فى ا ي‬
‫يصح‪ ً،‬لن تعليقا الحكم بشرط أو صفة ل يدل على أن ما عداه بخلفه عند أكثر العلماء‪ ً،‬فكيف اعتمدوا‬
‫لمة ل يتهجرمع على شئ إل عن كتاب أو يسرنة‪ .‬وكيف يقال إنها إذا أجمعت على شئ‬ ‫عليه ههنا‪ .‬على أن ا ي‬
‫ل يجب عليها الرد إلى الكتاب والسسرنة وقد يرردت إليهما"؟‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [115‬من سورة النساء‪} :‬موممن يمشارقرقا ٱلرريسومل رمن مبهعرد مما متمبريمن‬ ‫ومث ل‬
‫لميه ٱهليهمدـى موميرتربهع مغهيمر مسربيرل ٱهليمهؤرمرنيمن ينمويلره مما متمولرـى{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪ .." :‬وقد استدل بهذه الية‬
‫لمة يحرجة‪ ً،‬لنه تورعد على مخالفة سبيل المؤمنين كما تورعد على مشاقة الرسول‪.‬‬ ‫على أن إجماعا ي‬
‫والصحيح أنه ل يدل على ذلك‪ ً،‬لن ظاهر الية يقتضى إيجاب متابعة ممن هو مؤمن على الحقيقة‬
‫ظاهرا وباطنا‪ ً،‬لن ممن أظهر اليمان ل يوصف بأنه مؤمن إل مجازا‪ ً،‬فكيف ييحمل ذلك على اليجاب‬
‫لمة حملها‬ ‫متابعة ممن أظهر اليمان‪ ً،‬وليس كل ممن أظهر اليمان مؤمنا‪ ً،‬ومتى حملوا الية على بعضِ ا ي‬
‫غيرهم على ممن هو مقطوع على عصمته عنده من المؤمنين وهم الئمة من آل محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬على أن ظاهر الية يقتضى أن الوعيد إنما يتناول ممن جمع بين مشاقة الرسول واتباع غير سبيل‬
‫المؤمنين‪ ً،‬فمن أين لهم أرن ممن يفعل أحدهما يتناوله الوعيد؟ ونحن إنما علمنا أن الوعيد إنما يتناول‬
‫بمشاقة الرسول بانفرادها بدليل غير الية‪ ً،‬فيجب أن يستندوا تناول الوعيد باتباع غير سبيل المؤمنين‬
‫إلى دليل آخر"‪.‬‬
‫**‬
‫* تأثر الطبرسى بمذهب المعتزلة فى تفسيره‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن عقيدة الطبرسى كعقيدة غيره من الشيعة لها كثير الرتباط بمبادئ المعتزلة فى علم الكلم‪ً،‬‬
‫ولهذا نراه فى تفسيره كثيرا ما يوافقا المعتزلة فى بعضِ آرائهم الكلمية‪ ً،‬ويرتضى مذهبهم‪ ً،‬ويدافع‬
‫عنه‪ ً،‬ويحاول أن يهدم ما عداه‪ .‬وأحيانا نراه ل يرتضى ما يقوله المعتزلة ول يسلمه لهم بل يقف موقف‬
‫المنازع لهم‪ ً،‬والمعارضِ لدلتهم‪.‬‬
‫* الهدى والضلل‪:‬‬
‫ففى اليات التى لها تعلقا بهداية العبد وضلله‪ ً،‬نراه يوافقا المعتزلة فى عقيدتهم‪ ً،‬ويدافع عنها‪ ً،‬ويهدم‬
‫ما عداها‪.‬‬
‫صهدمريه‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [125‬من سورة النعام‪} :‬مفممن يرررد ٱللريه مأن ميههردمييه ميهشمرهح م‬ ‫فمث ل‬
‫ضييقا محمرجا{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪ .." :‬قد يذركر فى تأويل‬ ‫ضلريه ميهجمعهل م‬
‫صهدمريه م‬ ‫لرم موممن يررهد مأن ي ر‬ ‫لهس م‬‫رل ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الية وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن معناه‪ :‬ممن يرد ال أن يهديه إلى الثواب وطريقا الجرنة يشرح صدره للسلم فى الدنيا‪ ً،‬بأن‬
‫يثبت عزمه عليه‪ ً،‬ويقوى دواعيه على التمسك به‪ ً،‬ويزيل عن قلبه وساوس الشيطان وما يعرضِ فى‬
‫القلوب من الخواطر الفاسدة‪ .‬وإنما يغفل ذلك لطفا له وممنا عليه وثوابا على اهتدائه بهدى ال وقبوله‬
‫إياه‪ .‬ونظيره قوله سبحانه‪} :‬موٱرلرذيمن ٱههمتمدهوها مزامديههم يهلدى{ُ‪} ً،‬موميرزييد ٱللريه ٱرلرذيمن ٱههمتمدوها يهلدى{ُ‪} ً،‬موممن يررهد مأن‬
‫ضييقا محمرجا{ُ عقوبة له على ترك اليمان من‬ ‫صهدمريه{ُ فى كفره‪ } ً،‬م‬ ‫ضلريه{ُ عن ثوابه وكرامته‪} ً،‬ميهجمعهل م‬ ‫ير‬
‫غير أن يكون سبحانه مانعا له عن اليمان‪ ً،‬وسالبا إياه القدرة عليه‪ ً،‬بل ربما يكون ذلك سببا داعيا له‬
‫إلى اليمان‪ ً،‬فإن ممن ضاقا صدره بالشئ كان ذلك داعيا له إلى تركه‪ .‬والدليل على أن شرح الصدر قد‬
‫صهدمرمك{ُ‪ ..‬اليات ومعلوم أن وضع الوزر ورفع الرذهكر يكون‬ ‫يكون ثوابا قوله تعالى‪} :‬أملمهم منهشمرهح لممك م‬
‫ثوابا على تحمل أعباء الرسالة وكلفها‪ ً،‬وكذلك ما يقررن به من شرح الصدر‪ .‬والدليل على أن الهدى قد‬
‫صرليح مبامليههم{ُ‪ً،‬‬‫ضرل أمهعممامليههم * مسميههرديرههم موي ه‬
‫يكون إلى الثواب قوله‪} :‬موٱرلرذيمن يقرتيلوها رفي مسربيرل ٱلرلره مفملن ي ر‬
‫ومعلوم أن الهداية بعد القتل ل تكون إل إلى الثواب‪ ً،‬فليس بعد الموت تكليف‪ ً،‬وقد وردت الرواية‬
‫الصحيحة‪ :‬أنه لما نزلت هذه الية يسئل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن شرح الصدر‪ :‬ما هو؟ فقال‪:‬‬
‫نور يقذفه ال فى قلب المؤمن فيشرح له صدره وينفسح‪ ً،‬قالوا‪ :‬فهل لذلك من أمارة ييعرف بها؟‪ .‬قال‪:‬‬
‫"نعم‪ ً،‬النابة إلى دار الخلود‪ ً،‬والتجافى عن دار الغرور‪ ً،‬والستعداد للموت قبل نزول الموت"‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن معنى الية‪ :‬فمن يرد ال أن يثبته على الهدى يشرح صدره من الوجه الذى ذكرنا جزالء له‬
‫صمرامط‬ ‫على إيمانه واهتدائه‪ ً،‬وقد يطلقا لفظ الهدى والمراد به الستدامة كما قلنا فى قوله‪} :‬ٱههردمنا ٱل ي‬
‫ضلريه{ُ‪ ..‬أى يخذله ويمخلى بينه وبين ما يريده لختياره الكفر وتركه اليمان‪ً،‬‬ ‫ٱهليمهسمترقيمم{ُ‪} ً،‬موممن يررهد مأن ي ر‬
‫ضييقا محمرجا{ُ بأن يمنعه اللطاف التى ينشرح بها صدره لخروجه من قبولها بإقامته على‬ ‫صهدمريه م‬ ‫}ميهجمعهل م‬
‫كفره‪ .‬فإن قيل‪ :‬إرنا نجد الكافر غير ضيقا الصدر لما هو فيه‪ ً،‬ونراه طيب القلب على كفره‪ ً،‬فكيف يصح‬
‫الخلف فى خبره سبحانه؟ قلنا‪ :‬إنه سبحانه برين أنه يجعل صدره ضيقا ولم يقل فى كل حال‪ ً،‬ومعلوم من‬
‫حاله فى أحوال كثيرة أنه يضيقا صدره بما هو فيه من ورود الشبه والشكوك عليه‪ ً،‬وعندما يجازى ال‬
‫المؤمنين على استعمال الدلة الموصلة إلى اليمان‪ ً،‬وهذا القدر هو الذى يقتضيه الظاهر‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أن معنى الية‪ :‬ممن يرد ال أن يهديه زيادة الهدى التى وعدها المؤمن يشرح صدره لتلك‬
‫ضلريه{ُ عن تلك الزيادة بمعنى ييذهبه عنها‬ ‫الزيادة‪ ً،‬لن من حقها أن تزيد المؤمن بصيرة‪} ً،‬موممن يررهد مأن ي ر‬
‫ضييقا محمرجا{ُ لمكان فقد تلك الزيادة‪ ً،‬لنها‬ ‫صهدمريه م‬ ‫من حيث أخرج هو نفسه من أن يصح عليه‪} ً،‬ميهجمعهل م‬
‫إذا اقتضت فى المؤمن ما قلناه أوجب فى الكافر ما يضاده‪ ً،‬ويكون الفائدة فى ذلك الترغيب فى اليمان‬
‫والزجر عن الكفر‪ ..‬وهذا التأويل قريب مما تقدم‪ .‬وقد روى عن ابن عباس أنه قال‪ :‬إنما سمى ال قلب‬
‫الكافر محمرجا‪ ً،‬لنه ل يصل الخير إلى قلبه ‪ -‬وفى رواية يأخرى‪ :‬ل تصل الحكمة إلى قلبه ‪ -‬ول يجوز‬
‫أن يكون المراد بالضلل فى الية الدعاء إلى الضلل‪ ً،‬ول المر به‪ ً،‬ول الجبار عليه‪ً،‬لجماع المة‬
‫على أن ال تعالى ل يأمر بالضلل ول يدعو إليه‪ ً،‬فكيف ييجبر عليه‪ ً،‬والدعاء إليه أهون من الجبار‬
‫ضرل رفهرمعهوين‬ ‫عليه‪ .‬وقد ذم ال تعالى فرعون والسامرى على إضللهما عن دين الهدى فى قوله‪} :‬موأم م‬
‫ضلريهيم ٱلرسارمررسيِ{ُ‪ ً،‬ول خلف فى أن إضللهما إضلل أمر وإجبار ودعاء‪ً،‬‬ ‫مقهومميه مومما مهمدـى{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬موأم م‬
‫وقد ذمهما ال تعالى عليه مطلقا‪ ً،‬وكيف يتمدح بما ذم عليه غيره"‪.‬‬
‫**‬
‫* رؤية ال‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كذلك يقول الطبرسى بما يقول به المعتزلة من عدم جواز رؤية ال ووقوعها فى الخرة‪ ً،‬ولهذا نراه‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ‬
‫ييفيسر قوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 - 22‬من سورة القيامة‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫بما يتفقا ومذهبه فيقول‪} :‬إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ اختلف فيه على وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن معناه نظرة العين‪ .‬والثانى‪ :‬أنه النتظار‪.‬‬
‫واختلف من حمله على نظر العين على قولين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن المراد‪ :‬إلى ثواب ربها ناظرة‪ ً،‬أى هى ناظرة إلى نعيم الجرنة حالل بعد حال‪ ً،‬فيزداد بذلك‬
‫سرورها‪ .‬وذكر الوجوه والمراد به أصحاب الوجوه‪ ..‬روى ذلك عن جماعة من علماء المفيسرين من‬
‫الصحابة والتابعين وغيرهم‪ ..‬فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه‪ ً،‬كما فى قوله تعالى‪} :‬مومجآمء‬
‫مرسبمك{ُ‪ :‬أمر ربك‪ .‬وقوله‪} :‬موأممنها مأهديعويكهم إرملى ٱهلمعرزيرز ٱهلمغرفارر{ُ‪ :‬إلى إطاعة العزيز الغفار وتوحيده‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫}إررن ٱرلرذيمن يهؤيذومن ٱلرلمه{ُ‪ :‬أى أولياء ال‪.‬‬
‫والخر‪ :‬أن النظر بمعنى الرؤية‪ ً،‬والمعنى‪ :‬تنظر إلى ال معاينة‪ ً،‬روى ذلك عن الكلبى ومقاتل وعطاء‬
‫وغيرهم‪ ..‬وهذا ل يجوز‪ ً،‬لن كل منظور إليه بالعين‪ ً،‬مشار إليه بالحدقة واللحاظ‪ ً،‬وال يتعالى عن أن‬
‫يشار إليه بالعين‪ ً،‬كما يجل سبحانه عن أن ييشار إليه بالصابع‪ ً،‬وأيضا فإن الرؤية بالحاسة ل تتم إل‬
‫بالمقابلة والتوجه‪ ً،‬وال يتعالى عن ذلك بالتفاقا‪ .‬وأيضا فإن رؤية الحاسة ل تتم إل باتصال الشعاع‬
‫بالمرئى‪ ً،‬وال منرزه عن اتصال الشعاع به‪ .‬على أن النظر ل يفيد الرؤية فى السلغة‪ ً،‬فإنه إذا علقا بالعين‬
‫أفاد طلب الرؤية‪ .‬كما أنه إذا علقا بالقلب أفاد طلب المعرفة بدللة قولهم‪ :‬نظرت إلى الهلك فلم أره‪ً،‬‬
‫فلو أفاد النظر الرؤية لكان هذا القول ساقطا متناقضا‪ ً،‬وقولهم‪ :‬ما زليت أنظر إليه حتى رأيته‪ ً،‬والشئ ل‬
‫ييجعل غاية لنفسه‪ ً،‬فل يقال‪ :‬ما زليت أراه حتى رأيته‪ ً،‬ولرنا نعلم الناظر ناظرا بالضرورة‪ ً،‬ول نعلمه‬
‫رائيا بالضرورة‪ ً،‬بدللة أرنا نسأله‪ :‬هل رأيمت أم ل؟‬
‫وأما ممن حمل النظر فى الية على النتظار فإنهم اختلفوا فى معناه على أقوال‪ :‬أحدها‪ :‬أن المعنى‪:‬‬
‫منتظرة لثواب ربها‪ ..‬روى ذلك عن مجاهد‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬وسعد بن جبير‪ ً،‬والضحاك‪ ..‬وهو المروى عن‬
‫على ‪ .‬ومن اعترضِ على هذا بأن قال‪ :‬إن النظر بمعنى النتظار ل يتعدى بـ "إلى"‪ ً،‬فل يقال‪ :‬انتظرت‬ ‫ر‬
‫إليه‪ ً،‬وإنما يقال‪ :‬انتظرته‪ ً،‬فالجواب عنه على وجوه‪:‬‬
‫منها‪ :‬أنه قد جاء فى الشعر بمعنى النتظار ومعدى بـ "إلى"‪ ً،‬كما فى البيت الذى سبقا ذكره‪:‬‬
‫*‪ ..‬ناظرات * إلى الرحمن*‬
‫وكقول جميل بن معمر‪:‬‬
‫*وإذا نظريت إليك من ملك * والبحر دونك زودتنى نعما*‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫*إنى إليك لما وعدمت لناظر * نظر الفقير إلى الغنى الموسر*‬
‫ونظائره كثيرة‪..‬‬
‫ومنها أن تحمل "إلى" فى قوله تعالى‪} :‬إرملـى مريبمها منارظمرفة{ُ على أنها اسم‪ ً،‬فهو واحد اللء التى هى النعم‪ً،‬‬
‫فإن فى واحدها أربع لغات‪" :‬إل" و "أل" مثل‪ :‬معى وقفا‪ ً،‬و "ألى"و "إلى" مثل جدى وحسى‪ ً،‬وسقط‬
‫التنوين بالضافة‪ .‬وقال العشى‪:‬‬
‫*أبيضِ ل يرهب الهزال ول * يقطع رحما ول يخوضِ إلى*‬
‫وليس لحد أن يقول‪ :‬إن هذا من أقوال المتأخرين وقد سبقهم الجماع‪ ً،‬فإرنا ل ينسيلم ذلك‪ ً،‬لما ذكرناه من‬
‫أن عليا ومجاهدا والحسن وغيرهم قالوا‪ :‬المراد بذلك‪ :‬تنتظر الثواب‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومنها‪ :‬أن لفظ النظر يجوز أن يعدى بـ "إلى" فى النتظار على المعنى‪ ً،‬كما أن الرؤية عديت بـ "إلى"‬
‫فى قوله تعالى‪} :‬أملمهم متمر إرلمـى مريبمك مكهيمف ممرد ٱليظرل{ُ فأجرى الكلم على المعنى‪ ً،‬ول يقال‪ :‬رأيت إلى فلن‪.‬‬
‫ومن إجراء الكلم على المعنى قول الفرزدقا‪:‬‬
‫*ولقد عجبت إلى هوازن أن أصبحت * منى تلوذ ببطن أم جرير*‬
‫فعدى "عجبت" بـ "إلى" لن المعنى نظرت‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن معناه‪ :‬مؤملة لتجديد الكرامة‪ ً،‬كما يقال‪ :‬عينى ممدودة إلى ال تعالى وإلى فلن‪ ً،‬وأنا‬
‫شاخص الطرف إلى فلن‪ ,..‬ولما كانت العيون بعضِ أجزاء الوجوه أضيف الذى يقع بالعين إليها‪ ..‬عن‬
‫أبى مسلم‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أن المعنى‪ :‬أنهم قطعوا آمالهم وأطماعهم عن كل شئ سوى ال‪ ً،‬ورجوه دون غيره‪ ً،‬فكن‬
‫سبحانه عن الطمع بالنظر‪ ً،‬أل ترى أن الرعية تتوقع نظر السلطان وتطمع فى إفضاله عليها وإسعافه‬
‫فى حوائجها‪ ً،‬فنظر الناس مختلف‪ :‬فناظر إلى السلطان‪ ً،‬وناظر إلى تجارة‪ ً،‬وناظر إلى زراعة‪ ً،‬وناظر‬
‫إلى ربه يؤمله‪ ..‬وهذه القوال متقاربة فى المعنى‪ ً،‬وعلى هذا فإن هذا النتظار متى يكون؟ فقيل‪ :‬إنه‬
‫بعد الستقرار فى الجرنة‪ ً،‬وقيل‪ :‬إنه قبل استقرار الخلقا فى الجنة والنار‪ ً،‬فكل فريقا ينتظر ما هو له‬
‫أهل‪ ..‬وهذا اختيار القاضى عبد الجبار ‪ -‬وذكر جمهور أهل العدل أن النظر يجوز أن ييحمل على‬
‫المعنيين جميعا‪ ً،‬ول مانع لنا من حمله على الوجهين‪ ً،‬فكأنه سبحانه أراد أنهم ينظرون إلى الثواب اليممعد‬
‫لهم فى الحال من أنواع النعيم‪ ً،‬وينتظرون أمثالها حالل بعد حال ليتم لهم ما يستحقون من الجلل‪ً،‬‬
‫وييسئل على هذا فيقال‪ :‬إذا كان بمعنى النظر بالعين حقيقة وبمعنى النتظار مجازا فكيف ييحمل عليهما؟‬
‫والجواب‪ :‬أن عند أكثر المتكلمين فى أصول الفقه يجوز أن يرادا بلفظ واحد إذ ل تنافى بينهما‪ ..‬وهو‬
‫اختيار المرتضى قردس ال روحه‪ ً،‬ولمهم يجويز ذلك أبو هاشم إل إذ تكلم به مرتين‪ :‬مرة يريد النظر‪ً،‬‬
‫ومرة يريد النتظار‪ .‬وأما قولهم‪ :‬المنتظر ل يكون نعيمة خالصا فكيف يوصف أهل الجرنة بالنتظار؟‬
‫فالجواب لعنه‪ :‬أن ممن ينتظر شيئا ل يحتاج إليه فى الحال وهو واثقا بوصوله إليه عند حاجته فإنه ل‬
‫يهتم بذلك ول ينقص سروره به‪ ً،‬بل ذلك زايد فى نعيمه‪ ً،‬وإنما يحلقا الهم المنتظر إذا كان يحتاج إلى ما‬
‫ينتظره فى الحال ويلحقه بفوته مضررة وهو غير واثقا بالوصول إليه‪ .‬وقد قيل فى إضافة النظر إلى‬
‫الوجوه‪ :‬إن الغم والسرور إنما يظهران فى الوجوه‪ ً،‬فبرين ال سبحانه أن المؤمن إذا ورد يوم القيامة‬
‫تهلل وجهه‪ ً،‬وأن الكافر يخاف مغبة أفعاله القبيحة فيكلح وجهه‪"..‬‬
‫**‬
‫السحر‪:‬‬
‫والطبرسى ينكر حقيقة السحر ول يقول به‪ ً،‬ويخالف جمهور أهل السسرنة فى ذلك‪ ً،‬ويرد أدلتهم‪ ً،‬وينكر‬
‫حديث البخارى فى سحر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولهذا نراه فى آخر تفسيره لقوله تعالى للية‬
‫]‪ [102‬من سورة البقرة‪} :‬موٱرتمبيعوها مما متهتيلوها ٱلرشميارطيين معلمـى يمهلرك يسلمهيممامن{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪.." :‬‬
‫واخيترلف فى ما هية السحر على أقوال‪:‬‬
‫فقيل‪ :‬إنه ضرب من التخييل وصنعة لطيفة من الصنائع‪ ً،‬وقد أمر ال تعالى بالتعوذ منه وجعل التحرز‬
‫منه بكتابة وقاية منه‪ ً،‬وأنزل فيه سورة الفلقا‪ ..‬وهو قول الشيخْ المفيد أبى عبد ال من أصحابنا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه خدع ومخاريقا وتمويهات ل حقيقة لها‪ ً،‬تخيل إلى المسحور لها حقيقة‪ .‬وقيل‪ :‬إنه يمكن‬
‫الساحر أن يقلب النسان حمارا ويقلبه من صورة إلى صورة‪ ً،‬وينشئ الحيوان على وجه الختراع‪.‬‬
‫وهو ل يجوز‪ ً،‬ومن صردقا به فهو ل يعرف النبوة‪ ً،‬ول يأمن من أن تكون معجزات النبياء من هذا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النوع‪ ً،‬ولو أن الساحر والمعزم قدرا على نفع أو ضرر‪ ً،‬وعلما الغيب لقدرا على إزالة الممالك‬
‫واستخراج الكنوز من معادنها والغلبة على البلدان بقتل الملوك من غير أن ينالهم مكروه وضرر‪ ً،‬فلما‬
‫رأيناهم أسوأ الناس حالل وأكثرهم مكيدة واحتيالل‪ .‬علمنا أنهم ل يقدرون على شئ من ذلك‪ .‬فأما ما‬
‫روى من الخبار أن النبى صلى ال عليه وسلم يسحر فكان يرى أنه فعل ما لم يفعله أو أنه لم يفعل ما‬
‫ل رمهسيحورا{ُ‪ .‬فلو‬ ‫ل مريج ل‬ ‫فعله فأخبار مفتعلة ل ييلتفت إليها‪ ً،‬وقد قال ال حكاية عن الكفار‪} :‬رإن مترتربيعومن إر ر‬
‫كان السحر عمل فيه لكان الكفار صادقين فى مقالهم‪ ً،‬حاشا للنبى من كل صفة نقص تنفر عن قبول‬
‫قوله‪ ً،‬فإنه يحرجة ال على خلقه وصفوته على بريته‪"..‬‬
‫**‬
‫* الشفاعة‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬ول يلتزم الطبرسى القول بكل معتقدات المعتزلة‪ ً،‬بل نراه يخالفهم فى كثير من الحيان‪ ً،‬ويرد‬
‫ل عنيفا قويا‪.‬‬ ‫عليهم معتقداتهم‪ ً،‬ويجادلهم فيها جدا ل‬
‫ل ‪ -‬يخالف مذهب المعتزلة‪ ً،‬ولهذا نراه عند تفسيره لقوله تعالى فى‬ ‫فمذهب الطبرسى فى الشفاعة ‪ -‬مث ل‬
‫ل يهؤمخيذ‬ ‫ل يهقمبيل رمهنمها مشمفامعفة مو م‬ ‫الية ]‪ [48‬من سورة البقرة‪} :‬موٱرتيقوها ميهوما ر‬
‫ل متهجرزيِ منهففس معن رنهفهَس مشهيئا مو م‬
‫ل يهقمبيل رمهنمها مشمفامعفة{ُ قال المفسرون‪ :‬حكم هذه الية‬ ‫صيرومن{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪} :‬مو م‬ ‫رمهنمها معهدفل مو م‬
‫ل يههم يهن م‬
‫مختص باليهود‪ ً،‬لنهم قالوا‪ :‬نحن أولد النبياء وآباؤنا يشفعون لنا‪ ً،‬فأيأسهم ال عن ذلك فخرج الكلم‬
‫مخرج العموم والمراد به الخصوص‪ ً،‬ويدل على ذلك أن المة اجتمعت على أن للنبى شفاعة مقبولة‪ً،‬‬
‫وإن اختلفوا فى كيفيتها‪ ً،‬فعندنا هى مختصة بدفع المضار وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبى‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫وقالت المعتزلة‪ :‬هى فى زيادة المنافع للمطيعين والتائبين دون العاصين‪ .‬وهى ثابتة عندنا للنبى‪ً،‬‬
‫ولصحابه المنتخبين‪ ً،‬وللئمة من أهل بيته الطاهرين‪ ً،‬ولصالحى المؤمنين‪ ً،‬وينجى بشفاعتهم كثيرا من‬
‫الخاطئين‪ ً،‬ويؤيده الخبر الذى تلقته المة بالقبول وهو قوله‪" :‬ادخريت شفاعتى لهل الكبائر من يأمتى"‪ً،‬‬
‫وما جاء فى روايات أصحابنا رضى ال عنهم مرفوعا إلى النبى أنه قال‪" :‬إنى أيمشرفع يوم القيامة فأشفع‪ً،‬‬
‫على فيشفع‪ ً،‬ويمشرفع أهل بيتى فيشفعون‪ ً،‬وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع فى أربعين من إخواته‬ ‫وييشرفع س‬
‫كل قد استوجب النار"‪ ً،‬وقوله مخبرا عن الكفار عند حسراتهم على الفائت لهم مما حصل لهل اليمان‬
‫صرديهَقا محرميهَم{ُ‪.ً،‬‬‫ل م‬ ‫من الشفاعة‪} :‬مفمما لممنا رمن مشارفرعيمن * مو م‬
‫**‬
‫* حقيقة اليمان‪:‬‬
‫وهو أيضا يخالف المعتزلة فى حقيقة اليمان‪ ً،‬فلذلك لما عرضِ لتفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من‬
‫صلمة مومرما مرمزهقمنايههم يهنرفيقومن{ُ‪ ..‬قال ما نصه‪ .." :‬وقالت‬ ‫سورة البقرة‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب مويرقييمومن ٱل ر‬
‫المعتزلة بأجمعها‪ :‬اليمان هو فعل الطاعة‪ ً،‬ثم اختلفوا فمنهم من اعتبر الفرائضِ والنوافل‪ .‬ومنهم ممن‬
‫اعتبر الفرائضِ فحسب‪ .‬واعتبروا الجتناب من الكبائر كلها‪ ً،‬وقد روى العام والخاص عن علسى بن‬
‫موسى الرضا‪ :‬أن اليمان هو التصديقا بالقلب والقرار باللسان والعمل بالركان‪ ً،‬وقد روى ذلك على‬
‫لفظ آخر منه أيضا‪ :‬اليمان قول مقول‪ ً،‬وعمل معمول‪ ً،‬وعرفان بالعقول‪ ً،‬واتباع الرسول‪.‬‬
‫وأقول أنا‪ :‬أصل اليمان هو المعرفة بال وبرسله وبجميع ما جاءت به رسله‪ .‬وكل عارف بشئ فهو‬
‫مصيدقا به‪ ً،‬يدل عليه هذه الية‪ ً،‬فإنه تعالى لما ذكر اليمان عرلقه بالغيب‪ ً،‬ليعلم أنه تصديقا للمخبر فيما‬
‫أخبر به من الغيب على معرفة وثقة‪ ً،‬ثم أفرده بالذكر عن سائر الطاعات البدنية والمالية وعطفها عليه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ه‬
‫ليممارن{ُ‪ ً،‬والشئ ل ييعطف على نفسه إنما ييعطف على غيره‪ ً،‬ويدل عليه أيضا أنه‬ ‫فقال‪} :‬مومقهليبيه يمطمرئون ربٱِ ر‬
‫ليممارن{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬أيهولمــرئمك مكمتمب رفي‬ ‫ه‬
‫تعالى حيث ذكر اليمان أضافه إلى القلب فقال‪} :‬مومقهليبيه يمطمرئون ربٱِ ر‬
‫ليمما من{ُ‪ ..‬وقال النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬اليمان سر ‪ -‬وأشار إلى صدره ‪ -‬والسلم‬ ‫يقيلوربرهيم ٱ ر‬
‫علنية" وقد يسمى القرار إيمانا كما يسمى تصديقا إل أنه متى صدر على شك أو جهل كان إيمانا‬
‫لفظيا ل حقيقيا‪ ً،‬وقد يتسمى أعمال الجوارح أيضا إيمانا استعارة وتلويحا كما يسمى تصديقا كذلك‪ ً،‬فيقال‪:‬‬
‫فلن يتصيدقا أفعاله مقاله‪ ً،‬ول خير فى قول ل يصدقه الفعل‪ .‬والفعل ليس بتصديقا حقيقى باتفاقا أهل‬
‫السلغة‪ ً،‬وإنما استعير هذا السم على الوجه الذى ذكرناه‪ .‬فقد آل المر مع تسليم صحة الخبر وقبوله إلى‬
‫أن اليمان هو المعرفة بالقلب والتصديقا به على نحو ما تقتضيه السلغة‪ ً،‬ول ييطلقا لفظه إل على ذلك‪.‬‬
‫إل أنه يستعمل فى القرار باللسان والعمل بالركان مجازا واتساعا‪ ً،‬وبال التوفيقا"‪.‬‬
‫* روايته للحاديث الموضوعة‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬ول يفوتنا سأن نقول‪ :‬إن الطبرسى رحمه ال لم يكن صادقا فى وصفه لكتابه هذا بأنه محجة‬
‫للمحيدث‪ ً،‬ذلك لرنا تتبعناه فوجدناه غير موفقا فيما يروى من الحاديث فى تفسيره‪ ً،‬فقد أكثر من ذكر‬
‫الموضوعات‪ ً،‬خصوصا ما وضعه الشيعة ونسبوه إلى النبى صلى ال عليه وسلم أو إلى أهل البيت مما‬
‫يشهد لمعتقداتهم ويدل على تشيعهم‪ .‬وإذا نحن تتبعنا ما يرويه من الحاديث فى فضائل السور لوجدناه‬
‫قد وقع فيما وقع فيه كثير من المفيسرين من الغترار بما جاء من الحاديث فى فضائل السور مسندا‬
‫إلى أيمب سى وغيره‪ ً،‬ومرفوعا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وهى أحاديث موضوعة باتفاقا أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫كذلك لو تتبعنا هذا التفسير لوجدنا صاحبه يروى فى تفسيره من الحاديث ما يشهد لمذهبه أو يتصل به‪ً،‬‬
‫وهى أخبار نقرؤها ول نكاد نرى عليها صبغة الصدقا ورواء الحقا‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من سورة الرعد‪} :‬إررنممآ مأنمت يمنرذفر مورليكيل مقهوهَم مهاهَد{ُ‪ ..‬نجد أنه‬ ‫فمث ل‬
‫يذكر من الروايات سما هو موضوع على ألسنة الشيعة‪ ً،‬ثم يمر عليها بدون تعقيب منه‪ ً،‬مما يدل على‬
‫أنه يصدقها ويقول بها‪ .‬فهو بعد أن ذكر أقوالل أربعة فى معنى هذه الية نقل عن ابن عباس أنه قال‪:‬‬
‫"لما نزلت الية قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أنا المنذر وعلسى الهادى من بعدى‪ ً،‬يا علسى‪ ً،‬بك‬
‫يهتدى المهتدون"‪ .‬ونقل بسنده إلى أبى بردة السلمى أنه قال‪" :‬دعا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بالطهور‪ ً،‬وعنده علسى ابن أبى طالب‪ ً،‬فأخذ رسول ال بيد علسى بعد ما تطهر فألزمها بصدره ثم قال‪:‬‬
‫}إررنممآ مأنمت يمنرذفر{ُ‪ ً،‬ثم ردها إلى صدره‪ ً،‬ثم قال‪} :‬مورليكيل مقهوهَم مهاهَد{ُ‪ ً،‬ثم قال‪ :‬إنك منارة النام‪ ً،‬وغاية الهدى‪ً،‬‬
‫وأمير القرى‪ ً،‬وأشهد علسى ذلك أنك كذلك"‪.‬‬
‫ل أمهسمألييكهم معلمهيره أمهجرا إر ر‬
‫ل ٱهلممموردمة‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [23‬من سورة الشورى‪} :‬يقل ر‬ ‫ومث ل‬
‫رفي ٱهليقهرمبـى{ُ‪ ..‬نجده يذكر أقوالل ثلثة فى معنى هذه الية‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ل أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجرا إل التوادد والتحاب فيما يمقيرب إلى ال تعالى‬
‫من العمل الصالح‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬إل أن تودوا قرابتى وتحفظونى فيهم‪ ...‬وهنا يسوقا من الروايات عن أهل البيت وغيرهم ما‬
‫يصيرح بأن الذين أمر ال بمودتهم‪ :‬علسى وفاطمة وولدهما‪ ً،‬ويروى ‪ -‬فيما يروى ‪ -‬هذا الحديث الغريب‬
‫الذى نقله من كتاب "شواهد التنزيل لقواعد التفضيل" مرفوعا إلى أبى يأمامة الباهلى قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن ال تعالى خلقا النبياء من أشجار شرتى‪ ً،‬ويخلقت أنا وعلسى من شجرة واحدة‪ً،‬‬
‫وعلى فرعها‪ ً،‬وفاطمة لقاحها‪ ً،‬والحسن والحسين ثمارها‪ ً،‬وأشياعنا أوراقها‪ ً،‬فمن تعرلقا‬ ‫ر‬ ‫فأنا أصلها‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بغصن من أغصانها نجا‪ ً،‬وممن زاغا عنها هوى‪ ً،‬ولو أن عبدا عبد ال بين الصفا والمروة ألف عام ثم‬
‫ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالى‪ ً،‬ثم لم يدرك محبتنا كربه ال على منخريه فى النار‪ ً،‬ثم‬
‫ل أمهسمألييكهم معلمهيره أمهجرا إر ر‬
‫ل ٱهلممموردمة رفي ٱهليقهرمبـى{ُ‪.‬‬ ‫تل‪} :‬يقل ر‬
‫**‬
‫* موقفه من السرائيليات‪:‬‬
‫وكثيرا ما يروى الطبرسى فى تفسيره الروايات السرائيلية معزروة إلى قائليها‪ ً،‬ونلحظ عليه أنه يذكرها‬
‫بدون أن ييعيقب عليها‪ ..‬اللريههم إل إذا كانت مما يتنافى مع العقيدة‪ ً،‬فإنه ينبه على كذب الرواية‪ ً،‬ويبين ما‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [21‬وما بعدها من سورة‬ ‫فيها من مجافاتها للحقا ويبعدها عن الصواب‪ ً،‬فمث ل‬
‫صرم إرهذ متمسرويروها ٱهلرمهحمرامب * إرهذ مدمخيلوها معلمـى مدايوومد ‪ ...ُ{....‬اليات‪ ً،‬نجده يقولك‬ ‫)ص(‪} :‬مومههل أممتامك منمبيأ ٱهلمخ ه‬
‫"واختلف فى استغفار داود من أى شئ كان‪ ً،‬فقيل‪ :‬إنه حصل منه على سبيل النقطاع إلى ال تعالى‬
‫والخضوع والتذلل بالعبادة والسجود‪ ً،‬كما أخبر سبحانه عن إبراهيم بقوله‪} :‬موٱرلرذييِ أمهطمميع مأن ميهغرفمر رلي‬
‫مخرطيمئرتي ميهوم ٱليديرن{ُ‪ ..‬وأما قوله‪} :‬مفمغمفهرمنا لميه مذرلمك{ُ فالمعنى أرنا قبلناه منه وأثبتناه‪ ً،‬فأخرجه على لفظ‬
‫الجزاء مثل قوله‪} :‬يمخارديعومن ٱلرلمه مويهمو مخارديعيههم{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬ٱللريه ميهسمتههرزىيء ربرههم{ُ‪ .‬فلما كان المقصود من‬
‫الستغفار والتوبة القبول قيل فى جوابه‪" :‬غفرنا" وهذا قول من يمنيزه النبياء عن جميع الذنوب من‬
‫المامية وغيرهم‪ .‬وممن جروز على النبياء الصغائر قال‪ :‬إن استغفاره كان لذنب صغير وقع منه‪ ً،‬ثم‬
‫إنهم اختلفوا فى ذلك على وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يأوريا بن حسيان خطب امرأة وكان أهلها أرادوا أن يزيوجوها منه‪ ً،‬فبلغ داود جمالها فخطبها‬
‫أيضا فزروجوها منه‪ ً،‬فقردموه على أوربا‪ ً،‬فعوتب داود على الدنيا‪ ..‬عن الجبائى‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنه أخرج يأوريا إلى بعضِ ثغوره فيقتل فلم يجزع عليه جزعه على أمثاله من جنده إذ مالت‬
‫نفسه إلى نكاح امرأته‪ ً،‬فعوتب على ذلك بنزول الممملكين‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أنه كان فى شريعته أن الرجل إذا مات وخرلف امرأته فأولياؤه أحقا بها إل أن يرغبوا عن‬
‫التزوج بها‪ ً،‬فحينئذ يجوز لغيرهم أن يتزوج‪ ً،‬فلما يقتل يأوريا خطب داود امرأته ومنعت هيبة داود‬
‫وجللته أولياءه يخطبوها فعوتب على ذلك‪.‬‬
‫ل بالعبادة فأتاه رجل وامرأة متحاكمين فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها‬ ‫ورابعها‪ :‬أن داود كان متشاغ ل‬
‫وذلك مباح‪ ً،‬فمالت نفسه إليها ميل الطباع ففصل بينهما وعاد إلى عبادة ربه‪ ً،‬فشغله الفكر فى أمرها عن‬
‫بعضِ نوافله فعوتب‪.‬‬
‫وخامسها‪ :‬أنه عوتب على عجلته فى الحكم قبل التثبت‪ ً،‬وكان يجب عليه حين سمع الدعوى من أحد‬
‫الخصمين أن يسأل الخر عما عنده فيها ويحكم عليه قبل ذلك‪ ً،‬وإنما أنساه التثبت فى الحكم فزعه من‬
‫دخولهما عليه فى غير وقت العادة‪.‬‬
‫على إبراهيم فاتخذيته خلي ل‬
‫ل‪ً،‬‬ ‫ضلمت ر‬ ‫وأما ما يذكر فى القصة أن داود كان كثيرا الصلة فقال‪ :‬يا رب ف ر‬
‫ضلمت علسى موسى فكرلممته تكليما‪ ً،‬فقال‪ :‬يا داود إنا ابتليناهم بما لم نبتلك بمثله فإن شئت ابتليهت‪ ً،‬فقال‪:‬‬ ‫وف ر‬
‫نعم يا رب فابتلنى‪ ً،‬فبينا هو فى محرابه ذات يوم وقعت حمامة‪ ً،‬فأراد أن يأخذها فطارت إلى كروة‬
‫المحراب‪ ً،‬فذهب ليأخذها فاطلع من الكروة فإذا امرأة يأوريا ابن حريان تغتسل فهواها ومهرم بتزوجها‪ ً،‬فبعث‬
‫بيأوريا إلى بعضِ سراياه وأمر بتقديم أمام التابوت الذى فيه السكينة ففعل ذلك ويقرتل‪ ً،‬فلما انقضت رعردتها‬
‫تزوجها وبنى بها فولد له منها سليمان‪ ً،‬فبينا هو ذات يوم فى محرابه يقرأ إذ دخل عليه رجلن ففزع‬
‫ضِ‪ ...ُ{...‬إلى قوله‪} :‬مومقرليفل رما يههم{ُ‪ ..‬فنظر أحد‬ ‫ضمنا معلمـى مبهع هَ‬ ‫ل متمخهف مخ ه‬
‫صممارن مبمغـى مبهع ي‬ ‫منهما‪ ً،‬فقال‪ } :‬م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الرجلين إلى صاحبه ثم ضحك فتنبه داود على أنهما ملكان بعثهما ال إليه فى صورة خصمين ليبكتاه‬
‫على خطيئته فتاب وبكى حتى نبت الزرع من كثرة دموعه‪ ً،‬فمما ل شبهة فى فساده‪ ً،‬فإن ذلك مما يقدح‬
‫فى العدالة فكيف يجوز أن يكون أنبياء ال تعالى الذين هم أمناؤه على وحيه وسفراؤه بينه وبين خلقه‬
‫بصفة ممن ل يتقبل شهادته وعلى حالة تنفر عن الستماع إليه والقبول منه؟ مجرل أنبياء ال عن ذلك‪ .‬وقد‬
‫روى عن أمير المؤمنين أنه قال‪ :‬ل يأوتى برجل يزعم أن داود تزوج امرأة يأوريا إل جلديته حردين‪ :‬حدا‬
‫للنبوة‪ ً،‬وحدا للسلم"‪.‬‬
‫**‬
‫* التفسير الرمزى‪:‬‬
‫والطبرسى مع أنه فى كتابه هذا ييفيسر القرآن تفسيرا يتمشى مع الظاهر المتبادر إلى الذهن إل أرنا نلحظ‬
‫عليه أحيانا أنه يذكر المعانى الباطنية‪ ً،‬أو بعبارة أخرى يذكر التفسير الرمزى الذى يقول به الشيعة‪ً،‬‬
‫ل لهذه القوال إل أنه يرتضيها ول يرد عليها‪ ً،‬وكثيرا ما يؤيدها بأدلة من عنده‪.‬‬ ‫وهو وإن كان ناق ل‬
‫ضِ مممثيل‬ ‫لهر ر‬ ‫مثال ذلك أنه عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النور‪} :‬ٱللريه ينوير ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫صمبافح{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يقول بعد كلم طويل‪" :‬واختلف فى هذا المشبه والمشبه به‬ ‫ينوررره مكرمهشمكاهَة رفيمها رم ه‬
‫على أقوال"‪ ..‬ثم ذكر هذه القوال‪ ً،‬فكان من جملة ما ذكره هذه الروايات التى ل تعدو أن تكون من‬
‫وضع الشيعة‪ ً،‬وهى ما روى عن الرضا أنه قال‪" :‬نحن المشكاة فيها المصباح محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم يهدى ال لوليتنا من أحب"‪ .‬وما نقله من كتاب التوحيد لبى جعفر بن بابويه رحمه ال بالسناد‬
‫صمبافح{ُ قال‪ :‬نور العلم فى صدر‬ ‫عن عيسى بن راشد عن أبى جعفر الباقر فى قوله‪} :‬مكرمهشمكاهَة رفيمها رم ه‬
‫صمبايح رفي يزمجامجهَة ٱلسزمجامجية{ُ الزجاجة صدر علسى‪ ً،‬صار علم النبى إلى صدر علسى‪ ً،‬عرلم النبى‬ ‫النبى‪} ً،‬ٱهلرم ه‬
‫ل مغهرربريهَة{ُ ل يهودية ول نصرانية‪} ً،‬ميمكايد مزهييتمها‬ ‫عليا‪} ً،‬ييومقيد رمن مشمجمرهَة سممبامرمكهَة{ُ نور العلم‪ } ً،‬ر‬
‫ل مشهررقريهَة مو م‬
‫ضيييء مولمهو لمهم متهممسهسيه منافر{ُ قال‪ :‬يكاد العالم من آل محمد يتكلم بالعلم قبل أن ييسئل‪ } ً،‬سنوفر معلمـى ينوهَر{ُ أى‬ ‫ير‬
‫إمام مؤريد بنور العلم والحكمة فى أثر إمام من آل محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ذلك من النبى آدم عليه‬
‫السلم إلى أن تقوم الساعة‪ .‬فهؤلء الوصياء الذين جعلهم ال خلفاء فى أرضه‪ ً،‬وحججه على خلقه‪ ً،‬ل‬
‫تخل الرضِ فى كل عصر من واحد منهم‪ ً،‬ويدل عليه قول أبى طالب‪:‬‬
‫*أنت المير محمد * قرم أغر مسود*‬
‫*لمسودين أطاهر * كرموا وطاب المولد*‬
‫*أنت السعيد من السعو * د تكنفتك السعد*‬
‫*من لدن آدم لم يزل * فينا وصى مرشد*‬
‫*ولقد عرفتك صادقا * والقول ل يتفند*‬
‫*مازلت تنطقا بالصوا * ب وأنت طفل أمرد*‬
‫تحقيقا هذه الجملة يقتضى أن الشجرة المباركة المذكورة فى الية هى دوحة التقى والرضوان وعترة‬
‫الهدى واليمان‪ ً،‬شجرة أصلها النبوة‪ ً،‬وفرعها المامة‪ ً،‬وأغصانها التنزيل‪ ً،‬وأوراقها التأويل‪ ً،‬وخدمها‬
‫جبريل وميكائيل"‪.‬‬
‫**‬
‫* اعتداله فى تشيعه‪:‬‬
‫والطبرسى معتدل فى تشيعه غير مغال فيه كغيره من متطرفى المامية الثنا عشرية‪ ً،‬ولقد قرأنا فى‬
‫تفسيره فلم نلمس عليه تعصبا كبيرا‪ ً،‬ولم نأخذ عليه أنه كرفر أحدا من الصحابة أو طعن فهم بما ييذهب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بعدالتهم ودينهم‪.‬‬
‫كما أنه لم يغال فى شأن علسى بما يجعله فى مرتبة الله أو مصاف النبياء‪ ً،‬وإن كان يقول بالعصمة‪.‬‬
‫ولقد وجدناه يروى عن رسول ال صلى ال عليه وسلم حديثا فى شأن ممن وإلى عليا وممن عاداه‪ ً،‬وهو‬
‫بصرف النظر عن درجته من الصحة يدل على أن الرجل وقف موقفا وسطا أو فوقا الوسط إلى حد ما‬
‫فيه من حبه لعل سى رضى ال عنه‪ ً،‬هذا الحديث هو ما رواه فى الوجه الرابع من الوجوه التى قيلت فى‬
‫ضررمب ٱهبين ممهرميم مممث ل‬
‫ل إرمذا مقهويممك رمهنيه‬ ‫سبب نزول قوله تعالى فى الية ]‪ [57‬من سورة الزخرف‪} :‬مولمرما ي‬
‫صسدومن{ُ‪ ً،‬حيث قال‪ .." :‬ورابعها‪ :‬ما رواه سادة أهل البيت عن علسى عليهم أفضل الصلوات أنه قال‪:‬‬ ‫مي ر‬
‫ل من قريش فنظر إلسى ثم قال‪ :‬يا علسى؛ً إنما مثلك فى هذه المة‬ ‫جئت إلى رسول ال يوما فوجدته فى م هَ‬
‫كمثل عيسى ابن مريم أحبه قوم فأفرطوا فى حبه فهلكوا‪ ً،‬وأبغضه قوم وأفرطوا فى بغضه فهلكوا‪ً،‬‬
‫واقتصد فيه قوم فنجوا‪ ً،‬فعظم ذلك عليهم فضحكوا وقالوا‪ :‬يشبه بالنبياء والرسل‪ ..‬فنزلت الية"‪.‬‬
‫وكل ما لحظناه عليه من تعصبه أنه يدافع بكل قوة عن يأصول مذهبه وعقائد أصحابه‪ ً،‬كما أنه إذا‬
‫روى أقوال المفيسرين فى آية من اليات ونقل أقوال المفيسرين من أهل مذهبه فيها نجده يرتضى قول‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [58‬من سورة‬ ‫علماء مذهبه ويؤيده بما يظهر له من الدليل‪ .‬فمث ل‬
‫لممامنارت إرمليى أمههرلمها{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬قيل فى المعنيى بهذه الية‬ ‫النساء‪} :‬إرن ٱلرلمه ميهأيميريكهم مأن يتؤسدوها ٱ م‬
‫ر‬
‫أقوال"‪ ..‬ثم يذكر القوال‪ ً،‬ويذكر ما رواه أصحابه عن أبى جعفر الباقر وأبى عبد ال الصادقا من أنهما‬
‫قال‪" :‬أمر ال كل واحد من الئمة أن ييسيلم المر إلى ممن بعده"‪ ..‬ثم قال مؤيدا لهذا القول‪" :‬ويعضده أنه‬
‫أمر الرعية بعد هذا بطاعة ولة المر‪ .‬وروى عنهم أنهم قالوا‪ :‬آيتان إحداهما لنا والخرى لكم‪ ً،‬قال‬
‫ال‪} :‬إرن ٱلرلمه ميهأيميريكهم مأن يتؤسدوها ٱ م‬
‫لممامنارت إرلميى أمههرلمها{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫ٱلرريسول موأهورلي ٱلهمرر رمهنكهم{ُ‪ ...‬الية"‪.‬‬ ‫م‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [59‬من سورة النساء‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها‬ ‫ومث ل‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نجده بعد أن يذكر ما جاء عن بعضِ المسملف من أن المراد بيأولى‬ ‫ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫المر المراء‪ ً،‬وما جاء عن بعضهم من أن المراد بهم العلماء يقول‪" :‬وأما أصحابنا فإنهم رووا عن‬
‫الباقر والصادقا أن يأولى المر هم الئمة من آل محمد‪ ً،‬أوجب ال طاعتهم بالطلقا كما أوجب طاعته‬
‫وطاعة رسوله‪ ً،‬ول يجوز أن يوجب ال طاعة أحد على الطلقا إلا من ثبت عصمته‪ ً،‬وعلم أن باطنه‬
‫كظاهره‪ ً،‬وأمن منه الغلط والمر بالقبيح‪ ً،‬وليس ذلك بحاصل فى المراء ول العلماء سواهم‪ ً،‬جرل ال أن‬
‫ييطاعه من يعصيه‪ ً،‬أو بالنقياد للمختلفين فى القول والفعل‪ ً،‬لنه محال أن ييطاع المختلفون‪ ً،‬كما أنه‬
‫محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه‪ .‬ومما يدل على ذلك أيضا أن ال لم يقرن طاعة يأولى المر بطاعة‬
‫رسوله كما قرن طاعة رسوله بطاعته‪ ً،‬أل وإن يأولى المر فوقا الخلقا جميعا‪ ً،‬كما أن الرسل فوقا يأولى‬
‫المر وفوقا سائر الخلقا‪ ً،‬وهذه صفة أئمة الهدى من آل محمد الذين ثبتت إمامتهم وعصمتهم‪ ً،‬واتفقت‬
‫المة على علو رتبتهم وعدالتهم"‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬أفل ترى معى أن هذا التفسير يجمع بين حسن الترتيب‪ ً،‬وجمال التهذيب‪ ً،‬ودقة التعليل‪ ً،‬وقووة‬
‫اليح رجة؟ أظن أنك معى فى هذا‪ ً،‬وأظن أنك معى أيضا فى أن الطبرسى وإن دافع عن عقيدته ونافح عنها‬
‫لم يغل غلو غيره ولم يبلغ به المر إلى الدرجة التى كان عليها المولى الكازرانى وأمثاله من غلة‬
‫المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫***‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -4‬الصافى فى تفسير القرآن )لمل محسن الكاشى( (‬

‫* التعريف بصاحب هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير هو محمد بن الشاه مرتضى بن الشاه محمود‪ ً،‬المعروف بمل محسن‪ ً،‬وبالفيضِ‬
‫الكاشى‪ ً،‬وأحد غلة المامية الثنا عشرية‪ .‬قال صاحب روضات الجرنات فى ترجمته ما ملخصه‪:‬‬
‫"وأمره فى الفضل والفهم والنبالة فى الفروع والصول‪ ً،‬والحاطة بمراتب المعقول والمنقول‪ ً،‬وكثرة‬
‫التأليف والتصنيف‪ ً،‬مع جودة التعبير والترصيف‪ ً،‬أشهر من أن يخفى فى هذه الطائفة على أحد إلى‬
‫منتهى البد‪ .‬وعمره كما استفيد لنا من تتبع تصانيفه الوافرة تجاوز حدود الثمانين‪ .‬ووفاته بعد اللف‬
‫من الهجرة الطاهرة بنيف يلحقا تمام التسعين‪ .‬وأبوه مرتضى المذكور أيضا كان من العلماء‪ ً،‬وكذا أخوه‬
‫محمد المعروف بنور الدين‪ ً،‬وكذا أخوه الخر المشهور بالمولى عبد الغفور‪ ً،‬وبالجملة‪ :‬فقد كان بيته‬
‫الجليل المرتفع قدره إلى ذروة الفلك‪ ً،‬من كبار بيوتات العلم والعمل والفضل والدراك‪ .‬وأما نفس‬
‫الرجل فقد بلغ فضله إلى حيث لم ييعرف بني هذه الطائفة مثله‪ ً،‬وخصوصا فى مراتب المعرفة‬
‫والخلقا‪ ً،‬وتطبيقا الظواهر بالبواطن بحسن المذاقا‪ ً،‬وجودة الشراقا‪ ً،‬وكان يشبه مشربه مشرب أبى‬
‫حامد الغزالى‪ ً،‬وقد نسب إليه الشيخْ على المشهدى العاملى فى ذيل رسالته فى تحريم الغناء وغيرها‪ً،‬‬
‫كثيرا من القاويل الفاسدة‪ ً،‬والراء الباطلة والعاطلة‪ ً،‬التى تفوح منها رائحة الكفر والمضارة‬
‫بضروريات هذا الدين المتين‪ ً،‬والمضادة لما هو من قطعيات علم هذا الشرع المتين‪ ً،‬ولو أردنا تأويل‬
‫جملة منها بمحامل وجيهة صحيحة لما أمكننا ذلك بالنسبة إلى ما تدل عليه ألفاظه الظاهرة بل‬
‫الصريحة‪ ...‬من منافيات أصول هذه الشريعة وفروع مذهب الشيعة‪ .‬مثل قوله بوحدة الوجود‪ ً،‬وبعدم‬
‫خلود الكفار فى عذاب النار‪ ً،‬وعدم نجاة أهل الجتهاد وإن كانوا فى جملة أجلئنا الكبار‪ ً،‬وفى قوله‬
‫بعدم منجسية المتنجس لغيره مثل النجس‪ ..‬وبالجملة فقد كان رحمه ال دائما فى طرف النقيضِ من‬
‫الشيخْ على المذكور‪ ...‬ومن جملة ممن كان ينكر عليه أيضا كثيرا من علماء زمانه الفاضل المحيدث‬
‫المولى محمد طاهر اليقيمى صاحب كتاب يحرجة السلم وغيره‪ ً،‬وإن قيل إنه رجع فى أواخر عمره عن‬
‫اعتقاده السوء فى حقه‪ ً،‬فخرج من "يقم" المباركة إلى بلدة" كاشان" للعتراف عنده بالخلف‪ ً،‬والعتذار‬
‫لديه بحسن النصاف‪ ً،‬ماشيا على قدميه إلى أن وصل إلى باب داره‪ ً،‬فنادى‪ :‬يا محسن قد أتاك المسئ‪ً،‬‬
‫فخرج إليه مولنا المحسن وجعل يتصافحان ويتعانقان ويستحل كل منهما من صاحبه ثم رحل من فوره‬
‫إلى بلده وقال‪ :‬لم أرد من هذه الحركة إل هضم النفس وتدارك الذنب وطلب رضوان ال العزيز‬
‫الو رهاب‪ .‬ويقال أيضا‪ :‬إن بعضِ من اعتقد فى حقه الباطل رجع عنه بعد وفاته لما رآه فى المنام على‬
‫هيئة سحسنة يأمره بالرجوع إلى بعضِ ما كتبه فى أواخر عمره وهو فى مكان كذا كذا‪ ً،‬فلما استيقظ‬
‫وطلبه وجده كما نسبه‪ ً،‬وكان فيه تبرئة نفسه من جميع ما يينسب إليه من أقوال الضلل‪ ...‬وقد ذكره‬
‫صاحب أمل المل فقال‪ :‬المولى الجليل‪ ً،‬محمد بن مرتضى‪ ً،‬المدعى بمحسن الكاشى‪ ً،‬كان فاض ل‬
‫ل‬
‫عالما‪ ً،‬حكيما متكلما‪ ً،‬محيدثا فقيها‪ ً،‬شاعرا أديبا‪ ً،‬أحسن التصنيف‪ ً،‬من المعاصرين‪ ً،‬وله كتب‪ :‬منها كتاب‬
‫ل إلى بعضِ طريقة‬ ‫الوافى فى جمع الكتب الربعة مع شرح أحاديثها المشكلة‪ ً،‬وهو حسن إل أن فيه مي ل‬
‫الصوفية‪ ً،‬وكذا جملة من كتبه‪ ً،‬وكتاب سفينة النجاة فى طريقة العمل‪ ً،‬وتفاسير ثلثة‪ :‬كبير وصغير‬
‫ومتوسط‪ ً،‬وكتاب معهين اليقين‪ ً،‬وكتاب علم اليقين‪ ً،‬وكتاب حقا اليقين‪ ..‬وقال صاحب لؤلؤة البحرين‪:‬‬
‫"وهذا الشيخْ كان فاض ل‬
‫ل‪ ً،‬محيدثا‪ ً،‬إخباريا‪ ً،‬صلبا‪ ً،‬كثير الطعن على المجتهدين‪ ً،‬ول سيما فى رسالة‬
‫ل عن الفسقا‪ ً،‬مثل إيرادة الية‪:‬‬ ‫سفينة النجاة‪ ً،‬حتى إنه ييفهم منها نسبة جملة من العلماء إلى الكفر فض ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل متيكن رممع ٱهلمكارفرريمن{ُ‪ ..‬وهو تفريط وغلو بحت‪ ً،‬مع أن له أدلة من المقالت التى‬ ‫}ـييبمنري ٱهرمكمب رممعمنا مو م‬
‫جرى فيها على مذهب الصوفية والفلسفة مما يكاد يوجب الكفر والعياذ بال‪ ً،‬مثل ما يدل فى كلمه‬
‫على القول بوحدة الوجود‪ ً،‬وقد وقفيت له على رسالة قبيحة صريحة فى القول بذلك‪ ً،‬قد جرى فيها على‬
‫عقائد ابن عربى الزنديقا‪ ً،‬وأكثر فيها من النقل عنه وإن عربر عنه ببعضِ العارفين‪ .‬ثم قال‪ :‬وقد تتلمذ‬
‫فى الحديث على السيد ماجد البحرانى‪ ً،‬وفى الحكمة والصول على صدر الدين محمد ابن إبراهيم‬
‫الشيرازى‪ ً،‬كان صهره على ابنته‪ ً،‬ولذا ترى أن كتبه فى الصول كلها على قواعد الصوفية والفلسفة‪.‬‬
‫ولشتهار مذهب التصوف فى بلد العجم وميلهم إليه‪ ً،‬بل وغلوهم فيه صارت إليه المرتبة العليا فى‬
‫زمانه‪ ً،‬والغاية القصوى فى أوانه‪ ً،‬وفاقا عند الناس جملة أقرانه‪ .‬حتى جاء شيخنا المجلس فسعى غاية‬
‫السعى فى سد تلك الشقائقا الفاغرة‪ ً،‬وإطفاء ثائرة البدع البائرة‪ .‬وله تصانيف كثيرة أفرد لها فهرسا على‬
‫حدة ونحن ننقل عنه ملخصا‪ :‬كتاب الصافى فى تفسير القرآن يقرب من سبعين ألف بيت فرغا من تأليفه‬
‫فى سنة ‪ 1075‬هـ ) خمس وسبعين بعد اللف من الهجرة(‪ .‬وكتاب الصفى‪ ً،‬منتخب منه‪ ً،‬أحد‬
‫وعشرين ألف بيت تقريبا‪ .‬ثم عردد كتبه التى ألفها وهى كثيرة‪ .‬وحكى السيد السعيد السيد نعمة ال‬
‫الجزائرى التسترى قال‪ :‬كان أستاذنا المحققا المولى محمد محسن الكاشانى صاحب مؤلفات وفيرة مما‬
‫يقرب من مائتى كتاب ورسالة‪ ً،‬وكان نشوه فى بلدة "يقم"‪ ً،‬فسمع بقدوم السيد الرجل المحققا المام الهمام‬
‫السيد ماجد البحرانى الصادقى إلى "شيراز"‪ ً،‬فأراد الرتحال إليه لخذ العلوم منه‪ ً،‬فتردد والده فى‬
‫الرخصة إليه‪ ً،‬ثم بنوا الرخصة وعدمها على الستخارة‪ ً،‬فلما فتح القرآن جاءت الية‪} :‬مفلمهو م‬
‫ل منمفمر رمن‬
‫يكيل رفهرمقهَة يمهنيههم مطآرئمففة ليميمتمفرقيهوها رفي ٱليديرن{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬ثم بعده تفاءل بالديوان المنسوب إلى مولنا أمير‬
‫المؤمنين فجاءت البيات هكذا‪:‬‬
‫تغرب عن الوطان فى طلب العل * وسارفر ففى السفار خمس فوائد*‬
‫تفرج هم‪ ً،‬واكتساب معيشة * وعلم‪ ً،‬وآداب‪ ً،‬وصحبة ماجد*‬
‫هذه ترجمة المؤلف وفيها ما يشهد للرجل بعلو كعبه بين أصحابه فى العلم‪ ً،‬كما أن القوال التى قيلت‬
‫عن عقيدته تكاد تكون مجمعة لى أنها عقيدة زائفة فاسدة‪ ً،‬وإن كان صاحب روضات الجرنات يحاول‬
‫تبرئته من هذه التهمة ويقول إنها فرية بل مرية‪ ..‬أما أنا فلم ألحظ عليه فى تفسيره أثرا للقول بوحدة‬
‫الوجود‪ ً،‬ول ما يشهد بأنه يرى عدم خلود الكفار فى عذاب النار‪ .‬ولم أر على تفسيره ذلك اللون‬
‫الصوفى الفلسفى‪ ً،‬ولعل الكتاب من أواخر مؤلفاته وبعد رجوعه عما ينرسب إليه وايترهم به"‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫الصافى فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬كتاب فرسر فيه صاحبه القرآن الكريم على وفقا مبادئ المامية الثنا‬
‫عشرية‪ .‬وهو تفسير وسط يقع فى جزئين كبيرين ومتناول لشرح اليات القرآنية شرحا مختصرا جدا‬
‫ل على عقيدة‬ ‫ول يطيل إل إذا وجد فى الية ما يمكن أن يأخذ منه شاهدا على مبدأ من مبادئه‪ ً،‬أو دلي ل‬
‫من عقائده‪ ً،‬أو دفعا يدفع به رأيا من آراء مخالفيه‪ .‬كذلك يطيل عندما يعرضِ لشرح قصة من قصص‬
‫القرآن‪ ً،‬أو غزوة من غزوات الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬والكتاب يعتمد أولل وقبل كل شئ على ما‬
‫ورد من التفسير عن الئمة وعلماء أهل البيت‪ ً،‬شأنه فى هذا شأن كل كتب التفسير عند المامية الثنا‬
‫عشرية‪ ً،‬الذين يعتقدون أن أهل البيت هم أدرى الناس بأسرار القرآن وأعلمهم بمعانيه‪ ً،‬والكتاب فى‬
‫جملته يدل على مقدار تعصب صاحبه لمذهبه وغلوه فى تشيعه‪ ً،‬فهو يجادل ويدافع عن مبادئ حزبه‪ً،‬‬
‫ويطعن فى صاحبه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويرميهم بالنفاقا والكفر‪ ..‬إلى غير ذلك مما ستقف‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عليه فيما بعد إن شاء ال تعالى‪ .‬هذا وقد قردم مل محسن الكاشى لتفسيره باثنتى عشرة مقدمة‪ ً،‬أرى أنه‬
‫ل داعى لذكرها جميعا‪ ً،‬ولكن حسبى وحسب القارئ أن أذكر أهم الراء التى يقول بها المؤلف‬
‫ويشرحها لنا فى هذه المقدمات‪ ً،‬ثم أذكر طريقته التى سار عليها فى تفسيره كما أوضحها هو‪ ً،‬ثم‬
‫أعرضِ على القارئ بعد ذلك بعضِ مواقف المؤلف فى تفسيره‪ ً،‬ومنها يتبين جليا قيمة هذا التفسير‬
‫وطريقة مؤلفه فيه‪ ً،‬ومسلكه الذى سلكه فى شرحه لكتاب ال تعالى بما يتفقا مع مذهبه ويتمشى مع‬
‫عقيدته‪ ً،‬وإليك أهم هذه الراء التى قالها المؤلف‪:‬‬
‫* آل البيت هم تراجمة القرآن‪ ً،‬لنهم جمعوا علمه كله دون ممن عداهم"‪.‬‬
‫يرى المؤلف أن آل البيت هم تراجمة القرآن دون ممن عداهم‪ ً،‬فهم الذين جمعوا علم القرآن كله وأحاطوا‬
‫بمعانيه وأسراره‪ ً،‬ووقفوا على رموزه وإشارته‪ ً،‬ذلك لنه القرآن نزل فى بيتهم ‪ -‬بيت النبوة ‪ -‬ورب‬
‫البيت أدرى بما فيه‪ ً،‬وهو فى هذه العقيدة ل يشذ وحده بل هو رأى هذه الطائفة كلها ل فرقا بين معتدل‬
‫ومتطرف‪ .‬يرى المؤلف هذا الرأى ويصيرح به فى مقدمة تفسيره فيقول‪ ..." :‬وإن العترة تراجمة القرآن‬
‫فممن الكشاف عن وجوه عرايس أسرار ودقائقه وهم خوطبوا به؟ وممن لتبيان مشكلته ولديه مجمع بيان‬
‫معضلته ومنبع بحر حقائقه وهم أبو حسنة؟ وممن يشرح آيات ال وييسر تفسيرها بالرموز والصراح‬
‫إل ممن شرح ال صدره بنوره ومرثله بالمشكاة والمصباح؟ وممن عسى يبلغ علمهم بمعالم التنزيل‬
‫والتأويل‪ ً،‬وفى بيوتهم كان ينزل جبريل؟‪ ..‬وهى البيوت التى أذن ال أن يترفع‪ ً،‬فمنهم ييؤخذ ومنهم‬
‫ييسمع‪ .‬إذن أهل ابيت بما فى البيت أدرى‪ ً،‬والمخامطبون بما يخوطبوا به أوعى‪ ً،‬فأين نذهب عن بابهم‬
‫وإلى ممن نصير‪"..‬‬
‫ثم يمضى صاحبنا بعد ذلك فيؤيد قوله هذا بأحاديث يرويها عن أهل البيت كلها ‪ -‬فيما نعتقد وكما يظهر‬
‫من أسلوبها ‪ -‬من وضع الشيعة وأخلقهم‪ ً،‬فمن ذلك ما نقله عن الكافى بإسناده عن سليم بن قيس‬
‫الهللى قال‪ :‬سمعت أمير المؤمنين عليه السلم يقول‪ ..‬وساقا الحديث إلى أن قال‪ :‬ما نزلت آية على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وآله إل أقرأنيها وأملها علسى فأكتبها بخطى‪ ً،‬وعرلمنى تأويلها‬
‫وتفسيرها‪ ً،‬وناسخها ومنسوخها‪ ً،‬ومحكمها ومتشابهها‪ ً،‬ودعا ال أن ييعيلمنى فهمها وحفظها‪ ً،‬فما نسييت‬
‫آية من كتاب ال‪ ً،‬ول علما أمله علسى فكتبته منذ دعا لى بما دعا‪ ً،‬وما ترك شيئا عرلمه ال من حلل‬
‫وحرام‪ ً،‬ول أمر ول نهى كان أو يكون من طاعة أو معصية إل عرلمنيه‪ .‬وحفظته فلم أنس منه حرفا‬
‫واحدا‪ ً،‬ثم وضع يده على صدرى ودعا ال أن يمل قلبى علما وفهما وحكمة ونورا‪ ً،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال‬
‫‪ -‬بأبى أنت وأمى ‪ -‬منذ دعومت ال لى بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتنى شئ لم أكتبه‪ ً،‬أمو تتخروف‬
‫ل" قال‪ :‬ورواه العياشى فى تفسيره‬ ‫على النسيان فيما بعد؟‪ .‬فقال‪ :‬لست أتخرويف عليك نسيانا ول جه ل‬ ‫س‬
‫والصدوقا فى إكمال الدين‪ .‬بتفاوت يسير فى ألفاظه‪ ً،‬وزيد فى آخره‪" :‬وقد أخبرنى ريبى أنه قد استجاب‬
‫لى فيك وفى شركائك الذين يكونون من بعدك‪ ً،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال؛ً وممن شركائى من بعدى؟ قال‪ :‬الذين‬
‫قرنهم ال بنفسه وبى‪ ً،‬فقال‪} :‬أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ..‬فقلت‪ :‬وممن هم؟ قال‪:‬‬
‫الوصياء منى إلى أن يردوا علرى الحوضِ‪ ً،‬كلهم هادين مهتدين ل يضرهم من خذلهم‪ ً،‬هم مع القرآن‬
‫والقرآن معهم‪ ً،‬ل يفارقهم ول يفارقونه‪ ً،‬بهم يتنصر يأمتى وبهم يتمطر‪ ً،‬وبهم ييدفع عنهم البلء‪ ً،‬وبهم‬
‫ييستجاب دعاؤهم‪ .‬فقلت‪ :‬يا رسول ال؛ً سيمهم لى‪ ..‬فقال‪ :‬ابنى هذا‪ ..‬ووضع يده على رأس الحسن‪ ً،‬ثم‬
‫قال‪ :‬ابنى هذا‪ ..‬ووضع يده على رأس الحسين‪ ً،‬ثم بان له يقال له‪ :‬علسى وسيولد سفى حياتك فأقرئه منى‬
‫السلم‪ ً،‬ثم تكملة اثنى عشر من ولد محمد‪ .‬فقلت له‪ :‬بأبى أنت ويأمى أنت فسيمهم لى‪ ً،‬فسرماهم رج ل‬
‫ل‬
‫ل كما‬‫ل‪ ً،‬فقال‪ :‬منهم ‪ -‬وال يا أخا بنى هلل ‪ -‬مهدى يأمة محمد‪ ً،‬الذى يمل الرضِ قسطا وعد ل‬ ‫رج ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يملئت ظلما وجورا‪ ً،‬وال أنى لعرف ممن يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم"‪.‬‬
‫ومنها ما نقله عن الكافى بإسناده إلى زيد الشرحام‪ ..‬قال‪ :‬دخل قتادة ابن دعامة على أبى جعفر عليه‬
‫السلم فقال‪ :‬يا قتادة؛ً أنت فقيه أهل البصيرة؟ فقال‪ :‬هكذا يزعمون‪ .‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬بعلم‬
‫يتف يسره أم بجهل؟ قال‪ :‬ل‪ ً،‬بل بعلم‪ ً،‬فقال له أبو جعفر عليه السلم‪ :‬فإن كنت يتفيسره بعلم فأنت أنت وأنا‬
‫أسألك‪ .‬قال قتادة‪ :‬سل‪ .‬قال‪ :‬أخبرنى عن قول ال تعالى فى سبأ‪} :‬مومقردهرمنا رفيمها ٱلرسهيمر رسييروها رفيمها لمميارلمي‬
‫موأمرياما آرمرنيمن{ُ‪ ..‬فقال قتادة‪ :‬ممن خرج من بيته بزاد وراحلة وكرى حلل يريد مهمذا البيت كان آمنا حتى‬
‫يرجع إلى أهله‪ .‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬نشدتك بال ‪ -‬يا قتادة ‪ -‬هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من‬
‫بيته بزاد وراحلة وكرى حلل يريد هذا البيت فييقطع عليه الطريقا فتذهب نفقته وييضرب مع ذلك‬
‫ضربة فيها اجتياحه؟ قال قتادة‪ :‬الرلهم نعم‪ .‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ويحك يا قتادة‪ ..‬إن كنت إنما‬
‫فرسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هكمت وأهلكت‪ ً،‬وإن كنمت أخذته من الرجال فقد هلكمت وأهلكت‪ ً،‬ويحك‬
‫يا قتادة‪ ..‬ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكرى حلل يؤم هذا البيت عارفا بحقنا‪ ً،‬يهوانا قلبه‪ ً،‬كما‬
‫قال ال تعالى‪} :‬مفٱِهجمعهل أمهفرئمدلة يممن ٱلرنارس متههروييِ إرلمهيرههم{ُ‪ ً،‬ولم يعين البيت فقيل‪ :‬إليه‪ ..‬ونحن والر دعوة‬
‫إبراهيم عليه السلم التى ممن هوانا قلبه يقربلت محرجته وإل فل‪ ً،‬يا قتادة فإذا كان ذلك كان آمنا من عذاب‬
‫جهنم يوم القيامة‪ .‬قال قتادة‪ :‬ل مجمرم ال ل يأفسرها إل هكذا‪ .‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ويحك يا‬
‫قتادة‪ ..‬إنما يعرف القرآن من يخوطب به"‪.‬‬
‫**‬
‫* ممن يجوز له أن ييفيسر القرآن برأيه‪:‬‬
‫ولكن هل معنى ذلك أن مل محسن يرى أن فهم معانى القرآن ومعرفة أسراره أصبح أمرا مقصورا‬
‫على أهل البيت وحدهم فيكون بذلك قد حجر واسعا وجحد فضل ممن عداهم من العلماء؟ أو يرى أن‬
‫القرآن فى فهمه قدر مشترك بين العلماء جميعا ل فرقا بين أهل البيت وغيرهم؟‪ ..‬الحقا أن صاحبنا‬
‫ل رحبا‪ ً،‬ولكن ممن هم يأولوا الفهم الذين يجز‬ ‫يرى أن فى معانى القرآن لرباب الفهم متسعا بالغا ومجا ل‬
‫لهم أن ييعرملوا عقولهم فى فهم معانى القرآن واستنباط أحكامه؟‪ .‬نرى المؤلف يحدد لنا يأولى الفهم‬
‫بحدود‪ ً،‬ويقيدهم بقيود لها صلة قوية بمذهبه الشيعى‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪ .." :‬فالصواب أن يقال‪ :‬إن ممن‬
‫يأخلص النقياد ل ولرسوله ولهل البيت عليهم السلم‪ ً،‬وأخذ عمله منهم‪ ً،‬وتتبع آثارهم‪ ً،‬واطلع على‬
‫جملة من أسرارهم‪ ً،‬بحيث حصل له الرسوخ فى العلم‪ ً،‬والطمأنينة فى المعرفة‪ ً،‬وانفتح عينا قلبه‪ ً،‬وهجم‬
‫لمور‪ ً،‬وباشر روح اليقين‪ ً،‬واستلن ما استوعره المترفون‪ ً،‬وأنس بما استوحش‬ ‫به العلم على حقائقا ا ي‬
‫منه الجاهلون‪ ً،‬وصحب الدنيا ببدن روحه معرلقة بالمحل العلى‪ ً،‬فله أن يستفيد من القرآن بعضِ غرائبه‪ً،‬‬
‫ويستنبط منه نبذا من عجائبه‪ ً،‬ليس ذلك من كرم ال بغريب‪ ً،‬ول من جوده بعجيب‪ ً،‬فليست السعادة وقفا‬
‫على قوم دون آخرين‪ ً،‬وقد معسدوا عليهم السلم جماعة من أصحابهم المتصفين بهذه الصفات من أنفسهم‪ً،‬‬
‫كما قالوا‪ :‬سلمان منا أهل البيت‪ ً،‬فممن هذه صفته فل يبعد دخوله فى الراسخين فى العلم‪ ً،‬العالمين‬
‫بالتأويل"‪.‬‬
‫**‬
‫* المؤلف يرى أن تفسير للقرآن بما جاء من أهل البيت هو التفسير المثالى ويطعن فى بقية الصحابة‬
‫وفى تفسيرهم‪:‬‬
‫ولما كان المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬قد جعل يجسل اعتماده فى تفسيره‪ ً،‬بل كله‪ ً،‬على ما وصل إليه من‬
‫التفسير عن آل البيت‪ ً،‬لعتقاده أنهم أدرى به من غيرهم‪ ً،‬فإرنا نراه يرى ‪ -‬مع شئ من التواضع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التقليدى ‪ -‬أن تفسيره هو التفسير المثالى الذى يجب أن ييحتذى‪ ً،‬كما نراه ل يعترف بتفسير غيره ممن‬
‫تقدم عصره‪ ً،‬بل ويبالغ فى عدم العتراف فيطعن على ممن عدا أهل البيت من الصحابة ويرميهم بالنفاقا‬
‫وغيره‪ ً،‬ول يرتضى ما جاء عنهم من تفسير‪ ً،‬كن عقول الصحابة جميعا قد عقمت وضرلت إل عقول‬
‫أهل البيت وممن والهم‪..‬‬
‫يقرر المؤلف هذا بكل صراحة وجراءة مع حملة ظالمة على صحابة رسول ال صلى ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪ .." :‬هذا يا إخوانى ما سألتمونى من تفسير القرآن‪ ً،‬بما وصل إلينا من‬
‫أئمتنا المعصومين من البيان‪ ً،‬أتيتكم به مع رقرلة البضاعة‪ ً،‬وقصور يدى عن هذه الصناعة‪ ً،‬على قدر‬
‫مقدور‪ ً،‬فإن المأمور معذور‪ ً،‬والميسور ل ييترك بالمعسور‪ ً،‬ول سيما أنى كنت أراه أمرا مهما‪ ً،‬وبدونه‬
‫أرى الخطب مدلهما‪ ً،‬فإن المفيسرين وإن أكثروا القول فى معانى القرآن‪ ً،‬إل أنه لم يأت أحد منهم فيه‬
‫بسلطان‪ ً،‬وذلك لن فى القرآن ناسخا ومنسوخا‪ ً،‬ومحكما ومتشابها‪ ً،‬وخاصا وعاما‪ ً،‬ومبينا ومبهما‪ً،‬‬
‫ومقطوعا وموصولل‪ ً،‬وفرائضِ‪ ً،‬وأحكاما‪ ً،‬ويسمننا وآدابا‪ ً،‬وحللل وحراما‪ ً،‬وعزيمة ويرخصة‪ ً،‬وظاهرا‬
‫وباطنا‪ ً،‬وحدا ومطلعا‪ ..‬ول يعلم تمييز ذلك كله إل ممن نزل فى بيته‪ ً،‬وذلك هو النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم وآله وأهل بيته‪ ً،‬فكل ما ل يخرج من بيتهم فل تعويل عليه‪ ً،‬ولهذا ورد عن النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬ممن ف رسر القرآن برأيه فأصاب الحقا فقد أخطأ"‪ ً،‬وقد جاءت عن أهل البيت صلوات ال عليهم فى‬
‫تفسير القرآن وتأويله أخبار كثيرة‪ ً،‬إل أنها خرجت متفرقة عن أسئلة السائلين‪ ً،‬وعلى أقدار أفهام‬
‫المخاطبين‪ ً،‬وبموجب إرشادهم إلى مناهج الدين‪ ً،‬وبقيت بعد خبايا فى زوايا‪ ً،‬خوفا من العداء وتقرية من‬
‫البعداء‪ ً،‬ولعله مما برز وظهر لم يصل إلينا الكثر‪ ً،‬لن رواته كانوا فى محنة من التقرية‪ ً،‬وشدة من‬
‫ضرل بهم عامة الورى‪ ً،‬أعرضِ الناس عن الثقلين‪ً،‬‬ ‫الخطر‪ ً،‬وذلك أنه لما جرى فى الصحابة ما جرى‪ ً،‬و م‬
‫وتاهوا فى بيداء ضللتهم عن النجدين إل شرذمة من المؤمنين فمكث العامة بذلك سنين‪ ً،‬وعمهوا فى‬
‫غمرتهم حتى حين‪ ً،‬فآل الحال إلى أن نبذ الكتاب حملته‪ ً،‬وتناساه حفظته‪ ً،‬فكان الكتاب وأهله فى الناس‬
‫وليسا فى الناس‪ ً،‬ومعهم وليسا معهم‪ ً،‬لن الضللة ل توافقا الهدى وإن اجتمعا‪ .‬وكان العلم مكتوما‪ً،‬‬
‫وأهله مظلوما‪ ً،‬ل سبيل لهم بإبرازه إل بتعميته وإلغازه‪ ً،‬ثم خلف من بعدهم خلف غير عارفين ول‬
‫ناصيين‪ ً،‬لم يدروا ما صنعوا بالقرآن‪ ً،‬وعمن أخذوا التفسير والبيان‪ .‬فعمدوا إلى طائفة يزعمون أنهم من‬
‫العلماء‪ ً،‬فكانوا ييفيسرون لهم بالراء‪ ً،‬ويروون تفسيره عمن يحسبونه من كبرائهم‪ ً،‬مثل أبى هريرة وأنس‬
‫وابن عمر ونظرائهم‪ ً،‬وكانوا يعدون أمير المؤمنين من جملتهم‪ ً،‬ويجعلونه كواحد من الناس‪ ً،‬وكان خير‬
‫من يستندون إليه بعده ابن مسعود وابن عباس‪ ً،‬ممن ليس على قولة كثير تعويل‪ ً،‬ول له إلى ليمباب الحقا‬
‫سبيل‪ ً،‬وكان هؤلء الكبراء ربما ينقلونه من تلقاء أنفسهم غير خائفين من مآله‪ ً،‬وربما يسندونه إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وآله‪ ً،‬ومن الخذين عنهم ممن لم يكن له معرفة بحقيقة أحوالهم‪ ً،‬لما تقرر‬
‫عندهم من أن الصحابة كلهم عدول ولم يكن لأحد منهم عن الحقا عدول‪ ً،‬ولم يعلموا أن أكثرهم كانوا‬
‫ييبطون النفاقا‪ ً،‬ويجترئون على ال ويفترون على رسول ال صلى ال عليه وسلم فى عزة وشقاقا‪ً،‬‬
‫وهكذا كان حال الناس قرنا بعد قرن‪ ً،‬فكان لهم فى كل قرن رؤساء ضللة‪ ً،‬عنهم يأخذون‪ ً،‬وإليهم‬
‫يرجعون‪ ً،‬وهم بآرائهم يجيبون‪ ً،‬أو إلى كبرائهم يستندون‪ ً،‬وربما يروون عن بعضِ أئمة الحقا عليهم‬
‫السلم فى جملة ما يروون عن رجالهم‪ ً،‬ولكن يحسبونه من أمثالهم‪ ً،‬فتبا لهم ولدب الرواية‪ ً،‬إذ ما‬
‫رعوها حقا الرعاية‪ ً،‬نعوذ بال من قوم حذفوا محكمات الكتاب‪ ً،‬ونسوا ال رب الرباب‪ ً،‬وراموا غير‬
‫باب ال أبوابا‪ ً،‬واتخذوا من دون ال أربابا‪ ً،‬وفيهم أهل بيت نبيهم‪ ً،‬وهم أيزمة الحقا‪ ً،‬ويسرنة الصدقا‪ً،‬‬
‫وشجرة النبوة‪ ً،‬وموضع الرسالة‪ ً،‬ومختلف الملئكة‪ ً،‬ومهبط الوحى‪ ً،‬ومعهيبة العلم‪ ً،‬ومنار الهدى‪ ً،‬والحجج‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫على أهل الدنيا‪ ً،‬خزائن أسرار الوحى والتنزيل‪ ً،‬ومعادن جواهر العلم والتأويل‪ ً،‬والمناء على الحقائقا‪ً،‬‬
‫والخلفاء على الخلئقا‪ .‬يأولوا المر الذين يأمروا بطاعتهم‪ ً،‬وأهل الذكر الذين يأمروا بمسألتهم‪ ً،‬وأهل‬
‫البيت الذين أذهب ال عنهم الرجس ومطرهرهم تطهيرا‪ ً،‬والراسخون فى العلم الذين عندهم القرآن كله‬
‫ل وتفسيرا‪ ً،‬ومع ذلك كله يحسبون أنهم مهتدون‪ ً،‬إنا ل وإنا إليه راجعون‪ .‬ولما أصبح المر كذلك‬ ‫تأوي ل‬
‫وبقى العلم سخريا هنالك‪ ً،‬صار الناس كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب بإمامهم‪ ً،‬فضربوا بعضه ببعضِ‬
‫لترويج مرامهم‪ ً،‬وحملوه على أهوائهم فى تفاسيرهم وكلمهم‪ ً،‬والتفاسير التى صرنفها العامة من هذا‬
‫القبيل‪ ً،‬فكيف يصح عليها التعويل‪ ً،‬وكذلك التى صرنفها متأخرو أصحابنا فإنها أيضا مستندة إلى رؤساء‬
‫العامة وشذ ما يترقل فيه حديث عن أهل العصمة عليهم السلم‪ ً،‬وذلك لنهم إنما نسجوا على منوالهم‪ً،‬‬
‫واقتصروا فى الكثر على أقوالهم‪ ً،‬مع أن أكثر ما تكلم به هؤلء وهؤلء ‪ -‬فإنما تكلموا فى النحو‪ً،‬‬
‫والصرف‪ ً،‬والشتقاقا‪ ً،‬والسلغة‪ ً،‬والقراءة‪ ً،‬وأمثالها ‪ -‬مما يدور على القشور دون السلباب ‪ -‬فأين هم‬
‫والمقصود من الكتاب؟ وإنما ورد على طائفة منهم ما قويت فيه منته‪ ً،‬وترك ما ل معرفة له به مما‬
‫قصرت عنه همته‪ ً،‬ومنهم ممن أدخل فى التفسير ما ل يليقا به‪ ً،‬فبسط الكلم فى فروع الفقه ويأصوله‪ً،‬‬
‫وط رول القول فى اختلف الفقهاء‪ .‬أو صرف همته فيه إلى المسائل الكلمية وذكر ما فيها من الراء‪ً،‬‬
‫وأما ما وصل إلينا مما أرلفه قدماؤنا من أهل الحديث فغير تام‪ ً،‬لنه إما غير منته إلى آخر القرآن‪ ً،‬وإما‬
‫غير محيط بجميع اليات المفتقرة إلى البيان‪ ً،‬مع أن منه ما لم يثبت صحته عن المعصوم‪ ً،‬لضعف‬
‫رواته أو جهالة حالهم‪ ً،‬ونكارة بعضِ مقالهم"‪ ..‬إلى أن قال‪" :‬وبالحرى أن يسمى هذا التفسير بالصافى‪ً،‬‬
‫لصفائه عن كدروات آراء العامة والممل والمحير والمتنافى"‪.‬‬
‫**‬
‫* يجسل القرآن نازل فى شأن آل البيت وأوليائهم وأعدائهم‪:‬‬
‫ويعتقد صاحبنا أن معظم القرآن إنما نزل فى شأن آل البيت وأوليائهم وأعدائهم‪ ً،‬فما كان من آية مدح‬
‫فهى فى آل البيت وأشياعهم‪ ً،‬وما كان من آية ذم أو وعيد أو تهديد فهى فى مخالفيهم‪ ً،‬ثم يقيوى رأيه هذا‬
‫ويستدل له بما يرويه عن علماء أهل البيت من روايات واردة فى هذا المعنى‪ ً،‬فمن ذلك ما نقله عن‬
‫الكافى وتفسير العياشى بالسناد إلى أبى جعفر عليه السلم قال‪" :‬نزل القرآن على أربعة أرباع‪ :‬ربع‬
‫فينا‪ ً،‬وربع فى أعدائنا‪ ً،‬وربع سنين وأمثال‪ ً،‬وربع فرائضِ وأحكام"‪ ً،‬وزاد العياشى‪" :‬ولنا كرائم القرآن"‪..‬‬
‫ثم مضى بعد ذكره لهذه الرواية وأمثالها فقال‪" :‬وقد وردت أخبار مجرمة عن أهل البيت عليهم السلم‪ ً،‬فى‬
‫تأويل كثير من آيات القرآن بهم وبأوليائهم وبأعدائهم‪ ً،‬حتى إن جماعة من أصحابنا صرنفوا كتبا فى‬
‫تأويل القرآن على هذا النحو‪ ً،‬جمعوا فيها ما ورد عنهم عليهم السلم فى تأويل آية آية‪ ً،‬إما بهم أو‬
‫بشيعتهم‪ ً،‬أو بعدوهم‪ ً،‬على ترتيب القرآن‪ .‬وقد رأيت منها كتابا يقرب من عشرين ألف بيت‪ ..‬ثم قال‪:‬‬
‫لرميين * معلمـى‬ ‫وذلك لمثل لما رواه الكافى عن أبى جعفر عليه السلم فى قوله تعالى‪} :‬منمزمل ربره ٱلسرويح ٱ م‬
‫مقهلربمك رلمتيكومن رممن ٱهليمهنرذرريمن *ربرلمساهَن معمرربري سمربيهَن{ُ‪ ..‬قال‪ :‬هى الولية لمير المؤمنين عليه السلم‪ .‬وفى‬
‫تفسير العياشى عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬يا أبا محمد؛ً إذا سمعت ال ذكر‬
‫قوما من هذه المة بخير فنحن هم‪ ً،‬وإذا سمعت ال ذكر قوما بسوء ممن مضى فهم عدونا‪ .‬وفيه عن‬
‫عمير بن حنظلة عن أبى عبد ال عليه السلم‪ :‬سأله عن قوله تعالى‪} :‬يقهل مكمفـى ربٱِللرره مشرهيدا مبهيرني مومبهيمنيكهم‬
‫موممهن رعنمديه رعهليم ٱهلركمتا رب{ُ‪ ..‬قال‪ :‬فلما رآنى أتتبع هذا وأشباهه من الكتاب قال‪ :‬حسبك‪ ..‬كل شئ فى الكتاب‬
‫من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو فى الئمة يعنوا به"‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* رأى المصنف فى تحريف القرآن وتبديله‪:‬‬
‫يدين مل محسن بأرن عليا رضى ال عنه هو أول ممن جمع القرآن‪ ً،‬وأن القرآن الذى جمعه هو القرآن‬
‫الكامل الذى لم يتطرقا إليه تحريف ول تبديل‪ ً،‬ويروى لنا أحاديث عن آل البيت كمستند له فى رأيه‬
‫هذا‪ ً،‬فمن ذلك‪ :‬ما نقله عن اليقرمى فى تفسيره بإسناده عن أبى عبد ال عليه السلم أنه قال‪" :‬إن النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم وآله وسلم قال لعلسى عليه السلم‪" :‬يا علسى؛ً إن القرآن خلف فراشى فى الصحف‬
‫والحرير والقراطيس‪ ً،‬فخذوه واجمعوه ول تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة"‪ ً،‬فانطلقا عليه السلم‬
‫فجمعه فى الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء حتى جمعه"‪ .‬ومنها ما رواه اليقيمى بإسناده عن سالم بن‬
‫سلمة قال‪ :‬قرأ رجل على أبى عبد ال ‪ -‬وأنا أستمع ‪ -‬حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس‪ً،‬‬
‫فقال أبو عبد ال‪ :‬يك سف عن هذه القراءة‪ .‬اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم‪ ً،‬فإذا قام اقرأ كتاب ال‬
‫تعالى على حدة‪ ً،‬وأخرج المصحف الذى كتبه علسى عليه السلم إلى الناس حين فرغا منه وكتبه‪ ً،‬فقال‬
‫لهم‪ :‬هذا كتاب ال كما أنزله ال على محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد جمعته بين اللوحين‪ .‬فقالوا‪ :‬هو‬
‫ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن ل حاجة لنا فيه‪ ً،‬فقال‪ :‬أما والر ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا‪ ً،‬إنما‬
‫كان علسى أن أخبركم حين جمعته لقراءته‪.‬‬
‫ومن ذلك ما روى عن أبى ذر الغفارى رضى ال عنه‪ :‬أنه لما توفى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم جمع عل سى عليه السلم القرآن وجاء به إلى المهاجرين والنصار وعرضه عليهم‪ ً،‬لما قد أوصاه‬
‫بذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم وآله وسلم‪ .‬فلما فتحه أبو بكر خرج فى أول صفحة فتحها فضائح‬
‫القوم‪ ً،‬فوثب عمر وقال‪ :‬يا علسى‪ ..‬اردده فل حاجة لنا فيه‪ ً،‬فأخذه علسى عليه السلم وانصرف‪ ً،‬ثم حضر‬
‫زيد بن ثابت ‪ -‬وكان قارئا للقرآن ‪ -‬فقال له عمر‪ :‬إن عليا جاءنا بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين‬
‫والنصار‪ ً،‬وقد أردنا أن تؤلف لنا القرآن ويتسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والنصار‪ً،‬‬
‫فأجابه زيد إلى ذلك‪ ً،‬ثم قال‪ :‬فإن أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علسى القرآن الذى أرلفه‪ً،‬‬
‫أليس قد بطل كل ما عملتم؟‪ .‬ثم قال عمر‪ :‬فما الحيلة؟ قال زيد‪ :‬أنتم أعلم بالحيلة‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬ما الحيلة‬
‫دون أن نقتله ونستريح منه‪ ً،‬فدربر فى قتله على يد خالد بن الوليد فلم يقدر على ذلك‪ ..‬فلما استخلف عمر‬
‫سأل عليا عليه السلم أن يدفع إليه القرآن فيحرقوه فيما بينهم فقال‪ :‬يا أبا الحسن؛ً إن كنتجئت به إلى‬
‫أبى بكر فأت به إلينا حتى نجمع عليه‪ ً،‬فقال علسى عليه السلم‪ :‬هيهات‪ ً،‬ليس إلى ذلك سبيل‪ ً،‬إنما جئيت‬
‫به لبى بكر لتقوم به اليحرجة عليكم ول تقولوا يوم القيامة‪ :‬إرنا كنا عن هذا غافلين‪ ً،‬أو تقولوا‪ :‬ما جئتنا‬
‫به‪ .‬إن القرآن الذى عندى ل يمسه إل المطرهرون والوصياء من ولدى‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬فهل وقت لظهاره‬
‫معلوم؟ قال علسى عليه السلم‪ :‬نعم‪ ً،‬إذا قام القائم من ولدى فييظهره ويحمل الناس عليه فتجرى السسرنة به"‪.‬‬
‫ولكرنا نجد صاحبنا بعد ما ساقا هذه الروايات وكثيرا غيرها يقف منها موقف المستشكل فيقول‪" :‬ويرد‬
‫على هذا كله إشكال‪ ..‬وهو أنه على هذا التقدير لم يبقا لنا اعتماد على شئ من القرآن‪ ً،‬إذ على هذا‬
‫يحتمل كل آية منه أن يكون محررفا ومغريرا‪ ً،‬أو يكون على خلف ما أنزل ال‪ ً،‬فلم يبقا لنا فى القرآن‬
‫ل‪ ً،‬فتنفى فائدة المر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك‪ ً،‬وأيضا قال ال معرز ومجرل‪:‬‬ ‫يحرجة أص ل‬
‫ل ميهأرتيره ٱهلمبارطيل رمن مبهيرن ميمدهيره مو م‬
‫ل رمهن مخهلرفره{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬إررنا منهحين منرزهلمنا ٱليذهكمر موإررنا لميه‬ ‫}موإررنيه ملركمتافب معرزيفز * ر‬
‫لممحارفيظومن{ُ‪ ..‬فكيف يتطرقا إليه التحريف والتغيير؟ وأيضا قد استفاضِ عن النبى والئمة صلوات ال‬
‫عليهم حديث عرضِ الخبر المروى على كتاب ال لييعلم صحته بموافقته له‪ ً،‬وفساده بمخالفته‪ ً،‬فإذا كان‬
‫القرآن الذى بأيدينا محررفا فما فائدة العرضِ؟ مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب ال مكيذب له‪ ً،‬فيجب‬
‫رده والحكم بفساده أو تأويله"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وهنا يجيب مل محسن على إشكاله هذا بجوابين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن هذه الخبار إن صرحـ فلعل التغيير إنما وقع فيما ل يخل بالمقصود كثير إخلل‪ ً،‬كحذف اسم‬
‫علسى وآل محمد‪ ً،‬وحذف أسماء المنافقين‪ ً،‬فإن انتفاء التعبير باقا لعموم الرلفظ‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬أن بعضِ المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ولم يكن من أجزاء القرآن‪ ً،‬فيكون التبديل‬
‫من حيث المعنى‪ ً،‬أى حررفوه وغريروه فى تفسيره وتأويله‪ ً،‬بأن حملوه على خلف ما ييراد منه"‪.‬‬
‫ثم ذكر بعد هذا أقوال ممن تقردمه من شيوخه وعلماء مذهبه وهم ما بين مجيز للتحريف والنقصان ومانع‬
‫لذلك‪ ً،‬ولكيل أدلته ويحرجته‪ ً،‬ول نطيل بذكرها ومن أرادها فليرجع إليها فى المقدمة السادسة )ص ‪ً،14‬‬
‫‪* * .(15‬‬
‫* طريقة المؤلف فى تفسيره‪:‬‬
‫برين المؤلف فى المقدمة الثانية عشرة من مقدمات تفسيره طريقته واصطلحاته التى جرى عليها فى‬
‫كتابه فقال‪" :‬كل ما يحتاج من اليات إلى بيان وتفسير لفهم المقصود من معانيه‪ .‬أو إلى تأويل لمكان‬
‫تشابه فيه‪ ً،‬أو إلى معرفة سبب نزوله المتوقف عليه فهمه وتعاطيه‪ ً،‬أو إلى تعرف نسخْ أو تخصيص أو‬
‫صفة يأخرى فيه‪ ً،‬وبالجملة ما يزيد على شرح اللفظ والمفهوم مما يفتقر إلى السماع عن المعصوم‪ ً،‬فإن‬
‫وجدنا شاهدا من محكمات القرآن يدل عليه أتينا به‪ ً،‬فإن القرآن ييفيسر بعضه بعضا‪ ً،‬وقد أيرمرنا من جهة‬
‫أئمة الحقا عليهم السلم أن نرد متشابهات القرآن إلى محكماته‪ ً،‬وإل فإن ظفرنا فيه بحديث معتبر عن‬
‫أهل البيت عليهم السلم فى الكتب المعتبرة من طرقا أصحابنا رضوان ال عليهم أوردناه‪ ً،‬وإل أوردنا‬
‫ما روينا عنهم عليهم السلم من طرقا العامة‪ ..‬نظائره فى الحكام ما روى عن الصادقا‪ :‬إذا نزلت بكم‬
‫حادثة ل تجدون حكمها فيما يروى عنا‪ ً،‬فانظروا إلى ما رووه عن علسى عليه السلم فاعملوا به )رواه‬
‫اليخْ الطوسى فى العدة(‪.‬‬
‫وما لم نظفر فيه بحديث عنهم عليهم السلم أوردنا ما وصل إلينا من غيرهم من علماء التفسير إذا وافقا‬
‫القرآن وفحواه‪ ً،‬وأشبه حديثهم فى معناه‪ ..‬فإن لم نعتمد عليه من جهة الستناد‪ ً،‬اعتمدنا عليه من جهة‬
‫الموافقة والشبه والسداد‪ ً،‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬إن على كل حقا حقيقة‪ ً،‬وعلى كل‬
‫صواب نورا‪ ً،‬فما وافقا كتب ال فخذوه"‪ ً،‬وقال الصادقا‪" :‬ما جاءك فى رواية من راهَو فاجر يوافقا‬
‫القرآن فخذ به‪ ً،‬وما جاءك فى رواية سمن راهَو فاجر يخالسف القرآن فل تأخذ به"‪ ً،‬وقال الكاظم‪" :‬إذا‬
‫جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب ال وعلى أحاديثنا‪ .‬فإن أشبههما فهو حقا‪ ً،‬وإن لم يشبهها‬
‫فهو باطل"‪ ً،‬وما ورد فيه أخبار كثيرة فإن لم يكن فيها كثير اختلف اقتصرنا منها على اشتمل على‬
‫مجامعها‪ ً،‬وتركنا سايرها مما فى معناه روما للختصار‪ ً،‬وصونا عن الكثار‪ ً،‬وربما أشرنا إلى تعددها‬
‫وتكثرها إذا أهمنا العتماد‪.‬‬
‫وإن كانت مختلفات نقلنا أصحها وأحسنها وأعمها فائدة‪ ً،‬ثم أشرنا إلى موضع الختلف ما استطعنا‪.‬‬
‫وما ل يحتاج إلى شرح الرلفظ والمفهوم‪ ً،‬والنكات المتعلقة لعلوم الرسوم‪ ً،‬مما ل يفتقر إلى السماع من‬
‫المعصوم‪ ً،‬أوردنا فيه ما ذكره المفيسرون الظاهريون‪ ً،‬ممن كان تفسيره أحسن‪ ً،‬وبيانه أوجز وأتقن‪ ً،‬كائنا‬
‫من كان"‪ .‬ثم ذكر أنه اقتبس من تفسيرالحسن العسكرى وغيره‪ ً،‬وذكر اصطلحاته فى العزو إلى الكتب‬
‫التى استقى منها‪ ً،‬وفى نسبة القوال إلى قائليها ول نطيل بذكرها‪ .‬هذه هى أهم الراء التى يقول بها مل‬
‫محسن‪ ً،‬والتى استخلصناها من مقدماته التى قردم بها تفسيره‪ .‬وهذه هى طريقته التى سار عليها فى كتابه‬
‫الذى نحن بصدده‪ .‬والكتاب ‪ -‬كما أشرنا آنفا ‪ -‬مذهبى إلى حد التطرف والغلو‪ ً،‬فهو ل يكاد يمر بآية‬
‫من القرآن إل ويحاول صاحبه أن يأخذ منها شاهدا لمذهبه أو دفعا لمذهب مخالفيه!‪ ...‬ولقد قرأت فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا الكتاب‪ ً،‬فلمست فيه روح التحيز المزرى‪ ً،‬والتعصب الممقوت‪ .‬ولجل أن يكون القارئ على بيينة‬
‫من المر أسوقا إليه نماذج من نواح شرتى وفى موضوعات مختلفة ليلمس كما لمست مقدار هذا‬
‫التعصب الذى يريد صاحبه من ورائه أن يحجب نورا لحقا ويطمس معالمه‬
‫**‬
‫* القرآن وأهل البيت‪:‬‬
‫ل‪ ً،‬نجد كثيرا من آيات القرآن لها معان خاصة‪ ً،‬ول صلة لها بأهل البيت‪ ً،‬ول بما لهم من مناقب‬ ‫فمث ل‬
‫وشمائل‪ ً،‬ولكرنا نجد صاحبنا يتأثر بمذهبه الشيعى‪ ً،‬فيحاول أن يلوى هذه اليات إلى معان ل صلة لها‬
‫بالرلفظ‪ ..‬معان تحمل فى طياتها طابع التعاصب المذهبى بصورة مكشوفة مفضوحة‪.‬‬
‫لمدمم{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫لرئمكرة ٱهسيجيدوها م‬‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [34‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهلمنا رلهلمم م‬ ‫فمث ل‬
‫ضلوا على‬ ‫يقول ما نصه‪" :‬وذلك لما كان من صلبه من أنوار نبينا وأهل بيته المعصومين‪ ً،‬وكانوا قد يف ي‬
‫الملئكة باحتمالهم الذى فى جنب ال‪ ً،‬فكان السجود لهم تعظيما وإكراما‪ ً،‬ول سبحانه عبودية‪ ً،‬ولدم‬
‫طاعة‪ .‬قال علسى بن الحسين‪ :‬حردثنى أبى‪ ً،‬عن أبيه‪ ً،‬عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬يا عباد‬
‫ال؛ً آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان ال قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره‪ ً،‬رأى‬
‫النور ولم يتبين الشباح‪ ً،‬فقال‪ :‬يا رب؛ً ما هذه النوار؟ قال ال معرز ومجرل‪ :‬أنوار أشباح نقلتهم من‬
‫أشرف بقاع عرشى إلى ظهرك‪ ً،‬ولذلك أمريت الملئكة بالسجود لك إذ كنمت وعالء لتلك الشباح‪ ً،‬فقال‬
‫آدم‪ :‬يا رب؛ً لو بينتها لى؟ فقال ال معرز ومجرل‪ :‬انظر يا آدم إلى ذروة العرش‪ ً،‬فنظر آدم عليه السلم‬
‫وقوع نور أشباحنا من ظهر آدم إلى ذروة العرش‪ ً،‬فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التى فى ظهره‪ ً،‬كما‬
‫ينطبع وجه النسان فى المرأة الصافية‪ ً،‬فرأى أشباحنا فقال‪ :‬ما هذه الشباح يا رب؟ قال ال‪ :‬يا آدم؛ً‬
‫هذه أشباح أفضل خلئقى وبرياتى‪ ً،‬هذا محمد‪ ً،‬وأنا الحميد المحمود فى فعالى‪ ً،‬شققيت له أسما من‬
‫على ‪ ً،‬وأنا العالى‪ ً،‬شققت له اسما من اسمى‪ .‬وهذه فاطمة‪ ً،‬وأنا فاطر السموات والرضِ‪ً،‬‬ ‫اسمى‪ .‬وهذا س‬
‫فاطم أعدائى من رحمتى يوم فصل قضائى‪ ً،‬وفاطم أوليائى عما يعيرهم ويشينهم فشققيت لها اسما من‬
‫اسمى‪ ً،‬وهذا الحسن‪ ً،‬وهذا الحسين‪ ً،‬وأنا اليمحيسن اليممجيمل‪ ً،‬شققيت اسميهما من اسمى‪ .‬هؤلء خيار‬
‫خليقتى‪ ً،‬وكرام بريتى‪ ً،‬بهم آخذ‪ ً،‬وبهم أعطى‪ ً،‬وبهم أعاقب‪ ً،‬وبهم يأثيب‪ ً،‬فتوسل بهم‬
‫إلى يا آدم‪ ً،‬وإذا دهتك داهية فاجعلهم إلى شفعاءك‪ ً،‬فإنى آليت على نفسى قسما حقا ل أخيب بهم آم ل‬
‫ل‪ً،‬‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ول أرد بهم سائل‪ ً،‬فلذلك حين زلت به الخطيئة دعا ال معرز ومجل بهم‪ ً،‬فتاب عليه وغفر له"‪.‬‬ ‫ل‬
‫ل أيهقرسيم ربمهــمذا ٱهلمبملرد * مومأنمت رحول ربمهــمذا‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [3 - 1‬من سورة البلد‪ } :‬م‬
‫ٱهلمبملرد * موموارلهَد مومما موملمد{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬فى المجمع عن الصادقا‪ :‬يعنى آدم وما ولد من النبياء‬
‫والوصياء وأتباعهم‪"..‬‬
‫فأنت ترى من كل هذا أن المؤلف ييجد فى إخضاع آيات القرآن لمذهبه‪ ً،‬وتنزيلها على وفقا هواه‬
‫وعقيدته‪ ً،‬وهذا خروج بكتاب ال عن معانيه الظاهرة المرادة منه!!‬
‫**‬
‫* طعن المؤلف على الصحابة‪:‬‬
‫كذلك نجد مل محسن فى تفسير هذا‪ ً،‬يطعن على أبى بكر‪ ً،‬وعمر‪ ً،‬وعثمان‪ ً،‬وغيرهم من صحابة رسول‬
‫ل عن صحابى جاهد مع رسول ال صلى ال‬ ‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويرميهم بما ل يليقا بمؤمن فض ل‬
‫عليه وسلم وبذل فى سبيل ينصهرته دمه وماله‪ ً،‬كما يطعن فى بنى يأمية ويرميهم بكل نقيصة‪ ً،‬وهو فى‬
‫حملته هذه مدفوع بدافع الخصومة المذهبية والنزعة الشيعية‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* طعنه على عثمان رضى ال عنه‪:‬‬
‫ل متهسرفيكومن‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [85 - 84‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ أممخهذمنا رميمثامقيكهم م‬ ‫فمث ل‬
‫لرء متهقيتيلومن أمهنيفمسيكهم‬
‫ل يتهخرريجومن أمهنيفمسيكهم يمن ردميارريكهم يثرم أمهقمرهريتهم موأمهنيتهم متهشمهيدومن * يثرم أمهنيتهم مهــيؤ ي‬ ‫ردممآمءيكهم مو م‬
‫لهثرم مواهليعهدموارن مورإن ميأيتويكهم أيمسامرـى يتمفايدويههم مويهمو‬ ‫مويتهخرريجومن مفرريقا يمهنيكهم يمن ردميارررههم متمظامهيرومن معملهيرههم ربٱِ ر‬
‫ل رخهزفيِ‬ ‫ضِ مفمما مجمزآيء ممن ميهفمعيل ـذرلمك رمنيكهم إر ر‬ ‫ضِ ٱهلركمتارب مومتهكيفيرومن ربمبهع هَ‬ ‫يممحررفم معلمهييكهم إرهخمرايجيههم أممفيتهؤرمينومن ربمبهع ر‬
‫رفي ٱهلمحميارة ٱلسدهنميا موميهوم ٱهلرقمياممرة يمرسدومن إرلمـى أممشيد ٱلرعمذارب مومما ٱللريه ربمغارفهَل معرما متهعمميلومن{ُ‪ ..‬نجده يفسر الية‬
‫تفسيرا مختصرا مقبولل‪ ً،‬ثم يروى عن اليقيمى‪" :‬أنها نزلت فى أبى ذر ‪ -‬رحمة ال عليه ‪ -‬وفيما فعل به‬
‫عثمان بن عفان‪ ً،‬وكان سبب ذلك‪ :‬أنه لما أمر عثمان بنفى أبى ذر ‪ -‬رحمة ال عليه ‪ -‬إلى الررهبذة‪ً،‬‬
‫ل وهو متكئ على عصاه‪ ً،‬وبين يدى عثمان مائة ألف درهم أتته من بعضِ‬ ‫دخل عليه أبو ذر وكان علي ل‬
‫النواحى‪ ً،‬وأصحابه حوله ينظورن إليه ويطعمون أن يقسمها فيهم‪ ً،‬فقال أبو ذر لعثمان‪ :‬ما هذا المال؟‬
‫فقال‪ :‬يحرمل إلينا من بعضِ العمال مائة ألف درهم أريد أن أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيى‪ ..‬قال أبو‬
‫ذر‪ :‬يا عثمان؛ً أيما أكثر؟ مائة ألف درهم أم أربعة دنانير؟ قال عثمان‪ :‬بل مائة ألف درهم‪ ً،‬فقال‪ :‬أما‬
‫تذكر إذ إنا وأنت دخلنا على رسول ال صلى ال عليه وسلم رعشالء فوجدناه كئيبا حزينا‪ ً،‬فسرلمنا عليه فلم‬
‫يرد علينا السلم‪ ً،‬فلما أصبحنا أتيناه فرأيناه ضاحكا مستبشرا‪ ً،‬فقلت له‪ :‬بأبى أنت ويأمى‪ ً،‬دخلنا عليك‬
‫البارحة فرأيناك كئيبا حزينا‪ ً،‬وعدنا إليك اليوم فرأيناك ضاحكا مستبشرا‪ ً،‬فقال‪" :‬نعم‪ ..‬قد بقى عندى من‬
‫فئ المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها‪ ً،‬ورخفيت أن يدركنى الموت وهى عندى‪ ً،‬وقد قسمتها اليوم‬
‫فاسترحت"‪.‬فنظر عثمان إلى كعب الحبار فقال له‪ :‬يا أبا إسحاقا؛ً ما تقول فى رجل أردى زكاة ماله‬
‫المفروضة‪ ً،‬هليجب عليه فيها بعد ذلك شئ؟ فقال‪ :‬ل‪ ً،‬ولو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب‬
‫عليه شئ‪ ً،‬فرفع أبو ذر عصاه فضرب بها رأس كعب‪ ً،‬فقال يابن اليهودية المشركة‪ ً،‬ما أنت والنظر فى‬
‫ل‬‫ضمة مو م‬ ‫أحكام المسلمين؟ قول ال عز ومجرا أصدقا من قولك حيث قال‪} :‬موٱرلرذيمن ميهكرنيزومن ٱلرذمهمب موٱهلرف ر‬
‫يينرفيقومنمها رفي مسربيرل ٱلرلره مفمبيشهريههم ربمعمذاهَب أمرليهَم‪ ...ُ{...‬إلى قوله‪} :‬مفيذويقوها مما يكنيتهم متهكرنيزومن{ُ‪ ..‬قال عثمان‪ :‬يا أبا‬
‫ذر؛ً إنك شيخْ قد خرفت وذهب عقلك‪ ً،‬ولول صحبتك لرسول ال صلى ال عليه وسلم لقتلتك‪ ً،‬فقال‪:‬‬
‫كذبت يا عثمان؛ً ويلك‪ ً،‬أخبرنى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪" :‬ل يفتنونك يا أبا ذر ول‬
‫يقتلونك"‪ ً،‬أما عقلى فقد بقى منه ما أذكرنى حديثا سمعته من رسول ال صلى ال عليه وسلم قاله فيك‬
‫وفى قومك‪ ً،‬قال‪ :‬وما سمعمت من رسول ال فسى وفى قومى؟ قال‪ :‬سمعته يقول ‪ -‬وهو قوله صلى ال‬
‫ل‪ ً،‬وعباد ال‬ ‫ل صريروا مال ال دولل‪ ً،‬وكتاب ال دغ ل‬ ‫عليه وسلم‪" :‬إذا بلغ آل أبى العاص ثلثون رج ل‬
‫خو لل‪ ً،‬والصالحين حربا‪ ً،‬والفاسقين حزبا"‪ .‬قال عثمان‪ :‬يا معشر أصحاب محمد؛ً هل سمع أحد منكم هذا‬
‫الحديث من رسول ال؟ قالوا‪ :‬ل ما سمعنا هذا من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬قال عثمان‪ :‬ادعوا‬
‫عليا‪ ..‬فجاء أمير المؤمنين فقال له عثمان‪ :‬يا أبا الحسن؛ً اسمع ما يقول الشيخْ الكرذاب‪ ً،‬فقال أمير‬
‫المؤمنين‪ :‬يا عثمان؛ً ل تقل كذابا‪ ً،‬فإنى سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬ما أظرلت‬
‫الخضراء ول أقرلت الغبراء على ذى لهجة أصدقا من أبى ذر"‪ .‬قال أصحاب رسول ال‪ .‬صدقا علسى‪ً،‬‬
‫سمعنا هذا من رسول ال‪ ً،‬فعند ذلك بكى أبو ذر‪ ً،‬وقال‪ :‬ويلكم‪ ً،‬كلكم قد مرد عنقه إلى هذا المال‪ ً،‬ظننتم‬
‫أنى أكذب على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ثم نظر إليهم فقال‪ :‬ممن خيركم؟ فقالوا‪ :‬أنت تقول إنك‬
‫خيرنا‪ ً،‬قال‪ :‬نعم‪ ..‬خلفت حبيبى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو على بعيره‪ ً،‬وأنتم قد أحدثتم أحداثا‬
‫كثيرة‪ ً،‬وال سائلكم عن ذلك ول يسألنى‪ ً،‬فقال عثمان‪ :‬يا أبا ذر؛ً أسألك بحقا رسول ال ألا ما أخبرتنى‬
‫عما أنا سائلك عنه؟ فقال أبو ذر‪ :‬والر لو لم تسألنى بحقا رسول ال صلى ال عليه وسلم لخبرتك‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فقال‪ :‬أى البلد أحب إليك أن تكون فيها؟ فقال‪ :‬مكة حرم ال وحرم رسوله‪ ً،‬أعبد ال فيها حتى يأتينى‬
‫الموت‪ ً،‬فقال‪ :‬ل‪ ً،‬ول كرامة لك‪ .‬قال‪ :‬المدينة حرم رسول ال‪ ً،‬فقال‪ :‬ل‪ ً،‬ول كرامة لك‪ ً،‬قال‪ :‬فسكت‬
‫أبو ذر‪ .‬فقال‪ :‬وأى البلد أبغضِ إليك أن تكون بها؟ قال‪ :‬الررهبذة التى كنيت بها على غير دين السلم‪ً،‬‬
‫فقال عثمان‪ :‬سر إليها‪ ً،‬فقال أبو ذر‪ :‬قد سألتنى فصدقتك‪ ً،‬وأنا أسألك فاصدقنى‪ ً،‬قال‪ :‬نعم‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنى‪ً،‬‬
‫لو أنك بعثتنى فيمن بعثت من أصحابك إلى المشركين فأسرونى وقالوا ل نفديه إل بثلث ما تملك؟ ‪..‬‬
‫قال‪ :‬كنت أفديك‪ ً،‬قال‪ :‬فإن قالوا‪ :‬ل نفديه إل بكل ما تملك‪ ً،‬قال‪ :‬كنت أفديك‪ ً،‬فقال أبو ذر‪ :‬ال أكبر‪..‬‬
‫قال لى حبيبى رسول ال صلى ال عليه وسلم يوما‪" :‬يا أبا ذر؛ً كيف أنت إذا قيل لك أى البلد أحب‬
‫إليك أن تكون فيها؟ فتقول‪ :‬مكة حرم ال وحرم رسوله‪ ً،‬أعبد ال فيها حتى يأتينى الموت‪ ً،‬فيقال‪ :‬ل‪ً،‬‬
‫ول كرامة لك‪ ً،‬فتقول‪ :‬المدينة حرم رسول ال‪ ً،‬فيقال‪ :‬ل‪ ً،‬ول كرامة لك‪ ً،‬ثم يقال لك‪ :‬فأى البلد أبغضِ‬
‫إليك أن تكون فيها؟ فتقول‪ :‬الررهبذة التى كنت بها على غير دين السلم‪ ً،‬فيقال لك‪ :‬سر إليها"‪ ً،‬فقلت‪:‬‬
‫وإن هذا لكائن يا رسول ال؛ً أفل أضع سيفى على عاتقى فأضرب به قدما قدما؟ قال‪" :‬ل‪ ..‬اسمع‬
‫واسكت ولو لعبد حبشى‪ ً،‬وقد أنزل ال فيك وفى عثمان ‪ -‬خصمك ‪ -‬آية‪ ً،‬فقلت‪ :‬وما هى يا رسول ال؟‬
‫فقال‪ :‬قول ال‪ .....‬وتل الية"‪.‬‬
‫**‬
‫* طعنه على أبى بكر‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [40‬من سورة التوبة‪} :‬مثارنمي ٱهثمنهيرن إرهذ يهمما رفي ٱهلمغارر إرهذ مييقويل‬ ‫ومث ل‬
‫ل متهحمزهن إررن ٱلرلمه مممعمنا{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده ل يعترف بهذه المنقبة لبى بكر‪ ً،‬رضى ال عنه‪ ً،‬بل‬ ‫صارحربره م‬‫رل م‬
‫صارحربره{ُ‬‫ويحاول بكل جهوده أن يأخذ منها مغمزا على أبى بكر‪ ً،‬وذلك حيث يقول ما نصه‪} :‬إرهذ مييقويل رل م‬
‫ل متهحمزهن{ُ ل تخف‪} ً،‬إررن ٱلرلمه مممعمنا{ُ بالعصمة والمعونة‪ ..‬فى الكافى عن الباقر أن رسول‬ ‫وهو أبو بكر‪ } ً،‬م‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أقبل يقول لبى بكر فى الغار‪ :‬اسكن فإن ال معنا‪ ً،‬وقد أخذته الرعدة وهو ل‬
‫يسكن‪ ً،‬فلما رأى رسول ال حاله قال له‪ :‬تريد أن أريك أصحابى من النصار فى مجالسهم يتحدثون؟‬
‫وأريك جعفر وأصحابه فى البحر يغوصون؟ قال‪ :‬نعم‪ ً،‬فمسح رسول ال صلى ال عليه وسلم بيده على‬
‫وجهه فنظر إلى النصار يتحدثون‪ ً،‬وإلى جعفر وأصحابه فى البحر يغوصون‪ ً،‬فأضمر تلك الساعة أنه‬
‫ساحر‪} ً،‬مفمأنمزمل ٱللريه مسركيمنمتيه{ُ أمنته التى تسكن إليها القلوب }معملهيره{ُ‪ ..‬فى الكافى عن الرضا‪ :‬أنه قرأها‪:‬‬
‫"على رسوله" قيل له‪ :‬هكذا؟ قال‪ :‬هكذا نقرؤها‪ ً،‬وهكذا تنزيلها‪ .‬والعياشى عنه‪ :‬إنهم يحتجون علينا بقوله‬
‫تعالى‪} :‬مثارنمي ٱهثمنهيرن إرهذ يهمما رفي ٱهلمغارر{ُ وما لهم فى ذلك من يحرجة‪ ً،‬فوال لقد قال ال‪" :‬فأنزل ال سكينته‬
‫على رسوله" وما ذكره فيها بخبر‪ ً،‬قيل‪ :‬هكذا تقرأونها؟ قال‪ :‬هكذا قراءتها"‪.‬‬
‫**‬
‫* طعنه على أبى بكر وعمر وعائشة وحفصة‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة التحريم‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنربسي رلم يتمحيريم ممآ أممحرل ٱللريه لممك‪...ُ{...‬‬ ‫ومث ل‬
‫اليات إلى قوله‪} :‬مفملرما منربمأمها ربره مقاملهت ممهن مأنمبمأمك مهــمذا مقامل منربمأرنمي ٱهلمعرلييم ٱهلمخربيير{ُ‪ ..‬نراه ينقل عن اليقيمى فى‬
‫سبب نزول هذه الية‪" :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان فى بعضِ بيوت نسائه‪ ً،‬وكانت مارية‬
‫القبطية تكون معه تخدمه‪ ً،‬وكانت ذات يوم فى بيت حفصة‪ ً،‬فذهبت حفصة فى حاجة لها‪ ً،‬فتناول رسوله‬
‫ال مارية‪ ً،‬فعلمت حفصة بذلك فغضبت‪ ً،‬وأقبلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول‬
‫ال؛ً فى يومى؟ وفى دارى؟ وعلى فراشى؟ فاستحى رسول ال منها فقال‪ :‬يكيفى‪ ً،‬فقد حررميت مارية على‬
‫نفسى‪ ً،‬ول أطؤها بعد هذا أبدا‪ ً،‬وأنا أفضى إليك رسرا إن أخبررت به فعليك لعنة ال والملئكة والناس‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أجمعين‪ ً،‬فقالت‪ :‬نعم‪ ً،‬ما هو؟ فقال‪ :‬إن أبا بكر يلى الخلفة بعدى‪ ً،‬ثم بعده أبوك‪ ً،‬فقالت‪ :‬ممن أنبأك هذا؟‬
‫فقال‪ :‬نبأنى العليم الخبير‪ ً،‬فأخبرت حفصية به عائشمة من يومها ذلك‪ ً،‬وأخبرت عائشة أبا بكر فجاء أبا‬
‫بكر إلى عمر فقال له‪ :‬إن عائشة أخبرتنى عن حفصة بشئ ول أثقا بقولها فاسأل سأنت حفصة‪ ً،‬فجاء‬
‫عمر إلى حفصة فقال لها‪ :‬ما هذا الذى أخبريت عنك عائشة‪ ً،‬فأنكرت ذلك وقالت‪ :‬ما قليت لها من ذلك‬
‫شيئ ما‪ .‬فقال لها عمر‪ :‬إن هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم فيه‪ ً،‬فقالت‪ :‬نعم‪ ..‬قد قاله رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬فاجتمعوا أربعة على أن يسسموا رسول ال‪ ً،‬فنزل جبريل على رسول ال بهذه السورة قال‪:‬‬
‫ضيه{ُ‪ :‬أخبرها وقال‪:‬‬ ‫}موأمهظمهمريه ٱللريه معملهيره{ُ يعنى أظهره على ما أخبرت به وما مهسموا به من قتله }معررمف مبهع م‬
‫ضِ{ُ‪ ..‬قال‪ :‬لم يخبرهم بما يعلم مما مهسموا به من قتله"‪.‬‬ ‫رلمم أخبرت بما أخبرتك }موأمهعمر م‬
‫ضِ معن مبهع هَ‬
‫**‬
‫* صرفه ليات العتاب عن ظاهرها‪:‬‬
‫لهعممـى{ُ‪ ...‬اليات إلى‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة عبس‪} :‬معمبمس مومتمولرـى * مأن مجآمءيه ٱ م‬ ‫ومث ل‬
‫آخر القصة‪ ً،‬نجده يصرف اليات عن ظاهرها المتعارف بين المفيسرين جميعا‪ ً،‬ويجعل العتاب موجها‬
‫إلى عثمان رضى ال عنه‪ ً،‬أو إلى رجل آخر من بنى يأمية‪ .‬والذى حمله على ذلك هو ما يراه من أن‬
‫مثل هذا العتاب ل يليقا أن يكون موجها إلى النبى صلى ال عليه وسلم أو إلى أحد من الئمة‬
‫المعصومين‪ ً،‬كما أن سبب العتاب ل يليقا أن يصدر منهم‪ ً،‬أما توجه العتاب إلى عثمان وصدور سببه‬
‫منه فهذا أمر جائز وواقع فى نظره‪ ً،‬لن عثمان ليس له من العصمة ما للئمة‪ ً،‬فلهذا تراه يروى عن‬
‫اليقيمى‪" :‬أنها نزلت فى عثمان وابن يأم مكتوم"‪ ً،‬وكان ابن يأم مكتوم مؤذنا لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬وكان أعمى‪ ً،‬وجاء إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وعنده أصحابه وعثمان عنده‪ ً،‬فقردمه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم على عثمان فعبس عثمان وجهه وتورلى عنه‪ ً،‬فأنزل ال‪} :‬معمبمس مومتمولرـى‬
‫لهعممـى{ُ‪ ..‬ونقل عن مجمع البيان أنها نزلت فى رجل من بنى يأمية كان عند النبى فجاء ابن‬ ‫* مأن مجآمءيه ٱ م‬
‫يأم مكتوم‪ ً،‬فلما رآه تقرذر منه وجمع نفسه وعبس وأعرضِ بوجهه عنه‪ ً،‬فحكى ال ذلك وأنكره عليه‪ ..‬ثم‬
‫قال‪ :‬أقول‪" :‬وأما ما اشتهر من تنزيل هذه اليات فى النبى صلى ال عليه وسلم دون عثمان فيأباه سياقا‬
‫مثل هذه المعاتبات الغير اللئقة بمنصبه‪ ً،‬وكذا ما ذكره بعدها إلى آخر السورة كما ل يخفى على‬
‫العارف بأساليب الكلم‪ ً،‬ويمكن أن يكون من مختلقات أهل النفاقا خذلهم ال"‪.‬‬
‫**‬
‫* دفاع المؤلف عن يأصول مذهبه‪:‬‬
‫كذلك نجد المؤلف ينظر إلى القرآن من خلل عقيدته‪ ً،‬ونراه ينتصر لمذهبه ويتعصب له‪ ً،‬ويؤيد يأصوله‬
‫بكل ما يستطيع من الدلة‪ ً،‬ويدفع الشبه عنه‪ ً،‬ويرد على الخصوم بما يستطيع من أوجه الرد‪ ً،‬فلهذا نجده‬
‫إذا م رر بآية من آيات القرآن التى يستطيع أن يستند إليها ويعتمد عليها فى نظره‪ ً،‬أخذ فى تأويلها على‬
‫وفقا مذهبه وهواه‪ ً،‬وإن كان فى ذلك خروج عن ظاهر النظم القرآنى‪.‬‬
‫* ولية على‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها‬ ‫فمث ل‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ‪ ..‬نراه يستند إلى هذه الية استنادا قويا فى أن عليا‬ ‫صم‬‫ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫رضى ال عنه هو وصى النبى صلى ال عليه وسلم وخليفته من بعده‪ ً،‬فيقول ما نصه‪" :‬فى الكافى عن‬
‫الصادقا فى تفسير هذه الية "أولى بكم"‪ :‬أى أحقا بكم وبأموركم من أنفسكم وأموالكم ال ورسوله والذين‬
‫لمة مويهؤيتومن‬ ‫صم‬ ‫آمنوا ‪ -‬يعنى عليا وأولده الئمة إلى يوم القيامة ‪ -‬ثم وصفهم ال فقال‪} :‬ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ‪ ..‬وكان أمير المؤمنين فى صلة الظهر ‪ -‬وقد صرلى ركعتين ‪ -‬وهو راكع‪ ً،‬عليه‬
‫يحرلة قيمتها ألف دينار‪ ً،‬وكان النبى أعطاه إياها‪ ً،‬وكان النجاشى أهداها له‪ ً،‬فجاء سائل فقال‪ :‬السلم عليك‬
‫يا ولى ال وأولى المؤمنين من أنفسهم‪ ..‬تصدقا على مسكين‪ ً،‬فطرح اليحرلة إليه‪ ً،‬وأومأ بيده إليه أن‬
‫احملها‪ ً،‬فأنزل ال معرز ومجرل فيه هذه الية‪ ً،‬وصرير نعمة أولده بنعمته‪ ً،‬فكل من بلغ من أولده مبلغ‬
‫المامة يكون بهذه النعمة مثله‪ ً،‬فيتصردقون وهم راكعون‪ .‬والسائل الذى سأل أمير المؤمنين من الملئكة‪ً،‬‬
‫والذين يسألون الئمة من أولده يكونون من الملئكة‪.‬‬
‫وعنه عن أبيه عن جده فى قوله معرز ومجرل‪} :‬ميهعرريفومن رنهعمممت ٱللرره يثرم يينركيرومنمها{ُ‪ ..‬قال‪ :‬لما نزلت‪} :‬إررنمما‬
‫مولرسييكيم ٱللريه{ُ‪...‬الية‪ ً،‬اجتمع نفر من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فى مسجد المدينة فقال‬
‫بعضهم‪ :‬إن كفرنا بهذه الية نكفر بسائرها‪ ً،‬وإن آمنا فإن هذا ذفل حين ييسرلط علينا علسى ابن أبى طالب‪ً،‬‬
‫فقالوا‪ :‬قد علمنا أن محمدا صادقا فيما يقول‪ ً،‬ولكنا نتوله ول نطيع عليا فيما أمرنا‪ ً،‬قال‪ :‬فنزلت هذه‬
‫الية‪} :‬ميهعرريفومن رنهعمممت ٱلرلره يثرم يينركيرومنمها{ُ يعنى ولية على‪} ً،‬موأمهكمثيريهيم ٱهلمكارفيرومن{ُ بالولية‪.‬‬
‫وعنه أنه يسئل‪ :‬الوصياء طاعتهم مفروضة؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ً،‬هم الذين قال ال‪} :‬أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ..‬وهم الذين قال ال‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫لمة على أنه لم‬ ‫وروى المؤلف غير ذلك من الروايات‪ ً،‬وكلها يدور حول هذا الشأن‪ ً،‬ثم اسدعى إجماع ا ي‬
‫يهؤرت الزكاة يومئذ أحد منهم وهو راكع غير رجل واحد هو علسى‪ ..‬ثم عرلل عدم ذكره باسمه فى الكتاب‬
‫لسقط مع ما يأسقط‪ ..‬ثم ورفقا بين الروايات القائلة بأنه تصردقا بيحرلته‪ً،‬‬ ‫بأنه لو يذركر باسمه فى الكتاب ي‬
‫وبين الروايات القائلة بأنه تصردقا بخاتمه فقال‪" :‬لعله تصردقا مرة فى ركوعه باليحرلة‪ ً،‬ومرة بالخاتم‪..‬‬
‫والية نزلت بعد الثانية‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬مويهؤيتومن{ُ إشعار بذلك‪ ً،‬لتضمنه التكرار والتجديد‪ ً،‬كما أن فيه‬
‫إشعارا بفعل أولده أيضا"‪ .‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من سورة المائدة‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل‬
‫مبليهغ ممآ يأنرزمل إرلمهيمك رمن رريبمك مورإن لرهم متهفمعهل مفمما مبلرهغمت ررمسالممتيه{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يحمل التبليغ المأمور به عليه‬
‫السلم على تبليغه للناس إمامة علسى ووليته‪ ً،‬ويروى هنا قصة طويلة جدا‪ ً،‬ويروى خطبة النبى‬
‫لصحابه عند "غدير يخهم"‪ ً،‬وهى خطبة طويلة كذفلك‪ ً،‬وفى هذه الخطبة يقول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم مبينا سبب نزول الية‪" :‬وأنا مبين لكم سبب هذه الية‪ :‬إن جبريل هبط إلرى مرارا ثلثة‪ ً،‬يأمرنى‬
‫عن السلم ربى وهو السلم‪ :‬أن أقوم فى هذا المشهد ويأعلم كل أبيضِ وأسود أن علرى بن أبى طالب‬
‫أخى‪ ً،‬ووصيى وحليفتى‪ ً،‬والمام من بعدى‪ ً،‬الذى محله منى محل هارون من موسى‪ ً،‬إل أنه ل نبى‬
‫على بذلك آية من كتابه‪} :‬إرنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه‬ ‫بعدى‪ ً،‬وهو وليكم بعد ال ورسوله‪ ً،‬وقد أنزل ال ي‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ‪ ً،‬وعلسى بن أبى طالب أقام الصلة وآتى‬ ‫صم‬ ‫موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫الزكاة وهو راكع‪ ً،‬يريد ال معرز ومجرل فى كل حال‪ ً،‬وسأليت جبريل أن يستغفر لى عن تبليغ ذلك إليكم‬
‫أيها الناس‪ ً،‬لعلمى ربرقرلة المتقين‪ ً،‬وكثرة المنافقين‪ ً،‬وإدغال الثمين‪ ً،‬وحيل المستهزئين بالسلم‪ ً،‬الذين‬
‫وصفهم ال فى كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم‪ ً،‬ويحسبونه مهيينا وهو عند ال عظيم‪ً،‬‬
‫وكثرة أذاهم لى غيره مرة حتى سمونى أييذنا‪ً،‬وزعموا أنى كذلك لكثرة ملزمته إياى وإقبالى عليه‪ ً،‬حتى‬
‫أنزل ال معرز ومجرل فى ذلك‪} :‬مورمهنيهيم ٱرلرذيمن يهؤيذومن ٱلرنربري مورييقويلومن يهمو أييذفن يقهل أييذين مخهيهَر لريكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬ولو‬
‫شئيت أن أسميهم بأسمائهم لسميت‪ ً،‬وأن يأومئ إليهم لعيانهم لومأت‪ ً،‬وأن أدل عليهم لدللت‪ ً،‬ولكنى ‪-‬‬
‫وال ‪ -‬فى يأمورهم قد تكرمت‪ ً،‬وكل ذلك ل يرضى ال منى إل أن يأبيلغ ما أنزل إلسى‪ ..‬ثم تل‪} :‬ميــمأسيمها‬
‫صيممك رممن ٱلرنارس{ُ‪ ..‬إلخْ"‪* .‬‬ ‫ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرلمهيمك{ُ فى ر‬
‫على‪} ً،‬ورإن لرهم متهفمعهل مفمما مبلرهغمت ررمسالممتيه موٱللريه ميهع ر‬
‫*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* يأولوا المر الذين تجب طاعتهم‪:‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [59‬من سورة النساء‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل‬ ‫ومث ل‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬نراه يحمل هذه الية على وفقا مذهبه‪ ً،‬فيقصر يأولى المر على الئمة من‬ ‫موأيهورلي ٱ م‬
‫أهل البيت خاصة‪ ً،‬أما ممن عداهم فليسوا يأولى المر‪ ً،‬وليس يجب على أحد من يقوم بطاعتهم‪ ً،‬ولهذا‬
‫يقول عند تفسيره لهذه الية ما نصه‪" :‬فى الكافى والعياشى عن الباقر‪ :‬إيانا عنى خاصة‪ ..‬أمر جميع‬
‫المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا‪ .‬وفى الكافى عن الصادقا‪ :‬أنه يسرئل عن الوصياء‪ ً،‬طاعتهم مفترضة؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ً،‬هم الذين قال ال‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه{ُ‪...‬الية‪ ً،‬وقال ال‪} :‬أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل موأيهورلي‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬وفيه والعياشى عنه فى هذه الية قال‪ :‬نزلت فى‬ ‫ٱم‬
‫على بن أبى طالب والحسن والحسين‪ ً،‬فقال‪ :‬إن الناس يقولون‪ :‬فما له لم يمسرم عليا وأهل بيته فى كتابه؟‬ ‫س‬
‫فقال‪ :‬فقولوا لهم‪ :‬نزلت الصلة ولم يمسرم ال لهم ثلثا ول أربعا حتى كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ً،‬ونزلت فى علسى‬ ‫وسلم فرسر ذلك لهم‪ ً،‬ونزلت‪} :‬أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫على‪" :‬من كنت موله فهذا علسى موله"‪ً،‬‬ ‫والحسن والحسين‪ ً،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم فى ر‬
‫وقال‪" :‬يأوصيكم بكتاب ال وأهل بيتى‪ ً،‬فإنى سألت ال أن ل ييفيرقا بينهما حتى يوردهما على الحوضِ‪ً،‬‬
‫فأعطانى ذلك"‪ .‬وقال‪" :‬ل تعلموهم‪ ً،‬فإنهم أعلم منكم"‪ ً،‬وقال‪" :‬إنهم لم يخرجوكم من باب هدى ولم‬
‫يدخلوكم فى باب ضللة"‪ ً،‬فلو سكت رسول ال صلى ال عليه وسلم ولم يبين ممهن أهل بيته لدعاها آل‬
‫فلن وآل فلن‪ ً،‬ولكن ال أنزل فى كتابه تصديقا لنبيه‪} :‬إررنمما يررييد ٱللريه رليهذرهمب معنيكـيم ٱليرهجمس أمههمل ٱهلمبهيرت‬
‫على والحسن والحسين وفاطمة‪ ً،‬فأدخلهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫مويمطيهمريكهم متهطرهيـرا{ُ‪ ً،‬فكان ر‬
‫ل‪ ً،‬أهل بيتى ومثمقلى"‪ ً،‬فقالت يأم سلمة‪:‬‬ ‫ل ومثق ل‬ ‫تحت الكساء فى بيت يأم سلمة ثم قال‪" :‬الرلهم إن لكل نبى أه ل‬
‫ألس يت من أهلك؟ فقال‪" :‬إنك إلى خير‪ ً،‬ولكن هؤلء أهل بيتى وثقلى"‪) ...‬الحديث(‪ ً،‬وزاد العياشى‪ :‬آل‬
‫عباس‪ ً،‬وآل عقيل‪ ً،‬قبل قوله‪ :‬وآل فلن‪.‬‬
‫عن الصادقا أنه سيئل عما بنيت عليه دعائم السلم التى إذا يأخمذ بها زكى العمل ولم يضر جهل ما جهل‬
‫بعده‪ ً،‬فقال‪" :‬شهادة أهن ل إله إل ال وأرن محمدا رسول ال‪ ً،‬والقرار بما جاء به من عند ال‪ ً،‬وحقا فى‬
‫الموال‪ :‬الزكاة‪ ً،‬والولية التى أمر ال بها‪ :‬ولية آل محمد‪ ً،‬فإن رسول ال قال‪" :‬ممن مات ل يعرف‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ ً،‬فكان علسى‪ً،‬‬ ‫إمامه مات ميتة جاهلية"‪ ..‬قال ال تعالى‪} :‬أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫ثم صار من بعده الحسن‪ ً،‬ثم بعده الحسين‪ ً،‬ثم من بعده علسى بن الحسين‪ ً،‬ثم من بعده محمد بن علسى‪ ً،‬ثم‬
‫هكذا يكون المر‪ ً،‬إن الرضِ ل تصلح إل بإمام"‪) ...‬الحديث(‪.‬‬
‫وفى المعانى عن سليم بن قيس الهللى عن أمير المؤمنين أنه سأله‪ :‬ما أدنى ما يكون به الرجل ضا ل‬
‫ل‪ً،‬‬
‫فقال‪ :‬أن ل يعرف ممن أمر ال بطاعته وفرضِ وليته‪ ً،‬وجعله يحرجته فى أرضه‪ ً،‬وشاهده على خلقه‪..‬‬
‫قال‪ :‬فمن هم يا أمير المؤمنين؟ قال‪ :‬الذين قرنهم ال بنفسه ونبيه فقال‪} :‬أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل‬
‫لهمرر رمهنيكهم{ُ‪ .‬قال‪ :‬فقبلريت رأسه وقلت‪ :‬أوضحمت لى‪ ً،‬وفررجت عنى‪ ً،‬وأذهبت كل شئ كان فى‬ ‫موأيهورلي ٱ م‬
‫قلبى‪.‬‬
‫وفى الكمال عن جابر بن عبد ال النصارى قال‪ :‬لما نزلت هذه الية قلت‪ :‬يا رسول ال؛ً عرفنا ال‬
‫ورسوله‪ ً،‬فممن يأولوا المر الذين قرن ال طاعتهم بطاعتك؟ فقال‪" :‬هم خلفائى يا جابر وأئمة المسلمين‬
‫من بعدى‪ ً،‬أولهم علسى بن أبى طالب‪ ً،‬ثم الحسن‪ ً،‬ثم الحسين‪ ً،‬ثم علسى بن الحسين‪ ً،‬ثم محمد بن علسى‬
‫المعروف فى التوراة بالباقر ‪ -‬وستدركه يا جابر‪ ً،‬فإذا لقيته فأقرئه منى السلم ‪ -‬ثم الصادقا جعفر بن‬
‫محمد بن موسى بن جعفر‪ ً،‬ثم علسى بن موسى‪ ً،‬ثم محمد بن علسى‪ ً،‬ثم علسى بن محمد‪ ً،‬ثم الحسن ابن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫على‪ ً،‬ثم سميى محمد‪ ً،‬وكنيته "حرجة ال فى أرضه‪ ً،‬وبقيته فى عباده"‪ ً،‬ابن الحسن بن علسى‪ ً،‬ذاك الذى‬ ‫س‬
‫ييفتح على يديه مشارقا الرضِ ومغاربها‪ ً،‬ذاك الذى يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة ل يثبت فيها على‬
‫القول بإمامته إل ممن امتحن ال قلبه لليمان"‪ .‬قال جابر‪ :‬فقلت‪ :‬يا رسول ال؛ً فهل لشيعته النتفاع به‬
‫فى غيبته‪ ً،‬فقال‪" :‬أى‪ ً،‬والذى بعثنى بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره‪ ً،‬وينتفعون بوليته‪ ً،‬كانتفاع الناس‬
‫بالشمس وإن تجللها سحاب‪ .‬يا جابر؛ً هذا من مكنون سر ال ومخزون علم ال فاكتمه إل عن أهله"‪.‬‬
‫والخبار فى هذا المعنى من الكتب المتداولة المعتبرة ل تحصى كثرة‪ .‬وفى التوحيد عن أمير المؤمنين‪:‬‬
‫اعرفوا ال بال‪ ً،‬والرسول بالرسول‪ ً،‬ويأولى المر بالمعروف والعدل والحسان‪.‬‬
‫وفى العلل عنه‪ :‬ل طاعة لمن عصى ال‪ ً،‬وإنما الطاعة ل ولرسوله ولولة المر‪ ً،‬إنما أمر ال بطاعة‬
‫الرسول لنه معصوم يمطرهر ل يأمر بمعصية‪ ً،‬وإنما أمر بطاعة يأولى المر ألنهم معصومون يمطرهرون‬
‫ل يأمرون بمعصية"‪.‬‬
‫**‬
‫المام يوصى لمن بعده‪:‬‬
‫ولما كان مذهب المؤلف أن كل إمام يوصى بالمامة لمن بعده‪ ً،‬وليس ذلك لحد من المسلمين غيره‪ً،‬‬
‫فإرنا نجده يتأثر بهذه العقيدة وييفيسر قوله تعالى فى الية ]‪ [58‬من سورة النساء‪} :‬إررن ٱلرلمه ميهأيميريكهم مأن‬
‫لممامنارت إرلميى أمههرلمها{ُ‪ ...‬الية على وفقا هذه العقيدة فيقول‪" :‬فى الكافى وغيره فى الذى بعده‬ ‫يتؤسدوها ٱ م‬
‫ويوصى إليه‪ ً،‬ثم هى جارية فى سائر المانات‪ ..‬وفيه وفى العياشى عن الباقر‪ :‬إيانا عنى‪ ً،‬أن يؤدى‬
‫المام الول إلى الذى بعده العلم والكتب والسلح"‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫**‬
‫* استدلله على الرجعة‪:‬‬
‫ولما كان المؤلف يدين بالرجعة فإرنا نجده يستدل على جوازها بقوله تعالى فى اليتين ]‪ [56 ً،55‬من‬
‫صارعمقية موأمهنيتهم متنيظيرومن * يثرم‬ ‫سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهليتهم ميايمومسـى ملن سنهؤرممن ملمك محرتـى منمرى ٱلرلمه مجههمرلة مفمأمخمذهتيكيم ٱل ر‬
‫مبمعهثمنايكم يمن مبهعرد ممهورتيكهم لممعلريكهم متهشيكيرومن{ُ‪ ..‬وذلك حيث يقول‪" :‬أقول‪ :‬قريد البعث بالموت لنه قد يكون عن‬
‫ل عن أئمتهم‪ ً،‬واحتج بهذه‬ ‫إغماء ونوم‪ ً،‬وفيه دللة واضحة على جواز الرجعة التى قال بها أصحابنا نق ل‬
‫الية أمير المؤمنين على ابن الكواء حين أنكرها كما رواه عنه الصبع بن نباتة‪ ً،‬واليقيمى‪ ً،‬هذا دليل على‬
‫الرجعة فى يأمة محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬فإنه قال‪ :‬لم يكن فى بنى إسرائيل شئ إل وفى يأمته مثله ‪-‬‬
‫ل على وقوعها"‪.‬‬ ‫يعنى دلي ل‬
‫**‬
‫* اليمان بالرجعة وقيام القائم من اليمان بالغيب‪:‬‬
‫ولكون المؤلف يعتقد بالرجعة ويرى ضرورة اليمان بها لكل مؤمن‪ ً،‬فإرنا نراه يعد اليمان بها من‬
‫ضمن اليمان بالغيب الذى مدح ال به عباده المتقين وذلك حيث يقول عند تفسيره لقوله تعالى فى‬
‫اليتين ]‪[3 ً،2‬من سورة البقرة‪} :‬يهلدى ليهليمرترقيمن * ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ بما‬
‫غاب عن حواسهم من توحيد ال‪ ً،‬ونبوة النبياء‪ ً،‬وقيام القائم‪ ً،‬والرجعة‪ ً،‬والبعث‪ ً،‬والحساب‪ ً،‬والجرنة‪ً،‬‬
‫لمور التى يلزمهم اليمان بها مما ييعرف بالمشاهدة وإنما ييعرفقا بدلئل نصبها ال معرز‬ ‫والنار‪ ً،‬وسائر ا ي‬
‫ومجرل"‪.‬‬
‫**‬
‫* التقرية‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ولما كان مل محسن يقول بالتقية‪ ً،‬ويراها ضرورة من ضروريات قيام مذهبه وصون أصحابه من‬
‫الضطهاد‪ ً،‬فإرنا نراه يفيضِ فيها عندما تكلم عن قوله تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة آل عمران‪ } :‬ر‬
‫ل‬
‫ميرترخرذ ٱهليمهؤرمينومن ٱهلمكارفرريمن أمهورلميآمء رمن يدورن ٱهليمهؤرمرنيمن موممن ميهفمعهل ـذرلمك مفلمهيمس رممن ٱللرره رفي مشهيهَء{ُ‪ ...‬الية‬
‫ل مأن مترتيقوها رمهنيههم يتمقالة{ُ إل أن تخافوا من جهتهم خوفا وأمرا يجب أن ييخاف منه‪ ً،‬وقرئ‪" :‬تقيه"‪ً،‬‬ ‫فيقول‪} :‬إر ر‬
‫منع عن موالتهم ظاهرا وباطنا فى الوقات كلها إل وقت المخافة‪ ً،‬فإن إظهار الموالة حينئذ جائز‬
‫بالمخالفة كما قيل‪ :‬كن وسطا وامش جانبا‪ ..‬ثم قال‪ :‬وفى العياشى عن الصادقا قال‪ :‬كان رسول ال‬
‫ل مأن مترتيقوها رمهنيههم يتمقالة{ُ‪ .‬وفى‬ ‫صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬ل إيمان لمن ل تقية له"‪ ً،‬ويقول‪ :‬قال ال‪} :‬إر ر‬
‫الكافى عنه قال‪ :‬التقية ترس ال بينه وبين خلقه‪ .‬وعن الباقر قال‪ :‬التقية فى كل شئ يضطر إليه ابن‬
‫آدم‪ ً،‬وقد أحرل ال له‪ ,‬والخبار فى ذلك مما ل يحصى"‪.‬‬
‫**‬
‫* تأثره فى تفسيره بالفروع الفقهية للمامية‪:‬‬
‫ولما كان المؤلف كغيره من علماء مذهبه له فى بعضِ المسائل الجتهادية الفقهية رأى يخالف آراء‬
‫مجتهدى المذاهب الخرى‪ ً،‬فإنا نراه ينتصر لمذهبه ويعمل على تأييده بما يظهر له من آيات القرآن‪..‬‬
‫والمتتبع لتفسيره ليات الحكام يجد أثر هذا كله ظاهرا جليا‪ ً،‬فهو يحاول محاولة جدية أن يأخذ رأيه من‬
‫النص القرآنى أو يدفع رأى مخالفيه بما يظهر له منه‪ ً،‬وإليك بعضِ المثل لتعرف مقدار تأثر هذا التفسير‬
‫بمذهب صاحبه الفقهى‪:‬‬
‫* المتعة‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [24‬من سورة النساء‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن‬ ‫فمث ل‬
‫ل على صحة‬ ‫أييجومريهرن {ُ‪ ..‬نراه يتأثر بما يراه من رحيل نكاح المتعة فيحمل الية على هذا ويجعلها دلي ل‬
‫مذهبه وذلك حيث يقول ما نصه‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن أييجومريهرن{ُ مهورهن‪ ً،‬سمى أجرا لنه‬
‫ضلة{ُ مصدر مؤكد‪ .‬فى الكافى عن الصادقا‪ :‬وإنما يأنزلت‪" :‬فما استمتعتم به‬ ‫فى مقابلة الستمتاع‪} ً،‬مفرري م‬
‫منهن إلى أجل مسمى فآتوهن يأجورهن فريضة"‪ ..‬والعياشى عن الباقر‪ :‬أنه كان يقرأها كذلك‪ ً،‬وروته‬
‫ضرة{ُ من زيادة‬ ‫ضهييتهم ربره رمن مبهعرد ٱهلمفرري م‬
‫ل يجمنامح معلمهييكهم رفيمما متمرا م‬
‫العامة أيضا عن جماعة من الصحابة‪} :‬مو م‬
‫فى المهر أو الجل‪ ً،‬أو نقصان فيهما‪ ً،‬أو غير ذلك مما ل يخالف الشرع‪ .‬فى الكافى مقطوعا والعياشى‬
‫عن الباقر‪" :‬ل بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الجل فيما بينكما‪ ً،‬تقول‪ :‬استحللتك بأجر آخر يرضا‬
‫منها‪ ً،‬ول تحل لغيرك حتى تنقضى عردتها‪ ً،‬وعردتها حيضتان‪} ً،‬إررن ٱلرلمه مكامن معرليما{ُ بالمصالح‪} ً،‬محركيما{ُ‬
‫فيما شرع من الحكام‪ .‬فى الكافى عن الصادقا‪ :‬المتعى نزل بها القرآن‪ ً،‬وجرت بها السسرنة من رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وآله‪ ً،‬وعن الباقر‪ :‬كان علسى يقول‪ :‬لول ما سبقنى به ابن الخطاب ما زنى إل‬
‫شفى ‪ -‬بالفاء‪ ً،‬يعنى إل قليل ‪ -‬أراد أنه لول ما سبقنى به عمر من نهيه عن المتعة وتمكن نهيه من‬
‫قلوب الناس‪ ً،‬لندبيت الناس عليها‪ ً،‬وررغبتهم فيها‪ ً،‬فاستغنوا بها عن الزنا‪ ً،‬فما زنى منهم إل قليل‪ ً،‬وكان‬
‫نهيه عنها تارة بقوله‪ :‬متعتان كانتا على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم أنا يمحيرمهما ويمعارقفب‬
‫عليهما‪ :‬يمتعة الحج‪ ً،‬ويمتعة النساء‪ ً،‬وأخرى بقوله‪ :‬ثلث يكسن على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أنا يمحيرمهن ويمعارقفب عليهن‪ :‬يمتعة الحج ويمتعة النساء وحسى على خير العمل فى الذان‪ .‬وفيه‪ :‬جاء عبد‬
‫ال بن عمر الليثى إلى أبى جعفر فقال له‪ :‬ما تقول فى يمتعة النساء؟ فقال‪ :‬أحرلها ال فى كتابه وعلى‬
‫لسان نبيه‪ ً،‬فهى حلل إلى يوم القيامة‪ ً،‬فقال‪ :‬يا أبا جعفر؛ً مثلك يقول هذا وقد حررمها عمر ونهى عنها؟‬
‫فقال‪ :‬وإن كان فعل‪ ً،‬قال‪ :‬فإنى يأعيذك بال من ذلك أن تحل شيئا حررمه عمر‪ ً،‬فقال له‪ :‬فأنت على قول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صاحبك وأنا على قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فهلم يألعنك أن القول ما قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وأن الباطل ما قال صاحبك‪ ً،‬وقال‪ :‬فأقبل عبد ال بن عمر فقال‪ :‬أيسرك أن نساءك‪ً،‬‬
‫وبناتك‪ ً،‬وأخواتك‪ ً،‬وبنات عمك‪ ً،‬يفعلن ذلك؟ فأعرضِ عنه أبو جعفر حين ذكر نساءه وبنات عمه‪ .‬وفيه‪:‬‬
‫سأل أبو حنيفة أبا جعفر محمد ابن النعمان صاحب الطاقا فقال‪ :‬يا أبا جعفر؛ً ما تقول فى المتعة؟ أتزعم‬
‫أنها حلل؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فما يمنعك أن تأمر نساءك ليستمتعن ويكسبن عليك؟ فقال أبو جعفر‪ :‬ليست‬
‫كل الصناعات ييرمغب فيها وإن كانت حللل‪ ً،‬وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم‪ ً،‬ولكن ما تقول يا‬
‫أبا حنيفة فى النبيذ‪ ً،‬أتزعم أنه حلل؟ قال‪ :‬نعم‪ ً،‬قال‪ :‬فما يمنعك أن يتهقرعد نساءك فى الحوانيت نرباذات‬
‫فيكسبن عليك؟ فقال أبو حنيفة‪ :‬واحدة بواحدة‪ ً،‬وسهمك أنفذ‪ ً،‬ثم قال‪ :‬يا أبا جعفر؛ً إن الية التى فى "سأل‬
‫سائل" تنطقا بتحريم المتعة والرواية عن النبى قد جاءت بنسخها‪ ً،‬فقال أبو جعفر‪ :‬يا أبا حنيفة؛ً إن سورة‬
‫"سأل سائل" مكية وآية المتعة مدنية‪ ً،‬وروايتك شاذة ردية‪ ً،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬وآية الميراث أيضا تنطقا‬
‫بنسخْ المتعة‪ ً،‬فقال أبو جعفر‪ :‬قد ثبت النكاح بغير ميراث‪ ً،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬من أين قلت ذاك؟ فقال أبو‬
‫ل من المسلمين تزوج بامرأة من أهل الكتاب ثم توفى عنها‪ .‬ما تقول فيها‪ :‬قال‪ :‬ل‬ ‫جعفر‪ :‬لو أن رج ل‬
‫ترث منه‪ ً،‬فقال‪ :‬قد ثبت النكاح بغير ميراث‪ ..‬ثم افترقا‪ .‬وعن الصادقا أنه سأله أبو حنيفة عن المتعة‬
‫فقال‪ :‬عن أى المتعتين تسأل؟ فقال‪ :‬سألتك عن متعة الحج فأنبئنى عن متعة النساء أحقا هى؟ فقال‪:‬‬
‫سبحان ال‪ ..‬أما تقرأ كتاب ال‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن أييجومريهرن{ُ؟ فقال أبو حنيفة‪ :‬والر لكأنها‬
‫آية لم أقرأها قط‪ .‬وفى الفقه عنه‪ :‬ليس منا ممن لم يؤمن بمكررتنا ويستحل متعتنا )أقول(‪ :‬الكررة‪ :‬الرجعة‪ً،‬‬
‫وهى إشارة إلى ما ثبت عندهم من رجوعهم إلى الدنيا مع جماعة من شيعتهم فى زمن القائم لينصروه‪ً،‬‬
‫وقد مضت الشارة إليه فيما سلف‪ ً،‬ويأتى أخبار يأخر فيها إن شاء ال‪.‬‬
‫**‬
‫* نكاح الكتابيات‪:‬‬
‫ومل محسن‪ ً،‬ل يميل إلى يحهرمة نكاح الكتابيات من اليهود والنصارى‪ ً،‬بل نراه يذكر لنا فى تفسيره‬
‫لليات التى تتصل بهذا الموضوع أقوال العلماء‪ ً،‬ويفيضِ فى سرده لقوال المجيزين منهم‪ ً،‬وييعيقب على‬
‫أقوال المجيزين بما يدل على أنه مؤيد لعدم اليحهرمة‪ ً،‬ومرتضِ لقول ممن يقول بالرحيل‪ ً،‬ولهذا نراه عند‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪:‬‬ ‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [221‬من سورة البقرة‪} :‬مو م‬
‫}محرتـى يهؤرمرن{ُ ل تزوجوا الكافرات }مو م‬
‫لممفة{ُ‪} ً،‬سمهؤرممنفة مخهيفر يمن سمهشررمكهَة{ُ مملوكه‪} ً،‬مولمهو أمهعمجمبهتيكهم{ُ المشركة‬
‫ل متهنركيحوها‬
‫بجمالها أو مالها أو حسبها‪} ً،‬محرتـى يهؤرمينوها مولممعهبفد سمهؤرمفن{ُ ل تزيوجوا منهم المؤمنات‪} ً،‬مو م‬
‫ٱهليمهشررمكيرن{ُ مملوك‪} ً،‬مخهيفر يمن سمهشررهَك{ُ يحرر‪} ً،‬موملهو أمهعمجمبهتيكهم{ُ جماله أو ماله أو حاله‪} ً،‬أيهوملــرئمك{ُ إشارة إلى‬
‫المشركين والمشركات‪} ً،‬ميهديعومن إرملى ٱلرنارر{ُ إلى الكفر المؤدى إلى النار‪ ً،‬فحهقم أن ل ييوالوا ل‬
‫صاهروا‪} ً،‬موٱللريه ميهديعيوها إرملى ٱهلمجرنرة موٱهلممهغرفمررة{ُ إلى فعل ما يوجب الجرنة والمغفرة من اليمان والطاعة‪ً،‬‬ ‫يم‬
‫}ربرإهذرنره{ُ بأمره وتوفيقه‪} ً،‬مويمبيين آميارتره{ُ أوامره ونواهيه‪} ً،‬رللرنارس لممعلريههم ميمتمذركيرومن{ُ ويتعظون‪ .‬اليقيمى‪ :‬هى‬
‫منسوخة بقوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة المائدة‪} :‬ٱهلميهوم أيرحرل مليكيم ٱلرطيمبايت‪ ...ُ{...‬إلى قوله‪:‬‬
‫ل متهنركيحوها‬‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم إرمذآ آمتهييتيمويهرن أييجومريهرن{ُ قال‪ :‬فنسخْ هذه الية‪} :‬مو م‬
‫}موٱهليمهح م‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ على حاله لم ينسخْ‪ ً،‬لنه ل‬ ‫ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ وترك قوله‪} :‬مو م‬
‫يحل للمسلم أن يينكح المشرك‪ ً،‬ويحل له أن يتزوج المشركة من اليهود والنصارى‪ ً،‬وكذلك قال النعمان‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ من منسوخ النصف من اليات‪ً،‬‬ ‫فى كتابه‪ ً،‬وكلهما معرد قوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫ويأتى تمام الكلم فيه فى سورة المائدة إن شاء ال تعالى"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وعندما تكلم عن قوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة المائدة‪} :‬ٱهلميهوم أيرحرل مليكيم ٱلرطيمبايت مومطمعايم ٱرلرذيمن يأويتوها‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن‬ ‫صمنايت رممن ٱهليمهؤرممنارت موٱهليمهح م‬ ‫ٱهلركمتامب رحول لريكهم مومطمعايميكهم رحول لريههم موٱهليمهح م‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم{ُ فى الفقيه عن الصادقا‪:‬‬ ‫مقهبرليكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪} :‬موٱهليمهح م‬
‫هن العفائف‪ .‬والعياشى عن الكاظم‪ :‬أنه يسئل ما معنى إحصانهن؟ قال‪ :‬هن العفائف من نسائهم‪ .‬وفى‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪ ..‬وزاد فى‬ ‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬‫الكافى‪ ً،‬والمجمع‪ ً،‬والعياشى‪ ً،‬عن الباقر‪ :‬أنهال منسوخه بقوله‪} :‬مو م‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ‪ ..‬اليقيمى‪ :‬أحل ال نكاح أهل الكتاب بعد تحريمه فى قوله فى‬ ‫المجمع‪ :‬وبقوله‪} :‬مو م‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ‪ ..‬قال‪ :‬وإنما يحل نكاح أهل الكتاب الذين يؤدون‬ ‫سورة البقرة‪} :‬مو م‬
‫الجزية‪ ً،‬وغيرهم لم تحل مناكحتهم‪) ..‬أقول(‪ :‬يؤيد هذا الحديث النبوى‪" :‬إن سورة المائدة آخر القرآن‬
‫ل أحسلوا ومح ررموا حرامها"‪ ..‬وفى الكافى عن الحسن ابن الجهم قال‪ :‬قال لى أبو الحسن الرضا‪ :‬يا أبا‬ ‫نزو ل‬
‫محمد؛ً ما تقول فى رجل يتزوج نصرانية على مسلمة؟ قلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬وما قولى بين يديك؟ قال‪:‬‬
‫لتقولن‪ ً،‬فإن ذلك تعلم به قولى‪ .‬قلت‪ :‬ل يجوز تزوج نصرانية على مسلمة ول على غير مسلمة؟ قال‪:‬‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ‪ ..‬قال‪ :‬فما تقول فى هذه الية‪:‬‬ ‫ورلمم؟ قلت‪ :‬لقوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫ل متهنركيحوها‬ ‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم{ُ؟ قلت‪ :‬فقوله‪} :‬مو م‬ ‫صمنايت رممن ٱهليمهؤرممنارت موٱهليمهح م‬ ‫}موٱهليمهح م‬
‫ٱهليمهشرر مكارت{ُ نسخت هذه الية‪ ً،‬فتبسم ثم سكت‪ .‬وفيه وفى الفقيه عن الصادقا فى الرجل المؤمن يتزوج‬
‫النصرانية واليهودة قال‪ :‬إذا أصاب المسلمة فماذا يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقيل‪ :‬يكون له فيها‬
‫الهوى‪ ً،‬فقال‪ :‬إن فعل فيمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير‪ ً،‬واعلم أن عليه فى دينه غضاضة‪.‬‬
‫وعن الباقر‪ :‬ل ينبغى للمسلم أن يتزوج يهودية ول نصرانية وهو يجد مسلمة يحررة أو أمممة‪ .‬وعنه‪ :‬إنما‬
‫يحل منهم نكاح اليبهله‪ .‬وفى الفقيه عنه‪ :‬أنه سئل عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية قال‪ :‬ل‪ ً،‬ولكن إن‬
‫كانت له أمممة مجوسية فل بأس أن يطأها ويعزل عنها ول يطلب ولدها‪ ً،‬وفى رواية‪ :‬ل يتزوج الرجل‬
‫اليهودية ول النصرانية على المسلمة‪ ً،‬ويتزوج المسلمة على اليهودية والنصرانية‪ .‬وفى التهذيب عن‬
‫الصادقا‪ :‬ل بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده يحررة‪ .‬وفيه فى جواز التمتع بهما‬
‫وبالمجوسية أخبار يأخر"‪.‬‬
‫ل‬‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪ ..‬قال ما نصه‪} :‬مو م‬ ‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬
‫وفى سورة الممتحنة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[10‬مو م‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ بما يعتصم به الكافرات من عقد ونسب‪ ..‬جمع عصمة‪ ً،‬والمراد نهى المؤمنين‬ ‫يتهمرسيكوها ربرع م‬
‫عن المقام على نكاح المشركات‪ .‬اليقيمى عن الباقر فى هذه الية قال‪ :‬يقول‪ :‬من كانت عنده امرأة كافرة‬
‫‪ -‬يعنى على غير رمرلة السلم ‪ -‬وهو على رمرلة السلم‪ ً،‬فليعرضِ عليها السلم‪ ً،‬فإن قبلت فهى‬
‫امرأته‪ ً،‬وإل فهى بريئة منه‪ ً،‬فنهى ال أن يمسك بعصمتها‪ .‬وفى الكافى عنه قال‪ :‬ل ينبغى نكاح أهل‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪) ..‬أقول(‪ :‬قد مضى فى سورة‬ ‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬
‫الكتاب‪ ً،‬قيل‪ :‬وأين تحريمه؟ قال‪ :‬قوله‪} :‬مو م‬
‫المائدة ما يخالف ذلك"‪.‬‬
‫* فرضِ الررهجلين فى الوضوء وحكم المسح على اليخرفين‪:‬‬
‫ويرى صاحبنا أن فرضِ الررهجلين فى الوضوء مسحها ل غسلها‪ ً،‬كما يرى عدم جواز المسح على‬
‫اليخرفين‪ ً،‬ولهذا نراه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم‬
‫صلرة فٱِهغرسيلوها يويجومهيكهم موأمهيردمييكهم إرملى ٱهلمممرارفرقا موٱهممسيحوها ربيريؤورسيكهم موأمهريجلميكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫إرملى ٱل ر‬
‫نراه يقول بوجوب وصول الماء إلى بشرة سائر العضاء كما هو مقتضى المر بالغسل والمسح‪ً،‬‬
‫وعليه فل يجزئ المسح على العضاء كما هو مقتضى المر بالغسل والمسح‪ ً،‬وعليه فل يجزئ المسح‬
‫على القلنسوة ول على اليخرفين‪ ً،‬ثم يروى ما جاء فى التهذيب عن الباقر من أن عمر جمع أصحاب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫على فقال‪ :‬ما تقولون فى المسح على الخرفين؟ فقام المغيرة بن‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وفيهم س‬
‫شعبة فقال‪ :‬رأييت رسول ال صلى ال عليه وسلم يمسح على اليخرفين‪ ً،‬فقال علسى‪ :‬قبل المائدة أو بعد‬
‫على‪ :‬سبقا الكتاب الخرفين‪ ً،‬إنما نزلت المائدة قبل أن ييقبضِ بشهرين أو‬ ‫المائدة؟ قال‪ :‬ل أدرى‪ ً،‬فقال س‬
‫ثلثة‪ .‬وهنا ييعيقب مل محسن على هذه الرواية فيقول‪) :‬أقول(‪ :‬المغيرة بن شعبة هذا هو أحد رؤساء‬
‫المنافقين من أصحاب العقبة والسقيفة لعنهم ال‪ ..‬ثم يقول‪ :‬وفى الفقيه‪ :‬روت عائشة عن النبى أنه قال‪:‬‬
‫أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره‪ .‬وروى عنها أنها قالت‪ :‬لن أمسح على‬
‫إلى من أن أمسح على خرفهى‪ .‬ولم ييعرف للنبى خف إلى خف أهداه النجاشى‬ ‫ظهر عير بالفلة أحب س‬
‫وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا‪ ً،‬فمسح النبى صلى ال عليه وسلم على ررهجليه وعليه يخرفاه‪ ً،‬فقال‬
‫الناس‪ :‬إنه مسح علىيخرفيه‪ ً،‬على أن الحديث فى ذلك غير صحيح السناد )انتهى كلم الفقيه(‪.‬‬
‫ل أن قراءة‬ ‫وبعد هذا انتقل المؤلف إلى الكلم على فرضِ الررهجيلن فى الوضوء‪ ً،‬فقال بعد ما برين أو ل‬
‫نصب الرجل مردودة عندهم‪ .." :‬ثم دللة الية على مسح الررهجلين دون غسلهما أظهر من الشمس فى‬
‫رابعة النهار‪ ً،‬وخصوصا على قراءة الجر‪ ً،‬ولذلك اعترف بها جمع كثير من القائلين بالغسل‪ ً،‬وفى‬
‫التهذيب عن الباقر أنه يسئل عن قول ال معرز ومجرل‪} :‬موٱهممسيحوها ربيريؤورسيكهم موأمهريجلميكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ..‬على‬
‫الخفضِ هى أم على النصب؟ قال‪" :‬بل هى على الخفضِ"‪ ً،‬ثم قال‪) :‬أقول(‪ :‬وعلى تقدير القراءة على‬
‫النصب أيضا تدل على المسح‪ ً،‬لنها تكون حينئذ معطوفة على محل الرؤوس‪ ً،‬كما تقولك مررت بزيد‬
‫ومع همرا‪ ً،‬إذ عطفهما على الوجوه خارج عن قانون الفصاحة‪ ً،‬بل عن أسلوب العربية‪ ..‬ثم روى من‬
‫الخبار عن أهل البيت ما يشهد لمذهبه"‪.‬‬
‫***‬
‫*الغنائم‪:‬‬
‫وهو يرى فى الغنائم ما يراه غيره من علماء مذهبه من أن اليخمس ييقسم إلى ستة سهام‪ :‬سهم ل‪ .‬وسهم‬
‫للرسول‪ .‬وسهم للمام‪ ً،‬وسهم ليتامى آل الرسول‪ ً،‬وسهم لمساكينهم‪ ً،‬وسهم لبناء سبيلهم‪ .‬وسهم ال‬
‫وسهم الرسول يرثهما المام‪ ً،‬فيكون للمام ثلثة أسهم من ستة‪ ..‬ثم يعلل اختصاص المام من اليخمس‬
‫لمة‪ ً،‬ومؤن المسلمين وقضاء‬ ‫بالسهم الثلثة‪ ً،‬بأن ال تعالى قد ألزم المام بما ألزم به النبى من تربية ا ي‬
‫ديونهم‪ ً،‬وحملهم فى الحج والجهاد‪ ً،‬وذلك قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬لما يأنزل عليه‪} :‬ٱلرنربسي‬
‫أمهولمـى ربٱِهليمهؤرمرنيمن رمهن أمهنيفرسرههم{ُ "وهو أفب لهم"‪ ً،‬فلما جعله ال أبا للمؤمنين لزمه ما يلزم الوالد للولد‪ ً،‬فقال‬
‫ضمياعا فعلرى وإلرى"‪ ً،‬فلزم المام ما لزم الرسول‪.‬‬ ‫عند ذلك‪" :‬ممن ترك ما ل‬
‫ل فلورثته‪ ً،‬وممن ترك مدهينا أو م‬
‫فلذلك صار له من اليخمس ثلثة أسهم‪.‬‬
‫عوضِ يتامى آل البيت ومساكينهم وأبناء سبيلهم بما خصوا به من هذه‬ ‫"والمؤلف يرى أن ال تعالى س‬
‫السهام عن الصدقات التى يحيرمت عليهم ويمنعوا من أخذها لكونهها أوساخ الناس‪ ً،‬ويروى فى ذلك‬
‫أخبارا كثيرة عن علماء آل البيت"‪.‬‬
‫وعندما فرسر المؤلف قوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من سورة الحشر‪} :‬رمآ أممفآمء ٱللريه معملـى مريسورلره رمهن أمههرل‬
‫ٱهليقمرـى مفرلرلره مورللرريسورل مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نقل من الكافى عن أمير المؤمنين أنه قال‪" :‬نحن وال الذين‬
‫عنى ال بـ "ذى اليقهرمبى" الذين قرنهم ال بنفسه ونبيه فقال‪} :‬رمآ أممفآمء ٱللريه معلمـى مريسورلره رمهن أمههرل ٱهليقمرـى‬
‫مفرلرلره مورللرريسورل مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلميمتاممـى موٱهلمممساركيرن{ُ منا خاصة ولم يجعل لنا سهما فى الصدقة‪ ..‬أكرم ال‬
‫نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما فى أيدى الناس"‪* * .‬‬
‫* الستنباط‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمة للئمة‪ ً،‬لنهم هم المعصومون عن الخطأ‪ ً،‬أما‬ ‫ويرى مل محسن أن الستنباط ل يجوز لحد من ا ي‬
‫من عداهم فليس له هذه العصمة‪ ً،‬ولهذا نراه عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [83‬من سورة النساء‪:‬‬
‫لهمرن أمرو ٱهلمخهورف أممذايعوها ربره مولمهو مرسدويه إملى ٱلرريسورل موإلمـى أيهورلي ٱ م‬
‫لهمرر رمهنيههم لممعرلمميه‬ ‫}موإمذا مجآمءيههم أمهمفر يممن ٱ م‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫لهمرن أمرو ٱهلمخهورف{ُ مما يوجب‬ ‫ٱرلرذيمن ميهسمتهنربيطومنيه رمهنيههم {ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪} :‬موإمذا مجآمءيههم أمهمفر يممن ٱ م‬
‫ر‬
‫المن والخوف‪} ً،‬أممذايعوها ربره{ُ فشوه‪ .‬قيل‪ :‬كان قوم من ضعفه المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أو أخبرهم الرسول بما يأوحى إليه من وتعد بالظفر أو تخويف من الكفرة‬
‫لهمرر رمهنيههم ملمعرلمميه‬‫أذاعوه‪ ً،‬وكانت إذاعتهم مفسدة‪} ً،‬موملهو مرسدويه{ُ ردوا ذلك المر‪} ً،‬إملى ٱلرريسورل موإملـى أيهورلي ٱ م‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ٱرلرذيمن ميهسمتهنربيطومنيه رمهنيههم{ُ قيل‪ :‬أى يستخرجون تدبيره بتجاربهم وأنظارهم‪ .‬فى الجوامع عن الباقر‪ :‬هم‬
‫الئمة المعصومون‪ .‬والعياشى عن الرضا‪ :‬يعنى آل محمد صلى ال عليه وسلم وهم الذين يستنبطون‬
‫من القرآن‪ ً،‬ويعرفون الحلل والحرام‪ ً،‬وهم يحرجة ال على خلقه‪ .‬وفى الكمال عن الباقر‪ :‬ممن وضع‬
‫ولية ال وأهل استنباط علم ال فى غير أهل الصفوة من بيوتات النبياء فقد خالف أمر ال معرز ومجرل‪ً،‬‬
‫وجعل اليجرهال يولة أمر ال‪ ً،‬والمتكلفين بيغر هدى زعموا أنهم أهل استنباط علم ال فكذبوا على ال‬
‫وزاغوا عن وصية ال وطاعته‪ ً،‬فلم يضعوا فضل ال حيث وضعه ال تبارك وتعالى‪ ً،‬فضسلوا وأضسلوا‬
‫أتباعهم‪ ً،‬فل تكون لهم يوم القيامة يحرجة"‪.‬‬
‫**‬
‫* موقف المؤلف من مسائل علم الكلم‪:‬‬
‫والمؤلف كغيره من الشيعة متأثر إلى حد ما بتعاليم المعتزلة وآرائهم الكلمية‪ ً،‬فهو يوافقهم فى بعضِ‬
‫المسائل‪ ً،‬ويخالفهم فى بعضِ آخر منها‪ .‬وإرنا لنلحظ هذا التأثر فى تفسيره لليات التى لها ارتباط‬
‫بالمسائل الكلمية‪ ً،‬وإليك بعضِ المثل التى وافقا فيها المعتزلة‪ ً،‬وبعضِ المثل التى خالفهم فيها‪:‬‬
‫* أفعال العباد‪:‬‬
‫يرى صاحبنا أن العبد يخلقا أفعال نفسه‪ ً،‬ويوافقا برأيه هذا رأى المعتزلة القائلين بخلقا العباد أفعال‬
‫ل عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [123‬من‬ ‫أنفسهم‪ .‬ولهذا نراه يتأثر بهذه العقيدة فى تفسيره‪ .‬فمث ل‬
‫سورة النعام‪} :‬مومكـذرلمك مجمعهلمنا رفي يكيل مقهرميهَة أممكاربمر يممجرررميمها{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يفر من نسبة هذا الجعل إلى‬
‫ال تعالى فيقول‪ .." :‬والمعنى خليناهم وشأنهم ليمكروا ولم نكفهم عن المكر"‪.‬‬
‫**‬
‫* رؤية ال‪:‬‬
‫كذلك يوافقا مل محسن المعتزلة فى أن رؤية ال تعالى غير جائزة ول واقعة‪ ً،‬ولهذا نراه يتأرول آيات‬
‫الرؤية كما تأرولها المعتزلة‪.‬‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 ً،22‬من سورة القيامة‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬ ‫فمث ل‬
‫ضمرفة{ُ اليقرمى‪ :‬أى مشرقة‪} ً،‬إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ قال‪ :‬ينظرون إلى‬ ‫منارظمرفة{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫وجه ال أى إلى رحمته ونعمته‪ .‬وفى العيون عن الرضا قال‪ :‬يعنى مشرقة تنتظر ثواب ربها‪ .‬وفى‬
‫التوحيد والحتجاج عن أمير المؤمنين فى حديث قال‪ :‬ينتهى أولياء اله بعد ما ييفرف من الحساب إلى‬
‫نهر يسمى "الحيوان"‪ ً،‬فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيضِ وجوههم إشراقا‪ ً،‬فيذهب عنهم كل ذى‬
‫ووعث‪ ً،‬ثم ييؤمرون بدخول الجرنة‪ ً،‬فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم‪ ً،‬قال‪ :‬فذلك قوله تعالى‪} :‬إرملـى مريبمها‬
‫منارظمر فة{ُ‪ ً،‬وإنما نعنى بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى‪ .‬وزاد فى الحتجاج‪ :‬والناظرة فى بعضِ‬
‫اللغة هى المنتظرة‪ ً،‬ألم تسمع إلى قوله‪} :‬مفمنارظمرفة ربم ميهررجيع ٱهليمهرمسيلومن{ُ‪ ..‬أيِ منتظرة"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* الشفاعة‪:‬‬
‫ويخالف المؤلف المعتزلة فى القول بالشفاعة فهو يرى أنها جائزة وواقعة يوم القيامة‪ ً،‬وأهل البيت‬
‫يشفعون للعصاة من شيعتهم‪ ً،‬ولهذا عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [48‬من سورة البقرة‪} :‬موٱرتيقوها‬
‫ل يهؤمخيذ رمهنمها معهدفل{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه ينقل من‬ ‫ل يهقمبيل رمهنمها مشمفامعفة مو م‬ ‫ميهوما ر‬
‫ل متهجرزيِ منهففس معن رنهفهَس مشهيئا مو م‬
‫تفسيره المام عن الصادقا أنه قال‪" :‬هذا يوم الموت فإن الشفاعة والفداء ل ييغنى عنه‪ ً،‬فأما القيامة فإرنا‬
‫وأهلنا نجزى عن شيعتنا كل جزاء‪ ً،‬ليكونن على العراف بين الجرنة والنار‪ :‬محمد‪ً،‬‬
‫وعلى ‪ ً،‬وفاطمة‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬والحسين‪ ً،‬والطيبون من آلهم‪ ً،‬فنرى بعضِ شيعتنا فى تلك العرصات‪ ً،‬فمن‬ ‫ر‬
‫صرا وفى بعضِ شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان‪ ً،‬والمقداد‪ ً،‬وأبى ذر‪ ً،‬وعرمار‪ً،‬‬ ‫كان منهم يمق ي‬
‫ونظرائهم فى العصر الذى يليهم‪ ً،‬ثم فى كل عصر إلى يوم القيامة‪ ً،‬فينقضسون عليهم كالبزاة والصقور‪ً،‬‬
‫ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقور صيدها‪ ً،‬فيزفونهم إلى الجنة زفا‪ ً،‬وإرنا لنبعث على آخرين من‬
‫محبينا خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب وينقلونهم إلى الجنان‬
‫صرى شيعتنا فى أعماله بعد أن حاز الولية والتقية وحقوقا إخوانه‬ ‫بحضرتنا‪ ً،‬وسيؤتى بالواحد من يمق ي‬
‫صاب فيقال له‪ :‬هؤلء فداؤك من النار‪ ً،‬فيدخل‬ ‫ويوقف بإزائه مائة أو أكثر من ذلك إلى مائة ألف من السن ر‬
‫صاب النار‪ ً،‬وذلك ما قال ال معرز ومجرل فى الية ]‪ .[2‬من سورة‬ ‫هؤلء المؤمنون الجرنة ويأولئك السن ر‬
‫الحجر‪} :‬سرمبمما ميموسد ٱرلرذيمن مكمفيروها{ُ يعنى‪ :‬بالولية‪} ً،‬لمهو مكاينوها يمهسرلرميمن{ُ فى الدنيا‪ ً،‬منقادين للئمة‪ ً،‬لييجعل‬
‫مخالفوهم من النار فداؤهم"‪.‬‬
‫**‬
‫* السحر‪:‬‬
‫كذلك يخالف المؤلف المعتزلة فى القول بالسحر‪ ً،‬فهو يعترف بحقيقته ول ينكر أن النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم يسحر‪ ً،‬ولهذا نراه عند تفسيره لسورة الفلقا يقول ما نصه‪} :‬مورمن مشير ٱلرنرفامثارت رفي ٱهليعمقرد{ُ ومن شر‬
‫النفوس أو النساء السواحر اللواتى يعقدن عقدا فى خيوط وينفثن عليها‪ ً،‬والنفث‪ :‬النفخْ مع ريقا‪ ..‬ثم ذكر‬
‫الحديث الذى فيه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم يسرحر بفعل لبيد ابن العصم‪* * .‬‬
‫* روايته للحاديث الموضوعة‪:‬‬
‫ثم ل يفوتنا أن ننبه على أن هذه الحاديث التى يرويها المؤلف فى تفسيره عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أو عن أهل البيت كشاهد لصحة ما يقول‪ ً،‬هى فى الغالب مكذوبة موضوعة ل أصل لها‪ً،‬‬
‫مر بك الكثير من هذه الروايات‪ ً،‬وهى ناطقة على نفسها بالوضع‪ ً،‬فلست فى حاجة إلى بيان وضعا‬ ‫وقد م س‬
‫بميزان نقد الرواة‪ ً،‬إذ نحن فى غنى عن هذا بعد ما حمل الحديث تكذيب نفسه بنفسه فى ثنايا ألفاظه‬
‫ومعانيه‪ .‬والمصنف بعد هذا ل يفوته أن يذكر فى نهاية تفسير كل سورة من الروايات عن أهل البيت ما‬
‫يشهد لفضل هذه السورة‪ ً،‬وما أعد ال لقارئها من الجر والثواب‪ ً،‬وفى اعتقادى أن هذه الروايات ل‬
‫تعدو أن تكون مكذوبة كالروايات المنسوبة إلى أيمبسى وابن عباس فى فضائل السور‪ ً،‬وليس بغريب أن‬
‫يذكر صاحبنا مثل هذه الروايات المكذوبة فى تفسيره بعد ما سرود كتابه من أوله إلى آخره بالحاديث‬
‫الموضوعة على رسول ال صلى ال عليه وسلم وعلى آل بيته عليهم رضوان ال‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -5‬تفسير القرآن )للسيد عبد ال العلوى( (‬

‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مؤلف هذا التفسير هو السيد عبد ال بن محمد رضا‪ ً،‬العلوى‪ ً،‬الحسينى‪ ً،‬الشهير بشربر‪ ً،‬يورلد بأرضِ‬
‫النجف سنة ‪ 1188‬هـ ) ثمان وثمانين ومائة بعد اللف من الهجرة النبوية(‪ ..‬ثم ارتحل مع والده إلى‬
‫الكاظمية ومكث بها إلى أن مات سنة ‪ 1242‬هـ )اثنتين وأربعين ومائتين بعد اللف من الهجرة(‪ .‬كان‬
‫فى نظر أصحابه من أعيان الشيعة وفضلئهم‪ ً،‬فقيها‪ ً،‬محيدثا‪ ً،‬مفيسرا متبحرا‪ ً،‬جامعا لعلوم كثيرة‪ ً،‬آية فى‬
‫الخلقا‪ .‬تلقى العلم على والده‪ ً،‬وعلى المام الكبير السيد محسن العرجى‪ ً،‬وقد تتلمذ عليه خلقا كثير‪ً،‬‬
‫لنهم كانوا يعتبرونه معملما من أعلم الشيعة‪ ً،‬وشخصية علمية بارزة لها مكانها ومقدارها‪ .‬ولقد عكف‬
‫مدة حياته العلمية على التأليف والتصنيف حتى أخرج للناس مع سنه الذى لم يتجاوز الربع والخمسين‬
‫سنة كتبا كثيرة ومصنفات عديدة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬الدرر المنثورة فى المواعظ المأثورة عن ال تعالى والنبى والئمة الطاهرين عليهم السلم‬
‫والحكماء‪.‬‬
‫‪ - 2‬رسالة فى رحرجية خبر واحد‪.‬‬
‫‪ - 3‬إعمال السسرنة‪ .‬كتاب على نمط زاد المعاد للمجلسى‪.‬‬
‫‪ - 4‬رسالة فى رحيجية العقل والحسن والقبح العقليين‪.‬‬
‫‪ - 5‬مصباح الظلم فى شرح مفاتيح شرائع السلم‪.‬‬
‫‪ - 6‬قصص النبياء‪.‬‬
‫‪ - 7‬البرهان المبين فى فتح أبواب علوم الئمة المعصومين‪.‬‬
‫‪ - 8‬كتاب شرح نهج البلغة‪.‬‬
‫‪ - 9‬صفوت التفاسير فى ستين ألف بيت‪.‬‬
‫‪ - 10‬الجوهر الثمين فى تفسير القرآن المبين‪ ..‬فى مجلدين فى ثلثين ألف بيت‪.‬‬
‫‪ - 11‬التفسير الوجيز‪ ً،‬مجلد واحد فى ثمانية عشر ألف بيت‪ .‬ولعل هذا التفسير هو الذى فى أيدينا‪.‬‬
‫وهناك مؤلفات أخرى كثيرة مذكورة فى ترجمته ل نطيل بذكرها‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫هذا التفسير يجرى على مذهب المامية الثنا عشرية‪ ً،‬من حمل ألفاظ القرآن الكريم على معان تتفقا‬
‫وأصول المذهب وتعاليمه‪ ً،‬مع شئ من التعصب والغلو فى التنويه بشأن أهل البيت والحط من قدر‬
‫لعلى وذيريته‪ .‬والكتاب مختصر فى ألفاظه‪ ً،‬موجز فى عباراته‪ ً،‬مع‬ ‫الصحابة الذين يعتبرهم غير موالين س‬
‫تضمنه للمعانى الكثيرة الدقيقة‪ ً،‬فهو أشبه ما يكون بتفسير الجللين من جهة إفادة المعانى كثيرة‪ً،‬‬
‫والنكات الخفية الدقيقة‪ ً،‬بعبارة سهلة موجزة‪.‬‬
‫ولقد حرص المؤلف فيه على أن يكون يجسل اعتماده على ما ورد من التفسير عن أهل البيت‪ ً،‬وإن كان‬
‫ل يعزو كل قول إلى قائله فى الغالب‪ ً،‬كما حرص على أن ينصر مذهبه ويدافع عنه سواء فى ذلك ما‬
‫يتعلقا بيأصول المذهب أو بفروعه‪ ً،‬وهو بعد ذلك يشرح اليات التى لها صلة بمسائل علم الكلم شرحا‬
‫يتفقا أحيانا كثيرة مع مذهب المعتزلة‪ ً،‬وأحيانا مع مذهب أهل السسرنة‪ .‬وذلك راجع إلى أنه يأخذ بمذهب‬
‫المعتزلة فى بعضِ المسائل‪ ً،‬وبمذهب أهل السسرنة فى بعضِ آخر منها‪ ً،‬شأن الكثير الغالب من علماء‬
‫المامية الثنا عشرية‪ .‬ثم ل يفوت المؤلف فى تفسيره هذا أن يشير إلى بعضِ مشكلت القرآن التى ترد‬
‫على ظاهر النظم الكريم‪ .‬ثم يجيب عنها‪ .‬كما ل يفوته أن يكشف لنا عن كثير من النكات الرلفظية‬
‫والبيانية والمعنوية‪ ً،‬مع الخوضِ أحيانا فى المعانى السلغوية والمسائل النحوية‪ ً،‬كل هذا ‪ -‬كما قلت ‪ -‬فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أسلوب ممتع ل يمل قارئه من تعقيد ول يسأم من طول‪.‬‬
‫ولقد وصف المؤلف تفسيره هذا‪ ً،‬وبرين مسلكه فيه فقال فى مقدمته‪:‬‬
‫"هذه كلمات شريفة‪ ً،‬وتحقيقات منيفة‪ ً،‬وبيانات شافية‪ ً،‬وإشارات وافية‪ ً،‬تتعلقا ببعضِ مشكلت اليات‬
‫القرآنية‪ ً،‬وغرائب الفقرات الفرقانية‪ .‬وتتحرى غالبا ما ورد عن يخرزان أسرار الوحى والتنزيل‪ ً،‬ومعادن‬
‫جواهر العلم والتأويل‪ ً،‬والذين نزل فى بيوتهم جبرائيل‪ ً،‬بأوجز إشارة‪ ً،‬وألطف عبارة‪ ً،‬وفيما يتعلقا‬
‫باللفاظ والغراضِ والنكات البيانية تفسير وجيز‪ ً،‬فإنه ألطف التفاسير بيانا وأحسنها تبيانا مع وجازة‬
‫الرلفظ وكثرة المعنى"‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وقد أتم المؤلف تفسيره هذا ‪ -‬كما قال فى خاتمته ‪ -‬فى جمادى الولى سنة ‪ 1239‬هت )تسع‬
‫وثلثين ومائتين بعد اللف من الهجرة( والكتاب مطبوع فى مجلد واحد كبير الحجم‪ ً،‬وموجود بدار‬
‫الكتب المصرية‪ ً،‬وإليك بعضِ ما يكشف عن منهج هذا التفسير‪:‬‬
‫* تعصب المؤلف لصول مذهبه وأثر ذلك فى تفسيره‪:‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن المؤلف بحكم عقيدته وهوه يتأثر فى تفسيره بتعاليم المامية الثنا عشرية ويأصول مذهبهم‪ً،‬‬
‫فل يكاد يمر بآية يلمح منها يحرجة لمذهبه أو دفعا لمذهب مخالفيه إل فرسرها كما يحب ويهوى‪.‬‬
‫* المامة‪:‬‬
‫ل نراه يتأثر بعقيدته فى المامة عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما‬ ‫فمث ل‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ‪ ..‬فيذكر أنها "نزلت‬ ‫صم‬ ‫مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫فى عل سى عليه السلم حين سأل سائل وهو راكع فى صلته فأومأ إليه بخنصره فأخذ خاتمه منها"‪..‬‬
‫ويردعى إطباقا أكثر المفيسرين على ذلك واستفاضة الروايات فيه من الجانبين ‪ -‬جانب الموافقين وجانب‬
‫المخالفين ‪ -‬ثم يقول بعد ذلك‪" :‬وتدل ‪ -‬يعنى الية ‪ -‬على إمامته دون من سواه‪ ً،‬للحصر وعدم اتصاف‬
‫غيره بهذه الصفات‪ ً،‬ومعرير عنه بصيغة الجمع تعظيما‪ ً،‬أو لدخول أولده الطاهرين"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من سورة المائدة أيضا‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرملهيمك رمن‬
‫رريبمك مورإن لرهم متهفمعهل مفمما مبلرهغمت ررمسالممتيه{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يروى عن أهل البيت وابن عباس وجابر‪" :‬أن ال أوحى‬
‫إلى نبيه أن يستخلف عليا‪ ً،‬فكان يخاف أن يشقا ذلك على جماعة من أصحابه فنزلت‪ ً،‬فأخذ بيده فقال‪:‬‬
‫ألسييت أولى بكم من أنفسكم"؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ..‬قال‪" :‬ممن كنت موله فعلسى موله"‪.‬‬
‫* كل إمام يوصى لمن بعده‪:‬‬
‫ويدين المؤلف بأن المر المامة ليس موكولل لحد من الناس‪ ً،‬بل كل إمام يوصى لمن بعده‪ ً،‬ولهذا نراه‬
‫عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [58‬من سورة النساء‪} :‬إرن ٱلرلمه ميهأيميريكهم مأن يتؤسدوها ٱ م‬
‫لممامنارت إرمليى‬ ‫ر‬
‫أمههرلمها{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬يعترف بأن المر يعم كل مكرلف وكل أمانة‪ ..‬ثم يقول‪" :‬وعنهم عليهم السلم أنه أمر لكل‬
‫واحد من الئمة أن يسلم المر لمن بعده"‪ .‬وفى سورة الحزاب عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[36‬مومما‬
‫ضى ٱللريه مومريسولييه أمهمرا مأن مييكومن لميهيم ٱهلرخميمرية رمهن أمهمرررههم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪:‬‬ ‫ل يمهؤرممنهَة إرمذا مق م‬
‫مكامن رليمهؤرمهَن مو م‬
‫"وفيه رد على من جعل المامة بالختيار"‪.‬‬
‫**‬
‫* وجود الئمة فى كل زمان وعصمتهم‪ ً،‬ووجوب الرجوع إليهم عند الختلف دون غيرهم‪:‬‬
‫ولما كان المؤلف يرى أنه ل يخلو كل زمان من إمام‪ ً،‬وأن الئمة لهم من ال العصمة كالنبياء وليس‬
‫هذا لغيرهم‪ ً،‬فإنه يوجب الرجوع إليهم عند الختلف وعدم وجود نص من الكتاب أو السسرنة‪ ً،‬وأما من‬
‫عداهم من الناس فل يصح الرجوع إليه بحال من الحوال‪ ً،‬لن غير المعصوم ل ييرجع إليه‪ ً،‬ول ييؤخذ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل عند تفسيره لقوله‬ ‫برأيه فى مسائل الخلف‪ .‬يقول المؤلف هذا ويدين به فنجده يتأثر به فى تفسيره‪ ً،‬فمث ل‬
‫لهمرر‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [59‬من سورة النساء‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫رمهنيكهم{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬مدرل على وجود يأولى المر فى كل زمان‪ ً،‬بحيث يجب طاعتهم لعلمهم وفضلهم‪ً،‬‬
‫وعصمتهم‪ ً،‬ول ينطبقا إل على مذهب المامية‪ ..‬وعنهم عليهم السلم‪ :‬إيانا عنى خاصة‪ ً،‬أمر جميع‬
‫المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا‪} .‬مفرإن متمنامزهعيتهم{ُ أيها المأمورون‪} ً،‬رفي مشهيهَء{ُ من يأمور الدين‪} ً،‬مفيرسدويه{ُ‬
‫فراجعوا فيه‪} ً،‬إرملى ٱلرلره{ُ إلى محكم كتابه‪} ً،‬موٱلرريسورل{ُ بالخذ ليسرنته‪ ً،‬والمراجعة إلى من أمر بالمراجعة‬
‫إليه‪ ً،‬فإنها رد إليه‪ ً،‬وقرئ‪" :‬فإن خفتم تنازعا فى شئ فردوه إلى ال وإلى الرسول وإلى يأولى المر‬
‫منكم"‪.‬‬
‫لهمرن أمرو ٱهلمخهورف‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [83‬من سورة النساء أيضا‪} :‬موإمذا مجآمءيههم أمهمفر يممن ٱ م‬
‫ر‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫لهمرر رمهنيههم لممعرلمميه ٱرلرذيمن ميهستنربطونه رمنيههم{ُ‪ ..‬يقول‪} :‬مولهو‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫أممذايعوها ربره مولمهو مرسدويه إملى ٱلرريسورل موإلمـى أيهورلي ٱ م‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫مرسدويه إرملى ٱلرريسورل موإرملـى أهورلي ٱلهمرر رمهنيههم {ُ هم آل محمد عليهم السلم‪} ً،‬ملمعرلمميه ٱلرذيمن ميهسمتهنربطومنيه رمهنيههم{ُ‬
‫يستخرجون تدبيره بأفكارهم وهم آل محمد عليهم السلم‪.‬‬
‫**‬
‫* الرجعة‪:‬‬
‫ل فى تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [3 ً،2‬من سورة البقرة‪:‬‬ ‫والمؤلف يدين بالرجعة ويتأثر بها‪ ً،‬فمث ل‬
‫}يهلدى ليهليمرترقيمن * ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ‪ ..‬نجده ييفيسر الغيب‪" :‬بما غاب عن حواسهم من معرفة الصانع‪ً،‬‬
‫ل فى تفسيره لقوله‬ ‫وصفاته‪ ً،‬والنبوة‪ ً،‬وقيام القائم‪ ً،‬والرجعة‪ ً،‬والبعث‪ ً،‬والحساب‪ ً،‬والجرنة والنار"‪ .‬ومث ل‬
‫تعالى فى الية ]‪ [56‬من سورة البقرة أيضا‪} :‬يثرم مبمعهثمنايكم يمن مبهعرد ممهورتيكهم لممعلريكهم متهشيكيرومن{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬وفيه‬
‫يحجمذة على صحة البعث والرجعة"‪.‬‬
‫**‬
‫* التقرية‪:‬‬
‫ل‬‫ولتأثر المؤلف بعقيدته فى التقرية نجده عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة آل عمران‪ } :‬ر‬
‫ل مأن مترتيقوها‬ ‫ميرترخرذ ٱهليمهؤرمينومن ٱهلمكارفرريمن أمهورلميآمء رمن يدورن ٱهليمهؤرمرنيمن موممن ميهفمعهل ـذرلمك مفلمهيمس رممن ٱللرره رفي مشهيهَء إر ر‬
‫رمهنيههم يتمقالة{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬ررخص لهم إظهار موالتهم إذا خافوهم مع إبطال عداوتهم وهى التقرية التى‬
‫ه‬ ‫ي‬
‫ليممارن{ُ‪.‬‬ ‫ل ممهن أهكررمه مومقهليبيه يمطمرئون ربٱِ ر‬
‫تدين بها المامية‪ ً،‬ودلت عليها الخبار المتواترة وقوله‪} :‬إر ر‬
‫**‬
‫* تحريف القرآن‪:‬‬
‫كذلك نجد شربرا يعتقد بأن القرآن يبيدل ويحيرف‪ ً،‬ولما اصطدم بقوله تعالى فى الية ]‪ [9‬من سورة الرحهجر‪:‬‬
‫}إررنا منهحين منرزهلمنا ٱليذهكمر موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ‪ ً،‬نجحده يتفادى هذا الصطدام بالتأويل فيقول‪} :‬موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ‬
‫عند أهل الذكر واحدا بعد واحد إلى القائم‪ ً،‬أو فى الرلوح‪ ..‬وقيل‪ :‬الضمير للنبى"‪.‬‬
‫**‬
‫*آيات العتاب‪:‬‬
‫لمور‪ ً،‬فيحاول بكل ما‬ ‫والمؤلف يكبر عليه معاتبة ال لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم على أمر من ا ي‬
‫ل عتاب ال لنبيه صلى ال عليه وسلم‬ ‫يستطيع أن ييحيول العتاب إلى غير النبى صلى ال عليه وسلم‪ .‬فمث ل‬
‫فى شأن ابن يأم مكتوم يشقا على شربر أن يكون مقصودا به النبى‪ ً،‬فنراه يقتصر على ما روى عن أهل‬
‫البيت من أن آيات العتاب "نزلت فى رجل من بنى يأمرية‪ ً،‬كان عند النبى صلى ال عليه وسلم فجاء ابن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يأم مكتوم فلما رآه تقرذر منه وجمع نفسه وعبس وأعرضِ بوجهه عنه"‪.‬‬
‫**‬
‫* طعنه على الصحابة‪:‬‬
‫وإرنا لنلحظ على المؤلف أنه يطعن على الصحابة ويرميهم بالكفر أو ما يقرب منه‪ ً،‬ويجردهم من كل‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪[40‬‬ ‫فضل ينسب إليهم فى القرآن تنقيصا لهم‪ ً،‬وحطا من قدرهم‪ .‬فمث ل‬
‫ل متهحمزهن إررن ٱلرلمه مممعمنا مفمأنمزمل ٱللريه مسركيمنمتيه‬ ‫صارحربره م‬ ‫من سورة التوبة‪} :‬مثارنمي ٱهثمنهيرن إرهذ يهمما رفي ٱهلمغارر إرهذ مييقويل رل م‬
‫معملهيره موأمريمديه ربيجينوهَد لرهم متمرهومها{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يعرضِ عن تعيين هذا الذى صحب النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم فى هجرته‪ ً،‬وهو أبو بكر‪ ً،‬ثم ييصيرح أو ييليمح بما ينقص من قدره‪ ً،‬أو يذهب بفضله المنسوب إليه‬
‫والمنروه به فى القرآن الكريم فيقول‪} :‬مثارنمي ٱهثمنهيرن{ُ حال أى معه واحد ل غير‪} ً،‬إرهذ يهمما رفي ٱهلمغارر{ُ نقب فى‬
‫صارحربره{ُ ‪ -‬ول مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر‬ ‫ثور‪ ً،‬وهو جبل بقرب مكة‪} ً،‬إرهذ{ُ بدل ثان‪} ً،‬مييقويل رل م‬
‫ل متهحمزهن{ُ فإنه خاف على نفسه ويقبضِ واضطرب حتى كاد‬ ‫صارحيبيه مويهمو يمحارويريه{ُ ‪ } -‬م‬ ‫كما قال‪} :‬مقامل مليه م‬
‫ل يهمو مراربيعيههم‪....ُ{...‬‬ ‫أن يدل عليهما فنهاه عن ذلك‪} ً،‬إررن ٱلرلمه مممعمنا{ُ عالم بنا‪} .‬مما مييكوين رمن رنهجموـى مث م‬
‫لمثهَة إر ر‬
‫ل يهمو مممعيههم{ُ ‪ :‬أى عارلم بهم‪} .‬مفمأنمزمل ٱللريه مسركيمنمتيه معلمهيره{ُ طمأنينته‪} ً،‬معلمهيره{ُ على الرسول‪ .‬وفى‬ ‫إلى قوله‪} .‬إر ر‬
‫إقرانه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ههنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما ل يخفى‪ ً،‬وجعل "الهاء"‬
‫لصاحبه ينفيه كونها للرسول قبل وبعد‪ ..‬إلخْ"‪.‬‬
‫**‬
‫* تعصبه لل البيت‪:‬‬
‫ولقد ممرر بنا عند قراءتنا فى هذا التفسير‪ ً،‬الكثير مما يدل على تعصب المؤلف لل البيت تعصبا ممقوتا‬
‫مرذولل‪ ً،‬فتارة نجده يصرف اللظف العام إلى علسى رضى ال عنه‪ ً،‬كما فعل فى الية ]‪ [4‬من سورة‬
‫لرئمكية مبهعمد مذرلمك مظرهيفر{ُ‪ ً،‬فإنه‬ ‫صارليح اهليمهؤرمرنيمن مواهلمم م‬
‫ليه مورجهبررييل مو م‬ ‫التحريم عند قوله تعالى‪} :‬مفرإرن الرلمه يهمو ممهو م‬
‫صرف لفظ "صالح المؤمنين" عن عمومه واردعى أنه خاص بأمير المؤمنين علسى عليه السلم‪ ً،‬كما اردعى‬
‫رواية العامة والخاصة لذلك‪.‬‬
‫لمم السابقة وأنبيائهم‬ ‫كما نجده يحاول أن يأخذ من القرآن ما يدل على أن آل البيت كانوا معروفين لدى ا ي‬
‫يتوسلون بهم إلى ال‪ ً،‬فيكشف عنهم اليغرمة‪ ً،‬ويزحزح عنهم اليكهربة‪.‬‬
‫لرئمكرة ٱهسيجيدوها‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [34‬وما بعدها من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهلمنا رلهلمم م‬ ‫فمث ل‬
‫لمدمم{ُ‪ ...‬إلى آخر القصة‪ ً،‬نجده يردعى أن السجود لدم إنما كان "لما فى صلبه من نور محمد صلى ال‬ ‫م‬
‫عليه وسلم وأهل بيته"‪ ً،‬ويردعى أن الكلمات التى تلقاها آدم من ربه ليتوب عليه هو "التوسل فى دعائه‬
‫بمحمد صلى ال عليه وسلم وآله الطيبين"‪ .‬ومثل هذا التعصب كثير فى مواضع من هذا التفسير‪.‬‬
‫**‬
‫* علم القرآن كله عند آل البيت‪:‬‬
‫والمؤلف يردعى ‪ -‬كغيره من المامية الثنا عشرية ‪ -‬أن علم القرآن كله عند أهل البيت دون غيرهم‪ً،‬‬
‫وأرنا لنجد أثر هذا واضحا فى تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من سورة آل عمران‪} :‬مومما ميهعلميم متهأرويلميه‬
‫ل ٱللريه موٱلررارسيخومن رفي ٱهلرعهلرم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪} :‬مومما ميهعلميم متهأرويلميه{ُ تأويل القرآن كله الذى يجب‬ ‫إر ر‬
‫ل ٱللريه موٱلررارسيخومن رفي ٱهلرعهلرم{ُ الثابتون فيه وممن ل ييختلف فى علمه‪ ..‬عن الصادقا عليه‬ ‫أن ييحمل عليه }إر ر‬
‫السلم‪ :‬نحن الراسخون فى العلم‪ ً،‬ونحن نعلم تأويله‪ .‬وممن وقف من الجمهور على "ال"‪ ً،‬فرسر المتشابه‬
‫بما استأثر ال تعالى بعلمه كوقت قيام الساعة‪ ...‬نحوه"‪* * .‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* تأثر المؤلف فى تفسيره بفروع المامية الفقهية‪:‬‬
‫ثم إن المؤلف يجرى فى تفسيره ليات الحكام على وفقا ما يأخذ به ويميل إليه من اجتهادات فقهاء‬
‫المامية‪.‬‬
‫* نكاح المتعة‪:‬‬
‫ل نجده يتأثر برأيه الذى يقول بجواز نكاح المتعة وعدم نسخه‪ .‬فنراه عند تفسيره لقوله تعالى فى‬ ‫* فمث ل‬
‫صرنيمن مغهيمر يممسارفرحيمن‬ ‫الية ]‪ [24‬من سورة النساء‪... } :‬موأيرحرل لميكهم رما مومرامء مذرليكهم مأن متهبمتيغوها ربمأهمموارليكهم سمهح ر‬
‫مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن أييجومريهرن{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬والمراد به نكاح المتعة بإجماع أهل البيت‪ً،‬‬
‫بى وابن عباس وابن مسعود‪" :‬فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى"‪} ً،‬فآيتويهرن‬ ‫ويدل عليه قراءة أيم ر‬
‫ضرة{ُ من استئناف‬ ‫ضهييتهم ربره رمن مبهعرد ٱهلمفرري م‬‫ل يجمنامح معلمهييكهم رفيمما متمرا م‬ ‫ضلة{ُ من ال }مو م‬ ‫أييجومريهرن{ُ مهورهن‪} ً،‬مفرري م‬
‫عقد آخر بعد انقضاء المدة بزيادة فى الجر والمدة"‪* * .‬‬
‫* فرضِ الررهجلين فى الوضوء‪:‬‬
‫ولما كا المؤلف يرى أن فرضِ الررهجلين فى الوضوء هو المسح ل الغسل‪ ً،‬فإرنا نراه يشير إلى ذلك عند‬
‫صلرة فٱِهغرسيلوها‬ ‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم إرملى ٱل ر‬
‫يويجومهيكهم موأمهيردمييكهم إرملى ٱهلمممرارفرقا موٱهممسيحوها ربيريؤورسيكهم موأمهريجمليكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬فيقولك " }موأمهريجمليكهم‬
‫إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ..‬بالجر كما عن حمزة وابن كثير وأى عمرو‪ ..‬ونصبه الباقون عطفا على "يريءرسيكهم"‬
‫ل"‪.‬‬ ‫مح ل‬
‫**‬
‫* الغنائم‪:‬‬
‫كذلك يقول المؤلف بما يقول به علماء مذهبه فى تفسير يخمس الغنائم‪ ً،‬ويجرى على مذهبه فى تفسيره‬
‫لقوله تعالى فى الية ]‪ [41‬من سورة النفال‪} :‬موٱهعلميميوا أمرنمما مغرنهميتهم يمن مشهيهَء مفمأرن للرره يخيممسيه{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬
‫فيقول }مفمأرن لرلره يخيممسيه{ُ خبر محذوف‪ ً،‬أو مبتدأ‪ ً،‬أى فالحكم أو فواجب أن ال يخيمسه‪} ً،‬مورللرريسورل مورلرذيِ‬
‫ٱهليقهرمبـى{ُ المام‪} ً،‬موٱهلميمتاممـى{ُ يتامى الرسول‪} ً،‬موٱهلمممساركيرن{ُ منهم‪} ً،‬موٱهبرن ٱلرسربيرل{ُ منهم"‪.‬‬
‫وفى تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من سورة الحشر‪ ...ُ{} :‬الية‪ .‬يقول مثل ما قاله فى الية السابقة‬
‫وينبه على أنه ممرر فى النفال نحوه‪.‬‬
‫**‬
‫* ميراث النبياء‪:‬‬
‫ونجد شربرا يقول بأن النبياء يمويرثون المال كسائر الناس‪ ً،‬ولهذا عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ً،5‬‬
‫‪ [6‬من سورة مريم‪} :‬موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي رمن مومرآرئي مومكامنرت ٱهممرأمرتي معارقرا مفمههب رلي رمن لريدهنمك مورلسيا *‬
‫ضسيا{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪} :‬موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي{ُ الذين يلونى فى‬ ‫ميرريثرني موميرريث رمهن آرل ميهعيقومب موٱهجمعهليه مريب مر ر‬
‫النسب‪ ً،‬وهم بنو عمه‪} ً،‬رمن مومرآرئي{ُ بعد موتى أن يرثوا مالى فيصرفوه فيما ل ينبغى‪ ً،‬إذ كانوا أشرارا‬
‫}مومكامنرت ٱهممرأمرتي معارقرا{ُ ل تلد }مفمههب رلي رمن رليدهنمك مورلسيا{ُ ابنا‪} ً،‬ميرريثرني موميرريث رمهن آرل ميهعيقومب{ُ‪ ...‬إلخْ"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة النمل‪} :‬موموررمث يسلمهيمماين مدايوومد{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما‬
‫نصه‪" :‬وورث سليمان داود ماله ويمهلكه‪ ً،‬وقيل‪ :‬نبوته وعلمه‪ ً،‬بأن قام مقامه فى ذلك بدون سائر بنيه‬
‫وهم تسعة عشر‪ ً،‬والول مروى"‪.‬‬
‫**‬
‫* نكاح الكتابيات‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ولكن نرى المؤلف فى مسألة نكاح الكتابيات يميل إلى القول بالحيل وعدم اليحهرمة‪ ً،‬ففى قوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [5‬من سورة المائدة‪} :‬ٱهلميهوم أيرحرل لميكيم ٱلرطيمبايت مومطمعايم ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رحول لريكهم مومطمعايميكهم رحول‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪:‬‬ ‫صمنايت رممن ٱهليمهؤرممنارت موٱهليمهح م‬ ‫لريههم موٱهليمهح م‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم{ُ ظاهره حل نكاح كل كتابية ذرمرية أو حربية‪ ً،‬دائما‪ ً،‬أو‬ ‫}موٱهليمهح م‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ إن شملت الكتابية‪ ..‬وعن الباقر عليه السلم أنه‬ ‫منقطعا‪ ً،‬أو ملكا‪ ..‬فيخص آية‪} :‬مو م‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪ ..‬نراه‬ ‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬
‫منسوخ بتلك"‪ .‬وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة الممتحنة‪} :‬مو م‬
‫ل"‪* * .‬‬ ‫يمر عليها بدون أن يتعررضِ لهذا الموضوع أص ل‬
‫* تأثره بمذهب المعتزلة فى تفسيره‪:‬‬
‫والمؤلف كغيره من علماء المامية الثنا عشرية ينظر إلى بعضِ المسائل الكلمية نظرة المعتزلة إليها‪ً،‬‬
‫ويقول بما يقولون به فى كثير من يأمور العقائد‪ ً،‬كما يخالف أهل العتزال فى بعضِ منها ويقول بما‬
‫يقول به أهل السسرنة‪ ً،‬وإننا لنلمس أثر ذلك واضحا جليا فى تفسيره لكتاب ال تعالى‪.‬‬
‫* حرية الرادة وخلقا الفعال‪:‬‬
‫ل نجد المؤلف يوافقا المعتزلة فى أن العبد يحفر فى إرادته‪ .‬خالقا لفعاله كلها‪ ً،‬ولهذا نراه كلما‬ ‫فمث ل‬
‫اصطدم بآية من اليات التى تدل على أن ال هو الذى يخلقا أفعال العباد‪ ً،‬لجأ إلى التأويل الذى يتفقا مع‬
‫عقيدته هذه‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [7‬من سورة البقرة‪} :‬مخمتم ٱللريه معلمـى يقيلوربههم مومعلمـى مسهمرعرههم مومعلمـى‬ ‫فمث ل‬
‫صارررههم رغمشاموفة{ُ‪ ..‬نراه يفر من نسبة الختم إلى ال تعالى ويقول‪} :‬مخمتم ٱللريه معملـى يقيلوربههم مومعملـى مسهمرعرههم{ُ‬ ‫أمهب م‬
‫وسمها بسمة يعرفها من يشاء من ملئكته وأوليائه‪ ً،‬إذا نظروا إليها علموا بأنهم ل يؤمنون‪ .‬وعن‬
‫الرضا عليه السلم‪ :‬الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم ‪ -‬كما قال تعالى‪} :‬مبهل مطمبمع‬
‫صارررههم رغمشاموفة{ُ عطاء‪) ..‬أقول(‪ :‬ويمكن أن يكون تهكما حكاية لقولهم‪:‬‬ ‫ٱللريه معلمهيمها ربيكهفرررههم{ُ‪} -‬مومعلمـى أمهب م‬
‫}يقيلويبمنا رفيي أمركرنهَة رمرما متهديعومنا إرملهيره مورفي آذارنمنا موهقفر مورمن مبهيرنمنا مومبهيرنمك رحمجافب{ُ أى فى الخرة‪ .‬والتعبير‬
‫صسما{ُ‪.‬‬ ‫بالماضى لتحققه‪ ً،‬ويشهد له قوله‪} :‬مومنهحيشيريههم ميهوم ٱهلرقميامرة معلمـى يويجورهرههم يعهميا مويبهكما مو ي‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [108‬من سورة النعام‪} :‬مكمذرلمك مزريرنا رليكيل أيرمهَة معمملميههم{ُ‪ ..‬الية‪ً،‬‬ ‫ومث ل‬
‫نراه يفر من نسبة التزيين إلى ال فيقول‪} :‬مكمذرلمك مزريرنا رليكيل أيرمهَة معمممليههم{ُ‪ ..‬أى لم نكفهم حتى حسن عندهم‬
‫سوء عملهم‪ ً،‬أو أمهلنا الشيطان حتى زيرنه لهم"‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [112‬من السور نفسها‪} :‬مومكمذرلمك مجمعهلمنا رليكيل رنربري معيدسوا مشميارطيمن‬ ‫ومث ل‬
‫لهنرس موٱهلرج ين{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يتخلص من نسبة الجعل هنا إلى ال تعالى بتأويله بالتخلية فيقول‪" :‬أسند الجعل‬ ‫ٱر‬
‫إليه تعالى لنه بمعنى التخلية‪ ً،‬أى لم يمنعهم من العداوة"‪.‬‬
‫صهدمريه‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [125‬من السور نفسها‪} :‬مفممن يرررد ٱللريه مأن ميههردمييه ميهشمرهح م‬ ‫ومث ل‬
‫ضييقا محمرجا{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يخرج من هذه الورطة بإرادة‬ ‫صهدمريه م‬ ‫ضلريه ميهجمعهل م‬ ‫لرم موممن يررهد مأن ي ر‬ ‫لهس م‬ ‫رل ر‬
‫لهس م‬ ‫م‬ ‫ر‬
‫معنى اللطف والخذلن فيقول‪} :‬مفممن يرررد ٱلليه أن ميههردمييه{ُ أى يلطف به }ميهشمرهح م‬
‫لرم{ُ بأن يفسح‬ ‫صهدمريه رل ر‬
‫ضييقا محمرجا{ُ أى يمنعه آلطافه حتى ينبو عن قبول‬ ‫صهدمريه م‬ ‫ضلريه ميهجمعهل م‬ ‫فيه ويينيور قلبه‪} ً،‬موممن يررهد مأن ي ر‬
‫الحقا فل يدخله اليمان"‪.‬‬
‫* رؤية ال‪:‬‬
‫ولقد تأثر المؤلف أيضا فى تفسيره باعتقاده بعدم رؤية ال وعدم وقوعها‪ ً،‬ولهذا لما فرسر قوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [143‬من سورة العراف‪} :‬مقامل مريب أمرررنيي مأنيظهر إرلمهيمك مقامل ملن متمرارني مولمــركرن اهنيظهر إرملى اهلمجمبرل{ُ‪...‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الية‪ ً،‬قال ما نصه‪} :‬مقامل مريب أمرررنيي مأنيظهر إرملهيمك{ُ روى لما كرر سؤال الرؤية أوحى ال إليه‪ :‬يا موسى‬
‫سلنى ما سألوك فلن يأؤاخذك بجهلهم‪} ً،‬مقامل ملن متمرارني مولمــركرن اهنيظهر إرملى اهلمجمبرل مفرإرن اهسمتمقرر مممكامنيه مفمسهومف‬
‫متمرارني{ُ علقا على المحال‪} ً،‬مفلمرما متمجلرـى مرسبيه رلهلمجمبرل{ُ أى أظهر له أمره واقتداره أو نوره وعظمته‪} ً،‬مفلمرمآ‬
‫أممفامقا مقامل يسهبمحامنمك{ُ تنزيها لك عما ل يليقا بك من الرؤية وغيرها‪} ً،‬يتهبيت إرملهيمك{ُ من طلب الرؤية‪ ً،‬أو‬
‫السؤال بل إذن‪} ً،‬موأممنها أمرويل ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ بأنك ل يترى"‪.‬‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 ً،22‬من سورة القيامة‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫منارظمرفة{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬ناظرة إلى رحمته وإنعامه"‪.‬‬
‫**‬
‫* غفران الذنوب‪:‬‬
‫ولماكان المؤلف يخالف المعتزلة فىبعضِ معتقداتهم‪ ً،‬فإرنا نراه ييفيسر اليات التى يستندون إليها فى‬
‫ل يرى المؤلف أنه يجوز فى حقا ال تعالى أن يغفر الذنوب ‪-‬‬ ‫بعضِ عقائدهم بخلف تفسيرهم لها‪ ً،‬فمث ل‬
‫ل منه ورحمة‪ ً،‬وهذا ما ل يقول به المعتزلة‪ ً،‬فلهذا نجده يجرى‬ ‫إل الشرك ‪ -‬بدون توبة من العبد تفض ل‬
‫ل ميهغرفير مأن يهشمرمك ربره‬ ‫على هذه العقيدة فى تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [48‬من سورة النساء‪} :‬إررن ٱلرلمه م‬
‫ل ميهغرفير مأن يهشمرمك{ُ أى الشرك }ربره{ُ بدون توبة‬ ‫موميهغرفير مما يدومن مذرلمك رلممن ميمشآيء{ُ فيقول‪ ..} :‬إررن ٱلرلمه م‬
‫للجماع على غفرانها بها‪} ً،‬موميهغرفير مما يدومن مذرلمك{ُ ما سواه من الذنوب بدون توبة‪} ً،‬رلممن ميمشآيء{ُ تفضل‪ً،‬‬
‫ومقتضاه الوقوف بين الخوف والرجاء"‪.‬‬
‫وهكذا نجد هذا الكتاب يجمع بين الختصار وسهولة العبارة مع كثير من التعصب للمذهب الشيعى‪ً،‬‬
‫والدفاع عن يأصوله وفروعه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الشيعة وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ‪ -6‬بيان السعادة فى مقامات العبادة )لسلطان محمد الخراسانى( (‬

‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير هو سلطان محمد بن حيدر الجنابذى الخراسانى أحد متطرفى المامية الثنا عشرية‬
‫فى القرن الراعب عشر الهجرى‪.‬‬
‫**‬
‫* قيمة هذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يعطينا هذا التفسير لونا آخرا من ألوان التفسير عند المامية الثنا عشرية‪ ً،‬وذلك لن كل ما تقدم لنا من‬
‫كتبهم فى التفسير يكاد يكون متفقا على لون واحد‪ ً،‬وهو نقل ما جاء فى التفسير عن الئمة وآل البيت‪ً،‬‬
‫وما كان من تفاوت بينها فهو ل يعدو أن يكون تفاوتا بمقدار ما بين مؤلفيها من اعتدال فى التشيع أو‬
‫غلو فيه‪ ً،‬وبمقدار ما بينهم من تفاوت فى القدرة على تأييد مذهبهم وتدعيم يأصوله بالدلة والبراهين‪.‬‬
‫أما هذا الكتاب الذى نحن بصدده فقد سلك مؤلفه فيه مسلكا غير هذا المسلك‪ ً،‬مما جعل له لونا مخالفا‬
‫للون تلك الكتب السابقة‪ ً،‬ذلك أن المؤلف لم يعتمد فى تفسيره على هذه الناحية كل العتماد‪ ً،‬بل تراه‬
‫يمزج بها التفسير الصوفى الذى يقوم على الرموز والشارات‪ ً،‬كما يخلط بالتفسير كثيرا من البحوث‬
‫الفلسفية الدقيقة‪ .‬والذى يقرأ هذا الكتاب ويتتبع ما فيه من الشطحات الصوفية العميقة فى إدراكها‪ً،‬‬
‫الغريبة فى لفظها وأسلوبها‪ ً،‬مراده ومراميه‪ .‬وأنا إذ أحكم على الكتاب هذا الحكم ل أكون مغاليا ول‬
‫متجنيا فيما حكمت‪ ً،‬فكثيرا ما قرأت فيه العبارة المرة بعد المرة‪ ً،‬ول أخرج منها إل بالمعنى القاصر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المبتور‪ ً،‬بعد أن يرتد إلرى البصر خاسئا وهو حسير‪ ً،‬ويرجع الذهن عاجزا عن الفهم وهو كليل‪ ..‬وربما‬
‫أكون واهما فى هذا الحكم‪ ً،‬لقصور معرفتى باصطلحات القوم‪ ً،‬وعدم وقوفى على يأصول مذهبهم‬
‫ومرامى رموزهم التى يرموزن بها‪ ..‬ولو تيسر لى ذلك لجاز أن يكون لى حكم على هذا التفسير مغاير‬
‫لهذا الحكم‪ ً،‬ورأى فيه مخالف لهذا الرأى‪..‬‬
‫والذى نلحظه فى هذا التفسير بعد ذلك‪ :‬أنه يدافع عن يأصول مذهبه ويطيل فى دفاعه‪ ً،‬مع تعصب كبير‪ً،‬‬
‫وتطرف بالغ إلى درجة الغلو والعناد‪ .‬أما فروع المذهب ومسائله الجتهادية الفقهية‪ ً،‬فيمر عليها مرا‬
‫سريعا بدون تفصيل للدلة وبيان لوجهة النظر‪ ً،‬كما نلحظ فيه أنه ل يقتصر على النقل من تفاسير‬
‫الشيعة بل ينقل من تفاسيرها أهل السسرنة أيضا كالبيضاوى وغيره‪ ً،‬وكثيرا ما ينقل بعضِ العبارات‬
‫الفارسية لبعضِ العلماء كشاهد على ما يقول‪.‬‬
‫وبالجملة‪ ..‬فالكتاب يكاد فى جملته أن يكون تفسيرا جاريا على النمط الذى يجرى عليه الصوفية فى‬
‫تفاسيرهم‪ ً،‬ويظهر أن مؤلفه كان يقصد هذا اللون الصوفى فى تفسيره أولل‪ ً،‬وبالذات‪ ً،‬يدلنا على ذلك هذه‬
‫العبارة التى نقتطفها من مقدمة تفسيره وهى قوله‪.." :‬وقد كنت نشيطا منذ أوان اكتسابى للعلوم وعنفوان‬
‫شبابى بمطالعة كتب التفاسير والخبار ومدارستها‪ ً،‬ووفقنى ال تعالى لذلك‪ ً،‬وقد كان يظهر لى فى‬
‫بعضِ الحيان من إشارات الكتب وتلويحات الخبار لطائف ما كنت أجدها فى كتاب ول أسمعها من‬
‫خطاب‪ ً،‬فأردت أن يأثبتها فى وريقات‪ ً،‬وأجعلها نحو تفسير للكتاب‪ ً،‬لتكون تذكرة لى ولخوانى‬
‫المؤمنين‪ ً،‬وتنبيها لنفسى ولجملة الغافلين‪ ً،‬راجيا من ال أن يجعلها لى ذخيرة ليوم الدين‪ ً،‬ولسان صدقا‬
‫فى الخرين وهو جدير بأن يسمى‪" :‬بيان السعادة فى مقدمات العبادة"‪.‬‬
‫فأنت ترى أن المؤلف يقرر فى هذه العبارة أن تفسيره هذا عبارة عن مجموعة تلك الشارات‬
‫والتلويحات التى فتح ال بها عليه ولم ييسبقا إليها‪ ً،‬فلو أمرنا جعلناه ضمن تفسير الصوفية لما كنا بعيدين‬
‫عن وجهة الحقا والصواب‪ ً،‬ولكنا آثرنا أن نجعله ضمن تفاسير المامية الثنا عشرية‪ ً،‬لما فيه من الرلون‬
‫المذهبى والثر الشيعى البالغ حد التطرف والغلو حتى فى ناحيته الصوفية والفلسفية‪ .‬والكتاب مطبوع‬
‫فى جزءين‪ ً،‬وموجود بدار الكتب المصرية‪ ً،‬آخره ما يدل على أن مؤلفه فرغا منه سنة ‪1311‬هـ‪.‬‬
‫وأرى قبل كل شئ أن أسوقا للقارئ الكريم أهم الراء التى يقول بها المصينف ويجهر بها فى مقدمة‬
‫تفسيره‪ ً،‬ثم أعرضِ بعد هذا لتوضيح مسلكه الذى سلكه فى هذا التفسير بما أذكره ضمن النماذج‬
‫المختلفة‪ .‬وإليك أهم هذه الراء‪:‬‬
‫* المامية الثنا عشرية والمهدى المنتظر‪:‬‬
‫يدين صابحنا بأن علي ام أول العترة‪ ً،‬ووارث علم محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وبعده الحد عشر من ولده‪ً،‬‬
‫وأن الحادى عشر منهم غائب قائم منتظر لو لم يبقا من الدنيا إل يوم واحد لطرول ال ذلك اليوم حتى‬
‫ل‪ ً،‬كما يملئت ظلما وجورا‪ ً،‬وأن هؤلء الثنا عشر أئمته وشفعاؤه يوم‬ ‫يخرج ويمل الرضِ رقهسطا وعد ل‬
‫القيامة‪.‬‬
‫**‬
‫* القرآن والعترة‪:‬‬
‫ويعتقد المؤلف أن القرآن دليل العترة‪ ً،‬وأن العترة مبينون للقرآن‪ ً،‬ويقول‪" :‬إن القرآن إمام صامت‪ً،‬‬
‫والعترة إمان ناطقا"‪ ً،‬كما يقول‪" :‬إن محبة العارلم من العترة وتعظيمه‪ ً،‬والنظر إليه‪ ً،‬والجلوس عنده‪ً،‬‬
‫واستمتاع قوله وسماعه‪ ً،‬والتدبر فى أفعاله وأحواله وأخلقه‪ ً،‬والتفكر فى شئونه والتسليم له والمتشابهات‬
‫ما منه‪ ً،‬وتخليه بيت القلب لنزوله بمكلوته فيه‪ ً،‬بملحظة أنه حبل ال الممدود إلى الناس من غير عناد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫منه من أعظم العبادات‪ .‬كذلك تعظيم القرآن‪ ً،‬والنظر فى سطوره‪ ً،‬واستماع كلماته وسماعها‪ ً،‬والتدبر فى‬
‫عباراته‪ ً،‬والتفكر فى إشاراته ولطائفه‪ ً،‬وتخليه بيت القلب لتجلى حقائقه‪ ً،‬واتباع أحكامه وتسليم متشابهاته‬
‫ل ممدودا من ال"‪.‬‬ ‫من أعظم العبادات إذا كان بلحاظ كونه حب ل‬
‫**‬
‫* علم القرآن جميعه عند محمد والورصياء‪:‬‬
‫ويعتقد المؤلف أن علم القرآن جميعه عند النبى صلى ال عليه وسلم والئمة‪ ً،‬أما ممن عداهم فعلمهم‬
‫ص به النبى والئمة‪ ً،‬وذلك فى نظره راجع إلى تفاوت‬ ‫بمعانى القرآن قاصر ل يبلغ المبلغ الذى يخ ر‬
‫المقامات التى يتفاوت العلم بتفاوتها‪ .‬ونظرية تفاوت المقامات التى يتفاوت من أجلها العلم بمعانى‬
‫القرآن‪ ً،‬نظرية فلسفية صوفية شيعية‪ ً،‬وإليك نص عبارة المؤلف فى الفصل العاشر من مقدمة كتابه‬
‫لتكون على بصيرة بها‪ ..‬يقول المؤلف ما نصه‪" :‬الفصل العاشر‪ :‬إن علم القرآن بتمام مراتبه منحصر‬
‫فى محمد صلى ال عليه وسلم وأوصيائه الثنا عشر وليس لغيرهم إل بقدر مقامه‪ ً،‬قد مضى أن بطون‬
‫القرآن وحقائقه كثيرة متعددة‪ ً،‬وأن بطنه العلى وحقيقته العليا هو محمدية محمد‪ ً،‬وعلوية علسى‪ ً،‬وهو‬
‫مقام المشيئة التى هى فوقا المكان‪ ً،‬وكل نبى ووصى كان ل يتجاوز مقامه المكان سوى محمد صلى‬
‫ال عليه وسلم وأوصيائه‪ ً،‬ومن لم يبلغ إلى مقام المشيئة ل يعلم ما فيه‪ ً،‬ول يتبين من ذلك المقام شيئا‪ً،‬‬
‫لن المفيسر ل يتجاوز فى تفسيره حد نفسه‪ ً،‬فكل من علم من القرآن شيئا أو فرسر منه شيئا وإن بلغ من‬
‫المقامات ل يكون علمه وتفسيره بالنسبة إلى علم القرآن إل كقطرة من بحر محيط‪ ً،‬فإن حقيقة القرآن ‪-‬‬
‫التى هى حقيقة محمد وعلسى ‪ -‬هى مقام الطلقا الذى ل نهاية له‪ ً،‬والممكن وإن كان أشرف الممكنات‬
‫الذى هو العقل إلكلى يكون محدودا‪ ً،‬ول يتصور النسبة بين المحدود وغير المتناهى الغير محدود‪ ً،‬فعلم‬
‫كل عارلم ومف يسر للقرآن بالنسبة إلى علم القرآن كقطرة إلى البحار‪ .‬ولما كان مقام محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم وعلسى وأولده المعصومين مقام المشيئة كان علم القرآن كله عندهم‪ ً،‬وكان علسى هو من عنده علم‬
‫الكتاب كما فى الية بإضافة العلم إلى الكتاب المفيد للستغراقا‪ .‬وكان آصف هو الذى عنده علم من‬
‫الكتاب‪ .‬وكان إبراهيم ابتله ربه بكلمات معدودة ل بجملة الكلمات‪ ً،‬مع أنه كان أكمل النبياء بعد نبينا‪.‬‬
‫وكان محمد صلى ال عليه وسلم يؤمن بال وكلماته جميعا فى قوله تعالى‪} :‬مفآرمينوها ربٱِللرره مومريسورلره ٱلرنربيي‬
‫ٱي‬
‫ليميي ٱرلرذيِ يهؤرمين ربٱِلرلره مومكرلممارتره{ُ‪ ..‬فإن "الكلمات" جمع مضاف مفيد للستغراقا‪ ً،‬وليس المراد به اليمان‬
‫الجمالى وإل لشاركه غيره فيه‪ ً،‬بل اليمان التفصيلى‪ ً،‬واليمان التفصيلى ل يكون إل بإدراك المؤمن‬
‫به شهودا وعيانا‪.‬‬
‫**‬
‫* تحريف القرآن وتبديله‪:‬‬
‫والمؤلف يذكر لنا رأيه بوضوح فى تحريف القرآن وتبديله فيقول ما نصه‪" :‬اعلم أنه قد استفاضت‬
‫الخبار عن الئمة الطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث ل يكاد يقع شك فى‬
‫صدور بعضها منهم وتأويل الجميع بأن الزيادة والنقيصة والتغيير إنما هى فى مدركاتهم من القرآن ل‬
‫فى لفظ القرآن كلغة‪ ً،‬ول يليقا بالكاملين فى مخاطباتهم العامة‪ ً،‬لن الكامل يخاطب بما فيه حظ العوام‬
‫والخواص‪ ً،‬وصرف الرلفظ عن ظاهره من غير صارف‪ ً،‬وما تواهموه صارفا من كونه مجموعا عندهم‬
‫فى زمن النبى‪ ً،‬وكانوا يحفظونه ويدرسونه‪ ً،‬وكانت الصحاب مهتمين بحفظه عن التغيير والتبديل‪ً،‬‬
‫حتى ضبطوا قراءات اليقرراء وكيفيات قراءاتهم‪ .‬فالجواب عنه‪ :‬أن كونه مجموعا غير يممسرلم‪ ً،‬فإن القرآن‬
‫نزل فى مدة رسالته إلى آخر عمره نجوما‪ ً،‬وقد استفاضت الخبار بنزول بعضِ السور وبعضِ اليات‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل بجمع القرآن‪ً،‬‬ ‫فى العام الخر‪ ً،‬وما ورد من أنهم جمعوه بعد رحلته‪ ً،‬وأن عليا جليس فى بيته مشغو ل‬
‫أكثر من أن يمكن إنكاره‪ .‬وكونهم يحفظونه ويدرسونه يممسرلم‪ ً،‬لكن كان الحفظ والدرس فيما كان بأيديهم‪ً،‬‬
‫واهتمام الصحاب بحفظه وحفظ قراءات اليقرراء وكيفيات قراءاتهم كان بعد جمعه وترتيبه‪ ً،‬وكما كانت‬
‫الدواعى متوفرة فى حفظه‪ ً،‬كذلك كانت متوفرة من المنافقين فى تغييره‪ .‬أما ما قيل‪ :‬إنه لم يبقا لنا حينئذ‬
‫اعتماد عليه‪ ً،‬والحال أرنا مأمورون بالعتماد عليه‪ ً،‬واتباع أحكامه‪ ً،‬والتدبر فى آياته‪ ً،‬وامتثال أوامره‬
‫ونواهيه‪ .‬وإقامة حدوده‪ ً،‬وعرضِ الخبار عليه‪ ً،‬ل يعتمد عليه صرف مثل هذه الخبار الكثيرة الدالة‬
‫على التغيير والتحريف عن ظواهرها‪ ً،‬لن العتماد على هذا المكتوب ووجوب اتباعه‪ ً،‬وامتثال أوامره‬
‫ونواهيه‪ ً،‬وإقامة حدوده وأحكامه‪ ً،‬إنما هى للخبار الكثيرة الدالة على ما يذركر‪ ً،‬للقطع بأن ما بين الدفتين‬
‫هو الكتاب المنرزل على محمد صلى ال عليه وسلم من غير نقيصة وزيادة وتحريف فيه‪ .‬وييستفاد من‬
‫هذه الخبار‪ :‬أن الزيادة والنقيصة والتغيير إن وقعت فى القرآن لم تكن مخلة بمقصود الباقى منه‪ ً،‬بل‬
‫نقول‪ :‬كان المقصود الهم من الكتاب الدللة على العترة والتوسل بهم‪ ً،‬وفى الباقى منه يحرجتهم أهل‬
‫البيت‪ ً،‬وبعد التوسل بأهل البيت إن أمروا باتباعه كان يحرجة قطعية لنا ولو كان مغيرا تغييرا مخ ل‬
‫ل‬
‫بمقصوده‪ ً،‬وإن لم نتوسل بهم أو لم يأمروا باتباعه‪ ً،‬وكان التوسل به‪ ً،‬واتباع أحكامه‪ ً،‬واستنباط أوامره‬
‫ونواهيه‪ ً،‬وحدوده‪ ً،‬وأحكامه‪ ً،‬من رقمبل أنفسنا كان من رقمبل التفسير بالرأى الذى منعوا منه‪ ً،‬ولو لم يكن‬
‫متغيرا"‪.‬‬
‫**‬
‫* نزول القرآن فى شأن الئمة وأشياعهم وأعدائهم‪:‬‬
‫ويرى المؤلف أن القرآن نزل بتمامه فى الئمة الثنا عشر بوجه‪ ً،‬ونزل فيهم وفى أعدائهم بوجه‪ ً،‬ونزل‬
‫أثلثا‪ :‬ثلث فيهم وفى أعدائهم‪ ً،‬وثلث يسمنن وأمثال‪ ً،‬وثلث فرائضِ وأحكام‪ ..‬بوجه‪ .‬أو ثلث فيهم وفى‬
‫أحبائهم‪ ً،‬وثلث فى أعدائهم‪ ً،‬وثلث يسرنة ويمثل‪ ..‬بوجه‪ .‬ونزل أرباعا‪ :‬ربع فيهم‪ ً،‬وربع فى عدوهم‪ ً،‬وربع‬
‫يسمنن وأمثال‪ ً،‬وربع فرائضِ وأحكام‪ ..‬بوجه‪ .‬ويرى أن كل هذا قد أشعرت به الخبار الواردة عن أهل‬
‫البيت‪ ً،‬ويوجه ذلك فيقول‪" :‬لما كان جميع الشرائع اللهية والكتب السماوية لتصحيح الطريقا النسانية‪ً،‬‬
‫وتوجيه الخلقا إلى الولية‪ ً،‬وكان أصل المتحققين بالطريقا النسانية والولية والمتحققا بالولية المطلقة‬
‫محمدا صلى ال عليه وسلم وعليا وأولدهما‪ ً،‬صح أن يقال‪ :‬جملة الشرائع اللهية وجميع الكتب‬
‫السماوية نزلت فيهم وفى توجيه الخلقا إليهم‪ .‬وهو أيضا وصف وتبجيل لهم‪ .‬ولما كان كثير من آيات‬
‫القرآن نزلت فيهم تصريحا أو تعريضا أو تورية‪ ً،‬وما كان فى أعدائهم لم يكن المقصود منه إل العتبار‬
‫بمخالفيهم والنزجار عن مخالفتهم ليكون سببا للتوجه إليهم ولمعرفة قدرهم وعظمة شأنهم‪ ً،‬وكان سائر‬
‫آيات المر والنهى والقصص والخبار لتأكد السير على الطريقا النسانية إلى الولية‪ ً،‬صح أن يقال‪:‬‬
‫ل يكون بعضِ آياته فيهم وفى محبيهم‪ .‬وبعهضا فى‬ ‫صل‬ ‫جميع القرآن نزل فيهم‪ ً،‬ولما كان القرآن مف ر‬
‫أعدائهم ومخالفيهم‪ ً،‬وبعضها يسمننا وأمثالل‪ ً،‬وبعضها فرائص وأحكاما‪ ً،‬صح أن يقال‪ :‬نزل القرآن فيهم‬
‫وفى أعدائهم‪ ً،‬أو نزل أثلثا أو أرباعا‪ ً،‬والية الدالة على أخبار الخيار والشرار الماضين كلها‬
‫تعريضِ بالئمة وأخيار هذه المة وأشرارهم‪ ً،‬مع قطع النظر عن رجوعها إليهم وإلى أعدائهم بسبب‬
‫ل فى الشر‪ .‬بل نقول‪ :‬كل آية يذركر فيها خير كان المراد بها‬ ‫كونهم أصل فى الخير وكون أعدائهم أص ل‬
‫لمة‪ ً،‬لكون الية فيهم أو تعريضا بهم‪ ً،‬أو‬ ‫لمة‪ ً،‬وكل آية يذركر فيها شر كان المراد بها أشرار ا ي‬‫أخيار ا ي‬
‫ل فى الخير والشر"‪.‬‬ ‫لكونهم وكون أعدائهم أص ل‬
‫هذه أهم آراء المصينف التى يراها فى القرآن وتفسيره ويمفيسريه‪ .‬وإليك بعضِ النماذج التى توضح لك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الطريقة التى جرى عليها المصينف فى تفسيره‪ ً،‬ومقدار تأثره بنزعته الصوفية‪ ً،‬وهواه الشيعى‪:‬‬
‫* من التفسير الصوفى‪:‬‬
‫قلنا‪ :‬إن هذا التفسير يغلب عليه الطابع الصوفى لكثرة ما فيه من التأويلت الشارية‪ ً،‬والشطحات‬
‫الصوفية‪ ً،‬والمواجيد التى تقرؤها للمؤلف فى تفسيره لليات القرآنية‪ ً،‬وإليك بعضِ المثل لتعرف مقدار‬
‫طغيان هذه الناحية على باقى النواحى فى هذه التفسير‪:‬‬
‫ل يتمقارتيلومن رفي مسربيرل ٱلرلره‬ ‫ل عندما تكرلم عن قوله تعالى فى الية ]‪ [75‬من سورة النساء‪} :‬مومما لميكهم م‬ ‫فمث ل‬
‫ضمعرفيمن رممن ٱليرمجارل موٱلينمسآرء موٱهلروهلمدارن ٱرلرذيمن مييقويلومن مرربمنآ أمهخررهجمنا رمهن مهــرذره ٱهلمقهرميرة ٱلرظارلرم أمههيلمها‬ ‫موٱهليمهسمت ه‬
‫صيرا{ُ‪ ..‬يقول عند تفسيره لقوله تعالى‪} :‬مرربمنآ أمهخررهجمنا رمهن‬ ‫موٱهجمعهل لرمنا رمن رليدهنمك مورلسيا موٱهجمعهل لرمنا رمن رليدهنمك من ر‬
‫مهــرذره ٱهلمقهرميرة{ُ‪ ...‬الية‪" :‬إن كان النزول فى ضعفاء رقرلة فل اختصاص لها بهم ككما فى الخبر‪ .‬فالقرية‬
‫مكة وكل قرية ل يجد الشيعة فيها وليا من المام ومشايخهم‪ ً،‬وكل قرية وقع بها الئمة بين منافقى‬
‫ا يلمة‪ ً،‬وقرية النفس الحيوانية التى ل يجد الجنود النسانية فيها وليا ويطلبون الخروج منها إلى قرية‬
‫الصدر ومدينة القلب‪ .‬ويسألون الحضور عند إمامهم أو مشايخهم فى بيت القلب خاليا عن مزاحمة‬
‫صيرا{ُ‪ ..‬تكرار "جعل"‪ ً،‬لن مقام‬ ‫الغيار بقولهم‪} :‬موٱهجمعهل لرمنا رمن لريدهنمك مورلسيا موٱهجمعهل لرمنا رمن لريدهنمك من ر‬
‫التضرع والبتهال يناسبه التطويل واللحاح فى السؤال‪ ً،‬ولن المسئول ليس شخصا واحدا‪ ً،‬ولو كان‬
‫واحدا‪ ً،‬لم يكن مسئول من جهة واحدة‪ ً،‬بل المسئول محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫صرته‪ ً،‬وعلسى كذلك"‪.‬‬ ‫وعلى‪ ً،‬أو المسئول محمد من جهة هدايته ومن جهة ن ه‬ ‫س‬
‫"وقد بقى بين الصوفية أن يكون التعليم والتلقين بتعاضد نفسين متوافقتين‪ ً،‬يسمى أحد الشخصين هاديا‬
‫ل‪ ً،‬والشيخْ الهادى له الهداية وتولى أمور السالك فيما ينفعه ويجذبه‪ ً،‬والشيخْ الدليل ينصره‬ ‫والخر دلي ل‬
‫لمدافعة العداء‪ ً،‬ويخرجه عن الجهل والردى بدللة طريقا التوسل إلى شيخْ الهدى‪ ً،‬وفى الية إشارة‬
‫إلى أن السالك ينبغى له أن يطلب دائما حضوره عند شيخه بحسب مقام نورانيته ومقام صدره‪ ً،‬وهو‬
‫معنى انتظار ظهور الشيخْ فى عالم الصغير‪ ً،‬وأما ظهور الشيخْ بحسب بشريته على بشرية السالك‪ ً،‬فل‬
‫يصدقا عليه أنه لدن ال‪ ً،‬وإذا ظهر الشيخْ بحسب النورانية كان وليا من لدن ال ونصيرا من لدنه"‪.‬‬
‫ل يتمحيريموها مطيمبارت ممآ‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [87‬من سورة المائدة‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها م‬ ‫ومث ل‬
‫ل يرحسب ٱهليمهعمترديمن{ُ‪ ..‬يقول‪ .." :‬اعلم أن النسان ذو مراتب عديدة بعضها‬ ‫أممحرل ٱللريه مليكهم مو م‬
‫ل متهعمتيديوها إررن ٱلرلمه م‬
‫فوقا بعضِ إلى ما ل نهاية له‪ ً،‬والتكاليف اللهية الواردة عليه ليست لمرتبة خاصة منه‪ ً،‬بل ‪ -‬ما عرفمت‬
‫سابقا ‪ -‬للمفاهيم الواردة فى التكاليف مصاديقا متعددة بتعدد مراتب النسان‪ .‬بعضها فوقا بعضِ‪ ً،‬فكل‬
‫ما ورد فى الشريعة المطرهرة من اللفاظ فهى مقصودة من حيث مفاهيمها العامة باعتبار جميع‬
‫مصاديقها بحيث ل يشذ عنها مصداقا من المصاديقا‪ ً،‬فالنسان بحسب مرتبته النباتية له محللت إلهية‪ً،‬‬
‫وبحسب مرتبته الحيوانية أخرى‪ ً،‬وبحسب الصدر أخرى‪ ً،‬وبحسب القلب أخرى‪ ً،‬وبحسب الروح أخرى‪ً،‬‬
‫والتحريم اللهى فى كل مرتبة بحسبه‪ ً،‬وكذا تحريم النسان على نفسه‪ ً،‬فالمحللت بحسب مرتبته‬
‫الحيوانية والنباتية‪ :‬ما أباح ال له من المأكول‪ ً،‬والمشروب‪ ً،‬والملبوس‪ ً،‬والمركوب‪ ً،‬والمنكوح‪ً،‬‬
‫والمسكون‪ ً،‬والمنظور‪ ً،‬والتدبيرات المعادية والمعاشية‪ ً،‬والخلقا الجميلة‪ ً،‬والمكاشفات الصورية‪ً،‬‬
‫وبحسب القلب‪ :‬ما أباح ال له من العمال القلبية‪ ً،‬والوارادت اللهية‪ ً،‬والعلوم اللدنية‪ ً،‬والمشاهدات‬
‫المعنوية الكلية‪ ..‬وهكذا فى سائر المراتب‪ .‬والطيبات من ذلك فى كل مرتبة‪ :‬ما تستلذه المدارك‬
‫المختصة بتلك المرتبة‪ ً،‬ومطلقا المباح فى كل مرتبة طيب بالنسبة إلى مباح المرتبة الدانية منه‪ ً،‬وأن ال‬
‫تعالى يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه‪ ً،‬ول يحب الشره والعتداء فى رخصه بحيث‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يؤدى إلى النتقال إلى ما هو حرام محظور بأصل الشرع‪ ً،‬أو بحيث يؤدى إلى صيرورة المباح حراما‬
‫بفضل التجاوز عن حد الترخيص بالكثار فيه‪ ً،‬كما ل يحب المتناع عن رخصه‪ ً،‬فمعنى الية‪" :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا ل تمتنعوا من الرخص‪ ً،‬ول تحيرموا ‪ -‬بقسم وشبهة‪ ً،‬ول بكسل ونحوه ‪ -‬على أنفسكم ما‬
‫تستلذه المدارك بحسب كل مرتبة وقوة مما أباحه ال لكم‪ ً،‬لن ال يحب أن يرى عبده مستلذا بما أباحه‬
‫له‪ ً،‬كما يحب أن يراه مستلذا بعباداته ومناجاته‪ ً،‬ول تمتنعوا بالكتفاء بمستلذات المرتبة الدانية عن‬
‫صرا على طلب مستلذات المرتبة العالية‪ ً،‬كما يحب‬ ‫مستلذات المرتبة العالية‪ ً،‬فإنه يحب أن يرى عبده يم ي‬
‫أن يراه فى هذه الحالة معرضا عن مباحات المرتبة الدانية‪ ً،‬مكتفيا بضرورياتها وراجحاتها‪ .‬ول تعتدوا‬
‫عما أباح ال إلى حظره‪ ً،‬وفى المباح إلى حد الحظر‪ .‬والية إشارة إلى التوسط بين التفريط والفراط‬
‫فى كل ا يلمور من الفعال والطاعات والخلقا والعقائد والسير إلى ال‪ ً،‬فإن المطلوب من السائر إلى‬
‫ال أن يكون واقعا بين إفراط الجذب وتفريط السلوك"‪..‬‬
‫ل مطييبا موٱرتيقوها ٱلرلمه ٱرلرذييِ مأنيتم ربره يمهؤرمينومن{ُ بما‬ ‫ثم بعد ذلك فرسر قوله تعالى‪} :‬مويكيلوها رمرما مرمزمقيكيم ٱللريه مح م‬
‫لل‬
‫يشبه التفسير السابقا‪ ..‬ثم بعد ذلك ذكر أن الية نزلت فى علسى وبلل وعثمان بن مظعون‪ ً،‬فأما علسى‬
‫فحلف أن ل ينام بالليل‪ ً،‬وأما بلل فحلف أن ل يفطر بالنهار أبدا‪ ً،‬وأما عثمان ابن مظعون فإنه حلف أن‬
‫ل ينح أبدا‪ ً،‬فلما علم بذلك رسول ال خرج على الناس ونادى‪ :‬الصلة جامعة‪ ً،‬فاجتمع الناس فصعد‬
‫المنبر فحمد ال وأثنى عليه ثم قال‪" :‬ما بال أقوام ييحيرمون على أنفسهم الطيبات؟ إنى أنام الليل وأنكح‬
‫وأفطر بالنهار‪ ً،‬فمن رغب عن يسرنتى فليس منى"‪ ً،‬فقام هؤلء فقالوا‪ :‬يا رسول ال؛ً قد حلفنا على ذلك‪ً،‬‬
‫فأنزل ال آيات الحلف‪ ..‬ثم استشكل المؤلف على هذه الرواية إشكالين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن مثال هذه المعاتبات ونسبة التحريم والعتداء والتقوى ولغو اليمان غير مناسبة لمقام علسى‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬أن عليا إما كان عالما بأن تحريم الحلل إن كان بالستبداد والرأة كان من البدع والضلل‪ً،‬‬
‫وإن كان بالنذر وشبهه كما مدرل عليه الخبر‪ ً،‬كان مرجوحا غير مرضى ل تعالى‪ ً،‬ومع ذلك حررمه على‬
‫ل بذلك‪ ً،‬وركل الوجهين غير لئقا بمقامه‪..‬‬ ‫نفسه‪ ً،‬أو كان جاه ل‬
‫ثم أجاب عن هذين الشكالين بجواب كله من قبيل النظرات الصوفية فقال‪" :‬والجواب الجلى لطالبى‬
‫الخرة والسالكين إلى ال‪ ً،‬الذين بايعوا عليا بالولية‪ ً،‬وتابعوه بقدم صدقا‪ ً،‬واستشهوا نفحات نشأته حال‬
‫سلوكه أن يقال‪ :‬إن السالك إلى ال يتم سلوكه باستجماعه بين نشأتى الجذب والسلوك‪ ً،‬بمعنى توسطه‬
‫بين تفريط السلوك الصرف‪ ً،‬وإفراط الجذب الصرف‪ ً،‬فإنه إن كان فى نشأة السلوك فقد جمد طبعه‬
‫ببرودة السلوك حتى يقف عن السير‪ .‬وإن كان فى نشأة الجذب فقط‪ ً،‬فنى بحرارة الجذب عن أفعاله‬
‫وصفاته وذاته‪ ً،‬بحيث ل يبقى منه أثر ول خبر‪ ً،‬وهو وإن كان فى روح وراحة‪ ً،‬لكنه ناقص كمال‬
‫النقص من حيث أن المطلوب منه حضوره بالعودة لدى ربه مع جنوده‪ ً،‬وخدمه‪ ً،‬وأتباعه‪ ً،‬وحشمه‪ ً،‬وهو‬
‫طرح الكل‪ ً،‬وتسارع بوحدته‪ ً،‬فالسالك إلى ال تكميله مربوط بأن يكون فى الجذب والسلوك منكسرا‬
‫برودة سلوكه بحرارة جذبه‪ ً،‬فالجذب والسلوك كالليل والنهار وكالصيف والشتاء‪ ً،‬من حيث أنهما يربيان‬
‫المواليد بتضادهما‪ ً،‬فهما ‪ -‬مع كونهما متنازعين متآلفان متوافقان‪.‬‬
‫إذا علمت ذلك‪ ً،‬فاعلم أن السالك إذا وقع فى نشأة الجذب‪ ً،‬وشرب من شراب الشوقا الزنجبيلى‪ ً،‬سكر‬
‫وطرب ووجد‪ ً،‬بحيث ل يبقى فى نظره سوى الخدمة للمحبوب‪ ً،‬وكل ما رآه منافيا للخدمة رآه ثق ل‬
‫ل‬
‫ووبا لل على نفسه ومكروها لموله‪ ً،‬فيصمم فى طرحه‪ ً،‬ويعزم على ترك الشتغال به‪ ً،‬وهو من كمال‬
‫الطاعة ل أنه ترك الطاعة كما يظن‪ ً،‬فل ضير أن يكون أمير المؤمنين حال سلوكه وقع فى تلك النشأة‪ً،‬‬
‫وح ررم على نفسه كل ما يشغله عن الخدمة‪ ً،‬لكمال الهتمام بالطاعة‪ ً،‬ولما لم يكن تحصيل الكمال التام‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل مربيا له‬ ‫إل بالجمع بين النشأتين‪ ً،‬أسقاه محمد صلى ال عليه وسلم من شراب السلوك‪ ً،‬لنه كان مكم ل‬
‫ولغيره‪ ً،‬ولذا قالوا‪ :‬لن يكون للسالك شيخْ وإل فيوشك أن يقع فى الورطات المهلكة‪ ً،‬ول منقصة فى‬
‫أمثال هذه المعاتبات على الحباب‪ ً،‬بل فيها من اللطف والترغيب فى الخدمة ما ل يخفى‪ ً،‬وعلسى كان‬
‫عالما بأن الكمال ل يحصل إل بالنشأتين‪ ً،‬لكنه يرى حين الجذب أن كل ما يشغله عن الخدمة فهو‬
‫مكروه المحبوب‪ ً،‬ومرجوح عنده‪ ً،‬فحلف على ترك المرجوح‪ .‬أو يقال‪ :‬إن عليا لما كان شريكا للرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم فى تكميل السلك لقوله‪" :‬أنت منى بمنزلة هارون من موسى"‪ ً،‬وكان له شأن‬
‫الدللة‪ ً،‬ولمحمد شأن الرشاد‪ ً،‬والمرشد بنشأته النبوية شأنه تكميل السالك بحسب نشأة السلوك‪ ً،‬وإن كان‬
‫بنشأته الولوية وشأن الرشاد شأنه التكميل بحسب الجذب‪ ً،‬والدليل بنشأته الولوية شأنه التكميل بحسب‬
‫نشأة الجذب‪ ً،‬وإن كان بنشأته النبوية وشأن الدللة شأنه التكميل بحسب السلوك فالدليل بوليته يقرب‬
‫السالك إلى الحضور‪ ً،‬ويعلمه آداب الحضور‪ ً،‬وطريقا العبودية‪ ً،‬من عدم اللتفات إلى ما سوى المعبود‪ً،‬‬
‫وطرح جميع العوائقا من طريقة‪ ً،‬والمرشد بنبوته ييبعده عن الحضور‪ ً،‬وييقربه إلى السلوك‪ ً،‬ويرغبه‬
‫ل وعثمان مستعدين‬ ‫فيه‪ ً،‬فهما فى فعلهما كالنشأتين‪ :‬متضادان متوافقان‪ ً،‬فأمير المؤمنين لما رأى بل ل‬
‫لنشأة الجذب‪ ً،‬ررغبهما إلى تلك النشأة بطرح المستلذات وترك المألوفات‪ ً،‬وشاركهما فى ذلك ليستكمل‬
‫بذلك شوقهما ويتم جذبهما‪ ً،‬ولما مضى مدة ورأى الرسول أن عودهما إلى السلوك أوفقا وأنفع لهما‪ً،‬‬
‫ردهما إلى نشأة السلوك‪ ً،‬وعاتبهما بألطف عتاب‪ ً،‬ول يرد نقص على أمير المؤمنين‪ .‬ولما قالوا بعد‬
‫ل ييمؤارخيذيكيم ٱللريه ربٱِرللهغرو رفيي أمهيممارنيكهم{ُ‪ ً،‬وهو الذى يؤتى به للتأكيد فى الكلم كما هو‬
‫عتابه‪ :‬قد حلفنا‪ ..‬نزل } ر‬
‫عادة العوام"‪ ..‬إلخْ‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذين المثالين السابقين‪ ً،‬أن المؤلف يفيضِ فى الناحية الصوفية فى تفسيره لليات‪ ً،‬كما‬
‫لعلى وذيريته بل ومن اتخاذه مخرجا يخرج به من الشكالت‬ ‫أنه لم يخل تفسيره الصوفى من التشيع س‬
‫التى ترد عليه‪.‬‬
‫**‬
‫* من التفسير الفلسفى‪:‬‬
‫ل فى أول‬ ‫كذلك نجد المؤلف فى كثير من الحيان يخلط البحوث الفلسفية بتفسيره لليات القرآنية‪ ً،‬فمث ل‬
‫سورة السراء نراه يحققا أن المعراج كان بجسده وروحه عليه السلم‪ ً،‬ويرد على الفلسفة الذين‬
‫ينكرون ذلك‪ ً،‬ويقدم لبحثه هذا بمقدمة كلها نظريات فلسفية مخلوطة ببعضِ خرافات منسوبة إلى المام‬
‫علسى رضى ال عنه‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪:‬‬
‫"العالم ليس منحصرا فى هذا العاملم المحسوس المعربر عنه بعاملم الطبع بسمواته وأرضيه‪ ً،‬بل فوقه‬
‫البرزخ‪ ً،‬وهو عاملم بين عاملم الطبع وعاملم المثال‪ ً،‬وله الحكومة على عاملم الطبع والتصرف فيه أى‬
‫تصرف شاء‪ ً،‬من الحياء والماتة‪ ً،‬وإيجاد المعدوم‪ ً،‬وإعدام الموجود‪ ً،‬وستر المحسوس‪ ً،‬وإظهار غير‬
‫المحسوس بصورة المحسوس‪ .‬ومنه طى الرضِ‪ ً،‬والسير على الماء والهواء‪ ً،‬والدخول فى النار سالما‪ً،‬‬
‫وقلب الماهيات‪ .‬ومه طى الزمان‪ ً،‬كما ورد فى الخبار أنه قال المعصوم لمنافقا‪ :‬أخسأ فصار كلبا‪.‬‬
‫وقال الخر‪ :‬أنت امرأة بين الرجال فصار امرأة‪ .‬وأنكر آخر قلب الماهيات عند المعصوم‪ ً،‬فسار إلى‬
‫نهر ليغتسل فدخل الماء وارتمس فخرد ورأى نفسه امرأة على ساحل بحر قرب قرية منكورة‪ ً،‬فدخلت‬
‫القرية وتزوجت وعاشت مدة وولدت لها أولد‪ ..‬ثم خرجت لتغتسل فى البحر فدخلت الماء وارتمست‬
‫فخرجت على ساحل النهر المعهود وهو رجل وإذا بثيابه موضوعة كما وضعها‪ .‬فلبسها ودخل بيته‬
‫وأهله غير شاعرين بغيبته لقصر الزمان‪ ً،‬وأمثال ذلك رويت عن التابعين لهم على الصدقا‪ ً،‬وهذا من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قبيل بسط الزمان ن كان وقوعه فى عالم الملك‪ ً،‬كما نقل أن امرأة وقع لها ذلك فأخبرت وأنكرها‬
‫جماعة فيأتيت بأولدها بعد ذلك من بلدة بعيدة‪ ً،‬مع أنه لم يمضِ فى بلدها قدر ساعة‪ ً،‬أو من قبيل البسط‬
‫فى الدهر من غير تصرف فى الزمان إن كان وقوعه فى الملكوت‪ .‬وفوقا البرزخ عاملم المثال‪ ً،‬وله‬
‫التصرف فى البرزخ والطبع‪ .‬وفوقه عاملم النفوس الكليات المعربر عنها بـ }مفٱِهليممديبمرارت أمهمرا{ُ‪ .‬وفوقه‬
‫صرفا{ُ‪ ً،‬وييعربر عنها فى لسان الشراقيين بأرباب النواع وأرباب‬ ‫صارفارت م‬ ‫الرواح المعربر عنها بـ }موٱل ر‬
‫الطملسمات‪ .‬وفوقها العقول المعربر عنها بالمقرربين‪ .‬وفوقها الكرسى وفوقه العرش‪ ً،‬وهو سرير الملك‬
‫المتعال‪ ً،‬وهما بين الوجوب والمكان ل واجبان ول ممكنان‪ ً،‬بل فوقا المكان وتحت الوجوب‪ .‬وكل من‬
‫تلك العوالم له الحاطة والتصرف والحكومة على جميع ما دونه‪ ً،‬فإذا غلب واحد من تلك العوالم على‬
‫ما دونه صار ما دونه بحكمه‪ ً،‬وذهب عنه حكم نفسه‪ .‬ثم اعلم أن النسان مختصر من تلك العوالم‪ ً،‬وله‬
‫مراتب بإزاء تلك العوالم‪ ً،‬وكل مرتبة عالية لها الحكومة على ما دونها من غير فرقا‪ ً،‬كما نشاهده من‬
‫حكومة النفس على البدن والقوى‪ ً،‬لكن تلك المراتب فى أكثر الناس بالقوة‪ ً،‬وما بالفعل من النفس‬
‫المجردة التى هى بإزاء عاملم النفوس ضعيفة غاية الضعف‪ ً،‬بحيث ل يمكنها التصرف فى بدنها زائدا‬
‫على ما جعله ال فى جبلتها‪ ً،‬فكيف بغير بدنها؟ فإذا صار بعضِ تلك المراتب بالفعل كما فى أكثر‬
‫النبياء والولياء‪ ً،‬أو جميعها كما فى خاتم النبياء وصاحبى الولية الكلية‪ ً،‬كان لهم التصرف فى أبدانهم‬
‫بأى نحو شاءوا‪ ً،‬وفى سائر أجزاء العالم‪ ً،‬كما روى عن النبياء والولياء من طى المكان والزمان‪ً،‬‬
‫والسير على الماء والهواء‪ ً،‬ودخول النار‪ ً،‬وإحياء الموتى‪ ً،‬وإماتة الحياء‪ ً،‬وقلب الماهيات‪ ً،‬وغير ذلك‬
‫مما ل يينكر تمامها لكثرتها‪ ً،‬وتواتر الخبار بمجموعها وإن كان آحادها غير متواترة‪ .‬وأما التصرف فى‬
‫البدن الطبيعى بحيث ييخرجه عن حكم المكان وييدخله فى عالم العرش الذى هو فوقا المكان وفوقا‬
‫عاملم العقول والملئكة المقرربين‪ ً،‬كما روى أن جبريل تخرلف عن الرسول صلى ال عليه وسلم فى‬
‫المعراج‪ ً،‬وقال‪ :‬لو دنوت أنملة لخترقت‪ ً،‬مع أنه من عالم العقول المقرربين‪ ً،‬فهو من خواص خاتم الكل‬
‫فى الرسالة والنبوة والولية‪ ً،‬وهو من خواص نبينا صلى ال عليه وسلم ل يشاركه فيه غيره ل نبى‬
‫مرسل ول خاتم الولياء‪ .‬ولذلك جعلو المعراج الجسمانى بالكيفية المخصوصة من خواصه صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ .‬ولما كان المعراج بتلك الكيفية أمرا ل يتصور أمر فوقه من الممكن‪ ً،‬وكان ل يتيسر إل إذا‬
‫غلب العاملم الذى فوقا المكان على البدن الطبيعى ول تتيسر تلك الغلبة بسهولة ولكل واحد وفى كل‬
‫زمان‪ ً،‬قالوا‪ :‬إن المعراج للنبى صلى ال عليه وسلم كان مرتين‪ ً،‬مع أنه ينرسب إلى بعضِ العرفاء أنه‬
‫قال‪ :‬إنى أعرج كل ليلة سبعين مرة‪ ً،‬والمعراج بالروح أمر يقع لكثير من الرياضيين‪ ً،‬بل ورد أن‬
‫الصلة معراج المؤمن‪.‬‬
‫إذا تقرر ذلك نقول‪ :‬إنه عرج ببدنه الطبيعى وعليه عباءته ونعله إلى بيت المقدس‪ ً،‬ومنه إلى السموات‪ً،‬‬
‫ومنها إلى الملكوت‪ ً،‬ومنها إلى الجبروت‪ ً،‬ومنها إلى العرش الذى هو فوقا المكان‪ ً،‬وفى هذا السير‬
‫تخرلف جبريل عنه صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬لنه كان من عاملم المكان‪ ً،‬ولم يكن له طريقا إلى ما فوقا‬
‫المكان‪ ً،‬لن الملئكة يكفل له مقام معلوم ل يتجاوزه‪ ً،‬بخلف النسان‪ .‬ولم يكن منه ذلك المعراج إل‬
‫مرتين كما فى الخبار‪ ً،‬ول يزلم منه خرقا السموات‪ ً،‬لرتفاع حكم الملك عن بدنه بغلبة الملكوت ‪ -‬ول‬
‫استغراب فى عروج البدن الطبيعى إلى الملكوت والجبروت ‪ -‬ولسقوط حكم الملك بل حال المكان عنه‬
‫مع بقاء عينه‪ ً،‬ول غرو فى كثرة وقائعه فى المعراج‪ ً،‬فإنه من بسط الدهر مع قصر الزمان كما قال‪:‬‬
‫}موإررن ميهوما رعنمد مريبمك مكمأهلرف مسمنهَة يمرما متيعسدومن{ُ‪ ً،‬وقال أيضا‪} :‬رفي ميهوهَم مكامن رمهقمدايريه مخهمرسيمن أمهلمف مسمنهَة{ُ ‪..‬‬
‫فقدر ساعة من الدهر بإزاء ساعة من الزمان تكون كألف ساعة من الزمان أو خمسين ألف ساعة"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل ربمقمدهَر رمهعيلوهَم{ُ‪ ..‬يقول ما‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [21‬من سورة الرحهجر‪} :‬مومما ينمنيزلييه إر ر‬ ‫ومث ل‬
‫نصه‪" :‬اعلم أنه قد ييطلقا الشئ ويراد به ما يساوقا الموجود‪ ً،‬فيشمل الحقا الول تعالى شأنه‪ .‬وقد ييطلقا‬
‫وييراد به المشئ وجوده‪ ً،‬فل يشمل الحقا الول‪ ً،‬ول حضرة السماء ول حضرة الفعل الذى هو مبدأ‬
‫إضافاته‪ ً،‬ويشمل الممكنات كلها من حضرة العقول المعربر عنها بالقلم العالية والملئكة المقرربين‪ً،‬‬
‫صافات صفا‪ ً،‬وحضرة النفوس الكلية المعربر عنها‬ ‫وحضرة الرواح المعربر عنها بأرباب النواع وال ر‬
‫بالرواح الكلية المحفوظة والمديبرات أمرا‪ ً،‬وحضرة النفوس الجزئية بألواح المحو والثبات وبعالم‬
‫المثال باعتبارين‪ ً،‬ويشمل موجودات عاملم الطبع تماما‪ ً،‬وكل ما فى تلك الحضرات له حقيقة فى حضرة‬
‫السماء‪ ً،‬وحقيقة فى حضرة الفعل والضافة اللهية الشراقية‪ .‬وكل ما فى حضرة الفعل له حقيقة أيضا‬
‫فى حضرة السماء‪ ً،‬ولك ما فى حضرة الرواح له حقيقة فى حضرة القلم‪ ً،‬وحقيقة فى حضرة الفعل‪ً،‬‬
‫وحقيقة فى حضرة السماء‪ ً،‬وهكذا حضرة النفوس الكلية وما فيه‪ ً،‬وحضرة النفوس الجزئية وما فيها‪ً،‬‬
‫وعاملم الطبع وما فيه‪ ً،‬وبعبارة أخرى‪ :‬كل دان له صورة بالستقلل فى العالى‪ ً،‬وصورة بالستقلل فى‬
‫عالى العالى‪ ً،‬وصروة بتبع العالى فى عالى العالى‪ ً،‬فلكل شئ من الممكنات حقائقا فى حضرة السماء‬
‫استقللل وتبعا‪ ً،‬وهكذا فى حضرة الفعل‪ ً،‬وهكذا فى حضرة القلم إلى عاملم المثال‪ ً،‬وكل تلك الحضرات‬
‫من حيث إنها عوالم مجردة عن المادة وأغشيتها‪ ً،‬تسمى "عند ال"‪ ً،‬و "لدن ال"‪ ً،‬لحضورها فى محضره‪ً،‬‬
‫ولما كانت تلك الحقائقا محفوظة عن التغير والتبدل كالشياء النفيسة المخزونة المحفوظة‪ ً،‬سرماها تعالى‬
‫بالخزائن‪ ً،‬فكل ما فى عاملم الملك له حقيقة فى عاملم المثال‪ ً،‬ينزله ‪ -‬تعالى شأنه ‪ -‬من عاملم المثال إلى‬
‫عالم الملك بقدر استعداد المادة لقبوله وحين استعدادها‪ ً،‬وهكذا من النفوس الكلية إلى عاملم المثال‪ ً،‬وهكذا‬
‫المر فى العالى والعلى إلى حضرة السماء‪ .‬ولما كان موجودات عاملم الملك متحددة بالتحدد الذاتى‪ً،‬‬
‫بمعنى أنها كل آن فانية عن ذواتها‪ ً،‬وموجودة بموجودها كما حققا فى محله‪ ً،‬فما من شئ مما فى عالم‬
‫ل ربمقمدهَر رمهعيلوهَم{ُ‪.‬‬
‫الملك إل ويفنى آنا فآنا‪ ً،‬وينزله تعالى من خزائنه آنا فآنا‪ ً،‬فلذلك قال‪} :‬مومما ينمنيزلييه إر ر‬
‫**‬
‫لمم السابقة‪:‬‬ ‫* آل البيت وا ي‬
‫ومما نلحظه على المؤلف أنه يذكر لنا من الخبار ما يدل على أن محمدا صلى ال عليه وسلم وآل‬
‫لمم السابقة‪ ً،‬وكان لهم أشياع وأتباع يوالونهم‪ ً،‬ويتورسلون بهم‪ ً،‬وينالهم الخير‬ ‫بيته كانوا معروفين عند ا ي‬
‫والبركة بسبب حبهم‪.‬‬
‫وهذه الروايات ل نعتقد إل أنها من قبيل الخرافات التى تسرلطت على عقول أولئك القوم‪ ً،‬ومن هذه‬
‫ل ‪ -‬ما ذكره المؤلف فى قصة قتيل بنى إسرائيل المذكورة فى قوله تعالى فى الية ]‪[67‬‬ ‫الروايات ‪ -‬مث ل‬
‫وما بعدها من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ مقامل يمومسـى رلمقهورمره إررن ٱلرلمه ميهأيميريكهم أمهن متهذمبيحوها مبمقمرلة{ُ‪ ...‬اليات إلى آخر‬
‫القصة من أن موسى جمع أماثل القبيلة التى وجد القتيل فيها‪ ً،‬وألزمهم أن يحلف خمسون منهم بال‬
‫القوى الشديد إله بنى إسرائيل بفضل محمد وآله الطيبين على البرايا أجمعين ما قتلناه ول علمنا له‬
‫ل‪.‬‬‫قائ ل‬
‫وبعد ذلك بقليل يذكر أنهم طلبوا هذه البقرة المذكورة بأوصافها فى القرآن فلم يجدوها إل عند شاب من‬
‫ل‪.‬‬‫بنى إسرائيل بفل محمد وآله الطيبين على البرايا أجمعين ما قتلناه ول علمنا له قات ل‬
‫وبعد ذلك بقليل يذكر أنهم طلبوا هذه البقرة المذكورة بأوصافها فى القرآن فلم يجدوها إل عند شاب من‬
‫ل‪ ً،‬ونحن‬ ‫ضل‬ ‫بنى إسرائيل أراه ال فى منامه محمدا وعليا وطيبى يذيريتهما فقال‪ :‬إنك كنت لنا محبا مف ي‬
‫نريد أن نسوقا إليك بعضِ جزائك فى الدنيا‪ ً،‬فإذا راموا شراء بقرتك فل تبعها إل بأمر يأمك‪ ً،‬فإن ال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يلقنها ما يغنيك عقبك‪ ً،‬وجاء القوم يطلبون بقرته‪ ً،‬فقالوا‪ :‬بكم تبيع بقرتك هذه؟ قال‪ :‬بدينارين‪ ً،‬والخيار‬
‫لمى‪ ً،‬قالوا‪ :‬رضينا بدينار‪ ً،‬فسألها‪ ً،‬فقالت‪ :‬بأربعة‪ ً،‬فأخبرهم‪ ً،‬فقالوا‪ :‬نعطيك دينارين‪ ً،‬فأخبر يأمه‪ً،‬‬
‫ضيعف الثمن حتى بلغ‬ ‫فقالت‪ :‬ثمانية‪ ً،‬فما زالوا يطلبون على النصف مما تقول يأمه‪ ً،‬ويرجع إلى أمه فمت م‬
‫ثمنها ملئ مسك ثور أكبر ما يكون دنانير‪ ً،‬فأوجب لهم البيع فذبحوها وما كادوا يفعلون‪"..‬‬
‫وبعد ذلك بقليل يقول‪" :‬وفى تفسير المام‪ :‬أن أصحاب البقرة ضجوا إلى موسى وقالوا‪ :‬افتقرت القبيلة‪ً،‬‬
‫وانسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا‪ ً،‬فأرشدهم موسى إلى التوسل بنبينا صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فأوحى ال‬
‫إليه‪ :‬ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بنى فلن ويكشفوا عن موضع كذا ويتسخرجوا ما هناك‪ ً،‬فإنه عشرة‬
‫آلف ألف دينار‪ ً،‬وليردوا على كل ممن دفع من ثمن هذه البقرة ما دفع‪ ً،‬لتعود أحوالهم على ما كانت‪ ً،‬ثم‬
‫ليتقاسموا بعد ذلك ما يفضل وهو خمسة آلف ألف دينار على قدر ما دفع كل واحد منهم‪ ً،‬لتتضاعف‬
‫أموالهم جزاء على توسلهم بمحمد وآله‪ ً،‬واعتقادهم لتفضيلهم"‪.‬‬
‫كما يروى أنهم توسلوا إلى ال تعالى بالنبى محمد وآله عند ربهم للقتيل ببعضِ البقرة‪ ً،‬لجل أن ييحييه‬
‫لهم فاستجاب‪ ً،‬وأن القتيل بعد حياته توسل إلى ال بمحمد وآله أن ييبقيه فى الدنيا متمتعا بابنة عمه‪ً،‬‬
‫ويجزى عنه أعداءه‪ ً،‬ويرزقه رزقا كثيرا طيبا‪ ً،‬فوهب له سبعين سنة زيادة على السنتي التى عاشها قبل‬
‫ذلك‪ ً،‬وعاش فى الدنيا صحيحة حواسه‪ ً،‬قوية شهواته‪ ً،‬متمتعا بحلل الدنيا‪ ً،‬وعاش معها لم يفارقها ولم‬
‫تفارقه‪ ً،‬وماتا جميعا معا‪ ً،‬وصارا إلى الجنة وكانا فيها زوجين ناعمين"‪.‬‬
‫**‬
‫* قصص القرآن‪:‬‬
‫وإرنا لنجد المؤلف يقرر فى يغر موضع من كتابه‪ :‬أن القصص القرآنى وما ورد فى شروحه من‬
‫الروايات على اختلفها وتضاربها‪ ً،‬ليس المقصود منه ظاهرهالذى يتبادر إلى الذهن‪ ً،‬بل هى ممن قبيل‬
‫المرموزات التى رمزوا بها لشياء يعلمونها ويريدونها‪ ً،‬كما يقرر أن من يريد حملها على الظاهر فل‬
‫بد وأن تيرحير فيها‪ ً،‬وليس بمن له أن يصل إلى حقيقتها‪ ً،‬والمقصود منها بمجرد قوته المبشرية‪ :‬فعندما‬
‫تكلم على قصة آدم فى أول البقرة وجدناه يقول‪" :‬ولما كان قصة آدم وخلقته‪ ً،‬وأمر الملئكة بسجدته‪ً،‬‬
‫وإباء إبليس عن السجود‪ ً،‬وهبوطه من الجرنة‪ ً،‬وبكائه فى فراقا الجرنة وفراقا حواء‪ ً،‬وخلقته حواء من‬
‫ضلع الجنب اليسر‪ ً،‬وغرروة بقول الشيطان وحواء‪ ً،‬وكثرة نسله‪ ً،‬وحمل حواء فى كل بطن ذكرا‬
‫ويأنثى‪ ً،‬وتزويج كل بطن لذكر البطن الخر من مرموزات الوائل‪ ً،‬وقد كثر ذكره فى كتب المسملف‬
‫خصوصا كتب اليهود وتواريخهم‪ ً،‬وردت أخبارنا مختلفة فى هذا الباب اختلفا كثيرا‪ ً،‬مرموزا بها إلى‬
‫ما رمزوه‪ ً،‬وممن أراد أن يحملها على ظاهرها تحرير فيها‪ ً،‬وممن رام أن يدرك المقصود بقوته المبشرية‬
‫والمدارك الشيطانية منها يطررد عنها‪ ً،‬ولم يدرك منها إل خلف مدلولها"‪.‬‬
‫لمور الرموز إليها فى القصة‪ ً،‬ل بقوته البشرية‪ً،‬‬ ‫وبعد أن يقرر المؤلف هذا نراه يكشف لنا عن تلك ا ي‬
‫فإنها عاجزة عن إدراكها كما يقول‪ ً،‬بل بقوته الروحية التى تستلهم المعارف من ال‪ ً،‬وذلك حيث يقول‬
‫فى أثناء تفسيره للقصة نفسها‪" :‬اعلم أن قصة خلقا آدم من الطين‪ ً،‬وحواء من ضلعه اليسر‪ .‬وأمر‬
‫الملئكة بالسجود لدم‪ ً،‬وإباء إبليس عن السجدة‪ ً،‬وإسكان آدم وحواء الجنة‪ ً،‬ونهيهما عن أكل شجرة من‬
‫أشجارها‪ ً،‬ووسوسة إبليس لهما‪ ً،‬وأكلهما من الشجرة المنهية‪ ً،‬وهبوطهما‪ ً،‬من المرموزات المذكورة فى‬
‫كتب ا يلمم السابقة وتواريخهم كما ذكرنا سابقا‪ ً،‬فالمراد بآدم فى العالم الصغير‪ :‬اللطيفة العاقلة الدمية‪ً،‬‬
‫الخليفة على الملئكة الرضيين‪ ً،‬وعلى الرجرنة والشياطين المطرودين عن وجه أرضِ النفس والطبع‪ً،‬‬
‫المسجودة للملئكة‪ ً،‬المخلوقة من الطين‪ ً،‬الساكنة فى جرنة النفس النسانية‪ ً،‬وهى أعل من مقام النفس‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحيوانية‪ ً،‬المخلوقا من ضلع جنبها اليسر الذى يلى النفس الحيوانية زوجتها المسماة بحواء‪ ً،‬لكدورة‬
‫لونها بقربها من النفس الحيوانية‪ .‬والمراد بالشجرة المنهية‪ :‬مرتبة النفس النسانية التى هى جامعة لمقام‬
‫الحيوانية‪ ً،‬والمرتبة الدمية‪ .‬والمراد بالحرية واختفاء إبليس بين لحييها‪ :‬القوة الواهمة‪ ً،‬فإنها لكونها‬
‫مظهرا لبليس‪ ً،‬تسمى بإبليس فى العالم الصغير‪ ً،‬ووسوسته‪ :‬تزيينها ما ل حقيقة له للجنب اليسر من‬
‫آدم المغربر عنه بحواء‪ .‬وهبوط آدم وحواء عبارة عن تنزيلهما إلى مقام الحيوانية‪ .‬وهبوط الحرية‬
‫ويذيريتهما‪ :‬عبارة عن تنزلهما عن مقام التبعية لدم‪ ً،‬فإن إبليس لما كان الواهمة أحد مظاهره كان رفعتها‬
‫رفعته‪ ً،‬وشرافتها باستخدام آدم لها شرافته‪ ً،‬وهبوط الواهمة كان هبوطا له‪ ً،‬وإذا أريد بالشجرة‪ :‬النفس‬
‫النسانية ارتفع الختلف من الخبار‪ ً،‬فإن النفس النسانية شجرة لها أنواع الثمار والحبوب‪ ً،‬وأصناف‬
‫الوصاف والخصال‪ ً،‬لن الحبوب والثمار وإن لم تكن بوجود ذاتها العينية الدانية الموجودة فيها لكن‬
‫الكل بحقائقها موجودة فيها‪ ً،‬فتعيين تلك الشجرة بشئ من الحبوب والثمار‪ ً،‬والعلوم والصناف بيان‬
‫لبعضِ شئونها‪.‬‬
‫روى فى تفسير المام‪ :‬أنها شجرة علم محمد وآل محمد الذين آثرهم ال تعالى دون سائر خلقه‪ ً،‬فقال‬
‫ل متهقمرمبا مهــرذره ٱلرشمجمرمة{ُ شجرة العلم‪ ً،‬فإنها لمحمد وآله دون غيرهم‪ ً،‬ول يتناول منها بأمر‬ ‫ال تعالى‪} :‬مو م‬
‫ال إل هم ومنها ما كان يتناوله النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وعلسى‪ ً،‬وفاطمة‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬والحسين‪ ً،‬بعد‬
‫صب‪ ً،‬وهى‬ ‫إطعامهم المسكين‪ ً،‬واليتيم‪ ً،‬والسير‪ ً،‬حتى لم يحسوا بجوع‪ ً،‬ول عطش ول تعب ول من س‬
‫شجرة تميزت من بين سائر الشجار بأن كل منها إنما يحمل نوعا من الثمار‪ ً،‬وكانت هذه الشجرة‬
‫بر‪ ً،‬والعنب‪ ً،‬واليتين‪ ً،‬واليعرناب‪ ً،‬وسائر أنواع الثمار والفواكه والطعمة‪ ً،‬فلذلك اختلف‬ ‫وجنسها تحمل الي ر‬
‫الحاكون‪ ..‬فقال بعضهم‪ :‬يبررة‪ ً،‬وقال آخرون‪ :‬هى الشجرة التى ممن تناول منها بإذن ال أيهلرهم رعهلم الرولين‬
‫والخرين من غير تعلم‪ ً،‬ومن تناول بغير إذن ال خاب مراده وعصى ربه"‪.‬‬
‫أقول‪" :‬آخر الحديث يدل على ما قالته الصوفية من أن السالك ما لم يتم سلوكه‪ ً،‬ولم ينته إلى مقام الفناء‪ً،‬‬
‫ولم يرجع إلى الصحو بعد المحو بإذن ال‪ ً،‬لم يجز له الشتغال بالكثرات ومقتضيات النفس زائدا على‬
‫قدر الضرورة‪ .‬وشجرة علم محمد وآل محمد إشارة إلى مقام النفس الجامع لكمالت الكثرة والواحدة"‪.‬‬
‫وفى سورة البقرة أيضا عندما تكرلم عن قصة هاروت وماروت يقول‪" :‬اعلم أن أكثر قصص سليمان كان‬
‫من مرموزات الوائل‪ ً،‬وأخذها المتأخرون بطريقا السمار‪ ً،‬وأخذوا منها ظاهرها الذى ل يليقا بشأن‬
‫النبياء‪ ً،‬وورد عن المعصومين تقرير ما أخذوه أسمارا نظرا إلى ما رمزها القدمون‪ ً،‬وأمثال هذه ورد‬
‫عنهم تكذيبهم نظرا إلى ظاهر ما أخذها العوام‪ ً،‬وتصديقها نظرا إلى ما رمزوا إليه"‪.‬‬
‫وفى أول سورة النساء عند قوله‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنايس ٱرتيقوها مرربيكيم ٱرلرذيِ مخملمقيكهم يمن رنهفهَس موارحمدهَة{ُ‪ ...‬الية‪ :‬يقول‪:‬‬
‫"لما كان تلك الحكاية وأمثالها من مرموزات الوائل من النبياء والولياء والحكماء التابعين لهم‪ً،‬‬
‫وحملها العوام من الناس على ظاهرها‪ ً،‬اختلفت الخبار فى تصديقها وتقريرها وتكذيبها وتوهينها‪ ً،‬فإن‬
‫فى كيفية خلقه آدم وتناسلهما وتناكحهما وتناكح أولدهما‪ ً،‬وكذا فى قصة هاروت وماروت‪ .‬وقصة‬
‫داود‪ ً،‬وغير ذلك‪ ً،‬اختلفا كثيرا فى الخبار‪ ً،‬واضطرابا شديدا‪ ً،‬بحيث يورث التحير والضطرابات لمن‬
‫ل من معادن النبوة‬ ‫ل خبرة له‪ ً،‬حتى يكاد يخرج من الدين‪ ً،‬ولكن الراسخين فى العلم يعلمون أن ك ل‬
‫ومحال الوحى صدر‪ ً،‬ول اختلف فيها ول اضطراب‪ ً،‬جعلنا ال منهم‪ ً،‬وال ولى التوفيقا"‪.‬‬
‫وفى سورة ]ص[ عند قوله تعالى‪} :‬موملمقهد مفمترنا يسملهيممامن{ُ‪ ..‬اليات من ]‪ [34‬إلى تمام القصة‪ ً،‬يقول بعد ما‬
‫ذكر قصة الفتنة‪" :‬وأمثال هذه‪ ً،‬وأمثال روايات سلب يمهلك سليمان‪ ً،‬وجلوس الشيطان على كرسيه‪ ً،‬وكون‬
‫يمهلكه منوطا بخاتم‪ ً،‬ليس إل من الرموز التى رمزها القدمون‪ ً،‬ثم أخذها العامة بصورها الظاهرة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومفاهيمها العامية‪ ً،‬ونسبوا إلى النبياء ما ل يليقا أن ينسب إلى مؤمن‪ ً،‬فكيف بكامل أو نبى"؟!‬
‫**‬
‫* المامية‪:‬‬
‫والمؤلف يقرر فى تفسيره إمامة علسى رضى ال عنه‪ ً،‬وخلفته للنبى صلى ال عليه وسلم بدون فصل‪ً،‬‬
‫ل فى تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها‬ ‫فمث ل‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ‪ ..‬نجده يؤكد أن الية نازلة فى حقا علسى رضى ال‬ ‫صم‬ ‫ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫عنه‪ ً،‬وأن المراد من الولية ولية التصرف ل ولية المعاشرة‪ ً،‬ويرد على ممن يخالف ذلك بما يظهر له‬
‫من الدليل‪ ً،‬كما يبين السر الذى من أجله يذكر علسى بوصفه دون اسمه‪ .‬وذلك حيث يقول‪" :‬قد ورد من‬
‫طريقا العامة والخاصة أو الولية نازلة فى علسى حيث تصردقا فى المسجد فى ركوع الصلة بخاتمه أو‬
‫بيحرلته التى كان قيمتها ألف دينار‪ ً،‬ومفسرو العامة ل ينكرون الخبار فى كونها نازلة فى أمير المؤمنين‬
‫وقد نقلوا بطرقا عديدة من رواتهم أنها نزلت فى علسى‪ ً،‬ومع ذلك يقولون فى تفسيرها‪ :‬إن الية نزلت‬
‫بعد النهى عن اتخاذ أهل الكتاب أولياء‪ ً،‬ول شك أن المراد بالولياء هناك أولياء المعاشرة‪ ً،‬بقرينة‬
‫المقابلة‪ ً،‬وبقرينة جمع المؤمنين‪ ً،‬ولو كان المراد أمير المؤمنين وبالولية ولية التصرف لصررح باسمه‪ً،‬‬
‫أو لقال‪" :‬والذى آمن" بالفراد‪ ً،‬وهم غافلون عن أنه لو صررح باسمه‪ ً،‬أو أفراد المؤمن ‪ -‬مع التفاقا فى‬
‫ل إلى ال‪ً،‬‬ ‫أنها نازلة فى أمير المؤمنين ‪ -‬لسقطوه تمويها على عابدى رعهجلهم‪ ً،‬فنقول‪ :‬نسبة الولية أو ل‬
‫ثم إلى رسوله صلى ال عليه وسلم وآله‪ ً،‬ثم إلى الذين آمنوا‪ ً،‬تدل على أن المراد بالولية ولية‬
‫التصرف التى فى قوله تعالى‪} :‬ٱلرنربسي أمهوملـى ربٱِهليمهؤرمرنيمن رمهن أمهنيفرسرههم{ُ‪ ..‬لن ولية ال ليست ولية المعاشرة‬
‫ول ولية الرسول‪ ً،‬بقرينة العطف‪ ً،‬وبما هو معلوم من الخارج‪ ً،‬فكذلك ولية الذين آمنوا بقرينة العطف‪ً،‬‬
‫وبقرينة عدم تكرار الولى‪ ً،‬فإن المراد أن الولية ههنا أمر واحد مترتب فى الظهور‪ ً،‬فإن ولية الرسول‬
‫ليست شيئا سوى ولية ال‪ ً،‬وولية ال تتحققا بولية الرسول‪ ً،‬فهكذا ولية الذين آمنوا‪ ً،‬فإنها ولية‬
‫الرسول صلى ال عليه وآله وسلم تظهر فى ولية الذين آمنوا على ما قاله الشيعة‪ ً،‬ولو كان المراد‬
‫ولية المعاشرة كان "أولياؤكم" بلفظ الجمع أولى‪ ً،‬وتقييد الذين آمنوا بإقامة الصلة وإيتاء الزكاة فى حال‬
‫الركوع يدل على أنها ليست ولية المعاشرة‪ ً،‬وإل لكان جملة المؤمنين فيها سواء‪ ً،‬وليس كل المؤمنين‬
‫متصفين بالصفات المذكورة‪ ً،‬على أنه ل خلف معتدا فى أنها نزلت فى علسى وصورة الوصاف خاصة‬
‫لمة{ُ بالمضارع إشارة إلى أن هذا الوصف مستمر لهم‪ ً،‬يعنى حالهم‬ ‫صم‬‫به‪ ً،‬وقوله‪} :‬ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫استمرار إقامة الصلة وإيتاء الزكاة فى حال الخضوع ل‪ ً،‬ل فى حال بهجة النفس‪ ً،‬لنهم }يهؤيتومن ممآ‬
‫آمتوها رويقيلويبيههم مورجملفة أمرنيههم إرملـى مريبرههم مرارجيعومن{ُ‪ ..‬بخلف الفاعل من رقمبرل النفس فإن شأنه الرتضاء بفعله‪ً،‬‬
‫وتوقع المدح من الغير على فعله‪ ً،‬لن كل حزب من أحزاب النفس بما لديهم فرحون‪ ً،‬ويحبون أن‬
‫ل عرما فعلوا‪ .‬واستمرار الصفات بحسب المعنى‪ :‬لعلسى وأولده‬ ‫ييحمدوا على ما لم يفعلوا‪ ً،‬فض ل‬
‫ل عن طريقا العامة‬ ‫المعصومين بشهادة أعدائهم‪ ً،‬وبحسب الصورة‪ :‬ما كان أحد مصداقها إل علسى نق ل‬
‫والخاصة‪ .‬ووقع صدور الوكاة فى الركوع من كل الئمة كما ورد عن طريقا الخاصة‪ .‬وفى نسبة‬
‫الولية إلى ال دون المخاطب والتيان بأداة الحصر دللة تامة على أن المراد بها ولية التصرف‪ ً،‬فإنها‬
‫ثابتة ل ذاتا ولرسوله ولخلفاء رسوله باعتبار كونهما نظهرين ل‪ ً،‬وليس لحد شركة فيها‪ ً،‬وليس المراد‬
‫بها ولية المعاشرة التى تكون بالمواضعة والتخاذ‪ ً،‬وإل لم يكن للحصر وجه‪ ً،‬وكان اقتضاء المقابلبة‬
‫أن يقول‪ :‬بل أنتم أولياء ال‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬أو‪ :‬بل اتخذوا ال ورسوله والمؤمنين أولياء‪ ً،‬ولن المراد بها ولية‬
‫التصرف التى كانت بالذات ل قال فى عكسه‪} :‬موممن ميمتمورل ٱلرلمه مومريسولميه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ‪ ..‬إشعارا بأن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الولية السابقة هى ولية التصرف وليست لغير ال إل قبولها‪ ً،‬وممن قبلها منهم باستعداده لظهورها فيه‬
‫صار مرتبطا بال وخلفائه‪ ً،‬وممن صار مرتبطا بال صار من حزب ال‪ ً،‬ومن صار من حزب ال كان‬
‫غالبا }مفرإرن رحهزمب ٱلرلره يهيم ٱهلمغارليبومن{ُ‪ .‬ولو كان المراد بها المعاشرة لكان الهولى أن يقول‪ :‬ومن يتخذ ال‪ً،‬‬
‫أو‪ :‬و ممن صار وليا ل‪ ً،‬والحاصل‪ :‬أن فى لفظ الية دللت واضحة على أن المراد بالولية ولية‬
‫التصرف‪ ً،‬وأنها بعد الرسول ليست لجملة المؤمنين‪ ً،‬بل لمن اتصف بصفات خاصة كائنا من كان‪ً،‬‬
‫متعددا أو منفردا‪ ً،‬سواء قلنا نزلت فى علسى أو لم نقل‪ ً،‬لكن باتفاقا الفريقين لم توجد الوصاف إل فيه‪ً،‬‬
‫ونزلت الية فى حقه‪ ً،‬والمراد بـ }ٱرلرذيمن آممينوها{ُ ههنا‪ ً،‬هم الموصوفون فى الية السابقة‪ ً،‬لما تقرر عندهم‬
‫أن المعرفة إذا تكررت كانت معهين الولى"‪.‬‬
‫وفى سورة المائدة أيضا عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[67‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرلمهيمك رمن رريبمك{ُ‪...‬‬
‫الية‪ ً،‬نجده يردعى ‪ -‬كغيره من المامية ‪ -‬أن القراءة الصحيحة كانت‪" :‬مبيلغ ما يأنزل إليك من ربك فى‬
‫على "‪ ً،‬ويحمل التبليغ المأمور به النبى على ذلك فحسب‪ ً،‬ويمنع إرادة العموم‪ ً،‬ويقيم الدلة على ذلك ردا‬ ‫س‬
‫على ممن يردعى العموم‪ ً،‬وغرضه من ذلك كله إثبات إمامة علسى رضى ال عنه بنص القرآن الكريم"‪.‬‬
‫**‬
‫* الرجعة‪:‬‬
‫والمؤلف يتأثر بعقيدة الرجعة‪ ً،‬فلهذا نراه عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [56‬من سورة البقرة‪...} :‬‬
‫يثرم مبمعهثمنايكم يمن مبهعرد ممهورتيكهم لممعلريكهم متهشيكيرومن{ُ‪ ..‬يستدل بهذا البعث على جوار الرجعة فيقول‪" :‬وهذه الية‬
‫تدل على جواز الرجعة كما ورد الخبار عنها وصارت كالضرورى فى هذه المة‪ .‬وقد احتج أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم بها على ابن الكواء فى إنكاره الرجعة"‪.‬‬
‫**‬
‫* تحريف القرآن‪:‬‬
‫ولما كان المؤلف ممن يقولون بوقوع التحريف والتبديل فى القرآن‪ ً،‬فإرنا نجده عندما يصطدم بقوله تعالى‬
‫فى الية ]‪ [9‬من سورة الرحهجر‪} :‬إررنا منهحين منرزهلمنا ٱليذهكمر موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ‪ ..‬يحاول أن يتخلص من هذا‬
‫النص الذى يجبهة فيقول‪" :‬ول ينافى حفظه تعالى للرذهكر بحسب حقيقة التحريف فى صورة تدوينه‪ ً،‬فإن‬
‫التحريف إن وقع وقع فى الصورة المماثلة له كما قال‪} :‬مفموهيفل ليرلرذيمن ميهكيتيبومن ٱهلركمتامب ربمأهيرديرههم يثرم مييقويلومن‬
‫مهــمذا رمهن رعهنرد ٱلرلره{ُ‪ ً،‬وكما قال‪} :‬ميهليوومن أمهلرسمنمتيههم ربٱِهلركمتارب رلمتهحمسيبويه رممن ٱهلركمتارب مومما يهمو رممن اهلركمتارب مومييقويلومن‬
‫يهمو رمهن رعهنرد اللدره مومما يهمو رمهن رعنرد ٱلرلره{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫* موقف المؤلف من الصحابة‪:‬‬
‫لم نلحظ على المؤلف فى تفسيره هذا ما يدل صراحة على أن يمكيفر أحدا من الصحابة‪ ً،‬كما لحظنا‬
‫على مل محسن فى تفسيره‪ ً،‬غاية المر أننا نأخذ عليه أنه أحيانا يقف من اليات التى وردت فى شأن‬
‫بعضِ الصحابة وما لهم من الفضل موقفا يراد منه سلب هذا الفضل عنهم أو تقليل أهميته‪ ً،‬وأحيانا‬
‫بنسب إلى بعضِ الصحابة ما يكاد يكون تصريحا منه بنفسقهم أو كفرهم‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [144‬من سورة آل عمران‪ ...} :‬موممن مينمقرلهب معلمـى معرقمبهيره مفملن‬ ‫فمث ل‬
‫ضرر ٱلرلمه مشهيئا مومسميهجرزيِ ٱللريه ٱلرشاركرريمن{ُ نراه يصرف لفظ "الشاكرين" عن عمومه ويريد منه خصوص‬ ‫مي ي‬
‫علسى ونفر معه فيقول‪" :‬والمراد بالشاكرين ههنا‪ :‬علسى ونفر يسير بقوا عند رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم حين انهزم المسلمون" هنا يروى رواية عليها دليل الوضع وسمته فيقول‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"روى عن الصادقا‪ :‬أنه لما انهزم المسلمون يوم أييحد عن النبى صلى ال عليه وسلم انصرف إليها‬
‫بوجهة وهو يقول‪ :‬أنا محمد رسول ال‪ ً،‬لم يأقتل ولم أمت‪ ً،‬فالتفت إليه فلن وفلن فقال‪ :‬الن يسخر بنا‬
‫أيضا وقد يهرزمنا‪ ً،‬وبقى معه علسى وأبو دجانة رحمه ال‪ ً،‬فدعاه النبى صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا أبا‬
‫دجانة؟ انصرف وأنت فى رحرل من مبهيعتك‪ ً،‬فأما علسى فهو أنا‪ ً،‬وأنا هو‪ ً،‬فتحرول وجلس بين يدى النبى‬
‫وبكى وقال‪ :‬ل وال‪ ً،‬ورفع رأسه إلى السماء وقال‪ :‬ل وال‪ ً،‬ل جعليت نفسى فى رحرل من مبهيعتك‪ ً،‬إنى‬
‫بايعتك فإلى مم هن انصرف يا رسول ال؟ إلى زوجة تموت؟ أو ولد يموت؟ أو دار تخرب ومال يفنى‬
‫وأجل قد اقترب؟ مفمرقا له النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فلم يزل ييقاتل حتى يقتل‪ ً،‬فجاء به علسى إلى النبى‬
‫فقال‪ :‬يا رسول ال؛ً أوفييت ببيعتى؟ فقال‪ :‬نعم‪ .‬وقال له النبى خيرا‪ .‬وكان الناس يحملون على النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم الميمنة فيكشفهم علسى‪ ً،‬فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبى فلم يزل كذلك حتى‬
‫تقرطع سيفه بثلث قطع‪ ً،‬فجاء إلى النبى فطرحه بين يديه وقال‪ :‬سيفى قد تقرطع‪ ً،‬فيومئذ أعطاه النبى ذا‬
‫الفقار‪ ً،‬ولما رأى النبى صلى ال عليه وسلم اختلج ساقيه من كثرة القتال‪ ً،‬رفع رأسه إلى السماء وهو‬
‫ويبكى وقال‪ :‬يا ريب‪ ً،‬وعدتنى أن يتظهر دينك وإن شئمت لم يعيك‪ ً،‬فأقبل علسى إلى النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال؛ً أسمع دويا شديدا‪ ً،‬وأسمع‪ :‬أقدم يا حيزوم‪ ً،‬وما أهم أضرب أحدا إل سقط ميتا‬
‫قبل أن أضربه‪ ً،‬فقال‪ :‬هذا جبريل وميكائيل وإسرافيل والملئكة‪ ً،‬ثم جاء جبريل فوقف إلى جنب رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا محمد؛ً إن هذه لهى المواساة‪ ً،‬فقال النبى صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن عليا‬
‫منى وأنا منه‪ ً،‬فقال جبريل‪ :‬وأنا منكم"‪) ..‬إلى آخر الحديث(‪ .‬ونزل‪} :‬مومسميهجرزيِ ٱللريه ٱلرشاركرريمن{ُ‪.‬‬
‫ل ندد أن المؤلف عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [14‬وما بعدها إلى آخر سورة الرليل‪} :‬مفمأنمذهريتيكهم‬ ‫ومث ل‬
‫لهشمقى * ٱرلرذيِ مكرذمب مومتمولرـى * مومسيمجرنيبمها ٱ م‬
‫لهتمقى * ٱرلرذى يهؤرتي ممالميه ميمتمزركـى‬ ‫لٱم‬ ‫لمهآ إر ر‬
‫صم‬ ‫ل مي ه‬‫منارا متلمرظـى * م‬
‫ضـى{ُ يصعب عليه أن‬ ‫لهعلمـى * مولممسهومف ميهر م‬ ‫ل ٱهبرتمغآمء موهجره مريبره ٱ م‬ ‫* مومما م‬
‫لمحهَد رعنمديه رمن ينهعممهَة يتهجمزـى * إر ر‬
‫صيديقا رضى ال عنه كما يقول المفيسرون من أهل الدسرنة‪ً،‬‬ ‫يعترف اعترافا جازما بأن التقى مراد به ال ي‬
‫كما نراه حريصا على أن يكون علسى هو أولى الناس بهذا الشرف وهذا التنويه اللهى‪ ً،‬فلهذا نراه يقول‬
‫ما نصه‪" :‬إن كانت اليات نزلت فى رجل خاص فالمعنى عام‪ ً،‬والصل فيمن أعطى واترقى‪ :‬علسى‪ً،‬‬
‫وفيمن بخل واستغنى هو الثانى‪ ً،‬وقيل المراد بمن أعطى‪ :‬أبو بكر حيث اشترى بللل فى جماعة من‬
‫المشركين وكانوا يؤذونه فأعتقه‪ ً،‬والمراد بالشقى‪ :‬أبو جهل ويأمية بن خلف"‪.‬‬
‫صمبفة يمهنيكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪:‬‬ ‫لهفرك يع ه‬‫وفى سورة النور عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[11‬إررن ٱرلرذيمن مجآيءوا ربٱِ ر‬
‫"قد ينرقل فى تفاسير الخاصة والعامة أن اليات نزلت فى عائشة"‪ .‬ثم يروى السبب المعروف لنا‪ ً،‬ثم‬
‫يقول‪" :‬وينرقل عن الخاصة أنها نزلت فى مارية القبطية وما رمتها به عائشة‪ ً،‬روى عن الباقر أنه قال‪:‬‬
‫لما هلك إبراهيم ابن رسول ال صلى ال عليه وسلم حزن عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم حزنا‬
‫شديدا‪ ً،‬فقالت له عائشة‪ :‬ما الذى ييحزنك عليه؟ فما هو إل ابن جريج‪ ً،‬فبعث رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم عليا وأمره بقتله‪ ً،‬فذهب علسى ومعه السيف‪ ً،‬وكان جريج القبطى فى حائط‪ ً،‬فضرب علسى باب‬
‫البستان‪ ً،‬فأقبل إليه جريج ليفتح له الباب‪ ً،‬فلما رأى عليا عرف فى وجهه الغضب‪ ً،‬فأدبر راجعا ولم يفتح‬
‫باب البستان‪ ً،‬فوثب علسى على الحائط‪ ً،‬ونزل إلى البستان واتبعه‪ ً،‬وولى جريج مدبرا‪ ً،‬فلما خشى أن‬
‫على فى إثره‪ ً،‬فلما دنى منه رمى بنفسه من فوقا النخلة فبدت عهورته‪ ً،‬فإذا‬ ‫يرهقه صعد فى نخلة وصعد ر‬
‫ليس له ما للرجال‪ ً،‬ول له ما للنساء‪ ً،‬فانصرف علسى إلى النبى صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال؛ً‬
‫إذا بعثتنى فى أمر أكون فيه كالمسمار المحمى فى الوبر أمضى على ذلك أم أتثبت؟ قال‪ :‬ل‪ ً،‬بل تثبت‪ً،‬‬
‫قال‪ :‬والذى بعثك بالحقا ما له ما للرجال وما له ما للنساء‪ ً،‬فقال‪ :‬الحمد ل الذى صرف عنا السوء أهل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫البيت"‪.‬‬
‫وفى سورة التحريم عند تفسيره لقوله تعالى فى أولها‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنربسي رلم يتمحيريم ممآ أممحرل ٱللريه لممك{ُ‪ ...‬اليات‪ً،‬‬
‫إلى آخر القصة‪ .‬نراه يذكر سبب نزولها فيقول‪" :‬قال اليقيمى وغيره‪ :‬سبب نزول اليات أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم كان فى بيت عائشة أو فى بيت حفصة‪ ً،‬فتناول رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫مارية‪ ً،‬فعلمت حفصة بذلك فغضبت‪ ً،‬وأقبلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول ال؛ً‬
‫فى يومى؟ وفى دارى؟ وعلى فراشى؟ فاستحى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬كفى‪ ً،‬فقد حررمت‬
‫مارية على نفسى‪ ً،‬وأنا يأفضى إليك سرا إن أنت أخبررت به فعليك لعنة ال والملئكة والناس أجمعين‪ً،‬‬
‫فقالت‪ :‬نعم‪ ..‬ما هو؟ فقال‪ :‬إن أبا بكر يلى الخلفة بعدى‪ ً،‬ثم بعده أبورك‪ ً،‬فقالت‪ :‬ممن أنبأك هذا؟ قال‪:‬‬
‫نبأنى العليم الخبير‪ ً،‬فأخبرت حفصة به عائشة من يومها ذلك‪ ً،‬وأخبرت عائشة أبا بكر‪ ً،‬فجاء أبو بكر‬
‫إلى عمر فقال له‪ :‬إن عائشة أخبرتنى بشئ عن حفصة ول أثقا بقولها‪ ً،‬فاسأل أنت حفصة‪ ً،‬فجاء عمر‬
‫إلى حفصة فقال‪ :‬ما هذا الذى أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت‪ :‬ما قلت لها من ذلك شيئا‪ ً،‬فقال‬
‫لها عمر‪ :‬إن هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم فيه‪ ً،‬فقالت‪ :‬نعم‪ ً،‬قاله رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫فاجتمعوا أربعة على أن يسسموا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فنزل جبريل على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بهذه السورة‪} :‬موأمهظمهمريه ٱللريه معملهيره{ُ‪ ..‬يعنى أظهره ال ما أخبرت به وما هسموا من قتله‪ ً،‬و‬
‫ضِ{ُ يعنى لم يخبرهم بما‬ ‫ضِ معن مبهع هَ‬ ‫ضيه{ُ أى خبرها وقال‪ :‬رلمم أخبررت بما أخبرتك؟ }موأمهعمر م‬ ‫}معررمف مبهع م‬
‫يعلمه مما مهسموا به من قتله"‪.‬‬
‫**‬
‫* عتاب النبى صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل على عتاب النبى صلى ال عليه‬ ‫ويرى المؤلف ‪ -‬كغيره من الشيعة ‪ -‬أن ما ورد من اليات مشتم ل‬
‫وسلم‪ ً،‬أو على التهديد والوعيد للنبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬على فرضِ وقوع المعصية منه ‪ -‬إنما هو‬
‫من قبيل‪" :‬إياك أعنى واسمعى يا جارة" والذى دفعه إلى ذلك‪ ً،‬هو ارتفاعه بمقام النبوة عن أن ييورجه إليه‬
‫عتاب من ال‪ ً،‬أو لوم وتهديد على فرضِ صدور المعصية‪.‬‬
‫ل مأن مثربهتمنامك لممقهد ركدرت‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين‪ [75 ً،74} :‬من سورة السراء‪} :‬مولمهو م‬ ‫فمث ل‬
‫صيرا{ُ‪ .‬نجده‬ ‫ل مترجيد ملمك معملهيمنا من ر‬‫ضهعمف ٱهلممممارت يثرم م‬ ‫ضهعمف ٱهلمحميارة مو ر‬
‫ل * رإذا لمذهقمنامك ر‬
‫متهرمكين إرملهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬
‫يقول‪ :‬وقد ورد فى الخبار أن هذه الية من قبيل‪" :‬إياك أعنى واسمعى يا جارة" وورد أنها من فرية‬
‫الملحدين‪ ً،‬ولو كان الخطاب له ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من غير كونه عن طريقا "إياك أعنى واسمعى‬
‫يا جارة"‪ ً،‬ولم تكن فرية لم يكن فيها ازدراء به ‪ -‬صلى ال عليه وسلم بل يكون صدر الية ازدراء‬
‫بالملحدين‪ ً،‬لشعاره بأنهم بالغوا فى فتنته‪ ً،‬يعنى أنهم ما اهملوا شيئا مما ييفتن به‪ ً،‬ولو كان المفتون‬
‫غيرك ولم يكن التثبيت من ال لفتن‪ ً،‬وذريلها ببيان امتنانه عليه بأن ثربته فى مثل هذا المقام"‪.‬‬
‫صربهر منهفمسمك مممع ٱرلرذيمن ميهديعومن مرربيهم‬ ‫ل عند تفسيره لقول تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة الكهف‪} :‬موٱ ه‬ ‫ومث ل‬
‫ربٱِهلمغمدارة موٱهلمعرشيي يررييدومن موهجمهيه{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪" :‬وهذا على إيارك أعنى واسمعى يا جارة"‪.‬‬
‫لهعممـى‪ ...ُ{...‬اليات ‪-‬‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة عبس‪} :‬معمبمس مومتمولرـى * مأن مجآمءيه ٱ م‬ ‫ومث ل‬
‫إلى قوله‪} :‬مفمأنمت معهنيه متلمرهـى{ُ يقول ما نصه‪" :‬وقد استبعد بعضِ العلماء كون اليات فى الرسول ال ليبهعرد‬
‫مقامه عن العبوس والتولى عن العمى‪ ً،‬وعلو مرتبته عن أن يصير يمعاتبا بمثل هذا العتاب‪.‬‬
‫أقول‪ :‬لو كانت اليات فيه والعتاب له لم يكن فيه نقص لشأنه‪ ً،‬ولم يكن منافيا لما قاله تعالى فى حقه من‬
‫قوله‪} :‬موإررنمك لممعلمـى يخليهَقا معرظي هَم{ُ‪ ..‬فإن إقباله وإدباره‪ ً،‬وعبوسه‪ ً،‬واستبشاره‪ ً،‬كان ل‪ ً،‬فإن عبوسه إن كان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمنع العمى عن نشر دين ال‪ ً،‬وإسماع كلماته لعداء ال وأعداء دينه وتقريبهم إلى دينه‪ ً،‬لم يكن فيه‬
‫نقص فيه وفى يخيلقه‪ ً،‬وأما أمثال العتاب له ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فإنها تدل على تفخيمه والعتداد‬
‫به‪ ً،‬فإن كلها كانت بـ "إياك عنى واسمعى يا جارة"‪ ً،‬فالخطاب والعتاب يكون لغيره ل له‪ ً،‬وكذا نسبة‬
‫ال زرية عيب العبوس والقول له يكون متوجها إلى غيره فى الحقيقة"‪.‬‬
‫**‬
‫* الناحية الفقهية فى هذا التفسير‪:‬‬
‫أما الناحية الفقهية فى هذا التفسير‪ :‬فإنها تظهر فيه بمظهر التأثر بما لفقهاء الشيعة من الجتهادات التى‬
‫يخالفون فيها من عداهم‪ ً،‬غير أن المؤلف يطوى الكلم طيبا‪ ً،‬فل يتعرضِ لتفصيل المسائل الجزئية‪ ً،‬ول‬
‫ييشغل نفسه بكثرة الدلة والبراهين‪ ً،‬ول بالدفاع عن مذهبه ورد مذهب مخالفيه‪ ً،‬كما يفعل الطبرسى‬
‫ل‪..‬‬‫مث ل‬
‫* نكاح الكتابيات‪:‬‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن‬ ‫ل عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة المائدة‪} :‬موٱهليمهح م‬ ‫فمث ل‬
‫مقهبرليك هم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪" :‬قد اختلفت الخبار والقوال فى نكاح النساء من أهل الكتاب‪ ً،‬وكذا فى‬
‫صرم الكوافر‪ ً،‬أو ناسخة‪ ً،‬وكذا فى‬ ‫أن هذا الية منسوخة بآية يحهرمة نكاح المشركات‪ ً،‬ويحهرمة الخذ برع م‬
‫ل‪ ً،‬فأحسلوا حللها‬ ‫الدوام والتمتع بهن‪ .‬وقول النبى صلى ال عليه وآله‪" :‬إن سورة المائدة آخر القرآن نزو ل‬
‫وحيرموا حرامها" ينفى كونها منسوخة"‪* * .‬‬
‫* المتعة‪:‬‬
‫وعندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [24‬من سورة النساء‪} :‬مفمما ٱهسمتهممتهعيتهم ربره رمهنيهرن مفآيتويهرن أييجومريهرن‬
‫ضرة{ُ‪ ..‬نجده يقول‪" :‬وفى لفظ الستمتاع‪ ً،‬وذكر‬ ‫ضهييتهم ربره رمن مبهعرد ٱهلمفرري م‬ ‫ضلة مو م‬
‫ل يجمنامح معلمهييكهم رفيمما متمرا م‬ ‫مفرري م‬
‫ل يجمنامح معلمهييكهم‬ ‫الجور‪ ً،‬وذكر الجل ‪ -‬على قراءة "إلى أجل" ‪ -‬دللة واضحة على تحليل المتعة‪} ً،‬مو م‬
‫ضرة{ُ‪..‬‬ ‫ضهييتهم{ُ من إعطاء الزيادة على الفريضة أو إسقاطهن شيئا من الفريضة }رمن مبهعرد ٱهلمفرري م‬ ‫رفيمما متمرا م‬
‫وفيه إشعار بكون الجر من أركان عقد التمتع كما عليه من قال به‪.‬‬
‫وعن الباقر‪ :‬ل بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الجل فيما بينكما‪ ً،‬تقول‪ :‬استحللتك بأجر آخر برضا‬
‫منها ول تحل لغيرك حتى تنقضى رعردتها‪ ً،‬وعردتها حيضتان‪} ..‬إررن ٱلرلمه مكامن معرليما محركيما{ُ فحرلل المتعة‬
‫عن عل‪ ً،‬ولغايات منوطة بالمصالح والحكم"‪.‬‬
‫**‬
‫* فرضِ الررهجلين فى الوضوء‪:‬‬
‫صلرة‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم إرملى ٱل ر‬
‫فٱِهغرسيلوها يويجومهيكهم موأمهيردمييكهم إرملى ٱهلمممرارفرقا موٱهممسيحوها ربيريؤورسيكهم موأمهريجلميكهم إرملى ٱهلمكهعمبيرن{ُ‪ ..‬الية‪ ً،‬يقول‪ "" :‬بالجر‬
‫عطف على "يريءوسيكيم"‪ ً،‬وبالنصب على محل "يريءورسيكهم"‪ ً،‬وعطفه على "يويجومهيكهم" مع جواز العطف على‬
‫"رءوسكم" فى غاية اليبهعد‪ ً،‬غاية المر أنها فى هذا العطف محتملة مجملة كسائر أجزاء الية محتاجة‬
‫إلى البيان‪ ً،‬ولم يكن رأينا مبينا للقرآن لستلزامه الترجيح بل مرجح‪ ً،‬بل المبين‪ :‬من نص ال ورسوله‬
‫عليه‪ ً،‬ل ممن نصبوه لبيانه‪ ً،‬فإن نصب شخص إنسانى لبيان القرآن وخلفه الرحمن ليس بأقل من نصب‬
‫ل مبرينا‬ ‫صل‬ ‫الصنام لعبادة النام‪ ً،‬أو العجل المصنوع للعوام‪ ً،‬وتفصيل الوضوء وكيفيته قد وصل إلينا مف ر‬
‫صله الفقهاء رضوان ال عليهم‪ ً،‬فل حاجة إلى التفصيل‬ ‫عن أئمتنا المعصومين من ال ورسوله‪ ً،‬وقد ف ر‬
‫ههنا"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫**‬
‫* ميراث النبياء‪:‬‬
‫والمؤلف يقول كغيره من علماء مذهبه بأن النبياء يمويرثون كما يمويرث سائر الناس‪ ً،‬ولكنا نلحظ عليه‬
‫أنه لم يقف من اليات التى استدل بها علماء مذهبه على أن النبياء يمويرثون المال موقفا فيه تلك‬
‫المغالة وهذا التطرف كالذى وقفه الطبرسى منها‪ ً،‬بل نجده عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من‬
‫سورة مريم‪} :‬موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي رمن مومرآرئي{ُ‪ ..‬يقول‪} :‬موإريني رخهفيت ٱهلممموارلمي{ُ فى الرث الصورى من‬
‫التضييع والنزاع والخلف‪ ً،‬أو فى الرث المعنوى من الختلف وتضييع العباد‪ ً،‬وهذا إشعار بأن دعاءه‬
‫خال من مداخلة الهوى مقدمة للجابة‪.‬‬
‫هذا هو كل ما قاله فى هذه الناحية من الية فأنت ترى أنه لم يقطع أن الية فى الرث الصورى دون‬
‫المعنوى‪ ً،‬سبل جروز صدقها على كل منهما‪ ً،‬ولم يدافع عن مذهبه هذا الدفاع العنيف الذى كان من‬
‫الطبرسى عندما أراد أن ييقصر الرث فى الية على الرث الصورى‪.‬‬
‫ونجده عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [16‬من سورة النمل‪} :‬موموررمث يسلمهيمماين مدايوومد{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬
‫يقرر أن الميراث هو ميراث ما ينبغى أن يرثه منه من الرسالة والعلم واليمهلك والسلطنة‪ ً،‬ثم يقول‪:‬‬
‫"ولذلك حذف المفعول الثانى"‪ ً،‬يقول هذا أيضا ول يحاول أن ييخرج الية عن ظاهرها وسياقها كما‬
‫حاول غيره‪.‬‬
‫**‬
‫* الغنائم‪:‬‬
‫ويرى المؤلف كغيره من علماء مذهبه أن الغنائم ل تختص بما يأرخذ من الكفار بطريقا القهر والغلبة‪ ً،‬بل‬
‫تعم ذلك وكل ما استفاده النسان من أى وجه كان‪ ً،‬كما يرى أن اليخمس يقسم بين ذوى اليقهرمبى وهو‬
‫المام‪ ً،‬ويتامى آل البيت‪ ً،‬ومساكينهم‪ ً،‬وأبناء سبيلهم‪ ً،‬وذلك تعويضِ لهم من ال عن الصدقات التى هى‬
‫أوساخ الناس‪ .‬يرى المؤلف هذا كله ويقرره فى تفسيره باختصار فيقول عند قوله تعالى فى الية ]‪[41‬‬
‫من سورة النفال‪} :‬موٱهعلميميوا أمرنمما مغرنهميتهم يمن مشهيهَء مفمأرن للرره يخيممسيه مورللرريسورل مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلميمتاممـى‬
‫موٱهلمممساركيرن{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬ما نصه‪} :‬موٱهعلميميوا أمرنمما مغرنهميتهم يمن مشهيهَء{ُ‪ ..‬اسم الغنيمة قد غلب على ما كان ييؤخذ‬
‫من الكفار بالقهر والغلبة حين القتال‪ ً،‬وإل فهى اسم لكل ما استفاد النسان من أى وجه كان وأى شئ‬
‫كان‪ ً،‬فعن الصادقا‪ :‬هى وال الرفادة يوما بيوم }مفمأرن للرره يخيممسيه مورللرريسورل مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلميمتاممـى‬
‫فسر "ذوى القمربى" بالمام من آل محمد‪ ً،‬فإنه ذو القربى حقيقة‪ ً،‬وفرسر‬ ‫موٱهلمممساركيرن موٱهبرن ٱلرسربيرل{ُ‪ ً،‬وقد س‬
‫الثلثة الخيرة بمن كان من قرابات الرسول‪ ً،‬جعل ذللك لهم بدلل عن الزكاة التى هى أوساخ الناس‬
‫تشريفا لهم"‪.‬‬
‫وفى سورة الحشر عند قوله تعالى فى الية ]‪} [7‬رمآ أممفآمء ٱللريه معلمـى مريسورلره رمهن أمههرل ٱهليقمرـى مفرللرره مورللرريسورل‬
‫لهغرنميآرء رمنيكهم{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪} :‬رمآ‬ ‫ل مييكومن يدولملة مبهيمن ٱ م‬‫مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلميمتاممـى موٱهلمممساركيرن موٱهبرن ٱلرسربيرل مكهي م‬
‫أممفآمء ٱللريه معملـى مريسورلره رمهن أمههرل ٱهليقمرـى مفرلرلره مورللرريسورل مورلرذيِ ٱهليقهرمبـى{ُ‪ ..‬أى ذى يقهرمبى الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬واليتامى والمساكين وابن السبيل من قرابات الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد خصص فى‬
‫الخبار كل ذلك بأقرباء الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* موقف المؤلف فى تفسيره من المسائل الكلمية‪:‬‬
‫وإرنا لنجد المؤلف يتأثر بمذهب المعتزلة فى بعضِ المسائل الكلمية فيوافقهم عليها فى تفسيره‪ ً،‬ويخالفهم‬
‫ل‪:‬‬‫فى بعضِ آخر منها فيقول بما يقول به أهل السسرنة‪ ً،‬فمن المسائل التى يوافقا فيها المعتزلة مث ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* رؤية ال‪:‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله‬ ‫فهو ينكر جوازها ووقوعها‪ ً،‬وييجرى تفسيره ليات الرؤية على هذه العقيدة‪ .‬فمث ل‬
‫تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهليتهم ميايمومسـى ملن سنهؤرممن لممك محرتـى منمرى ٱلرلمه مجههمرلة{ُ نجده يقول‬
‫ما نصه‪" :‬وورد أنه يسرئل الرضا‪ :‬كيف يجوز أن يكون كليم ال موسى بن عمران ل يعلم أن ال ل‬
‫يجوز عليه الرؤية حتى يسأل هذا السؤال؟ فقال‪ :‬إن كليم ال علم أن ال منرزه عن أن ييرى بالبصار‪ً،‬‬
‫ولكنه لما كرلمه وقرربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن ال كرلمه وقرربه وناجاه‪ ً،‬فقالوا‪ :‬لن نؤمن لك حتى‬
‫نسمع كلمه كما سمعته‪ ً،‬وكان القوم سبعمائه ألف‪ ً،‬فاختار منهم سبعين ألفا‪ ً،‬ثم اختار منهم سبعة آلف‪ً،‬‬
‫ل لميقات ربه‪ ً،‬فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم فى‬ ‫ثم اختار منهم سبعمائة‪ ً،‬ثم اختار منهم سبعين رج ل‬
‫سفح الجبل‪ ً،‬وصعد موسى إلى الطور وسأل ربه أن ييكيلمه وييسمعهم كلمه "وكرلمه ال وسمعوا كلمه‬
‫من وفقا وأسفل ويمين وشمال وراء وأمام ‪ -‬ل أن ال أحدثه فى الشجرة‪ ً،‬ثم جعله منبعثا منها ‪ -‬حتى‬
‫سمعوه من جميع الوجوه‪ .‬فقالوا‪ :‬لن نؤمن بأن هذا الذى سمعناه كلم ال حتى نرى ال جهرة‪ ً،‬فلما قالوا‬
‫هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا‪ ً،‬بعث ال عليه بصاعقة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم‪ ً،‬فماتوا‪ ً،‬فقال‬
‫موسى‪ :‬ما أقول لبنى إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا إنك ذهبت بهم فقتلتهم‪ ً،‬لنك لم تكن صادقا فيما‬
‫ادعيت من مناجاة ال إياك‪ ً،‬فأحياهم وبعثهم‪ .‬فقالوا‪ :‬إنك لو سألت ال أن ييريك تنظر إليه لجابك‬
‫فتخبرنا كيف هو ونعرفه حقا معرفته‪ ً،‬فقال موسى‪ :‬يا قوم؛ً إن ال ل ييرى بالبصار ول كيفية له‪ً،‬‬
‫وإنما ييعرف بآياته وييعلم بأعلمه‪ ً،‬فقالوا‪ :‬لن نؤمن لك حتى تسأله‪ ً،‬فقال موسى‪ :‬يا ريب إنك قد سمعت‬
‫مقالة بنى إسرائيل‪ ً،‬وأنت أعلم بصلحهم‪ ً،‬فأوحى ال إليه‪ :‬يا موسى؛ً سلنى ما سألوك فلن أؤاخذك‬
‫بجهلهم‪ ً،‬فعند ذلك قال موسى‪} :‬مريب أمرررنيي مأنيظهر إرلمهيمك مقامل ملن متمرارني مولمــركرن اهنيظهر إرملى اهلمجمبرل مفرإرن اهسمتمقرر‬
‫صرعقا مفلمرمآ أممفامقا مقامل‬
‫مممكامنيه{ُ وهو يهوى‪} ً،‬مفمسهومف متمرارني مفلمرما متمجلرـى مرسبيه رلهلمجمبرل مجمعلميه مدسكا مومخرر مومسـى م‬
‫يسهبمحامنمك يتهبيت إرلمهيمك{ُ يقول‪ :‬رجعت إلى معرفتنى بك عن جهل قومى‪} ً،‬موأممنها أمرويل ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ منهم بأنك ل‬
‫يتسرى"‪.‬‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪..‬‬ ‫وفى سورة القيامة عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[23 ً،22‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫يقول‪} :‬إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ أى إلى ربها المضاف لظهور الولية وصاحبها فى ذلك اليوم‪ ً،‬أو إلى ربها‬
‫المطلقا لظهور آثاره‪ ً،‬أى إلى آثاره ناظرة‪ ً،‬أو منتظرة إلى ثواب ربها‪ .‬روى عن أمير المؤمنين فى‬
‫حديث‪ :‬ينتهى أولياء ال بعد ما ييفرغا من الحساب إلى نهر يسمى "الحيوان" فيغتسلون فيه ويشربون منه‬
‫فتبيضِ وجوههم إشراقا‪ ً،‬فيذهب كل قذى ووعث‪ ً،‬ثم يؤمرون بدخول الجرنة‪ ً،‬فمن هذا المقام ينظرون‬
‫إلى ربهم كيف يثيبهم قال‪ :‬فذلك قوله تعالى‪} :‬إرملـى مريبمها منارظمرفة{ُ‪ ً،‬وإنما يعنى بالنظر إليه‪ ً،‬النظر إلى‬
‫ثوابه تبارك وتعالى‪ .‬وفى الخبر‪ :‬والناظرة فى بعضِ السلغة هى المنتظرة‪ ً،‬ألم تسمع إلى قوله‪} :‬مفمنارظمرفة‬
‫ربم ميهررجيع ٱهليمهرمسيلومن{ُ أى منتظرة"‪.‬‬
‫**‬
‫ومن المسائل التى يخالف فيها المعتزلة‪:‬‬
‫* السحر‪:‬‬
‫فهو يقول به ويعترف بحقيقته ويوضح لنا عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [102‬من سورة البقرة‪:‬‬
‫}موٱرتمبيعوها مما متهتيلوها ٱلرشميارطيين معملـى يمهلرك يسملهيممامن مومما مكمفمر يسملهيمماين موملــركرن ٱلرشهيارطيمن مكمفيروها يمعلييمومن ٱلرنامس‬
‫ٱليسهح مر{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬حقيقة السحر وكيفية تأثيره فى المسحور وذلك حيث يقول‪" :‬والسحر اسم لقول أو فعل‬
‫أو نقش فى صفحة يؤثر فى عاملم الطبع تأثيرا خارجا عن السباب والمعتاد‪ ً،‬وذلك التأثير يكون سبب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مزج اليقموى الروحانية مع اليقموى الطبيعية‪ ً،‬أو بتسخير اليقموى الروحانية بحيث تتصرف على إرادة‬
‫المس يخر الساحر‪ ً،‬وهذا أمر واقع فى المر ليس محضِ تخييل كما قيل‪ ..‬وتحقيقه أن يقال‪ :‬إن عاملم‬
‫الطبع واقع بين الملكوت السفلى والملكوت العلوى كما ممسر‪ ً،‬وأن لهل العالمين تصرفا بإذن ال فى عاملم‬
‫الطبع بأنفسهم‪ ً،‬أو بأسباب من رقمبل النفوس المبشرية‪ ً،‬وأن النفوس البشرية إذا تجردت من علئقها‪ً،‬‬
‫وصفت من كدروتها بالرياضات الشرعية أو غير الشرعية‪ ً،‬وناسبت المجردات العلوية أو السفلية‪ ً،‬تؤثر‬
‫بالسباب أو بغير السباب فى أهل العالمين بتسخيرها إياهم‪ ً،‬وجذبها لهم إلى عالمها‪ ً،‬وتوجيههم فى‬
‫مرادتها شرعية كانت أو غير شرعية‪ ً،‬وإذا كان التأثير كان من أهل العاملم السفلى تسمى أسبابه سحرا‪ً،‬‬
‫وقد يسمى ذلك التأثير والثر الحاصل به سحرا‪ ً،‬وإذا كان من أهل العاملم العلوى يسمى ذلك التأثير‬
‫والثر الحاصل به معجزة وكرامة‪ ً،‬وقد تتقوى فى الجهة السفلية أو العلوية فتؤثر بنفسها من دون حاجة‬
‫إلى التأثير فى الرواح‪ ً،‬وييسمى ذلك التأثير والثر أيضاص سحرا ومعجزة‪ .‬فالسحر هو السبب المؤثر‬
‫فى الرواح الخبيثة الذى خفى سببيته‪ ً،‬أو تأثير تلك الرواح وآثارها فى عاملم الطبع بحيث خفى‬
‫مدركها‪ ً،‬ثم يأطلقا على كل علم وبيان دقيقا قرلما ييدرك مدركه‪ ً،‬وييطلقا على العالم بذلك العلم اسم‬
‫الساحر‪ ً،‬ومنه‪} :‬ـميمأسيمه ٱلرسارحير ٱهديع لممنا مرربمك{ُ على وجه‪ ..‬فييستعمل على هذا فى المدح‪ ً،‬والذم"‪.‬‬
‫وفى الية ]‪ [4‬من سورة الفلقا نجده يعترف أيضا بالسحر وييروى أن الرسول يسرحمر بيد يلبيد بن‬
‫العاصم وذلك حيث يقول‪} :‬مورمن مشير ٱلرنرفامثارت رفي ٱهليعمقرد{ُ‪ ..‬أى من شر النفوس اللتى يعقدن على‬
‫الشعور والخيوط‪ ً،‬وينفثن فيها‪ ً،‬ويسحرون الناس بها‪ .‬أو النساء اللتى يفعلن ذلك‪ ..‬ثم ساقا حديث رسهحر‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬
‫وهناك مسائل يأخرى يوافقا فيها المعتزلة‪ ً،‬ومسائل يأخرى يخالفهم فيها ويوافقا أهل السسرنة‪ ً،‬ول أطيل‬
‫بذكرها بعد أن ذكرت نموذجا من كل طائفة‪ ً،‬وممن أراد الرجوع إليها فليرجع إلى تفسيره لليات التى‬
‫تتعلقا بهذه المسائل‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬ول يفوتنا أن ننبه على أن المؤلف كثيراص ما يهتم فى بعضِ المواضع بالمسائل النحوية‪ ً،‬فنراه‬
‫يذكر العاريب التى فى الية‪ ً،‬كما يهتم فى بعضِ النواحى بالقراءات‪ ً،‬وإن كان يعتمد فى كثير من‬
‫الحيان ما ينرسب إلى أهل البيت من قراءات لأصل لها‪ ً،‬كما نراه يذكر بعضِ النكات التى ترجع إلى‬
‫نظم القرآن وأسلوبه‪.‬‬
‫وبالجملة‪ ..‬فهذا التفسير يكشف لنا عن مقدار تعصب صاحبه لمذهبه‪ ً،‬وتأثره بعقيدته الشيعية‪ ً،‬ونزعته‬
‫الصوفية الفلسفية فى فهمه لكتاب ال تعالى‪.‬‬
‫‪ ..‬والكتاب مطبوع فى جزءين كبيرين‪ .‬وموجود بدار الكتب المصرية‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المامية السماعيلية "الباطنية"‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) كلمة إجمالية عن السماعيلية وعقائدهم وأغراضهم‬
‫(‬

‫قلنا‪ :‬إن السماعلية من الشيعة المامية تنتسب إلى إسماعيل بن جعفر الصادقا‪ ً،‬وقلنا‪ :‬إنهم يلقبون‬
‫بالباطنية أيضا لقولهم بباطن القرآن دون ظاهره‪ ً،‬أو لقولهم بالمام الباطن المستور‪.‬‬
‫والحقا أن هذه الطائفة ل يمكن أن تكون داخلة فى عداد طوائف المسلمين‪ ً،‬وإنما هى فى الصل جماعة‬
‫من المجوس رأوا مشهوكة السلم قوية ل يتقهر‪ ً،‬وأبصروا رعرزة المسلمين فتية ل يتغلب ول يتكسر‪ً،‬‬
‫فاشتعلت بين جوانحهم نار الحقد على السلم والمسلمين‪ ً،‬ورأوا أنه ل سبيل لهم إلى الغلب على‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المسلمين بقوة الحديد والنار‪ ً،‬ول طاقة لهم بالوقوف أمام جيشهم الزاخر الجررار‪ ً،‬فسلكوا طريقا الحتيال‬
‫الذى يوصلهم إلى مآربهم وأهوائهم‪ ً،‬ليطفئوا نور ال بأفواههم‪ ً،‬وخفى على هؤلء الملحدة أن ال متم‬
‫نوره ولو كره الكافرون‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المامية السماعيلية "الباطنية"‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) مؤسسو هذه الطائفة (‬

‫ظهرت بوادر هذه الفتنة‪ ً،‬ونبتت نواه هذه الطائفة‪ :‬زمن المأمون‪ ً،‬وبيد جماعة جمع بينهم سجن العراقا‪ً،‬‬
‫هم‪ :‬عبد ال بن ميمون القرداح‪ ً،‬وكان مولى جعفر بن محمد الصادقا‪ .‬ومحمد بن الحسين المعروف بـ‬
‫"ذيذان"‪ ً،‬وجماعة كانوا يدعون "الجهاربجة"‪.‬‬
‫اجتمع هؤلء النفر‪ ً،‬فوضعوا مذهب الباطنية وأسسوا قواعده‪ ً،‬فلما خلصوا من السجن ظهرت دعوتهم‪ً،‬‬
‫لم استفحل أمرها‪ ً،‬واستطار خطرها إلى كثير من بلد المسلمين‪ .‬وما زالت لها بقية إلى يومنا هذا بين‬
‫كثير ممن يردعون السلم‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المامية السماعيلية "الباطنية"‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) احتيالهم على الوصول إلى أغراضهم (‬

‫رأى المؤسسون لمبادئ الباطنية أنه ل طاقة لهم بالوقوف فى وجه المسلمين صراحة وجهارا‪ ً،‬فاحتالوا‬
‫‪ -‬كما قلنا ‪ -‬على الوصول إلى مآربهم بشرتى الحيل‪ ً،‬فاندسوا بين المسلمين باسم الحدب على السلم‪ً،‬‬
‫وتلفعوا بالتشيع والموالة لهل البيت‪ ً،‬وتظاهروا بالورع الكاذب‪ ً،‬وجعلوا ذلك كله ستارا لما يريدون أن‬
‫يبذروه بين المسلمين من بذور الفساد والضطراب فى العقيدة والسياسة‪.‬‬
‫ومن المحزن أن مييدعى هؤلء الملحدة النتماء إلى أهل بيت النبوة‪ ً،‬ويصلون أنسابهم بأنسابهم عن‬
‫طريقا آباء وأئمة مستورين‪ ً،‬فيلقى هذا الدعاء رواجا وقبول من أناس ضعفاء أغمار‪ ً،‬غررهم التباكى‬
‫على آل البيت والتحزن عليهم‪ ً،‬فتحركت أحقاد دفينة‪ ً،‬وثارت فتن دامية بين المسلمين كان لها أثرها‬
‫وخطرها‪.‬‬
‫أسس هؤلء الباطنية الجمعيات السرية لنشر مذهبهم وهدم مذهب المسلمين‪ ً،‬ورسموا لهذا المذهب خطة‬
‫دبروها بنوع من المكر والخديعة‪ ً،‬فجعلوا هدفهم الول‪ :‬الحتيال على الطغام بتأويل الشرائع إلى ما‬
‫يعود إلى قواعدهم من الباحة واللحاد‪ ً،‬وتدرجوا فى وصولهم إلى غرضهم هذا بجعلهم الدعوة على‬
‫مراتب وهى ما يأتى‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المامية السماعيلية "الباطنية"‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) مراتب الدعوة عند الباطنية (‬

‫أول ‪ -‬الذوقا‪ :‬وهو تفرس المدعو‪ .‬هل هو قابل للدعو أو ل؟ ولذلك منعوا من إلقاء البذر فى السبخة‪..‬‬
‫ل لها‪ ً،‬ومنعوا التكلم فى بيت البذر فى السبخة‪ ..‬أى دعوة ممن ليس قاب ل‬
‫ل لها‪ً،‬‬ ‫أى دعوة ممن ليس قاب ل‬
‫ومنعوا التكلم فى بيت فيه سراج‪ ..‬أى فى موضع فيه فقيه أو متعلم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬التأنيس‪ :‬باستمالة كل واحد من المدعوين بما يميل إليه بهواه وطبعه‪ ً،‬من زهد‪ ً،‬وخلعة‪ً،‬‬
‫وغيرهما‪ ً،‬فإن كان يميل إلى زهد زرينه فى عينه وقربح نقيضه‪ ً،‬وإن كان يميل إلى الخلعة زيرنها وقربح‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل إلى أبى بكر وعمر مدحهما عنده وقال‪ :‬لهما حظ فى تأويل الشريعة‪ً،‬‬ ‫نقيضها‪ ً،‬وممن رآه الداعى مائ ل‬
‫ولهذا استصحب النبى أبا بكر إلى الغار‪ ً،‬ثم إلى المدينة‪ ً،‬وأفضى إليه فى الغار تأويل الشريعة‪ ..‬وهكذا‬
‫لنس به‪ .‬ثالثا ‪ -‬التشكيك فى يأصول الدين وأركان الشريعة‪ :‬كأن يقول للمدعو‪ :‬ما‬ ‫حتى يحصل له ا ي‬
‫معنى الحروف المقطعة فى أوئل السور؟ ورلمم تقضى الحائضِ الصوم دون الصلة؟ ورلم يجب اليغسل من‬
‫المنى دون البول؟ ورلمم اختلفت الصلوات فى عدد ركعاتها فكان بعضها ركعتين‪ ً،‬وبعضها ثلثا‪ ً،‬وبعضها‬
‫أربعا؟ وحيث يشككون بمثل هذا فل يجيبون ليتعلقا قلب ممن يشككونه بالرجوع إليهم والخذ عنهم‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬الرابط‪ :‬وهو أمران‪ :‬أحدهما‪ :‬أخذ الميثاقا على الشخص بأن ل يفشى لهم سرا‪ ً،‬ويستدلون على‬
‫ذلك بقوله تعالى‪} :‬موإرهذ أممخهذمنا رممن ٱلرنربيهيمن رميمثامقيههم مورمهنمك مورمن سنوهَح موإرهبمرارهيم مويمومسـى مورعيمسى ٱهبرن ممهرميم‬
‫ل{ُ‪..‬‬ ‫ضوها ٱ م‬
‫لهيممامن مبهعمد متهوركيردمها مومقهد مجمعهليتيم ٱلرلمه معلمهييكهم مكرفي ل‬ ‫موأممخهذمنا رمهنيههم يميمثاقا مغرليظا{ُ ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مو م‬
‫ل متنيق ي‬
‫لمور التى يألقيت إليه‪ ً،‬فإنها ل يتعلم إل من رقمبرل‬ ‫وثانيهما‪ :‬حوالته على المام فى حل ما أشكل عليه من ا ي‬
‫المام‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬التدليس‪ :‬وهو دعوة موافقة أكابر الدين والدنيا ليزاد القبال على مذاهبهم‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التأسيس‪ :‬وهو تمهيد مقدمات يراعون فيها حال المدعو لتقو تعاليمهم منه موقع القبول من نفسه‪.‬‬
‫سابعا ‪ -‬الخلع‪ :‬وهو الطمأنينة إلى إسقاط العمال البدنية‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬السلخْ‪ :‬وهو سلخْ المدعو من العقائد السلمية‪ ً،‬ثم بعد ذلك يأخذون من تأويل الشريعة على ما‬
‫تشاء أهواؤهم‪.‬‬
‫فأنت ترى أن الباطنية قد تورسلوا بكل هذه الحيل إلى تشكيك المسلمين فى عقائدهم‪ ً،‬وكأنهم رأوا أن‬
‫القرآن ما دام موجودا بين المسلمين ومحفوظا عندهم يرجعون إليه فى يأمور الدين‪ ً،‬ويهتدون بمههديه كلما‬
‫نزلت بهم نازلة‪ ً،‬فليس من السهل صرف الناس عنه إل بواسطة تأويله‪ ً،‬وصرف ألفاظه وآياته عن‬
‫مدلولتها الظاهرة‪ ً،‬فأخذوا ميرجسدون فى تأويل نصوص القرآن كا ييحبون‪ .‬وعلى أى وجه يرونه هدما‬
‫لتعاليم السلم‪ ً،‬الذى أصبح قدلى فى أعينهم‪ ً،‬وشجلى فى حلوقهم!!‬
‫وحرصا منهم على أن تكون دعواهم فى تأويل القرآن مقبولة لدى ممن ميستخسفونه‪ ..‬قالوا‪" :‬إن الئمة هم‬
‫الذين أودعهم ال سره المكنون‪ ً،‬ودينه المخزون‪ ً،‬وكشف لهم بواطن هذه الظواهر‪ ً،‬وأسرار هذه المثلة‪ً،‬‬
‫وإن الرشد والنجاة من الضلل بالرجوع إلى القرآن وأهل البيت‪ ً،‬ولذلك قال عليه السلم ‪ -‬لما قيل‪:‬‬
‫ومن أين ييعرف الحقا بعدك؟ ‪": -‬ألم أترك فيكم القرآن وعترتى"؟‪ ..‬وأراد به أعقابه‪ ً،‬فهم الذين مييطرلعون‬
‫على معانى القرآن"‪.‬‬
‫ولكن احتيال الباطنية بتأويل القرآن على هدم الشريعة لم يلقا رواجا عند عقلء المسلمين‪ ً،‬ولم يجد‬
‫غباوة فى عقول علمائهم الذين نصبوا أنفسهم لحماية القرآن من أباطيل المضللين‪ ..‬وكيف يمكن أن يجد‬
‫صررفت عن مقتضى ظواهرها‬ ‫رواجا عند هؤلء أو غباوة من أولئك‪ ً،‬وقد علموا وتيقنوا بأن اللفاظ إذا ي‬
‫بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشريعة‪ ً،‬ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل‪ ً،‬اقتضى ذلك‬
‫بطلن الثقة باللفاظ‪ ً،‬وسقط به منفعة كلم ال تعالى وكلم رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فإن ما يسبقا‬
‫منه إلى الفهم ل ييوثقا به‪ ً،‬والباطن ل ضبط له‪ .‬بل تتعارضِ فيه الخواطر‪ ً،‬ويمكن تنزيله على وجوه‬
‫شرتى‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المامية السماعيلية "الباطنية"‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) إنتاج الباطنية فى تفسير القرآن الكريم (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومع أن هؤلء الباطنية قد اتخذوا من تأويل القرآن بابا للوصول إلى أغراضهم‪ ً،‬فإرنا لم نقف لهم على‬
‫كتب مستقلة فى تفسير كتاب ال تعالى‪ ً،‬ولم نسمع أن واحدا منهم كتب تفسيرا جامعا للقرآن كله‪ ً،‬سورة‬
‫سورة‪ ً،‬وآية آية‪ ً،‬ولعل السر فى ذلك‪ :‬أنهم لم يستطيعوا أن يتمشوا بعقائدهم مع القرآن آية آية‪ ً،‬ولو أنهم‬
‫حاولوا ذلك لصطدموا بعقبات وصعاب ل يستطيعون تذليلها‪ ً،‬ول يقدرون على التخلص منها‪ .‬وكل‬
‫الذى وجدناه لهم فى تفسير القرآن ‪ -‬أو تأويله على الصح ‪ -‬إنما هو نصوص متفرقة فى بطون‬
‫الكتب‪ ً،‬تعطينا إلى حد ما صورة واضحة‪ ً،‬وفكرة جلية عن موقف هؤلء القوم من القرآن الكريم‪ ً،‬ومبلغ‬
‫تهجمهم على القول فيه بغير علم ول يهدلى ول كتاب منير‪.‬‬
‫وأرى أن أقسم موقف الباطنية من القرآن الكريم إلى قسمين اثنين‪:‬‬
‫الول‪ :‬موقف الباطنية المتقدمين من القرآن الكريم‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬موقف الباطنية المتأخرين منه أيضا‪.‬‬
‫ونريد المتقدمين‪ :‬الذين أسسوا مذهب الباطنية وممن قاربهم من الزمن‪ ً،‬وبالمتأخرين‪ :‬البابية والبهائية‪.‬‬
‫وسنوضح عند الكلم عن البابية والبهائية السبب الذى من أجله عددناهم من قبيل الباطنية‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) المامية السماعيلية "الباطنية"‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن الكريم ( ضمن العنوان ) موقف متقدمى الباطنية من تفسير القرآن الكريم (‬

‫علمت أن الغرضِ الول الذى تقوم عليه دعوة الباطنية وتتركز فيه‪ :‬هو العمل على هدم الشرائع‬
‫عموما‪ ً،‬وشريعة السلم على الخصوص‪ .‬فكان لزاما عليهم وقد قاموا يحاربون السلم ‪ -‬أن ييعرملوا‬
‫معاول الهدم فى ركن السلم المكين‪ ً،‬وهو القرآن الكريم‪ ً،‬وقد عجموا معاولهم كلها فلم يجدوا رمهعو ل‬
‫ل‬
‫أصلب ول أقوى على تنفيذ غرضهم من رمهعمول التأويل والميل باليات القرآنية إلى غير ما أراد ال‪.‬‬
‫كتب عبيد ال بن الحسن القيراونى إلى سليمان بن الحسن بن سعيد الجنانى رسالة طويلة جاء فيها‪.." :‬‬
‫وإنى أوصيك بتشكيك الناس فى القرآن والتوراة والزبور والنجيل‪ ً،‬وتدعوهم إلى إبطال الشرائع‪ ً،‬وإلى‬
‫إبطال المعاد والنشور من القبور‪ ً،‬وإبطال الملئكة فى السماء‪ ً،‬وإبطال الجن فى الرضِ‪ ً،‬وأوصيك أن‬
‫تدعوهم إلى القول بأنه قد كان قبل آدم بشر كثير‪ ً،‬فإن ذلك عون لك على القول برقمدم العاملم"‪ .‬رأى هذا‬
‫الزعيم الباطنى أن التشكيك فى القرآن خير معوان لهم على تركيز عقائدهم‪ ً،‬ورأى رأيه أهل الباطن‬
‫جميعا فقالوا‪" :‬للقرآن ظاهر وباطن‪ ً،‬والمراد منه باطنه دون ظاهره العلوم من السلغة‪ ً،‬ونسبة الباطن إلى‬
‫الظاهر كنسبة االسلب إلى القشر‪ ً،‬والمتمسك بظاهره معرذب بالشقشقة فى الكتاب‪ ً،‬وباطنه مؤيد إلى ترك‬
‫ضررمب مبهيمنيهم ربيسوهَر لريه‬ ‫العمل بظاهره‪ ً،‬وتمسكوا فى ذلك بقوله تعالى فى الية ]‪ [13‬من سورة الحديد‪} :‬مف ي‬
‫مبافب مبارطينيه رفيره ٱلررهحممية مومظارهيريه رمن رقمبرلره ٱهلمعمذايب{ُ‪.‬‬
‫فانظر إليهم كيف وضعوا هذه القاعدة لفهم نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬ثم اعجب ما شاء لك أن تعجب من‬
‫استدللهم بهذه الية الكريمة على قاعدتهم التى مقرعدوها؟ ولسيت أدرى ما صلة هذه الية بتلك القاعدة‬
‫والية واردة فى شأن من شئون الخرة ينساقا إلى فهمه كل ممن يمر بالية بدون كلفة ول عناء‪.‬‬
‫**‬
‫* من تأويلت الباطنية القدامى‪:‬‬
‫على هذه القاعدة السابقة جرى القوم فى شرحهم لكتاب ال تعالى‪ ً،‬فكان من تأويلتهم ما يأتى‪:‬‬
‫"الوضوء" عبارة عن موالة المام‪ ً،‬و "التيمم" هو الخذ من المأذون عند غيبة المام الذى هو اليحرجة‪ ً،‬و‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"الصلة" عبارة عن الناقط الذى هو الرسول بدليل قوله تعالى فى الية ]‪ [45‬من سورة العنكبوت‪} :‬إررن‬
‫لمة متهنمهـى معرن ٱهلمفهحمشآرء موٱهليمهنمكرر{ُ‪ ..‬و "اليغهسل‪ ً،‬تجديد العهد ممن أفشى سرا من أسرارهم من غير‬
‫صم‬‫ٱل ر‬
‫قصد‪ ً،‬وإشاء السر عندهم على هذا النحو هو معنى "الحتلم"‪ .‬و "الزكاة" عبارة عن تزكية النفس‬
‫بمعرفة ما هم عليه من الدين‪ ..‬و "الكعبة" النبى‪ .‬و "الباب" علسى‪ .‬و "الصفا" هو النبى‪ .‬و "المروة" علسى‪.‬‬
‫و "الميقات" اليناس‪ .‬و "التلبية" إجابة الدعوة‪ .‬و "الطواف لبيت سبعا" موالة الئمة السبعة‪ .‬و "الجنة"‬
‫راحة البدان من التكاليف‪ .‬و "النار" مشقتها بمزاولة التكاليف‪.‬‬
‫وتأ رولوا أنهار الجنة فقالوا‪" :‬أنهار من لبن" أى معادن العلم؛ً اللبن العلم الباطن‪ ً،‬يرتفع به أهلها‪ ً،‬ويتغذون‬
‫به تغذيا تدوم به حياتهم اللطيفة‪ ً،‬فإن غذاء الروح اللطيفة بارتضاع العلم من المعلم‪ ً،‬كما أن حياة الجسم‬
‫الكثيف بارتضاع اللبن من ثدى الم‪" .‬وأنهار من خمر" هو العلم الظاهر‪" .‬وأنهار من عسل مصفى" هو‬
‫علم الباطن المأخوذ من الحجج والئمة‪.‬‬
‫كذلك نجد الباطنية يرفضون المعجزات‪ ً،‬ول يعترفون بها للرسل‪ ً،‬وينكرون نزول ملئكة من السماء‬
‫بالوحى من ال‪ ً،‬بل وزادوا على ذلك فأنكروا أن يكون من السماء ممملك وفى الرضِ شيطان‪ ً،‬وأنكروا‬
‫آدم والد رجال‪ ً،‬ويأجوج ومأجوج‪ ً،‬ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام آيات من القرآن يتكيذب دعواهم هذه‪ً،‬‬
‫فتخرلصوا منها بمبدائهم الذى ساروا عليه فى تفسيرهم وهو إنكار الظاهر والخذ بالباطن‪ ً،‬وأرولوا هذه‬
‫اليات بما يتفقا ومذهبهم‪ ً،‬فتأرولوا "الملئكة" على دعاتهم الذين دعون إلى بدعتهم‪ .‬وتأرولوا "الشياطين"‬
‫على مخالفيهم‪ .‬وتأ رولوا كل ما جاء فى القرآن من معجزات النبياء عليهم السلم‪ ً،‬فقالوا‪" :‬الطوفان"‬
‫معناه الطوفان العلم‪ ...‬أغرقا به المتمسكون بالسسرنة‪ ً،‬و "السفينة" حرزه الذى تحصن به من استجاب‬
‫لدعوته‪ .‬و "نار إبراهيم" عبارة عن غضب نمروذ عليه ل النار الحقيقية‪ .‬و "ذبح إسحاقا" معناه الخذ‬
‫العهد عليه‪ .‬و "عصا موسى" يحرجته التى تلقفت ما كانوا يأفكون من اليشبه ل الخشب‪" .‬وانفلقا البحر"‬
‫افتراقا علم موسى فيهم عن أقسام‪ .‬و "البحر" هو العلم‪ .‬و "الغمام الذى أظلمهم" معناه المام الذى نصبه‬
‫موسى لرشادهم وإفاضة العلم عليهم‪ .‬و "الجراد واليقرمل والضفادع" هى سؤالت مهوسى والتزاماته التى‬
‫يسيلطت عليهم‪ .‬و "المن والسلوى" علم نزل من السماء لداع من الدعاة هو المراد بالسلوى‪ .‬و "تسبيح‬
‫الجبال" معناه تسبيح رجال شداد فى الدين راسخين فى اليقين‪ .‬و "الجن الذين ملكهم سليمان بن داود"‬
‫باطنية ذلك الزمان‪ .‬و "الشياطين" هم الظاهرية الذين يكيلفوا بالعمال الشاقة‪ .‬و "عيسى" له أب من حيث‬
‫الظاهر‪ ً،‬وإنما أراد بالب المنفى‪ :‬المام‪ ً،‬إذ لم يكن له إمام‪ ً،‬بل استفاد العلم من ال بغير واسطة‪ً،‬‬
‫وزعموا ‪ -‬لعهنم ال ‪ -‬أن أباه يوسف النجار‪ ,‬و "كلمه فى المهد" اطلعه فى مهد القالب قبل التخلص‬
‫منه على ما ي يطرلع عليه غيره بعد الوفاة والخلص من القالب‪ .‬و "إحياء الموتى من عيسى" معناه الحياء‬
‫بحياة العلم عن موت الجهل بالباطن‪ .‬و "إبراؤه العمى‪ ":‬عن عمى الضللة‪ .‬و "البرص" عن برص‬
‫وعلى‪ ً،‬إذ أرممر أبو بكر بالسجود لعلسى‬
‫س‬ ‫الكفر ببصيرة الحقا المبين‪ .‬و "إبليس وآدم" عبارة عن أبى بكر‬
‫والطاعة له فأبى واستكبر‪ .‬و "الدجال" أبو بكر‪ ً،‬وكان أعورا إذ لم يبصر إل بعين الظاهر دون عين‬
‫الباطن‪ .‬و "يأجوج ومأجوج" هم أهل الظاهر"‪.‬‬
‫بل بالغوا فقالوا‪" :‬إن النبياء قوم أحبوا الزعامة‪ ً،‬فساسوا العامة بالنواميس والحيل‪ ً،‬طلبا للزعامة بدعوة‬
‫النبوة والمامة‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن مما زعمته الباطنية‪ :‬أن ممن عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها وتأورلوا فى ذلك قوله‬
‫تعالى فى الية ]‪ [99‬من سورة الحجر‪} :‬موٱهعيبهد مرربمك محرتـى ميهأرتميمك ٱهلميرقيين{ُ‪ ..‬وحملوا اليقين على معرفة‬
‫التأويل‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كذلك استحل الباطنية نكاح البنات والخوات وجميع المحارم‪ ً،‬بحجة أن الخ أحقا بيأخته‪ ً،‬والب أولى‬
‫بابنته‪ ...‬وهكذا‪ :‬ولست أدرى على أى وجه وتأرولوا آية النساء الى حررمت ذلك‪ ً،‬ومنعته منعا باتا!!‬
‫ويقول القيروانى فى رسالته التى أرسلها إلى سليمان بن الحسن‪ .." :‬وينبغى أن تحيط علما بمخاريقا‬
‫النبياء ومناقضاتهم فى أقوالهم‪ ً،‬كعيسى ابن مريم‪ ً،‬قال لليهود‪ :‬ل أرفع شريعة موسى‪ ً،‬ثم رفعها بتحريم‬
‫الحد بدلل من السبت‪ ً،‬وأباح العمل فى السبت‪ ً،‬وأبدل رقهبلة موسى بخلف جهتها‪..‬‬
‫لرمة المنكوسة حين سألوه عن الروح فقال‪:‬‬ ‫وبذلك قتلته اليهود لما اختلفت كلمته‪ ً،‬ول تكن كصاحب ا ي‬
‫}ٱلسرويح رمهن أمهمرر مريبي{ُ لما لم يحضره جواب المسألة‪ ً،‬ول تكن كموسى فى دعواه التى لم يكن عليها‬
‫برهان سوى المخرقة بحسن الحيلة والشعوذة‪ ً،‬ولما لم يجد المحقا فى زمانه عنده برهانا قال له‪} :‬ملرئرن‬
‫لهعلمـى{ُ لنه كان صاحب الزمان‬ ‫لهجمعلمرنمك رممن ٱهلممهسيجورنيمن{ُ‪ ً،‬وقال لقومه‪} :‬أممنها مرسبيكيم ٱ م‬
‫ٱرتمخهذمت إلمــمها مغهيرريِ م‬
‫ر‬
‫فى وقته‪.‬‬
‫ثم قال فى آخر هذه الرسالة‪ .." :‬وما العجب من شئ كالعجب من رجل يردعى العقل‪ ً،‬ثم يكون له يأخت‬
‫أو بنت حسناء وليس له زوجة فى يحهسنها‪ ً،‬فيمحيرمها على نفسه ويينكحها من أجنبى‪ ً،‬ولو عقل الجاهل‬
‫لعلم أنه أحقا بيأخته‪ ً،‬وبنته من الجنبى؛ً وما وجه ذلك إل أن صاحبهم حررم عليهم الطيبات وخروفهم‬
‫بغائب ل ييعقل‪ ً،‬وهو الله الذى يزعمونه‪ ً،‬وأخبرهم بكون ما ل يرونه أبدا من البعث من القبور‪ً،‬‬
‫ل وجعلهم له فى حياته‪ ً،‬وليذيريته بعد وفاته خو ل‬
‫ل‪ً،‬‬ ‫والحساب‪ ً،‬والجرنة‪ ً،‬والنار‪ ً،‬حتى استعبدهم بذلك عاج ل‬
‫ل أمهسمألييكهم معلمهيره أمهجرا إر ر‬
‫ل ٱهلممموردمة رفي ٱهليقهرمبـى{ُ‪.‬‬ ‫واستباح بذلك أموالهم بقوله‪ } :‬ر‬
‫فكان أمره معهم نقدا وأمرهم معه نسيئة‪ ً،‬وقد استعجل منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعود‬
‫ل يكون‪ ً،‬وهل الجرنة إل هذه الدنيا ونعيمها؟ وهل النار وعذابها إل ما فيه أصحاب الشرائع من التعب‬
‫صب فى الصلة والصيام والجهاد والحج"؟‬ ‫والمن م‬
‫ثم قال لسليمان بن الحسن فى هذه الرسالة‪ .." :‬وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس‪ً،‬‬
‫وفى هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولرذاتها محررمة على الجاهلين المتمسكين بشرائع أصحاب النواميس‪ ً،‬فهنيئا‬
‫لكم ما نلتم من الراحة عن أمرهم"‪.‬‬
‫ومن جملة تأويلتهم الباطلة التى يتوصلون بها إلى هواهم النفسى‪ ً،‬ومأربهم الشخصى‪ ً،‬أنهم بعد أن‬
‫يلقوا على المدعو ما يشككونه به‪ ً،‬وتتطلع إلى معرفته من جهتهم نفسه‪ ً،‬ويقولون له‪ :‬ل نظهره إل بتقديم‬
‫خير عليه‪ ً،‬فيطلبون مائة وتسعة عشر درهما من السبيكة الخالصة‪ .‬ويقولون‪ :‬هذا تأويل قوله تعالى‪:‬‬
‫ضواي ٱلرلمه مقهرضا محمسنا{ُ‪ ..‬فالحاء والسين والنون واللف إذا يجرمع عددها بحساب اليجرمل يكون‬ ‫}موأمهقرر ي‬
‫مبالغه مائة وتسعة عشر"‪.‬‬
‫ومن ذا الذى قال إن القرآن يخضع فى تفسيره وفهم معانيه إلى حساب اليجرمل؟‪ ..‬اللهم إن هذا ل يصدر‬
‫إل عن يمخيرف أو زنديقا يريد أن يضل الناس ويحتال على سلب أموالهم بدعوة يدعيها على كتاب ال!!‬
‫كذلك نجد الباطنية يحرصون على نفى وجود الله الحقا‪ ً،‬والنبى المرسل محمد صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫ليتوصلوا بذلك إلى رفع التكاليف‪ ً،‬فنراهم يقولون للمبتدئ‪" :‬إن ال خلقا الناس واختار منهم محمدا‬
‫)صلى ال عليه وسلم(‪ ً،‬فيستحسن المبتدئ هذا الكلم‪ ً،‬ثم يقول له‪ :‬أتدرى من محمد؟ فيقول‪ :‬نعم‪ ً،‬محمد‬
‫رسول ال‪ ً،‬خرج من مكة‪ ً،‬واردعى النبوة‪ ً،‬وأظهر الرسالة‪ ً،‬وعرضِ المعجزة‪ .‬فيقول له‪ :‬ليس هذا الذى‬
‫تقول إل كقول هؤلء الحمير ‪ -‬يعنون به المؤمنين من أهل السلم ‪ -‬إنما محمد أنت‪ .‬فيستعيذ السامع‬
‫ويقول‪ :‬ليست أنا محمدا‪ ً،‬فيقول له‪ :‬ال تعالى وصفه فى هذا القرآن فقال‪} :‬لممقهد مجآمءيكهم مريسوفل يمهن مأنيفرسيكهم‬
‫ص معلمهييكهم ربٱِهليمهؤرمرنيمن مريءوفف رررحيفم{ُ‪ ..‬وهؤلء الحمير يقولون‪ :‬من مكة‪ ..‬فيقول‬ ‫معرزيفز معلمهيره مما معرنستهم محرري ف‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫له الغر الغمر‪ :‬على أى معنى تقول أنا محمد؟ فيقول‪ :‬خلقك وصرورك خلقة محمد‪ ً،‬فالرأس بمنزلة الميم‪ً،‬‬
‫واليدان بمنزلة الحاء‪ ً،‬واليسررة بمنزلة الميم‪ ً،‬والرجلن بمنزلة الدال‪ ً،‬وكذلك أنت علسى أيضا‪ ً،‬عينك هى‬
‫العين‪ ً،‬والنف‪ ً،‬هى اللم‪ ً،‬والفم الياء‪.‬‬
‫وبهذا يوهمه أنه هو محمد الذى جاء ذكره فى القرآن‪ ً،‬أما ما يدعى من وجود رسول اسمه محمد‪ ً،‬فهذا‬
‫ظاهره غير مراد‪.‬‬
‫ولجل أن يوهمه أيضا بأنه ل إله موجود على الحقيقة‪ ً،‬وما جاء فى القرآن من ذلك فظواهر غير‬
‫مرادة‪ ً،‬نجده يقول للمبتدئ‪ :‬إن المراد بإثبات الذات يرجع إلى نفسك‪ ً،‬ويؤيولون عليه قوله تعالى‪.. :‬‬
‫}مفهلميهعيبيدوها مررب مهــمذا ٱهلمبهيرت{ُ ويقولون‪ :‬الرب هو الروح والبيت هو البدن‪.‬‬
‫ولقد وصل الغلو ببعضِ الباطنية إلى ادعاء يألوهية محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادقا‪ ً،‬وأنه هو الذى‬
‫كرلم موسى بقوله‪} :‬إرينيي أممنها مرسبمك مفٱِهخلمهع منهعلمهيمك{ُ‪ ..‬وفى هذا يروى لنا البغدادى صاحب المفهرقا بين الرفمرقا‬
‫قصة رجل دخل فى دعوة الباطنية‪ ً،‬ثم وفقه ال لتركها والرجوع لرشده‪ ..‬يحكى هذا الرجل قصته‬
‫للبغدادى فيقول‪" :‬إنهم لما وثقوا بإيمانه قالوا له‪ :‬إن المسمين بالنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى‬
‫ومحمد‪ ً،‬وكل ممن اردعى النبوة‪ :‬كانوا أصحاب نواميس ومخاريقا‪ ً،‬وأحبوا الزعامة على العامة‪ً،‬‬
‫فخدعوهم بنيرنجات‪ ً،‬واستعبدوهم بشرائعهم ‪ -‬قال الحاكى للبغدادى‪ :‬ثم ناقضِ الذى كشف لى هذا السر‬
‫بأن قال‪ :‬ينبغى أن تعلم أن محمد ابن إسماعيل بن جعفر هو الذى نادى موسى بن عمران من الشجرة‬
‫فقال له‪} :‬إرينيي أممنها مرسبمك مفٱِهخلمهع منهعلمهيمك{ُ‪ ..‬ثم قال‪ :‬فقلت‪ :‬سخنت عينك! تدعونى إلى الكفر برب قديم خالقا‬
‫للعمالم‪ ً،‬ثم تدعونى مع ذلك إلى القرار بربوية إنسان مخلوقا‪ ً،‬وتزعم أنه كان قبل ولدته إلها مرس ل‬
‫ل‬
‫لموسى؟ فإن كان موسى عندك كاذبا‪ ً،‬فالذى زعممت أنه أرسله أكذب‪ ً،‬فقال‪ :‬إنك ل تفلح أبدا‪ ً،‬وندم على‬
‫إفشاء أسراره إلرى ويتهبيت من بدعتهم‪.‬‬
‫فانظر إليهم ‪ -‬لعنهم ال ‪ -‬كيف يصرفون القرآن عن أن يكون ال هو المتكلم به‪ ً،‬ويردعون أنه كلم‬
‫إلههم المزعوم محمد بن إسماعيل!!‪ ..‬أليس هذا غلوا فى اللحاد؟ وإغراقا فى الكفر والعناد؟‬
‫وبين أيدينا كتاب أسرار الباطنية‪ ً،‬وهو يكشف لنا عن نواياهم ويفضح أسرارهم وخباياهم‪ .‬وهو لمحمد‬
‫بن مالك اليمانى أحد علماء القرن الخامس الهجرى‪ ً،‬ول أريد أن يأطيل على القارئ بذكر مافيه من‬
‫مخازى القوم‪ ً،‬ولكن أكتفى بذكر نبذة من الكتاب‪ .‬ضمنها المصينف ما شهده بنفسه من ضللهم‬
‫وإضللهم‪ ً،‬وذلك حين اندس بينهم متظاهرا بدخوله فى زمرتهم‪ ً،‬ليقف بنفسه على ما بلغه عنهم من‬
‫أباطيل وأضاليل‪ ً،‬وإنما اخترت هذه النبذة بالذات‪ ً،‬لنها تعطينا فكرة واضحة عن مقدار تلعب الباطنية‬
‫بكتاب ال تحت ستار التأويل‪ .‬وعن مبلغ استهزائهم بعقول العامة الذين وعقوا فيما نصبوه لهم من‬
‫الحابيل!!‬
‫**‬
‫* مقالة محمد بن مالك اليمانى فى الباطنية‪:‬‬
‫ضحه‪ ً،‬أن له ‪ -‬يريد علسى‬ ‫يقول محمد بن مالك اليمانى‪" :‬أول ما أشهد به وأشرحه‪ ً،‬ويأبيينه للمسلمين ويأو ي‬
‫بن محمد الصليحى زعيم باطنية اليمن فى وقته ‪ -‬نوابا يسميهم الدعاة المأذونين‪ ً،‬وآخرين يلقبهم‬
‫اليممكلبين‪ ً،‬تشبيها لهم بكلب الصيد‪ ً،‬لنهم يرنصبون للناس الجبائل‪ ً،‬ويكيدونهم بالغوائل‪ ً،‬وينقبضون عن‬
‫كل عاقل‪ ً،‬وييليبسون على كل جاهل‪ ً،‬بكلة حقا ييراد بها الباطل‪ ً،‬ويحضونه على شرائ السلم‪ ً،‬من‬
‫الصلة والزكاة والصيام‪ ً،‬كالذى ينثر الحب للطير ليقع فى رشهركه‪ ً،‬فيقيم أكثر من سنة يمعنون به‪ً،‬‬
‫وينظرون صبره‪ ً،‬ويتصفحون أمره‪ .‬ويخدعونه بروايات عن النبى صلى ال عليه وسلم يمحررفة‪ ً،‬وأقوال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مزخرفة‪ ً،‬ويتلون عليه القرآن على غير وجهه‪ ً،‬وييحيرفون المكلم عن مواضعه‪ ً،‬فإذا رأوا منه النهماك‬
‫والركون والقبول والعجاب بجميع ما ييعيلمونه‪ ً،‬والنقياد بما يأمرونه‪ ً،‬قالوا حينئذ‪ :‬اكشف عن السرائر‬
‫ول ترضِ لنفسه ول تقنع بما قنع من العوام من الظواهر‪ ً،‬وتدبر القرآن ورموزه‪ ً،‬واعرف يمثله‬
‫وممثوله‪ ً،‬واعرف معانى الصلة والطهارة‪ ً،‬وما روى النبى صلى ال عليه وسلم بالرموز والشارة‪ً،‬‬
‫دون التصريح فى ذلك والعبارة‪ ً،‬فإنما جميع ما عليه الناس أمثال مضروبة‪ ً،‬لممثولت محجوبة‪ً،‬‬
‫فاعرص الصلة وما فيها‪ ً،‬وقف على باطنها ومعانيها‪ ً،‬فإن العمل بغير علم ل ينفع به صاحبه‪ .‬فيقول‪:‬‬
‫لمة موآيتوها ٱلرزمكامة{ُ‪ ..‬فالزكاة مفروضة فى كل عام مرة‪ً،‬‬ ‫صم‬ ‫معسم أسأل‪.‬؟ فيقول‪ :‬قال ال تعالى‪} :‬موأمرقييموها ٱل ر‬
‫وكذلك الصلة‪ ً،‬من صلها مرة فى السنة فقد قام الصلة بغير تكرار‪ ً،‬وأيضا فالصلة والزكاة لهما‬
‫باطن لن الصلة صلتان‪ ً،‬والزكاة زكاتان‪ ً،‬والصوم صومان‪ ً،‬والحج حجان‪ ً،‬وما خلقا ال سبحانه من‬
‫لهثرم مومبارطمنيه{ُ‪ ً،‬و }يقهل إررنمما محررم مريبمي ٱهلمفموارحمش مما‬ ‫ظاهر إل وله باطن‪ ً،‬يدل على ذلك‪} :‬مومذيروها مظارهمر ٱ ر‬
‫مظمهمر رمهنمها مومما مبمط من{ُ‪ ..‬أل ترى أن البيضة لها ظاهر وباطن؟ فالظاهر ما تساوى به الناس‪ ً،‬وعرفة‬
‫الخاص والعام‪ ً،‬وأما الباطن فقصر علم الناس به عن العلم به‪ ً،‬فل يعرفه إل القليل‪ ً،‬من ذلك قوله‪} :‬موممآ‬
‫ل مقرليفل{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مومقرليفل رما يههم{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مومقرليفل يمهن رعمباردميِ ٱلرشيكوير{ُ‪ ..‬فالقل من الكثر الذين‬ ‫آمممن مممعيه إر ر‬
‫ل عقول لهم‪.‬‬
‫و "الصلة" و "الزكاة" سبعة أحرف دليل على محمد وعلسى صلى ال عليهما‪ ً،‬لنهما سبعة أحرف‪ً،‬‬
‫فاملمهعرنيى بالصلة والزكاة ولية محمد وعلسى‪ ً،‬فمن تولهما فقد أقام الصلة وآتى الزكاة‪ ً،‬فيوهمون على‬
‫ممن ل يعرف لزوم الشريعة والقرآن وسنن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فيقع هذا من ذلك المخدوع بموقع‬
‫التفاقا والموافقة‪ ً،‬لن مذهب الراحة والباحة يريحهم مما يتلزمهم الشرائع من طاعة ال‪ ً،‬ويبيح لهم ما‬
‫يحرظمر عليهم من محارم ال‪ ً،‬فإذا قبل منهم ذلك المغرور هذا قالوا له‪ :‬قيرب يقربانا ليكون لك سلما‬
‫ونجوى‪ ً،‬ونسأل لك مولنا يحط عنك الصلة‪ ً،‬ويضع عنك هذا الصر‪ ً،‬فيدفع اثنى عشر دينارا‪ ً،‬فيقول‬
‫ذلك الداعى‪ :‬يا مولنا؛ً إن عبدك فلنا قد عرف الصلة ومعانيها‪ ً،‬فاطرح عنه الصلة وضع عنه هذا‬
‫ضيع معهنيههم‬
‫الصر‪ ً،‬وهذا نجواه إثنا عشر دينارا‪ ً،‬فيقول اشهدوا أنى قد وضعت عنه الصلة ويقرأ له‪} :‬مومي م‬
‫لمل ٱلررتي مكامنهت معلمهيرههم{ُ‪ .‬فعند ذلك يقبل إليه أهل هذه الدعوة ويهنئونه ويقولون‪ :‬الحمد ل‬ ‫صمريههم موٱ م‬
‫لهغ م‬ ‫إر ه‬
‫الذى وضع عنك وزرك‪ ً،‬الذى أنقضِ ظهرك‪ .‬ثم يقول له ذلك الداعى ‪ -‬الملعون ‪ -‬بعد مدة‪ :‬قد عرفت‬
‫الصلة وهى أول درجة‪ ً،‬وأنا أ}جو أن ييبيلغك ال إلى أعلى الدرجات‪ ً،‬فأسأل وابحث‪ ً،‬فيقول‪ :‬عسم أسأل؟‬
‫فيقول له‪ :‬سل عن الخمر والميسر‪ ً،‬اللذين نهى ال تعالى عنهما‪ :‬هما أبا بكر وعمر لمخالفتهما على‬
‫علسى‪ ً،‬وأخذهما الخلفة دونه‪ ً،‬فأما ما ييعمل من العنب والزبيب والحنطة وغير ذلك فليس بحرام‪ ً،‬لنه‬
‫مما أنبتت الرضِ‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬يقهل ممهن محررم رزيمنمة ٱلرلره ٱلررتيي أمهخمرمج رلرعمباردره مواهلرطيمبارت رممن ٱليرهزرقا{ُ‪ ...‬إلى‬
‫صارلمحارت يجمنافح رفيمما مطرعيميوها{ُ‪ ..‬إلى آخر الية‪ً،‬‬ ‫آخر الية‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬لمهيمس معملى ٱرلرذيمن آممينوها مومعرميلوها ٱل ر‬
‫صهميه{ُ يريد كتمان الئمة فى وقت استتارهم‬ ‫والصوم‪ :‬الكتمان‪ ً،‬فيتلو عليه‪} :‬مفممن مشرهمد رمنيكيم الرشههمر مفهلمي ي‬
‫صهوما مفملهن أيمكليم ٱهلميهوم رإنرسسيا{ُ فلو كان معرنمى‬‫خوفا من الظالمين‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬إريني منمذهريت رللررهحممــرن م‬
‫بالصيام ترك الطعام لقال‪ :‬فلن يأطعم اليوم شيئا‪ ً،‬فدل على أن الصيام الصموت‪ ً،‬فحينئذ يزداد ذلك‬
‫المخدوع طغيانا وكفرا‪ ً،‬وينهمك إلى قول ذلك الداعى الملعون‪ ً،‬لنه أتاه بما يوافقا هواه‪ ً،‬والنفس أرمارة‬
‫بالسوء‪ ..‬ثم يقول له‪ :‬ادفع النجوى تكن لك سلما ووسيلة حتى نسأل مولنا يضع عنك الصوم‪ ً،‬فيدفع‬
‫اثنى عشر دينارا‪ ً،‬فيمضى به إليه فيقول‪ :‬يا مولنا؛ً عبدك فلن قد عرف معنى الصوم على الحقيقة‪ً،‬‬
‫فأبح له الكل فى رمضان‪ ً،‬فيقول له‪ :‬قد ورثقته وأرمنته على سرائرنا؟ فيقول له‪ :‬نعم‪ ً،‬فيقول‪ :‬قد وضعيت‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عنه ذلك‪ ً،‬ثم يقيم بعد ذلك مدة‪ ً،‬فيأتيه ذلك الداعى الملعون فيقول له‪ :‬قد عرفمت ثلث درجات‪ ً،‬فاعرف‬
‫الطهارة ما هى‪ ً،‬ومعنى الجنابة ما هى فى التأويل‪ ً،‬فيقول له‪ :‬فيسر لى ذلك‪ ً،‬فيقول له‪ :‬اعلم أن معنى‬
‫الطهارة طهارة القلب‪ ً،‬وأن المؤمن طاهر بذاته‪ ً،‬والكافر نجس ل يطهره الماء ول غيره‪ ً،‬وأن الجنابة‬
‫هى موالة الضداد‪ ً،‬أضداد النبياء والئمة‪ ً،‬فأما الرممنى فليس بنجس‪ ً،‬منخْ لقا ال النبياء‪ ً،‬والولياء‪ً،‬‬
‫وأهل طاعته‪ ً،‬وكيف يكون نجسا وهو مبدأ خلقا النسان‪ ً،‬وعليه يكون أساس البنيان؟ فلو كان التطهير‬
‫منه من أمر الدين لكان اليغهسل من الغائط والبول أوجب‪ ً،‬لنهما نجسان‪ ً،‬وإنما معنى‪} :‬مورإن يكنيتهم يجينبا‬
‫مفٱِرطرهيروها{ُ معناه‪ :‬وإن كنتم جهلة بالعلم الباطن واعرفوا العلم الذى هو حياة الرواح كالماء الذى هو‬
‫ي‬
‫لنمساين رمرم يخرلمقا * يخرلمقا‬ ‫حياة البدان‪ ً،‬قال تعالى‪} :‬مومجمعهلمنا رممن ٱهلممآرء يكرل مشهيهَء محري{ُ‪ ..‬وقوله‪} :‬مفهلمينظرر ٱ ر‬
‫رمن رمآهَء مدارفهَقا{ُ‪ ..‬فلما سرماه ال بهذا مدرل على طهارته‪ ً،‬ويوهمون ذلك المسخدوع بهذه المقالة‪ ً،‬ثم يأمره ذلك‬
‫الداعى أن يدفع اثنى عشر دينارا‪ ً،‬ويقول‪ :‬يا مولنا‪ ً،‬عبدك فلن قد عرف معنى الطهارة حقيقة وهذا‬
‫قربانة إليك‪ ً،‬فيقول‪ :‬اشهدوا أنى قد حللت له ترك اليغسل من الجنابة‪ ً،‬ثم يقيم مدة فيقول له هذا الداعى‬
‫الملعون‪ :‬قد عرفمت أربع درجات‪ ً،‬وبقى عليك الخامسة‪ ً،‬فاكشف عنها‪ ً،‬فإنها منتهى أمرك وغاية‬
‫ل متهعلميم منهففس رمآ أيهخرفمي لميهم يمن يقرررة أمهعيهَن{ُ فيقول له‪ :‬ألهمنى إياها ودلنى عليها‪ً،‬‬ ‫سعادتك‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬مف م‬
‫صيرمك ٱهلميهوم محرديفد{ُ‪ ..‬ثم يقول له‪ :‬أتحب‬ ‫فيتلو عليه‪} :‬لرمقهد يكنمت رفي مغهفملهَة يمهن مهــمذا مفمكمشهفمنا معنمك رغمطآمءمك مفمب م‬
‫لولمـى{ُ‪ .‬ثم يتلو‬ ‫أن تدخل الجنة فى الحياة الدنيا؟ فيقول‪ :‬وكيف لى ذلك؟ فيتلو عليه‪} :‬موإرن لممنا مللرخمرمة موٱ ي‬
‫ر‬
‫عليه‪} :‬يقهل ممهن محررم رزيمنمة ٱلرلره ٱلررتيي أمهخمرمج رلرعمباردره مواهلرطيمبارت رممن ٱليرهزرقا يقهل رهي رللرذيمن آممنوا رفي ٱلمحميارة ٱلسدنميا‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫صلة ميهوم ٱهلرقميا ممرة{ُ‪ ..‬والزينة ههنا‪ :‬ما خفى على الناس من أسرار الناس من أسرار النساء التى ل‬ ‫مخارل م‬
‫ل رليبيعوملرترهرن{ُ‪ ..‬والزينة مستورة‬ ‫ل يهبرديمن رزيمنمتيهرن إر ر‬‫يرطلع عليها إلالمخلصوصون بذلك‪ ً،‬وذلك قوله‪} :‬مو م‬
‫غير مشهورة‪ ً،‬ثم يتلو عليه‪} :‬مويحوفر رعيفن * مكمأهممثارل ٱللسهؤليرؤ ٱهلممهكينورن{ُ‪ ..‬فمن لم ينل الجنة فى الدنيا لم‬
‫ينملها فى الخرة‪ ً،‬لن الجنة مخصوص بها ذوو اللباب‪ ً،‬وأهل العقول دون اليجرهال‪ ً،‬لن المستحسن من‬
‫الشياء ما خفى‪ ً،‬ولذلك سميت الجرنة مجسنة لنها مستجنة‪ ً،‬وسميت الرجن رجنا لختفائهم عن الناس‪ً،‬‬
‫والمجنة المقبرة لنها تستر من فيها‪ ً،‬والترس المجن لنه ييستتر به‪ ً،‬فالمجرنة ههنا‪ :‬ما استتر عن هذا‬
‫الحقا المنكوس الذين ل علم لهم ول عقول‪ ً،‬فحينئذ يزداد هذا المخدوع انهماكا‪ ً،‬ويقول لذلك الداعى‬
‫الملعون‪ :‬متملرطف فى حالى‪ ً،‬ومبيلغنى إلى ما شروقتنى إليه‪ ً،‬فيقول‪ :‬ادفع النجوى اثنى عشر دينارا تكون لك‬
‫صرحت سريرته‪ ً،‬وصفت خبرته وهو يريد‬ ‫قربانا وسلما‪ ً،‬فيمضى به فيقول‪ :‬يا مولنا؛ً إن عبدك فلنا قد م‬
‫أن يتدخله الجنة‪ ً،‬ويتبلغه حد الحكام‪ ً،‬وتزيوجه الحور العين‪ ً،‬فيقول له‪ :‬قد ورثقته وأرمنته؟ فيقول‪ :‬يا‬
‫مولنا؛ً قد ورثقته وأرمنته وخبرته فوجدته على الحقا صابرا‪ ً،‬ولنعمك شاكرا‪ ً،‬فيقول‪ :‬رعهليمنا صعب‬
‫مستعصب ل يحمله إل نبى مرسل‪ ً،‬أو مملك يمقررب‪ ً،‬أو عبد امتحن ال قلبه باليمان‪ ً،‬فإذا صح عند حاله‬
‫فاذهب به إلى زوجتك فاجمع بينه وبينها‪ ً،‬فيقول‪ :‬سمعا وطاعة ل ولمولنا‪ ً،‬فيمضى به إلى بيته‪ ً،‬فيبيت‬
‫مع زوجته‪ ً،‬حتى إذا كان الصباح قرع عليهما الباب وقال‪ :‬قوما قبل أن يعلم نبأنا هذا الخلقا المنكوس‪ً،‬‬
‫فيشكر ذلك المخدوع ويدعو له‪ ً،‬فيقول له‪ :‬ليس هذا من فضلى‪ ً،‬هذا من فضل مولنا‪ ً،‬فإذار خرج من‬
‫عنده تسامع به أهل هذه الدعوة الملعونة‪ ً،‬فل يبقى منهم أحد إل بات مع زوجته كما فعل ذلك الداعى‬
‫الملعون‪ ً،‬ثم يقول له‪ :‬ل بد لك أن تشهد هذا لمشهد العظم عند مولنا‪ ً،‬فادفع قربانك‪ ً،‬فيدفع اثنى عشر‬
‫دينارا ويصل به ويقول‪ :‬يا مولنا؛ً إن عبدك فلنا يريد أن يشهد المشهد العظم‪ ً،‬وهذا قربانه‪ ً،‬حتى إذا‬
‫جن الليل‪ ً،‬ودارت الكؤوس‪ ً،‬وحميت الرؤوس‪ ً،‬وطابت النفوس‪ ً،‬أحضر جميع أهل هذه الدعوة الملعونة‬
‫حريمهم‪ ً،‬فيدخلن عليهم من كل باب‪ ً،‬وأطفأوا السراج والشموع‪ ً،‬وأخذ كل واحد منهم ما وقع عليه فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يده‪ ً،‬ثم يأمر المقتدى زوجته أن تفعل كفعل الداعى الملعون وجميع المستجيبين‪ ً،‬فيشكره ذلك المخدوع‬
‫على ما فعل له‪ ً،‬فيقول له‪ :‬ليس هذا من فضلى‪ ً،‬هذا من فضل مولنا أمير المؤمنين فاشكروه ول‬
‫تكفروه على ما أطلقا من وثاقكم‪ ً،‬ووضع عنك أوزاركم‪ ً،‬وحرط عنكم آصاركم‪ ً،‬ووضع عنكم أثقالكم‪ً،‬‬
‫ل يذو محرظ معرظيهَم{ُ‪.‬‬ ‫ل ٱرلرذيمن م‬
‫صمبيروها مومما يملرقامهآ إر ر‬ ‫وأحرل لكم بعضِ الذى حررم عليكم يجرهالكم }مومما يملرقامها إر ر‬
‫قال محمد بن مالك ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ -‬هذا ما اطلعت عليه من كفرهم وضللتهم‪ ً،‬وال تعالى لهم‬
‫على شهيد بجميع ما ذكرته مما اطلعت عليه من فعلهم وكفرهم وجهلهم‪ ً،‬وال‬ ‫بالمرصاد‪ ً،‬وال تعالى س‬
‫على بجميع ما ذكرته‪ ً،‬عالم به‪ ً،‬وممن تكرلم عليهم بباطل فعليه لعنة ال‪ ً،‬ولعنة اللعنين‪ ً،‬والملئكة‪ً،‬‬ ‫يشهد ي‬
‫والناس أجمعين‪ ً،‬وأخزى ال من كذب عليهم‪ ً،‬وأعسد لهم جهنم وساءت مصيرا‪ ً،‬وممن حكى عنهم بغير ما‬
‫هم عليه فهو يخرج من محهول ال وقوته إلى محهول الشيطان وقوته‪"..‬‬
‫وبعد‪ ..‬ألس مت ترى معى أن تأويلهم للقرآن تأويل فاسد ل يقوم على أساس ول يستند إلى برهان‪ ً،‬وإنما‬
‫هى أوهام وأباطيل‪ ً،‬غرورا بها ضعاف العقول ليسلخوهم من الدين‪ ً،‬وليدخلوهم فى زمرة الملحدين‬
‫وحزب الشياطين؟ أعتقد ذلك‪ ً،‬وأظن أن سؤالل يدور بخلد القارئ هو‪ :‬كيف نجزم بنسبة هذه التأويلت‬
‫كلها إلى الباطنية مع وجود التناقضِ والختلف بين بعضِ المعانى التى ينرقلهت عنهم للفظ الواحد؟ أليس‬
‫ل على عدم صحة كل ما يينسب إليهم؟‪ ..‬والحقا أن السؤال وارد‪ ً،‬ولكنه مدفوع بما ذكره الغزالى‬ ‫هذا دلي ل‬
‫من أن سر هذا الضطراب راجع إلى أنهم كانوا ل يخاطبون الخلقا بمسلك واحد‪ ً،‬بل غرضهم‬
‫الستتباع والحتيال‪ ً،‬فلذلك تختلف كلمتهم‪ ً،‬ويتفاوت نقل المذهب عنهم‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) البابية والبهائية ( ضمن العنوان‬
‫) كلمة إجمالية عن نشأة البابية والبهائية (‬

‫على محمد‪ ً،‬الذى ابتدع هذه النهحلة‪ ً،‬وإليه يتنسب هذه الطائفة‪ً،‬‬
‫البابية‪ :‬نسبة إلى الباب‪ ً،‬وهو لقب ميرزا ي‬
‫باعتباره المؤسس الول لها‪.‬‬
‫والبهائية‪ :‬نسبة إلى بهاء ال‪ ً،‬وهو لقب ميرزا حسين على‪ ً،‬الزعيم الثانى للبابية‪ ً،‬وإليه يتنسب هذه‬
‫الطائفة‪ ً،‬باعتباره المؤسس الثانى لها‪.‬‬
‫وأصل نشأة هذه الطائفة‪ :‬أن ميرزا علسى محمد‪ ً،‬الملقب بالباب‪ ً،‬والمولود فى سنة ‪ 1235‬هجرية‪ ً،‬توفى‬
‫عنه والده ميرزا محمد رضا قبل فطامه‪ ً،‬فيربى في حجر خاله ميرزا سيد علسى‪ ً،‬ونشأ معه فى مدينة‬
‫شيراز بجنوب إيران‪ ً،‬واشتغل معه بالتجارة‪ ً،‬ولما بلغ سنه الخامسة والعشرين ادعى أنه الباب ‪ -‬والباب‬
‫عند الشيعة معناه نائب المهدى المنتظر ‪ -‬وكان ادعاؤه هذا فى سنة ‪ 1260‬هجرية‪ ً،‬وما لبث أن‬
‫وصلت هذه الدعوة إلى طائفة من الجاهلين فصردقوا بها‪ ً،‬وتتابعوا عليها‪ ً،‬وكان عدد ممن صردقه في أول‬
‫ل‪ ً،‬فسماهم بكلمة "حى" لن عدد حرفيها بحساب اليجرمل ثمانية عشر‪ ً،‬ثم أمر‬ ‫المر ثمانية عشر رج ل‬
‫أتباعه هؤلء بالنتشار في إيران وبلد العراقا‪ ً،‬يبشرون به وبدعوته‪ ً،‬وأوصاهم بكتمان اسمه حتى‬
‫ييظهره هو بنفسه‪ ً،‬ولما حج وفرغا من أعمال الحج أعلن دعوته فى المجتمع الكبير فاشتهر اسمه‪ ً،‬ولما‬
‫حج وفرغا من أعمال الحج أعلن دعوته في المجتمع الكبير فاشتهر اسمه‪ ً،‬وذاعت دعوته‪ ً،‬فثارت عليه‬
‫طوائف المسلمين‪ ً،‬وقاموا فى سبيل دعوته يحاربونها بكل الوسائل‪.‬‬
‫وقد عقد بعضِ الولة بين العلماء وبين الباب مناظرات أظهرت ما فى دعوته من غواية وضلل‪ ً،‬فكرفره‬
‫بعضِ العلماء‪ ً،‬ورماه بعضِ آخر منهم بالجنون‪ ً،‬فاعتقله الوالى فى سجن شيراز‪ ً،‬ثم فى سجن أصفهان‪ً،‬‬
‫ثم فى طهران‪ ً،‬ثم فى أذربيجان‪ .‬وفى عهد السلطان ناصر الدين شاه اشتدت الخصومة بين البابيين‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومخالفيهم‪ ً،‬وقامت بينهم حرب طاحنة كان من نتائجها أن أمر الصدر العظم بقتل الباب‪ ً،‬مفيعليمقا في‬
‫ميدان مدينة تبريز‪ ً،‬ويقرتل رميا بالرصاص‪ ً،‬وذلك فى سنة ‪ 1265‬هجرية‪.‬‬
‫وبعد قتله اختلف أتباعه على أنفسهم في شأن ممن يوب عنه‪ ً،‬وظهرت من بعضِ أتباعه دعاوى مختلفة‪ً،‬‬
‫من قبيل النبوة‪ ً،‬والوصاية‪ ً،‬والولية‪ ً،‬وأمثالها‪ ً،‬وظلوا على هذا المر إلى أن حاول بعضهم اغتيال‬
‫ناصر الدين شاه سنة ‪ 1268‬هجرية انتقاما لزعيمهم الباب‪ ً،‬ولما خاب سعيهم وفشلوا فى هذه المؤامرة‪ً،‬‬
‫أخذت الحكومة تضطهد زعماء البابيين‪ ً،‬وتسوقهم إلى التحقيقا‪ ً،‬فيقتل ممن يقرتل‪ ً،‬وينرفمى ممن ينفىـ وكان من‬
‫بين زعمائهم فى هذا الوقت ‪ -‬وقت الضطهاد ‪ -‬ميرزا حسين علسى الملقب فيما بعد‪" :‬بهاء ال"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) البابية والبهائية ( ضمن العنوان‬
‫) بهاء ال (‬

‫ولد بهاء ال سنة ‪ 1233‬هجرية‪ ً،‬وكان ابنه ميرزا عباس من كبار وزراء الدولى فى وقته‪ ً،‬فلما قام‬
‫الباب واشتهر أمره صردقه بهاء ال‪ ً،‬فاشتد به أزر البابيين وكثرت جماعتهم‪ ً،‬كولما حدثت حادثة سنة‬
‫‪ 1268‬هجرية‪ ً،‬وهى محاولة اغتيال ناصر الدين شاه‪ ً،‬يقربضِ على بهاء ال ويسرجن نحو أربعة أشهر‪ ً،‬ثم‬
‫يأفرج عنه ويأبعد إلى العراقا‪ ً،‬فدخل بغداد سنة ‪ 1269‬هجرية‪ ً،‬ومكث بها اثنى عشر عاما‪ ً،‬يدعو الناس‬
‫إلى نفسه‪ ً،‬ويزعم أنه هو الموعود به الذى أخبر عنه الباب‪ ً،‬وكان يشير إليه بلفزظ "ممن ييظهره ال"‬
‫وهناك تجرمع حوله بعضِ أتباعه الذين لحقوا به من البابيين‪ ً،‬وتسموا حينئذ بالبهائيين‪ ً،‬ووقعت بينهم‬
‫وبين شيعة العراقا فتنة كادت يتفضي إلى قيام حرب أهلية بين الفريقين‪ ً،‬فقررت الحكومة العثمانية فى‬
‫ذلك الوقت إرسال بهاء ال إلى الستانة‪ ً،‬فأرسل إليها ومكث بها نحوا من أربعة أشهر‪ ً،‬ثم ينفى إلى‬
‫أدرنة ومكث بها نحوا من خمس سنوات‪ ً،‬ثم ينفى منها إلى عكا من بلد الشام سنة ‪ 1285‬هجرية‪ ً،‬وبقى‬
‫بها إلى أن مات سنة ‪ 1309‬هجرية‪ ً،‬فتولى رئاسة الطائفة ابنه عباس )المولود سنة ‪1844‬م والمتوفى‬
‫سنة ‪1921‬م( والملقب "عبد البهاء"‪ ً،‬فأخذ يدعو إلى هذا المذهب‪ ً،‬ويتصرف فيه كيف يشاء‪ ً،‬فلم يرضِ‬
‫هذا الصنيع أتباع البهاء فانشقوا عليه‪ ً،‬والتف فريقا منهم حول أخيه الميرزا علسى‪ ً،‬وأرلفوا كتبا في الطعن‬
‫على بعد البهاء يتهمونه فيها بالمروقا من دين البهاء‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) البابية والبهائية ( ضمن العنوان‬
‫) الصلة بين عقائد البابية وعقائد الباطنية القدامى (‬

‫بالرغم من أن هذه الفرقة لم تظهر إل قريبا‪ ً،‬فإرنا نجدها ليست بالفرقة المحمدثة فى عقائدها وتعاليمها‪ ً،‬بل‬
‫هى فى الحقيقة ونفس المر وليدة من ولئد الباطنية‪ ً،‬تغذت من ديانات قديمة‪ ً،‬وآراء فلسفية‪ ً،‬ونزعات‬
‫لمول‪ ً،‬وتترسم خطاهم فى كل شىء‪ ً،‬وتهذى فى كتاب ال‪ً،‬‬ ‫سياسية‪ .‬ثم درجت تحذو حذو الباطنية ا ي‬
‫فتأرولته بمثل ما تأرولوه‪ ً،‬لتصرف عنه قلوبا تعلقت به ونفوسا اطمأنت إليه‪.‬‬
‫لمول‪ ً،‬ويطلع على ما فى كتبهم من خرافات وأباطيل‪ ً،‬ثم يقرأ تاريخْ البابية‬ ‫والذى يقرأ تاريخْ الباطنية ا ي‬
‫والبهائية‪ ً،‬ويطلع على ما فى كتبهم من خرافات وأباطيل‪ ً،‬ل يسعه إل أن يحكم بأن روح الباطنية حرلت‬
‫فى جسم ميرزا علسى‪ ً،‬وميرزا حسين علسى‪ ً،‬فخرجت للناس أخيرا باسم البابية والبهائية‪.‬‬
‫تقوم دعوة قدماء الباطنية على إبطال الشريعة السلمية‪ ً،‬وينفذون إلى عقول العامة بإظهارهم الحب‬
‫والتشيع‪ ً،‬بل والنتساب إلى آل البيت‪ ً،‬ثم يصلون إلى أهوائهم ومآربهم بصرفهم القرآن إلى معان باطنية‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل يقبلها العقل‪ ً،‬ول تمت إلى الدين بسبب‪ ً،‬وعلى هذا الساس قامت دعوة البابية والبهائية‪ ً،‬وبمثل هذه‬
‫الوسيلة وصلوا إلى أغراضهم وأهوائهم‪ ً،‬وإليك ما يوضح ذلك‪:‬‬
‫أول‪ :‬فى الباطنية ممن يردعى النبوة لنفسه أو يردعيها لغيره‪ ً،‬وميرزا علسى الملقب بالباب يردعى أنه رسول‬
‫للناس من رقمبرل ال تعالى‪ ً،‬وله كتاب اسمه "البيان" اردعى أنه يمنرزل عليه من عند ال تعالى‪ .‬وقد جاء فى‬
‫رسالة بعث بها الباب إلى العلمة اللوسى صاحب التفسير المعروف‪ ً،‬يدعوه فيها إلى اليمان به‪" :‬إنني‬
‫أنا عبد ال‪ ً،‬قد بعثنى بالهدى من عنده" وسمى فى هذه الرسالة مذهبه "دين ال" فقال‪" :‬وممن لم يدخل فى‬
‫دين ال‪ ً،‬مثله كمثل الذين لم يدخلوا فى السلم"‪.‬‬
‫ول نعلم ماذا أجاب به اللوسى على هذه الرسالة‪ ً،‬وإن كنا نعلم رأيه فى هذه الطائفة عندما تعررضِ‬
‫لتفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [40‬من سورة الحزاب‪} :‬رما مكامن يممحرمفد أممبآ أممحهَد يمن يرمجارليكهم مولمــركن رريسومل‬
‫ٱلرلره مومخامتم ٱلرنربيييمن{ُ‪ ...‬وذلك حيث يقول‪" :‬وقد ظهر فى هذا العصر عصابة من غلة الشيعة لقبوا أنفسهم‬
‫بالبابية‪ ً،‬لهم فى هذا الباب فصول يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم فى سلك ذوى العقول‪ ً،‬وقد كاد‬
‫يتمكن عرقهم من العراقا لول همة واليه النجيب الذى وقع على همته وديانته التفاقا‪ ً،‬حيث خذلهم ‪-‬‬
‫نصره ال ‪ -‬وشتت شملهم‪ ً،‬وغضب عليهم ‪ -‬رضي ال تعالى عنه ‪ -‬وأفسد عملهم‪ .‬فجزاه ال تعالى‬
‫عن السلم خيرا‪ ً،‬ودفع عنه فى الدارين ضيما وضيرا"‪.‬‬
‫وكذلك اردعى زعيمهم الثانى الملقب ببهاء ال‪ :‬أنه رسول من عند ال‪ ً،‬جاء لتأسيس السلم على‬
‫الرضِ‪ ً،‬وبين أيدينا كتاب بهاء ال‪ ً،‬وييطلقا عليه اسم "الكتاب" قرأنا فيه فوجدناه يقول‪:‬‬
‫"لعمر ال إن البهاء ما نطقا عن الهوى‪ ً،‬قد أنطقه الذى أنطقا الشياء بذكره وثنائه‪ ً،‬ل إله إل هو الفرد‬
‫الواحد المقتدر المختار"‪.‬‬
‫"لعمرى ما أظهريت نفسى‪ ً،‬بل ال أظهرنى كيف أراد‪ ً،‬إنى كنت كأحد من العباد‪ ً،‬وراقدا على المهاد‪ً،‬‬
‫مسرت علسى نسائك السبحان‪ ً،‬وعرلمنى علم ما كان‪ .‬ليس هذا من عندى بل من لدن عزيز عليم‪ .‬وأمرنى‬
‫على ما ذرفت به دموع العارفين‪ .‬ما قرأت ما عند الناس من‬ ‫بالنداء بين الرضِ والسماء‪ ً،‬بذلك ورد س‬
‫العلم‪ ً،‬وما دخليت المدارس؛ً فاسأل المدينة التي كنيت فيها لتوقن بأنى لست من الكاذبين"‪.‬‬
‫"قل قد أتى المختار‪ ً،‬فى ظل النوار‪ ً،‬ليحيى الكوان‪ ً،‬من نفحات اسمه الرحمن‪ ً،‬ويتحد العالم‪ ً،‬ويجتمعوا‬
‫على هذه المائدة التى نزلت من السماء"‪.‬‬
‫ويرى الباب أن شريعته ناسخة للشريعة السلمية‪ ً،‬فابتدع لتباعه أحكاما خالف بها ما جاءت به‬
‫الشريعة السلمية‪ ً،‬فجعل الصوم تسعة عشر يوما من شروقا الشمس إلى غروبها‪ ً،‬وعرين لهذه اليام‬
‫وقت العتدال الربيعى‪ ً،‬بحيث يكون عيد الفطر عندهم يوم "النيروز" على الدوام‪ ً،‬وفى كتاب "البيان"‪:‬‬
‫"‪ ...‬أيام معدودات‪ ً،‬وقد جعلنا النيروز عيدا لكم بعد إكمالها"‪.‬‬
‫كذلك يرى بهاء ال أن شريعته ناسخة للشريعة السلمية‪ ً،‬ويقرر ذلك فى كتابه فيقول‪" :‬لو كان القديم‬
‫هو المختار عندكم‪ ً،‬لما تركتم ما شرع فى النجيل‪ ً،‬مبيينوا يا قوم‪ ...‬لمعهمرى ليس لكم اليوم من محيص‪ً،‬‬
‫إن كان هذا جرمى فقد سبقنى فى ذلك محمد رسول ال‪ ً،‬ومن قبله الروح‪ ً،‬ومن قبله الكليم‪ .‬وإن كان‬
‫ذنبى إعلء كلمة ال وإظهار أمره‪ ً،‬فأنا أول المذنبين‪ .‬ل أبدل هذا الدين بملكوت السموات والرضين"‪.‬‬
‫وقرر البهاء أن الدين قسمان‪ .‬عملى وروحانى‪ ً،‬فالقسم الروحانى وهو مظاهر اللوهية والنبوة‪ ً،‬غير‬
‫قابل للتبديل‪ .‬والقسم العملى‪ ً،‬وهو المتعلقا بالصور والشكال الخارجية‪ ً،‬قابل للتغيير‪ .‬وعلى هذا المبدأ‬
‫جعل لتباعه الصلة تسع ركعات فى اليوم والليلة‪ ً،‬وجعل قبلتهم فى الصلة أين يكون هو!!‪.‬‬
‫وفى هذا يقول‪" :‬إذا أردتم الصلة فمورلوا وجوهكم شطرى القدس"‪ ً،‬وسروى بين الرجل والمرأة في‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحقوقا الشرعية والسياسية‪ ً،‬وقرر عقوبات مالية للزنا والسرقة وغيرهما‪ ً،‬ومنع التسيرى‪ ً،‬وحررم الزواج‬
‫بأكثر من واحدة‪ ً،‬وقريد لهم الطلقا وصرعبه‪ .‬ويحرجته فى هذا كله‪ :‬أن جميع الديان أضحت ل تصلح‬
‫لصلح العاملم‪ ً،‬فل بد من دين جديد يوافقا هذا العصر‪ ..‬عصر التقدم المادى العظيم‪ .‬وهذا الدين الذى‬
‫جاء به هو الذى يصلح فى نظره لمسايرة هذا العصر دون غيره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬منع الحسن بن الصرباح وغيره من زعماء الباطنية‪ ً،‬العوام من دراسة العلوم‪ ً،‬والخواص من النظر‬
‫فى الكتب المتقدمة‪ ً،‬وفعل الباب مثل ذلك فحررم فى كتابه "البيان" التعليم وقراءة كتب غير كتبه‪ ً،‬فكان‬
‫من وراء ذلك أن حرقا أتباعه القرآن الكريم‪ ً،‬وما فى أيديهم من كتب العلم‪ ..‬ولكن بهاء ال أدرك أن‬
‫هذا التحجير قد يصرف بعضِ الناس عن دعوته‪ ً،‬فنسخْ ذلك التحجير‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى كتابه‬
‫المسمى بـ "القدس"‪" :‬قد عفا ال عنكم ما منرزل فى البيان من محو الكتب‪ ً،‬وآذنا بكم بأن تقرأوا من‬
‫العلوم ما ينفعكم"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬رممن الباطنية ممن يردعى حلول الله فى بعضِ الشخاص‪ ً،‬كالقرامطة الذين يردعون حلول الله فى‬
‫إمامهم محمد بن إسماعيل‪ .‬ونجد مثل هذه الدعوى متجلية فى بعضِ مقالت البابية‪ ً،‬فهذا بهاء ال يقول‬
‫فى "الكتاب"‪" :‬لنا مع ال حالت نحن فيها هو‪ ً،‬وهو نحن‪ ً،‬ونحن نحن"‪.‬‬
‫وهذا عباس الملقب بعبد البهاء يقول‪" :‬وقد أخبرنا بهاء ال بأن مجىء رب الجنود والب الزلى‪ً،‬‬
‫ومخيلص العاملم الذى ل بد منه فى آخر الزمان‪ ً،‬كما أنذر جميع النبياء‪ ً،‬عبارة عن تجليه فى الهيكل‬
‫البشرى‪ ً،‬كما تجلى فى هيكل عيسى الناصرى‪ ً،‬إل أن تجليه فى هذه المرة أتم وأكمل وأبهى‪ ً،‬فعيسى‬
‫وغيره من النبياء هيأوا الفئدة والقلوب لستعداد هذا التجلى العظم"‪.‬‬
‫يريد بهذا‪ :‬أن ال تجرلى فيه بأعظم من تجليه فى أجسام النبياء على ما يزعم‪.‬‬
‫وهذا أبو الفضل اليرانى أحد دعاتهم يقول‪ ..." :‬فكل ما توصف به ذات ال وييضاف وييسند إلى ال من‬
‫العزة‪ ً،‬والعظمة‪ ً،‬والقدرة‪ ً،‬والعلم‪ ً،‬والحكمة‪ ً،‬والرادة‪ ً،‬والمشيئة‪ ....‬وغيرها من الوصاف‪ ً،‬إنما يرجع‬
‫بالحقيقة إلى مظاهر أمره‪ ً،‬ومطالع نوره‪ ً،‬ومهابط وحيه‪ ً،‬ومواقع ظهوره"‪ ....‬ومثل هذا كثير فى كلم‬
‫زعمائهم ودعاتهم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬يردعى الباطنية رجوع المام المعصوم بعد استتاره‪ ً،‬ويحصرون مدارك الحقا فى أقواله‪ .‬والبهائية‬
‫يقولون هذا القول ويثبتونه فى كتبهم‪.‬‬
‫يقول بهاء ال في الكتاب‪" :‬يسند القائم ظهره إلى الحرم‪ ً،‬ويمد يده المباركة‪ ً،‬فيترى بيضاء من غير‬
‫سوء‪ ً،‬ويقول‪ :‬هذه يد ال‪ ً،‬ويمين ال‪ ً،‬وعين ال‪ ...‬وبأمر ال أنا الذى ل يقع عليه اسم ول صفة‪ً،‬‬
‫ظاهرى إمامة‪ ً،‬وباطنى غيب ل ييدرك"‪.‬‬
‫وقد عرفت أن البابية والبهائية يعبرون عن المام المعصوم بـ "ممن سييظهره ال"‪ ً،‬ويزعمون أنه هو‬
‫الذى يعرف تأويل ما جاءت به الرسل عليهم السلم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬من مبادىء قدماء الباطنية التفرس‪ .‬وعلى هذا المبدأ منعوا التكلم بآرائهم في بيت فيه سراج ‪-‬‬
‫أى فقيه أو متعلم ‪ -‬والبهائية يسيرون على هذا المبدأ وإليك ما يثبت ذلك‪:‬‬
‫أرسل إلى أبى الفضائل اليرانى بعضِ إخوانه كتابا يرجوه فيه أن يرد على مقال كتبه جرجس صال‬
‫النجليزى بإمضاء هاشم الشامى‪ ً،‬والمقال يتضمن توجيه العتراضات على فصاحة القرآن الكريم‪ً،‬‬
‫فاعتذر أبو الفضائل عن ذلك فى رسالة أرسل بها إلى صاحبه يقول فيها‪:‬‬
‫"‪ ...‬إن هناك موانع جمة‪ ً،‬أعظمها وأشدها مانع كبير ل يستسهل العاقل تذليل صعوباته‪ ً،‬ول يتسنم النبيه‬
‫متن صهواته‪ ً،‬حيث إن قلوب الذين اكتفوا من السلم باسمه‪ ً،‬ومن القرآن برسمه‪ ً،‬تعذت فى مدة مديدة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأزمنة غير وجيزة بقشور المطالب‪ ً،‬وألفت سفاسف المسائل حتى بعدت عن لباب الكتاب‪ ً،‬وجهلت‬
‫حقيقة معانى الخطاب‪ ً،‬فلو كشفنا عن حقائقا الشارات‪ ً،‬وأظهرنا المعانى المقصودة من ظواهر‬
‫العبارات‪ ً،‬فطلعت صور الحقائقا المقصورة فى قصر اليات‪ ً،‬وتهللت وجوه المعانى المستورة فى‬
‫خدور الستعارات‪ ً،‬لندفع تلك الردود والعتراضات‪ ً،‬ونظهر بطلن تلك اليرادات والنتقادات‪ ً،‬تثور‬
‫أو لل أحقاد جهلئنا‪ ً،‬ويرتفع نعيب سفهائنا‪ ً،‬وينادون بالويل والثبور‪ ً،‬ويثيرون الحقاد الكامنة فى‬
‫الصدور‪."...‬‬
‫ثم يقول لصاحبه فى آخر الرسالة‪ ..." :‬لتعلم حقا العلم أنى ما نسيت ولم أكره صفة من صفاتك‪ ً،‬ول‬
‫خلة من خللك‪ ً،‬ولكن ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬إنك نسيت وصية روح ال الواردة فى سفر ممرتى‪" :‬ل تلقوا‬
‫جواهركم تحت أرجل الخنازير" حيث تجاهر بجواهر السرار ومعالى المعانى‪ ً،‬عند ممن ل يستحقا أن‬
‫تخاطبه وتلطفه‪ ً،‬وتجالسه وتؤانسه‪ ً،‬فكيف أنه يكون مستودع الحكمة اللهية‪ ً،‬والسرار الربانية‪ً،‬‬
‫فتمرسك بالحكمة‪ ً،‬وكن على جانب عظيم من الفطنة"‪.‬‬
‫ويقول فى رسالة أرسلها إلى الشيخْ فرح ال زكى الكردى أحد أتباعهم فى مصر‪ .." :‬واعلم يا حبيبى‬
‫أنه سيدخل عليكم كثيرون‪ ً،‬ويتظاهرون بنوايا المتفحص الباحث‪ ً،‬ويظهرون السلم والوفاقا‪ ً،‬وهم أهل‬
‫النفاقا وأصل الشقاقا‪ ً،‬ومقصودهم معرفة أهل اليمان‪ ً،‬واضطهاد أصحاب اليقان كما تصرح وتنادى‬
‫أى الفرقان‪ ً،‬منها قوله تعالى‪} :‬ميهوم مييقويل ٱهليممنارفيقومن موٱهليممنارفمقايت رلرلرذيمن آممينوها ٱنيظيرومنا منهقمتربهس رمن سنورريكهم رقيمل‬
‫ضررمب مبهيمنيهم ربيسوهَر لريه مبافب مبارطينيه رفيره ٱلررهحممية مومظارهيريه رمن رقمبرلره‬ ‫ٱهررجيعوها مومرآمءيكهم مفٱِهلمترميسوها ينورا مف ي‬
‫ٱهلمعمذا يب{ُ‪ ...‬إلى آخر اليات‪ ً،‬فتحكم الية المباركة أنه ل بد من دخول أهل النفاقا على أصحاب الوفاقا‪ً،‬‬
‫للستطلع والستراقا‪ ً،‬فل يغرنك تحببهم وترفقهم‪ ً،‬ول يخدعنك ملينتهم وتملقهم‪ ً،‬فإن التهور والتعجل‬
‫يوجب الندم والفتضاح‪ ً،‬والتروى يكفل النجاح والفلح‪ .‬ومن الحكم المأثورة‪" :‬العجلة من الشيطان‪ً،‬‬
‫والتأنى من الرحمن"‪.‬‬
‫من كل ما تقدم يظهر لنا بوضوح‪ :‬أن البابية والبهائية ليسوا أصحاب رنهحلة جديدة فى تعاليمها‬
‫ومعتقداتها‪ ً،‬وإنما هم قوم من أهل الباطن يريدون الكيد للسلم باسم الصلح الدينى‪ ً،‬وسيظهر لك من‬
‫لمول‪ ً،‬ويترسمون خطاهم فى‬ ‫تأويلتهم للقرآن ‪ -‬علوة على ما سبقا ‪ -‬أنهم ينهجون نهج الباطنية ا ي‬
‫تحريفهم لكتاب ال‪ ً،‬والعبث بآياته!!‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) البابية والبهائية ( ضمن العنوان‬
‫) موقف البابية والبهائية من تفسير القرآن الكريم (‬

‫لم تحل عقائد البابية والبهائية بينهم وبين العتراف بالقرآن الكريم‪ ً،‬ولم يمنعهم موقفهم الشاذ من‬
‫الرجوع إليه ليأخذوا منه الشواهد على دعاواهم الباطلة‪ ً،‬ومذاهبهم الفاسدة‪ ً،‬تمويها على العامة‪ ً،‬وتغريرا‬
‫بعقول الغمار الجهلة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) البابية والبهائية ( ضمن العنوان ) أبو‬
‫الفضائل اليرانى يعيب تفاسير أهل السسرنة (‬

‫ولم يكن فى وجوههم قطرة من الحياء تمنعهم من التنديد بتفاسير علماء أهل السسرنة وتحقيرها‪ ً،‬فهذا‬
‫داعيتهم أبو الفضائل اليرانى‪ ً،‬نجده فى رسالة أرسلها لصديقا له‪ ً،‬يعيب على تفاسير أهل السسرنة فيقول‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"‪ ...‬ولقد يدهش النسان ويتحير يا حبيبى من تعاليمهم الباطلة‪ ً،‬وتفاسيرهم المضحكة‪ ً،‬فإن أحباءنا‬
‫المريكيين الذين تشرفوا بالوفود على الرضِ المقدسة فى هذه اليام الخيرة‪ ً،‬قابلناهم فى بيروت‪ً،‬‬
‫وسافرنا معهم إلى الرضِ الفيحاء مدينة حيفا‪ ً،‬أخبرونا بما يتحير منه الريب‪ ً،‬ويدهش منه اللبيب‪ً،‬‬
‫كيف تقدمت كلمة ال فى تلك القطار البعيدة الشاسعة مع هذه التفاسير الباطلة الضائعة‪ ً،‬من النفوس‬
‫الجاهلة الخادعة؟ أليس ذلك من عظيم قدرة ال وشديد قوته؟‬
‫وسطوع آياته وظهور مبييناته"؟‬
‫يعيب أبو الفضائل تفسير أهل السسرنة‪ ً،‬لنه يرى فى زعمه أنه وأهل رنحهلته خير ممن يفهم القرآن‪ ً،‬ويعلم ما‬
‫فيه من أسرار ورموز‪ ً،‬ويرى أنه ومن شاكله هم الراسخون فى العلم‪ ً،‬الذين يقفون على عجائب القرآن‬
‫التى ل يدل عليها إل باطنه‪ ً،‬أما ما يعنى به مفسرو أهل السسرنة من الظواهر فليس فى زعمه من المعانى‬
‫التى يرمى إليها القرآن‪ ً،‬وفى هذا يقول ما نصه‪:‬‬
‫"‪ ...‬لو كان معانى آيات القرآن ما هو ظاهر يعرفه كل ممن يعرف السلغة العربية‪ ً،‬ويتلذذ منه كل ممن له‬
‫إلمام بالعلوم الدبية‪ ً،‬كيف يتم هذا القول ‪ -‬يريد قول رسول ال صلى ال عليه وسلم فى شأن القرآن‪:‬‬
‫"إنه ل تنقضى عجائبه" ‪ -‬وكيف يصدقا قول ال فى الية من سورة آل عمران‪} :‬مومما ميهعلميم متهأرويلميه إر ر‬
‫ل‬
‫ٱللريه موٱلررارسيخومن رفي ٱهلرعهلرم{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) البابية والبهائية ( ضمن العنوان‬
‫) إنتاج البابية والبهائية فى التفسير‪ ً،‬ومثل من تأويلتهم الفاسدة (‬

‫ولكن هل وصل إلى أيدينا شىء من كتب هذه الطائفة فى تفسير القرآن؟ لم نسمع ولم نقرأ أنهم أرلفوا‬
‫تفسيرا متناولل للقرآن آية آية‪ ً،‬وإنما قرأنا أن رئيسهم الول فرسر سورة البقرة‪ ً،‬وسورة الكوثر‪ ً،‬ولكن لم‬
‫يصل إلى أيدينا شىء من ذلك‪ ً،‬وكل ما وصل إلينا هو نبذ من تفسيره‪ ً،‬وتفسير بعضِ أشياعه ودعاته‪ً،‬‬
‫قرأناها فى كتبهم أنفسهم‪ ً،‬وفى الكتب والمقالت التى كتبت عنهم‪ ً،‬وهذه النبذ مع رقرلتها تصور لنا مقدار‬
‫تهجمهم على تحريف القرآن الكريم‪ ً،‬والميل بنصوصه إلى ما ييرضى أهواءهم‪ ً،‬وييشبع أطماعهم‪ .‬وإليك‬
‫بعضِ التأويلت‪ ً،‬لتقف بنفسك على مقدار هذيان القوم‪ ً،‬وتلعبهم بالقرآن وبالعقول!!‬
‫*من تأويلت الباب‪:‬‬
‫ف رسر الباب سورة يوسف‪ ً،‬فمشى فيها على طريقة التأويل الذى ل يقره الشرع ول يقبله العقل‪ ً،‬ول يمكن‬
‫أن يفهمه إل ممن يفهم لغة المبرسمين كما قيل‪.‬‬
‫وإليك بعضِ ما قاله الباب في تفسيره لسورة يوسف‪ ً،‬لتقف على مقدار هذيانه‪ ً،‬وتلعبه بالنصوص‬
‫القرآنية‪:‬‬
‫عند قوله تعالى فى الية‪} :[4] :‬إهذ مقامل ييويسيف م‬
‫لربيره ـيمأبرت إريني مرأمهييت أممحمد معمشمر مكهومكبا موٱلرشهممس موٱهلمقمممر‬ ‫ر‬
‫مرأمهييتيههم رلي مسارجردي من{ُ‪ ...‬يقول ما نصه‪" :‬وقد قصد الرحمن من ذكر يوسف نفس الرسول‪ ً،‬وثمرة البتول‪ً،‬‬
‫حسين ابن عل سي بن أبى طالب مشهودا‪ ..‬إذا قال حسين لبيه يوما‪ :‬إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس‬
‫والقمر رأيتهم بالحاطة على الحقا ل القديم يسرجادا‪ ...‬وإن ال قد أراد بالشمس فاطمة‪ ً،‬وبالقمر محمدا‪ً،‬‬
‫وبالنجوم أئمة الحقا فى أييم الكتاب معروفا‪ ً،‬فهم الذين يبكون على يوسف بإذن ال يسرجدا وقياما"‪.‬‬
‫ص يرهؤميامك معلمـى إرهخمورتمك مفميركييدوها لممك مكهيدا إررن ٱلرشهيمطامن‬‫ص ه‬ ‫ل متهق ي‬
‫وفى قوله تعالى فى الية‪} :[5]:‬مقامل ـييبمنري م‬
‫على‪ :‬يا بمنري ل يتخبر مما أراك ال من أمرك إخوتك‬ ‫لهنمسارن معيدوو سمربيفن{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬إذ قال س‬ ‫رل ر‬
‫ترحما على إلفهم‪ ً،‬وصبرا ل تعالى‪ ً،‬وهو ال كان عزيزا حميدا‪ .‬إن كنت تخبر من أمرك فى بعضِ مما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قضى ال فيك‪ ً،‬فيكيدوا لك كيدا‪ ً،‬بأن يقتلوا أنفسهم فى محبة ال من دون نفسك الحقا شهيدا‪ ً،‬وإن ال‬
‫لوجهك بدمك محمرا على الرضِ بالحقا على الحقا صبيغا‪ ً،‬وإن ال قد شاء كما شاء أن يراك مخضبا‬
‫ل‪ .‬وجسمك على الرضِ عريا‪.‬‬ ‫شعرك من دمك ونفسك على الرضِ على غير الحقا لدى الحقا قتي ل‬
‫وإن ال شاء كما شاء بأن يرى بناتك وحريمك فى أيدى الكافرين أسيرا‪.‬‬
‫صمبفة إررن أممبامنا ملرفي‬
‫وعند قوله تعالى فى الية]‪} :[8‬إرهذ مقايلوها لمييويسيف موأميخويه أممحسب إرلمـى أمربيمنا رمرنا مومنهحين يع ه‬
‫لهَل سمربي هَن{ُ‪ ..‬يقول ما نصه‪ .." :‬إذ قالوا حروف ل إله إل ال‪ .‬وأن يوسف أحب إلى أبينا منا بما قد‬ ‫ضم‬‫م‬
‫سبقا من علم ال حرفا مستسرا بالسر يمقرنعا على السر محتجبا في سطر‪ ً،‬غايبا في سر السر مرتفعا‬
‫عما فى الدنيا وأيدى العاملمين جميعا‪ .‬وإرنا نحن عصبة فيما أراد ال فى شأن يوسف النبى محمد العربى‬
‫ضل أبانا بفضل نفسه وقدر ال سر المستسر من سر أمره بما فى‬ ‫حول السطر مسطورا‪ .‬وإن ال قد ف ر‬
‫ل‪ ...‬إلخْ‪.‬‬ ‫أيدى العالمين بالكشف المبين على أهل النار من سر "الباء" ضل ل‬
‫*من تأويلت بهاء ال‪:‬‬
‫ويروى بهاء ال أن ما ورد فى القرآن عن الصراط‪ ً،‬والزكاة‪ ً،‬والصيام‪ ً،‬والحج‪ ً،‬والكعبة‪ ً،‬والبلد الحرام‪ً،‬‬
‫وما إلى ذلك‪ ً،‬كله ل يراد به ظاهره وإنما يراد به الئمة‪ .‬وفى هذا يقول فى "الكتاب"‪" :‬قال أبو جعفر‬
‫الطوسى‪ :‬قلت لبى عبد ال‪ :‬أنتم الصراط فى كتاب ال‪ ً،‬وأنتم الزكاة‪ ً،‬وأنتم الحج؟ قال‪ :‬يا فلن؛ً نحن‬
‫الصراط فى كتاب ال معرز ومجرل‪ ً،‬ونحن الزكاة‪ ً،‬ونحن الصيام‪ ً،‬ونحن الحج‪ ً،‬ونحن الشهر الحرام‪ ً،‬ونحن‬
‫البلد الحرام‪ ً،‬ونحن كعبة ال‪ ً،‬ونحن رقهبلة ال‪ ً،‬ونحن وجه ال"‪.‬‬
‫وفى كتاب بهاء ال والعصر الجديد‪ ً،‬ما يدل على أن البهائيين ل يعترفون البعث‪ ً،‬ول بالجنة والنار‪ً،‬‬
‫حيث يف يسرون يوم الجزاء ويوم القيامة بمجىء ميرزا حسين الملقب ببهاء ال‪ ً،‬قال فى كتاب بهاء ال‬
‫والعصر الجديد‪" :‬وطبقا للتفاسير البهائية‪ ً،‬يكون مجيء كل مظهر إلهى عبارة عن يوم الجزاء‪ ً،‬إل أن‬
‫مجىء المظهر العظم بهاء ال‪ :‬هو يوم الجزاء العظم للدورة الدنيوية التى نعيش فيها"‪ ً،‬وقال‪" :‬ليس‬
‫يوم القيامة أحد اليام العادية‪ ً،‬بل هو يوم يبتدئ بظهور المظهر‪ ً،‬ويبقى ببقاء الدورة العالمية"‪.‬‬
‫وييف يسر البهائية الجنة بالحياة الروحانية‪ ً،‬والنار بالموت الروحانى‪ ً،‬فقد جاء فى كتاب بهاء ال والعصر‬
‫الجديد‪" :‬إن الجنة والنار فى الكتب المقدسة حقائقا مرموزة" فالجنة ترمز إلى حياة الكمال‪ ً،‬والنار ترمز‬
‫إلى حياة النقص‪ ً،‬ولما كانت الحياة الروحية في نظر البهاء هي اليمان به‪ ً،‬والموت الروحى هو تكذيب‬
‫دعوته‪ .‬فإرنا نراه يقرر ذلك فيقول‪ ..." :‬منهم ممن قال‪ :‬هل اليات نزلت؟ قل‪ :‬إى ورب السموات‪ .‬قال‪:‬‬
‫أين الجنة والنار؟ قل‪ :‬الولى لقائى‪ ً،‬والخرى نفسك يا أيها المشرك المرتاب"‪.‬‬
‫*من تأويلت عبد البهاء عباس‪:‬‬
‫كذلك نجد عبد البهاء‪ ً،‬يتكلم عن النبوة والوحى بما يوافقا كلم قدماء الباطنية الذين قرلدوا الفلسفة‬
‫فيقول‪" :‬النبياء مرايا تنبئ عن الفيضِ اللهى‪ ً،‬والتجلى الروحانى‪ ً،‬وانطبعت فيها أشعة ساطعة من‬
‫شمس الحقيقة‪ ً،‬وارتسمت فيها الصور العالية ممثلة لها تجليات أسماء ال اليحسنى‪ .‬ما ينطقا عن الهوى‬
‫إن هو إل وحي يوحى‪ ً،‬فهم معادن الرحمة‪ ً،‬ومهابط الوحى‪ ً،‬ومشارقا النوار‪ ً،‬ومصادر الرسال‪ .‬وما‬
‫أرسلناك إل رحمة للعاملمين"‪.‬‬
‫صور الذيِ يينفخْ فيه يوم القيامة‪ ً،‬وتقول‪" :‬إن‬ ‫ونجد يقررة العيون ‪ -‬إحدى أتباع الباب ‪ -‬تردعى أنها ال ي‬
‫صور الذى ينتظرون فى اليوم الخير هو أنا"‪.‬‬ ‫ال ي‬
‫وبين أيدينا رسائل أبى الفضائل‪ ً،‬محمد بن رضا الجرفادقانى‪ ً،‬المعروف بفضل ال اليرانى‪ ً،‬أحد دعاة‬
‫البابية المتعصبين‪ ً،‬وكتاب الحجج البهية له أيضا‪ ً،‬وفيهما تفسير لبعضِ اليات القرآنية‪ ً،‬بما يتفقا ومذهبه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الباطل‪.‬‬
‫ل أنه ييفيسر الروح المين الذى ورد فى القرآن بأنه الحقيقة المقدسة‪ ً،‬ثم يمعيرفها فيقول‪" :‬هى‬ ‫فمن ذلك مث ل‬
‫غيب فى ذاتها‪ ً،‬مجردة بحقيقتها عن الجسم أو الجسمانيات‪ ً،‬فل يتوصف بأوصاف الماديات‪ ً،‬ول يتذكر‬
‫بخصائصها‪ ً،‬ول ييطلقا عليها الخروج والدخول‪ ً،‬ول يتوصف بالتحيز والحلول‪ ً،‬وإنما هى حقيقة تنجلى‬
‫فى مظاهر أمر ال تعالى‪ ً،‬عرشها قلوب الصفياء‪ ً،‬ومرآة تجليها صدور الولياء‪ ً،‬وإنما مثل طلوعها‬
‫وإشراقها فى النفوس القدسية كمثل انطباع الشمس فى المرايا‪ ً،‬فل يقال‪ :‬إن الشمس حرلت فى المرآة‪ً،‬‬
‫ول إنها دخلت فيها‪ ً،‬بل ول يقال‪ :‬إنها يعررضت عليها‪ ً،‬بل يقال‪ :‬إن الشمس تجرلت في المرآة‪ ً،‬وظهرت‬
‫منها وأشرقت‪ ً،‬وانطبعت بها"‪ ...‬وهذا بعينه مذهب قدماء الباطنية والفلسفة‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا أنه فرسر قوله تعالى فى اليتين ]‪ [143 - 142‬من سورة العراف‪} :‬موموامعهدمنا يمومسـى‬
‫لرثيمن لمهيلملة موأمهتممهممنامها ربمعهشهَر مفمترم رميمقايت مريبره أمهرمبرعيمن لمهيلملة{ُ ‪ ...‬اليتين‪ ً،‬تفسيرا باطنيا فقال‪" :‬المراد بالليل ‪-‬‬ ‫مث م‬
‫كما سمعته منى مرارا ‪ -‬هو عبارة عن أيام غيبة شمس الحقيقة‪ ً،‬واليوم حسب ما نزل فى التوارة‬
‫المقيدس ييحسب كل يوم واحد بسنة واحدة‪ ً،‬وكان موسى عليه السلم لما فارقا أرضِ مصر‪ ً،‬وفرر من‬
‫فرعون وملئه إلى مدين‪ ً،‬كان ابن ثلثين‪ ً،‬وأقام فى مدين عشر سنوات يشتغل فيها برعى أغنام شعيب‬
‫النبى عليه السلم‪ ً،‬وكان فى طى هذه المدة التى كانت كالليالى المظلمة‪ ً،‬والدياجى الكالحة من ظلم‬
‫ل بتهذيب أخلقه‪ ً،‬وتطييب أعراقه‪ ً،‬وتنقية فؤاده‪ ً،‬والمناجاة مع ربه فى‬ ‫الفراعنة‪ ً،‬وأوهام الصابئة‪ ً،‬مشتغ ل‬
‫وحدته وانفراده‪ ً،‬فلما طاب خلييقه‪ ً،‬وتم مخهلقه‪ ً،‬بعثه ال نبيا لهداية بنى إسرائيل‪ ً،‬وإنقاذهم من ذلك الوبيل‪.‬‬
‫فالمراد بأربعين ليلة هو أربعون سنة‪ .‬أمام موسى عليه السلم فى أثنائها فى مصر ومدين‪ ً،‬ول تنافى‬
‫كلمة "واعدنا" هذا التفسير‪ ً،‬حيث ظاهرها يقتضى تكلم الرب مع موسى قبل بعثته‪ ً،‬فإن أمثال هذه الكلمة‬
‫كثيرا ما يأطلقت على ما يألقى فى الروع‪ ً،‬ويألهم فى القلب‪ ً،‬حتى على الحيوانات‪ ً،‬كما يدل عليه قوله‬
‫لرخيره مهايرومن ٱهخليهفرني رفي‬ ‫تعالى‪} :‬موأمهومحـى مرسبمك إلمـى ٱلرنهحرل أمرن ٱرترخرذيِ رممن ٱهلرجمبارل يبييوتا{ُ‪} ً،‬مومقامل يمومسـى م‬
‫ر‬
‫ل مترتربهع مسربيمل ٱليمهفرسرديمن{ُ‪ ...‬ظاهر الية المباركة يدل على أن موسى عليه السلم أخلف‬ ‫ه‬ ‫صرلهح مو م‬‫مقهورمي موأم ه‬
‫أخاه هارون حينما كان مع الشعب فى البرية‪ ً،‬كما هو مذكور فى التواريخْ‪ ً،‬إل أن التواريخْ القديمة‬
‫مظلمة جدا‪ ً،‬حيث إن المؤرخين اعتمدوا فى هذه المسائل على ما جاء فى التوراة وسائر الكتب العتيقة‪ً،‬‬
‫ولكنا أثبتنا فى كتاب الدرر البهية ضعف هذا المستند من حيث العلم‪ ً،‬فيجوز أن يكون هارون مستخلفا‬
‫عن موسى عليهما السلم‪ ً،‬لحفظ الشعب أيام غياب موسى فى مدين‪ ً،‬وقد كان بنو إسرائيل على ما‬
‫يعرفوا بصلبة الرأى يتركون ديانتهم الموروثة بسبب تأخير موسى عن الرجوع إليهم عشر ليال‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬موملرما مجآمء يمومسـى رلرميمقارتمنا مومكلرمميه مرسبيه مقامل مريب أمرررنيي مأنيظهر إرملهيمك مقامل ملن متمرارني موملــركرن‬
‫اهنيظهر إرملى اهلمجمبرل مفرإرن اهسمتمقرر مممكامنيه مفمسهومف متمرارني مفلمرما متمجلرـى مرسبيه رلهلمجمبرل مجمعلميه مدسكا مومخرر مومسـى م‬
‫صرعقا مفلمرمآ‬
‫أممفامقا مقامل يسهبمحامنمك يتهبيت إرلمهيمك موأممنها أمرويل ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ‪ ..‬اعلم ‪ -‬حفظك ال ‪ -‬أن علماءنا ‪ -‬سامحهم ال ‪-‬‬
‫اختلفوا فى رؤية ال تعالى وعدم جواز رؤيته‪ ً،‬فالشيعة والمعتزلة أنكروا جواز رؤيته‪ ً،‬حيث تقتضى‬
‫الجهة والمقابلة‪ ً،‬وهى من مقتضيات الجسد والتحين والتحدد وأمثال ذلك‪ ً،‬وهو منرزه عن تلك الوصاف‪ً،‬‬
‫إذ لم يفهموا من لظفة "ال" سوى الذات‪ ً،‬ول شك أن الذات منرزهة عن تلك الصفات‪ .‬وأهل السسرنة‬
‫والجماعة جروزوا رؤية ال تعالى اعتمادا على صريح اليات‪ ً،‬واستنادا على صريح الحاديث‬
‫والروايات‪ ً،‬وكانوا على هذه العقيدة الصالحة إلى أواسط القرون الهجرية‪ ً،‬فمزجوها بالعقائد الوهمية‪ً،‬‬
‫حيث شاعت فى تلك القرون بينهم المسائل الكلمية‪ ً،‬والمعارف الناقصة العقلية‪ ً،‬فإنهم قالوا‪ :‬إن رؤية‬
‫ال تعالى جائزة وواقعة فى القيامة‪ ً،‬إل أنها ليست من قبيل الحاطة بالنظر‪ ً،‬فترى ذات ال تعالى من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫غير مواجهة ومقابلة‪ ً،‬وكيفية وإحاطة‪ ً،‬مما يرجع إلى الوهم الصريح‪ ً،‬وإنكار الرؤية حقيقة‪ ً،‬وأهل البهاء‬
‫المستظلين بظلل الفرع الكريم المتشعب من الدوحة المباركة العليا‪ ً،‬لما عرفوا ‪ -‬على حسب ما‬
‫يعلمون من القلم العلى ‪ -‬أن ذات ال بسبب تجردها وتقديسها الذاتى ل يتدرك‪ ً،‬ول يتوصف‪ ً،‬ول يتسمى‬
‫باسم‪ ً،‬ول يتشار بإشارة‪ ً،‬ول تتعين بإرجاع ضمير‪ .‬والسماء والوصاف وكل ما ييسند وييضاف إليها‬
‫راجعة فى الحقيقة إلى مظاهرها ومطالعها‪ ً،‬ولذلك سهل عليهم فهم معنى أمثال تلك اللفاظ التى نزلت‬
‫فى الكتب المقدسة والصحف المطسهرة‪ ً،‬من قبيل رؤية ال تعالى‪ ً،‬ولقاء ال وظهور ال ومجىء ال‬
‫وغيرها مما ليس بخاف على أهل التحقيقا‪ .‬ثم اعلم أيها الحبيب اللبيب أن أهل البيان كثيرا ما أطلقوا‬
‫فى عباراتهم لفظ "مج رل" على أكابر الرجال استعارة‪ ً،‬سواء أكانوا من صناديد الدولة والملك‪ ً،‬أو من قروم‬
‫أهل العلم والفضل‪ ً،‬كما أطلقا أمير المؤمنين عليه السلم على مالك بن الحارث النخعى المعروف‬
‫بالشتر‪ ً،‬لما اشتهر ذكر وفاته‪ ً،‬وأخبر بمماته‪ ً،‬ومقامه عليه السلم معلوم لديك فى الفصاحة والبراعة‪ً،‬‬
‫ورسائله وخطبه مستغنية عن المدح والطراء بالطلوة والصناعة‪ ً،‬وعبارته هذه مذكورة فى نهج‬
‫البلغة‪ .‬وهذه استعارة فى غاية المناسبة والرلطافة حيث إن أكابر الرجال هم بمنزلة الوتاد‪ ً،‬لستقرار‬
‫أرضِ المعارف والديانة‪ ً،‬أو المة والدولة‪ ً،‬وكثيرا ما أطلقه داود عليه السلم فى مزاميره‪ ً،‬وسائر‬
‫النبياء من بنى إسرائيل فى كتبهم على الرب تعالى‪ ً،‬كما جاء فى مزمور ]‪" :[42‬أقول ل صخرتى‬
‫لماذا نسيتنى"‪ ً،‬وجاء فى مزمور ]‪" :[71‬كن لى صخرة وملجأ أدخله دائما‪ .‬أمرت بخلصى لنك‬
‫صخرتى وحصنى"‪ ...‬إلى كثير من أمثالها‪ ً،‬فإذا عرفت هذا‪ ً،‬فاعلم أن موسى عليه السلم إنما طلب‬
‫رؤيا ال تعالى بسبب اقتراح الشعب عليه أن يريهم ال‪ ً،‬كما يدلك عليه قوله تعالى‪} :‬أمررمنا ٱلرلمه مجههمرلة{ُ إل‬
‫أن ال تعالى أخبره بأن رؤيته موقوفة باستقرار جبال العلم واليمان فى مكانهم من الذعان واليقين‪ً،‬‬
‫ولكنهم بسبب عدم بلوغهم إلى المقام الثابت الراسخْ المكين من العلم والمعرفة واليقين فل بد وأن تندك‬
‫جبال وجودهم‪ ً،‬ويتزعزع بنيان إذعانهم لمعبودهم حين لقائه فيتبدل إيمانهم بالكفر‪ ً،‬ويقينهم بالشك‪ً،‬‬
‫وإقبالهم بالعراضِ‪ ً،‬حيث لم تكمل بعد إلى رتبة استحقاقا الرؤية واللقاء‪ ً،‬ولم يصعدوا إلى درجة‬
‫الستقرار والبقاء‪ ً،‬فل بد من ظهور النبياء‪ ً،‬وقيام الصفياء‪ ً،‬لتربية أشجار الوجودات البشرية‪ ً،‬وتكمل‬
‫معارفهم باليمان على ممر الدهور وطى العصور‪ .‬حتى يبلغوا إلى درجة التمكن والستقرار‪ ً،‬حينئذ‬
‫يتجلى عليهم رب الرضِ والسماء‪ ً،‬ويتشرف البالغون منهم إلى درجة المشاهدة واللقاء‪ .‬فخلصة تفسير‬
‫الية الكريمة‪ :‬أن موسى عليه السلم قال‪ :‬ريب أرنى أنظر إليك‪ ً،‬حيث إن الشعب طلبوا منه رؤية ال‬
‫تعالى فأجابه ال تعالى‪ :‬بأنك لن ترانى‪ ً،‬لن بنى إسرائيل لم يبلغوا بعد درجة كمال وجودهم‪ ً،‬ولم‬
‫يستعدوا للقاء معبودهم‪ ً،‬فانظر إلى جبال الوجودات‪ ً،‬ومقادير استقرار اليقان‪ ً،‬فإن استقر جبل الوجود‬
‫فى مقام إيمانه وإيقانه حين تجرلى المعبود ولم يتزلزل ولم يتزعزع من مقامه حين الشهود‪ ً،‬حينئذ استعد‬
‫لمة ممن‬ ‫للقاء ال‪ ً،‬واستحقا للوقوف بين يدى ال‪ ً،‬والتشرف برؤية ال‪ .‬ثم تجرلى الرب لحد من تلك ا ي‬
‫كان من رؤساء الشعب‪ ً،‬ومن جبال اليمان واليقان‪ ً،‬فاندك وجوده‪ ً،‬وتضعضع إيمانه‪ ً،‬واضطرب إيقانه‬
‫فانصعقا موسى من ذلك المتحان‪ ً،‬وعرف مقدار صعوبة مقام الفتتان‪ ً،‬فندم على ما سأل الرؤية‬
‫للطالبين ورجع فى الحين‪ .‬وقال‪} :‬يسهبمحامنمك يتهبيت إرلمهيمك موأممنا أمرويل اهليمهؤرمرنيمن{ُ‪.‬‬
‫فانظر إليه كيف أرول الربعين ليلة بأنها أربعين سنة‪ ً،‬وهى التى ييبعث النبياء على رأسها‪ ً،‬وكيف عرلل‬
‫التعبير بلفظ "ليلة" بأن مدى الربعين سنة كانت مظلمة كالليالي بظلم فرعون وملئه‪ ً،‬وكيف تخرلص من‬
‫منافاة لفظ "واعدنا" للمعنى الذى يهذى به‪ .‬وكيف اتهم التوراة وسائر الكتب العتيقة ‪ -‬بما فيها القرآن‬
‫طبعا كما سيأتى بعد ‪ -‬بأنها ل يمعرول عليها فى الروايات التاريخية‪ ً،‬وكيف رمى المعتزلة وأهل السسرنة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بعدم إصابة المعنى الحقيقى للرؤية الواردة فى الية‪ ً،‬وكيف اردعى أنه وممن على شاكلته من البهائيين هم‬
‫الذين أصابوا المعنى الحقيقى للية؛ً وكيف صرف لفظ "الجبل" عن معناه المراد إلى معنى ل ييفهم من‬
‫لفظ القرآن وسياقا الية!!‪ ...‬ولسيت فى حاجة إلى أن أبين ما فى هذا التفسير من خطأ وضلل‪ ً،‬فإن‬
‫الحقا مبيين واضح‪.‬‬
‫وفي كتاب الدرر البهية‪ ً،‬صررح أبو الفضائل بأن قصص القرآن غير واقعة‪ ً،‬وأنها فى الحقيقة رموز إلى‬
‫معان خفية فقال‪" :‬ل يمكن للمؤرخ أن يستمد معارفه التاريخية من آيات القرآن"‪ ً،‬وقال‪" :‬إن النبياء‬
‫لمم فى معارفهم التاريخية‪ ً،‬وأقاصيصهم القومية‪ ً،‬ومبادئهم العلمية‪ ً،‬فتكلموا‬ ‫عليهم السلم تساهلوا مع ا ي‬
‫بما عندهم‪ ً،‬وستروا الحقائقا تحت أستار الشارات‪ ً،‬وسدلوا عليها ستائر بليغ الستعارات"‪.‬‬
‫ول شك أن هذه دعوى كاذبة ييراد بها إدخال الشك فى قلوب المؤمنين‪ ً،‬وإيهامهم بأن القرآن ل ييعتممد‬
‫على ظاهره‪ ً،‬وإنما ييعتمد على باطنه الذى عندهم علمه دمون ممن عداهم من الناس‪ .‬وإلى يومنا هذا‪ً،‬‬
‫وإلى أن يرث ال الرضِ وممن عليها‪ ً،‬لم ولن يقوم دليل تاريخيى أو عقلى على عدم صحة قصة من‬
‫ل ميهأرتيره ٱهلمبارطيل رمن مبهيرن ميمدهيره مو م‬
‫ل رمهن مخهلرفره متنرزيفل يمهن محركيهَم محرميهَد{ُ‪.‬‬ ‫قصص القرآن‪ ً،‬وهو الذى } ر‬
‫كذلك نجد أبا الفضائل يعرضِ فى كتابه المسمى "الدرر البهية" لقوله تعالى فى الية ]‪ [39‬من سورة‬
‫يونس‪} :‬مبهل مكرذيبوها ربمما ملهم يرحييطوها ربرعهلرمره موملرما ميهأرترههم متهأرويلييه{ُ‪ ً،‬ولقوله تعالى فى الية ]‪ [53‬من سورة‬
‫ل متهأرويلميه ميهوم ميهأرتي متهأرويلييه مييقويل ٱرلرذيمن منيسويه رمن مقهبيل مقهد مجآمءهت يريسيل مريبمنا‬
‫العراف‪} :‬مههل مينيظيرومن إر ر‬
‫ربٱِهلمحيقا{ُ‪ ...‬فيقول‪:‬‬
‫"ليس المراد من تأويل آيات القرآن معانيها الظاهرية ومفاهيمها السلغوية‪ ً،‬بل المراد المعانى الخفية التى‬
‫أطلقا عليها اللفاظ على سبيل الستعارة والتشبيه والكناية"‪ ...‬ثم قال بعد هذا‪" :‬قرر ال تنزيل تلك‬
‫اليات على ألسنة النبياء وبيان معانيها وكشف السر عن مقاصدها إلى روح ال حينما ينزل من‬
‫السماء"‪ ً،‬وقال‪" :‬إنما يبعثوا ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬لسوقا الخلقا إلى النقطة المقصودة‪ ً،‬واكتفوا منهم باليمان‬
‫الجمالى حتى يبلغ الكتاب أجله‪ ً،‬وينتهى سير الفئدة إلى رتبة البلوغا فيظهر روح ال الموعود ويكشف‬
‫لهم الحقائقا المكنونة فى اليوم المشهود"‪ ً،‬وقال‪" :‬وفى نفس الكتب السماوية تصريحات بأن تأويل آياتها‬
‫إلى معانيها الصلية المقصودة ل تظهر إل فى اليوم الخر‪ ً،‬يعنى يوم القيامة‪ ً،‬ومجىء مظهر أمر ال‬
‫وإشراقا آفاقا الرضِ ببهاء وجه ال"‪ .‬ثم قال‪" :‬ولذلك جاءت من لدن نزول التوراة إلى نزول البيان‬
‫تافهة باردة عقيمة جامدة‪ ً،‬بل مضلة مبعدة محررفة مفسدة"‪.‬‬
‫ومعلوم أن لفظ التأويل في اليتين عبارة عن وقوع المخمبر به ولكن يأبى هذا المخيرف المنحرف إل أن‬
‫يحمل التأويل على تأويل اليات إلى المعانى الخفية‪ ً،‬وعجيب بعد هذا أن يتهم الرسل بأنهم ل يعرفون‬
‫تأويل اليات‪ ً،‬لن وظيفتهم البلغا فحسب‪ ً،‬وأما كشف الستر عن المعانى الخفية فإلى روح اللح حين‬
‫نزوله‪ .‬وروح ال فى نظره ونظر أشياعه‪ :‬هو البهاء الذى يمعيبر عنه بالنقطة‪ ً،‬ويردعى أيضا أن ظهوروه‬
‫يكون يوم القيامة‪ ً،‬ول شك أن هذا تفسير بارد عقيم‪ ً،‬وجامد مضل‪ ً،‬ولكنه ل يريد أن يعترف بهذا‪ ً،‬بل‬
‫نجده يتعسف فيرمى كل التفاسير من لدن نزول التوراة إلى نزول البيان بأنها تافهة باردة‪ ً،‬عقيمة‬
‫جامدة‪ ً،‬مضلة مبعدة‪ ً،‬محررفة مفسدة‪ ً،‬لن أصحابها خاضوا فيما ل علم لهم به‪ ً،‬والعلم فى نظره عند‬
‫البهاء وحده‪.‬‬
‫صمحامب ٱلرنارر إر ر‬
‫ل‬ ‫كذلك نجد أبا الفضائل ييفيسر قوله تعالى فى الية ]‪ [31‬من سورة المدثر‪} :‬مومما مجمعهلمنآ أم ه‬
‫ل رفهتمنلة ليرلرذيمن مكمفيروها{ُ بما ل يقره شرع‪ ً،‬أو يرضى به عقل فيقول‪" :‬إن لفظ‬ ‫لرئمكلة مومما مجمعهلمنا رعردمتيههم إر ر‬
‫مم م‬
‫الممملك واحد الملئكة‪ ً،‬والملئكة في السلغة العربية توافقا لفظما ومعنى ما في السلغة العبرانية‪ ً،‬حيث إنها‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مأخوذة من الصل السامى‪ ً،‬الذى اشيترقت منه السلغات‪ :‬السريانية‪ ً،‬والعبرانية‪ ً،‬والعربية‪ ً،‬والشورية‪ً،‬‬
‫والكلدانية‪ ً،‬وهو يفيد معنى المالكية والستيلء على شىء‪ ً،‬فكما أنه أطلقا لفظ الممملك والملئكة في‬
‫الكلمات النبوية المحفوظة في الكتب السماوية على النفوس القدسية‪ ً،‬والئمة الهداة‪ ً،‬لخلعهم ثياب البشرية‬
‫وتخلقهم بالخلقا الروحانية الملكوتية‪ ً،‬فملكوا زمام الهداية وصاروا ملوك ممالك الولية‪ ً،‬كأنهم يأعطوا‬
‫سلطة مطلقة فى سعادة الناس وشقاوتهم‪ ً،‬وهدايتهم وضللهم‪ ً،‬وهذا هو معنى الولية الملطقة التى جاءت‬
‫فى الخبار‪ ً،‬ولذا سمى سيد البرار وأمير البرار‪ ً،‬بقسيم الجنة والنار‪ .‬كذلك أطلقا هذا اللفظ فى‬
‫الكلمات النبوية على رؤساء الشرار‪ ً،‬وأئمة الضلل‪ ً،‬حيث إنهم قادة اليفرجار يقودونهم إلى النار ولذا‬
‫أطلقا عليهم لفظ الملئكة‪ ً،‬كما أنه أطلقا عليهم لفظ الئمة فى قوله‪} :‬مومجمعهلمنايههم أمرئرملة ميهديعومن إرملى ٱلرنارر{ُ‪.‬‬
‫ثم استدل أبو الفضائل بعبارات من الكتب القديمة على جواز إطلقا الملئكة على أئمة الجور‬
‫والضلل‪ ً،‬ثم تكلم عن سر تخصيص العدد بتسعة عشر‪ ً،‬فذكر أن الديانات أبواب لدخول جنة ال‬
‫ل‪ ...‬ثم استطرد من هذا إلى أن‬ ‫ورضوانه‪ ً،‬كما أنها أبواب للدخول فى جهنم بسخط ال حين تغييرها مث ل‬
‫الباب كما ييطلقا أيضا على الديانات‪ ً،‬ييطلقا أيضا على النبياء وكبار الولياء‪ ً،‬واستدل على هذا بعبارة‬
‫نقلها عن الجماعة وردت فى شأن الئمة وهى‪" :‬أنتم باب الموتى والمأخوذ عنه" قال‪ :‬وإليه أشير فى‬
‫ضررمب مبهيمنيهم ربيسوهَر لريه مبافب مبارطينيه رفيره ٱلررهحممية مومظارهيريه رمن رقمبرلره ٱهلمعمذايب{ُ‪ ً،‬بعد أن قرر‬ ‫الية الكريمة‪} :‬مف ي‬
‫هذا‪ ً،‬اردعى "أن أبواب الجنة كانت عند ظهور النقطة الولى تسعة عشر‪ ً،‬وهى ثمانية عشر حروف‬
‫"الحى" والنقطة الفردانية‪ ً،‬وبهم صعد المخلصون إلى الذروة العليا‪ ً،‬ودخلوا الجنة‪ ....‬ثم عارضِ الدجال‬
‫الرب سبحانه فعرين تسعة عشر إنسانا من رؤساء أصحابه ودهاة أحبابه‪ ً،‬لضلل أهل اليمان‪ً،‬‬
‫ومعارضة جمال الرحمن"‪ ً،‬ثم قال‪" :‬فالمراد بملئكة النار فى الية المباركة هو هذه الرجال من‬
‫أصحاب الدجال وأئمة الضلل"‪ ..‬ثم ذكر بعد ذلك أن عدد أبواب النار صار فى هذا الدور الحميد‪ً،‬‬
‫والكون المجيد ثلثة فقط وهى أيضا ملئكة الجحيم‪ ً،‬وقادة أصحاب الشمال إلى العذاب الليم"‪.‬‬
‫ل يهغرني رممن ٱللرمهرب{ُ‪ ...‬ثم‬ ‫ل مظرليهَل مو م‬
‫لرث يشمعهَب * ر‬ ‫واستدل على ذلك بقوله تعالى‪} :‬ٱنمطرليقيوها إرملـى رظرل رذيِ مث م‬
‫قال‪" :‬وفى كل دور وزمان تجد لكلمات ال تعالى مصاديقا يعرفها أهل اليمان‪ ً،‬وحملة القرآن‪ ً،‬ومخازن‬
‫الحكمة‪ ً،‬ومطالع البيان"‪.‬‬
‫وفى الحجج البهية يقرر أبو الفضائل‪ :‬أن جميع الديانات السماوية‪ .‬وغير السماوية واحدة من ناحية‬
‫التفاقا على العقائد الصلية‪ ً،‬وإن اختلفت فى الحكام الفرعية‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى تفسيره لقوله تعالى‬
‫صـى ربره ينوحا موٱرلرذييِ أمهومحهيمنآ إرلمهيمك مومما‬ ‫فى الية ]‪ [13‬من سورة الشورى‪} :‬مشمرمع لميكم يممن ٱليديرن مما مو ر‬
‫ل متمتمفرريقوها رفيره{ُ‪" :‬فانظروا ‪ -‬وفقكم ال ‪ -‬كيف‬ ‫صهيمنا ربره إرهبمرارهيم مويمومسـى مورعيمسـى أمهن أمرقييموها ٱليديمن مو م‬
‫مو ر‬
‫اعتبر فى الية الكريمة ديانات الصابئة والزردشتية والموسوية والنصرانية والسلمية دينا واحدا‪ ً،‬كما‬
‫اعتبر مؤسسها وشارعها إلها واحدا‪ ً،‬على اختلفها فى الحكام والحدود والداب" وهذا منه كفر صريح‪ً،‬‬
‫لن الية ل تدل على أكثر من اتحاد جميع الشرائع السماوية فى يأصول العقائد‪ ً،‬أما الديانة الصابئية‪ً،‬‬
‫والديانة الزردشتية‪ ً،‬فلم يقل أحد إنها شرائع ال‪ ً،‬حتى ييسيوى بينها وبين سائر الشرائع السماوية‪.‬‬
‫كذلك نجد أبا الفضائل يقول بالرجعة‪ ً،‬ويريد بها‪ :‬رجوع الحقيقة المقدسة التى هى الوحى‪ ً،‬على معنى‬
‫أن الوحى بعد انقطاعه بموت محمد صلى ال عليه وسلم يرجع فينزل مرة ثانية على زعيمهم الباب ثم‬
‫البهاء‪ ً،‬وييفيسر القيامة‪ :‬بأنها قيام مظهر الحقيقة المقردسة‪ ً،‬والساعة‪ :‬بساعة طلوعها وإشراقها بعد الغيبة‬
‫لمم فهى أمر غير معقول‪ ً،‬إذ هو مخالف‬ ‫ويقول‪" :‬وأما الرجعة والقيامة بالمعنى الذى تعتقد وتنتظره ا ي‬
‫للنواميس الطبيعية‪ ً،‬ومباين للسنن اللهية"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ويقول‪" :‬إن جميع ما نزل فى لكتب المقدسة من بشارات يوم ال‪ ً،‬ويوم القيامة‪ ً،‬وظهور الرب‪ ً،‬وورود‬
‫الساعة وأشراطها‪ ...‬ل بد أن تكون لتلك اللفاظ مقاصد معقولة‪ ً،‬ومفاهيم ممكنة ومعان غير المعانى‬
‫الظاهرية‪ ً،‬ومدلولت غير المدلولت الرولية"‪.‬‬
‫وكأنى بأبى الفضائل ‪ -‬وقد قال بنبوة الباب والبهاء ‪ -‬نظر فى كتاب البيان وكتاب بهاء ال‪ ً،‬فلم يجدهما‬
‫فى رصانة القرآن وفصاحته‪ ً،‬فأراد أن ينزل بالقرآن عن مستواه فى البلغة‪ ً،‬ويسلب عنه إعجازه حتى‬
‫يكون فى درجة البيان والكتاب فقال‪" :‬ول ييعرف ول يمتاز كلم ال عن كلم البشر بفصاحته‪ً،‬‬
‫وبلغته‪ ً،‬ورصف كلماته‪ ً،‬وتسجيع عباراته‪ ً،‬وترصيع جمله‪ ً،‬ولطيف استعاراته‪ ً،‬كما يردعيه قوم"‪.‬‬
‫كما أعتقد أنه ‪ -‬وقد اردعى نبوة الباب والبهاء ‪ -‬راح يفتش لهما عن معجزة يتصيدقا دعواهما النبوة‪ ً،‬فلم‬
‫يعثر ول على جزء معجزة‪ ً،‬فجرره ذلك أن ينكر معجزات الرسل‪ ً،‬ويتأرول ما ورد فى القرآن منها بأنها‬
‫من قبيل الستعارات عن المور المعقولة‪ ً،‬والحقائقا الممكنة‪ ً،‬مما ييجيوزه العقل السليم‪ ً،‬كما مجرره إلى‬
‫القول بأنه ل صلة بين دعوى الرسالة‪ ً،‬وبين اليقهدرة على التيان بالخوارقا فقال‪" :‬ل نسبة بين اليقهدرة‬
‫على إتيان المعجزات والعجائب‪ ً،‬وبين ادعاء النبوة والرسالة‪ ً،‬فإن الرسالة والنبوة ليست إل بعث إنسان‬
‫من رقمبرل ال تعالى لهداية الخلقا‪ ً،‬فما هو ارتباط هذا المعنى باليقهدرة على شقا البحار‪ ً،‬وجفاف النهار‪ً،‬‬
‫ل"‪.‬‬ ‫وإنطاقا الحجار والشجار مث ل‬
‫ول يشك عاقل فى أن هذا الزنديقا يريد من وراء هذا أن يفتح باب شر عظيم‪ ً،‬ليدخل منه كل ممن يردعى‬
‫النبوة والرسالة‪ ً،‬كما دخل منه أنبياء الباببية والبهائية من قبل‪.‬‬
‫لولى على آل البيت‪ ً،‬والثانية‬ ‫وكما تأرول متعصبو الشيعة الشجر المباركة‪ ً،‬والشجرة الملعونة‪ ً،‬فحملوا ا ي‬
‫على أعدائهم من بني أمية‪ ً،‬كذلك تأرولهما أبو الفضائل‪ ً،‬فقال فى شرحه لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من‬
‫صمبايح رفي يزمجامجهَة‬ ‫صمبافح ٱهلرم ه‬ ‫ضِ مممثيل ينوررره مكرمهشمكاهَة رفيمها رم ه‬ ‫لهر ر‬ ‫سورة النور‪} :‬ٱللريه ينوير ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫ل مغهرربريهَة{ُ‪ ....‬الية‪" :‬أطلقا لفظ‬ ‫ٱلسزمجامجية مكمأرنمها مكهومكفب يديرويِ ييومقيد رمن مشمجمرهَة سممبامرمكهَة مزهييتومنهَة ر‬
‫ل مشهررقريهَة مو م‬
‫"شجرة مباركة زيتونة" على مظهر أمر ال‪ ً،‬ومطلع الشمس حقيقته وذاته‪ .‬ومشرقا أنوار أسمائه‬
‫وصفاته‪ ً،‬فإن من هذا السدرة المباركة وحدها تتألف وتضىء النوار اللهية‪ ً،‬وتشرقا وتلمع أشعة العلم‬
‫والقوة‪ ً،‬واليقهدرة الملكوتية السماوية‪ ً،‬وهذه استعارة فى غاية الرقة والرلطافة‪ً،‬‬
‫وتجوز فى نهاية اللطافة والبراعة‪ ً،‬لم يوجد مثلها إل فى الكلمات النبوية‪ ً،‬ولم ييسمع شبيهها إل من‬ ‫س‬
‫نغمات طيور القدس فى الحدائقا القدسية"‪ .‬قال‪" :‬وكذلك فى الية ]‪ [60‬من سورة بنى إسرائيل‪ ً،‬أطلقا‬
‫لموية‪ ً،‬والسلطة‬ ‫لفظ الشجرة الملعونة‪ :‬استعارة على أعداء ال‪ ً،‬ومحاربى رسول ال‪ ً،‬من السللة ا ي‬
‫العضوضية السفيانية‪ ً،‬حيث قال مجرل ومعل‪} :‬مومما مجمعهلمنا ٱلسرؤميا ٱلررتي أممرهيمنامك إر ر‬
‫ل رفهتمنلة يللرنارس موٱلرشمجمرمة‬
‫ٱهلممهليعومنمة رفي ٱليقهرآرن{ُ‪.‬‬
‫ل قويا‪ ً،‬وبرهانا صادقا على أن المذهب البابى‪ ً،‬أو‬ ‫هذه ينبذ من تأويلت البابية للقرآن الكريم‪ ً،‬تعطينا دلي ل‬
‫البهائى‪ ً،‬يقوم على أطلل الباطنية‪ ً،‬ويحمل فى سريرته القصد إلى هدم شريعة السلم بمعول التأويل‬
‫فى آيات القرآن‪ ً،‬ودعوى النبوة والرسالة‪ ً،‬بعد أن ختمها ال برسالة محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬وإذا‬
‫كان لنا كلمة بعد ذلك فهى‪ :‬إن البابية وأسلفهم من الباطنية‪ ً،‬لم يكونوا أول من ابتدأ التأويل لنصوص‬
‫الشريعة على هذه الصورة التى تأتى على بنيان الدين من قواعده‪ ً،‬وإنما هو صنيع قرلدوا فيه طائفة من‬
‫فلسفة اليهود الذين سبقوهم‪ ً،‬فهذا هو "فيلون" الفيلسوف اليهودى المولود ما بين عشرين وثلثين سنة‬
‫قبل الميلد‪ ً،‬نجده أرلف كتابا فى تأويل التوراة‪ ً،‬ذاهبا إلى أن كثيرا مما فيها رموز إلى أشياء غير‬
‫ظاهرة‪ ً،‬ويقول الكاتبون فى تاريخْ الفلسفة‪ :‬إن هذا التأويل الرمزى كان موجودا ومعروفا عند أدباء‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫اليهود بالسكندرية قبل زمن "فيلون"‪ ً،‬ويذكرون أمثلة من تأويلهم‪ :‬أنهم فرسروا آدم بالعقل‪ ً،‬والجنة‬
‫برياسة النفس‪ ً،‬وإبراهيم بالفضيلة الناتجة من العلم‪ ً،‬وإسحاقا عندهم هو الفضيلة الغريزية‪ ً،‬ويعقوب‬
‫الفضيلة الحاصلة من التمرين‪ ً،‬إلى أمثال هذا من التأويل الذى ل يحوم عليه إل الجاحدون المراءون‪ً،‬‬
‫ول يقبله منهم إل قوم هم عن مواقع الحكمة ودلئل الحقا غافلون"‪.‬‬
‫وبعد أن انتهينا من موقف الباطنية ‪ -‬قديمهم وحديثهم ‪ -‬من القرآن الكريم‪ ً،‬نتكلم عن موقف الزيدية‬
‫منه‪ ....‬فنقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الزيدية وموقفهم من التفسير والقرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) تمهيد (‬

‫لم يقع بين الزيدية من الشيعة‪ ً،‬وبين جمهور أهل السسرنة خلف كبير مثل ما وقع من الخلف بين‬
‫المامية وجمهور أهل السسرنة‪ ً،‬والذى يقرأ كتب الزيدية يجد أنهم أقرب رفمرقا الشيعة إلى مذهب أهل‬
‫السسرنة‪ ً،‬وما كان بين الفريقين من خلف فهو خلف ل يكاد ييذكر‪.‬‬
‫يرى الزيدية‪ :‬أن عليا أفضل من سائر الصحابة‪ ً،‬وأولى بالخلفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫ويقولون‪ :‬إن كل فاطمى عارلم زاهد شجاع سخى خرج للمامة صرحت إمامته‪ ً،‬ووجبت طاعته‪ ً،‬سواء‬
‫أكان من أولد الحسن‪ ً،‬أم من أولد الحسين‪ ً،‬ومع ذلك فهم ل يتبرأون من الشيخين‪ ً،‬ول ييكفرونهما‪ ً،‬بل‬
‫ييج يوزون إمامتهما‪ ً،‬لنه تجوز عندهم إمامة المفضول مع وجود الفاضل‪ ً،‬كما أنهم لم يقولوا بما قالت به‬
‫المامية من التقية‪ ً،‬والعصمة للئمة‪ ً،‬واختفائهم ثم رجوعهم فى آخر الزمان‪ .‬وغير ذلك من خرافات‬
‫المامية وممن على شاكلتهم‪.‬‬
‫وكل الذى نلحظه على الزيدية‪ ً،‬أنهم يشترطون الجتهاد فى أئمتهم‪ ً،‬ولهذا كثر فيهم الجتهاد‪ ً،‬وأنهم ل‬
‫يثقون برواية الحاديث إل إذا كانت عن طريقا أهل البيت‪ .‬والذى يقرأ كتاب "المجموع" للزيدية يرى‬
‫أن كل ما فيه من الحاديث مروية عن زيد بن علسى زين العابدين‪ ً،‬عن آبائه من الئمة‪ ً،‬عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وليس فيه بعد ذلك حديث ييروى عن صحابى آخر من غير أهل البيت رضى ال‬
‫عنهم‪.‬‬
‫كما نلحظ على الزيدية أيضا أنهم تأثروا إلى حد كبير بآراء المعتزلة ومعتقداتهم‪ ً،‬ويرجع السر فى هذا‬
‫إلى أن إمامهم زيد بن علسى‪ ً،‬تتلمذ على واصب بن عطاء‪ ً،‬كما قلنا ذلك فيما سبقا‪.‬‬
‫إذن فل نطمع بعد ذلك أن نرى للزيدية أثرا مميزا‪ ً،‬وطابعا خاصا فى التفسير كما رأينا للمامية‪ ً،‬لن‬
‫التفسير إنما يتأثر بعقيدة مفيسرة‪ .‬ويتخذ له طابعا خاصا‪ ً،‬واتجاها معينا‪ ً،‬حينما يكون لصاحبه طابع‬
‫خاص واتجاه معين‪ .‬وليست الزيدية ‪ -‬بصرف النظر عن ميولهم العتزالية ‪ -‬بمنأى بعيد عن تعاليم‬
‫أهل السسرنة‪ ً،‬وعقائدهم‪ ً،‬حتى يكون لهم فى التفسير خلف كبير‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الزيدية وموقفهم من التفسير والقرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) أهم كتب التفسير عند الزيدية (‬

‫وإذا نحن ذهبنا نفتش عن تفاسير الزيدية فى المكتبات التى تحت أبصارنا وفى متناول أيدينا‪ ً،‬فإرنا ل‬
‫نكان نظفر منها إل بتفسير الشوكانى المسمى "فتح القدير" وهو تفسير متناول للقرآن كله‪ ً،‬وجامع بين‬
‫الرواية والدراية‪ ً،‬وتفسير آخر فى شرح آيات الحكام اسمه "الثمرات اليانعة" لشمس الدين يوسف بن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أحمد ‪ -‬من علماء القرن التاسع الهجرى ‪ -‬هذا هو كل ما عثرنا عليه للزيدية من كتب فى التفسير‪.‬‬
‫ولكن هل هذا هو كل ما أنتجته هذه الطائفة؟ أو أن هناك كتبا أخرى أييلفت فى التفسير ثم مدرست؟ أو‬
‫أييلفت وبقيت إلى اليوم غير أنه لم ييكتب لها الذيوع والنتشار‪ ً،‬ولذا لم تصل إلى أيدينا؟‬
‫الحقا أنى وجهت هذا السؤال إلى نفسى‪ ً،‬فرجحت أن تكون هناك كتب كثيرة فى التفسير لهذه الطائفة‪ً،‬‬
‫منها ما مدرس‪ ً،‬ومنها ما بقى إلى اليوم مطمورا فى بعضِ المكاتب الخاصة‪ ً،‬إذ ليس من المعقول أن ل‬
‫يكون لطائفة إسلمية قامت من قديم الزمان‪ ً،‬وبقيت محتفظة بتعاليمها ومقيوماتها إلى اليوم إل هذا الثر‬
‫الضئيل فى التفسير‪.‬‬
‫رجحت هذا الرأى‪ ً،‬فذهبت أفتش وأبحث فى بعضِ الكتب التى لها عناية بهذا الشأن‪ ً،‬معيلى أعثر على‬
‫أسماء لبعضِ كتب فى التفسير لبعضِ من علماء الزيدية‪ ....‬وأخيرا وجدت فى الفهرست لبن النديم‪ :‬أن‬
‫مقاتل ابن سليمان ‪ -‬ومعرديه من الزيدية ‪ -‬له من الكتب‪ ً،‬كتاب التفسير الكبير‪ ً،‬وكتاب نوادر التفسير‪.‬‬
‫ووجدت فى الفهرست أيضا‪ :‬أن أبا جعفر محمد بن منصور المرادى الزيدى‪ ً،‬له كتابان فى التفسير‪ً،‬‬
‫أحدهما‪ ً،‬كتاب التفسير الكبير‪ ً،‬والخر‪ :‬كتاب التفسير الصغير‪.‬‬
‫وقرأت مقدمة شرح الزهار من كتب الزيدية فى الفقه‪ ً،‬وهى مقدمة تشتمل على تراجم الرجال‬
‫المذكورة فى شرح الزهار لحمد بن عبد ال الجندارى‪ ً،‬فخرجت منها بما يأتى‪:‬‬
‫‪ -1‬تفسير غريب القرآن للمام زيد بن علسى‪ ً،‬جمعه بإسناده محمد ابن منصور بن يزيد الكوفى‪ ً،‬أحد‬
‫أئمة الزيدية‪ ً،‬المتوفى سنة نيف وتسعين ومائتين‪.‬‬
‫علي البستى الزيدى‪ ً،‬المتوفى فى حدود العشرين وأربعمائة‪ ً،‬قال‪ :‬وهو فى مجلد‬ ‫‪ -2‬تفسير إسماعيل بن س‬
‫واحد‪.‬‬
‫‪ -3‬التهذيب‪ ً،‬لمحسن بن محمد بن كرامة المعتزلى ثم الزيدى‪ ً،‬المقتول سنة ‪494‬هـ )أربع وتسعين‬
‫وأربعمائة(‪ .‬قال‪ :‬وهذا التفسير مشهور‪ ً،‬ويمتاز من بين التفاسير بالتريب النيقا‪ ً،‬فإنه يورد الية كاملة‪ً،‬‬
‫ثم يقول‪ :‬القراءة ويذكرها‪ ً،‬ثم يقول‪ :‬العراب ويذكره‪ ً،‬ثم يقول‪ :‬النظم ويذكره‪ ً،‬ثم يقول‪ :‬المعنى‬
‫ويذكره‪ ً،‬ويذكر أقوالل متعددة‪ ً،‬وينسب كل قول إلى قائله من المفيسرين‪ ً،‬ثم يقول‪ :‬النزول ويذكر سببه‪ً،‬‬
‫ثم يقول‪ :‬الحكام ويستنبط أحكاما كثيرة من الية‪.‬‬
‫‪ -4‬تفسير عطية بن محمد النجوانى الزيدى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪665‬هـ )خمسة وستين وستمائة(‪ .‬قال‪ :‬وقد‬
‫قيل إنه تفسير جليل‪ ً،‬جمع فيه صاحبه علوم الزيدية‪.‬‬
‫‪ -5‬التيسير فى التفسير‪ ً،‬للحسن بن محمد النحوى الزيدى الصنعانى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪791‬هـ )إحدى‬
‫وتسعين وسبعمائة(‪.‬‬
‫هذا هو كل ما قرأت عنه فى كتب الزيدية فى التفسير‪ ً،‬لكن هل بقيت هذه الكتب إلى اليوم؟ أو مدرست‬
‫بتقادم العهد عليها؟ سأتل نفسى هذا السؤال‪ ً،‬وحاولت أن أقف على جوابه‪ ً،‬وأخيرا انتهزت فرصة وجود‬
‫الوفد اليمنى فى مصر ‪ -‬وفيه الكثير من علماء الزيدية الظاهرين ‪ -‬فاتصلت بأحد أعضائه البارزين‪ً،‬‬
‫وهو القاضى محمد بن عبد ال العامرى الزيدى‪ ً،‬فسألته عن أهم مؤلفاته الزيدية فى التفسير‪ ً،‬وعن‬
‫الموجود منها إلى اليوم‪ ً،‬فأخبرنى بأن للزيدية كتبا كثيرة فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬منها ما بقى‪ ً،‬ومنها‬
‫ما اندثر‪ ً،‬وما بقى منها إلى اليوم ل يزال مخطوطا‪ ً،‬وموجودا فى مكاتبهم‪ ً،‬وذكر لى من تلك‬
‫المخطوطات الموجودة عندهم ما يأتى‪:‬‬
‫‪ -1‬تفسير ابن القضم‪ ..‬أحد قدما الزيدية‪.‬‬
‫‪ - 2‬شرح الخمسمائة آية "تفسير آيات الحكام" لحسين بن أحمد النجرى‪ ً،‬من علماء الزيدية فى القرن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الثامن الهجرى‪.‬‬
‫‪ -3‬الثمرات اليانعة "تفسير آيات الحكام" للشيخْ شمس الدين يوسف ابن أحمد بن محمد بن عثمان‪ ً،‬من‬
‫علماء الزيدية فى القرن التاسع الهجرى‪.‬‬
‫‪ -4‬منتهى المرام‪ ً،‬شرح آيات الحكام‪ ً،‬لمحمد بن الحسين بن القاسم‪ ً،‬من علماء الزيدية فى القرن‬
‫الحادى عشر الهجرى‪.‬‬
‫‪ -5‬تفسير القاضى ابن عبد الرحمن المجاهد‪ ً،‬أحد علماء الزيدية فى القرن الثالث عشر الهجرى‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهناك كتب أخرى ل يحضرنى اسمها‪ ً،‬ول اسم مؤلفيها‪ ً،‬فسأتله عن السر الذى من أجله بقيت هذه‬
‫الكتب مخطوطة إلى اليوم؟ وأى شىء يحول بينكم وبين طبعها‪ ً،‬حتى تصبح متداولة بين أهل العلم‪ً،‬‬
‫وعشاقا التفسير؟ فأجابنى بأن السر فى هذا أمران‪ :‬أحدهما‪ :‬عدم تقدم فن الطباعة عندهم‪ .‬وثانيهما‪ :‬أن‬
‫كل اعتمادهم فى التفسير على كتاب "الكشاف" للزمخشرى‪ ً،‬نظرا للصلة التى بين الزيدية والمعتزلة‪ً،‬‬
‫مما جعل أهل العلم ينصرفون عن كل ما عداه من كتب التفسير‪ ً،‬ورجا ورجوت معه أن يهيىء ال لهذا‬
‫التراث العلمى فى التفسير من السباب ما يجعله متداولل بين أهل العلم ورجال التفسير‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فما دامت أيدينا لم تصل إلى شىء من كتب التفسير عند الزيدية سوى كتاب "فتح القدير"‬
‫للشوكانى‪ ً،‬و "الثمرات اليانعة" لشمس الدين يوسف بن أحمد‪ ً،‬فإنى سأقتصر على هذين الكتابين فى‬
‫دراستى وبحثى‪ ً،‬وسأبدأ بتفسير الشوكانى‪ ً،‬وإن كان ل يمثل لنا تفسير الزيدية تمثي ل‬
‫ل وافيا شافيا‪ً،‬‬
‫ويأرجىء الكلم عن "الثمرات اليانعة" إلى أن أعرضِ للكلم عن تفاسير الفقهاء إن شاء ال‪:‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) التعريف بمؤلف هذا التفسير (‬

‫ومؤلف هذا التفسير هو العلمة محمد بن علي بن عبد ال الشوكانى‪ ً،‬يورلد فى سنة ‪1173‬هـ )ثلث‬
‫وسبعين ومائة بعد اللف من الهجرة النبوية(‪ ً،‬فى بلدة هجرة شوكان‪ .‬ونشأ ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪-‬‬
‫بصنعاء‪ ً،‬وتربى فى حجر أبيه على العفاف والطهارة‪ ً،‬وأخذ فى طلب العلم والسماع من العلماء‬
‫العلم‪ ً،‬ومجرد فى طلب العلم‪ ً،‬واشتغل كثيرا بمطالعة كتب التاريخْ ومجاميع الدب‪ ً،‬وسار على هذه‬
‫الطريقة ما بين مطالعة وحفظ‪ ً،‬وما بين سماع وتلقا‪ ً،‬إلى أن صار إماما يمعرول عليه‪ ً،‬ورأسا ييرحل إليه‬
‫"فريدا فى عصره‪ ً،‬ونادرة لدهره‪ ً،‬وقدوة لغيره‪ ً،‬بحرا فى العلم ل ييجامرى‪ ً،‬ومفيسرا ل ييبامرى‪ ً،‬ويممحيدثا ل‬
‫يشقا له غبار‪ ً،‬ومجتهدا ل يثبت أحد معه فى مضمار"‪.‬‬
‫ولقد خرلف رحمه ال كتبا فى العلم نافعة وكثيرة‪ ً،‬أهمها‪ :‬كتاب "فتح القدير" فى التفسير‪ ً،‬وهو الكتاب‬
‫الذى نحن بصدد الكلم عنه‪ ً،‬وكتاب "نيل الوطار فى شرح منتقى الخبار" فى الحديث‪ ً،‬وكتاب "إرشاد‬
‫الثقات إلى اتفقا الشرائع على التوحيد والميعاد والنبوات"‪ .‬رد به على موسى ابن ميمون الندلسي‬
‫اليهودى‪ ً،‬وغير هذا كثير من مؤلفاته‪.‬‬
‫تفقه رحمه ال على مذهب الزيدية‪ ً،‬وبرع فيه‪ ً،‬وأرلف وأفتى‪ .‬ثم خلع ربقة التقليد‪ ً،‬وتحرلى بمنصب‬
‫الجتهاد‪ ً،‬وأرلف رسالة سماها "القول المفيد فى أدلة الجتهاد والتقليد"‪ ً،‬تحامل عليه من أجلها جماعة من‬
‫العلماء‪ ً،‬وأرسل إليه أهل جهته سهام اللوم والمقت‪ ً،‬وثارت من أجل ذلك فتنة فى صنعاء اليمن بين ممن‬
‫هو يممقيلد ومن هو مجتهد‪.‬‬
‫وعقيدة الشوكانى عقيدة المسملف‪ ً،‬من حمل صفات ال تعالى الورادة فى القرآن والسسرنة على ظاهرها من‬
‫غير تأويل ول تحريف‪ ً،‬وقد أرلف فى ذلك رسالة "التحف بمذهب المسملف"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا وقد توفى الشوكانى رحمه ال سنة ‪1250‬هـ )خمسون بعد المائتين واللف من الهجرة النبوية(‪ً،‬‬
‫فرحمه ال وأرضاه‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه (‬

‫ل من يأصول التفسير‪ ً،‬ومرجعا مهما من مراجعه‪ ً،‬لنه جمع بين التفسير بالدراية‪ً،‬‬ ‫يعتبر هذا التفسير أص ل‬
‫والتفسير بالرواية‪ ً،‬فأجاد فى باب الدراية‪ ً،‬وتورسع فى باب الرواية‪ ً،‬وقد ذكر مؤلفه فى مقدمته أنه شرع‬
‫فيه فى شهر ربيع الخر من شهور سنة ثلث وعشرين بعد المائتين واللف من الهجرة النبوية‪ ً،‬وفرغا‬
‫منه فى شهر رجب سنة تسع وعشرين بعد المائتين واللف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل‬
‫السلم وأزكى التحية‪ .‬كما ذكر أنه اعتمد فى تفسيره هذا على أبي جعفر النحاس‪ ً،‬وابن عطية الدمشقى‪ً،‬‬
‫وابن عطية الندلسى‪ ً،‬والقرطبى‪ ً،‬والزمخشرى‪ ً،‬وغيرهم‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) طريقة الشوكانى فى تفسيره (‬

‫وطريقة الشوكانى التى سلكها فى تفسيره يكفينا فى بيانها عبارته التى ذكرها فى مقدمة هذا التفسير‬
‫مبينا بها منهجه فيه‪.‬‬
‫قال رحمه ال‪" :‬ووطنت النفس على سلوك طريقة هى بالقبول عند الفحول حقيقة‪ ً،‬وها أنا أوضح لك‬
‫منارها‪ ً،‬وأبين لك إيرادها وإصدارها‪ ً،‬فأقول‪ :‬إن غالب المفيسرين تفررقوا فريقين‪ ً،‬وسلكوا طريقين‪ً،‬‬
‫الفريقا الول‪ :‬اقتصروا فى تفاسيرهم على مجرد الرواية‪ ً،‬وقنعوا برفع هذه الراية‪ ً،‬والفريقا الخر‪:‬‬
‫جردوا أنظارهم إلى ما تقتضيه السلغة العربية‪ ً،‬وما تفيده العلوم اللية‪ ً،‬ولم يرفعوا إلى الرواية رأسا‪ ً،‬وإن‬
‫جاءوا به لم يصحوا لها أساسا‪ ً،‬وكل الفريقين قد أصاب‪ ً،‬وأطال وأطاب‪ ً،‬وإن جاءوا به لم يصحوا لها‬
‫أساسا‪ ً،‬وكل الفريقين قد أصاب‪ ً،‬وأطال وأطاب‪ ً،‬وإن رفع عماد بيت تصنيفه على بعضِ الطناب‪ً،‬‬
‫وترك منها ما ل يتم بدونه كمال النتصاب"‪.‬‬
‫ثم قال بعد أن دلل على قوله هذا‪" :‬وبهذا ييعرف أنه ل بد من الجمع بين المرين‪ ً،‬وعدم القتصار على‬
‫مسلك أحد الفريقين‪ ً،‬وهذا هو المقصد الذى وطنت نفسى عليه‪ ً،‬والمسلك الذى عزمت على سلوكه إن‬
‫شاء ال‪ ً،‬مع تعرضى للترجيح بين التفاسير المتعارضة مهما أمكن واتضح لى وجهه‪ ً،‬وأخذى من بيان‬
‫المعنى العربى والعرابى والبيانى بأوفر نصيب‪ ً،‬والحرص على إيراد ما ثبت من التفسير عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو الصحابة‪ ً،‬أو التابعين‪ ً،‬أو تابعيهم‪ ً،‬أو الئمة المعتمدين‪ ً،‬وقد أذكر ما فى‬
‫إسناده ضعف‪ ً،‬إما لن فى المقام ما يقويه‪ ً،‬أو لموافقته للمعنى العربى‪ .‬وقد أذكر الحديث معزوا إلى‬
‫راويه من غير بيان حال السناد‪ ً،‬لنى أجده فى الصول التى نقلت عنها كذلك‪ ً،‬كما يقع فى تفسير ابن‬
‫جرير والقرطبى وابن كثير والسيوطى‪ ً،‬وغيرهم‪ ً،‬ويبعد كل اليبعد أن يعلموا فى الحديث ضعفا ول‬
‫يبينوه‪ ً،‬ول ينبغى أن ييقال فيما أطلقوه‪ :‬إنهم قد علموا ثبوته‪ ً،‬فإن من الجائز أن ينقلوه من دون كشف‬
‫عن حال السناد‪ ً،‬بل هذا هو الذى يغلب به الظن‪ ً،‬لنهم لو كشفوا عنه فثبت عندهم صحته لم يتركوا‬
‫بيان ذلك‪ ً،‬كما يقع منهم كثيرا التصريح بالصحة أو اليحسن‪ ً،‬فممن وجد الصول التى يروون عنها‪ً،‬‬
‫ويعزون ما فى تفاسيرهم إليها‪ .‬فلينظر إلى أسانيدها موفقا إن شاء ال‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"واعلم أن تفسير السيوطى المسمى بالدر المنثور‪ ً،‬قد اشتمل على غالب ما فى تفاسير المسملف من‬
‫التفاسير المرفوعة إلى النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وتفاسير الصحابة وممن بعدهم‪ ً،‬وما فاته إل القليل‬
‫النادر‪ .‬وقد اشتمل هذا التفسير على جميع ما تدعو إليه الحاجة منه مما يتعلقا بالتفسير‪ ً،‬مع اختصار لما‬
‫تكرر لفظا واتحد معنى بقولى‪ :‬ومثله ونحوه‪ ً،‬وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها‪ ً،‬وجدتها فى‬
‫غيره من تفاسير علماء الرواية‪ ً،‬أو من الفوائد التى لحت لى‪ ً،‬من تصحيح‪ ً،‬أو تحسين‪ ً،‬أو تضعيف‪ ً،‬أو‬
‫تعقيب‪ ً،‬أو جمع‪ ً،‬أو ترجيح‪ ...‬فهذا التفسير وإن كبر حجمه فقد كثر علمه‪ ً،‬وتوفر من التحقيقا قسمه‪ً،‬‬
‫وأصاب غرضِ الحقا سهمه‪ ً،‬واشتمل على ما فى كتب التفاسير من بدائع الفوائد‪ ً،‬مع زوائد فرائد‪ً،‬‬
‫وقواعد شرائد‪ ً،‬ثم أرجع إلى تفاسير المعتمدين على الدراية‪ ً،‬ثم انظر فى هذا التفسير بعد النظرين‪ ً،‬فعند‬
‫ذلك يسفر الصبح لذى عينين‪ ً،‬ويتبين لك أن هذا الكتاب هو السلباب‪ ً،‬وعجب اليعجاب‪ ً،‬وذخيرة اليطلب‪ً،‬‬
‫ونهاية مآرب يأولى اللباب‪ ...‬وقد سميته "فتح القدير‪ ً،‬الجامع بين فنى الرواية والدراية من علم‬
‫التفسير"‪.‬‬
‫مما تقدم يتضح لك جليا طريقة المؤلف التى سلكها فى تفسيره هذا‪ ً،‬وقد رجعت إلى هذا التفسير وقرأت‬
‫ل ومقبولل‪ ً،‬ثم يذكر بعد الفراغا من ذلك‪:‬‬ ‫فيه كثيرا‪ ً،‬فوجدته يذكر اليات‪ ً،‬ثم يفيسرها تفسيرا معقو ل‬
‫الروايات التفسيرية الواردة عن المسملف‪ ً،‬وهو ينقل كثيرا عمن ذكر من أصحاب كيتب التفسير‪ .‬ووجدته‬
‫يذكر المناسبات بين اليات‪ ً،‬ويحتكم إلى السلغة كثيرا‪ .‬وينقل عن أئمتها كالمبرد وأبى عبيدة والقرراء‪ ً،‬كما‬
‫أنه يتعرضِ أحيانا للقراءات السبع‪ ً،‬ول يفوته أن يعرضِ لمذاهب العلماء الفقهية فى كل مناسبة‪ ً،‬ويذكر‬
‫اختلفاتهم وأدلتهم‪ ً،‬وييدلى بدلوه بين الدلء‪ ً،‬فيرجح‪ ً،‬ويستظهر‪ ً،‬ويستنبط‪ ً،‬ويعطى نفسه حرية واسعة فى‬
‫الستنباط‪ ً،‬لنه يرى نفسه مجتهدا ل يقل عن غيره من المجتهدين‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) نقله للروايات الموضوعة والضعيفة (‬

‫غير أنى آخذ عليه ‪ -‬كرجل من أهل الحديث ‪ -‬أنه يذكر كثيرا من الروايات الموضوعة‪ ً،‬أو الضعيفة‪ً،‬‬
‫ويمر عليها بدون أن ينبه عليها‪.‬‬
‫ل نجده عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫فمث ل‬
‫وقوله فى الية ]‪ [67‬منها‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرملهيمك رمن رريبمك{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يذكر من الروايات ما‬
‫هو موضوع على ألسن الشيعة‪ ً،‬ول ينبه على أنها موضوعة‪ ً،‬مع أنه يقرر عدم صلحية مثل هذه‬
‫الروايات للستدلل على إمامة علسى‪ ً،‬ففى الية الولى يقول‪ ..} :‬مويههم مراركيعومن{ُ جملة حالية من فاعل‬
‫للفعلين الرلذين قبله‪ ً،‬والمراد بالركوع‪ :‬الخشوع والخضوع‪ ً،‬أى يقيمون الصلة‪ ً،‬ويؤتون الزكاة‪ ً،‬وهم‬
‫خاشعون ل يتكبرون‪ .‬وقيل‪ :‬هو حال من فاعل الزكاة‪ ً،‬والمراد بالركوع هو المعنى المذكور‪ ً،‬أى‬
‫يضعون الزكاة فى مواضعها غير متكبرين على الفقراء‪ ً،‬ول مترفعين عليهم‪ ً،‬وقيل‪ :‬المراد بالركوع‬
‫على المعنى الثانى‪ :‬ركوع الصلة‪ ً،‬ويدفعه عدم جواز إخراج الزكاة فى تلك الحال"‪.‬‬
‫ثم نراه يذكر فى ضمن ما يذكر من الروايات عن ابن عباس أنه قال‪ :‬تصردقا علسى بخاتم وهو راكع‪ً،‬‬
‫فقال النبي صلى ال عليه وسلم للسائل‪" :‬ممن أعطاك هذا الخاتم"؟ قال‪ :‬ذلك الراكع‪ ً،‬فأنزل ال فيه‪} :‬إررنمما‬
‫مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬ثم يمر على هذه الرواية الموضوعة باتفاقا أهل العلم ول ينبه على ما‬
‫فيها‪.‬‬
‫وفى الية الثانية نجده يروى عن أبى سعيد الخدرى أنه قال‪" :‬نزلت هذه الية‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يأنرزمل إرملهيمك رمن رريبمك{ُ على رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم "غدير يخم"‪ ً،‬فى علسى بن أبي طالب رضى‬
‫ال عنه"‪ ً،‬ويروى عن ابن مسعود أنه قال‪" :‬كنا نقرأ على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬يا أيها‬
‫الرسول مبليهغ ما يأنزل إليك من ربك أن عليا مولى المؤمنين‪ ً،‬وإن لم تفعل فما برلغمت رسالته‪ ً،‬وال‬
‫يعصمك من الناس" ‪ -‬ثم يمر على هاتين الروايتين أيضا بدون أن يتعقبهما بشىهَء أص ل‬
‫ل‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) ذمه للتقليد والميقدين (‬

‫*ذمة للتقليد والمقيلدين‪:‬‬


‫كذلك نلحظ على الشوكانى أنه ل يكاد يمر بآية من القرآن تنعى على المشركين تقليدهم آباءهم إل‬
‫ويطبقها على مقيلدى أئمة المذاهب الفقهية‪ ً،‬ويرميهم بأنهم تاركون لكتاب ال‪ ً،‬يمهعررضون عن يسرنة رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬ونحن وإن كنا ل نمنع من الجتهاد ممن له قدرة عليه بتحصيله لسبابه وإلمامه‬
‫ل للجتهاد‪ ً،‬وهؤلء ل بد لهم من التقليد‪ .‬ولسيت فى‬ ‫بشروطه إل أرنا ل ننكر أن فى الناس ممن ليس أه ل‬
‫شك من أن الشوكانى مخطىء فى حملته على المقيلدة‪ ً،‬كما أنه قاس إلى حد كبير حيث يطبقا ما ورد‬
‫من اليات فى حقا الكفرة على مقيلدى الئمة وأتباعهم‪ ً،‬وإليك بعضِ ما قاله فى تفسيره‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة العراف‪} :‬موإرمذا مفمعيلوها مفارحمشلة مقايلوها مومجهدمنا‬ ‫فمث ل‬
‫ل متهعمليمومن{ُ‪ ..‬قال ما نصه‪:‬‬ ‫ل ميهأيمير ربٱِهلمفهحمشآرء أممتيقويلومن معملى ٱللرره مما م‬‫معملهيمهآ آمبامءمنا موٱللريه أممممرمنا ربمها يقهل إررن ٱلرلمه م‬
‫"‪ ..‬وإن فى هذه الية الشريفة لعظم زاجر‪ ً،‬وأبلغ واعظ للمقيلدة‪ ً،‬الذين يتبعون آباءهم فى المذاهب‬
‫المخالفة للحقا‪ ً،‬فإن ذلك من القتداء بأهل الكفر ل بأهل الحقا‪ ً،‬فإنهم القائلون‪} :‬إررنا مومجهدمنآ آمبآمءمنا معلمـى أيرمهَة‬
‫موإررنا معملـى آمثارررهم سمهقمتيدومن{ُ ‪ ...‬والقائلون‪} :‬مومجهدمنا معملهيمهآ آمبامءمنا موٱللريه أممممرمنا ربمها{ُ ‪ ...‬والمقيلد لول اغتراره‬
‫بكونه وجد أباه على ذلك المذهب‪ ً،‬مع اعتقاده بأنه الذى أمر ال به‪ ً،‬وأنه الحقا لم يبقا عليه‪ ً،‬وهذه‬
‫الخصلة هى التى بقى بها اليهودى على اليهودية‪ ً،‬والنصرانى على النصرانية‪ ً،‬والمبتدع على بدعته‪ً،‬‬
‫فما أبقاهم على هذه الضللت إل كونهم وجدوا آباءهم فى اليهودية أو النصرانية أو البدعة‪ .‬وأحسنوا‬
‫الظن بهم‪ ً،‬بأن ما هم عليه هو الحقا الذى أمر ال به‪ ً،‬ولم ينظروا لنفسهم‪ ً،‬ول طلبوا الحقا كما يجب‪ً،‬‬
‫ول بحثوا عن دين ال كما ينبغى‪ ً،‬وهذا هو التقليد البحت والقصور الخالص‪ .‬فيا ممن نشأ على مذهب‬
‫من هذه المذاهب السلمية‪ ً،‬أنا لك النذير المبالغ فى التحذير من أن تقول هذه المقالة‪ ً،‬وتستمر على‬
‫الضللة‪ ً،‬فقد اختلط الشر بالخير‪ ً،‬والصحيح بالسقيم‪ ً،‬وفاسد الرأى بصحيح الرواية‪ ً،‬ولم يبعث ال إلى‬
‫لمة إل رسولل واحدا أمرهم باتباعه‪ ً،‬ونهى عن مخالفته فقال‪} :‬موممآ آمتايكيم ٱلرريسويل مفيخيذويه مومما منمهايكهم‬ ‫هذه ا ي‬
‫لمة رسل‬ ‫معهنيه مفٱِنمتيهوها{ُ‪ .‬ولو كان محضِ رأى أئمة المذاهب وأتباعهم يحرجة على العباد‪ ً،‬لكان لهذه ا ي‬
‫كثيرون متعددون بعدد أهل الرأى‪ ً،‬المكيلفين للناس بما لم ييكيلفهم ال به‪ .‬وإن من أعجب الغفلة‪ ً،‬وأعظم‬
‫الذهول عن الحقا‪ ً،‬اختيار المقيلدة لراء الرجال‪ ً،‬مع وجود كتاب ال ووجود يسرنة رسوله‪ .‬ووجود ممن‬
‫يأخذونهما عنه‪ ً،‬ووجود آلة الفهم لديهم‪ ً،‬موممملكة العقل عندهم"‪.‬‬
‫وفى سورة التوبة عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪} :[31‬ٱرتمخيذيوها أمهحمبامريههم مويرههمبامنيههم أمهرمبابا يمن يدورن‬
‫ل يهمو يسهبمحامنيه معرما يهشرريكومن{ُ يقول ما‬ ‫ل رلميهعيبيديوها إرلمــها موارحدا ر‬
‫ل إرلمــمه إر ر‬ ‫ٱلرلره موٱهلمرسيمح ٱهبمن ممهرميم موممآ أيرميريوها إر ر‬
‫منصه‪ ..." :‬وفى هذه الية ما يزجر ممن كان له قلب أو مألقى السمع وهو شهيد عن التقليد فى دين ال‪ً،‬‬
‫وإيثار ما يقوله السلف على ما فى الكتاب العزيز‪ ً،‬والسسرنة المطرهرة‪ ً،‬فإن طاعة المتمذهب لمن يقتدى‬
‫لمة‪ ً،‬مع مخالفته لما جاءت به النصوص‪ ً،‬وقامت به حجج ال‬ ‫بقوله‪ ً،‬ويسرتن بيسرنته من علماء هذه ا ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وبراهينه‪ ً،‬ونطقت به كتبه وأنبياؤه‪ ً،‬هو كاتخاذ اليهود والنصارى الخبار والرهبان أربابا من دون ال‪.‬‬
‫للقطع بأنهم لم يعبدوهم‪ ً،‬بل أطاعوهم‪ ً،‬وحررموا ما حررموا‪ .‬وحرللوا وهذا هو صنيع المقيلدين من هذه‬
‫المة‪ ً،‬وهو أبه به رمهن شربه البيضة بالبيضة‪ ً،‬والتمرة بالتمرة‪ ً،‬والماء بالماء‪ .‬فيا عباد ال‪ ً،‬ويا أتباع‬
‫محمد بن عبد ال؛ً ما بالكم تركتم الكتاب والسسرنة جانبا‪ ً،‬وعمدتم إلى رجال هم مثلكم فى تعبد ال لهم‬
‫بهما‪ ً،‬وطلبه منهم للعمل بما دل عليه وأفاداه؟ فعلتم بما جاءوا به من الراء التى لم تعمد بعماد الحقا‪ً،‬‬
‫ولم تعضد بعضد الدين‪ ً،‬ونصوص الكتاب والسسرنة تنادى بأبلغ نداء‪ ً،‬ويتصيوت بأعلى صوت بما يخالف‬
‫صما‪ ً،‬وقلوبا يغهلفا‪ ً،‬وأفهاما مريضة‪ ً،‬وعقولل مهيضة‪ ً،‬وأذهانا كليلة‪ً،‬‬ ‫ذلك ويباينه‪ ً،‬فأعرتموهما آذانا ي‬
‫وخواطر عليلة‪ ً،‬وأنشدتم بلسان الحال‪:‬‬
‫*وما أنا إل من غزية إن غوت * غوييت وإن ترشد غزية أرشد*‬
‫فدعوا ‪ -‬أرشدكم ال وإياى ‪ -‬كتبا كتبها لكم الموات من أسلفكم‪ ً،‬واستبدلوا بها كتاب ال خالقهم‬
‫وخالقكم‪ ً،‬ومتعبدهم ومتعبدكم‪ ً،‬ومعبودهم ومعبودكم‪ ً،‬واستبدلوا بأقوال من تدعونهم بأئمتكم وما جاءوكم‬
‫به من الرأى‪ ً،‬بأقوال إمامكم وإمامهم‪ ً،‬وقدوتكم وقدوتهم‪ ً،‬وهو المام الول محمد بن عبد ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫*دعوا كل قول عند قول محمد * فما آرمفن فى دينه كمخاطر*‬
‫الرلهم هادى الضال‪ ً،‬مرشد التائه‪ ً،‬موضح السبيل‪ ...‬اهدنا إلى الحقا‪ ً،‬وأرشدنا إلى الصواب‪ ً،‬وأوضح لنا‬
‫منهج الهداية"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى اليات ]‪ [54 - 52‬من سورة النبياء‪} :‬إهذ مقامل م‬
‫لربيره مومقهورمره مما مهــرذره‬ ‫ر‬
‫لهَل‬‫ضم‬ ‫ٱلرتممارثييل ٱلررتيي مأنيتهم لممها معاركيفومن * مقايلوها مومجهدمنآ آمبآمءمنا لممها معاربرديمن * مقامل لممقهد كنيتهم أنيتهم موآمبآيؤكهم رفي م‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫سمربيهَن{ُ نجده يذم المقيلدة‪ ً،‬ومأئمة المذاهب بما ل يليقا أن يصدر من عارلم فى حقا عارلم آخر ربما كان‬
‫أفضل منه عند ال‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪ ..." :‬وهكذا يجيب هؤلء المقيلدة من أهل هذه الرمرلة الرأى المدفوع‬
‫بالدليل‪ ...‬قالوا‪ :‬هذا قد قال به إمامنا الذى وجدنا آباءنا له مقيلدين‪ ً،‬وبرأيه آخذين‪ .‬وجوابهم هو ما أجاب‬
‫ضلهَل سمربيهَن{ُ‪ .‬أى في خسران واضح ل يخفى على أحد‪ً،‬‬ ‫به الخليل ههنا‪} :‬مقامل لممقهد يكنيتهم مأنيتهم وآمبايؤيكهم رفى م‬
‫ول يلتبس على ذى عقل‪ ً،‬فإن قوم إبراهيم عبدوا الصنام التى ل تضر ول تنفع‪ ً،‬ول تسمع ول تبصر‪ً،‬‬
‫وليس بعد هذا الضلل ضلل‪ ً،‬ول يساوى هذا الخسران خسران‪ .‬وهؤلء المقيلدة من أهل السلم‬
‫استبدلوا بكتاب ال وبيسرنة رسوله كتابا قد يديونت فيه اجتهادات عارلم من علماء السلم‪ ً،‬زعم أنه لم يقف‬
‫على دليل يخالفها‪ ً،‬إما لقصور منه‪ ً،‬أو لتقصير فى البحث‪ ً،‬فوجد ذلك الدليل ممن وجده‪ ً،‬وأبرزه واضح‬
‫المنار‪ ً،‬كأنه معملم فى رأسه نار‪ ً،‬وقال‪ :‬هذا كتاب ال‪ ً،‬أو هذه يسرنة رسول ال‪ ً،‬وأنشدهم‪:‬‬
‫*دعوا كل قول عند قول محمد * فما آرمفن فى دينه كمخاطر*‬
‫فقالوا كما قال الول‪:‬‬
‫*وما أنا إل من غزية إن غوت * غوييت وإن ترشد غزية أرشد*‬
‫وقد أحسن ممن قال‪:‬‬
‫*يأبى الفتى إل اتباع الهوى * ومنهج الحقا له واضح"‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) حياة الشهداء (‬

‫هذا‪ ...‬وإن الشوكانى ليقرر فى تفسيره هذا‪ :‬أن الشهداء أحياء عند ربهم ييرزقون‪ ً،‬حياة حقيقية ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مجازية‪ ً،‬وذلك حيث يقول عند تفسيره لقوله تعالى فى الية )‪ (169‬من سورة آل عمران‪} :‬مو م‬
‫ل متهحمسمبرن‬
‫ٱرلرذيمن يقرتيلوها رفي مسربيرل ٱلرلره أمهممواتا مبهل أمهحميافء رعنمد مريبرههم يهرمزيقومن{ُ‪ ..." :‬وقد اختلف أهل العلم فى الشهداء‬
‫المذكورين فى هذه الية ممن هم؟‪ .‬فقيل‪ :‬شهداء أييحد‪ .‬وقيل‪ :‬فى شهداء بدر‪ .‬وقيل‪ :‬فى شهداء بئر‬
‫معونة‪ ...‬على فرضِ أنها نزلت فى سبب خاص فالعتبار بعموم الرلفظ ل بخصوص السبب‪ ..‬ومعنى‬
‫الية عند الجمهور‪ :‬أنهم أحياء حياة محققة‪ .‬ثم اختلفوا‪ :‬فمنهم ممن قال‪ :‬إنها يترد إليهم أرواحهم فى‬
‫قبورهم فيتنعمون‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬ييرزقون من ثمر الجنة‪ ً،‬أيِ يجدون ريحها وليسوا فيها‪ .‬وذهب ممن عدا‬
‫الجمهور إلى أنها حياة مجازية‪ ً،‬والمعنى‪ :‬أنهم فى حكم ال مستحقون للنعم فى الجنة‪ ً،‬والصحيح الول‪ً،‬‬
‫ول موجب للمصير إلى المجاز‪ ً،‬وقد وردت السسرنة المطرهرة بأن أرواحهم في أجواف طيور خضر‪ً،‬‬
‫وأنهم فى الجنة ييرزقون ويأكلون ويتمتعهون"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) التوسل (‬

‫ولكنه مع هذه الموافقة للجمهور‪ ً،‬نراه يقف من مسألة التوسل بالنبياء والولياء موقف المعارضة‪ً،‬‬
‫ويفيضِ فى النكار على ممن يفعل ذلك فى سورة يونس عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪} :[49‬يقل ر‬
‫ل‬
‫ل مما مشآمء ٱللريه{ُ‪ ...‬يقول ما نصه‪ ..." :‬وفى هذا أعظم واعظ‪ ً،‬وأبلغ زاجر‬ ‫ل منهفعا إر ر‬ ‫أمهمرليك رلمنهفرسي م‬
‫ضسرا مو م‬
‫لمن صار دينه وهجيراه المناداة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬والستغاثة به عند نزول النوازل التى‬
‫ل يقدر على دفعها إل ال سبحانه‪ ً،‬وكذلك ممن صار يطلب من الرسول صلى ال عليه وسلم ما ل يقدر‬
‫على تحصيله إل ال سبحانه‪ ً،‬فإن هذا مقام رب العالمين‪ ً،‬الذى خلقا النبياء والصالحين وجميع‬
‫المخلوقين‪ ً،‬ورزقهم وأحياهم ويميتهم‪ ً،‬فكيف ييطلب من نبى من النبياء‪ ً،‬أو ممملك من الملئكة‪ ً،‬أو صالح‬
‫من الصالحين‪ ً،‬ما هو عاجز عنه غير قادر عليه ويترك الطلب لرب الرباب‪ ً،‬القادر على كل شىء‪ً،‬‬
‫الخالقا الرازقا‪ ً،‬المعطى المانع‪ ً،‬وحسبك بما فى هذه الية موعظة‪ ً،‬فإن هذا سيد ولد آدم‪ ً،‬وخاتم الرسل‬
‫ل منهفعا{ُ‪ ً،‬فكيف يملكه لغيره؟ وكيف يملكه غيره ممن‬ ‫ل أمهمرليك رلمنهفرسي م‬
‫ضسرا مو م‬ ‫يأمره ال بأن يقول لعباده‪ } :‬ر‬
‫ل عن أن يملكه لغيره؟ فيا عجبا لقوم يعكفون‬ ‫رتبته دون رتبته‪ ً،‬ومنزلته ل تبلغ إلى منزلته لنفسه فض ل‬
‫على قبور الموات الذين صاروا تحت أطباقا الثرى‪ ً،‬ويطلبون منهم من الحوائج ما ل يقدر عليه إل ال‬
‫معرز ومجرل‪ .‬كيف ل يتيقظون لما وقعوا فيه من الشرك‪ ً،‬ول يتنبهون لما حرل بهم من المخالفة لمعنى "ل‬
‫إله إل ال" ومدلول‪} :‬يقهل يهمو ٱللريه أممحفد{ُ‪.‬‬
‫"وأعجب من هذا‪ ً،‬اطلع أهل العم على ما يقع من هؤلء ول ينكرون عليهم ول يحولون بينهم وبين‬
‫الرجوع إلى الجاهلية الولى‪ ً،‬بل إلى ما هو أشد منها‪ ً،‬فإن يأولئك يعترفون بأن ال سبحانه هو الخالقا‬
‫الرازقا‪ ً،‬المحيي المميت‪ ً،‬الضار النافع‪ ً،‬وإنما يجعلون أصنامهم شفعاء لهم عند ال‪ ً،‬ومقيربين لهم إليه‪ً،‬‬
‫وهؤلء يجعلون لهم قدرة على الضر والنفع‪ ً،‬وينادونهم تارة على الستقلل‪ ً،‬وتارة مع ذى الجلل‪ً،‬‬
‫وكفاك من شر سماعه‪ ً،‬وال ناصر دينه‪ ً،‬ويمطيهر شريعته من أوضار الشرك‪ ً،‬وأدناس الكفر‪ .‬ولقد‬
‫توسل الشيطان ‪ -‬أخزاه ال ‪ -‬بهذه الذريعة إلى ما تقر به عينه‪ ً،‬وينثلج به صدره‪ ً،‬من كفر كثير من‬
‫لمة المباركة‪ ً،‬وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!! إرنا ل وإرنا إليه راجعون"‪.‬‬ ‫هذه ا ي‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) موقفه من المتشابه (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم إن المؤلف ‪ -‬كما قلنا فى ترجمته ‪ -‬مسملفى العقيدة‪ ً،‬فكل ما ورد فى القرآن من ألفاظ توهم التشبيه‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪[255‬‬ ‫حملها على ظاهرها‪ ً،‬وفروضِ الكيف إلى ال‪ ً،‬ولهذا نراه مث ل‬
‫ضِ{ُ‪ .‬يقول‪" :‬الكرسى‪ :‬الظاهر أنه الجسم الذى وردت‬ ‫من سورة البقرة‪} :‬مورسمع يكهررسسييه ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر م‬
‫الثار بصفته كما سيأتى بيان ذلك‪ .‬وقد نفى وجوده جماعة من المعتزلة‪ ً،‬وأخطأوا فى ذلك خطئا بيينا‪ً،‬‬
‫وغلطوا غلطا فاحشا‪ ً،‬وقال بعضِ المسملف‪ :‬إن الكرسى هنا عبارة عن العلم‪ ً،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫*تحف بهم بيضِ الوجوه وعصبة * كراسى بالخبار حين تنوب*‬
‫ور رجح هذا القول ابن جرير‪ .‬وقيل‪ :‬كرسيه‪ :‬قدرته التي يمسك بها السموات والرضِ‪ ً،‬كما يقال‪ :‬اجعل‬
‫لهذا الحائط كرسيا‪ ...‬أى ما يعمده‪ .‬وقيل‪ :‬إن الكرسى هو العرش‪ ً،‬وقيل‪ :‬هو تصوير لعظمته ول حقيقة‬
‫له‪ .‬وقيل‪ :‬هو عبارة عن الملك‪ .‬والحقا القول الول‪ .‬ول وجه للعدول عن المعنى الحقيقى إلى مجرد‬
‫خيالت وضللت"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [54‬من سورة العراف‪} :‬إررن مرربيكيم ٱللريه ٱرلرذيِ مخلممقا ٱلمسمماموارت‬
‫ضِ رفي رسرترة أمرياهَم يثرم ٱهسمتموـى معملى ٱهلمعهررش{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪" :‬قد اختلف العلماء فى معنى هذا‬ ‫موٱ م‬
‫لهر م‬
‫على أربعة عشر قولل‪ ً،‬وأحقها وأولها بالصواب مذهب المسملف الصالح‪ :‬أنه استوى سبحانه عليه بل‬
‫كيف‪ ً،‬بل على الوجه الذى يليقا به مع تنزهه عما ل يجوز عليه"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) موقفه من آراء المعتزلة (‬

‫وبالرغم من أن الزيدية تأثروا كثيرا بتعاليم المعتزلة‪ ً،‬وأخذوا عنهم آراءهم وعقائدهم فى غالب مسائل‬
‫الكلم‪ ً،‬فإرنا نجد صاحبنا ل يميل إلى القول بمبادئهم بل ونجده يرد عليهم‪ ً،‬ويعارضهم معارضة شديدة‬
‫فى كثير من المواقف‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهليتهم ميايمومسـى ملن سنهؤرممن لممك محرتـى منمرى‬ ‫فمث ل‬
‫ٱلرلمه مجههمر لة{ُ‪ ....‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪ ..." :‬وإنما عوقبوا بأخذ الصاعقة لهم‪ ً،‬لنهم طلبوا ما لم يأذن ال‬
‫به من رؤية الدنيا‪ ً،‬وقد ذهبت المعتزلة وممن تابعهم إلى إنكار الرؤية فى الدنيا والخرة‪ .‬وذهب ممن‬
‫عداهم إلى جوازها فى الدنيا‪ ً،‬ووقوعها فى الخرة‪ .‬وقد تواترت الحاديث الصحيحة بأن العباد يرون‬
‫ربهم فى الخرة‪ ً،‬وهى قطعية الدللة‪ ً،‬ل ينبغى لمنصف أن يتمسك فى مقابلها بتلك القواعد الكلمية‬
‫التى جاء بها قدماء المعتزلة‪ ً،‬وزعموا أن العقل قد حكم بها‪ ً،‬دعوى مبنية على شفا جرف هار‪ ً،‬وقواعد‬
‫ل يغتر بها إل ممن لم يحظ من العلم بنصيب نافع"‪.‬‬
‫كذلك نراه يرد على الزمخشريِ فى دعواه‪ :‬أن دخول الجنة مستمحقا بسبب العمل الصالح‪ ً،‬فيقول عند‬
‫تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة العراف‪} :‬موينويديوها مأن رتهليكيم ٱهلمجرنية يأوررهثيتيمومها ربمما يكنيتهم‬
‫متهعمميلو من{ُ‪ ...." :‬قال الكشاف‪" :‬بسبب أعمالكم ل بالتفضل كما تقول المبطلة"‪ .‬أقول‪ :‬يا مسكين‪ ...‬هذا‬
‫قاله رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما صح عنه‪" :‬سددوا وقاربوا واعملوا‪ .‬إنه لن يدخل أحد الجنة‬
‫بعمله"‪ ً،‬قالوا‪ :‬ول أنت يا رسول ال؟ قال‪" :‬ول أنا إل أن يتغمدنى ال برحمته" والتصريح بسبب ل‬
‫يستلزم نفى سبب آخر‪ ً،‬ولول التفضل من ال سبحانه وتعالى على العامل بإقداره على العمل لم يكن‬
‫ل‪ ً،‬فلو لم يكن التفضل إل بهذا القدار لكان القائلون به محقة ل مبطلة‪ .‬وفى التنزيل‪} :‬ـذرلمك‬ ‫عمل أص ل‬
‫ضهَل{ُ‪.‬‬ ‫ضيل رممن ٱللرره{ُ‪ ً،‬وفيه‪} :‬مفمسييهدرخلييههم رفي مرهحمهَة يمهنيه مومف ه‬
‫ٱهلمف ه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كذلك نراه ينكر على المعتزلة القائلين‪ :‬بأن العين ل تأثير لها فى المعين‪ ً،‬وذلك حيث يقول عند تفسيره‬
‫ل متهديخيلوها رمن مباهَب موارحهَد موٱهديخيلوها رمهن أمهبمواهَب‬
‫لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من سورة يوسف‪} :‬مومقامل ـيمبرنري م‬
‫سممتمفير مقهَة{ُ ‪ ...‬الية‪" :‬وقد أنكر بعضِ المعتزلة كأبى هاشم والبلخى‪ ً،‬أن للعين تأثيرا‪ ً،‬وليس هذا بمستنكر‬
‫من هذين وأتباعهما‪ ً،‬فقد صار دفع أدلة الكتاب والسسرنة بمجرد الستبعادات العقلية دأبهم وديدنهم‪ ً،‬وأى‬
‫مانع من إصابة العين بتقدير ال سبحانه لذلك‪ ً،‬وقد وردت الحاديث الصحيحة بأن العين حقا‪ ً،‬ويأصيب‬
‫بها جماعة فى عصر النبوة‪ .‬ومنهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وأعجب من إنكار هؤلء لما‬
‫وردت به نصوص هذه الشريعة ما يقع من بعضهم من الزدراء على ممن يعمل بالدليل المخالف‪ ً،‬فإنه‬
‫فى كثير من المواطن ل يقف عند دفع دليل الشرع بالستبعاد‪ ً،‬حتى يضم إلى ذلك الوقاحة فى العبارة‪ً،‬‬
‫على وجه يوقع المقصرين فى القوال الباطلة‪ ً،‬والمذاهب الزائفة‪ .‬وبالجمة‪ ً،‬فقول هؤلء مدفوع بالدلة‬
‫المتكاثرة‪ .‬وإجماع ممن ييعتد به من هذه المة مسملفا ومخملفا‪ ً،‬وبما هو يمشامهد فى الوجود‪ ً،‬فكم من شخص‬
‫من هذا النوع النسانى‪ ً،‬وغيره من أنواع الحيوان هنالك بهذا السبب"‪.‬‬
‫ويقف الشوكانى من المعتزلة موقف المعارضة فى مسألة غفران الذنوب‪ .‬فعندما تعررضِ لتفسير قوله‬
‫ل متهقمنيطوها رمن ررهحممرة ٱلرلره‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [53‬من سورة الزمر‪} :‬يقهل ـيرعمباردميِ ٱرلرذيمن أمهسمريفوها معلمـى مأنيفرسرههم م‬
‫إررن ٱلرلمه ميهغرفير ٱلسذينومب مجرميعا{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪ ..." :‬وأما ما يزعمه جماعة من المفيسرين من تفسير‬
‫هذه الية بالتوبة‪ ً،‬وأنها ل تغفر إل ذنوب التائبين‪ .‬وزعموا أنهم قالوا ذلك للجمع بين اليات‪ ً،‬فهو جمع‬
‫بين الضب والنون‪ ً،‬وبين الملح والحادى‪ ً،‬وعلى نفسها براقش تجنى‪ ً،‬ولو كانت هذه البشارة العظيمة‬
‫مقيدة بالتوبة لم يكن لها كثير موقع‪ ً،‬فإن التوبة من المشرك يغفر ال له بها ما فعله من الشرك بإجماع‬
‫ل ميهغرفير مأن يهشمرمك ربره موميهغرفير مما يدومن ـذرلمك رلممن ميمشآيء{ُ‪ ...‬فلو كانت التوبة قيدا‬ ‫المسلمين‪ ً،‬وقد قال‪} :‬إررن ٱلرلمه م‬
‫في المغفرة لم يكن للتنصيص على الشرك فائدة‪ ً،‬وقد قال سبحانه‪} :‬موإررن مرربمك لميذو ممهغرفمرهَة يللرنارس معلمـى‬
‫يظهلرمرههم{ُ‪ ...‬قال الواحدى‪ :‬المفيسرون كلهم قالوا‪ :‬إسن هذه الية فى قوم خافوا إن أسلموا أن ل ييغفر لهم ما‬
‫جنوا من الذنوب العظام‪ ً،‬كالشرك‪ ً،‬وقتل النفس‪ ً،‬ومعاداة النبي صلى ال عليه وسلم‪ .‬قلت‪ :‬هب أنها فى‬
‫هؤلء فكان ماذا؟ فإن العتبار بما اشتملت عليه من العموم ل بخصوص السبب‪ ً،‬كما هو متفقا عليه‬
‫بين أهل العلم‪ .‬ولو كانت اليات القرآنية‪ ً،‬والحاديث النبوية مقيدة بأسبابها غير متجاوزة لها‪ ً،‬لرتفعت‬
‫أكثر التكاليف عن المة إن لم ترتفع كلها‪ ً،‬واللزم باطل بالجماع‪ ً،‬فالملزوم مثله"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) فتح القدير للشوكاني ( ضمن العنوان‬
‫) موقف الشوكانى من مسألة خلقا القرآن (‬

‫هذا‪ ..‬ولم يرضِ الشوكانى موقف أهل السسرنة‪ ً،‬ول موقف المعتزلة من مسألة خلقا القرآن‪ ً،‬وإنما رضى‬
‫أن يكون من العلماء الوقوف فى هذه المسألة‪ ً،‬فلم يجزم فيها برأى‪ ً،‬وراح ينحى باللئمة على ممن يقطع‬
‫بأن القرآن قديم أو مخلوقا‪ ً،‬فعندما تعررضِ لتفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [2‬من سورة النبياء‪} :‬مما ميهأرتيرههم‬
‫ل ٱهسمتمميعويه مويههم ميهلمعيبومن{ُ يقول ما نصه‪ ..." :‬وقد استدل بوصف‬
‫يمن رذهكهَر يمن رريبرههم سمهحمدهَث إر ر‬
‫الذ سكر بكونه مهحدثا على أن القرآن محمدث‪ ً،‬لن الذكر هنا هو القرآن‪ ً،‬وأجيب بأنه ل نزاع فى حدوث‬
‫المركب من الصوات والحروف‪ ً،‬لنه متجدد فى النزول‪ ً،‬فالمعنى‪ :‬محدث تنزيله "وإنما النزاع فى‬
‫الكلم النفسى‪ .‬وهذه المسألة ‪ -‬أعنى قدم القرآن وحدوثه ‪ -‬قد ابتلى بها كثير من أهل العلم‪ ...‬ولقد‬
‫أصاب أئمة السسرنة بامتناعهم من الجابة إلى القول بخلقا القرآن وحدوثه‪ ً،‬وحفظ ال بهم يأمة نبيه عن‬
‫البتداع‪ ً،‬ولكنهم ‪ -‬رحمهم ال ‪ -‬جاوزوا ذلك إلى القول ربقمدمه‪ ً،‬ولم يقتصروا على ذلك حتى كرفروا من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قال بالحدوث‪ ً،‬بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من قال‪ :‬لفظى بالقرآن مخلوقا‪ ً،‬بل جاوزوا ذلك إلى تكفير ممن‬
‫وقف‪ ً،‬وليتهم لم يجاوزوا حد الوقف‪ ً،‬وإرجاع العلم إلى علم الغيوب‪ ً،‬فإنه لم ييسمع من المسملف الصالح‬
‫من الصحابة والتابعين وممن بعدهم إلى وقت قيام المحنة وظهور القول فى هذه المسألة شىء من الكلم‪ً،‬‬
‫ول يتنقل عنهم كلمة فى ذلك‪ ً،‬فكان المتناع من الجابة إلى ما دعوا إليه‪ ً،‬والتمسك بأذيال الوقف‪ً،‬‬
‫وإرجاع علم ذلك إلى عالمه‪ .‬هو الطريقة المثلى‪ ً،‬وفيه السلمة والخلوص من تكفير طوائف من عباد‬
‫ال‪ ً،‬والمر ل سبحانه"‪.‬‬
‫هذا هو أهم ما فى تفسير الشوكانى من البحوث التى أعطى فيها لنفسه حرية واسعة‪ .‬خرولت له أن‬
‫يسخر من عقول العامة‪ ً،‬وأن يهزأ من تعاليم المعتزلة‪ ً،‬وأن يينردد ببعضِ مواقف أهل السسرنة‪ .‬وأحسب أن‬
‫الرجل قد دخله شىء من الغرور العلمى‪ ً،‬فراح يوجه لومه لهؤلء وهؤلء‪ ً،‬وليته وقف منهم جميعا‬
‫موقف الحاكم النزيه‪ ً،‬والناقد العف‪ ...‬وعلى الجملة‪ ً،‬فالكتاب له قيمته ومكانته‪ ً،‬وإن كان ل يعطينا‬
‫الصورة الواضحة للتفسير عند المامية الزيدية‪ ً،‬ونرجو أن نوفقا إلى العثور على بعضِ ما لهم فى‬
‫التفسير‪ ً،‬وأحسب أنه كثير‪ .‬والكتاب مطبوع فى خمس مجلدات‪ ً،‬ومتدامول بين أهل العلم‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) كلمة إجمالية عن الخوارج (‬

‫بعد مقتل عثمان رضى ال عنه‪ ً،‬نشط أنصار علسى رضي ال عنه فى الدعوة له‪ ً،‬حتى أخذوا له المبهيعة‬
‫من المسلمين‪ ً،‬ليكون خليفة لهم‪ ...‬ولكن لم تكد تتم له المبهيعة حتى قام ثلثة من كبار الصحابة ينازعونه‬
‫المر‪ ً،‬لعتقادهم أن الحقا فى غير جانبه‪ ..‬وهؤلء الصحابة هم‪ :‬معاوية ابن ابي سفيان‪ ً،‬وطلحة بن‬
‫عبد ال‪ ً،‬والزبير بن العوام‪.‬‬
‫وكان لعلسى ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬شيعة وأنصار‪ ً،‬وكان لمعاوية رضي ال عنه شيعة وأنصار كذلك‪.‬‬
‫وكانت حروب طاحنة بين الفريقين!!‪ .‬كان الغلب فيها‬
‫لعلى وحزبه‪ ً،‬إلى ان جاءت موقعة صفين‪ ً،‬فكاد الفشل يحيقا بجيش معاوية‪ ً،‬وأوشكت الهزيمة أن تحدقا‬ ‫س‬
‫به‪ ً،‬لول أن لجأ إلى حيلة رفع المصاحف على أيسمنة الرماح‪ ً،‬طلبا للهدنة‪ ً،‬ورغبة في التحكيم بين‬
‫الحزبين‪ .‬وبعد أخذ ورد بين جيش علسى فى قبول التحكيم وعدمه‪ .‬رأى علسى رضى ال عنه قبول‬
‫التحكيم‪ ً،‬رغبة منه فى حقن الدماء‪ .‬واختار معاوية‪ :‬عمرو ابن العاص ليمثله‪ ً،‬واختار أصحاب علسى‪ :‬أبا‬
‫موسى الشعرى‪.‬‬
‫وكان قبول علسى ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬لمبدأ التحكيم أول عامل من عوامل التصدع فى جيشه وحزبه‪ ً،‬إذ‬
‫أن بعضِ شيعته رأوا أن التحكيم خطأ‪ ً،‬لن الحقا ظاهر فى جانب علسى‪ ً،‬ول يعتوره شك فى نظرهم‪ً،‬‬
‫وقبول التحكيم دليل الشك من علسى فى أحقيته بالخلفة‪ ً،‬وهم إنما قاموا معه فى حروبه لعتقادهم بأن‬
‫الحقا فى جانبه‪ ً،‬فكيف يشك هو فيه؟‬
‫لم يرضِ هؤلء بفكرة التحيكم‪ .‬فخرجوا على علسى‪ ً،‬ولم يقبلوا أن يرجعوا إليه إل إذا أقسر على نفسه‬
‫بالكفر‪ ً،‬لقبوله التحكيم‪ ً،‬وإل إذا نقضِ ما أبرهم من الشروط بينه وبين معاوية‪ ً،‬ولكن عليا رضى ال عنه‬
‫لم يستجب لرغبتهم هذه‪ ً،‬فأخذوا كلما خطب علسى أو ضرمه وإياهم مكان جامع رفعوا أصواتهم بقوله‪" :‬ل‬
‫حكم إل ل"‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬أمال قلوب‬ ‫وكان التحكيم‪ ً،‬وفيه خدع عمرو بن العاص أبا موسى الشعرى‪ ً،‬فلم يكن إل تحكيما فاش ل‬
‫كثير من الناس إلى ناحية الخوراج‪ ً،‬وأخيرا وبعد يأس الخوراج من رجوع علسى إليهم اجتمعوا فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫منزل أحدهم‪ ً،‬وخطب فيهم خطبة حرثهم على التمسك بمبدئهم والدفاع عنه‪ ً،‬وطلب منهم الخروج من‬
‫الكوفة إلى قرية بالقرب منها يقال لها "حروراء"‪ ً،‬فخرجوا إليها وأرمروا عليهم عبد ال بن وهب‬
‫الراسبى‪ ً،‬ووقعت بينهم وبين علسى حروب طاحنة هزمهم فيها‪ ً،‬ولكن لم يقضِ عليه‪ .‬وأخيرا دبروا له‬
‫مكيدة قتله‪ ً،‬فقتله عبد الرحمن بن ملجم‪.‬‬
‫لمويين‪ ً،‬فكان الخوارج شوكة فى دنبها يهدودنها ويحاربونها‪ ً،‬حتى كادوا يقضون عليها‪.‬‬ ‫وجاءت دولة ا ي‬
‫ثم جاءت الدولة العباسية‪ ً،‬فكان بينهم وبينها حروب كذلك‪ ً،‬ولكن لم يكونوا فى قوتهم الولى‪ ً،‬لتفرقا‬
‫كلمتهم وتشتت وحدتهم‪ ً،‬وضعف سلطانهم‪ ً،‬وخور قواهم‪.‬‬
‫دربت فى وحدة الخوارج جرثومة التفرقا‪ ً،‬ويأصيبوا بداء التحزب‪ ً،‬فبلغ عدد أحزابهم عشرين حزبا‪ ً،‬كل‬
‫حزب يفارقا الخر فى المبدأ والعقيدة‪ ...‬ولكن يجمع الكل على مبدأين اثنين‪:‬‬
‫على‪ ً،‬وعثمان‪ ً،‬والحمكمين‪ ً،‬وأصحاب الجمل‪ ً،‬وكل ممن رضى بتحكيم المحمكمين‪.‬‬ ‫أحدهما‪ :‬إكفار ر‬
‫وثانيهما‪ :‬وجوب الخروج على السلطان الجائر‪.‬‬
‫وهناك مبدأ ثالث يقول به أكثر الخوارج‪ ً،‬وهو‪ :‬الكفار بارتكاب الكبائر‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وقد وضع الخوارج مبدأ للخلفة فقالوا‪" :‬إن الخلفة يجب أن تكون باختيار حر من المسلمين‪ً،‬‬
‫وإذا اختير الخليفة فليس يصح أن يتنازل أو يمحيكم‪ ً،‬وليس بضرورى أن يكون الخليفة قرشيا‪ ً،‬بل يصح‬
‫أن يكون من قريش ومن غيرهم‪ ً،‬ولو كان عبدا حبشيا‪ ً،‬وإذا تم الختيار كان رئيس المسلمين ويجب أن‬
‫يخضع خضوعا تاما لما أمر ال‪ ً،‬وإل وجب عزله‪ ً،‬ولهذا أرمروا عليهم عبد ال بن وهب الراسبى‪ ً،‬ولم‬
‫يكن قرشيا"‪.‬‬
‫وعلى هذا حكموا بصحة خلفة أبى بكر وعمر‪ ً،‬وبصحة خلفة عثمان فى سنيه الولى‪ ً،‬فلما غرير وبردل‬
‫ولم يسر سيرة الشيخين ‪ -‬كما زعموا ‪ -‬وجب عزله‪ ً،‬وأقروا بصحة خلفة علسى أولل‪ ً،‬ثم خرجوا عليه‬
‫بعد أن أخطأ فى التحكيم‪ ً،‬وكفر به كما يزعمون!!‬
‫ول يسعنا فى تلك اليعجالة إل أن نطوى الحديث عن التعرضِ لكل فرقة من فرقا الخوارج‪ ً،‬ولكن نكتفى‬
‫بالكلم عن أشهرها‪ ً،‬وهى ما يأتى‪:‬‬
‫أول ‪ -‬الزارقة‪ :‬وهم أتباع نافع بن الزرقا‪ ً،‬وهم يمكيفيرون من عداهم من المسلمين‪ ً،‬ويمحيريمون أكل‬
‫ذبائحهم ومناكحتهم‪ ً،‬ول ييجيزون التوارث بينهم‪ ً،‬ويعاملونهم معاملة الكفار من المشركين‪ ...‬إما‬
‫السلم‪ ً،‬وإما السيف‪ ً،‬ودارهم دار حرب‪ ً،‬ويحل قتل نسائهم وأطفالهم‪ ً،‬ول يقولون برجم الزانى‬
‫المحصن‪ ً،‬ول يقولون بحد ممن يقذف المحصنين من الرجال ‪ ...‬أما قاذف المحصنات فعليه الحد قطعا‪.‬‬
‫ول يرون جواز التقية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬النجدات‪ :‬وهم أتباع نجدة بن عامر‪ ً،‬وهم يرون أنه ل حاجة للناس إلى إمام قط‪ ً،‬بل عليهم أن‬
‫يتناصفوا فيما بينهم‪ ً،‬فإن رأوا أن الحاجة تدعو إلى إمام أقاموه‪ ً،‬وإل فل‪ .‬كما أنهم يمكيفرون من يقول‬
‫بإمامة نافع ابن الزرقا‪ ً،‬ويمكيفرون ممن يمكيفر القاعدين عن الهجرة لنافع وحزبه ويقولون‪ :‬إن الدين‬
‫أمران‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬معرفة ال تعالى‪ ً،‬ومعرفة الرسول‪ ً،‬والقرار بما جاء به جملة‪ ً،‬فهذا واجب معرفته على كل‬
‫يمكرلف‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬ما عدا ما تقدم‪ ً،‬فالناس معذورون بجهالته إلى أن تقوم عليهم اليحرجة‪.‬‬
‫فممن استحل شيئا حراما باجتهاد فله عذره‪ ً،‬وهم يعظمون جريمة الكذب‪ ً،‬ويجعلونها أكبر يجهرما من‬
‫شرب الخمر والزنا‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومن بدع "نجدة" أنه تولى أصحاب الحدود من موافقيه‪ ً،‬وقال‪ :‬لعل ال يعذبهم بذنوبهم فى غير نار‬
‫جهنم‪ ً،‬ثم ييدخلهم الجنة‪ ً،‬وزعم أن النار يدخلها ممن خالفه فى دينه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬الصفرية‪ :‬وهم أتباع زياد بن الصفر‪ ً،‬وهم يقولون بأن أصحاب الذنوب مشركون‪ ً،‬غير أنهم ل‬
‫يرون قتل أطفال مخالفيهم ونسائهم كما ترى الزارقة ذلك‪ .‬ومن الصفرية ممن يخالف فى ذلك فيقول‪:‬‬
‫كل ذنب له حد فى الشريعة ل يسمى مرتكبه مشركا‪ ً،‬ول كافرا‪ ً،‬بل ييدعى باسمه المشتقا من جريمته‬
‫يقال‪ :‬سارقا‪ ً،‬وقاتل‪ ً،‬وقاذف‪ ...‬وكل ذنب ليس فيه حد معلوم فى الشريعة مثل العراضِ عن الصلة‬
‫فمرتكبه كافر‪ ...‬ول ييسمى مرتكب واحد من هذين النوعين جميعا مؤمنا‪ ً،‬ومنهم ممن يقول‪ :‬إن صاحب‬
‫الذنب ل ييحكم عليه بالكفر حتى ييرفع إلى الوالى فيحده ويحكم بكفره‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬الباضية‪ :‬وهم أتباع عبد ال بن إباضِ‪ ً،‬وهم أعدل رفمرقا الخوارج‪ ً،‬وأقربها إلى تعاليم أهل‬
‫السسرنة‪ ً،‬وهم ييجمعون على أن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين‪ ً،‬ول مؤمنين‪ ً،‬ولكنهم كفار‪ .‬وييروى‬
‫عنهم أنهم يريدون‪ :‬كفر النعمة‪ ً،‬وأجازوا شهادة مخالفيهم من المسلمين‪ ً،‬ومناكحتهم‪ ً،‬والتوارث معهم‪ً،‬‬
‫وح ررموا دماءهم فى السر دون العلنية‪ .‬لنهم محاربون ل ولرسوله‪ ً،‬ول يدينون دين الحقا‪ ً،‬ودارهم‬
‫دار توحيد إل معكسر السلطان‪ ً،‬واستحلوا من غنائمهم‪ :‬الخيل والسلح‪ ً،‬وكل ما فيه قوة حربية لهم‪ .‬ولم‬
‫يستحلوا غنائم الذهب والفضة‪ ً،‬بل يردونها لهلها‪.‬‬
‫واختلفوا فى النفاقا على ثلثة أقوال‪:‬‬
‫فريقا يرى أن النفاقا براءة من الشرك واليمان معا‪ ً،‬ويحتج بقوله تعالى فى الية ]‪ [143‬من سورة‬
‫ل إرملى مهــيؤ ي‬
‫لرء{ُ‪..‬‬ ‫النساء‪} :‬سممذهبمذربيمن مبهيمن ـذرلمك م‬
‫ل إرملـى مهــيؤ ي‬
‫لرء مو م‬
‫وفريقا يرى أن كل نفاقا هو شرك‪ ً،‬لنه ينافى التوحيد‪.‬‬
‫وفريقا ثالث يرى أن النفاقا ل ييسمى به غير القوم الذين سرماهم ال تعالى منافقين‪.‬‬
‫وهناك مخالفة لبعضِ الباضية فى بعضِ المسائل‪ .‬ل نعرضِ لها هنا‪ ً،‬مخافة التطويل‪.‬‬
‫هذه هى أهم رفمرقا الخوراج‪ ً،‬وهذه هى أهم ما لهم من تعاليم وعقائد‪ ً،‬نضعها بين يدى القارئ قبل أن‬
‫نتكلم عن موقفهم من التفسير‪ ً،‬ليكون على علم بها‪ ً،‬وليعلم بعد ذلك مقدار الصلة بينها وبين ما لهم من‬
‫تفسير‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) مواقف الخوارج من تفسير القرآن الكريم (‬

‫تعددت رفمرقا الخوارج‪ ً،‬وتعددت مذاهبهم وآراؤهم‪ ً،‬فكان طبيعيا ‪ -‬وهم ينتسبون إلى السلم‪ ً،‬ويعترفون‬
‫بالقرآن ‪ -‬أن تبحث كل فرقة منهم عن يأسس من القرآن الكريم‪ ً،‬تبنى عليها مبادئها وتعاليمها‪ ً،‬وأن‬
‫تنظر إلى القرآن من خلل عقديتها‪ ً،‬فما رأته فى جانبها ‪ -‬ولو ادعالء ‪ -‬تمكست به‪ ً،‬واعتمدت عليه‪.‬‬
‫وما رأته فى غير صالحها حاولت التخلص منه بصرفه وتأويله‪ ً،‬بحيث ل يبقى متعارضا مع آرائها‬
‫وتعاليمها‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) سلطان المذهب يغلب على الخوارج فى فهم القرآن (‬

‫والذى يقرأ تاريخْ الخوارج‪ ً،‬ويقرأ ما لهم من أفكار تفسيرية‪ ً،‬يرى أن المذهب قد سيطر على عقولهم‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وتح ركم فيها‪ ً،‬فأصبحوا ل ينظرون إلى القرآن إل على ضوئه‪ ً،‬ول يدركون شيئا من معانيه إل تحت‬
‫تأثير سلطانه‪ ً،‬ل يأخذون منه إل بقدر ما ينصر مبادئهم ويدعو إليها‪.‬‬
‫ل نرى أن أكثر الخوارج ييجمعون على أن مرتكب الكبيرة كافر‪ ً،‬ومخرلد فى نار جهنم‪ ً،‬ونقرأ فى‬ ‫فمث ل‬
‫الكتب التي تكلمت عن الخوارج فنجد ابن أبي الحديد ‪ -‬وهو ممن تعرضِ لهم فى كتابه "شرح نهج‬
‫البلغة" ‪ -‬يسوقا لنا أدلتهم التى أخذوها من القرآن‪ ً،‬وبنوا عليها رأيهم فى مرتكب الكبيرة‪ ً،‬كما نجده‬
‫ل بعد دليل‪ .‬ونرى أن نمسك عن مناقشة ابن أبى الحديد لهذه الدلة‪ً،‬‬ ‫يناقش هذه الدلة‪ ً،‬ويفندها دلي ل‬
‫ويكفى أن نسوقا للقارئ الكريم هذه اليات التى استندوا إليها‪ ً،‬ووجهة نظرهم فيها‪ ً،‬فهى التى تعنينا في‬
‫هذا البحث‪ ً،‬وهى التى ترينا إلى أى حد تأثر الخوارج بسلطان العقيدة فى فهم نصوص القرآن ‪ ..‬فمن‬
‫هذه الدلة ما يأتى‪:‬‬
‫ل‬‫قوله تعالى فى الية ]‪ [97‬من سورة آل عمران‪} :‬مولرلره معملى ٱلرنارس رحسج ٱهلمبهيرت ممرن ٱهسمتمطامع إرلمهيره مسربي ل‬
‫موممن مكمفمر مفرإرن ٱل مغرنوي معرن ٱهلمعاملرميمن{ُ ‪ ..‬قالوا‪ :‬فجعل تارك الحج كافرا‪.‬‬
‫ل ٱهلمقهويم ٱهلمكارفيرومن{ُ ‪..‬‬ ‫ل ميهيمأيس رمن ررهوح ٱللرره إر ر‬ ‫ومنها قوله تعالى فى الية ]‪ [87‬من سورة يوسف‪} :‬إررنيه م‬
‫ر‬
‫قالوا‪ :‬والفاسقا ‪ -‬لفسقه وإصراره عليه ‪ -‬آيس من روح ال‪ ً،‬فكان كافرا‪.‬‬
‫ومنها قوله تعالى فى الية ]‪ [44‬من سورة المائدة‪} :‬موممن لرهم ميهحيكم ربممآ مأنمزمل ٱللريه مفيأهوملــرئمك يهيم‬
‫ٱهلمكارفيرومن{ُ ‪ ..‬قالوا‪ :‬وكل مرتكب للذنوب فقد حكم بغير ما أنزل ال‪.‬‬
‫لهشمقى‬ ‫لٱم‬ ‫لمهآ إر ر‬‫صم‬ ‫ل مي ه‬‫ومنها قوله تعالى فى اليات ]‪ [16 - 14‬من سورة الرليل‪} :‬مفمأنمذهريتيكهم منارا متلمرظـى * م‬
‫* ٱرلرذيِ مكرذمب مومتمولرـى{ُ ‪ ..‬قالوا‪ :‬وقد اتفقنا مع المعتزلة على أن الفاسقا يصلى النار‪ ً،‬فوجب أن ييسمى‬
‫كافرا‪.‬‬
‫ضِ يويجوفه مومتهسموسد يويجوفه مفمأرما ٱرلرذيمن‬ ‫ومنها قوله تعالى فى الية ]‪ [106‬من سورة آل عمران‪} :‬ميهوم متهبمي س‬
‫ٱهسموردهت يويجويهيههم أمهكمفهريتهم مبهعمد رإيممارنيكهم مفيذويقوها ٱهلمعمذامب ربمما يكهنيتهم متهكيفيرومن{ُ ‪ ..‬قالوا‪ :‬والفاسقا ل يجوز أن‬
‫يكون ممن ابيضت وجوههم‪ ً،‬فوجب أن يكون ممن اسودت‪ ً،‬ووجب أن ييسمى كافرا‪ ً،‬لقوله‪} :‬ربمما يكهنيتهم‬
‫متهكيفيرومن{ُ‪..‬‬
‫ضارحمكفة‬ ‫ومنها قوله تعالى فى اليات ]‪ [38‬وما بعدها إلى آخر سورة عبس‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ سمهسرفمرفة * م‬
‫سمهسمتهبرشمرفة * مويويجوفه ميهومرئهَذ معملهيمها مغمبمرفة * متهرمهيقمها مقمتمرفة * أيهوملــرئمك يهيم ٱهلمكمفمرية ٱهلمفمجمرية{ُ ‪ ...‬قالوا‪ :‬والفاسقا‬
‫على وجهه غبرة‪ ً،‬فوجب أن يكون من الكفرة المفمجرة‪.‬‬
‫ل ٱهلمكيفومر{ُ ‪..‬‬ ‫ومنها قوله تعالى فى الية ]‪ [17‬من سورة سبأ‪} :‬مذرلمك مجمزهيمنايههم ربمما مكمفيروها مومههل ينـمجرزييِ إر ر‬
‫قالوا‪ :‬والفاسقا ل بد أن ييجازى‪ ً،‬فوجب أن يكون كفورا‪.‬‬
‫ل ممرن ٱرتمبمعمك رممن‬ ‫ومنها قوله تعالى فى الية ]‪ [42‬من سورة الرحهجر‪} :‬إررن رعمبارديِ لمهيمس لممك معلمهيرههم يسهلمطافن إر ر‬
‫ٱهلمغارويمن{ُ‪ ً،‬وقال فى الية ]‪ [100‬من سورة النحل‪} :‬إررنمما يسهلمطاينيه معلمـى ٱرلرذيمن ميمتمولرهومنيه موٱرلرذيمن يهم ربره‬
‫يمهشرريكومن{ُ ‪ ..‬قالوا‪ :‬فجعل الغاوى الذى يتبعه مشركا‪.‬‬
‫ومنها قوله تعالى فى الية )‪ (20‬من سورة السجدة‪} :‬موأمرما ٱرلرذيمن مفمسيقوها مفممهأموايهيم ٱلرناير يكلرممآ أممرايديوها مأن‬
‫ميهخيريجواي رمهنمهآ أيرعييدوها رفيمها مورقيمل لميههم يذويقوها معمذامب ٱلرنارر ٱرلرذيِ يكنيتهم ربره يتمكيذيبومن{ُ‪ ..‬قالوا‪ :‬فجعل الفاسقا‬
‫يممكيذبا‪.‬‬
‫ومنها قوله تعالى في الية ]‪ [33‬من سورة النعام‪} :‬موملــركرن ٱلرظارلرميمن ربآميارت ٱللرره ميهجمحيدومن{ُ ‪ ..‬قالوا‪:‬‬
‫فأثبت الظالم جاحدا‪ ً،‬وهذه صفة الكفار‪.‬‬
‫ومنها قوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة النور‪} :‬موممن مكمفمر مبهعمد ـذرلمك مفيأهولمــرئمك يهيم ٱهلمفارسيقومن{ُ‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومنها قوله تعالى فى اليات ]‪ [105 - 102‬من سورة المؤمنون‪} :‬مفممن مثيقملهت ممموارزيينيه مفيأهوملــرئمك يهيم‬
‫ٱهليمهفرليحومن * موممهن مخرفهت ممموارزيينيه فيأهولمــرئمك ٱرلرذيمن مخرسيريوها مأنيفمسيههم رفي مجمهرنم مخارليدومن * متهلمفيح يويجومهيهيم ٱلرناير‬
‫مويههم رفيمها مكارليحومن * أملمهم متيكهن آميارتي يتهتلمـى معلمهييكهم مفيكهنيتهم ربمها يتمكيذيبومن{ُ ‪ ..‬قالوا‪ :‬فنص سبحانه على أن ممن‬
‫تخف موازينه يكون مكيذبا‪ ً،‬والفاسقا تخف موازينه فكان مكيذبا‪ ً،‬وكل مكيذب كافر‪.‬‬
‫ومنها قوله تعالى فل الية ]‪ [2‬من سورة التغابن‪} :‬يهمو ٱرلرذيِ مخلممقيكهم مفرمنيكهم مكارففر مورمنيكهم سمهؤرمفن{ُ‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫وهذا يقتضى أن ممن ل يكون مؤمنا فهو كافر‪ ً،‬والفاسقا ليس بمؤمن‪ ً،‬فوجب أن يكون كافرا‪.‬‬
‫هذه بعضِ اليات التى تمرسك بها الخوارج فى موقفهم من مرتكب الكبيرة الذى لم يتب‪ ً،‬والتى حسبوا‬
‫أنها حجج دامغة لمذهب مخالفيهم من المسلمين‪ .‬ول يسع الذى يعرف سياقا هذه اليات وسباقها‪ً،‬‬
‫ل فى هذه التخريجات‬ ‫ويعرف اليات والحاديث الواردة فى شأن عصاة المؤمنين‪ ً،‬ويتأمل قلي ل‬
‫والستنتاجات التى يقولون بها‪ ً،‬ل يسعه بعد هذا كله‪ :‬إل أن يحكم بأن القوم متعصبون‪ ً،‬ومندفعون بدافع‬
‫العقيدة‪ ً،‬وسلطان المذهب‪.‬‬
‫وهناك نصوص من القرآن استغلها أفراد من الخوراج‪ ً،‬لتدعيم مبادئهم التى يشذون بها عمن عداهم من‬
‫بعضِ رفمرقا الخوراج‪ ً،‬وهى فى مظهرها التفسيرى أكثر تعصبا‪ ً،‬وأبلغ تعنتا‪ ً،‬فمن ذلك‪ :‬أن نافع بن‬
‫الزرقا كان ل يرى جواز التقية التى هى فى الصل من مبادئ الشيعة‪ ً،‬ويستدل على يحهرمتها بقوله‬
‫تعالى فى الية ]‪ [77‬من سورة النساء‪} :‬إرمذا مفرريفقا يمهنيههم ميهخمشهومن ٱلرنامس مكمخهشميرة ٱلرلره{ُ‪..‬‬
‫ويرى نجدة بن عامر جواز التقية‪ ً،‬ويستدل على ذلك بقوله تعالى فى الية ]‪ [28‬من سورة غافر‪} :‬مومقامل‬
‫مريجفل سمهؤرمفن يمهن آرل رفهرمعهومن ميهكيتيم رإيممامنيه{ُ‪.‬‬
‫صيوب نافع بن الزرقا فيما يقول به من إكفار المقمعدة‪ً،‬‬ ‫وأظهر من هذا‪ :‬أن نجدة بن عامر كان ل ي م‬
‫واستحلل قتل أطفال مخالفيه‪ ً،‬وعدم رد المانات إلى مخالفيه‪ ً،‬وغير ذلك من آرائه التى شرذ بها‪ً،‬‬
‫فأرسل نجدة إلى نافع رسالة يقول فه فيها‪ .." :‬وأكفرمت الذين عذرهم ال تعالى فى كتابه من قعدة‬
‫ل معملـى‬ ‫ضمعمفآرء مو م‬ ‫المسلمين وضعفتهم‪ .‬قال ال معرز ومجرل ‪ -‬وقوله الحقا ووعده الصدقا‪} :‬لرهيمس معملى ٱل س‬
‫صيحوها للرره مومريسورلره{ُ‪ ً،‬ثم سماهم ‪ -‬تعالى ‪-‬‬ ‫ل معملى ٱرلرذيمن م‬
‫ل ميرجيدومن مما يينرفيقومن محمرفج إرمذا من م‬ ‫ضـى مو م‬ ‫ٱهلممهر م‬
‫أحسن السماء فقال‪} :‬مما معملى ٱهليمهحرسرنيمن رمن مسربيهَل{ُ‪ .‬ثم استحللمت قتل الطفال وقد نهى رسول ال صلى‬
‫ل مترزير موارزمرفة روهزمر أيهخمرـى{ُ‪ ً،‬وقال سبحانه فى المقمعدة‬ ‫ال عليه وسلم عن قتلهم‪ ً،‬وقال ال مجرل ثناؤه‪} :‬مو م‬
‫ضمل ٱللريه ٱهليممجارهرديمن معملى ٱهلمقارعرديمن أمهجرا معرظيما{ُ‪ ً،‬فتفضيله المجاهدين على القاعدين ل‬ ‫خيرا فقال‪} :‬مومف ر‬
‫ل ميهسمترويِ ٱهلمقارعيدومن رممن ٱهليمهؤرمرنيمن مغهيير‬ ‫يدفع منزلة ممن هو دون المجاهدين أممو ما سمعت قوله تعالى‪ } :‬ر‬
‫ضمررر{ُ ‪ ..‬فجعلهم من المؤمنين‪ ً،‬ثم إنك ل تؤدى المانة إلى ممن خالفك‪ ً،‬وال تعالى قد أمر أن‬ ‫أيهورلي ٱل ر‬
‫يتؤمدى المانات إلى أهلها‪ ً،‬فاتقا ال فى نفسك‪ ً،‬واتقا يوما ل يجزى والد عن ولده ول مولود هو جاز‬
‫عن والده شيئا‪ ً،‬فإن ال بالمرصاد‪ ً،‬وحكمه العدل‪ ً،‬وقوله الفصل‪ .‬والسلم"‪.‬‬
‫فرد عليه نافع بكتاب جاء فيه‪ .." :‬ورعبمت ما ردهنيت به من إكفار المقمعدة وقتل الطفال‪ ً،‬واستحلل المانة‬
‫من المخالفين‪ ً،‬وسأفسر ذلك إن شاء ال‪..‬‬
‫أما هؤلء المق معدة ‪ ..‬فليسوا كمن ذكرت ممن كان على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬لنهم كانوا‬
‫ل‪ ً،‬ول إلى التصال بالمسلمين طريقا‪ ً،‬وهؤلء قد‬ ‫بمكة مقهورين محصورين ل يجدون إلى الهرب سبي ل‬
‫تفقهوا فى الدين وقرأوا القرآن والطريقا لهم نهج واضح‪ ً،‬وقد عرفمت ما قاله ال تعالى فيمن كان مثلهم‬
‫ضِ ٱللرره موارسمعلة مفيتمهارجيروها رفيمها{ُ‪ ً،‬وقال‪:‬‬ ‫ضِ{ُ‪ ً،‬وقال سبحانه‪} :‬أملمهم متيكهن أمهر ي‬ ‫لهر ر‬‫ضمعرفيمن رفي ٱ م‬ ‫إذ قالوا‪} :‬يكرنا يمهسمت ه‬
‫لمف مريسورل ٱلرلره مومكرريهيوها مأن يمجارهيدوها ربمأهمموارلرههم موأمهنيفرسرههم رفي مسربيرل ٱلرلره{ُ ‪..‬‬ ‫}مفررمح ٱهليممخلريفومن ربممهقمعردرههم رخ م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صييب ٱرلرذيمن مكمفيروها رمهنيههم معمذافب أمرليفم{ُ‪ .‬فانظر إلى‬ ‫فأخبر بتعذيرهم‪ ً،‬وأنهم كذبوا ال ورسوله‪ ً،‬ثم قال‪} :‬مسي ر‬
‫أسمائهم وسماتهم‪.‬‬
‫ضِ رممن‬ ‫لهر ر‬‫ل متمذهر معملى ٱ م‬
‫وأما الطفال ‪ ..‬فإن نوحا نبى ال كان أعلم بال منى ومنك‪ ً،‬وقد قال‪} :‬رريب م‬
‫ل مفارجرا مكرفارا{ُ ‪ ..‬فسرمماهم بالكفر وهم أطفال‬ ‫ضسلوها رعمبامدمك مو م‬
‫ل ميرليديوها إر ر‬ ‫ٱهلمكارفرريمن مدريارا * إررنمك رإن متمذهريههم ي ر‬
‫وقبل أن ييولدوا‪ ً،‬فكيف كان ذلك فى قوم نوح ول نقوله فى قومنها‪ ..‬وال تعالى يقول‪} :‬أميكرفايريكهم مخهيفر‬
‫يمهن أيهوملرئيكهم أمهم لميكم مبمرآمءفة رفي ٱلسزيبرر{ُ ‪ ..‬وهؤلء كمشركى العرب ل ييقبل منهم جزية‪ ً،‬وليس بيننا وبينهم‬
‫إل السيف أو السلم‪.‬‬
‫وأما استحلل أمانات ممن خالفنا‪ .‬فإن ال تعالى أحرل لنا أموالهم كما أحرل دماءهم لنا‪ ً،‬فدماؤهم حلل‬
‫طلقا وأموالهم فئ للمسلمين"‪.‬‬
‫ول شك لدينا فى أن نافع بين الزرقا متعصب فى فهمه لليات على النحو الذى جاء فى رسالته هذه‪ً،‬‬
‫وهو تعصب بلغ به إلى درجة المغالطة‪ ً،‬وإل فهو جهل منه بمواقع كلم ال‪ ً،‬ومدلول آياته‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) مدى فهم الخوارج لنصوص القرآن (‬

‫هذا ‪ ..‬وإن الخوارج عندما ينظرون إلى القرآن ل يتعمقون فى التأويل ول يغوصون وراء المعانى‬
‫الدقيقة‪ ً،‬ول يكيلفون أنفسهم عناء البحث عن أهداف القرآن وأسراره‪ ً،‬بل يقفون عند حرفية ألفاظه‪ً،‬‬
‫وينظرون إلى اليات نظرة سطحية‪ ً،‬وربما كانت الية ل تنطبقا على ما يقصدون إليه‪ ً،‬ول تتصل‬
‫ل‪ ً،‬وأخذوا بفهم غير مراد‪.‬‬ ‫بالموضوع الذى يستدلون بها عليه‪ ً،‬لنهم فهموا ظاهرا معط ل‬
‫ولقد يعجب النسان ويدهش عندما يقرأ ما للقوم من سخافات فى فهمهم لبعضِ نصوص القرآن‪ ً،‬أوقعهم‬
‫فيها التنطع والتمسك بظواهر النصوص‪ ً،‬ولكى ل يأتهم بالقسوة فى حكمى هذا‪ ً،‬أضع بين يدى القارئ‬
‫الكريم بعضِ ما جاء عن القوم‪ ً،‬حتى ل يجد مفرا من الحكم عليهم بمثل ما حكمت به‪.‬‬
‫"يرومى أن عبيدة بن هلل اليشكرى ايترهم بامرأة حرداد رأوه يدخل منزله بغير إذنه‪ ً،‬فأتوا قطريا فذكروا‬
‫ذلك له‪ ً،‬فقال لهم‪ :‬إن عبيدة من الدين بحيث علمتم‪ ً،‬ومن الجهاد بحيث رأيتم‪ ً،‬فقالوا‪ :‬إرنا ل نقاره على‬
‫الفاحشة‪ ً،‬فقال‪ :‬انصرفوا ‪ ..‬ثم بعث إلى عبيدة فأخبره وقال‪ :‬إرنا ل نقار على الفاحشة‪ ً،‬فقال‪ :‬بهتونى يا‬
‫أمير المؤمنين فما ترى؟ قال‪ :‬إنى جامع بينك وبينهم‪ ً،‬فل تخضع خضوع المذنب‪ ً،‬ول تتطاول تطاول‬
‫صمبفة‬ ‫البرئ ‪ ..‬فجمع بينهم فتكلموا‪ ً،‬فقام عبيدة فقال‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مجآيءوا ربٱِ ر‬
‫لهفرك يع ه‬
‫ل متهحمسيبويه مشسرا لريكهم مبهل يهمو مخهيفر لريكهم{ُ ‪ ...‬الية ]‪ [11‬وما بعدها من سورة النور ‪ -‬فبكوا وقاموا‬ ‫يمهنيكهم م‬
‫إليه فاعتنقوه وقالوا‪ :‬استغفر لنا ‪ ..‬ففعل"‪.‬‬
‫"وييروى أن واصل بن عطاء وقع هو وبعضِ أصحابه فى يد الخوراج فقال لصحابه‪ :‬اعتزلوا ودعونى‬
‫وإياهم ‪ -‬وكانوا قد أشرفوا على العطب ‪ -‬فقالوا‪ :‬شأنك‪ ..‬فخرج إليهم فقالوا‪ :‬ما أنت وأصحابك؟ قال‪:‬‬
‫مشركون مستجيرون ليسمعوا كلم ال ويعرفوا حدوده‪ ً،‬فقالوا‪ :‬قد أجرناكم‪ .‬قال‪ :‬فعيلمونا‪ ً،‬فجعلوا‬
‫ييعيلمونه أحكامهم‪ ً،‬وجعل يقول‪ :‬قد قبليت أنا وممن معى‪ .‬قالوا‪ :‬فامضوا مصاحبين ييعيلمونه أحكامهم‪ً،‬‬
‫وجعل يقول‪ :‬قد قبليت أنا وممن معى‪ .‬قالوا‪ :‬فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا‪ .‬قال‪ :‬ليس ذلك لكم‪ .‬قال ال‬
‫لم ٱللرره يثرم أمهبرلهغيه ممهأمممنيه{ُ‪ .‬فأبلغونا مأمننا‪ً،‬‬
‫تعالى‪} :‬موإرهن أممحفد يممن ٱهليمهشررركيمن ٱهسمتمجامرمك مفمأرجهريه محرتـى ميهسمممع مك م‬
‫فنظر بعضهم إلى بعضِ ثم قالوا‪ :‬ذلك لكم‪ ً،‬فساروا بأجمعهم حتى بلغوهم المأمن"‪.‬‬
‫ل أكل من مال يتيم فلسين‬ ‫ومن الخوارج ممن أرداه تمسكه بظاهر النصوص إلى أن قال‪" :‬لو أن رج ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وجبت له النار‪ ً،‬لقوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة النساء‪} :‬إررن ٱرلرذيمن ميهأيكيلومن أمهمموامل ٱهلميمتاممـى يظهلما إررنمما‬
‫صلمهومن مسرعيرا{ُ‪ ً،‬ولو قتل اليتيم أو بقر بطنه لم تجب له النار‪ ً،‬لن ال لم‬ ‫ميهأيكيلومن رفي يبيطورنرههم منارا مومسمي ه‬
‫ينص على ذلك"‪.‬‬
‫وهذا هو ميمون العجردى زعيم الميمونية من الخوارج‪ ً،‬يرى جواز نكاح بنات الولد وبنات أولد‬
‫لمهات‪ً،‬‬ ‫الخوة والخوات ويستدل على ذلك فيقول‪" :‬إنما ذكر ال تعالى فى تحريم النساء بالنسب ا ي‬
‫لخت‪ ً،‬ولم يذكر بنات البنات ول بنات‬ ‫والبنات‪ ً،‬والخوات‪ ً،‬والعرمات‪ ً،‬والخالت‪ ً،‬وبنات الخ‪ ً،‬وبنات ا ي‬
‫البنين‪ ً،‬ول بنات أولد الخوة‪ ً،‬ول بنات أولد الخوات"‪.‬‬
‫ل من الباضية أضاف جماعة من أهل مذهبه‪ ً،‬وكانت له جارية على مذهبه قال لها‪:‬‬ ‫وييروى أن رج ل‬
‫مقيدمى شيئا‪ ً،‬فأبطأت‪ ً،‬فحلف ليبيعها من العراب‪ ً،‬فقيل له‪ :‬تبيع جارية مؤمنة من قوم كفار‪ ً،‬فقال‪:‬‬
‫}موأممحرل ٱللريه ٱهلمبهيمع مومحررم ٱليرمبا{ُ ‪ ..‬فى الية ]‪ [275‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫وأيضا نرى أن الخوارج خرجوا على عائشة أم المؤمنين رضى ال عنها‪ ً،‬وقالوا‪ :‬رلم خرجت من بيتها‪ً،‬‬
‫وال تعالى يقول‪} :‬مومقهرمن رفي يبييورتيكرن{ُ؟‪ ..‬فى الية ]‪ [33‬من سورة الحزاب‪.‬‬
‫ل محصنا فل حد عليه‪ً،‬‬ ‫وأيضا فإن الزارقة قالوا‪ :‬ممن قذف امرأة محصنة فعليه الحد‪ ً،‬ومن قذف رج ل‬
‫وهذا لن ال تعالى نص على حد قاذف المحصنات‪ ً،‬ولم ينص على حد قاذف المحصنين‪.‬‬
‫وقالوا ‪ -‬أيضا ‪ -‬بأن سارقا القليل يجب عليه القطع‪ ً،‬أخذا بظاهر قوله تعالى فى الية ]‪ [38‬من سورة‬
‫ل يممن ٱلرلره{ُ‪.‬‬ ‫المائدة‪} :‬موٱلرسارريقا موٱلرساررمقية مفٱِهقمطيعيوها أمهيردمييهمما مجمزآلء ربمما مكمسمبا منمكا ل‬
‫وغير هذا كثير نجده عندهم فى بطون الكتب‪ ً،‬وهو ل يدع مجالل للشك فى أن الخوارج قوم سطحيون‬
‫فى فهمهم ليات القرآن الكريم‪ ً،‬وإدراك معانيه‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) موقف الخوارج من السسرنة وإجماع المة‪ ً،‬وأثر ذلك فى تفسيرهم للقرآن (‬

‫ولقد كان من أثر جمود الخوارج عند ظواهر النصوص القرآنية‪ .‬أنهم لم يلتفتوا إلى ما جاء من‬
‫الحاديث النبوية ناسخا لبعضِ آيات الكتاب‪ .‬أو مخصصا لبعضِ عموماته‪ ً،‬أو زائدا على بعضِ أحكامه‪ً،‬‬
‫ويظهر أن هذا المبدأ قد تمرلك قلوب الخوارج‪ ً،‬وتسرلط على عقولهم‪ ً،‬فنتج عنه أن وضع بعضهم على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم هذا الحديث‪ ً،‬وهو‪" :‬إنكم ستختلفون من بعدى‪ ً،‬فما جاءكم عنى‬
‫فاعرضوه على كتاب ال‪ ً،‬وما خالفه فليس عنى" فقد قال عبد الرحمن المهدى‪" :‬الزنادقة والخوارج‬
‫وضعوا حديث‪ :‬ما أتاكم عنى فاعرضوه على كتاب ال‪...‬إلخْ"‪.‬‬
‫كما كان من أثر هذا الجمود عند ظواهر القرآن أيضا‪ ً،‬أنهم لم يلتفتوا إلى إجماع المة‪ ً،‬ولم يقيدروه عند‬
‫فهمهم لنصوص القرآن مع أن الجماع فى الحقيقة يستند إلى أصل من الكتاب أو السسرنة‪ ً،‬وليس أمرام‬
‫مبتدعا فى الدين‪ ً،‬أو خارجا على قواعده ويأصوله‪.‬‬
‫وفي هذا كله نجد العلمة ابن قتيبة يحدثنا عن بعضِ أحكام احتج بها الخوارج‪ ً،‬وهي مخالفة لجماع‬
‫ا يلمة‪ .‬ومناقضة لما صح عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقالوا‪ :‬يبطلها القرآن ‪ ..‬فيقول‪:‬‬
‫"قالوا‪ :‬حكم فى الرجم يدفعه الكتاب ‪ ..‬قالوا‪ :‬رويتم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رجم‪ ً،‬ورجمت‬
‫الئمة من بعده‪ ً،‬وال تعالى يقول فى الماء‪} :‬مفرإهن أممتهيمن ربمفارحمشهَة مفمعلمهيرهرن رن ه‬
‫صيف مما معملى ٱهليمهح م‬
‫صمنارت رممن‬
‫ٱهلمعمذارب{ُ‪ ً،‬والرجم إتلف للسنفس ل يتبعضِ‪ ً،‬فكيف يكون على الماء نصفه؟ ‪ ..‬وذهبوا إلى أن‬
‫المحصنات‪ :‬ذوات الزواج ‪ ..‬قالوا‪ :‬وفى هذا دليل على أن المحصنة حدها المجهلد"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"قالوا‪ :‬حكم فى الوصية يدفعه الكتاب ‪ ..‬قالوا‪ :‬رويتم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ل وصية‬
‫ضمر أممحمديكيم ٱهلممهويت رإن متمرمك مخهيرا ٱهلمو ر‬
‫صريية رلهلموارلمدهيرن‬ ‫لوارث"‪ ً،‬وال تعالى يقول‪} :‬يكرتمب معلمهييكهم إرمذا مح م‬
‫لهقمرربي من{ُ‪ ً،‬والوالدان وارثان على كل حال ل يحجبهما أحد عن الميراث‪ .‬وهذه الرواية خلف كتاب‬ ‫موٱ م‬
‫ال معرز ومجرل"‪.‬‬
‫"قالوا‪ :‬حكم فى النكاح يدفعه الكتاب ‪ ..‬قالوا‪ :‬رويتم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ل يتنكح‬
‫المرأة على عرمتها‪ ً،‬ول على خالتها"‪ ً،‬وأنه قال‪" :‬يمحيرم من الرضاع ما يمحيرم من النسب"‪ .‬وال معرز ومجرل‬
‫يقول‪} :‬يحيرممهت معملهييكهم أيرممهايتيكهم{ُ ‪ ...‬إلى آخر الية‪ ً،‬ولم يذكر الجمع بين المرأة وعرمتها وخالتها‪ ً،‬ولم‬
‫لم المرضعة والخت بالرضاع ‪ ..‬ثم قال‪} :‬موأيرحرل لميكهم رما مومرامء مذرليكهم{ُ فدخلت‬ ‫يمحيرم من الرضاع إل ا ي‬
‫لخت‪ ً،‬فيما أحرله ال تعالى"‪.‬‬ ‫المرأة على عمرتها وخالتها‪ ً،‬وكل رضاع سوى المر وا ي‬
‫يحدثنا ابن قتيبة بهذا عنهم‪ ً،‬ثم يتولى بنفسه الرد عليهم فى ذلك كله ردا مسهلب فيه إزالة كل شبهة‪ً،‬‬
‫ودفع كل يحرجة وردت على ألسن القوم‪ ً،‬ول نطيل بذكر ذلك‪ .‬وممن أراد الوقوف عليه‪ ً،‬فليرجع إليه فى‬
‫تأويل مختلف الحديث ]ص ‪.[250 - 241‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) النتاج التفسيرى للخوارج (‬

‫لم يكن للخوارج من النتاج التفسيرى مثل ما كان للمعتزلة‪ ً،‬أو الشيعة أو غيرهما من فرقا المسلمين‪ً،‬‬
‫لمول لم يزد عن بعضِ‬ ‫التي خرلفت لنا الكثير من كتب التفسير‪ ً،‬وكل ما وصل إلينا من تفسير الخوراج ا ي‬
‫أفهام لهم لبعضِ اليات القرآنية تضمنها جدلهم‪ ً،‬واشتملت عليها مناظراتهم‪ ً،‬وذكرنا لك منها كل ما‬
‫وصل إلى أيدينا‪ ً،‬وجميع ما استخلصناه من بطون الكتب المختلفة‪.‬‬
‫ولكن هل هذا هو كل ما كان للخوارج من تفسير؟ وهل وقف إنتاجهم عند هذا المقدار الضئيل؟ أو كان‬
‫لهم مع هذا كتب مستقلة فى التفسير‪ ً،‬ولكن فقدتها المكتبة السلمية على طور اليام ومر العصور؟‬
‫الحقا أنى وجهت لنفسى هذا السؤال‪ ً،‬وكدت أعجز عن الجواب عنه‪ ..‬ولكن هيأ ال لى ظرفا جمعنى‬
‫مع رجل من الباضية المعاصرين‪ ً،‬يقيم فى القاهرة‪ ً،‬فوجهت إليها هذا السؤال نفسه‪ ً،‬فأفهمنى أن النتاج‬
‫ل بالنسبة لنتاج غيرهم من رفمرقا السلم‪ ً،‬ومع هذا فلم تحتفظ المكتبة‬ ‫التفسيرى للخوارج كان قلي ل‬
‫السلمية من هذا النتائج القليل إل ببعضِ منه‪ .‬لبعضِ العلماء من الباضية فى القديم والحديث‪.‬‬
‫فسألته‪ :‬وهل تذكر شيئا من هذه الكتب؟ فذكر لى من الكتب ما يأتى‪:‬‬
‫‪ -1‬تفسير عبد الرحمن بن رستم الفارسى ‪ ..‬من أهل القرن الثالث الهجرى‪.‬‬
‫‪ -2‬تفسير هود بن محكم الهوارى ‪ ..‬من أهل القرن الثالث الهجرى‪.‬‬
‫‪ -3‬تفسير أبى يعقوب‪ ً،‬يوسف بن إبراهيم الورجلنى ‪ ..‬من أهل القرن السادس الهجرى‪.‬‬
‫‪ -4‬داعي العمل ليوم المل ‪ ..‬للشيخْ محمد بن يوسف إطفيش‪ ..‬من أهل القرن الحاضر‪.‬‬
‫‪ -5‬هميان الزاد إلى دار المعاد ‪ ..‬له أيضا‪.‬‬
‫‪ -6‬تيسير التفسير ‪ ..‬له أيضا‪.‬‬
‫فقلت له‪ :‬وهل يوجد شىء من هذه الكتب إلى اليوم؟‬
‫فقال لى‪ :‬أما تفسير عبد الرحمن بن رستم‪ ً،‬فغير موجود‪ .‬وأما تفسير هود بن محكم‪ ً،‬فموجود‪ ً،‬ومتداول‬
‫بين الباضية فى بلد المغرب ‪ ..‬وهو يقع فى أربع مجلدات‪ ً،‬وقد أطلعنى منه على جزئين مخطوطين‬
‫عنده‪ ً،‬وهما الول والرابع‪ .‬أما الول‪ :‬فيبدأ بسورة الفاتحة‪ ً،‬وينتهى بآخر سورة النعام‪ .‬وأما الرابع‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فيبدأ بسورة الزمر‪ ً،‬وينتهى بآخر القرآن‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأما تفسير أبى يعقوب الورجلنى‪ ً،‬فغير موجود‪ ً،‬ويذكر المحققون من علمائنا أنه من أحسن‬
‫التفاسير بحثا‪ ً،‬وتحقيقا‪ ً،‬وإعرابا‪.‬‬
‫وأما تفسير داعى العمل ليوم المل‪ ً،‬فلم يتم مؤلفه‪ ً،‬لنه عزم على أن يجعله في اثنين وثلثين جزءا‪ ً،‬ثم‬
‫عدل عن عزمه هذا‪ ً،‬واشتغل بتفسير هميان الزاد إلى دار المعاد‪.‬‬
‫وقد أطلعنى يمحيدثى على أربعة أجزاء من تفسير داعى العمل‪ ً،‬فى مجلدين مخطوطين بخط المؤلف‪ ً،‬أما‬
‫أحد المجلدين‪ :‬فإنه يحتوى على الجزء التاسع والعشرين‪ ً،‬والجزء الثلثين من أجزاء الكتاب‪ ً،‬وهو يبدأ‬
‫بسورة الرحمن‪ ً،‬وينتهى بآخر سورة التحريم‪ ً،‬وأما المجلد الثانى‪ :‬فإنه يحتوى على الجزء الحادى‬
‫والثلثين‪ ً،‬والجزء الثانى والثلثين‪ ً،‬وهو يبدأ بسورة تبارك‪ ً،‬وينتهى بآخر القرآن‪ ً،‬والجزء الثانى‬
‫والثلثين‪ ً،‬وهو يبدأ بسورة تبارك‪ ً،‬وينتهى بآخر القرآن‪ .‬وقد وجدت بالمجلد الخير بعضِ ورقات فيها‬
‫تفسير أول سورة )ص(‪ ً،‬ويظهر ‪ -‬كما قال يمحيدثى ‪ -‬أن المؤلف قد ابتدأ تفسيره هذا بسورة الرحمن‬
‫إلى أن انتهى إلى آخر سورة الناس‪ ً،‬ثم بدأ بسورة )ص( ووقف عندها ولم يتم‪.‬‬
‫وأما تفسير هميان الزاد‪ ً،‬فموجود ومطبوع فى ثلثة عشر مجلدا كبارا‪ ً،‬ومنه نسخة فى دار الكتب‬
‫المصرية‪ ً،‬ونسخة أهرى عند يمحيدثى‪.‬‬
‫وأما تيسير التفسير‪ ً،‬فموجود ومطبوع فى سبع مجلدات متوسطة الحجم‪ ً،‬ومنه نسخة بدار الكتب‬
‫المصرية‪ ً،‬وأخرى عند يمحيدثى أيضا‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخوارج وموقفهم من تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) أسباب رقرلة إنتاج الخوارج فى التفسير (‬

‫وأنت ترى أن هذه الكتب المذكورة‪ ً،‬ما يورجد منها وما لم ييوجد‪ ً،‬كلها للباضية وحدهم‪ ً،‬ولعل السر فى‬
‫ذلك‪ :‬أن جميع رفمرقا الخوارج ما عدا الباضية بادت ولم يبقا لها أثر‪.‬‬
‫أما الباضية فموجودون إلى يومنا هذا‪ ً،‬ومذهبهم منتشر فى بلد المغرب‪ ً،‬وحضرموت‪ ً،‬ويعمان‪ً،‬‬
‫وزنجبار‪.‬‬
‫ولكن بقى بعد هذا سؤال يتردد فى نفسى‪ ً،‬ولعله يتردد فى نفس القارئ أيضا وهو‪ :‬ما السر فى أن‬
‫الخوارج مقرل إنتاجهم فى التفسير؟‬
‫والجواب عن هذا السؤال ‪ -‬كما أعتقد ‪ -‬ينحصر فى يأمور ثلثة وهي ما يأتى‪:‬‬
‫أو لل‪ :‬أن الخوارج كان أكثرهم من عرب البادية‪ ً،‬ومن قبائل تميم على الخص‪ ً،‬وقليل منهم كان يسكن‬
‫البصرة والكوفة مع احتفاظه ببداوته‪ ً،‬فكانوا لغلبة البداوة عليهم أبعد الناس عن التطور الدينى‪ ً،‬والعلمى‪ً،‬‬
‫لمم‬‫والجتماعى‪ ً،‬وكانوا يمثلون السلم الول فى بساطته‪ ً،‬وعلى فطرته‪ ً،‬بدون أن تشوبه تعاليم ا ي‬
‫ا يلخرى‪ .‬أضف إلى ذلك‪ :‬احتفاظهم بأهم خصائص أهل البدو من سذاجة التفكير‪ ً،‬وضيقا التصور‪ً،‬‬
‫واليبهعد عن التأثر بحضارة المم المجاورة لهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنهم يشرغلوا بالحروب من مبدأ نشأتهم‪ .‬وكانت حروبا قاسية وطويلة‪ ً،‬ومتتابعة ‪ ..‬أسلمتهم حروب‬
‫عل سى إلى حروب المويين‪ ً،‬وأسلمتهم حروب المويين إلى حروب العباسيين التى تركتهم في حالة تشبه‬
‫الحتضار‪ ً،‬وتؤذن بالفناء‪ ً،‬فكان من الطبيعى أن ل تدع الحرب لهم من الوقت ما يتسع للبحث‬
‫والتصنيف‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن الخوارج ‪ -‬مع ما هم عليه من شذوذ ‪ -‬كانوا يخلصون لعقيدتهم‪ ً،‬ويتمسكون بإيمانهم إلى حد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كبير‪ ً،‬ويرون أن الكذب جريمة من أكبر الجرائم‪ ً،‬وبه ‪ -‬عند جمهورهم ‪ -‬يخرج النسان من رعداد‬
‫المؤمنين ‪ -‬فلعل هذا دعاهم إلى عدم الخوضِ في تفسير القرآن‪ ً،‬وجعلهم يتورعون عن البحث وراء‬
‫معانيه‪ ً،‬مخافة أن ل يصيبوا الحقا فيكونوا قد كذبوا على ال ‪ ..‬وقد يسرئل بعضهم‪ :‬رلم لمهم يتفيسر القرآن؟‬
‫لمقارويرل * م‬
‫لمخهذمنا رمهنيه ربٱِهلميرميرن * يثرم ملمقمطهعمنا رمهنيه‬ ‫ضِ ٱ م‬
‫فقال‪" :‬كلما رأيت قوله تعالى‪} :‬موملهو متمقرومل معملهيمنا مبهع م‬
‫ٱهلمورتيمن{ُ أحجمت عن التفسير"‪.‬‬
‫من أجل هذا كله لم يكن يينتظر من الخوراج أن ييؤيلفوا لنا فى التفسير كما ألمف غيرهم‪ ً،‬وليس التفسير‬
‫وحده هو الذيِ يحررم من تصنيف الخوراج وتأليفهم‪ ً،‬بل كل العلوم فى ذلك سواء‪ ً،‬وما يورجد لهم من‬
‫لصول‪ ً،‬أو الحديث‪ ً،‬أو التفسير‪ ً،‬أو غير ذلك من العلوم فكله من‬ ‫مؤلفات فى علم الكلم‪ ً،‬أو الفقه‪ ً،‬أو ا ي‬
‫عمل الباضية وحدهم‪ ً،‬لن هذه الرفهرقة هى التى عاشت وانتشرت فى كثير من بلد المسلمين‪ً،‬‬
‫واستمرت إلى يومنا هذا‪ ً،‬وتأثرت بتعاليم المعتزلة وغيرهم‪ ً،‬وسايرت التطور العلمى والجتماعى‪.‬‬
‫وبعد ‪ ..‬فهذا هو تراث الخوارج في التفسير‪ ً،‬وهو تراث نادر عزيز‪ ً،‬وما يورجد منه أندر وأعز‪ ً،‬وأرى‬
‫أن أكتفى بالكلم عن "هميان الزاد إلى دار المعاد" وحده‪ ً،‬وعذرى فى ذلك‪ :‬أن ما وجدنا من تفسير هود‬
‫بن محكم‪ ً،‬لم يتيسر لنا الطاع عليه الطلع الكافى الذى يعطينا فكرة واضحة عنه‪ ً،‬وعن مؤيلله‪ ً،‬وذلك‬
‫راجع إلى رداءة خطه‪ ً،‬وضياع بعضِ أوراقه‪ ً،‬وتآكل بعضها‪.‬‬
‫وما وجدنا من تفسير "داعى العمل ليوم المل"‪ .‬لم يكن أكثر حظا من تفسير هود بن محكم‪.‬‬
‫وأما "تيسير التفسير"‪ ..‬فهو فى الحقيقة خلصة لما تضمنه "هميان الزاد" لم يكن الكلم عنه بمعطينا‬
‫فكرة جديدة عن التفسير عند الباضية أو عند يمفيسره على القل‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) التعريف بمؤلف هذا التفسير (‬

‫مؤلف هذا التفسير هو محمد بن يوسف بن عيسى بن صالح إطفيش الوهبى‪ ً،‬الباضى‪ ً،‬وهو من وادى‬
‫ميزاب بصحراء الجزائر من بلد المغرب‪ .‬نشأ بين قومه‪ ً،‬ويعررف عندهم بالزهد والورع‪ ..‬واشتغل‬
‫بالتدريس والتأليف وهو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره‪ ً،‬وانكرب على القراءة والتأليف‪ ً،‬حتى‬
‫قيل إنه لم ينم فى ليلة أكثر من أربع ساعات‪ .‬وله من المؤلفات فى شرتى العلوم ثروة عظيمة تربو على‬
‫الثلثمائة مؤرلف ‪ ...‬فمن ذلك‪ :‬نظم المغنى لبن هشام خمسة آلف بيت ‪ ..‬وكان ذلك فى شبابه‪ ً،‬وشرح‬
‫كتاب التوحيد للشيخْ عيسى بن تبغورين وهو من أهم مؤلفاته فى علم الكلم‪ ً،‬وشرح كتاب العدل‬
‫والنصاف فى يأصول الفقه لبى يعقوب يوسف ابن إبراهيم الورجلنى‪ ً،‬وله فى الحديث‪ :‬وفاء الضمانة‬
‫بأداء المانة‪ ً،‬وهو مطبوع فى ثلثة مجلدات‪ ً،‬وجامع الشمل فى حديث خاتم الرسل‪ ً،‬وهو مطبوع فى‬
‫مجلد واحد‪ .‬وله فى الفقه شرح كتاب النيل‪ .‬وهو مطبوع فى عشر مجلدات‪ ً،‬وله مؤلفات أخرى فى‬
‫النحو والصرف‪ ً،‬والبلغة‪ ً،‬والفلك‪ ً،‬والعروضِ‪ ً،‬والوضع‪ ً،‬والفرائضِ‪ ً،‬وغيرها‪.‬‬
‫وأما التفسير فله فيه "داعى العمل ليوم المل"‪ ً،‬لم يتم ‪ ...‬و "هميان الزاد إلى دار المعاد"‪ ً،‬وهو ما نحن‬
‫بصدده ‪ ...‬و "تيسير التفسير"‪ ً،‬وهو مختصر من السابقا‪ .‬هذا‪ ً،‬وقد توفى المؤلف سنة ‪ 1332‬هـ )اثنين‬
‫وثلثين وثلثمائة وألف من الهجرة(‪ ً،‬وله من العمر ست وتسعون سنة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يعتبر هذا التفسير هو المرجع المهم للتفسير عند الباضية من الخوارج‪ ً،‬غير أنه ل ييصور لنا حالة‬
‫التفسير عندهم فى عصورهم الولى‪ ً،‬وذلك لقرب عهد مؤلفه‪ ً،‬وتأخره عن زمن كثير من التفسير الذين‬
‫وافقوه على مذهبه‪ ً،‬والذين خالفوه فيه‪.‬‬
‫ولقد جرت يسرنة ال بين المؤلفين أن يأخذ اللحقا من السابقا‪ ً،‬وأن يستفيد المتأخر من المتقدم‪ ً،‬وصاحبنا‬
‫فى تفسيره هذا‪ ً،‬استمد من كتب ممن سبقه من المفيسرين على اختلف رنمحلهم ومشاربهم وإن كان يردعى‬
‫فى مقدمته أن ل ييقيلد فيه أحدا إل إذا حكى قولل‪ ً،‬أو قراءة‪ ً،‬أو حديثا‪ ً،‬أو قصة‪ ً،‬أو أثرا لمسملف‪ .‬وأما‬
‫نفس تفاسير الى‪ ً،‬والرد على بعضِ المفيسرين‪ ً،‬والجواب‪ ً،‬فمن عنده إل ما نسبه لقائله‪ .‬كما ميردعى أنه‬
‫كان ينظر بفكره فى الية أولل‪ ً،‬ثم تارة يوافقا نظر جار ال الزمخشرى‪ ً،‬والقاضى البيضاوى ‪ -‬وهو‬
‫الغالب ‪ -‬وتارة يخالفها‪ ً،‬ويوافقا وجها أحسن مما أثبتناه أو مثله‪.‬‬
‫ومهما يكن من شىء فل يسعنا إل أن نقول‪ :‬إن الرجل ‪ -‬وقد قرأ الكثير من كتب التفسير ‪ -‬تأثر بما‬
‫جاء فيها‪ ً،‬واستفاد الكثير من معانيها مما يدعونا إلى القول بأن تفسيره يمثل التفسير المذهبى للخوارج‬
‫الباضية فى أواخر عصورهم فقط‪ ً،‬وبعد أن خرجوا من عزلتهم التى مكثوا فيها مدة طويلة من الزمن‪.‬‬
‫نقرأ فى هذا التفسير فنجد أن صاحبه يذكر فى أول كل سورة عدد آياتها‪ ً،‬والمكى منها والمدنى‪ ً،‬ثم‬
‫يذكر فضائل السورة‪ ً،‬مستشهدا لذلك فى الغالب بالحاديث الموضوعة فى فضائل السور‪ ً،‬ثم يذكر فوائد‬
‫السورة بما يشبه كلم المشعوذين الدرجالين‪ ً،‬ثم بعد ذلك كله يشرح اليات شرحا وافيا‪ ً،‬فييسهب فى‬
‫المسائل النحوية‪ ً،‬والسلغوية‪ ً،‬والبلغية‪ ً،‬ويفيضِ فى مسائل الفقه‪ ً،‬والخلف بين الفقهاء كما يتعرضِ‬
‫لمسائل علم الكلم ويفيضِ فيها‪ ً،‬مع تأثر كبير بمذهب المعتزلة‪ ً،‬كما ل يفوته أن يعرضِ للبحاث‬
‫الصولية والقراءات‪ ً،‬وهو مكثر إلى حد كبير من ذكر السرائيليات التى يؤيدها الشرع‪ ً،‬ول يصدقها‬
‫العقل‪ ً،‬كما يطيل فى ذكر تفاصيل الغزوات التى كانت على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ثم هو‬
‫ل عليه‪ ً،‬ول بآية‬ ‫بعد ذلك ل يكاد يمر بآية يمكن أن يجعلها فى جانبه إل مال بها إلى مذهبه‪ ً،‬وجعلها دلي ل‬
‫تصارحه بالمخالفة إل ترلمس لها كل ما فى طاقته من تأويل‪ ً،‬ليتخلص من معارضتها ‪ ..‬وقد يكون‬
‫ل متكلفا‪ ً،‬وفاسدا‪ ً،‬ل ينجيه من معارضة الية له‪ ً،‬لكنه التعصب العمى ‪ ...‬يدفع النسان إلى أن‬ ‫تأوي ل‬
‫ينسى عقله‪ ً،‬ويطرح تفكيره الصائب‪ ً،‬ليمشى مع الهوى بعقل فارغا وتفكير خاطىء!! ‪ ..‬وإليك بعضِ ما‬
‫جاء فى هذا التفسير‪ ً،‬لتقف على مسلك صاحبه فى فهمه ليات القرآن الكريم‪:‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) حقيقة اليمان (‬

‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [3 - 2‬من سورة البقرة‪} :‬يهلدى ليهليمرترقيمن * ٱرلرذيمن يهؤرمينومن‬ ‫فمث ل‬
‫صلمة مومرما مرمزهقمنايههم يهنرفيقومن{ُ‪ .‬نراه يقرر‪" :‬أن اليمان ييطلقا على مجموع العتقاد‪ً،‬‬‫ربٱِهلمغهيرب مويرقييمومن ٱل ر‬
‫والقرار‪ ً،‬والعمل"‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬فممن أخرل بالعتقاد وحده‪ ً،‬أو به وبالعمل‪ ً،‬فهو مشرك من حيث النكار‪ً،‬‬
‫منافقا أيضا من حيث أنه أظهر ما ليس فى قلبه‪ ً،‬وممن أخرل بالقرار وحده‪ ً،‬أو بالقرار والعمل‪ ً،‬فهو‬
‫مشرك عند جمهورنا وجمهور قومنا‪ .‬وقال القليل‪ :‬إنه إذا أخرل بالقرار وحده‪ ً،‬مسلم عند ال من أهل‬
‫الجنة‪ ً،‬وإن أخرل به وبالعمل ففاسقا كافر كفر نعمة‪ ً،‬وإن أخرل بالعمل فقط‪ ً،‬فمنافقا عندنا‪ ً،‬فاسقا ضال‪ً،‬‬
‫كافر كفرا دون شرك غير مؤمن اليمان التام" ‪ ..‬ثم قال‪" :‬واختلف الخوارج ‪ ..‬وهم الذين خرجوا عن‬
‫ضللة علسى‪ ً،‬فقالت الباضية الوهبية‪ ً،‬وسائر الباضية فيمن أخرل بواحد من الثلثة‪ :‬ما تقدم من إشراكه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بترك العتقاد‪ ً،‬أو بترك القرار‪ ً،‬وينافقا بترك العمل‪ .‬ويثبتون الصغيرة‪ .‬وقال الباقون كذلك وإنه ل‬
‫صغيرة‪ .‬ومذهب المحدثين أن انضمام العمل والقرار إلى العتقاد على التكميل ل على أنه ركن‪.‬‬
‫ونحن نقول‪ :‬انضمامها إليه ركن‪ ً،‬وهما جزء ماهيته"‪.‬‬
‫صارلمحارت أمرن‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [25‬من سورة البقرة‪} :‬مومبيشرر ٱرلرذين آممينوها مومعرميلوها ٱل ر‬ ‫ومث ل‬
‫لهنمهاير{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يحاول محاولة جدية فى تحقيقا أن العمل جزء من‬ ‫لميههم مجرناهَت متهجرريِ رمن متهحرتمها ٱ م‬
‫اليمان‪ ً،‬ول يتحققا اليمان بدونه‪ .‬فيقول‪" :‬ترى النسان يفيد كلمه مرة واحدة بقيد‪ ً،‬فيحل سائر كلمه‬
‫المطلقا على هذا التقييد‪ ً،‬فكيف يسوغا لقومنا أن يلغوا تقييد ال ‪ -‬معرز ومجرل ‪ -‬اليمان بالعمل الصالح مع‬
‫أنه ل يكاد يذكر الفعل من اليمان إل مقرونا بالعمل الصالح؟ بل اليمان نفسه مفورضِ لعبادة ممن يجب‬
‫ل سلطانا ل يعتقد بوجوده‪ ً،‬وثبوت يسهلطته‪ ً،‬فالعمل‬ ‫اليمان به وهو ال تعالى‪ ً،‬إذ ل يخدم النسان مث ل‬
‫لس بل بناء‬ ‫الصالح كالبناء النافع‪ ً،‬المظلل المانع للحر‪ ً،‬والبرد والمضرات‪ ً،‬واليمان يأس‪ ً،‬ول ينفع ا ي‬
‫لسس ولم يبن عليها لهلك باللصوص‪ ً،‬والحر‪ ً،‬والبرد‪ ً،‬وغير ذلك‪ً،‬‬ ‫عليه‪ ً،‬ولو بنى النسان يألوفا من ا ي‬
‫فإن ذكر اليمان مفردا قيد بالعمل الصالح‪ .‬وإذا ذكر العمل الصالح‪ ً،‬فما هو إل فرع اليمان‪ ً،‬دليل على‬
‫ل منهما غير الخر‪ ً،‬لن الصل فى العطف المغايرة بين المتعاطفين‪ ً،‬ففى عطف العمال‬ ‫أن ك ل‬
‫الصالحات على اليمان إيذان بأن البشارة بالجرنات‪ ً،‬وإنما يستحقها ممن جمع بين العمال الصالحات‬
‫واليمان"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) موقفه من أصحاب الكبائر (‬

‫كذلك نجد المؤلف يحاول أن يأخذ من القرآن ما يدل على أن مرتكب الكبيرة مخرلد فى النار وليس‬
‫بخارج منها‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [81‬من سورة البقرة‪} :‬مبلمـى ممن مكمسمب مسيمئلة موأممحامطهت ربره‬ ‫فمث ل‬
‫صمحايب ٱلرنارر يههم رفيمها مخارليدومن{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬مسيمئلة{ُ خصلة قبيحة‪ ً،‬وهى الذنب الكبير‪ً،‬‬ ‫مخرطييـمئيتيه مفيأهومليـرئمك أم ه‬
‫سواء أكان نفاقا أو إشراكا‪ ً،‬ومن الذنوب الكبيرة‪ :‬الصرار‪ ً،‬فإنه نفسه كبيرة‪ ً،‬سواء أكان على الصغيرة‬
‫صمحايب ٱلرنارر{ُ ‪ ..‬ويحتمل وجه آخر وهو‬ ‫أو الكبيرة‪ ً،‬والدليل على أن السيئة‪ :‬الكبيرة قوله‪} :‬مفيأهولميـرئمك أم ه‬
‫أن السيئة‪ :‬الذنب صغيرا أو كبيرا‪ ً،‬ثم يخمتص الكلم بالكبيرة بقوله‪} :‬موأممحامطهت ربره مخرطييـمئيتيه{ُ‪ .‬وإن قلت‬
‫روى قومنا عن ابن عباس رضى ال عنهما أن السيئة هنا الشرك‪ .‬وكذا قال الشيخْ هود ‪ -‬رحمه ال ‪-‬‬
‫إنها الشرك‪ .‬قلت‪ :‬ما ذكرته أولى مما ذكراه‪ ً،‬فإن لفظ السيئة عام‪ ً،‬وحمله على العموم أولى‪ ً،‬إذ ذلك‬
‫تفسير منهما ل حديث‪ ً،‬ول سيما أنهما وقومنا يعترفون بأن الكبيرة يتهدرخل فاعلها النار‪ ً،‬ولم يحصروا‬
‫دخولها على الشرك‪ ً،‬ومعترفون بأن لفظ الخلود ييطلقا على المكث الكبير‪ ً،‬سواء أكان أبديا‪ ً،‬أو غير‬
‫أبدى‪ ً،‬وادعاء أن الخلود فى المويحدين بمعنى المكث الطويل‪ ً،‬وفى الشرك بمعنى المكث الدائم‪ ً،‬استعمال‬
‫للكلمة فى حقيقتها ومجازها‪ ً،‬وهو ضعيف‪ ً،‬وأيضا ذكر إحاطة الخطيئات ولو ناسب الشرك كغيره‪ ً،‬لكنه‬
‫أنسب بغيره‪ ً،‬لن الشرك أقوى }موأممحامطهت ربره مخرطييـمئيتيه{ُ ‪ ..‬ربطته ذنوبه وأوجبت له دخول النار‪ ً،‬فصار‬
‫ل خلص له منها‪ ً،‬كمن أحاط به العدو‪ ً،‬أو الحرقا‪ ً،‬أو حائط السجن‪ ً،‬وذلك بأن مات غير تائب"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) حملته على أهل السسرنة (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ونرى المؤلف كلما سنحت له الفرصة للتنديد بجمهور أهل السسرنة القائلين بأن صاحب الكبيرة من‬
‫المؤمنين ييعرذب فى النار على قدر معصيته‪ ً،‬ثم يدخل الجنة بعد ذلك‪ ً،‬نردد بهم ولمزهم‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [4‬من سورة البقرة‪} :‬وٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربممآ أيهنرزمل إرلمهيمك موممآ أيهنرزمل‬
‫فمث ل‬
‫رمن مقهبرلمك موربٱِلرخمررة يههم ييورقينومن{ُ ‪ ..‬يقول‪ .." :‬وترى أقواما ينتسبون إلى الرمرلة الحنيفية يضاهئون اليهود‬
‫فى قولهم‪ :‬لن تمسنا النار إل أياما معدودات"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) مغفرة الذنوب (‬

‫ثم إن المؤلف حمل كل آيات العفو والمغفرة على مذهبه القائل‪ :‬بأن الكبائر ل يغرفها ال إل بالتوبة‬
‫منها والرجوع عنها‪ ً،‬ويحمل على الشاعرة القائلين بأن ال يجوز أن يغفر لصاحب الكبيرة وإن لم‬
‫يتب‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [284‬من سورة البقرة‪} :‬مورإن يتهبيدوها مما رفيي أمهنيفرسيكهم أمهو يتهخيفويه‬ ‫فمث ل‬
‫يمحارسهبيكهم ربره ٱللريه مفميهغرفير رلممن ميمشآيء مويمعيذيب ممن ميمشآيء{ُ يقول‪" :‬ول دليل فى الية على جواز المغفرة‬
‫صرون"‪.‬‬ ‫لصاحب الكبيرة الميت بل توبة منها‪ ً،‬كما زعم غيرها‪ ً،‬لحديث‪ ً،‬هلك اليم ي‬
‫ضِ ميهغرفير‬‫لهر ر‬ ‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [129‬من سورة آل عمران‪} :‬موللرره مما رفي ٱلرسمماموارت مومما رفي ٱ م‬
‫رلممن ميمشآيء مويمعيذيب ممن ميمشآيء{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬يغفر لمن يشاء الغفران له بأن يوفقه للتوبة‪ ً،‬وييعيذب ممن يشاء‬
‫صر‪ً،‬‬ ‫تعذيبه بأن ل يوفقه‪ ً،‬وليس من الحكمة أن ييعيذب المطيع الموفى‪ ً،‬وليس مها أن يرحم العاصى اليم ي‬
‫وقد انتفى ال من أن يكون ظالما‪ ً،‬وعد من الظلم‪ :‬النقص من حسنات المحسن‪ ً،‬والزيادة فى سيئات‬
‫المسىء‪ ً،‬وليس من الجائز عليه ذلك‪ ً،‬خلفا للشعرية فى قولهم‪ :‬يجوز أن يدخل الجنة جميع المشركين‪ً،‬‬
‫والنار جميع البرار‪ .‬وقد أخطأوا فى ذلك‪."...‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [53‬من سورة الزمر‪} :‬إررن ٱلرلمه ميهغرفير ٱلسذينومب مجرميعا إررنيه يهمو ٱهلمغيفوير‬
‫ٱلرررحييم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬بشرط التوبة منها‪ ً،‬بدليل التقييد بها فى مواضع من القرآن والسسرنة‪ ً،‬والمطلقا ييحمل‬
‫على اليممقريد‪ .‬وقد يذرك مرت فى القرآن مرارا شرطا للغفران‪ ً،‬فذكرها فيما ذكرت‪ .‬ذكر لها فيما لم تذكر‪ً،‬‬
‫وإنما تحذف لدليل‪ ً،‬والقرآن فى حكم كلم واحد ل يتناقضِ حاشاه‪ ً،‬وأيضا يليقا أن يذكر لهم أنه يغفر‬
‫الكبائر بل توبة مع أنه ناه عنها‪ ً،‬لن ذلك يؤدى بهم إلى الجتراء عليها‪ .‬وقد أخفى الصغائر لئل ييجترأ‬
‫عليها من حيث أنه غفرها‪ .‬ويدل لذلك تعقيب الية بقوله‪} :‬موأمرنـييبيوها إرلمـى مريبيكهم{ُ لئل يطمع طامع‬
‫كالقاضى ‪ -‬يريد البيضاوى ‪ -‬فى حصول المغفرة بل توبة‪ .‬ويدل له أيضا قراءة ابن مسعود وابن‬
‫عباس‪" :‬يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء" أى لمن يشاؤه بالتوبة ‪ ..‬وأما قوله‪} :‬إررنيه يهمو ٱهلمغيفوير ٱلرررحييم{ُ‬
‫فاستئناف معلل لمغفرة الذنوب بالتوبة‪ ً،‬أيِ يغفرها‪ ً،‬ويقبل التوبة منها‪ .‬لن من شأنه الغفران العظيم‬
‫والرحمة والعظيمة وملكه وغناه واسع لذلك‪ .‬والمراد بالية‪ :‬التنبيه على أنه ل يجوز لمن عصى ال ‪-‬‬
‫أى عصيان كان ‪ -‬أن يظن أنه ل يغفر له‪ ً،‬ول يقبل توبته‪ ً،‬وذلك مذهبنا معشر الباضية‪ ً،‬وزعم‬
‫القاضى وغيره‪ :‬أن الشرك ييغفر بل توبة‪ ً،‬ومشهور مذهب القوم‪ :‬أن المويحد إذا مات غير تائب‪ :‬ييرجى‬
‫له‪ ً،‬وأنه إن شاء عرذبه بقدر ذنبه وأدخله الجنة‪ .‬وإن شاء غفر له‪ .‬ومذهبنا‪ :‬أن ممن مات على كبيرة غير‬
‫تائب‪ :‬ل ييرجى له"‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) رأيه فى الشفاعة (‬

‫ويرى المؤلف‪ :‬أن الشفاعة ل تقع لغير الموحيدين‪ ً،‬ول لصحاب الكبائر‪ ً،‬ومن خلل رأيه هذا ينظر إلى‬
‫آيات الشفاعة فل يرى فيا إل ما يتفقا ومذهبه‪.‬‬
‫ل متهجرزيِ منهففس معن رنهفهَس‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [48‬من سورة البقرة‪} :‬موٱرتيقوها ميهوما ر‬ ‫فمث ل‬
‫صيرومن{ُ ‪ ..‬يقول‪ .." :‬وإن قلت‪ :‬فهل الشفاعة‬ ‫ل يههم يهن م‬ ‫ل يهقمبيل رمهنمها مشمفامعفة مو م‬
‫ل يهؤمخيذ رمهنمها معهدفل مو م‬ ‫مشهيئا مو م‬
‫والفداء بالعدل واقعان ولكن ل ييقبلن؟ أم غير واقعين؟ قلت‪ :‬غير واقعين‪ ً،‬أما ممن تأهل للشفاعة من‬
‫الملئكة والنبياء والعلماء والصالحين‪ ً،‬فل يتعرضون بها لمن ظهرت شقاوته لهم‪ .‬فإن تعررضوا بها‬
‫ل لها‪ ً،‬فيتركوا التعرضِ لها‪ .‬وأما من لم‬ ‫لهم قبل أن تظهر لهم‪ ً،‬قيل لهم‪ :‬إنهم مبرديلوا وغريروا‪ ً،‬وليسوا أه ل‬
‫يتأهل لها فمشغول بنفسه ل يدرى ما ييفعل به"‪.‬‬
‫ل يهقمبيل رمهنمها معهدفل مو م‬
‫ل متنمفيعمها مشمفامعفة{ُ ‪...‬‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [123‬من السورة نفسها‪} :‬مو م‬
‫ل متنمفيعمها مشمفامعفة{ُ لعدمها هناك‪ ً،‬فالمراد أنه ل شفاعة تنفعها‪ ً،‬فالشفاعة هنالك منفية من‬ ‫يقول ‪} ..‬مو م‬
‫أصلها‪ ً،‬وليس المراد أنه هناك شفاعة ل يتقبل‪ .‬وإنما ساغا ذلك‪ ً،‬لن القضية السالبة تصدقا بنفى‬
‫الموضوع‪ ً،‬كما تصدقا بنفى المحمول‪ ً،‬فكما تقول‪ :‬ليس زيد قاعدا فى السوقا‪ ً،‬وتريد أنه فيها لكنه قائم‪ً،‬‬
‫ل‪ ً،‬وذلك مخصوص بالمشرك‪ ً،‬فإنه ل شفاعة‬ ‫كذلك تقول‪ :‬ليس زيد قاعدا فيها‪ ً،‬وتريد أنه ليس فيها أص ل‬
‫له هنالك إل شفاعة القيام لدخول النار‪ ً،‬ول نفع له فى دخول النار‪ ً،‬وإنما الشفاعة للمويحد التائب"‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى في الية ]‪ [159‬من سورة النعام‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مفرريقوها رديمنيههم مومكاينوها رشميعا لرهسمت رمهنيههم رفي‬
‫مشهي هَء{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬فالية نص ‪ -‬أو كالنص ‪ -‬فى أن ل شفاعة لهل الكبائر‪ .‬أى أنت برئ منهم‬
‫على كل وجه‪ ً،‬وقد علمت عن عمر وأبى هريرة أن الية فى أهل البدع من هذه المة"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) رؤية ال تعالى (‬

‫ويرى صاحبنا‪ :‬أن رؤية ال تعالى غير جائزة ول واقعة لحد مطلقا‪ ً،‬وييصيرح بذلك فى تفسيره ليات‬
‫الرؤية‪ ً،‬ويرد على أهل السسرنة الذين يقولون بجوازها فى الدنيا‪ ً،‬ووقوعها للمؤمنين فى الخرة‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهليتهم ميايمومسـى ملن سنهؤرممن لممك محرتـى منمرى‬ ‫فمث ل‬
‫ٱلرلمه مجههمر لة{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يذكر ما ورد من الروايات فى هذا الباب‪ ً،‬ومن الروايات رواية تفيد‪ :‬أن‬
‫موسى سأل ربه أن ينظر إليه بالمجاهرة‪ ً،‬يعقب عليها فيقول‪" :‬وهذه الرواية تقتضى أن موسى يجيز‬
‫الرؤية‪ ً،‬حتى سألها ويمنمعها ‪ ...‬وليس كذلك‪ ً،‬بل إن صح سياقا هذه الرواية فقد سألوه الرؤية قبل ذلك‪ً،‬‬
‫فنهاهم عن ذلك وح ررمه‪ ً،‬أو سكت انتظارا للوحى فى ذلك‪ ً،‬فلما فرغا وخرج‪ ً،‬عاودوه ذكر ذلك‪ ً،‬فقال‬
‫لهم‪ :‬قد سألته على لسانكم كما تحبون‪ ً،‬لخبركم بالجواب الذى يقمعكم ل لجواز الرؤية‪ ً،‬فتجرلى للجبل‬
‫بعضِ آياته فصار دكا‪ ً،‬فكفروا بطلب الرؤية‪ ً،‬لستلزامها اللون‪ ً،‬والتركيب‪ ً،‬والتحيز‪ ً،‬والحدود‪ً،‬‬
‫ل لم يختلف‬ ‫والحلول‪ ً،‬وذلك كله يستلزم الحدوث‪ ً،‬وذلك كله محال على ال‪ ً،‬وإذا كان ذلك مستلزما عق ل‬
‫دنيا وأخرى‪ ً،‬فالرؤية محال دنيا وأخرى‪ .‬ول باليمان‪ ً،‬والكفر‪ ً،‬والنبوة‪ ً،‬وعدمها"‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [153‬من سورة النساء‪} :‬ميهسمأليمك أمههيل ٱهلركمتارب مأن يتمنيزمل معملهيرههم ركمتابا يممن ٱلرسممآرء‬
‫صارعمقية مفمقايلوا مأرمنا الم‬ ‫مفمقهد مسمأيلوها يمومسـى أمهكمبمر رمن ـذرلمك مفمقالييوها أمررمنا ٱلرلمه مجههمرلة{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪} :‬مفمأمخمذهتيهيم ال ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مجههمرفة{ُ إذ سألوا رؤية ال مجرل ومعل الموجبة للتشبيه ‪...‬وقالت الشعرية‪ :‬الصاعقة إنما هى من أجل‬
‫امتناعهم من اليمان بما وجب إيمانه إل بشرط الرؤية‪ ً،‬ل من أجل طلب الرؤية‪ .‬وهو خلف ظاهر‬
‫الية‪ ً،‬مع أن الرؤية توجب التحيز‪ ً،‬والجهات‪ ً،‬والتركيب‪ ً،‬والحلول‪ ً،‬واللون‪ ً،‬وغير ذلك من صفات‬
‫صامر{ُ‪ .‬والشعرية لما يأفحموا‬ ‫صاير مويهمو ييهدرريك ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫الخلقا‪ .‬ويدل لما قلته قوله تعالى‪ } :‬ر‬
‫قالوا‪ :‬بل كيف‪ .‬وحديث الرؤية ‪ -‬إن صح ‪ -‬فمعناه‪ :‬يزدادون يقينا بحضور ما وعد ال فى الخرة‪ً،‬‬
‫فل يشكون فى وجود ال وكمال صدقه‪ ً،‬وقدرته‪ ً،‬كما ل يشكون فى البدر"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) أفعال العباد (‬

‫ل نراه‬ ‫وإذا كان المؤلف يتأثر بآراء المعتزلة أحيانا‪ ً،‬فإنه ييصيرح بمخالفتهم فى بعضِ المسائل‪ ً،‬فمث ل‬
‫يقرر‪ :‬أن فعال العباد كلها بإرادة ال تعالى وأن العبد ل يخلقا أفعال نفسه‪ .‬ونراه يرد على المعتزلة ول‬
‫ل عندما فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [107‬من سورة النعام‪} :‬موملهو‬ ‫يرضى موقفهم من هذه المسألة‪ ً،‬فمث ل‬
‫مشآمء ٱللريه ممآ أمهشمريكوها مومما مجمعهلمنامك معلمهيرههم محرفيظا{ُ ‪...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬ولو شاء ال عدم إشراكهم بال تعالى ما‬
‫أشركوا به تعالى شيئا‪ ً،‬فالية دليل على أن إشراكهم بإرادة ال ومشيئته‪ ً،‬وفيه رد على المعتزلة فى‬
‫قولهم‪ :‬لم يرد معصية العاصى ‪ ..‬وزعموا أن المعنى‪ :‬لو شاءال لكرههم على عدم الشراك‪ ً،‬ولزم‬
‫عليهم أن يكون مغلوبا على أمره إذا يعصى ولم يرد المعصية‪ ً،‬بل أراد اليمان منهم ولم يقع ‪ -‬تعالى‬
‫ال عن ذلك ‪ -‬والحقا أن المعصية بإرادته ومشيئته‪ ً،‬مع اختيار العاصى‪ ً،‬ل جبر‪ ً،‬للذم عليها والعقاب‬
‫والنهى عنها"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [62‬من سورة الزمر‪} :‬ٱللريه مخارليقا يكـيل مشهيهَء{ُ ‪ ...‬يقول‪" :‬من‬
‫إيمان‪ ً،‬وكفر‪ ً،‬وخير‪ ً،‬وشر‪ ً،‬مما هو كائن دنيا ويأخرى"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) موقفه من المتشابه (‬

‫كذلك نجد المؤلف يقف من المتشابه موقف التأويل‪ ً،‬ويعيب على ممن يقول بالظاهر‪ ً،‬وإن فروش علمه‬
‫وكيفيته ل‪.‬‬
‫ل مأن ميهأرتمييهيم ٱللريه رفي يظلمهَل‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [210‬من سورة البقرة‪} :‬مههل مينيظيرومن إر ر‬ ‫فمث ل‬
‫ل مأن ميهأرتمييهيم ٱللريه رفي يظملهَل يممن‬ ‫ليموير{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬إر ر‬ ‫لهمير موإملى ٱلرلره يتهرمجيع ٱ ي‬
‫ضمي ٱ م‬ ‫يممن ٱهلمغممارم موٱهلم ي‬
‫لرئمكية مويق ر‬
‫ر‬
‫ل مأن متهأرتمييهيم ٱهلمملرئمكية أمهو ميهأرتمي‬ ‫ٱهلمغممام{ُ على حذف مضاف‪ :‬أيِ أمر ال‪ .‬بدليل قوله تعالى‪} :‬مههل ميهنيظيرومن إر ر‬
‫ر‬
‫أمهمير مريبمك{ُ ‪ ...‬والحاصل‪ ً،‬أن مذهبنا ومذهب هؤلء ‪ -‬يريد المعتزلة ومن وافقهم ‪ -‬تأويل الية عن‬
‫ظاهرها إلى ما يجوز وصف ال به"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [42‬من سورة المائدة‪} :‬موإرهن محمكهممت مفٱِهحيكهم مبهيمنيههم ربٱِهلرقهسرط إررن ٱلرلمه‬
‫يرحسب ٱهليمهقرسرطيمن{ُ ‪ ..‬نراه يذكر الحديث القائل‪" :‬إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة عن يمين‬
‫الرحمن‪ ً،‬وكلتا يديه يمين"‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬ويمين الرحمن عبارة عن المنزلة الرفيعة‪ ً،‬والعرب تذكر اليمين‬
‫فى المر الحسن‪ ً،‬ودل لذلك قوله‪" :‬وكلتا يديه يمين"‪ ً،‬والتأويل فى مثل ذلك هو الحقا‪ .‬وأما قول مسملف‬
‫الشعرية فى مثل ذلك‪ :‬إرنا نؤمن به وننزهه عن صفة الخلقا ونكل معناه إلى ال‪ ً،‬ونقول‪ :‬هو على‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫معنى يليقا به ‪ ...‬وكذا طوائف من المتكلمين‪ ً،‬فجمود وتعام عن الحقا"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [54‬من سورة العراف‪} :‬إررن مرربيكيم ٱللريه ٱرلرذيِ مخلممقا ٱلمسمماموارت‬
‫ضِ رفي رسرترة أمرياهَم يثرم ٱهسمتموـى معملى ٱهلمعهررش{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬واستوى‪ :‬بمعنى استولى بالملك‪ً،‬‬ ‫موٱ م‬
‫لهر م‬
‫والغلبة والقوة‪ ً،‬والتصرف في كيف شاء‪ ً،‬و "العرش"‪ :‬جسم عظيم وذلك مذهبنا ومذهب المعتزلة‪ ً،‬وأبى‬
‫المعالى وغيره من يحرذاقا المتكلمين‪ ً،‬وخص بالعرش بذكر الستيلء لعظمته"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) موقفه من تفسير الصوفية (‬

‫ونجد المؤلف يبدى رأيه فى تفسير الصوفية بصراحة تامة‪ ً،‬ويحمل على ممن ييفيسر هذا التفسير‪ ً،‬فيقول‬
‫عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة البقرة‪} :‬مومرما مرمزهقمنايههم يهنرفيقومن{ُ‪ .." :‬قيل‪ :‬ويحتمل أن‬
‫ييراد النفاقا من جميع ما رزقهم ال من أنواع الموال‪ ً،‬والعلم‪ ً،‬وقوة البدن‪ ً،‬والجاه‪ ً،‬وفصاحة اللسان‪..‬‬
‫ينفعون بذلك عيال ال سبحانه وتعالى على الوجه الجائز‪ ً،‬وقيل‪ :‬المعنى‪ :‬ومما خصصناهم به من أنوال‬
‫معرفة ال ‪ -‬مجرل ومعل ‪ -‬يفيضون‪ ..‬وهذا القول والذى قبله أظنهما للصوفية أو لمن يتصوف‪ ً،‬وليس‬
‫تفسير الصوفية عندى مقبولل إذا خالف الظاهر‪ ً،‬وكان تكلفا‪ ً،‬أو خالف يأسلوب العربية ول أعذر يمن‬
‫ييف يسر به ول أقبل شهادته‪ ً،‬وأتقرب إلى ال تعالى ببغضه والبراءة منه‪ ً،‬فإنه ولو كان فى نفسه حقا لكون‬
‫جعله معنى للية أو للحديث خطأ لنه خروج عن الظاهر وأساليب العرب التي يتخاطبون بها وتكلف‬
‫من التكلف الذى يبغضه ال‪ ً،‬فإن القولين وإن ناسبهما قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬إرن علما ل يقال به‬
‫ككنز ل يينفقا منه "الذى رواه الطبرى فى الوسط‪ ً،‬لكن ل يصحان تفسيرا للية‪ ً،‬إذ ل يبتادر ذلك ل‬
‫يجرى على أسلوب العرب والقول الخير أبعد‪ ً،‬وأنا أعد اعتقادى ذلك نورا ومعرفة أفاضها ال الرحمن‬
‫الرحيم علسى‪ .‬وقد أقبل القول الذى قبله لنه قريب من يأسلوب العرب‪ .‬قليل التكلف‪ ً،‬والصحيح أن‬
‫المراد‪ :‬النفقة الواجبة وغير الواجبة من المال‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) موقفه من الشيعة (‬

‫وصاحبنا ل ييسيلم للشيعة استدللهم على إمامة علسى بقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ ‪ ...‬بل نراه يفند‬ ‫صم‬ ‫مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫صم‬
‫لمة{ُ ‪ ...‬إلى‪} :‬مراركيعومن{ُ‬ ‫احتجاجهم بالية فيقول‪" :‬وزعم الشيعة أن‪} :‬موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫على بن أبى طالب‪ ً،‬وأن جملة }ويههم مراركيعومن{ُ حال من واو }مويهؤيتومن ٱلرزمكامة{ُ وهى مقارنة‪ً،‬‬ ‫المراد به ر‬
‫وأنه أعطى الزكاة وهو فى الصلة راكع‪ ً،‬سأل سائل وهو فى ركوع الصلة فأعطاه خاتمه فى حال‬
‫ركوعه وأراد به الزكاة‪ ً،‬وعربر عنه بالجمع تعظيما‪ ً،‬وهى دعوى بل دليل عليها والصل العموم‪ً،‬‬
‫والصل أن ل ييطلقا لفظ الجمع على المفرد‪ ً،‬ومن دعوى الشيعة أن المراد بالولى ‪ -‬فى الية ‪-‬‬
‫المتولى للمور المستحقا للتصرف فيها‪ ً،‬وأن هذه الية دليل على إمامة علسى ‪ ...‬وهذا أيضا تكلف بل‬
‫دليل"‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) رأيه فى التحيكم (‬

‫ونرى المؤلف يتأثر فى تفسيره هذا بعقيدته فى مسألة التحيكم بين علسى ومعاوية رضي ال عنهما‪ ً،‬فيفر‬
‫من اليات التى تعارضه‪ ً،‬ويمكن أن تكون مستندا لمخالفيه‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النساء‪} :‬موإرهن رخهفيتهم رشمقامقا مبهيرنرهمما مفٱِهبمعيثوها محمكما يمهن‬‫فمث ل‬
‫أمههرلره مومحمكما يمهن أمههرل مهآ{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يقول‪" :‬ول دليل فى الية على جواز التحكيم‪ ً،‬لن مسألة الحال‬
‫إنما هى ليتحققا بالمح مكمين ما قد يخفى من حال الزوجين‪ ً،‬بخلف ما إذا ظهر بطلن إحدى الفرقتين بأن‬
‫ل ل مجرد بيان الحقا"‪.‬‬ ‫ال قد حكم بقتالها‪ ً،‬وأيضا المراد هنا‪ :‬الصلح مث ل‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [10 - 9‬من سورة الحجرات‪} :‬مورإن مطآرئمفمتارن رممن ٱهليمهؤرمرنيمن ٱهقمتمتيلوها‬
‫صرليحوها مبهيمنيهمما{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬لممعلريكهم يتهرمحيمومن{ُ ‪ ..‬يقول‪ :‬والصلح بالنصح والدعاء إلى حكم ال ‪...‬‬ ‫مفمأ ه‬
‫ل يقول فى ناحية‬ ‫ثم يقول‪ :‬والصلح بالنصح والدعاء إلى حكم ال ‪ ...‬ثم يقول‪ :‬وسمع علسى رج ل‬
‫المسجد‪ :‬ل نمنعكم مساجد ال أن تذكروا فيها اسم ال‪ ً،‬ول نمنعكم الفىء ما دامت أيديكم فى أيدينا‪ ً،‬ول‬
‫نبدأكم بقتال‪ .‬قلت‪ :‬الحقا أنه إذا حكم ال بحكم فى مسألة فل حكم لحد فيها سواه‪ ً،‬فالحقا مع الرجل‪ً،‬‬
‫على أعلم عالم‪ .‬ثم قال‪ :‬قيل‪ :‬وفى الية دليل على أن البغى ل يزيل اسم مؤمن‪ ً،‬لن ال‬ ‫ولو كان ي‬
‫سماهم مؤمنين مع كونهم باغين ‪ ...‬وسماهم إخوة مؤمنين‪ ً،‬قلت‪ :‬ل دليل‪ ً،‬أما‪} :‬مورإن مطآرئمفمتارن رممن‬
‫ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ فتسميتهم فيه مؤمنين‪ :‬باعتبار ما يظهر لنا قبل ظهور البغى‪ ً،‬أما‪} :‬إررنمما اهليمهؤرمينومن إهخموفة{ُ‬
‫صرليحوا مبهيمن أممخموهييكهم{ُ فى معنى‬ ‫فتسميتهم فيه مؤمنين إخوة‪ :‬باعتبار ما ظهر لنا قبل البغى‪ ً،‬فقوله‪} :‬مفمأ ه‬
‫اهدوهم إلى الحال التى كانوا عليها قبل‪ .‬أو المراد بالمؤمن‪ :‬الموحد ل الموفى‪ ً،‬بدليل‪" :‬ل يزنى الزانى‬
‫حين يزنى وهو مؤمن‪ ً،‬ول يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"‪ .‬وأما لفظ‪ :‬آمن وإيمان‪ ً،‬فل‬
‫يختصان بالموفى"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫وعلى ومن والهما (‬ ‫ر‬ ‫العنوان ) إشادته بالخوارج وحطه من قدر عثمان‬

‫على‪ ً،‬أو عثمان‪ ً،‬أو من يلوذ بهما إل‬ ‫ثم إنه ل تكاد تأتى لذكر الخوارج إل رفع من شأنهم‪ ً،‬ول لذكر ر‬
‫ضِ من شأنهم‪ ً،‬ورماهم بكل نقيصة‪.‬‬ ‫وغ ر‬
‫ل متيكوينوها مكٱِرلرذيمن‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [106 - 105‬من سورة آل عمران‪} :‬مو م‬ ‫فمث ل‬
‫ضِ يويجوفه مومتهسموسد‬ ‫متمفرريقوها موٱهخمتمليفوها رمن مبهعرد مما مجآمءيهيم ٱهلمبيمنايت موأيهوملــرئمك مليههم معمذافب معرظيفم * ميهوم متهبمي س‬
‫يويجوفه{ُ ‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬نراه يعيب على ممن يقول من المفيسرين‪ :‬إن الذين تفررقوا واختلفوا هم ممن خرج عملى‬
‫على‪ ً،‬و }تمفرريقوها‬ ‫على عند قبوله التحكيم‪ ً،‬ويقول‪ :‬إن أمر الحمكمين لم يكن حين نزلت الية‪ ً،‬بل فى إمارة ر‬ ‫ر‬
‫موٱهخمتمليفوها{ُ صيغتان ماضويتان‪ ً،‬ول دليل على صرفها للستقبال‪ ً،‬ول على التعيين لمن ذكر‪ ً،‬بل درلت‬
‫ضِ وجوههم‪ ً،‬فممن خالفهم فهو داخل فى قوله‬ ‫الية على خلوصهم من ذلك‪ ً،‬وعلى أنهم المحقون الذين متهبمي ي‬
‫تعالى‪} :‬مفمأرما ٱرلرذيمن ٱهسموردهت يويجويهيههم أمهكمفهريتهم مبهعمد رإيممارنيكهم مفيذويقوها ٱهلمعمذامب ربمما يكهنيتهم متهكيفيرومن{ُ ‪ ..‬وهو يعم كل‬
‫ممن كفر بعد إيمانه‪ .‬واعلم أنه قد خرج على علسى حين أذعن للحكومة صحابة كثيرون ‪ -‬رضى ال‬
‫عنهم ‪ -‬وتابعون كثيرون‪ ً،‬فترى المخالفين يذمون ويشتمون ممن خرج عنه‪ ً،‬ويلعنونه‪ ً،‬غير الصحابة‬
‫الذين خرجوا عنه‪ ً،‬والخروج واحد‪ :‬إما حقا فى حقا الجميع‪ ً،‬وإما باطل فى حقا الجميع ‪ ..‬فإذا كان حقا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل فى جنب الكل‪ ً،‬فقد استحقا‬ ‫في جنب الكل‪ ً،‬فكيف يشتمون ممن خرج عليه غير الصحابة‪ ً،‬وإن كان باط ل‬
‫الصحابة الشتم أيضا ‪ ...‬عافاهم ال‪ .‬ونرى المخالفين يروون أحاديث لم تصح عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬وقد يصح الحديث ويزيدون فيه‪ .‬وقد يصح ويؤولونه فينا وليس فينا"‪.‬‬
‫ثم سرد المؤلف بعضِ الحاديث التى حملت عليهم‪ ً،‬وردها بعدم صحتها‪ ً،‬أو بحملها على غلة الخوراج‬
‫كالصفرية‪ ً،‬أو بحملها لعى ممن قبل التحكيم‪ .‬ثم قال‪" :‬والدليل القوى على أن تلك الحاديث ليست فينا‬
‫ول فيمن اقتدينا بهم‪ ً،‬وأن الراضين بالتحكيم هم المبطلون‪ ً،‬ما رواه أبو عمر‪ ً،‬وعثمان بن خليفة‪ :‬أن‬
‫ل من تلميذ أبى موسى الشعرى ‪ -‬عبد ال بن قيس ‪ -‬لقيه بعد ما وقع فيما وقع من أمر التحكيم‪ً،‬‬ ‫رج ل‬
‫فقال له‪ :‬قف يا عبد ال بن قيس أستفتك‪ ً،‬فوقف ‪ ..‬وكان التلميذ قد حفظ عنه أنه حكى عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬سيكون فى هذه المة محمكمان ضالن يمضلن يضلن ويضل ممن اتبعهما"‬
‫قال‪ :‬فل تتبعهما وإن كنت أحدهما‪ .‬ثم قال له التلميذ‪ :‬إن صدقت فعليك لعنة ال‪ ً،‬وإن كذبت فعليك لعنة‬
‫ال‪.‬‬
‫ومعنى ذلك‪ :‬إن كانت الرواية التى رواها عن رسول ال صلى ال عليه وسلم صحيحة ثم وقع فيها‪ً،‬‬
‫فعليه لعنة ال‪ ً،‬وإن كان كاذبا على رسول ال صلى ال عليه وسلم فعليه‪ ً،‬لعنة ال‪ ً،‬لنقله الكذب عن‬
‫رسول ال‪ ً،‬ل محيص عن المرين جميعا"‪.‬‬
‫ل متنرفيروها يمعيذهبيكهم معمذابا أمرليما موميهسمتهبردهل مقهوما‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [39‬من سورة التوبة }إر ر‬
‫مغهيمريك هم{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نراه يحاول الغضِ من شأن عثمان الذى بذل ماله فى غزوة تبوك دفاعا عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وينهصرة لدين ال فيقول‪ ..." :‬وعن عمران بن حصين أن نصارى العرب‬
‫كتبت إلى هرقل‪ :‬إن هذا الرجل الذى ميردعى النبوة هلك وأصابتهم سنون فهلتكت أموالهم‪ ً،‬فبعث رج ل‬
‫ل‬
‫من عظمائهم‪ ً،‬وجرهز معه أربعين ألفا‪ ً،‬فبلغ ذلك النبى صلى ال عليه وسلم ولم يكن للناس قوة‪ ً،‬وكان‬
‫عثمان قد ج رهز عيرا إلى الشام‪ ً،‬فقال‪ :‬يا رسول ال؛ً هذه مائتا بعير بأقتابها وأحلسها‪ ً،‬ومائتا يأوقية‪ .‬قال‬
‫صاحب المواهب‪ :‬قال عمران بن حصين‪ :‬فسمعته يقول‪" :‬ل يضر عثمان ما عمل بعدها" ‪ -‬واليعههدة‬
‫على القسطلنى وعمران ‪ -‬فإن صح ذلك فمعنى ذلك‪ :‬الدعاء له بالخير‪ ً،‬ل القطع بأنه من أهل الجنة‪.‬‬
‫وعن عبد الرحمن بن سمرة‪ :‬جاء عثمان بن عفان بألف دينار فى كمه حين جرهز جيش اليعسرة‪ ً،‬فنثرها‬
‫فى حجره ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ً،-‬فرأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقلبها فى حجره ويقول‪:‬‬
‫"ما ض رر عثمان ما عمل بعد اليوم"‪ ً،‬فإن صح هذا فذلك أيضا دعاء‪ ً،‬وإنما قلت لك لخبار سوء وردت‬
‫فيه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬
‫لهخمسرريمن‬‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [103‬وما بعدها من سورة الكهف‪} :‬يقهل مههل ينمنيبيئيكم ربٱِ م‬
‫أمهعممالل{ُ ‪ ...‬اليات إلى قوله‪} :‬مذرلمك مجمزآيؤيههم مجمهرنيم ربمما مكمفيروها موٱرتمخيذيوها آميارتي مويريسرلي يهيزوا{ُ ‪ ...‬يقول‪... :‬‬
‫وزعم عل سى أنهم أهل حروراء‪ ً،‬وهم المسلمون الذين خرجوا عنه‪ ً،‬لعدم رضاهم بالتحكيم فيما كان ل فيه‬
‫حكم‪ .‬وسأله ابن الكواء فقال‪ :‬منهم حروراء‪ .‬ويسئل‪ :‬أهم مشركون؟ فقال‪ :‬ل‪ ً،‬فقال‪ :‬أمنافقون؟ فقال‪ :‬ل‪ً،‬‬
‫بل إخواننا بغوا علينا ‪ ...‬وذلك خطأ تشهد به عبارته‪ ً،‬لنه ليس النسان إل مؤمنا أو مشركا أو منافقا‪ً،‬‬
‫فإذا انتفى الشرك والنفاقا عن أهل حروراء فهم مؤمنون‪ .‬والمؤمن ل ييوصف بالبغى وهو مؤمن‪ ً،‬وممن‬
‫بغى دخل فى حدود النفاقا‪ .‬وأيضا الباغى ممن يرى التحكيم فيما كان ل فيه حكم‪ ً،‬والسافك دماء ممن لم‬
‫يتبعه على هذه الزرلة‪ .‬وأيضا أهل حروراء لم يكفروا بآيات ال‪ ً،‬ول بلقائه‪ ً،‬بل مؤمنون بآيات ال‬
‫وبالبعث‪ .‬والخسرون أعمالل قد وصفهم ال سبحانه وتعالى بكفر اليات واللقاء‪ ً،‬ولست أقول ذلك معجبا‬
‫بنفسى‪ ً،‬ول متعجبا ممن عصى‪ ً،‬بل حقا ظهر لى فصررحيت به"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صارلمحارت‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة النور‪} :‬مومعمد ٱللريه ٱرلرذيمن آممينوها رمهنيكهم مومعرميلوها ٱل ر‬
‫ضِ{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬قال المخالفون عن الضحاك‪ :‬إن الذين آمنوا هم‪ :‬أبو بكر‪ً،‬‬ ‫لمميهسمتهخرلمفرنيههم رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫وعمر‪ ً،‬وعثمان‪ ً،‬وعلسى‪ .‬وإن استخلفهم‪ :‬إمامتهم العظمى‪ ً،‬وسيأتى ما يدل على بطلن دخول عثمان‬
‫وعلسى فى ذلك ‪ ...‬ثم قال‪ :‬وفى أيام أبى بكر‪ ً،‬وعمر‪ ً،‬وعثمان‪ ً،‬وعلسى‪ .‬وبعدهم‪ ً،‬كانت الفتوح العظيمة‪ً،‬‬
‫وتمكين الدين لهله‪ ً،‬لكن ل دليل فى ذلك على إصابة عثمان وعلسى‪ .‬فإنهما وإن كانت خلفتهما برضا‬
‫الضحابة‪ ً،‬لكن ما ماتا إل وقد بردل وغريرا فسحقا ‪ ...‬كما فى أحاديث عنه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫أنهما مفتونان"‪.‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى آخر الية السابقة‪} :‬موممهن مكمفمر مبهعمد مذرلمك مفيأهوملرئمك يهيم اهلمفارسيقومن{ُ ‪ ..‬يقول‪:‬‬
‫"أقول ‪ -‬وال أعلم بغيبه ‪ -‬إن أول ممن كفر بتلك النعمة وجحد حقها‪ :‬ثمان بن عفان؛ً جعله المسلمون‬
‫على أنفسهم‪ ً،‬وأموالهم‪ ً،‬فخانهم فى كل ذلك‪ .‬زاد فى مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم وورسعه‪ً،‬‬
‫وابتاع من قوم وأبى آخرون فغصبهم‪ ً،‬فصاحوا به فسريرهم للحبس‪ ً،‬وقال‪ :‬قد فعل بكم عمر هذا فلم‬
‫تصيحوا به‪ ً،‬فكرلمه فيهم عبد ال ابن خالد بن أسيد فأطلقهم من السجن‪ ً،‬وقد جمع فى ذلك‪ :‬عصب المال‪ً،‬‬
‫لمه وهو الوليد بن يعقبة‪ .‬ونزل‪} :‬موارتيقوا رفهتمنلة{ُ بحضرة أبي‬ ‫وقذف عمر رضى ال عنه‪ .‬واستعمل أخاه ي‬
‫وعلى‪ ً،‬فقال لعثمان‪" :‬بك تفتح وبك يتمشب"‪ ً،‬وقال‬ ‫س‬ ‫بكر‪ ً،‬وعمر ‪ -‬رضى ال عنهما ‪ -‬وعثمان‪ً،‬‬
‫لعلى ‪" :‬أنت إمامها وزمامها وقائدها‪ ً،‬تمشى فيها مشى البعير فى قيده" وقال‪" :‬لضرس بعضِ الجلوس فى‬ ‫ر‬
‫نار جهنم أعظم من بجل أ يحد"‪ .‬وقال‪" :‬يثور دخانها تحت قدمى رجل يزعم أنه منى وليس منى‪ ً،‬أل إن‬ ‫ي‬
‫أوليائى المتقون" ‪ ...‬إلى آخر ما ذكره من النقائص فى حقا علسى وعثمان ‪ -‬رضى ال عنهما"‪.‬‬
‫ل أمهسمألييكهم معلمهيره أمهجرا إر ر‬
‫ل ٱهلممموردمة رفي‬ ‫وعند تفسيره لقوله فى الية ]‪ [23‬من سورة الشورى‪} :‬يقل ر‬
‫ٱهليقهرمبـى{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬فمموردة قرابته صلى ال عليه وسلم ممن ملم ييبيدل منهم ولم ييغيير‪ ً،‬مثل فاطمة‪ً،‬‬
‫وحمزة‪ ً،‬والعباس‪ ً،‬وابنه ‪ -‬رضى ال عنهم ‪ -‬واجبة" ‪ ..‬ثم ذكر روايات كثيرة فى الحث على حب آل‬
‫البيت ومموردتهم ‪ ..‬وبعدما فرغا منها قال‪" :‬لكن المراد بآله‪ :‬آله الذين لم يمبيدلوا‪ ً،‬فخرج علسى ونحوه ممن‬
‫مبردل‪ ً،‬فإنه قتل ممن قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يدخل قاتلة الجنة"‪ .‬ولم يصح عندنا معشر الباضية‬
‫رواية‪ :‬أنه لما نزلت قيل‪ :‬ممهن قرابتك الذين تجب علينا مموردتهم؟ فقال‪" :‬علسى‪ ً،‬وفاطمة‪ ً،‬وابناهما"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) هميان الزاد إلى دار المعاد ( ضمن‬
‫العنوان ) اعتداده بنفسه وحملته على جمهور المسلمين (‬

‫هذا ‪ ...‬وإن المؤلف ليفخر كثيرا فى مواضع من تفسيره بنفسه وبأهل رنهحلته‪ ً،‬ويرى أنه وحزبه أهل‬
‫اليمان الصادقا‪ ً،‬والدين القويم‪ ً،‬والتفكير السليم‪ ً،‬وأما ممن عداهم‪ :‬فضالون مضلون‪ ً،‬مبتدعون مخطئون‪.‬‬

‫ل نجده عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [170‬من سورة البقرة‪} :‬موإرمذا رقيمل لميهيم ٱرتربيعوا ممآ مأنمزمل ٱللريه‬ ‫فمث ل‬
‫مقايلوها مبهل منرتربيع ممآ أمهلمفهيمنا معملهيره آمبآمءمنآ{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪" :‬واعلم أن الحقا هو القرآن والسسرنة‪ ً،‬وما لم‬
‫يخالفهما من الثار‪ ً،‬ف ممن قام بذلك‪ .‬فهو الجماعة والسواد العظم‪ ً،‬ولو كان واحدا‪ ً،‬لنه نائب النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم والصحابة‪ ً،‬والتابعين الذين اهتدوا‪ ً،‬وكل مهتد‪ .‬وممن خالف ذلك‪ ً،‬فهو مبتدع ضال‪ً،‬‬
‫ولو كان جمهورا‪ .‬هذا ما يظهر لي بالجتهاد‪ ً،‬وكنت أقرره للتلميذ عام تسع وسبعين ومائتين وألف ‪..‬‬
‫فأصحابنا الباضية الوهبية هم الجماعة والسواد العظم وأهل السسرنة ولو كانوا أقل الناس‪ .‬لنهم‬
‫المصيبون فى أمر التوحيد‪ ً،‬وعلم الكلم‪ ً،‬والولية‪ ً،‬والبراءة‪ ً،‬والصول دون غيرهم"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [112‬من سورة هود‪} :‬مفٱِهسمترقهم مكممآ أيرمهرمت موممن متامب مممعمك{ُ ‪ ...‬الية‪ً،‬‬
‫يقول ما نصه‪" :‬واعلم يا أخى ‪ -‬رحمك ال ‪ -‬أنى استقريت هذه المذاهب المعتبرة كمذهبنا معشر‬
‫الباضية‪ ً،‬ومذهب المالكية‪ ً،‬ومذهب الشافعية‪ ً،‬ومذهب الحنفية‪ ً،‬ومذهب الحنبلية‪ ً،‬بالمنقول والمعقول‪ ً،‬فلم‬
‫أر مستقيما منها فى علم التوحيد والصفات سوى مذهبنا‪ ً،‬فإنه مستقيم خال عن التشبيه والتعطيل‪ .‬يحججه‬
‫ل تقاومها يحرجة‪ .‬ول تثبت لها‪ ً،‬والحمد ل وحده"‪.‬‬
‫هذا هو يمف يسرنا الباضى‪ ً،‬وهذا هو تفسيره الذى مله بالدفاع عن العقيدة الزائفة‪ ً،‬والتعصب للمذهب‬
‫الفاسد‪ ً،‬وهو بعد ‪ -‬كما ترى ‪ -‬ل يسلم من مجاراة المعتزلة فى بعضه عقائدهم‪ ً،‬كما لم يسلم من‬
‫ضاع الخوارج‪ ً،‬لينصروا بها مذهبهم‪ ً،‬ويمريوجوا له بين‬ ‫الحاديث الموضوعة التى جرت على ألسن يو ر‬
‫الناس‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الصوفية ( ضمن العنوان‬
‫) أصل كلمة تصوف (‬

‫وقع الختلف فى أصل هذه الكلمة "تصوف" فقيل‪ :‬إنها مشتقة من الصوف‪ ً،‬وذلك لن الصوفية خالفوا‬
‫الناس فى لبس فاخر الثياب فلبسوا الصوف تقشفا وزهدا‪ .‬وقيل‪ :‬إنه من الصفاء‪ ً،‬وذلك لصفاء قلب‬
‫صرفة التى يينسب إليها فقراء‬
‫المريد‪ ً،‬وطهارة باطنه وظاهره عن مخالفه ربه‪ .‬وقيل‪ :‬إنه مأخوذ من ال ي‬
‫صرفة‪ .‬ويرى غيرهم أنه لقب غير مشتقا‪ .‬قال القشيرى رحمه ال‪" :‬ول‬ ‫الصحابة المعروفون بأهل ال ي‬
‫يشهد لهذا السم اشتقاقا من جهة العربية‪ ً،‬ول قياس‪ ً،‬والظاهر أنه لقب‪ .‬وممن قال باشتقاقه من الصفاء‬
‫صرفة فبعيد من جهة القياس السلغوى‪ .‬قال‪ :‬وكذلك من الصوف‪ ً،‬لنهم لم ييختصوا به"‪.‬‬ ‫أو من ال ي‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الصوفية ( ضمن العنوان‬
‫) معنى التصوف (‬

‫وأما معنى التصوف ‪ ..‬فقيل‪" :‬هو إرسال النفس مع ال على ما يريده"‪.‬‬


‫وقيل‪" :‬هو مناجاة القلب ومحادثة الروح‪ ً،‬وفى هذه المناجاة يطهرة لمن شاء أن يتطهر‪ ً،‬وصفاء لمن أراد‬
‫التبرؤ من الررجس والدنس‪ ً،‬وفى تلك المحادثة عروج إلى سماء النور والملئكة‪ ً،‬وصعود إلى عاملم‬
‫الفيضِ واللهام‪ ً،‬وما هذا الحديث والنجوى إل ضرب من التأمل‪ ً،‬والنظر‪ ً،‬والتدبر فى ملكوت السموات‬
‫والرضِ‪ .‬مبهيد أن الجسم والنفس متلزمان وتوأمان ل ينفصلن‪ ً،‬ول سبيل إلى تهذيب أحدهما بدون‬
‫الخر‪ .‬فممن شاء لنفسه صفالء ورفعة فل بد له أن يتبرأ عن الشهوات وملذات البدن ‪ ..‬فالتصوف إذن‪:‬‬
‫فكر‪ ً،‬وعمل‪ ً،‬ودراسة‪ ً،‬وسلوك"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الصوفية ( ضمن العنوان‬
‫) نشأة التصوف وتطوره (‬

‫والتصوف بهذا المعنى موجود منذ الصدر الول للسلم‪ ً،‬فكثير من الصحابة كانوا معرضين عن الدنيا‬
‫ومتاعها‪ ً،‬آخذين أنفسهم بالزهد والتقشف‪ ً،‬مبالغين فى العبادة‪ ً،‬فكان منهم ممن يقوم الليل ويصوم النهار‪ً،‬‬
‫ومنهم ممن يشد الحجر على بطنه تربية لنفسه وتهذيبا لروحه‪ ً،‬غير أنهم لم ييعرفوا فى زمنهم باسم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصوفية‪ ً،‬وإنما اشتهر بهذا اللقب فيما بعد ممن يعرفوا بالزهد والتفانى فى طاعة ال تعالى‪ ً،‬وكان هذا‬
‫الشتهار فى القرن الثانى الهجرى‪ ً،‬وأول من يسيمى بالصوفى‪ :‬أبو هاشم الصوفى المتوفى سنة ‪150‬‬
‫هـ )خمسين ومائة من الهجرة(‪.‬‬
‫وفى هذا القرن وما بعده تورلدت بعضِ البحاث الصوفية‪ ً،‬وظهرت تعاليم القوم ونظرياتهم التى‬
‫تواضعوا عليها‪ ً،‬وأخذت هذه البحاث تنمو وتتزايد كلما تقادم العهد عليها‪ .‬وبمقدار ما اقتبسه القوم من‬
‫المحيط العلمى الذى يعيشون فيه تطورت هذه البحاث والنظريات‪.‬‬
‫ولقد استفاد المتصوفة من الفلسفة والمتكلمين والفقهاء ما كان له الثر الكبر فى هذا التطور الصوفى‪ً،‬‬
‫غير أنهم أخذوا من الفلسفة بحظ وافر‪ ً،‬بل وكرونوا فلسفة خاصة بهم‪ ً،‬حتى أصبحنا نرى بينهم رجا ل‬
‫ل‬
‫أشبه بالفلسفة منهم بالمتصوفة‪ ً،‬وأصبحنا نرى بعضهم يدين بمسائل فلسفية ل تتفقا ومبادئ الشريعة‪ً،‬‬
‫مما أثار عليهم جمهور أهل السسرنة‪ ً،‬وجعلهم يحاربون التصوف الفلسفى‪ ً،‬ويؤيدون التصوف الذى يدور‬
‫حول الزهد‪ ً،‬والتقشف‪ ً،‬وتربية النفس‪ ً،‬وإصلحها ‪ ..‬وما زال أهل السسرنة يحاربون التصوف الفلسفى‬
‫حتى كادوا يقضون عليه فى نهاية القرن السابع الهجرى‪.‬‬
‫ومن ذلك الوقت دخل فى التصوف رجال من غير أهله‪ ً،‬تظاهروا بالورع والطاعة‪ ً،‬وتحرلوا بالزهد‬
‫لميين يشرفون على الطريقا‪ ً،‬ويتولون تربية‬ ‫الكاذب والتقشف المصطنع‪ ً،‬فأصبحنا نرى بعضِ الجهلء ا ي‬
‫التباع والمريدين‪ ً،‬ووقفت التعاليم الصوفية عند دائرة محدودة‪ ً،‬هى دائرة الوراد والذكار‪ ً،‬وإن تعدتها‬
‫قل أكثر من بعضِ البحاث الضيقة فى الفقه والتفسير والحديث‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الصوفية ( ضمن العنوان‬
‫) أقسام التصوف (‬

‫مما تقدم يتضح لنا أن التصوف ينقسم إلى قسمين أساسيين‪:‬‬


‫تصوف نظرى‪ :‬وهو التصوف الذى يقوم على البحث والدراسة‪.‬‬
‫وتصوف عملى‪ :‬وهو التصوف الذى يقوم على التقشف والزهد والتفانى فى طاعة ال‪ .‬وكل من‬
‫القسمين كان له أثره فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬مما جعل التفسير الصوفى ينقسم أيضا إلى قسمين‪ :‬تفسير‬
‫صوفى نظرى‪ ً،‬وتفسير صوفى فيضى أو إشارى ‪ ...‬وسنتكلم على كل قسم منهما بما يفتح ال به‬
‫ويوفقا إليه‪:‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) ابن عربى شيخْ هذه الطريقة (‬

‫ونستطيع أن نعتبر الستاذ الكبر محيى الدين بن عربى شيخْ هذه الطريقة فى التفسير‪ ً،‬إذ أنه أظهر ممن‬
‫مخ رب فيها ووضع‪ ً،‬وأكثر أصحابه معالجة للقرآن على طريقة التصوف النظرى‪ ً،‬وإن كان له من التفسير‬
‫الشارى ما يجعله فى عداد المفيسرين الشاريين إن لم يكن شيخهم أيضا‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) تأثر ابن عربى بالنظريات الفلسفية (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫نقرأ لبن عربى فى الكتب التى يمشك فى نسبتها إليه‪ ً،‬كالتفسير المشهور باسمه‪ ً،‬وفى الكتب التى يتنسب‬
‫إليه على الحقيقة كالفتوحات المكية‪ ً،‬والفصوص‪ ً،‬فنراه يطبقا كثيرا من اليات القرآنية على نظرياته‬
‫الصوفية الفلسفية‪.‬‬
‫ل ييفيسر بعضِ اليات بما يتفقا والنظريات الفلسفية الكونية‪ ً،‬فعند قوله تعالى فى الية ]‪ [57‬من‬ ‫فمث ل‬
‫سورة مريم فى شأن إدريس عليه السلم‪} :‬مومرمفهعمنايه مممكانا معرلسيا{ُ ‪ ...‬نجده يقول‪" :‬وأعلى المكنة المكان‬
‫الذى تدور عليه رحى عاملم الفلك‪ ً،‬وهو فلك الشمس‪ ً،‬وفيه مقام روحانية إدريس‪ ً،‬وتحته سبعة أفلك‪ً،‬‬
‫وفوقه سبعة أفلك‪ ً،‬وهو الخامس عشر"‪.‬‬
‫ثم ذكر الفلك التى تحته‪ ً،‬والتى فوقه‪ ً،‬ثم قال‪" :‬وأما علو المكانة فهو لنا ‪ -‬أعنى المحمدين ‪ -‬كما قال‬
‫لهعملهومن موٱللريه مممعيكهم{ُ فى هذا العلو‪ ً،‬وهو يتعالى عن المكان ل عن المكانة"‪.‬‬ ‫تعالى‪} :‬مومأنيتيم ٱ م‬
‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [87‬وما بعدها من سورة البقرة‪} :‬مولممقهد آمتهيمنا يمومسـى ٱهلركمتامب مومقرفهيمنا رمن مبهعردره‬
‫ل ميهعلميمومن{ُ يقول‪ ..." :‬والظاهر أن جبرائيل هو العقل الفرعال‪ ً،‬وميكائيل‬ ‫ربٱِلسريسرل{ُ ‪ ....‬إلى قوله‪} :‬مكمأرنيههم م‬
‫هو روح الفلك السادس وعقله المفيضِ للنفس النباتية الكلية الموكلة لرزاقا العباد‪ ً،‬وإسرافيل هو روح‬
‫الفلك الرابع وعقله المفيضِ للنفس الحيوانية الكلية الموكلة بالحيوانات‪ ً،‬وعمزرائيل هو روح الفلك‬
‫السابع الموكل بالرواح النسانية كلها يقبضها بنفسه أو بالوسائط التى هى أعوانه ويسلمها إلى ال‬
‫تعالى"‪.‬‬
‫ل‬‫وعند قوله تعالى فى اليتين ]‪ [20 - 19‬من سورة الرحمن‪} :‬مممرمج ٱهلمبهحمرهيرن ميهلمترقميارن * مبهيمنيهمما مبهرمزفخ ر‬
‫لجاج‪ ً،‬وبحر الروح المجرد‬ ‫ميهبرغميان{ُ ‪ ...‬يقول‪} :‬مممرمج ٱهلمبهحمرهين{ُ بحر الهيولى الجسمانية الذى هو الملح ا ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ف‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫الذى هو العذب الفرات‪} ً،‬ميلترقميارن{ُ فى الوجود النسانى‪} ً،‬مبهيمنيهمما مبهرزخ{ُ هو النفس الحيوانية التى ليست‬‫ي‬
‫ل ميهبرغميارن{ُ ل يتجاوز‬ ‫فى صفاء الروح المجرردة ولطافتها‪ ً،‬ول فى كثرة الجساد الهيولنية وكثافتها‪ } ً،‬ر‬
‫أحدهما حده فيغلب على الخر بخاصيته‪ ً،‬فل الروح يجرد البدن ويخرج به ويجعله من جنسه‪ ً،‬ول‬
‫البدن يجسد الروح ويجعله ماديا ‪ ...‬سبحان خالقا الخلقا القادر على ما يشاء"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) تأثره فى تفسيره بنظرية وحدة الوجود (‬

‫كذلك نرى ابن عربى يتأثر فى تفسيره للقرآن بنظرية وحدة الوجود‪ ً،‬التى هى أهم النظريات التى بنى‬
‫عليها تصوفه‪ ً،‬فنراه فى كثير من الحيان يشرح اليات على وفقا هذه النظرية‪ ً،‬حتى إنه ليخرج بالية‬
‫عن مدلولها الذى أراده ال تعالى‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى أول سورة النساء‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنايس ٱرتيقوها مرربيكيم ٱرلرذيِ مخلممقيكهم يمن رنهفهَس‬
‫فمث ل‬
‫موارحمدهَة{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪} :‬ٱرتيقوها مرربيكيم{ُ اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم‪ ً،‬واجعلوا ما بطن منكم ‪-‬‬
‫وهو ربكم ‪ -‬وقاية لكم‪ ً،‬فإن المر ذم وحمد‪ ً،‬فكونوا وقايته فى الذم‪ ً،‬واجعلوه وقايتكم فى الحمد تكونوا‬
‫أدباء عالمين"‪.‬‬
‫وفى تفسيره لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [30 - 29‬من سورة الفجر‪} :‬مفٱِهديخرلي رفي رعمبارديِ * موٱهديخرلي مجرنرتي{ُ‬
‫‪ ..‬يقول‪} :‬موٱهديخرلي مجرنرتي{ُ التى هى سترى‪ ً،‬وليست جنتى سواك‪ ً،‬فأنت تسترنى بذاتك النسانية فل‬
‫يأعرف إل بك‪ ً،‬كما أنك ل تكون إل بى‪ ً،‬فممن عرفك عرفنى‪ ً،‬وأنا ل يأعرف فأنت ل يتعرف‪ ً،‬فإذا دخلت‬
‫جنته دخلت نفسك‪ ً،‬فتعرف نفسك معرفة يأخرى‪ ً،‬غير المعرفة التى عرفتها حين عرفمت ربك بمعرفتك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إياها‪ ً،‬فتكون صاحب معرفتين‪ :‬معرفة به من حيث أنت‪ ً،‬ومعرفة به من حيث أنت‪ ً،‬ومعرفة به بك من‬
‫حيث هو ل من حيث أنت‪ ً،‬فأنت عبد رأيمت ربا‪ ً،‬وأنت رب لمن له فيه أنت عبد‪ ً،‬وأنت رب وأنت عبد‬
‫لمن له فى الخطاب عهد" ‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫ل{ُ ‪ ...‬يقول‪" :‬أى شيئا‬ ‫وفى سورة آل عمران عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[191‬مرربمنآ مما مخملهقمت مهذا مبارط ل‬
‫غيرك‪ ً،‬فإن غير الحقا هو الباطل‪ ً،‬بل جعلته أسماءك ومظاهر صفاتك‪} ً،‬يسهبمحامنمك{ُ ننزهك أن ييوجد‬
‫غيرك‪ ً،‬أى ييقاررن شىء فردانيتك يمثرنى وحدانيتك"‪.‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى اليتين ]‪ [10 - 9‬من سورة الشمس‪} :‬مقهد أمهفملمح ممن مزركامها * مومقهد مخامب ممن‬ ‫ومث ل‬
‫مدرسا مها{ُ ‪ ...‬يقول‪" :‬تحقيقا هذا الذكر أن النفس ل تزكو إل بربها‪ ً،‬فيه تشريف وتعظيم فى ذاتها‪ ً،‬لن‬
‫الزكاة ربو‪ ً،‬فمن كان الحقا سمعه وبصره وجميع قواه‪ ً،‬والصورة فى الشاهد صورة خلقا‪ ً،‬فقد زكت‬
‫نفس ممن هذا نعته‪ ً،‬وربت وأنبتت من كل زوج بهيج‪ ً،‬كالسماء اللهية ل‪ .‬والخلقا كله بهذا النعت فى‬
‫نفس المر‪ ً،‬ولول أنه هكذا فى نفس المر ما صح بصورة الخلقا ظهور ول وجود‪ ً،‬ولذلك خاب ممن‬
‫درساها‪ ً،‬لنه جهل ذلك فتخيل أنه درسها فى هذا النعت‪ ً،‬وما علم أن هذا النعت لنفسه نعت ذاتى ل ينفك‬
‫عنه ويستحيل زواله‪ .‬لذلك وصفه بالخيبة حيث لم يعلم هذا‪ ً،‬ولذلك قال‪} :‬مقهد أمهفلممح{ُ ففرضِ له البقاء‪ً،‬‬
‫والبقاء ليس إل ل‪ ً،‬أو لما كان عند ال‪ ً،‬وما مثرم إل ال‪ ً،‬أو ما هو عنده‪ ً،‬فخزائنه غير نافدة‪ ً،‬فليس إل‬
‫صور تعقب صورا"‪.‬‬
‫وغير هذا كثير من قسر اليات وإخضاعها لنظرية وحدة الوجود التى يدين بها ابن عربى‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) قياسه الغائب على الشاهد (‬

‫ل‬‫كذلك نجد ابن عربى يفهم بعضِ النصوص القرآنية فهما خياليا منتزعا من المشاهد المحسوس‪ ً،‬فمث ل‬
‫لنمسامن * معلرمميه‬ ‫عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سروة الرحمن‪} :‬ٱلررهحممــين * معلرم ٱهليقهرآمن * مخلممقا ٱ ر‬
‫ضمع ٱهلرميمزامن * أم ر‬
‫ل‬ ‫ٱلمبميامن * ٱلرشهميس موٱهلمقممير ربيحهسمباهَن *موٱلرنهجيم موٱلرشمجير ميهسيجمدارن * موٱلرسممآمء مرمفمعمها مومو م‬
‫ل يتهخرسيروها ٱهلرميمزامن{ُ‪ .‬يقول ما نصه‪} :‬ٱلررهحممــين * معلرم‬ ‫متهطمغهوها رفي ٱهلرميمزارن * موأمرقييموها ٱهلموهزمن ربٱِهلرقهسرط مو م‬
‫لنمسامن{ُ فعرين له الصنف المنرزل عليه‪} ً،‬معلرمميه ٱلمبميامن{ُ أى نرزل له‬ ‫ٱهليقهرآمن{ُ على أيِ قلب نزل‪} ً،‬مخلممقا ٱ ر‬
‫البيان‪ ً،‬فأبان عن المراد الذى فى الغيب‪} ً،‬ٱلرشهميس موٱهلمقممير ربيحهسمباهَن{ُ ميزان حركات الفلك‪} ً،‬موٱلرنهجيم‬
‫موٱلرشمجير ميهسيجمدا رن{ُ لهذا الميزان‪ ً،‬أى من أجل هذا الميزان‪ ً،‬فمنه ذو ساقا وهو الشجر‪ ً،‬ومنه ما ل طاقا‬
‫ضمع ٱهلرميمزامن{ُ ليزن به‬ ‫له وهو النجم‪ ً،‬فاختلفت السجدتان‪} ً،‬موٱلرسممآمء مرمفمعمها{ُ وهى قبة الميزان‪} ً،‬مومو م‬
‫ل متهطمغهوها رفي ٱهلرميمزارن{ُ بالفراط والتفريط من أجل الخسران‪} ً،‬موأمرقييموها ٱهلموهزمن ربٱِهلرقهسرط{ُ مثل‬ ‫الثقلن‪} ً،‬أم ر‬
‫ل يتهخرسيروها ٱهلرميمزامن{ُ أى ل تفرطوا بترجيح إحدى‬ ‫اعتدال نشأة النسان‪ ً،‬إذ النسان لسان الميزان‪} ً،‬مو م‬
‫ضيع ٱهلممموارزيمن ٱهلرقهسمط{ُ ‪ ..‬فاعلم أنه‪ ً،‬ما من صنعة ول مرتبة ول‬ ‫الكفتين إل بالفضل‪ .‬وقال تعالى‪} :‬مومن م‬
‫ل‪ ً،‬فللمعانى ميزان بيد العقل ييسمى المنطقا‪ ً،‬يحتوى على‬ ‫حال ول مقام إل والوزن حاكم عليه علما وعم ل‬
‫كرفتين يتسمى المقدمتين‪ ً،‬وللكلم ميزان ييسمى النحو ييوزن به اللفاظ لتحقيقا المعانى التى تدل عليه ألفاظ‬
‫ذلك اليلسان‪ ً،‬ولكل ذى لسان ميزان وهو المقدار المعلوم الذى قرنه ال بإنزال الرزاقا فقال‪} :‬مومما ينمنيزلييه‬
‫ل ربمقمدهَر رمهعيلوهَم{ُ‪} ً،‬مولمــركن يمنيزيل ربمقمدهَر رما ميمشآيء{ُ ‪ ..‬وقد خلقا جسد النسان على صورة الميزان‪ ً،‬وجعل‬ ‫إر ر‬
‫كرفتيه‪ :‬يمينه وشماله‪ ً،‬قائمة ذاته‪ .‬فهو لى جانب مال‪ ً،‬وقرن ال السعادة باليمين‪ ً،‬وقرن الشقاء بالشمال‪ً،‬‬
‫صمف بالثقل والخفة‪ ً،‬ليجمع بين الميزان‬ ‫وجعل الميزان الذى يوزن بالعمال على شكل المقربان‪ ً،‬ولها يو ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫العددى وهو قوله تعالى‪} :‬ربيحهسمباهَن{ُ‪ ً،‬وبين ما يوزن بالرطل‪ ً،‬وذلك ل يكون إل فى المقربان‪ ً،‬فلذلك لم يعسين‬
‫الكرفتين‪ ً،‬بل قال‪} :‬مفمأرما ممن مثيقلمهت ممموارزيينيه{ُ فى حقا السعداء‪} ً،‬موأمرما ممهن مخرفهت ممموارزيينيه{ُ فى حقا الشقياء‪ً،‬‬
‫ولو كان ميزان الكفتين لقال‪ :‬وأما ممن ثقلت كرفة حسناته فهو كذا‪ ً،‬وأما ممن ثقلت كرفة سيئاته فهو كذا‪.‬‬
‫وإنما جعل ميزان الثقل هو معهين ميزان الخفة كصورة المقربان‪ ً،‬ولو كان ذا كرفتين لوصف كرفة السيئات‬
‫بالثقل أيضا إذا رجحت على الحسنات‪ ً،‬وما وصفها قط إل بالخفة فعرفنا أن الميزان على شكل‬
‫المقربان ‪."..‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) إخضاععه قواعد النحو لنظراته الصوفية (‬

‫وكذلك يخضع ابن عربى التفسير الصوفى النظرى إلى القواعد النحوية‪ ً،‬أحيانا‪ ً،‬ولكنه خضوع يكيفه‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى‬ ‫الصوفى على حسب ما يرضى روحه ويوافقا ذوقه‪ ً،‬فنجد ابن عربى مث ل‬
‫الية ]‪ [30‬من سورة الحج‪} :‬موممن يمعيظهم يحيرممارت ٱلرلره مفيهمو مخهيفر لريه رعنمد مريبره{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬وقوله‪} :‬رعنمد مريبره{ُ‬
‫العامل فى هذا الظرف فى طريقنا قوله‪} :‬موممن يمعيظهم{ُ‪ ً،‬أيِ ممن يعظمها عند ربه‪ ً،‬أى فى ذلك الموطن‪ً،‬‬
‫صيلى يناجى ربه‪ ً،‬فإذا‬ ‫فلتبحث فى المواطن التى تكون فيها عند ربك ما هى؟ ‪ ..‬كالصلة مث ل‬
‫ل‪ ً،‬فإن اليم م‬
‫عرظم يحرمة ال فى هذا الموطن كان خيرا له ‪ ..‬والمؤمن إذا نام على طهارة فروحه عند ربه‪ ً،‬فيمعيظم‬
‫هناك يحرمة ال‪ ً،‬فيكون الخير الذى له فى مثل هذا الموطن المبشرة التى تحصل له فى نومه أو يراها‬
‫له غيره‪ .‬والمواطن التى يكون العبد فيها عند ربه كثيرة فيمعيظم فيها يحرمات ال على الشهود"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) التفسير الصوفى النظرى فى الميزان (‬

‫من هذه المثلة السابقة كلها نستطيع أن نقرر فى صراحة واطمئنان‪ :‬أن التفسير الصوفى النظرى تفسير‬
‫يخرج بالقرآن ‪ -‬فى الغالب ‪ -‬عن هدفه الذى يرمى إليه!! ‪ ..‬يقصد القرآن هدفا معينا بنصوصه وآياته‪ً،‬‬
‫ويقصد الصوفى هدفا معينا بأبحاثه ونظرياته‪ .‬وقد يكون بين الهدفين تنافر وتضاد‪ ً،‬فيأبى الصوفى إل‬
‫أن ييحيول القرآن عن هدفه ومقصده‪ ً،‬إلى ما يقصده هو ويرمى إليه‪ ً،‬وغرضه بهذا كله‪ :‬أن يروج‬
‫لتصوفه على حساب القرآن‪ ً،‬وأن يقيم نظرياته وأبحاثه على أساس من كتاب ال‪ ً،‬وبهذا الصنيع يكون‬
‫الصوفى قد خدم فلسفته التصوفية ولم يعمل للقرآن شيئا‪ ً،‬اللهم إل هذا التأويل الذى كله شر على الدين‬
‫وإلحاد فى آيات ال!!‬
‫رأينا ابن عربى يميل ببعضِ اليات إلى مذهبه القائل بوحدة الوجود‪ ً،‬ورأينا غيره كأبى يزيد البسطامى‪ً،‬‬
‫والحلج‪ ً،‬وغيرهما‪ ً،‬يسلك هذا المسلك نفسه أو قريبا منه‪ .‬ووحدة الوجود ‪ -‬عندهم ‪ -‬معناها أنه ليس‬
‫هناك إل وجود واحد كل العاملم مظاهر ومجال له‪ ً،‬فال سبحانه هو الموجود الحقا‪ ً،‬وكل ما عداه ظواهر‬
‫وأوهام‪ ً،‬ول توصف بالوجود إل بضرب من التوسع والمجاز‪ ً،‬وهذه النظرية سرت إلى بعضِ‬
‫المتصوفة عن طريقا الفلسفة‪ ً،‬وعن طريقا السماعيلة الباطنية الذين خالطوهم وأخذوا عنهم مذهبهم‬
‫القائل بحلول الله فى أئمتهم‪ ً،‬وصروروه ‪ -‬أعنى الصوفية ‪ -‬بصورة أخرى تتفقا مع مذهب الباطنية فى‬
‫الحقيقة‪ ً،‬وإن اختلفت فى الصطلح واللفاظ!‬
‫هذا المذهب الذى مخرول لمثل الحلج أن يقول‪ :‬أنا ال‪ ً،‬ولمثل ابن عربى أن يقول‪ :‬إن عجل بنى إسرائيل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أحد المظاهر التى اتخذها ال ومحرل فيها‪ ً،‬والذى جرره فيما بعد إلى القول بوحدة الديان ل فرقا بين‬
‫سماوى وغير سماوى‪ ً،‬إذ الكل يعبدون الله الواحد المتجلى فى صورهم وصور جميع المعبودات‪.‬‬
‫ل نبنى عليه أفهامنا‬ ‫ل أن نجعله أص ل‬ ‫هذا المذهب الذى ييذهب بالدين من أساسه ‪ ..‬هل يكون سائغا ومقبو ل‬
‫ليات القرآن الكريم؟ ‪ ..‬وهل يليقا بابن عربى وهو الستاذ الكبر‪ ً،‬أن ينظر من خلله إلى مثل قوله‬
‫تعالى فى اليتين ]‪ [7 - 6‬من سورة البقرة‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مكمفيروها مسموآفء معلمهيرههم أممأنمذهرمتيههم أمهم لمهم يتهنرذهريههم م‬
‫ل‬
‫صارررههم رغمشاموفة مولميههم معمذافب عرظيفم{ُ‪.‬‬ ‫يهؤرمينومن * مخمتم ٱللريه معلمـى يقيلوربههم مومعلمـى مسهمرعرههم مومعلمـى أمهب م‬
‫فيقول شارحا لهذا النص القرآنى‪" :‬يا محمد؛ً إن الذين كفروا ستروا محبتهم فى‪ ً،‬دعهم فسواء عليهم‬
‫أأنذرتهم بوعيدك الذى أرسلتك به‪ ً،‬أو لم تنذرهم ل يؤمنون بكلمك‪ ً،‬فإنهم ل يعقلون غيرى‪ ً،‬وأنت‬
‫تنذرهم بخلقى وهم ما عقلوه ول شاهدوه‪ ً،‬وكيف يؤمنون بك وقد ختمتث على قلوبهم فلم أجعل فيها‬
‫متسعا لغيرى‪ ً،‬وعلى سمعهم فل يسمعون كلما فى العاملم إل منى‪ ً،‬وعلى أبصارهم عشاوة من بهائى‬
‫عند مشاهدتى‪ ً،‬فل يبصرون سواى‪ ً،‬ولهم عذاب عظيم عندى ‪ ...‬أردهم بعد هذا المشهد السنى إلى‬
‫إنذارك وأحجبهم عنى‪ ً،‬كما فعليت بك بعد قاب قوسين أو أدنى يقهربا ‪ ..‬أنزلتك إلى ممن يسكيذبك‪ ً،‬ويرد ما‬
‫جئمت به إليه منى فى وجهك‪ ً،‬وتسمع فرى ما يضيقا له صدرك‪ ً،‬فأين ذلك الشرح الذى شاهدته فى‬
‫إسرائك؟ فهكذا أمنائى على خلقى الذين أخفيتهم رضاى عنهم"‪.‬‬
‫وهل يجدر بمثل هذا الصوفى الكبير أن يتأثر بمذهبه فى وحدة الوجود فيقول فى قوله تعالى فى الية ]‬
‫ل إرريايه{ُ‪ .." :‬فعلماء الرسوم يحملون لفظ "قضى" على‬ ‫ضـى مرسبمك أم ر‬
‫ل متهعيبيديوها إر ر‬ ‫‪ [23‬من سورة السراء‪} :‬مومق م‬
‫المر‪ ً،‬ونحن نحمله على الحكم كشفا وهو الصحيح‪ ً،‬فأنزلهم منزلة النواب الظاهر بصورة ممن استنابهم‪ً،‬‬
‫للوهية فنسبوها إليهم‪ .‬ولهذا يقضى الحقا حوائجهم إذا توسلوا بها إليه غيرة منه‬ ‫وما مثرم صورة إل ا ي‬
‫ل أمهسممآفء‬‫على المقام أن ييهتضم‪ ً،‬وإن أخطأوا فى النسبة فما أخطأوا فى المقام‪ ً،‬ولهذا قال‪} :‬إرهن رهمي إر ر‬
‫مسرمهييتيمومهآ{ُ ‪ ..‬أى أنتم قلتم عنها إنها آلهة‪ ً،‬وإل قمسسموهم‪ ً،‬فلو سموهم لقالوا‪ :‬هذا حجر‪ ً،‬أو شجر‪ ً،‬أو ما‬
‫كان‪ ً،‬فتتميز عندهم بالسمية‪ ً،‬إذا ما كل حجر يعربد ول ايترخذ إلها‪ ً،‬ول كل شجر‪ ً،‬ول كل جسم منير‪ ً،‬ول‬
‫كل حيوان‪ ً،‬فلله اليحرجة البالغة عليهم بقوله‪} :‬يقهل مسسمويههم{ُ‪..‬‬
‫وأصرح من هذا أنه لما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [163‬من سورة البقرة‪} :‬موإرلمــيهيكهم إرلمــفه موارحفد{ُ ‪..‬‬
‫قال‪" :‬إن ال تعالى خاطب فى هذه الية المسلمين‪ ً،‬والذين عبدوا غير ال يقربة إلى ال‪ ً،‬فما عبدوا إل‬
‫ل رليمقيريبومنآ إرملى ٱلرلره يزهلمفيى{ُ فأكدوا ذكر الرعرلة‪ ً،‬فقال ال لنا‪ :‬إن إلهكم والله‬ ‫ال‪ ً،‬فلما قالوا‪} :‬مما منهعيبيديههم إر ر‬
‫الذى يطلب المشرك اليقربة إليه بعبادة هذا الذى أشرك به واحد‪ ً،‬كأنكم ما اختلفتم فى أحديته ‪ ..‬فقال‪:‬‬
‫}موإرملــيهيكهم{ُ فجمعنا وإياهم إله واحد‪ ً،‬فما أشركوا إل بسببه فيما أعطاهم نظرهم‪ .‬وممن قصد من أجل أمر‬
‫ما فذلك المر على الحقيقة هو المقصود ل ممن ظهر أنه قصد‪ ً،‬كما يقال‪ :‬ممن صحبك لمر أو أحبك‬
‫لمر ورلى بانقضائه‪ ً،‬ولهذا ذكر ال أنهم يتبرأون منهم يوم القيامة‪ .‬وما أيرخذوا إل من كونهم فعلوا ذلك‬
‫من نفوسهم‪ ً،‬ل أنهم جهلوا قدر ال فى ذلك‪ ً،‬أل ترى الحقا لما علم هذا منهم كيف قال‪} :‬موإرلمــيهيكهم إرلمــفه‬
‫موارحفد{ُ؟ ونبههم فقال‪} :‬يقهل مسسمويههم{ُ فيذكرونهم بأسمائهم المخالفة أسماء ال‪ ً،‬ثم وصفهم بأنهم فى شركهم‬
‫قد ضسلوا ضللل بعيدا‪ ً،‬أو مبينا‪ ً،‬لنهم أوقعوا أنفسهم فى الحيرة‪ ً،‬لكونهم عبدوا ما نحتوا بأيديهم‪ ً،‬وعلموا‬
‫أنه ل يسمع ول يبصر ول ييغنى عنهم عن ال شيئا‪ ً،‬فهى شهادة من ال بقصور نظرهم وعقولهم‪ .‬ثم‬
‫للوهية لهم أى جعلوهم كالنرواب ل والوزراء‪ ,‬كأن‬ ‫أخبرنا ال أنه قضى أل نعبد إل إياه بما نسبوه من ا ي‬
‫ال استخلفهم‪ ً،‬ومن عادة الخليفة أن يكون فى رتبة ممن استخلفه عند المستهخملف عليه‪ ً،‬فلهذا نسبوا‬
‫للوهية لهم ابتدالء من غير نظر فيمن جعل ذلك‪ .‬وقول ممن قال‪} :‬أممجمعمل ٱلرلمهمة إرلمــها موارحدا{ُ‪ ً،‬إنما كان‬ ‫اي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫من أجل اعتقادهم فيما عبدوه أنهم آلهة دون ال المشهود له عندهم بالعظمة على الجميع‪ ً،‬فأشبه هذا‬
‫القول ما ثبت فى الشرع الصحيح من اختلف الصور فى التجيلى‪ ً،‬ومعلوم عند ممن يشاهد ذلك أن‬
‫الصورة ما هى هذه الصورة‪ ً،‬وكل صورة ل بد أن يقول المشاهد له‪ :‬إنها ال‪ .‬لكن لما كان هذا من عند‬
‫ال‪ ً،‬وذلك الخر من عندهم أنكر عليهم التحكم فى ذلك‪ ً،‬كما ثبت فى قوله تعالى‪} :‬مفمأهيمنمما يتموسلوها مفمثرم موهجيه‬
‫ٱلرلره{ُ ‪ ..‬هذا حقيقة‪ ً،‬فوجه ال موجود فى كل جهة يتورلى أحد إليها‪ ً،‬ومع هذا لو تورلى النسان فى صلته‬
‫إلى غير الكعبة مع عمله بجهة الكعبة لم يتقبل صلته‪ ً،‬لنه ما يشرع له إل استقبال هذا البيت الخاص‬
‫بهذه العبادة الخاصة‪ ً،‬فإذا تورلى فى غير هذه العبادة التى ل تصح إل بتعيين هذه الجهة الخاصة‪ ً،‬فإن ال‬
‫ل‪ ً،‬ومع‬ ‫يقبل ذلك التويلى‪ ً،‬كما أنه لو اعتقد أن كل جهة يتومدلى إليها ما فيها وجه ال لكان كافرا وجاه ل‬
‫هذا فل يجوز له أن يتعدى بالعمال حيث شرعها ال‪ ً،‬ولهذا اختلفت الشرائع‪ ً،‬فما كان محررما فى شرع‬
‫ما‪ ً،‬حلرله ال فى شرع آخر‪ ً،‬ونسخْ ذلك الحكم الول فى ذلك المحكوم عليه بحكم آخر فى معهين ذلك‬
‫المحكوم عليه‪ ً،‬قال ال تعالى‪}:‬رليكرل مجمعهلمنا رمنيكهم رشهرمعلة مورمهنمهاجا{ُ‪ ً،‬فما نسخْ من شرع واتبعه ممن اتبعضه‬
‫ضِ مفٱِهحيكهم‬ ‫بعد نسخه فذلك المسمى هوى النفس الذى قال ال فيه لخليفته داود‪} :‬إرنا مجمعهلمنامك مخرليمفلة رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬ ‫ر‬
‫ضلك معن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ل مترتربرع ٱهلمهموـى{ُ وهو ما خالف شرعك‪} ً،‬في ر‬
‫م‬ ‫مبهيمن ٱلرنارس ربٱِهلمحيقا{ُ يعنى الحقا الذى أنزلته إليك‪} ً،‬مو م‬
‫مسربيرل ٱلرلره{ُ وهو ما شرعه ال لك على الخصوص‪ .‬فإذا علمت هذا وتقرر لديك‪ ً،‬علمت أن ال إله واحد‬
‫فى كل شرع عينا‪ ً،‬وكثير صورة وكونا‪ ً،‬فإن الدلة العقلية يتسكيثره باختلفها فيه‪ ً،‬وكلها حقا ومدلولها‬
‫صدقا‪ ً،‬والتجيلى فى الصورة كثرة أيضا لختلفها‪ .‬والعين واحدة‪ ً،‬فإذا كان المر هكذا فما تصنع؟ أو‬
‫ل؟ ولهذا ل يصح الخطأ من أحد فيه‪ ً،‬وإنما الخطأ فى إثبات الغير وهو‬ ‫كيف يصح لى أن أيمخيطئ قائ ل‬
‫القول بالشريك‪ ً،‬فهذا القول بالعدم‪ ً،‬لن الشريك ليس مثرم‪ ً،‬وذلك ل يغفره ال‪ ً،‬لن الغفر الستر‪ ً،‬ول ييستر‬
‫ل ميهغرفير مأن يهشمرمك ربره{ُ‪ ً،‬لنه ل‬ ‫إل ممن له وجود‪ ً،‬والشريك عدم ييستر ‪ ..‬فهى كلمة تحقيقا‪} ً،‬إررن ٱلرلمه م‬
‫يجده‪ .‬فلو وجده لصح وكان للمغفرة معهين تتعلقا بها‪ ً،‬وما فى الوجود ممن يقبل الضداد إل العاملم من‬
‫حيث ما هو واحد‪ ً،‬وفى هذا الواحد ظهرت الضداد‪ ً،‬وما هى إل أحكام معهين الممكنات فى معهين الوجود‬
‫التى بظهورها يعرلمت السماء اللهية المتضادة وأمثالها"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أولل‪ :‬التفسير الصوفى النظرى (‬
‫ضمن العنوان ) رأينا فى التفسير الصوفى النظرى (‬

‫ورأيى الذى أدين ال عليه‪ :‬أن مثل هذا التفسير القائم على نظرية وحدة الوجود ما كان لنا أن نقبله‬
‫مهما كان قائله‪.‬‬
‫كذلك ليس لنا أن نقبل التفسير الذى يأسس على نظريات الفلسفة الذين بحثوا فى الطبيعة وما وراء‬
‫الطبيعة‪ ً،‬والذى جرى عليه ابن عربى وغيره من المتصيوفة فى تفسيرهم لبعضِ اليات القرآنية‪ .‬ل نقبله‬
‫على أنه تفسير موافقا لمراد ال تعالى ومقصوده الذى جاء القرآن من أجله‪ ً،‬وإن كنا نقبله ‪ -‬إن صح ‪-‬‬
‫على أنه مما تحتمله الية ما دام ل يعارضِ القرآن ول ينافيه‪ .‬على أن كل ما جاء من ذلك ل يعدو أن‬
‫يكون ظنيا‪ ً،‬وقد يظهر خطؤه فى يوم من اليام‪ ً،‬فكيف نحمل عليه القرآن الكريم الذى ل يأتيه الباطل‬
‫من بين يديه ول من خلفه؟‬
‫أما التفسير الذى ييبنى على قياس الغائب على الشاهد كتفسير ابن عربى لحقيقة الميزان الذى يتوزن به‬
‫العمال يوم القيامة‪ ً،‬فهذا أيضا ضرب من التخمين‪ ً،‬والتخمين ل يجوز أن يدخل فى فهم الشياء التى ل‬
‫ييتوصل إلى حقيقتها إل من طريقا السمع عن المعصوم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأما التفسير الذى ييبنى على قواعد نحوية أو بلغية‪ ً،‬فهذا إن ساعده السياقا والسباقا يقربل‪ ً،‬وإل أعرضنا‬
‫عنه‪ ً،‬وأخذنا بما يصححه النظر ويقويه الدليل‪.‬‬
‫هذا هو رأينا فى التفسير الصوفى النظرى‪ ً،‬وليس لدينا من المعاذير ما نستطيع أن نتلمسه للقوم حتى‬
‫نصحح لهم مثل هذا التفسير الذى يقوم على نظريات فاسدة تذهب بالدين من أساسه‪ .‬وإذا صح ‪ -‬وما‬
‫أرانى أرتضى ذلك ‪ -‬أن نغضِ الطرف عما قالوه فى التفسير من بيان لحقائقا الموجودات علويها‬
‫وسفليها‪ ً،‬وحقائقا الملئكة‪ ً،‬والروح‪ ً،‬والعرش‪ ً،‬والكرسى‪ ً،‬وأمثال ذلك‪ ً،‬فل يصح أن نغضِ الطرف‬
‫بحال عما قالوه من التفسير المبنى على وحدة الوجود‪ .‬وإذا أمكننا ‪ -‬على كره ‪ -‬أن نتسامح فى بعضِ‬
‫عبارات شديدة جرى بها لسان صوفى أخذه الموجد‪ ً،‬وارتفع به الحال‪ ً،‬وغاب عن نفسه‪ ً،‬وشاهد ما ل‬
‫نشاهد‪ ً،‬فقال فى لحظة نسى فيها نفسه فلم ير إل ال‪ :‬أنا الحقا‪ ً،‬أو أنا ال‪ ً،‬فليس فى مقدورنا أن نتسامح‬
‫فى مثل هذه التفاسير التى جرت بها ألسنة القوم وأقلمهم وهم فى حالة الهدوء النفسى‪ ً،‬يمقيدرون ما‬
‫يقولون‪ ً،‬ويشعرون بكل ما ينطقون أو يكتبون‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬ولم نسمع بأن أحدا أرلف فى التفسير الصوفى النظرى كتابا خاصا يتتبع القرآن آية آية‪ ً،‬كما أيليمف‬
‫مثل ذلك بالنسبة للتفسير الشارى‪ ً،‬وكل ما وجدناه من ذلك هو نصوص متفرقة اشتمل عليها التفسير‬
‫المنسوب إلى ابن عربى‪ ً،‬وكتاب "الفتوحات المكية" له‪ ً،‬وكتاب "الفصوص" له أيضا‪ ً،‬كما يوجد بعضِ‬
‫من ذلك فى كثير من كتب التفسير المختلفة المشارب‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) حقيقته (‬

‫التفسير الفيضى أو الشارى ‪ ..‬هو تأويل آيات القرآن الكريم على خلف ما يظهر منها بمقتضى‬
‫إشارات خفية تظهر لرباب السلوك‪ ً،‬ويمكن التطبيقا بينها وبين الظاهر المرادة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) الفرقا بينه وبين التفسير الصوفى النظرى (‬

‫وعلى هذا فالفرقا بين التفسير الصوفى الشارى والتفسير الصوفى النظرى من وجهين‪.‬‬
‫أولل‪ :‬أن التفسير الصوفى النظرى‪ ً،‬ينبنى على مقدمات علمية تنقدح فى ذهن الصوفى أو ل‬
‫ل‪ ً،‬ثم يينزل‬
‫القرآن عليها بعد ذلك‪.‬‬
‫أما التفسير الشارى ‪ ..‬فل يرتكز على مقدمات علمية‪ ً،‬بل يرتكز على رياضة روحية يأخذ بها‬
‫الصوفى نفسه حتى يصل إلى درجة تنكشف له فيها من سجف العبارات هذه الشارات القدسية‪ ً،‬وتنهل‬
‫على قلبه من يسيحب الغيب ما تحمله اليات من المعارف السبحانية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن التفسير الصوفى النظرى‪ ً،‬يرى صاحبه أنه كل ما تحتمله الية من المعانى‪ ً،‬وليس وراءه‬
‫معنى آخر يمكن أن يتحمل الية عليه ‪ ً،..‬هذا بحسب طاقته طبعا‪.‬‬
‫أما التفسير الشارى ‪ ..‬فل يرى الصوفى أنه كل ما ييراد من الية‪ ً،‬بل يرى أن هناك معنى آخر تحتمله‬
‫الية وييراد منها أولل وقبل كل شىء‪ ً،‬وذلك هو المعنى الظاهر الذى ينساقا إليه الذهن قبل غيره‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) هل للتفسير الشارى أصل شرعى؟ (‬

‫ربما يجول القارئ الكريم هذا السؤال وهو‪ :‬هل للتفسير الشارى أصل شرعى يقوم عليه‪ .‬أو هو أمر‬
‫مجرد بعد ظهور المتصوفة وذيوع طريقتهم؟ وللجواب عن هذا السؤال نقول‪:‬‬
‫لم يكن التفسير الشارى بالمر الجديد فى إبراز معانى القرآن الكريم‪ ً،‬بل هو أمر معروف من لدن‬
‫نزوله على رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬أشار إليه القرآن‪ ً،‬ونربه عليه الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ً،‬وعرفه الصحابة رضوان ال تعالى عليهم وقالوا به‪.‬‬
‫ل ميمكايدومن‬ ‫لرء ٱهلمقهورم م‬‫أما إشارة القرآن إليه‪ ً،‬ففى قوله تعالى فى الية ]‪ [78‬من سورة النساء‪} :‬مفممارل مهــيؤ ي‬
‫ميهفمقيهومن محرديثا{ُ‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [82‬منها أيضا‪} :‬أممف م‬
‫ل ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن موملهو مكامن رمهن رعنرد مغهيرر ٱلرلره‬
‫ل ميمتمدربيرومن ٱهليقهرآمن أمهم‬‫لفا مكرثيرا{ُ‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [24‬من سورة محمد عليه السلم‪} :‬أممف م‬ ‫لممومجيدوها رفيره ٱهخرت م‬
‫معلمـى يقيلوهَب أمهقمفاليمهآ{ُ فهذه اليات كلها تشير إلى أن القرآن له ظهر وبطن‪ .‬وذلك لسن ال سبحانه وتعالى‬
‫حيث ينعى على الكفار أنهم ل يكادون يفقهون حديثا‪ ً،‬ويحضهم على التدبر فى آيات القرآن الكريم ل‬
‫يريد بذلك أنهم ل يفهمون نفس الكلم‪ ً،‬أو حضهم على فهم ظاهره‪ ً،‬لن القوم عرب‪ ً،‬والقرآن لم يخرج‬
‫عن لغتهم فهم يفهمون ظاهره ول شسك‪ .‬وإنما أراد بذلك أنهم ل يفهمون عن ال مراده من الخطاب‪ً،‬‬
‫ضهم على أن يتدبروا فى آياته حتى يقفوا على مقصود ال ومراده‪ ً،‬وذلك هو الباطن الذى جهلوه‬ ‫وح ر‬
‫ولم يصلوا إليه بعقولهم‪.‬‬
‫وأما تنبيه الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فذلك فى الحديث الذى أخرجه الفريابى من رواية الحسن‬
‫ل عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬لكل آية ظهر وبطن‪ ً،‬ولكل حرف حد‪ ً،‬ولكل حد‬ ‫مرس ل‬
‫مطلع"‪ ً،‬وفى الحديث الذى أخرجه الديلمى من رواية عبد الرحمن بن عوف مرفوعا إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬القرآن تحت العرش‪ ً،‬له ظهر وبطن ييحاج العباد"‪.‬‬
‫ففى هذين الحديثين تصريح بأن القرآن له ظهر وبطن‪ .‬ولكن ما هو الظهر وما هو البطن؟ اختلف‬
‫العلماء فى بيان ذلك‪:‬‬
‫فقيل‪ :‬ظاهرها ‪ -‬أى الية ‪ -‬لفظها‪ .‬وباطنها‪ :‬تأويلها‪.‬‬
‫لمم الماضية وما عاقبهم به ظاهرها الخبار‬ ‫صها ال تعالى عن ا ي‬ ‫وقال أبو عبيدة‪ :‬إن المقصص التى ق ر‬
‫بهلك الرولين‪ ً،‬وحديث محردث به عن قوم‪ ً،‬وباطنها وعظ الخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم‪ ً،‬فيحل‬
‫بهم مثل ما حرل بهم ‪ ..‬ولكن هذا خاص بالمقصص‪ ً،‬والحديث يعم كل آية من آيات القرآن‪.‬‬
‫وحكى ابن النقيب قولل ثالثا‪ :‬وهو أن ظهرها ما ظهر من معانيها لهل العلم‪ ً،‬وبطنها ما تضمنته من‬
‫السرار التى أطلع ال عليها أهل الحقائقا‪.‬‬
‫هذا هو أشهر ما قيل فى معنى الظهر والبطن ‪ ..‬وأما قوله فى الحديث الول‪" :‬ولكل حرف حد"‪ ً،‬فمعناه‬
‫على ما قيل‪ :‬لكل حرف حد‪ ً،‬أى منتهى فيما أراد ال من معناه‪ ً،‬أو لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب‪.‬‬
‫والول أظهر‪ ً،‬وقوله‪" :‬ولكل حد مطلع"‪ ً،‬معناه على ما قيل أيضا‪ :‬لكل غامضِ من المعانى والحكام‬
‫مطلع ييتوصل به إلى معرفته ويوقف على المراد به‪ .‬وقيل‪ :‬كل ما يستحقه من الثواب والعقاب يطلع‬
‫عليه فى الخرة عند المجازاة‪ ً،‬والول أظهر أيضا‪.‬‬
‫وأما الصحابة فقد ينرقل عنهم من الخبار ما يدل على أنهم عرفوا التفسير الشارى وقالوا به‪ ً،‬أما‬
‫الروايات الدالة على أنهم يعرفون ذلك فمنها‪:‬‬
‫ما أخرجه ابن أبى الحاتم من طريقا الضرحاك عن ابن عباس أنه قال‪" :‬إن القرآن ذو شجون وفنون‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وظهور وبطون‪ ً،‬ل تنقضى عجائبه‪ ً،‬ول يتبلغ غايته‪ ً،‬فممن أوغل فيه برفقا نجا‪ ً،‬وممن أخبر فيه بعنف‬
‫هوى‪ ً،‬أخبار وأمثال‪ ً،‬وحلل وحرام‪ ً،‬وناسخْ ومنسوخ‪ ً،‬ويمحكم ومتشابه‪ ً،‬وظهر وبطن‪ ً،‬فظهره التلوة‪ً،‬‬
‫وبطنه التأويل‪ ً،‬فمجارليسوا به العلماء‪ ً،‬ومجارنيبوا به السفهاء"‪.‬‬
‫وروى عن أبى الدرداء أنه قال‪" :‬ل يفقه الرجل كل الفقه حتى يجعل للقرآن وجوها"‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود أنه قال‪" :‬ممن أراد علم الرولين والخرين فلميمثيور القرآن"‪ .‬وهذا الذى قالوه ل يحصل‬
‫بمجرد تفسير الظاهر‪.‬‬
‫وأما الروايات الدالة على أنهم فرسروا القرآن تفسيرا إشاريا‪ ً،‬فما رواه البخارى عن ابن عباس رضى ال‬
‫تعالى عنهما أنه قال‪" :‬كان عمر ييدخلنى مع أشياخ بدر‪ ً،‬فكأن بعضهم مومجمد فى نفسه فقال‪ :‬رلم يتدخل هذا‬
‫معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر‪ :‬إنه ممن حيث علمتم‪ ً،‬فدعاه ذات يوم فأدخله معهم‪ ً،‬فما رأيت أنه دعانى‬
‫صير ٱللرره موٱهلمفهتيح{ُ ‪ ..‬فقال بعضهم‪ :‬أمرنا أن‬ ‫يومئذ إل ليريهم‪ .‬قال‪ :‬ما تقولون فى قوله تعالى‪} :‬إرمذا مجآمء من ه‬
‫نحمد ال ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا‪ ً،‬وسكت بعضهم فلم يقل شيئا‪ ً،‬فقال لى‪ :‬أكذاك تقول يا ابن‬
‫عباس؟ فقلت‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فما تقول؟ قلت‪ :‬هو أجل رسول ال صلى ال عليه وسلم أعلمه له قال‪} :‬إرمذا مجآمء‬
‫صير ٱلرلره موٱهلمفهتيح{ُ وذلك علمة أجلك‪} ً،‬مفمسيبهح ربمحهمرد مريبمك موٱهسمتهغرفهريه إررنيه مكامن متروابا{ُ ‪ ..‬فقال عمر‪ :‬ما أعلم‬ ‫من ه‬
‫منها إل مما تقول"‪.‬‬
‫فبعضِ الصحابة لهم يفهم من السورة أكثر من معناها الظاهر‪ ً،‬أما ابن عباس وعمر‪ ً،‬فقد فهما معنى‬
‫آخر وراء الظاهر‪ ً،‬هو المعنى الباطن الذى تدل عليه السورة بطريقا الشارة‪.‬‬
‫وأيضا ما ورد من أنه لما نزل قوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة المائدة‪} :‬ٱهلميهوم أمهكممهليت مليكهم رديمنيكهم‬
‫لهسـلمم ردينا{ُ ‪ ..‬فرح الصحابة وبكى عمر رضى ال تعالى عنه‬ ‫موأمهتممهميت معلمهييكهم رنهعمرتي مومر ر‬
‫ضييت لميكيم ٱ ر‬
‫وقال‪ :‬ما بعد الكمال إل النقص‪ ً،‬مستشعرا نعيه عليه الصلة والسلم‪ ً،‬فقد أخرج ابن أبى شيبة‪" :‬أن‬
‫عمر رضى ال تعالى عنه لما نزلت الية بكى‪ ً،‬فقال النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬ما يبكيك"؟ قال‪:‬‬
‫أبكانى أرنا كنا فى زيادة من ديننا‪ ً،‬فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شئ قط إل نقص‪ ً،‬فقال عليه الصلة‬
‫والسلم‪" :‬صدقت"‪.‬‬
‫فعمر رضى ال عنه أدرك المعنى الشارى‪ :‬وهو نعى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وأقرره النبى‬
‫على فهمه هذا ‪ ..‬وأما باقى الصحابة‪ ً،‬فقد فرحوا بنزول الية‪ ً،‬لنهم لم يفهموا أكثر من المعنى الظاهر‬
‫لها‪.‬‬
‫هذه الدلة مجتمعة تعطينا أن القرآن الكريم له ظهر وبطن ‪ ..‬ظهر يفهمه كل ممن يعرف اليلسان‬
‫العربى ‪ ..‬وبطن يفهمه أصحاب الموهبة وأرباب البصائر‪ .‬غير أن المعانى الباطنية للقرآن ل تقف عند‬
‫الحد الذى تصل إليه مداركنا القاصرة‪ ً،‬بل هى أمر فوقا ما نظن وأعظم مما نتصور‪ .‬ولقد فهم ابن‬
‫مسعود أن فى فهم معانى القرآن مجالل رحبا ومتسعا بالغا فقال‪" :‬ممن أراد علم الرولين والخرين فليمثيور‬
‫القرآن" وإلى هذا أشار ال تعالى بقوله‪} :‬رما مفررهطمنا رفي ٱلركمتارب رمن مشهيهَء{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬مما مكامن محرديثا يهفمتمرـى‬
‫صيمل يكيل مشهيهَء{ُ‪.‬‬ ‫صرديمقا ٱرلرذيِ مبهيمن ميمدهيره مومتهف ر‬
‫موملــركن مت ه‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) التفاوت فى إدراك المعانى الباطنة وإصابتها (‬

‫غير أن هذه المعانى المتكاثرة التى يشتمل عليها باطن القرآن لم تكن فى متناول المفيسرين جميعا‪ ً،‬كما‬
‫أنهم لم يكونوا متساوين فى القدر الذى أدركوه منها‪ ً،‬بل تفاوتوا فى ذلك بمقدار ما بينهم من تفاوت فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الخذ بالسباب‪ ً،‬كما أنهم لم يكونوا جميعا مصيبين فيما وصلوا إليه منها وأدركوه‪ ً،‬بل أصابوا فى‬
‫بعضِ منها وأخطأوا في بعضِ آخر‪ ً،‬وما أخطأوا فيه‪ :‬بعضه عن جهل‪ ً،‬وبعضه عن تعمد خبيث ونية‬
‫سيئة‪ ً،‬فالمامية مع قولهم بالظاهر على ما به‪ ً،‬قالوا بالباطن أيضا‪ ً،‬ولكنهم تعمدوا أن ييفيسروا الباطن‬
‫على ما يتفقا وعقيدتهم الفاسدة ‪ ..‬والباطنية لم يعترفوا بظاهر القرآن واعترفوا بالباطن فقط‪ ,‬ولكنهم‬
‫أيضا تعمدوا أن ييفيسروا الباطن على ما يتفقا ونواياهم السيئة‪ ً،‬وكل الفريقين ضال مبتدع‪.‬‬
‫أما الصوفية ‪ ..‬أهل الحقيقة وأصحاب الشارة‪ ً،‬فقد اعترفوا بظاهر القرآن ولم يجحدوه‪ ً،‬كما اعترفوا‬
‫ل صالحا وآخر سيئا‪ ً،‬فبينما تجد لهم أفهاما‬‫بباطنه‪ ً،‬ولكنهم حين فرسروا المعانى الباطنة خلطوا عم ل‬
‫مقبولة سائغة‪ ً،‬تجد لهم بجوارها أفهاما ل يمكن أن يقبلها العقل أو يرضى بها الشرع‪ ً،‬ولهذا أرى أن‬
‫أستعرضِ بعضِ ما للقوم من أفهام فى التفسير‪ ً،‬ثم أحكم عليها حكما مجردا عن كل شئ إل عن الحقا‬
‫والنصاف‪ ً،‬ثم بعد هذا أذكر شروط التفسير الشارى‪ ً،‬وهى الشروط التى إذا توافرت فيه جاز لنا قبوله‬
‫والخذ به‪ ً،‬وإل أسقطناه ورفضناه مهما كان لقائله من المكانة فى نفوسنا أو فى نفوس القوم‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) التفسير الشارى فى الميزان (‬

‫قلنا‪ :‬إن القرآن له ظهر وبطن‪ ً،‬وذكرنا لك أهم القوال فى معنى الظاهر والباطن‪ ً،‬ومهما يكن من شىء‬
‫فإن ظاهر القرآن ‪ -‬وهو المنرزل بلسان عربى مبين ‪ -‬هو المفهوم العربى المجررد‪ .‬وباطنه هو مراد ال‬
‫تعالى وغرضه الذى يقصد إليه من وراء اللفاظ والتراكيب‪ ً،‬هذا هو خير ما يقال فى معنى الظاهر‬
‫والباطن‪.‬‬
‫وعلى ذلك نقول‪ :‬إن كل ما كان من المعانى العربية التى ل ينبنى فهم القرآن إل عليها داخل تحت‬
‫الظاهر‪ ً،‬فالمسائل البيانية‪ ً،‬والمنازع البلغية‪ ً،‬ل معدل لها عن ظاهر القرآن‪ ً،‬فإذا فهم النسان مث ل‬
‫ل‬
‫ضييقا" فى قوله تعالى فى الية ]‪ [125‬من سورة النعام‪} :‬مفممن يرررد ٱللريه مأن ميههردمييه ميهشمرهح‬ ‫الفرقا بين " م‬
‫صرعيد رفي ٱلرسممآرء{ُ ‪ ..‬وبين "ضائقا"‬ ‫م‬
‫ضييقا محمرجا مكأرنمما مي ر‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫ضليه ميهجمعل م‬
‫صهدمريه م‬ ‫م‬ ‫لهس م‬
‫لرم موممن يررهد أن ي ر‬ ‫صهدمريه رل ر‬
‫م‬
‫م‬ ‫م‬
‫صهديرك أن‬ ‫ضآرئفقا ربره م‬ ‫م‬ ‫م‬
‫ضِ مما ييومحـى إرلهيك مو م‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫فى قوله تعالى فى الية ]‪ [12‬من سورة هود‪} :‬مفلمعلك متاررك مبهع م‬
‫ل يأنرزمل معلمهيره مكنفز أمهو مجآمء مممعيه مملمفك{ُ ‪ ..‬وعرف أن "ضييقا" صفة مشبهة دالة على الثبوت‬ ‫مييقويلوها لمهو م‬
‫والدوام فى حقا ممن ييرد ال أن يضله‪ ً،‬وأن "ضائقا" اسم فاعل يدل على الحدوث والتجدد وأنه أمر‬
‫عارضِ له صلى ال عليه وسلم‪ .‬إذا فهم النسان مثل هذا فقد حصل له فهم ظاهر القرآن‪.‬‬
‫إذن فل ييشترط فى فهم ظاهر القرآن زيادة على الجريان على اليلسان العربى‪ ً،‬وإذن كل معنى مستنمبط‬
‫من القرآن غير جار على اليلسان العربى فليس من تفسير القرآن فى شئ ‪ ..‬ل مما ييستفاد منه ول مما‬
‫ييستفاد به‪ .‬وممن اردعى فيه ذلك فهو مبطل فى دعواه‪.‬‬
‫أما المعنى الباطن‪ ً،‬فل يكفى فيه الجريان على اليلسان العربى وحده‪ .‬بل ل بد فيه مع ذلك من نور يقذفه‬
‫ال تعالى فى قلب النسان يصير به نافذ البصر سليم التفكير‪ ً،‬ومعنى هذا أن التفسير الباطن ليس أمرا‬
‫خارجا عن مدلول الرلفظ القرآنى‪ ً،‬ولهذا اشترطوا لصحة المعنى الباطن شرطين أساسيين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر فى لسان العرب بحيث يجرى على المقاصد العربية‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬أن يكون له شاهد نصا أو ظاهرا فى محل آخر يشهد لصحته من غير معارضِ‪.‬‬
‫أما الشرط الول ‪ ..‬فظاهر من قاعدة كون القرآن عربيا‪ ً،‬فإنه لو كان له فهم ل يقتضيه كلم العرب لم‬
‫يوصف بكونه عربيا بإطلقا‪ ً،‬ولنه مفهوم يلصقا بالقرآن وليس فى ألفاظه ول فى معانيه ما يدل عليه‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل‪ ً،‬إذ ليست نسبته إليه على أنه مدلوله أولى من نسبة ضده‬ ‫وما كان كذلك فل يصح أن يينسب إليه أص ل‬
‫إليه‪ .‬ول مرجح يدل على أحدهما‪ ً،‬فإثبات أحدهما متمحسكفم ومتمقسوفل على القرآن ظاهر‪ ً،‬وعند ذلك يدخل قائله‬
‫تحت إثم ممن قال فى كتاب ال بغير علم‪.‬‬
‫وأما الشرط الثانى‪ :‬فلنه إن لم يكن له شاهد فى محل آخر أو كان وله معارضِ صار من جملة‬
‫الدعاوى التى يتردعى على القرآن‪ ً،‬والدعوى المجرردة عن الدليل غير مقبولة باتفاقا العلماء‪.‬‬
‫إذا توافر هذان الشرطان فى معنى من المعانى الباطنة يقربل‪ ً،‬لنه معنى باطن صحيح‪ ً،‬وإل يررفضِ رفضا‬
‫باتا‪ ً،‬لنه معنى باطن فاسد ومتمقسوفل على ال بالهوى والتشهى‪.‬‬
‫إذا عرفنا هذا كله ثم ذهبنا نستعرضِ على ضوئه أقوال القوم فى معانى القرآن الباطنة‪ ً،‬وجدنا الكثير‬
‫منها يمكن أن يكون من قبيل الباطن الصحيح‪ ً،‬وكثير منها أيضا هو من قبيل الباطن الفاسد المرفوضِ‪ً،‬‬
‫وكبرى المشاكل أن بعضها منسوب إلى رجال من أهل العلم لهم مكانة علمية ودينية فى نفوسنا‪ ً،‬بل‬
‫وبعضها منسوب إلى رجال من الصحابة‪ ً،‬وهم أعرف الناس بكتاب ال وما يحويه من المعانى‬
‫والسرار‪.‬‬
‫فمن الفهام الباطنة المنقولة عنهم ويمكن أن تكون من قبيل الباطن الصحيح المقبول‪ :‬ما جاء فى قوله‬
‫ل متهجمعيلوها لرلره مأنمدادا موأمهنيتهم متهعمليمومن{ُ ‪ ..‬من قول سهل التسترى‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [22‬من سورة البقرة‪} :‬مف م‬
‫ل متهجمعيلوها لرلره مأنمدادا{ُ أى أضدادا‪ ً،‬فأكبر الضداد‪ :‬النفس الرمارة بالسوء‪ ً،‬المتطلعة إلى حظوظها ومناها‬ ‫}مف م‬
‫بغير هدى من ال"‪.‬‬
‫صل لكان المعنى‪:‬‬ ‫فهذا القول من سهل يشير إلى أن النفس الرمارة داخلة تحت عموم النداد حتى لو ف ر‬
‫فل تجعلوا ل أندادا ل صنما‪ ً،‬ول شيطانا‪ ً،‬ول النفس‪ ً،‬ول كذا‪ ً،‬ول كذا ‪ ..‬وهذا مشكل من حيث‬
‫الظاهر‪ ً،‬لن سياقا الية وما يحف بها من قرائن يدل على أن النداد مراد بها كل ما يعبد من دون ال‪ً،‬‬
‫سواء أكان صنما أم غير صنم‪ ً،‬أما النفس فلم تكن معبودة لهم‪ ً،‬ولم ييعرف أنهم اتخذوها أربابا من دون‬
‫ال‪ ً،‬ومع هذا فيمكن أن يكون لهذا التفسير وجه صحيح‪ ً،‬وبيان ذلك‪:‬‬
‫إن الناظر فى القرآن الكريم‪ ً،‬قد يأخذ من معنى الية معنى باب العتبار‪ ً،‬فييجرية فيما لم تنزل فيه‬
‫الية‪ ً،‬لنه يجامعه فى القصد أو يقاربه‪ ً،‬وسهل التسترى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬حيث قال فى الية ما قال‪ ً،‬لم‬
‫يرد أنه تفسير للية‪ ً،‬بل أتى بما هو ند فى العتبار الشرعى‪ ً،‬وذلك لن حقيقة الند‪ :‬أنه المضاد لنده‪ً،‬‬
‫الجارى على مناقضته‪ ً،‬والنفس الرمارة هذا شأنها‪ ً،‬لنها تأمر صاحبها بمراعاة حظوظها‪ ً،‬لهية أو‬
‫صاردة عن مراعاة حقوقا خالقها‪ ً،‬وهذا هو الذى يعنى به الند بالنسبة لنده‪ ً،‬لن الصنام نصبوها لهذا‬
‫المعنى بعينه‪ ً،‬وعلى هذا فل غبار على قول سهل فى الية‪ ً،‬بل وهناك ما يشهد له من الجهتين ‪ -‬جهة‬
‫حمل النداد على النفس الرمارة ‪ -‬اعتبارا‪ ً،‬وجهة كون الخطاب ‪ -‬وإن كان موجها للمشركين ‪ -‬فيه‬
‫لهل السلم نظر واعتبار‪.‬‬
‫أما ما يشهد له من الجهة الولى‪ :‬فقوله تعالى فى الية ]‪ [31‬من سورة التوبة‪} :‬ٱرتمخيذيوها أمهحمبامريههم‬
‫مويرههمبامنيههم أمهرمبابا يمن يدورن ٱلرلره{ُ ‪ ..‬وظاهر أنهم لم يعبدوهم من دون ال‪ ً،‬ولكنهم ائتمروا بأوامرهم‪ً،‬‬
‫وانتهوا عما نهوهم عنه كيف كان‪ ً،‬فما حررموا عليهم حررموه‪ ً،‬وما أباحوا لهم حرللوه‪ ً،‬وفاتهم أن المحيلل‬
‫والمحيرم هو ال‪ ً،‬فقال ال سبحانه‪} :‬ٱرتمخيذيوها أمهحمبامريههم مويرههمبامنيههم أمهرمبابا يمن يدورن ٱلرلره{ُ‪ .‬وهذا بعينه هو شأن‬
‫المتبع لهوى نفسه‪.‬‬
‫وأما ما يشهد له من الجهة الثانية‪ ً،‬فهو أن عمر بن الخطاب رضى ال عنه قال لبعضِ ممن تورسع فى‬
‫الدنيا من أهل اليمان‪ :‬أين تذهب بكم هذه الية‪} :‬أمهذمههبيتهم مطيمبارتيكهم رفى محميارتيكيم السدهنميا{ُ؟ وكان هو يعتبر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ضِ ارلرذيمن مكمفيرهوا معملى الرنارر أمهذمههبيتهم‬‫نفسه بها‪ ً،‬مع أن الية نزلت فى حقا الكفار لقوله تعالى‪} :‬موميهوم يهعمر ي‬
‫مطيمبارتيك هم{ُ ‪ ..‬الية‪ ً،‬فعمر رضى ال عنه‪ ً،‬له فى الية‪ ً،‬فعمر رضى ال عنه‪ ً،‬له فى الية نظر واعتبار‪ً،‬‬
‫فأخذ من معناها معنى أجرى الية فيه وإن لم تنزل فيه‪ ً،‬حذرا منه وخوفا أن يكون التوسع فى المباحات‬
‫سببا فى الحرمان من نعيم الخرة ومتاعها‪ ً،‬فإذا صح لعمر رضى ال عنه أن يينزل الية على‬
‫المتوسعين فى المباحات من المؤمنين ولم تنزل فيهم‪ ً،‬صرح لسهل أيضا أن يينزل الية على النفس‬
‫الرمارة وإن لم تنزل فيها كذلك‪.‬‬
‫ل متهقمرمبا مهــرذره ٱلرشمجمرمة مفمتيكومنا‬‫ومن ذلك أيضا ما جاء فى قوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة البقرة‪} :‬مو م‬
‫رممن ٱهلرظارلرمي من{ُ ‪ ..‬من قلو سهل رحمه ال‪" :‬لم يرد ال معنى الكل فى الحقيقة‪ ً،‬وإنما أراد معنى مساكنة‬
‫الهمة لشئ هو غيره ‪ ..‬أى ل تهتم بشئ هو غيرى‪ .‬قال‪ :‬فآدم عليه السلم لم يعصم من الهمة والفعل‬
‫فى الجنة‪ ً،‬فلحقه ما لحقه من أجل ذلك‪ .‬قال‪ :‬وكذلك كل من اردعى ما ليس له وساكنه قلبه ناظرا إلى‬
‫هوى نفسه‪ ً،‬لحقه الترك من ال معرز ومجرل مع ما يجربلت عليه نفسه إل أن يرحمه ال‪ ً،‬فيعصمه من تدبيره‬
‫صم عن مساكنة فلبه إلى تدبير نفسه للخلود لما يأهدرخمل‬ ‫وينصره على عدوه وعليها ‪ ..‬قال‪ :‬وآدم لم يهع م‬
‫الجنة‪ ً،‬أل ترى أن البلء دخل عليه من أجل سكون القلب إلى ما وسوست به نفسه‪ ً،‬فغلب الهوى‬
‫والشهوة العلم والعقل والبيان ونور القلب‪ ً،‬لسابقا القدر من ال تعالى‪ ً،‬كما قال عليه السلم‪" ً،‬الهوى‬
‫والشهوة يغلبان العلم والعقل"‪.‬‬
‫وبالنظر فى كلم سهل هذا نرى أنه اردعى فى الية خلف ما ذكره المفيسرون من أن المراد النهى عن‬
‫نفس الكل‪ ً،‬ل عن سكون الهمة لغير ال‪ .‬وإن كان هذا منهيا عنه أيضا‪ ً،‬لكن يمكن أن يكون لهذا الكلم‬
‫الذى قاله سهل وجه يجرى عليه‪ ً،‬وذلك أن النهى فى الية ل يصح حمله على نفس اليقهرب مجرردا‪ ً،‬إذ ل‬
‫مناسبة فيه ظاهرة‪ ً،‬ولنه لم يقل به أحد‪ ً،‬وإنما النهى عن معنى فى القرب وهو إما التناول والكل‪ .‬وإما‬
‫غيره وهو شىء ينشأ الكل عنه‪ ً،‬وذلك مساكنة الهمة‪ ً،‬فإنه الصل فى تحصيل الكل‪ ً،‬ول شك فى أن‬
‫السكون لغير ال لجلب منفعة أو دفع مفسدة منهى عنه‪.‬‬
‫فهذا التفسير له وجه ظاهر فكأنه يقول‪ :‬لم يقع النهى عن مجرد الكل من حيث هو أكل‪ ً،‬بل عما ينشأ‬
‫عنه الكل من السكون لغير ال‪ ً،‬إذ لو انتهى عما نهى ال عنه لكان ساكنا ل وحده‪ ً،‬فلما لم يفعل وسكن‬
‫إلى أمر فى الشجرة غرره به الشيطان وهو الخلود فى الجرنة‪ ً،‬أضاف ال إليه لفظ العصيان فقال فى‬
‫صـى مءامديم مرربيه مفمغموـى * يثرم ٱهجمتمبايه مرسبيه مفمتامب معلمهيره مومهمدـى{ُ‪..‬‬ ‫اليتين ]‪ [122 - 121‬من سورة طه‪} :‬مومع م‬
‫مثل هذا ‪ -‬وهو كثير فى كلم الصوفية ‪ -‬ل نعدم له وجها نحمله عليه حتى يكون تفسيرا صحيحا‬
‫ومقبو ل‬
‫ل‪.‬‬
‫ولكن هناك أقوال لهم فى التفسير الشارى يقف أمامها العقل حائرا وعاجزا عن تلمس محمل لها يتحمل‬
‫عليه حتى تبدو صحيحة وتصبح مقبولة‪ ً،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫ما يروونه عن ابن عباس أنه فرسر }آلم{ُ فقال‪" :‬اللف‪ :‬ال‪ ً،‬واللم‪ :‬جبريل‪ ً،‬والميم‪ :‬محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ...‬وأن ال أقسم بنفسه وجبريل ومحمد عليهما السلم"‪.‬‬
‫وهذا إن صح نقله فهو مشكل إلى حد بعيد‪ ً،‬ذلك لن الشارة إلى الكلمة بحرف ليس معهودا فى كلم‬
‫العرب‪ .‬الرلهم إل إن دل عليه الدليل اللفظى أو الحالى كقول الشاعر‪:‬‬
‫*فقلت لها قفى فقالت قاف*‬
‫أراد‪ :‬قالت‪ :‬وقفت‪.‬‬
‫وقول زهير‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫*بالخير خيرات وإن شرا فا * ول أريد الشر إل أن تا*‬
‫أراد‪ :‬وإن شرا فشر‪ ً،‬وأراد‪ :‬إل أن تشاء‪.‬‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫*نادوهموا أل الجموا أل تا * قالوا جميعا كلهم أل فا*‬
‫أراد‪ :‬أل تركبون‪ .‬قالوا‪ :‬أل فاركبوا‪.‬‬
‫وقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬كفى بالسيف شا" أراد‪ :‬شافيا‪.‬‬
‫‪ ...‬ولكن أين الدليل على ما ذكر فى قوله‪} :‬آلم{ُ؟‬
‫على أنه لم يقم دليل من الخارج يدل على هذا التفسير‪ ً،‬إذ لو كان له دليل لقتضت العادة نقله‪ ً،‬لنه من‬
‫المسائل التى تتوفر الدواعى على نقلها لو صح أنه مما ييفسر وييقصد تفهيم معناه ‪ ...‬ولما لم يثبت شىء‬
‫من ذلك دل على أنه من قبيل المتشابهات‪ ً،‬فإن ثبت له دليل عليه صرنا إليه وإل توقفنا‪.‬‬
‫ومثل هذا المروى عن ابن عباس ‪ -‬ولعله أشكل منه ‪ -‬ما قاله سهل التسترى فى تفسيره للبسملة حيث‬
‫قال‪} :‬ربهسرم الر الررهحممرن الرررحيرم{ُ ‪ ..‬الباء‪ :‬بهاء ال معرز ومجرل‪ ً،‬والسين‪ :‬سناء ال معرز ومجرل‪ ً،‬والميم‪ :‬مجد‬
‫ال معرز ومج رل‪ ً،‬وال‪ :‬هو السم العظم الذى حوى السماء كلها‪ ً،‬وبين اللف واللم منه حرف مكنى‬
‫غيب من غيب إلى غيب‪ ً،‬وسر من سر إلى سر‪ ً،‬وحقيقة من حقيقة إلى حقيقة‪ ً،‬ل ينال فهمه إل الطاهر‬
‫من الدناس‪ ً،‬الخذ من الحلل قواما ضرورة اليمان‪ ً،‬والرحمن‪ :‬اسم فيه خاصية من الحرف المكنى‬
‫بين اللف واللم‪ ً،‬والرحيم‪ :‬هو العاطف على عباده بالرزقا فى الفرع‪ ً،‬والبتداء فى الصل‪ ً،‬رحمة‬
‫لسابقا علمه القديم"‪.‬‬
‫وما فرسر به }آلم{ُ‪ .‬فاتحة البقرة وهو قوله‪} :‬آلم{ُ اسم ال عرز ومجرل‪ ً،‬فيه معان وصفات يعرفها أهل الفهم‬
‫به‪ ً،‬غير أن لهل الظاهر فيه معان كثيرة‪ ً،‬فأما هذه الحروف إذا انفردت‪ ً،‬فاللف‪ :‬تأليف ال معرز ومجرل‪.‬‬
‫ألر مف الشياء كما شاء‪ ً،‬واللم‪ :‬لطفه القديم‪ ً،‬والميم‪ :‬مجده العظيم"‪ ً،‬وقال‪" :‬لكل كتاب أنزله ال تعالى سر‪ً،‬‬
‫وسر القرآن فواتح السور‪ ً،‬لنها أسماء وصفات‪ ً،‬مثل قوله‪} :‬آلمص{ُ‪ ً،‬و }آلر{ُ‪ ً،‬و }آلمر{ُ‪ ً،‬و }كهيعص{ُ‪ً،‬‬
‫و }حمعسقا{ُ‪ ً،‬و }طسم{ُ‪ ً،‬فإذا جمعت هذه الحروف بعضها إلى بعضِ كانت اسم ال العظم‪ ً،‬أى إذا أخذ‬
‫من كل سورة حرف على الولء‪ ً،‬أى على ما أنزلت السورة وما بعدها على النسقا‪} :‬آلم{ُ‪ ً،‬و }حم[‪ً،‬‬
‫و}ن{ُ معناه‪ :‬الرحمن‪ .‬وقال ابن عباس والضرحاك‪} :‬آلم{ُ‪ :‬معناه أنا ال أعلم‪ .‬وقال علسى رضى ال عنه‪:‬‬
‫هذه أسماء مقطعة‪ ً،‬إذا أخذ من كل حرف حرفا ل يشبه صاحبه فيجرمعن كان اسم من أسماء الرحمن‪ ً،‬إذا‬
‫عرفوه ودعوه به كان السم العظم الذى إذا يدرعمى به أجاب"‪.‬‬
‫وكما قاله أبو عبد الرحمن السلمى فى تفسير‪} :‬آلم{ُ فاتحة البقرة وهو قوله‪} :‬آلم{ُ ‪ ..‬قيل‪ :‬إن اللف ألف‬
‫الوحدانية‪ ً،‬واللم‪ :‬لم اللطف‪ ً،‬والميم‪ :‬ميم اليمهلك‪ ً،‬معناه‪ :‬ممن وجدنى على الحقيقة بإسقاط العلئقا‬
‫والغراضِ تلرطفيت له ‪ ..‬فأخرجته من رريقا العبودية إلى المل العلى‪ ً،‬وهو التصال بمالك اليمهلك‪ ً،‬دون‬
‫الشتغال بشىء من الملك ‪ ...‬وقيل‪} :‬آلم{ُ ‪ ..‬معنى اللف‪ :‬أى أفرد سرك‪ ً،‬واللم‪ :‬ليت جوارحك‬
‫لنس بى‪ ً،‬والمشاهدة إياى‪ ً،‬واليقهرب‬ ‫لعبادتى‪ ً،‬والميم‪ :‬أقم معى بمحو رسومك وصفاتك‪ ً،‬أزينك بصفات ا ي‬
‫منى"‪.‬‬
‫فهذا الذى قاله سهل التسترى والذى قاله أبو عبد الرحمن السلمى مشكل كالمروى عن ابن عباس‪ ً،‬بل‬
‫ل حيث اردعوا أن هذه الحروف ترمز إلى أسرار غيبية ومعان مكنية‪ ً،‬وإذا يجمعت هذه‬ ‫وأعظم منه إشكا ل‬
‫الحروف على طريقة مخصوصة كان كذا وكذا‪ ً،‬بل ويردعون أحيانا أن هذه الحروف هى أصل العلوم‬
‫ومنبع المكاشفات على أحوال الدنيا والخرة‪ ً،‬وينسبون ذلك إلى أنه مراد ال تعالى فى خطابه العرب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لميية التى ل تعرف شيئا من ذلك‪ ً،‬وهذه كلها دعاوى يردعونها على القرآن‪ ً،‬ول أحسب أنهم استندوا‬ ‫اي‬
‫فيها إلى دليل برهانى أو إقناعى‪ ً،‬وكل ما أقوله فيها‪ :‬إنها دعاوى محالة على الكشف والطلع‪ً،‬‬
‫ل شرعيا بحال من الحوال‪.‬‬ ‫ودعوى الكشف والطلع ل تصلح دلي ل‬
‫ل مما ممرر ‪ ..‬ما جاء عنهم من نحو تفسير سهل‬ ‫ومن المواضع المشكلة أيضا‪ ً،‬ولكنها أخف إشكا ل‬
‫ضمع رللرنارس{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬بقوله‪:‬‬ ‫التسترى لقوله تعالى فى الية ]‪ [96‬من سورة آل عمران‪} :‬إررن أمرومل مبهيهَت يو ر‬
‫ضمع للناس بيت ال معرز ومجرل بمكمة‪ ً،‬هذا هو الظاهر‪ ً،‬وباطنها‪ :‬الرسول يؤمن به ممن أثبت‬ ‫"أول بيت يو ر‬
‫ال فى قلبه التوحيد من الناس"‪.‬‬
‫ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [36‬من سورة النساء‪} :‬موٱهلمجارر رذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلمجارر ٱهليجينرب‬
‫صارحرب ربٱِلمجهنرب موٱهبرن ٱلرسربي رل{ُ ‪ ..‬حيث يقول ‪ -‬بعد ذكره للتفسير بالظاهر‪" :‬وأما باطنها‪ ً،‬فالجار ذى‬ ‫موٱل ر‬
‫اليقرمبى‪ :‬هو القلب‪ ً،‬والجار اليجينب‪ :‬هو الطبيعة‪ ً،‬والصاحب بالمجنب‪ :‬هو العقل المقتدى بالشريعة‪ ً،‬وابن‬
‫السبيل‪ :‬هو الجوارح المطيعة ل"‪.‬‬
‫وتفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [41‬من سورة الروم‪} :‬مظمهمر ٱهلمفمسايد رفي ٱهلمبير موٱهلمبهحرر{ُ ‪ ..‬بقوله‪" :‬ممرثمل ال‬
‫الجوارح بالبر‪ ً،‬وممرثل القلب بالبحر‪ ً،‬وهم أعم نفعا وأكثر خطرا‪ ً،‬هذا هو باطن الية‪ ً،‬أل ترى أن القلب‬
‫إنما يسيمى قلبا لتقلبه ويبهعد غوره"؟‬
‫ضِ ٱهلممهيمتية‬ ‫وتفسير ابن عطاء ال السكندرى لقوله تعالى فى الية ]‪ [33‬من سورة يس‪} :‬موآميفة لريهيم ٱ م‬
‫لهر ي‬
‫أمهحميهيمنامها موأمهخمرهجمنا رمهنمها محسبا مفرمهنيه ميهأيكيلومن{ُ بقوله‪" :‬القلوب الميتة بالغفلة أحييناها بالتيقظ والعتبار‬
‫والموعظة‪ ً،‬وأخرجنا منها حبا معرف صافية تضىء أنوارها على الظاهر والباطن"‪.‬‬
‫هذا وأمثاله من كلم الصوفية لو قلنا إنهم أرادوا به تفسير اليات القرآنية وبيان معانيها التى يتحمل‬
‫عليها ل غير‪ ً،‬لكان هو بعينه مذهب الباطنية‪ ً،‬وذلك لن المعانى التى حملوا عليها اللفاظ فى اليات‬
‫السابقة ل تعرفها العرب مدلولت لهذه اللفاظ‪ ً،‬ل بالوضع الحقيقى ول بالوضع المجازى المناسب‪ً،‬‬
‫وليس فى مساقا اليات ما يدل على هذه المعانى المذكورة‪ ً،‬ومعلوم أن القرآن عربى ويمخامطب به‬
‫العرب الذين يفهمون ألفاظه وتراكيبه‪ ً،‬فهذه اليات المذكورة آنفا ل يفهم منها العربى أكثر من المعانى‬
‫المتبادرة إلى فهمه‪ ً،‬والتى تنساقا إلى ذهنه ابتدالء‪ ً،‬فل يفهم من البيت الحرام‪ ً،‬ول من الجار ذى اليقرمبى‪ً،‬‬
‫والجار اليجينب‪ ً،‬والصاحب بالمجنب‪ ً،‬وابن السبيل‪ ً،‬ول من البر والبحر‪ ً،‬ول من الرضِ والمحسب‪ ً،‬إل ما‬
‫يفهمه العربى من هذه اللفاظ‪ ً،‬وما وراء ذلك فليس عليه دليل‪.‬‬
‫وأيضا لم يينقل لنا عن المسملف الصالح من الصحابة والتابعين تفسير للقرآن يماثل هذا التفسير أو يقاربه‪ً،‬‬
‫لمة‪ ً،‬وغير معقول‬ ‫ولو كان عندهم معروفا ملينرقل‪ ً،‬لنهم أدرى بمعانى القرآن ظاهرها وباطنها باتفاقا ا ي‬
‫لمة بأهدى مما كان عليه أولها‪ ً،‬ول هم أعرف بالشريعة منهم‪ ً،‬ول أدرى بلغة‬ ‫أن يأتى آخر هذه ا ي‬
‫القرآن من قومه الذين نزل بلسانهم وعلى لغتهم‪.‬‬
‫ولكن إجللنا لهؤلء المفيسرين ووثوقنا بهم من الناحية العلمية والدينية‪ ً،‬واعترافهم فى تفاسيرهم ‪ -‬التى‬
‫نقلنا عنها ‪ -‬بالمعانى الظاهرية للقرآن وإنكارهم على ممن يقول بباطن القرآن دون ظاهره ‪ ...‬كل هذا‬
‫يجعلنا ينحسن الظن بالقوم‪ ً،‬فنحمل أمثال هذه المعانى على أنها ليست من قبيل التفسير‪ ً،‬وإنما هى ذكر‬
‫منهم لنظير ما ورد به القرآن‪ ً،‬فإن النظير ييذكر بالنظير كما قال ابن الصلح فى فتاواه‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) مقالة الشاطبى فى التفسير الشارى (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ولزيادة اليضاح أذكر لك ما قاله الشاطبى فى هذا الموضوع‪:‬‬
‫قال رحمه ال‪ :‬العتبارات القرآنية الواردة على القلوب‪ ً،‬الظاهرة للبصائر‪ ً،‬إذا صرحت على كمال‬
‫شروطها فهى على ضربين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما يكون أصل انفجاره من القرآن ويتبعه سائر الموجودات‪ ً،‬فإن العتبار الصحيح فى الجملة‬
‫هو الذى يخرقا نور البصيرة فيه يحيجب الكوان من غير توقف‪ ً،‬فإن توقف فهو غير صحيح أو غير‬
‫كامل‪ ً،‬حسبتما برينه أهل التحقيقا بالسلوك‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬ما يكون أصل انفجاره من الموجودات‪ :‬جزئيها أو كليها‪ ً،‬ويتبعه العتبار فى القرآن‪.‬‬
‫فإن كان الول ‪ ..‬فذلك العتبار صحيح‪ ً،‬وهو معتبر فى فهم باطن القرآن من غير أشكال‪ ً،‬لن فهم‬
‫القرآن إنما يرد على القلوب على وفقا ما نزل له القرآن‪ ً،‬وهو الهداية التامة على ما يليقا بكل واحد من‬
‫المكرلفين‪ ً،‬وبحسب التكاليف وأحوالها‪ ً،‬ل بإطلقا‪ ً،‬وإذا كانت كذلك فالمشى على طريقها مشى على‬
‫ل به على تقليد أو اجتهاد‪ً،‬‬ ‫الصراط المستقيم‪ ً،‬ولن العتبار القرآنى قمدلما يجده إل ممن كان من أهله عم ل‬
‫فل يخرجون عند العتبار فيه عن حدوده‪ ً،‬كما لم يخرجوا فى العمل به والتخلقا بأخلقه عن حدوده‪ً،‬‬
‫بل تنفتح لهم أبواب الفهم فيه على توازى أحكامه‪ ً،‬ويلزمه من ذلك أن يكون معتدا به لجريانه على‬
‫مجاريه‪ .‬والشاهد على ذلك ما ينقل من فهم المسملف الصالح فيه‪ ً،‬فإنه كله جار على ما تقضى به العربية‪ً،‬‬
‫وما تدل عليه الدلة الشرعية‪.‬‬
‫إن كان الثانى ‪ ..‬فالتوقف عن اعتباره فى فهم باطن القرآن لزم‪ ً،‬وأخذه على إطلقه فيه ممتنع‪ ً،‬لنه‬
‫بخلف الول‪ ً،‬فل يصح القول باعتباره فى فهم القرآن‪ ً،‬فنقول‪:‬‬
‫إن تلك النظار الباطنة فى القرآن فى اليات المذكورة ‪ -‬يريد‪} :‬موٱهلمجارر رذيِ ٱهليقهرمبـى موٱهلمجارر ٱهليجينرب‬
‫صارحرب ربٱِلمجهنرب موٱهبرن ٱلرسربيرل{ُ وما ذكره معها ‪ -‬مما تقدم لنا ذكره ‪ -‬إذا لم يظهر جريانها على‬ ‫موٱل ر‬
‫مقتضى الشروط المتقدمة فهى راجعة إلى العتبار غير القرآنى وهو الوجودى ويصح تنزيله على‬
‫معانى القرآن لنه وجودى أيضا‪ .‬فهو مشترك من تلك الجهة غير خاص‪ ً،‬فل يطالب فيه المعتبر بشاهد‬
‫موافقا إل ما يطلبه المربى‪ ً،‬وهو أمر خاص‪ ً،‬منفرد بنفسه‪ ً،‬ل يختص بهذا الموضع‪ .‬فلذلك ييوقف على‬
‫محله‪ ً،‬فكون القلب جارا ذا يقربى‪ ً،‬والجار اليجينب هو النفس الطبيعى ‪ ..‬إلى سائر ما ذكر‪ ً،‬يصح تنزيله‬
‫اعتباريا مطلقا‪ ً،‬فإن مقابلة الوجود بعضه ببعضِ فى هذا النمط صحيح وسهل جدا عند أربابه‪ ً،‬غير أنه‬
‫مغرر بمن ليس براسخْ أو داخل تحت إيالة راسخْ‪.‬‬
‫وأيضا فإن ممن يذكر عنه مثل ذلك من المعتبرين لم يصيرح بأنه المعنى المقصود المخامطب به الخلقا‪ ً،‬بل‬
‫أجراه مجراه وسكت عن كونه هو المراد‪ ً،‬وإن جاء شىء من ذلك وصررح صاحبه أنه هو المراد‪ ً،‬فهو‬
‫من أرباب الحوال الذين ل يفرقون بين العتبار القرآنى والوجودى‪ ً،‬وأكثر ما يطرأ هذا لمن هو بعد‬
‫فى السلوك‪ ً،‬سائر على الطريقا‪ ً،‬لم يتحققا بمطلوبه‪ .‬ول اعتبار بقول ممن لم يثبت اعتبار قوله من‬
‫الباطنية وغيرهم"‪.‬‬
‫فالشاطبى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يقرر فى كلمه هذا‪ :‬أن مثل هذا النوع الخير من كلم الصوفية راجع إلى‬
‫العتبار غير القرآنى‪ ً،‬ومع ذلك فيمكن تنزيله على معانى القرآن‪ ً،‬كما أنه يقرر‪ :‬أن ممن قال هذا لم‬
‫ييذكر عنه أنه قاله على أنه تفسير للية وبيان للمقصود منها‪ ً،‬وهذا من حسن ظنه بالقوم‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) مقالت بعضِ العلماء فى التفسير الشارى (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وإذا نحن رجعنا إلى أقوال العلماء التى قالوها فى تفسير الصوفية وجدناها جميعا تقوم على يحهسن الظن‬
‫بهم‪ ً،‬وإليك بعضا منها‪:‬‬
‫* مقالة ابن الصلح‪:‬‬
‫قال ابن الصلح فى فتاواه ‪ -‬وقد يسرئل عن كلم الصوفية فى القرآن‪" :‬وجدت عن المام أبى الحسن‬
‫الواحدى المفيسر رحمه ال تعالى أنه قال‪ :‬صرنف أبو عبد الرحمن السلمى "حقائقا التفسير"‪ ً،‬فإن كان قد‬
‫اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر‪ .‬قال ابن الصلح‪ :‬وأنا أقول‪ :‬الظن بمن يوثقا به منهم أنه إذا قال شيئا من‬
‫أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا‪ ً،‬ول ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم‪ ً،‬فإنه لو‬
‫كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية‪ ً،‬وإنما ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن‪ ً،‬فإن النظير‬
‫ييذكر بالنظير‪ ً،‬ومن ذلك قتال النفس فى الية المذكورة ‪ -‬يريد قوله تعالى فى الية ]‪ [123‬من سورة‬
‫التوبة‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها مقارتيلوها ٱرلرذيمن مييلومنيكهم يممن ٱهليكرفارر{ُ ‪ ..‬فكأنه قال‪ :‬أمرنا بقتال النفس وممن يلينا من‬
‫الكفار‪ ً،‬ومع ذلك فياليتهم لم يتساهلوا فى مثل ذلك لما فيه من البهام واللباس"‪.‬‬
‫*‬
‫* مقالة سعد الدين التفتازانى‪:‬‬
‫وقد عرلقا التفتازانى على قول النسفى فى كتابه "العقائد"‪" :‬والنصوص على ظواهرها‪ ً،‬فالعدول عنها إلى‬
‫معان يردعيها أهل الباطن إلحاد" فقال رحمه ال‪" :‬ويسسموا الباطنية لدعائهم أن النصوص ليست على‬
‫ظواهرها‪ ً،‬بل لها معان باطنة ل يعرفها إل المعلم‪ ً،‬وقصدهم بذلك نفى الشريعة بالكلية"‪ ..‬ثم قال‪" :‬وأما‬
‫ما يذهب إليه بعضِ المحققين من أن النصوص محمولة على ظواهرها ومع ذلك ففيها إشارات خفية‬
‫إلى دقائقا تنكشف على أرباب السلوك‪ ً،‬ويمكن التطبيقا بينها وبين الظوانر المرادة‪ ً،‬فهو من كمال‬
‫اليمان ومحضِ العرفان"‪.‬‬
‫*‬
‫* مقالة ابن عطاء ال السكندرى‪:‬‬
‫ونقل السيوطى عن ابن عطاء ال السكندرى أنه قال فى كتابه "لطائف المنن"‪" :‬اعلم أن تفسير هذه‬
‫الطائفة لكلم ال وكلم رسوله بالمعانى الغريبة ليس إحالة للظاهر عن ظاهره‪ ً،‬ولكن ظاهر الية مفهوم‬
‫منه ما جلبت الية له ودرلت عليه فى يعرف اليلسان‪ً،‬ومثرم أفهام باطنة يتفمهم عند الية والحديث لمن فتح ال‬
‫قلبه‪ ً،‬وقد جاء فى الحديث‪" :‬لكل آية ظهر وبطن"‪ ً،‬فل يصدنك عن تلقى هذه المعانى منهم أن يقول لك‬
‫ذو جدل ومعارضة‪ :‬هذا إحالة لكلم ال وكلم رسوله ‪ ..‬فليس ذلك الحالة‪ ً،‬وإنما يكون إحالة لو قالوا‪:‬‬
‫ل معنى للية إل هذا‪ ً،‬وهم لم يقولوا ذلك‪ ً،‬بل يقرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها‬
‫ويفهمون عن ال تعالى ما أفهمهم"‪.‬‬
‫فهؤلء العلماء حرسينوا ظنهم بالقوم‪ ً،‬فحملوا أقوالهم الغريبة التى قالوها فى القرآن على أنها ذكر لنظير‬
‫ما ورد به القرآن‪ ً،‬أو على أنها إشارات خفية‪ ً،‬ومعان إلهامية‪ ً،‬تنهل على قلوب العارفين‪ ً،‬وتزهوهم عن‬
‫إرادة التفسير الحقيقى لكتاب ال بمثل هذه الشروح الغريبة التى ينرقلت عنهم‪ ً،‬وهذا عمل حسن وصنع‬
‫ل لحال المؤمن على الصلح ‪ ..‬ولكن لم يلبث أن تبدد‬ ‫جميل من هؤلء العلماء‪ ً،‬وقد تابعناهم عليه حم ل‬
‫يحسن ظننا بالقوم على أثر تلك المقالة التى قرأناها لبن عربى فى فتوحاته ‪ ..‬وفيها ييصيرح بأن مقالت‬
‫الصوفية فى كتاب ال ليست إل تفسيرا حقيقيا لمعانى القرآن‪ ً،‬وشرحا لمراد ال من ألفاظه وآياته‪ً،‬‬
‫ويذكر لنا أن تسميتها إشارة ليس إل من قبيل التقية‪ ً،‬والمداراة لعلماء الرسوم أهل الظاهر‪ ً،..‬وفى هذه‬
‫المقالة يحمل حملة شعواء على أهل الرسوم ‪ -‬على حد تعبيره ‪ -‬الذين ينكرون عليه وعلى غيره من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصوفية‪ .‬وإليك ما قاله بالنص لتقف على رأيه الصريح الذى ل مواربة فيه ول التواء‪.‬‬
‫*‬
‫* مقالة ابن عربى فى التفسير اللشارى‪:‬‬
‫قال رحمه ال‪" :‬اعلم أن ال معرز ومجرل لما خلقا الخلقا‪ ً،‬خلقا النسان أطوارا‪ ً،‬فمنا العالم والجاهل‪ ً،‬ومنا‬
‫المنصف والمعاند‪ ً،‬ومنا القاهر ومنا المقهور‪ ً،‬ومنا الحاكم ومنا المحكوم‪ ً،‬ومنا المتحركم ومنا المتحمكم‬
‫فيه‪ ً،‬ومنا الرئيس والمرؤوس‪ ً،‬ومنا المير والمأمور‪ ً،‬ومنا الملك والسوقة‪ ً،‬ومنا الحاسد والمحسود ‪..‬‬
‫وما خلقا ال أشقا ول أشد من علماء الرسوم على أهل ال المختصين بخدمته العارفين به من طريقا‬
‫الوهب اللهى الذى منحهم أسراره فى خلقه‪ ً،‬وفرهمهم معنى كتابه وإشارات خطابه‪ ً،‬فهم لهذه الطائفة‬
‫مثل الفراعنة للرسل عليهم السلم‪ .‬لما كان المر فى الوجود الواقع على ما سبقا به العلم القديم ‪ -‬كما‬
‫ذكرنا ‪ -‬عدل أصحابنا إلى الشارات‪ .‬فكلمهم ‪ -‬رضى ال عنهم ‪ -‬فى شرح كتابه العزيز الذى ل‬
‫يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه إشارات‪ ً،‬وإن كان ذلك حقيقة وتفسيرا لمعانيه النافعة‪ ً،‬ورد ذلك‬
‫كله إلى نفسهم مع تقريرهم إياه فى العموم‪ ً،‬وفيما نزل فيه‪ ً،‬كما يعلمه أهل اليلسان الذين نظل الكتاب‬
‫بلسانهم‪ ً،‬فعرم به سبحانه عندهم الوجهين كما قال تعالى‪} :‬مسينرريرههم آميارتمنا رفي ٱلمفارقا مورفيي مأنيفرسرههم{ُ ‪ ..‬يعنى‬
‫اليات المنرزلة فى الفاقا وفى أنفسهم‪ ً،‬فكل آية منرزلة لها وجهان‪ :‬وجه يرونه فى نفوسهم ووجه آخر‬
‫يرونه فيما خرج عنهم‪ ً،‬فيسمون ما يرونه فى نفوسهم إشارة ليأنس الفقيه صاحب الرسوم إلى ذلك‪ ً،‬ول‬
‫يقولون فى ذلك إنه تفسير‪ ً،‬وقاية لشرهم وتشنيعهم فى ذلك بالكفر عليه‪ ً،‬وذلك لجهلهم بمواقع خطاب‬
‫الحقا‪ ً،‬واقتدوا فى ذلك بسنن الهدى‪ ً،‬فإن ال كان قادرا على تنصيص ما تأروله أهل ال فى كتابه‪ ً،‬ومع‬
‫ذلك فما فعل‪ :‬بل أدرج فى تلك الكلمات اللهية التى نزلت بلسان العامة علوم معانى الختصاص التى‬
‫فهمها عباده حين فتح لهم فيها بعين الفهم الذى رزقهم‪.‬‬
‫ولو كان علماء الرسوم ينصفون‪ ً،‬لعتبروا فى نفوسهم إذا نظروا فى الية بالعين الظاهرة التى‬
‫يسلمونها فيما بينهم‪ ً،‬فيرون أنهم يتفاضلون فى ذلك‪ ً،‬ويعلو بعضهم على بعضِ فى الكلم فى معنى تلك‬
‫الية‪ ً،‬ويقر القاصر بفضل غير القاصر فيها‪ ً،‬وكلهم فى مجرى واحد‪ .‬ومع هذا الفضل المشهود لهم‬
‫فيما بينهم فى ذلك‪ .‬ينكرون على أهل ال إذا جاءوا بشىء مما يغمضِ عن إدراكهم‪ ً،‬وذلك لنهم‬
‫يعتقدون فيهم أنهم ليسوا بعلماء‪ ً،‬وأن العلم ل يحصل إل بالتعلم المعتاد فى اليعرف‪ ً،‬وصدقوا‪ ً،‬فإن‬
‫أصحابنا ما حصل لهم ذلك العلم إل بالتعلم وهو العلم الرحمانى الرربانى قال تعالى‪} :‬ٱهقمرهأ ربٱِهسرم مريبمك‬
‫م‬ ‫ه‬
‫لنمسامن مما لمهم ميهعلمهم{ُ‪ً،‬‬ ‫لنمسامن رمهن معلمهَقا * ٱهقمرأ مومرسبمك ٱلهكمريم * ٱرلرذى معلرم ربٱِهلمقلمرم * معلرم ٱ ر‬
‫ٱرلرذيِ مخلممقا * مخلممقا ٱ ر‬
‫لنمسامن * معلرمميه ٱلمبميامن{ُ ‪..‬‬ ‫ل متهعمليمومن مشهيئا{ُ‪ ً،‬وقال تعالى‪} :‬مخملمقا ٱ ر‬ ‫فإنه القائل‪} :‬أمهخمرمجيكم يمن يبيطورن أيرممهارتيكهم م‬
‫فهو سبحانه يمعيلم النسان‪ ً،‬فل شك أن أهل ال هم ورثة الرسل عليهم السلم‪ ً،‬وال يقول فى حقا‬
‫لهنرجيمل{ُ‪ً،‬‬ ‫الرسول‪} :‬مومعلرمممك مما لمهم متيكهن متهعلميم{ُ‪ ً،‬وقال فى حقا عيسى‪} :‬مويمعلييميه ٱهلركمتامب موٱهلرحهكمممة موٱلرتهومرامة موٱ ر‬
‫وقال فى حقا خضر صاحب موسى عليهما السلم‪} :‬مومعلرهممنايه رمن لريدرنا رعهلما{ُ ‪ ..‬فصدقا علماء الرسوم‬
‫عندنا فيما قالوا‪ :‬إن العلم ل يكون إل بالتعلم‪ ً،‬وأخطأوا فى اعتقادهم أن ال ل يمعيلم ممن ليس بنب ول‬
‫رسول‪ ً،‬يقول ال‪} :‬يهؤرتي اهلرحهكمممة ممن ميمشآيء{ُ وهى العلم‪ ً،‬وجاء بـ "ممن" وهى نكرة‪ .‬ولكن عملماء الرسوم‬
‫لما آثروا الدنيا على الخرة‪ ً،‬وآثروا جانب الخلقا على جانب الحقا‪ ً،‬وتعرودوا أخذ العلم من الكتب ومن‬
‫أفواه الرجال الذين من جنسهم‪ ً،‬ورأوا فى زعمهم أنهم من أهل ال بما علموا وامتازوا به عن العامة‪ً،‬‬
‫حجبهم ذلك عن أن يعلموا أن ل عبادا تورلى ال تعليمهم فى سرائرهم بما أنزله فى كتبه وعلى ألسنة‬
‫رسله وهو العلم الصحيح عن العالم المعيلم الذى ل يشك مؤمن فى كمال علمه ول غير مؤمن‪ ً،‬فإن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الذين قالوا‪ :‬إن ال ل يعلم الجزئيات ما أرادوا نفى العلم عنه‪ ً،‬وإنما قصدوا بذلك أنه تعالى ل يتجدد له‬
‫علم بشىء‪ ً،‬بل علمها مندرجة فى علمه بالكليات‪ ً،‬فأثبتوا له العلم سبحانه مع كونهم غير مؤمنين‪ً،‬‬
‫وقصدوا تنزيهه سبحانه فى ذلك وإن أخطأوا فى التعبير عن ذلك‪ ً،‬فتولى ال بعنايته لبعضِ عباده‬
‫تعليمهم بنفسه بإلهامه وإفهامه إياهم }مفمأهلمهمممها يفيجومرمها مومتهقموامها{ُ‪ ً،‬فى إثر قوله‪} :‬مومنهفهَس مومما مسروامها{ُ‪ ً،‬فبرين‬
‫لها الفجور من التقوى إلهاما من ال لها لتجتنب الفجور وتعمل بالتقوى‪.‬‬
‫وكما كان أصل تنزيل الكتاب من ال على أنبيائه‪ ً،‬كان تنزيل الفهم على قلوب بعضِ المؤمنين به‪ً،‬‬
‫فالنبياء عليهم السلم ما قالت على ال ما لم يقل لها‪ ً،‬ول أخرجت ذلك من نفوسها ول من أفكارها‪ ً،‬ول‬
‫ل ميهأرتيره‬
‫تعرلمت فيه‪ ً،‬بل جاءت من عند ال‪ ً،‬كما قال تعالى‪} :‬متنرزيفل يمهن محركيم محرميهَد{ُ‪ ً،‬وقال فيه‪ :‬إنه } ر‬
‫هَ‬
‫ل رمهن مخهلرفره{ُ ‪ ..‬وإذا كان الصل المتكرلم فيه من عند ال‪ ً،‬ل من فكر النسان‬ ‫ٱهلمبارطيل رمن مبهيرن ميمدهيره مو م‬
‫ورويته ‪ -‬وعلماء الرسوم يعلمون ذلك ‪ -‬فينبغى أن يكون أهل ال العاملون به أحقا بشرحه وبيان ما‬
‫ل من عند ال على قلوب أهل العلم كما كان‬ ‫أنزل ال فيه من علماء الرسوم‪ ً،‬فيكون شرحه أيضا تنزي ل‬
‫الصل‪ .‬وكذا قال علسى بن أبى طالب رضى ال عنه فى هذا الباب‪" :‬ما هو إل فهم يؤتيه ال من يشاء‬
‫من عباده فى هذا القرآن"‪ .‬فجعل ذلك عطاء من ال يعبر عن ذلك العطاء بالفهم عن ال‪ ً،‬فأهل ال أولى‬
‫به من غيرهم‪ .‬فلما رأى أهل ال أن ال قد جعل الدولة فى الحياة الدنيا لهل الظاهر من علماء الرسوم‪ً،‬‬
‫وأعطاهم التحكم فى الخلقا بما يتفون به‪ ً،‬وألحقهم بالذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الخرة‬
‫غافلون ‪ -‬وهم فى إنكارهم على أهل ال يحسبون أنهم ييحسنون صنعا ‪ -‬سرلم أهل ال لهم أحوالهم لنهم‬
‫علموا من أين تكلموا‪ ً،‬وصانوا عنهم أنفسهم بتسميتهم الحقائقا إشارات‪ ً،‬فإن علماء الرسوم ل ينكرون‬
‫الشارات‪ ً،‬فإذا كان فى غد يوم القيامة يكون المر فى الكل‪ ً،‬كما قال القائل‪:‬‬
‫*سوف ترى إذا انجلى الغبار * أمفمرفس تحتك أم حمار*‬
‫كما يتميز المحقا من أهل ال‪ ً،‬من المردعى فى الهلية غدا يوم القيامة‪ .‬قال بعضهم‪:‬‬
‫*فإذا اشتبكت دموع فى خدود * تبين ممن بكى ممن تباكى*‬
‫أين عالم الرسوم من قول علسى بن أبى طالب رضى ال عنه حين أخبر عن نفسه أنه لو تكلم فى الفاتحة‬
‫من القرآن لح رمل منها سبعين وقرا؟ هل هذا إل من الفهم الذى أعطاه ال فى القرآن؟ فاسم الفقيه أولى‬
‫بهذه الطائفة من صاحب علم الرسم‪ ً،‬فإن ال يقول فيهم‪} :‬ليميمتمفرقيهوها رفي ٱليديرن مورليينرذيروها مقهومميههم إرمذا مرمجيعيوها‬
‫إرلمهيرههم لممعلريههم ميهحمذيرومن{ُ‪ ..‬فأقامهم مقام الرسول فى التفقه فى الدين والنمذار‪ ً،‬وهو الذى يدعو إلى ال على‬
‫بصيرة كما يدعو رسول ال صلى ال عليه وسلم بصيرة‪ ً،‬ل على غلبة ظن كما يحكم عالم الرسوم‪ً،‬‬
‫فشرتان بين ممن هو فيما ييفتى به ويقوله على بصيرة منه فى دعائه إلى ال وهو على بيينة من ربه‪ ً،‬وبين‬
‫ممن يفتى فى دين ال بغلبة ظنه"‪.‬‬
‫ثم إن من شأن عالم الرسوم فى الذب عن نفسه أنه يمجيهل ممن يقول‪ :‬فهرممنى ربى‪ ً،‬ويرى أنه أفضل‬
‫منه‪ ً،‬وأنه صاحب العلم إذ يقول ممن هو من أهل ال‪ :‬إن ال ألقى فى سيرى مراده بهذا الحكم فى هذه‬
‫الية‪ ً،‬أو يقول‪ :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم فى واقعتى فأعلمنى بصحة هذا الخبر المروى‬
‫عنه وبحكمه عنده‪ .‬قال أبو يزيد البسطامى رضى ال عنه فى هذا المقام ‪ -‬يخاطب علماء الرسوم‪:‬‬
‫أخذتم علمكم ميتا عن ميت‪ ً،‬وأخذنا عن الحى الذى ل يموت‪ ً،‬يقول أمثالنا‪ :‬حردثنى قلبى عن ربى‪ ً،‬وأنتم‬
‫تقولون‪ :‬حردثنى فلن‪ ً،‬وأين هو؟ قالوا‪ :‬مات‪ .‬عن فلن‪ :‬وأين هو؟ قالوا‪ :‬مات‪ .‬وكان الشيخْ أبو مدين ‪-‬‬
‫رحمه ال ‪ -‬إذا قيل له‪ :‬قال فلن‪ ً،‬عن فلن‪ ً،‬عن فلن‪ ً،‬يقول‪" :‬ما نريد نأكل قديدا‪ ً،‬هاتوا ائتونى بلحم‬
‫طرى ‪ -‬يرفع همم أصحابه ‪ -‬فيأولئك أكلوه لحما طريا‪ ً،‬والواهب لم يمت‪ ً،‬وهو أقرب إليكم من حبل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الوريد"‪.‬‬
‫والفيضِ اللهى والمبشرات ما يسرد بابها‪ ً،‬وهى من أجزاء النبوة‪ ً،‬والطريقا واضحة‪ ً،‬والباب مفتوح‪ً،‬‬
‫والعمل مشروع‪ .‬وال يهرول لتلقى ممن أتى إليه يسعى‪ ً،‬وما يكون من نجوى ثلثة إل هو رابعهم‪ ً،‬وهو‬
‫معهم أينما كانوا‪ ً،‬فممن كان معك بهذه المثابة من اليقهرب ‪ -‬مع دعواك العلم بذلك واليمان به ‪ -‬لم تترك‬
‫الخذ عنه والحديث معه‪ ً،‬وتأخذ عن غيره ول تأخذ عنه‪ ً،‬فتكون حديث عهد بربك"؟‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) رأينا فى مقالة ابن عربى (‬

‫صهم بها دون‬ ‫ونحن ل ننكر على ابن عربى أن مثرم أفهاما ييلقيها ال فى قلوب أصفيائه وأحبابه‪ ً،‬ويخ ي‬
‫غيرهم‪ ً،‬على تفاوت بينهم فى ذلك بمقدار ما بينهم من تفاوت فى درجات السلوك ومراتب الوصول‪ً،‬‬
‫كما ل يننكر عليه أن تكون هذه الفهام يمكن أن تدخل تحت مدلول الرلفظ العربى القرآنى‪ ً،‬وأن يكون لها‬
‫شاهد يؤيدها‪ ً،‬أما أن تكون هذه الفهام خارجة عن مدلول الرلفظ القرآنى‪ ً،‬وليس لها من الشرع ما يؤيدها‬
‫فذلك ما ل يمكن أن نقبله على أنه تفسير للية وبيان لمراد ال تعالى‪ ً،‬لن القرآن عربى قبل كل شىء‬
‫صلمهت آميايتيه يقهرآنا معمرربسيا ليمقهوهَم ميهعلميمومن{ُ‪ .‬وحاشا ل‬
‫كما قلنا‪ ً،‬وال سبحانه وتعالى يقول فى شأنه‪} :‬ركمتافب يف ي‬
‫أن ييلغز فى آياته‪ ً،‬أو ييعمى على عباده طريقا النظر فى كتابه‪ ً،‬وهو يقول‪} :‬موملمقهد ميرسهرمنا ٱهليقهرآمن رلليذهكرر‬
‫مفمههل رمن سمردركهَر{ُ‪.‬‬
‫هذا هو ما أدين ال عليه بالنسبة لكلم الصوفية‪ ً،‬وعذرى فى ذلك أنى لم أسلك مسلك القوم‪ ً،‬ولم أذقا‬
‫ذوقهم‪ ً،‬ولم أعرف اصطلحاتهم التى يصطلحون عليها‪ ً،‬ولعيلى إذا سلكت هذا الطريقا‪ ً،‬وانكشف لى من‬
‫أستار الغيب ما انكشف لهم‪ ً،‬أو على القل فهمت لغة القوم ووقفت على مصطلحاتهم‪ .‬لعيلى إذا حصل‬
‫لى شئ من هذا تبردل رأيى وتغير حكمى‪ ً،‬فسرلمت لهم كل ما يقولون به‪ ً،‬مهما كان بعيدا وغريبا‪ .‬وقد‬
‫سأل رجل بعضِ العلماء أن يقرأ عليه تائية ابن الفارضِ فقال له‪" :‬دع هذا‪ ً،‬ممن جاع جوع القوم وسهر‬
‫سهرهم رأى ما رأوا"‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬إنهم يدركون بعضِ المعانى بعين اليقين‪ ً،‬وما ممن شأنه أن ييدمرك بعين اليقين ل يمكن أن ييدمرك‬
‫بعلم اليقين‪ ً،‬إذن فل بد لمن يريد أن يحكم على القوم حكما صحيحا أن يجتهد فى الوصول إلى ما‬
‫وصلوا إليه بالعيان‪ ً،‬دون أن يطلبه عن طريقا البيان‪ ً،‬فإنه طور وراء طور العقل‪ ً،‬والشاعر يقول‪:‬‬
‫*علم التصوف علم ليس يعرفه * إل أخو فطنة بالحقا معروف*‬
‫*وليس يعرفه ممن ليس يشهده * وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف*‬
‫ويقول ابن خلدون‪" :‬وليس البرهان والدليل بنافع فى هذه الطريقا ردا وقبولل‪ ً،‬إذ هى من قبيل‬
‫الوجدانيات"‪.‬‬
‫ويقول اللوسى فى مقدمة تفسيره )الجزء الول ص ‪" :(8‬فالنصاف كل النصاف التسليم للسادة‬
‫الصوفية الذين هم مركز الدائرة المحمدية ما هم عليه‪ ً،‬واتهام ذهنك السقيم فيما لم يصل ‪ -‬لكثرة‬
‫العوائقا ‪ -‬إليه‪:‬‬
‫*وإذا لم تر الهلل فسيلم * لناس رأوه بالبصار*‬
‫ويقول اللوسى أيضا بعد أن نقل عن ابن عربى ما قاله فى تفسير الفاتحة فى فتوحاته‪" :‬فإذا وقع‬
‫الجدار‪ ً،‬وانهدم الصور‪ ً،‬وامتزجت النهار‪ ً،‬والتقى البحران‪ ً،‬وعدم البرزخ‪ ً،‬صار العذاب نعيما‪ ً،‬وجهنم‬
‫جرنة‪ ً،‬ول عذاب ول عقاب‪ ً،‬إل نعيم وأمان‪ ً،‬بمشاهدة العيان"‪ ..‬إلخْ‪ .‬يقول اللوسى بعد نقله لهذا الكلم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الغريب‪" :‬وهذا وأمثاله محمول على معنى صحيح يعرفه أهل الذوقا ول ينافى ما وردت به القواطع‪ :‬ثم‬
‫قال‪ :‬وإياك أن تقول بظاهره مع ما أنت عليه‪ ً،‬وكلما وجدت مثل هذا لحد من أهل ال تعالى‪ ً،‬فسيلمه‬
‫لهم بالمعنى الذى أرادوه‪ ً،‬مما ل تعلمه أنت ول أنا‪ ً،‬ل بالمعنى الذى ينقدح فى عقلك‪ ً،‬المشوب بالوهام‪ً،‬‬
‫فالمر والر وراء ذلك"‪.‬‬
‫ومثل هذه القوال أشبه ما تكون بالكراه لنا على قبول وجدانيات القوم وشطحاتهم مهما أوغلت فى‬
‫اليب هعد والغرابة‪ ً،‬وتوريط لنا بتسليم كل ما يقولون تحت تأثير ما لهم فى نفوسنا من المكانة العلمية‬
‫والدينية‪ ً،‬ومهما يكن من شىء فأنا عند رأيى ل أتحول عنه‪ ً،‬حتى إذا ما جعت جوع القوم‪ ً،‬وسهرت‬
‫سهرهم‪ ً،‬ووجدت مواجيدهم‪ ً،‬سرلميت لهم بكل ما يقولون "ومن ذاقا عرف"‪.‬‬
‫والخلصة ‪ ..‬أن مثل هذه التفاسير الغريبة للقرآن‪ ً،‬مرزلة قجم لمن لم يعرف مقاصد القوم‪ ً،‬وليتهم‬
‫احتفظوا بها عند أنفسهم‪ ً،‬ولم يذيعوها على الناس فيوقعوهم فى حيرة واختلف‪ ً،‬منهم ممن يأخذها على‬
‫ظاهرها ويعتقد أن ذلك هو مراد ال من كلمه‪ ً،‬وإذا عارضه ما يينقل فى كتب التفسير على خلفه‬
‫فربما كرذب به أو أشكل عليه‪ ً،‬ومنهم ممن يكذبها على الطلقا‪ ً،‬ويرى أنها تقسول على ال وبهتان‪ ً،‬ليتهم‬
‫فعلوا ذلك‪ ً،‬إذن لراحونا من هذه الحيرة‪ ً،‬وأراحوا أنفسهم من كلم الناس فيهم‪ ً،‬وقذف البعضِ لهم‬
‫بالكفر واللحاد فى آيات ال!!‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ثانيا‪ :‬التفسير الصوفى او الشارى (‬
‫ضمن العنوان ) شروط قبول التفسير الشارى (‬

‫تبين لنا فيما سبقا أن التفسير الشارى منه ما هو مقبول‪ ً،‬ومنه ما ليس بمقبول‪ ً،‬فعلينا بعد ذلك أن نذكر‬
‫الشروط التى يجب أن تتوفر فى التفسير الشارى ‪ -‬وإن كنا تعررضنا لهمها فيما سبقا ‪ -‬حتى يكون‬
‫تفسيرا مقبولل‪ ..‬وإليك هذه الشروط‪:‬‬
‫أولل‪ :‬أن ل يكون التفسير الشارى منافيا للظاهر من النظم القرآنى الكريم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يكون له شاهد شرعى يؤيده‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن ل يكون له معارضِ شرعى أو عقلى‪.‬‬
‫وهذه الشروط الثلثة قد أوضحناها فيما سبقا‪ ً،‬فل حاجة بنا إلى إعادة توضيحها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن يردعى أن التفسير الشارى هو المراد وحده دون الظاهر‪ ً،‬بل ل بد أن نعترف بالمعنى الظاهر‬
‫أولل‪ ً،‬إذ ل يطمع فى الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر "وممن ا سدعى فهم أسرار القرآن ولم يمحيكم‬
‫التفسير الظاهر فهو كمن اردعى البلوغا إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب"‪.‬‬
‫علمت هذا‪ ً،‬علمت بصورة قاطعة أنه ل يمكن لعاقل أن يقبل ما ينرقل عن بعضِ المتصوفة من أنه‬ ‫ر‬ ‫إذا‬
‫ل ربرإذرنره{ُ فقال‪ :‬معناه "من‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [255‬من سورة البقرة‪} :‬ممن مذا ٱلرذيِ ميهشمفيع رعهنمديه إر ر‬
‫ذل" من الذل "ذى" إشارة إلى النفس "يشف" من الشفاء "ع" أمر من الوعى‪ .‬وما ينرقل عن بعضهم من أنه‬
‫فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [69‬من سورة العنكبوت‪} :‬موإررن ٱلرلمه لممممع ٱهليمهحرسرنيمن{ُ ‪ ..‬فجعل "لمع" فع ل‬
‫ل‬
‫ماضيا بمعنى أضاء‪ ً،‬و "المحسنين" مفعوله‪.‬‬
‫هذا التفسير وأمثاله إلحاد فى آيات ال‪ ً،‬وال تعالى يقول‪} :‬إررن ٱرلرذيمن يهلرحيدومن رفيي آميارتمنا م‬
‫ل ميهخمفهومن معلمهيمنآ{ُ ‪..‬‬
‫قال اللوسى فى تفسير هذه الية‪" :‬أى ينحرفون فى تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والستقامة‬
‫فيحملونها على المحامل الباطلة‪ ً،‬وهو مراد ابن عباس بقوله‪ :‬يضعون الكلم فى غير موضعه"‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬ومعنى كونه مقبولل عدم رفضه ل‬ ‫هذه هى الشروط التى إذا توفرت فى التفسير الشارى كان مقبو ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وجوب الخذ به‪ ً،‬أما عدم رفضه فلنه غير مناف للظاهر ول بالغ مبلغ التعسف‪ ً،‬وليس له ما ينافيه أو‬
‫يعارضه من الدلة الشرعية‪.‬‬
‫وأما عدم وجوب الخذ به‪ ً،‬فلنه من قبيل الوجدانيات‪ ً،‬والوجدانيات ل تقوم على دليل ول تستند إلى‬
‫برهان‪ ً،‬وإنما هى أمر يجده الصوفى من نفسه‪ ً،‬وسر بينه وبين ربه‪ .‬فله أن يأخذ به ويعمل على‬
‫مقتضاه‪ ً،‬دون أن ييلزم به أحدا من الناس سواه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أهم كتب التفسير الشارى ( ضمن‬
‫العنوان ) ‪ -1‬تفسير القرآن العظيم )للتسترى( (‬

‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير هو أبو محمد سهل بن عبد ال بن يونس بن عيسى بن عبد ال‪ ً،‬التسترى‪ ً،‬المولود‬
‫بيتهسمتر سنة ‪ 200‬هـ )مائتين( وقيل سنة ‪) 201‬إحدى ومائتين من الهجرة(‪.‬‬
‫كان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من كبار العارفين‪ ً،‬ولم يكن فه فى الورع نظير‪ .‬وكان صاحب كرامات‪ ً،‬ولقى‬
‫الشيخْ ذا النون المصرى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬بمكة‪ .‬وكان له اجتهاد وافر ورياضة عظيمة‪ .‬أقام بالبصرة‬
‫ل‪ ً،‬وتوفى بها سنة ‪ 283‬هـ )ثلث وثمانين ومائتين(‪ ً،‬قيل سنة ‪ 273‬هـ )ثلث وسبعين‬ ‫زمنا طوي ل‬
‫ومائتين(‪ ً،‬فرحمه ال رحمه واسعة‪.‬‬
‫* * * التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫هذا التفسير مطبوع فى مجلد صغير الحجم‪ ً،‬ولم يتعررضِ فيه مؤلفه لتفسير القرآن آية آية‪ ً،‬بل تكلم عن‬
‫ل ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬لم يؤلف هذا الكتاب‪ً،‬‬ ‫آيات محدودة ومتفرقة من كل سورة‪ .‬ويظهر لنا أن سه ل‬
‫وإنما هى أقوال قالها سهل فى آيات متفرقة من القرآن الكريم‪ ً،‬ثم جمعها أبو بكر محمد بن أمج البلدى‪ً،‬‬
‫المذكور فى أول الكتاب‪ ً،‬والذى يقول كثيرا‪ :‬قال أبو بكر‪ :‬سئل سهل عن معنى كذا‪ .‬فقال كذا‪ ً،‬ثم‬
‫ضمنها هذا الكتاب ونسبها إليه‪.‬‬
‫نقرأ فى هذا الكتاب‪ ً،‬فنجد مؤلفه يقدم له بمقدمة يوضح فيها معنى ظاهر القرآن وباطنه‪ ً،‬ومعنى الحد‬
‫والمطلع‪ ً،‬فيقول‪" :‬ما من آية فى القرآن إل ولها أربعة معان‪ :‬ظاهر‪ ً،‬وباطن‪ ً،‬وحد‪ ً،‬ومطلع‪ .‬فالظاهر‪:‬‬
‫التلوة‪ ً،‬والباطن‪ :‬الفهم‪ ً،‬والحد‪ :‬حللها وحرامها‪ .‬والمطلع‪ :‬إشراقا القلب على المراد بها‪ .‬فقها من ال‬
‫معرز ومج رل‪ .‬فالعلم الظاهر علم عام‪ ً،‬والفهم لباطنه والمراد به خاص ‪ ..‬قال تعالى فى الية ]‪ [78‬من‬
‫لرء ٱهلمقهورم م‬
‫ل ميمكايدومن ميهفمقيهومن محرديثا{ُ‪ :‬أيِ ل يفقهون خطابا"‪.‬‬ ‫سورة النساء‪} :‬مفممارل مهــيؤ ي‬
‫ويقول فى موضع آخر‪ :‬قال سهل‪ :‬إن ال تعالى ما استولى ولييا من يأمة محمد صلى ال عليه وسلم إل‬
‫عرلمه القرآن‪ ً،‬إما ظاهرا وإما باطنا‪ .‬قيل له‪ :‬إن الظاهر نعرفه فالباطن ما هو؟ قال‪ :‬فهمه‪ ً،‬وإن فهمه هو‬
‫المراد"‪.‬‬
‫ل التسترى يرى‪ :‬أن الظاهر هو المعنى السلغوى المجررد‪ ً،‬وأن الباطن‬ ‫فمن هاتين العبارتين‪ ً،‬نأخذ أن سه ل‬
‫هو المعنى الذى ييفهم من الرلفظ ويريده ال تعالى من كلمه ‪ ..‬كما نأخذ منه‪ :‬أنه يرى أن المعانى‬
‫الظاهرة أمر عام يقف عليها كل ممن يعرف اليلسان العربى‪ ً،‬أما المعانى الباطنة‪ ً،‬فأمر خاص يعرفه أهل‬
‫ال بتعليم ال إياهم وإرشادهم إليه‪.‬‬
‫ل ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬لم يقتصر فى تفسيره على المعانى الشارية وحدها‪ ً،‬بل نجده يذكر‬ ‫كذلك نجد سه ل‬
‫أحيانا المعانى الظاهرة‪ ً،‬ثم يعقبها بالمعانى الشارية‪ ً،‬وقد يقتصر أحيانا على المعنى الشارى وحده‪ً،‬‬
‫كما يقتصر أحيانا على المعنى الظاهرى‪ ً،‬بدون أن يعرج على باطن الية‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وحين يعرضِ سهل للمعانى الشارية ل يكون واضحا فى كل ما يقوله‪ ً،‬بل تارة بالمعانى الغريبة التى‬
‫نستبعد أن تكون مرادة ل تعالى‪ ً،‬وذلك كالمعانى التى نقلناها عنه سابقا فى معنى البسملة‪ ً،‬و "آلم" فاتحة‬
‫البقرة‪ ً،‬وتارة يأتى بالمعانى الغريبة التى يمكن أن تكون من مدلول الرلفظ أو مما يشير إليه الرلفظ‪ ً،‬وذلك‬
‫هو الغالب فى تفسيره‪.‬‬
‫كذلك نجد المؤلف ينحو فى كتابه هذا منحى تزكية النفوس‪ ً،‬وتطهير القلوب‪ ً،‬والتحلى بالخلقا‬
‫والفضائل التى يدل عليها القرآن ولو بطريقا الشارة ‪ ..‬وكثيرا ما يسوقا من حكايات الصالحين‬
‫وأخبارهم ما يكون شاهدا لما يذكره‪ ً،‬كما أنه يتعرضِ في بعضِ الحيان لدفع إشكالت قد ترد على‬
‫ظاهر الرلفظ الكريم‪ ً،‬وإليك نماذج من تفسيره‪.‬‬
‫فى سورة العراف عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪} :[148‬موٱرتمخمذ مقهويم يمومسـى رمن مبهعردره رمهن يحرليرههم‬
‫ل مجمسدا لريه يخموافر{ُ يقول ما نصه‪" :‬عجل كل إنسان مما أقبل معمليه فأعرضِ به عن ال من أهل وولد‪ً،‬‬ ‫رعهج ل‬
‫ول يتخلص من ذلك إل بعد إفناء جميع حظوظه من أسبابه‪ ً،‬كما لم يتخلص معمبدة العجل من عبادته إل‬
‫بعد قتل النفوس"‪.‬‬
‫وفى سورة الشعراء عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [82 - 78‬حكاية عن إبراهيم عليه السلم‪:‬‬
‫ضيت مفيهمو ميهشرفيرن * موٱرلرذيِ يرمييترني يثرم‬ ‫}ٱرلرذيِ مخملمقرني مفيهمو ميههرديرن * موٱرلرذيِ يهمو يهطرعيمرني موميهسرقيرن * موإرمذا ممرر ه‬
‫يهحرييرن * موٱرلرذييِ أمهطمميع مأن ميهغرفمر رلي مخرطيمئرتي ميهوم ٱليديرن{ُ ‪ ..‬يقول ما نصه‪} :‬ٱرلرذيِ مخلممقرني مفيهمو ميههرديرن{ُ أى‬
‫الذى خلقنى لعبوديته يهدينى إلى يقهربه‪} ً،‬موٱرلرذيِ يهمو يهطرعيمرني موميهسرقيرن{ُ قال‪ :‬يطعمنى لذة اليمان ويسقينى‬
‫ضيت مفيهمو ميهشرفيرن{ُ قال‪ :‬يعنى إذا تحركت بغيره لغيره عصمنى‪ ً،‬وإذا‬ ‫شراب التوكل والكفاية‪} ً،‬موإرمذا ممرر ه‬
‫على‪} ً،‬وٱرلرذيِ يرمييترني يثرم يهحرييرن{ُ قال‪ :‬الذى يميتنى ثم يحيينى بالذكر‪ً،‬‬ ‫ملت إلى شهوة من الدنيا ممنعها ر‬
‫لدب بين الخوف‬ ‫}موٱرلرذييِ أمهطمميع مأن ميهغرفمر رلي مخرطيمئرتي ميهوم ٱليديرن{ُ قال‪ :‬أخرج كلمه على شروط ا م‬
‫والرجاء‪ ً،‬ولم يحكم عليه بالمغفرة"‪.‬‬
‫وفى سورة الصافات عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[107‬مومفمدهيمنايه ربرذهبهَح معرظيهَم{ُ قال ما نصه‪" :‬إبراهيم عليه‬
‫الصلة والسلم لما أحب ولده بطبع البشرية‪ ً،‬تداركه من ال فضله وعصمته حتى أمره بذبحه‪ ً،‬إذ لم‬
‫يكن المراد منه تحصيل الذبح‪ ً،‬وإنما كان المقصود تخليص السر من حب غيره بأبلغ السباب‪ ً،‬فلما‬
‫خلص السر له‪ ً،‬ورجع عن عادة الطبع‪ ً،‬فداه بذبح عظيم"‪.‬‬
‫فهذه المعانى كلها مقبوله ويمكن إرجاعها بدون تكلف إلى الرلفظ القرآنى بدون معارضة شرعية أو عقلية‬
‫‪ ..‬والكتاب ‪ -‬فى الغالب ‪ -‬يسير على هذه الطريقة‪ ً،‬وهى ل شوب فيها‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أهم كتب التفسير الشارى ( ضمن‬
‫العنوان ) ‪ -2‬حقائقا التفسير )للسلمى( (‬

‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو أبو عبد الرحمن‪ ً،‬محمد بن الحسين بن موسى‪ ً،‬الزدى السلمى‪ ً،‬المولود سنة‬
‫‪ 330‬هـ )ثلثين وثلثمائة من الهجرة(‪ ً،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫كان رحمه ال شيخْ الصوفية وعالمهم بخراسان‪ ً،‬له اليد الطولى فى التصوف‪ ً،‬والعلم الغزير‪ ً،‬والسير‬
‫على سنن المسملف‪ ً،‬أخذ الطريقا عن أبيه‪ ً،‬فكان موفقا فى جميع علوم الحقائقا ومعرفة طريقا التصوف‪.‬‬
‫وكان على جانب عظيم من العلم بالحديث‪ ً،‬حتى قيل‪ :‬إنه حردث أكثر من أربعين سنة إمللء وقراءة‪.‬‬
‫وكتب الحديث بنيسابور‪ ً،‬ومرو‪ ً،‬والعراقا‪ ً،‬والحجاز‪ ً،‬وصسنف سننا لهل خراسان‪ ً،‬وأخذ عنه بعضِ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحرفاظ‪ :‬منهم الحاكم أبو عبد ال‪ ً،‬وأبو القاسم القشيرى‪ ً،‬وغيرهما‪ ً،‬ولقد خرلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من الكتب‬
‫ما يزيد على المائة‪ :‬منها ما هو فى علوم القوم‪ ً،‬ومنها ما هو فى التاريخْ‪ ً،‬ومنها ما هو فى الحديث‪ً،‬‬
‫ومنها ما هو فى التفسير‪.‬‬
‫ولكن السلمى مع وفرة جللته‪ ً،‬وعظيم منزلته بين مريديه‪ ً،‬لم يسلم كغيره من الصوفية من الطعن عليه‪ً،‬‬
‫قال الخطيب‪ :‬قال محمد بن يوسف النيسابورى القطان‪ :‬كان السلمى غير ثقة‪ ً،‬يضع للصوفية‪ ً،‬وكأن‬
‫الخطيب لم يرضِ هذا الطعن فيه‪ ً،‬فقال حكاية هذا القول‪" :‬قدر أبى عبد الرحمن عند أهل الطعن فيه‪ً،‬‬
‫فقال حكاية هذا القول‪" :‬قدر أبى عبد الرحمن عند أهل بلده جليل‪ ً،‬وكان مع ذلك محمودا صاحب حديث"‬
‫‪ ..‬قال ابن السبكى صاحب طبقات الشافعية‪" :‬قول الخطيب فيه هو الصحيح‪ ً،‬وأبو عبد الرحمن ثقة‪ ً،‬ول‬
‫عبرة بهذا الكلم فيه" هذا ‪ ..‬وقد كانت وفاته سنة ‪ 412‬هـ )اثنتى عشرة وأربعمائة من الهجرة(‪ً،‬‬
‫فرحمه ال رحمة واسعة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يقع هذا التفسير فى مجلد واحد كبير الحجم‪ ً،‬ومنه نسختان مخطوطتان بالمكتبة الزهرية‪.‬‬
‫قرأت فى هذا التفسير‪ ً،‬فوجدته يستوعب جميع سور القرآن‪ ً،‬ولكنه ل يتعرضِ فيه لظاهر القرآن‪ ً،‬وإنما‬
‫جرى فى جميع ما كتبه على نمط واحد‪ ً،‬وهو التفسير الشارى‪ ً،‬وهو إذ يقتصر على ذلك ل يعنى أن‬
‫التفسير الظاهر غير مراد‪ ً،‬لنه ييصيرح فى مقدمة تفسيره‪ :‬أنه أحب أن يجمع تفسير أهل الحقيقة فى‬
‫كتاب مستقل كما فعل أهل الظاهر‪.‬‬
‫ثم إن أبا عبد الرحمن السلمى‪ .‬لم يكن له مجهود فى هذا التفسير أكثر من أنه جمع مقالت أهل الحقيقة‬
‫بعضها إلى بعضِ‪ ً،‬ورتبها على حسب السور واليات‪ ً،‬وأخرجها للناس فى كتاب سماه "حقائقا التفسير‪".‬‬
‫وأهم ممن ينقل عنه السلمى فى حقائقه‪ :‬جعفر بن محمد الصادقا‪ ً،‬وابن عطاء ال السكندرى‪ ً،‬والجنيد‪ً،‬‬
‫والفضيل بن عياضِ‪ ً،‬وسهل بن عبد ال التسترى‪ ً،‬وغيرهم كثير‪.‬‬
‫وإليك بعضِ ما قاله فى مقدمته لتعلم أن السلمى حين اقتصر على المعانى الشارية لم يجحد المعانى‬
‫الظاهرة للقرآن‪ ً،‬ولتعلم أيضا أن مجهوده فى هذا التفسير إنما هو الجمع والترتيب‪.‬‬
‫قال رحمه ال‪ .." :‬لما رأيت المتوسمين بالعلوم الظواهر سبقوا فى أنواع فرائد القرآن‪ :‬من قراءات‪ً،‬‬
‫وتفاسير‪ ً،‬ومشكلت‪ ً،‬وأحكام‪ ً،‬وإعراب‪ ً،‬ولغة‪ ً،‬ومجمل‪ ً،‬ومفسر‪ ً،‬وناسخْ‪ ً،‬ومنسوخ‪ ً،‬ولم يشتغل أحد منهم‬
‫بجمع فهم خطابه على لسان الحقيقة إل آيات متفرقة‪ ً،‬ينسبت إلى أبى العباس ابن عطاء‪ ً،‬وآيات يذركر أنها‬
‫عن جعفر بن محمد‪ ً،‬على غير ترتيب‪ ً،‬وكنت قد سمعت منهم فى ذلك حروفا استحسنتها‪ ً،‬أحببت أن‬
‫أضم ذلك إلى مقالتهم‪ ً،‬وأضم أقوال مشايخْ أهل الحقيقة إلى ذلك‪ ً،‬وأرتبه على السور حسب وسعى‬
‫وطاقتى‪ ً،‬واستخريت ال فى جمع شىء من ذلك‪ ً،‬واستعنيت به فى ذلك وفى جميع يأمورى‪ ً،‬وهو حسبى‬
‫ونعم المعين"‪.‬‬
‫**‬
‫* طعن بعضِ العلماء على هذا التفسير‪:‬‬
‫غير أن القتصار على المعانى الشارية‪ ً،‬والعراضِ عن المعانى الظاهرة فى هذا المؤرلف‪ ً،‬ترك‬
‫للعلماء مجا لل للطعن على هذا التفسير وعلى صاحبه من أجله‪ ً،‬فالجل السيوطى رحمه ال يذكر أبا عبد‬
‫صرنف فى التفسير من المبتدعة ويقول‪" :‬وإنما‬ ‫الرحمن السلمى فى كتابه "طبقات المفسرين" ضمن من م‬
‫أوزدته فى هذا القسم لن تفسيره غير محمود"‪ .‬والحافظ الذهبى رحمه ال يقول عن السلمى‪ .." :‬وله‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صينفه‪ .‬فإنه تحريف وقرمطة‪ ً،‬ودونك الكتاب فسترى العجب"‪ً،‬‬ ‫كتاب يقال له حقائقا التفسير‪ ً،‬وليته لم ي م‬
‫ويقول السبكى فى "طبقات الشافعية"‪" :‬وكتاب حقائقا التفسير‪ ً،‬كثر الكلم فيه من رقمبل أنه اقتصر فيه على‬
‫ذكر تأويلت‪ ً،‬ومحال للصوفية ينبو عنها الرلفظ"‪.‬‬
‫صرنف أبو عبد الرحمن السلمى حقائقا التفسير‪ ً،‬فإن‬ ‫وقد ممرر بك آنفا أن المام أبا الحسن الواحدى قال‪ " :‬م‬
‫كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر"‪.‬‬
‫وهذا هو المام ابن تيمية يطعن على تفسير السلمى من ناحية أخرى فيقول‪" :‬وما يينقل فى حقائقا‬
‫السلمى عن جعفر الصادقا عامته كذب على جعفر كما قد كذب عليه فى غير ذلك"‪.‬‬
‫**‬
‫* رأينا فى هذه الطعون‪:‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإرن معرد السيوطى السلمى فى ضمن المفيسرين من أهل البدع غلو منه وإجحاف‪.‬‬
‫وما قاله الذهبى من أن ما فى الحقائقا تحريف وقرمطة ‪ -‬يريد أنه كتفسير الرامطة من الباطنية ‪ -‬فهذا‬
‫غير صحيح‪ ً،‬لن الرجل يقر الظواهر على ظواهرها‪ ً،‬والقرامطة بخلف ذلك‪.‬‬
‫وأما ما قاله السبكى من أن السلمى قد اقتصر فى حقائقه على تأويلت للصوفية ينبو عنها الرلفظ فهذه‬
‫كلمة حقا ل غبار عليها‪.‬‬
‫وأما قول الواحدى‪ :‬إنه لو اعتقد أن ما فى الحقائقا تفسير لكفر باعتقاده هذا‪ ً،‬فنقول فيه‪ :‬إن أبا عبد‬
‫الرحمن لم يعتقد أن هذا تفسير‪ ً،‬وإنما قال‪ :‬إنه إشارات تخفى وتدقا إل على أربابها‪ ً،‬كما صررح بذلك‬
‫فى مقدمة حقائقا التفسير‪.‬‬
‫وأما قول ابن تيمية‪ :‬إن ما يينقل فى حقائقا السلمى من التفسير عن جعفر عامته كذب على جعفر‪ ً،‬فهذه‬
‫كلمة حقا من ابن تيمية‪ ً،‬إذ أن غالب ما جاء فيه عن جعفر الصادقا كله من وضع الشيعة عليه‪ ً،‬ولست‬
‫أدرى كيف اغتر السلمى وهو العالم المحيدث بمثل هذه الروايات المختلفة الموضوعة‪...‬‬
‫**‬
‫* نماذج من تفسير السلمى‪:‬‬
‫وإذ قد فرغنا من الحديث على حقائقا التفسير‪ ً،‬فاسمع بعضِ ما جاء فيه‪ ً،‬لتحم أنت بدورك عليه‪:‬‬
‫فى سورة النساء عند قول ال تعالى فى الية ]‪} :[66‬موملهو أمرنا مكمتهبمنا معملهيرههم أمرن ٱهقيتلييوها أمهنيفمسيكهم أمرو ٱهخيريجوها‬
‫ل مقرليفل يمهنيههم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬قال محمد بن الفضل‪} :‬ٱهقيتلييوها أمهنيفمسيكهم{ُ بمخالفة هواها‪} ً،‬أمرو‬ ‫رمن ردميارريكهم رما مفمعيلويه إر ر‬
‫ل مقرليفل يمهنيههم{ُ فى العدد‪ ً،‬كثير فى‬ ‫ٱهخيريجوها رمن ردميارريكهم{ُ أى أخرجوا حب الدنيا من قلوبكم }رما مفمعيلويه إر ر‬
‫المعانى‪ ً،‬وهم أهل التوفيقا والوليات الصادمقة"‪.‬‬
‫ضِ مومجمعمل رفيمها مرموارسمي{ُ ‪ ..‬يقول‪:‬‬ ‫وفى سورة الرعد عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[3‬مويهمو ٱرلرذيِ ممرد ٱ م‬
‫لهر م‬
‫"قال بعضهم‪ :‬هو الذى بسط الرضِ وجعل فيها أوتادا من أوليائه وسادة من عبيده فإليهم الملجأ‪ ً،‬وبهم‬
‫النجاة‪ ً،‬فممن ضرب فى الرضِ يقصدهم فاز ونجا‪ ً،‬وممن كان بغيته لغيرهم خاب وخسر‪ .‬سمعت علسى‬
‫بن سعيد يقول‪ :‬سمعت أبا محمد الحريرى يقول‪ :‬كان فى جوار الجنيد إنسان مصاب فى خربة؛ً فلما‬
‫مات الجنيد وحملنا جنازته حضر الجنازة‪ ً،‬فلما رجعنا تقدم خطوات وعل موضعا من الرضِ عاليا‪ً،‬‬
‫فاستقبلنى بوجهه وقال‪ :‬يا أبا محمد؛ً إنى لراجع إلى تلك الخربة وقد فقدت ذلك السيد‪ ً،‬ثم أنشد شعرا‪:‬‬
‫*وما أسفى من فراقا قوم * هم المصابيح‪ ً،‬والحصون*‬
‫*والمدن‪ ً،‬والمزن‪ ً،‬والرواسى * والخير‪ ً،‬والمن‪ ً،‬والسكون*‬
‫*لم تتغير لنا الليالى * حتى توفتهم المنون*‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫*فكل جمر لنا قلوب * وكل ماء لنا عيون"*‬
‫ضِ‬‫لهر ي‬‫صربيح ٱ م‬ ‫وفى سورة الحج عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[63‬أملمهم متمر أمرن ٱلرلمه مأنمزمل رممن ٱلرسممآرء ممآلء مفيت ه‬
‫ضررلة{ُ ‪ ..‬يقول‪ :‬قال بعضهم‪ :‬أنزل مياه الرحممة من سحائب اليقربة‪ ً،‬وفتح إلى قلوب عباده عيونا من‬ ‫يمهخ م‬
‫ماء الرحمة‪ ً،‬فأنبتت فاخضرت بزينة المعرفة‪ ً،‬وأثمرت اليمان‪ ً،‬وأينعت التوحيد‪ .‬أضاءت بالمحبة‬
‫فهامت إلى سيدها‪ ً،‬واشتاقت إلى ربها فطارت بهمتها‪ ً،‬وأناخت بين يديه‪ ً،‬وعكفت فأقبلت عليه‪ً،‬‬
‫وانقطعت عن الكوان أجمع‪ ً،‬ذاك آواها الحقا إليه‪ ً،‬وفتح لها خزائن أنواره‪ ً،‬وأطلقا لها الخيرة فى‬
‫لنس‪ ً،‬ورياضِ الشوقا والقدس"‪.‬‬ ‫بساتين ا ي‬
‫لهكممارم{ُ‪ ..‬يقول‪" :‬قال‬ ‫وفى سورة الرحمن عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[11‬رفيمها مفاركمهفة موٱلرنهخيل مذايت ٱ م‬
‫جعفر‪ :‬جعل الحقا تعالى فى قلوب أوليائه رياضِ يأنسه‪ ً،‬فغرس فيها أشجار المعرفة‪ ً،‬يأصولها ثابتة فى‬
‫لنس فى كل أوان‪ ً،‬وهو قوله تعالى‪:‬‬ ‫أسرارهم‪ ً،‬وفروعها قائمة بالحضرة فى المشهد‪ ً،‬فهم يجنون ثمار ا ي‬
‫لهكممارم{ُ أى ذات اللوان‪ ً،‬كل يجتنى منه لونا عملى قدر سعته‪ ً،‬وما كوشفت له‬ ‫}رفيمها مفاركمهفة موٱلرنهخيل مذايت ٱ م‬
‫من بوادى المعرفة وآثار الولية"‪.‬‬
‫وفى سورة النفطار عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[14 ً،13‬إرن ٱ م‬
‫لهبمرامر ملرفي منرعيهَم * موإررن ٱهليفرجامر ملرفي‬ ‫ر‬
‫مجرحي هَم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬قال جعفر‪ :‬النعيم المعرفة والمشاهدة‪ ً،‬والجحيم النفوس‪ ً،‬فإن لها نيران تتقد"‪.‬‬
‫صير ٱللرره موٱهلمفهتيح{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬قال ابن عطاء ال‪:‬‬ ‫وفى سورة النصر عند قوله تعالى فى أولها‪} :‬إرمذا مجآمء من ه‬
‫إذا شغلك به عما دونه فقد جاءمك الفتح من ال تعالى‪ ً،‬والفتح هو النجاة من السجن البشرى بلقاء ال‬
‫تعالى"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أهم كتب التفسير الشارى ( ضمن‬
‫العنوان ) ‪ -3‬عرائس البيان فى حقائقا القرأن )لبى محمد الشيرازى( (‬

‫* التعريف بمؤلف هذا التفسير‪:‬‬


‫مؤلف هذا التفسير هو أبو محمد روزبهان بن أبى النصر‪ ً،‬البقلى‪ ً،‬الشيرازى الصوفى‪ ً،‬المتوفى سنة‬
‫‪ 666‬هـ )ستة وستون وستمائة من الهجرة النبوية(‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير‪:‬‬
‫جرى مؤلف هذا التفسير على نمط واحد وهو التفسير الشارى‪ ً،‬ولم يتعرضِ للتفسير الظاهر بحال‪ً،‬‬
‫وإن كان يعتقد أنه ل بد منه أولل‪ ً،‬يدل على ذلك قوله فى المقدمة‪" :‬ولما وجديت أن كلمه الزلى ل‬
‫نهاية له فى الظاهر والباطن‪ ً،‬ولم يبلغ أحد إلى كماله وغاية معانيه‪ ً،‬لن تحت كل حرف من حروفه‬
‫بحرا من بحار السرار‪ ً،‬ونهرا من أنهار النوار‪ ً،‬لنه وصف القديم‪ ً،‬وكمال ل نهاية لذاته ول نهاية‬
‫لفم موٱهلمبهحير مييمسديه رمن مبهعردره مسهبمعية أمهبيحهَر رما‬
‫ضِ رمن مشمجمرهَة أمهق م‬ ‫لصفاته‪ ..‬قال ال تعالى‪} :‬مولمهو أمرنمما رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫منرفمدهت مكرلممايت ٱلرلره{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬يقل لرهو مكامن ٱهلمبهحير رممدادا ليمكرلممارت مريبي لممنرفمد ٱهلمبهحير مقهبمل مأن متنمفمد مكرلممايت مريبي{ُ‪ً،‬‬
‫فتعرض يت أن أغرف من هذه البحور الزلية غرفات من حكم الزليات‪ ً،‬والشارات والبديات‪ ً،‬التى‬
‫تقتصر عنها أفهام العلماء وعقول الحكماء‪ ً،‬اقتدالء بالولياء‪ ً،‬ويأسوة بالخلفاء‪ ً،‬ويسرنة للصفياء‪ ً،‬وصرنفيت‬
‫فى حقائقا القرآن‪ ً،‬ولطائف البيان‪ ً،‬وإشارة الرحمن فى القرآن‪ ً،‬بألفاظ لطيفة وعبارات شريفة‪ ً،‬وربما‬
‫ذكرت تفسير آية لم يفيسرها المشايخْ‪ ً،‬ثم أردفيت بعد قولى أقوال مشايخى مما عباراتها ألطف‪ ً،‬وإشاراتها‬
‫ل‪ ً،‬واستخريت ال تعالى‬ ‫ل وأحسن تفصي ل‬ ‫أظرف ببركاتهم‪ ً،‬وتركيت كثيرا منها ليكون كتابى أخف محم ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فى ذلك‪ ً،‬واستعنيت به‪ ً،‬ليكون موافقا لمراده‪ ً،‬ومواطئا ليسرنة رسوله وأصحابه وأولياء أيرمته‪ ً،‬وهو حسبى‬
‫وحسب كل ضعيف ‪ ..‬وسميته بـ "عرائس البيان فى حقائقا القرآن" ‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذه المقدمة أن صاحبنا يعترف بالمعانى الظاهرة للقرآن‪ ً،‬ويقرر أن ما ذكره فى كتابه ما‬
‫هو إل سوانح سنحت له من حقائقا القرآن‪ ً،‬وإشارات تجرلت له من جانب الرحمن‪ ً،‬كما ترى فيها وصفة‬
‫لكتابه والمسلك الذى سلكه فيه‪ ً،‬غير أنى ألحظ فى قوله‪" :‬واستعنيت به لمراده‪ ً،‬ومواطئا ليسرنة رسوله" أنه‬
‫يريد أن يقرر أن كل ما فى كتابه من المعانى ليس إل تفسيرا لكتاب ال وبيانا لمراده منه‪ ً،‬وهذا هو ما‬
‫ل نقره عليه‪ ً،‬ول ينسيلمه له‪ ً،‬لن هذه المعانى الغريبة التى يأتى بها فى تفسيره ل يمكن أن تكون داخلة‬
‫لمة‪ ً،‬وحسبه أن نقره‬ ‫تحت مدلول الرلفظ القرآنى‪ ً،‬ول يعقل أن تكون مرادة ال تعالى من خطابه لفراد ا ي‬
‫على أنها ذكر لنظير ما ورد به القرآن‪.‬‬
‫وإليك بعضِ ما جاء فى هذا التفسير‪:‬‬
‫ل معملى ٱرلرذيمن‬ ‫ضـى مو م‬ ‫ل معملـى ٱهلممهر م‬ ‫ضمعمفآرء مو م‬ ‫فى سورة التوبة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[91‬لرهيمس معملى ٱل س‬
‫ل ميرجيدومن مما يينرفيقومن محمرفج{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬وصف ال يزمرة أهل المراقبات‪ ً،‬ومجالس المحاضرات‪ً،‬‬ ‫م‬
‫والهائمين فى المشاهدات‪ .‬والمستغرقين فى بحار الزليات‪ ً،‬الذين أنحلوا جسومهم بالمجاهدات‪ً،‬‬
‫وأمرضوا نفوسهم بالرياضات‪ ً،‬وأذابوا قلوبهم بدوام الذكر‪ ً،‬وجولنها فى الفكر‪ ً،‬وخرجوا بعقائدهم‬
‫الصافية‪ ً،‬عن الدنيا الفانية بمشاهدته الباقية‪ ً،‬بأن رفع عنهم بفضله محمرج المتحان‪ ً،‬وأبقاهم فى مجلس‬
‫ل معلمـى‬ ‫ضمعمفآرء{ُ يعنى الذين أضعفهم حمل أوقار المحبة‪} ً،‬مو م‬ ‫لنس ورياضِ اليقان‪ ً،‬وقال‪} :‬لرهيمس معملى ٱل س‬ ‫اي‬
‫ل ميرجيدومن مما يينرفيقومن{ُ الذين يتجردون عن‬ ‫ل معملى ٱرلرذيمن م‬ ‫ضـى{ُ الذين أمرضهم مرارة الصبابات‪} ً،‬مو م‬ ‫ٱهلممهر م‬
‫الكوان بتجريد التوحيد وحقائقا التفريد‪} ً،‬محمرفج{ُ‪ :‬عتاب من جهة العبودية والمجاهدة‪ ً،‬لنهم متقولون‬
‫بسيف المحبة‪ ً،‬مطروحون بباب الوصلة‪ ً،‬ضعفهم من الشوقا‪ ً،‬ومرضهم من الحب‪ ً،‬وفقرهم من حسن‬
‫الرضا"‪.‬‬
‫ل مومجمعمل مليكهم يممن ٱهلرجمبارل‬ ‫لل‬ ‫وفى سورة النحل عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[81‬موٱللريه مجمعمل مليكهم يمرما مخملمقا رظ م‬
‫أمهكمنانا مومجمعمل لميكهم مسمراربيمل مترقييكيم ٱهلمحرر مومسمراربيمل مترقييكم مبهأمسيكهم مكمذرلمك يرتسم رنهعمممتيه معلمهييكهم لممعلريكهم يتهسرليمومن{ُ ‪..‬‬
‫يقول‪" :‬يعنى ظلل أوليائه‪ ً،‬ليستظل بها المريدون من شدة حر الهجران‪ ً،‬ويأوون إليها من قهر الطغيان‪ً،‬‬
‫وشياطين النس والجان‪ ً،‬لنهم ظلل ال فى أرضه‪ ً،‬لقوله عليه السلم‪" :‬السلطان ظل ال فى أرضه‪ً،‬‬
‫يأوى إليه كل مظلوم"‪} ً،‬مومجمعمل لميكهم يممن ٱهلرجمبارل أمهكمنانا{ُ أكنان الجبال‪ :‬قلوب أكابر المعرفة‪ ً،‬وظلل أهل‬
‫السعادة من أهل المحبة‪ ً،‬يسكن فيها المنقطعون إلى ال‪} ً،‬مومجمعمل لميكهم مسمراربيمل مترقييكيم ٱهلمحرر{ُ جعل للعارفين‬
‫لنس‪ ً،‬لئل يحترقوا بنيران القدس‪} ً،‬مومسمراربيمل مترقييكم مبهأمسيكهم{ُ سرابيل المعرفة وأسلحة‬ ‫سرابيل روح ا ي‬
‫المحبة‪ ً،‬لتدفعوا بها محاربة النفوس والشياطين‪ ً،‬ثم زاد نعته ومرنته عليهم بقوله‪} :‬مكمذرلمك يرتسم رنهعمممتيه‬
‫معلمهييكهم{ُ‪.‬‬
‫ل أممرى ٱهليههديهمد أمهم مكامن‬ ‫وفى سورة النمل عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[21 ً،20‬مومتمفرقمد ٱلرطهيمر مفمقامل ممارلمي م‬
‫لهذمبمحرنيه أمهو ملميهأرتمييني ربيسهلمطاهَن سمربيهَن{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬إن طير الحقيقة‬ ‫لمعيذمبرنيه معمذابا مشرديدا أمهو م‬‫رممن ٱهلمغآرئبيمن * ي‬
‫ر‬
‫ل‬
‫لسليمان طير قلبه فتفقده ساعة‪ ً،‬وكان قلبه غائبا فى غيب الحقا‪ ً،‬مشغول بالمذكور عن الذكر‪ ً،‬فتفقده وما‬
‫وجده‪ .‬فتعجب من شأنه ‪ ..‬أين قلبه إن لم يكن معه؟ ‪ ..‬فظن أنه غائب عن الحقا وكان فى الحقا غائبا‪ً،‬‬
‫وهذا شأن غيبة أهل الحضور من العارفين ساعات ل يعرفون أين هم‪ ً،‬وهذا من كمال استغراقهم فى‬
‫لعذبنه بالصبر على دوام‬ ‫لهذمبمحرنيه أمهو لمميهأرتمييني بيسهلمطان سمبين{ُ‪ :‬ي‬ ‫لمعيذمبرنيه معمذابا مشرديدا أمهو م‬‫ال‪ ً،‬فقال‪ } :‬ي‬
‫هَ ر هَ‬ ‫ر‬
‫المراقبة والرعاية‪ ً،‬وألقينه فى بحر النكرة من المعرفة‪ ً،‬ليفنى ثم يفنى عن الفناء‪ ً،‬أو أذبحنه بسيقا المحبة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أو بسيف العشقا‪ ً،‬أو ليأتينى من الغيب بسواطع أنوار أسرار الزل‪."..‬‬
‫هذا ‪ ..‬والكتاب مطبوع فى جزءين‪ ً،‬يضمهما مجلد كبير‪ ً،‬وتوجد منه نسخة بالمكتبة الزهرية‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أهم كتب التفسير الشارى ( ضمن‬
‫العنوان ) ‪ -4‬التأويلت النجمية )لنجم الدين داية‪ ً،‬وعلء الدولة السمنانى( (‬

‫* التعريف بمؤلفى هذا التفسير‪:‬‬


‫أرلف هذا التفسير نجم الدين داية‪ ً،‬ومات قبل أن يتمه‪ ً،‬فأكمله من بعده علء الدولة السمنانى‪ ً،‬وسنوضح‬
‫ذلك فيما بعد عند الكلم عن هذا التفسير‪ ً،‬إذن فقد اشترك نجم الدين داية وعلء الدولة السمنانى فى هذا‬
‫التفسير‪ ً،‬وإذن لزم الكلم عن حياة كل من الشيخين‪.‬‬
‫* أما نجم الدين داية‪:‬‬
‫فهو الشيخْ نجم الدين‪ ً،‬أبو بكر بن عبد ال بن محمد بن شاهادر السدى الرازى المعروف بـ "داية"‪ً،‬‬
‫المتوفى سنة ‪654‬هـ )أربع وخمسون وستمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫كان من خيار الصوفية "أخذ الطريقا عن شيخه نجم الدين أبى الجناب المعروف بالبكرى‪ ً،‬وكان مقيما‬
‫أول أمره بخوارزم‪ ً،‬ثم خرج منها أيام حروب جنكيز خان إلى بلد الروم‪ ً،‬وهناك لقى صدر الدين‬
‫القنوى وأخذ عنه‪ ً،‬ويقال‪ :‬إنه استشهد فى حروب جنكيز خان‪ ً،‬كما يقال إنه مدفون بالشونزية ببغداد‪ً،‬‬
‫قرب السرى السقطى والجنيد"‪.‬‬
‫* وأما علء الدولة السمنانى‪:‬‬
‫فهو أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السمنانى‪ ً،‬البيانانكى‪ ً،‬الملقب بعلء الدولة‪ ً،‬وركن الدين‪ ً،‬والمولود‬
‫سنة ‪ 659‬هـ )تسع وخمسين وستمائة(‪ .‬تفقه وطلب الحديث على كثير من شيوخ عصره‪ ً،‬حتى برع‬
‫فى العلم‪ ً،‬قال الذهبى‪" :‬كان إماما جامعا‪ .‬كثير التلوة‪ ً،‬وله وقع فى النفوس‪ ً،‬وكان يحط على ابن عربى‬
‫ويمكيفره‪ ً،‬وكان مليح الشكل‪ ً،‬حسن اليخيلقا‪ ً،‬غزير الفتوة‪ ً،‬كثير البر‪ ً،‬يحصل له من أملكه نحو تسعين ألفا‬
‫فينفقها فى القرب‪ .‬أخذ عن صدر الدين بن حمويه‪ ً،‬وسراج الدين القزوينى‪ ً،‬وإمام الدين بن علسى مبارك‬
‫البكرى‪ .‬وذكر أن مصنفاته تزيد على ثلثمائة"‪.‬‬
‫وذكره السنوى فى طبقاته وقال‪" :‬كان عالما مرشدا‪ ً،‬له كرامات وتصانيف فى التفسير والتصوف‬
‫وغيرهما"‪ ً،‬ومن مصنفاته مدارج المعارج‪ ً،‬وتكملة التأويلت النجمية‪ .‬وذكر صاحب كشف الظنون أن‬
‫له تفسيرا كبيرا فى ثلثة عشر مجلدا‪ ً،‬ولكن لم يبين لنا إن كان هذا التفسير على طريقة القوم أو طريقة‬
‫المف يسرين‪ .‬وكان رحمه ال قد دخل بلد التتار‪ ً،‬ثم رجع وسكن تبريز وبغداد‪ ً،‬ومات فى رجب سنة‬
‫‪ 736‬هـ )ست وثلثين وسبعمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفيه فيه‪:‬‬
‫يقع هذا التفسير فى خمس مجلدات كبار‪ ً،‬ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب‪ ً،‬وهى التى رجعنا إليها‪.‬‬
‫ل يمن ٱللرهيرل مما‬
‫ينتهى المجلد الرابع عند قوله تعالى فى اليتين ]‪ [18 ً،17‬من سورة الذاريات‪} :‬مكاينوها مقرلي ل‬
‫ميههمجيعومن * موربٱِ م‬
‫لهسمحارر يههم ميهسمتهغرفيرومن{ُ ‪ ..‬وهذا هو نهاية ما وصل إليه نجم الدين داية فى تفسيره‪ ً،‬أما‬
‫المجلد الخامس‪ ً،‬فهو تكملة لهذا التفسير‪ ً،‬كتبه علء الدولة وجعله تتمة لكتاب نجم الدين داية‪ ً،‬وقد قردم‬
‫لهذه التكملة بمقدمة طويلة ل يفهمها إل ممن يعرف لغة القوم واصطلحاتهم‪ ً،‬ولهذا يقول فيها‪ .." :‬ول‬
‫يؤمن أحد بالذى قلته إل بعد السلوك‪ ً،‬ومشاهدته من حيث العيان ما سمعه من هذا البيان‪ ً،"..‬ثم بعد أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فرغا من المقدمة‪ ً،‬فرسر الفاتحة على طريقة القوم‪ ً،‬مع أن نجم الدين فرسرها أول الكتاب‪ .‬ثم بعد ذلك ابتدأ‬
‫بسورة الطور‪ ً،‬وانتهى عند آخر القرآن‪ .‬وييلمحظ أنه لم يكمل تفسير سورة الذاريات‪ ً،‬التى مات نجم‬
‫الدين قبل أن يفرغا من تفسيرها‪.‬‬
‫والذى يقرأ فى هذا التفسير‪ ً،‬ويقارن بين ما كتبه نجم الدين داية‪ ً،‬وبين ما كتبه السمنانى‪ ً،‬يلحظ أن هناك‬
‫فرقا بين التفسيرين‪ ً،‬ذلك أن الجانب الذى كتبه نجم الدين يتعرضِ فيه أحيانا للتفسير الظاهر‪ ً،‬ثم يعقبه‬
‫ل‪ :‬والشارة فيه إلى كذا وكذا‪ ً،‬وما يذكره من التفسير الشارى سهل المأخذ‪ ً،‬لنه‬ ‫بالتفسير الشارى قائ ل‬
‫ل يقوم على قواعد من الفلسفة الصوفية‪ .‬كما أنه يربط بين اليات‪.‬‬
‫أما الجانب الذى كتبه السمنانى فل يعرج فيه على المعانى الظاهرة‪ ً،‬كما أنه ليس فيه السهولة التى فى‬
‫الجانب الذى كتبه نجم الدين‪ ً،‬بل هو تفسير معقد مغلقا‪ ً،‬والسر فى ذلك‪ :‬أنه بناه على قواعد فلسفية‬
‫صوفية‪ ً،‬هذه القواعد ذكرها فى مقدمة التكملة‪ ً،‬وهى يطول ذكرها‪ ً،‬ويصعب فهمها‪ ً،‬ويكفى أن أشير هنا‬
‫إلى بعضِ منها‪.‬‬
‫ل نراه يقرر فى هذه المقدمة‪ :‬أن كل آية لها سبعة أبطن‪ ً،‬كل بطن يخالف الخر‪ ً،‬ثم يوضح لنا هذه‬ ‫فمث ل‬
‫البطون السبعة‪ :‬فبطن مخصوص بالطبقة القالبية‪ ً،‬وبطن مخصوص باللطيفة النفسية‪ ً،‬وبطن مخصوص‬
‫باللطيفة القلبية‪ ً،‬وبطن مخصوص باللطيفة السرية‪ ً،‬وبطن مخصوص باللطيفة الروحية‪ ً،‬وبطن‬
‫مخصوص باللطيفة الخفية‪ ً،‬وبطن مخصوص باللطيفة الحقية‪ ً،‬ولتوضيح ذلك فرسر لنا قوله تعالى فى‬
‫لمة موأمهنيتهم يسمكامرـى{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬على هذه‬ ‫صم‬ ‫ل متهقمريبوها ٱل ر‬‫الية ]‪ [43‬من سورة النساء‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها م‬
‫البطون السبعة سبع تفسيرات‪ ً،‬كل يخالف الخر‪ .‬ثم هو لم يقف عند هذا الحد‪ ً،‬بل تعرداه إلى القول بأن‬
‫ضح ذلك بكلم يطول ذكره‪.‬‬ ‫لكل آية سبعين بطنا بل سبعمائة‪ ً،‬وو ر‬
‫وعلى الجملة ‪ ..‬فهذا التفسير المعروف بالتأويلت النجمية يمعد من أهم كتب التفسير الشارى‪ ً،‬وهو‬
‫أقرب إلى الفهم من غيره لول هذه التكملة‪ .‬وإليك نماذج منه‪ .‬بعضها لنجم الدين وبعضها لعلء الدولة‪ً،‬‬
‫لتعرف الفرقا بين التفسيرين وتلمس اختلف المشربين‪:‬‬
‫* من تأويلت نجم الدين‪:‬‬
‫صمل مطايلويت ربٱِهليجينورد مقامل إررن ٱلرلمه يمهبمترلييكهم ربمنمههَر‬ ‫فى سورة البقرة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[249‬مفلمرما مف م‬
‫ل ممرن ٱهغمتمرمف يغهرمفلة ربميردره{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬والشارى‬ ‫مفممن مشررمب رمهنيه مفملهيمس رميني موممن لرهم ميهطمعهميه مفرإرنيه رمينيي إر ر‬
‫فيها‪ :‬أن ال تعالى ابتلى الخلقا بنهر الدنيا‪ ً،‬وماء زينتها‪ ً،‬وما مزرين للخلقا فيها‪ ً،‬لقوله تعالى‪} :‬يزيمن رللرنارس‬
‫يحسب ٱلرشمهموارت رممن ٱلينمسارء موٱهلمبرنيمن{ُ ‪..‬الية‪ ً،‬لييظهر المحسن من المسىء‪ ً،‬ولييميز الخبيث من الطيب‪ً،‬‬
‫ضِ رزيمنلة لرمها رلمنهبيلمويههم أمسييهم أمهحمسين‬ ‫لهر ر‬ ‫والمقبول من المردود‪ ً،‬وكما قال تعالى‪} :‬إرنا مجمعهلمنا مما معملى ٱ م‬
‫ر‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫ل{ُ ‪ ..‬ثم امتحنهم وقال تعالى‪} :‬مفممن مشررمب رمهنيه مفلهيمس رميني موممن لهم ميطمعهميه مفرإرنيه رمينيي{ُ يعنى من‬ ‫معمم ل‬
‫أوليائه‪ ً،‬ومحبى وطلبى‪ ً،‬وله اختصاص بقربى‪ ً،‬وقبولى‪ ً،‬والتخلقا بأخلقى‪ ً،‬ونيل الكرامة منى‪ ً،‬كان‬
‫ل ممرن ٱهغمتمرمف يغهرمفلة ربميردره{ُ‪ :‬يعنى‪ :‬ممن‬ ‫النبى صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬أنا من ال‪ ً،‬والمؤمنون منى"‪} ً،‬إر ر‬
‫قنع من متاع الدنيا على ما ل بد منه‪ :‬من المأكول‪ ً،‬والمشروب‪ ً،‬والملبوس‪ ً،‬والمسكن‪ ً،‬وصحبة الخلقا‪.‬‬
‫على حد الضطرار بمقدار القوام‪ ً،‬كما كان النبى صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ .‬وكان يقول‪" :‬الرلهم‬
‫ارزقا آل محمد قوتا" ‪ -‬أيِ ما يمسك رمقهم"‪.‬‬
‫وفى سورة التوبة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[123‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها مقارتيلوها ٱرلرذيمن مييلومنيكهم يممن ٱهليكرفارر‬
‫موهلميرجيدوها رفييكهم رغهلمظلة موٱهعلميميوها أمرن ٱلرلمه مممع ٱهليمرترقيمن{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها{ُ أيِ صردقوا محمدا صلى‬
‫ال عليه وسلم فيما درلهم إلى ال بإذنه‪} ً،‬مقارتيلوها ٱرلرذيمن مييلومنيكهم يممن ٱهليكرفارر{ُ أى جاهدوا كفار النفس وصفاتها‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بمخالفة هواها صفاتها‪ ً،‬وتبديلها وحملها على طاعة ال‪ ً،‬والمجاهدة فى سبيله‪ ً،‬فإنها تحجبك عن ال‪ً،‬‬
‫}موهلميرجيدوها رفييكهم رغهلمظلة{ُ أى عزيمة صادقة فى فنائها بترك شهواتها ولرذاتها ومستحسناتها‪ ً،‬ومنازعتها فى‬
‫هواها‪ ً،‬وحملها على المتابعة فى طلب الحقا‪} ً،‬موٱهعلميميوها أمرن ٱلرلمه مممع ٱهليمرترقيمن{ُ بجذبة الوصول‪ ً،‬ليتقوا به‬
‫عما سواه‪ ً،‬كما يتقى المرء بترسه عن النشاب‪ ً،‬والرمح والسيف"‪.‬‬
‫وفى سورة يوسف عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[31 ً،30‬مومقامل رنهسموفة رفي ٱهلممرديمنرة ٱهممرأمية ٱهلمعرزيرز يتمرارويد‬
‫لهَل سمربيهَن * مفلمرما مسرممعهت ربممهكرررهرن أمهرمسلمهت إرلمهيرهرن موأمهعمتمدهت‬ ‫ضم‬ ‫مفمتامها معن رنهفرسره مقهد مشمغمفمها يحسبا إررنا لممنمرامها رفي م‬
‫مليهرن يمرتمكئا موآمتهت يكرل موارحمدهَة يمهنيهرن رسيكينا مومقاملرت ٱهخيرهج معملهيرهرن مفملرما مرأمهيمنيه أمهكمبهرمنيه مومقرطهعمن أمهيردمييهرن مويقهلمن محامش‬
‫ل مملمفك مكرريفم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬يشير بالنسوة إلى صفات البشرية النفسانية من‬ ‫لرلره مما مهــمذا مبمشرا إرهن مهــمذآ إر ر‬
‫البهيمية‪ ً،‬والسبعية‪ ً،‬والشيطانية فى مدينة الجسد‪} ً،‬ٱهممرأمية ٱهلمعرزيرز{ُ وهى الدنيا‪} ً،‬يتمرارويد مفمتامها معن رنهفرسره{ُ‬
‫تطالب عبدها وهو القلب‪ .‬كان عبدا فى البداية لحاجته إليها للتربية‪ .‬قلما كمل القلب وصفا عن دنس‬
‫البشرية استأهل المنظر اللهى‪ ً،‬فتجلى له الرب تبارك وتعالى فتنسور القلب بنور جماله وجلله‪ ً،‬فاحتاج‬
‫إليه كل شىء‪ ً،‬وسجد له حتى الدنيا‪} ً،‬مقهد مشمغمفمها يحسبا{ُ أى أحبته الدنيا غاية الحب‪ ً،‬لما ترى عليه آثار‬
‫جمال الحقا‪ .‬ولما لم يكن لنسوة صفات البشرية اطلع على جمال يوسف القلب‪ ً،‬كن يلمن الدنيا على‬
‫لهَل سمربيهَن{ُ ‪} ..‬مفملرما مسرممعهت{ُ زليخا الدنيا }ربممهكرررهرن{ُ فى ملمتها‪} ً،‬أمهرمسملهت‬ ‫ضم‬ ‫محبته‪ ً،‬فقلن‪} :‬إررنا ملمنمرامها رفي م‬
‫إرلمهيرهرن{ُ أى الصفات‪} ً،‬موأمهعمتمدهت لميهرن يمرتمكئا{ُ أى هيأت طعمة مناسبة لكل صفة منها‪} ً،‬موآمتهت يكرل موارحمدهَة‬
‫يمهنيهرن رسيكينا{ُ وهو سكين الذكر‪} ً،‬مومقاملرت{ُ زليخا الدنيا ليوسف القلب‪} ً،‬ٱهخيرهج معلمهيرهرن{ُ وهو إشارة إلى‬
‫غلبة أحوال القلب على صفات البشرية‪} ً،‬مفملرما مرأمهيمنيه{ُ أى وقعت على جماله وكماله‪} ً،‬أمهكمبهرمنيه{ُ أكبرن‬
‫ل مملمفك مكرريفم{ُ ما‬ ‫جماله أن يكون جمال مبمشر‪} ً،‬مويقهلمن محامش لرلره مما مهــمذا مبمشرا{ُ أى جمال بشر‪} ً،‬إرهن مهــمذآ إر ر‬
‫هذا إل جمال ملك كريم‪ ً،‬وهو ال تعالى بقراءة من قرأ ممرلك ‪ -‬بكسر اللم"‪.‬‬
‫لهنس‬ ‫وفى سورة النمل عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} [18 ً،17‬مويحرشمر رلهسلمهيممامن يجينويديه رممن ٱهلرجين موٱ ر‬
‫ل ميهحرطممرنيكهم‬‫موٱلرطهيرر مفيههم ييومزيعومن * محرتـى إرمذآ أممتهوا معملـى موارد ٱلرنهمرل مقاملهت منهمملفة ـيمأسيمها ٱلرنهميل ٱهديخيلوها مممساركمنيكهم م‬
‫ل ميهشيعيرومن{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬مويحرشمر رلهسلمهيممامن يجينويديه رممن ٱهلرجين{ُ أى صفته الشيطانية‪ً،‬‬ ‫يسلمهيمماين مويجينويديه مويههم م‬
‫لهنس{ُ أى صفته النفسانية‪} ً،‬موٱلرطهيرر{ُ‪ ً،‬أى صفته المالكية‪} ً،‬مفيههم ييومزيعومن{ُ عن طبيعتهم بالشريعة‪.‬‬ ‫}موٱ ر‬
‫م‬
‫ليسيخروا لسليمان القلب وينقادوا له‪} ً،‬محرتـى إرمذآ أمتهوا معملـى موارد ٱلرنهمرل{ُ وهو هوى النفس الحريصة على‬
‫الدنيا وشهواتها‪} ً،‬مقالمهت منهملمفة{ُ وهى النفس الرلوامة‪} ً،‬ـيمأسيمها ٱلرنهميل{ُ أى الصفات النفسانية‪} ً،‬ٱهديخيلوها مممساركمنيكهم{ُ‬
‫ل‬‫ل ميهحرطممرنيكهم{ُ‪} ً،‬يسلمهيمماين{ُ القلب‪} ً،‬مويجينويديه{ُ المسرخرة له‪} ً،‬مويههم م‬ ‫محالكم المختلفة وهى الحواس الخمس‪ } ً،‬م‬
‫ميهشيعيرو من{ُ لنهم الحقا‪ ً،‬وأنتم الباطل‪ ً،‬فإذا جاء الحقا زهقا الباطل‪ ً،‬كما أن الشمس إذا طلعت تبطل‬
‫الظلمة وتنفيها‪ ً،‬وهى ل تشعر بحال الظلمة وما أصابها"‪.‬‬
‫**‬
‫* من تأويلت السمنانى‪:‬‬
‫ل ليرلرذيمن آممينوها ٱهممرأممت رفهرمعهومن إرهذ‬ ‫ضمرمب ٱللريه مممث ل‬ ‫فى سورة التحريم عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[11‬مو م‬
‫مقالمهت مريب ٱهبرن رلي رعنمدمك مبهيتا رفي ٱهلمجرنرة مومنيجرني رمن رفهرمعهومن مومعمرلره مومنيجرني رممن ٱهلمقهورم ٱلرظارلرميمن{ُ ‪ ..‬يقول‪:‬‬
‫ل ليرلرذيمن آممينوها{ُ يعنى القوى المؤمنة من قوى النفس اللروامة‪} ً،‬ٱهممرأممت رفهرمعهومن{ُ يعنى القوة‬ ‫ضمرمب ٱللريه مممث ل‬ ‫}مو م‬
‫الصالحة القابلة تحت القوة الفاسدة الفاعلة المستكبرة‪ ً،‬ما ضررها كفر القوة الفاعلة الفاسدة إذا كانت‬
‫صالحة هى بنفسها‪} ً،‬إرهذ مقالمهت مريب ٱهبرن رلي رعنمدمك مبهيتا رفي ٱهلمجرنرة مومنيجرني رمن رفهرمعهومن مومعمرلره مومنيجرني رممن‬
‫ٱهلمقهورم ٱلرظارلرمي من{ُ يعنى إذ قالت اللطيفة الصالحة القابلة فى مناجاتها مع ربها‪ :‬ابن لى بيتا فى أخص‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أطوار القلب‪ ً،‬وقالت أيضا فى مناجاتها‪ :‬نجنى من هذه القوة الفاسدة والفاعلة وعملها‪ .‬ونجنى من أنوائها‬
‫وقواها الظالمة‪."...‬‬
‫وفى سورة الشمس عند قوله تعالى فى اليات ]‪ [11‬وما بعدها‪} :‬مكرذمبهت مثيمويد ربمطهغموامهآ * رإرذ ٱنمبمعمث‬
‫أمهشمقامها{ُ ‪) ...‬إلى أخر السورة(‪.‬‬
‫يقول‪} :‬مكرذمبهت مثيمويد ربمطهغموامهآ * رإرذ ٱنمبمعمث أمهشمقامها{ُ يعنى إذ انبعثت اللطيفة‪ ً،‬وأسرعت إلى الطاغية انبعث‬
‫أشقى قوى النفس على إثر اللطيفة الصالحة‪ ً،‬ليعقر ناقة شوقها‪} ً،‬مفمقامل لميههم مريسويل ٱلرلره{ُ أى اللطيفة‪} ً،‬منامقمة‬
‫ٱلرلره مويسهقميامها{ُ أى احذروا عقر ناقة الشوقا وشربها من عين الذكر‪} ً،‬مفمكرذيبويه مفمعمقيرومها{ُ بتكذيبهم صالح‬
‫اللطيفة النفسية‪ ً،‬وعقروا ناقة الشوقا‪} ً،‬مفمدهممدم معلمهيرههم مرسبيههم ربمذنربرههم{ُ‪ ً،‬أى أهلكهم ال‪} ً،‬مفمسروامها{ُ أى عرمهم‬
‫ل ميمخايف يعهقمبامها{ُ ول يخاف القوى العاقرة فى عقر ناقة الشوقا عاقبة المر‪ ً،‬فأهلكهم‬ ‫بذلك العذاب‪} ً،‬مو م‬
‫بطغيانهم لرسوله وتكذيبهم إياه"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) أهم كتب التفسير الشارى ( ضمن‬
‫العنوان ) ‪ -5‬التفسير المنسوب لبن عربى (‬

‫* ممن مؤلف هذا التفسير؟‬


‫هذا التفسير طبع مجردا من مجلدين‪ ً،‬وطبع على هامش عرائس البيان فى حقائقا القرآن‪ ً،‬لبى محمد بن‬
‫أبى النصر الشيرازى‪ ً،‬الصوفى‪ ً،‬الذى تكلمنا عنه فيما مضى‪ .‬وكلتا النسختين يينسب فيهما التفسير لبن‬
‫صيدقا هذه النسبة‪ ً،‬ويعتقد أن هذا التفسير من عمل ابن عربى نفسه‪ ً،‬والبعضِ‬ ‫عربى‪ ً،‬وبعضِ الناس ي م‬
‫الخر ل يصدقا أن هذا التفسير من عمل ابن عربى‪ ً،‬بل يرى أنه من عمل عبد الرزاقا القاشانى‪ ً،‬وإنما‬
‫ينسبت لبن عربى ترويجا له بين الناس‪ ً،‬وتشهيرا له بشهرة ابن عربى‪ .‬وممن يرى هذا الرأى الخير‪:‬‬
‫المرحوم الشيخْ محمد عبده فى مقدمة التفسير التى اقتبسها المرحوم الشيخْ رشيد رضا من درسه‪ً،‬‬
‫ورواها عنه بالمعنى‪ ً،‬ووضعها فى مقدمة تفسير المنار‪ .‬وذلك حيث يذكر وجوه التفسير يعد منها‬
‫التفسير الشارى‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬وقد اشتبه على الناس فيه كلم الباطنية بكلم الصوفية‪ ً،‬ومن ذلك‪ :‬التفسير‬
‫الذى ينسبونه للشيخْ الكبر محيى الدين ابن عربى‪ ً،‬وإنما هو للقاشانى الباطنى الشهير‪ ً،‬وفيه من‬
‫النزعات ما يتبرأ منه دين ال وكتابه العزيز"‪.‬‬
‫ونحن مع الستاذ المام فى أن هذا التفسير للقاشانى‪ ً،‬ل "لبن عربى" وإن كنا ل نوافقه على دعواه أن‬
‫القاشانى من الباطنية‪ ً،‬كما سنوضحه بعد إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإنى حين أميل لهذا الرأى ‪ -‬أعنى كون التفسير للقاشانى ‪ -‬أؤيده بما يأتى‪:‬‬
‫أو لل‪ :‬أن جميع النسخْ الخطية منسوبة للقاشانى‪ ً،‬والعتماد على النسخْ المخطوطة أقوى‪ ً،‬لنها الصل‬
‫الذى يأخذت عنه النسخْ المطبوعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قال فى كشف الظنون‪" :‬تأويلت القرآن" المعروف بتأويلت القاشانى‪ ً،‬هو تفسير بالتأويل على‬
‫اصطلح أهل التصوف إلى سورة )ص( للشيخْ كمال الدين أبى الغنائم عبد الرزاقا جمال الدين الكاشى‬
‫السمرقندى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 730‬هـ )ثلثين وسبعمائة(‪ ً،‬أوله‪ :‬الحمد ل الذى جعل مناظم كلمه مظاهر‬
‫حسن صفاته‪ "...‬إلخْ‪ ً،‬وقد رجعنا إلى مقدمة التفسير المنسوب لبن عربى‪ ً،‬فوجدنا أوله هذه العبارة‬
‫المذكورة بنصها‪.‬‬
‫ضيمهم إرملهيمك مجمنامحمك‬
‫ثالثا‪ :‬فى تفسير سورة القصص من هذا الكتاب عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[32‬موٱ ه‬
‫رممن ٱلررههرب{ُ يقول‪ ..." :‬وقد سمعت شيخنا نور الدين عبد الصمد قسدس روحه العزيز فى شهود الوحدة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ومقام الفناء عن أبيه أنه‪ ...‬إلخْ"‪ .‬ونور الدين هذا هو نور الدين عبد الصمد ابن علسى النطنزى‬
‫الصفهانى‪ ً،‬والمتوفى فى أواخر القرن السابع‪ ً،‬وكان شيخا لعبد الرزاقا القاشانى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪730‬هـ‬
‫)ثلثين وسبعمائة من الهجرة(‪ .‬كما ييستفاد ذلك من كتاب نفحات الينس في مناقب الولياء )ص ‪- 534‬‬
‫‪ .(537‬وغير معقول أن يكون نور الدين عبد الصمد النطنزى المتوفى فى أواخر القرن السابع الهجرى‬
‫شيخا لبن عربى المتوفى سنة ‪ 638‬هـ )ثمان وثلثين وستمائة من الهجرى(‪.‬‬
‫لهذا كله نستطيع أن نؤكد أن هذا التفسير ليس لبن عربى‪ ً،‬وإنما هو لعبد الرزاقا القاشانى الصوفى‪.‬‬
‫***‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫هذا التفسير جمع مؤلفه فيه بين التفسير الصوفى النظرى‪ ً،‬وبين التفسير الشارى‪ ً،‬ولم يتعرضِ فيه‬
‫للكلم عن التفسير الظاهر بحال من الحوال‪.‬‬
‫أما ما فيه من التفسير الصوفى النظرى‪ :‬فغالبه يقوم على مذهب وحدة الوجود‪ ً،‬ذلك المذهب الذى كان‬
‫له أثره السئ فى تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫وأما ما فيه من تفسير إشارى‪ ً،‬فكثير منه ل نفهم له معنى‪ ً،‬ول نجد له فى سياقا الية أو لفظها ما يدل‬
‫عليه‪ ً،‬ولو أن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان واضحا فى كلمه‪ ً،‬كما كان التسترى واضحا‪ ً،‬أو جمع بين‬
‫التفسير الظاهر والتفسير الباطن لهان المر‪ ً،‬ولكنه لم يفعل شيئا من ذلك‪ ً،‬مما جعل الكتاب مغلقا‪ً،‬‬
‫وموهما لمن يقرؤه أن هذا مراد ال من كلمه‪ ً،‬كما كان هذا هو السبب الذى من أجله قال الستاذ المام‬
‫فى القاشانى‪ :‬إنه باطنى‪ .‬وأنا مع اعترافى بأن الكتاب فى جملته أشبه ما يكون بتفسير الباطنية‪ ً،‬من‬
‫ناحية ما فيه من المعانى التى تقوم على نظرية وحدة الوجود‪ ً،‬وما فيه من المعانى الشارية البعيدة ‪-‬‬
‫مع اعترافى بهذا ‪ -‬أخلف كل ممن يقول‪ :‬إن القاشانى من الباطنية‪ ً،‬ذلك لن تاريخْ الرجل يشهد له بأنه‬
‫كان من المتصوفة المشهود لهم بالزهد والورع‪ ً،‬وأيضا فإرنا نعلم أن الباطنية ينكرون المعانى الظاهرية‬
‫للقرآن‪ ً،‬ويقولون‪ :‬إن المراد هو الباطن وحده‪ ً،‬أما صاحبنا‪ ً،‬فلم يذهب هذا المذهب‪ ً،‬بل نجده فى مقدمة‬
‫ل‪ ً،‬كما نربه على أنه ل يحوم فى كتابه هذا حول ناحية‬ ‫فسيره يعترف بأن الظاهر مراد ول بد منه أو ل‬
‫التفسير الظاهر‪ ً،‬ولعله فعل ذلك لنه وجد من المفيسرين ممن اعتنى بالظواهر دون الشارات‪ ً،‬فأراد هو‬
‫أن يعتنى بالناحية الشارية‪ ً،‬دون الناحية الظاهرية للقرآن‪ ً،‬فأرلف كتابه على النحو الذى نراه‪ ً،‬وإليك‬
‫بعضِ ما جاء فى هذه المقدمة‪ ً،‬لتعلم أن الرجل ليس باطنيا‪ ً،‬ولتعلم أيضا منهجه الذى نهجه فى تفسيره‪ً،‬‬
‫وطريقته التى سار عليها فى شرحه لكتاب ال‪ .‬قال رحمه ال‪:‬‬
‫"وبعد ‪ ..‬فإنى طالما تعهديت تلوة القرآن‪ ً،‬وتدبريت معانيه بقوة اليمان‪ ً،‬وكنيت مع المواظبة على‬
‫الوراد‪ ً،‬محررج الصدر‪ ً،‬مقرلقا الفؤاد‪ ً،‬ل ينشرح بها قلبى ول يصرفنى عنها ربى‪ ً،‬حتى استأنسيت بها‬
‫فألفتها‪ ً،‬وذقيت حلوة كأسها وشربتها‪ ً،‬فإذا أنا بها نشيط النفس‪ ً،‬مفرلج الصدر‪ ً،‬يممترسع البال‪ ً،‬منبسط القلب‪ً،‬‬
‫فسيح السر‪ ً،‬طيب الوقت والحال‪ ً،‬مسرور الروح بذلك الفتوح‪ ً،‬كأنه دائما فى غبوقا وصبوح‪ ً،‬تنكشف‬
‫لى تحت كل آية من المعانى ما يكل بوصفه لسانى ل القدرة تفى بضبطها وإحصائها‪ ً،‬ول القدرة تصبر‬
‫ليمى‬ ‫عن نشرها وإفشائها‪ ً،‬فتذكرت خبر من أتى ما ازدهانى‪ ً،‬مما وراء المقاصد والمانى‪ ً،‬قول النبى ا ي‬
‫الصادقا عليه أفضل الصلوات من كل صامت وناطقا‪" :‬ما نزل من القرآن آية إل ولها ظهر وبطن‪ً،‬‬
‫ولكل حرف حد‪ ً،‬ولكل حد مطلع" وفهمت منه أن الظهر‪ :‬هو التفسير‪ ً،‬والبطن‪ :‬هو التأويل‪ ً،‬والحد‪ :‬ما‬
‫يتناهى إليه المفهوم من معنى الكلم‪ ً،‬والمطلع‪ :‬ما يصعد إليه منه فيطلع على شهود الملك العلم‪ ً،‬وقد‬
‫ينقل عن المام المحققا السابقا جعفر بن محمد الصادقا عليه السلم أنه قال‪ :‬لقد تجرلى ال لعياده فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كلمه‪ ً،‬ولكن ل يبصرون‪ ً،‬ويروى عنه عليه السلم أنه مخرر مغشيا عليه وهو فى الصلة فسئل عن ذلك‬
‫فقال‪ :‬ما زلت أردد الية حتى سمعتها من المتكلم بها ‪ ..‬فرأيت أن أعلقا بعضِ ما يسنح لى فى الوقات‬
‫من أسرار حقائقا البطون وأنوار شوارقا المطلعات‪ ً،‬دون ما يتعلقا بالظواهر والحدود‪ ً،‬فإنه قد يعيين لها‬
‫حد محدد‪ ً،‬وقيل‪ :‬ممن فرسر برأيه فقد كفر‪ ً،‬وأما التأويل فل يبقى ول يذر‪ ً،‬فإنه يختلف بحسب أحوال‬
‫المستمع وأوقاته‪ ً،‬فى مراتب سلوكه وتفاوت درجاته‪ ً،‬وكلما ترقى عن مقامه انفتح له باب فهم جديد‪ً،‬‬
‫واطلع به على لطيف معنى عتيد‪ ً،‬فشرعيت فى تسويد هذه الوراقا بما عسى يسمح به الخاطر على‬
‫سبيل التفاقا‪ ً،‬غير حائم بقيعة التفسير‪ ً،‬ول خائضِ فى لجة من المطلعات ما ل يسعه التقرير‪ ً،‬مراعيا‬
‫لنطقا الكتاب وترتيبه‪ ً،‬غير معيد لما تكرر منه أو تشابه فى أساليبه‪ ً،‬وكل ما ل يقبل التأويل عندى‪ ً،‬أو‬
‫ل‪ ً،‬فإن وجوه الفهم ل‬ ‫ل‪ ً،‬ول أزعم أنى بلغت الحد فيما أوردته كام ل‬ ‫ل يحتاج إليه فما أوردته أص ل‬
‫تنحصر فيما فهمت‪ ً،‬وعلم ال ل يتقيد بما علمت‪ ً،‬ومع ذلك فما وقف الفهم منى على ما ذكر فيه‪ ً،‬بل‬
‫ربما لح لى فيما كتب من الوجوه ما تهت فى محاويه‪ ً،‬وما يمكن تأويله من الحكام الظاهر منها إرادة‬
‫ل‪ ً،‬وييستدل بذلك على نظائرها إن جاوز مجاوز‬ ‫ل‪ ً،‬ليعلم به أن للفهم إليه سبي ل‬ ‫ظاهرها فما أرولته إل قلي ل‬
‫عن ظواهرها‪ ً،‬إذ لم يكن فى تأويلها يبسد من تعسف‪ ً،‬وعنوان المروءة ترك التكلف‪ ً،‬وعسى أن يتجه‬
‫لغيرى وجوه أحسن منها طوع القياد‪ ً،‬فإن ذلك سهل لمن تيسر له من أفراد العباد‪ .‬ول تعالى فى كل‬
‫كلمة كلمات ينفد البحر دون نفادها‪ ً،‬فكيف السبيل إلى حصرها وتعدادها ‪ ...‬ولكنها أنموذج لهل الذوقا‬
‫والوجدان‪ ً،‬يحتذون على حذوها عند تلوة القرآن‪ ً،‬فينكشف لهم ما استعدوا له من مكنونات علمه‪ً،‬‬
‫ويتجلى عليهم ما استطاعوا له من خفيات غيبه‪ ً،‬وال الهادى لهل المجاهدة‪ ً،‬إلى سبيل المكاشفة‬
‫والمشاهدة‪ ً،‬ولهل الشوقا إلى مشارب الذوقا‪ ً،‬إنه ولى التحقيقا‪ ً،‬وبيده التوفيقا"‪.‬‬
‫فمن هذه المقدمة يمكنك أن تحكم على القاشانى بأنه صوفى ل باطنى‪ ً،‬كما أنك تجد فيها منهجه الذى‬
‫سار عليه فى تفسيره‪ ً،‬ولو تصفحمت الكتاب لوجدمت أنه سار على الطريقة التى رسمها لنفسه ولم يحد‬
‫عنها‪ ً،‬وإليك نماذج منه‪:‬‬
‫* نماذج من التفسير الشارى‪:‬‬
‫فى سورة البقرة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[126‬موإرهذ مقامل إرهبمرارهييم مريب ٱهجمعهل مهــمذا مبملدا آرمنا موٱهريزهقا‬
‫ضمطسريه إرملـى معمذارب ٱلرنارر‬ ‫أمههمليه رممن ٱلرثمممرارت ممهن آمممن رمهنيههم ربٱِلرلره موٱهلميهوم ٱلرخرر مقامل موممن مكمفمر مفيأمميتيعيه مقرلي ل‬
‫ل يثرم أم ه‬ ‫ر‬
‫صيير{ُ ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬وإذ قال إبراهيم ريب اجعل هذا الصدر الذى هو حرم القلب‪ ً،‬بلدا آمنا‬ ‫موربهئمس ٱهلم ر‬
‫من استيلء صفات النفس‪ ً،‬واغتيال العدو الرلعين‪ ً،‬وتخطف جن القوى البدنية أهله‪ ً،‬وارزقا أهله من‬
‫ثمرات معارف الروح أو حكمه أو أنواره‪} ً،‬ممهن آمممن رمهنيههم ربٱِللرره موٱهلميهورم ٱلرخرر{ُ ممن مورحمد ال منهم وعلم‬
‫المعاد‪} ً،‬مقامل موممن مكمفمر{ُ أى‪ :‬ومن احتجب أيضا من الذين سكنوا الصدر‪ ً،‬ول يجاوزون حده بالترقى إلى‬
‫ل من المعانى العقلية‪ ً،‬والمعلومات الكلية‪ً،‬‬ ‫مقام العين‪ ً،‬لحتجاجهم بالعلم الذى وعاؤه الصدر‪ ً،‬فيأمتعه قلي ل‬
‫النازلة إليهم من عاملم الروح على قدر ما تعريشوا به‪ ً،‬ثم أضطره إلى عذاب النار الحرمان والحجاب‪ً،‬‬
‫وبئس المصير مصيرهم لتعذبهم بنقصانهم‪ ً،‬وتألمهم بحرمانهم"‪.‬‬
‫وفى سورة النعام عند قوله تعالى فى اليى ]‪} :[95‬إررن ٱلرلمه مفارليقا ٱهلمحيب موٱلرنموـى يهخرريج ٱهلمحري رممن ٱهلمميرت‬
‫مويمهخرريج ٱهلمميرت رممن ٱهلمحيي ـذرليكيم ٱللريه مفمأرنـى يتهؤمفيكومن{ُ ‪ ..‬يقول ما نصه‪" :‬إن ال فالقا حبة القلب بنور الروح‬
‫عن العلوم والمعارف‪ .‬ونور النفس بنور القلب عن الخلقا والمكارم‪ ً،‬ويخرج حي القلب عن ميت‬
‫النفس تارة باستيلء نور الروح عليها ومخرج ميت النفس عن حي القلب أخرى بإقباله عليها‪ ً،‬واستيلء‬
‫الهوى وصفات النفس عليه‪ ً،‬ذلكم ال القادر على تقليب أحوالكم‪ ً،‬وتقليبكم فى أطواركم‪ ً،‬فأرنى يتصرفون‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عنه إلى غيره"‪.‬‬
‫***‬
‫* نماذج من التفسير المبنى على وحدة الوجود‪:‬‬
‫فى سورة آل عمران عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[191‬ٱرلرذيمن ميهذيكيرومن ٱلرلمه رقمياما مويقيعودا مومعملـى يجينوربرههم‬
‫ل يسهبمحامنمك مفرقمنا معمذامب الرنارر{ُ ‪ ..‬يقول‪:‬‬ ‫ضِ مرربمنآ مما مخلمهقمت مهذا مبارط ل‬ ‫موميمتمفركيرومن رفي مخهلرقا ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫ل‪ ً،‬أيِ شيئا غيرك‪ ً،‬فإن غير الحقا هو الباطل‪ ً،‬بل جعلته أسماءك ومظاهر‬ ‫"ربنا ما خلقت هذا الخلقا باط ل‬
‫صفاتك‪ .‬سبحانك‪ :‬ننزهك أن يوجد غيرك‪ ً،‬أى يقارن شىء فردانيتك أو يمثينى وحدانيتك‪."..‬‬
‫صيديقومن{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬نحن‬ ‫ل يت م‬‫وفى سورة الواقعة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[57‬منهحين مخلمهقمنايكهم مفلمهو م‬
‫خلقناكم بإظهاركم بوجودنا وظهورنا فى صوركم"‪.‬‬
‫وفى سورة الحديد عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[4‬مويهمو مممعيكهم أمهيمن مما يكنيتهم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬وهو معكم أينما‬
‫كنتم بوجودكم به‪ ً،‬وظهوره فى مظاهركم"‪.‬‬
‫ل يهمو مراربيعيههم{ُ ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫وفى سورة المجادلة عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[7‬مما مييكوين رمن رنهجموـى مث م‬
‫لمثهَة إر ر‬
‫يقول‪" :‬ل بالعدد والمقارنة‪ ً،‬بل بامتيازهم عنه بتعيناتهم‪ .‬واحتجابهم عنه بماهياتهم ونياتهم‪ ً،‬وافتراقهم منه‬
‫بالمكان اللزم لماهياتهم وهوياتهم‪ ً،‬وتحققهم بوجوبه اللزم لذاته‪ ً،‬واتصاله بهم بهويته المندرجة فى‬
‫هوياتهم‪ ً،‬وظهوره فى مظاهرهم‪ ً،‬وتستره بماهياتهم ووجوداتهم المشخصة‪ ً،‬وإقامتها بعين وجوده‪ً،‬‬
‫وإيجابهم بوجوبه‪ ً،‬فبهذه العتبارات هو رابع معهم‪ ً،‬ولو اعتبرت الحقيقة لكان عينهم‪ ً،‬ولهذا قيل‪ :‬لول‬
‫العتبارات لرتفعت الحكمة"‪.‬‬
‫ل * ررسب‬ ‫وفى سورة المزمل عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[9 ً،8‬موٱهذيكرر ٱهسم مريبمك مومتمبرتهل إرلمهيره متهبرتي ل‬
‫ٱهلممهشرررقا موٱهلممهغرر رب{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬واذكر اسم ربك الذى هو أنت ‪ -‬أى اعرف نفسك ‪ -‬واذكرها‪ ً،‬ول تنسها‪ً،‬‬
‫فينسك ال‪ ً،‬واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها‪} ً،‬ررسب ٱهلممهشرررقا موٱهلممهغرررب{ُ أى الذى ظهر عليك‬
‫نوره‪ ً،‬فطلع من أفقا وجودك بإيجادك‪ ً،‬أو المغرب الذى اختفى بوجودك‪ ً،‬وغرب نوره فيك واحتجب‬
‫بك"‪.‬‬
‫هذه بعضِ النماذج التى تكشف لك عن روح هذا التفسير‪ ً،‬ولو أنك تصفحت هذا الكتاب لوجدته يقوم فى‬
‫الغالب على مذهب صاحبه فى وحدة الوجود‪ ً،‬ولعل هذا هو السر الذى من أجله ينسب الكتاب لبن‬
‫عربى‪ ً،‬فإن ابن عرى يقول بوحدى الوجوج‪ ً،‬ويبنى كثيرا من تفسيره لبعضِ اليات على هذا المذهب‪ً،‬‬
‫صدت النسبة ليروج‬ ‫فلتحاد المذاهب وتشابه التفسير وقع اللتباس‪ ً،‬فينرسب التفسير لبن عربى‪ ً،‬أو يق ر‬
‫الكتاب كما قلنا‪ ً،‬وأمن ممن فعل ذلك من افتضاح أمره‪ ً،‬اعتمادا على التحاد فى المذهب‪ ً،‬والتشابه فى‬
‫التفسير‪.‬‬
‫وإذ قد جررنا الحديث إلى ابن عربى‪ ً،‬فأرى إتماما للفائدة أن أذكر ينبذة عن حياة هذا الرجل‪ ً،‬وعن مذهبه‬
‫فى التفسير‪ ً،‬وليقف القارئ بعد ذلك على مقدار التشابه بين ابن عربى والقاشانى فى فهم كتاب ال‬
‫تعالى‪ ً،‬والكشف عن معانيه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ترجمة ابن عربى (‬

‫هو أبو بكر محيى الدين محمد بن علسى بن أحمد بن عبد ال الحاتمى‪ ً،‬الطائى‪ ً،‬الندلسى‪ ً،‬المعروف بابن‬
‫عربى ‪ -‬بدون أداة التعريف ‪ -‬كما اصطلح على ذلك أهل المشرقا‪ ً،‬فرقا بينه وبين القاضى أبى بكر بن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫العربى صاحب أحكام القرآن‪ .‬وكان بالمغرب ييعرف بابن العربى ‪ -‬باللف واللم ‪ -‬كما كان ييعرف‬
‫فى الندلس بـ "ابن سراقة"‪.‬‬
‫ولد بمرسية سنة ‪ 560‬هـ )ستين وخمسمائة من الهجرة( ثم انتقل إلى إشبيلية سنة ‪ 568‬هـ )ثمانى‬
‫وستين وخمسمائة( وبقى بها نحوا من ثلثين عاما‪ ً،‬تلقى فيها العلم على كثير من الشيوخ حتى ظهر‬
‫نجمه‪ ً،‬وعل ذكره‪ ً،‬وفى سنة ‪ 598‬هـ )ثمان وتسعين وخمسمائة( نزح إلى المشرقا وطروف فى كثير‬
‫من البلد‪ ً،‬فدخل الشام‪ ً،‬ومصر‪ ً،‬والموصل‪ ً،‬وآسيا الصغرى‪ ً،‬ومكة‪ ً،‬وأخيرا ألقى عصاه واستقر به‬
‫النوى فى دمشقا‪ ً،‬وتوفى بها فى سننة ‪ 638‬هـ )ثمان وثلثين وستمائة(‪ ً،‬ويدرفمن بها‪ ً،‬فرحمه ال رحمة‬
‫واسعة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) ابن عربى بين أعدائه ومريديه (‬

‫كان ابن عربى شيخْ المتصوفة فى وقته‪ ً،‬وكان له أتباع ومريدون‪ ً،‬يعجبون به إلى حد كبير‪ ً،‬حتى لقبوه‬
‫فيما بينهم بالشيخْ الكبر‪ ً،‬والعراف بال ‪ ..‬كما كان له أعداء ينقمون عليه‪ ً،‬ويرمونه بالكفر والزندقة‪ً،‬‬
‫فمن المعجبين بابن عربى‪ :‬قاضى القضاة مجد الدين محمج بن يعقوب الشيرازى الفيروزآبادى صاحب‬
‫القاموس‪ ً،‬وقد كتب كتابا يدافع فيه عنه‪ ً،‬ردا على رضى الدين به الخياط الذى كتب عن عقيدة ابن‬
‫عربى ورماه بالكفر ‪ .‬وكمال الدين الزملكانى‪ ً،‬من أكابر مشايخْ الشام‪ ً،‬والشيخْ صلح الدين الصفدى‪ً،‬‬
‫والحافظ السيوطى‪ ً،‬الذى أرلف فى الدفاع عنه كتابا سماه "تنبيه الغبى على تنزيه ابن عربى"‪ ً،‬وسراج‬
‫الدين البلقينى‪ ً،‬وتقى الدين بن السبكى‪ ً،‬وغيرهم‪.‬‬
‫ومن النقامين عليه‪ :‬ابن الخياط السابقا ذكره‪ ً،‬والحافظ الذهبى‪ ً،‬وابن تيمية عدو الصوفية على الطلقا‪ً،‬‬
‫ولقد بلغ من عداوة بعضِ الناس لبن عربى أنهم حاولوا اغتياله بمصر‪ ً،‬ولكن ال سرلمه وأنجاه‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) مكانته العلمية (‬

‫لم تقتصر براعة ابن عربى على التصوف‪ ً،‬بل برع مع ذلك فى كثير من العلوم‪ ً،‬فكان عارفا بالثار‬
‫والسنن‪ .‬أخذ الحديث عن جمع من علمائه‪ ً،‬وكان شاعرا وأديبا‪ ً،‬ولذلك كان يكتب النشاء لبعضِ ملوك‬
‫الغرب‪ .‬وقد بلغ مبلغ الجتهاد والستنباط‪ ً،‬وتأسيس القواعد والمقاصد التى ل يحيط بها إل ممن طالعها‪ً،‬‬
‫ووقف على حقيقتها‪ .‬ويقال إنه كان من أنصار مواطنه ابن حزم ومذهبه الظاهرى‪ ً،‬ولكنه مع ذلك أبطل‬
‫التقليد‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) مذهب ابن عربى فى وحدة الوجود (‬

‫أما مذهبه فى وحدة الوجود فهو‪ :‬أنه يرى أن الوجود حقيقة واحدة‪ .‬ويعد التعدد والكثرة أمرا قضت به‬
‫الحواس الظاهرة "وقد أداه قوله بوحدة الوجود إلى قوله بوحدة الديان‪ ً،‬ل فرقا بين سماويها وغير‬
‫سماويها‪ ً،‬إذ الكل يعبدون الله الواحد المتجلى فى صورهم‪ ً،‬وصور جميع المعبودات‪ ً،‬والغاية الحقيقية‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫من عبادة العبد لربه‪ :‬هو التحققا من وحدته الذاتية معه‪ .‬وإنما الباطل من العبادة‪ :‬أن ييقصر العبد ربه‬
‫على مجلى واحد دون غيره‪ ً،‬ويسميه إلها"‪.‬‬
‫"وبالجملة‪ ً،‬فمنزلة ابن عربى العلمية كبيرة‪ ً،‬ول أدل على ذلك من مؤلفاته الكثيرة التى تدل على سعة‬
‫باعه‪ ً،‬وتبحره فى العلوم الظاهرة والباطنة‪ ً،‬وقد بلغ ما بقى منها إلى اليوم مائة وخمسون كتابا‪ ً،‬ويظهر‬
‫أن هذا العدد ليس إل نصف ما أرلفه ابن عربى فى الواقع"‪ .‬وأهم هذه المؤلفات "الفتوحات المكية" الذى‬
‫ذاع صيته‪ .‬وكلف به كثير من الرجال‪ ً،‬ثم "فصوص الحكم"‪ ً،‬وله ديوان فى الشعار الصوفية‪ ً،‬وكتاب‬
‫"الخلقا"‪ ً،‬وكتاب "مجموع الرسائل اللهية"‪ ً،‬وغير ذلك من مؤلفاته الكثيرة‪.‬‬
‫غير أن هذه المؤلفات يوجد فى تضاعيفها كثير من الكلمات المشكلة‪ ً،‬التى سببت خوص الناس فى‬
‫عقيدته‪ ً،‬ورميهم إياه بالكفر والزندقة‪ ً،‬ولكن أتباعه ومريديه وممن أعجب به من العلماء لم يأخذوا هذه‬
‫اللفاظ على ظواهرها بل قالوا‪ :‬إن ما أوهمته تلك الظواهر ليس هو المراد‪ ً،‬وإنما المراد يأمور اصطلح‬
‫عليها متأخروا أهل الطريقا غيرة عليها‪ .‬حتى ل يردعيها الكرذابون‪ .‬وقد قال السيوطى فى كتابه "تنبيه‬
‫الغبى على تنزيه ابن عربى"‪" :‬والقول الفصل فى ابن عربى‪ :‬اعتقاد وليته‪ ً،‬وتحريم النظر فى كتبه‪ ً،‬فقد‬
‫ينرقل عنه هو أنه قال‪ :‬نحن قوم يحرم النظر فى كتبنا‪ .‬قال السيوطى‪ :‬وذلك لن الصوفية تواضعوا على‬
‫ألفاظ اصطلحوا عليها‪ .‬وأرادوا بها معانى غير المعانى المتعارفة‪ ً،‬فممن حمل ألفاظهم على معانيها‬
‫المتعارفة بين أهل العلم الظاهر كفر‪ .‬نص على ذلك الغزالى فى بعضِ كتبه وقال‪ :‬إنه شبيه بالمتشابه‬
‫من القرآن والسسرنة‪ ً،‬ممن حمله على ظاهره كفر"‪.‬‬
‫ومما استدلوا به على أن ابن عربى ل يريد الظاهر الموهم من كلمه‪ :‬ما يروونه عنه من أنه أنشد‬
‫بعضِ إخوانه هذا البيت وهو من نظمه‪:‬‬
‫*يا من يرانى ول أراه * كم ذات أراه ول يرانى*‬
‫فاعترضِ عليه السامع وقال‪ :‬كيف تقول إنه ل يراك‪ ً،‬وأنت تعلم أنه يراك؟ فقال مرتج ل‬
‫ل‪:‬‬
‫*يامن يرانى مجرما * ول أراه آخذا*‬
‫*كم ذا أراه منعما * ول يرانى لئذا*‬
‫قالوا‪ :‬فهذا يدل على أن كلم الشيخْ ل ييراد به ظاهره‪ ً،‬وإنما له محامل تليقا به‪.‬‬
‫ومن العلماء ممن يينيزه ابن عربى عن هذه العبارات الموهمة ويقول‪ :‬إن ما جاء من ذلك فهو مدسوس‬
‫عليه‪ ً،‬ويروون فى ذلك أن الشعرانى الذى اختصر الفتوحات قال‪" :‬وقد توقفيت حال الختصار فى‬
‫مواضع كثيرة منه‪ ً،‬لم يظهر لى موافقتها لما عليه أهل السسرنة والجماعة‪ .‬فحذفتها من هذا المختصر‪.‬‬
‫وربما سهوت فتبعت ما فى الكتاب‪ ً،‬كما وقع للبيضاوى مع الزمخشرى‪ ً،‬ثم لم أزل كذلك أظن أن‬
‫المواضع التى يحذفت ثابتة عن الشيخْ محيى الدين‪ ً،‬حتى قدم علينا الخ العارلم الشريف شمس الدين السيد‬
‫محمد بن السيد أبى الطيب المدنى المتوفى سنة ‪ 955‬هـ )خمسة وخمسون وتسعمائة من الهجرة(‪ً،‬‬
‫فذاكرته فى ذلك‪ ً،‬فأخرج إلسى نسخة من الفتوحات التى قابلها على النسخة التى عليها خط للشيخْ محيى‬
‫الدين نفسه بقونية‪ ً،‬فلم أر فيها شيئا مما توقفت فيه وحذفته‪ ً،‬فعلمت أن النسخْ التى فى مصر الن كلها‬
‫كتبت من النسخة التى دسوا على الشيخْ فيها ما يخالف عقائد أهل السسرنة والجماعة‪ ً،‬كما وقع له ذلك فى‬
‫كتاب الفصوص وغيره"‪.‬‬
‫ومهما يكن من شىء‪ ً،‬فابن عربى يمعرقد فى أفكاره‪ ً،‬موهم فى ألفاظه وتعابيره‪ ً،‬مشكل فى أكثر ما يقول‪.‬‬
‫ومع كل هذا فل أتهمه فى عقيدته‪ ً،‬لجهلى باصطلحات القوم ورموزهم‪ .‬وكلمه النصاف فيه ‪ -‬كما‬
‫أعتقد ‪ -‬قول الحافظ الذهبى عنه‪" :‬وله توسع فى الكلم‪ ً،‬وذكاء‪ ً،‬وقوة خاطر‪ ً،‬وحافظة وتدقيقا فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التصوف‪ ً،‬وتآليفه جرمة فى العرفان‪ ً،‬ولول شطحه فى الكلم لم يكن به بأس"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) مذهب ابن عربى فى تفسير القرآن الكريم (‬

‫يقوم مذهب ابن عربى فى التفسير غالبا على نظرية وحدة الوجود التى يدين بها‪ ً،‬وعلى الفيوضات‬
‫والوجدانيات التى تنهل عليه من سحائب الغيب اللهى‪ ً،‬وتنقذف فى قلبه من ناحية الشراقا الربانى‪.‬‬
‫أما من الناحية الولى‪ :‬ناحية التأثر بمذهب وحدة الوجود‪ .‬فإرنا نراه فى كثير من الحيان يتعسف فى‬
‫التأويل‪ ً،‬ليجعل الية تتمشى مع هذه النظرية‪ .‬وهذا ‪ -‬فيما أعتقد ‪ -‬منهج كله شر فى التفسير‪ ً،‬فهو يبدل‬
‫فيما أراد ال من آياته‪ ً،‬ويقسرها على أن تتضمن مذهبه‪ ً،‬وتكون أسانيد له‪ ً،‬وهذا ليس من شأن المفيسر‬
‫المنصف‪ ً،‬الذى يبحث فى القرآن بحثا مجردا عن الهوى والعقيدة‪.‬‬
‫وأما من الناحية الثانية‪ :‬ناحية الفيضِ اللهى‪ ً،‬فهو واسع الباع فيها‪ ً،‬وقد مررت بك مقالته فى التفسير‬
‫الشارى‪ ً،‬ورأيمت كيف اردعى أن كل ما يجرى على لسان أهل الحقيقة من المعانى الشارية فى القرآن‬
‫هو فى الحقيقة تفسير وشرح لمراد ال‪ ً،‬وإنما عربر عنها بالشارة‪ .‬تقرية من أهل الظاهر‪ ً،‬ورأيمت كيف‬
‫اردعى أن أهل ال ‪ -‬وهم الصوفية ‪ -‬أحقا الناس بشرح كتابه‪ ً،‬لنهم يتلقون علومهم عن ال‪ ً،‬فهم‬
‫يقولون فى القرآن على بصيرة‪ ً،‬أما أهل الظاهر فيقولون بالظن والتخمين‪.‬‬
‫ثم هو ل يرى فرقا بين القرآن نفسه‪ ً،‬وبين تفسير أهل ال له‪ ً،‬من ناحية أن كل منهما حقا ثابت‪ً،‬‬
‫وصدقا ل يعتريه شك‪ ً،‬فإذا كان القرآن ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‪ ً،‬لنه من عند ال‪ً،‬‬
‫فكذلك أقوال أهل الحقيقة فى التفسير‪ ً،‬ل يأتيها الباطل من بين يديها ول من خلفها‪ ً،‬لنها منرزلة على‬
‫قلوبهم من عند ال‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن ابن عربى لم نظفر له بكتاب فى التفسير‪ ً،‬ولكن نجد صاحب كشف الظنون يقول‪ :‬إنه‬
‫"صرنف تفسيرا كبيرا على طريقة أهل التصوف فى مجلدات‪ .‬قيل إنه فى ستين رسهفرا‪ ً،‬وهو إلى سورة‬
‫الكهف‪ ً،‬وله تفسير صغير فى ثمانية أسفار على طريقة المفيسرين"‪ ً،‬وإذا كنا لم نظفر بهذين الكتابين‪ً،‬‬
‫فإرنا قد ظفرنا بما فيه بعضِ الكفاية عنهما‪ ً،‬وهو تفسيره لبعضِ اليات التى وجدناها متفرقة فى غضون‬
‫مؤلفاته‪ ً،‬كالفصوص‪ ً،‬والفتوحات‪ .‬إليك بعضا منها لتكون على بصيرة‪ ً،‬ولتطمئن إلى حكمى على الرجل‬
‫فى شرحه لكتاب ال تعالى‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) نماذج من التفسير الصوفى النظرى له (‬

‫فى سورة نوح عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[25‬يمرما مخرطيمئارترههم أيهغرريقوها مفيأهدرخيلوها منارا مفلمهم ميرجيدوها لميههم يمن‬
‫صارا{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬يمرما مخرطيمئارترههم أيهغرريقوها{ُ فهى التى خطت بهم فغرقوا فى بحار العلم بال‬ ‫يدورن ٱلرلره مأن م‬
‫صارا{ُ فكان ال عين‬ ‫وهو الحيرة‪} ً،‬مفيأهدرخيلوها منارا{ُ فى عين الماء‪} ً،‬مفملهم ميرجيدوها مليههم يمن يدورن ٱللرره مأن م‬
‫أنصارهم فهلكوا فيه إلى البد"‪.‬‬
‫ضسلوها رعمبامدمك مو م‬
‫ل ميرليديوها‬ ‫وعند قوله تعالى فى اليتين ]‪ [28 ً،27‬من سورة نوح أيضا‪} :‬إررنمك رإن متمذهريههم ي ر‬
‫ل مترزرد ٱلرظارلرميمن‬‫ل مفارجرا مكرفارا * رريب ٱهغرفهر رلي مورلموارلمدريِ مورلممن مدمخمل مبهيرتمي يمهؤرمنا مورلهليمهؤرمرنيمن موٱهليمهؤرممنارت مو م‬ ‫إر ر‬
‫ضسلوها رعمبامدمك{ُ أيِ يحيروهم فيخرجوهم‬ ‫ل متمبارا{ُ يقول ما نصه‪} :‬إررنمك رإن متمذهريههم{ُ أى تدعهم وتتركهم‪} ً،‬ي ر‬ ‫إر ر‬
‫من العبودية إلى ما فيهم من أسمرار الربوبية‪ ً،‬فينظروا أنفسهم أربابا‪ ً،‬بعدما كانوا عبيدا‪ ً،‬فهم العبيد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل مفارجرا{ُ أى مظهرا ما يسرتر‪} ً،‬مكرفارا{ُ أى ساترا ما‬ ‫ل ميرليديوها{ُ أيِ ل ينتجوا ول يظهروا‪} ً،‬إر ر‬
‫الرباب‪} ً،‬مو م‬
‫ظهر بعد ظهوره‪ ً،‬فيظهرون ما يسرتر فيهم‪ ً،‬ثم يسترونه بعد ظهوره‪ ً،‬فيحار الناظر‪ ً،‬ول يعرف قدر‬
‫الفاجر فى فجوره‪ ً،‬ول الكافر في كفره‪ ً،‬والشخص واحد‪} ً،‬رريب ٱهغرفهر رلي{ُ أيِ استرنى واستر من أجلى‪ً،‬‬
‫فييجمهل مقامى وقدرى‪ ً،‬كما يجرهل مقدرمك ‪} -‬مومما مقمديروها ٱلرلمه محرقا مقهدررره{ُ ‪} -‬مورلموارلمدريِ{ُ كنت نتيجة عنهما‪ً،‬‬
‫وهما العقل والطبيعة‪} ً،‬مورلممن مدمخمل مبهيرتمي{ُ أى قلبى‪} ً،‬يمهؤرمنا{ُ أى مصيدقا بما يكون فيه من الخبارات‬
‫اللهية‪ ً،‬وهو ما حردثت به أنفسهم‪} ً،‬مورلهليمهؤرمرنيمن{ُ من العقول‪} ً،‬موٱهليمهؤرممنارت{ُ من النفوس‪} ً،‬مو م‬
‫ل مترزرد‬
‫ل متمبارا{ُ أى هلكا‪ ً،‬فل يعرفون‬ ‫ٱلرظارلرميمن{ُ من الظلمات أهل الغيب المكتنفين خلف اليحيجب الظلمانية‪} ً،‬إر ر‬
‫نفوسهم وشهودهم وجه الحقا دونهم"‪.‬‬
‫وفى سورة النساء عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[8‬رمهن يرطرع ٱلرريسومل مفمقهد أممطامع ٱلرلمه{ُ ‪ ..‬يقول "لنه ل‬
‫ينطقا إل عن ال‪ ً،‬بل ل ينطقا إل بال‪ ً،‬بل ل ينطقا إل ال منه فإنه صوريته"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) نماذج من التفسير الشارى له (‬

‫فى سورة العراف عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[58 ً،57‬مويهمو ٱرلرذيِ يهررسيل ٱليرميامح يبهشرا مبهيمن ميمدهيِ‬
‫ل يسهقمنايه رلمبملهَد رميهَت مفمأهنمزهلمنا ربره ٱهلممآمء مفمأهخمرهجمنا ربره رمن يكيل ٱلرثمممرارت مكـذرلمك‬
‫مرهحمرتره محرتـى إرمذآ أممقلرهت مسمحابا رثمقا ل‬
‫ل منركدا مكـذرلمك‬ ‫ل ميهخيريج إر ر‬‫ينهخرريج ٱهلمهومتـى ملمعلريكهم متمذركيرومن * موٱهلمبمليد ٱلرطييب ميهخيريج منمبايتيه ربرإهذرن مريبره موٱرلرذيِ مخيبمث م‬
‫صيريف ٱلميارت رلمقهوهَم ميهشيكيرومن{ُ‪..‬‬ ‫ين م‬
‫نراه يذكر‪ :‬أنه لما أدركته الفطرة التى ل بد منها لكل داخل فى الطريقا‪ ً،‬وتحركمت فيه‪ ً،‬رأى الحقا‬
‫سبحانه‪ ً،‬فتل عليه هاتين اليتين‪ ً،‬قال‪ :‬فعلمت أنى المراد بهذه الية‪ ً،‬وقلت‪ :‬ينبه بما تله علينا على‬
‫التوفيقا الول الذى هدانا ال به على يد عيسى وموسى ومحمد سلم ال عليهم جميعهم‪ ً،‬فإن رجوعنا‬
‫إلى هذا الطريقا‪ ً،‬كان بمبشرة على يد عيسى‪ ً،‬وموسى‪ ً،‬ومحمد عليهم السلم‪} ً،‬مبهيمن ميمدهيِ مرهحمرتره{ُ وهى‬
‫العناية بنا‪} ً،‬محرتـى إرمذآ أممقلرهت مسمحابا رثمقالل{ُ وهو ترادف التوفيقا‪} ً،‬يسهقمنايه رلمبملهَد رميهَت{ُ وهو أنا‪} ً،‬مفمأهحميهيمنا ربره‬
‫ضِ مبهعمد ممهورتمها{ُ ‪ -‬وهو ما ظهر علينا من أنوار القبول‪ ً،‬والعلم الصالح‪ ً،‬والتعشقا به‪ .‬ثم مرثل فقال‪:‬‬ ‫ٱم‬
‫لهر م‬
‫}مكـذرلمك ينهخرريج ٱهلمهومتـى لممعلريكهم متمذركيرومن{ُ يشير بذلك إلى خبر ورد عن النبى صلى ال عليه وسلم فى البعث‬
‫‪ -‬أعنى حشر الجسام ‪ -‬من أن ال يجعل السماء يتمطر مثل ممينى الرجال ‪) ..‬الحديث(‪ .‬قال‪} :‬موٱهلمبمليد‬
‫ٱلرطييب ميهخيريج منمبايتيه ربرإهذرن مريبره{ُ وليس سوى الموافقة والسمع والطاعة لطهارة المحل‪} ً،‬موٱرلرذيِ مخيبمث{ُ وهو‬
‫ل منركدا{ُ مثل قوله‪" :‬إن ل‬ ‫ل ميهخيريج إر ر‬ ‫الذى غلبت عليه نفسه والطبع‪ ً،‬وهو معنى به فى نفس المر‪ } ً،‬م‬
‫عبادا ييقادرون إلى الرجرنة بالسلسل"‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [15‬من سورة الرعد‪} :‬موللرره ميهسيجيد ممن رفي‬
‫ضِ مطهوعا مومكهرها{ُ فقلنا‪ :‬طوعا ل إلهنا"‪.‬‬ ‫ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫وفى سورة الحج عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[33 ً،32‬موممن يمعيظهم مشمعارئمر ٱللرره مفرإرنمها رمن متهقموى ٱهليقيلورب‬
‫* لميكهم رفيمها مممنارفيع إرلمـى أممجهَل سممسدمى يثرم مرحلسمهآ إرلمـى ٱهلمبهيرت ٱهلمعرتيرقا{ُ ‪ ..‬نجده ييفيسر‪} :‬مشمعارئمر ٱللرره{ُ فيقول‪:‬‬
‫}مشمعارئمر ٱلرلره{ُ أعلمه‪ ً،‬وأعلمه الدللة الموصلة إليه‪ ً،‬وييفيسر قوله‪} :‬يثرم مرحلسمهآ إرملـى ٱهلمبهيرت ٱهلمعرتيرقا{ُ ‪..‬‬
‫فيقول‪} :‬يثرم مرحلسمهآ{ُ وهو بيت اليمان عند أهل الشارات‪ ً،‬وليس إل قلب المؤمن الذى وسع عظمة ال‬
‫وجلله"‪.‬‬
‫وفى سورة لقمان عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[16‬ـييبمنري إررنمهآ رإن متيك رمهثمقامل محربهَة يمهن مخهرمدهَل مفمتيكهن رفي‬
‫صهخمرهَة{ُ ‪ ..‬فيقول‪" :‬أى عند ذى قلب قاس ل‬ ‫صهخمرهَة{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده ييفيسر قوله تعالى‪} :‬مفمتيكهن رفي م‬ ‫م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫شفقة له على خلقا ال‪ .‬قال تعالى‪} :‬يثرم مقمسهت يقيلويبيكهم يمن مبهعرد ـذرلمك مفرهمي مكٱِهلرحمجامررة أمهو أممشسد مقهسمولة{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن‬
‫الكريم ( ضمن العنوان ) نماذج من التفسير الظاهر لبن عربى (‬

‫ل مترتربيعوها‬ ‫فى سورة النعام عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[153‬موأمرن مهــمذا ر‬
‫صمرارطي يمهسمترقيما مفٱِرتربيعويه مو م‬
‫صمرارطي يمهسمترقيما{ُ‬ ‫صايكهم ربره ملمعلريكهم مترتيقومن{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬موأمرن مهــمذا ر‬
‫ٱلسسيبمل مفمتمفررمقا ربيكهم معن مسربيرلره ـذرليكهم مو ر‬
‫فأضافه إليه‪ ً،‬ولم يقل‪ :‬صراط ال‪ ً،‬ووصفه بالستقامة‪ ..‬ثم قال‪} :‬مفٱِرتربيعويه{ُ الضمير يعود على صراطه‪ً،‬‬
‫ل مترتربيعوها ٱلسسيبمل{ُ يعنى شرائع من تقردمه ومناهجهم من حيث ما هى شرائع لهم‪ ً،‬إل إن وجد حكم فيها‬ ‫}مو م‬
‫في شرعى فاتبعوه من حيث ما هو شرع لنا ل من حيث ما كان شرعا لهم‪} ً،‬مفمتمفررمقا ربيكهم{ُ يعنى تلك‬
‫الشرائع‪} ً،‬معن مسربيرلره{ُ أى عن طريقه الذى جاء به محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولم يقل عن سبيله ال‪ً،‬‬
‫صايكهم ربره لممعلريكهم مترتيقومن{ُ أى تتخذون تلك السبيل وقاية‬ ‫لن الكل سبيل ال‪ ً،‬إذ كان ال غايتها‪} ً،‬ـذرليكهم مو ر‬
‫تحول بينكم وبين المشى على غيره"‪.‬‬
‫وهذا تفسير مقبول‪ ً،‬لجريانه على مقتضى الظاهر من الية‪ ً،‬ولكن نجد صاحبنا أحيانا يشطح فى فهمه‬
‫لظاهر الليات شطحات ل نستطيع أن نسلمها له على ظاهرها‪ ً،‬وإنما أقول "على ظاهرها" لنه ربما‬
‫كان يعنى من وراء هذا الظاهر معنى ل غبار عليه‪ ً،‬أراده هو‪ ً،‬وجهلته أنا‪ ً،‬فمن ذلك أنه يقول‪" :‬اعلم ‪-‬‬
‫ل يهمو آرخفذ‬ ‫وفقك ال ‪ -‬أن ال أخبر عن نبيه ورسوله عليه السلم فى كتابه أنه قال‪} :‬رما رمن مدآربهَة إر ر‬
‫صميرتمهآ{ُ فما مثرم إل ممن هو مستقيم على الحقيقة على صراط الرب‪ ً،‬لنه ما مثرم إل ممن الحسقا آخذ‬ ‫ربمنا ر‬
‫بناصيته‪ ً،‬ول يمكن إزالة ناصيته من يد سيده وهو على صراط مستقيم‪ ً،‬ونركمر لفظ "دابة" فعرم‪ ً،‬فأين‬
‫المعوج حتى نعدل عنه؟ فهذا جبر‪ ً،‬وهذه استقامة‪ ً،‬فال يوفقنا فى إنزال كل حكمة فى موضعها"‪.‬‬
‫هذه بعضِ النماذج من تفسير ابن عربى‪ .‬ومنها تستطيع أن تحكم على فهمه لمعانى القرآن‪ ً،‬كما تستطيع‬
‫أن تقارن بينها وبين ما فى تأويلت القاشانى‪ ً،‬المنسوبة لبن عربى‪ ً،‬لتقف على مقدار التشابه بين‬
‫التفسيرين‪ ً،‬وتأثر كل منهما بعقيدته فى وحده الوجود‪.‬‬
‫وبعد ‪ ..‬فهذا هو تفسير الصوفية‪ ً،‬وهؤلء هم أهم مفسريه‪ ً،‬وهذه هى أهم الكتب المؤرلفة فيه‪ ً،‬ولعلى‬
‫أكون قد أوفييت البحث حقه‪ ً،‬وألمميت بالموضوع من جميع نواحيه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان‬
‫) كيف يورجدت الصلة بين التفسير والفلسفة؟ (‬

‫فى إربان شوكة الرمرلة السلمية يتررجممت كتب الفلسفة من السلغات المختلفة إلى اليلغة العربية‪ ً،‬ويرجع‬
‫الفضل الكبر فى هذا العمل إلى العباسيين وحدهم‪ ً،‬إذ أنهم نظموا الترجمة السلمية وشجعوها‪.‬‬
‫بدأ المنصور هذه الحركة المباركة‪ ً،‬وتعهدها أبناؤه وأحفاده من بعده‪ ً،‬وبلغ بها المأمون ‪ -‬خاصة ‪-‬‬
‫القمة‪ ً،‬وأضحت بغداد كعبة علمية يحج إليها اليطلب من كل مكان‪.‬‬
‫ولكى يحققا العباسيون غايتهم استخدموا طائفة من اليفرس والهنود والصابئة والمسيحيين‪ ً،‬الذين كانوا‬
‫على اتصال وثيقا بالدراسات القديمة‪ ً،‬فنقلوا إلى السلغة العربية كتب فلسفة اليونان‪ ً،‬والهند‪ ً،‬واليفرس‪ً،‬‬
‫وغيرهم‪ ً،‬ثم يأذيعت هذه الكتب بين المسلمين‪ ً،‬فقرأوها قراءة المنرهم المتعطش لهذا النوع من العلم الذى لم‬
‫يكن لهم به عهد من قبل‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قرأ بعضِ المسلمين هذه الكتب الفلسفية‪ ً،‬فلم يرقهم أكثر ما فيها من نظريات وأبحاث‪ ً،‬لنهم وجدوها‬
‫تتعارضِ مع الدين‪ ً،‬ول تتفقا معه بحال من الحوال‪ ً،‬فكررسوا حياتهم للرد عليها‪ ً،‬وتنفير الناس منها‪ً،‬‬
‫وكان على رأس هؤلء‪ :‬الغزالى‪ ً،‬والفخر الرازى‪ ً،‬الذى تعررضِ فى تفسيره لنظريات الفلسفة التى تبدو‬
‫فى نظره متعارضة مع الدين‪ ً،‬ومع القرآن على الخص‪ ً،‬فرردها وأبطلها بمقدار ما أسعفته اليحرجة‪ ً،‬وانقاد‬
‫له الدليل‪.‬‬
‫وقرأ بعضِ المسلمين هذه الكتب فأعجبوا بها إلى حد كبير‪ ً،‬رغم ما فيها من نظريات تبدو متعارضة مع‬
‫نصوص الشرع القويم‪ ً،‬وتعاليمه التى ل يلحقها الشك‪ ً،‬ول تحوم حولها الشبهة ‪ ..‬نعم أعجبوا بها رغم‬
‫هذا‪ ً،‬لنهم وجدوا أن فى مقدورهم أن يوافقوا بين الحكمة والعقيدة‪ ً،‬أو بين الفلسفة والدين‪, ً،‬ان يبينوا‬
‫للناس أن الوحى ل يناقضِ العقل فى شىء‪ ً،‬وأن العقيدة إذا استنارت بضوء الحكمة تمكنت من النفوس‪ً،‬‬
‫وثبتت أمام الخصوم ‪ ..‬رأوا أن هذا فى مقدورهم‪ ً،‬فبذلوا كل ما يستطيعون من حلول ليصلوا الفلسفة‬
‫ل وصل فلسفة المسلمين إلى هذا‬ ‫بالدين‪ ً،‬ويؤاخوا بينهما‪ ً،‬حتى يصبح الدين فلسفة‪ ً،‬والفلسفة دينا‪ ً،‬وفع ل‬
‫التوفيقا‪ ً،‬ولكنه توفيقا إن أرضى بعضِ المسلمين فقد أغضب الكثير منهم‪ ً،‬ذلك لنهم لم يصلوا فى‬
‫توفيقهم إل إلى حلول وسطى‪ ً،‬صروروا فيها التعاليم الدينية تصويرا يبعد كثيرا عن الصور الثابتة‬
‫المأثورة‪ ً،‬ومثل هذه الحلول ل تصلح للتوفيقا بين جانبين متقابلين وطرفين متنافرين‪ ً،‬ولذلك لم يجد‬
‫الغزالى وممن لمرف لفه صعوبة فى الرد على هؤلء الفلسفة الموفقين‪ ً،‬وإبطال محاولتهم‪ ً،‬التى ظنوا‬
‫أنهم أرضوا بها رجال الدين الواقفين عند حدوده وتعاليمه‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان‬
‫) كيف كان التوفيقا بين الدين والفلسفة (‬

‫ثم إن الفلسفة الموفقين بين الدين والفلسفة‪ ً،‬كانت لهم طريقتان يسيرون عليهما فى توفيقهم‪.‬‬
‫أما الطريقة الولى‪ :‬فهى طريقة التأويل للنصوص الدينية والحقائقا الشرعية‪ ً،‬بما يتفقا مع الراء‬
‫الفلسفية‪ ً،‬ومعنى هذا إخضاع تلك النصوص والحقائقا إلى هذه الراء حتى تسايرهم وتتمشى معها‪.‬‬
‫وأما الطريقة الثانية‪ :‬فهى شرح النصوص الدينية و الحقائقا الشرعية بالراء والنظريات الفلسفية‪ً،‬‬
‫ومعنى هذا أن تطغى الفلسفة على الدين وتتحكم فى نصوصه‪ ً،‬وهذه الطريقة أخطر من الولى‪ ً،‬وأكثر‬
‫شرا منها على الدين‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان‬
‫) الثر الفلسفى فى تفسير القرآن الكريم (‬

‫مما تقدم يتضح لك أن علماء المسلمين لم يكونوا جميعا على مبدأ واحد بالنسبة للراء الفلسفية‪ ً،‬بل يورجد‬
‫منهم ممن وقف منها موقف الرفضِ وعدم القبول‪ ً،‬كما يورجد منهم ممن وقف موقف الدفاع عنها والقبول‬
‫لها‪ ً،‬وكان من هؤلء وهؤلء أثر ظاهر فى تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫أما الفريقا المعاند للفلسفة ‪ ..‬فإنه لما فيسر القرآن اصطدام بهذه النظريات الفلسفية‪ ً،‬فرأى من واجبه‬
‫كمف يسر أن يعرضِ لهذه النظريات ويمزجها بالتفسير‪ .‬إما على طريقا الدفاع عنها وبيان أنها ل‬
‫تتعارضِ مع نصوص القرآن‪ ً،‬وذلك بالنسبة للنظريات الصحيحة عنده والمسرلمة لديه‪ ً،‬وإما على طريقا‬
‫الرد عليها‪ ً،‬وبيان أنها ل يمكن أن تساير نصوص القرآن‪ ً،‬وذلك بالنسبة للنظريات التى ل ييسيلمها ول‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يقول بها‪.‬‬
‫وهو فى الحالة الولى يشرح القرآن على ما يوافقا هذه النظريات التى ل يراها متعارضة مع الدين‪ً،‬‬
‫وفى الحالة الثانية ل يمشى على ضوء النظريات الفلسفية فى تفسيره‪ ً،‬بل ييفيسر النصوص على ضوء‬
‫الدين والعقل وحدهما‪ ً،‬دون أن يكون للرأى الفلسفى دخل فى شرح النص القرآنى وبيان معناه‪ ً،‬وممن‬
‫فعل هذا فى تفسيره المام فخر الدين الرازى‪ ً،‬ودونك التفسير فسترى فيه ما ذكرته‪.‬‬
‫وأما الفريقا المسالم للفلسفة‪ ً،‬المصيدقا بكل ما فيها من نظريات وآراء‪ ً،‬فإنه لما فرسر بالقرآن سلك طريقا‬
‫كله شر وضلل‪ ً،‬إذ أنه وضع الراء الفلسفية أمام عينيه‪ ً،‬ثم نظر من خللها إلى القرآن‪ .‬فشرح‬
‫نصوصه على حسب ما تمليه عليه نزعته الفلسفية المجرردة من كل شىء إل من التعصب الفلسفى‪..‬‬
‫وأخيرا وجدنا أنفسنا أمام شروح لبعضِ آيات القرآن‪ ً،‬هى فى الحقيقة شروح لبعضِ النظريات الفلسفية‪ً،‬‬
‫صمد بها تدعيم الفلسفة وخدمتها على حساب القرآن الكريم‪ ً،‬الذى هو أصل الدين ومنبع تعاليمه‪.‬‬ ‫يق ر‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان ) من‬
‫تفسير الفارابى (‬

‫فمن هذه الروح التى طغت عليها الفلسفة‪ ً،‬ما تجده للفارابى المتوفى سنة ‪ 339‬هـ )تسع وثلثين‬
‫وثلثمائة من الهجرة( فى كتابه "فصوص الحكم"‪ ً،‬من تفسيره لبعضِ اليات والحقائقا التى جاء بها‬
‫القرآن‪ .‬تفسيرا فلسفيا بحتا‪ ً،‬فمن ذلك أنه ييفيسر الرولية والخرية الواردة فى قوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من‬
‫سورة الحديد‪} :‬يهمو ٱ م‬
‫لرويل موٱلرخير{ُ تفسيرا أفلوطونيا مبنيا على القول ربقمدم العاملم فيقول‪ :‬إنه " الول من‬
‫جهة أنه منه ويصدر عنه كل موجود لغيره‪ ً،‬وهو أول من جهة أنه بالوجود لغاية يقربه منه‪ ً،‬أول من‬
‫جهة أرن كان زمانى يينسب إليه بكون‪ ً،‬فقد يورجمد زمان لم يوجد معه ذلك الشىء‪ ً،‬ويورجمد إذ يورجمد معه ل‬
‫فيه‪ .‬هو أول‪ ً،‬لنه إذا اعتبر كل شىء كان فيه أول أثره‪ ً،‬وثانيا قبوله ل بالزمان‪ .‬هو الخر‪ ً،‬لن‬
‫الشياء إذا لوحظت وينرسمبهت إليه أسبابها ومباديها وقف عنده المنسوب‪ ً،‬فهو آخر لنه الغاية الحقيقية فى‬
‫كل طلب‪ ً،‬فالغاية مثل السعادة فى قولك‪ :‬رلمم شربت الماء؟ فتقول‪ :‬لتغيير المزاج‪ ً،‬فيقال‪ :‬ورلم أردت أن‬
‫يتغير المزاج؟ فتقول‪ :‬للصحة‪ ً،‬فيقال‪ :‬رلمم طلبت الصحة؟ فتقول‪ :‬للسعادة والخير‪ ً،‬ثم ل يورد عليه سؤال‬
‫يجب أن ييجاب عنه‪ ً،‬لن السعادة والخير يتطلب لذاته ل لغيره ‪ ..‬فهو المعشوقا الولى‪ ً،‬فلذلك هو آخر‬
‫كل غاية‪ ً،‬أول فى الفكرة آخر فى الحصول‪ ً،‬هو آخر من جهة أن كل زمان يتأخر عنه‪ ً،‬ول يوجد زمان‬
‫متأخر عن الحقا ‪."..‬‬
‫ويشرح الظاهر والباطن الوارد فى قوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة الحديد أيضا }‪ ..‬موٱلرظارهير‬
‫موٱهلمبارط ين{ُ ‪ ..‬فيقول‪" :‬ل وجود أكمل من وجوده‪ ً،‬فل خفاء فيه من نقص الوجود‪ ً،‬فهو فى ذاته ظاهر‪ً،‬‬
‫ولشدة ظهوره باطن‪ ً،‬وبه يظهر كل ظاهر كالشمس يتظهر كل خفى وتستبطن ل عن خفاء"‪.‬‬
‫كما يشرح هذه الجملة مرة أخرى فيقول‪" :‬هو باطن لنه شديد الظهور‪ ً،‬غلب ظهوره على الدراك‬
‫فخفى‪ ً،‬وهو ظاهر من حيث أن الثار يتنسب إلى صفاته‪ ً،‬وتجب عن ذاته فتصدقا بها"‪.‬‬
‫وييفيسر الوحى بقوله‪" :‬والوحى لوح من مراد الممملك للروح النسانية بل واسطة‪ ً،‬وذلك هو الكلم‬
‫الحقيقى‪ ً،‬فإن الكلم إنما ييراد به تصوير ما يتضمنه باطن المخارطب فى باطن المخامطب ليصير مثله‪ً،‬‬
‫فإذا عجز المخارطب عن مس باطن المخامطب بباطنه مس الخاتم الشمع فيجعله مثل نفسه‪ ً،‬اتخذ فيما بين‬
‫الباطنين سفيرا من الظاهرين‪ ً،‬فتكلم بالصوت أو كتب أو أشار‪ .‬وإذا كان المخامطب ل حجاب بينه وبين‬
‫الروح اطلع عليه اطلع الشمس على الماء الصافى فانتقش منه‪ ً،‬لكن المنتقش فى الروح من شأنه أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يسيح إلى الحسن الباطن إذا كان قويا‪ ً،‬فينطبع فى القوة المذكورة فييشامهد‪ ً،‬فيكون الموحى إليه يتصل‬
‫بالممملك باطنه‪ ً،‬ويتلقى وحيه الكلى بباطنه"‪.‬‬
‫كما يشرح الملئكة بأنها "صورة علمية‪ ً،‬جواهرها علوم إبداعية قائمة بذواتها‪ ً،‬لتحظ المر العلى‬
‫فينطبع فى هويتها ما تلحظ‪ ً،‬وهى مطلقة‪ ً،‬لكن الروح القدسية تخاطبها فى اليقظة‪ ً،‬والروح المبشرية‬
‫تعاشرها فى النوم"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان ) من‬
‫تفسير إخوان الصفا (‬

‫ومن الشروح الفلسفية للقرآن أيضا ما نجده فى رسائل إخوان الصفا‪ ً،‬الذين ل زلنا نجهل الكثير عن‬
‫تاريخْ نشأتهم وتكوينهم‪ ً،‬والذين كانوا يمتون فى أغلب الظن بصلة إلى الباطنية السماعيلية‪.‬‬
‫فمن ذلك أنهم يشرحون الجرنة والنار‪ ً،‬بما ييفهم منه أن الجرنة هى عاملم الفلك‪ ً،‬وأن النار هى عاملم ما‬
‫تحت فلك القمر‪ ً،‬وهو عاملم الدنيا‪ ً،‬ففى حديثهم عن تجرد النفس واشتياقها إلى عاملم الفلك‪ ً،‬يقررون أنه‬
‫ل يمكن الصعود إلى ما هناك بهذا الجسد الثقيل الكثيف‪ ً،‬ويقولون‪" :‬إن النفس إذا فارقت هذه الجرنة‪ ً،‬ولم‬
‫يعقها شىء من سوء أفعالها‪ ً،‬أو فساد آرائها‪ ً،‬وتراكم جهالتها أو رداءة أخلقها‪ ً،‬فهى هناك فى عاملم‬
‫الفلك فى أقل من طرفة عين بل زمان‪ ً،‬لن كونها حيث همتها أو محبوبها كما تكون نفس العاشقا حيث‬
‫معشوقه‪ ً،‬فإذا كان عشقها هو الكون مع هذا الجسد‪ ً،‬ومعشوقها هو الملذات المحسوسة المموهة‬
‫الجرمانية‪ ً،‬وشهواتها هذه الزينات الجسمانية‪ ً،‬فهى ل تبرح من ههنا ول تشتاقا الصعود إلى عاملم‬
‫الفلك‪ ً،‬ول يتفتح لها أبواب السماء ول تدل الجرنة مع زمرة الملئكة‪ ً،‬بل تبقى تحت فلك القمر‪ ً،‬سائحة‬
‫فى قعر هذه الجسام المستحيلة المتضادة‪ ً،‬تارة من الكون إلى الفساد‪ ً،‬وتارة من الفساد إلى الكون‪} :‬يكلرمما‬
‫ضمجهت يجيلويديههم مبردهلمنايههم يجيلودا مغهيمرمها رلمييذويقوها ٱهلمعمذامب{ُ فى الية ]‪ [56‬من سورة النساء‪ } ً،‬ر‬
‫لربرثيمن رفيمهآ‬ ‫من ر‬
‫أمهحمقابا{ُ ‪ -‬الية ]‪ [23‬من سورة النبأ ‪ -‬ما دامت السموات والرضِ‪ ً،‬ل يذوقون فيها برد عاملم الرواح‬
‫صمحايب ٱلرنارر‬ ‫الذى هو الروح والريحان‪ ً،‬ول يجدون لذة شراب الجنان المذكور فى القرآن‪} :‬مومنامدـى أم ه‬
‫ضوها معلمهيمنا رممن ٱهلممآرء أمهو رمرما مرمزمقيكيم ٱللريه مقالييوها إررن ٱلرلمه محررمميهمما معملى ٱهلمكارفرريمن{ُ ‪-‬‬
‫صمحامب ٱهلمجرنرة أمهن أمرفي ي‬ ‫أم ه‬
‫الية ]‪ [50‬من سورة العراف ‪ -‬الظالمين لنفسهم ‪ ..‬ويروى عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه‬
‫قال‪" :‬الجرنة فى السماء‪ ً،‬والنار فى الرضِ"‪.‬‬
‫ومن ذلك أنهم ييفيسرون الملئكة بأنها كواكب الفلك فيقولون‪" :‬إن كواكب الفلك هم ملئكة ال وملوك‬
‫سمواته ‪ ..‬خلقهم ال تعالى لعمارة عالمه‪ ً،‬وتدبير خلئقه‪ ً،‬وسياسة بريته‪ ً،‬وهم خلفاء ال فى أفلكه‪ ً،‬كما‬
‫أن ملوك الرضِ هم خلفاء ال فى أرضه"‪.‬‬
‫كذلك يرى إخوان الصفا "أن نفس المؤمن بعد مفارقة جسدها تصعد إلى ملكون السماء وتدخل فى زمرة‬
‫الملئكة‪ ً،‬وتحيا بروح القدس‪ ً،‬وتسبح فى فضاء الفلك‪ .‬فى فسحة السموات‪ ً،‬فرحة‪ ً،‬مسرورة‪ ً،‬منعمة‪ً،‬‬
‫متلذذة‪ ً،‬مكررمة‪ ً،‬مغتبطة"‪ ً،‬ويقولون إن ذلك هو معنى قول ال معرز ومجرل فى الية العاشرة من سورة‬
‫صارليح ميهرمفيعيه{ُ‪.‬‬‫صمعيد ٱهلمكرليم ٱلرطييب موٱهلمعمميل ٱل ر‬‫فاطر‪} :‬إرملهيره مي ه‬
‫كذلك يشرح إخوان الصفا الشياطين شرحا فلسفيا بحتا ل يتفقا مع ما جاء به الدين فيقولون‪" :‬إن ال‬
‫لهنرس موٱهلرجين ييورحي‬ ‫أشار إلى النفوس ووساوسها بقوله ‪ -‬فى الية ]‪ [112‬من سورة النعام‪} :‬مشميارطيمن ٱ ر‬
‫ضِ يزهخيرمف ٱهلمقهورل يغيرورا{ُ فشياطين الجن هى النفوس المفارقة الشريرة التى قد استجنت‬ ‫ضيههم إرملـى مبهع هَ‬ ‫مبهع ي‬
‫عن إدراك الحواس‪ .‬وشياطين النس هى النفوس المتجسدة المستأنسة بالجساد"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم يقولون‪" :‬أمثال هذه النفوس التى ذكرناها ‪ -‬يعنون النفوس الخبيثة ‪ -‬هى شياطين بالقوة‪ ً،‬فإذا فارقت‬
‫أجسادها كانت شياطين بالفعل"‪.‬‬
‫كما يفهمون أن تسمية ال الشهداء فى قوله فى الية ]‪ [69‬من سورة النساء‪} :‬مفيأهولمــرئمك مممع ٱرلرذيمن أمهنمعم‬
‫صارلرحيمن مومحيسمن يأوملــرئمك مررفيقا{ُ بهذا السم إنما هو‬ ‫ٱللريه معملهيرهم يممن ٱلرنربيييمن موٱل ي‬
‫صيديرقيمن موٱلسشمهمدآرء موٱل ر‬
‫لشهادتهم تلك المور الروحانية المفارقة للهيولى‪ ً،‬ويعنون بها جرنة الدنيا ونعيمها‪.‬‬
‫ثم إن إخوان الصفا يعتقدون أن القرآن ما هو إل رموز للحقائقا البعيدة عن أذهان العامة‪ ً،‬ويقولون‪ :‬إن‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم ييخبر خواص يأمته بما جاء به واعتقده بالتصريح فى السر والعلن‪ ً،‬غير‬
‫مرموز ول مكتوم‪ ً،‬ثم يشير إليها‪ ً،‬ويرمز عنها عند العوام باللفاظ المشتركة‪ ً،‬والمعانى المحتملة للتأويل‬
‫بما يعقلها الجمهور‪ ً،‬وتقبلها نفوسهم وغير خاف أن هذا هو عين مذهب الباطنية القائل بأن ظواهر‬
‫القرآن غير مرادة‪.‬‬
‫هذه بعضِ شروح الفلسفة من المسلمين ليات القرآن الكريم‪ ً،‬وهى كما ترى شروح تقوم على نظريات‬
‫فلسفية بحتة‪ ً،‬ل يمكن أن يتحملها النص القرآنى بحال من الحوال‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬ولم نسمع أن فيلسوفا من هؤلء الفلسفة الذين تحركمت الفلسفة فى عقولهم‪ ً،‬أرلف لنا تفسيرا كام ل‬
‫ل‬
‫للقرآن الكريم‪ ً،‬وكل ما وجدناه لهم فى ذلك ل يعدو بعضِ أفهام قرآنية متفررقة فى كتبهم التى أرلفوها فى‬
‫الفلسفة‪ .‬وأكثر ممن وجدنا له أثرا فى التفسير من هؤلء الفلسفة هو الرئيس أبو علسى ابن سينا‪ ً،‬إذ قد‬
‫يعرثر له على تفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النور‪} :‬ٱللريه ينوير ٱلرسمماموارت{ُ ‪ ...‬الية وعلى‬
‫تفسير سورة الخلص‪ ً،‬والمعوذتين وبعضِ آيات أخرى‪ ً،‬ولهذا سأعتبر ابن سينا الشخصية الولى التى‬
‫كان لها أكبر أثر فى التفسير الفلسفى‪ ً،‬فأذكر ينهبذة عن حياته‪ ً،‬ثم أعرضِ لمسلكه فى التفسير فأقول‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان‬
‫) ترجمة ابن سينا (‬

‫هو الرئيس أبو علسى الحسين بن عبد ال بن الحسن بن‬


‫على بن سينا‪ .‬كان أبوه من أهل بلخْ‪ ً،‬ثم انتقل إلى بخارى‪ ً،‬وفى قرية من قراها ورلد له أبو علسى ابن‬
‫س‬
‫سينا سنة ‪ 370‬هـ )سبعين وثلثمائة من الهجرة(‪ .‬ثم انتقل مع أهله إلى بخارى‪ ً،‬ثم طسوف أبو علسى بعد‬
‫صل كثيرا من الفنون‪ .‬حفظ القرآن وله من العمر عشر سنين‪ً،‬‬ ‫ذلك فى البلد‪ ً،‬واشتغل بالعلوم‪ ً،‬وح ر‬
‫وأتقن الدب‪ ً،‬وحفظ أشياء من يأصول الدين‪ ً،‬والحساب والجبر‪ ً،‬ثم تعرلم المنطقا على أبى عبد ال‬
‫الناتلى‪ ً،‬وفاقه‪ ً،‬ثم اشتغل بالعلوم الطبيعية واللهية‪ ً،‬ثم رغب فى علم الطب فقرأ الكتب المؤرلفة فيه‪ ً،‬حتى‬
‫أصبح بارعا ل يعدله أحد فيه‪ .‬كل هذا ولم يتجاوز السادسة عشرة من عمره‪ ً،‬ثم لم تأت عليه سن‬
‫الثامنة عشرة إل وقد فرغا من تحصيل العلوم التى عاناها‪ ً،‬مما يدل على ذكائه الخارقا وذهنه الثاقب‪.‬‬
‫أما تصانيفه فكثيرة‪ ً،‬تقارب المائة مصرنف‪ ً،‬ومن أهمها‪ :‬كتاب الشفاء فى الحكمة‪ ً،‬والنجاة‪ ً،‬والشارات‪ً،‬‬
‫والقانون‪ ً،‬وغير ذلك من كتبه القيمة‪ ً،‬التى انتفع الناس بها كثيرا‪.‬‬
‫ولقد جمع أبو علسى ابن سينا إلى شهرته العلمية شهرة أخرى سياسية‪ ً،‬إذ أنه كان يتقلد مع والده العمال‬
‫للسلطان‪ ً،‬ولما اضطربت يأمور الدولة يأخرج أبو علسى من بخارى‪ ً،‬وطروف ببلد كثيرة حتى وصل إلى‬
‫همدان‪ ً،‬وهناك تقرلد الوزارة لشمس الدولة‪ .‬ثم ثار الجند عليه‪ ً،‬وأغاروا على داره‪ ً،‬ونهبوها‪ ً،‬وقبضوا‬
‫عليه‪ ً،‬وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع‪ ً،‬ثم يأطلقا فتوارى‪ ً،‬ثم أعاده شمس الدولة وزيرا بعد ذلك‪ ً،‬ولما‬
‫مات شمس الدولة تورجه إلى أصبهان‪ ً،‬ثم أدركه مرضِ شديد مات على أثره‪ ً،‬وكانت وفاته بهمدان سنة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ 428‬هـ )ثمان وعشرين وأربعمائة من الهجرة(‪ ً،‬ودفن بها‪ ً،‬فرحمه ال‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان‬
‫) مسلك ابن سينا فى التفسير (‬

‫ابن سينا كمسلم يدين بالقرآن‪ ً،‬وفيلسوف محب للفلسفة حريص على سلمة ما فيها من آراء‪ ً،‬كان‬
‫حريصا كل الحرص على أن يوفقا بين الدين والفلسفة‪ ً،‬حتى ييرضى ناحيته الدينية والفلسفية‪ .‬وكان‬
‫طبيعيا ‪ -‬والقرآن هو الدعامة الولى من دعام السلم ‪ -‬أن يوفقا ابن سينا بين نصوص القرآن‬
‫ل قام بهذه العملية التى كانت ‪ -‬فيا أعتقد ‪ -‬شرا على‬ ‫والنظريات الفلسفية التى تبدو معارضة لها‪ ً،‬وفع ل‬
‫الدين‪ ً،‬وإبطالل لحقائقا القرآن الصريحة الثابتة‪.‬‬
‫نظر ابن سينا إلى القرآن‪ ً،‬ونظر إلى الفلسفة‪ ً،‬فحركم النظريات الفلسفية فى النصوص القرآنية‪ ً،‬فشرحها‬
‫شرحا فلسفيا بحتا‪ ً،‬وكانت طريقته التى يسلكها فى شرحه غالبا هى شرح الحقائقا الدينية بالراء‬
‫الفلسفية‪ ً،‬وذلك لنه كان يعتقد أن القرآن ما هو إل رموز رمز بها النبى صلى ال عليه وسلم لحقائقا‬
‫تدقا على أفهام العامة‪ ً،‬عجزت أفهامهم عن إدراكها‪ ً،‬فرمز إليها النبى بما يمكنهم أن يدركوه‪ ً،‬وأخفى‬
‫عنهم ما يعجز عن إدراكه عامة الناس إل الخواص منهم‪ ً،‬وهو يقول‪" :‬إن المشترك على النبى أن يكون‬
‫كلمه رمزا‪ ً،‬وألفاظه إيمالء‪ ً،‬وكما يذكر أفلطون فى كتاب النوامس‪ :‬إرن ممن لم يقف على معانى رموز‬
‫الرسل لم ينل الملكوت اللهى‪ ً،‬وكذلك أرجرلة فلسفة يونان وأنبياؤهم كانوا يستعملون فى كتبهم الرموز‬
‫والشارات‪ ً،‬التى حشوا فيها أسرارهم‪ ً،‬كفيثاغورس وسقراط وأفلطون ‪ ..‬وما كان يمكن النبى محمدا‬
‫صلى ال عليه وسلم أن يوقف على العلم أعرابيا جافيا‪ ً،‬ول سيما المبشر كلهم‪ ً،‬إذ كان مبعوثا إليهم‬
‫كلهم"‪.‬‬
‫وعلى هذا الساس نظر ابن سينا إلى نصوص القرآن كرموز ل يعرف حقيقتها إل الخواص أمثاله‪ً،‬‬
‫ل‪ ً،‬وبعيدا عن حقيقة الدين‪ً،‬‬ ‫ففرسرها تفسيرا حركم فيه ما لديه من نظريات فلسفية‪ ً،‬فكان فى عمله هذا فاش ل‬
‫وروح القرآن الكريم‪.‬‬
‫وإليك بعضِ ما قاله ابن سينا فى بعضِ نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬لتقف على مقدار تهافته‪ ً،‬ويبهعده عن‬
‫حقائقا القرآن الثابتة‪:‬‬
‫عرضِ ابن سينا لشرح قوله تعالى فى الية ]‪ [17‬من سورة الحاقة‪} :‬موميهحرميل معهرمش مريبمك مفهومقيههم ميهومرئهَذ‬
‫مثممارنميفة{ُ ‪ ..‬ففرسر العرش بأنه الفلك التاسع الذى هو فلك الفلك‪ ً،‬وفرسر الملئكة الثمانية التى تحمل‬
‫العرش بأنها الفلك الثمانية التى تحت الفلك التاسع‪ .‬وإليك عبارته بنصها‪:‬‬
‫قال‪" :‬وأما ما برلغ النبى صلى ال عليه وسلم عن ربه معرز ومجرل من قوله‪} :‬موميهحرميل معهرمش مريبمك مفهومقيههم‬
‫ميهومرئهَذ مثممارنميفة{ُ "فنقول‪ :‬إن الكلم المستفيضِ فى استواء ال تعالى على العرضِ من أوضاعه‪ :‬أن العرش‬
‫نهاية الموجودات المبدعة الجسمانية‪ ً،‬وتردعى المشبهة من المتشرعين أن ال تعالى على العرش ل على‬
‫سبيل حلول‪ .‬هذا‪ ً،‬وأما فى كلم الفلسفى فإنهم جعلوا نهاية الموجودات الجسمانية الفلك التاسع الذى هو‬
‫فلك الفلك‪ ً،‬ويذكرون أن ال تعالى هناك‪ ً،‬وعليه ل على حلول‪ ً،‬كما برين أرسطو فى آخر كتاب سماع‬
‫الكيان‪ .‬والحكماء المتشرعون أجمعوا على أن المعرنى بالعرش هو هذا اليجهرم‪ .‬هذا ‪ ..‬وقد قالوا‪ :‬إن‬
‫الفلك يتحرك بالنفس‪ ً،‬لن الحركات إما ذاتية وإما غير ذاتية‪ .‬والذاتية إما طبيعية‪ ً،‬وإما نفسية‪ ً،‬ثم برينوا‬
‫أن نفسها هو الناطقا الكامل الفرعال‪ ً،‬ثم برينوا أن الفلك ل تفنى ول تتغير أبد الدهر‪ ً،‬وقد ذاع فى‬
‫الشرعيان أن الملئكة أحياء قطعا‪ ً،‬ل يموتون كالنسان الذى يموت‪ ً،‬فإذا قيل إن الفلك أحياء ناطقة ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تموت‪ ً،‬والحى الناطقا الغير الميت يسمى ممملكا‪ ً،‬فالفلك يتسمى ملئكة‪ .‬فإذا تقدم هذه المقدمات وضح‬
‫أن العرش محمول على وجهين‪ :‬حمل مبشرى‪ ً،‬وهو أولى باسم الحمل كالحجر المحمول على ظهر‬
‫النسان‪ ً،‬وحمل طبيعى طقولنا‪ :‬الماء محمول على الرضِ‪ ً،‬والنار على الهواء‪ .‬والمعنى هنا الحمل‬
‫الطبيعى ل الول‪ .‬وقوله‪ :‬يومئذ‪ ً،‬والساعة‪ ً،‬والقيامة‪ ً،‬فالمراد بها ما ذكره الشارع‪ :‬أن ممن مات قامت‬
‫قيامته‪ .‬ولما كان تحقيقا النفس النسانية عند المفارقة آكد جعل الوعد والوعيد‪ ً،‬وأشباههما إلى ذلك‬
‫الوقت"‪.‬‬
‫كذلك نجد ابن سينا ييفيسر الجرنة والنار والصراط تفسيرا فلسفيا بعيدا عن المأثور الثابت الصحيح‪ ً،‬فيقسم‬
‫العوالم إلى ثلثة أقسام‪ :‬عاملم رحيسى‪ ً،‬وعاملم خيالى وهمى‪ ً،‬وعاملم عقلى‪ ً،‬والعاملم العقلى عنده هو الجرنة‪ً،‬‬
‫والعاملم الخيالى هو النار‪ ً،‬والعاملم الرحيسى هو عاملم القبور‪ .‬أما الصراط فيقول فى شرحه‪" :‬اعلم أن العقل‬
‫يحتاج فى تصور أكثر الكليات إلى استقراء الجزئيات‪ ً،‬فل محالة أنها تحتاج إلى الحس الظاهر‪ ً،‬فتعلم‬
‫أنه يأخذ من الحس الظاهر إلى الخيال إلى الوهم‪ ً،‬وهذا هو من الجحيم طريقا وصراط دقيقا صعب‬
‫حتى يبلغ ذاته العقل‪ ً،‬فهو إذن يرى كيف الحد صراطا وصراط دقيقا صعب حتى يبلغ ذاته العقل‪ ً،‬فهو‬
‫إذن يرى كيف الحد صراطا وطريقا فى عاملم الجحيم‪ ً،‬فإن جاوزه بلغ عاملم العقل‪ ً،‬فإن وقف فيه وتخيل‬
‫الوهم عق لل‪ ً،‬وما يشير إليه حقا‪ ً،‬فقد وقف على الجحيم‪ ً،‬وسكن فى جهنم‪ ً،‬وهلك وخسر خسرانا مبينا"‪.‬‬
‫كذلك ييفيسر ابن سينا قوله تعالى فى الية ]‪ [30‬من سورة المدثر‪} :‬معلمهيمها رتهسمعمة معمشمر{ُ تفسيرا فلسفيا‬
‫بعيدا عن هدف القرآن‪ ً،‬فيقرر أن النفس الحيوانية هى الباقية الدائمة فى جهنم‪ ً،‬وهى منقسمة إلى‬
‫قسمين‪ :‬إدراكية‪ ً،‬وعملية‪ .‬والعملية‪ :‬شوقية‪ ً،‬وغضبية‪ ً،‬والعلمية‪ :‬هى تصورات الخيال المحسوسات‬
‫بالحواس الظاهرة‪ ً،‬وتلك المحسوسات ستة عشر‪ ً،‬والقوة الوهمية الحاكمة على تلك الصور حكما غير‬
‫صمحامب‬ ‫واجب واحدة ‪ -‬ذاتيان‪ ً،‬وستة عشر‪ ً،‬وواحدة تسعة عشر‪ ..‬ثم يقول‪" :‬وأما قوله‪} :‬مومما مجمعهلمنآ أم ه‬
‫لرئمكلة{ُ؛ً فمن العادة فى الشريعة تسمية القوى اللطيفة الغير المحسوسة ملئكة"‪.‬‬ ‫ل مم م‬ ‫ٱلرنارر إر ر‬
‫كما ييفيسر أبواب الجرنة الثمانية‪ ً،‬وأبواب النار السبعة تفسيرا فلسفيا صرفا‪ ً،‬فيقول‪" :‬وأما ما برلغ النبى‬
‫محمد عن ربه معرز ومجرل أن للنار سبعة أبواب‪ ً،‬وللجنة ثمانية أبواب‪ ً،‬فإذ قد يعرلم أن الشياء المدرمكة إما‬
‫يمدركة للجزئيات كالحواس الظاهرة وهى خمسة‪ ً،‬وإدراكها الصور مع المواد‪ ً،‬أو يمدرمكة متصورة بغير‬
‫مواد كخزانة الحواس المسماة بالخيال‪ ً،‬وقوة حاكمة عليها حكما غير واجب وهو الوهم‪ ً،‬وقوة حاكمة‬
‫واجبا وهو العقل‪ ً،‬فذلك ثمانية‪ .‬فإذا اجتمعت الثمانية جملة أدت إلى السعادة السرمدية‪ ً،‬والدخول فى‬
‫الجرنة وإن حصل سبعة منها ل تتسم إل بالثامن أت إلى الشقاوة السرمدية‪ .‬والمستعمل فى السلغات أن‬
‫الشىء المؤدى إلى الشىء يسمى بابا‪ ً،‬فالسبعة المؤدية إلى النار سميت أبوابا لها‪ ً،‬والثمانية المؤدية إلى‬
‫الجنة سميت أبوابا لها"‪.‬‬
‫ضِ مممثيل ينوررره‬ ‫وييفيسر ابن سينا قوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من سورة النور‪} :‬ٱللريه ينوير ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫ل‬‫صمبايح رفي يزمجامجهَة ٱلسزمجامجية مكمأرنمها مكهومكفب يديرويِ ييومقيد رمن مشمجمرهَة سممبامرمكهَة مزهييتومنهَة ر‬ ‫صمبافح ٱهلرم ه‬ ‫مكرمهشمكاهَة رفيمها رم ه‬
‫ضيييء موملهو ملهم متهممسهسيه منافر سنوفر معملـى ينوهَر ميههرديِ ٱللريه رلينوررره ممن ميمشآيء‬ ‫ل مغهرربريهَة ميمكايد مزهييتمها ي ر‬‫مشهررقريهَة مو م‬
‫ضرريب ٱللريه ٱ م‬
‫لهممثامل رللرنارس موٱللريه ربيكيل مشهيهَء معلمريفم{ُ‪..‬‬ ‫مومي ه‬
‫فيقول‪" :‬النور اسم مشترك لمعنيين‪ :‬ذاتى ومستعار‪ ً،‬والذاتى هو كمال المشف من حيث هو مشف كما‬
‫ذكرها أرسطاطاليس‪ ً،‬والمستعار على وجهين‪ :‬إما الخير‪ ً،‬وإما السبب الموصل إلى الخير‪ ً،‬والمعسنى‬
‫ههنا هو القسم المستعار بكلى فى قسميه ‪ ...‬أعنى أن ال تعالى خير بذاته وهو سبب لكل خير‪ ً،‬كذلك‬
‫ضِ{ُ عبارة عن الكل‪ .‬وقوله‪} :‬مكرمهشمكاهَة{ُ فهو‬ ‫الحكم فى الذاتى وغير الذاتى‪ .‬وقوله‪} :‬ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عبارة عن العقل الهيولنى والنفس الناطقة‪ ً،‬لن المشكاة متقاربة الجدران جيدة التهئ للستضاءة‪ ً،‬لن‬
‫كل ما يقارب الجدران كان النعكاس فيه أشد‪ ً،‬والضوء أكثر‪ .‬وكما أن العقل بالفعل مشبه بالنور‪ ً،‬كذلك‬
‫قابله مشبه يقابله وهو المشف‪ ً،‬وافضل المشفات الهواء‪ ً،‬وأفضل الهوية هو المشكاة‪ ً،‬فالمرموز‬
‫بالمشكاة هو العقل الهيولنى الذى نسبته إلى العقل المستفاد كنسبة المشكاة إلى النور‪ ً،‬والمصباح هو‬
‫عبارة عن العقل المستفاد بالفعل‪ ً،‬لن النور كما هو كمال للمشف كما حسد به الفلسفة ويمخررج له من‬
‫القوة إلى الفعل‪ ً،‬ونسبة العقل المستفاد إلى العقل الهيولنى كنسبة المصباح إلى المشكاة‪ .‬وقوله‪} :‬رفي‬
‫يزمجامجهَة{ُ لما كان بين العقل الهيولنى والمستفاد مرتبة أخرى وموضع آخر نسبته كنسبة الذى بين‬
‫المشف والمصباح‪ ً،‬فهو الذى ل يصل فى العيان المصباح إلى المشف إل بتوسط وهو المسرجة‪ً،‬‬
‫ويخرج من المسارج الزجاجة لنها من المشفات القوابل للضوء‪ .‬ثم قال بعد ذلك‪} :‬مكمأرنمها مكهومكفب يديرويِ {ُ‬
‫ليجعلها الزجاج الصافى المشف‪ ً،‬لالزجاج الذى ل يستشف‪ ً،‬فليس شىء من المتلونات يستشف‪} ً،‬ييومقيد‬
‫رمن مشمجمرهَة سممبامرمكهَة مزهييتومنهَة{ُ يعنى به القوة الفكرية التى هى موضوعى ومادة للفعال العقلية‪ ً،‬كما أن‬
‫الدهن موضوع ومادة للسراج‪ "..‬وهكذا استمر ابن سينا فى شرح هذه الية فارجع إليه إن شئت‪ً،‬‬
‫وسترى أن شرحه هذا مزيج من فكرتى أفلطون وأرسطو حيث جمع فيه بين ما ييعرف لفلطون من‬
‫التعبير بـ "الخير" و "الكل"‪ ً،‬وما ييعرف لرسطو من أقسام العقل‪.‬‬
‫ويقول فى تفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [4‬من سورة الفلقا‪} :‬مورمن مشير ٱلرنرفامثارت رفي ٱهليعمقرد{ُ‪" :‬قوله تعالى‪:‬‬
‫}مورمن مشير ٱلرنرفامثارت رفي ٱهليعمقرد{ُ إشارة إلى القوة النباتية‪ :‬فإن النباتية موكلة بتدبير البدن ونشوه ونموه‪ً،‬‬
‫والبدن عقد حصلت من عقد بين العناصر الربعة المختلفة المتنازعة إلى النفكاك‪ ً،‬لكنها من شدة انفعال‬
‫بعضها عن بعضِ صارت بدنا حيوانيا‪ .‬والنفاثات فيها هى القوى النباتية‪ ً،‬فإن النفث سبب لن يصير‬
‫جوهر الشىء زائدا فى المقدار من جميع جهاته أى الطول والعرضِ والعمقا‪ .‬وهذه القوى هى التى‬
‫تؤثر فى زيادة الجسم المغتذى والنامى من جميع الجهات المذكورة" ‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫وييفيسر قوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة الفلقا أيضا‪} :‬مورمن مشير محارسهَد إرمذا محمسمد {ُ ‪ ..‬فيقول‪" :‬عنى به‬
‫النزاع الحاصل بين البدن وقواه كلها‪ ً،‬وبين النفس"‪.‬‬
‫وفى سورة الناس ييفيسر قوله تعالى فى الية ]‪} :[4‬رمن مشير ٱهلموهسموارس ٱهلمخرنارس{ُ ‪ ..‬فيقول‪" :‬هذه القوة التى‬
‫توقع الوسوسة هى القوة المتخيلة بحسب صيرورتها مستعملة للنفس الحيوانية‪ ً،‬ثم إن حركتها تكون‬
‫بالعكس‪ ً،‬فإن النفس وجهها إلى المبادىء المفارقة‪ ً،‬فالقوة المتخيلة إذا جذبتها إلى الشتغال بالمادة‬
‫وعلئقها فتلك القوة تخنس ‪ -‬أى تتحرك ‪ -‬بالعكس وتجذب النفس النسانية إلى العكس‪ ً،‬فلهذا سمى‬
‫مخرناسا"‪.‬‬
‫وييفيسر قوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة الناس أيضا‪} :‬رممن ٱهلرجرنرة موٱلرنارس{ُ ‪ ..‬فيقول‪" :‬الجن هو‬
‫لمور المستترة هى الحواس الباطنة‪ ً،‬والمستأنسة هى الحواس‬ ‫الستتار‪ ً،‬والنس هو الستئناس‪ ً،‬فا ي‬
‫الظاهرة"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفلسفة ( ضمن العنوان‬
‫) رأينا فى تفسير الفلسفة (‬

‫هذا هو بعضِ ما قاله ابن سينا فى شرحه لبعضِ نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬وهو كما ترى معهين ما يذهب‬
‫إليه الباطنية فى تأويلتهم لليات القرآنية‪ ً،‬ول أحسب أن مسلما مهما كان محبا للفلسفة والفلسفة يقر‬
‫ابن سينا وأمثاله على دعوى أن الحقائقا القرآنية رموز وإشارات لحقائقا يأخرى‪ ً،‬درقت عن أفهام العامة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وخفيت على عقولهم القاصرة‪ ً،‬فرمز إليها النبى بآيات القرآن الكريم‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬ولعل القارىء الكريم يلحظ معى أن المامية الثنا عشرية والباطنية السماعيلية‪ ً،‬ومتطرفى‬
‫الصوفية‪ ً،‬ورجال الفلسفة السلمية‪ ً،‬كلهم يسيرون على نمط واحد هردام لمقاصد القرآن ومراميه‪ ً،‬ذلك‬
‫هو ما ييعيبرون عنه بالرمز‪ ً،‬أو الشارة‪ ً،‬أو الباطن‪ .‬ويظهر لنا أنها عدوى سرت إلى المسلمين من‬
‫قدماء الفلسفة‪ ً،‬ثم تلقتها هذه الرفمرقا بصدر رحب‪ ً،‬وتقبلتها بقبول حسن‪ ً،‬لنهم رأوا فيها عونا كبيرا على‬
‫ترويج بدعهم‪ ً،‬ونشر ضللتهم بين المسلمين!!‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) كلمة‬
‫إجمالية عن تطور التفسير الفقهى (‬

‫‪ -1‬التفسير الفقهى من عهد النبوة إلى مبدأ قيام المذاهب الفقهية‪:‬‬


‫ل على آيات تتضمن الحكام الفقهية التى تتعلقا بمصالح العباد فى دنياهم‬ ‫نزل القرآن الكريم مشتم ل‬
‫ويأخراهم‪ ً،‬وكان المسلمون على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم يفهمون ما تحمله هذه اليات من‬
‫الحكام الفقهية بمقتضى سليقتهم العربية‪ ً،‬وما أشكل عليهم من ذلك رجعوا فيه إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ولما توفى رسول ال صلى ال عليه وسلم جردت للصحابة من بعده حوادث تتطلب من المسلمين أن‬
‫يحكموا عليها حكما شرعيا صحيحا‪ ً،‬فكان أولى شىء يفزعون إليه لستنباط هذه الحكام الشرعية هو‬
‫القرآن الكريم‪ ً،‬ينظرون فى آياته‪ ً،‬ويعرضونها على عقولهم وقلوبهم‪ ً،‬فإن أمكن لهم أن يينزلوها على‬
‫الحوادث التى جردت فبها ونعمت‪ ً،‬وإل لجأوا إلى يسرنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فإن لم يجدوا‬
‫فيها حكما اجتهدوا وأعملوا رأيهم على ضوء القواعد الكلية للكتاب والسسرنة‪ ً،‬ثم خرجوا بحكم فيما‬
‫يحتاجون إلى الحكم عليه‪.‬‬
‫غير أن الصحابة فى نظرهم ليات الحكام كانوا يتفقون أحيانا على الحكم المستنمبط‪ ً،‬وأحيانا يختلفون‬
‫فى فهم الية‪ ً،‬فتختلف أحكامهم فى المسألة التى يبحثون عن حكمها‪ ً،‬كالخلف الذى وقع بين عمر بن‬
‫وعلى ابن أبى طالب فى عردة الحامل المتوفى عنها زوجها‪ ً،‬فعمر رضى ال عنه حكم بأن‬ ‫ي‬ ‫الخطاب‬
‫وعلى حكم بأن عردتها أبعد الجلين‪ :‬وضع الحمل‪ ً،‬ومضى أربعة أشهر وعشرة‬ ‫ي‬ ‫رعردتها وضع الحمل‪ً،‬‬
‫صين عامين فى القرآن‪ ً،‬فإن ال سبحانه جعل رعردة المطرلقة الحامل‬ ‫أيام‪ .‬وسبب هذا الخلف تعارضِ ن ر‬
‫وضع الحمل‪ ً،‬وجعل رعردة الوفاة أربعة أشهر وعشرا من غير تفصيل‪ .‬فذهب علسى رضى ال عنه إلى‬
‫العمل باليتين معا‪ ً،‬وأن كل آية منهما مخصصة لعموم الخرى‪ ً،‬وذهب عمر رضى ال عنه إلى أن آية‬
‫الطلقا مخصصة لية الوفاة‪ ً،‬وقد تأسيد رأى عمر رضى ال عنه بما ورد أن سبيعة بنت الحارث‬
‫السلمية مات عنها زوجها‪ ً،‬فوضعت الحمل بعد خمسة وعشرين يوما من موته‪ ً،‬فأحرلها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم للزواج‪.‬‬
‫وكالخلف الذى وقع بين ابن عباس وزيد بن ثابت فى تقسيم ميراث ممن مات عن زوج وأبوين‪ ً،‬فابن‬
‫عباس رضى ال عنه أفتى بأن للزوج النصف‪ ً،‬وللم الثلث‪ ً،‬وللب الباقى تعصيبا‪ ً،‬وتمسكا بظاهر قوله‬
‫تعالى فى الية ]‪ [11‬من سورة النساء‪} :‬مفإن لرهم مييكهن لريه موملفد مومورمثيه أممبموايه مف ي‬
‫ليمره ٱلسثلييث{ُ‪ ً،‬وزيد بن ثابت‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫رضى ال عنه ومعه بقية الصحابة أفتوا بأن للزوجة ثلث الباقى بعد فرضِ الزوج‪ ً،‬نظرا لن الب‬
‫لم ذكر ويأنثى ورثا بجهة واحدة‪ ً،‬فللذكر مثل حظ ا ي‬
‫لنثيين‪.‬‬ ‫وا ي‬
‫مثل هذا الخلف كان يقع مع الصحابة رضى ال عنهم حسبما يفهمه كل منهم فى النص القرآنى‪ ً،‬وما‬
‫يحيط به من أدلة خارجية‪ ً،‬ومع هذا الختلف فقد كان كل واحد من المختلفين يطلب الحقا وحده‪ ً،‬فإن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ظهر له أنه من جانب ممن خالفه رجع إلى رأيه وأخذ به‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان‬
‫) التفسير الفقهى فى مبدأ قيام المذاهب الفقهية (‬

‫ظل المر على هذا إلى عهد ظهور أئمة المذاهب ‪ -‬الربعة وغيرها ‪ -‬وفيه جردت حوادث كثيرة‬
‫للمسلمين لم يسبقا لمن تقدمهم حكم عليها‪ ً،‬لنها لم تكن على عهدهم‪ ً،‬فأخذ كل إمام ينظر إلى هذه‬
‫الحوادث تحت ضوء القرآن والسسرنة‪ ً،‬وغيرهما من مصادر التشريع‪ ً،‬ثم يحكم عليها بالحكم الذى ينقدح‬
‫فى ذهنه‪ ً،‬ويعتقد أنه هو الحقا الذى يقوم على الدلة والبراهين‪ ً،‬وكانوا يتفقون فيما يحكمون به أحيانا‪ً،‬‬
‫وأحيانا يختلفون حسبما يتجه لكل منهم من الدلة‪ .‬غير أنهم مع كثرة اختلفهم فى الحكام لم تظهر‬
‫منهم بادرة للتعصب للمذهب‪ ً،‬بل كانوا جميعا ينشدون الحقا ويطلبون الحكم الصحيح‪ ً،‬وليس بعزيز‬
‫على الواحد مهم أن يرجع إلى رأى مخالفه إن ظهر له أن الحقا فى جانبه‪ ً،‬فهذا هو الشافعى رضى ال‬
‫عنه كان يقول‪ .‬إذا صح الحديث فهو رأيى‪ ً،‬وكان يقول‪ :‬الناس عيال فى الفقه على أبى حنيفة‪ ً،‬وكان‬
‫يقول لحمد بن حنبل وهو تلميذة فى الفقه‪ :‬إذا صح الحديث عندك فأعلمنى به‪ ً،‬وكان يقول‪ :‬إذا يذركر‬
‫الحديث فمالك النجم الثاقب ‪ ...‬إلى غير ذلك مما يدل على انتشار روح التقدير والحب بين يأولئك‬
‫الفقهاء‪ ً،‬وهذه هى يسرنة أسلفهم من الصحابة والتابعين‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان‬
‫) التفسير الفقهى بعد ظهور التقليد والتعصب المذهبى (‬

‫ثم مخلممف من بعد هؤلء الئمة مخهلفف سرت فيهم روح التقليد لهؤلء الئمة ‪ ..‬التقليد الذى يقوم على‬
‫التعصب المذهبى‪ ً،‬ول يعرف التسامح‪ ً،‬ول يطلب الحقا لذاته ول ينشده تحت ضوء البحث الحر‪ ً،‬والنقد‬
‫البرئ‪.‬‬
‫ولقد بلغ المر ببعضِ هؤلء المقيلدة إلى أن نظروا إلى أقوال أئمتهم كما ينظرون إلى نص الشارع‪ً،‬‬
‫فوقفوا جهدهم العلمى على ينهصرة مذهب إمامهم وترويجه‪ ً،‬وبذلوا كل ما فى وسعهم لبطال مذهب‬
‫المخالفة وتفنيده‪ ً،‬وكان من أثر ذلك أن نظر هذا البعضِ إلى آيات الحكام فأرولها حسبتما يشهد لمذهبه‬
‫ل يجعلها به ل تصلح أن تكون فى جانب مخالفيه‪ً،‬‬ ‫إن أمكنه التأويل‪ ً،‬وإل فل أقل من أن يؤسولها تأوي ل‬
‫وأحيانا يلجأ إلى القول بالنسخْ أو التخصيص‪ ً،‬وذلك إن يسردت عليه كل مسالك التأويل‪ ً،‬فهذا عبد ال‬
‫الكرخى المتوفى سنة ‪ 340‬هـ‪ ً،‬وهو أحد المتعصبين لمذهب أبى حنيفة يقول‪" :‬كل آية أو حديث‬
‫يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤمول أو منسوخ"‪.‬‬
‫ومع هذا الغلو فى التعصب المذهبى‪ ً،‬فإننا لم نعدم من المقيلدين ممن وقف موقف النصاف من الئمة‪ً،‬‬
‫فنظر فى أقوالهم نظرة الباحث الحر الذى يساير الدليل حتى يصل به إلى الحقا أيا كان قائله‪.‬‬
‫وكان لهؤلء وهؤلء ‪ -‬أعنى المعصبين وغير المتعصبين ‪ -‬أثر ظاهر فى التفسير الفقهى‪ً،‬‬
‫فالمتعصبون ينظرون إلى اليات من خلل مذهبهم فيينزلونها عليه‪ ً،‬وغير المتعصبين ينظرون إليها‬
‫نظرة خالية من الهوى المذهبى‪ ً،‬فيينزلونها على حسب ما يظهر لهم‪ ً،‬وينقدح فى ذهنهم‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) تنوع‬
‫التفسير الفقهى تبعا لتنوع الفرقا السلمية (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وإذا نحن تتبعنا التفسير الفقهى فى جميع مراحله‪ ً،‬وجدناه يسير بعيدا عن الهواء والغراضِ من مبدأ‬
‫نزول القرآن إلى وقت قيام المذاهب المختلفة‪ ً،‬ثم بعد ذلك يسير تبعا للمذاهب‪ ً،‬ويتنوع بتنوعها‪ ً،‬فلهل‬
‫السسرنة تفسير فقهى متنوع بدأ نظيفا من التعصب‪ ً،‬ثم لم يلبث أن تلوث به كما أسلفنا‪ ً،‬وللظاهرية تفسير‬
‫فقهى يقوم على الوقوف عند ظواهر القرآن دون أن يحيد عنها‪ ً،‬وللخوارج تفسير فقهى يخصهم‪ً،‬‬
‫وللشيعة تفسير فقهى يخالفون به ممن عداهم ‪ ..‬وكل فريقا من هؤلء يجتهد فى تأويل النصوص القرآنية‬
‫حتى تشهد له أو ل تعارضه على القل ‪ ..‬مما أدى ببعضهم إلى التعسف فى التأويل‪ ً،‬والخروج باللفاظ‬
‫القرآنية عن معانيها ومدلولتها‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان‬
‫) النتاج التفسيرى للفقهاء (‬

‫هذا وإرنا إذا ذهبنا لنبحث عن مؤلفات فى التفسير الفقهى‪ ً،‬فإرنا ل نكاد نعثر على شىء من ذلك قبل‬
‫عصر التدوين‪ .‬الرلهم إل متفرقات تؤثر عن فقهاء الصحابة والتابعين‪ ً،‬يرويها عنهم أصحاب الكتب‬
‫المختلفة‪ ً،‬أما بعد عصر التدوين فقد أرلف كثير من العلماء على اختلف مذاهبهم فى التفسير الفقهى‪...‬‬
‫* فمن الحنفية‪:‬‬
‫صاص والمتوفى سنة ‪ 370‬هـ )سبعين وثلثمائة من الهجرة(‪:‬‬ ‫أرلف أبو بكر الرازى المعروف بالج ر‬
‫"أحكام القرآن"‪ ً،‬وهو مطبوع فى ثلث مجلدات كبار‪ ً،‬ومتداول بين أهل العلم‪.‬‬
‫وأرلف أحمد بن سعيد المدعو بـ "ملجيون" من علماء القرن الحادى عشر الهجرى‪" :‬التفسيرات‬
‫الحمدية فى بيان اليات الشرعية"‪ ً،‬وهو مطبوع بالهند فى مجلد كبير‪ ً،‬ومنه نسخة فى مكتبة الزهر‪ً،‬‬
‫ويأخرى فى مكتبة الجامعة المصرية "جامعة القاهرة"‪.‬‬
‫* ومن الشافعية‪:‬‬
‫أرلف أبو الحسن الطبرى المعروف بالكيا الهراسى المتوفى سنة ‪ 504‬هـ‪) .‬أربع وخمسمائة من‬
‫الهجرى(‪ :‬كتابه "أحكام القرآن"‪ ً،‬وهو مخطوط فى مجلد كبير‪ ً،‬وموجود فى دار الكتب المصرية‪ ً،‬وفى‬
‫المكتبة الزهرية‪.‬‬
‫وأرلف شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف بن محمد الحلبى‪ ً،‬المعروف بالسمين‪ ً،‬والمتوفى سنة‬
‫‪ 756‬هـ )ست وخمسين وسبعمائة من الهجرى(‪ :‬كتابه "القول الوجيز فى أحكام الكتاب العزيز" ويوجد‬
‫منه فى مكتبة الزهر الجزء الول‪ ً،‬وهو ينتهى عند قوله تعالى فى الية ]‪ [194‬من سورة البقرة‪} :‬مفممرن‬
‫ٱهعمتمدـى معملهييكهم مفٱِهعمتيدوها معملهيره ربرمهثرل مما ٱهعمتمدـى معملهييكهم{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬وهو مخطوط بخط المؤلف‪.‬‬
‫وأرلف عل سى بن عبد ال محمود الشنفكى من علماء القرن التاسع الهجرى‪ :‬كتابه "أحكام الكتاب المبين"‪ً،‬‬
‫وتوجد منه نسخة فى المكتبة الزهرية‪ ً،‬مخطوطة بخط المؤلف‪ ً،‬فى مجلد متوسط الحجم‪.‬‬
‫وأرلف جلل الدين السيوطى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 911‬هـ )إحدى عشرة وتسعمائة من الهجرى(‪ :‬كتابه‬
‫"الكليل فى استنباط التنزيل"‪ ً،‬وهو موجود فى المكتبة الزهرية‪ ً،‬ومخطوط فى مجلد متوسط الحجم‪.‬‬
‫* ومن المالكية‪:‬‬
‫أرلف أبو بكر بن العربى المتوفى سنة ‪ 543‬هـ )ثلث وأربعين وخمسمائة من الهجرى(‪ :‬كتابه "أحكام‬
‫القرآن"‪ ً،‬وهو مطبوع فى مجلدين كبيرين‪ ً،‬ومتداول بين أهل العلم‪.‬‬
‫وأرلف أبو عبد ال القرطبى المتوفى سنة ‪ 671‬هـ )إحدى وسبعين وستمائة من الهجرة(‪ :‬كتابه "الجامع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لحكام القرآن" وهو مخطوط بدار الكتب المصرية‪ ً،‬وقد قامت بطبعه دار الكتب فتم منه إلى الن أربعة‬
‫عشر جزءا ينتهى الجزء الرابع عشر آخر سورة "فاطر" وما بقى منه على يأهبة الطبع‪.‬‬
‫* ومن الزيدية‪:‬‬
‫أرلف حسين بن أحمد النجرى‪ ً،‬من أهل القرن الثامن الهجرى‪ :‬كتابه "شرح الخمسمائة آية" ولم يصل إلى‬
‫أيدينا هذا التفسير‪.‬‬
‫وأرلف شمس الدين بن يوسف بن أحمد من علماء القرن التاسع الهجرى‪" :‬الثمرات اليانعة والحكام‬
‫الواضحة القاطعة" ومنه نسخة فى دار الكتب المصرية‪ ً،‬مخطوطة فى ثلث مجلدات‪ ً،‬ويوجد بالمكتبة‬
‫الزهرية الجزء الثانى منه فى مجلد واحد مخطوط‪.‬‬
‫وأرلف محمد بن الحسين بن القاسم من علماء القرن الحادى عشر الهجرى‪ :‬كتابه "منتهى المرام‪ ً،‬شرح‬
‫آيات الحكام" ولم نقف على هذا التفسير‪.‬‬
‫* ومن المامية الثنا عشرية‪:‬‬
‫أرلف مقداج السيورى‪ ً،‬من أهل القرن الثامن الهجرى‪ :‬كتابه "كنز الفرقان فى فقه القرآن" ومنه نسخة‬
‫بدار الكتب المصرية‪ ً،‬مطبوعة فى مجلد صغير على هامش تفسير الحسن العسكرى‪.‬‬
‫وهناك كتب يأخرى فى تفسير آيات الحكام ذكرها صاحب كشف الظنون‪ ً،‬ل نطيل بذكرها‪ ً،‬كما ل‬
‫نطيل بالكلم عن كل ما وصل إلينا من الكتب‪ ً،‬ويكفى أن نعرضِ لهمها وهو ما يأتى‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) ‪-1‬‬
‫صاص )الحنفى( (‬ ‫أحكام القرآن ‪ -‬للج ر‬
‫* ترجمة المؤلف‪:‬‬
‫صاص‪ .‬يورلد رحمه ال تعالى ببغداد سنة ‪ 305‬هـ‬ ‫هو أبو بكر‪ ً،‬أحمد بن علسى الرازى‪ ً،‬المشهور بالج ر‬
‫)خمس وثلثمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫كان إمام الحنفية فى وقته‪ ً،‬وإليه انتهت رياسة الصحاب‪ .‬أخذ عن أبى سهل الزرجاج‪ ً،‬وعن أبى الحسن‬
‫الكرخى‪ ً،‬وعن غيرهما من فقهاء عصره‪ .‬واستقر التدريس له ببغداد‪ ً،‬وانتهت الرحلة إليه‪ ً،‬وكان على‬
‫طريقا الكرخى فى الزهد‪ ً،‬وبه انتفع‪ ً،‬وعليه تخررج‪ ً،‬وبلغ من زهده أنه يخورطمب فى أن يلى القضاء‬
‫فامتنع‪ ً،‬ويأعيد عليه الخطاب فلم يقبل‪ .‬أما مصنفاته فكثيرة‪ .‬أهمها كتاب "أحكام القرآن" وهو ما نحن‬
‫بصدده الن‪ ً،‬وشرح مختصر الكرخى‪ ً،‬وشرح مختصر الطحاوى‪ ً،‬وشرح الجامع الكبير للمام محمد‬
‫صاص من‬ ‫ابن الحسن الشيبانى‪ ً،‬وكتاب يأصول الفقه‪ ً،‬وآخر فى أدب القضاء‪ ً،‬وعلى الجملة فقد كان الج ر‬
‫خيرة العلماء العلم‪ ً،‬وإليه يرجع كثير من الفضل فى تدعيم مذهب الحنفية على البراهين والدلة‪.‬‬
‫هذا وقد ذكره المنصور بال فى طبقات المعتزلة‪ ً،‬وسيأتيك فى تفسيره ما يؤيد هذا القول‪.‬‬
‫أما وفاته فكانت سنة ‪ 370‬هـ )سبعين وثلثمائة من الهجرى(‪ ً،‬فرحمه ال ورضى عنه‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫ي معد هذا التفسير من أهم كتب التفسير الفقهى خصوصا عند الحنفية‪ ً،‬لنه يقوم على تركيز مذهبهم‬
‫والترويج له‪ ً،‬والدفاع عنه‪ .‬وهو يعرضِ لسور القرآن كلها ولكنه ل يتكلم إل عن اليات التى لها تعلقا‬
‫بالحكام فقط‪ ً،‬وهو ‪ -‬وإن كان يسير على ترتيب سور القرآن ‪ -‬مبوب كتبويب الفقه‪ ً،‬وكل باب من‬
‫أبوابه معنون بعنوان تندرج فيه المسائل التى يتعررضِ لها المؤلف فى هذا الباب‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* استطراده لمسائل فقهية بعيدة عن فقه القرآن‪:‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ل يقتصر فى تفسيره على ذكر الحكام التى يمكن أن يتستنبط من‬
‫اليات ‪ -‬بل نراه يستطرد إلى كثير من مسائل الفقه والخلفيات بين الئمة‪ ً،‬مع ذكره للدلة بتوسع‬
‫كبير‪ ً،‬مما جعل كتابه أشبه ما يكون بكتب الفقه المقارن‪ ً،‬وكثيرا ما يكون هذا الستطراد إلى مسائل‬
‫فقهية ل صلة لها بالية إل عن يبهعد‪.‬‬
‫ل نجده عندما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [25‬من سورة البقرة‪} :‬مومبيشرر ٱرلرذين آممينوها مومعرميلوها‬ ‫فمث ل‬
‫لهنمهاير{ُ يستطرد لمذهب الحنفية فى أن من قال لعبيده‪ :‬ممن‬ ‫صارلمحارت أمرن مليههم مجرناهَت متهجرريِ رمن متهحرتمها ٱ م‬‫ٱل ر‬
‫برشرنى بولدة فلنة فهو حر‪ ً،‬فبرشره جماعة واحدا بعد واحد أن الول ييعتقا دون غيره‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [26‬من سورة يوسف‪} :‬مومشرهمد مشارهفد يمهن أمههرلمهآ رإن مكامن‬ ‫ومث ل‬
‫صيه يقرد رمن يقيبهَل{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يستطرد لخلف الفقهاء فى يمردعى السيقطة إذا ضكر علمتها‪ً،‬‬ ‫مقرمي ي‬
‫وخلفهم فى اللقيط إذا اردعاه رجلن ووصف أحدهما علمة فى جسده‪ ً،‬وخلفهم فى متاع البيت إذا‬
‫اردعاه الزوج لنفسه واردعته الزوجة لنفسها‪ ً،‬وخلفهم فى مصراع الباب إذا اردعاه رب الدار‬
‫والمستأجر ‪ ..‬وغير ذلك من مسائل الخلف التى ل تتصل بالية إل عن يبهعهَد‪.‬‬
‫**‬
‫* تعصبه لمذهب الحنفية‪:‬‬
‫ثم إن المؤلف ‪ -‬رحمه ال وعفا عنه‪ -‬متعصب لمذهب الحنفية إلى حد كبير‪ ً،‬مما جعله فى هذا الكتاب‬
‫يتعسف فى تأويل بعضِ اليات حتى يجعلها فى جانبه‪ ً،‬أو يجعلها غير صالحة للستشهاد بها من جانب‬
‫مخالفيه‪ ً،‬والذى يقرأ الكتاب يلمس روح التعصب فيه فى كثير من المواقف‪.‬‬
‫صميام إرملى ٱرللهيرل{ُ ‪ ..‬نجده‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [187‬من سورة البقرة‪} :‬يثرم أمرتسموها ٱل ي‬ ‫فمث ل‬
‫يحاول بتعسف ظاهر أن يجعل الية دالة على أن من دخل فى صوم التطوع لزم إتمامه‪.‬‬
‫ل‬‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [232‬من سورة البقرة‪} :‬موإرمذا مطلرهقيتيم ٱلينمسآمء مفمبملهغمن أممجمليهرن مف م‬ ‫ومث ل‬
‫ضيلويهرن مأن مينركهحمن أمهزموامجيهرن{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يحاول أن يستدل بالية من عدة وجوه على أن للمرأة‬ ‫متهع ي‬
‫أن تعقد على نفسها بغير الولى وبدون إذنه‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [2‬من سورة النساء‪} :‬موآيتوها ٱهلميمتاممـى أمهمموامليههم مو م‬
‫ل متمتمبرديلوها‬ ‫ومث ل‬
‫ٱهلمخربيمث ربٱِلرطيرب{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [6‬منها‪} :‬موٱهبمتيلوها ٱهلميمتاممـى محرتـى إرمذا مبلميغوها الينمكامح مفرإهن آمنهسيتهم‬
‫ل لمذهب أبى حنيفة القائل‬ ‫يمهنيههم يرهشدا مفٱِهدمفيعوها{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يحاول أن يأخذ من مجموع اليتين دلي ل‬
‫بوجوب دفع المال لليتيم إذا بلغ خمسا وعشرين سنة‪ ً،‬وإن لم يؤنس منه الرشد‪.‬‬
‫**‬
‫صاص على مخالفيه‪:‬‬ ‫* حملة الج ر‬
‫صاص مع تعصبه لمذهبه وتعسفه فى التأويل‪ ً،‬ليس عف اللسان مع المام الشافى رضى ال‬ ‫ثم إن الج ر‬
‫عنه ول مع غيره من الئمة‪ ً،‬وكثيرا ما نراه يرمى الشافعى وغيره من مخالفى الحنفية بعبارات شديدة‪ً،‬‬
‫صاص فى مثل الشافعى وغيره من الئمة رحمهم ال‪.‬‬ ‫ل تليقا من مثل الج ر‬
‫ل عندما عرضِ لية المحررمات من النساء فى سورة النساء نجده يعرضِ للخلف الذى بين الحنفية‬ ‫فمث ل‬
‫والشافعية فى حكم من زنى بامرأة‪ ً،‬هل يحل له التزوج ببنتها أو ل؟ ثم ذكر مناظرة طويلة جرت بين‬
‫الشافعى وغيره فى هذه المسألة‪ ً،‬ويناقش الشافعى فيما يرد به على مناظره‪ ً،‬ويرميه بعبارات شنيعة‬
‫لذعة كقوله‪" :‬فقد بان أن ما قاله الشافعى وما سرلمه له السائل كلم فارغا ل معنى تحته فى حكم ما يسرئل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عنه"‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬ما ظننت أن أحدا ممن ينتدب لمناظرة خصم يبلغ به الفلس من الحجاج أن يلجأ إلى مثل هذا‪ً،‬‬
‫مع سخافة عقل السائل وغباوته"‪.‬‬
‫وقوله حين لم يرقه أحد أجوبة الشافعى على سؤال مناظره‪" :‬ولو يكيلم بذلك المبتدئون من أحداث‬
‫أصحابنا لما خفى عليهم عوار هذا الحجاج‪ ً،‬وضعف السائل والمسئول فيه"‪.‬‬
‫ل عند ذكره لمذهب الشافعى فى الترتيب بين أعضاء الوضوء نجده يقول‪" :‬وهذا القول مما خرج به‬ ‫ومث ل‬
‫صاص ممن ل ييعتد برأيه‪ ً،‬حتى ينعقد‬ ‫الشافعى عن إجماع المسملف والفقهاء" كأن الشافعى فى نظر الج ر‬
‫الجماع بدونه‪.‬‬
‫***‬
‫صاص بمذهب المعتزلة‪:‬‬ ‫* تأثر الج ر‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى‬ ‫صاص يميل إلى عقيدة المعتزلة‪ ً،‬ويتأثر بها فى تفسيره‪ ً،‬فمث ل‬ ‫كذلك نجد الج ر‬
‫فى الية ]‪ [102‬من سورة البقرة‪} :‬موٱرتمبيعوها مما متهتيلوها ٱلرشميارطيين معلمـى يمهلرك يسلمهيممامن{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يذكر‬
‫حقيقة السحر ويقول إنه‪" :‬متى يأطلقا فهو اسم لكل أمر هو باطل ل حقيقة له ول ثبات"‪ ً،‬كما ينكر حديث‬
‫البخارى فى سحر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويقر أنه من وضع الملحدة‪.‬‬
‫صاير{ُ ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫ل يتهدرريكيه ٱ م‬
‫لهب م‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [103‬من سورة النعام‪ } :‬ر‬ ‫ومث ل‬
‫نجده يقول‪" :‬معناه ل تراه البصار‪ .‬وهذا تمدح بنفى رؤية البصار كقوله تعالى ‪ -‬فى الية ]‪ [255‬من‬
‫ل منهوفم{ُ ‪ -‬وما تمسدح ال بنفيه عن نفسه فإن إثبات ضده ذم ونقص‪ ً،‬فغير‬ ‫ل متهأيخيذيه رسمنفة مو م‬ ‫سورة البقرة‪ } :‬م‬
‫جائز إثبات نقيضه بحال ‪ ..‬فلما تمردح بنفى رؤية البصر عنه لم يجز إثبات ضده ونقيضه بحال‪ ً،‬إذ كان‬
‫فيه إثبات صفة نقص‪ ً،‬ول يجوز أن يكون مخصوصا بقوله تعالى فى اليتين ]‪ [23 ً،22‬من سورة‬
‫ضمرفة * إرلمـى مريبمها منارظمرفة{ُ؛ً لن النظر محتمل لمعان‪ :‬منها انتظار الثواب‪ ً،‬كما‬ ‫القيامة‪} :‬يويجوفه ميهومرئهَذ رنا ر‬
‫ل للتأويل لم يجز العتراضِ به على ما ل يساغا‬ ‫روى عن جماعة من المسملف‪ ً،‬فلما كان ذلك محتم ل‬
‫للتأويل فيه‪ .‬والخبار المروية فى الرؤية إنما المراد بها العلم لو صرحت‪ ً،‬وهو علم الضرورة الذى ل‬
‫تشوبه شبهة‪ ً،‬ول تعرضِ فيه الشكوك‪ ً،‬لن الرؤية بمعنى العلم مشهورة فى السلغة"‪.‬‬
‫**‬
‫صاص على معاوية رضى ال عنه‪:‬‬ ‫* حملة الج ر‬
‫صاص أنه تبدو منه البغضاء لمعاوية رضى ال عنه‪ ً،‬ويتأثر بذلك فى تفسيره‪.‬‬ ‫كما أننا نلحظ على الج ر‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى اليات ]‪ [41 - 39‬من سورة الحج‪} :‬أرذمن رلرلرذيمن يمقامتيلومن ربأرنيههم ظرليموها‬ ‫فمث ل‬
‫صرررههم لممقرديفر * ٱرلرذيمن أيهخرريجوها رمن ردميارررهم ربمغهيرر محرقا{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬ٱرلرذيمن إرهن رمركرنايههم رفي‬ ‫موإررن ٱلرلمه معلمـى من ه‬
‫ليمورر{ُ ‪ ..‬يقول‪:‬‬ ‫لمة موآمتيوها ٱلرزمكـامة موأممميروها بٱِهلممهعيرورف مومنمههوها معن ٱهليمهنمكر مورللرره معارقمبية ٱ ي‬‫صم‬ ‫ضِ أممقايموها ٱل ر‬ ‫ٱم‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫لهر ر‬
‫"‪ ..‬وهذه صفى الخلفاء الراشدين‪ ً،‬الذين مكنهم ال فى الرضِ وهم أبو بكر وعمر لخبار ال تعالى‬
‫بأنهم إذا يميكنوا فى الرضِ قاموا بفروضِ ال عليهم‪ ً،‬وقد يميكنوا فى الرضِ فوجب أن يكونوا أئمة‬
‫قائمين بأوامر ال منتهين عن زواجره ونواهيه‪ ً،‬ول يدخل معاوية فى هؤلء‪ ً،‬لن ال إنما وصف بذلك‬
‫المهاجرين الذين يأخرجوا من ديارهم‪ ً،‬وليس معاوية من المهاجرين‪ ً،‬بل هو من اليطملقاء"‪.‬‬
‫صارلمحارت‬ ‫ل فى سورة النور عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[55‬مومعمد ٱللريه ٱرلرذيمن آممينوها رمهنيكهم مومعرميلوها ٱل ر‬ ‫ومث ل‬
‫ضِ{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬وفيه الدللة على صحة إمامة الخلفاء الربعمة أيضا‪ ً،‬لن ال‬ ‫لهر ر‬‫لمميهسمتهخرلمفرنيههم رفي ٱ م‬
‫استخلفهم فى الرضِ موممركن لهم كما جاء الوعد‪ ً،‬ول يدخل فيهم معاوية‪ ً،‬لنه لم يكن مؤمنا فى ذلك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الوقت"‪.‬‬
‫وفى سورة الحجرات عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[9‬مورإن مطآرئمفمتارن رممن ٱهليمهؤرمرنيمن ٱهقمتمتيلوها{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده‬
‫يجعل عليا رضى ال عنه هو المحقا فى مقمتاله‪ ً،‬أما معاوية وممن معه فهم الفئة الباغية‪ .‬كذلك كل ممن‬
‫خرج على علسى"‪.‬‬
‫وما كان أولى بصاحبنا أن يترك هذا التحامل على معاوية الصحابى‪ ً،‬ويفيوضِ أمره إلى ال‪ ً،‬ول يلوى‬
‫مثل هذه اليات إلى ميوله وهواه‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬والكتاب مطبوع فى ثلثة مجلدات كبار‪ ً،‬ومتداول بين أهل العلم‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) ‪-2‬‬
‫أحكام القرآن ‪ -‬للكيا الهراسى )الشافعى( (‬

‫* ترجمة المؤلف‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو عماد الدين‪ ً،‬أبو الحسن علسى بن محمد بن علسى الطبرى‪ ً،‬المعروف بالكيا‬
‫الهراسى‪ ً،‬الفقيه الشافعى‪ ً،‬المولود سنة ‪ 450‬هـ )خمسين وأربعمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫أصله من خراسان‪ ً،‬ثم رحل عنها إلى نيسابور‪ ً،‬وتفقه على إمام الحرمين الجوينى مدة حتى برع‪ ً،‬ثم‬
‫خرج من نيسابور إلى بيهقا ودرس بها مدة‪ ً،‬ثم خرج إلى العراقا‪ ً،‬وتولى التدريس بالمدرسة النظامية‬
‫ببغداد إلى أن توفى سنة ‪ 504‬هـ )أربع وخمسمائة من الهجرة(‪ .‬وكان رحمه ال فصيح العبارة‪ ً،‬حلو‬
‫الكلم‪ ً،‬محيدثا‪ ً،‬يستعمل الحاديث فى مناظراته ومجالسه‪ ً،‬فرضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه ‪ -‬أهمية هذا التفسير‪ ً،‬ومبلغ تعصب صاحبه لمذهب‬
‫الشافعى‪:‬‬
‫يعتبر هذا التفسير من أهم المؤلفات فى التفسير الفقهى عند الشافعية‪ ً،‬وذلك لن مؤله شافعى ل يقل فى‬
‫صاص بالنسبة لمذهب الحنفية‪ ً،‬مما جعله ييفيسر آيات الحكام على وفقا قواعد‬ ‫تعصبه لمذهبه عن الج ر‬
‫مذهبه الشافعى‪ ً،‬ويحاول أن يجعلها غير صالحة لن تكون فى جانب مخالفيه‪.‬‬
‫وليس أدل على روح التعصب عند المؤلف من مقدمة تفسيره التى يقرر فيها‪" :‬إن مذهب الشافعى‬
‫رضى ال عنه أمسسد المذاهب وأقومها‪ ً،‬وأرشدها وأحكمها‪ ً،‬وإن نظر الشافعى فى أكثر آرائه ومعظم‬
‫أبحاثه يترقى عن حد الظن والتخمين‪ ً،‬إلى درجة الحقا واليقين‪ ً،‬والسبب فى ذلك أنه ‪ -‬يعنى الشافعى ‪-‬‬
‫بنى مذهبه على كتاب ال تعالى الذى ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه تنزيل من حكيم حميد‪ً،‬‬
‫وأنه أتيح له درك غوامضِ معانيه‪ ً،‬والغوص على تيار بحره لستخراج ما فيه‪ ً،‬وأن ال تعالى فتح له‬
‫من أبوابه‪ ً،‬ويرسر عليه من أسبابه‪ ً،‬ورفع له من حجابه ما لم يسهل لمن سواه‪ ً،‬ولم يتأت لمن معمداه"‪.‬‬
‫يقرر صاحبنا هذا‪ ً،‬وأنا ل أنكره عليه‪ ً،‬ول أغضِ من مقام الشافعى رحمه ال‪ ً،‬ولكننى أقول‪ :‬إن تقديم‬
‫الكتاب بمثل هذا الكلم ناطقا بأن الرجل متعصب لمذهبه‪ ً،‬وشاهد عليه بأنه سوف يسلك فى تفسيره‬
‫مسلك الدفاع عن قواعد الشافعى‪ ً،‬وفروع مذهبه‪ ً،‬وإن أرداه ذلك إلى التعسف فى التأويل‪.‬‬
‫ل على تعصب الرجل فدونك الكتاب‪ ً،‬لتقف بعد القراءة فيه على مبلغ تعصب‬ ‫وإذا لم يكفك هذا دلي ل‬
‫صاحبه وتعسفه‪.‬‬
‫**‬
‫صاص‪:‬‬ ‫*تأدبه مع الئمة وحملته على الج ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫غير أن الهراسى ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬كان معسف اللسان والقلم مع أئمة المذاهب الخرى‪ ً،‬ومع كل ممن‬
‫صاص فى الشافعى وغيره‪ ً،‬وكل ما‬ ‫يتعرضِ للرد عليه من المخالفين‪ ً،‬فلم يخضِ فيهم كما خاضِ الج ر‬
‫صاص موقفا كان فيه شديد المراس‪ ً،‬قوى الجدال‪ ً،‬قاسى‬ ‫لحظناه عليه من ذلك هو أنه وقف من الج ر‬
‫صاص فى تفسيره وعاب فيها مذهب‬ ‫العبارة‪ ً،‬إذ أنه عرضِ لهم مواضع الخلف التى ذكرها الج ر‬
‫الشافعى‪ ً،‬ففرند كل يشبهة أوردها‪ ً،‬ودفع كل ما وجهه إلى مذهب الشافعى‪ ً،‬بحجج قوية يسلم له الكثير‬
‫صاص‪ ً،‬فرماه بالعبارات الساخرة‪ ً،‬واللفاظ المقذعة "والجزاء من‬ ‫منها‪ ً،‬كما أنه اقتص للشافعى من الج ر‬
‫جنس العمل"‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [23‬من سورة النساء‪} :‬يحيرممهت معلمهييكهم أيرممهايتيكهم{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده‬ ‫فمث ل‬
‫صاص ما استدل به لمذهبه القائل بأن الزنا بامرأة يمحيرم على الزانى يأصول المرأة‬ ‫يرد على الج ر‬
‫صاص‪" :‬إنه لم‬ ‫صاص على الشافعى فى هذه المسألة‪ ً،‬ثم يقول فى شأن الج ر‬ ‫وفروعها‪ ً،‬وييفيند ما رد به الج ر‬
‫يفهم معنى كلم الشافعى رضى ال عنه‪ ً،‬ولم يميز بين محل ومحل‪ ً،‬ولكل مقام مقال‪ ً،‬ولتفهم معانى‬
‫كتاب ال رجال‪ ً،‬وليس هو منهم"‪.‬‬
‫كما يقول‪" :‬وقد ذكر الشافعى مناظرة بينه وبين مسترشد طلب الحقا فى هذه المسألة‪ ً،‬فأوردها الرازى‬
‫متعجبا منها‪ ً،‬ومنبها على ضعف كلم الشافعى فيها‪ ً،‬ول شىء أدل على جهل الرازى ورقرلة معرفته‬
‫بمعانى الكلم من سياقه لهذه المناظرة‪ ً،‬واعتراضاته عليها"‪.‬‬
‫ويقول بعد قليل‪" :‬ولم يعلم هذا الجاهل معنى كلم الشافعى رضى ال عنه فاعترضِ علي بما قاله‪ً،‬‬
‫وعجب الناس من ذلك‪ ً،‬فقال‪ :‬فى هذه المناظرة أعجوبة لمن تأمل‪ .‬فكان كما قال القائل‪:‬‬
‫*وكم من عائب قولل صحيحا * وآفته من الفهم السقيم"*‬
‫كما يقول فى موضع آخر‪" :‬وكيف يتصدى للتصنيف فى الدين من هذا مبلغ علمه‪ ً،‬ومقدار فهمه‪ ً،‬فيرسل‬
‫الكلم من غير أن يتحققا ما يقول ‪ ..‬ثم يعترضِ للطعن فيمن لو يعيممر عمر نوح ما اهتدى إلى مبادىء‬
‫نظره فى الحقائقا‪ ً،‬فنسأل ال تعالى التوفيقا‪ ً،‬ونعوذ به من عمى البصيرة واتباع الهوى"‪.‬‬
‫هذا‪ ..‬وإن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ليبين لنا فى مقدمة تفسيره الحامل له على تأليفه‪ ً،‬ومنهجه الذى‬
‫سلكه‪ ً،‬وتقديره لكتابه فيقول‪" :‬ولما رأيت المر كذلك ‪ -‬يريد رجحان مذهب الشافعى على غيره ‪-‬‬
‫صينف كتابا فى أحكام القرآن‪ ً،‬أشرح ما ابتدعه الشافعى رضى ال عنه من أخذ الدلئل فى‬ ‫أرديت أن أي م‬
‫غوامضِ المسائل‪ ً،‬وضمميت إليه ما نسجته على منواله‪ ً،‬واحتذييت فيه على مثاله‪ ً،‬على قدر طاقتى‬
‫وجهدى‪ ً،‬ومبلغ وسعى و مجيدى ‪ ..‬ول يعرف قدر هذا الكتاب‪ ً،‬وما فيه من العجب العجاب‪ ً،‬ولباب‬
‫لصول‪ ً،‬ثم انكب على‬ ‫اللباب‪ ً،‬إل ممن وفر حظه من علوم المعقول والمنقول‪ ً،‬وتبرحر فى الفروع وا ي‬
‫مطالعة هذه الفصول‪ ً،‬بمسكة صحيحة‪ ً،‬وقريحة همة غير قريحة"‪.‬‬
‫ثم إن المؤلف يتعرضِ ليات الحكام فقط‪ ً،‬مع استيفاء ما فى جميع السور‪ .‬والكتاب مخطوط فى مجلد‬
‫كبير‪ ً،‬وموجود فى دار الكتب المصرية‪ ً،‬وفى المكتبة الزهرية‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) ‪-3‬‬
‫أحكام القرآن ‪ -‬لبن العربى )المالكى( (‬

‫* ترجمة المؤلف‪:‬‬
‫هو القاضى أبو بكر محمد بن عبد ال بن محمد بن عبد ال بن أحمد المعافرى‪ ً،‬الندلسى‪ ً،‬الشبيلى‪ً،‬‬
‫المام‪ ً،‬العلمة‪ ً،‬المتبحر‪ ً،‬ختام علماء الندلس‪ ً،‬وآخر أئمتها ويحرفاظها ‪ ..‬كان أبوه من فقهاء إشبيلية‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ورؤسائها‪.‬‬
‫يورلد أبو بكر سنة ‪ 468‬هـ )ثمان وستين وأربعمائة من الهجرة(‪ ً،‬وتأدب ببلده‪ ً،‬وقرأت القراءات‪ ً،‬ثم‬
‫رحل إلى مصر‪ ً،‬والشام‪ ً،‬وبغداد‪ ً،‬ومكة‪ .‬وكان يأخذ عن علماء كل بلد يرحل إليه حتى أتقن الفقه‪ً،‬‬
‫لصول‪ ً،‬وقيد الحديث‪ ً،‬واتسع فى الرواية‪ ً،‬وأتقن مسائل الخلف والكلم‪ ً،‬وتبرحر فى التفسير‪ ً،‬وبرع‬ ‫وا ي‬
‫فى الدب والشعر‪ ..‬وأخيرا عاد إلى بلده إشبيلية بعلم كثير‪ ً،‬لم يأت به أحد قبله‪ ً،‬ممن كانت له رحلة‬
‫إلى المشرقا‪.‬‬
‫وعلى الجملة ‪ ..‬فقد كان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من أهل التفنن فى العلوم‪ ً،‬والستبحار فيها‪ ً،‬والجمع لها‪ ً،‬متقدما‬
‫فى المعارف كلها‪ ً،‬متكلما فى أنواعها‪ ً،‬نافذا فى جمعها‪ ً،‬حريصا على أدائها ونشرها‪ ً،‬ثاقب الذهن فى‬
‫تمييز الصواب منها‪ ً،‬ويجمع إلى ذلك كله آداب الخلقا‪ ً،‬مع يحسن المعاشرة‪ ً،‬وكثرة الحتمال‪ ً،‬وكرم‬
‫النفس‪ ً،‬ويحسن العهد‪ ً،‬وثبات الود‪ .‬سكن بلده ويشورومر فيه‪ ً،‬ويسرمع‪ ً،‬ومدررس الفقه والصول‪ ً،‬وجلس للوعظ‬
‫والتفسير‪ ً،‬و يررحل إليه للسماع‪ .‬قال القاضى عياضِ ‪ -‬وهو ممن أخذوا عنه ‪" :-‬استقضى ببلده فنفع ال‬
‫به أهلها لصرامته‪ ً،‬وشدة نفوذ أحكامه‪ ً،‬وكانت له فى الظالمين مسورة مرهوبة‪ ً،‬وتؤثر عنه فى قضائه‬
‫صررف عن القضاء‪ ً،‬وأقبل على نشر العلم وبثه"‪.‬‬ ‫أحكام غريبة‪ ً،‬ثم ي‬
‫هذا ‪ ..‬وقد أسلف رحمه ال ‪ -‬تصانيف كثيرة مفيدة‪ ً،‬منها "أحكام القرآن"‪ ً،‬وهو ما نحن بصدده الن‪ً،‬‬
‫وكتاب المسالك فى شرح موطأ مالك‪ ً،‬وكتاب القبس على شرح موطأ مالك بن أنس‪ ً،‬وعارضة‬
‫الحوذى على كتاب الترمذى‪ ً،‬والقواصم والعواصم‪ ً،‬والمحصول فى يأصول الفقه‪ ً،‬وكتاب الناسخْ‬
‫والمنسوخ‪ ً،‬وتخليص التلخيص‪ ً،‬وكتاب القانون فى تفسير القرآن العزيز‪ ً،‬وكتاب أنوار الفجر فى تفسير‬
‫القرآن‪ .‬قيل‪ :‬إنه‬
‫ألرفه فى عشرين سنة‪ ً،‬ويقع فى ثمانين ألف ورقة‪ ً،‬وذكر بعضهم أنه رأى هذا التفسير وعرد أسفاره فوجد‬
‫عدتها ثمانين مجلدا‪ ً،‬وبالجملة فقد خرلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كتبا كثيرة‪ ً،‬انتفع الناس بها بعد وفاته‪ ً،‬كما نفع‬
‫هو بعلمه ممن جلس إليه فى حياته‪ .‬هذا ‪ ...‬وقد كانت وفاته ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬سنة ‪ 543‬هـ ]ثلث‬
‫وأربعين وخمسمائة من الهجرة( منصرفه من مراكش‪ ً،‬ويحرمل ميتا إلى مدينة فاس ويدرفن بها‪ .‬فرضى ال‬
‫عنه وأرضاه‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يتعرضِ هذا الكتاب لسور القرآن كلها‪ ً،‬ولكنه ل يتعرضِ إل لما فيها من آيات الحكام فقط‪ ً،‬وطريقته‬
‫ل‪:‬‬‫فى ذلك أن يذكر السورة ثم يذكر عدد ما فيها من آيات الحكام‪ ً،‬ثم يأخذ فى شرحها آية آية ‪ ..‬قائ ل‬
‫ل( ‪ ....‬وهكذا‪ ً،‬حتى يفرغا‬ ‫ل(‪ ً،‬الية الثانية وفيها سبع مسائل )مث ل‬
‫الية الولى وفيها خمس مسائل )مث ل‬
‫من آيات الحكام الموجودة فى السورة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يتعرضِ هذا الكتاب لسورة القرآن كلها‪ ً،‬ولكنه ل يتعرضِ إل لما فيها من آيات الحكام فقط‪ ً،‬وطريقته‬
‫ل‪:‬‬‫فى ذلك أن يذكر السورة ثم يذكر عدد ما فيها من آيات الحكام‪ ً،‬ثم يأخذ فى شرحها آية آية ‪ ..‬قائ ل‬
‫ل( ‪ ....‬وهكذا‪ ً،‬حتى يفرغا‬ ‫ل(‪ ً،‬الية الثانية وفيها سبع مسائل )مث ل‬
‫الية الولى وفيها خمس مسائل )مث ل‬
‫من آيات الحكام الموجودة فى السورة‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* تفسير ابن العربى بين انصافه واعتسافه‪:‬‬
‫هذا ‪ ...‬وإن الكتاب يعتبر مرجعا مهما للتفسير الفقهى عند المالكية‪ ً،‬وذلك لن مؤلفه مالكى تأثر‬
‫بمذهبه‪ ً،‬فظهرت عليه فى تفسيره روح التعصب له‪ ً،‬والدفاع عنه‪ ً،‬غير أنه لم يشتط فى تعصبه إلى‬
‫الدرجة التى يتغاضى فيها عن كل مزرلة علمية تصدر من مجتهد مالكى‪ ً،‬ولم يبلغ به التعسف إلى الحد‬
‫الذى يجعله يفند كلم مخالفه إذا كان وجيها ومقبولل‪ ً،‬والذى يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح‬
‫النصاف لمخالفيه أحيانا‪ ً،‬ما يلمس منه روح التعصب المذهبى التى تستولى على صاحبها فتجعله أحيانا‬
‫كثيرة يرمى مخالفه وإن كان إماما له قيمته ومركزه بالكلمات المقذعة اللذعة‪ ً،‬تارة بالتصريح‪ ً،‬وتارة‬
‫بالتلويح‪ .‬ويظهر لنا أن الرجل كان يستعمل عقله الحر‪ ً،‬مع تسلط روح التعصب عليه‪ ً،‬فأحيانا يتغلب‬
‫العقل على التعصب‪ ً،‬فيصدر حكمه عادلل ل تكدره شائبة التعصب‪ ً،‬وأحيانا ‪ -‬وهو الغالب ‪ -‬تتغلب‬
‫العصبية المذهبية على العقل‪ ً،‬فيصدر حكمه مشوبا بالتعسف‪ ً،‬بعيدا عن النصاف‪.‬‬
‫**‬
‫* طرف من إنصافه‪:‬‬
‫وإذا أردمت أن أضع يدك على شىء من إنصاف الرجل واستعماله لعقله‪ ً،‬فانظر إليه عندما تعررضِ لقوله‬
‫صميارم ٱلررمفيث إرملـى رنمسآرئيكهم{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬حيث‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [187‬من سورة البقرة‪} :‬أيرحرل مليكهم ملهيملمة ٱل ي‬
‫ل يتمبارشيرويهرن موأمهنيتهم معاركيفومن رفي ٱهلمممسارجرد{ُ‪ :‬العتكاف فى‬ ‫يقول‪" :‬المسألة السادسة عشرة‪ :‬قوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫السلغة هو اللبث‪ ً،‬وهو غير مقردر عند الشافعى‪ ً،‬وأقله لحظة‪ ً،‬ول حد لكثره‪ .‬وقال مالك وأبو حنيفة‪ :‬هو‬
‫مقردر بيوم وليلة‪ ً،‬لن الصوم عندها من شرطه‪ .‬قال علماؤنا‪ :‬لن ال تعالى خاطب الصائمين‪ .‬وهذا ل‬
‫يلزم فى الوجهين‪ :‬أما اشتراط الصوم فيه بخطابه تعالى لمن صام فل يلزم بظاهره ول باطنه‪ ً،‬لنها‬
‫حال واقعة ل مشترطة‪ ً،‬وأما تقديره بيوم وليلة لن الصوم من شرطه فضعيف‪ ً،‬فإن العبادة ل تكون‬
‫مقردرة بشرطها‪ ً،‬أل ترى أن الطهارة شرط فى الصلة‪ ً،‬وتنقضى الصلة‪ ً،‬وتبقى الطهارة‪"..‬؟‪.‬‬
‫فأنت ترى أن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬لم يرقه هذا الستدلل الذى أظهر بطلنه‪ ً،‬وهذا دليل على أنه‬
‫يستعمل عقله الحر أحيانا‪ ً،‬فل يسكت على المزرلة العلمية فيما يعتقد‪ ً،‬وإن كان فيها ترويج لمذهبه‪.‬‬
‫وانظر إليه عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم إرملى‬
‫صلرة{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬حيث يقول‪" :‬المسألة السابعة والعشرون فى قوله تعالى‪} :‬ربيريءورسيكهم{ُ‪ ً،‬ثم يذكر أن‬ ‫ٱل ر‬
‫العلماء اختلفوا فى مسح الرأس على أحد عشر قولل‪ ً،‬ثم يأخذ فى بيانها واحدا واحدا‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬ولكل‬
‫قول من هذه القوال مطلع من القرآن والسسرنة"‪ ً،‬ثم يذكر لنا مطلع كل قول‪ ً،‬ثم يقول بعد أن يفرغا من‬
‫هذا كله‪" :‬وليس يخفى على أحد عند اطلعه على هذه القوال والنحاء والمطلعات أن القوم لم يخرج‬
‫اجتهادهم عن سبيل الدللت فى مقصود الشريعة‪ ً،‬ول جاوز طرفيها إلى الفراط‪ ً،‬فإن للشريعة طرفين‪ً،‬‬
‫أحدهما طرف التخفيف فى التكليف‪ ً،‬والخر طرف الحتياط فى العبادات‪ ً،‬فممن احتاط استوفى الكل‪ً،‬‬
‫وممن خفف أخذ بالبعضِ‪."..‬‬
‫وانظر إليه فى الية السابقة حيث يقول‪" :‬المسألة السادسة والربعون‪ :‬نزع علماؤنا بهذه الية إلى أن‬
‫صلرة{ُ‪ ً،‬تقديره ‪ -‬كما سبقا ‪" -‬وأنتم محدثون"‪ً،‬‬ ‫إزالة النجاسة غير واجبة‪ ً،‬لنه قال‪} :‬إرمذا يقهميتهم إرملى ٱل ر‬
‫}فٱِهغرسيلوها يويجومهيكهم موأمهيردمييك هم{ُ‪ ً،‬فلم يذكر الستنجاء وذكر الوضوء‪ ً،‬ولو كان واجبا لكان أول مبدوء به ‪..‬‬
‫وهى رواية أشهب عن مالك‪ .‬وقال ابن وهب‪ :‬ل تجزئ الصلة بها ل ذاكرا ول ناسيا ‪ ..‬والصحيح‬
‫رواية ابن وهب‪ ً،‬ول يحرجة فى ظاهر القرآن‪ ً،‬لن ال سبحانه وتعالى إنما برين فى آية الوضوء صفة‬
‫الوضوء خاصة‪ ً،‬وللصلة شروط‪ :‬من استبقال الكعبة‪ ً،‬وستر العورة‪ ً،‬وإزالة النحاسة‪ ...‬وبيان كل شرط‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫منها فى موضعه"‪.‬‬
‫فأنت ترى أنه ل يميل إلى رواية أشهب عن مالك‪ ً،‬ول يرى فى ظاهر الية ما يشهد له‪.‬‬
‫**‬
‫* طرف من تعصبه لمذهبه‪:‬‬
‫وإن أردمت أن أضع يدك على شىء من تعصب ابن العربى‪ ً،‬فانظر إليه عندما تعررضِ لقوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [86‬من سورة النساء‪} :‬موإرمذا يحييييتم ربمترحريهَة مفمحسيوها ربمأهحمسمن رمهنمهآ أمهو يرسدومهآ{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬حيث يقول‪:‬‬
‫"المسألة السابعة‪ :‬إذا كان الرد فرضا بل خلف‪ ً،‬فقد استدل علماؤنا على أن هذه الية دليل على وجوب‬
‫الثواب فى الهبة للعين‪ ً،‬وكما يلزمه أن يرد مثل التحية يلزمه أن يرد مثل الهبة‪ ً،‬وقال الشافعى‪ :‬ليس فى‬
‫هبة الجنبى ثواب ‪ ..‬وهذا فاسد‪ ً،‬لن المرء ما مأعطى إل ليعطى‪ ً،‬وهذا هو الصل فيها‪ ً،‬وإرنا ل نعمل‬
‫ل لمولنا إل ليعطينا‪ ً،‬فكيف بعضنا لبعضِ"؟‬ ‫عم ل‬
‫**‬
‫* حملته على مخالفى مذهبه‪:‬‬
‫وإن أردمت أن تقف على مبلغ قسوته على أئمة المذاهب الخرى وأتباعهم‪ ً،‬فانظر إليه عندما تعررضِ‬
‫ليقا ممررمتارن مفرإهممسافك ربممهعيروهَف أمهو متهسرريفح ربرإهحمساهَن مو م‬
‫ل‬ ‫لقوله تعالى فى الية ]‪ [229‬من سورة البقرة‪} :‬ٱلرط م‬
‫ميرحسل لميكهم مأن متهأيخيذوها رمرمآ آمتهييتيمويهرن مشهيئا{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬حيث يقول‪" :‬المسألة الرابعة عشرة‪ :‬هذا يدل على‬
‫أن اليخهلع طلقا‪ ً،‬خلفا لقول الشافعى فى القديم إنه فسخْ‪ .‬وفائدة الخلف أنه إن كان فسخا لم يمعد طلقة‪.‬‬
‫قال الشافعى‪ :‬لن ال تعالى ذكر الطلقا مرتين وذكر اليخهلع بعده‪ ً،‬وذكر الثالث بقوله تعالى‪} :‬مفرإهن مطلرمقمها‬
‫ل مترحسل لميه رمن مبهعيد محرتـى متهنركمح مزهوجا مغهيمريه{ُ‪.‬‬ ‫مف م‬
‫وهذا غير صحيح‪ ً،‬لنه لو كان كل مذكور فى معرضِ هذه اليات ل يمعد طلقا لوقوع الزيادة على‬
‫الثلث لما كان قوله تعالى }أمهو متهسرريفح ربإهحمساهَن{ُ طلقا‪ ً،‬لنه يزيد به على الثلث‪ ً،‬ول يفهم هذا إل غبى‬
‫أو متغاب ‪ ....‬إلخْ"‪.‬‬
‫ضـى أمهو معلمـى مسمفهَر‬ ‫وانظر إليه عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة النساء‪} :‬موإرهن يكهنيتهم رمهر م‬
‫لممهسيتيم ٱلينمسآمء مفلمهم مترجيدوها ممآلء{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬حيث يقول‪" :‬المسألة الثامنة‬ ‫أمهو مجآمء أممحفد يمهنيكهم يمن ٱهلمغآرئرط أمهو م‬
‫والعشرون‪ :‬قوله تعالى‪" :‬مالء" ‪ ..‬قال أبو حنيفة‪ :‬هذا نفى فى نكرة وهو يعم لغة‪ ً،‬فيكون مفيدا جواز‬
‫الوضوء بالماء المتغير وغير المتغير لنطلقا اسم الماء عليه ‪ ..‬قلنا‪ :‬استنوقا الجمل إلى أن يستدل‬
‫أصحاب أبى حنيفة بالسلغات‪ ً،‬ويقولون على ألسنة العرب وهم ينبذونها فى أكثر المسائل بالعراء‪.‬‬
‫واعلموا أن النفى فى النكرة يعم كما قلتم‪ ً،‬ولكن فى الجنس‪ ً،‬فهو عام فى كل ما كان من سماء‪ ً،‬أو بئر‪ً،‬‬
‫أو عين‪ ً،‬أو نهر‪ ً،‬أو بحر عذب أو ملح‪ ً،‬فأما غير الجنس فهو المتغير فل يدخل فيه‪ ً،‬كما لم يدخل فيه‬
‫ماء الباقلء ‪."...‬‬
‫ونجده فى موضع من كتابه يرمى أبا حنيفة بأنه كثيرا ما يترك الظواهر والنصوص للقيسة‪ ً،‬ويقول‬
‫عنه فى موضع آخر إنه‪" :‬سكن دار الضرب فكثر عنده المدلس‪ ً،‬ولو سكن المعدن كما قريضِ ال لمالك‪ً،‬‬
‫لما صدر عنه إل إبريز الدين وإكسير الرمرلة‪ ً،‬كما صدر عن مالك"‪.‬‬
‫وانظر إليه عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم إرملى‬
‫صلرة فٱِهغرسيلوها يويجومهيك هم{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬حيث يقول فى تعريضِ ساخر‪" :‬المسألة الحادية عشرة‪ ً،‬قوله معرز‬ ‫ٱل ر‬
‫ومجرل‪} :‬فٱِهغرسيلوها{ُ‪ ً،‬وظن الشافعى ‪ -‬وهو عند أصحابه معد بن عدنان فى الفصاحة بله أبى حنيفة وسواه‬
‫‪ -‬أن الغسل صب الماء على المغسول من غير عرك‪ ً،‬وقد برينا فساد ذلك فى مسائل الخلف‪ .‬وفى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫سورة النساء‪ ً،‬وحققنا أن الغسل مس اليد مع إمرار الماء‪ ً،‬أو ما فى معنى اليد"‪.‬‬
‫ل متهعرديلوها مفموارحمدلة أمهو مما‬
‫وانظر إليه عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة النساء‪} :‬مفرإهن رخهفيتهم أم ر‬
‫ل متيعويلوها{ُ ‪ ..‬حيث يقول‪" :‬المسألة الثانية عشرة‪ ً،‬قوله تعالى‪} :‬ـذرلمك مأهدمنـى أم ر‬
‫ل‬ ‫مملممكهت أمهيمماينيكهم ـذرلمك مأهدمنـى أم ر‬
‫متيعويلوها{ُ اختلف الناس فى تأويله على ثلثة أقوال‪ :‬الول‪ :‬أن ل يكثر عيالكم‪ ً،‬قاله الشافعى‪ .‬الثانى‪ :‬أن‬
‫ل تضلوا‪ ً،‬قاله مجاهد‪ .‬الثالث‪ :‬أن ل تميلوا‪ ً،‬قاله ابن عباس والناس ‪ ..‬قلنا‪ :‬أعجب أصحاب الشافعى‬
‫بكلمه هذا‪ ً،‬وقالوا هو يحرجة‪ ً،‬لمنزلة الشافعى فى السلغة‪ ً،‬وشهرته فى العربية‪ ً،‬والعتراف له بالفصاحة‪ً،‬‬
‫حتى قال الجوينى‪ :‬هو أفصح ممن نطقا بالضاد‪ ً،‬مع غوصه على المعانى ومعرفته بالصول‪ ..‬واعتقدوا‬
‫أن معنى الية‪ :‬فانكحوا واحدة إن خفتم أن يكثر عيالكم‪ ً،‬فذلك أقرب إلى أن تنتفى عنكم كثرة العيال ‪..‬‬
‫قال ابن العربى‪" :‬كل ما قاله الشافعى‪ ً،‬أو قيل عنه‪ ً،‬أو يوصف به‪ ً،‬فهو كله جزء من مالك ونغبة من‬
‫بحره‪ ً،‬ومالك أوعى سمعا‪ ً،‬وأثقب فهما‪ ً،‬وأفصح لسانا‪ ً،‬وأبرع بيانا‪ ً،‬وأبدع وصفا‪ ً،‬ويدلك على ذكل‬
‫مقابلة قول بقول لى كل مسألة وفصل"‪.‬‬
‫ثم تكلم بعد ذلك عن معنى لفظ "عال" فى السلغة‪ .‬ثم قال‪" :‬والفعل فى كثرة العيال رباعى ل مدخل له فى‬
‫الية‪ ً،‬فقد ذهبت الفصاحة‪ ً،‬ولم تنفع الضاد المنطوقا بها على الختصاص"‪.‬‬
‫ل مأن‬‫وانظر إليه عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [25‬من سورة النساء‪} :‬موممن لرهم ميهسمترطهع رمنيكهم مطهو ل‬
‫صمنارت ٱهليمهؤرممنارت{ُ‪ ....‬الية‪ ً،‬حيث يقول‪" :‬المسألة الخامسة‪ :‬قال أبو بكر الرازى إمام الحنفية‬ ‫مينركمح ٱهليمهح م‬
‫لممة ضرورة‪ ً،‬لن الضرورة ما ييخاف منه تلف النفس‪ ً،‬أو تلف‬ ‫فى كتاب أحكام القرآن‪ :‬ليس نكاح ا م‬
‫عضو‪ ً،‬وليس فى مسألتنا شىء من ذلك‪ .‬قلنا‪ :‬هذا كلم جاهل بمنهاج الشرع‪ ً،‬أو متهكم ل يبالى بموارد‬
‫القول‪ .‬نحن لم نقل إنه حكم نيط بالضرورة‪ ً،‬إنما قلنا‪ :‬إنه حكم علقا بالرخصة المقرونة بالحاجة‪ ً،‬ولكل‬
‫واحد منهما حكم يختص به‪ .‬وحالة يعتبر فيها‪ .‬وممن لم ييفيرقا بين الضرورة والحاجة التى تكون معها‬
‫اليرخصة‪ ً،‬فل ييعنى بالكلم معه‪ ً،‬فإنه معاند أو جاهل‪ ً،‬وتقرير ذلك إتعاب للنفس عند ممن ل ينتفع به"‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذه المثلة كلها‪ .‬أن الرجل ليس معسف اللسان مع الئمة‪ ً،‬ول مع أتباعهم‪ ً،‬وهذه ظاهرة‬
‫من ظواهر التعصب المذهبى‪ ً،‬الذى يقود صاحبه إلى ما ل يليقا به‪ ً،‬ويدفعه إلى الخروج عن حد اللطافة‬
‫والكياسة‪.‬‬
‫**‬
‫* احتكامه إلى السلغة‪:‬‬
‫ثم إن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كثيرا ما يحتكم إلى السلغة فى استنباط المعانى من اليات‪ ً،‬وفى الكتاب من‬
‫ذلك أمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها بسهولة‪.‬‬
‫**‬
‫* كراهته للسرائيليات‪:‬‬
‫كما أنه شديد النفرة من الخوضِ فى السرائيليات‪ ً،‬ولذلك عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من‬
‫سورة البقرة‪} :‬إررن ٱلرلمه ميهأيميريكهم أمهن متهذمبيحوها مبمقمرلة{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪" :‬المسألة الثانية‪ :‬فى الحديث عن‬
‫بنى إسرائيل‪ :‬كثر استرسال العلماء فى الحديث عنهم فى كل طريقا‪ ً،‬وقد ثبت عن النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم أن قال‪" :‬محيدثوا عن بنى إسرائيل ول محمرج" ومعنى هذا الخبر‪ :‬الحديث عنهم بما ييخبرون به عن‬
‫أنفسهم وقصصمهم‪ ً،‬ل بما ييخبرون به عن غيرهم‪ ً،‬لن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة‪ً،‬‬
‫وللثبوت إلى منتهى الخبر‪ ً،‬وما ييخبرون به عن أنفسهم‪ ً،‬فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو‬
‫قومه‪ ً،‬فهو أعلم بذلك‪ ً،‬وإذا أخبروا عن شرع لم يلزمه قبوله‪ ً،‬ففى رواية مالك عن عمر رضى ال عنه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أنه قال‪ :‬رآنى رسول ال صلى ال عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشررمت حواشيه‪ ً،‬قال‪ :‬ما هذا؟‬
‫قلت‪ :‬جزء من التوارة‪ ً،‬فغضب وقال‪" :‬والر لو كان موسى حيا ما وسعه إل اتباعى"‪.‬‬
‫**‬
‫* نفرته من الحاديث الضعيفة‪:‬‬
‫كذلك نجد ابن العربى شديد النفرة من الحاديث الضعيفة‪ ً،‬وهو ييحيذر منها فى تفسيره هذا‪ ً،‬فيقول‬
‫لصحابه بعد أن برين ضعف الحديث القائل بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم توضأ مرة وقال‪" :‬هذا‬
‫وضوء ل يقبل ال الصلة إل به"‪ ً،‬وتوضأ مرتين مرتين‪ ً،‬وقال‪" :‬ممن توضأ مرتين مرتين أتاه ال أجره‬
‫مرتين"‪ ً،‬ثم توضأ ثلثا ثلثا وقال‪" :‬هذا وضوئى ووضوء النبياء من قبلى‪ ً،‬ووضوء أبى إبراهيم"‪ً،‬‬
‫يقول لهم بعد ما برين ضعف هذا الحديث‪" :‬وقد ألقييت إليكم وصيتى فى كل ورقة ومجلس‪ ً،‬أن ل تشتغلوا‬
‫من الحاديث بما ل يصح سنده‪."...‬‬
‫هذا والكتاب مطبوع فى مجلدين كبيرين‪ ً،‬ومتداول بين أهل العلم‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) ‪-4‬‬
‫الجامع لحكام القرآن ‪ -‬لبى عبد ال القرطبى )المالكى( (‬

‫* ترجمة المؤلف‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ :‬هو المام أبو عبد ال محمد بن أحمد بن أبى بكر ابن فهرح ‪ -‬بإسكان الراء والحاء‬
‫المهملة ‪ -‬النصارى‪ ً،‬الخزرجى‪ ً،‬الندلسى‪ ً،‬القرطبى المفيسر‪.‬‬
‫كان ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من عباد ال الصالحين‪ ً،‬والعلماء العارفين‪ ً،‬الزاهدين فى الدنيا‪ ً،‬المشغولين بما‬
‫يعنيهم من يأمور الخرة‪ ً،‬وبلغ من زهده أن أطرح التكلف‪ ً،‬وصار يمشى بثوب واحد وعلى رأسه‬
‫طاقية‪ ً،‬وكانت أوقاته كلها معمورة بالتوجه إلى ال وعبادته تارة‪ ً،‬وبالتصنيف تارة أخرى‪ ً،‬حتى أخرج‬
‫للناس كتبا انتفعوا بها‪ .‬ومن مصنفاته‪ :‬كتابه فى التفسير المسمى بـ "الجامع لحكام القرآن"‪ ً،‬وهو ما‬
‫نحن بصدده‪ ً،‬وشرح أسماء ال اليحسنى‪ ً،‬وكتاب التذكار فى أفضل الذكار‪ ً،‬وكتاب التذكرة بأمور‬
‫الخرة‪ ً،‬وكتاب شرح التقصى‪ ً،‬وكتاب قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذلك السؤال بالكتب والشفاعة‪.‬‬
‫قال ابن فرحون‪ :‬لم أقف على تأليف أحسن منه فى بابه وله كتب غير ذلك كثيرة ومفيدة‪.‬‬
‫ضِ هذا الشرح‪ً،‬‬ ‫سمع من الشيخْ أبى العباس بن عمر القرطبى‪ ً،‬مؤلف "المفهم فى شرح صحيح مسلم" بع م‬
‫وحردث عن أبى علسى الحسن بن محمد البكرى‪ ً،‬وغيرهما‪ .‬وكان مستقرا بمنية ابن خصيب‪ ً،‬ويتوفى ويدفن‬
‫بها فى شروال سنة ‪ 671‬هـ )إحدى وسبعين وستمائة من الهجرة(‪ ً،‬فرحمه ال رحمة واسعة‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫وصف العلمة ابن فرحون هذا التفسير فقال‪" :‬هو من أمجيل التفاسير وأعظمها نفعا‪ ً،‬أسقط منه القصص‬
‫والتواريخْ‪ ً،‬وأثبت عوضها أحكام القرآن واستنباط الدلة‪ ً،‬وذكر القراءات والعراب والناسخْ‬
‫والمنسوخ"‪ ً،‬وذكر المؤلف رحمه ال فى مقدمة هذا التفسير السبب الذى حمله على تأليفه‪ ً،‬والطريقا‬
‫الذى رسمه لنفسه ليسير عليه فيه‪ ً،‬وشروطه التى اشترطها على نفسه فى كتابه فقال‪" :‬وبعد ‪ ..‬فلما كان‬
‫كتاب ال هو الكفيل بجمع علوم الشرع الذى استقل بالسسرنة والفرضِ‪ ً،‬ونزل به أمين السماء إلى أمين‬
‫الرضِ‪ ً،‬رأيت أن أشتغل به مدى عمرى‪ ً،‬وأستفرغا فه منتى‪ ً،‬بأن أكتب فيه تعليقا وجيزا يتضمن نكتا‬
‫من التفسير‪ ً،‬والسلغات‪ ً،‬وارلعراب‪ ً،‬والقراءات‪ ً،‬والرد على أهل الزيغ والضللت‪ ً،‬وأحاديث كثيرة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫شاهدة لما نذكره من الحكام ونزول اليات‪ ً،‬جامعا بين معانيها‪ ً،‬ومبينا ما أشكل منها بأقاويل المسملف‬
‫وممن تبعهم من المخملف ‪ ..‬وشرطى فى هذا الكتاب‪ :‬إضافة القوال إلى قائليها‪ ً،‬والحاديث غلى‬
‫مصنفيها‪ ً،‬فإنه يقال‪ :‬من بركة العلم أن ييضاف القوال إلى قائليها‪ ً،‬والحاديث إلى مصنفيها‪ ً،‬فإنه يقال‪:‬‬
‫من بركة العلم أن ييضاف القول إلى قائله‪ ً،‬وكثيرا ما يجئ الحديث فى كتاب الفقه والتفسير مبهما‪ ً،‬ل‬
‫يعرف من أخرجه إل ممن اطلع على كتب الحديث‪ ً،‬فيبقى ممن ل خبرة له بذلك حائرا ل يعرف الصحيح‬
‫من السقيم‪ ً،‬ومعرفة ذلك علم جسيم‪ .‬فل ييقبل منه الحتجاج به ول الستدلل حتى يضيفه إلى ممن‬
‫خررجه من الئمة العلم‪ ً،‬والثقات المشاهير من علماء السلم‪ ً،‬ونحن نشير إلى يجممل من ذلك فى هذا‬
‫الكتاب‪ ً،‬وال الموفقا للصواب‪ .‬وأضرب عن كثير من قصص المفيسرين‪ ً،‬وأخبار المؤرخين‪ ً،‬إل ما ل‬
‫بد منه‪ ً،‬وما ل غنى عنه للتبيين‪ ً،‬واعتضت من ذلك تبيين آيِ الحكام‪ ً،‬بمسائل يتفيسر عن معناها‪ ً،‬ويترشد‬
‫الطالب إلى مقتضاها‪ ً،‬فضمنت كل آية تتضمن حكما أو حكمين فما زاد مسائل يأبيين فيها ما تحتوى عليه‬
‫من أسباب النزول‪ ً،‬والتفسير‪ ً،‬والغريب‪ ً،‬والحكم‪ .‬فإن لم تتضمن حكما ذكريت ما فيها من التفسير‬
‫والتأويل ‪ ...‬وهكذا إلى آخر الكتاب‪ ً،‬وسميته بـ "الجامع لحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السسرنة‬
‫وأحكام الفرقان‪."...‬‬
‫والذى يقرأ فى هذا التفسير يجد أن القرطبى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬قد ورفى بما شرط على نفسه فى هذا‬
‫التفسير‪ ً،‬فهو يعرضِ لذكر أسباب النزول‪ ً،‬والقراءات‪ ً،‬والعراب‪ ً،‬ويبين الغريب من ألفاظ القرآن‪ً،‬‬
‫ويحتكم كثيرا إلى السلغة‪ ً،‬وييكثر من الستشهاد بأشعار العرب‪ ً،‬ويرد على المعتزلة‪ ً،‬والقدرية‪ً،‬‬
‫والروافضِ‪ ً،‬والفلسفة‪ ً،‬وغلة المتصوفة‪ ً،‬ولم يسقط القصص بالمرة‪ ً،‬كما تفيده عبارة ابن فرحون‪ ً،‬بل‬
‫أضرب عن كثير منها‪ ً،‬كما ذكر فى مقدمة تفسيره‪ ً،‬ولهذا نلحظ عليه أنه يروى أحيانا ما جاء من‬
‫غرائب القصص السرائيلى‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ينقل عن المسملف كثيرا مما يأرثر عنهم فى التفسير والحكام‪ ً،‬مع نسبة‬
‫كل قول إلى قائله وفالء بشرطه‪ ً،‬كما ينقل عمن تقدمه فى التفسير‪ ً،‬خصوصا ممن أمرلف منهم فى كتب‬
‫الحكام‪ ً،‬مع تعقيبه على ما ينقل منها‪ .‬وممن ينقل عنهم كثيرا‪ :‬ابن جرير الطبرى‪ ً،‬وابن عطية‪ ً،‬وابن‬
‫صاص‪.‬‬ ‫العربى‪ ً،‬والكيا الهراسى‪ ً،‬وأبو بكر الج ر‬
‫وأما من ناحية الحكام‪ ً،‬فإرنا نلحظ عليه أنه يفيضِ فى ذكر مسائل الخلف ما تعلقا منها باليات عن‬
‫يقهرب‪ ً،‬وما تعلقا بها عن يبهعد‪ ً،‬مع بيان أدلة كل قول‪.‬‬
‫**‬
‫* إنصاف القرطبى وعدم تعصبه‪:‬‬
‫وخير ما فى الرجل أنه ل يتعصب لمذهبه المالكى‪ ً،‬بل يمشى مع الدليل حتى يصل إلى ما يرى أنه‬
‫الصواب أيا كان قائله‪.‬‬
‫لمة موآيتوها ٱلرزمكامة موٱهرمكيعوها‬
‫صم‬‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة البقرة‪} :‬موأمرقييموها ٱل ر‬
‫فمث ل‬
‫مممع ٱلرراركرعي من{ُ ‪ ..‬نجده عند المسألة السادسة عشرة من مسائل هذه الية يعرضِ لمامة الصغير‪ ً،‬ويذكر‬
‫أقوال ممن يجزيها و ممن يمنعها‪ ً،‬ويذكر أن من المانعين لها جملة‪ :‬مالكا‪ ً،‬والثورى‪ ً،‬وأصحاب الرأى‪ً،‬‬
‫ولكرنا نجده يخالف إمامه لما ظهر له من الدليل على جوازها‪ ً،‬وذلك حين يقول‪" :‬قتل‪ :‬إمامة الصغير‬
‫جائزة إذا كان قارئا‪ ً،‬ثبت فى صحيح البخارى عن عمرو بن سلمة قال‪ :‬كنا بماء ممر الناس‪ ً،‬وكان يمر‬
‫بنا الناس فنسألهم ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون‪ :‬يزعم أن ال أرسله ‪ ..‬أوحى إليه كذا ‪ ..‬أوحى‬
‫إليه كذا‪ ً،‬فكنت أحفظ هذا الكلم‪ ً،‬فكأنما يقر فى صدرى‪ ً،‬وكانت العرب تلوم بإسلمها فيقولون‪ :‬اتركوه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وقومه‪ ً،‬فإنه إن ظهر عليهم فهو نبى صادقا‪ ً،‬فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلمهم‪ ً،‬وبدر أبى‬
‫قومى بإسلمهم‪ ً،‬فلما قدم قال‪ :‬جئتكم والر من عند نبى ال حقا ‪ ..‬قال‪" :‬صلوا صلة كذا فى حين كذا‪ً،‬‬
‫فإذا حضرت الصلة فليؤيذن أحدكم‪ ً،‬وليؤمكم أكثركم قرآنا"‪ ً،‬فنظروا فلم يكن أحد أكثر منى قرآنا‪ ً،‬لما‬
‫كنت أتلقى من الركبان‪ .‬فقردمونى بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين‪ ً،‬وكانت على يبردة إذا سجديت‬
‫تقرلصت عنى‪ ً،‬فقالت امرأة من الحى‪ :‬أل تغطون عنا إست قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لى قميصا‪ ً،‬فما‬
‫فرحيت بشىء فرحى بذلك القميص"‪.‬‬
‫ل‬‫ل معاهَد مف ي‬ ‫ضيطرر مغهيمر مباهَغا مو م‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [173‬من سورة البقرة‪} :‬مفممرن ٱ ه‬ ‫ومث ل‬
‫إرهثم معلمهيره{ُ ‪ ..‬نراه يعقد المسألة الثانية والثلثين من مسائل هذه الية فى اختلف العلماء فيمن اقترن‬
‫بضرورته معصية‪ ً،‬فيذكر أن مالكا حظر ذلك عليه‪ .‬وكذا الشافعى فى أحد قوليه‪ ً،‬وننقل عن ابن العربى‬
‫أنه قال‪" :‬عجبا ممن أبيح له ذلك مع التمادى على المعصية‪ ً،‬وما أطن أحدا يقوله‪ ً،‬فإن قاله فهو مخطىء‬
‫قطعا"‪ ً،‬ثم يعقب القرطبى على هذا كله فيقول‪" :‬قلت‪ :‬الصحيح خلف هذا‪ .‬فإن إتلف المرء نفسه فى‬
‫ل متهقيتلييوها‬
‫سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه‪ ً،‬قال ال تعالى فى الية ]‪ [29‬من سورة النساء‪} :‬مو م‬
‫أمهنيفمسيكهم{ُ وهذا عام ولعله يتوب فى ثانى الحال‪ .‬فمتحو التوبة عنه ما كان"‪.‬‬
‫ضامن ٱرلرذييِ أيهنرزمل رفيره‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [185‬من سورة البقرة‪} :‬مشههير مرمم م‬ ‫ومث ل‬
‫ٱهليقهرآ ين{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده يعقد المسألة السابعة عشرة من المسائل التى تتعلقا بهذه الية فى اختلف‬
‫العلماء فى حكم صلة عيد الفطر فى اليوم الثانى‪ ً،‬فيذكر عن ابن عبد البر أنه ل خلف عن مالك‬
‫ضميت صلة العيد‬ ‫صرلى صلة العيد فى غير يوم العيد‪ ً،‬ويذكر عنه أيضا أنه قال‪" :‬لو يق ر‬ ‫وأصحابه أنه ل يت م‬
‫بعد خروج وقتها لشبهت الفرائضِ‪ ً،‬وقد أجمعوا فى سائر السنن أنها ل يتقضى‪ ً،‬فهذه مثلها"‪ ً،‬ثم يمعيقب‬
‫القرطبى على هذا فيقول‪" :‬قلت‪ :‬والقول بالخروج ‪ -‬يعنى لصلة العيد فى اليوم الثانى ‪ -‬إن شاء ال‬
‫أصح‪ ً،‬للسسرنة الثابتة فى ذلك‪ ً،‬ول يمتنع أن يستثنى الشارع من اليسمنن ما شاء‪ ً،‬فيأمر بقضائه بعد خروج‬
‫صيل‬ ‫وقته‪ ً،‬وقد روى الترمذى عن أبى هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ممن لم ي م‬
‫صرلى‬ ‫صيلهما بعد ما تطلع الشمس" قلت‪ :‬وقد قال علماؤنا‪ :‬ممن ضاقا عليه الوقت‪ ً،‬و م‬ ‫ركعتى الفجر فلي م‬
‫الصبح‪ ً،‬وترك ركعتى الفجر‪ ً،‬فإنه يصليهما بعد طلوع الشمس إن شاء‪ ً،‬وقيل‪ :‬ل يصلهما حينئذ‪ ً،‬ثم إذا‬
‫قلنا يصليهما ‪ ..‬فهل ما يفعله قضاء؟ أو ركعتان ينوب له ثوابهما عن ثواب ركعتى الفجر؟ قال الشيخْ‬
‫أبو بكر‪ :‬وهذا الجارى على أصل المذهب‪ ً،‬ورذهكر القضاء تجسوز‪ .‬قلت‪ :‬ول يبعد أن يكون حكم صلة‬
‫الفطر فى اليوم الثانى على هذا الصل‪ ً،‬ل سيما مع كونها مرة واحدة فى السنة‪ ً،‬مع ما ثبت من السسرنة‪.‬‬
‫ثم روى عن النسائى بسنده‪" :‬أن قوما رأوا الهل فأتوا النبى صلى ال عليه وسلم فأمرهم أن يفطروا بعد‬
‫صلهم من الغد"‪.‬‬ ‫ما ارتفع النهار‪ ً،‬وأن يخرجوا إلى العيد من الغد‪ .‬وفى رواية‪ :‬ويخرجوا ليم م‬
‫صميارم ٱلررمفيث‬ ‫ل نجده عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [187‬من سورة البقرة‪} :‬أيرحرل لميكهم لمهيلممة ٱل ي‬ ‫ومث ل‬
‫إرلمـى رنمسآرئيك هم{ُ‪....‬الية‪ ً،‬نجده فى المسألة الثانية عشرة من مسائل هذه الية يذكر خلف العلماء فى حكم‬
‫ممن أكل فى نهار رمضان ناسيا ‪ ..‬فيذكر عن مالك أنه يفطر وعليه القضاء‪ ً،‬ولكنه ل يرضى ذلك‬
‫الحكم فيقول‪" :‬وعند غير مالك ليس بمفطر كل ممن أكل ناسيا لصومه‪ .‬قلت‪ :‬وهو الصحيح‪ ً،‬وبه قال‬
‫الجمهور إن ممن أكل أو شرب ناسيا فل قضاء عليه‪ ً،‬وإن صومه تام‪ ً،‬لحديث أبى هريرة قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إذا أكل الصائم ناسيا‪ ً،‬أو شرب ناسيا فإنما هو رزقا ساقه ال تعالى‬
‫إليه‪ ً،‬ول قضاء عليه‪."..‬‬
‫ل يجمنامح معلمهييكهم رإن مطلرهقيتيم ٱلينمسآمء مما‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [236‬من سورة البقرة‪ } :‬ر‬ ‫ومث ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ضلة مومميتيعويهرن معملى ٱهليمورسرع مقمديريه مومعملى ٱهليمهقرترر مقمديريه مممتاعا ربٱِهلممهعيرورف‬ ‫ملهم متممسسويهرن أمهو متهفرر ي‬
‫ضوها مليهرن مفرري م‬
‫محسقا معملى ٱهليمهحرسرني من{ُ‪ ً،‬نجده يذكر فى المسألة السادسة من مسائل هذه الية اختلف العلماء فى حكم‬
‫المتعة‪ ً،‬فيذكر ممن يقول بوجوبها‪ ً،‬ويذكر ممن يقول بندبها‪ ً،‬ويعد فى ضمن القائلين بالندب مالكا رحمه‬
‫ال‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬تمسك أهل القول الول بمقتضى المر‪ ً،‬وتمسك أهل القول الثانى بقوله تعالى‪} :‬محسقا معملى‬
‫ٱهليمهحرسرنيمن{ُ‪ ً،‬و}معملى ٱهليمرترقيمن{ُ ولو كانت واجبة لطلقها على الخلقا أجمعين‪ .‬والقول الول أولى‪ ً،‬لن‬
‫عمومات المر بالمتناع فى قوله‪} :‬مميتيعويهرن{ُ‪ ً،‬وإضافة المتاع إليهم بـ "لم التمليك" فى قوله‪ ُ{} :‬أظهر‬
‫فى الوجوب منه فى الندب‪ .‬وقوله‪} :‬مورلهليممطلرمقارت مممتافع{ُ تأكيد ليجابها‪ ً،‬لن كل واحد يجب عليه أن يتقى‬
‫ال فى الشراك به ومعاصيه‪ ً،‬وقد قال تعالى فى القرآن فى الية ]‪ [2‬من سورة البقرة‪} :‬يهلدى ليهليمرترقيمن{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من حملت ابن العربى على مخالفيه‪:‬‬
‫كذلك نجد القرطبى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كثيرا ما يدفعه النصاف إلى أن يقف موقف الدفاع عمن يهاجمهم‬
‫ابن العربى من المخالفين‪ ً،‬مع توجيه الرلوم إليه أحيانا‪ ً،‬على ما يصدر منه من عبارات قاسية فى حقا‬
‫علماء المسلمين‪ ً،‬الذاهبين إلى ما لم يذهب إليه‪.‬‬
‫ل متيعويلوها{ُ ‪ ..‬نراه يروى‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة النساء‪} :‬ـذرلمك مأهدمنـى أم ر‬ ‫فمث ل‬
‫عن الشافعى أنه فرسرها على معنى‪ :‬ال تكثر عيالكم‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬قال الثعلبى‪ :‬وما قال هذا غيره وإنما‬
‫يقال‪ :‬أعال يعيل إذا كثر عياله‪ ً،‬وزعم ابن العربى‪ :‬أن عال على سبعة معان ل ثامن لها‪ ً،‬يقال عال‪:‬‬
‫مال‪ ً،‬الثانى‪ :‬زاد‪ ً،‬الثالث‪ :‬جار‪ .‬الرابع‪ :‬افتقر‪ .‬الخامس‪ :‬أثقل ‪ ..‬حكاه ابن دريد‪ .‬قالت الخنساء‪" :‬ويكفى‬
‫العشيرة ما عالها"‪ .‬السادس‪ :‬عال‪ :‬قام بمؤنة العيال‪ ً،‬ومنه قوله عليه السلم‪" :‬وابدأ بمن تعول"‪ .‬السابع‪:‬‬
‫عال‪ :‬غلب‪ ً،‬ومنه‪ :‬عيل صبره أى غلب‪ ً،‬ويقال‪ :‬أعال الرجل‪ :‬كثر عياله‪ .‬وأما "عال" بمعنى كثر عياله‬
‫فل يصح‪ ً،‬قلت‪ :‬أما قول الثعلبى‪" :‬ما قاله غيره" فقد أسنده الدارقطنى فى يسمننه عن زيد بن أسلم‪ ً،‬وهو‬
‫قول جابر بن زيد ‪ ..‬فهذان إمامان من علماء المسلمين وأئمتهم قد سبقا الشافعى إليه‪ .‬وأما ما ذكره ابن‬
‫العربى من الحصر وعدم الصحة فل يصح‪ .‬وقد ذكرنا‪ :‬عال المر‪ :‬اشتد وتفاقم ‪ ..‬حكاه الجوهرى‪.‬‬
‫وقال الهروى فى غريبه‪" :‬وقال أبو بكر‪ :‬يقال‪ :‬عال الرجل فى الرضِ يعيل فيها‪ :‬إذا ضرب فيها‪.‬‬
‫ل‪ :‬إذا أعجزك‪ ً،‬وأما "عال"‪ :‬كثر عياله‪ ً،‬فذكره‬ ‫ل ومعي ل‬ ‫وقال الحمر‪ :‬يقال‪ :‬عالنى الشىء يعيلنى معهي ل‬
‫الكسائى وأبو عمرو الدورى وابن العرابى‪ .‬قال الكسائى أبو الحسن علسى ابن حمزة‪ :‬العرب تقول عال‬
‫يعول وأعال يعيل أى كثر عياله‪ .‬وقال أبو حاتم‪ :‬كان الشافعى أعلم بلغة العرب منا ‪ ..‬ولعله لغة‪ .‬قال‬
‫الثعلبى المف يسر ‪ :‬قال أستاذنا أبو القاسم ابن حبيب‪ :‬سألت أبا عمرو الدورى عن هذا ‪ -‬وكان إماما فى‬
‫السلغة غير مدافع ‪ -‬فقال‪ :‬هى لغة رحهممير وأنشد‪:‬‬
‫*وإن الموت يأخذ كل حى * بل شك وإن أمشى وعال*‬
‫يعنى‪ :‬وإن كثر ماشيته وعياله‪ .‬وقال أبو عمرو بن العلء‪ :‬لقد كثرت وجوه العرب حتى خشييت أن آخذ‬
‫على لحن لحنا‪ .‬وقرأ طلحة بن مصرف‪" :‬أل تعيلوا"‪ ً،‬وهي يحرجة الشافعى رضى ال عنه‪ .‬قدح الزرجاج‬
‫وغيره فى تأويل "عال" من العيال بأن قال‪ :‬إن ال تعالى قد أباح كثرة السرارى وفى ذلك تكثير العيال‪.‬‬
‫فكيف يكون أقرب إلى أل تكثر العيال؟ وهذا القدح غير صحيح‪ ً،‬لن السرارى إنما هى مال ييتصرف‬
‫فيه بالبيع‪ ً،‬وإنما القادح‪ :‬الحرائر ذوات الحقوقا الواجبة‪ .‬وحكى ابن العرابى‪ :‬أن العرب تقول‪ :‬عال‬
‫الرجل إذا كثر عياله"‪.‬‬
‫لهعمنارب‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [67‬من سورة النحل‪} :‬مورمن مثمممرارت ٱلرنرخيرل موٱ م‬ ‫ومث ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مترترخيذومن رمهنيه مسمكرا موررهزقا محمسنا{ُ ‪ ...‬نراه يعيب على ابن العربى تشنيعه على ممن يقول من الحنفية‬
‫وغيرهم بحل النبيذ‪ ً،‬وجعله إياهم مثل أغبياء الكفار فيقول‪" :‬وهذا تشنيع شنيع‪ ً،‬حتى يلحقا فيه العلماء‬
‫الخيار فى قصور الفهم بالكفار"‪.‬‬
‫وعلى الجملة ‪ ..‬فإن القرطبى رحمه ال فى تفسيره هذا يحفر فى بحثه‪ ً،‬نزيفه فى نقده‪ ً،‬عفف فى مناقشته‬
‫وجدله‪ ً،‬يمرلفم بالتفسير من جميع نواحيه‪ ً،‬بارع فى كل فن استطرد إليه وتكرلم فيه‪.‬‬
‫أما الكتاب فقد كان النسا محرومين منه إلى زمن قريب‪ ً،‬ثم أراد ال له الذيوع بين يأولى العلم فقامت‬
‫دار الكتب المصرية بطبعه‪ ً،‬فتم منه إلى الن أربعة عشر جزءا تنتهى بآخر سورة فاطر‪ ً،‬وعسى أن‬
‫يمعيجل ال بإتمام ما بقى منه‪ ً،‬حتى يتم به النفع‪ ً،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) ‪-5‬‬
‫كنز العرفان فى فقه القرآن لمقداد السيورى )من المامية الثنا عشرية( (‬

‫* ترجمة المؤلف‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير‪ ً،‬هو مقداد بن عبد ال بن محمد بن الحسن بن محمد السيورى أحد علماء المامية‬
‫الثنا عشرية‪ ً،‬والمعروف بينهم بالعلم والفضل‪ ً،‬والتحقيقا والتدقيقا‪ ً،‬وله مؤلفات كثيرة‪ ً،‬منها‪ :‬تفسيره‬
‫هذا‪ ً،‬ومنها التنقيح الرائع فى شرح مختصر الشرائع‪ ً،‬وشرح مبادئ الصول ‪ ...‬وغير ذلك‪ ً،‬وكان فى‬
‫أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الهجرى‪* * .‬‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يتع ررضِ هذا التفسير ليات الحكام فقط‪ ً،‬وهو ل يتمشى مع القرآن سورة سورة على حسب ترتيب‬
‫ل‪ ً،‬بل طريقته‬ ‫صاص وابن العربى مث ل‬ ‫المصحف ذاكرا ما فى كل سورة من آيات الحكام كما فعل الج ر‬
‫فى تفسيره‪ :‬أنه يعقد فيه أبوابا كأبواب الفقه‪ ً،‬ويدرج فى كل باب منها اليات التى تدخل تحت موضوع‬
‫واحد‪ ً،‬فمث لل يقول‪ :‬باب الطهارة‪ ً،‬ثم يذكر ما ورد فى الطهارة من اليات القرآنية‪ ً،‬شارحا كل آية منها‬
‫على حدة مبينا ما فيها من الحكام على حسب ما يذهب إليه المامية الثنا عشرية فى فروعهم‪ ً،‬مع‬
‫تعرضه للمذاهب الخرى‪ ً،‬ورده على ممن يخالف ما يذهب إليه المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن طريقته التى يسلكها فى تدعيم مذهبه وترويجه‪ ً،‬وإبطال مذهب مخالفيه‪ ً،‬ل تخرج عن‬
‫أمرين اثنين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬الدليل العقلى‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬دعوى أن ما ذكره هو ما ذهب إليه أهل البيت‪.‬‬
‫أما الدليل العقلى‪ ً،‬فيندر أن يسلم له كمستند يستند إليه فى صحة ما يشذ به ‪ ..‬وأما دعوى أن ما ذكره‬
‫هو ما ذهب إليه أهل البيت‪ ً،‬فتلك دعوى كثيرا ما تكون كاذبة‪ ً،‬يلجأ إليها الشيعة عندما يعوزهم الدليل‪ً،‬‬
‫وتخونهم اليحرجة‪ ً،‬وإليك بعضِ ما جاء فى هذا التفسير لتقف على مقدار شذوذ صاحبه‪:‬‬
‫ضـى أمهو معلمـى مسمفهَر أمهو مجآمء أممحفد‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [43‬من سورة النساء‪} :‬موإرهن يكهنيتهم رمهر م‬ ‫فمث ل‬
‫صرعيدا مطييبا{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬مفمتميرميموها{ُ‪ :‬أيِ فتعمدوا‬ ‫يمهنيكهم يمن ٱهلمغآرئرط أمهو م‬
‫لممهسيتيم ٱلينمسآمء مفملهم مترجيدوها ممآلء مفمتميرميموها م‬
‫صرعيدا مزملقا{ُ ‪} -‬مطييبا{ُ‪ :‬أى طاهرا‪ً،‬‬ ‫صرعيدا مطييبا{ُ‪ :‬أى شيئا من وجه الرضِ ‪ -‬كقوله‪ } :‬م‬ ‫واقصدوا‪ } ً،‬م‬
‫ولذلك قال أصحابنا‪ :‬لو ضرب المتيمم يده على حجر صلب ومسح‪ :‬أجزأه‪ ً،‬وبه قالت الحنفية‪ .‬وقالت‬
‫الشافعية‪ :‬ل بد أن يعلقا باليد شىء‪ ً،‬لقوله‪} :‬مفٱِهممسيحوها ربيويجورهيكهم موأمهيردييكهم يمهنيه{ُ وفيه نظر‪ً،‬لجواز كون "من"‬
‫هنا ابتدائية‪ .‬والوجه‪ :‬المراد بعضه‪ ً،‬وهو الجبهة عند أكثر أصحابنا‪ ً،‬إما لكون الباء للتبعيضِ‪ ً،‬أو‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫للنصوص عن أهل البيت عليهم السلم‪ .‬فمسح الجبهة إلى طرف أنفه العلى‪ ً،‬وكذا المراد باليدين‪ :‬ظهر‬
‫اليد من الزند إلى أطراف الصابع"‪.‬‬
‫ويقول عندما تعررضِ لية التيمم فى سورة المائدة‪" :‬وتجب ضربة واحدة للوضوء واثنتان للغسل"‪ ً،‬ثم‬
‫يرد على الحنفية والشافعية القائلين بأن التيمم ضربتان‪ :‬واحدة للوجه وأخرى لليدين‪ ً،‬وأن المراد بالوجه‬
‫كله‪ ً،‬وباليدين إلى المرفين ‪ ..‬يرد عليهم فيقول‪" :‬وروايات أهل البيت تدفع ذلك"‪.‬‬
‫ل مترحسل لميه رمن مبهعيد محرتـى متهنركمح مزهوجا‬
‫وعندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [230‬من سورة البقرة‪} :‬مف م‬
‫مغهيمريه{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬مدلول الية أنه إذا طرلقها الزوج عقيب الطلقتين تنكح زوجا غير ذلك اليمطيلقا‪ ً،‬وهذا‬
‫الحكم عند أصحابنا مخصوص بما عدا طلقا الرعردة‪ ً،‬فإن ذلك يحرم فى التاسعة أبدا ‪ -‬وطلقا الرعردة هو‬
‫أن ييطيلقا المدخول بها على الشرائط ثم يراجعها فى الرعردة‪ ً،‬ثم ييطيلقها مرة ثانية ويفعل كما فعل أو ل‬
‫ل‪ ً،‬ثم‬
‫ييطيلقها ثالثة‪ ً،‬فإذا فعل ذلك ثلثة أدوار حرمت عليه عندهم أبدا"‪.‬‬
‫وهكذا يسير المؤلف بهذا الشذوذ فى كثير من الحكام‪ ً،‬وبهذا التعسف والتخبط فى فهم نصوص القرآن‪ً،‬‬
‫والذى يقرأ الكتاب يرى الكثير من ذلك‪ ً،‬ويعجب من محاولته الفاشلة فى استنباط ما يشذ به من اليات‬
‫التى تجبهه‪ ً،‬ول يمكن أن تتمشى مع مذهبه بحال من الحوال‪ .‬هذا‪ ..‬وإن الكتاب مطبوع على هامش‬
‫تفسير الحسن العسكرى‪ ً،‬وموجود بدار الكتب‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تفسير الفقهاء ( ضمن العنوان ) ‪-6‬‬
‫الثمرات اليانعة والحكام الواضحة القاطعة ليوسف الثلئى )الزيدى( (‬

‫* ترجمة المؤلف‪:‬‬
‫مؤلف هذا التفسير هو شمس الدين يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن عثمان الثلئى‪ ً،‬الزيدى‬
‫الفقيه‪ ً،‬أحد أصحاب المام المهدى‪ ً،‬وأحد أساطين العلم وجبال التحقيقا عند أصحابه‪ .‬ارتحل الناس إليه‬
‫من القطار إلى "ثل"‪ ً،‬وكان إذا قرأ امتل الجامع بالطلبة‪ ً،‬وباقيهم بكتبهم فى الطاقات من خارج‬
‫المسجد‪.‬‬
‫أخذ عن الفقيه حسن النحوى‪ ً،‬وله تصانيف‪ ً،‬منها‪ :‬الزهور والرياضِ‪ ً،‬و "الثمرات اليانعة"‪ ً،‬وهو أمجسل‬
‫مصنف عند الزيدية‪ ً،‬وهو ما نحن بصدده الن‪ ً،‬توفى رحمه ال بـ "ثل" فى شهرى جمادى الخرة‬
‫سنة ‪ 832‬هـ )اثنتين وثلثين وثمانمائة من الهجرة(‪.‬‬
‫**‬
‫* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه‪:‬‬
‫يقع هذا التفسير فى ثلثة أجزاء كبار‪ ً،‬ومنه نسخة خطية كاملة بدار الكتب المصرية‪ ً،‬ويوجد بالمكتبة‬
‫الزهرية الجزء الثانى فقط‪ ً،‬وهو مخطوط فى مجلد كبير‪ ً،‬يبدأ من قوله تعالى فى الية ]‪ [4‬من سورة‬
‫المائدة‪} :‬ميهسمأيلومنمك ممامذآ أيرحرل لميههم{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬وينتهى عند قوله تعالى فى الية ]‪ [36‬من سورة النور‪:‬‬
‫}رفي يبييوهَت مأرذمن ٱللريه مأن يتهرمفمع مويهذمكمر رفيمها ٱهسيميه{ُ‪.‬‬
‫قرأت فى هذا التفسير فوجدت المؤلف يقتصر على آيات الحكام‪ ً،‬متمشيا مع ترتيب المصحف فى‬
‫سورة وآياته‪ .‬يذكر الية أولل‪ ً،‬ثم يذكر ما ورد فى سبب نزولها إن كان لها سبب‪ ً،‬ثم يقول‪ :‬ولهذه الية‬
‫ثمرات هى أحكام شرعية‪ :‬الولى‪ :‬كذا‪ ً،‬والثانية‪ :‬كذا ‪ ...‬إلى أن ينتهى من كل ما يتعلقا بالية من‬
‫الحكام‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* اعتماد المؤلف على الروايات التى ل تصح‪:‬‬
‫وييل محظ على هذا التفسير أن مؤله ل يتحرى الصحة فيما ينقله من الحاديث‪ .‬وما يذكره من ذلك يمر‬
‫ل عندما‬ ‫عليه مرا سابريا بدون أن يعقب عليه بكلمة واحدة يتشعر بضعف الحديث أو وضعه‪ ً،‬فمث ل‬
‫تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [55‬من سورة المائدة‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ ‪ ..‬نراه يذكر الروايات الواردة فى سبب نزول هذه الية‪ً،‬‬ ‫صم‬‫يرقييمومن ٱل ر‬
‫ويذكر ضمن ما يذكر‪ :‬أنها نزلت فى علسى بن أبى طالب لرما تصردقا بخاتمه فى الصلة وهو راكع ‪..‬‬
‫وقد علمنا أن هذه رواية موضوعة ل أساس لها من الصحة‪ ً،‬ولكن المؤلف يذكرها‪ ً،‬ثم يأخذ فى تفريع‬
‫الحكام على هذه القصة المكذوبة‪ ً،‬كأنها عنده من الثابت الصحيح‪.‬‬
‫**‬
‫* تقديره لكشاف الزمخشرى‪:‬‬
‫كذلك ييل محظ على المؤلف فى تفسيره هذا أنه كثير النقل عن الكشاف للزمخشرى‪ ً،‬مما يدل على أنه‬
‫معجب به وبتفسيره إلى حد كبير‪ ً،‬ولعل ذلك ناشىء عما بين الرجلين من صلة التمذهب بمذهب‬
‫العتزال‪.‬‬
‫**‬
‫* مسلكه فى أحكام القرآن‪:‬‬
‫أما مسلك المؤلف فى أحكام القرآن‪ ً،‬فإنه يسرد أقوال المسملف والمخملف فى المسألة‪ ً،‬فيعرضِ لما ورد عن‬
‫الصحابة والتابعين‪ ً،‬ويعرضِ لمذهب الشافعية‪ ً،‬والحنفية‪ ً،‬والمالكية‪ ً،‬والظاهرية‪ ً،‬والمامية ‪ ....‬وغيرهم‬
‫من فقهاء المذاهب‪ ً،‬ذاكرا لكل مذهب دليله ومستنده فى الغالب‪ .‬كما يذكر بعناية خاصة مذهب الزيدية‬
‫واختلف علمائهم فى المسألة التى يعرضِ لها‪ ً،‬مع الفاضة فى بيان أدلتهم التى استندوا إليها‪ ً،‬والرد‬
‫على ممن يخالفهم فيما يذهبون إليه ‪ ..‬كل هذا بدون أن نلحظ على الرجل شيئا من القدح فى مخالفيه‪ً،‬‬
‫كما يفعل غيره ممن سبقا الكلم عنهم‪ .‬وإليك بعضِ ما جاء فى هذا التفسير لتقف على مقدار دفاع‬
‫المؤلف عن مذهبه‪ ً،‬وعمله على تأييده بالبراهين والدلة‪ ** :‬رأيه فى نكاح الكتابيات‪:‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة المائدة‪} :‬ٱهلميهوم أيرحرل لميكيم ٱلرطيمبايت{ُ ‪ ....‬إلى‬ ‫فمث ل‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم إرمذآ آمتهييتيمويهرن‬‫صمنايت رممن ٱهليمهؤرممنارت موٱهليمهح م‬
‫قوله‪} :‬موٱهليمهح م‬
‫أييجومريه رن{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نراه يعرضِ لقوال العلماء فى حكم نكاح الكتاببيات فيقول‪" :‬ظاهر الية جواز‬
‫نكاح الكتابية‪ ً،‬وهذا مذهب أكثر الفقهاء والمفيسرين‪ ً،‬ورواية عن زيد بن علسى‪ ً،‬والصادقا‪ ً،‬والباقر‪ً،‬‬
‫واختاره المام يحيى بن حمزة وقال‪ :‬إنه إجماع الصدر الول من الصحابة‪ ً،‬وإن عثمان قد نكح نائلة‬
‫بنت الفرافصة وهى نصرانية‪ ً،‬فلما توفى عثمان خطبها معاوية‪ ً،‬فقالت‪ :‬وما يعجبك منى؟ قال‪ :‬ثنياتك‪ً،‬‬
‫فقلعتهما وأمرت بهما إليه‪ ً،‬ونكح طلحة نصرانية‪ ً،‬ونكح حذيفة يهودية‪ .‬وقال القاسم‪ ً،‬والهادى‪ ً،‬والناصر‪ً،‬‬
‫ومحمد بن عبد ال‪ ً،‬وعامة القاسمية‪ ً،‬وهو مروى عن ابن عمر‪ :‬إنه ل يجوز لمسلم نكاح كافرة‪ ً،‬كتابية‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت محرتـى يهؤرمرن{ُ ‪ ..‬قالوا‬ ‫كانت أو غيرها‪ ً،‬واحتجوا بقوله تعالى فى سورة البقرة‪} :‬مو م‬
‫هذا فى المشركات ل فى الكتابيات‪ .‬قلنا‪ :‬اسم المشرك ينطلقا على أهل الكتاب‪ ً،‬بدليل قوله تعالى ‪ -‬بعد‬
‫ذكر اليهود والنصارى فى قوله‪} :‬ٱرتمخيذيوها أمهحمبامريههم مويرههمبامنيههم أمهرمبابا يمن يدورن ٱلرلره{ُ ‪ ....‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫}يسهبمحامنيه معرما يهشرريكومن{ُ‪ .‬وعن ابن عمر‪ :‬ل أعلم شركا أعظم من قول النصارى إن ربها عيسى‪ .‬وعن‬
‫عطاء‪ :‬قد كرثر ال المسلمات‪ ً،‬وإنما يريخص لهم يومئذ‪ .‬قالوا‪ :‬إنه تعالى عطف أحدهما على الخر فدل‬
‫أنهما غيران حيث قال تعالى‪} :‬لمهم مييكرن ٱرلرذيمن مكمفيروها رمهن أمههرل ٱهلركمتارب موٱهليمهشررركيمن{ُ‪ ..‬قلنا‪ :‬هذا كقوله‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صمنايت رممن‬ ‫لهقمرربيمن{ُ‪ ..‬قالوا‪ :‬الية يمصيرحة بالجواز فى قوله تعالى‪} :‬موٱهليمهح م‬ ‫صريية رلهلموارلمدهيرن موٱ م‬
‫تعالى‪} :‬ٱهلمو ر‬
‫صرم ٱهلمكموارفرر{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى‬ ‫ل يتهمرسيكوها ربرع م‬‫ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب{ُ ‪ ..‬قلنا‪ :‬قوله تعالى فى سورة الممتحنة‪} :‬مو م‬
‫فى سورة النور‪} :‬ٱهلمخربيمثايت رلهلمخربيرثيمن موٱهلمخربييثومن رلهلمخربيمثارت موٱلرطيمبايت رللرطيربيمن موٱلرطييبومن رلهلرطيمبارت{ُ‪ ً،‬وقوله‬
‫صمنارت ٱهليمهؤرممنارت مفرمهن رما ممملمكهت‬ ‫ل مأن مينركمح ٱهليمهح م‬‫تعالى فى سورة النساء‪} :‬موممن لرهم ميهسمترطهع رمنيكهم مطهو ل‬
‫أمهيمماين يكم{ُ‪ ..‬فشرط اليمان فى هذا يقتضى التحريم‪ ً،‬فتتأول هذه الية بأنه أراد المحصنات من أهل الكتاب‬
‫الذين قد أسلموا‪ ً،‬لنهم كانوا يتكرهون ذلك‪ ً،‬فسماهم باسم ما كانوا عليه‪ .‬وقد ورد مثل هذا فى كتاب ال‬
‫لمورتره أيهوملــرئمك يهؤرمينومن ربره{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى }ٱرلرذيمن‬ ‫تعالى‪ ً،‬قال ال تعالى‪} :‬ٱرلرذيمن آمتهيمنايهيم ٱهلركمتامب ميهتيلومنيه محرقا رت م‬
‫آمتهيمنايهيم ٱهلركمتامب ميهعرريفومنيه مكمما ميهعرريفومن أمهبمنامءيههم{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬موإررن رمهن أمههرل ٱهلركمتارب لمممن يهؤرمين ربٱِلرلره{ُ ‪-‬‬
‫قالوا‪ :‬سبب النزول وفعل الصحابة يدل على الجواز‪ ً،‬وإرنا نجمع بين اليات الكريمة فنقول‪ :‬قوله تعالى‪:‬‬
‫صمنايت رممن ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب رمن مقهبرليكهم{ُ ‪ ..‬أو‬ ‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ عام ونخصه بقوله تعالى‪} :‬موٱهليمهح م‬ ‫}مو م‬
‫نقول‪ :‬أراد بالمشركات الوثنيات‪ ً،‬وبالمحصنات من الذين يأوتوا الكتاب ما أفاده الظاهر‪ .‬أو يكون قوله‬
‫ل متهنركيحوها ٱهليمهشررمكارت{ُ‪ ..‬قلنا‪ :‬نقل ما ذكرتم بما‬ ‫صمنايت{ُ ناسخا لتحريم الكتابيات بقوله‪} :‬مو م‬ ‫تعالى‪} :‬موٱهليمهح م‬
‫روى أن كعب بن مالك أراد أن يتزوج بيهودية أو نصرانية فسأل النبى صلى ال عليه وآله عن ذلك‬
‫صمنايت رممن‬ ‫نتتأول قوله تعالى‪} :‬وٱهليمهح م‬ ‫فقال‪" :‬إنها ل تحصن ماءك"‪ .‬وييروى أنه نهاه عن ذلك‪ .‬وبأرنا ر‬
‫ٱرلرذيمن يأويتوها ٱهلركمتامب{ُ‪ ً،‬فنجمع ونقول‪ :‬وتخصيص المشركات بالمحصنات من الذن يأوتوا الكتاب متراخ‪ً،‬‬
‫والبيان ل يجوز أن يتراخى ‪ ..‬قالوا‪ :‬روى جابر بن عبد ال عن النبى عليه السلم أنه قال‪" :‬أيرحرل لنا‬
‫ذبائح أهل الكتاب وأيرحرل لنا نساؤهم‪ ً،‬ويحيرم عليهم أن يتزوجوا نساءنا"‪ ً،‬قال فى الشفاء‪ :‬قال علماؤنا‪ :‬هذا‬
‫حديث ضعيف النقل‪ .‬قالوا‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم وآله فى المجوس‪" :‬يسسنوا بهم يسرنة أهل‬
‫الكتاب" ‪ ....‬الخبر‪ ً،‬فأفاد جواز ذبائحهم‪ ً،‬ونكاح نسائهم‪ ً،‬فنقول‪ :‬كافرة فاشبهت الحربية‪ ً،‬أو لرما حرمت‬
‫الموارثة حرمت المناكحة‪ ً،‬أو لما حررم نكاح الكافر للمسلمة حررم العكس‪ .‬قالوا‪ :‬ل حكم للعتبار مع‬
‫الدلة"‪.‬‬
‫**‬
‫** رأيه فى المسح على اليخرفين‪:‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها إرمذا يقهميتهم إرملى‬ ‫ومث ل‬
‫صلرة{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نراه يعرضِ لمسألة المسح على اليخرفين فيقول‪" :‬إن المسح على اليخرفين والجوربين‬ ‫ٱل ر‬
‫ل يجوز‪ ً،‬وهو مروى عن علسى عليه السلم‪ ً،‬وابن عباس‪ ً،‬وعرمار بن ياسر‪ ً،‬وأبى هريرة‪ ً،‬وعائشة‪.‬‬
‫وقال عامة الفقهاء‪ :‬إنه يجوز المسح عليهما‪ .‬حجتنا هذه الية‪ ً،‬وهى قوله تعالى‪} :‬موأمهريجمليكهم{ُ فأمرت‬
‫بتطهير الرجلين‪ ً،‬والماسح على اليخرفين ل يكون يمطيهرا لهما‪ ً،‬وكذلك الخبار التى دلت على الغسل‬
‫للقدمين‪ .‬فأما ما يررومى أنه صلى ال عليه وآله مسح على الخفين وأمر به‪ ً،‬فهذه الخبار كانت بمكة وبعد‬
‫هجرته صلى ال عليه وآله‪ ً،‬ثم نزلت سورة المائدة بعد ذلك فكانت ناسخة‪ ً،‬ويدل على هذا ما رواه زيد‬
‫بن علسى عن آبائه عليهم السلم عن علسى عليه السلم قال‪ :‬لما كان فى ولية عمر جاء بعد بن أبى‬
‫وقاص فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين؛ً ما لقييت من عرمار‪ ً،‬قال‪ :‬وما ذاك؟ قال‪ :‬خرجيت وأنا أريدك ومعى‬
‫الناس‪ ً،‬فأمريت مناديا فنادى بالصلة‪ ً،‬ثم دعويت بطهور فترطهرت ومسحت على يخيفى‪ ً،‬وتقردمت يأصلى‪ً،‬‬
‫فاعتزلنى ع رمار‪ ً،‬فل هو اقتدى بى ول هو تركنى‪ ً،‬فجعل ينادى من خلفى‪ :‬ياسعد؛ً أصلة من غير‬
‫وضوء؟ فقال عمر‪ :‬يا ع رم ار؛ً أخرج مما جئت به‪ ً،‬فقال‪ :‬نعم ‪ ..‬كان المسح قبل المائدة‪ ً،‬قال عمر‪ :‬يا أبا‬
‫الحسن؛ً ما تقول؟ قال‪ :‬أقول إن المسح كان من رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فى بيت عائشة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والمائدة نزلت فى بيتها‪ ً،‬فأرسل عمر إلى عائشة فقالت‪ :‬كان المسح قبل المائدة‪ ً،‬فقل لعمر‪ :‬وال لن‬
‫ييقطع قدماى بعقبهما أحسب إلسى من أن أمسح عليهما‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬ل تأخذ بقول امرأة‪ ً،‬ثم قال‪ :‬أنشد ال‬
‫ل كلهم رأى رسول ال صلى ال عليه‬ ‫امرءا شهد المسح من رسول ال لما قام‪ ً،‬فقام ثمانية عشر رج ل‬
‫وآله يمسح وعليه يجربة شامية ضيقة الكمين‪ ً،‬فأخرج يده من تحتها ثم مسح على يخرفيه‪ ً،‬فقال عمر‪ :‬ما‬
‫تقول يا أبا الحسن؟ فقال‪ :‬سلهم؛ً أقبل المائدة أم بعدها؟ فسألهم‪ ً،‬فقالوا‪ :‬ما ندرى‪ ً،‬فقال علسى عليه السلم‪:‬‬
‫ل‪ ً،‬فتفررقا القوم وهؤلء‬‫أنشد ال امرءا مسلما علم أن المسح قبل المائدة لما قام‪ ً،‬فقام اثنان وعشرون رج ل‬
‫يقولون‪ :‬ل نترك ما رأينا‪.‬‬
‫وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس‪ :‬وال ما مسح رسول ال بعد المائدة‪ ً،‬ولن أمسح على ظهر عير‬
‫إلى من أن أمسح على الخرفين‪ .‬وعن علسى عليه السلم‪ ً،‬سبقا الكتاب اليخرفين ‪ -‬قيل معناه‪:‬‬ ‫بالفلة أحسب س‬
‫ي‬
‫قطع ‪ -‬وعن أبى هريرة‪ :‬ما أبالى على يخرفى مسحيت أو على ظهر حمار‪ .‬فثبت للنسخْ بما ذكر‪ .‬وأما‬
‫قول جرير‪ :‬رأيت رسول ال يمسح‪ ً،‬وكان إسلمه بعد المائدة فروايته ل يتقبل مع إنكار أمير المؤمنين‪ً،‬‬
‫لنه لحقا بمعاوية فكان ذلك قدحا‪ .‬هذا كلم أهل المذهب والمسألة إجماعية من أهل البيت عليهم‬
‫السلم"‪.‬‬
‫وهكذا نجد المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يناقش مخالفيه من أصحاب المذاهب الخرى مناقشة حادة‪ ً،‬وإن درلت‬
‫على شىء فهو قوة ذهن الرجل‪ ً،‬وسعة اطلعه‪ .‬هذا ‪ ..‬ول يكاد القارئ لهذا التفسير يجد فيه خلفا‬
‫كثيرما للمذاهب الفقهية الخرى‪ ً،‬كما هو الشأن فى كتب التفسير الفقهى للمامية الثنا عشرية‪ ً،‬وهذا‬
‫راجع إلى تقارب وجهات النظر بين الزيدية وأهل السسرنة فى أصول الفقه وفروعه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) معنى التفسير العلمى (‬

‫نريد بالتفسير العلمى‪ :‬التفسير الذى يمحيكم الصطلحات العلمية فى عبارات القرآن‪ ً،‬ويجتهد فى‬
‫استخراج مختلف العلوم والراء الفلسفية منها‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) التوسع فى هذا النوع من التفسير وكثرة القائلين به (‬

‫وقد وقع هذا النوع من التفسير‪ ً،‬واتسع القول فى احتواء القرآن كل العلوم ما كان منها وما يكون‪ً،‬‬
‫فالقرآن فى نظر أصحاب هذه الطريقة يشمل ‪ -‬إلى جانب العلوم الدينية العتقادية والعملية ‪ -‬سائر‬
‫علوم الدنيا على اختلف أنواعها‪ ً،‬وتعدد ألوانها‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) المام الغزالى والتفسير العلمى (‬

‫ويظهر لنا ‪ -‬على حسب ما قرأنا ‪ -‬أن المام الغزالى كان ‪ -‬إلى عهده ‪ -‬أكثر من استوفى بيان هذا‬
‫القول فى تفسير القرآن‪ ً،‬وأهم ممن أيده وعمل على ترويجه فى الوساط العلمية السلمية‪ ً،‬على رغم ما‬
‫قرر فيها من قواعد فهم عبارات القرآن‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وبين أيدينا كتاب "الحياء" للغزالى نتصفحه فنجده يعقد الباب الرابع من أبواب آداب تلوة القرآن‪ ً،‬فى‬
‫فهم القرآن وتفسيره بالرأى من غير نقل‪ .‬وفيه ينقل عن بعضِ العلماء "أن القرآن يحوى سبعة وسبعين‬
‫ألف علم ومائتى علم‪ ً،‬إذ كل كلمة علم‪ ً،‬ثم يتضاعف ذلك أربعة أضعاف‪ ً،‬إذ لكل كلمة ظاهر وباطن‪ً،‬‬
‫وحد ومطلع"‪ ً،‬ثم يروى عن ابن مسعود رضى ال عنه أنه قال‪" :‬ممن أراد علم الرولين والخرين فليتدبر‬
‫القرآن"‪ ً،‬ثم يقول بعد ذلك كله‪" :‬وبالجملة فالعلوم كلها داخلة فى أفعال ال معرز ومجرل وصفاته‪ ً،‬وفى‬
‫القرآن شرح ذاته وأفعاله وصفاته‪ ً،‬وهذه العلوم ل نهاية لها‪ ً،‬وفى القرآن إشارة إلى مجامعها"‪ ً،‬ثم يزيد‬
‫على ذلك فيقول‪" :‬بل كل ما أشكل فهمه على الينرظار‪ ً،‬واختلف فيه الخلئقا فى النظريات‪ ً،‬والمعقولت‪ً،‬‬
‫فى القرآن إليه رمز ودللت عليه‪ ً،‬يختص أهل الفهم بدركها"‪.‬‬
‫ثم إننا نتصفح كتابه "جواهر القرآن" الذى أرلفه بعد الحياء كما يظهر لنا من مقدمته‪ ً،‬فنجده يزيد هذا‬
‫ل‪ ً،‬فيعقد الفصل الرابع منه لكيفية انشعاب العلوم الدينية كلها وما‬ ‫الذى قرره فى الحياء بياا وتفصي ل‬
‫يتصل بها من القرآن عن تقسيمات وتفصيلت تولها ل نطيل بذكرها‪ ً،‬ويكفى أن نقول‪ :‬إنه قسم علوم‬
‫القرآن إلى قسمين‪:‬‬
‫الول‪ :‬علم الصدف والقشر‪ ً،‬وجعل من مشتملته‪ :‬علم السلغة‪ .‬وعلم النحو‪ :‬وعلم القراءات‪ ً،‬وعلم‬
‫مخارج الحروف‪ .‬وعلم التفسير الظاهر‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬علم السلباب‪ .‬وجعل من مشتملته‪ :‬علم قصص الرولين‪ ً،‬وعلم الكلم‪ ً،‬وعلم الفقه‪ ً،‬وعلم يأصول‬
‫الفقه‪ ً،‬والعلم بال واليوم الخر‪ ً،‬والعلم بالصراط المستقيم‪ ً،‬وطريقا السلوك‪.‬‬
‫ثم يعقد الفصل الخامس منه لكيفية انشعاب سائر العلوم من القرآن‪ ً،‬فيذكر علم الطب والنجوم‪ ً،‬وهيئة‬
‫العاملم‪ ً،‬وهيئة بدون الحيوان‪ ً،‬وتشريح أعضائه‪ ً،‬وعلم السحر‪ ً،‬وعلم الطلسمات ‪ ...‬وغير ذلك‪ ً،‬ثم يقول‪:‬‬
‫"ووراء ما عددته علوم يأخرى‪ ً،‬ييعلم تراجمها ول يخلو العاملم عمن يعرفها‪ ً،‬ول حاجة إلى ذكرها بل‬
‫أقول‪ :‬ظهر لنا بالبصيرة الواضحة التى ل ييتمارى فيها أن فى المكان والقوة أصنافا من العلوم بعد لم‬
‫تخرج من الوجود‪ ً،‬وإن كان فى قوة الدمى الوصول إليها‪ ً،‬وعلوم كانت قد خرجت من الوجود‬
‫واندرست الن‪ ً،‬فلن يوجد فى هذه العصار على بسيط الرضِ ممن يعرفها‪ ً،‬وعلوم يأخر ليس فى قوة‬
‫ل إدراكها والحاطة بها‪ ً،‬ويحظى بها بعضِ الملئكة المقرربين‪ ً،‬فإن المكان فى حقا الدمى‬ ‫البشر أص ل‬
‫محدود‪ ً،‬والمكان فى حقا الممملك محدود إلى غاية من النقصان‪ ً،‬وإنما ال سبحانه هو الذ ل يتناهى العلم‬
‫فى حقه"‪.‬‬
‫ثم يقول بعد ذلك‪" :‬ثم هذه العلوم ما عددنا وما لم نعددها‪ ً،‬ليست أوائلها خارجة من القرآن‪ ً،‬فإن جميعها‬
‫مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة ال تعالى‪ ً،‬وهو بحر الفعال‪ ً،‬وقد ذكرنا أنه بحر ل ساحل له‪ً،‬‬
‫ل‬‫وأن البحر لو كان رممدادا لكلماته لمنرفمد البحر قبل أن تنفد‪ ً،‬فمن أفعال ال تعالى وهو بحر الفعال ‪ -‬مث ل‬
‫ضيت مفيهمو ميهشرفيرن{ُ‪ ً،‬وهذا الفعل الواحد‬ ‫‪ -‬الشفاء والمرضِ كما قال ال تعالى حكاية عن إبراهيم‪} :‬موإرمذا ممرر ه‬
‫ل يعرفه إل ممن عرف الطب بكماله‪ ً،‬إذ ل معنى للطب إل معرفة المرضِ بكماله وعلماته‪ ً،‬ومعرفة‬
‫الشفاء وأسبابه‪ ً،‬ومن أفعاله تقدير معرفة الشمس والقمر ومنازلهما يبحهسبان‪ ً،‬وقد قال ال تعالى‪} :‬ٱلرشهميس‬
‫موٱهلمقممير ربيحهسمباهَن{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬مومقردمريه مممنارزمل رلمتهعلميموها معمدمد ٱليسرنيمن موٱهلرحمسامب{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬مومخمسمف ٱهلمقممير * مويجرممع‬
‫ٱلرشهميس موٱهلمقممير{ُ‪ ً،‬وقال‪} :‬ييورليج ٱهللرهيمل رفي ٱلرنمهارر موييورليج ٱلرنمهامر رفي ٱهللرهيرل{ُ وقال‪} :‬موٱلرشهميس متهجرريِ رليمهسمتمقرر‬
‫لرمهـا مذرلمك متهقرديير ٱهلمعرزيرز ٱهلمعرليرم{ُ ‪ ..‬ول يعرف حقيقة سير الشمس والقمر بحسبان وخسوفهما‪ ً،‬وولوج‬
‫الليل فى النهار‪ ً،‬وكيفية تكور أحدهما على الخر إل من عرف هيئات تركيب السموات والرضِ‪ ً،‬وهو‬
‫لنمساين مما مغررمك ربمريبمك ٱهلمكرريرم * ٱرلرذيِ مخلممقمك مفمسروامك‬ ‫م‬
‫علم برأسه‪ ً،‬ول يعرف كمال معنى قوله‪} :‬ـيأسيمها ٱ ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صومرهَة رما مشآمء مرركمبمك{ُ إل ممن عرف تشريح العضاء من النسان ظاهرا وباطنا‪ً،‬‬ ‫مفمعمدملمك * رفيي أميى ي‬
‫وعددها وأنواعها‪ ً،‬وحكمتها ومنافعها‪ ً،‬وقد أشار فى القرآن مجامع علم الرولين والخرين‪ .‬وكذلك ل‬
‫يعرف معنى قوله‪} :‬مسروهييتيه مومنمفهخيت رفيره رمن سرورحي{ُ ما لم يعلم التسوية‪ ً،‬والنفخْ‪ ً،‬والروح‪ ً،‬ووراءها علوم‬
‫صل ما‬ ‫غامضة يغفل عن طلبها أكثر الخلقا‪ ً،‬وربما ل يفهمونها إن سمعوها من العارلم بها‪ ً،‬ولو ذهبت أيمف ي‬
‫تدل عليه آيات القرآن من تفاصيل الفعال لطال‪ ً،‬ول يمكن الشارة إل إلى مجامعها ‪ ..‬فتفكر فى‬
‫القرآن‪ ً،‬والتمس غرائبه لتصادف فيه مجامع علم الرولين والخرين"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) الجلل السيوطى والتفسير العلمى (‬

‫كذلك نجد العلمة جلل الدين السيوطى ينحو منحى الغزالى فى القول بالتفسير العلمى‪ ً،‬ويقرر ذلك‬
‫بوضوح وتوسع فى كتابه "التقان" فى النوع الخامس والستين منه‪ ً،‬كما يقرر ذلك أيضا بمثل هذا‬
‫الوضوح والتوسع فى كتابه "الكليل فى استنباط التنزيل" ونجده يسوقا من اليات والحاديث والثار ما‬
‫يستدل به على أن القرآن مشتمل على كل العلوم‪.‬‬
‫فمن اليات‪ :‬قوله تعالى فى الية ]‪ [38‬من سورة النعام‪} :‬رما مفررهطمنا رفي ٱلركمتارب رمن مشهيهَء{ُ‪ ً،‬وقوله فى‬
‫الية ]‪ [89‬من سورة النحل‪} :‬مومنرزهلمنا معملهيمك ٱهلركمتامب رتهبميانا لييكيل مشهيهَء{ُ‪.‬‬
‫ومن الحاديث‪ :‬ما أخرجه الترمذى وغيره‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ستكون فتن"‪ ً،‬قيل‪:‬‬
‫وما المخرج منها؟ قال‪" :‬كتاب ال ‪ ..‬فيه نبأ ما قبلكم‪ ً،‬وخبر ما يعدكم‪ ً،‬وحكم ما بينكم"‪.‬‬
‫وما أخرجه أبو الشيخْ عن أبى هريرة أنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن ال لو أغفل‬
‫شيئا لغفل السذررة والخردلة والبعوضة"‪.‬‬
‫ومن الثار‪ :‬ما أخرجه سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه قال‪" :‬ممن أراد العلم فعليه بالقرآن‪ ً،‬فإن فيه‬
‫خبر الرولين والخرين"‪.‬‬
‫وما أخرجه ابن أبى حاتم عن ابن مسعود رضى ال عنه أنه قال‪" :‬أمهنزمل فى القرآن كل علم‪ ً،‬ومبريمن لنا‬
‫فيه كل شىء‪ ً،‬لكن علمنا يقصر عما مبريمن لنا فى القرآن"‪.‬‬
‫ثم نجده بعد أن يسوقا هذه الدلة وغيرها يذكر لنا عن بعضِ العلماء أنه استنبط أن عمر النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم ثلث وستون سنة من قوله تعالى فى الية ]‪ [11‬من سورة المنافقون‪} :‬موملن ييمؤيخمر ٱللريه منهفسا‬
‫إرمذا مجآمء أممجليمهآ{ُ‪ ً،‬فإنها رأس ثلث وستين سورة‪ ً،‬وعرقبها بـ "التغابن" لييظهر التغابن فى فقده"‪.‬‬
‫* *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان )‬
‫أبو الفضل المرسى والتفسير العلمى (‬

‫ثم ذكرعن أبى الفضل المرسى أنه قال فى تفسيره‪" :‬جمع القرآن علوم الرولين والخرين‪ ً،‬بحيث لم يحط‬
‫بها علما حقيقة إل المتكلم به‪ ً،‬ثم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬خل ما استأثر به سبحانه وتعالى‪ ً،‬ثم‬
‫ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلمهم‪ ً،‬مثل الخلفاء الربعة‪ ً،‬وابن مسعود‪ ً،‬وابن عباس حتى‬
‫قال‪ :‬لو ضاع لى عقال بعير لوجدته فى كتاب ال تعالى‪ ً،‬ثم ورث عنهم التابعون بإحسان‪ ً،‬ثم تقاصرت‬
‫الهمم‪ ً،‬وفترت العزائم‪ ً،‬وتضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه‬
‫وسائر فنونه‪ ً،‬فنروعوا علومه‪ ً،‬وقامت كل طائفة بفن من فنونه‪ ً،‬فاعتنى قوم بضبط لغاته‪ ً،‬وتحرير‬
‫كلماته‪ ً،‬ومعرفة مخارج حروفه‪ ً،‬وعددها‪ ً،‬وعدد كلماته‪ ً،‬وآياته‪ ً،‬وسوره‪ ً،‬وأحزابه‪ ً،‬وأنصافه‪ ً،‬وأرباعه‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وعدد سجداته‪ ً،‬والتعليم عند كل عشر آيات ‪ ...‬إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة‪ ً،‬واليات‬
‫المتماثلة‪ ً،‬من غير تعرضِ لمعانيه‪ ً،‬ول تدبر لما يأودع فيه‪ ً،‬فيسسموا اليقرراء‪.‬‬
‫واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبنى من السماء والفعال‪ ً،‬والحروف العاملة‪ ً،‬وغيرها‪ ً،‬وأوسعوا الكلم‬
‫فى السماء وتوابعها‪ ً،‬وضروب الفعال‪ .‬واللزم‪ ً،‬والمتعدى‪ ً،‬ورسوم خط الكلمات‪ ً،‬وجميع ما يتعلقا‬
‫به‪ ً،‬حتى إن بعضهم أعرب مشكله‪ ً،‬وبعضهم أعربه كلمة كلمة‪.‬‬
‫واعتنى المف يسرون بألفاظه‪ ً،‬فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد‪ ً،‬ولفظا يدل على معنيين‪ ً،‬ولفظا يدل‬
‫على أكثر‪ ً،‬فأجروا الول على حكمه‪ ً،‬وأوضحوا معنى الخفى منه‪ ً،‬وخاضوا فى ترجيح أحد محتملت‬
‫ذى المعنيين والمعانى‪ ً،‬وأعمل كل منهم فكره‪ ً،‬وقال بما اقتضاه نظره‪.‬‬
‫لصوليون بما فيه من الدلة القطعية‪ ً،‬والشواهد الصلية والنظرية‪ ً،‬مثل قوله تعالى‪} :‬لمهو مكامن‬ ‫واعتنى ا ي‬
‫ل ٱللريه لممفمسمدمتا{ُ ‪ ...‬إلى غير ذلك من اليات الكثيرة‪ ً،‬فاستنبطوا منها أدلة على وحدانية ال‪ً،‬‬‫رفيرهممآ آرلمهفة إر ر‬
‫ووجوده‪ ً،‬وبقائه‪ ً،‬ورقمدمه‪ ً،‬ويقدرته‪ ً،‬وعلمه‪ ً،‬وتنزيهه عما ل يليقا به‪ ً،‬وسموا هذا العلم بيأصول الدين‪.‬‬
‫وتأملت طائفة منهم معانى خطابه‪ ً،‬فرأت منها ما يقتضى العموم‪ ً،‬ومنها ما يقتضى الخصوص‪ ً،‬إلى غير‬
‫ذلك‪ ً،‬فاستنبطوا منه أحكام السلغة من الحقيقة والمجاز‪ ً،‬وتكلموا فى التخصيص‪ ً،‬والضمار‪ ً،‬والنص‪ً،‬‬
‫والظاهر‪ ً،‬واليمجممل‪ ً،‬واليمهحمكم‪ ً،‬والمتشابه‪ ً،‬والمر‪ ً،‬والنهى‪ ً،‬والنسخْ‪ ...‬إلى غير ذلك من أنواع القيسة‪ً،‬‬
‫واستصحاب الحال‪ ً،‬والستقراء‪ ً،‬وسموا هذا الفن أصول الفقه‪.‬‬
‫وأحكمت طائفة صحيح النظر‪ ً،‬وصادقا الفكر فيما فيه من الحلل والحرام‪ ً،‬وسائر الحكام‪ ً،‬فأسسوا‬
‫يأصوله‪ ً،‬وف ررعوا فروعه‪ ً،‬وبسطوا القول فى ذلك بسطا حسنا‪ ً،‬وسموه بعلم الفروع‪ ً،‬وبالفقه أيضا‪.‬‬
‫لمم الخالية‪ ً،‬ونقلوا أخبارهم‪ ً،‬ودرونوا آثارهم‬ ‫وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة‪ ً،‬وا ي‬
‫ووقائعهم‪ ً،‬حتى ذكروا بدء الدنيا‪ ً،‬وأول الشياء‪ ً،‬وسموا ذلك بالتاريخْ‪.‬‬
‫وتنربه آخرون لما فيه من الرحمكم‪ ً،‬والمثال‪ ً،‬والمواعظ التى تقلقل قلوب الرجال‪ ً،‬وتكاد تدكدك الجبال‪ً،‬‬
‫فاستنبطوا مما فيه من الوعد‪ ً،‬والوعيد‪ ً،‬والتحذير‪ ً،‬والتبشير‪ ً،‬وذكر الموت‪ ً،‬والمعاد‪ ً،‬والنشر‪ ً،‬والحشر‪ً،‬‬
‫ل من المواعظ‪ ً،‬ويأصولل من الزواجر‪ ً،‬فيسسموا بذلك الخطباء‬ ‫والحساب‪ ً،‬والعقاب‪ ً،‬والجرنة‪ ً،‬والنار‪ ً،‬فصو ل‬
‫واليورعاظ‪.‬‬
‫واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير‪ ً،‬مثل ما ورد فى قصة يوسف فى البقرات السمان‪ ً،‬وفى منامى‬
‫صاحبى السجن‪ ً،‬وفى رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة‪ ً،‬ومسسموه تعبير الرؤيا‪ ً،‬واستنبطوا تأويل كل‬
‫رؤيا من الكتاب‪ ً،‬فإن معرز عليهم إخراجها منه فمن السسرنة التى هى شارحة للكتاب‪ ً،‬فإن معرز فمن الرحمكم‬
‫والمثال‪ ً،‬ثم نظروا إلى اصطلح العوام فى مخاطباتهم ويعرف عاداتهم‪ ً،‬الذى أشار إليه القرآن بقوله‪:‬‬
‫}موهأيمهر ربٱِهلممهعيرورف{ُ‪..‬‬
‫وأخذ قوم مما فى آيات المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك‪ ً،‬علم الفرائضِ‪ ً،‬واستنبطوا منها‬
‫صف‪ ً،‬والسثيلث‪ ً،‬والسريبع‪ ً،‬والسسيدس‪ ً،‬والسثيمن‪ ً،‬حساب الفرائضِ‪ ً،‬ومسائل العدل‪ ً،‬واستخرجوا منه‬ ‫من ذكر الرن ه‬
‫أحكام الوصايا‪.‬‬
‫ونظر قوم إلى ما فيه من اليات الدالت على الرحمكم الباهرة‪ ً،‬فى الليل‪ ً،‬والنهار‪ ً،‬والشمس‪ ً،‬والقمر‪ً،‬‬
‫ومنازله‪ ً،‬والبروج‪ ً،‬وغير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت‪.‬‬
‫ونظر اليكرتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة الرلفظ‪ ً،‬وبديع النظم‪ ً،‬ويحسن السياقا‪ ً،‬والمبادىء‪ ً،‬والمقاطع‪ً،‬‬
‫والمخالص‪ ً،‬والتلوين فى الخطاب‪ ً،‬والطناب‪ ً،‬واليجاز‪ ً،‬وغير ذلك واستنبطوا منه المعانى‪ ً،‬والبيان‪ً،‬‬
‫والبديع‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ونظر فيه أرباب الشارات‪ ً،‬وأصحاب الحقيقة‪ ً،‬فلح لهم من ألفاظه معان ودقائقا‪ ً،‬جعلوا لها أعلما‬
‫لنس‪ ً،‬والوحشة‪ ً،‬والقبضِ‪ً،‬‬ ‫اصطلحوا عليها‪ ً،‬مثل‪ :‬الفناء‪ ً،‬والبقاء‪ ً،‬والحضور‪ .‬والخوف‪ ً،‬والهيبة‪ ً،‬وا ي‬
‫والبسط‪ ً،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫هذه الفنون أخذتها الرمرلة السلمية منه‪ ً،‬وقد أحتوى على علوم أيمخر من علوم الوائل مثل‪ :‬السطب‪ً،‬‬
‫والجدل‪ ً،‬والهيئة‪ ً،‬والهندسة‪ ً،‬والجبر‪ ً،‬والمقابلة‪ ً،‬والنجامة‪ ً،‬وغير ذلك من العلوم‪.‬‬
‫أما الطب‪ :‬فمداره على نظام الصحة واستحكام القوة‪ ً،‬وذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات‬
‫المتضادة‪ ً،‬وقد جمع ذلك فى آية واحدة وهى قوله تعالى‪} :‬مومكامن مبهيمن مذرلمك مقمواما{ُ‪ ً،‬وعرفنا فيه بما يفيد‬
‫نظام الصحة بعد اختلله‪ ً،‬وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلله فى قوله تعالى‪} :‬مشمرافب سمهخمترلفف أمهلمواينيه رفيره‬
‫رشمفآفء رللرنارس{ُ‪ ..‬ثم زاد على طب الجسام بطب القلوب‪ ً،‬وشفاء الصدور‪.‬‬
‫وأما الهيئة‪ :‬ففى تضاعيف سوره من اليات التى ذكر فيها ملكوت السموات والرضِ‪ ً،‬وما بث فى‬
‫العالم العلوى والسفلى من المخلوقات‪.‬‬
‫ل يهغرني رممن ٱللرمهرب{ُ ‪..‬‬ ‫ل مظرليهَل مو م‬‫لرث يشمعهَب * ر‬ ‫وأما الهندسة‪ :‬ففى قوله تعالى‪} :‬ٱنمطرليقيوها إرلمـى رظرل رذيِ مث م‬
‫فإن فيه قاعدة هندسية‪ ً،‬وهو أن الشكل المثلث ل ظل له‪.‬‬
‫وأما الجدل‪ :‬فقد حوت آياته من البراهين‪ ً،‬والمقدمات‪ ً،‬والنتائج‪ ً،‬والقول بالموجب‪ ً،‬والمعارضة‪ ً،‬وغير‬
‫ذلك شيئا كثيرا‪ ً،‬ومناظرة إبراهيم نمرود‪ ً،‬ومحاجته قومه أصل فى ذلك عظيم‪.‬‬
‫لمم سالفة‪ .‬وإن فيها‬ ‫وأما الجبر والمقابلة فقد قيل‪ :‬إن أوائل السور فيها ذكر مدد وأعوام وأيام التواريخْ ي‬
‫بقاء هذه المة‪ ً،‬وتاريخْ مدة أيام الدنيا‪ ً،‬وما مضى وما بقى‪ ً،‬مضروب بعضها فى بعضِ‪.‬‬
‫وأما النجامة‪ :‬ففى قوله تعالى‪} :‬أمهو أممثامرهَة يمهن رعهلهَم{ُ‪ ً،‬فقد فرسره بذلك ابن عباس‪.‬‬
‫صمفارن{ُ‪ً،‬‬ ‫وفيه يأصول الصنائع وأسماء اللت التى تدعو الضرورة إليه‪ ً،‬كالخياطة فى قوله‪} :‬مومطرفمقا ميهخ ر‬
‫ضهت‬ ‫صمنرع ٱهليفهلمك ربمأهعيرنمنا{ُ‪ ً،‬والغزل‪} :‬منمق م‬‫والحدادة‪} :‬آيتورني يزمبمر ٱهلمحرديرد{ُ والبناء فى آيات‪ ً،‬والنجارة‪} :‬موٱ ه‬
‫مغهزملمها{ُ‪ ً،‬والنسج‪} :‬مكمممثرل ٱهلمعنمكيبورت ٱرتمخمذهت مبهيتا{ُ‪ ً،‬والفلحة‪} :‬أممفمرأمهييتم رما متهحيريثومن{ُ‪ ...‬اليات‪ ً،‬والصيد فى‬
‫ص{ُ‪} ً،‬مومتهسمتهخرريجوها رمهنيه رحهلميلة{ُ‪ ً،‬والصياغة‪} :‬موٱرتمخمذ مقهويم‬ ‫آيات‪ ً،‬والغوص‪} :‬موٱلرشميارطيمن يكرل مبرنآهَء مومغروا هَ‬
‫صمبايح رفي يزمجامجهَة{ُ‪} ً،‬سمممررفد يمن‬ ‫ل مجمسدا لريه يخموافر{ُ‪ ً،‬والزجاجة‪} :‬ٱهلرم ه‬ ‫يمومسـى رمن مبهعردره رمهن يحرليرههم رعهج ل‬
‫مقوارريمر{ُ‪ ً،‬والفخارة‪} :‬مفمأهورقهد رلي ـيمهامماين معملى ٱليطيرن{ُ‪ ً،‬والملحة‪} :‬أمرما ٱلرسرفيمنية{ُ‪ ....‬الية‪ ً،‬والكتابة }معلرم‬
‫ربٱِهلمقلمرم{ُ وفى آيات أيمخر‪ .‬والمخهبز‪} :‬أمهحرميل مفهومقا مرهأرسي يخهبزا{ُ‪ ً،‬والطبخْ‪} :‬ربرعهجهَل محرنيهَذ{ُ‪ ً،‬والقصارة‪} :‬مورثميامبمك‬
‫ل مما مذركهييتهم{ُ‪ ً،‬والبيع والشراء فى آيات‪ً،‬‬ ‫صارون‪ ً،‬والجزارة‪} :‬إر ر‬ ‫مفمطيههر{ُ‪} ً،‬مقامل ٱهلمحمواررسيومن{ُ وهم الق ر‬
‫ضِ{ُ‪ ً،‬والحجارة‪} :‬مومتهنرحيتومن رممن ٱهلرجمبارل يبييوتا{ُ‪ ً،‬والكيالة والوزن فى آيات‬ ‫صهبمغمة ٱلرلره{ُ‪} ً،‬يجمدفد ربي ف‬
‫والصبغ‪ } :‬ر‬
‫كثيرة‪ ً،‬والرمى‪} :‬مومما مرممهيمت إرهذ مرممهيمت{ُ‪} ً،‬موأمرعسدوها لميههم رما ٱهسمتمطهعيتهم يمن يقروهَة{ُ‪.‬‬
‫وفيه من أسماء اللت وضروب المأكولت‪ ً،‬والمشروبات‪ ً،‬والمنكوحات‪ ً،‬وجميع ما وقع ويقع فى‬
‫الكائنات ما يحققا معنى قوله‪} :‬رما مفررهطمنا رفي ٱلركمتارب رمن مشهيهَء{ُ ‪ ..‬قال السيوطى‪ :‬انتهى كلم المرسى‬
‫ملخصا مع زيادات‪.‬‬
‫ثم بعد روايته لهذه المقالة الطويلة‪ ً،‬نجده يذكر عن أبى بكر بن العربى أنه قال فى كتابه "قانون‬
‫التأويل"‪" :‬علوم القرآن خمسين علما‪ ً،‬وأربعمائة علم‪ ً،‬وسبعة آلف علم‪ ً،‬وسبعون ألف علم‪ ً،‬على عدد‬
‫كلم القرآن مضروبة فى أربعة‪ ً،‬إذ لكل كلمة ظهر وبطن‪ ً،‬وحد ومطلع‪ ً،‬وهذا مطلقا دون اعتبار‬
‫التركيب وما بينها من روابط‪ ً،‬وهذا ما ل ييحصى‪ ً،‬وما ل يعمله إل ال"‪.‬‬
‫وأخيرا عرقب السيوطى على هذه النقول وغيرها فقال‪" :‬وأنا أقول‪ :‬قد اشتمل كتاب ال العزيز على كل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل إل وفى القرآن ما يدل عليها‪ ً،‬وفيه عجائب‬ ‫شىء‪ ً،‬أما أنواع فليس منها باب ول مسألة هى أص ل‬
‫المخلوقات‪ ً،‬وملكوت السموات والرضِ‪ ً،‬وما فى الفقا العلى وما تحت الثرى و ‪ ..‬و ‪ ...‬إلى غير‬
‫ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات"‪.‬‬
‫ومن هذا يتبين لك كيف ظهرت آثار الثقافات العلمية للمسلمين فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬وكيف حاول‬
‫هؤلء العلماء المتقدمون أن يجعلوا القرآن منبع العلوم كلها‪ ً،‬ما مجرد وما ميرجسد إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ولو أرنا تتبعنا سلسلة البحوث التفسيرية للقرآن الكريم‪ ً،‬لوجدنا أن هذه النزعة ‪ -‬نزعة التفسير العلمى ‪-‬‬
‫تمتد من عهد النهضة العلمية العباسية إلى يومنا هذا‪ ً،‬ولوجدنا أنها كانت فى أول المر عبارة عن‬
‫محاولت‪ ً،‬ييقصد منها التوفيقا بين القرآن‪ ً،‬وما مجرد من العلوم‪ ً،‬ثم يورجدت الفكرة مرركزة وصريحة على‬
‫لسان الغزالى‪ ً،‬وابن العربى‪ ً،‬والمرسى‪ ً،‬والسيوطى‪ ً،‬ولوجدنا أيضا أن هذه الفكرة قد يطيبقت علميا‪ً،‬‬
‫وظهرت فى مثل محاولت الفخر الرازى‪ ً،‬ضمن تفسيره للقرآن‪.‬‬
‫ثم يو رجدت بعد ذلك كتب مستقلة فى استخراج العلوم من القرآن‪ ً،‬وتتبع اليات الخاصة بمختلف العلوم‪ً،‬‬
‫وراجت هذه الفكرة فى العصر المتأخر رواجا كبيرا بين جماعة من أهل العلم‪ ً،‬ونتج عن ذلك مؤلفات‬
‫كثيرة تعالج هذا الموضوع‪ ً،‬كما أييلفت بعضِ التفاسير التى تسير على ضوء هذه الفكرة‪ .‬ونرى أن نؤجل‬
‫البحث عن التفسير العلمى فى هذه المرحلة الخيرة إلى خاتم الرسالة‪ ً،‬حيث نعرضِ للوان التفسير فى‬
‫العصر الحديث إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) إنكار التفسير العلمى (‬

‫إذا كانت فكرة التفسير العلمى قد راجت عند بعضِ بالمتقدمين‪ ً،‬وازدادت رواجا عند بعضِ المتأخرين‪ً،‬‬
‫فإنها لم تلقا رواجا عند بعضِ العلماء القدمين‪ ً،‬كما أنها لم تلقا رواجا عند بعضِ المتأخرينم منهم‬
‫أيضا‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) إنكار الشاطبى للتفسير العلمى (‬

‫ويظهر لنا على حسب ما قرأنا أن زعيم المعارضة لهذه الفكرة فى العصور المتقدمة هو الفقيه‬
‫الصولى‪ :‬أبو إسحاقا إبراهيم بن موسى الشاطبى‪ ً،‬الندلسى‪ ً،‬المتوفى سننة ‪ 790‬هـ )تسعين وسبعمائة‬
‫من الهجرة(‪ ً،‬وذلك أرنا نجده فى كتابه "الموافقات" يعقد بحثا خاصا لمقاصد الشارع‪ ً،‬وينيوع هذه المقاصد‬
‫إلى أنواع تولى شرحها وبيانها‪ ً،‬والذى يهمنا هنا النوع الثانى منها وهو "بيان قصد الشارع فى وضع‬
‫الشريعة للفهام" وفى المسألة الثالثة من مسائل هذا النوع نجده يقرر أن "هذه الشريعة المباركة أييمية‪ً،‬‬
‫لن أهلها كذلك فهو أجرى على اعبتار المصالح" ‪ ..‬ثم درلل على ذلك بيأمور ثلثة ل نطيل بذكرها‪ ً،‬ثم‬
‫عرقب بفصل ذكر فيه‪" :‬إن العرب كان لها اعتناء بعلوم ذكرها الناس‪ ً،‬وكان لعقلئهم اعتناء بمكارم‬
‫الخلقا‪ ً،‬واتصاف بمحاسن الشيم‪ ً،‬فصححت الشريعة منها ما هو صحيح وزادت عليه‪ ً،‬وأبطلت ما هو‬
‫باطل‪ ً،‬وبرينت منافع ما ينفع من ذلك‪ ً،‬ومضار ما يضر منه"‪ ً،‬ثم ذكر من العلوم الصحيحة التى كان‬
‫للعرب اعناء بها‪ :‬علم النجوم وما يختص به من الهتداء فى البر والبحر‪ ً،‬واختلف الزمان باختلف‬
‫سيرها‪ ً،‬وما يتعلقا بهذا المعنى‪ .‬ثم قال‪" :‬وهو معنى مقرر فى أثناء القرآن فى مواضع كثيرة كقوله‬
‫تعالى‪} :‬مويهمو ٱرلرذيِ مجمعمل لميكيم ٱلسنيجوم رلمتههمتيدوها ربمها رفي يظليممارت ٱهلمبير موٱهلمبهحرر{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬موربٱِلرنهجرم يههم ميههمتيدومن{ُ‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل‬‫ل ٱلرشهميس مينمبرغي ملمهآ مأن تهدررمك ٱلمقمممر مو م‬ ‫وقوله‪} :‬موٱهلمقمممر مقردهرمنايه مممنارزمل محرتـى معامد مكٱِليعريجورن ٱهلمقرديرم * م‬
‫ضميآلء موٱهلمقمممر ينورا مومقردمريه‬ ‫ٱهللرهييل مساربيقا ٱلرنمهارر مويكول رفي مفملهَك ميهسمبيحومن{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬يهمو ٱرلرذيِ مجمعمل ٱلرشهممس ر‬
‫مممنارزمل رلمتهعلميموها معمدمد ٱليسرنيمن موٱهلرحمسامب{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مومجمعهلمنا ٱهللرهيمل موٱلرنمهامر آميمتهيرن مفمممحهومنآ آميمة ٱهللرهيرل مومجمعهلمنآ آميمة‬
‫صاربيمح مومجمعهلمنامها يريجوما يللرشميارطيرن{ُ‪ ً،‬وقوله‪:‬‬ ‫صمرلة{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬وقوله‪} :‬موملمقهد مزريرنا ٱلرسممآمء ٱلسدهنميا ربمم م‬ ‫ٱلرنمهارر يمهب ر‬
‫لرهرلرة يقهل رهمي ممموارقييت رللرنارس موٱهلمحيج{ُ ‪ ...‬وما أشبه ذلك من اليات‪.‬‬ ‫}ميهسمأيلومنمك معرن ٱ م‬
‫وذكر علم النواء‪ ً،‬وأوقات نزول المطار‪ ً،‬وإنشاء السحاب‪ ً،‬وهبوب الرياح المثيرة لها‪ ً،‬وعرضِ لما‬
‫ورد فى ذلك من القرآن مثل قوله تعالى‪} :‬يهمو ٱرلرذيِ يررييكيم ٱهلمبهرمقا مخهوفا مومطممعا مويهنرشىيء ٱلرسمحامب ٱليثمقامل *‬
‫مويمسيبيح ٱلررهعيد ربمحهمردره{ُ‪ ...‬الية‪ ً،‬وقوله‪} :‬أممفمرأمهييتيم ٱهلممآمء ٱرلرذيِ متهشمريبومن * أممأنيتهم مأنمزهليتيمويه رممن ٱهليمهزرن أمهم منهحين‬
‫ضِ مبهعمد‬ ‫لهر م‬‫ٱهليمنرزيلومن{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬موٱللريه ٱرلرذييِ أمهرمسمل ٱليرميامح مفيترثيير مسمحابا مفيسهقمنايه إلمـى مبملهَد رميهَت مفمأهحميهيمنا ربره ٱ م‬
‫ر‬
‫ممهورتمها{ُ ‪ ...‬وغير ذلك من اليات‪.‬‬
‫لمم الماضية‪ ً،‬وفى القرآن من ذلك ما هو كثير ‪ ...‬قال تعالى‪} :‬ـذرلمك رمهن‬ ‫وذكر علم التاريخْ وأخبار ا ي‬
‫لمميههم أمسييههم ميهكيفيل ممهرميمم{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬وقال تعالى‪} :‬رتهلمك‬ ‫أممنمبآرء ٱهلمغهيرب ينورحيره إرمليمك مومما يكنمت ملمدهيرههم إرهذ يهليقون أمهق م‬
‫ل مقهويممك رمن مقهبرل مهــمذا{ُ‪.‬‬ ‫رمهن أمهنمبآرء ٱهلمغهيرب ينورحيمهآ إرلمهيمك مما يكنمت متهعلميممهآ مأنمت مو م‬
‫لميين‪ ً،‬ل على قواعد‬ ‫وذكر علم الطب‪ ً،‬وبرين أنه كان فى العرب منه شىء مبنى على تجارب ا ي‬
‫القدمين‪ .‬قال‪" :‬وعلى ذلك المساقا جاء فى الشريعة لكن على وجه جامع‪ ً،‬شاف‪ ً،‬قليل يطلع منه على‬
‫كثير‪ ً،‬فقال تعالى‪} :‬ويكيلوها موٱهشمريبوها مو م‬
‫ل يتهسرريفيوها{ُ‪.‬‬
‫وذكر التفنن فى علم فنون البلغة‪ ً،‬والخوضِ فى وجوه الفصاحة‪ ً،‬والتصرف فى أساليب الكلم‪ ..‬قال‪:‬‬
‫لهنيس موٱهلرجسن معلمـى‬ ‫"وهو أعظم منتحلتهم‪ ً،‬فجاءهم بما أعجزهم من القرآن‪ ً،‬قال تعالى‪} :‬يقل لررئرن ٱهجمتمممعرت ٱ ر‬
‫ضِ مظرهيرا{ُ‪..‬‬ ‫ضيههم رلمبهع هَ‬‫ل ميهأيتومن ربرمهثرلره مولمهو مكامن مبهع ي‬ ‫مأن ميهأيتوها ربرمهثرل مهــمذا ٱهليقهرآرن م‬
‫ضمرهبمنا رللرنارس رفي مهــمذا ٱهليقهرآرن رمن يكيل مممثهَل{ُ‪.‬‬ ‫وذكر ضرب المثال‪ ً،‬واستشهد بقوله تعالى‪} :‬مولممقهد م‬
‫وذكر من العلوم التى عنى بها العرب وأكثرها باطل أو جميعها‪ :‬علم العيافة‪ ً،‬والزجر‪ ً،‬والكهانة‪ ً،‬وخط‬
‫الرمل‪ ً،‬والضرب بالحصى‪ ً،‬والمطهيرة‪ ً،‬قال‪" :‬فأبطلت الشريعة من ذلك الباطل‪ ً،‬ونهت عنه كالكهانة‪ً،‬‬
‫والزجر‪ ً،‬وخط الرمل‪ .‬وأقرت الفأل ل من جهة متطسلب الغيب‪ ً،‬فإن الكهانة والزجر كذلك‪ ً،‬وأكثر هذه‬
‫المور متخسرص على علم الغيب من غير دليل‪ ً،‬فجاء النبى صلى ال عليه وسلم بجهة من تعرف علم‬
‫الغيب مما هو محضِ‪ ً،‬وهو الوحى واللهام‪ ً،‬وبقى للناس من ذلك بعد موته عليه السلم جزء من النبوة‬
‫وهو الرؤيا الصالحة‪ ً،‬وأنموذج من غيره لبعضِ الخاصة وهو اللهام والفراسة"‪.‬‬
‫ثم بعد هذا البيان الذى أوضح فيه الشاطبى أن الشريعة فى تصحيح ما صححت وإبطال ما أبطلت قد‬
‫عرضت من ذلك إلى ما تعرفه العرب من العلوم‪ ً،‬ولم تخرج عما ألفوه‪ ً،‬نراه يزيد هذا البيان إسهابا‬
‫وإيضاحا‪ ً،‬ويتوجه بالرلوم إلى ممن أضافوا للقرآن كل علوم الرولين والخرين‪ ً،‬مفندا هذا الزعم‪ ً،‬الذى‬
‫اعتقد أن قائليه قد تجاوزوا به الحد فى دعواهم على القرآن‪ .‬وذلك حيث يقول فى المسألة الرابعة من‬
‫مسائل النوع الثانى من المقاصد ‪ -‬أعنى مقاصد وضع الشريعة للفهام ‪" -‬ما تقرر من أييمية الشريعة‬
‫وأنها جارية على مذاهب أهلها ‪ -‬وهم العرب ‪ -‬ينبنى عليه قواعد‪ :‬منها‪ :‬أن كثيرا من الناس تجاوزوا‬
‫فى الدعوى على القرآن الحد‪ ً،‬فأضافوا إليه لك علم ييذكر للمتقدمين والمتأخرين من علوم الطبعيات‬
‫والتعاليم كالهندسة وغيرها من الرياضيات‪ ً،‬والمنطقا وعلم الحروف‪ ً،‬وجميع ما نظر فيه الناظرون من‬
‫هذه الفنون وأشباهها‪ ً،‬وهذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح"‪.‬‬
‫ثم يصحح الشاطبى رأيه هذا ويحتج له بما يعررف عن المسملف من نظرهم فى القرآن فيقول‪ ..." :‬إن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المسملف الصالح ‪ -‬من الصحابة والتابعين ومن يليهم ‪ -‬كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه وما يأودع فيه‪ ً،‬ولم‬
‫تبلغنا أنه تكلم أحد منهم فى شىء من هذا المردعى سوى ما تقدم‪ ً،‬وما ثبت فيه من أحكام التكاليف‪ً،‬‬
‫وأحكام الخرة‪ ً،‬وما يلى ذلك‪ ً،‬ولو كان لهم فى ذلك خوضِ ونظر لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة‪ً،‬‬
‫إل أن ذلك لم يكن فدل على أنه غير موجود عندهم‪ ً،‬وذلك دليل على أن القرآن لم ييقصد فيه تقرير‬
‫لشىء مما زعموا‪ .‬نعم تضمن علوما من جنس علوم العرب أو ما ينبنى على معهودها مما يتعجب منه‬
‫يأولوا اللباب‪ ً،‬ول تبلغه إدراكات العقول الراجحة‪ ً،‬دون الهتداء بأعلمه‪ ً،‬والستنارة بنوره‪ ً،‬وأما أن‬
‫فيه ما ليس من ذلك فل"‪.‬‬
‫ثم أخذ الشاطبى بعد هذا فى ذكر ما استند إليه أرباب التفسير العلمى من الدلة فقال‪" :‬وربما استدلوا‬
‫على دعواهم بقوله تعالى‪} :‬مومنرزهلمنا معلمهيمك ٱهلركمتامب رتهبميانا لييكيل مشهيهَء{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬رما مفررهطمنا رفي ٱلركمتارب رمن‬
‫مشهيهَء{ُ ‪ ...‬ونحو ذلك‪ ً،‬وبفواتح السور ‪ -‬وهى مما لم ييعهد عند العرب ‪ -‬وبما ينرقل عن الناس فيها‪ً،‬‬
‫وربما حكى من ذلك عن علسى بن أبى طالب رضى ال عنه وغيره أشياء"‬
‫ثم أخذ الشاطبى رحمه ال يفند هذه الدلة فقال‪:‬‬
‫"فأما اليات‪ :‬فالمراد بها عند المفيسرين ما يتعلقا بحال التكليف والتعبد‪ ً،‬أو المراد بالكتاب فى قوله‪} :‬رما‬
‫مفررهطمنا رفي ٱلركمتارب رمن مشهيهَء{ُ‪ :‬الرلوح المحفوظ‪ ً،‬ولم يذكروا فيها ما يقتضى تضمنه لجميع العلوم النقلية‬
‫والعقلية‪.‬‬
‫وأما فواتح السور‪ ..‬فقد تكلم الناس فيها بما يقتضى أن للعرب بها عهدا‪ ً،‬كعدد اليجرمل الذى متعررفوه من‬
‫أهل الكتاب‪ ً،‬حسبما ذكره أصحاب السير‪ ً،‬أو هى من المتشابهات التى ل يعلم تأويلها إلى ال تعالى‪ً،‬‬
‫وغير ذلك‪ .‬وأما تفسيرها بما ل عهد به فل يكون ولم يدعه أحد ممن تقدم‪ ً،‬فل دليل فيها على ما ادعوا‪ً،‬‬
‫وما يينقل عن علسى أو غيره فى هذا ل يثبت‪ ً،‬فليس بجائز أن ييضاف إلى القرآن ما ل يقتضيه‪ ً،‬كما أنه‬
‫ل يصح أن يينكر منه ما يقتضيه‪ ً،‬ويجب القتصار فى الستعانة على فهمه على كل ما ييضاف علمه‬
‫إلى العرب خاصة‪ ً،‬فبه يوصل إلى علم ما يأودع من الحكام الشرعية‪ ً،‬فممن طلبه بغير ما هو أداة له‬
‫ضرل عن فهمه‪ ً،‬ومتقرول على ال ورسوله فيه‪ ً،‬وال أعلم‪ ً،‬وبه التوفيقا"‪.‬‬ ‫م‬
‫هذه هى الخلصة الشاملة لمقالة الشاطبى فى هذا الموضوع‪ ً،‬وذلك هو رأيه فى التفسير العلمى الذى‬
‫شعف به بعضِ العلماء المتقدمين والمتأخرين‪ ً،‬وأحسب أنى ‪ -‬وقد وضعت بين يدى القارىء مقالة كل‬
‫فريقا وما يستند إليه من أدلة ‪ -‬قد أنريت له الطريقا‪ ً،‬وأوضحيت له السبيل‪ ً،‬ليختار لنفسه ما يحلو‪ ً،‬بعد‬
‫ل‪.‬‬‫أن يحكم على أحدهما بأنه خير مقالة وأحسن دلي ل‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) التفسير العلمى ( ضمن العنوان‬
‫) اختيارنا فى هذا الموضوع (‬

‫أما أنا فاعتقادى أن الحقا مع الشاطبى رحمه ال‪ ً،‬لن الدلة التى ساقها لتصحيح يمردعاه أدلة قوية‪ ً،‬ل‬
‫يعتريها الضعف‪ ً،‬ول يتطرقا إليها الخلل‪ ً،‬ولن ما أجاب به على أدلة مخالفيه أجوبة سديدة دامغة ل‬
‫تثبت أمامها حججهم‪ ً،‬ول يبقى معها يمردعاهم‪.‬‬
‫وهناك يأمور يأخرى يتقوى بها اعتقادنا أن الحقا فى جانب الشاطبى وممن لمرف لفه‪ ً،‬فمن ذلك ما يأتى‪:‬‬
‫أول ‪ -‬الناحية السلغوية‪:‬‬
‫وذلك أن اللفاظ السلغوية لم تقف عند معنى واحد من لدن استعمالها إلى اليوم‪ ً،‬بل تدرجت حياة اللفاظ‬
‫وتدرجت دللتها‪ ً،‬فكان لكثير من اللفاظ دللت مختلفة‪ ً،‬ونحن وإن كنا ل نعرف شيئا عن تحديد هذا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫التدرج وتاريخْ ظهور المعانى المختلفة للكلمة الواحدة‪ ً،‬نستطيع أن نقطع بأن بعضِ المعانى للكلمة‬
‫الواحدة حادث باصطلح أرباب العلوم والفنون‪ ً،‬فهناك معان يلغوية‪ ً،‬وهناك معان شرعية‪ ً،‬وهناك معان‬
‫يع هرفية‪ ً،‬وهذه المعانى كلها توقم بلفظ واحد‪ ً،‬بعضها عرفته العرب وقت نزول القرآن‪ ً،‬وبعضها ل علم‬
‫للعرب به وقت نزول القرآن‪ ً،‬نظرا لحدوثه وطروه على الرلفظ‪ ً،‬فهل يعقل بعد ذلك أن نتوسع هذا‬
‫التوسع العجيب فى فهم ألفاظ القرآن‪ ً،‬وجعلها تدل على معان جردت باصطلح حادث‪ ً،‬ولم يتعرف للعرب‬
‫الذين نزل القرآن عليهم؟ وهل يعقل أن ال تعالى إنما أراد بهذه اللفاظ القرآنية هذه المعانى التى حدثت‬
‫بعد نزول القرآن بأجيال‪ ً،‬فى الوقت الذى نزلت فيه هذه اللفاظ من عند ال‪ ً،‬ويتليت أول ما يتليت على‬
‫ممن كان حول النبى صلى ال عليه وسلم؟‪ .‬أعتقد أن هذا أمر ل يعقله إل ممن سفه نفسه‪ ً،‬وأنكر عقله‪.‬‬
‫*‬
‫ثانيا ‪ -‬الناحية البلغية‪:‬‬
‫يع يرفت البلغة بأنها مطابقة الكلم لمقتضى الحال‪ ً،‬ومعلوم أن القرآن فى أعلى درجات البلغة‪ ً،‬فإذا‬
‫نحن ذهبنا مذهب أرباب التفسير العلمى وقلنا بأن القرآن متضمن لكل العلوم‪ ً،‬وألفاظه متحملة لهذه‬
‫المعانى المستحسدثة‪ ً،‬لوقعنا أنفسنا فى ورطة ل خلص لنا منها إل بما يخدش بلغة القرآن‪ ً،‬أو يذهب‬
‫بفطانة العرب‪ ً،‬وذلك لن ممن خوطبوا بالقرآن فى وقت نزوله أن كانوا يجهلون هذه المعانى وكان ال‬
‫يريدها من خطابه إياهم لزم على ذلك أن يكون القرآن غير بليغ‪ ً،‬لنه لم يراع حال المخاطب وهذا‬
‫سلب لهم خصائص القرآن الكريم‪ .‬وإن كانوا يعرفون هذه المعانى فرلم لمهم تظهر نهضة العرب العلمية‬
‫من لدن نزول القرآن الذى حوى علوم الرولين والخرين؟ ورلم ملهم تقم نهضتهم على هذه اليات الشارحة‬
‫لمختلف العلوم وسائر الفنون؟ ‪ ..‬وهذا أيضا سلب لهم خصائص العرب ومميزاتهم‪.‬‬
‫*‬
‫ثالثا‪ :‬الناحية العتقادية‪:‬‬
‫القرآن الكريم باقا ما تعاقب الملوان‪ ً،‬ونظامه نافع لكل عصر وزمان‪ ً،‬فهو يتحدث إلى عقول الناس‬
‫جميعا من لدن نزوله إلى أن يرث ال الرضِ ومن عليها‪ ً،‬وهو يساير حياتهم فى كل ما يمرون به من‬
‫مراحل الزمن‪ ً،‬وهذا كله بحكم كونه كتاب الشريعة العامة الشاملة‪ ً،‬وقانون الدين الذى جعله ال خاتم‬
‫شرائع السموات إلى أهل الرضِ‪.‬‬
‫هذا ما يجب على كل مسلم أن يعتقده ويدين به‪ ً،‬حتى يسلم له دينه‪ ً،‬ول يرتاب فيه‪ ً،‬فإذا نحن ذهبنا‬
‫مذهب ممن ييح يمل القرآن كل شىء‪ ً،‬وجعلناه مصدرا لجوامع الطب‪ ً،‬وضوابط الفلك‪ ً،‬ونظريات الهندسة‪ً،‬‬
‫وقوانين الكيمياء‪ ً،‬وما إلى ذلك من العلوم المختلفة‪ ً،‬ليكنا بذلك قد أوقعنا الشك فى عقائد المسلمين نحو‬
‫القرآن الكريم‪ ً،‬وذلك لن قواعد العلوم وما تقوم عليه من نظريات‪ ً،‬ل قرار لها ول بقاء‪ ً،‬فيررب نظرية‬
‫علمية قال بها عارلفم اليوم‪ ً،‬ثم رجع عنها بعد زمن قليل أو كثير‪ ً،‬لنه ظهر له خطؤها‪ .‬وأمام سمعنا‬
‫وبصرنا من المصل ما يشهد بأن كثيرا من جوامع العلم ل يضطبها اليوم أحد إل تغير ضبطه لها بعد‬
‫ل لجميع‬ ‫ذلك‪ ً،‬وكم بين نظريات العلم قديمة وحديثة من تناف وتضاد‪ ً،‬فهل يعقل أن يكون القرآن محتم ل‬
‫هذه النظريات والقواعد العلمية على ما بينها من التنافى والتضاد؟ وإذا كان هذا معقولل‪ ً،‬فهل يعقل أن‬
‫ييصيدقا مسلم بالقرآن بعد هذا‪ ً،‬ويكون على يقين بأنه كتاب ال الذى ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫خلفه؟؟‬
‫الحقا أن القرآن ل يعنى بهذا الرلون من حياة الناس‪ ً،‬ول يتعهده بالشرح ول يتوله بالبيان‪ ً،‬حتى يكون‬
‫مصدرهم الذى يرجعون إليه فى تعريف حياتهم العلمية الدنيوية‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ويبدو لنا أن أنصار هذه الفكرة ‪ -‬فكرة التفسير العلمى ‪ -‬لم يقولوا بها‪ ً،‬ولم يعملوا على تأييدها إل بعد‬
‫أن نظروا إليها كوجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم‪ .‬وبيان صلحيته للحياة‪ ً،‬وتمشيه معها على‬
‫اختلف أحوالها وتطور أزمانها‪ .‬ولكن "ما هكذا يا سعد تورد البل" فإن إعجاز القرآن غنى عن أن‬
‫ييسلك فى بيانه هذا المسلك المتكلف‪ ً،‬الذى قد ييذهب بالعجاز‪ ً،‬وهناك من ألوان العجاز غير هذا ما‬
‫يشهد للقرآن بأنه كتاب ال المنرزل على محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وإذا كان أرباب هذا المسلك فى التفسير يستندون إلى ما تناولته بعضِ آيات القرآن من حقائقا الكون‬
‫م‬
‫ومشاهده‪ ً،‬ودعوة ال لهم بالنظر فى كتاب الكون وآياته التى بدثها فى الفاقا وفى أنفسهم‪ ً،‬إذا كانوا‬
‫يستندون إلى مثل هذا فى دعواهم أن القرآن قد جمع علوم الرولين والخرين‪ ً،‬فهم مخطئون ول شك‪ً،‬‬
‫وذلك لن تناول القرآن لحقائقا الكون ومشاهده‪ ً،‬ودعوته إلى النظر فى ملكوت السموات والرضِ وفى‬
‫أنفسهم‪ ً،‬ل ييراد منه إل رياضة وجدانات الناس‪ ً،‬وتوجيه عامتهم وخاصتهم إلى مكان العظة والعبرة‪ً،‬‬
‫ولفتهم إلى آيات قدرة ال ودلئل وحدانيته‪ ً،‬من جهة ما لهذه اليات والمشاهد من روعة فى النفس‬
‫وجلل فى القلب‪ ً،‬ل من جهة ما لها من دقائقا النظريات وضوابط القوانين‪ ً،‬فليس القرآن كتاب فلسفة‬
‫أو طب أو هندسة‪.‬‬
‫وليعلم أصحاب هذه الفكرة أن القرآن غنى عن أن يعتز بمثل هذا التكلف‪ ً،‬الذى يوشك أن يخرج به عن‬
‫هدفه النسانى الجتماعى‪ ً،‬فى إصلح الحياة‪ ً،‬ورياضة النفس‪ ً،‬والرجوع بها إلى ال تعالى‪.‬‬
‫وليعلم أصحاب هذه الفكرة أيضا‪ ً،‬أن من الخير لهم ولكتابهم أن ل ينحوا بالقرآن هذا المنحى فى‬
‫تفسيرهم‪ ً،‬رغبة منهم فى إظهار إعجاز القرآن وصلحيته للتمشى مع التطور الزمنى‪ ً،‬وحسبهم أن ل‬
‫يكون فى القرآن نص صريح يصادم حقيقة علمية ثابتة‪ ً،‬وحسب القرآن أنه يمكن التوفيقا بينه وبين ما‬
‫مجرد وميرجسد من نظريات وقوانين علمية‪ ً،‬تقوم على أساس من الحقا‪ ً،‬وتستند إلى أصل من الصحة‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) التفسير بين ماضيه وحاضره (‬

‫لم يترك الوائل للواخر كبير جهد فى تفسير كتاب ال‪ ً،‬والكشف عن معانيه ومراميه‪ ً،‬إذ أنهم نظروا‬
‫إلى القرآن باعتباره دستورهم الذى جمع لهم بين سعادة الدنيا والخرة‪ ً،‬فتناولوه من أول نزوله‬
‫بدراستهم التفسيرية التحليلية‪ ً،‬دراسة سارت مع الزمن على تدرج ملحوظ‪ ً،‬وتلون بألوان مختلفة مررت‬
‫بك كلها‪ .‬أو مرر لك على التحقيقا ما وصلنا إليه فى دراستنا وقراءتنا الواسعة المستفيضة‪.‬‬
‫والذى يقرأ كتب التفسير على اختلف ألوانها‪ ً،‬ل يدخله شك فى أن كل ما يتعلقا بالتفسير من الدراسات‬
‫المختلفة قد وفاه هؤلء المفيسون القدمون حقه من البحث والتحقيقا‪ ً،‬فالناحية السلغوية‪ ً،‬والناحية البلغية‪ً،‬‬
‫والناحية الدبية‪ ً،‬والناحية النحوية‪ ً،‬والناحية الفقهية‪ ً،‬والناحية المذهبية‪ ً،‬والناحية الكونية الفلسفية‪ .‬كل‬
‫لمول بتوسع ظاهر ملموس‪ ً،‬لم يترك لمن جاء بعدهم ‪ -‬إلى ما‬ ‫هذه النواحى وغيرها تناولها المفيسرون ا ي‬
‫قبل عصرنا بقيل ‪ -‬من عمل جديد‪ ً،‬أو أثر مبتكر يقومون به فى تفاسيرهم التى أرلفهوها‪ ً،‬الرلهم إل عم ل‬
‫ل‬
‫ل ل يعدو أن يكون جمعا لقوال لمتقدمين‪ ً،‬أو شرحا لغامضها‪ ً،‬أو نقدا وتفنيدا لما يعتوره الضعف‬ ‫ضئي ل‬
‫منها‪ ً،‬أو ترجيحا لرأى على رأى‪ ً،‬مما جعل التفسير يقف وقفة طويلة مليئة بالركود‪ ً،‬خالية من التجديد‬
‫والبتكار‪.‬‬
‫**‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) مميزات التفسير فى العصر الحديث (‬

‫ولقد ظل المر على هذا‪ ً،‬وبقى التفسير واقفا عند هذه المرحلة ‪ -‬مرحلة الركود والجمود ‪ -‬ل يتعداها‪ً،‬‬
‫ول يحاول التخلص منها‪ .‬حتى جاء عصر النهضة العلمية الحديث‪ ً،‬فاتجهت أنظار العلماء الذين لهم‬
‫عناية بدراسة التفسير إلى أن يتحرروا من قيد هذا الركود‪ ً،‬ويتخلصوا من نطاقا هذا الجمود‪ ً،‬فنظروا‬
‫فى كتاب ال نظرة ‪ -‬وإن كان لها اعتماد كبير على ما درونه الوائل فى التفسير ‪ -‬أرثرت فى التجاه‬
‫التفسيرى للقرآن تأثيرا ل يسعنا إنكاره‪ ً،‬ذلك هو العمل على التخلص من كل هذه الستطرادات العلمية‪ً،‬‬
‫التى يحرشرت فى التفسير حشرا ويمرزجت به على غير ضرورة لزمة‪ ً،‬والعمل على تنقية التفسير من‬
‫القصص السرائيلى الذى كاد يذهب بجمال القرآن وجلله‪ ً،‬وتمحيص ما جاء فيه من الحاديث الضعيفة‬
‫أو الموضوعة على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬أو على أصحابه عليهم رضوان ال تعالى‪ ً،‬وإلباس‬
‫التفسير ثوابا أدبيا اجتماعيا‪ ً،‬ييظهر روعة القرآن‪ ً،‬ويكشف عن مراميه الدقيقة وأهدافه السامية‪ ً،‬والتوفيقا‬
‫بجد بالغ وجهد ظاهر بين القرآن وما مجرد من نظريات علمية صحيحة‪ ً،‬على تفاوت بين الموفقين فى‬
‫الغلو والعتدال‪ ً،‬وكان ذلك من أجل أن يعرف المسلمون وغير المسلمين أن القرآن هو الكتاب الخالد‪ً،‬‬
‫الذى يتمشى مع الزمن فى جميع أطواره ومراحله‪ ...‬وهناك غير هذه الثار آثار أخرى ظهرت فى‬
‫التجاه التفسيرى فى هذا العصر الحديث‪ ً،‬نشأت عن عوامل مختلفة‪ ً،‬أهمها‪ :‬التوسع العلمى‪ ً،‬والتأثر‬
‫بالمذهب والعقيدة‪ ً،‬واللحاد الذى قام على حرية الرأى الفاسد‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) ألوان التفسير فى العصر الحديث (‬

‫وعلى ضوء ما تقسدم‪ ً،‬نستطيع أن نجمل ألوان التفسير فى العصر الحديث فى اللوان الربعة التية‬
‫وهى أهمها‪:‬‬
‫ل‪ :‬السلون العلمى‪ .‬ثانيا‪ :‬الرلون المذهبى‪.‬‬
‫أو ل‬
‫ثالثا‪ :‬الرلون اللحادى‪ .‬رابعا‪ :‬الرلون الدبى الجتماعى‪.‬‬
‫وسأتكلم عن هذه اللوان الربعة للتفسير فى العصر الحديث‪ ً،‬على حسب ترتيبها‪ ً،‬وبمقدار ما استفدت‬
‫من قراءتى فى كتب التفسير وما يتصل به من مؤلفات مجردت فى هذا العصر‪ ً،‬وال ولى التوفيقا‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) الرلون العلمى للتفسير فى عصرنا الحاضر (‬

‫تكلمنا عن التفسير العلمى فيما سبقا‪ ً،‬وبرينا أن هذه الرلون من التفسير كان موضع أخذ ورد بين العلماء‬
‫القدمين‪ ً،‬فمنهم ممن أريده وقال به‪ ً،‬ومنهم ممنه فرنده ومنع منه‪.‬‬
‫وقلنا‪ :‬إن التفسير العلمى كان أكثر رواجا وأعظم قبولل لدى المتأخرين‪ ً،‬وأجملنا القول فى هذه النطقة‬
‫الخيرة‪ ً،‬ووعدناك بالتوسع فيها عندما نعرضِ لهذه الخاتمة التى نحن بصددها‪ ً،‬ووفاء بوعدى أقول‪:‬‬
‫* رواج التفسير العلمى فى عصرنا الحاضر‪:‬‬
‫ل على سائر العلوم‬ ‫إن هذا الرلون من التفسير ‪ -‬أعنى التفسير العلمى الذى يرمى إلى جعل القرآن مشتم ل‬
‫ما مجرد منها وما ميرجسد ‪ -‬قد استشرى أمره فى هذا العصر الحديث‪ ً،‬وراج لدى بعضِ المثقفين الذين لهم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عناية بالعلوم‪ ً،‬وعناية بالقرآن الكريم‪ ً،‬وكان من أثر هذه النزعة التفسيرية التى تسرلطت على قلوب‬
‫أصحابها‪ ً،‬أن أخرج لنا المشغوفون بها كثيرا من الكتب يحاول أصحابها فيها أن يمحيملوا القرآن كل علوم‬
‫الرضِ والسماء‪ ً،‬وأن يجعلوه دالل عليها بطريقا التصريح أو التلميح‪ ً،‬اعتقادا منهم ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬أن هذا‬
‫بيان لناحية من أهم نواحى صدقه‪ ً،‬وإعجازه‪ ً،‬وصلحيته للبقاء‪.‬‬
‫**‬
‫* أهم الكتب التى عنيت بهذا الرلون‪:‬‬
‫ومن أهم هذه الكتب التى ظهرت فيها هذه النزعة التفسيرية كتاب "كشف السرار النورانية القرآنية‪ً،‬‬
‫فيما يتعلقا بالجرام السماوية‪ ً،‬والرضية‪ ً،‬والحيوانات‪ ً،‬والنباتات‪ ً،‬والجواهر المعدنية‪ "ً،‬للمام الفاضل‪ً،‬‬
‫والطبيب البارع‪ ً،‬محمد بن أحمد السكندرانى من علماء القرن الثالث عشر الهجرى‪ ً،‬وهو كتاب كبير‬
‫الحجم‪ ً،‬يقع فى ثلثة مجلدات‪ .‬ومطبوع بالمطبعة الوهبية بمصر سنة ‪ 1297‬هـ‪ ً،‬ومنه نسخة بدار‬
‫الكتب المصرية‪.‬‬
‫ورسالة عبد ال باشا فكرى فى مقارنة بعضِ مباحث الهيئة‪ ً،‬بالوارد فى النصوص الشرعية‪ ً،‬وقد طبعت‬
‫بالقاهرة سنة ‪ 1315‬هـ‪.‬‬
‫وبين أيدينا كتاب "طبائع الستبداد ومصارع الستعباد" لرجل الصلح السلمى المرحوم السيد عبد‬
‫الرحمن الكواكبى‪ .‬وهو عبارة عن مجموع مقالت له‪ ً،‬نشرها فى بعضِ الصحف عندما زار مصر سنة‬
‫‪ 1318‬هـ‪ ً،‬وقد يطبع هذا الكتاب ويأبهم اسم مؤلفه ويررمز له "الرحالة ك"‪ .‬وفى هذا الكتاب نجد المؤلف‬
‫‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ينحاز انحيازا بليغا إلى هذا الرلون من ألوان التفسير‪ ً،‬فيصف القرآن بأنه "شمس العلوم‬
‫وكنز الرح مكم"‪ ً،‬ويقرر بأن السر فى إحجام العلماء عن تفسير قسمى اللء والخلقا من القرآن‪ ً،‬وبيان ما‬
‫يشتمل عليه من العلوم المختلفة هو "أنهم كانوا يخافون مخالفة رأى بعضِ المسملف القاصرين فى العلم‬
‫فيكفرون فييقتلون"‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬وهذه مسألة إعجاز القرآن‪ ً،‬وهى أهم مسألة فى الدين‪ ً،‬لم يقدروا أن‬
‫يوفوها حقها من البحث‪ ً،‬واقتصروا على ما قاله بعضِ المسملف أنها هى فصاحته‪ ً،‬وبلغته‪ ً،‬وإخباره عن‬
‫أن الروم من بعد مغلمربهم مسميهغرليبومن"‪.‬‬
‫ثم نراه يأخذ فى بيان اشتمال القرآن على ما مجرد من نظريات علمية تؤيد إعجاز القرآن‪ ً،‬فيقول‪" :‬إنه لو‬
‫يأطلقا للعلماء عنان التدقيقا وحرية الرأى والتأليف كما يأطلقا لهل التأويل والخرافات‪ ً،‬لرأوا فى ألوف‬
‫من آيات القرآن يألوف آيات من العجاز ‪ ..‬لرأوا فيه كل يوم آية تتجدد مع الزمان والحدثان‪ ً،‬تبرهن‬
‫ل رفي ركمتاهَب سمربيهَن{ُ ‪ ..‬برهان عيان ل مجرد‬ ‫ل مرهطهَب مو م‬
‫ل مياربهَس إر ر‬ ‫على إعجازه بصدقا قوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫تسليم وإيمان‪ ً،‬ومثال ذلك‪ ً،‬أن العلم كشف فى هذه القرون الخيرة حقائقا وطبائع كثيرة‪ ً،‬يتعمزى لكاشفيها‬
‫ومخترعيها من علماء أوروبا وأمريكا‪ ً،‬والمدققا فى القرآن يجد أكثرها ورد التصريح أو التلميح به فى‬
‫القرآن منذ ثلثة عشر قرنا‪ ً،‬وما بقيت مستورة تحت غشاء من الخفاء إل لتكون عند ظهورها معجزة‬
‫للقرآن‪ ً،‬شاهدة بأنه كلم رب ل يعلم الغيب سواه‪.‬‬
‫وذلك أنهم كشفوا أن مادة الكون هى الثير‪ ً،‬وقد وصف القرآن بدء التكوين فقال‪} :‬يثرم ٱهسمتموـى إرملى ٱلرسممآرء‬
‫مورهمي يدمخافن{ُ‪..‬‬
‫ضِ ٱهلممهيمتية أمهحميهيمنامها{ُ ‪ ....‬إلى‬ ‫وكشفوا أن الكائنات فى حركة دائمة دائبة‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬موآميفة لريهيم ٱ م‬
‫لهر ي‬
‫أن يقول‪} :‬مويكول رفي مفملهَك ميهسمبيحومن{ُ‪.‬‬
‫ضِ مكامنمتا مرهتقا‬ ‫وحققوا أن الرضِ منفتقة من النظام الشمسى‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬أمرن ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر م‬
‫مفمفمتهقمنايهمما{ُ‪..‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫صمها رمهن أمهطمرارفمها{ُ‪ً،‬‬ ‫ضِ مننيق ي‬‫لهر م‬‫وحققوا أن القمر منشقا من الرضِ‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬أمموملهم ميمرهوها أمرنا منهأرتي ٱ م‬
‫ويقول‪} :‬ٱهقمتمرمبرت ٱلرسامعية موٱنمشرقا ٱهلمقممير{ُ‪..‬‬
‫ضِ رمهثلميهرن{ُ‪..‬‬ ‫لهر ر‬‫وحققوا أن طبقات الرضِ سبع والقرآن يقول‪} :‬مخلممقا مسهبمع مسممامواهَت مورممن ٱ م‬
‫وحققوا أنه لول الجبال لقتضى الثقل النوعى أن تميد الرضِ‪ ً،‬أى ترتج فى دورتها‪ ً،‬والقرآن يقول‪:‬‬
‫ضِ مرموارسمي مأن مترميمد ربيكهم{ُ‪.‬‬ ‫}موأمهلمقـى رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫وكشفوا أن التغيير فى التركيب الكيماوى ‪ -‬بل والمعنوى ‪ -‬ناشىء عن تخالف نسبة المقادير‪ ً،‬والقرآن‬
‫يقول‪} :‬مويكسل مشهيهَء رعنمديه ربرمهقمداهَر{ُ‪..‬‬
‫وكشفوا أن للجمادات حياة قائمة بماء التبلور‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬أممومجمعهلمنا رممن ٱهلممآرء يكرل مشهيهَء محري{ُ‪..‬‬
‫لهنمسامن رمن‬ ‫وحققوا أن العاملم العضوى ‪ -‬ومنه النسان ‪ -‬تررقى من الجماد‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬مولممقهد مخلمهقمنا ٱ ر‬
‫لملهَة يمن رطيهَن{ُ‪..‬‬ ‫يس م‬
‫ضِ{ُ‪ ً،‬ويقول‪:‬‬ ‫لهر ي‬ ‫لهزموامج يكلرمها رمرما يتنربيت ٱ م‬ ‫وكشفوا ناموس اللقاح العام فى النبات‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬مخملقا ٱ م‬
‫}مفمأهخمرهجمنا ربره أمهزمواجا يمن رنمباهَت مشرتـى{ُ‪ ً،‬ويقول‪} :‬ٱههمترزهت مومرمبهت مومأنمبمتهت رمن يكيل مزهوهَج مبرهيهَج{ُ‪ ً،‬ويقول‪} :‬مورمن‬
‫يكيل ٱلرثمممرارت مجمعمل رفيمها مزهومجهيرن ٱهثمنهيرن{ُ‪.‬‬
‫وكشفوا طريقة إمساك الظل ‪ -‬أى التصوير الشمسى ‪ -‬والقرآن يقول‪} :‬أمملهم متمر إرملـى مريبمك مكهيمف ممرد ٱليظرل‬
‫ل{ُ‪..‬‬ ‫مولمهو مشآمء لممجمعلميه مساركنا يثرم مجمعهلمنا ٱلرشهممس معلمهيره مدرلي ل‬
‫وكشفوا تسيير السفن والمركبات بالبخار والكهرباء‪ ً،‬والقرآن يقول ‪ -‬بعد ذكره الدواب والجوارى‬
‫بالريح ‪} :-‬مومخملهقمنا مليههم يمن يمهثرلره مما ميهرمكيبومن{ُ‪..‬‬
‫وكشفوا وجود الميكروب وتأثيره كالجدرى وغيره من المرضِ‪ ً،‬والقرآن يقول‪} :‬موأمهرمسمل معلمهيرههم مطهيرا‬
‫أممباربيمل{ُ‪ :‬أى متتابعة مجتمعة ‪} -‬متهررميرهم ربرحمجامرهَة يمن رسيجيهَل{ُ‪ :‬أيى من طين المستنقعات اليابس ‪ ...‬إلى‬
‫غير ذلك من اليات الكثيرة المحققة لبعضِ مكتشفات علم الهيئة النواميس الطبيعية‪ ً،‬وبالقياس على ما‬
‫تقدم ذكره يقتضى أن كثيرا من آياته سينكشف سرها فى المستقبل فى وقتها المرهون‪ ً،‬تجديدا لعجازه‬
‫ما دام الزمان‪ ً،‬وما مكرر الجديدان"‪.‬‬
‫وبين أيدينا كتاب "إعجاز القرآن" للمرحوم مصطفى صادقا الرافعى‪ ً،‬وهو من أنصار هذه النزعة‬
‫التفسيرية ومن المؤيدين لها‪ ً،‬وف هذا الكتاب نجد المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يعقد بحثا خاصا لموضوع‬
‫"القرآن والعلوم" وفيه يقرر أن القرآن "بأثاره النامية‪ ً،‬معجزة أصلية فى تاريخْ العلم كله على بسيط هذه‬
‫الرضِ‪ ً،‬من لدن ظهر السلم إلى ما شاء ال"‪ ً،‬ثم يستطرد إلى ذكر بعضِ ما نقله السيوطى فى التقان‬
‫والكليل عن العلمة المرسى فى اشتمال القرآن على سائر العلوم‪ ً،‬وهنا نجده يعلقا استخراج علم‬
‫المواقيت من القرآن فيقول‪" :‬قال بعضِ المتأخرين‪ :‬إن الميقات مشار إليه فى القرآن بقوله تعالى‪} :‬مررفييع‬
‫ٱلردمرمجارت{ُ‪ ..‬قال‪ :‬فإن عدد }مررفييع{ُ بحساب اليجرمل ثلثمائة وستو‪ ً،‬وهى عدد درج الليل والنهار"‪ .‬ثم يقول‬
‫الرافعى نفسه بعد هذا‪" :‬وإذا يأطلقا حساب اليجرمل فى كلمات القرآن كشف منه كل عجائب العصور‪ً،‬‬
‫وتواريخها‪ ً،‬وأسرارها‪ ً،‬ولول أن هذا خارج عن غرضِ الكتاب لجئنا منه بأشياء كثيرة من القديم‬
‫والحديث"‪.‬‬
‫ثم نرى الرافعى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يسترسل فى حديثه إلى أن يقول‪" :‬وقد استخرج بعضِ علمائنا من‬
‫القرآن ما يشير إلى مستحدثات الختراع‪ ً،‬وما يحققا بعضِ غوامضِ العلوم الطبيعية‪ ً،‬وبسطوا كل ذلك‬
‫بسطا ليس هو من غرضنا فنسقتصى فيه‪ .‬على أن هذا ومثله إنما يكون فيه إشارة ولمحة‪ ً،‬ولعل متحققا‬
‫بهذه العلوم الحديثة لو تدربر القرآن‪ ً،‬وأحكم النظر فيه‪ ً،‬وكان بحيث ل تعوزه أداة الفهم‪ ً،‬ول يلتوى عليه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أمره‪ ً،‬لستخرج منه إشارات كثيرة تومىء إلى حقائقا العلوم وإن لم يتبسط من أنبائها‪ ً،‬وتدل عليها وإن‬
‫لم تسمها بأسمائها"‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬وقد أشار القرآن إلى نشأة هذه العلوم وإلى تمحيصها وغايتها على ما‬
‫وصفناه آنفا‪ ً،‬وذلك قوله تعالى‪} :‬مسينرريرههم آميارتمنا رفي ٱلمفارقا مورفيي مأنيفرسرههم محرتـى ميمتمبريمن لميههم أمرنيه ٱهلمحسقا أممولمهم ميهكرف‬
‫ربمريبمك أمرنيه معملـى يكيل مشهيهَء مشرهيفد{ُ‪ ً،‬ولو جمعت أنواع العلوم النسانية كلها ما خرجت فى معانيها من قوله‬
‫تعالى‪} :‬رفي ٱلمفارقا مورفيي مأنيفرسرههم{ُ هذه آفاقا‪ ً،‬وهذه آفاقا أخرى‪ ً،‬فإن لم يكن هذا التعبير من العجاز‬
‫الظاهر بداهة فليس يصح فى الفهام شىء"‪.‬‬
‫كذلك نجد المرحوم الدكتور عبد العزيز إسماعيل‪ ً،‬الطبيب المعروف‪ ً،‬ينحاز إلى هذا الرلون من ألوان‬
‫التفسير فى كتابه "السلم والطب الحديث" الذى جمع فيه مقالته التى نشرها فى مجلة الزهر‪ .‬وبين‬
‫أيديها هذا الكتاب‪ ً،‬وهو مطبوع بمطبعة العتماد سنة ‪1357‬هـ‪ ً،‬وفيه نجد المؤلف رحمه ال يقرر أن‬
‫القرآن "ليس بكتاب طب أو هندسة أو فلك‪ ً،‬ولكنه يشير أحيانا إلى يسمنن طبيعية ترجع إلى هذه العلوم"‪ً،‬‬
‫كما يثرر أن كثيرا من آيات القرآن "ل يفهم شيئا من معناها الحقيقى إل ممن درس العلوم الحديثة"‪ ً،‬كما‬
‫يؤكد أن العلم الحديث "كشف عن معنى بعضِ اليات‪ ً،‬وسينكشف الباقى منها كلما تقدمت العلوم‪ ً،‬ثم‬
‫يأتى وقت يكون فيه العلماء الماديون أقرب الناس إلى الدين"‪.‬‬
‫لمة بأنهم لم يفهموا المعانى الحقيقية‬ ‫وفى هذا كما ترى اتهام للصحابة وممن جاء بعدهم من مسملف ا ي‬
‫لبعضِ اليات القرآنية‪ ً،‬لجهلهم بهذه العلوم المستحمدثة‪ ً،‬وهذا اتهام نعيذ منه صحابة رسول ال صلى ال‬
‫لمة رضوان ال عليهم‪.‬‬ ‫عليه‪ ً،‬ومسملف ا ي‬
‫وإذا نحن تتبعنا ما فى هذا الكتاب لوجدنا الكثير منه ل يقصده القرآن‪ ً،‬ول يهدف إليه من وراء خطابه‬
‫لمية‪.‬‬ ‫للعرب ا ي‬
‫ل نجده يعرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [22‬من سورة البقرة‪} :‬مومأنمزمل رممن ٱلرسممآرء ممآلء مفمأهخمرمج ربره رممن‬ ‫فمث ل‬
‫ٱلرثمممرارت ررهزقا{ُ ‪ ..‬تحت عنوان‪" :‬الحياة تحت ضوء القرآن"‪.‬‬
‫وفيه يقول‪ ..." :‬هذه الية الكريمة معناها ‪ -‬وال أعلم ‪) -‬وتأمل قوله معناها( أن السلحوم والسماك‬
‫واللبان ‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬أفضل فى التغذية من البقول والقمح والذرة‪ ً،‬وليست الفضلية فى مقدار المواد الزللية‬
‫الضرورية للجسم فى كل نوع‪ ً،‬لن هذا يجب أن ل يكون سببا مهما للفضلية‪ ً،"...‬ثم يعقد مقارنة بين‬
‫بعضِ الغذية وما فيها من نسبة المواد الزللية‪ .‬ثم يقول‪" :‬وقد اهتدت أخيرا لجنة البحاث بإنجلترا إلى‬
‫أن قيمة المواد الزللية تختلف فى نوعها‪ ً،‬وفى المقدار منها الذى يمنع المواد الزللية المكرونة للنسجة‬
‫من أن تخترقا‪ ً،‬ورأوا أن السلحوم بالنسبة للمواد الزللية ونوعها لها قيمة أكثر من اللبن والذرة مثل‬
‫البيان التالى‪:‬‬
‫لحوم لبن البقر أرز بطاطس فول دقيقا ذرة‬
‫‪30 40 70 79 88 100 104‬‬
‫ثم يقول‪" :‬إن هذه النتيجة التى لخصها القرآن الشريف ‪ -‬واعجب لقوله‪ :‬لخصها القرآن الشريف ‪ -‬لم‬
‫تظهر حقيقة ثابتة إل منذ سنوات قليلة ‪."...‬‬
‫وغير هذا كثير فى كتاب "السلم والطب الحديث" مما ل نصدقا أنه مراد ل من خطابه للعرب‬
‫بالقرآن‪ ً،‬وإن كان ل يتعارضِ ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬مع ما ثبت من ذلك علميا وتحققت صحته‪.‬‬
‫**‬
‫هذا ‪ ..‬وأن أعظم علماء العصر الحديث تشيعا للنزعة التفسيرية العلمية‪ ً،‬وأكثرهم إنتاجا لهذا التفسير‬
‫العلمى‪ ً،‬هو المرحوم الشيخْ طنطاوى جوهرى‪ ً،‬إذ أنه على حسب ما رأينا أكثر ممن جمع فى هذا وأطال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فى تفسيره "الجواهر" الذى يقع فى خمسة وعشرين جزءا كبارا‪ ً،‬والمطبوع بمصر سنة )‪ 1341‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1351‬هـ( ولهذا أرى أن أتكلم عنه بما يكشف عن طريقه مؤلفه ومنهجه الذى سلكه فيه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) الجواهر فى تفسير القرآن الكريم )للشيخْ طنطاوى‬
‫جوهرى( (‬

‫* الدوافع التى حملت المؤلف على كتابة هذا التفسير‪:‬‬


‫يخرلف الفيلسوف السلمى المرحوم الشيخْ طنطاوى جوهرى ‪ -‬كما يقول هو عن نفسه ‪" :-‬مغرما‬
‫بالعجائب الكونية معجبا بالبدائع الطبيعية‪ ً،‬مشوقا إلى ما فى السماء من جمال‪ ً،‬وما فى الرضِ من بهاء‬
‫لمة السلمية وتعاليمها الدينية‪ ً،‬ألفى أكثر العقلء‬‫وكمال"‪ ً،‬ثم كان منه ‪ -‬كما يقول ‪ -‬أنه لما تأمل ا ي‬
‫وبعضِ أرجرلة العلماء عن تلك المعانى معرضين‪ ً،‬وعن التفرج عليها ساهين لهين‪ ً،‬فقليل منهم ممن مفركر‬
‫فى خلقا العوارلم وما يأودع فيها من الغرائب‪ ً،‬فدفعه ذلك إلى أن أرلف كتبا كثيرة مزج فيها اليات القرآنية‬
‫بالعجائب الكونية‪ ً،‬وجعل آيات الوحى مطابقة لعجائب الصنع‪ ً،‬وحكم الخلقا‪ ً،‬وكان من أههم هذه الكتب‬
‫كتاب "نظام العاملم والمم" و "جواهر العلوم" و "التاج المرصع" و "جمال العاملم" و "النظام والسلم" و‬
‫لمة وحياتها" ولكنه وجد أن هذه الكتب ‪ -‬رغم كثرتها‪ ً،‬وانتشارها‪ ً،‬وترجمتها إلى السلغات الجنبية ‪-‬‬ ‫"ا ي‬
‫لم تشف غليله‪ ً،‬فتورجه إلى ذى الرعرزة والجلل‪ ً،‬أن ييوفقه إلى أن ييفيسر القرآن تفسيرا ينطوى على كل ما‬
‫وصل إليه البشر من علوم‪ ً،‬فاستجاب ال دعاءه‪ ً،‬وتم له ما أراد‪.‬‬
‫**‬
‫* متى وكيف شرع المؤلف فى كتابة هذا التفسير؟‬
‫ابتدأ المؤلف هذا التفسير أيام أن كان مدرسا بمدرسة دار العلوم‪ ً،‬فكان يلقى تفسير بعضِ آيات على‬
‫طلبتها‪ .‬وبعضها كان يكتب فى مجلة الملجىء العباسية‪ ً،‬ثم وإلى سيره فى التفسير حتى أخرج لنا هذه‬
‫الموسوعة الكبيرة‪.‬‬
‫**‬
‫*غرضِ المؤلف من تفسيره‪:‬‬
‫ولقد أمل المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من وراء هذا التفسير ‪ -‬كما يقول ‪" -‬أن يشرح ال به قلوبا‪ ً،‬ويهدى‬
‫به يأمما‪ ً،‬وتنقشع به الغشاوة عن أعين عامة المسلمين‪ ً،‬فيفهموا العلوم الكونية"‪ ً،‬وقال‪" :‬وإنى لعلى رجاء‬
‫لمة بهذا الدين‪ ً،‬وينسج على منوال هذا التفسير المسلمون‪ ً،‬ولييقمرأسن فى مشارقا‬‫أن يؤيد ال هذه ا ي‬
‫الرضِ ومغاربها مقرونا بالقبول‪ ً،‬وليولعن بالعجائب السماوية والبدائع الرضية الشبان المويحدون‪ً،‬‬
‫وليرفعن ال مدنيتهم إلى العل‪ ً،‬وليكونن داعيا حثيثا إلى درس العوالم العلوية والسفلية‪ ً،‬وليقومن من هذه‬
‫المة ممن يفوقون الفرنجة فى الزراعة‪ ً،‬والطب‪ ً،‬والمعادن‪ ً،‬والحساب‪ ً،‬والهندسة‪ ً،‬والفلك‪ ً،‬وغيرها من‬
‫العلوم والصناعات"‪.‬‬
‫**‬
‫* مسلك المؤلف فى تفسيره‪:‬‬
‫ولقد وضع المؤلف فى تفسيره هذا ما يحتاجه المسلم من الحكام‪ ً،‬والخلقا‪ ً،‬وعجائب الكون‪ ً،‬وأثبت‬
‫فيه غرائب العلوم وعجائب الخلقا‪ ً،‬مما ميشيوقا المسلمين والمسلمات ‪ -‬كما يقول ‪ -‬إلى الوقوف على‬
‫حقائقا معانى اليات البيينات فى الحيوان والنبات‪ ً،‬والرضِ والسموات‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هذا ‪ ..‬وإن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ليقرر فى تفسيره أن فى القرآن من آيات العلوم ما يربو على‬
‫سبعمائة وخمسين آية‪ ً،‬فى حين أن علم الفقه ل تزيد آياته الصريحة على مائة وخمسين آية‪ ً،‬كما يقرر "‬
‫لمور أظهرها العلم الحديث"‪.‬‬ ‫لمم كثيرة‪ ً،‬وأن سور القرآن متممات ي‬ ‫أن السلم جاء ي‬
‫وكثيرا ما نجد المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فى تفسيره يهيب بالمسلمين أن يتأملوا فى آيات القرآن التى ترشد‬
‫إلى علوم الكون‪ ً،‬ويحثهم على العمل بما فيها‪ ً،‬ويندد بمن ييغفل هذه اليات على كثرتها‪ ً،‬وينعى على ممن‬
‫أغفلها من السابقين الرولين‪ ً،‬ووقف عند آيات الحكام وغيرها مما يتعلقا بيأمور العقيدة‪.‬‬
‫نجد المؤلف يكرر هذه النغمة فى كثير من مواضع الكتاب فيقول فى موضع منه‪" :‬يا أمة السلم؛ً آيات‬
‫معدودات فى الفرائضِ اجتذبت فرعا من علم الرياضيات‪ ً،‬فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب‬
‫الدنيا كلها ‪ ..‬هذا زمان العلوم‪ ً،‬وهذا زمان ظهور نور السلم‪ ً،‬هذا زمان رقيه‪ ً،‬يا ليت شعرى ‪ ..‬لماذا‬
‫ل نعمل فى آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا فى آيات الميراث؟ ولكنى أقول‪ :‬الحمد ل ‪ ...‬الحمد ل‪ً،‬‬
‫إنك تقرأ فى هذا التفسير خلصات من العلوم‪ ً،‬ودراستها أفضل من دراسة علم الفرائضِ‪ ً،‬لنه فرضِ‬
‫كفاية‪ ً،‬فأما هذه فإنها للزدياد فى معرفة ال وهى فرضِ معهين على كل قادر ‪ ...‬إن هذه العلوم التى‬
‫أدخلناها فى تفسير القرآن‪ ً،‬هى التى أغفلها الجهلء المغرورون من صغار الفقهاء فى السلم‪ ً،‬فهذا‬
‫زمان النقلب‪ ً،‬وظهور الحقائقا‪ ً،‬وال يهدى ممن يشاء إلى صراط مستقيم"‪.‬‬
‫ويقول فى موضع آخر‪" :‬إن نظام التعليم السلمى ل بد من ارتقائه‪ ً،‬فعلوم البلغة ليست هى نهاية‬
‫علوم القرآن‪ ً،‬بل هى علوم لفظه‪ ً،‬وما نكتبه اليوم علوم معناه‪ ً،‬وانطباقها على العلوم التى أظهرها ال‬
‫فى الرضِ‪ ً،‬ولعل هذا الزمان سيظهر فيه آثار من قوله تعالى‪} :‬يثرم إررن معملهيمنا مبميامنيه{ُ‪ ً،‬فإن البيان المذكور‬
‫فى سورة القيامة يفيسر بمعنى أننا نبينه بلسانك فتقرأه كما أقرأك جبريل‪ ً،‬وبمعنى أرنه إذا أشكل شىء من‬
‫معانيه فنحن نبينه لك‪ ً،‬وعلينا بيان ما فيه من الحكام والعجائب ول مجمرم أن ما يتجدد اليوم من العلوم‬
‫لمة السلم‪ ً،‬فالحمد ل الذى‬ ‫مما يذركر فى هذا التفسير وما لم ييذكر‪ ً،‬من البيان الذى أكد ال أنه ييظهره ي‬
‫وفقا فى هذا التفسير لبعضِ العرفان تصديقا لما ذكر ال من أن عليه البيان"‪.‬‬
‫للوف من الكتب السلمية فى علم‬ ‫ويقول فى موضع آخر‪" :‬لماذا أرلف علماء السلم عشرات ا ي‬
‫الفقه ‪ ...‬وعلم الفقه ليس فه فى القرآن إل آيات قلئل ل تصل مائة وخمسين آية؟ فلماذا كثير التأليف‬
‫فى علم الفقه‪ ً،‬ومقرل جدا فى علوم الكائنات التى ل تخلو منها سورة؟ بل هى تبلغ سبعمائة وخمسين آية‬
‫صريحة‪ ً،‬وهناك آيات أخرى دللتها تقرب من الصراحة‪ .‬فهل يجوز فى عقل أو شرع أن يبرع‬
‫المسلمون فى علم آياته قليلة‪ .‬ويجهلوا علما آياته كثيرة جدا؟ إن آباءنا برعوا فى الفقه‪ ً،‬فلنبرع نحن الن‬
‫لمة"‪.‬‬‫فى علم الكائنات ‪ ..‬لنقم به لترقى ا ي‬
‫**‬
‫* لم يلقا تفسير الجواهر قبولل لدى كثير من المثقفين‪:‬‬
‫هذه المقالت ‪ -‬وغيرها كثير فى تفسير الجواهر ‪ -‬نجد أغلبها قد صدر من المؤلف فى مقام الرد على‬
‫ممن كان يوجه إليه الرلوم والعتراضِ على ما كان منه من تحميل القرآن الكريم علوما ونظريات‬
‫مستحمدثة ل عهد للعرب بها‪ ً،‬ول صلة للقرآن بشىء منها‪.‬‬
‫ويظهر لمن يتصفح هذا التفسير أن المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬لقى الكثير من لوم العلماء على مسلكه‬
‫الذى سلكه فى تفسيره‪ ً،‬مما يدل على أن هذه النزعة التفسيرية لم تلقا قبولل لدى كثير من المثقفين‪.‬‬
‫**‬
‫* مصادرة المملكة السعودية لتفسير الجواهر‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ولعل هذا المنزع فى تفسير القرآن الكريم هو السر الذى من أجله صادرت المملكة العربية السعودية‬
‫هذا الكتاب‪ ً،‬ولم تسمح بدخوله إلى بلدها‪ ً،‬كما يجد القارئ ذلك فى نص الكتاب المرسل من المؤلف‬
‫إلى الملك عبد العزيز آل سعود‪ ً،‬ملك نجد والحجاز )ص ‪ 238‬من الجزء الخامس والعشرين(‪.‬‬
‫**‬
‫* طريقة المؤلف فى هذا التفسير‪:‬‬
‫هذا وإنى ‪ -‬بعد أن قرأت الكثير من هذا التفسير ‪ -‬أستطيع أن أعطيك صورة واضحة عن منهج‬
‫المؤلف وطريقته التى سلكها فيه‪ ً،‬وذلك أن المؤلف رحمه ال يفسر اليات القرآنية تفسيرا لفظيا‬
‫مختصرا‪ ً،‬ل يكاد يخرج عما فى كتب التفسير المألوفة لنا والمتداولة بين أيدينا‪ ً،‬ولكنه سرعان ما‬
‫يخلص من هذا التفسير الذى يسميه لفظيا‪ ً،‬ويدخل فى أبحاث علمية مستفيضة يسميها هو "لطائف" أو‬
‫"جواهر"‪ ..‬هذه البحاث عبارة عن مجموعة كبيرة من أفكار علماء الشرقا والغرب فى العصر الحديث‪ً،‬‬
‫أتى بها المؤلف‪ ً،‬ليبين للمسلمين ولغير المسلمين أن القرآن الكيم قد سبقا إلى هذه البحاث ونربه على‬
‫تلك العلوم قبل أن يصل إليها هؤلء العلماء بقرون متطاولة‪.‬‬
‫ثم إننا نجد المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يضع لنا فى تفسيره هذا كثيرا من صور النباتات‪ ً،‬والحيوانات‪ً،‬‬
‫ومناظر الطبيعة‪ ً،‬وتجارب العلوم‪ ً،‬بقصد أن يوضح للقارئ ما يقول توضيحا يجعل الحقيقة أمامه‬
‫كالمر المشامهد المحسوس‪.‬‬
‫كذلك نجد المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يستشهد أحيانا على ما يقول بما جاء فى النجيل‪ ً،‬واعتماده فيما ينقل‬
‫على إنجيل "برنابا" لنه ‪ -‬كما يرى ‪ -‬أصح الناجيل‪ ً،‬بل هو النجيل الوحيد الذى لم تصل إليه يد‬
‫التحريف والتبديل كما قيل‪.‬‬
‫وكثيرا ما نرى المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يشرح بعضِ الحقائقا الدينية بما جاء عن أفلطون فى‬
‫جمهوريته‪ ً،‬أو بما جاء عن إخوان الصفا فى رسائلهم‪ ً،‬وهو حين ينقهل ييبدى لنا رضاه عنها‪ ً،‬وتصديقه‬
‫بها‪ ً،‬مع أنها تخالف الثابت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫كما أنه يستخرج كثيرا من علوم القرآن بواسطة حساب اليجرمل الذى ل ينصردقا أنه يوصل إلى حقيقة‬
‫ثابتة‪ ً،‬وإنما هى عدوى تسربت من اليهود إلى المسلمين‪ ً،‬فتسرلطت على عقول الكثير منهم‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإرنا لنجد المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ييفيسر آيات القرآن تفسيرا علميا يقوم على نظريات حديثة‪ً،‬‬
‫وعلوم جديدة‪ ً،‬لم يكن للعرب عهد بها من قبل‪ ً،‬ولست أرى هذا المسلك فى التفسير إل ضربا من‬
‫التكلف‪ ً،‬إن لم يذهب بغرضِ القرآن‪ ً،‬فل أقل من أن ييذهب بجلله وجماله‪.‬‬
‫وإليك بعضِ ما جاء فى هذا التفسير‪:‬‬
‫* نماذج من هذا التفسير‪:‬‬
‫صربمر معلمـى‬‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [61‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهليتهم ميايمومسـى ملن رن ه‬ ‫فمث ل‬
‫ضِ رمن مبهقرلمها مورقرثآرئمها مويفورممها مومعمدرسمها مومب م‬
‫صرلمها مقامل‬ ‫مطمعام موارحهَد مفٱِهديع لممنا مرربمك يهخررهج لممنا رمرما يتهنربيت ٱ م‬
‫لهر ي‬ ‫هَ‬
‫أممتهسمتهبرديلومن ٱرلرذيِ يهمو مأهدمنـى ربٱِرلرذيِ يهمو مخهيفر{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪" :‬الفوائد الطيبة فى هذه الية" ثم يأخذ فى‬
‫بيان ما أثبته الطب الحديث من نظريات طبية‪ ً،‬ويذكر مناهج أطباء أوروبا فى الطب‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬أممو‬
‫ليست هذه المناهج هى التى نحا نحوها القرآن؟ أممو ليس قوله‪} :‬أممتهسمتهبرديلومن ٱرلرذيِ يهمو مأهدمنـى ربٱِرلرذيِ يهمو مخهيفر{ُ‬
‫رمزا لذلك؟ كأنه يقول‪ :‬العيشة البدوية على المن والسلوى ‪ ...‬وهما الطعامات الخفيفان اللذان ل مرضِ‬
‫يتبعهما‪ ً،‬مع الهواء النقى والحياة الحرة‪ ً،‬أفضل من حياة شقية فى المدن بأكل التوابل‪ ً،‬واللحم‪ ً،‬والكثار‬
‫من ألوان الطعام‪ ً،‬مع الذلة‪ ً،‬وجور الحكام‪ ً،‬والجبن‪ ً،‬وطمع الجيران من الممالك‪ ً،‬فتختطفكم فى حين‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫غفلة وأنتم ل تشعرون‪ .‬بمثل هذا يتفيسر هذه اليات‪ .‬بمثل هذا فليفهم المسلمون كتاب ال"‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى اليات ]‪ [67‬وما بعدها من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ مقامل يمومسـى رلمقهورمره إررن‬ ‫ومث ل‬
‫ٱلرلمه ميهأيميريكهم أمهن متهذمبيحوها مبمقمر لة{ُ ‪ ....‬اليات إلى آخر القصة‪ ً،‬نجده يعقد بحثا فى عجائب القرآن وغرائبه‪ً،‬‬
‫فيذكر ما انطوت عليه هذه اليات من عجائب‪ ً،‬ويذكر ‪ -‬فيما يذكر ‪ -‬علم تحضير الرواح فيقول‪.." :‬‬
‫وأما علم تحضير الرواح فإنه من هذه الية استخراجه‪ ً،‬إن هذه الية يتتلى‪ ً،‬والمسلمون يؤمنون بها‪ً،‬‬
‫حتى ظهر علم الرواح بأمريكا أولل‪ ً،‬ثم بسائر أوروبا ثانيا" ‪ ..‬ثم ذكر ينبذة طويلة عن مبدأ ظهور هذا‬
‫العلم‪ ً،‬وكيف كان انتشاره بين المم‪ ً،‬وفائدة هذا العلم‪ ً،‬ثم قال أخيرا‪" :‬ولما كانت السورة التى نحن‬
‫بصددها قد جاء فيها حياة للعزير بعد موته‪ ً،‬وكذلك حماره‪ ً،‬ومسألة الطير وإبراهيم الخليل‪ ً،‬ومسألة‬
‫الذين خرجوا من ديارهم فرارا من الطاعون‪ ً،‬فماتوا ثم أيحاهم ‪ ..‬وعلم ال أننا نعجز عن ذلك‪ ً،‬جعل‬
‫قبل ذكر تلك الثلثة فى السورة ما يرمز إلى استحضار الرواح فى مسألة البقرة‪ ً،‬كأنه يقول‪ :‬إذا قرأتم‬
‫ما جاء عن بنى إسرائيل فى إحياء الموتى فى هذه السورة عند أواخرها‪ .‬فل تيأسوا من ذلك‪ ً،‬فإنى قد‬
‫بدأت بذكر استحضار الرواح‪ ً،‬فاستحضروها بطرقها المعروفة‪ ً،‬واسألوا أهل الرذكر إن كنتم ل تعلمون‪ً،‬‬
‫ضر ذا قلب نفى خالص على قدم النبياء والمرسلين‪ ً،‬كالعزير‪ ً،‬وإبراهيم‪ ً،‬وموسى‪ً،‬‬ ‫ولكن ليكن اليممح ي‬
‫فهؤلء لعلو نفوسهم أريتهم بالمعاينة‪ ً،‬وأنا أمرت نبيكم أن يقتدى بهم فقلت‪} :‬مفربيهمدايهيم ٱهقمتردهه{ُ‪.‬‬
‫ل عنوانه‪:‬‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى أول سورة آل عمران‪} :‬آلم{ُ نجده يعقد بحثا طوي ل‬ ‫ومث ل‬
‫"السرار الكيميائية‪ ً،‬فى الحروف الهجائية‪ ً،‬للمم السلمية‪ ً،‬فى أوائل السور القرآنية" وفيه يقول‪" :‬انظر‬
‫رعاك ال ‪ -‬تأمل ‪ -‬يقول ال‪} :‬أ‪.‬ل‪.‬م{ُ‪} ً،‬طس{ُ‪} ً،‬حم{ُ ‪ ..‬وهكذا يقول لنا‪ :‬أيها الناس؛ً إن الحروف‬
‫الهجائية‪ ً،‬إليها تحلل الكلمات السلغوية‪ ً،‬فما من لغة فى الرضِ إل وأرجعها أهلها إلى حروفها الصلية‪ً،‬‬
‫سواء أكانت السلغة العربية أم السلغات العجمية‪ ً،‬شرقية وغربية‪ ً،‬فل صرف‪ ً،‬ول إملء‪ ً،‬ول اشتقاقا إل‬
‫بتحليل الكلمات إلى حروفها‪ ً،‬ول سبيل لتعليم لغة وفهمها إل بتحليلها‪ ً،‬وهذا هو القانون المسنون فى‬
‫سائر العلوم والفنون‪.‬‬
‫ول جمرمم أن العلوم قسمان‪ :‬يلغوية وغير يلغوية‪ ً،‬فالعلوم السلغوية مقدمة فى التعليم‪ ً،‬لنها وسيلة إلى معرفة‬
‫الحقائقا العلمية من رياضية وطبيعية وإلهية‪ ً،‬فإذا كانت العلوم التى هى آلة لغيرها ل يتعرف حقائقها إل‬
‫بتحليلها إلى أصولها‪ ً،‬فكيف إذن تكون العلوم المقصودة لنتائجها المادية والمعنوية؟ فهى أولى بالتحليل‬
‫وأجدر بإرجاعها إلى يأصولها الرولية التى ل تعرف الحساب إل بمعرفة بسائط العداد‪ ً،‬ول الهندسة إل‬
‫بعد علم البسائط والمقدمات‪ ً،‬ول علوم الكيمياء إل بمعرفة العناصر وتحليل المركبات إليها‪ ً،‬فرجع المر‬
‫إلى تحليل العلوم"‪.‬‬
‫ل نراه يعرضِ لوقهل تعالى فى الية ]‪ [24‬من سورة النور‪} :‬ميهوم متهشمهيد معلمهيرههم أمهلرسمنيتيههم موأمهيرديرههم‬ ‫ومث ل‬
‫موأمهريجلييههم ربمما مكاينوها ميهعمميلومن{ُ‪..‬‬
‫صايريههم‬ ‫صلت‪} :‬محرتـى إرمذا مما مجآيءومها مشرهمد معلمهيرههم مسهميعيههم موأمهب م‬ ‫وقوله فى اليات ]‪ [22 - 20‬من سورة يف ي‬
‫مويجيلويديهم ربمما مكاينوها ميهعمميلومن * مومقايلوها رليجيلوردرههم رلم مشرهدستهم معملهيمنا مقالييوها مأنمطمقمنا ٱللريه ٱرلرذيِ مأنمطمقا يكرل مشهيهَء مويهمو‬
‫ل يجيلويديكهم‬ ‫صايريكهم مو م‬ ‫ل أمهب م‬
‫مخلممقيكهم أمرومل ممررهَة موإرلمهيره يتهرمجيعومن * مومما يكنيتهم متهسمترتيرومن مأن ميهشمهمد معلمهييكهم مسهميعيكهم مو م‬
‫ل ميهعلميم مكرثيرا يمرما متهعمميلومن{ُ‪.‬‬ ‫مولمــركن مظمننيتهم أمرن ٱلرلمه م‬
‫وقوله فى الية ]‪ [65‬من سورة يس‪} :‬ٱهلميهوم منهخرتيم معملـى أمهفموارهرههم مويتمكلييممنآ أمهيرديرههم مومتهشمهيد أمهريجلييههم ربمما مكاينوها‬
‫ميهكرسيبومن{ُ‪.‬‬
‫ثم يقول‪" :‬أو ليس الستدلل بآثار القدام‪ ً،‬وآثار أصابع اليدى فى أيامنا حاضرة‪ ً،‬هو نفس الذى صررح‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫به القرآن‪ ً،‬وإذا كان ال يعلم ما فى المواطن بل هو القائل للنسان‪} :‬مكمفـى ربمنهفرسمك ٱهلميهوم معملهيمك محرسيبا{ُ‪ً،‬‬
‫صيمرفة{ُ‪ ً،‬أفل يكون ذكر اليدى والرجل والجلود وشهادتها يوم القيامة‬ ‫لنمساين معلمـى منهفرسره مب ر‬
‫والقائل‪} :‬مبرل ٱ ر‬
‫ليلفت عقولنا إلى أن من الدلئل ما ليس بالبيينات المشهورة عند المسلمين؟ وأن هناك ما هو أفضل‬
‫منها؟ ‪ ...‬وهى التى يحكم بها ال فاحكموا بها‪ .‬ويكون ذلك القول لينبهنا ويفهمنا أن اليدى فيها أسرار‪ً،‬‬
‫وفى الرجل أسرار‪ ً،‬وفى النفوس أسرار‪ :‬فاليدى ل تشتبه‪ ً،‬والرجل ل تشتبه‪ ً،‬فاحكموا على الجانين‬
‫والسارقين بآثارهم ‪ ..‬أمو ليس فى الحقا أن أقول‪ :‬إن هذا من معجزات القرآن وغرائبه؟ وإل فلماذا هذه‬
‫المسائل التى ظهرت فى هذا العصر تظهر فى القرآن بنصها وفصها"‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [6 ً،5‬من سورة طه‪} :‬ٱلررهحممــين معملى ٱهلمعهررش ٱهسمتموـى *‬ ‫ومث ل‬
‫ضِ مومما مبهيمنيهمما مومما متهحمت ٱلرثمرـى{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪ .." :‬قوله‪} :‬مومما مبهيمنيهمما{ُ‬‫لهر ر‬‫لميه مما رفي ٱلرسمماموارت مومما رفي ٱ م‬
‫دخل فى ذلك عوالم السحاب والكهرباء وجميع العالم المسمى "الثار العلوية" وهو من علوم الطبيعة‬
‫قديما وحديثا‪ ً،‬وقولهك }مومما متهحمت ٱلرثمرـى{ُ يشير لعلمين لم ييعرفا إل فى زماننا‪ ً،‬وهما علم طبقات‬
‫الرضِ‪ ً،‬المتقدم مرارا فى هذا التفسير‪ ً،‬وعلم الثار‪ ً،‬المتقدم بعضه فى سورة يونس ‪ ..‬فال هنا يقول‪:‬‬
‫}مومما متهحمت ٱلرثمرـى{ُ ليحرص المسلمون على دراسة علوم المصريين التى تظهر الن تحت الثرى"‪.‬‬
‫ضِ‬ ‫لهر م‬ ‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [30‬من سورة النبياء‪} :‬أمموملهم ميمر ٱرلرذيمن مكمفيريوها أمرن ٱلرسمماموارت موٱ م‬ ‫ومث ل‬
‫مكامنمتا مر هتقا{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬ها أنت قد اطلعت على ما أبرزه القرآن قبل مئات السنين‪ ً،‬من أن‬
‫السموات والرضِ ‪ -‬أيِ الشمس والكواكب وما هى فيه من العوالم ‪ -‬كانت ملتحمة ففصلها ال تعالى‪ً،‬‬
‫وقلنا‪ :‬إن هذه معجزة‪ ً،‬لن هذا العلم لم يعرفه الناس إل فى هذه العصور‪ ً،‬أل ترى أن كثيرا من‬
‫المف يسرين قالوا‪ :‬إن الكفار فى ذلك الوقت ليس لديهم هذا العلم‪ .‬فكان جوابهم على ذلك أنهم أخبروا به‬
‫فى نفس هذه الية‪ ً،‬فكأن الية تستدل عليهم بنفس ما نزلت به‪ ً،‬وذلك أن هذه المور لم يتخلقا‪ .‬وقد أخذ‬
‫العلماء ييؤيولون تأويلت شرتى لفرط ذكائهم وحرصهم رحمهم ال‪ ً،‬وها نحن يأولء نجد هذه العولم‬
‫المكنونة المخزونة قد أبرزها ال على أيدى الفرنجة‪ ً،‬كما نطقا القرآن هنا‪ ً،‬كأنه يقول‪ :‬سيرى الذين‬
‫كفروا أن السموات والرضِ كانت مرتوقة ففصلنا بينهما‪ ً،‬فهو وإن ذكرها بلفظ الماضة فقد قصد منه‬
‫المستقبل كقوله تعالى‪} :‬أممتـى أمهمير ٱلرلره{ُ‪ ..‬وهذه معجزة تامة للقرآن‪ ً،‬وعجيبة من أعجب ما يسمعه الناس‬
‫فى هذه الحياة الدنيا"‪..‬‬
‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [15‬من سورة الرحمن‪} :‬مومخلممقا ٱهلمجآرن رمن رماررهَج يمن رناهَر{ُ‪ ..‬نجده يقول‪:‬‬ ‫ومث ل‬
‫"والمارج المختلط بعضه ببعضِ‪ ً،‬فيكون الرلهب الحمر والصفر والخضر مختلطات‪ ً،‬وكما أن النسان‬
‫من عناصر مختلفات هكذا الجان من أنواع من الرلهب مختلطات‪ ً،‬ولقد ظهر فى الكشف الحديث أن‬
‫الضوء مر سكب من ألوان سبعة غير ما لم يعلموه‪ .‬فلفظ المارج يشير إلى تركيب الضواء من ألوانها‬
‫السبعة‪ ً،‬وإلى أن اللهب مضطرب دائما‪ ً،‬وإنما يخرلقا الجن من ذلك المارج المضطرب‪ ً،‬إشارة إلى أن‬
‫نفوس الجان ل تزال فى حاجة إلى التهذيب والتكميل‪ .‬تأمل فى مقال علماء الرواح الذين استحضروها‬
‫إذ أفادتهم أن الروح الكاملة تكون عند استحضارها ساكنة هادئة‪ ً،‬أما الروح الناقصة فإنها تكون قلقة‬
‫مضطربة"‪.‬‬
‫صمرارن{ُ‬ ‫ل متنمت ر‬‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [35‬من السورة نفسها‪} :‬يهرمسيل معلمهييكمما يشموافظ يمن رناهَر موينمحافس مف م‬
‫‪ ..‬يقول‪" :‬إنه عربر هنا بـ }يشموافظ يمن رناهَر{ُ وفيما تقدم بقوله‪} :‬رمن رماررهَج يمن رناهَر{ُ‪ ً،‬والشواط والمارج‬
‫كلهما الرلهب الخالص‪ ً،‬فلماذا جعل الجان مخلوقا من مارج ولم يقل من شواظ؟ فاعلم أن المارج فيه‬
‫معنى الضطراب كما تقدم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وقد أنبت ذلك هناك‪ ً،‬وهذا الضطراب يفيد اضطراب الروح كما تقدم فى علم الرواح‪ ً،‬وأيضا اختلط‬
‫اللوان الن معروف فى التحليل فهو من هذا القبيل ‪ ..‬وهذه الفكرة لم يتعرف قط إل فى زماننا هذا‪ً،‬‬
‫فإن تحليل الضوء والعلم بأنه مختلط‪ ً،‬والطلع على عالم الرواح الناقصة وأنها مضطربة‪ ً،‬لم يكن إل‬
‫فى زماننا‪ ً،‬وهذا من أعاجيب القرآن التى ل يتدرك إل بقراءة العلوم‪ ً،‬وليس يعقلها الناس بفن البلغة‬
‫المعروف‪ ً،‬فل أصحاب المعلقات يدركونها‪ ً،‬ول الذين بعدهم يعلمونها‪ ً،‬فهل لمثل امرىء القيس‪ ً،‬أو‬
‫لبى العلء‪ ً،‬أو المتنبى أن يتناولوا هذه المعانى فى أقوالهم؟ كل ‪ ..‬فهذه البلغة ل تخطر ببالهم‪ ً،‬وأرنى‬
‫لهم علم الروح حتى يخصصوها بلفظ مارج؟ وعند إنزال العذاب يذكرون الشواظ"‪.‬‬
‫ل فى سورة الزلزلة نجده ييفيسرها تفسيرا لفظيا مختصرا‪ ً،‬ثم يذكر ما فيها من لطائف‪ ً،‬مستعرضا ما‬ ‫ومث ل‬
‫وقع من حوادث الزلزال فى إيطاليا‪ ً،‬وما وصل إليه العلم الحديث من استخراج الفحم والبترول من‬
‫الرضِ‪ ً،‬وما كثر فى هذا الزمان من استخراج الدفائن من الرضِ‪ ً،‬مثل ما يكرشف فى مصر من آثار‬
‫قدمائها‪ ً،‬ثم يقول ‪ -‬بعد ما يفيضِ فى هذا وغيره‪" :‬ألست ترى أن هذه السورة ‪ -‬وإن كانت واردة‬
‫لحوال الخرة ‪ -‬تشير من طرف خفى إلى ما ذكرنا فى الدنيا؟ فالرضِ الن كأنها فى حالة زلزلة‪ً،‬‬
‫وقد أخرجت أثقالها‪ ً،‬كنوزها وموتاها وغيرها‪ ً،‬والناس الن يتساءلون‪ ً،‬وها هم يأولء ييلهمون الختراع‪ً،‬‬
‫وها هم يأولء مقبلون على زمان تنسيقا العمال بحيث تكون كل أمة فى عمل يناسبها‪ ً،‬وكل إنسان فى‬
‫عمله الخاص به وينتفع به"‪.‬‬
‫ل نجده بعد أن يفرغا من تفسير سورة الكوثر‪ ً،‬وسورة الكافرون‪ ً،‬وسورة النصر‪ ً،‬يذكر لنا بحثا‬ ‫ومث ل‬
‫مستفيضا عنوانه‪" :‬تطبيقا عام على سورة الكوثر والنصر وما بينهما" وفيه نجده يتأثر بنزعته التفسيرية‬
‫العلمية إلى درجة جعلته يمحيمل نصوص الشارع من المعانى الرمزية ما ييستبعد أن يكون مرادا لها‪.‬‬
‫وذلك أنه يقرر أو لل أن هذه السور لم تكن خاصة بزمان النبوة‪ ً،‬ول بفتح مكة ونصر جيشها‪ ً،‬لن هذه‬
‫المة كانت عند نزول هذه السور فى أول عمرها‪ ً،‬وسيطول إن شاء ال‪ ً،‬وكم سيكون لها من فتوح‬
‫وانتصارات‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬وإذا كان المر كما وصفنا ونحن أبناء العرب‪ ً،‬وورثة النبى الذى جاء منا ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬ولغتنا فى مصر‪ ً،‬والشام‪ ً،‬والعراقا‪ ً،‬وشمال إفريقيا‪ ً،‬هى لغة القرآن فلنبين للناس بعدنا سر هذه‬
‫السور‪ ً،‬فقد كان العلماء قبلنا يكتمونها‪ ً،‬خوفا من أهل زمانهم‪ ً،‬ولكرنا الن يجب علينا إبرازه وإظهاره‪ً،‬‬
‫لتأخذ هذه المة بعدنا حظها من الحياة‪ ً،‬وقصسها من الصلح"‪.‬‬
‫ثم أخذ ييبيين لنا الكوثر‪ ً،‬وأوصاف كيزانه‪ ً،‬وطيره‪ ً،‬وأوصاف ممن سيرد عليه من المسلمين‪ ً،‬بما جاء فى‬
‫الحادين عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬ثم قال ‪ -‬بعد هذا كله‪" :‬اعلم أن هذه الحاديث وردت‬
‫لغاية أرقى مما يراها الذين ل يفكرون‪ ً،‬كم يأمم جاءت قبلنا وجاء فيهم مصلحون‪ ً،‬فماذا فعلوا؟ ألقوا‬
‫إليهم العلم بهيئة جميلة‪ ً،‬وصورة مفرحة‪ ً،‬وبهجة وجمال‪ .‬ول نزال نرى كل أمة حاضرة كفائتة‪.‬‬
‫لمة بهيئة تسر الجمهور"‪.‬‬ ‫جميعهم يصيغون ما يريدون من الجمال‪ ً،‬والحكمة‪ ً،‬والعلم‪ ً،‬ورقى ا ي‬
‫ثم يقول‪" :‬الجاهل يسمع السدر والياقوت‪ ً،‬وشرابا أحلى من العسل‪ ً،‬فيفرح ويعبد ال ليصل إلى هذه الرلذت‬
‫التى تقر بها عينه ‪ ..‬والعالم ينظر فيقول‪ :‬إن هذا القول وراءه حكمة ووراءه علم‪ ً،‬لنى أرى فى خلل‬
‫القول عجائب‪ .‬فلماذا يذكر أن الكيزان أو الباريقا أو نحو ذلك عدد نجوم السماء! وأى دخل لنجوم‬
‫السماء هنا؟ ولماذا عربر به"؟‪ ..‬ثم يقول‪" :‬لماذا ذكر أن الذين يردون الحوضِ عليهم آثار الوضوء؟‬
‫ورلمم؟ ‪ ...‬ورل مم؟ ‪ ..‬الحقا أن نبينا محمدا صلى ال عليه وسلم يريد أمرين‪ :‬أمرا واضحا جليا يفرح به‬
‫جميع الناس‪ ً،‬وأمرا يختص باليقرواد والعظماء‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إن النبوة بأمر ال‪ ً،‬وال جعل فى أهل الرضِ فلحين ل يعرفون إل ظواهر الزرع‪ ً،‬وجعل أطباء‬
‫يستخرجون منافع من الحب والشجر‪ ً،‬وحكماء يستخرجون علوما‪ ً،‬ويكفل ل يعرف إل علمه‪ ً،‬فالطبيب‬
‫يشارك الفلح فى أنه يأكل‪ ً،‬ولكنه يمتاز عنه بإدراك المنافع الطبية‪ .‬فالطبيب يشارك الفاح فى أنه يأكل‪ً،‬‬
‫ولكنه يمتاز عنه بإدراك المنافع الطبية‪ .‬هكذا حكماء المة السلمية يشاركون الجهلء فى أنهم يفهمون‬
‫لمة الذين يقودونها‪.‬‬ ‫الحوضِ كما فهموه‪ ً،‬ويردونه معهم كما يردونه‪ ً،‬ولكن هؤلء يمتازون بأنهم يقرواد ا ي‬
‫فماذا يقولون؟ يقولون إن النبى صلى ال عليه وسلم يريد معانى أرقى‪ .‬إن الجنة فيها ما ل معهين رأت‪ً،‬‬
‫ول أذن سمعت‪ ً،‬ول مخمطمر على قلب بشر‪ ً،‬فليس الماء الذى هو أحلى من العسل وأبيضِ من الثلج كل‬
‫صت النجوم بالعدد‬ ‫شئ هناك‪ ً،‬ثم إن الجنة ل ظمأ فيها‪ ً،‬وأى شىء عدد نجوم السماء؟ ولماذا اخيت ر‬
‫والوضوء بالثر؟ والذى نقوله‪ :‬إن الحوضِ ييرمز به للعلم مع بقائه على ظاهره‪ ً،‬فل المسك الذفر‪ ً،‬ول‬
‫أنواع الجواهر النفسية من سد رر وياقوت‪ ً،‬ول حلوة العسل الذى فى ذلك الماء‪ ً،‬ول اتساع الحوضِ إل‬
‫أفانين العلم ومناظر بدائعه المختلفة المناهج‪ ً،‬العذبة المشارب‪ ً،‬السارة للناظرين‪ ً،"...‬ثم يخلص من هذا‬
‫كله إلى الستدلل على أن ما ذهب إليه من قبيل الكناية التى هى لفظ يأطلقا ويأريد به لزم معناه مع‬
‫جواز إرادة المعنى الصلى‪ ً،‬ثم يقول ‪ -‬بعد بيان هذه الكناية‪ .." :‬هنا يكون النصر ول يكون إل بعد أن‬
‫يتجافى الناس عن أفعال الملحدين والكفرين‪ ً،‬وجعل العلوم مرتبطة بالربوبية كما تشير إليه سورة‬
‫الكافرون‪ .‬هنا يكون نصر ال والفتح‪ ً،‬ويدخل الناس فى هذه العلوم الحقيقية أفواجا‪ .‬وعلى حكماء‬
‫المسلمين الذين بعدنا متى نشروا هذه الراء العلمية وأمثالها‪ ً،‬ورأوا المسلمين تقردموا ونصروا العلم على‬
‫الجهل فى العاملم النسانى‪ ً،‬وأصبح المسلمون قائمين بما وعدهم ربهم من أنهم خير أمة أخرجت للناس‪ً،‬‬
‫وأنهم رحمة للعالمين‪ ً،‬متى رأى العلماء ذلك فيعلموا أن هذا هو النصر فى زماننا‪ ً،‬وهو الفتح‪ ً،‬وإذن‬
‫فعلى القائمين بذلك أن يحمدوا ربهم ويستغفروه"‪ ..‬إلخْ‪.‬‬
‫هذا هو تفسير الجواهر‪ ً،‬وهذه نماذج منه وضعتها أمام القارئ‪ ً،‬ليقف على مقدار تسلط هذه النزعة‬
‫التفسيرية على قلم مؤلفه وقلبه‪.‬‬
‫والكتاب ‪ -‬كما ترى ‪ -‬موسوعة علمية‪ ً،‬ضربت فى كل فن من فنون العلم بسهم وافر‪ ً،‬مما جعل هذا‬
‫صف به تفسير الفخر الرازى‪ ً،‬فقيل عنه‪" :‬فيه كل شىء إل التفسير" بل هو أحقا‬ ‫التفسير ييوصف بما يو ر‬
‫ر‬
‫من تفسير الفخر بهذا الوصف وأولى به‪ ً،‬وإذا دل الكتاب على شىء‪ ً،‬فهو أن المؤلف رحمه ال كان‬
‫كثيرا ما يسبح فى ملكوت السموات والرضِ بفكره‪ ً،‬ويطوف فى نواح شرتى من العلم بعقله وقلبه‪ً،‬‬
‫لييجلى للناس آيات ال فى الفاقا وفى أنفسهم‪ ً،‬لم لييظهر لهم بعد هذا كله أن القرآن قد جاء متضمنا لكل‬
‫ما جاء ويجىء به النسان من علوم ونظريات‪ ً،‬ولكل ما اشتمل عليه الكون من دلئل وأحداث‪ ً،‬تحقيقا‬
‫لقول ال تعالى فى كتابه‪} :‬رما مفررهطمنا رفي ٱلركمتارب رمن مشهيهَء{ُ ‪ ..‬ولكن هذا خروج بالقرآن عن قصده‪ً،‬‬
‫وانحراف به عن هدفه‪ ً،‬وقد عرفت رأينا في المسألة فل نعيده‪.‬‬
‫**‬
‫* إنكار بعضِ العلماء المعاصرين لهذا الرلون من التفسير‪:‬‬
‫لم يقف العلماء فى هذا العصر موقف الجماع على قبول هذا الرلون من التفسير‪ ً،‬بل نراهم مختلفين فى‬
‫قبوله والقول به‪ ً،‬كما كان الشأن بين ممن سبقهم من العلماء القدمين‪..‬‬
‫وإذا كنا قد وجدنا من العلماء المحمدثين ممن انحاز إلى هذه الفكرة فى التفسير وتأثر بها فى مؤلفاته‪ ً،‬فإرنا‬
‫نجد بجوار هؤالء أيضا كثرة من العلماء لم ترضِ عن هذا الرلون من التفسير‪ ً،‬ولم تستسغ أن تشرح به‬
‫كتاب ال تعالى‪ ً،‬ولم تغمضِ عينها أو تمسك قلمها عن رد هذه الفكرة على أهلها وتناولهم إياها بالنقد‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والتفنيد‪.‬‬
‫نجد هذه المعارضة فى كثير من المحاورات والعتراضات التى يويجمهت إلى صاحب الجواهر‪ ً،‬وذكرها‬
‫لنا فى تفسيره‪.‬‬
‫كما نجد بعضِ أساتذتنا المعاصرين ينعون على ممن يأخذ بهذه الفكرة ويقول بها‪ ً،‬ومن بين هؤلء أستاذنا‬
‫الشيخْ محمود شلتوت‪ .‬فقد تناول هذا الموضوع بالبحث فى العدد )‪ (408) ً،(407‬من السنة التاسعة‬
‫لمجلة الرسالة‪ - .‬إبريل سنة ‪ - 1941‬وفيه يرد على من يذهب إلى هذا الرلون من التفسير بحجج قوية‬
‫واضحة‪.‬‬
‫وهذا هو الستاذ الشيخْ أمين الخولى يتناول هذا الموضوع فى كتابه "التفسير‪ :‬معالم حياته‪ .‬منهجه‬
‫اليوم"‪ ً،‬وفيه يرد على أنصار هذا المذهب فى التفسير بحجج قوية واضحة‪ ً،‬استفدنا منها كثيرا فى تأييد‬
‫ما اخترنا من المذهبين‪.‬‬
‫وهذا هو المرحوم السيد محمد رشيد رضا‪ .‬نجده فى مقدمة تفسيره ينعى على ممن تأثروا فى تفسيرهم‬
‫بنزعاتهم العلمية‪ ً،‬فشغلوا تفاسيرهم بمباحث النحو‪ ً،‬والفقه‪ ً،‬ونكت المعانى‪ ً،‬والبيان‪ ً،‬والسرائيليات ‪...‬‬
‫وغير ذلك‪ ً،‬ويعد هذا صارفا يصرف الناس عن القرآن ومههديه‪ ً،‬ثم ينعى على الفخر الرازى ما أورده‬
‫فى تفسيره من العلوم الحادثة فى الرمرلة‪ ً،‬ويعد هذا صارفا يصرف النسان عن القرآن ومههديه‪ ً،‬كما يتوجه‬
‫بمثل هذا اللوم على ممن قرلد الفخر الرازى فى مسلكه من المعاصرين‪ ً،‬وأظنه أراد صاحب الجواهر‪ً،‬‬
‫وذلك حيث يقول‪ .." :‬وقد زاد الفخر الرازى صارفا آخر عن القرآن‪ ً،‬هو ما يورده فى تفسيره من‬
‫العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها‪ ً،‬وقرلده بعضِ المعاصرين بإيراد مثل هذا من علوم هذا العصر‬
‫وفنونه الكثيرة الواسعة‪ ً،‬فهو يذكر فيما يسميه تفسير الية فصولل طويلة ‪ -‬بمناسبة كلمة مفردة كالسماء‬
‫والرضِ ‪ ً،-‬من علوم الفلك والنبات والحيوان‪ ً،‬تصد قارئها عما أنزل ال لجله القرآن"‪.‬‬
‫وأخيرا ‪ ..‬فهذا هو شيخنا العلمة الستاذ الكبر الشيخْ محمد مصطفى المراغى ‪ -‬رحمه ال رحمة‬
‫واسعة ‪ -‬نجده فى تفريظه لكتاب "السلم والطب الحديث" ل يرضى عن هذا المسلك فى التفسير‪ ً،‬رغم‬
‫أنه مدح الكتاب وأشاد بمجهود مؤلفه‪ ً،‬وذلك حيث يقول‪" :‬لست أريد من هذا ‪ -‬يعنى ثناءه على الكتاب‬
‫ل بالسلوب التعليمى‬ ‫ومؤلفه ‪ -‬أن أقول‪ :‬إن الكتاب الكريم اشتمل على جميع العلوم جملة وتفصي ل‬
‫المعروف‪ ً،‬وإنما أريد أن أقول إنه أتى بيأصول عامة لكل ما يهم النسان معرفته به‪ ً،‬ليبلغ درجة الكمال‬
‫جسدا وروحا‪ ً،‬وترك الباب مفتوحا لهل الرذكر من المشتغلين بالعلوم المختلفة‪ ً،‬ليبينوا للناس جزئياتها‬
‫بقدر ما يأوتوا منها فى الزمان الذى هم عائشون فيه"‪.‬‬
‫وفى موضع آخر يقول‪" :‬يجب أن ل نجر الية إلى العلوم كى ينفيسرها‪ ً،‬ول العلوم إلى الية‪ ً،‬ولكن إن‬
‫اتفقا ظاهر الية مع حقيقة علمية ثابتة فسرناها بها"‪.‬‬
‫ومن هذا كله يتبين أن التفسير العلمى فى العصر الحديث إن كان قد لقى قبولل ورواجا عند بعضِ‬
‫العلماء‪ ً،‬فإنه لم يلقا مثل هذا القبول والرواج عند كثير منهم‪ ً،‬وقا علممت فيما سبقا أى الرأيين أقرب إلى‬
‫الحقا وأحرى بالقبول‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) اللون المذهبى للتفسير فى عصرنا الحاضر (‬

‫لم يبقا من الرفمرقا المنسوبة إلى السلم فى هذا العصر الحديث ممن له كيان‪ ً،‬أو شىء من الكيان ‪-‬‬
‫حسبما نعلم ‪ -‬إل أهل السسرنة‪ ً،‬والمامية الثنا عشرية‪ ً،‬والمامية السماعيلية‪ ً،‬والزيدية‪ ً،‬والباضية من‬
‫الخوارج‪ ً،‬والبهائية من الباطنية‪ ...‬هذه هى الفرقا التى ل تزال فى اعتبارنا قائمة إلى يومنا هذا‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫محتفظة بتعاليمها وعقائدها التى تسير عليها من أول عهدها ومبدأ ظهورها‪.‬‬
‫وإذا كنا قد وقفنا لكل رفهرقة من هذه الرفمرقا فى عصورها السابقة على عمل ظاهر فى تفسير كتاب ال‪ً،‬‬
‫وشرحه على حسب ما تمليه عقيدة المفيسر‪ ً،‬وما يوحى به إليه‪ ً،‬فإرنا ل نعدم هذا الرلون المذهبى لتفسير‬
‫القرآن الكريم فى هذا العصر الحديث‪ ً،‬ولكن بمقدار ما بقى من هذه المذاهب قائما إلى هذا العصر الذى‬
‫نتكلم عنه‪ ً،‬ونتحدث عن ألوان التفسير فيه‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬بقى الرلون المذهبى لتفسير القرآن الكريم قائما فى هذا العصر الحديث‪ ً،‬بمقدار ما بقى قائما من‬
‫المذاهب السلمية‪.‬‬
‫فأهل السسرنة فرسروا القرآن‪ ً،‬وأرلفوا الكتب فيه بما يتفقا وعقيدتهم‪ ً،‬كما نرى ذلك واضحا فيما خرلفته لنا‬
‫مردة الستاذ المام الشيخْ محمد عبده من كتب فى التفسير‪.‬‬
‫والمامية الثنا عشرية فرسروا القرآن وأرلفوا الكتب فيه بما يتمشى مع مذهبهم‪ ً،‬ويتفقا مع أهوائهم‬
‫ومشاربهم‪ ً،‬ومن أحدث كتبهم التى اطلعنا عليها فى التفسير‪ :‬كتاب "بيان السعادة فى مقامات العبادة"‬
‫صل‬
‫ل‪ً،‬‬ ‫للشيخْ سلطان محمد الخراسانى‪ ً،‬من أهل القرن الرابع عشر الهجرى‪ ً،‬وقد سبقا لنا الكلم عنه مف ر‬
‫وكتاب "آلء الرحمن فى تفسير القرآن" للشيخْ محمد جواد النجفى‪ ً،‬المتوفى سنة ‪ 1352‬هـ‪ ً،‬وقد سبقا‬
‫الكلم عنه بإيجاز عند الكلم على أهم كتب التفسير عند المامية الثنا عشرية‪.‬‬
‫والباضية من الخوراج فرسروا القرآن وأرلفوا فيه الكتب بما يناسب عقيدتهم‪ ً،‬ويساير مذهبهم‪ ً،‬كما نجد‬
‫ذلك فى كتاب "هميان الزاد إلى دار المعاد" للشيخْ محمد بن يوسف إطفيش‪ ً،‬المتوفى سنة ‪1322‬هـ‪ً،‬‬
‫وقد ممرر الكلم عنه أيضا‪.‬‬
‫والبهائية من الباطنية نظروا إلى القرآن من خلل عقيدتهم‪ ً،‬فأرولوا وحررفوا‪ ً،‬كما نجد ذلك جليا فى‬
‫رسائل أبى الفضائل الجرفادقانى‪ ً،‬أحد رجال البهائية فى هذا العصر‪.‬‬
‫أما الزيدية ‪ ...‬فهى وإن كانت ل تزال قائمة إلى يومنا هذا‪ ً،‬إل أرنا لم نقف لها على شىء فى التفسير‬
‫فى هذا العصر الحديث‪.‬‬
‫وأما المعتزلة ‪ ...‬فنحن وإن كنا ل نسمع عن قيامها فى هذا العصر كرفرمقة لها كيان‪ ً،‬ووحدة‪ ً،‬ومقيومات‪ً،‬‬
‫إل إرنا نرى أثرا كبيرا لتعاليمها فى تفسير القرآن فى العصر الحديث‪ ً،‬كما يظهر ذلك جليا فى تفاسير‬
‫المامية الثنا عشرية‪ ً،‬والباضية‪ ً،‬ومقالت بعضِ المحدثين من المفيسرين‪.‬‬
‫كل هذه الرف مرقا الموجودة فى هذا العصر‪ ً،‬أضفت على التفسير لونا مذهبيا‪ ً،‬يقوم على تأييد العقيدة‪ً،‬‬
‫وخدمتها على حساب القرآن الكريم‪ ً،‬ول أريد أن أطيل بذكر نماذج من هذا الرلون التفسيرى‪ ً،‬إذ قد سبقا‬
‫لنا الكلم عن هذه الكتب التى ذكرتها‪ ً،‬وذكرت لك منها ما يعطيك صورة واضحة عن الرلون المذهبى‬
‫فى هذا العصر‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) الرلون اللحادى للتفسير فى عصرنا الحاضر (‬

‫منى السلم من زمن بعيد بأناس يكيدون له‪ ً،‬ويعملون على هدمه بكل ما يستطيعون من وسائل الكيد‪ً،‬‬
‫وطرقا الهدم‪ ً،‬وكان من أهم البواب التى طرقوها ليصلوا منها إلى نواياهم السيئة‪ :‬تأويلهم للقرآن‬
‫الكريم على وجوه غير صحيحة‪ ً،‬تتنافى مع ما فى القرآن من هداية‪ ً،‬وتناقضِ ما هو عليه من محجة‬
‫بيضاء‪ ً،‬وتهدف إلى ما سرولته لهم نفوسهم من رنمحهَل خاسرة وأهواء!!‬
‫منى السلم بهذا من أيامه الولى‪ ً،‬ومنى بمثل هذا فى أحدث عصوره‪ ً،‬فظهر فى هذا العصر أشخاص‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يتأ رولون القرآن على غير تأويله‪ ً،‬ويلوونه إلى ما يوافقا شهواتهم‪ ً،‬ويقضى حاجات فى نفوسهم‪ ً،‬فأدخلوا‬
‫فى تفسير القرآن آراء سخيفة‪ ً،‬ومزاعم منبوذة‪ ً،‬تقربلها بعضِ المخدوعين من العامة وأشباه العامة‪ً،‬‬
‫ورفضها بكل إباء ممن حفظ ال عليهم دينهم وعقولهم‪.‬‬
‫* الباعث على هذا الرلون من التفسير‪:‬‬
‫اندفع هؤلء النفر من المؤولة إلى ما ذهبوا إليه من أفهام زائغة فى القرآن بعوامل مختلفة‪ ً،‬فمنهم ممن‬
‫حسب أن التجديد ولو بتحريف كتاب ال سبب لظهوره وشهرته‪ ً،‬فأخذ يثور على قدماء المفيسرين‬
‫ويرميهم جميعا بالسفه والغفلة ثم طلع على الناس بجديده فى تفسير كتاب ال ‪ ...‬جديد ل تقره لغة‬
‫القرآن‪ ً،‬ول يقوم على أصل من الدين‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬ل يرقى به إلى مصاف العلماء‪ ً،‬ولكنه اغتر بما‬ ‫ومنهم ممن تلرقى من العلم حظا يسيرا‪ ً،‬ونصيبا قلي ل‬
‫لديه‪ ً،‬فحسب أنه بلغ مبلغ الراسخين فى العلم‪ ً،‬ونسى أنه مقرل فى علم السلغة نصيبه‪ ً،‬وخف فى علم‬
‫الشريعة وزنه‪ ً،‬فراح ينظر فى كتاب ال نظرة يحررة ل تتقيد بأى أصل من أصول التفسير‪ ً،‬ثم أخذ يهذى‬
‫بأفهام فاسدة‪ ً،‬تتنافى مع ما قرره أئمة السلغة وأئمة الدين‪ ً،‬ولول نظرة يتضح لمن يطلع عليها أنها ل‬
‫تستند إلى يحرجة‪ ً،‬ول تتكئ على دليل‪.‬‬
‫ومنهم من لم يرسم لنفسه رنهحملة دينية‪ ً،‬ولم يسر على عقيدة معروفة‪ ً،‬ولكنه لعبت برأسه الغواية‪ً،‬‬
‫وتسرلطت على قلبه وعقله أفكار وآراء من رنمحهَل مختلفة‪ ً،‬فانطلقا إلى القرآن وهو يحمل فى قلبه ورأسه‬
‫ل ل يقرره العقل ول يرضاه الدين‪.‬‬ ‫هذه المشاج من الراء‪ ً،‬فأخذ ييؤيوله بما يتفقا معها‪ ً،‬تأوي ل‬
‫هؤلء جميعا خاضوا فى القرآن على عماية‪ ً،‬فلم يراعوا فى فهمه قوانين البلغة‪ ً،‬ولم يدخلوا إلى‬
‫تفسيره من باب السسرنة الصحيحة‪ ً،‬وحسبوا أنهم أرضوا ضمائرهم‪ ً،‬وأنصفوا البحث الحر‪ ً،‬والرأى‬
‫الطليقا‪.‬‬
‫ولول أن ال قريضِ لهذا الدين رجالل يدرسونه ببصائر تنفذ إلى يلبابه‪ ً،‬ويدفعهم اليمان والخلص إلى‬
‫أن يبعدوا عنه هذه الخبائث‪ ً،‬التى ييراد أن يتلصقا به أو تنزل فى رحابه ‪ ..‬لول هذا لصاب المسلمين‬
‫من هؤلء المضللين شر مستطير‪ ً،‬ولنتج عن أفكارهم وأهوائهم فتنة فى الرضِ وفساد كبير‪.‬‬
‫وأنا إذ أعرضِ لهذا الرلون من التفسير‪ ً،‬ل أريد أن أذكر أحدا من أصحابه باسمه ولقبه‪ ً،‬إذ ربما كان هذا‬
‫سببا للفتنة‪ ً،‬وباعثا على العداوة‪ ً،‬وكثير منهم أحياء ييرزقون‪ ً،‬ويكفى أن أضع يد القارئ على المراجع‬
‫التى أنقل عنها تفسير هؤلء القوم‪ ً،‬وآراءهم فى القرآن الكريم‪ ً،‬وهى مراجع ميسورة لكل من يريد أن‬
‫يرجع إليها ويطلع عليها‪.‬‬
‫ل تحت عنوان‪" :‬القرآن‬ ‫ل يكتب بحثا طوي ل‬ ‫وجدنا من أصحاب هذا المدلون من ألوان التفسير‪ ً،‬رج ل‬
‫والمفيسرون" وفيه يعرضِ لنواحى التقصير فى تفسير كافة المفيسرين لكتاب ال تعالى‪ ً،‬ويحمل عليهم‬
‫حملة شديدة نكراء‪ ً،‬ويوجه إليهم جميعا نقده الساخر‪ ً،‬ولومه اللذع‪ ً،‬بدون أن يستثنى منهم مفيسرا واحدا‬
‫على كثرتهم‪ ً،‬وكثرة المعتدلين منهم‪.‬‬
‫رأيناه يتهم اليمف يسرين جميعا بأنهم تأثروا فى تفاسيرهم بعقائدهم‪ ً،‬فأمالوا آيات القرآن نحو آرائهم‪ ً،‬فى‬
‫تعسف ظاهر‪ ً،‬وتكلف غير مقبول‪ .‬ورأيناه يرميهم جميعا بأنهم كثيرا ما يكتفون بذكر إسرائيليات ليس‬
‫ل عن طمعهم فى تصحيح هذه السانيد المذكوبة‪ ً،‬ونراه يذكر لهذا التهام الخير‬ ‫ل‪ ً،‬فض ل‬ ‫لها سند أص ل‬
‫ل من أقوالهم فى تفسير قصة أيوب عليه السلم‪ ً،‬ثم يأخذ فى تفنيد ما ذهبوا إليه‪ ً،‬وإبطال ما قالوا به‪ً،‬‬ ‫مث ل‬
‫بأدلة كثيرة ذكرها‪ ً،‬وبعد هذا كله تناول هو قوله تعالى فى اليات ]‪ [44 - 41‬من صورة )ص(‪:‬‬
‫ضِ ربررهجرلمك مهــمذا يمهغمتمسفل‬ ‫}موٱهذيكهر معهبمدمنآ أمسيومب إرهذ منامدـى مرربيه أميني ممرسرنمي ٱلرشهيمطاين ربين ه‬
‫صهَب مومعمذاهَب * ٱهريك ه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ضهغثا‬ ‫لهلمبارب * مويخهذ ربميردمك ر‬ ‫لهورلي ٱ م‬ ‫مبارفد مومشمرافب * مومومههبمنا مليه أمههمليه مورمهثمليههم رممعيههم مرهحمملة يمرنا مورذهكمرـى ي‬
‫ر‬
‫م‬ ‫ه‬
‫صاربرا ينهعم ٱلمعهبيد إررنيه أروافب{ُ‪.‬‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫ضررب يبره مول متهحمنث إررنا مومجهدمنايه م‬ ‫م‬
‫فٱِ ه‬
‫تناول الكاتب هذه اليات‪ ً،‬فشرحها شرحا يخالف ما ذهب إليه المفيسرون جميعا‪ ً،‬مردعيا أن ما ذهب إليه‬
‫هو الذى يساير كل ما ورد من آيات القصص فى القرآن‪ ً،‬ومؤكدا أنه هو الذى يتفقا مع بلغة القرآن‪ً،‬‬
‫وقدسية النبياء‪ ً،‬فقال‪" :‬يجب أن ننظر فى الية نظرة يأخرى ‪ -‬يعنى خلف ما عليه المفيسرون ‪ -‬تساير‬
‫بها نظائرها من آيات القصص‪ ً،‬ونحن إذا التفتنا إلى ما فى هذه الية من أن أيوب عليه السلم قد معمزى‬
‫صهَب مومعمذاهَب{ُ كان ذلك مانعا كل المنع من أن ييراد‬ ‫الينهصب والعذاب للشيطان فقال‪} :‬ممرسرنمي ٱلرشهيمطاين ربين ه‬
‫بالينهصب والعذاب داء أصاب أيوب‪ ً،‬وكان من نتائجه ما ذكره المفيسرون ‪ ..‬إذ الشيطان ل يملك للنسان‬
‫إل أن ينزغه‪ ً،‬ويوسوس إليه‪ ً،‬فيلويه عن الخير إلى الشر‪ ً،‬وعن العزم فى سبيل الغاية إلى التردد‬
‫والهزيمة‪ ً،‬وإنه ما من نبى ول رسول إل وقد نزل به هذا المصاب‪ ..‬مصاب إعراضِ الناس‬
‫واستهوائهم بالدعوة والداعين‪ ً،‬وصد الشيطان لهم عن سبيل ال‪} :‬موممآ أمهرمسهلمنا رمن مقهبرلمك رمن رريسوهَل مو م‬
‫ل‬
‫منرب ري{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬وما كانت شكوى النبياء إل من إعراضِ أممهم عن الستجابة‪ ً،‬ول كان حزنهم الذى‬
‫كان يبلغ أحيانا حد الهلك للنفس إل لبطء فى سير الدعوة إلى ال تعالى‪ ً،‬انظر قوله تعالى‪} :‬مو م‬
‫ل‬
‫ضهيهَقا يمرما ميهميكيرومن{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬مفملمعلرمك مبارخفع رنهفمسمك معملـى آمثارررههم رإن لرهم‬ ‫ل متيك رفي م‬ ‫متهحمزهن معملهيرههم مو م‬
‫يهؤرمينوها ربمهــمذا ٱهلمحرديرث أممسفا{ُ‪..‬‬
‫ولما كانت الشكوى يتشعر بوهن فى العزيمة‪ ً،‬وضعف فى الثقة‪ ً،‬وعدم القوة فى السير إلى الغاية‪ ً،‬كان‬
‫جواب تلك الشكاية أن قيل له‪} :‬اهريكضِ ربررهجرلمك{ُ فالمراد بالركضِ هنا‪ ً،‬عقد العزيمة وتأكيدها‪ ً،‬واستتمام‬
‫الثقة وإكمالها‪ ً،‬والمضاء بقوة وبغير تردد ول توان إلى الغاية‪ ً،‬فهى كناية من أعذب الكنايات وأروعها‪ً،‬‬
‫وهى من وادى ‪ -‬مشيمر عن ساعد الجد‪ .‬شيمر عن ساقيك ‪ -‬غير أنها أوفر منها صياغة وترفعا‪ .‬إذ من‬
‫المعروف المشا مهد أن السائر إلى جهة بغير تردد‪ ً،‬بل بقوة وعزيمة‪ ً،‬ترى لرجليه ضربا‪ ً،‬وتسمع لقدميه‬
‫على الرضِ وقعا‪ .‬ولما كان تردد المرء فى غايته‪ ً،‬ووهن عزيمته إليها‪ .‬وضعف ثقته بها‪ ً،‬صدأ يغشى‬
‫ل للروح من‬ ‫الرواح‪ ً،‬ومرضا يتعب النفوس ويضايقا الصدور‪ ً،‬كان عقد العزيمة واستكمال الثقة غس ل‬
‫صدئها‪ ً،‬وشفالء للنفس من مرضها‪ ً،‬ونفعا لغلة الصدور‪ ً،‬لذلك قال ال لرسوله أيوب‪} :‬مهذا يمهغمتمسفل مباررفد‬
‫مومشمرافب{ُ‪ ً،‬والية كما ترى ليس فيها مرجع لسم الشارة إل الركضِ المفهوم من قوله‪} :‬اهريكضِ{ُالمكنى‬
‫به عن توثيقا العزم‪ ً،‬والخذ بالحزم‪ ً،‬كما هو مقتضى النظم الكريم‪ ً،‬الجارى لقواعد السلغة‪ ً،‬التى تأبى أن‬
‫يكون لسم الشارة مرجع غير هذا من الماء والعين‪ ً،‬كما يقتضيه تفسير المفسرين‪ ً،‬إذ ليس فى النظم ما‬
‫يدل عليهما بأى وجه من وجوه الدللة‪.‬ولما كان أيوب عليه السلم باعتباره رسولل ل بد أن يأتمر فى‬
‫إخلص النبياء بأمر ربه‪ ً،‬برين ال ثمرة جهاده وصبره‪ ً،‬ومضاء عزمه‪ ً،‬فقال‪} :‬مومومههبمنا لميه أمههلميه مورمهثلميهم‬
‫رممعيههم{ُ أى هدينا له أهله فآمنوا به واستجابوا لدعوته‪ ً،‬وهدينا له مثلهم من غير أهله‪ ً،‬فليس المراد بالهبة‬
‫ها هبة الخلقا واليجاد‪ ً،‬بل هبة الهداية والرشاد‪ ً،‬بدليل تعبيره بالهل دون التعبير باليذيرية والولد‪ ً،‬كما‬
‫فى قوله تعالى‪} :‬مومومههبمنا مليه رمن ررهحمرتمنآ أممخايه مهايرومن منربسيا{ُ‪ ً،‬إذ كل ما يهتم له النبياء إنما هو أن يهدى ال‬
‫بهم‪ ً،‬ل أن ييوملد لهم‪ .‬ولم يتحدث القرآن عن هبة يحيى لزكريا‪ ً،‬وإسحاقا لبراهيم إل لن هبة اليجاد‬
‫فيهما قد تضمنت أمرين عظيمين؛ً الول‪ :‬أنه قد يورلد لبراهيم ولزكريا عن كبر وشيخوخة ويأس‬
‫وقنوط‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬أن الموهوب لكل منهما رسول ل ولد عادى‪.‬‬
‫فموضع المنة فى هذا‪ :‬كونهما رسولين ل كونهما ولدين"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"ثم برين ال بعد ذلك سيرة أيوب التى أمره أن يسير بها فى قومه‪ ً،‬وهى اللين فى القول‪ ً،‬والرفقا فى‬
‫الدعوة‪ ً،‬والعظة بالحسنى‪ ً،‬وتلك هى الخطة التى رسمها ال لجميع أنبيائه‪ ً،‬انظر كيف يقول لموسى‬
‫ل لريينا لرمعلريه ميمتمذركير أمهو ميهخمشـى{ُ‪ ً،‬ويقول لرسوله‬ ‫وهارون‪} :‬ٱهذمهمبآ إرلمـى رفهرمعهومن إررنيه مطمغـى * مفيقو م‬
‫ل لميه مقهو ل‬
‫ضِ مجمنامحمك رلممرن ٱرتمبمعمك رممن ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ ‪..‬‬
‫ضوها رمهن محهورلمك{ُ‪} ً،‬موٱهخرف ه‬ ‫الكريم‪} :‬موملهو يكهنمت مفسظا مغرليمظ ٱهلمقهلرب م‬
‫لهنمف س‬
‫ل متهحمنهث{ُ‪ ً،‬أى ل ترفع فى وجوه قومك رمحا ول‬ ‫ضررب يبره مو م‬ ‫ضهغثا مفٱِ ه‬‫وبرين ال ذلك فقال‪} :‬مويخهذ ربميردمك ر‬
‫عصا‪ ً،‬ول يتغلظ لهم القول‪ ً،‬ول تخاشنهم فى الطلب‪ ً،‬بل ليوح فى وجوههم بالرياحين والزهار‪ ً،‬ول تأثم‬
‫بالغلظة والجفوة‪ ً،‬فإنك بخفضِ الجناح والجدال بالتى هى أحسن تبلغ منهم ما ل تبلغه بالسيف‪ ً،‬والعصا‪ً،‬‬
‫والخشونة‪ ً،‬والغلظة‪ ..‬فانظر إلى ما فى الية من كناية ما أجملها وأعلها‪ .‬وما أخصبها وأرواها‪ً،‬‬
‫وانظر كم تعطيك على هذا الوده من فنون البلغة‪ ً،‬وكم تمنحك من جزالة فى السلوب‪ ً،‬ثم هم ‪ -‬يريد‬
‫المف يسرين ‪ -‬بعد ذلك يمسخونها ويشوهونها‪ ً،‬فيجعلونها منقطعة عما قبلها‪ ً،‬وما بعدها‪ ً،‬فتقلقا فى مرقدها‪ً،‬‬
‫وتنبو فى مضجعها‪ ً،‬إذ يجعلونها متوقفة فى فهمها على معونة أجنبية من الكلم الذى هى فيه‪ ً،‬وذل من‬
‫ل عن مستوى العجاز الذى يجب‬ ‫أدعى الدواعى لنحطاط الكلم عن المستوى العالى لكلم المبشر‪ ً،‬فض ل‬
‫أن يكون عليه القرآن الكريم"‪.‬‬
‫"هذا ما رأيت أن تؤول به تلك اليات‪ ً،‬استنادا إلى ما جرى عليه قصص القرآن‪ ً،‬وتحاميا لما يترتب‬
‫ل‪ ً،‬ومن‬ ‫على ما فرسر به المفيسرون تلك اليات من خدش قدس أيوب عليه السلم‪ ً،‬باعتباره نبيا رسو ل‬
‫منافاة ذلك لحكمته السامية‪ ً،‬وتفاديا من أن ييحيدثنا القرآن عن أمر عادى‪ ً،‬وهو أن شخصا مرضِ ثم دعا‬
‫ل عن ال تعالى‪ ً،‬ول‬ ‫ربه فشفاه من مرضه ‪ ..‬ذلك الحديث الذى ل يتحدث به عظيم من الناس فض ل‬
‫ل عن أيوب الرسول الكريم"‪.‬‬ ‫يمحيدث به عن رجل عادى فض ل‬
‫هذا هو التفسير الصحيح فى نظر صاحبه‪ ً،‬وأحسب أن القارئ الكريم سوف ل يتردد فى الحكم عليه‬
‫بأنه تفسير منابذ لبلغة القرآن‪ ً،‬ومخالف لظاهره الذى يعررف منذ عهد الصحابة والتابعين‪ ً،‬وأى شىء‬
‫يقف فى سبيل المعنى الظاهر حتى نعدل عنه إلى مجاز أو كناية فيها تعسف ظاهر وتكلف غير مقبول؟‬
‫الرلهم ل شىء إل دعوى التجديد‪ ً،‬والثورة على القديم‪ ً،‬والعمل على هدم آراء العلماء الذين عرف الناس‬
‫مبلغ خدماتهم للعلم‪ ً،‬ودفاعهم عن الدين‪.‬‬
‫ول يأطيل بذكر ما أيمفيند به هذا الرأى الشاذ وما يحمله من دعاوى غير صحيحة على المفيسرين جميعا‪ً،‬‬
‫فقد سبقنى إلى هذا أحد أساتذتى الجلء‪ ً،‬ولست ببالغ مبلغه من العلم‪ ً،‬ول بآت بأكثر مما أتى به فى‬
‫الرد على صاحب هذا الرأى‪.‬‬
‫**‬
‫ل آخر دفعه حب التجديد المزيف إلى أن يساير روح اللحاد‬ ‫ووجدنا من أصحاب هذا الرلون رج ل‬
‫ويجارى من يتهمون الشريعة السلمية بالقسوة فى أحكامها وحدودها‪ .‬فراح يتأرول آيات الحدود بما‬
‫يوافقا هواه وهوى أصحابه‪ ً،‬فحمل المر فيها على الباحة ‪ ..‬وجعل المر فى ذلك يمفروضا إلى رأى‬
‫ولى المر وحده‪ ً،‬وهو وإن كان قد استعمل السلوب الرلولبى فيما أبداه‪ ً،‬وطرح الموضوع الذى عالجه‬
‫فى صورة سؤال ألقاه شخص خالى الذهن ليتعرف وجه الحقا فى المسألة‪ ً،‬هو وإن كان قد فعل ذلك‬
‫مفضوح أمره فصدر المقال يكشف لنا عن نية صاحبه‪ ً،‬ويفيدنا بكل صراحة أن الكاتب يريد أن يتأرول‬
‫آيات الحدود بحمل الوامر الواردة فيها على الباحة‪ ً،‬وإليك ما جاء فى هذه المقالة لتقف على حقيقة‬
‫المر‪ ً،‬ولتعرف نية الكاتب وما يهدف إليه فى مقاله‪..‬‬
‫قال هذا الكاتب تحت عنوان "التشريع المصرى وصلته بالفقه السلمى"‪" :‬قرأت فى السياسة السبوعية‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الغرراء مقالل بهذا العنوان‪ ً،‬حوى أفكارا أثارت فى نفسى من الرأى ما كنت أريد أن يأرجئه إلى حين‪ً،‬‬
‫فإن النفوس لم تتهيأ بعد لفتح باب الجتهاد‪ ً،‬حتى إذا ظهر المجتهد فى هذا العصر برأى جديد‪ ً،‬كتلك‬
‫الراء التى كان يذهب إليها الئمة المجتهدون فى عصور الجتهاد‪ ً،‬قابلها الناس بمثل ما كانت يتقامبل به‬
‫تلك الراء من الهدوء والسكون‪ ً،‬وإن بدا عليها ما بدا من الغرابة والشذوذ‪ ً،‬لن الناس فى تلك العصور‬
‫كانوا يألفون الجتهاد وكانوا يألفون شذوذه وخطأه‪ ً،‬إلفهم لصوابه وتوفيقه‪ ً،‬أما فى هذا العصر‪ ً،‬فإن‬
‫الناس قد مب يعد بهم العهد بالجتهاد‪ ً،‬حتى صار كل جديد يظهر فيه شاذا فى نظرهم‪ ً،‬وإن كان فى الواقع‬
‫صوابا وما أسرعهم فى ذلك إلى التشنيع والطعن فى الدين‪ ً،‬والمحاربة فى الرزقا‪ ً،‬فل يجد من يرى‬
‫شيئا من ذلك إل أن يكتمه أو ييظهره بين أخصائه‪ ً،‬ممن يأمن شرهم ول يخاف كيدهم‪ ً،‬وتضيع بهذا‬
‫على المة آراء نافعة فى دينها ودنياها‪ ً،‬ولكنى سأقدم على ما كنت أريد إخفاءه من ذلك إلى حين‪ً،‬‬
‫وسأجتهد ما أمكننى فى أن ل أدع لحد مجالل فى ذلك التشنيع الذى يقف عقبة فى سبيل كل جديد"‪.‬‬
‫ثم أشاد بما كتبه صاحب المقال المشار إليه ثم قال‪" :‬ولكن يبقى بعد هذا فى تلك الحدود ذلك المر الذى‬
‫سنثيره فيها‪ ً،‬لييبحث فى هدوء وسكون‪ .‬فقد نصل فيه إلى تذليل تلك العقبة التى تقوم فى سبيل الخذ‬
‫بالتشريع السلمى من ناحية تلك الحدود‪ ً،‬لبحثها من جديد بعد هذه الحداث الطارئة‪ ً،‬وسأقتصر فى‬
‫ذلك ‪ -‬الن ‪ -‬على ذكر ما ورد فى تلك الحود من النصوص القرآنية‪ ً،‬وذلك قوله تعالى فى حد‬
‫ل يممن ٱللرره موٱللريه معرزيفز محركيفم * مفممن متامب‬ ‫السرقة‪} :‬موٱلرسارريقا موٱلرساررمقية مفٱِهقمطيعيوها أمهيردمييهمما مجمزآلء ربمما مكمسمبا منمكا ل‬
‫صلممح مفرإرن ٱلرلمه مييتويب معلمهيره إررن ٱلرلمه مغيفوفر رررحيفم{ُ‪ ً،‬وقوله تعالى فى حد الزنا‪} :‬ٱلرزارنميية‬ ‫رمن مبهعرد يظهلرمره موأم ه‬
‫ل متهأيخهذيكهم ربرهمما مرهأمففة رفي رديرن ٱللرره رإن يكنيتهم يتهؤرمينومن ربٱِلرلره‬
‫موٱلرزارني مفٱِهجرليدوها يكرل موارحهَد يمهنيهمما رممئمة مجهلمدهَة مو م‬
‫موٱهلميهورم ٱلرخرر موهلميهشمههد معمذامبيهمما مطآرئمففة يممن ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ ‪ ..‬فههل لنا أن نجتهد فى المر الوارد فى حد السرقة‬
‫ل منهما‬ ‫وهو قوله تعالى‪} :‬مفٱِهقمطيعيوها{ُ‪ ً،‬والمر الوارد فى حد الزنا وهو قوله تعالى‪} :‬مفٱِهجرليدوها{ُ فنجعل ك ل‬
‫للباحة ل للوجوب‪ ً،‬ويكون المر فيهما مثل المر فى قوله تعالى‪} :‬ميامبرنيي مءامدم يخيذوها رزيمنمتيكهم رعنمد يكيل‬
‫ل يرحسب ٱهليمهسرررفيمن{ُ‪ ً،‬فل يكون قطع يد السارقا حدا مفورضا‪ ً،‬ل‬ ‫ل يتهسرريفيوها إررنيه م‬‫ممهسرجهَد ويكيلوها موٱهشمريبوها مو م‬
‫يجوز العدول عنه فى جميع حالت السرقة‪ ً،‬بل يكون القطع فى السرقة هو أقصى عقوبة فيها‪ ً،‬ويجوز‬
‫العدول عنه فى بعضِ الحالت إلى عقوبات يأخرى رادعة‪ ً،‬ويكون شأنه فى ذلك شأن كل المباحات التى‬
‫تخضع لتصرفات ولى المر‪ ً،‬وتقبل التأثر بظروف كل زمان ومكان‪ .‬وهكذا فى حد الزنا سواء أكان‬
‫رجما أم مجهلدا‪ ً،‬مع مراعاة أن الرجم فى الزنا ل يقول به فقهاء الخوراج‪ ً،‬لعدم النص عليه فى القرآن‬
‫الكريم‪ ً،‬وهل لنا أن نذلل بهذا عقبة من العقبات التى تقوم فى سبيل الخذ بالتشريع السلمى‪ ً،‬مع أرنا فى‬
‫هذه الحالة ل نكون قد أبطلنا نصا ول ألغينا حدا‪ ً،‬وإنما ورسعنا المر توسيعا يليقا بما امتازت به‬
‫الشريعة السلمية من المرونة والصلحية لكل زمان ومكان‪ ً،‬وبما يعررف عنها من إيثار التيسير على‬
‫التعسير‪ .‬والتخفيف على التشديد"‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذا المقال مقدار ما وصل إليه الكاتب من الجرأة على كتاب ال‪ ً،‬إذ أرول آية السرقة وآية‬
‫ل غير مقبول بأى حال من الحوال‪ ً،‬وممن ينظر إلى آية السرقة وآية الزنا ل يفهم منهما إل‬ ‫الزنا تأوي ل‬
‫أن المر فيهما للوجوب‪ ً،‬فليس لحد أن يعدل عنه مطلقا‪ ً،‬وذلك المر فى قوله تعالى‪} :‬مفٱِهقمطيعيوها{ُ‪ً،‬‬
‫وقوله‪} :‬مفٱِهجرليدوها{ُ وارد فى الوجوب القاطع‪ ً،‬فإن بناء المر بالقطع فى آية السرقة على قوله‪} :‬موٱلرسارريقا‬
‫موٱلرساررمقية{ُ‪ ً،‬وبناء المر بالجلد فى آية الزنا على قوله‪} :‬ٱلرزارنميية موٱلرزارني{ُ يصرفه عن احتمال الباحة إلى‬
‫الوجوب‪ ً،‬وهذا لن تعليقا الحكم على شخص‪ ً،‬موصوف بوصف يؤذن بأن المقتضى للحكم هو ذلك‬
‫الوصف الذى قام بالشخص‪ ً،‬وإذا كان ذلك الوصف جناية مثل السرقة والزنا ووضع الشارع لهما حكما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فى صيغة المر ولم يذكر حكما غيره‪ ً،‬ل يصح أن ييقال‪ :‬إن هذا المر محتمل للباحة كما احتملها‬
‫المر فى قوله‪} :‬يخيذوا رزيمنمتيكهم رعهنمد يكيل ممهسرجهَد{ُ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫ل متهأيخهذيكهم‬
‫ل يممن ٱللرره موٱللريه{ُ‪ ً،‬وقوله فى آية الزنا‪} ً،‬مو م‬
‫ثم إن قوله تعالى فى آية السرقة‪} :‬مجمزآلء ربمما مكمسمبا منمكا ل‬
‫ربرهمما مرهأمففة رفي رديرن ٱلرلره {ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬موهلميهشمههد معمذامبيهمما مطآرئمففة يممن ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ يؤكد أن المر فى اليتين‬
‫للوجوب ل للباحة‪.‬‬
‫ثم إن هناك من يسرنة رسول ال صلى ال عليه وسلم القولية والعملية ما يؤكد كون المر للوجوب فى‬
‫اليتين‪.‬‬
‫فهل يجوز للكاتب بعد هذا كله أن يتهجم على آيات الحود بمعول ذلك التأويل الذى تنكره السلغة‪ .‬ول‬
‫تقره السسرنة ول يتفقا وحكمة التشريع؟ الرلهم إن هذا التأويل ل يجوز‪ ً،‬ولهذا فإنه لم يصادف غفلة من‬
‫عقول العلماء وأقلمهم‪ ً،‬فقام كثير منهم بالرد على صاحبه‪ ً،‬وتفنيد ما ذهب إليه‪ ً،‬ولقد تنبه القائمون على‬
‫أمر الزهر حينئذ إلى خطر هذا الرأى وما يجره على الدين من بلء‪ .‬فجوزى صاحب المقال على ما‬
‫كان منه جزالء إن كان بسيطا فى حد ذاته‪ ً،‬فهو يدل على أن أفكار الكاتب لم تلقا قبولل ولم تجد رواجا‬
‫فى محيط العلماء‪.‬‬
‫**‬
‫ووجدنا غير هذا وذاك ممن تأثر ببعضِ الراء الفلسفية فراح ينكر بعضِ الحقائقا الدينية الثابتة‪ ً،‬ويتأرول‬
‫ما ورد منها فى القرآن بما يتمشى مع مذاهب الفلسفة‪ ً،‬فأنكر حقيقة الشيطان‪ ً،‬وتأرول ما جاء من لفظ‬
‫ل إرمناثا مورإن ميهديعومن إر ر‬
‫ل‬ ‫الشيطان فى قوله تعالى فى الية ]‪ [117‬من سورة النساء‪} :‬رإن ميهديعومن رمن يدورنره إر ر‬
‫مشهيمطانا رم رريدا{ُ‪ً،‬فقال ما نصه‪" :‬والمعنى أن هؤلء لم يجيبوا حين أشركوا بال داعى العقل أو داعى‬
‫الرفهطرة‪ ً،‬وإنما أجابوا نزعات الشر المنبثة فى العاملم على مقتضى يسرنة ال من البتلء بعوامل الخير‬
‫وعوامل الشر‪ ً،‬فهم بذلك يتبعون قوة خفية يأطلقا عليها كلمة "شيطان" جريا على عادة العرب المألوفة‪ً،‬‬
‫إذا كانوا يتصورون قوى الشر شياطين تتحدث وتناجى وتغرى وتدفع إلى ما تريد"‪..‬‬
‫ثم قال‪" :‬هذا هو الشيطان الذى يلميبى المشرك بإشراكه أمره‪ .‬ويتخذه وليا بأمره وينهاه"‪.‬‬
‫وفى موضع آخر نجد صاحب هذا الرأى يعود إليه فيؤكده‪ ً،‬ولست أدرى ماذا يفعل فى سياقا الية‪ .‬وفى‬
‫القرائن التى احتفت بها‪ ً،‬والصفات التى انتظمتها مما يؤكد أن المراد هو إبليس‪ ً،‬ذلك الكائن الخارجيى‬
‫المستقل المستتر عن أعين الناس‪ ً،‬كما ل أدرى كيف يفعل بالحاديث الثابتة عن الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬والتى تقرر أن الشيطان حقيقة لها وجود خارجى‪.‬‬
‫**‬
‫وأنكر بعضهم وجود عاملم الجن‪ ً،‬وتأرول ما جاء من ذلك صريحا فى آيات القرآن الكريم‪ ً،‬ففرسر قوله‬
‫تعالى فى أول سورة الجن‪} :‬يقهل يأورحمي إرلمري أمرنيه ٱهسمتمممع منمففر يممن ٱهلرجين{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬بأن الجن قبيلة من‬
‫العرب‪.‬‬
‫ل عن أنه ل يقوم على دليل يصححه‪.‬‬ ‫وهذا تأويل ينافى صريح القرآن فى مواضع كثيرة‪ ً،‬فض ل‬
‫**‬
‫ل ينركس على رأسه‪ ً،‬فطروعن له نفسه أن يخوضِ فى تفسير كتاب ال على‬ ‫ووجدنا غير هؤلء جميعا رج ي‬
‫ما به من غواية وعماية‪ ً،‬وأخيرا طلع على الناس بكتاب مختصر فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬تفسيرا جمع‬
‫فيه الكثير من وساوسه وأوهامه‪ ً،‬ثم سرول له الغرور أن يسميه "الهداية والعرفان فى تفسير القرآن‬
‫بالقرآن"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أحدث هذا التفسير ضجة كبرى فى المحيط العلمى‪ ً،‬وقام رجال الزهر وقعدوا من أجله‪ ً،‬ثم أييلفت لجنة‬
‫من بعضِ العلماء لتنظر فى هذا الكتاب‪ ً،‬ثم لتحكم عليه بما ترى فيه‪ ً،‬ثم رفعت السلجنة تقريرها لشيخْ‬
‫الزهر إذ ذاك‪ ً،‬وفيه تفنيد لراء الرجل وحكم عليه بأنه "أرفاك خرراص‪ ً،‬اشتهى أن ييعرف فلم ير وسيلة‬
‫أهون عليه وأوفى بغرضه من اللحاد فى الدين بتحريف كلم ال عن مواضعه‪ ً،‬ليستفز الكثير من‬
‫الناس إلى الحديث فى شأنه وترديد سيرته"‪.‬‬
‫ثم صودر الكتاب واختفى عن أعين الناس }مفمأرما ٱلرزمبيد مفميهذمهيب يجمفآلء موأمرما مما مينمفيع ٱلرنامس مفميهميكيث رفي‬
‫ضِ{ُ‪.‬‬ ‫لهر ر‬ ‫ٱم‬
‫قرأت ما جاء فى تقرير الرلجنة الزهرية‪ ً،‬ولكننى أردت أن أطلع على الكتاب نفسه‪ ً،‬فعملت كل ما‬
‫أستطيع حتى استصدرت تصريحا من دار الكتب المصرية بالطلع على هذا الكتاب الذى يمرنع من‬
‫التداول بين الناس‪.‬‬
‫**‬
‫* حملته على جميع المفيسرين‪:‬‬
‫جاءنى الكتاب وقرأت فيه‪ ً،‬فوجدت مؤيلفه قد قردم له بمقدمة عاب فيها المفيسرين وكتب التفسير جميعا‬
‫ل من أصول القرآن إل وتجد بجانبه رواية‬ ‫فقال‪" :‬وقد بلغ الدس والحشو فى التفاسير أنك ل تجد أص ل‬
‫موضوعة‪ ً،‬لهدمه وتبديله‪ ً،‬والمفيسرون قد وضعوا هذا فى كتبهم من حيث ل يشعرون"‪.‬‬
‫**‬
‫* طريقته فى التفسير‪:‬‬
‫ثم قال بعد ذلك‪" :‬فهذا كله ‪ -‬يعنى الدس والحشو فى التفاسير ‪ -‬دعانى إلى تفسيرى‪ ً،‬وأن تكون‬
‫طريقتى فيه كشف الية وألفاظها بما ورد فى موضوعها من اليات والسور‪ ,‬فيكون من ذلك العلم بكل‬
‫مواضع القرآن‪ ً،‬ويكون القرآن هو الذى ينطبقا عليه ويؤيده من سنن ال فى الكون ونظامه فى‬
‫الجتماع‪ ً،‬وقد اخترت أن تكون على عدد اليات فى المصحف لتبقى الهداية بالترتيب الذى اختاره ال‪ً،‬‬
‫وليمكن الباحث عن معنى الية أن يلحظ سياقها فيقرأ ما سبقها وما لحقها من اليات ليكون على علم‬
‫تام وهداية واعظة"‪.‬‬
‫ولعل القارئ الكريم يلحظ كما ألحظ أن المؤلف يرمى من وراء قوله‪ ..." :‬ويكون القرآن هو الذى ييفيسر‬
‫نفسه كما أخبر ال‪ .‬ول يحتاج إلى شىء من الخارج غير الواقع الذى ينطبقا عليه ويؤيده من سنن ال‬
‫فى الكون ونظامه فى الجتماع"‪ .‬أنه يريد أن ميهدر صلة السسرنة بالقرآن الكريم‪ ً،‬وينفى أن منزلتها منه‬
‫منزلة المبيين من المبرين‪ .‬وال تعالى يقول‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرملهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرملهيرههم{ُ‪.‬‬
‫ويظهر لنا أن المؤلف قد ركب رأسه فراح يهدم يسرنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ول يعترف بما‬
‫لها من مكانة فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬فقال مقالته السابقة‪ ً،‬كما أنه راح يهدم ما للسسرنة من المكانة فى‬
‫التشريع السلمى فقال فى قوله تعالى فى الية ]‪ [63‬من سورة النور‪} :‬مفهلميهحمذرر ٱرلرذيمن يمخارليفومن معهن أمهمررره‬
‫صيمبيههم معمذافب أمرليفم {ُ‪" :‬يفيدك أن المخالفة المحذورة هى التى تكون للعراضِ عن‬ ‫صيمبيههم رفهتمنفة أمهو ي ر‬
‫مأن يت ر‬
‫أمره‪ ً،‬وأما التى تكون للرأى والمصلحة فل مانع منها بل هى من حكمة الشورى" ‪ ..‬فأنت ترى أنه‬
‫يجيز مخالفة أمر الرسول للمصلحة‪ ً،‬وهذا عناد ومكابرة ومخالفة صريحة لقوله تعالى‪} :‬موممآ آمتايكيم‬
‫ٱلرريسويل مفيخيذويه مومما منمهايكهم معهنيه مفٱِنمتيهوها{ُ ولغير هذا من اليات التى وردت فى وجوب طاعته ‪ -‬عليه‬
‫السلم ‪ -‬وهى كثيرة‪ .‬ثم أى مصلحة تخالف ما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم؟‬
‫هذا ‪ ..‬ول أريد أن أطيل بذكر ما جاء فى هذا الكتاب من أباطيل وأضاليل ويكفى أن أذكر طرفا مما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫حواه من ذلك ليتبين القارئ أن الرجل "جامد على المحسوسات‪ ً،‬جاحد لكثير مما أخبر به القرآن‪ ً،‬منكر‬
‫لحكام قررها القرآن والسسرنة وأجمع عليها الصحابة وأئمة المسلمين من بعدهم"‪.‬‬
‫* إنكاره لمعجزات النبياء عليهم السلم‪:‬‬
‫وقف هذا الرجل من معجزات النبياء عليهم السلم موقفا شاذا غريبا‪ .‬يقوم على إنكارها وجحدها‬
‫والذهاب بها ‪ -‬عن طريقا التأويل الفاسد ‪ -‬إلى أن تكون من قبيل الممكن الذى يدخل تحت مقدور كل‬
‫إنسان‪ ً،‬رسول أو غير رسول‪ ً،‬وهو ييصيرح بهذا فى كثير من المواضع‪ ً،‬فيقول فى بعضِ المواضع‪:‬‬
‫"وبعد هذا تعلم أن ال ينادى الناس بأنهم ل ينبغى أن ينتظروا من الرسول آية على صدقه فى دعوته‬
‫غير ما فى سيرته ورسالته"‪.‬‬
‫وفى موضع آخر يقول‪" :‬واعلم أن آيات ال فى نصر أنبيائه ل تناقضِ يسرنته فى خلقه وكونه"‪.‬‬
‫وفى موضع ثالث يقول‪" :‬وقد كانت كل آياتهم حججا وبراهين من سيرتهم ورسالتهم‪ .‬فل يمكن أن يأتوا‬
‫بدليل على صدقهم من غير الدعوة نفسها‪ ً،‬فتكون هناك علقة بين الدعوة ودليلها فتدبر"‪.‬‬
‫على هذا الساس تناول الرجل آيات المعجزات فخرج بها عن مدلولها الحقيقى الذى أراده ال تعالى‪.‬‬
‫*‬
‫** موقفه من معجزات عيسى عليه السلم‪:‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [49‬من سورة آل عمران فى شأن عيسى عليه السلم‪} :‬أميني‬ ‫فمث ل‬
‫مقهد رجهئيتيكهم ربآميهَة يمن رريبيكهم أمرنيي أمهخلييقا لميكهم يممن ٱليطيرن مكمههيمئرة ٱلرطهيرر مفمأنيفيخْ رفيره مفمييكوين مطهيرا ربرإهذرن ٱللرره موأيهبررىيء‬
‫ص موأيهحري ٱهلممهومتـى ربرإهذرن ٱلرلره موأيمنيبيئيكهم ربمما متهأيكيلومن مومما متردرخيرومن رفي يبييورتيكهم إررن رفي ـذرلمك لميلة‬ ‫لهبمر م‬‫لهكمممه وٱ م‬ ‫ٱم‬
‫لريكهم رإن يكنيتم سمهؤرمرنيمن{ُ ‪ ..‬نجده يقول ما نصه‪} :‬مكمههيمئرة ٱلرطهيرر{ُ يفيدك التمثيل لخراج الناس من ثقل الجهل‬
‫ص{ُ المتلون بما ييشيوه الفطرة‪ ً،‬فهل‬ ‫لهكمممه{ُ من ليس عنده النظر‪} ً،‬ٱ م‬
‫لهبمر م‬ ‫وظلماته إلى خفة العلم ونوره‪} ً،‬ٱ م‬
‫عيسى ييبرئ هذا بمعنى أنه ييكمل التكوين الجسمانى بالعمال الطيبة؟ أم بمعنى أنه يكل التكوين‬
‫الروحى والفكرى بالهداية الدينية؟ }رفي يبييورتيكهم{ُ يعلمهم التدبير المنزلى"‪.‬‬
‫وإذا كان المؤلف قد تردد فى معنى إبراء الكمه والبرص هنا بين تكميل التكوين الجسمانى بالعمال‬
‫الطيبة‪ ً،‬وبين تكميل التكوين الروحى بالهداية الدينية‪ ً،‬فإنه ليس تردد الشاك فى أى المرين كان‪ .‬وإنما‬
‫هو تردد يبدو منه فى صراحة ووضوح ميله إلى أن المراد هو التكوين الروحى ل غير‪ ً،‬وإنك لتجده‬
‫صيرح فى موضع آخر بأن المراد هو تكميل التكوين الروحى بالهداية الدينية‪ ً،‬وذلك عندما تعررضِ‬ ‫يم‬
‫لقوله تعالى فى الية ]‪ [110‬من سورة المائدة‪} :‬موإرهذ متهخلييقا رممن ٱليطيرن مكمههيمئرة ٱلرطهيرر ربرإهذرني مفمتنيفيخْ رفيمها‬
‫ص ربرإهذرني{ُ‪" :‬من هذا تعرف أن عيسى نبى أرسله ال إلى بنى‬ ‫لهكمممه موٱ م‬
‫لهبمر م‬ ‫مفمتيكوين مطهيرا ربإهذرني مويتهبررىيء ٱ م‬
‫ر‬
‫إسرائيل ليشفى نفوسهم‪ ً،‬ويحيى موت قلوبهم‪ ً،‬فآيته فى دعوته وسيرته وهدايته‪ .‬عاش ومات كغيره من‬
‫النبياء فى ربشريته‪ ً،‬فلم يكن خارقا فى يسرنته‪ ً،‬ول ممتازا بما يدعو إلى يألوهيته وعبادته"‪.‬‬
‫كذلك تجده ينكر أن يكون عيسى عليه السلم قد تكرلم فى المهد وذلك حيث ييؤيول قوله تعالى فى الية ]‬
‫ل{ُ ما نصه‪" :‬فى المهد‪ :‬فى دور التمهيد للحياة‬ ‫‪ [46‬من سورة آل عمرران‪} :‬مويمكلييم ٱلرنامس رفي ٱهلممههرد مومكهه ل‬
‫ل‪ :‬علمة على أنه ل يفل عزمه‬ ‫وهو دور الصبا‪ ً،‬علمة على الجرأة وقوة الستعداد فى الصغر‪ .‬وكه ل‬
‫بالشيخوخة والكبر ‪ -‬ويصح أن يكون المعنى‪ :‬يكلم الناس الصغير منهم والكبير‪ ً،‬علمة على تواضعه‬
‫ومباشرة دعوته بنفسه"‪.‬‬
‫وتأرول أيضا قوله فى الية ]‪ [29‬من سورة مريم‪} :‬مفمأمشامرهت إرلمهيره مقايلوها مكهيمف ينمكلييم ممن مكامن رفي ٱهلممههرد‬
‫صربسيا{ُ فقال‪" :‬أى كان ذاك النهار ولدا صغيرا فكيف يأمرنا وينهانا ونحن كبار القوم فهذا ابن حرام"‪.‬‬ ‫م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ولما رأى أن قوله تعالى قبل ذلك فى الية ]‪} :[27‬مفمأمتهت ربره مقهومممها متهحرملييه{ُ ل يتفقا مع تأويله السابقا‬
‫تأ روله أيضا فقال‪" :‬تحمله على ما يحمل عليه المسافر‪ ً،‬ومنه تفهم أنه كان فى سياحة طويلة"‪.‬‬
‫*‬
‫** موقفه من معجزات موسى عليه السلم‪:‬‬
‫وعندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [160‬من سورة العراف‪} :‬موأمهومحهيمنآ إرلمـى يمومسـى رإرذ ٱهسمتهسمقايه مقهويميه‬
‫صامك ٱهلمحمجمر مفٱِنمبمجمسهت رمهنيه ٱهثمنمتا معهشمرمة معهينا{ُ ‪ ..‬قال‪" :‬ويصح أن يكون الحجر اسم مكان‪ً،‬‬ ‫ضررب يبمع م‬ ‫أمرن ٱ ه‬
‫واضرب بعصاك الحجر‪ ً،‬معناه‪ :‬اطرقه واذهب إليه‪ ً،‬والغرضِ أن ال هداه إلى محل الماء وعيونه"‪.‬‬
‫صامك‬ ‫ضررب يبمع م‬ ‫وعندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [63‬من سورة الشعراء‪} :‬مفمأهومحهيمنآ إرلمـى يمومسـى أمرن ٱ ه‬
‫صامك‬ ‫ضررب يبمع م‬ ‫ٱهلمبهحمر مفٱِنمفلممقا مفمكامن يكسل رفهرهَقا مكٱِلرطهورد ٱهلمعرظيرم{ُ قال ما نصه‪} :‬ٱهلمبهحمر{ُ الماء الواسع‪} ً،‬ٱ ه‬
‫ٱهلمبهحمر{ُ اطرقه واذهب إليه‪} ً،‬مفٱِنمفلممقا مفمكامن يكسل رفهرهَقا مكٱِلرطهورد ٱهلمعرظيرم{ُ هذا بيان لحالة البحر‪ ً،‬ييصيوره لك‬
‫بأنه مناطقا بينها طرقا ناشفة يابسة‪ ً،‬راجع ]‪ 160‬فى العراف[‪ ً،‬ثم راجع ]طه فى ‪ [78 ً،77‬ولتعرف‬
‫كيف اهتدى إلى طريقا يبس مرر منه‪ ً،‬واقرأ استعمال الضرب فى السير فى قصة أيوب فى )سورة‬
‫ص(‪.‬‬
‫صايه مفرإمذا رهمي يثهعمبافن سمربيفن *‬ ‫وفى سورة العراف عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[108 ً،107‬مفمأهلمقـى مع م‬
‫ضآيء رللرنارظرريمن{ُ يقول‪" :‬مثال من قوة يحرجته وظهور برهانه"‪.‬‬ ‫مومنمزمع ميمديه مفرإمذا رهمي مبهي م‬
‫وعند قوله تعالى فى اليات ]‪ [122 - 118‬من نفس السورة‪} :‬مفمومقمع ٱهلمحسقا مومبمطمل مما مكاينوها ميهعمميلومن{ُ ‪...‬‬
‫إلى قوله‪} :‬مريب يمومسـى مومهايرومن{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬ييصيور لنا كيف كشفت يحرجته تزييف يحرجتهم حتى سرلموا له‬
‫وآمنوا به"‪.‬‬
‫*‬
‫** موقفه من معجزة إبراهيم عليه السلم‪:‬‬
‫وعندما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [69‬من سورة النبياء‪} :‬يقهلمنا ـيمناير يكورني مبهردا مومسـملما معملـى إرهبمرارهيمم{ُ‬
‫‪ ....‬إلخْ‪ ً،‬نجده ينكر أن يكون إبراهيم عليه السلم قد يألقى فى النار وخرج منها سالما‪ ً،‬وذلك حيث‬
‫ييؤيول الية بما يخالف الظاهر فيقول‪" :‬معناه‪ :‬نرجاه من الوقوع فيها ‪ -‬راجع ]‪ 64‬فى المائدة[ و ]‪ 26‬فى‬
‫النحل[‪ ً،‬وترى فى الية وباقى القصة أن ال نرجاه بالهجرة وخريب تدبيرهم"‪.‬‬
‫*‬
‫** موقفه من معجزات داود عليه السلم‪:‬‬
‫ل آمتهيمنا يحهكما مورعهلما‬ ‫وعندما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [79‬من سورة النبياء‪} :‬مفمفرههممنامها يسملهيممامن مويك د‬
‫مومسرخهرمنا مممع مدايوومد ٱهلرجمبامل يمسيبهحمن موٱلرطهيمر مويكرنا مفارعرليمن{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬يمسيبهحمن{ُ ييعيبر عما يتظهره الجبال من‬
‫المعادن التى كان ييسيخرها داود فى صناعتها الحربية‪} ً،‬موٱلرطهيمر{ُ ييطلقا على ذى الجناح وكل سريع‬
‫السير من الخيل والقطارات البخارية والطريارات الهوائية"‪.‬‬
‫*‬
‫** موقف من معجزات سليمان عليه السلم‪:‬‬
‫صمفلة متهجرريِ ربمأهمررره إرملى‬ ‫وعندما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [81‬من سورة النبياء‪} :‬مورليسلمهيممامن ٱليريمح معا ر‬
‫ضِ ٱلررتي مبامرهكمنا رفيمها{ُ نجده يقول‪} :‬متهجرريِ ربمأهمررره{ُ الن تجرى بأمر الدول الوروبية وإشارتها‪ ً،‬فى‬ ‫لهر ر‬ ‫ٱم‬
‫التلغرافات والتليفونات الهوائية ‪ ...‬اقرأ سبأ"‪.‬‬
‫وفى سورة النمل عند قوله تعالى فى الية ]‪} :[16‬موموررمث يسلمهيمماين مدايوومد مومقامل ـيمأسيمها ٱلرنايس يعليهممنا ممنرطمقا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ٱلرطهيرر{ُ ‪ ..‬يقول‪} :‬ممنرطمقا ٱلرطهيرر{ُ كل من يربى الطير ويؤيلفه يمكنهم أن يتعلموا منطقه وماذا يريد‪ً،‬‬
‫ويمكنهم أن يستعملوه فى الرسائل وغيرها"‪.‬‬
‫وفى قوله تعالى فى الية ]‪ [18‬من السورة نفسها‪} :‬محرتـى إرمذآ أممتهوا معلمـى موارد ٱلرنهمرل مقالمهت منهملمفة ـيمأسيمها ٱلرنهميل‬
‫ٱهديخيلوها مممساركمنيكهم{ُ نجده يقول‪} :‬منهمملفة{ُ قبيلة‪} ً،‬ٱلرنهمرل{ُ قبائل الوادى"‪.‬‬
‫ل أممرى ٱهليههديهمد أمهم مكامن رممن‬ ‫وفى قوله بعد ذلك فى الية ]‪ [20‬من السورة أيضا‪} :‬مومتمفرقمد ٱلرطهيمر مفمقامل ممارلمي م‬
‫ٱهلمغآرئربيمن{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪} :‬ٱهليههديهمد{ُ اسم طائر فهل يكون من ذوى الجناحين؟ ويكون كلمه كناية عما‬
‫يحمل من رسائل؟ أم من الخسيالة؟ السوارى؟ أو الطريارين الخرين؟ ‪ ..‬راجع النبياء"‪.‬‬
‫ل أمسييكهم ميهأرتيرني ربمعهررشمها‬ ‫وفى قوله بعد ذلك فى اليات من ]‪ [42 - 38‬من السورة نفسها‪} :‬مقامل ـيمأسيمها ٱهلمم ي‬
‫مقهبمل مأن ميهأيتورني يمهسرلرميمن * مقامل رعهفرريفت يمن ٱهلرجين أممنها آرتيمك ربره مقهبمل مأن متيقوم رمن رممقارممك موإريني معلمهيره لممقروويِ‬
‫أمرميفن * مقامل ٱرلرذيِ رعنمديه رعهلفم يممن ٱهلركمتارب أممنها آرتيمك ربره مقهبمل مأن ميهرمترد إرلمهيمك مطهريفمك مفلمرما مرآيه يمهسمترقسرا رعنمديه مقامل‬
‫ضرل مريبي رلميهبليمورنيي أمأمهشيكير أمهم أمهكيفير موممن مشمكمر مفرإرنمما ميهشيكير رلمنهفرسره موممن مكمفمر مفرإرن مريبي مغرنوي مكرريفم‬ ‫مهــمذا رمن مف ه‬
‫ل ميههمتيدومن * مفلمرما مجآمءهت رقيمل أممهمكمذا معهريشرك‬ ‫* مقامل منيكيروها لممها معهرمشمها مننيظهر أممتههمتردييِ أمهم متيكوين رممن ٱرلرذيمن م‬
‫مقالمهت مكمأرنيه يهمو مويأورتيمنا ٱهلرعهلم رمن مقهبرلمها مويكرنا يمهسرلرميمن{ُ ‪ ..‬فى هذه اليات نراه يقول‪} :‬ربمعهررشمها{ُ بملكها‪ ً،‬يريد‬
‫أن يضع خطط الحرب ونظام الدخول فى البلد‪ ً،‬فطلب الخريطة التى فيها مملكة سبأ ليهاجمها‪ ً،‬ويريها‬
‫أنه جاد غير هازل‪} ً،‬رعهفرريفت يمن ٱهلرجين{ُ أحد القرواد‪ ً،‬ويظهر أنه لم يفهم أن المسألة علمية جغرافية تحتاج‬
‫إلى الذى }رعنمديه رعهلفم يممن ٱهلركمتارب{ُ من الكتابة والرسم والتخطيط‪} ً،‬مقهبمل مأن ميهرمترد إرلمهيمك مطهريفمك{ُ المغرضِ أنه‬
‫يأتى به حالل وقد أتى به‪ ً،‬ويحتمل أنه رسمه فى الحال أو كان عنده مرسوما‪ ً،‬ولو كان عهد‬
‫الفوتوغرافيا قديما لصح أن يكون ذلك الرسم بها‪ ً،‬وترى أن سليمان يشكر ال على ما فى المملكة من‬
‫العلماء العاملين فى كل فن‪ ً،‬ونأخذ من القصة أن ال يمعيظم شأن العلم ويدعونا إلى التمسك بالسباب‬
‫الكونية لتشييد الملك وإقامة الدولة‪} ً،‬مويأورتيمنا ٱهلرعهلمم{ُ يؤيد لك أن المسألة علمية‪} ً،‬يمهسرلرميمن{ُ منقادين ل‪ً،‬‬
‫يعنى أنهم جمعوا بين العلم والتربية على اليخيلقا العظيم‪ ً،‬وهذا أحسن حافظ لنظام الملك وعزة الدولة"‪.‬‬
‫*‬
‫** موقفه من معجزة السراء‪:‬‬
‫ل يممن ٱهلممهسرجرد ٱهلمحمرارم‬ ‫وعندما تعررضِ لقوله تعالى فى أول سورة السراء‪} :‬يسهبمحامن ٱرلرذيِ أمهسمرـى ربمعهبردره ملهي ل‬
‫صيير{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪} :‬أمهسمرـى{ُ‬ ‫صى ٱرلرذيِ مبامرهكمنا محهولميه رلينررمييه رمهن آميارتمنآ إررنيه يهمو ٱلرسرمييع ٱلمب ر‬ ‫إلمـى ٱهلممهسرجرد ٱ م‬
‫لهق م‬ ‫ر‬
‫السراء ييستعمل فى هجرة النبياء ‪ ..‬انظر ]‪ 77‬فى طه[ و ]‪ 138‬فى العراف[ و ]‪ 52‬فى الشعراء[ و‬
‫]‪ 23‬فى الدخان[ و ]‪ 81‬فى هود[ و ]‪ 65‬فى الحج[‪ ً،‬ثم تدبر آخر النحل وعلقته بالسراء‪} :‬ٱهلممهسرجرد‬
‫ٱهلمحمرارم{ُ الذى له يحهرمة ييحترم بها عند جميع الناس ]‪ 217‬و ‪ 218‬فى البقرة[ و ]‪ 25‬فى الحج[‪ً،‬‬
‫لهقمصى{ُ البعد‪ ً،‬مسجد المدينة وقد بارك ال حوله‪ ً،‬فكان للنبى صلى ال عليه وسلم هنالك‬ ‫}ٱهلممهسرجرد ٱ م‬
‫ثمرة وقوة‪ ً،‬وكان بالسراء الفتح والنصر فكان ذلك من آيات ال ‪ ..‬انظر ]‪ 20‬يس[ و ]‪ 108‬التوبة[ ثم‬
‫ارجع إلى السراء فاقرأ إلى ]‪."[93 ً،60‬‬
‫**‬
‫* إنكاره للملئكة والجن والشياطين‪:‬‬
‫كذلك نجد صاحب هذا الكتاب ييؤيول الملئكة‪ ً،‬والجن‪ ً،‬والشياطين‪ ً،‬بما ل يتفقا والحقائقا الشرعية الثابتة‪.‬‬
‫لمدم مفمسمجيدوها‬ ‫لرئمكرة ٱهسيجيدوها م‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [34‬من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهلمنا رلهلمم م‬ ‫فمث ل‬
‫لرئمكرة{ُ رسل النظام وعام السنن‪ً،‬‬ ‫ل إرهبرليمس أممبـى موٱهسمتهكمبمر مومكامن رممن ٱهلمكارفرريمن{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪} :‬اهلمم م‬ ‫إر ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وسجودهم للنسان معناه أن الكون يمسرخر له ‪ ..‬راجع ]‪ 29‬فى البقرة[‪ ً،‬ثم انظر ]الملك فى ‪ً،[15‬‬
‫}إرهبرلي مس{ُ اسم لكل مستكبر على الحقا‪ .‬ويتبه لفظ الشيطان والجان‪ ً،‬وهو النوع المستعصى على النسان‬
‫تسخيره"‪.‬‬
‫ضسرمنا‬ ‫ل مي ي‬ ‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [71‬من سورة النعام‪} :‬يقهل أممنهديعوها رمن يدورن ٱللرره مما م‬
‫ل مينمفيعمنا مو م‬
‫ضِ محهيمرامن{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪:‬‬ ‫لهر ر‬‫موينمرسد معلمـى أمهعمقاربمنا مبهعمد إهذ مهمدامنا ٱللريه مكٱِرلرذيِ ٱهسمتههموهتيه ٱلرشميارطيين رفي ٱ م‬
‫ر‬
‫}ٱلرشميارطيين{ُ يتطلقا على الحريات والثعابين‪ ً،‬تستهوى ممن يتبعها ليقتلها فيهوى معها وتضله بتعرجها ‪..‬‬
‫راجع ]‪ 275‬فى البقرة["‪.‬‬
‫صاهَل يمهن محممهَإ‬ ‫صهل م‬ ‫لنمسامن رمن م‬ ‫وعند قوله تعالى فى اليتين ]‪ [27 ً،26‬من سورة الرحهجر‪} :‬مولممقهد مخلمهقمنا ٱ ر‬
‫رمهسينوهَن * موٱهلمجآرن مخلمهقمنايه رمن مقهبيل رمن رنارر ٱلرسيمورم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬يمثل لك بوصف النسان‪ ً،‬النوع الهادئ‬
‫صاحب الطبع الطينى الذى تشكله كما تريد‪} ً،‬موٱهلمجآرن{ُ النوع المتشرد صاحب الطبع النارى‪ ً،‬إذا قاربتعه‬
‫يؤذيك ويغويك‪ ً،‬ول تستطيع أن تمسكه وتعدله‪ ً،‬والنوعان موجودان فى كل أمة‪ ً،‬فتدبر السياقا من أول‬
‫السورة‪ ً،‬وراجع القصة فى البقرة"‪.‬‬
‫لهنس{ُ‪ ..‬يقول‪:‬‬ ‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [17‬من سورة النمل‪} :‬مويحرشمر رلهسلمهيممامن يجينويديه رممن ٱهلرجين موٱ ر‬
‫}ٱهلرجين{ُ ييطلقا على العاملم الخفى والظاهر القوى‪ ً،‬وجن كل شىء أوله ومقدمته‪ ً،‬وجن الجيش يقرواده‬
‫لهنس{ُ طائعوه ومرءوسوه ‪ ..‬اقرأ الجن"‪.‬‬ ‫ورؤساؤه‪} ً،‬موٱ ر‬
‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [158‬من سورة الصافات‪} :‬مومجمعيلوها مبهيمنيه مومبهيمن ٱهلرجرنرة منمسبا مولممقهد معرلمرت ٱلرجرنية‬
‫ضيرومن{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬الرجرنة أو الجن‪ :‬سادتهم وكبراؤهم"‪.‬‬ ‫إررنيههم مليمهح م‬
‫ص * موآمخرريمن‬ ‫وعند قوله تعالى فى اليتين ]‪ [38 ً،37‬من سورة )ص(‪} :‬موٱلرشميارطيمن يكرل مبرنآهَء مومغروا هَ‬
‫صرناع الماهرين والشقياء المجرمين‪ً،‬‬ ‫صمفارد{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪} :‬ٱلرشميارطيمن {ُ يطلقون على ال ي‬ ‫له‬ ‫يممقرررنيمن رفي ٱ م‬
‫صمفارد{ُ مسلوكين فى القيود‪ ً،‬ومنها تفهم أن سليمان كان يشغل المسجونين من أصحاب‬ ‫له‬‫}يممقرررنيمن رفي ٱ م‬
‫الصناعات للنتفاع بهم"‪.‬‬
‫**‬
‫* إنكاره لحكام من الدين لم ينازع فيها أحد من المجتهدين‪:‬‬
‫ولقد س رولت للمؤلف نفسه أن يتأول بعضِ آيات الحكام على غير ما أراد ال‪ ً،‬وعلى مقتضى هواه الذى‬
‫ل يخضع لقواعد السلغة ول لصول الشريعة!!‬
‫** حد السرقة‪:‬‬
‫ل عند قوله فى الية ]‪ [38‬من سورة المائدة‪} :‬موٱلرسارريقا موٱلرساررمقية مفٱِهقمطيعيوها أمهيردمييهمما{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يقول‪:‬‬ ‫فمث ل‬
‫"واعلم أن لفظ السارقا والسارقة يعطى معنى التعود‪ .‬أى أن السرقة صفة من صفاتهم الملزمة لهم‪ً،‬‬
‫ويظهر لك من هذا المعنى‪ :‬أن ممن سرقا مرة أو مرتين ول يستمر فى السرقة ولم يتعود اللصوصية ل‬
‫ييعامقب بقطع يده‪ ً،‬لن قطعها فيه تعجيز له‪ ً،‬ول يكون ذلك إل بعد اليأس من علجه"‪.‬‬
‫** حد الزنا‪:‬‬
‫وعند قوله تعالى فى الية ]‪ [2‬من سورة النور‪} :‬ٱلرزارنميية موٱلرزارني مفٱِهجرليدوها يكرل موارحهَد يمهنيهمما رممئمة مجهلمدهَة{ُ ‪...‬‬
‫الية‪ ً،‬نجده يقول‪} :‬ٱلرزارنميية موٱلرزارني{ُ ييطلقا هذا الوصف على المرأة والرجل إذا كانا معروفين بالزنا‬
‫وكان من عادتهما ويخيلقهما‪ ً،‬فهما بذلك يستحقان المجهلد"‪.‬‬
‫** تعدد الزوجات‪:‬‬
‫ل يتهقرسيطوها رفي ٱهلميمتاممـى مفٱِنركيحوها مما مطامب لميكهم يممن ٱلينمسآرء ممهثمنـى‬ ‫فى الية ]‪ [3‬من سورة النساء‪} :‬موإرهن رخهفيتهم أم ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لمث مويرمبامع{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪} :‬يممن ٱلينمسآرء{ُ نساء اليتامى الذين فيهم الكلم ‪ -‬هكذا بالصل ‪-‬‬ ‫مويث م‬
‫لن الزواج منهن يمنع الحرج فى أموالهن‪ ً،‬ومن هذا تفهم أن تعدد الزوجات ل يجوز إل للضرورة‬
‫التى يكون فيها التعدد مع العدل أقل ضررا على المجتمع من تركه‪ ً،‬لتعلم أن التعدد لم ييشرع إل فى هذه‬
‫ل يتهقرسيطوها{ُ‪" :‬فإن خفتم أل تعدلو"‪.‬‬ ‫الية بذلك الشرط السابقا واللحقا }موإرهن رخهفيتهم أم ر‬
‫فهو يريد أن يبيح تعدد الزوجات إل إذا يكرن يتامى فى حجره‪ ً،‬وأمن من نفسه عدم الجور‪ ً،‬ولم يقل أحد‬
‫بالشرط الول مطلقا‪ ً،‬وممن يطلع على سبب النزول يعلم خطأ ممن يشترط هذا الشرط فى التعدد‪.‬‬
‫** التسيرى‪:‬‬
‫ل متهعرديلوها مفموارحمدلة أمهو مما مملممكهت أمهيمماينيكهم{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪:‬‬ ‫وعند قوله تعالى فى نفس الية السابقة‪} :‬مفرإهن رخهفيتهم أم ر‬
‫انظر آية ]‪ 25‬إلى ‪ 28‬من النساء[‪.‬‬
‫صمنارت ٱهليمهؤرممنارت مفرمهن رما‬ ‫ل مأن مينركمح ٱهليمهح م‬ ‫وفى الية ]‪ [25‬وهى قوله تعالى‪} :‬موممن لرهم ميهسمترطهع رمنيكهم مطهو ل‬
‫ممملمكهت أمهيمماينيكم يمن مفمتميارتيكيم{ُ ‪ ..‬يقول‪" :‬فيه عناية بالخادمات‪ ً،‬وتسهيل لمن يريدون الزواج‪ .‬ول يستطيعون‬
‫النفقات على ذوات البيوتات‪ ً،‬انظر ]‪ 33‬فى النور[ و ]‪ 60‬فى الكهف[ ثم ]‪ 63 ً،42 ً،36 ً،30‬فى‬
‫يوسف[‪} ً،‬اهلمعمنمت{ُ‪ :‬المحمرج‪ :‬انظر ]‪ 220‬فى البقرة[ و ]‪ 7‬فى الحجرات[ و ]‪ 128‬فى التوبة[ و ]‪ 118‬فى‬
‫آل عمران[‪ .‬وفى هذه الية رد على الذين يتخذون رمهلك اليمين من الخادمات والوصيفات للتمتع بهن‬
‫كالزوجات‪ ً،‬بحجة أنهن مشتريات بالمال‪ ً،‬أو أسيرات بالحرب‪ ً،‬فليس فى السلم عرضِ امرأة ييباح‬
‫بغير الزواج‪ ً،‬مملوكة كانت أو مالكة‪ ً،‬فتدبر ذلك فى اليات"‪.‬‬
‫ل معملـى‬ ‫وفى قوله تعالى فى اليتين ]‪ [6 ً،5‬من سورة المؤمنون‪} :‬موٱرلرذيمن يههم رليفيرورجرههم محارفيظومن * إر ر‬
‫أمهزموارجرههم أمهو مما مملممكهت أمهيمماينيههم{ُ ‪...‬الية‪ ً،‬يقول‪" :‬اقرأ المعارج‪ ً،‬والنور‪ ً،‬وأوائل البقرة"‪.‬‬
‫ل معلمـى‬ ‫ثم قال فى المعارج عند قوله تعالى فى اليتين ]‪} :[30 ً،29‬موٱرلرذيمن يههم رليفيرورجرههم محارفيظومن * إر ر‬
‫أمهزموارجرههم أمهو مما مملممكهت أمهيمماينيههم مفرإرنيههم مغهيير مميلورميمن{ُ ما نصه‪} :‬أمهو مما مملممكهت أمهيمماينيههم{ُ من الخدم‪ ً،‬فإن لهم ما‬
‫ليس لغيرهم‪ ً،‬فقد يكون فى النسان فروج ‪ -‬أى عيوب ونقائص ‪ -‬يسيئه أن يراها الناس فيه‪ ً،‬ولكن ل‬
‫يسيئه أن يراها خدمه"‪.‬‬
‫فأنت ترى من هذا أنه يمحيرم التسيرى‪ ً،‬ويمفيسر الفروج بالعيوب‪ ً،‬وهذا يبهعفد عن قوانين السلغة‪ ً،‬ومبادئ‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫** الربا‪:‬‬
‫كذلك نجد المؤلف يميل إلى أن الربا المحررم شرعا هو الفاحش فقط‪ ً،‬ولهذا نراه عندما يعرضِ ليات‬
‫الربا فى سورة البقرة ييفيسر "الربا" فيقول‪" :‬الربا هو الزيادة من الربح فى رأس المال‪ ً،‬وهو معروف‬
‫ل متهأيكيلوها ٱليرمبا‬
‫ومقريد بالية ]‪ 130‬فى آل عمران[‪ ً،‬فانظرها أولل" يريد قوله تعالى‪} :‬ميآ أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها م‬
‫ضامعمفلة{ُ ‪ ..‬ثم يقول بعد ذلك‪} :‬مومذيروها مما مبرقمي{ُ‪} ً،‬مفلميكهم يريؤويس أمهمموارليكهم{ُ‪} ً،‬مورإن مكامن يذو يعهسمرهَة{ُ‬ ‫ضمعافا سم م‬ ‫أم ه‬
‫كل ذلك يفيدك أن الكلم فى المعاملة الحاضرة‪ ً،‬ويبشر ممن يتوب بأنه ل ييحامسب على ما كسبه من قبل‪ً،‬‬
‫}مفمليه مما مسملمف{ُ ‪ ..‬انظر ]‪ 38‬فى النفال[" يريد قوله تعالى‪} :‬يقل رلرلرذيمن مكمفيريوها رإن مينمتيهوها يمغمفهر مليههم رما مقهد‬
‫مسلممف{ُ‪.‬‬
‫ثم قال بعد ذلك عندما عرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [130‬من سورة آل عمران‪} :‬ميآ أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها م‬
‫ل‬
‫ضامعمفلة{ُ أى الربا الفاحش‬ ‫ضمعافا سم م‬ ‫ضامعمفلة موٱرتيقوها ٱلرلمه ملمعلريكهم يتهفرليحومن{ُ‪} :‬ٱليرمبا أم ه‬ ‫متهأيكيلوها ٱليرمبا أم ه‬
‫ضمعافا سم م‬
‫وبمعنى آخر‪ :‬الربح الزائد عن حده فى رأس المال‪ .‬ويتقيدره كل أي سمة بعرفها‪ .‬راجع فى جزائه أواخر‬
‫البقرة‪ ً،‬وقصة اليهود فى أواخر النساء‪ ً،‬ثم ارجع إلى ]‪ 5‬فى النساء و ‪."[43‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫** زكاة الزروع‪:‬‬
‫ل عن أنه يصادم ما‬ ‫كذلك نجد المؤلف يذهب فى زكاة الزروع مذهبا لم يقل به أحد من المجتهدين فض ل‬
‫جاء من السسرنة الصحيحة فى بيان المقدار الواجب فى زكاة الزروع‪ ً،‬وذلك حيث ييفيسر قوله تعالى فى‬
‫صاردره{ُ ‪ ..‬فيقول‪} :‬موآيتوها محرقيه ميهومم{ُ يفيد أن فى كل هذا‬
‫الية ]‪ [141‬من سورة النعام‪} :‬موآيتوها محرقيه ميهوم مح م‬
‫صاردره{ُ زمن تحصيله‪ ً،‬وكما أمر المالكين بإيتاء هذا الحقا‪ً،‬‬ ‫الخارج من الرضِ حقا ل بد من إعطائه‪} ً،‬مح م‬
‫ي‬
‫أمر الحاكم العام بمأخذه‪ ً،‬والعمل على جبايته لبيت المال‪ ً،‬وقد ترك التقدير للمة بحسب الحال"‪.‬‬
‫لمة دخل فى تدير مقررات الزكاة بعد أن قردرها الرسول عليه الصلة والسلم‪ ً،‬وقررها‬ ‫)أقول‪ :‬وليس ل ي‬
‫لمة(‪.‬‬ ‫على ا ي‬
‫** مصارف الزكاة‪:‬‬
‫كذلك تخبط المؤلف فى شرحه لبعضِ مصارف الزكاة‪ ً،‬وذلك حيث فرسر قوله تعالى فى الية ]‪ [60‬من‬
‫سورة التوبة‪....} :‬مورفي ٱليرمقارب{ُ‪ ً،‬فقال‪" :‬فى خلصها من الستعباد‪ .‬وفى هذا الزمان متجد أكثر المسلمين‬
‫رقابهم مملوكة للجانب‪ ً،‬فيجب أن يتعاونوا على فك رقابهم‪ ً،‬وفي الزكاة حقا لهذا التعاون"‪.‬‬
‫** الطلقا‪:‬‬
‫كذلك نجد المؤلف يذهب إلى أن الطلقا ل يقع إل إذا كان سببه أمرا يخل بنظام الرعهشرة‪ ً،‬وآتيا من رقمبل‬
‫ل يتهخرريجويهرن رمن يبييورترهرن مو م‬
‫ل‬ ‫المرأة‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى قوله تعالى فى الية ]‪ [1‬من سورة الطلقا‪ } :‬م‬
‫ل مأن ميهأرتيمن ربمفارحمشهَة سممبيمنهَة{ُ ما نصه‪} :‬يبييورترهرن{ُ بيوت الزوجية ‪ ..‬راجع ]البقرة من ‪- 226‬‬ ‫ميهخيرهجمن إر ر‬
‫‪ ً،[242‬و ]الحزاب‪ ً،[40 :‬و ]التحريم ‪ ً،[5‬و ]النور ‪ [10 - 5‬لتعرف أن الطلقا وإن كان فى يد‬
‫الرجل ل يقع إل بسبب يخل بنظام الرعهشرة الزوجية"‪.‬‬
‫هذا بعضِ ما جاء فى هذا الكتاب الذى هذى به صاحبه‪ ً،‬وفيه غير هذا كثير مما يدل على أن الرجل قد‬
‫ركب متن الغواية‪ ً،‬ومشى يخبط خبط العشى فى مهمة متسع من الضللة!!‬
‫وحسبى أن أكون قد أطلعت القارئ على بعضِ ما جاء فى هذا الكتاب‪ ً،‬ولست فى حاجة إلى أن أطيل‬
‫بذكر ما ييبطل هذه الوهام ويفندها‪ ً،‬فإنى لست فى مقام الرد والتفنيد‪ ً،‬وإنما أنا فى مقام بيان لون من‬
‫ألوان التفسير فى هذا العصر‪ ً،‬وإذا كان القارئ الكريم يود أن يقف على إبطال هذه المزاعم التى حشا‬
‫بها المؤلف كتابه‪ ً،‬فليرجع إلى قرار اللجنة الزهرية‪ ً،‬التى أييلفت للرد على هذا الكتاب‪ ً،‬وليرجع إلى ما‬
‫كتبه شيخنا العلمة الشيخْ محمد الخضر حسين فى الجزء الثالث من رسائل الصلح‪ ً،‬ول شك أنه‬
‫سيجد فيما كتب هنا وهناك ما يكفى لن يذهب بتلك التأويلت أدراج الرياح‪ ً،‬وما ينادى بأن صاحب‬
‫هذه التأويلت قد انحرف عن الهدى‪ ً،‬فهو إلى مكان سحيقا‪..‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) الرلون الدبى الجتماعى للتفسير فى عصرنا الحاضر (‬

‫يمتاز التفسير فى هذا العصر بأنه يتلون بالرلون الدبى الجتماعى‪ ً،‬ونعنى بذلك‪ :‬أن التفسير لم يعد‬
‫يظهر عليه فى هذا العصر ذلك الطابع الجاف‪ .‬الذى يصرف الناس عن هداية القرآن الكريم‪ ً،‬وإنما‬
‫ظهر عليه طابع آخر‪ ً،‬وتلرون بلون يكاد يكون جديدا وطارئا على التفسير‪ ً،‬ذلك هو معالجة النصوص‬
‫القرآنية معالجة تقوم أولل وقبل كل شىء على إظهار مواضع الدقة فى التعبير القرآنى‪ ً،‬ثم بعد ذلك‬
‫يتصاغا المعانى التى يهدف القرآن إليها فى أسلوب مشييقا أرخاذ‪ ً،‬ثم يطبقا النص القرآنى على ما فى الكون‬
‫من سنن الجتماع‪ ً،‬وينيظم العمران‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* مدرسة الستاذ المام الشيخْ محمد عبده‪ ً،‬وأثرها فى التفسير‪:‬‬
‫ل جديدا فى التفسير‪ ً،‬وابتكارا يرجع فضله‬ ‫وإذا كان هذا المدلون الدبى الجتماعى يعتبر فى نظرنا عم ل‬
‫إلى يمفيسرى هذا العصر الحديث‪ ً،‬فإرنا نستطيع أن نقول بحقا‪ :‬إن الفضل فى هذا الرلون التفسيرى يرجع‬
‫إلى مدرسة الستاذ المام الشيخْ محمد عبده للتفسير‪ .‬هذه المدرسة التى قام زعيمها ‪ -‬ورجالها من بعده‬
‫‪ -‬بمجهود كبير فى تفسير كتاب ال تعالى‪ ً،‬وهداية الناس إلى ما فيه من خير الدنيا وخير الخرة‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬قامت هذه المدرسة بمجهود كبير فى تفسير كتاب ال تعالى‪ .‬مجهود نحمد لها الكثير منه‪ ً،‬ول‬
‫نوافقها على بعضِ منه قليل‪.‬‬
‫* محاسن هذه المدرسة‪:‬‬
‫فالذى نحمده لهذه المدرسة‪ :‬أنها نظرت للقرآن نظرة بعيدة عن التأثر بمذهب من المذاهب‪ ً،‬فلم يكن منها‬
‫ما كان من كثير من المفيسرين من التأثر بالمذهب إلى الدرجة التى تجعل القرآن تابعا لمذهبه‪ ً،‬فيؤيول‬
‫ل متكلفا وبعيدا‪.‬‬‫القرآن بما يتفقا معه‪ ً،‬وإن كان تأوي ل‬
‫كما أنها وقفت من الروايات السرائيلية موقف الناقد البصير‪ ً،‬فلم يتمشيوه التفسير بما يشيومه به فى كثير من‬
‫كتب المتقدمين‪ ً،‬من الروايات الخرافية المكذوبة‪ ً،‬التى أحاطت بجمال القرآن وجلله‪ ً،‬فأساءت إليه‬
‫وجررأت الطاعنين عليه!!‬
‫كذلك لم تغتر هذه المدرسة بما اغتر به كثير من المفيسرين من الحاديث الضعيفة أو الموضوعة التى‬
‫كان لها أثر سىء فى تفسير القرآن الكريم!!‬
‫ولقد كان من أثر عدم اغترار هذه المدرسة بالروايات السرائيلية‪ ً،‬والحاديث الموضوعة‪ .‬أنها لم‬
‫لمور الغيبية‪ ً،‬التى ل يتعرف‬ ‫تخضِ فى تعيين ما أبهمه القرآن‪ ً،‬ولم تجرؤ على الخوضِ فى الكلم عن ا ي‬
‫ل‪ ً،‬ومنعت من‬ ‫إل من جهة النصوص الشرعية الصحيحة‪ ً،‬بل قررت مبدأ اليمان بما جاء من ذلك مجم ل‬
‫الخوضِ فى التفصيلت والجزئيات‪ ً،‬وهذا مبدأ سليم‪ ً،‬يقف حاجزا منيعا دون تسرب شىء من خرافات‬
‫الغيب المظنون إلى المعقول والعقائد‪.‬‬
‫كذلك نجد هذه المدرسة أبعدت التفسير عن التأثر باصطلحات العلوم والفنون‪ ً،‬التى يزرج بها فى التفسير‬
‫بدون أن يكون فى حاجة إليها‪ ً،‬ولم تتناول من ذلك إل بمقدار الحاجة‪ ً،‬وعلى حسب الضرورة فقط‪.‬‬
‫ثم إن هذه المدرسة‪ ً،‬نهجت بالتفسير منهجا أدبيا اجتماعيا‪ ً،‬فكشفت عن بلغة القرآن وإعجازه‪ً،‬‬
‫وأوضحت معانيه ومراميه‪ ً،‬وأظهرت ما فيه من سنن الكون العظم ونظم الجتماع‪ ً،‬وعالجت مشاكل‬
‫لمم عامة‪ ً،‬بما أرشد إليه القرآن‪ ً،‬من هداية وتعاليم‪ ً،‬جمعت بين‬ ‫المة السلمية خاصة‪ ً،‬ومشاكل ا ي‬
‫خيرى الدنيا والخرة‪ ً،‬وو رفقت بين القرآن وما أثبته العلم من نظريات صحيحة‪ ً،‬وجلت للناس أن القرآن‬
‫كتاب ال الخالد‪ ً،‬الذى يستطيع أن يساير التطور الزمنى والمبشرى‪ ً،‬إلى أن يرث ال الرضِ وممن‬
‫عليها‪ ً،‬ودفعت ما ورد من يشمبه على القرآن‪ ً،‬وفرندت ما يأثير حوله من شكوك وأوهام‪ ً،‬بحجج قوية قذفت‬
‫بها على الباطل فدمغته فإذا هو زاهقا ‪ ..‬كل هذا بأسلوب شيقا جذاب يستهوى القارئ‪ ً،‬ويستولى على‬
‫قلبه‪ ً،‬ويمحبب إليه النظر فى كتاب ال‪ ً،‬ويمرغبه فى الوقوف على معانيه وأسراره‪.‬‬
‫هذا ما نحمده لهذه المدرسة‪ ً،‬ول نستطيع أن نغمطها عليه‪ ً،‬أو نقلل من فضلها فيه؟‬
‫**‬
‫* عيوب هذه المدرسة‪:‬‬
‫أما ما نأخذه على هذه المدرسة‪ ً،‬فهو أنها أعطت لعقلها حرية واسعة‪ ً،‬فتأرولت بعضِ الحقائقا الشرعية‬
‫التى جاء بها القرآن الكريم‪ ً،‬وعدلت بها عن الحقيقة إلى المجاز أو التمثيل‪ ً،‬وليس هناك ما يدعو لذلك‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إل مجرد الستبعاد والستغراب‪ .‬استبعاد بالنسبة ليقدرة المبشر القاصرة‪ ً،‬واستغراب ل يكون إل ممن‬
‫جهل قدرة ال وصلحيتها لكل ممكن‪.‬‬
‫كما أنها بسبب هذه الحرية العقلية الواسعة جارت المعتزلة فى بعضِ تعاليمها وعقائدها‪ ً،‬وحرملت بعضِ‬
‫ألفاظ القرآن من المعانى ما لم يكن معهودا عند العرب فى زمن نزول القرآن وطعنت فى بعضِ‬
‫الحاديث‪ :‬تارة بالضعف‪ ً،‬وتارة بالوضع‪ ً،‬مع أنها أحاديث صحيحة رواها البخارى ومسلم‪ ً،‬وهما أصح‬
‫الكتب بعد كتاب ال تعالى بإجماع أهل العلم‪ ً،‬كما أنها لم تأخذ بأحاديث الحاد الصحيحة الثابتة‪ ً،‬فى كل‬
‫ما هو من قبيل العقائد‪ ً،‬أو من قبيل السمعيات‪ ً،‬مع أن أحاديث الحاد فى هذا الباب كثيرة ل ييستهان‬
‫بها‪.‬‬
‫وما ييقال من أن خبر الواحد ل تثبت به عقيدة إجماعا‪ .‬فيه نظر من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن دعوى الجماع باطلة‪ ً،‬فإن للعلماء أربعة أقوال فى إفادة خبر الواحد العلم‪:‬‬
‫‪ -1‬يفيد الظن مطلقا‪.‬‬
‫‪ -2‬يفيد العلم بقرينة‪.‬‬
‫‪ -3‬يفيد العلم من غير قرينة باطراد‪.‬‬
‫‪ -4‬يفيد العلم من غير قرينة ل باطراد‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬إذا جرينا على أن خبر الواحد يفيد العلم‪ ً،‬أمكن أن تثبت به عقيدة‪ ً،‬وإذا جرينا على أنه يفيد‬
‫الظن‪ ً،‬أمكن أن تثبت به العقيدة إذا احتفت به قرائن ‪ -‬على المختار ‪ -‬لفادته العلم حينئذ‪ ً،‬ومن هنا‬
‫جزم ابن الصلح وغيره بأن أحاديث الصحيحين التى لم يتنقد عليهما تفيد العلم‪ ً،‬فإن المة قد تلقتهما‬
‫بالقبول‪ ً،‬وهى معصومة من الخطأ‪ ً،‬وظن المعصوم ل يخطىء‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه ليس المراد من العقيدة كل ما يعتمقد‪ ً،‬وإل لتناول ذلك الفروع الفقهية‪ ً،‬فإنه ل يسوغا العمل بها‬
‫إل بعد اعتقاد صحة الحكم فيها‪ ً،‬وإنما المراد بالعقائد يأصولها‪ ً،‬وهو ما كان الخلل بها موجبا للكفر‪ً،‬‬
‫كاليمان بال وباليوم الخر‪ .‬وأما الحاديث الواردة فى الحوادث الماضية‪ ً،‬أو المستقبلة‪ ً،‬أو المتعلقة‬
‫بتفاصيل اليوم الخر وما فيه‪ ً،‬فل ييشترط فيها التواتر‪ ً،‬لن هذه المور ليست من قبيل العقائد التى‬
‫يترتب على عدم تصديقها الكفر والعياذ بال تعالى‪ ً،‬ولكن ييكمتفى فيا بأن تكون من طريقا صحيح‪.‬‬
‫* أهم رجال هذه المدرسة‪:‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن أهم رجال هذه المدرسة‪ ً،‬وهو الستاذ المام الشيخْ محمد عبده زعيمها وعميدها‪ ً،‬ثم‬
‫المرحوم السيد محمد رشيد رضا‪ ً،‬والمرحوم الستاذ الكبر الشيخْ محمد مصطفى المراغى‪ .‬وهما خير‬
‫ممن أنجبت هذه المدرسة‪ ً،‬وخير من تررسم يخطا الستاذ المام‪ ً،‬وسار على منهجه وطريقته فى التفسير‪.‬‬
‫ولست أرى القارئ بحاجة إلى أن أترجم لحياة هؤلء الرجال الثلثة‪ ً،‬فالعهد بهم قريب‪ ً،‬وليس ييخشى‬
‫على ممن لم صلة بالحركة العلمية فى هذا العصر شىء من معالم حياتهم‪ ً،‬ويكفى أن أتكلم عن إنتاج كل‬
‫واحد منهم فى التفسير وعن منهجه الذى سلكه فيه‪ ً،‬وسيقف القارئ ‪ -‬إن شاء ال تعالى ‪ -‬على ما قلته‬
‫عن هذه المدرسة‪ ً،‬وما ذكرته لها من أثر محمود فى التفسير‪ ً،‬وما ذكرته عنها من أثر ييؤخذ عليها ول‬
‫ييحمد لها‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) ‪ -1‬الستاذ المام الشيخْ محمد عبده (‬

‫* إنتاجه فى التفسير‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إذا نحن ذهبنا نستقصى ما أنتجه لنا الستاذ المام من عمل فى التفسير‪ ً،‬فإرنا نجد له تفسيره المشهور‬
‫لجزء "عم" ذلك التفسير الذى أرلفه بمشورة من بعضِ أعضاء الجمعية الخيرية السلمية‪ ً،‬ليكون مرجعا‬
‫ل للصلح فى‬ ‫لساتذة مدارس الجمعية فى تفهيم التلميذ معانى ما يحفظون من سور هذا الجزء‪ ً،‬وعام ل‬
‫أعمالهم وأخلقهم‪ ً،‬ولقد أتم الستاذ المام تفسير هذا الجزء فى سنة ‪ 1321‬هـ )إحدى وعشرين‬
‫وثلثمائة بعد اللف من الهجرة(‪ ً،‬ببلد المغرب‪ ً،‬وبذل جهده كما يقول‪" :‬فى أن تكون العبارة سهلة‬
‫التناول‪ ً،‬خالية من الخلف وكثرة الوجوه فى العراب‪ ً،‬بحيث ل يحتاج فى فهمها إل أن يعرف القارئ‬
‫كيف يقرأ‪ ً،‬أو السامع كيف يسمع‪ ً،‬مع حسن النية وسلمة الوجدان"‪.‬‬
‫كذلك نجد له تفسيرا مطرولل لسورة "العصر" كان قد ألقاه على هيئة محاضرات‪ ً،‬أو دروس على علماء‬
‫مدينة الجزائر ووجهائها فى سنة ‪ 1321‬هـ )سنة ‪1902‬م( ‪ -‬ويقول الستاذ المام‪ :‬إنه قرأ تفسير هذه‬
‫السورة فى سبعة أيام‪ ً،‬وكل درس ل يقل عن ساعتين‪ ً،‬أو ساعة ونصف‪.‬‬
‫كذلك نجد له بعضِ بحوث تفسيرية‪ ً،‬عالج فيها بعضِ مشكلت القرآن‪ ً،‬ودفع بها بعضِ ما يأثير حول‬
‫صهبيههم محمسمنفة‬ ‫القرآن من شكوك وإشكالت‪ ً،‬كشرحه لقوله تعالى فى الية ]‪ [78‬من سورة النساء‪} :‬مورإن يت ر‬
‫لرء‬‫صهبيههم مسيمئفة مييقويلوها مهــرذره رمهن رعنردمك يقهل يكول يمهن رعنرد ٱللرره مفممارل مهــيؤ ي‬ ‫مييقويلوها مهــرذره رمهن رعنرد ٱلرلره مورإن يت ر‬
‫صامبمك رمهن محمسمنهَة مفرممن ٱلرلره‬ ‫ل ميمكايدومن ميهفمقيهومن محرديثا{ُ‪ ً،‬وقوله فى الية ]‪ [79‬من السورة نفسها‪} :‬رمآ أم م‬ ‫ٱهلمقهورم م‬
‫ل مومكمفـى ربٱِللرره مشرهيدا{ُ وجمعه بينهما‪ .‬وتوفيقه بين‬ ‫صامبمك رمن مسيمئهَة مفرمن رنهفرسمك موأمهرمسهلمنامك رللرنارس مريسو ل‬ ‫موممآ أم م‬
‫ما ي مظن فيهما من تناف وتضاد‪ ً،‬وهو نسبة أفعال العباد تارة إلى ال تعالى‪ ً،‬وتارة إلى العبد‪.‬‬
‫ل منربري‬ ‫وكشرحه لقوله تعالى فى الية ]‪ [55 - 52‬من سورة الحج‪} :‬موممآ أمهرمسهلمنا رمن مقهبرلمك رمن رريسوهَل مو م‬
‫ل إرمذا متممرنـى أمهلمقى ٱلرشهيمطاين رفيي أيهمرنريرتره{ُ ‪ ..‬إلى قوله‪} :‬أمهو ميهأرتمييههم معمذايب ميهوهَم معرقيهَم{ُ‪ ً،‬وإبطاله لقصة الغرانيقا‪ً،‬‬ ‫إر ر‬
‫وتفنيده لما يبرنمى عليها من تفسير يذهب بعصمة النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويرفع المان عن الوحى‬
‫الذى تكرفل ال بحفظه‪.‬‬
‫وكتفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [37‬من سورة الحزاب‪} :‬موإرهذ متيقويل رلرلرذييِ مأنمعم ٱللريه معملهيره موأمهنمعهممت معملهيره‬
‫أمهمرسهك معلمهيمك مزهومجمك موٱرترقا ٱلرلمه مويتهخرفي رفي منهفرسمك مما ٱللريه يمهبرديره مومتهخمشى ٱلرنامس موٱللريه أممحسقا مأن متهخمشايه مفلمرما‬
‫ضهوها رمهنيهرن‬ ‫ل مييكومن معملى ٱهليمهؤرمرنيمن محمرفج رفيي أمهزموارج مأهدرعميآرئرههم إرمذا مق م‬‫ضـى مزهيفد يمهنمها مومطرا مزروهجمنامكمها رلمكهي م‬ ‫مق م‬
‫مومطرا مومكامن أمهمير ٱلرلره ممهفيعولل{ُ‪ ً،‬ورده لما يألصقا بها من أحاديث باطلة‪ ً،‬يتصيور النبى صلى ال عليه وسلم‬
‫بصورة الرجل الشهوانى‪ ً،‬وإبطاله لكل ما يأثير حول هذه القصة ‪ -‬قصة زيد وزينب ‪ -‬من مطاعن‬
‫يررممى بها رسول ال صلى ال عليه وسلم زورا وبهتانا‪.‬‬
‫وكذلك نجد من آثار الستاذ المام فى التفسير‪ ً،‬تلك الدورس التى ألقاها فى الزهر الشريف على‬
‫تلميذه ومريديه‪ ً،‬وكان ذلك بمشورة تلميذه السيد محمد رشيد رضا‪ ً،‬وإقناعه به‪ ً،‬كما يقول هو فى‬
‫مقدمة تفسيره‪.‬‬
‫وقد ابتدأ الستاذ المام بأول القرآن فى يغررة المحررم سنة ‪ 1317‬وانتهى عند تفسير قوله تعالى فى الية‬
‫ضِ مومكامن ٱللريه ربيكيل مشهيهَء سمرحيطا{ُ ‪ ..‬وذلك‬ ‫لهر ر‬ ‫]‪ [126‬من سورة النساء‪} :‬مولرلره مما رفي ٱلرسمماموارت مومما رفي ٱ م‬
‫فى منتصف المحررم سنة ‪ 1323‬هـ‪ ً،‬إذ توفى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬لثمان خلون من يجمادى الولى من السنة‬
‫نفسها‪.‬‬
‫وإذا كان الستاذ المام قد ألقى هذه الدروس فى التفسير على يطلبه ولم يدون شيئا‪ ً،‬فإسنا ل نرى محمرجا‬
‫من جعلها أثرا من آثاره فى التفسير‪.‬‬
‫وذلك لن تلميذه السيد محمد رشيد رضا كان يكتب فى أثناء إلقاء هذه الدروس مذكرات يودعها ما يراه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أهم أقوال الستاذ المام‪ ً،‬ثم يحفظ ما كتب ليمده بما يذكره من أقواله وقت الفراغا‪ ً،‬ثم قام بعد ذلك بنشر‬
‫ما كتب فى مجلته "المنار" وكان ‪ -‬كما يقول هو فى مقدمة تفسيره ‪ -‬ييطلع الستاذ المام على ما أعده‬
‫للطبع‪ ً،‬كلما تيسر ذلك بعد جمع حروفه فى المطبعة وقبل طبعه‪ ً،‬فكان ربما يمنيقح فيه بزيادة قليلة‪ ً،‬أو‬
‫حذف كلمة أو كلمات‪ .‬قال‪" :‬ول أذكر أنه انتقد شيئا مما لم يره قبل الطبع‪ ً،‬بل كان راضيا بالمكتوب‪ً،‬‬
‫معجبا به"‪.‬‬
‫ل بالنسبة‬ ‫هذا هو كل ما وصلت إليه من إنتاج الستاذ المام فى التفسير‪ ً،‬وهو وإن كان إنتاجا يمعد قلي ل‬
‫لهذه الشخصية البارزة‪ ً،‬إل أنه ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬كان له أثر بالغ فى تطور التفسير واتجاهاته‪ ً،‬كما‬
‫سيظهر لك فيما بعد إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫**‬
‫* منهجه فى التفسير‪:‬‬
‫كان الستاذ المام هو الذى قام وحده من بين رجال الزهر بالدعوة إلى التجديد‪ ً،‬والتحرر من قيود‬
‫التقليد‪ ً،‬فاستعمل عقله الحر فى كتاباته وبحوثه‪ ً،‬ولم يجر على ما جمد عليه غيره من أفكار المتقدمين‪ً،‬‬
‫وأقوال السابقين‪ ً،‬فكان له من وراء ذلك آراء وأفكار خالف بها ممن سبقه‪ ً،‬فأغضبت عليه الكثير من أهل‬
‫العلم‪ ً،‬وجمعت حوله قلوب مريديه والمعجبين به‪.‬‬
‫هذه الحرية العقلية‪ ً،‬وهذه الثورة على القديم‪ ً،‬كان لهما أثر بالغ فى المنهج الذى نهجه الشيخْ لنفسه‪.‬‬
‫وسار عليه فى تفسيره‪.‬‬
‫وذلك أن الستاذ المام اتخذ لنفسه مبدءا يسير عليه فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬ويخالف به جماعة‬
‫المف يسرين المتقدمين‪ .‬وهو فهم كتاب ال من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم فى حياتهم‬
‫الدنيا وحياتهم الخرة‪ ً،‬وذلك لنه كان يرى أن هذا هو المقصد العلى للقرآن‪ ً،‬وماوراء ذلك من‬
‫المباحث فهو تابع له‪ ً،‬أو وسيلة لتحصيله‪.‬‬
‫يقرر الستاذ المام هذا المبدأ فى التفسير‪ ً،‬ثم يتوده بالرلوم إلى المفيسرين الذين غفلوا عن الغرضِ الول‬
‫للقرآن‪ .‬وهو ما فيه من هداية وإرشاد‪ ً،‬وراحوا يتوسعون فى نواح أخرى من ضروب المعانى‪ ً،‬ووجوه‬
‫النحو‪ ً،‬وخلفات الفقه‪ ً،‬وغير ذلك من المقاصد التى يرى الستاذ المام أن الكثار فى مقصد منها‬
‫"يخرج بالكثيرين عن المقصود من الكتاب اللهى‪ ً،‬ويذهب بهم فى مذاهب تنسيهم معناه الحقيقى"‪.‬‬
‫لهذا نرى الستاذ المام يقسم التفسير إلى قسمين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬جاف مبعد عن ال وكتابه‪ ً،‬وهو ما يقصد به اللفاظ‪ ً،‬وإعراب الجمل‪ ً،‬وبيان ما ترمى إليه تلك‬
‫العبارات والشارات من النكت الفنية‪ .‬قال‪ :‬وهذا ل ينبغى أن ييسمى تفسيرا‪ .‬وإنما هو ضرب من‬
‫التمرين فى الفنون‪ ً،‬كالنحو‪ ً،‬والمعانى‪ ً،‬وغيرهما‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬ذهاب المف يسر إلى فهم المراد من القول‪ ً،‬وحكمة التشريع فى العقائد والحكام‪ ً،‬على الوجه‬
‫الذى يجذب الرواح‪ ً،‬ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة فى الكلم‪ ً،‬ليتحققا فيه معنى قوله تعالى‪:‬‬
‫}مويهلدى مومرهحمم فة{ُ ونحوهما من الوصاف ‪ ..‬قال الستاذ المام‪" :‬وهذا هو الغرضِ الول الذى أرمى إليه‬
‫فى قراءة التفسير"‪.‬‬
‫ل فى تفسير‬ ‫هذا ‪ ..‬وإن الستاذ المام ل يريد من كلمه السابقا أن ييهمل الناحية البلغية أو النحوية مث ل‬
‫ل ‪ -‬من وجوه‬ ‫القرآن‪ ً،‬ولكنه يريد أن يأخذ المفيسر من ذلك بمقدار الضرورة‪ ً،‬فيبين المفسر ‪ -‬مث ل‬
‫البلغة‪ ً،‬وضروب العراب بقدر ما يحتمله المعنى‪ ً،‬وعلى الوجه الذى يليقا بفصاحة القرآن وبلغته‪.‬‬
‫وذلك بدون أن يتجاوز مقدار الحاجة‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم إرنا نجد الستاذ المام ‪ -‬وقد وضع لنفسه هذه الخطة فى التفسير ‪ -‬يشترط شروطا ل بد من توفرها‬
‫عند ممن يريد أن ييفيسر القرآن تفسيرا يحققا الغرضِ منه‪ ً،‬وقد ذكرنها بجملتها عند كلمنا عن العلوم‬
‫التى يحتاج إليها المفيسر‪.‬‬
‫**‬
‫* القرآن ل يتبع العقيدة وإنما تؤخذ العقيدة من القرآن‪:‬‬
‫ويرى الستاذ المام‪ :‬أن القرآن الكريم هو الميزان الذى يتوزن به العقائد لتعرف قيمتها‪ ً،‬ويقرر أنه‬
‫يجب على ممن ينظر فى القرآن أن ينظر إليه كأصل تؤخذ منه العقيدة‪ ً،‬وييستنبط منه الرأى‪ ً،‬وينعى على‬
‫ما كان من أكثر المفيسرين‪ ً،‬من تسلط العقيدة عليهم‪ ً،‬ونظرتهم للقرآن من خللها‪ ً،‬حتى تأرولوا القرآن بما‬
‫يشهد لعقائدهم‪ ً،‬وتتمشى معها‪ ً،‬وفى هذا يقول‪" :‬إذا وزنا ما فى أدمغتنا من العتقاد بكتاب ال تعالى‪ ً،‬من‬
‫غير أن يندخلها أو لل فيه‪ ً،‬يظهر لنا كوننا مهتدين أو ضالين‪ .‬وأما إذا أدخلنا ما فى أدمغتنا فى القرآن‪ً،‬‬
‫وحشرناها فيه أولل‪ ً،‬فل يمكننا أن نعرف الهداية من الضلل‪ ً،‬لختلط الموزون بالميزان‪ ً،‬فل ييدرى ما‬
‫هو الموزون به‪.‬‬
‫ل والقرآن‬ ‫ل يتحمل عليه المذاهب والراء فى الدين‪ ً،‬ل أن تكون المذاهب أص ل‬ ‫"أريد أن يكون القرآن أص ل‬
‫هو الذى ييحمل عليها‪ .‬وييرجع بالتأويل أو التحريف إليها‪ ً،‬كما جرى عليه المخذولون‪ ً،‬وتاه فيه‬
‫الضالون"‪.‬‬
‫* كيف كان يقرأ الستاذ المام التفسير ويكتبه‪:‬‬
‫تناول الستاذ المام تفسير القرآن الكريم بالتأليف والتدريس‪ ً،‬أما ناحية التأليف‪ ً،‬فمحدودة ضيقة‪ ً،‬كما‬
‫ظهر لك فيما سبقا‪ ً،‬وأما ناحية التدريس فكانت أوسع إلى حد ما من ناحية التأليف‪ ً،‬فقد ألقى ‪ -‬رحمه‬
‫ال ‪ -‬دروسا في التفسير بالجامع الزهر الشريف‪ ً،‬مدة ست سنوات‪ ً،‬قرأ فيها ما يقرب من خمسة‬
‫أجزاء من أجزاء القرآن‪ ً،‬كما ألمعنا إليه فيما تقدم‪.‬‬
‫كذلك ألقى دروسا فى التفسير بمدينة الجزائر من بلد المغرب‪ ً،‬كما ألقى دروسا فى التفسير أيضا فى‬
‫مساجد بيروت ‪ ..‬فى المسجد الكبير‪ ً،‬وفى مسجد "الباشورة"‪.‬‬
‫وكان من عادة الستاذ المام فى دروسه‪ :‬أنه يراعى حال ممن يستمعون إليه‪ ً،‬فإذا حضره جماعة من‬
‫ل‪ ً،‬يفتح ال‬‫البلداء الخاملى الفكر شرح لهم المعنى بكلمات قليلة‪ ً،‬وإذا كان هناك ممن يتنبه وييلقى له با ل‬
‫عليه بكلم كثير‪ .‬بهذا ييحيدث الستاذ المام عن نفسه‪.‬‬
‫ويحدثنا تلميذه السيدمحمد رشيد رضا عن طريقة الستاذ المام فى دروس التفسير فيقول‪" :‬كانت‬
‫طريقته فى قراءة الدرس على مقربة مما ارتآه فى كتابة التفسير‪ ً،‬وهو أن يتوسع فيه فيما أغفله أو‬
‫صر فيه المفيسرون‪ ً،‬ويختصر فيما برزوا فيه من مباحث اللفاظ‪ ً،‬والعراب‪ ً،‬ونكت البلغة‪ ً،‬وفى‬ ‫قر‬
‫الروايات التى تدل عليها‪ ً،‬ول تتوقف على فهمها اليات"‪.‬‬
‫وكان الستاذ المام يعتمد فى دروسه وكتابته فى التفسير على عقله الحر وكان ‪ -‬كما يقول عنه بعضِ‬
‫الكاتبين ‪" -‬ل يلتزم فى التفسير كتابا‪ ً،‬وإنما يقرأ فى المصحف‪ ً،‬ويلقى ما يفيضِ ال على قلبه"‪.‬‬
‫وكان من دأبه أنه ل يرجع إلى كتاب من كتب التفسير قبل إلقاء دروسه حتى ل يتأثر بفهم غيره‪ ً،‬وكل‬
‫ما كان منه أنه إذا عرضِ له وجه غريب من العراب‪ ً،‬أو كلمة غريبة فى السلغة رجع إلى بعضِ كتب‬
‫التفسير‪ ً،‬ليرى ما يكرتب فى ذلك‪ ً،‬وقد حردث عن نفسه بذلك فقال‪" :‬إننى ل أطلع عندما أقرأ‪ ً،‬لكننى ربما‬
‫أتصفح كتاب تفسير إذا كان هناك وجه غريب فى العراب‪ ً،‬أو كلمة غريبة فى السلغة"‪.‬‬
‫غير أننا نجد تلميذه السيد محمد رشيد رضا يذكر أن الستاذ المام كان "يتوكأ فى ذلك ‪ -‬يعنى فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫دروسه فى التفسير ‪ -‬على عبارة تفسير الجللين الذى هو أوجز التفاسير‪ ً،‬فكان يقرأ عابرته فيقرها‪ ً،‬أو‬
‫ينتقد منها ما يراه منتقدا ثم يتكلم فى الية أو اليات المنرزلة فى معنى واحد بما فتح ال عليه‪ ً،‬مما فيه‬
‫هداية وعبرة"‪.‬‬
‫وسواء أقلنا إن الستاذ المام كان يرجع إلى كتب التفسير أم ل يرجع إليه‪ ً،‬فإنه كان‬
‫يمح سكم عقله فيما يلقى وفيما يكتب‪ ً،‬غير ملتفت إلى ما سربقا به من أقوال فى التفسير‪ ً،‬ول بواقف عند‬
‫اعتبارات المؤلفين وأفهامهم وقوف ممن يخضع لها‪ ً،‬ويمسيلم بها‪ ً،‬على ما فيها من غث وسمين‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬لم يجمد الستاذ المام على ما فى كتب قدماء المفيسرين‪ ً،‬ولم يلغ عقله أمام عقولهم‪ ً،‬بل على‬
‫العكس من ذلك وجدناه يمنيدد بمن يكتفى فى التفسير بالنظر فى أقوال المتقدمين فيقول‪" :‬التفسير عند‬
‫قومنا اليوم ومن قبل اليوم بقرون‪ ً،‬هو عبارة عن الطلع على ما قاله بعضِ العلماء فى كتب التفسير‪ً،‬‬
‫لفا‬‫على ما فى كلمهم من اختلف يتنزه عنه القرآن‪} :‬مولمهو مكامن رمهن رعنرد مغهيرر ٱللرره لممومجيدوها رفيره ٱهخرت م‬
‫مكرثيرا{ُ‪ ً،‬وليت أهل العناية بالطلع على كتب التفسير يطلبون لنفسهم معنى تستقر عليه أفهامهم فى‬
‫العلم بمعانى الكتاب‪ ً،‬ثم يبثونه فى الناس ويحملونهم عليه‪ ً،‬ولكنهم لم يطلبوا ذلك‪ ً،‬وإنما طلبوا صناعة‬
‫يفاخرون بالتفنن فيها‪ ً،‬ويمارون فيها من يباريهم فى طلبها‪ ً،‬ول يخرجون لظهار البراعة فى تحصيلها‬
‫عن حد الكثار من القول‪ ً،‬واختراع الوجوه من التأويل والغراب فى البعاد عن مقاصد التنزيل‪" .‬إن‬
‫ال تعالى ل يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما فهموه‪ ً،‬وإنما يسألنا عن كتابه الذى أنزله لرشادنا‬
‫وهدايتنا‪ ً،‬وعن يسرنة نبينا الذى برين لنا ما ينيزل إلينا‪} :‬موأمهنمزهلمنا إرلمهيمك ٱليذهكمر رليتمبيمن رللرنارس مما ينيزمل إرلمهيرههم{ُ‪..‬‬
‫"يسألنا هل بلغتكم الرسالة؟ هل تدبرتم ما يبليهغيتم؟ هل عقلتم ما عنه ينهيتم وما به يأمرتم؟ وهل عملتم‬
‫بإرشاد القرآن‪ ً،‬واهتديتم بهمدى النبى‪ ً،‬واتبعتم يسرنته؟ عجبا لنا ننتظر هذا السؤال ونحن فى هذا العراضِ‬
‫عن القرآن ومهديه‪ ً،‬فيا للغفلة والغرور"‪.‬‬
‫كما وجدناه يمعيرف لنا الفهم الصحيح للقرآن فيقول‪ ..." :‬وأعنى بالفهم ما يكون عن ذوقا سليم تصيبه‬
‫أساليب القرآن بعجائبها‪ ً،‬وتملكه مواعظه فتشغله عما بين يديه مما سواه‪ .‬ل يأريد الفهم المأخوذ بالتسليم‬
‫العمى من الكتب أخذا جافا‪ ً،‬لم يصحبه ذلك الذوقا وما يتبعه من رقة الشعور ولطف الوجدان‪ ً،‬الرلذين‬
‫هما مدار التعقل والتأثر والفهم والتدبر"‪.‬‬
‫ومما ييذكر فى هذا المقام أنه "لما أبدى الستاذ المام رأيا طريفا فى تفسير بعضِ اليات‪ ً،‬قال له أحد‬
‫المجاورين‪ :‬إن ما قلته ل يوافقا عليه الجمل ‪ -‬يعنى بالجمل أحد المؤلفين ممن كتبوا الحواشى على‬
‫تفسير الجللين ‪ -‬فقال الستاذ على الفور‪ :‬إننى أقرر ما يدل عليه المعنى الجليل‪ ً،‬والكلم البليغ‪ ً،‬ول‬
‫يعنينى أوافقا عليه الجمل أو الحمار"‪.‬‬
‫كل هذا يدلنا على أن الستاذ المام كان حرا فى تفكيره وفهمه للقرآن‪ ً،‬صريحا فى نقده وينصحه للتفسير‬
‫والمف يسرين‪ ً،‬جريئا فى ثورته على القديم‪ ً،‬ودعوته إلى التحرر مما أحاط بالعقول من القيود‪ ً،‬وما أوغلت‬
‫فيه من الركود والجمود‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن الستاذ المام لم يكن كغيره من المفيسرين الذين مكلفوا بالسرائيليات فجعلوا منها شروحا‬
‫لمبهمات القرآن‪ ً،‬بل وجدناه على العكس من ذلك نفورا منها‪ ً،‬وشرودا من الخوضِ فيها‪ ً،‬لعتقاده أن ال‬
‫تعالى لم يكلفنا بالبحث عن الجزئيات والتفصيلت لما جاء به مبهما فى كتابه‪ ً،‬ولو أراد منا ذلك لدلنا‬
‫صيرح بأن هذا هو "مذهبه فى جميع مبهمات القرآن يقف عند‬ ‫عليه فى كتابه أو على لسان نبيه‪ ً،‬وهو ي م‬
‫النص القطعى ل يتعداه‪ ً،‬ويثبت أن الفائدة ل تتوقف على سواه"‪.‬‬
‫وإذا نحن تتبعنا أقواله فى مبهمات القرآن وجدناه محافظا على هذا المبدأ‪ ً،‬ل يعدل عنه ول يحيد‪ ً،‬إل فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مواضع قليلة نادرة‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [11 ً،10‬من سورة النفطار‪} :‬موإررن معلمهييكهم لممحارفرظيمن *‬ ‫فمث ل‬
‫ركمراما مكارتربي من{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪" :‬ومن الغيب الذى يجب علينا اليمان به ما أنبأنا به فى كتابه‪ :‬أن علينا‬
‫محمف مظة يكتبون أعمالنا حسنات وسيئات‪ ً،‬ولكن ليس علينا أن نبحث عن حقيقة هؤلء‪ ً،‬ومن أى شىء‬
‫يخرلقوا‪ ً،‬وما هو عملهم فى حفظهم وكتابتهم‪ ً،‬هل عندهم أوراقا وأقالم ومداد كالمعهود عندنا ‪ ...‬وهو‬
‫يبعد فهمه؟ أو هناك ألواح يترسم فيها العمال؟ وهل الحروف والصور التى يترسم هى على نحو ما‬
‫نعهد؟ أو إنما هى أرواح تتجلى لها العمال فتبقى فيه بقاء الرمداد فى الرقرطاس إلى أن يبعث ال الناس؟‬
‫كل ذلك ل ينمكرلف العلم به‪ ً،‬وإنما ينمكرلف اليمان بصدقا الخبر وتفويضِ المر فى معناه إلى ال‪ ً،‬والذى‬
‫يجب علينا اعتقاده من جهة ما يدخل فى عملنا‪ ً،‬هو‪ :‬أن أعمالنا يتحفظ ويتحصى‪ ً،‬ل يضيع منها نقير ول‬
‫قطمير"‪.‬‬
‫لهخيدورد{ُ ‪....‬‬ ‫صمحايب ٱ ي‬ ‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [4‬وما بعدها من سورة البروج‪} :‬يقرتمل أم ه‬ ‫ومث ل‬
‫لخدود‪ ً،‬وأرنى كانوا؟ وممن هم يأولئك المؤمنون؟ وأين كان‬ ‫إلى آخر القصة يقول‪" :‬أما تعيين أصحاب ا ي‬
‫منزلهم من الرضِ؟ فقد كثرت فيه الروايات‪ ً،‬والشهر أن المؤمنين كانوا نصارى نجران‪ ً،‬عندما كان‬
‫دينهم دين التوحيد‪ ً،‬ليس فيه حدث ول بدعة‪ ً،‬وأن الكافرين كانوا يأمراء اليمن‪ ً،‬أو اليهود الذين ل‬
‫يبعدون عن هؤلء فى حقيقة الوثنية‪ ً،‬غير أن المؤمن ل يحتاج فى العتبار وإشعار الموعظة قلبه إلى‬
‫أن يعرف القوم‪ ً،‬والجهة‪ ً،‬وخاصة الدين الذى كان أولئك أو هؤلء‪ ً،‬حتى يطير وراء القصص المشحونة‬
‫بالمبالغات‪ ً،‬والساطير المحشوة بالخرافات‪ ً،‬وإنما الذى عليه‪ :‬هو أن يعرف من القصة ما ذكرناه أو ل‬
‫ل‪ً،‬‬
‫ضل علينا به"‪.‬‬ ‫ولو علم ال خيرا فى أكثر من ذلك لتف ر‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [7 ً،6‬من سورة الفجر‪} :‬أملمهم متمر مكهيمف مفمعمل مرسبمك ربمعاهَد *‬ ‫ومث ل‬
‫إرمرم مذارت ٱهلرعممارد{ُ ‪..‬نجده يقول‪" :‬وقد يروى المفيسرون هنا حكايات فى تصوير إرم ذات العماد‪ ً،‬كان‬
‫يجب أن يينرزه عنها كتاب ال‪ ً،‬فإذا وقع إليمك شىء من كتبهم‪ ً،‬ونظرمت فى هذا الموضع منها‪ ً،‬فتخط‬
‫ببصرك ما تجده فى وصف إرم‪ ً،‬وإياك أن تنظر فيه"‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى اليات ]‪ [9 - 6‬من سورة القارعة‪} :‬مفمأرما ممن مثيقلمهت ممموارزيينيه * مفيهمو‬ ‫ومث ل‬
‫ضميهَة * موأمرما ممهن مخرفهت ممموارزيينيه * مفيأسميه مهاروميفة{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪ " :‬وتقدير ال العمال وما‬
‫رفي رعيمشهَة ررا ر‬
‫تستحقه من الجزاء فى ذلك اليوم‪ ً،‬إنما يكون على حسب ما يعلم‪ ً،‬ل طريقة ما نعلم‪ ً،‬فعلينا أن نفيوضِ‬
‫المر فيه إليه سبحانه على اليمان به‪ ً،‬ومن عجيب ما قال بعضِ المفيسرين‪" :‬إنه ميزان بلسان وكرفتين‬
‫كأطباقا السموات والرضِ‪ ً،‬ول يعلم ماهيته إل ال" فماذا بقى من ماهيته بعد لسانه وكرفتيه حتى ييفروضِ‬
‫العلم فيه إلى ال؟ والكلم فيه جرأة على غيب ال بغير نص صريح متواتر عن المعصوم‪ ً،‬ولم يرد فى‬
‫الكتاب إل كلمة "ميزان"‪ ً،‬وقد عرفت ما يمكننا أن نفهم منها لننتفع بما نعتقد‪ ً،‬وما عدا ذلك فعلمه إلى ال‬
‫سبحانه‪ .‬وقد قالوا‪ :‬إن منكر الميزان بالمعنى المعروف ل يكفر‪ ً،‬إذا كان القائل به يحدد له لسانا‬
‫وكرفتين‪ ً،‬مع أن المبشر اخترعوا من الموازين ما هو أتقن من ذلك وأضبط وأوفى ببيان الموزون‪ .‬أفيأبى‬
‫الحكيم الخبير إل استعمال ذلك الميزان الخشن الناقص الذى هدى العلم عقول المبشر إلى ما هو أدقا‬
‫منه؟ أيأبى عارليم الغيب والشهادة أن يستعمل فى وزن المعانى والمعقولت إل ذلك الميزان الذى اخترعه‬
‫بعضِ المبشر قبل أن يبلغ بهم العلم ما بلغ بأهل العصر الحاضر وما سيبلغ بأهل العصور المقبلة؟ على‬
‫أن جميع ما اخترع المبشر وما يخترعون مهما درقا ولميطف‪ ً،‬إنما هو معيار الثقال الجسمانية‪ ً،‬والوزان‬
‫المحسوسة‪ ً،‬وهل يكون الليقا بالمقام اللهى أن يكون ميزان المعانى المعقولة لديه أسمى وأعلى من أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يكون على نمط ما يستعمله المبشر‪ ً،‬مهما ارتقت المعارف وسمت بهم العلوم؟ وهل يليقا بمن يخاف مقام‬
‫ربه أن يجرؤ على القول بوجوب العتقاد بأن الميزان الذى يزن ال به العمال يوم القيامة هو الميزان‬
‫لولى؟‪ ..‬ميزان ضعفاء العقول قصار النظار‪ً،‬‬ ‫الذى تستعمله القبائل التى لم تزل فى مهد النسانية ا ي‬
‫الذين ل يعرفون قيمة لليمان بالغيب‪ ً،‬ول لحياء العقل من ال‪ ً،‬وإطراقه عن أن ينظر إلى ما تشامخْ من‬
‫غيوب ال تعالى علمه‪ ً،‬وتعاظمت قدرته‪.‬‬
‫"عليك أيها المؤمن المطمئن إلى ما يخبر ال به أن توقن أن ال يزن العمال‪ ً،‬ويميز لكل عمل مقداره‪.‬‬
‫ول تسل كيف يزن‪ ً،‬ول كيف يمقيدر‪ ً،‬فهو أعلم بغيبه‪ ً،‬وال يعلم وأنتم ل تعلمون"‪.‬‬
‫**‬
‫* معالجته للمسائل الجتماعية‪:‬‬
‫ثم إسنا نجد الستاذ المام ل يكاد يمر بآية من القرآن‪ ً،‬يمكنه أن يأخذ منها علجا للمراضِ الجتماعية‪ً،‬‬
‫صيور للقارئ خطر الرعرلة الجتماعية التى يتكلم عنها‪ ً،‬وييرشده إلى وسيلة علجها‬ ‫إل أفاضِ فى ذلك بما ي م‬
‫والتخلص منها‪ ً،‬كل هذا يأخذه الستاذ المام من القرآن الكريم‪ ً،‬ثم ييلقى به على أسماع المسلمين وغير‬
‫المسلمين‪ ً،‬رجاء أن يعودوا إلى الصواب‪ ً،‬ويثوبوا إلى الرشاد‪.‬‬
‫صهوها‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة العصر من التفسير المطرول لها‪} :‬مومتموا م‬ ‫فمث ل‬
‫صهبرر{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪" :‬والصبر ممملكة في النفس يتيسر معها احتمال ما يشقا احتماله‪ ً،‬والرضا بما يكره‬ ‫ربٱِل ر‬
‫ي‬
‫فى سبيل الحقا‪ .‬وهو يخيلقا يتعلقا به بل يتوقف عليه كمال كل خلقا‪ ً،‬وما أرتمى الناس من شىء مثل ما‬
‫يأتوا من فقج البصر أو ضعفه‪ .‬كل يأمة ضعف البصر فى نفوس أفرادها‪ .‬ضعف فيها كل شىء‪ ً،‬وذهبت‬
‫ل‪ :‬نقص العلم عند أمة من المم كالمسلمين اليوم‪ ً،‬إذا دققت النظر‬ ‫منها كل قوة‪ ً،‬ولنضرب لذلك مث ل‬
‫وجدت السبب فيه ضعف الصبر‪ ً،‬فإن ممن عرف بابا من أبواب العلم‪ ً،‬ل يجد فى نفسه صبرا على‬
‫التوسع فيه‪ ً،‬والتعب فى تحقيقا مسائله‪ ً،‬وينام على فراش من التقليد مهيين لميين‪ ً،‬ل يكلفه مشقة‪ ً،‬ول يجشمه‬
‫تعبأ‪ ً،‬ويسلى نفسه عن كسله بتعظيم ممن سبقه‪ ً،‬ولو كان عنده احترام حقيقى لمسملفه‪ ً،‬لتخذهم يأسوة له فى‬
‫عمله‪ ً،‬فحذا حذوهم‪ ً،‬وسلك مسلكهم‪ ً،‬وكرلف نفسه بعضِ ما حملوا أنفسهم عليه‪ ً،‬واعتقد كما كانوا‬
‫يعتقدون أنهم ليسوا بمعصومين‪.‬‬
‫"ثم هو إذا تعرلم ل يجد صبرا على مشقة دعوة الناس إلى علم ما يعلم‪ ً،‬وحملهم على عرفان ما يعرف‪ً،‬‬
‫ول جلدا على تحصيل الوسائل لنشر ما عنده‪ ً،‬بل متى لقى أول معارضة قبع فى بيته وترك الخلقا‬
‫للخالقا كما يقولون‪.‬‬
‫"يجلس الطالب لدرسه سنة أو سنتين‪ ً،‬ثم تعرضه مشقة التحصيل‪ ً،‬فيترك الدرس أو يتساهل فى فهمه‬
‫إلى حرفة أخرى يظنها أربح له‪ ً،‬فينقطع عن الطلب‪ ً،‬ويذهب فى الجهل كل مذهب‪ ً،‬وكل هذا من ضعف‬
‫الصبر‪.‬‬
‫"يبخل البخيل بماله‪ ً،‬ويجهد نفسه فى جمعه وكنزه‪ ً،‬وتعرضِ له وجوه البر فيعرضِ عنها‪ ً،‬ول يينفقا‬
‫درهما فى شىء منها‪ ً،‬فيؤذى بذلك وطنه ورمرلته‪ ً،‬ويترك الشر والفقر يأكل قومه ويأمته‪ ً،‬ولو نظرنا إلى‬
‫ما قبضِ يده لوجدناه ضعف البصر‪ ً،‬لما يأصيب بذلك المرضِ القاتل له ولهله‪.‬‬
‫"ييسرف المسرف فى الشهوات‪ ً،‬ويتهتك المتهتك فى المنكرات‪ ً،‬حتى ينفد المال‪ ً،‬وتسوء الحال‪ ً،‬ويستبدل‬
‫الذل بالعز‪ ً،‬والفقر بالغنى‪ ً،‬ول سبب لذلك إل ضياع صبره فى مقاومة الهوى‪ ً،‬وضبط نفسه عن مواقع‬
‫الردى‪ ً،‬ولو صبر فى مجاهدة تلك النزعات لما كان قد خسر ماله‪ ً،‬وأفسد حاله ‪ ..‬وهكذا لو أردت أن‬
‫أعد جميع الرذائل‪ ً،‬وأبحث عن عللها الولى‪ ً،‬لوجدتموها تنتهى إلى ضعف الصبر أو فقده‪ .‬ولو سردمت‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫جميع الفضائل وطلبمت ينبوعها الذى تستمد منه حياتها لما وجدمت لها ينبوعا سوى الصبر‪ ً،‬أفل يكون‬
‫جديرا بعد هذا بأن يمخص بالذكر"‪.‬‬
‫ثم يبين بعد ذلك وسائل الدعوة إلى الخير فيقول‪ ..." :‬يجب على العلماء وممن يتشبه بهم‪ ً،‬أن يتعلموا من‬
‫لمم‪ ً،‬وأول ما يجب‬ ‫وسائل القيام بالواجب ما تدعو إليه الحال‪ ً،‬على حسب الزمان واختلف أحوال ا ي‬
‫لمم‪ ً،‬وارتفاعها وانحطاطها‪ ً،‬وعلم الخلقا‬ ‫عليهم فى ذلك أن يتعلموا التاريخْ الصحيح‪ ً،‬وعلم تكوين ا ي‬
‫وأحوال النفس‪ ً،‬وعلم الحس والوجدان‪ ً،‬ونحو ذلك مما ل بد منه فى معرفة مداخل الباطل إلى القلوب‪ً،‬‬
‫لخروية‪ ً،‬ووسائل‬ ‫ومعرفة طرقا التوفيقا بين العقل والحقا‪ ً،‬ويسيبل التقريب بين الرلذة والمنفعة الدنيوية وا ي‬
‫استمالة النفوس عن جانب الشر إلى جانب الخير‪ ً،‬فإن لم يحصلوا على ذلك كله فوزر العامة عليهم‪.‬‬
‫ول تنفعهم دعوى العجز‪ ً،‬فإنهم ينفقون من أزمانهم في القيل والقال‪ ً،‬والبحث فى اللفاظ والقوال‪ ً،‬ما‬
‫كان يكفيهم أن يكونوا بحار علم‪ ً،‬وأعلم يهدى ويرشد‪ ً،‬فليطلبوا العلم من يسيبله التى قام عليها المسملف‬
‫الصالح‪ ً،‬وال كفيل أن يمدهم بمعونته‪ ً،‬أما وقد انقطعوا إلى ما يعجزهم عن القيام بأمره‪ ً،‬فلن يقبل ال‬
‫لهم عذرا‪ ً،‬بل فليتربصوا حتى يأتى أمر ال‪.‬‬
‫"لو قضى الزمان بأن يكون من وسائل التمكن من المر بالمعروف والنهى عن المنكر واشتغال الناس‬
‫بالحقا عن الباطل‪ ً،‬وبالطيب عن الخبيث أن يضرب النسان فى الرضِ ويمسحها بالطول والعرضِ‪ً،‬‬
‫وأن يتعلم السلغات الجنبية‪ ً،‬ليقف على ما فيها مما ينفعه فيستعمله‪ ً،‬وما يخشى ضرره على قومه فيدمغه‪ً،‬‬
‫لمة من القرون الولى إلى‬ ‫لوجب على أهل العلم أن يأخذوا من ذلك بما يستطيعون‪ ً،‬ولهم فى مسملف ا ي‬
‫نهاية القرن الرابع من الهجرة أحسن يأسوة‪ ً،‬وأفضل قدوة‪ ً،‬وكل ما ييهيونون به على أنفسهم مما يخالف‬
‫ذلك فإنما هى وساوس شيطان‪ .‬يشغلهم بها عن النظر فى معانى القرآن‪ ً،‬ويحرمهم من التعرضِ لرحمة‬
‫الرحمن"‪.‬‬
‫لهبمرامر ملرفي منرعيهَم{ُ ‪ ..‬نراه يوضح معنى‬ ‫ل عند قوله تعالى فى الية ]‪ [13‬من سورة النفطار‪} :‬إرن ٱ م‬ ‫ومث ل‬
‫ر‬
‫اليبر وما يكون به النسان من البرار‪ ً،‬ثم يقول‪" :‬فل يمعد الشخص مبرا ول بارا حتى يكون للناس من‬
‫كسبه ومن نفسه نصيب فل يغتررن يأولئك الكسالى الخاملون‪ ً،‬الذين يظنون أنهم يدركون مقام البرار‬
‫بركتعات من الخشية خاليات‪ ً،‬وبتسبيحات وتكبيرات وتحميدات ملفوظات غير معقولت‪ ً،‬وصيحات غير‬
‫لئقات بأهل المروءة من المؤمنين والمؤمنات‪ ً،‬ثم بصوم أيام معدودات‪ ً،‬ل يجتنب فيها إيذاء كثير من‬
‫المخلوقات‪ ً،‬مع عدم مبالة الواحد منهم بشأن الدين قام أم أسقط‪ ً،‬ارتفع أو انحط‪ .‬ومع حرصه وطمعه‬
‫لما فى أيدى الناس‪ ً،‬واعتقاده الستحقاقا لما عندهم‪ ً،‬ل لشىء سوى أنهم عاملون فى كسب المال وهو‬
‫غير عامل‪ ً،‬وهم يجرون على يسرنة الحقا وهو مستمسك بيسرنة الباطل‪ ً،‬وهم يتجملون بحلية العمل موهو‬
‫منها عاطل‪ ً،‬فهؤلء ليسوا من البرار‪ ً،‬بل يجدر بهم أن يكونوا من اليفرجار"‪.‬‬
‫ضهبحا * مفٱِليموررميارت مقهدحا *‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى في أول سورة العاديات‪} :‬موٱهلمعاردميارت م‬ ‫ومث ل‬
‫صهبحا * مفمأمثهرمن ربره منهقعا * مفمومسهطمن ربره مجهمعا{ُ ‪ ..‬نجده يقول‪" :‬وكان فى هذه اليات القارعات‪ً،‬‬ ‫مفٱِهليمرغيمرارت ي‬
‫وفى تخصيص الخيل بالذكر فى قوله‪} :‬موأمرعسدوها مليههم رما ٱهسمتمطهعيتهم يمن يقروهَة مورمن يرمبارط ٱهلمخهيرل يتهررهيبومن ربره‬
‫معهدرو ٱلرلره مومعيدرويكهم{ُ‪ ً،‬وفيما ورد فى الحاديث التى ل تكاد يتحصر ما يحمل كل فرد من رجال المسلمين‬
‫على أن يكون فى مقدمة فرسان الرضِ مهارة فى ركوب الخيل‪ ً،‬ويبعث القادرين منهم على قنية الخيل‬
‫على التنافس فى عقائلها‪ ً،‬وأن يكون فن السباقا عندهم يسبقا بقية الفنون إتقانا‪ ً،‬أفليس من أعجب العجب‬
‫عندهم أن ترى يأمما هذا كتابها قد أهملت شأن الخيل والفروسية‪ ً،‬إلى أن صار ييشار إلى راكبيها بينهم‬
‫بالهزء والسخرية‪ ً،‬وأخذت كرام الخيل تهجر بلدهم إلى بلد يأخرى؟ أليس أغرب ما ييستغرب أن يأناسا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يزعمون أن هذا الكتاب كتابهم‪ ً،‬يكون يطلب العلوم الدينية منهم أشد الناس رهبة من ركوب الخيل‪ً،‬‬
‫وأبعدهم عن صفات الرجولية‪ ً،‬حتى وقع من أحد أساتذتهم المشار إليهم بالبنان عندما كنت أكمله فى‬
‫منافع بعضِ العلوم وفوائدها فى علم الدين أن قال‪" :‬إذا كان كل ما يفيد فى الدين ينمعيلمه لطلبة العلم‪ ً،‬كان‬
‫علينا إذن أن نعلمهم ركوب الخيل"! يقول ذلك ليفحمنى وتقوم له اليحرجة علسى‪ ً،‬كأن تعليم ركوب الخيل‬
‫مما ل يليقا ول ينبغى لطلبة العلم‪ ً،‬وهم يقولون إن العلماء ورثة النبياء‪ ً،‬فهل هذه العمال وهذه العقائد‬
‫تتفقا مع اليمان بهذا الكتاب؟ أنصف ثم احكم"‪.‬‬
‫ضِ معملـى مطمعارم ٱهلرمهسركيرن{ُ ‪..‬‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [3‬من سورة الماعون‪} :‬مو م‬
‫ل مييح س‬ ‫ومث ل‬
‫ضِ معلمـى مطمعارم ٱهلرمهسركيرن{ُ‪ ً،‬كناية عن الذى ل يجود بشىء من ماله على‬ ‫ل مييح س‬ ‫نجده يقرر‪ :‬أن قوله‪} :‬مو م‬
‫الفقير المحتاج إلى القوت الذى ل يستطيع له كسبا"‪.‬‬
‫ثم يقول‪" :‬وإنما جاء بالكناية ليفيدك أنه إذا عرضت حاجة المسكين‪ ً،‬ولم تجد ما تعطيه‪ ً،‬فعليك أن تطلب‬
‫من الناس أن يعطوه‪ .‬وفيه حث للمصيدقين بالدين على إغاثة الفقراء ولو بجمع المال من غيرهم وهى‬
‫طريقة الجمعيات الخيرية‪ ً،‬فأصلها ثابت فى الكتاب بهذه الية‪ ً،‬وبنحو قوله تعالى فى اليتين ]‪[18 ً،17‬‬
‫ضومن معلمـى مطمعارم ٱهلرمهسركيرن{ُ‪ ً،‬ونعمت الطريقة هى‬ ‫ل يتهكرريمومن ٱهلميرتيم * مو م‬
‫ل متمحآ س‬ ‫من سورة الفجر‪} :‬مك ر‬
‫ل مبل ر‬
‫لغاثة الفقراء‪ ً،‬وسد شىء من حاجات المساكين"‪.‬‬
‫ومن أجل هذه الروح التى تسيطر على الستاذ المام فى تفسيره‪ ً،‬نجد الشيخْ المراغى رحمه ال يقول‪:‬‬
‫"وكانت دروسه يجد علماء الجتماع فيها تطبيقا القرآن على معارفهم"‪.‬‬
‫**‬
‫* تفسيره للقرآن على ضوء العلم الحديث‪:‬‬
‫كذلك نجد الستاذ المام ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يتناول بعضِ آيات القرآن فيشرحها شرحا يقوم على أساس من‬
‫نظريات العلم الحديث‪ ً،‬وغرضه بذلك‪ :‬أن يوفقا بين معانى القرآن التى قد تبدو مستبمعدة فى نظر بعضِ‬
‫الناس‪ ً،‬وبين ما عندهم من معلومات توشك أن تكون يممسرلمة عندهم‪ ً،‬أم هى يمسرلمة بالفعل‪ ً،‬وهو ‪ -‬وإن‬
‫كان يرمى من وراء ذلك إلى غرضِ نبيل ‪ -‬يخرج أحيانا بمثل هذا الشرح والبيان عن مألوف العرب‪ً،‬‬
‫وما يعرهد لديهم وقت نزول القرآن‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة النشقاقا‪} :‬إرمذا ٱلرسممآيء ٱنمشرقهت{ُ ‪..‬نجده يقول‪" :‬انشقاقا‬ ‫فمث ل‬
‫السماء‪ ً،‬مثل انفطارها الذى ممرر تفسيره فى سورة }إرمذا ٱلرسممآيء ٱنمفمطمرهت{ُ‪ ً،‬وهو فساد تركيبها‪ ً،‬واختلل‬
‫نظامها‪ ً،‬عندما يريد ال خراب هذا العاملم الذى نحن فيه‪ ً،‬وهو يكون بحادثة من الحوادث التى قد ينجر‬
‫إليه سير العاملم‪ ً،‬كأن يمر كوكب فى سيره باليقرب من آخر فيتجاذبا فيتصادما فيضطرب نظام الشمس‬
‫بأسره‪ ً،‬ويحدث من ذلك غمام وأى غمام‪ ً،‬يظهر فى مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع‪ ً،‬فتكون‬
‫السماء قد تشققت بالغمام‪ ً،‬واختل نظمها حال ظهوره"‪.‬‬
‫هذا التفسير من الستاذ المام عمل جليل ييشكر عليه‪ ً،‬إذ غرضه من ذلك تقريب معانى القرآن وما‬
‫ييخبر به من عقول الناس‪ ً،‬بما هو معهود عندهم ويممسرلم لديهم‪ .‬ولكن هل ل بد فى فساد الكون من أن‬
‫يترتب على مثل هذه الظاهرة الكونية؟ وهل يعجز ال عن إفساده وإخلله بأمر آخر غير ذلك؟ أليس‬
‫الولى بنا أن نؤمن بما جاء به القرآن‪ ً،‬ول نخوضِ فيما وراء ذلك من تفصيلت كما هو مذهب الشيخْ؟‬
‫ل‪ ً،‬ول يريده على أنه أمر ل بد منه‪.‬‬ ‫أحسب أن الشيخْ يضرب ذلك مث ل‬
‫ل عندما يعرضِ لتفسير سورة الفيل‪ ً،‬بعد أن ذكر ما قيل فى إرسال الطير على أبرهة‪ ً،‬وما جاءت‬ ‫ومث ل‬
‫به بعضِ الروايات من أن الذى أصابهم هو داء الجدرى والحصبة يقول‪" :‬وقد برينت لنا هذه السورة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الكريمة‪ ً،‬أن ذلك الجدرى أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش‪ ً،‬بواسطة‬
‫رفمرقا عظيمة من الطير مما رسله ال مع الريح‪ ً،‬فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوضِ أو‬
‫الذباب الذى يحمل جراثيم بعضِ المراضِ‪ ً،‬وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس‪ ً،‬الذى‬
‫تحمله الرياح فيعلقا بأرجل هذه الحيوانات فإذا اتصل بجدسه دخل فى مسامه‪ ً،‬فأثار يه تلك القروح التى‬
‫تنتهى بإفساد الجسم وتساقط لحمه‪ ً،‬وإن كثيرا من هذه الطيور الضعيفة يمعد من أعظم جنود ال فى‬
‫إهلك من يريد إهلكه من البشر‪ ً،‬وإن هذا الحيوان الصغير الذى يسمونه الن بالميكروب ل يخرج‬
‫عنها‪ ً،‬وهو رفمرقا وجماعات ل يحصى عددها إل بارئها‪ ً،‬ول يتوقف ظهور أثر يقدرة ال تعالى فى قهر‬
‫الطاغين على أن يكون الطير فى ضخامة رؤوس الجبال‪ ً،‬ول على أن يكون من نوع عنقاء مغرب‪ً،‬‬
‫ول على أن يكون له ألوان خاصة به‪ ً،‬ول على معرفة مقادير الحجارة وكيفية تأثيرها فلله جند من كل‬
‫شىء‪.‬‬
‫*ولى كل شىء له آية * تدل على أنه الواحد"*‬
‫وهنا أيضا نجد الستاذ المام قد خالف طريقته فى مبهمات القرآن فراح يخوضِ فى التفصيلت‬
‫والجزئيات‪ ً،‬ثم جروز أن تكون الطير هى ما ييسمى اليوم بالميكروبات‪ ً،‬كما جروز أن تكون الحجارة هى‬
‫جراثيم بعضِ المراضِ‪ ً،‬وهذا ما ل ينقره عليه‪ ً،‬لن هذه الجراثيم التى اكتشفها الطب الحديث لم يكن‬
‫للعرب علم بها وقت نزول القرآن‪ ً،‬والعربى إذا سمع لفظ الحجارة فى هذه السورة ل ينصرف ذهنه إلى‬
‫تلك الجراثيم بحال من الحوال‪ ً،‬وقد جاء القرآن بلغة العرب‪ ً،‬وخاطبهم بما يعهدون ويألفون‪.‬‬
‫وإذا كان الستاذ المام قد أعطى لعقله الحرية الكاملة فى تفسيره للقرآن الكريم‪ ً،‬فإرنا نجده ييغررقا فى هذه‬
‫الحرية ويتوسع فيها‪ ً،‬إلى درجة وصلت به إلى ما يشبه التطرف فى أفكاره‪ ً،‬والغلو فى آرائه‪.‬‬
‫**‬
‫* موقف من حقيقة الملئكة وإبليس‪:‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى اليات ]‪ [34‬وما بعدها من سورة البقرة‪} :‬موإرهذ يقهلمنا رلهلمم م‬
‫لرئمكرة ٱهسيجيدوها‬ ‫فمث ل‬
‫لمدمم{ُ ‪ ...‬إلى آخر القصة‪ ً،‬نجده يقول‪" :‬وذهب بعضِ المفيسرين مذهبا آخر فى فهم معنى الملئكة‪ ً،‬وهو‬ ‫م‬
‫أن مجموع ما ورد فى الملئكة من كونهم موكلين بالعمال من إنماء نبات ورخهلقة حيوان وحفظ إنسان‬
‫وغير ذلك‪ ً،‬فيه إيماء إلى الخاصة بما هو أدقا من ظاهر العبارة‪ ً،‬وهو أ‪ ً،‬هذا النمو فى النبات لم يكن‬
‫إل بروح خاص‪ ً،‬نفخه ال فى البذرة فكانت به هذه الحياة النباتية المخصوصة‪ ً،‬وكذلك يقال فى الحيوان‬
‫والنسان‪ ً،‬فكل أمر كلى قائم بنظام مخصوص تمت به الحكمة اللهية فى إيجاده‪ ً،‬فإنما قوامه بروح‬
‫إلهى يسيمى فى لسان الشرع ممملكا‪ ً،‬وممن لم يبال فى التسمية بالتوقيف يسم هذه المعانى القوى الطبيعية‪ً،‬‬
‫إذا كان ل يعرف من عاملم المكان إل ما هو طبيعة‪ ً،‬أو قوة يظهر أثرها فى الطبيعة‪ .‬والمر الثابت‬
‫الذى ل نزاع فيه‪ ً،‬هو أن فى باطن الرخهلقة أمرا هو مناطها‪ ً،‬وبه قوامها ونظامها‪ ً،‬ل يمكن العاقل أن‬
‫ينكره‪ ً،‬إن أنكر غير المؤمن بالوحى تسميته ممملكا‪ ً،‬وزعم أنه ل دليل على وجود الملئكة‪ ً،‬أو أنكر بعضِ‬
‫المؤمنين بالوحى تسميته قوة طبيعية أو ناموسا طبيعيا‪ ً،‬لن هذه السماء لم ترد فى الشرع‪ ً،‬فالحقيقة‬
‫واحدة‪ ً،‬والعاقل ممن ل تحجبه السماء عن المسميات‪ ً،‬وإن كان المؤمن بالغيب يرى للرواح وجودا ل‬
‫يدرك كنهه‪ ً،‬والذى ل يؤمن بالغيب يقول ل أعرف الروح‪ ً،‬ولكن أعرف قوة ل أفهم حقيقتها‪ ً،‬ول يعلم‬
‫إل ال علم يختلف الناس‪ ً،‬وكفل يقر بوجود شىء غير ما يرى ويحس‪ ً،‬ويعترف بأنه ل يفهمه حقا‬
‫الفهم‪ ً،‬ول يصل بعقله إلى إدراك كنهه؟ وماذا على هذا الذى يزعم أنه ل يؤمن بالغيب ‪ -‬وقد اعترف‬
‫بما غيب عنه ‪ -‬لو قال‪ :‬يأصيدقا بغيب أعرف أثره‪ ً،‬وإن كنت ل يأقيدر قدره‪ ً،‬فيتفقا مع المؤمنين بالغيب‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ويفهم بذلك ما يرد على لسان صاحب الوحى‪ ً،‬ويحظى بما يحظى به المؤمنون؟‬
‫"يشعر كل ممن مف ركر فى نفسه‪ ً،‬ووازن بين خواطره عندما يهم بأمر فيه وجه للحقا أو للخير‪ ً،‬ووجه‬
‫للباطل أو للشر‪ ً،‬بأن فى نفسه تنازعا كأن المر قد عرضِ فيها على مجلس شورى‪ .‬فهذا ييورد وذاك‬
‫يدفع‪ ً،‬واحد يقول افعل‪ ً،‬وآخر يقول ل تفعل‪ ً،‬وآخر يقول ل تفعل‪ ً،‬حتى ينتصر أحد الطرفين‪ ً،‬ويترجح‬
‫أحد الخاطرين‪ ً،‬فهذا الشىء الذى يأودع فى أنفسنا ونسميه قوة وفكرا‪ ً،‬وهى فى اللحقيقة معنى ل يدرك‬
‫كنهه‪ ً،‬وروح ل يتكتنه حقيقتها‪ ً،‬ل يبعد أن يسميه ال ملممكا‪ ً،‬أو يسمى أسبابه ملئكة‪ ً،‬أو ما شاء من‬
‫السماء‪ ً،‬فإن التسمية ل محهجمر فيها على الناس‪ ً،‬فكيف ييحجر فيها على صاحب الرادة المطلقة‪ً،‬‬
‫والسلطان النافذ والعلم الواسع"‪.‬‬
‫ثم قال الستاذ المام بعد ذلك‪" :‬فإذا صح الجرى على هذا التفسير‪ ً،‬فل ييستبعد أن تكون الشارة فى‬
‫الية أن ال تعالى لما خلقا الرضِ‪ ً،‬ودبرها بما شاء من القوى الروحانية التى بها قوامها ونظامها‪ً،‬‬
‫وجعل كل صنف من القوى مخصوصا بنوع من أنواع المخلوقات‪ ً،‬ل يتعداه ول يتعدى ما يحيدد له من‬
‫ص به‪.‬؟ خلقا بعد ذلك النسان‪ ً،‬وأعطاه قوة يكون بها مستعدا للتصف بجميع هذه القوى‬ ‫الثر الذى يخ ر‬
‫وتسخيرها فى عمارة الرضِ‪ ً،‬وعربر عن تسخير هذه اليقموى بالسجود الذى ييفيد معنى الخضوع‬
‫والتسخير‪ ً،‬وجعله بهذا الستعداد الذى ل حد له‪ ً،‬والتصرف الذى لم ييعط لغيره‪ ً،‬خليفة ال فى أرضه‪ً،‬‬
‫لنه أكمل الموجودات فى الرضِ‪ ً،‬واستثنى من هذه اليقموى قوة واحدة‪ ً،‬عربر عنها بإبليس‪ ً،‬وهى القوى‬
‫التى لرزها ال بهذا العاملم لزا‪ ً،‬وهى التى تميل بالمستعد للكمال‪ ً،‬أو بالكامل إلى النقص‪ ً،‬وتعارضِ مد‬
‫الوجود لترده إلى العدم‪ ً،‬أو تقطع سبيل البقاء‪ ً،‬وتعود بالموجود إلى الفناء‪ ً،‬أو التى تعارضِ فى اتباع‬
‫الحقا‪ ً،‬وتصد عن عمل الخير‪ ً،‬وتنازع النسان فى صرف قواه إلى المنافع والمصالح التى تتم بها‬
‫خلفته‪ ً،‬فيصل إلى مراتب الكمال الوجودى التى يخرلقا مستعدا للوصول إليها‪ .‬تلك القوة التى ضللت‬
‫آثارها قوما فزعموا أن فى العاملم إلها يسمى إله الشر‪ ً،‬وما هى بإله‪ ً،‬ولكنها محنة إله ل يعلم أسرار‬
‫حكمته إل هو"‪.‬‬
‫قال‪" :‬ولو أن أنفسنا مالت إلى قبول هذا التأويل‪ ً،‬لم تجد فى الدين ما يمنعها من ذلك‪ ً،‬والعمدة على‬
‫اطمئنان القلب‪ ً،‬وركون النفس إلى ما أبصرت من الحقا"‪.‬‬
‫ثم يعود فى موضع آخر إلى تقرير التمثيل فى القصة فيقول‪" :‬وتقرير التمثيل فى القصة على هذا‬
‫المذهب هكذا‪ :‬أن إخبار ال الملئكة بجعل النسان خليفة فى الرضِ هو عبارة عن تهيئة الرضِ‬
‫ويقموى هذا العاملم وأوراحه‪ ً،‬التى بها قوامه ونظامه‪ ً،‬لوجود نوع من المخلوقات يتصرف فيها‪ ً،‬فيكون به‬
‫كمال الوجود فى هذه الرضِ‪ ً،‬وسؤال الملئكة عن جعل خليفة يهفرسد فى الرضِ لنه يعمل باختياره‪ً،‬‬
‫وييع مطى استعدادا فى العلم والعمل ل حد لهما‪ ً،‬هو تصوير لما فى استعداد النسان لذلك‪ ً،‬وتمهيد لبيان‬
‫أنه ل ينافى خلفته فى الرضِ‪ ً،‬وتعليم آدم السماء كلها بيان لستعداد النسان لعلم كل شىء فى هذه‬
‫الرضِ‪ ً،‬وانتفاعه به فى استعمارها‪ ً،‬وعرضِ السماء على الملئكة‪ ً،‬وسؤالهم عنها‪ ً،‬وتنصلهم فى‬
‫الجواب تصوير لكون الشعور الذى ييصاحب كل روح من الرواح المدبرة للعوالم محدودا ل يتعدى‬
‫وظيفته‪ ً،‬وسجود الملئكة لدم عبارة عن تسخير هذه الرواح واليقموى له‪ ً،‬ينتفع فى ترقية الكون بمعرفة‬
‫سنن ال تعالى فى ذلك‪ .‬وإباء إبليس واستكباره عن السجود تمثيل لعجز النسان عن إخضاع روح‬
‫الشر‪ ً،‬وإبطال داعية خواطر السوء‪ ً،‬التى هى مثار التنازع والتخاصم والتعدى والفساد فى الرضِ‪ً،‬‬
‫ولول ذلك لجاء على النسان زمن يكون فيه أفراده كالملئكة بل أعظم‪ ً،‬أو يخرجون عن كونهم من هذا‬
‫النوع المبشرى"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والذى ينظر فى هذا التأويل الذى جروزه الشيخْ‪ ً،‬وفى سياقا الية وألفاظها وما فيها من محاورة ومقاولة‪ً،‬‬
‫ل يسعه إل أن يرده‪ ً،‬وإن حاول قائله أن يروج له بجعله الوامر التى وردت فى الية من قبيل المر‬
‫التكوينى‪ ً،‬ل المر التكليفى‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من السحر‪:‬‬
‫ولقد كان من أثر إعطاء الستاذ لنفسه الحرية الواسعة فى فهم القرآن الكريم‪ ً،‬أرنا نجده يخاف رأى‬
‫جمهور أهل السسرنة‪ ً،‬ويذهب إلى ما ذهب إليه المعتزلة‪ ً،‬من أن السحر ل حقيقة له‪ ً،‬ولذلك عند تفسيره‬
‫لقوله تعالى فى الية ]‪ [4‬من سورة الفلقا‪} :‬مورمن مشير ٱلرنرفامثارت رفي ٱهليعمقرد{ُ ‪ ..‬نجده بعد أن ييفيسر معنى‬
‫النفث واليعمقد‪ ً،‬يمفيسر المراد بالنرفاثات فى الية فيقول‪" :‬المراد بهم هنا هم النمامون‪ ً،‬المقيطعون لروابط‬
‫للفة‪ ً،‬ال يمحرقون لها بما يلقو عليها من ضرام نمائمهم‪ ً،‬وإنما جاءت العبارة كما فى الية‪ ً،‬لن ال مجرل‬ ‫اي‬
‫شأنه أراد أن يشبههم بأولئك السحرة المشعوذين‪ ً،‬الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين المرء‬
‫ل للعقد التى‬ ‫ل ‪ -‬فيما ييوهمون به العامة‪ ً،‬عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها ومحسلوها‪ ً،‬ليكون ذلك ح ل‬ ‫وزوجه ‪ -‬مث ل‬
‫بين الزوجين‪ .‬والنميمة تشبه أن تكون ضربا من السحر‪ ً،‬لنها تحيول ما بين الصديقين من محبة إلى‬
‫ضيلل وجدان الصديقين‪ ً،‬كما يضلل الليل ممن يسير فيه بظلمته‪ً،‬‬ ‫عداوة‪ ً،‬بوسيلة خفية كاذبة‪ ً،‬والنميمة يت م‬
‫ولهذا ذكرها عقب ذكر الغاسقا"‪.‬‬
‫***‬
‫إنكاره لبعضِ الحاديث الصحيحة‪:‬‬
‫ثم راح الشيخْ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يرد ما جاء من الروايات فى سحر الرسول صلى ال عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫"وقد رووا هنا أحاديث فى أن النبى صلى ال عليه وسلم سحره لبيد بين العصم‪ ً،‬وأرثمر سحره فيه‪ ً،‬حتى‬
‫كان ييخيل له أنه يفعل الشىء وهو ل يفعله‪ ً،‬أو يأتى شيئا وهو ل يأتيه‪ ً،‬وأن ال أنبأه بذلك‪ ً،‬وأيهخررجت‬
‫مواد السحر من بئر‪ ً،‬ويعورفمى ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬مما كان نزل به من ذلك‪ ً،‬ونزلت هذه السورة‪ً،‬‬
‫ول يخفى أن تأثير السحر فى نفسه عليه السلم حتى يصل به المر إلى أن يظن أن يفعل شيئا وهو ل‬
‫يفعله‪ ً،‬ليس من قبيل تأثير المراضِ فى البدان‪ ً،‬ول من قبيل عروضِ السهو والنسيان فى بعضِ‬
‫صيدقا قول المشركين فيه‪} :‬رإن مترتربيعومن إر ر‬
‫ل‬ ‫المور العادية‪ ً،‬بل هو ماس بالعقل‪ ً،‬آخذ بالروح‪ ً،‬وهو مما ي م‬
‫ل رمهسيحورا{ُ‪ ً،‬وليس المسحور عندهم إل ممن خولمط فى معقله‪ ً،‬ويخييل له أن شيئا يقع وهو ل يقع‪ً،‬‬ ‫مريج ل‬
‫فييخريل إليه أنه ييومحى إليه‪ ً،‬ول ييومحى إليه‪ ً،‬وقد قال كثير من المقيلدين الذين ل يعقلون ما هى النبوة ول‬
‫ما يجب لها‪ :‬إن الخبر بتأثير السحر فى النفس الشريفة قد صح فيلزم العتقاد به‪ ً،‬وعدم التصديقا به من‬
‫ربمدع المبتدعين‪ ً،‬لنه ضرب من إنكار السحر‪ ً،‬وقد جاء القرآن بصحة السحر‪ ً،‬فانظر كيف ينقلب الدين‬
‫الصحيح‪ ً،‬والحقا الصريح فى نظر المقيلد بدعة ‪ -‬ونعوذ بال ‪ -‬يحتج بالقرآن على ثبوت السحر‪ً،‬‬
‫ويعرضِ عن القرآن فى نفيه السحر عنه ‪ -‬صلى ال ليه وسلم ‪ ً،-‬ومعردية من افتراء المشركين عليه‪ً،‬‬
‫وييؤيول فى هذه ول ييؤيول فى تلك‪ ً،‬مع أن الذى قصده المشركون ظاهر‪ ً،‬لنهم كانوا يقولون‪ :‬إن‬
‫الشيطان يلبسه عليه الصلة والسلم‪ ً،‬وملبسة الشيطان يتعرف بالسحر عندهم‪ ً،‬وضرب من ضروبه‪ً،‬‬
‫وهو بعينه أثر السحرالذى ينسب إلى لبيد‪ ً،‬فإنه خولط فى عقله وإدراكه فى زعمهم‪.‬‬
‫"والذى يجب اعتقاده أن القرآن مقطوع به‪ ً،‬وأنه كتاب ال بالتواتر عن المعصوم ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ً،-‬فهو الذى يجب العتقاد بما ييثبته‪ ً،‬وعدم العتقاد بما يينفيه‪ ً،‬وقد جاء بنفى السحر عنه عليه السلم‪ً،‬‬
‫حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه‪ ً،‬ووبخهم على زعمهم هذا‪ ً،‬فإذن هو‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ليس بمسحور قطعا‪ .‬وأما الحديث ‪ -‬فعلى فرضِ صحته ‪ -‬هو آحاد‪ ً،‬والحاد ل يؤخذ بها فى باب‬
‫العقائد‪ ً،‬وعصمة النبى من تأثير السحر فى عقله عقيدة من العقائد‪ ً،‬ل يؤخذ فى نفيها عنه إل باليقين‪ً،‬‬
‫ول يجوز أن يؤخذ فيها الظن والمظنون‪ ً،‬عل أن الحديث الذى يصل إلينا من طريقا الحاد‪ ً،‬إنما‬
‫يحصل الظن عند ممن صح عنده‪ ً،‬أما ممن قامت له الدلة على أنه غير صحيح‪ ً،‬فل تقوم به عليه يحرجة‪ً،‬‬
‫وعلى أى حال‪ ً،‬فلنا ‪ -‬بل علينا ‪ -‬أن ينفيوضِ المر فى الحديث‪ .‬ول ينمحيكمه فى عقيدتنا‪ ً،‬ونأخذ بنص‬
‫الكتاب وبدليل العقل‪ ً،‬فإنه إذا خولط النبى فى عقله ‪ -‬كما زعموا ‪ -‬جاز عليه أن يظن أنه مبرلغ شيئا‬
‫وهو لم يمبيلغه‪ ً،‬أو أن شيئا نزل عليه وهو لم ينزل عليه‪ ً،‬والمر ظاهر ل يحتاج إلى بيان‪ "..‬إلخْ‪.‬‬
‫وهذا الحديث الذى يرده الستاذ المام رواه البخارى وغيره من أصحاب الكتب الصحيحة‪ ً،‬وليس من‬
‫وراء صحته ما يخل بمقام النبوة‪ ً،‬فإن السحر الذى يأصيب به عليه الصلة والسلم كان من قبيل‬
‫المراضِ التى تعرضِ للبدن بدون أن تؤثر على شئ من العقل‪ ً،‬وقد قالوا إن ما فعله لبيد بن العصم‬
‫بالنبى صلى ال عليه وسلم من السحر ل يعدو أن يكون نوعا من أنواع العقد عن النساء‪ ً،‬وهو الذى‬
‫يسمونه "رباطا" فكان يخيل إليه أن عنده قدرة على إتيان إحدى نسائه‪ ً،‬فإذا ما مهرم بحاجته عجز عن‬
‫ذلك‪ .‬أما السحر الذى ينرفمى عنه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فمراد به الجنون‪ ً،‬وهو مخل ول شك بمقام‬
‫النبوة‪ ً،‬وقد قالوا‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيِ ينيزمل معملهيره ٱليذهكير إررنمك ملممهجينوفن{ُ‪.‬‬
‫ثم إن الحديث رواية البخارى وغيره من كتب الصحيح‪ ً،‬ولكن الستاذ المام وممن على طريقته ل‬
‫يمف يرقون بين رواية البخارى وغيره‪ ً،‬فل مانع عندهم من عدم صحة ما يرويه البخارى‪ ً،‬كما أنه ‪ -‬لو‬
‫صح فى نظرهم ‪ -‬فهو ل يعدو أن يكون خبر آحاد ل يثبت به إل الظن‪ ً،‬وهذا فى نظرنا هدم للجانب‬
‫الكبر من السسرنة التى هى بالنسبة للكتاب فى منزلة المبيين من المبرين‪ ً،‬وقد قالوا‪ :‬إن البيان يلتحقا‬
‫ضيعفه الشيخْ‪ ً،‬أو يتخلص منه بأنه رواية آحاد‪ ً،‬بل هناك‬ ‫بالمبسين‪ ً،‬وليس هذا الحديث وحده هو الذى ي م‬
‫كثرة من الحاديث نالها هذا الحكم القاسى‪ ً،‬فمن ذلك أيضا حديث الشيخين‪" :‬كل بنى آدم يمسه الشيطان‬
‫يوم ولدته يأمه إل مريم وابنها" ‪ ..‬فإنه قال فيه‪" :‬إذا صح الحديث فهو من قبيل التمثيل ل من باب‬
‫الحقيقة"‪.‬‬
‫فهو ل يثقا بصحة الحديث رغم رواية الشيخين له‪ ً،‬ثم يتخلص من إرادة الحقيقة ‪ -‬على فرضِ الصحة‪ً،‬‬
‫بجعل الحديث من باب التمثيل‪ ً،‬وهو ركون إلى مذهب المعتزلة‪ .‬الذين يرون أن الشيطان ل متمسسلط له‬
‫على النسان إل بالوسوسة والغواء فقط‪.‬‬
‫وبعد ‪ ..‬فهذا هو إنتاج الستاذ المام فى التفسير‪ ً،‬وهذا هو مسلكه ومنهجه فيه‪ ً،‬ولعيلى أكون قد أرضيت‬
‫الحقيقة‪ ً،‬ولم أتجن على الشيخْ‪ ً،‬أو أتهمه بما هو منه برئ‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) ‪ -2‬السيد محمد رشيد رضا (‬

‫* كيف اتصل الشيخْ رشيد بالستاذ المام‪:‬‬


‫نشأ السيد محمد رشيد رضا فى طرابلس الشام‪ ً،‬وفيها تلقى العلم عن شيوخها وعلمائها‪ ً،‬وجلس يفيدهم‬
‫بعلمه‪ ً،‬ويرشدهم بنصحه ووعظه‪ ً،‬وفى هذه الثناء وقع فى يده نسخة من جريدة "العروة الوثقى"‪ ً،‬التى‬
‫كان يقوم بإخراجها والكتابة فيها رجل الصلح جمال الدين الفغانى‪ ً،‬وتلميذه الشيخْ محمد عبده‪ ً،‬فقرأ‬
‫الشيخْ رشيد ما فى الجريدة‪ ً،‬فأعجب بالرجلين إعجابا شديدا‪ ً،‬ورغب فى التصال بالسيد جمال الدين‬
‫الفغانى فلم يسعده الحظ‪ ً،‬ثم تعلقا أمله بالتصال بخليفته الشيخْ محمد عبده‪ ً،‬فأسعده الحظ فى هذه المرة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫واتصل بالشيخْ فى رجب سنة ‪ 1315‬هـ وكان أول اتقارح عرضه عليه‪ ً،‬أن يكتب تفسيرا للقرآن على‬
‫نهج ما كان يكتب فى جريدة "العورة الوثقى"‪ ً،‬وبعد أخذ ورد بين الشيخين اقتنع الستاذ المام بأن يقرأ‬
‫ل حتى قام بإلقاء دروسه فى التفسير على يطلبه‬ ‫دروسا فى التفسير بالجامع الزهر‪ ً،‬ولم يلبث إل قلي ل‬
‫ومريديه‪.‬‬
‫وكان الشيخْ رشيد ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ألزم الناس لهذه الدروس‪ ً،‬وأحرصهم على تلقيها وضبطها‪ ً،‬فكان‬
‫يكتب بعضِ ما يسمع‪ ً،‬ثم يزيد عليه بما يذكره من دروس الشيخْ بعد ذلك‪ ً،‬ثم قام بنشر ما كتب على‬
‫الناس فى مجلته "المنار"‪ ً،‬ولكنه لم يفعل إل بعد مراجعة أستاذه لما كتب‪ ً،‬وتناوله له بالتنقيح والتهذيب‪.‬‬
‫لهذا كله نستطيع أن نقول إن الشيخْ رشيد هو الوارث الول لعلم الستاذ المام‪ ً،‬إذ أنه أخذ عنه فوعى‬
‫ما أخذ‪ ً،‬وأرلف فى حياته وبعد وفاته‪ ً،‬فكان ل يحيد عن منهجه أو ينحرف عن أفكاره‪ .‬وليس غريبا ما‬
‫يرويه الشيخْ رشيد من أن الستاذ المام ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان يقول‪" :‬صاحب المنار ترجمان أفكارى"‪.‬‬
‫كما أنه ليس غريبا ما يمحيدث به أحد تلميذ الشيخْ رشيد‪ ً،‬من أن الستاذ المام وصف الشيخْ رشيد بأنه‬
‫"متحد معه فى العقيدة‪ ً،‬والفكر‪ ً،‬والرأى‪ ً،‬واليخيلقا‪ .‬والعمل"‪.‬‬
‫**‬
‫* إنتاج الشيخْ رشيد فى التفسير‪:‬‬
‫وإذا نحن تتبعنا ما كتبه الشيخْ رشيد من تفسير للقرآن الكريم لوجدنا أنه أكثر رجال مدرسة الستاذ‬
‫المام إنتاجا فى التفسير‪ ً،‬وذلك أنه كتب تفسيره المسمى بتفسير القرآن الكريم‪ ً،‬والمشهور بتفسير‬
‫المنار‪ ..‬ابتدأ بأول القرآن وانتهى عند قوله تعالى فى الية ]‪ [101‬من سورة يوسف‪} :‬مريب مقهد آمتهيمترني رممن‬
‫ضِ مأنمت مورلييي رفي ٱلسدينميا موٱلرخمررة متمورفرني يمهسرلما‬
‫لهر ر‬ ‫ٱهليمهلرك مومعلرهممترني رمن متهأرويرل ٱ م‬
‫لمحارديرث مفارطمر ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫صارلرحيمن{ُ ‪ ..‬ثم عالجته المنية قبل أن يتم تفسير القرآن كله‪.‬‬ ‫موأمهلرحهقرني ربٱِل ر‬
‫هذا القدر من التفسير مطبوع فى اثنى عشر مجلدا كبارا‪ ً،‬ينتهى المجلد الثانى عشر عند قوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [53‬من سورة يوسف‪} :‬موممآ أيمبيرىيء منهفرسيي{ُ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫وقد أكمل الستاذ بهجت البيطار تفسير سورة يوسف‪ ً،‬وطبع تفسير هذه السورة بتمامها فى كتاب مستقل‬
‫يحمل اسم الشيخْ رشيد رحمه ال‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وقد ف رسر الشيخْ من القصار‪ :‬سورة الكوثر‪ ً،‬والكافرون‪ ً،‬والخلص‪ ً،‬والمعوذتين‪ ً،‬ول نعرف له‬
‫إنتاجا فى التفسير أكثر من هذا‪ ً،‬وهو إنتاج ل بأس به‪ ً،‬وفيه تتجلى روح الستاذ المام ممزوجة بروح‬
‫تلميذه‪ ً،‬فالمصادر هى المصادر‪ ً،‬والهدف هو الهدف‪ ً،‬والمنهج هو المنهج‪ ً،‬والفكار هى الفكار‪ ً،‬ول‬
‫فرقا بين الرجلين إل فيما هو قليل نادر‪.‬‬
‫**‬
‫* مصادره فى التفسير‪:‬‬
‫أما مصادره فى التفسير فإنه كان يستعين ببعضِ آيات القرآن على فهم بعضِ آخر منه‪ ً،‬خصوصا إذا‬
‫تكررت اليات فى موضوع واحد‪ ً،‬وكان يستعين أيضا بما صح عنده من بيان رسول ال صلى ال‬
‫لمة من الصحابة والتابعين‪ ً،‬وبأساليب لغة العرب وسنن ال فى‬ ‫عليه وسلم‪ ً،‬وبما جرى عليه مسملف ا ي‬
‫خلقه‪ ً،‬ومستعينا بعد ذلك كله بعقله المتحرر من التقليد للمفيسرين‪ ً،‬إل فيما يقتنع به من أقوالهم‪ ً،‬وأقوال‬
‫شيخه على الخص‪ ً،‬وييحيدثنا بعضِ تلميذه‪" :‬أنه كان ل يراجع ما يكتب فى التفسير إل بعد أن يكتب‬
‫فهمه فى الية‪ ً،‬حذرا من تأثر أقوال المفرسرين على نفسه‪ ً،‬وإذا آتاه ال فهما فى القرآن لم ييسبقا إليه‪ ً،‬أو‬
‫لم يطلع عليه إل بعد كتابته من عنده فإنه يتحدث إلى إخوانه شاكرا‪ ً،‬وقد يقصه على أهل بيتع مغتبطا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مسرورا"‪.‬‬
‫**‬
‫* هدفه من التفسير‪:‬‬
‫صيرح بأن هدفه‬ ‫وأما هدفه فى التفسير فهو معهين ما يهدف إليه الستاذ المام‪ ً،‬فإذا كان الستاذ المام ي م‬
‫من التفسير هو "فهم الكاتب من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم فى حياتهم الدنيا وحياتهم‬
‫صيرح بمثل ذلك فى كثير من مواضع كتابه‪ ً،‬فيقول بعد أن يوده الرلوم إلى ممن‬ ‫الخرة"‪ .‬فإن صاحبنا ي م‬
‫حشروا فى التفسير من قواعد العلوم‪ ً،‬ومسائل الفنون‪ ً،‬وموضوعات الحديث‪ ً،‬وخرافات السرائيليات‪ ً،‬ما‬
‫يصرف الناس عن هداية القرآن‪ ً،‬يقول‪" :‬إن حاجة الناس صارت شديدة إلى تفسير تتوجه العناية الولى‬
‫فيه إلى هداية القرآن على الوجه الذى يتفقا مع اليات الكريمة‪ ً،‬المنرزلة فى وصفه‪ .‬وما يأنرزل لجله‪ ً،‬من‬
‫النذار‪ ً،‬والتبشير والهداية‪ ً،‬والصلح"‪.‬‬
‫يريد أنه سيعمل تفسيره على هذا النمط ليسد حاجة الناس‪ ً،‬ويقول فى موضع آخر‪" :‬إن قصدنا من‬
‫التفسير بيان معنى القرآن‪ ً،‬وطرقا الهتداء به فى هذا الزمان"‪.‬‬
‫**‬
‫* منهجه فى التفسير‪:‬‬
‫وأما منهجه فيه فهو معهين ما نهجه الستاذ المام‪ ً،‬فل تقيد بأقوال المفيسرين‪ ً،‬ول تحكم للعقيدة فى نص‬
‫القرآن‪ ً،‬ول خوضِ فى إسرائيليات‪ ً،‬ول تعيين لمبهمات‪ ً،‬ول تعلقا بأحاديث موضوعة‪ ً،‬ول حشد‬
‫لمباحث الفنون‪ ً،‬ول رجوع بالنص إلى اصطلحات العلوم‪ ً،‬بل شرح لليات بأسلوب رائع‪ ً،‬وكشف عن‬
‫المعانى بعبارة سهلة مقبولة‪ ً،‬وتوضيح لمشكلت القرآن‪ ً،‬ودفاع عنه يرد ما يأثير حوله من شبهات‪ً،‬‬
‫وبيان لهدايته‪ ً،‬ودللة إلى عظيم إرشاده‪ ً،‬وتوقيف على حكم تشريعه‪ ً،‬ومعالجة لمراضِ المجتمع بناجع‬
‫دوائه‪ ً،‬وبيان لسنن ال فى خليقته‪.‬‬
‫ولكرنا نجد الشيخْ شيد ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يحيد عن هذا المنهج بعضِ الشىء‪ ً،‬وذلك بعد وفاة شيخه‪ً،‬‬
‫واستقلله بالعمل‪ ً،‬وييحيدثنا هو بذلك فيقول‪:‬‬
‫"وإننى لما استقللت بالعمل بعد وفاته‪ ً،‬خالفت منهجه ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ -‬بالتوسع فيما يتعلقا بالية من‬
‫السسرنة الصحيحة‪ ً،‬سواء أكان تفسيرا لها‪ ً،‬أو فى حكمها‪ ً،‬وفى تحقيقا بعضِ المفردات‪ ً،‬أو الجمل السلغوية‪ً،‬‬
‫والمسائل الخلفية بين العلماء‪ ً،‬وفى الكثار من شواهد اليات فى السور المختلفة‪ ً،‬وفى بعضِ‬
‫الستطرادات لتحقيقا مسائل تشتد حاجة المسلمين إلى تحقيقها‪ ً،‬بما يثبتهم بهداية دينهم فى هذا العصر‪ً،‬‬
‫أو يقوى حجتهم على خصومه من الكفار والمبتدعة‪ ً،‬أو يحل بعضِ المشكلت التى أعيا حلها‪ .‬بما‬
‫يطمئن به القلب‪ ً،‬وتسكن إليه النفس"‪.‬‬
‫ويبدو لنا أن هذا التوسع الذى كان من الشيخْ رشيد ‪ -‬خصوصا فى المسائل الجتماعية ‪ ً،-‬لم يدفعه إليه‬
‫ل "صحفيا" اتصل عن طريقا مجلته بالناس على اختلف منازعهم ومشاربهم‪ ً،‬وفيهم‬ ‫إل كونه رج ل‬
‫المتدين‪ ً،‬والملحد‪ .‬والكافر‪ ً،‬فأراد أن يتمشى بكتابته مع الجميع‪ ً،‬فيثبت المتدين على دينه‪ ً،‬ويرد الملحد‬
‫عن إلحاده‪ ً،‬ويكشف عن محاسن السلم‪ ً،‬لعل الكافر أن يثوب إلى رشده ويرجع عن كفره‪.‬‬
‫**‬
‫* آراؤه فى التفسير‪:‬‬
‫أما آراؤه فى التفسير فهى كآراء شيخه‪ ً،‬تقوم على حرية واسعة فى الرأى واعتداد عظيم بالفهم‪ ً،‬وثقة‬
‫قوية بما عنده من العلم‪ ً،‬وعدم تقيد ببعضِ اليممسرلمات عند العلماء‪ ً،‬ولهذا نجد له أفكارا غريبة فى تفسير‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫القرآن استقل ببعضِ منها‪ ً،‬وقرلد شيخه فى بعضها الخر‪.‬‬
‫**‬
‫* رأيه فى أصحاب الكبائر‪:‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [275‬من سورة البقرة فى شأن المرابين‪} :‬موممهن معامد‬ ‫فمث ل‬
‫صمحايب ٱلرنارر يههم رفيمها مخارليدومن{ُ ‪ ..‬نجده يخالف أهل السسرنة‪ ً،‬ويؤكد أن صاحب الكبيرة التى فى‬‫مفيأهولمــرئمك أم ه‬
‫درجه أكل الربا وقتل العمد إذا مات ولم يتب منها يخلد فى النار‪ ً،‬ول يخرج منها أبدا فيقول‪" :‬أى‪ :‬وممن‬
‫عاد إلى ما كان يأكل من الربا المحررم بعد تحريمه‪ ً،‬فيأولئك اليبعداء عن التعاظ بموعظة ربهم‪ ً،‬الذى ل‬
‫ينهاهم إل عما يضرهم فى أفرادهم أو جمعهم‪ ً،‬هم أهل النار الذين يلزمونها كما يلزم الصاحب‬
‫صاحبه‪ ً،‬فيكونون فيها خالدين‪.‬‬
‫"وقد أرول الخلود المفيسرون‪ ً،‬لتتفقا الية مع المقرر فى العقائد والفقه من كون المعاصى ل توجب الخلود‬
‫فى النار‪ ً،‬فقال أكثرهم‪ :‬إن المراد‪ :‬وممن عاد إلى تحليل الربا واستباحته اعتقادا‪ ً،‬ورده بعضهم بأن‬
‫الكلم فى أكل الربا‪ ً،‬وما يذركر عنهم من جعله كالبيع هو بيان لرأيهم قبل التحريم‪ ً،‬فهو ليس بمعنى‬
‫استباحة المحررم‪ ً،‬فإذا كان الوعيد قاصرا على العتقاد بحيله ل يكون هناك وعيد على أكله بالفعل‪.‬‬
‫"والحقا أن القرآن فوقا ما كتب المتكلمون والفقهاء‪ .‬يجب إرجاع كل قول فى الدين إليه‪ ً،‬ول يجوز‬
‫تأويل شىء ليوافقا كلم الناس‪ ً،‬وما الوعيد بالخلود هنا إل كالوعيد بالخلود فى آية قتل العمد‪ ً،‬وليس‬
‫هناك شبهة فى الرلفظ على إرادة الستحلل‪ .‬ومن العجيب أن يجعل الرازى الية هنا يحرجة على القائلين‬
‫بخلود مرتكب الكبيرة فى النار‪ ً،‬انتصارا لصحابه الشاعرة‪ ً،‬وخير من هذا التأويل تأويل بعضهم‬
‫الخلود بطول المكث‪ ً،‬أما عنه فنقول‪ :‬ما كل ما يسمى إيمانا يعصم صاحبه من الخلود فى النار‪ ً،‬اليمان‬
‫إيمانان‪ :‬إيمان ل يعدو التسليم الجمالى بالدين الذى نشأ فيه المرء أو ينرسمب إليه‪ ً،‬ومجاراة أهله ولو بعدم‬
‫معارضتهم فيما هم عليه‪ .‬وإيمان هو عبارة عن معرفة صحيحة بالدين عن يقين باليمان‪ ً،‬متمكنة فى‬
‫العقل بالبرهان‪ ً،‬مؤثرة فى النفس بمقتضى الذعان‪ ً،‬حاكمة على الرادة المصرفة للجوارح فى‬
‫العمال‪ ً،‬بحيث يكون صاحبها خاضعا لسلطانها فى كل حال‪ ً،‬إل ما ل يخلو عنه السنان من غلبه‬
‫جهالة أو نسيان‪ .‬وليس الربا من المعاصى التى يتنسى‪ ً،‬أو تغلب النفس عليها خفة الجهالة والطيش‬
‫كالحدة وثورة الشهوة‪ ً،‬أو يقع صاحبها بإذن ال من الخلود فى سخط ال‪ ً،‬ولكنه ل يجتمع مع القدام‬
‫على كبائر الثم والفواحش عمدا‪ ً،‬إيثارا لحب المال والرلذة‪ ً،‬عن دين ال وما فيه من الحكم والمصالح‪.‬‬
‫وأما اليمان الول‪ :‬فهو صورى فقط‪ ً،‬فل قيمة له عند ال تعالى‪ ً،‬لنه تعالى ل ينظر إلى الصور‬
‫والقوال‪ ً،‬ولكن ينظر إلى القلوب والعمال‪ ً،‬كما ورد فى الحديث‪ ً،‬والشواهد على هذا الذى قررناه فى‬
‫كتاب ال تعالى كثيرة جدا‪ ً،‬وهو مذهب المسملف الصالح‪ ً،‬وإن جهله كثير ممن ميردعون اتباع السسرنة حتى‬
‫مج ررأوا الناس على هدم الدين‪ ً،‬بناء على أن مدار السعادة على العتراف بالدين وإن لم ييعمل به‪ ً،‬حتى‬
‫صار الناس يتبجحون بارتكاب الموبقات‪ ً،‬مع العتراف بأنها من كبائر ما يحيرم‪ ً،‬كما بلغنا عن بعضِ‬
‫كبرائنا أنه قال‪ :‬إننى ل أنكر أننى آكل الربا ولكننى مسلم أعترف بأنه حرام‪ ً،‬وقد فاته أنه يلزمه بهذا‬
‫القول العتراف بأنه من أهل هذا الوعيد‪ ً،‬وبأنه يرضى أن يكون محاربا ل ولرسوله‪ ً،‬وظالما لنفسه‬
‫وللناس‪ ً،‬كما سيأتى فى آية أخرى‪ ً،‬فهل يعترف بالملزوم؟ أو ينكر الوعيد المنصوص فيؤمن ببعضِ‬
‫الكتاب ويكفر ببعضِ؟ نعوذ بال من الخذلن"‪.‬‬
‫**‬
‫* تقليده لشيخه فى قصة آدم‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كذلك نجد صاحب المنار ييقيلد شيخه فى موقفه من قصة آدم وإبليس وما يتعلقا بها فيقول‪:‬‬
‫"وهذا التفصيل مبنى على كون المر بالسجود للتكليف‪ ً،‬وأنه وقع حوار بين الرب سبحانه وبين إبليس‪.‬‬
‫وأما على القول بأن المر للتكوين‪ ً،‬وأن القصة بيان لغرائز المبشر والملئكة والشياطين‪ ً،‬فالمعنى‪ :‬أنه‬
‫لمورها بالسنن التى عليها مدار نظامها كما قال‪:‬‬ ‫تعالى جعل ملئكة الرضِ المدبرة بأمر ال وإذنه ي‬
‫}مفٱِهليممديبمرارت أمهمرا{ُ يممسرخرة لدم ويذيريته‪ ً،‬إذ خلقا ال هذا النوع مستعدا للنتفاع بها كلها‪ ً،‬بعلمه بسنن ال‬
‫تعالى فيها‪ ً،‬وبعلمه بمقتضى هذه السن كخواص الماء‪ ً،‬والهواء‪ ً،‬والكهرباء‪ ً،‬والنور‪ ً،‬والرضِ‪ :‬معادنها‪ً،‬‬
‫ونباتها‪ ً،‬وحيوانها‪ ً،‬وإظهاره لحكم ال تعالى وآياته فيها‪ ً،‬ومستعدا لصطفاء ال بعضِ أفراده‪ً،‬‬
‫واختصاصهم بوحيه ورسالته‪ ً،‬وإقامة ممن اهتدى بهم لدينه وميزان شرعه‪ ً،‬وقد يأشير إلى ذلك فى الية ]‬
‫لهسممآمء يكلرمها{ُ‪ ً،‬إل أنه جعل الشيطان عاتيا متمردا على‬ ‫‪ [31‬من سورة البقرة بقوله تعالى‪} :‬مومعلرم مءامدم ٱ م‬
‫النسان‪ ً،‬بل عدوا له‪ ً،‬من حيث إن النسان بروحه وسط بين روح الملئكة المفطورين على طاعة ال‬
‫وإقامة يسنته فى صلح الخلقا‪ ً،‬وبين روح الجن الذى يغلب على شرارهم ‪ -‬وهم الشياطين ‪ -‬التمرد‬
‫والعصيان‪ .‬وقد أعطى النسان إرادة واختيارا من ربه فى ترجيح ما به يصعد إلى يأفقا الملئكة‪ ً،‬وما به‬
‫يهبط إلى يأفقا الشياطين"‪.‬‬
‫**‬
‫* تذرعه بالمجاز والتشبيه‪:‬‬
‫كذلك نجد صاحب المنار يصرف بعضِ ألفاظ القرآن عن ظواهرها‪ ً،‬ويعدل بها إلى ناحية المجاز أو‬
‫التشبيه‪ ً،‬وذلك فيما يبدو مستبعدا ومستغربا لو يأجرى على حقيقته‪ ً،‬وهذا المسلك الذى جرى عليه الشيخْ‬
‫رشيد هو مسلك شيخه‪ ً،‬ومسلك الزمخشرى وغيره من المعتزلة‪ ً،‬الذين اتخذوا التشبيه والتمثيل سبي ل‬
‫ل‬
‫صيرح بها القرآن‪ ً،‬ول تعجز عنها قدرة ال‪ ً،‬وإن بعدت عن منال المبشر‪.‬‬ ‫للفرار من الحقائقا التى ي م‬
‫م‬
‫ل نجد صاحب المنار عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [47‬من سورة النساء‪} :‬ميا أسيمهآ ٱرلرذيمن‬ ‫فمث ل‬
‫صيدقا ليمما مممعيكهم يمن مقهبرل مأن رنهطرممس يويجوها مفمنيرردمها معملـى مأهدمباررمهآ{ُ‪ ...‬الية‪ً،‬‬ ‫يأويتوها ٱهلركمتامب آرمينوها ربمما منرزهلمنا يم م‬
‫نراه يستظهر أن المعنى المراد هنا هو‪" :‬آرمينوا بما منرزلنا مصيدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوه‬
‫مقاصدكم التى توجهتم إليها فى كيد السلم‪ ً،‬ونردها خاسئة خاسرة إلى الوراء‪ ً،‬بإظهار السلم ونصره‬
‫عليكم‪ ً،‬وفضيحتكم فيما تأتونه باسم الدين والعلم الذى جاء به النبياء‪ ً،‬وقد كان لهم عند نزول الية‬
‫شىء من المكانة والمعرفة والقوة‪ ً،‬فهذا ما نفيسرها به‪ ً،‬على جعل الطمس والرد على الدبار‬
‫معنويين" ‪ ..‬ثم سرد بعضِ أقوال المفيسرين فى هذه الية‪ ً،‬ثم برين أن ما اختاره هو رأى شيخه الذى مال‬
‫إليه فى دروسه‪.‬‬
‫**‬
‫* رأيه فى السحر‪:‬‬
‫ثم إن صاحب المنار ل يرى السحر إل ضربا من التمويه والخداع‪ ً،‬وليس له حقيقة كما يقول أهل‬
‫السسرنة‪ ً،‬وهو يوافقا بهذا القول قول شيخه وقول المعتزلة من قبله‪ ً،‬ولهذا نراه عندما فرسر قوله تعالى فى‬
‫الية ]‪ [7‬من سورة النعام‪} :‬مولمهو منرزهلمنا معلمهيمك ركمتابا رفي رقهرمطاهَس مفلممميسويه ربمأهيرديرههم لممقامل ٱرلرذيمن مكمفيروها إرهن‬
‫ل رسهحفر سمربي فن{ُ ‪ ...‬نجده يقول‪" :‬والية تدل على أن السحر خداع باطل‪ ً،‬وتخييل يرى ما ل حقيقة‬ ‫مهــمذآ إر ر‬
‫له فى صورة الحقائقا"‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬ولم يستطع الشيخْ رشيد أن يرد حديث البخارى فى سحر رسول ال صلى ال عليه وسلم كما‬
‫فعل شيخه‪ ً،‬ولكنه تأرول الحديث على أنه كان من قبيل العقد عن النساء‪ ً،‬وبرين أن عذر ممن طعن فى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحديث هو أن هشاما ‪ -‬راوى الحديث عن أبيه عن عائشة ‪ -‬مطعون فيه من كثير من أئمة الجرح‬
‫والتعديل‪.‬‬
‫**‬
‫* رأيه فى الشياطين‪:‬‬
‫وهو يرى أن شياطين الجن ل تسلط لها على النسان إل بالغواء فقط‪ ً،‬ويقول‪" :‬كل ما يردعيه بعضِ‬
‫الد رجالين من تسلط الشيطان‪ ً،‬أو ملوك الجان على بعضِ الناس‪ ً،‬وقدرتهم على نفعهم وضرهم‪ ً،‬فهو كذب‬
‫وحيل من شياطين النس وحدهم"‪.‬‬
‫**‬
‫* رأيه فى الجن‪:‬‬
‫كما يرى أن الجن ل يترى للنسان على أى حال من الحوال‪ ً،‬ويرجح أن ممن اردعى رؤية الجن فذلك‬
‫وهم منه وتخيل‪ ً،‬ول حقيقة له فى الخارج‪ ً،‬أو لعله رأى حيوانا غريبا كبعضِ القردة فظنه أحد أفراد‬
‫الجن‪ .‬يقول هذا ثم يعرضِ فى "الهامش" لذكر حديث أبى هريرة فيمن كان يسرقا تمر الصدقة‪ ً،‬وإخبار‬
‫النبى له بأنه شيطان ‪ -‬وهو فى البخارى ‪ -‬ولغيره من الحاديث التى تدل على أن النسان يرى الجنى‬
‫ويبصره‪ ً،‬ثم يقول بعد أن يفرغا من سرده للروايات‪" :‬والصواب أنه ليس فى هذه الروايات كلها حديث‬
‫صحيح"‪.‬‬
‫بل ونجده يزيد على ذلك فيجيوز أن تكون ميكروبات المراضِ نوعا من الجن‪ .‬وذلك حيث يقول عندما‬
‫ل مييقويمومن إر ر‬
‫ل مكمما‬ ‫تعررضِ لتفسير قوله تعالى فى الية ]‪ [275‬من سورة البقرة‪} :‬ٱرلرذيمن ميهأيكيلومن ٱليرمبا م‬
‫مييقويم ٱرلرذيِ ميمتمخربيطيه ٱلرشهيمطاين رممن ٱهلمم يس{ُ ‪ ...‬الية‪ ..." :‬والمتكلمون يقولون‪ :‬إن الجن أجسام حية خفية ل‬
‫يترى‪ ً،‬وقد قلنا فى المنار غير مرة‪ :‬إنه يصح أن ييقال إن الجسام الحية الخفية التى يعرفت فى هذا‬
‫العصر بواسطة النظارات المكبرة وتسمى بالميكروبات‪ ً،‬يصح أن تكون نوعا من الجن‪ ً،‬وقد ثبت أنها‬
‫علل لكثر المراضِ"‪.‬‬
‫***‬
‫* رأيه فى معجزات النبى صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ولقد نجد صاحب المنار يذهب فى معجزات النبى صلى ال عليه وسلم مذهبا بعيدا‪ ً،‬فيقرر أنه ل معجزة‬
‫للنبى صلى ال عليه وسلم غير القرآن الكريم وينكر بعضِ معجزاته الكونية‪ ً،‬ويتأرول ما يشهد لها من‬
‫آيات‪ ً،‬ويجحد صحة ما يقوم بإثباتها من الحاديث‪ ً،‬وما يمسيلمه من بعضِ اليات الكونية فهو فى نظره‬
‫إكرام للنبى من ربه‪ ً،‬وليس من قبيل المعجزة‪ ً،‬أو اليحرجة على صدقا دعوته‪.‬‬
‫يذهب إلى هذا ويستدل له بمثل قوله تعالى فى الية ]‪ [59‬من سورة السراء‪} :‬مومما مممنمعمنآ مأن سنهررسمل‬
‫لرويلومن{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬وبمثل قوله عليه السلم من رواية أبى هريرة عند الشيخين‬ ‫ل مأن مكرذمب ربمها ٱ م‬
‫ربٱِلميارت إر ر‬
‫وغيرهما‪" :‬ما من نبى من النبياء إل يأعطى ما مثله آمن عليه المبشر‪ ً،‬وإنما كان الذى يأوتيته وحيا أوحاه‬
‫ال إلرى‪ ً،‬فأرجو أن أكون اكثرهم تبعا يوم القيامة"‪.‬‬
‫ولكن صاحب المنار يستشعر معارضة بعضِ نصوص القرآن والحديث لما ساقه من أدلة على يمردعاه‬
‫فيقول‪" :‬وقد يعارضه ‪ -‬يعنى الحديث السابقا ‪ -‬آية انشقاقا القمر مع ما ورد فى أحاديث الصحيحين‬
‫وغيرهما من أن قريشا سألوا النبى صلى ال عليه وسلم آية على نبوته فانشقا القمر فكان رفرقتين‪ ً،‬ولكن‬
‫ل فى متنها وأسانيدها‪ ً،‬وإشكالت علمية‪ ً،‬وعقلية‪ ً،‬وتاريخية‪ً،‬‬ ‫فى الحاديث الواردة فى انشقاقه عل ل‬
‫صلناها فى المجلد الثلثين من المنار‪ ً،‬وبرينا أن ما تدل عليه اليات القرآنية المؤيدة بحديث الصحيحين‬ ‫فر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصريح فى حصر معجزة نبوته صلى ال عليه وسلم فى القرآن وكون اليات المقترحة تقتضى إجابة‬
‫مقترحيها عذاب الستئصال‪ ً،‬هو الحقا الذى ل ينهضِ لمعارضته شىء"‪.‬‬
‫وإذا كان الشيخْ رشيد قد تخرلص هنا من معارضة الحديث بالطعن فيه‪ ً،‬فإنه قد تخرلص فى موضع آخر‬
‫من معارضة الية‪ ً،‬حيث فرسر انشقاقا القمر بظهور اليحرجة"!!‬
‫**‬
‫* رأيه فى مسائل من الفقه‪:‬‬
‫كذلك نجد صاحب المنار يعطى نفسه حرية واسعة فى استنباط الحكام من القرآن الكريم‪ ً،‬مما جعله‬
‫يخالف جمهور الفقهاء‪ ً،‬ويسفههم فيما ذهبوا إليه‪ ً،‬وإذا أردمت مثالل لذلك فارجع إلى ما كتبه على قوله‬
‫ضمر أممحمديكيم ٱهلممهويت رإن متمرمك مخهيرا ٱهلمو ر‬
‫صريية‬ ‫تعالى فى الية ]‪ [180‬من سورة البقرة‪} :‬يكرتمب معلمهييكهم إرمذا مح م‬
‫لهقمرربيمن ربٱِهلممهعيرورف محسقا معملى ٱهليمرترقيمن{ُ‪ ً،‬فستجد أنه لم يعبأ بما عليه جمهور العلماء من أهل‬ ‫رلهلموارلمدهيرن موٱ م‬
‫السسرنة من أن حكم هذه الية منسوخ‪ ً،‬بصرف النظر عن كون الناسخْ آية المواريث أو حديث‪" :‬ل وصية‬
‫لم إلى أن متنه متواتر‪ ً،‬فراح ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يؤكد بكل ما يملك من‬ ‫لوارث" الذى جنح الشافعى فى ا ي‬
‫يحرجة‪ :‬أن حكم الوصية للوالدين والقربين باقا لم يينسخْ‪ ً،‬كما راح يمفيند كل دليل تمرسك به الجمهور‪ .‬ول‬
‫يأطيل بذكر ما قاله فى هذا الموضوع‪ ً،‬ويكفى أن أقول لك‪ :‬إنه أنهى البحث فى هذه المسألة بقوله‪:‬‬
‫"وصفوة القول‪ :‬أن الية غير منسوخة بآية المواريث‪ ً،‬لنها ل تعارضها‪ ً،‬بل تؤيده‪ ً،‬ول دليل على أنها‬
‫بعدها‪ ً،‬ول بالحديث‪ ً،‬لنه ل يصلح لنسخْ الكتاب‪ ً،‬فهى محكمة‪ ً،‬وحكمها باقا‪ ً،‬ولك أن تجعله خاصا بمن‬
‫ل يرث من الوالدين أو القربين كما روى عن بعضِ الصحابة‪ ً،‬وأن تجعله على إطلقه‪ ً،‬ول تكن من‬
‫المجازفين الذين يخاطرون بدعوى النسخْ فينبذ ما كتبه ال عليه بغير عذر‪ ً،‬ول سيما بعد ما أكده بقوله‪:‬‬
‫}محسقا معملى ٱهليمرترقيمن{ُ‪.‬‬
‫وإن أردت مثا لل آخر فارجع إلى ما ذهب إليه فى آية التيمم من سورة النساء‪ ً،‬فسترى أنه يقرر‪ :‬أن‬
‫المسافر يجوز له التيمم ولو كان الماء بين يديه ول رعرلة تمنعه من استعماله إل كونه مسافرا‪ ً،‬ويخالف‬
‫بذلك جماعة الفقهاء‪ ً،‬ويحمل عليهم حملة شديدة فيما ذهبوا إليه من أن المسافر ل يجوز له التيمم مع‬
‫وجود الماء‪ ً،‬كما ينكر على ممن استشكل الية من المفيسرين‪ ً،‬ويقول فيما يقول‪" :‬سيقول أدعياء العلم من‬
‫المقيلدين‪ :‬نعم‪ ً،‬إن الية واضحة المعنى‪ ً،‬كاملة البلغة على الوجه الذى قررتم‪ ً،‬ولكنها تقتضى عليه أن‬
‫التيمم فى السفر جائز ولو مع وجود الماء‪ .‬وهذا مخالف للمذاهب المعروفة عندنا‪ ً،‬فكيف يعقل أن يخفى‬
‫معناها هذا على يأولئك الفقهاء المحققين؟ وكيف يعقل أن يخلفوها من غير معارضِ لظاهر ما أرجعوها‬
‫إليه؟‪ .‬ولنا أن نقول لمثل هؤلء ‪ -‬وإن كان المقيلد ل يحتاج لنه علم له ‪ :-‬وكيف يعقل أن يكون أبلغ‬
‫ل؟ وأى المرين ألوى بالترجيح؟ الطعن ببلغة القرآن‬ ‫ل مشك ل‬ ‫الكلم وأسلمه من التكلف والضعف معض ل‬
‫وبيانه ‪ ..‬لحمله على كلم الفقهاء؟ أو تجويز الخطأ على الفقهاء‪ ً،‬لنهم لم يأخذوا بما دل عليه ظاهر‬
‫الية من غير تكلف‪ ً،‬وهو الموافقا الملتئم مغ غيره من رخص السفر التى فيها قصر الصلة وجمعها‪ً،‬‬
‫وإباحة الفطر فى رمضان‪ ً،‬فهل ييستنكر مع هذا أن يمررخص للمسافر فى ترك اليغسل والوضوء‪ ً،‬وهما‬
‫دون الصلة والصيام فى نظر الدين"‪.‬‬
‫إلى أن قال‪" :‬أل إن من أعجب العجب‪ ً،‬غفلة جماهير الفقهاء عن هذه اليرخصة الصريحة فى عبارة‬
‫القرآن‪ ً،‬التى هى أظهر وأولى من قصر الصلة وترك الصيام‪ ً،‬وأظهر فى رفع المحمرج واليعسر الثابت‬
‫بالنص وعليه مدار الحكام‪."...‬‬
‫ثم قال‪" :‬وإذا ثبت أن التيمم يرخصة للمسافر بل شرط ول قيد‪ ً،‬بطلت كل تلك التشديدات التى تورسعوا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فى بنائها على اشتراط فقد الماء‪ ً،‬ومنها ما قالوا من وجوب طلبه فى السفر‪ ً،‬وما وضعوه لذلك من‬
‫الحدود كحد القرب وحد الغوث"‪.‬‬
‫**‬
‫* حملته على بعضِ المفيسرين‪:‬‬
‫هذا ‪ ..‬ول يفوتنا أن نقول‪ :‬إن صاحب المنار كان كثير التوسع فيما يتعقب به أحيانا قدماء المفيسرين‪ً،‬‬
‫خصوصا الفخر الرازى منهم‪ ً،‬مع قسوة منه عليهم فى الكثير الغالب‪.‬‬
‫**‬
‫* حملته على البدع والخرافات‪:‬‬
‫كما أنه كان كثير الستطراد إلى تتبع بدع المسلمين والكشف عن عوارها والرشاد إلى علجها‪ ً،‬مع‬
‫تشدد وتعسف منه فى كثير من الحيان‪.‬‬
‫**‬
‫شرحه لمبهمات القرآن بما جاء فى التوراة والنجيل‪:‬‬
‫كذلك ل يفوتنا أن ينمنيبه على أن صاحب المنار كان مع شدة لومه على المفيسرين الذين يزجون‬
‫بالسرائيليات فى تفاسيرهم‪ ً،‬ويتخذون منها شروحا لكتاب ال‪ ً،‬يخوضِ هو أيضا فيما هو من هذا القبيل‬
‫ويتخذ منه شروحا لكتاب ال‪ ً،‬وذلك أنه كثيرا ما ينقل عن الكتاب المقردس أخبارا وآثارا ييفيسر بها بعضِ‬
‫مبهمات القرآن‪ ً،‬أو يرد بها على أقوال بعضِ المفيسرين‪ ً،‬وكان الجدر بهذا المفيسر الذى يشدد النكير‬
‫على عشاقا السرائيليا‪ ً،‬أن يكف هو أيضا عن النقل عن كتب أهل الكتاب‪ ً،‬خصوصا وهو يعترف أنه‬
‫قد تطررقا إليها التحريف والتبديل‪.‬‬
‫**‬
‫* دفاعه عن السلم‪:‬‬
‫وأخيرا فل يفوتنا أن الرجل قد دافع عن السلم والقرآن‪ ً،‬وكشف عما أحاط بما من شكوك ومشاكل‪ً،‬‬
‫وقد استعمل فى ذلك لسانه وقلمه‪ ً،‬وضرمنه مجلته وتفسيره‪ ً،‬وتلك مزية للرجل ييحمد عليها‪ .‬ول ننسى ما‬
‫له من أفكار جريئة ومتطرفة‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) ‪ -3‬الستاذ الكبر الشيخْ محمد مصطفى المراغى (‬

‫* الستاذ المراغى فى مدرسة الشيخْ محمد عبده‪:‬‬


‫ل تأثر بروح الستاذ المام‪ ً،‬ونهج على طريقته من التجديد‬ ‫لم نعرف من رجال هذه المدرسة رج ل‬
‫واطراح التقليد‪ ً،‬والعلم على تنقية السلم من الشوائب التى يألصقت به‪ ً،‬وتنبيه الغافلين عن مههديه‬
‫وإرشاده‪ ً،‬مثل الستاذ الكبر الشيخْ محمد مصطفى المراغى عليه رحمة ال ورضوانه‪.‬‬
‫ترربى هذا الرجل فى مدرسة الستاذ المام‪ ً،‬وتخررج منها وهو يحمل بين جنبيه قلبا مليئا بالرغبة فى‬
‫الصلح‪ ً،‬والثورة على كل ما يقف فى سبيل السلم والمسلمين‪.‬‬
‫هذا القلب الفتى‪ ً،‬العامى بما فيه من حب للخير ورغبة فى الصلح‪ ً،‬دفع بالرجل إلى ميدان الحياة‬
‫الجتماعية‪ ً،‬وتر رقى به فى مراتب المناصب الدينية‪ ً،‬وأخيرا وقف به عند الغاية‪ ً،‬فإذا بالرجل شيخا‬
‫للزهر‪ ً،‬وإذا بروح الصلح والتجديد تتدفقا من فوقا منبره‪ ً،‬وعلى قلوب يطلبه وغير يطلبه‪ ً،‬ثم‬
‫تنساب جارفة إلى نواح من الحياة المختلفة‪ ً،‬فتعمل فيها عمل السحر‪ ً،‬والحياة والنور‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لم يلزم الشيخْ المراغى أستاذه المام ملزمة طويلة كما لزمه الشيخْ رشيد‪ ً،‬ولم يجلس إليه كثيرا مثلما‬
‫جلس‪ ً،‬ولكنه كان على رغم ذلك أعمقا أثرا وأكثر تحقيقا لما تهدف إليه هذه المدرسة من ضروب‬
‫الصلح وصنوف التجديد‪ ً،‬والسر فى ذلك ‪ -‬كما يظهر لنا ‪ -‬هو تقلب الشيخْ فى مختلف المناصب‬
‫الدينية الكبيرة‪ ً،‬ثم ما كان فيه من جاذبية وقدرة على استجلب قلوب سامعيه واستمالتها إليه‪ ً،‬مما أجلس‬
‫بين يديه الملك‪ ً،‬والمير‪ ً،‬والوزير‪ ً،‬والشيخْ الكبير‪ ً،‬والطالب الصغير‪ ً،‬ورجل الشارع‪.‬‬
‫جلس هؤلء جميعا يستمعون إليه ويأخذون عنه‪ ً،‬فكان الميدان فسيحا أمام الشيخْ‪ ً،‬يلقى فيه بآرائه‬
‫وأفكاره‪ ً،‬فتجد الدعوى قبولل من مستمعيه‪ ً،‬ورواجا عند مريديه ‪ ..‬ثم ل تلبث أن تنتشر فتعم كل شىء‪.‬‬
‫لمة السلمية‪ ً،‬وجعل فيه خيرها وسعادتها فى‬ ‫وإذا كان كتاب ال هو الدستور الذى شرعه ال تعالى ل ي‬
‫الدنيا والخرة‪ ً،‬رفلمم ل يكون هو الباب الذى يصل منه الشيخْ إلى ما يرجوه من خير‪ ً،‬وما يهدف إليه من‬
‫إصلح‪.‬‬
‫**‬
‫* إنتاجه فى التفسير‪:‬‬
‫طرقا الشيخْ هذا الباب‪ ً،‬فعقد دروسا فى تفسير القرآن الكريم‪ ً،‬استمع إليها الكثير من الناس على اختلف‬
‫طبقاتهم‪ ً،‬من الملك إلى رجل الشارع كما قلت‪ ً،‬ويأذيعت هذه الدروس أيضا فى كثير من ممالك الرضِ‪ً،‬‬
‫ودول السلم‪ ً،‬وأخيرا يطبعت هذه الدروس‪ ً،‬ويورزرعت على الناس ليعم نفعها‪ ً،‬ويزداد أثرها‪.‬‬
‫لم تكن هذه الدروس على شىء من الكثرة‪ ً،‬ولم يكن مقدار ما تناولته من آيات القرآن بالمقدار الكبير‪ً،‬‬
‫الذى كنا نرغب ونطمع فى أن يتمزرود به المكتبة السلمية‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬وإذا نحن ذهبنا نستقصيه فإرنا ل نجده‬ ‫نعم ‪ ..‬لم تتناول هذه الدروس من آيات القرآن إل مقدارا قلي ل‬
‫أكثر من شرحه لقوله تعالى فى الية ]‪ [177‬من سورة البقرة‪} :‬لرهيمس ٱهلربرر مأن يتموسلوها يويجومهيكهم رقمبمل‬
‫صمديقوها مويأولمــرئمك يهيم ٱهليمرتيقومن{ُ‪.‬‬ ‫ٱهلممهشرررقا موٱهلممهغرررب{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬يأولمــرئمك ٱرلرذيمن م‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [138 - 133‬من سورة آل عمران‪} :‬مومسارريعيوها إرملـى ممهغرفمرهَة يمن رريبيكهم‬
‫ضِ{ُ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬مهــمذا مبميافن يللرنارس مويهلدى موممهورعمظفة ليهليمرترقيمن{ُ‪.‬‬ ‫ضمها ٱلرسمماموايت موٱ م‬
‫لهر ي‬ ‫مومجرنهَة معهر ي‬
‫صـى ربره‬ ‫وشرحه لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [14 ً،13‬من سورة الشورى‪} :‬مشمرمع لميكم يممن ٱليديرن مما مو ر‬
‫ينوحا{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬موإررن ٱرلرذيمن يأورريثوها ٱهلركمتامب رمن مبهعردرههم ملرفي مشرك يمهنيه يمرريهَب{ُ‪.‬‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [153 - 151‬من سورة النعام‪} :‬يقهل متمعالمهوها أمهتيل مما محررم مرسبيكهم‬
‫صايكهم ربره لممعلريكهم مترتيقومن{ُ‪.‬‬‫معلمهييكهم{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬ـذرليكهم مو ر‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [186 - 183‬من سورة البقرة‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها يكرتمب معملهييكيم‬
‫صميايم{ُ ‪ ....‬إلى قوله‪} :‬موهليهؤرمينوها ربي لممعلريههم ميهريشيدومن{ُ‪.‬‬ ‫ٱل ي‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [29 - 24‬من سورة النفال‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها ٱهسمترجييبوها للرره مورللرريسورل‬
‫ضرل ٱهلمعرظيرم{ُ‪.‬‬ ‫إرمذا مدمعايكم رلمما يهحريييكهم{ُ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬موٱللريه يذو ٱهلمف ه‬
‫وشرحه لسورة الحجرات‪ ً،‬وشرحه لسورة الحديد‪ ً،‬وشرحه لسورة لقمان‪.‬‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [165 - 160‬من سورة النعام‪} :‬ممن مجآمء ربٱِهلمحمسمنرة مفلميه معهشير‬
‫أمهممثارلمها{ُ‪ ....‬إلى آخر السورة‪.‬‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات }‪ [206 - 199‬من سورة العراف‪} :‬يخرذ ٱهلمعهفمو موهأيمهر ربٱِهليعهررف{ُ ‪ ...‬إلى‬
‫آخر السورة‪.‬‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [34 - 30‬من سورة فصلت‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مقايلوها مرسبمنا ٱللريه يثرم ٱهسمتمقايموها{ُ ‪...‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إلى قوله‪} :‬مكمأرنيه مورلوي محرميفم{ُ‪.‬‬
‫وشرحه لوائل سورة العراف إلى قوله فى الية ]‪} :[9‬موممهن مخرفهت ممموارزيينيه مفيأهولميـرئمك ٱرلرذيمن مخرسيريوها‬
‫أمهنيفمسيهم ربمما مكاينوها ربآميارتمنا ريهظرليمومن{ُ‪.‬‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [123 - 112‬من سورة هود‪} :‬مفٱِهسمترقهم مكممآ أيرمهرمت موممن متامب مممعمك{ُ ‪....‬‬
‫إلى آخر السورة‪.‬‬
‫لممامنارت إرلميى‬‫وشرحه لقوله تعالى فى اليتين ]‪ [59 ً،58‬من سورة النساء‪} :‬إرن ٱلرلمه ميهأيميريكهم مأن يتؤسدوها ٱ م‬
‫ر‬
‫ل{ُ‪.‬‬ ‫أمههرلمها{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬ـذرلمك مخهيفر موأمهحمسين متهأروي ل‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى الية ]‪ [17‬من سورة الرعد‪} :‬أممنمزمل رممن ٱلرسممآرء ممآلء مفمسالمهت أمهوردميفة ربمقمدررمها{ُ ‪....‬‬
‫لهممثامل{ُ‪.‬‬‫ضرريب ٱللريه ٱ م‬ ‫إلى قوله‪} :‬مكـذرلمك مي ه‬
‫ل‬‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [88 - 83‬من سورة القصص‪} :‬رتهلمك ٱلرداير ٱلرخمرية منهجمعليمها رلرلرذيمن م‬
‫ل مفمسادا موٱهلمعارقمبية رلهليمرترقيمن{ُ ‪ ...‬إلى آخر السورة‪.‬‬ ‫ضِ مو م‬ ‫يررييدومن يعليسوا رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [10 - 1‬من سورة الفرقان‪} :‬متمبامرمك ٱرلرذيِ منرزمل ٱهليفهرمقامن معلمـى‬
‫صورا{ُ‪.‬‬ ‫معهبردره{ُ ‪ ....‬إلى قوله‪} :‬موميهجمعل لرمك يق ي‬
‫وشرحه لقوله تعالى فى اليات ]‪ [77 - 63‬من سورة الفرقان أيضا‪} :‬مورعمبايد ٱلررهحممــرن ٱرلرذيمن ميهميشومن‬
‫ضِ مههونا{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬مفمقهد مكرذهبيتهم مفمسهومف مييكوين رلمزاما{ُ‪.‬‬ ‫معلمـى ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫وشرحه لسورة العصر‪.‬‬
‫وشرحه لسورة الملك‪.‬‬
‫هذا هو كل ما للستاذ المراغى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬من إنتاج فى التفسير‪ ً،‬وهو على قرلته عمل كبير وعظيم‪ً،‬‬
‫بالنظر لما يهدف إليه من إصلح‪ ً،‬وما يحمل فى طرياته من توجيه حسن فى التفسير‪.‬‬
‫وحسب الشيخْ أن يكون قد لفت قلوب كثيرة من المسلمين إلى القرآن‪ ً،‬بعد أن أعرضوا عن مههديه‪ً،‬‬
‫ضسلوا عن إرشاده‪ ً،‬وتلك حسنة نرجو له برها وذخرها عن ال‪.‬‬ ‫وم‬
‫**‬
‫* منهجه فى التفسير‪:‬‬
‫يتتبع النسان إنتاج الستاذ الكبر فى التفسير‪ ً،‬ويستقصى ما عرضِ له من آيات القرآن الكريم‪ ً،‬فيلحظ‬
‫أن الشيخْ ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ -‬كان يختار لدروسه من آيات القرآن ما تتجلى فيه دلئل قدرة ال وآيات‬
‫عظمته‪ ً،‬وما تظهر فيه وسائل هداية المبشر‪ ً،‬ومواضع العظة والعبرة‪ ً،‬كما يلحظ أيضا أنه ورجه جانبا‬
‫كبيرا من عنايته إلى اليات التى يجمعها وقضايا العلم الحديث صلة اليقربى‪ ً،‬ليظهر للناس أن القرآن ل‬
‫يقف فى سبيل العلم‪ ً،‬ول يصادم ما صح من قواعده ونظرياته‪ ً،‬وذلك بما يهديه ال إليه من الدقة فى‬
‫التوفيقا بين قضايا القرآن‪ ً،‬وقضايا العلم الحديث ‪ ..‬دقة ل يبلغ شأوها‪ ً،‬ول يدرك خطرها إل ممن شغل‬
‫نفسه‪ ً،‬وكرد فهمه فى هذا السبيل‪.‬‬
‫**‬
‫*مصادره فى التفسير‪:‬‬
‫وأعتقد أن الشيخْ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان يستند فى تحضير دروسه على كتاب ال تعالى بجمع ما كان من‬
‫اليات فى موضوع واحد‪ .‬لعل ما يأجمل فى موضع يفيسر فى موضع آخر‪ ً،‬وما يأبهم فى آية يبيمن فى آية‬
‫أخرى‪ ً،‬وكان يستند أيضا إلى ما صح من بيان الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وبيان المسملف الصالح من‬
‫الصحابة والتابعين‪ ً،‬ثم على أساليب السلغة وسنن ال فى الكون‪ ً،‬ثم على ما كتبه قدماء المفيسرين‪ ً،‬ولكنه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لم يلغ عقله فى هذا كله‪ ً،‬بل كان يضع هذه المصادر كلها أمام نظره‪ ً،‬ويعرضِ ما فيها على قلبه وعقله‪ً،‬‬
‫فما أعجبه منها أقرره‪ ً،‬وما لم يطمئن إليه نبذه وأعرضِ عنه‪.‬‬
‫ل فيما كتبه المفيسرون‪ً،‬‬ ‫لم نسمع عن الستاذ المراغى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أنه فرسر القرآن بدون أن ينظر أو ل‬
‫ولم يبلغنا عنه أنه اردعى لنفسه أنه أتى بما لم يأت به الوائل فى التفسير‪ ً،‬بل على العكس من ذلك‬
‫وجدناه يعترف بالفضل للقدمين‪ ً،‬ول ينسى ما كان لهم من مجهود طيب وأثر محمود‪ ً،‬وذلك حيث يقول‬
‫عن تفسيره‪" :‬ما هو إل ثمرات من غرس أسلفنا القدمين‪ ً،‬وزهرات من رياضهم"‪.‬‬
‫لم يتحامل الشيخْ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬على المفيسرين كما تحامل غيره‪ ً،‬ولم يرم فى وجوههم بالعبارات‬
‫القاذعة اللذعة‪ ً،‬بل كان عفا فى نقده‪ ً،‬نزيها فى عبارته‪ ً،‬وهذا أدب ما أجمله بالعلماء‪ ً،‬وبخاصة مع‬
‫أسلفنا ومتقدميهم‪.‬‬
‫**‬
‫* موقفه من يمبهمات القرآن‪:‬‬
‫هذا ‪ ...‬وإن الستاذ المراغى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬قد نهج فى تفسيره منهج شيخه‪ ً،‬فوجدناه ل يخوضِ فى‬
‫يمبهمات القرآن بالتفصيل‪ ً،‬ول يدخل فى جزئيات سكت عنها القرآن‪ ً،‬وأعرضِ عنها الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ً،‬فل الروايات الموضوعة أو الضعيفة بكافية عنده حتى يزج بها فى تفسيره‪ ً،‬ول الخبار‬
‫السرائيلية بمقبولة لديه‪ ً،‬حتى يجعل منها شروحا لما أجمل القرآن وسكت عن تفصيله‪ ً،‬فلهذا نراه عندما‬
‫تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [133‬من سورة آل عمران‪} :‬مومسارريعيوها إرلمـى ممهغرفمرهَة يمن رريبيكهم مومجرنهَة‬
‫ضِ أيرعردهت رلهليمرترقيمن{ُ ‪ ...‬نجده يقول بعد أن ينتهى من تفسير الية ما نصه‪:‬‬ ‫لهر ي‬‫ضمها ٱلرسمماموايت موٱ م‬
‫معهر ي‬
‫"والية تدل بظاهرها على أن الجرنة مخلوقة الن‪ ً،‬لن الفعل الماضى يهفهم هذا‪ .‬غير أنه من الجائز أن‬
‫ضِ{ُ‪ ً،‬فل يدل على‬ ‫لهر ر‬‫صرعمقا ممن رفي ٱلرسمماموارت موممن رفي ٱ م‬ ‫صورر مف م‬
‫يكون من قبيل قوله تعالى‪} :‬موينرفمخْ رفي ٱل س‬
‫خلقها الن‪ ً،‬والبحث فى هذا ل فائدة له‪ ً،‬ول طائل تحته"‪.‬‬
‫صميايم‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [183‬من سورة البقرة‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينوها يكرتمب معملهييكيم ٱل ي‬ ‫ومث ل‬
‫مكمما يكرتمب معملى ٱرلرذيمن رمن مقهبرليك هم{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬وجدناه يقول‪ ..." :‬ونحن ل نعلم ما هو الذى فرضه ال على‬
‫ا يلمم السابقة من قبل‪ ً،‬أهو شهر رمضان كما قال بعضِ الناس؟ أم غيره؟ وليس لنا ما يهدينا إلى شىء‬
‫يمعرين من دليل يطمئن إليه القلب‪ .‬والتشبيه ل يدل على المماثلة فى كل شىء‪ ً،‬فنحن نؤمن بأن صوما‬
‫لمم الخرى على‬ ‫لمم السابقة‪ ً،‬ل نعلم مقداره ول كيفيته‪ .‬ول يزال الصوم معروفا عند ا ي‬ ‫ضِ على ا ي‬ ‫يفرر م‬
‫أوضاع مختلفة"‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [12‬من سورة لقمان‪} :‬موملمقهد آمتهيمنا يلهقممامن ٱهلرحهكمممة أمرن ٱهشيكهر لرلره{ُ‬ ‫ومث ل‬
‫لمم هو؟ فقيل‪:‬‬ ‫‪ ....‬الية‪ ً،‬وجدناه يقول ما نصه‪" :‬اختلف الناس فى لقمان هذا هو ممن هو؟ ومن أى ا ي‬
‫إنه من بنى إسرائيل‪ ً،‬وقيل‪ :‬إنه كان عبدا حبشيا‪ .‬وقيل‪ :‬إنه أسود من سودان مصر‪ .‬وقيل‪ :‬إنه يونانى‪.‬‬
‫ومن الناس ممن جعله نجارا‪ ً،‬ومنهم ممن جعله راعى غنم‪ ً،‬ومنهم ممن قال إنه نبى‪ ً،‬ومنهم ممن قال إنه‬
‫حكيم‪ .‬وكل هذه أقوال ليس لها سند يعول عليه‪ ً،‬وبعد أن وصفه ال بالحكمة فل يرفع من شأنه أنه كان‬
‫لمم‪ ً،‬ول يضع من قدره أنه كان زنجيا مملوكا"‪.‬‬ ‫من أشرف ا ي‬
‫**‬
‫* عنايته بإظهار أسرار التشريع‪:‬‬
‫كذلك نجد الستاذ الكبر يهتم فى تفسيره اهتماما كبيرا بإظهار سر التشريع السلمى‪ ً،‬وحكمة التكليف‬
‫اللهى‪ ً،‬لييظهر محاسن السلم‪ ً،‬ويكشف عن هدايته للناس‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل عندما تع ررضِ ليات الصوم فى سورة البقرة‪ ً،‬نجده يفيضِ فى سر الصوم وحكمته فيقول‪" :‬الصيام‬ ‫فمث ل‬
‫أحد الركان الخمسة التى يبرنى عليها السلم‪ ً،‬وهو رياضة بدنية‪ ً،‬وتهذيب يخيلقى‪ ً،‬وتطهير روحى‪ ً،‬وذلك‬
‫أن السترسال فى الشهوات‪ ً،‬والنغماس فى الرلذات حجاب بين الروح وبين الكمالت القدسية والفيضِ‬
‫اللهى‪ ً،‬يعوقها عن تلقى اللهام وعن لرذة التصال‪ ً،‬ولذلك يلجأ أرباب المقامات والعارفون إلى الصوم‪ً،‬‬
‫كلما أحسوا يبهعدا عن الذات اللهية‪ ً،‬وانزعج خاطرهم شوقا إلى القرب منها‪.‬‬
‫"وفى الصبر على الحرمان من الرلذات التى تنازع إليها النفس‪ ً،‬وتقتضيها الطبيعة‪ ً،‬تربية للرادة‪ ً،‬وتقوية‬
‫على المضى فى العزم‪ ً،‬وعدم نقضِ العقد والعهد إذا وسوس الشيطان وزرين للنفس الخروج عن العهود‪ً،‬‬
‫لما فيها من المشقات‪ ً،‬وفى تقوية الرادة على هذا النحو إعداد لتلقى التكاليف اللهية بالقبول والطمأنينة‪ً،‬‬
‫وتثبيت لممملكة المراقبة والخوف من ال‪ ً،‬وتقوية ليخيلقا الحياة‪ ً،‬وفى هذ كل الخير‪ ً،‬وبه تتحققا تقوى ال‪ً،‬‬
‫وتستعد النفس للسخاء‪ ً،‬والبذل والتضحية‪ ً،‬إذ دعا الداعى‪ ً،‬وحان وقت الفصل بين شجعان الرجال‬
‫وجبنائهم‪ ً،‬وبين كرامهم وأنذالهم‪.‬‬
‫"وليس يخفى أن كل شىء فى هذه الحياة ممكن‪ .‬الفقر بعد الغنى‪ ً،‬والمرضِ بعد الصحة‪ ً،‬والذلة بعد‬
‫العز‪ ً،‬والنزوح عن الوطان بعد الطمأنينة فيها‪ ً،‬وتغلب العداء بعد الغلب عليهم وقهرهم ‪ ...‬وما إلى‬
‫ذلك ما هو بسبيل أن يعرضِ للنسان‪ .‬وعروضِ هذه الشياء على نفس مدللة‪ ً،‬وجسم مترف‪ ً،‬ينام بقدر‪ً،‬‬
‫ويأكل بقدر‪ ً،‬ويمرح فى الرلذات بين الهل والعشيرة‪ ً،‬قد يصدمه صدمة ل يقوى على احتمالها‪ ً،‬أو يسوقا‬
‫إليه الجزع ويورثه اليأس‪.‬‬
‫لذلك كله اقتضت حكمة الحكيم العليم‪ ً،‬أن يجعل من العبادات ما يروضِ الجسام ويهذب الخلقا‪ً،‬‬
‫ويطهر الرواح ويزكيها ‪ ..‬وكان من هذه العبادات الصوم‪.‬‬
‫"وكما معرنى السلم بتزكية الرواح وتهذيب الخلقا‪ ً،‬فقد معرنى بتربية الجسام‪ ً،‬وحررم كل ما هو ضار‬
‫ل فى الحياة‪ ً،‬مهذب‬ ‫ل عام ل‬ ‫بها‪ ً،‬وأباح الطيبات وكل ما هو نافع ومفيد‪ ً،‬ذلك أن السلم يريد رج ل‬
‫الخلقا‪ ً،‬طاهر العراقا‪ ً،‬قويا ل يهاب الموت‪ ً،‬يدفع عن الدين ويدافع عن الوطن‪ ً،‬ويذود عن العشيرة‪ً،‬‬
‫ل ل تلهيه‬ ‫ل رحيما حسن المعاشرة‪ ً،‬سلس القياد لهله‪ ً،‬وعشريته‪ ً،‬وبنى وطنه‪ ً،‬يريد رج ل‬ ‫ويريد رج ل‬
‫الدنيا عن التصال بالخالقا وأداء حقوقه‪ "...‬إلخْ‪.‬‬
‫**‬
‫* معالجته للمشاكل الجتماعية‪:‬‬
‫كذلك نجد الشيخْ المراغى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يعرضِ لمشاكل المجتمع وأسباب النحطاط فى دول السلم‪ً،‬‬
‫فيعالج كل ذلك بما يفيضه ال على قلبه وعقله ولسانه‪ ً،‬من هداية القرآن وإرشاده‪.‬‬
‫ولقد كان الستاذ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬بصيرا بمواطن الداء‪ ً،‬وأسباب الشفاء‪ ً،‬فكان يهدف فى دروسه إلى‬
‫علجها واستئصالها‪ ً،‬وكان كثيرا ما يوجه الخطاب إلى أرباب الحل والعقد فى الدولة ‪ -‬وهم غالبية‬
‫المستمعين له ‪ -‬وييلفت أنظارهم إلى ما فى أعناقهم من أمانات‪ ً،‬وما عليهم من تبعات‪ ً،‬ثم يأخذ بيدهم‬
‫إلى حيث يكون صلحهم‪ ً،‬وصلح ممن تحت إمرتهم ورعايتهم ‪ ...‬يدفعه فى هذا كله إخلصه لربه‪ً،‬‬
‫لمته‪.‬‬ ‫ولوطنه‪ ً،‬و ي‬
‫صـى ربره‬‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [13‬من سورة الشورى‪} :‬مشمرمع لميكم يممن ٱليديرن مما مو ر‬‫فمث ل‬
‫ينوحا{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪ ..." :‬والحكمة فى هذه الشرائع اللهية‪ :‬أن النسان إذا يترك إلى مداركه‬
‫الحسية ونظرياته العقلية‪ ً،‬ضرل وكره الحياة‪ ً،‬وكان أشقى من أنواع الحيوان‪ ً،‬وشقاؤه يكون من ناحية‬
‫العقل نفسه‪ ً،‬فقد درلت التجارب على أن العقل غير المؤميد بالشرع اللهى يذهب مذاهب شرتى‪ ً،‬منها‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصواب ومنها الضلل‪ ً،‬وهو فيما عدا المحرسات والماديات ضلله أكثر من صوابه‪ .‬وهذه آراء العلماء‬
‫فى الفلسفة والخلقا‪ ً،‬يشبه بعضها هذيان المحموم‪ ً،‬وبعضها ل ييدمرك له محصل على كثرة ما يقولون‬
‫لمم بها‪ ً،‬فل بد من هداية‬ ‫من مقدمات وبراهين‪ .‬وهذه مذاهب الجتماع قديمها وحديثها‪ ً،‬لم تسعد ا ي‬
‫لمم التى‬ ‫تصدر عن المعصوم يحملها من عند ال العلى الحكيم‪ .‬وقد درلت التجارب أيضا على أن ا ي‬
‫عملت بالهدى كله أو بعضه سعدت بمقدار ذلك الهدى الذى عملت به‪.‬‬
‫"وأما أنه لول الدين لما احتمل النسان هذه الحياة‪ ً،‬فإنها على قصرها مملوءة بالمصائب والويلت‪ ً،‬فمن‬
‫فقر مدقع‪ ً،‬إلى مرضِ مزمن‪ ً،‬ومن فقد الهل والعشيرة‪ ً،‬إلى فقد العزة والجاه‪ ً،‬ومن شرف رفيع‪ ً،‬إلى‬
‫ذلة ومهانة ‪ ..‬واحتمال هذا كله إذا لم يكن أمام النسان أمل ينتظره‪ ً،‬وحياة دائمة فيها سعادة دائمة ليس‬
‫فى طاقة النسان‪ ً،‬فالعتقاد بالخرة يرفه العيش‪ ً،‬ويجعل المؤمن فى سعادة نفسية‪ ً،‬ويقويه على احتمال‬
‫الصعاب‪ ً،‬وعلى الصبر على معاشرة الناس‪ ً،‬فل بد من نظام ييعتقد فيه العصمة من الخطأ‪ ً،‬وييهدر معه‬
‫حكم العقل إذا حصل تعارضِ بينهما‪ ً،‬فإن دائرة العقل محدودة‪ ً،‬وهى قاصرة عن إدراك خفايا المستقبل‪.‬‬
‫"وإذا قيل‪ :‬إن التدين يمقييد للحرية‪ ً،‬ومانع من التمتع بالرلذات‪ ً،‬فكيف تكون فيه السلوى والعزاء؟ فالجواب‪:‬‬
‫أن السلم أباح الطيبات وحررم الخبائث‪ ً،‬ولم يحظر من الرلات إل ما يضر النسان‪ ً،‬وليست السعادة فى‬
‫حرية البهائم‪ ً،‬بل فى حرية يسبح بها فيما فيه خيره وسعادته‪ ً،‬ويحظر عليه فيها ما فيه ضرره وشقاؤه‪ً،‬‬
‫لمم وفضائلها‪ ً،‬التى قامت عليها صروح المدنية الحقة مستند إلى الدين‪ ً،‬وبعضِ العلماء‬ ‫وقوام آداب ا ي‬
‫لمم التى‬ ‫يحاول تحويلها عن أساس الدين‪ ً،‬وبناءها على أساس العقل والعلم‪ ً،‬غير أنه ل شبهة فى أن ا ي‬
‫تروم هذا التحول تقع فى اضطراب وفوضى ل تعلم عاقبتهما‪ ً،‬وليس من الميسور أن يتبنى للعامة قواعد‬
‫الفضيلة على أساس علم الخلقا‪ ً،‬أو أية قاعدة علمية أخرى‪ ً،‬ولكن من الميسور دئما أن يتبنى قواعد‬
‫الفضيلة على أساس العصمة للدين‪ ً،‬فالذى يحاول العلماء‪ :‬وهم وخيال"‪.‬‬
‫ضامن ٱرلرذييِ أيهنرزمل رفيره‬ ‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [185‬من سورة البقرة‪} :‬مشههير مرمم م‬ ‫ومث ل‬
‫ٱهليقهرآين يهلدى يللرنارس مومبيمناهَت يممن ٱهليهمدـى موٱهليفهرمقارن{ُ ‪ ..‬نجده بعد أن يشرح الية‪ ً،‬ويذكر ما فى القرآن من‬
‫هداية يقول‪" :‬هذا هو القرآن الذى سعد به المسلمون بحياة روحية هى المثال العلى للنفس النسانية‪ً،‬‬
‫وبحياة جثمانية طاهرة بريئة‪ ً،‬وبحياة علمية ل يزال ما بقى من نورها يستمتع به الناس‪ ً،‬وهو موضع‬
‫للعجب‪ ً،‬ومثار للكبار والجلل‪.‬‬
‫"سعدوا به حقبة‪ ً،‬ثم انحرفوا عنه فعاقبهم ال بما هم فيه من ذل وهوان‪ ً،‬حتى أصبحوا يخافون تخطف‬
‫الناس لهم‪ ً،‬وصاروا فى حاجة إلى غيرهم فى كل مرافقا الحياة‪ ً،‬ووصل بهم الجهل إلى حد أن ظنوا أن‬
‫كل ما عند غيرهم خير ييجلب‪ ً،‬وكل ما عندهم شر يينبذ‪ ً،‬وأنه ل حياة لهم إل بالقدوة ‪ ..‬القدوة حتى فيما‬
‫ل سيئة للسلم‪ ً،‬يحتج بهم‬ ‫علم غيرهم شره وفساده‪ ً،‬وحاولوا نبذه وطرحه‪ ً،‬وقد أصبح المسلمون يمث ل‬
‫عليه والدين منهم برىء‪.‬‬
‫ل باعوا‬ ‫"الدين يطلب رجالل صدقوا ما عاهدوا ال عليه‪ ً،‬فمنهم ممن قضى نحبه ومنهم ممن ينتظر‪ ً،‬رجا ل‬
‫أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجرنة‪ ً،‬رجالل خلقاء بأن يكونوا خلفاء عن ال فى الرضِ‪ ً،‬يعلمون سرها‪ً،‬‬
‫وييسيخرونه للخير ودفع الذى‪ ً،‬يدفعون عوادى الزمان بمناكبهم كأنهم بنيان مرصوص‪ ً،‬يعرفون للكرامة‬
‫قدرها‪ ً،‬وللعزة موضعها‪ ً،‬ويميزون بين العداء والصدقاء‪ ً،‬ويعلمون أن متاع الحياة الدنيا قليل‪ ً،‬وأن‬
‫الخرة خير وأبقى"‪.‬‬
‫وعندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [25‬من سورة الحديد‪} :‬لممقهد أمهرمسهلمنا يريسلممنا ربٱِهلمبيمنارت مومأنمزهلمنا مممعيهيم‬
‫ٱهلركمتامب موٱهلرميمزامن رلمييقوم ٱلرنايس ربٱِهلرقهسرط مومأنمزهلمنا ٱهلمحرديمد رفيره مبهأفس مشرديفد مومممنارفيع رللرنارس{ُ ‪ ....‬الية‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وجدناه يقول بعد ما شرح الية‪" :‬ذكر ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬الكتاب والميزان والحديد وقرنها بعضها ببعضِ‪ً،‬‬
‫فالكتاب‪ :‬إشارة إلى الحكام المقتضية للعدل والنصاف‪ .‬والميزان‪ :‬إشارة إلى سلوك الناس على وفقا‬
‫هذه الحكام‪ .‬والحديد‪ :‬إشارة إلى ما يحملهم على اتباع هذه الحكام إذا تمردوا‪ ً،‬وال سبحانه ‪ -‬وهو‬
‫العيم الحكيم ‪ -‬ل يضع للخلقا من القوانين إل ما فيه مصلحتهم‪ ً،‬وخيار الخلقا تكفيهم تلوة الكتاب‬
‫وعلمه لتباع ما فيه‪ ً،‬وغيرهم ل بد له من وازع‪ ً،‬وهو سلطان الحاكم المشار إليه بالحديد‪ ً،‬ولذلك‬
‫يورجدت التعاذير فى السلم‪ ً،‬ويورجدت الحدود‪ .‬أما ترك الناس أحرارا من غير وازع‪ .‬فهو ضار‬
‫بالمجتمع النسانى‪ ً،‬وموجب للتراخى فى إقامة العدل واتباع القانون‪ ً،‬يجيرب هذا فى العصور المختلفة‪ً،‬‬
‫لمم التى لم تحط أخلقها بوازع‪ ً،‬انحدرت‬ ‫وقامت الشواهد الناطقة فى العصر الحديث عليه‪ .‬ويعرلم أن ا ي‬
‫إلى الدرك السفل وأضلتها الشهوات وقد كانت يدررة "يعممر" سلكا قويا للنظام السلمى فلما يررفمعت‬
‫ضعف ذلك الرباط"‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة لقمان‪} :‬مورممن ٱلرنارس ممن ميهشمترريِ ملههمو ٱهلمحرديرث‬ ‫ومث ل‬
‫ضرل معن مسربيرل ٱلرلره ربمغهيرر رعهلم{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪ .." :‬من الناس فريقا مؤمن بالقرآن إجما ل‬
‫ل‬ ‫رلي ر‬
‫هَ‬
‫وبرسالة محمد‪ ً،‬ويعظمها ويجلهما فإذا قلت له‪ :‬رلمم ل تقطع يد السارقا؟ وتحد القاذف؟ إنها رجعية ل‬
‫ل عن سبيل ال؟‬ ‫يحتملها تمدين العصر الحديث!!‪ ..‬أليس هذا استهزالء باليات‪ .‬واشترالء للباطل؟ وضل ل‬
‫"هناك يمقيلدين للمذاهب فى العقائد والحكام‪ ً،‬إذا يعررضت عليهم اليات الدالة على فساد مذاهبهم‪ ً،‬مورلوا‬
‫عنها وإن كانوا ل يسخرون بها‪ ً،‬بل يسخرون بمن يعرضها‪ ً،‬أليس هذا شراء للباطل وبيعا للحقا بغير‬
‫علم؟‬
‫"هناك مذاهب ابيتدعت فى الدين للضلل والضلل بسبب السياسة‪ ً،‬وفسر مبتدعوها اليات فى التأويل‬
‫ليردوها إلى مذاهبهم المبتدعة وجاء أتباعهم فقلدوهم‪.‬‬
‫"أما المبتدعون فأمرهم واضح ‪ ..‬اشتروا الضللة باليهدى‪.‬‬
‫ل بقوله سبحانه‪} :‬مفرإن متمنامزهعيتهم رفي مشهيهَء‬ ‫"وأما التباع فكان عليهم أن ينظروا فى اليات ويتدبروها عم ل‬
‫ل{ُ‪ ً،‬فهم أيضا اشتروا‬ ‫مفيرسدويه إرملى ٱلرلره موٱلرريسورل رإن يكهنيتهم يتهؤرمينومن ربٱِلرلره موٱهلميهوم ٱلرخرر ـذرلمك مخهيفر موأمهحمسين متهأروي ل‬
‫ر‬
‫الضللة باليهدى ولهم بعضِ العذر"‪.‬‬
‫ل عند تفسيره لقوله تعالى فى الية ]‪ [6‬من سورة الحجرات‪} :‬ـيمأسيمها ٱرلرذيمن آممينيوها رإن مجآمءيكهم مفارسفقا‬ ‫ومث ل‬
‫ربمنمبهَإ{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬نجده يقول‪ .." :‬وللتثبت فى الخبار فضيلة ليست كثيرة عند الناس‪ ً،‬وأكثر الناس يقعون‬
‫فى تصديقا الخبار من حيث ل يشعرون‪ ً،‬ولبعضِ مهرة الكاذبين حيل تخفى على أشد الناس تثبتا من‬
‫الخبار‪.‬‬
‫"وكثيرا ما يقع عدم التثبت من العظماء الذين يملكون النفع والضرر يجيئهم ذلك من ناحية استبعاد أن‬
‫يكذب بطانتهم عليهم وهو مدخل للخطر عظيم‪.‬‬
‫لمور؟ وبيدهم الضر والنفع‪ .‬أما‬ ‫"والذين هم فى أشد الحاجة إلى العمل بهذه الية هم الذين بيدهم مقاليد ا ي‬
‫الذين ل يملكون ضرا ول نفعا فحاجتهم إليها أقل من حاجة هؤلء‪.‬‬
‫"والية ‪ -‬على العموم ‪ -‬أدب عظيم ل بد منه لتكميل النفس‪ ً،‬وإعدادها لتعرف الحقا واليبهعد عن مواطن‬
‫الباطل"‪.‬‬
‫**‬
‫* توفيقه بين القرآن والعلم الحديث‪:‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإن الستاذ المراغى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان مع اعتقاده أن القرآن قد أتى بيأصول عامة‪ ً،‬لكل ما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يهم النسان معرفته والعلم به‪ ً،‬يكره أن يسلك المفيسر للقرآن مسلك ممن يجر الية القرآنية إلى العلوم‪ ً،‬أو‬
‫العلوم إلى الية‪ ً،‬كى ييفيسرها تفسيرا علميا يتفقا مع نظريات العلم الحديث‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬كره الشيخْ هذا المسلك فى التفسير‪ ً،‬وجهر بخطأ أصحابه المولعين به‪ ً،‬وكرر هذا فى مواضع‬
‫كثيرة‪ ً،‬فكان مما قاله فى بعضِ المواضع من دروسه فى التفسير‪" :‬يورجد الخلف بين المسلمين فى‬
‫العقائد والحكام الفقهية‪ .‬ويورجد عندهم مرضِ آخر هو الغرور بالفلسفة وتأويل القرآن لييرجع إليهم‪ً،‬‬
‫وتأويله لبعضِ النظريات العلمية التى لم يقر قرارها‪ ً،‬وذلك خطر عظيم على الكتاب‪ ً،‬فإن للفلسفة‬
‫أوهاما ل تزيد على هذيان المصاب بالحمى‪ ً،‬والنظريات التى لم تستقر ل يصح أن يمرد إليها كتاب ال"‪.‬‬
‫ولكن الستاذ المراغى مع هذا كله كان يرى أن يكون مفيسر كتاب ال على شئ من العلم ببعضِ‬
‫ل على قدرة ال‪ ً،‬ويستلهم منها مكان العبرة والعظة‪.‬‬ ‫نظريات العلم الحديث‪ ً،‬ليستطيع أن يأخذ منها دلي ل‬
‫كان الشيخْ يرى هذا‪ ً،‬ويعتقد أنه هو المسلك لفهم القرآن الكريم‪ ً،‬فجهر به فى أحد دروسه فى التفسير‬
‫فقال‪" :‬ليس من غرضِ مفيسر كتاب ال أن يشرح عاملم السموات‪ ً،‬ومادته وأبعاده‪ ً،‬وأقداره‪ ً،‬وأوزانه‪ً،‬‬
‫لكنه يجب أن يلم بطرف يسير منه‪ ً،‬ليدل به على القدرة اللهية ويشير إليه للعظة والعتبار"‪.‬‬
‫ثم وجدنا الستاذ المراغى بعد هذا يشرح قوله تعالى فى الية ]‪ [10‬من سورة لقمان‪} :‬مخلممقا ٱلرسمماموارت‬
‫ضِ مرموارسمي مأن مترميمد ربيكهم مومبرث رفيمها رمن يكيل مدآربهَة مومأنمزهلمنا رممن ٱلرسممآرء ممآلء‬ ‫ربمغهيرر معممهَد متمرهومنمها موأمهلمقـى رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫مفمأهنمبهتمنا رفيمها رمن يكيل مزهوهَج مكرريهَم{ُ شرحا يقوم على هذا المبدأ الذى ارتضاه فقال‪} :‬مخلممقا ٱلرسمماموارت ربمغهيرر‬
‫معممهَد متمرهومنمها{ُ السموات مجموع ما نراه فى الفضاء فوقنا من سسيارات‪ ً،‬ونجوم وسدائم وهى مرتبة‬
‫بعضها فوقا بعضِ تطوف دائرة فى الفضاء‪ ً،‬كل شىء منها فى مكانه المقسدر له بالناموس اللهى ونظام‬
‫الجاذبية‪ ً،‬ول يمكن أن يكون لها معممد‪ ً،‬وال هو ممسكها ومجريها إلى الجل المقردر لها ‪ ..‬فإذا قيل‪ :‬إن‬
‫نظام الجاذبية وهو الناموس اللهى قائم مقام المعممد وييطلقا عليه اسم المعممد جاز أن نقول‪ :‬إن لها معممدا‬
‫غير منظورة‪ ً،‬وإذا لحظنا أنه ل يوجد شىء مادى تعتمد عليه‪ ً،‬وجب أن نقول‪ :‬إنه ل معممد لها‪ ً،‬وأقدار‬
‫الجرام السماوية وأوزانها أقدار وأوزان ل عهد لهل الرضِ بها‪ ً،‬والرضِ نفسها إذا قيست بهذه‬
‫الجرام ليست إل هباءة دقيقة فى الفضاء"‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬قرر الكتاب الكريم أن الرضِ كانت جزءا من السموات وانفصلت عنها‪ ً،‬وقرر الكتاب الكريم‬
‫أن ال }ٱهسمتموـى إرملى ٱلرسممآرء مورهمي يدمخافن{ُ‪ ً،‬وهذا الذى قرره الكتاب الكريم هو الذى دل عليه العملم وقد قال‬
‫العلماء‪ :‬إن حادثا كونيا جذب قطعة من الشمس وفصلها عنها‪ ً،‬وإن هذه القطعة بعد أن مرت عليها‬
‫أطوارا تكسرت وصارت قطعا‪ ً،‬كل قطعة منها صارت سريارا من السريارات‪ ً،‬وهذه السريارات فهى بنت‬
‫الشمس‪ ً،‬والشمس هى المركز لكل هذه السريارات ‪ ..‬فليست الرضِ هى مركز العاملم كما ظنه‬
‫القدمون‪ ً،‬بل الشمس هى مركز هذه المجموعة‪ ً،‬والشمس وتوابعها قوى صغيرة فى العاملم السماوى‪ً،‬‬
‫وأين هى من الرشهعمرى اليمانية التى قال ال سبحانه فيها‪} :‬موأمرنيه يهمو مرسب ٱليشهعمرـى{ُ‪ ً،‬فهذا النجم قدرته على‬
‫إشعاع الضوء تساوى قوة الشمس )‪ (26‬مرة‪ ً،‬وقدرته على إشعاع الحرارة مثل قدرته على إشعاع‬
‫الضوء‪ ً،‬فلو يفرضِ أن اليشهعمرى اليمانية حرلت محل الشمس يوما من اليام‪ ً،‬لنتهت الحياة فجأة‪ ً،‬بغليان‬
‫النهار‪ ً،‬والمحيطات والقارات الجليدية التى حول القطبين‪ ً،‬وضوء اليشهعمرى اليمانية يصل إلينا بعد ثمان‬
‫سنوات‪ ً،‬وضوء الشمس يصل إلينا بعد ثمان دقائقا‪ ً،‬فانظر إلى هذا اليبهعد السحيقا‪.‬‬
‫"وليست اليشهعمرى اليمانية أكبر نجم فى السماء‪ ً،‬فهناك بعضِ النجوم قدرتها تزيد على قدرة اليشهعمرى أكثر‬
‫من عشرة آلف مرة‪.‬‬
‫"وعظمة السماء ليست فى الشمس وتوابعها‪ ً،‬كل ‪ ...‬إن عظمتها فى مدنها النجومية‪ ً،‬فى أقدارها‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وأوزانها‪ ً،‬وأضوائها‪ ً،‬وأبعادها‪ ً،‬على اختلف أنواعها‪.‬‬
‫"وهناك نجم يسمى "الميرة" أكبر من شمسنا بما يزيد عن ثلثين مليونا من المرات‪ ً،‬وهناك السدائم‪ً،‬‬
‫وهى قريبة من الخلقا أول المر‪ ً،‬ثم يقف علم النسان‪ ً،‬وال تعالى وحده يعلم خلقه‪} :‬رمآ أمهشمهدستيههم مخهلمقا‬
‫ل مخهلمقا أمهنيفرسرههم {ُ‪.‬‬
‫ضِ مو م‬ ‫ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫لهر ر‬
‫ضِ مرموارسمي مأن مترميمد ربيكهم{ُ‪ :‬أى خلقا الجبال فى الرضِ لئل تميد الرضِ وتضطرب‪ً،‬‬ ‫لهر ر‬ ‫}موأمهلمقـى رفي ٱ م‬
‫ولبيان هذا يمكن أن نقول باختصار‪ :‬إن الرضِ بعد انفصالها عن الشمس‪ ً،‬وعكوفها على الدوران‬
‫حولها على يبهعهَد منها‪ ً،‬وصلت بعضِ موادها إلى حالة السيولة بعد أن كانت مواد ملتهبة كالشمس‪ً،‬‬
‫وتك رونت عليها قشرة صلبة بعد تتابع انخفاضِ الحرارة أحاطت بما فى جوفها من المواد المنصهرة‪ ً،‬ثم‬
‫تتابعت البرودة على القشرة فتجعدت‪ ً،‬وحدث من التجعد نتوءات وأغوار‪ ً،‬فالجبال الولى نتوء القشرة‬
‫الصلبة التى غرلفت الرضِ‪ ً،‬وهناك جبال جردت عن اشتداد الضغط فى الرواسب التى فى قاع البحر‪ً،‬‬
‫وجبال نارية جردت من خروج الحمم النارية من وسط الرضِ وتداخلها فى الطبقات‪ .‬حتى صارت‬
‫كأوتاد مغروزة فيها‪.‬‬
‫"والجبال كلها تتحمل الضغوط الرسوبية على جدرانها‪ ً،‬وتوزعها‪ ً،‬وتغير اتجاهها‪ ً،‬وتكسر حدتها‪ً،‬‬
‫وتساعد بذلك على بقاء الطبقة المفككة الصالحة للنبات‪ ً،‬والتى يتغذى بواسطتها الحيوان والنسان‪ً،‬‬
‫وتحفظها من أن تمور‪" .‬فالجبال أولل حبست النار فى جوف الرضِ‪ ً،‬وصريرت الرضِ بعد ذلك صالحة‬
‫للحياة‪ ً،‬والجبال توزع ضغوط الطبقات‪ ً،‬ثم بعد ذلك تكسر حدة العواصف والرياح‪ ً،‬فهى حافظة للرضِ‬
‫من الميدان الذى يجىء بأسباب من داخل الرضِ‪ ً،‬والذى يجىء بسبب العواصف والرياح"‪ ...‬وهكذا‬
‫مشى الشيخْ إلى آخر الية‪.‬‬
‫**‬
‫* حرية الرأى فى تفسيره‪:‬‬
‫ثم إن الشيخْ المراغى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان كغيره من رجال هذه المدرسة ل يتقيد بأقوال الئمة‪ ً،‬ول‬
‫يقف عند مذهب مخصوص‪ ً،‬ول يقول برأى معين إل إذا اقتنع به‪ ً،‬وإل فل عليه أن يتركه إلى ما هو‬
‫صواب فى نظره‪.‬‬
‫ل عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [184‬من سورة البقرة‪} :‬مفممن مكامن رمنيكم رمرريضا أمهو معملـى مسمفهَر‬ ‫فمث ل‬
‫مفرعردفة يمهن أمرياهَم أيمخ مر{ُ ‪ ..‬نجده يقول بعد أن يذكر خلف علماء الفقه فى السفر المبيح للفطر‪" :‬وقد روى‬
‫أحمد ومسلم وأبو داود عن أنس‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يقصر الصلة مسيرة ثلثة‬
‫أميال‪ .‬ويروى عن ابن أبى شيبة بإسناد صحيح أنه كان يقصى فى الميل الواحد‪ ً،‬وإذا نظرنا إلى أن‬
‫نص القرآن مطلقا‪ ً،‬وأنكل ما رواه فى التخصيص أخبار أحاد‪ ً،‬وأنهم لم يتفقوا فى التخصيص‪ ً،‬جاز لنا‬
‫أن نقول‪ :‬إن السفر مطلقا مبيح للفطر‪ ً،‬وهذا رأى أبى داود وغيره من الئمة"‪.‬‬
‫لفم‬‫ضِ رمن مشمجمرهَة أمهق م‬ ‫ل عندما تعسرضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [27‬من سورة لقمان‪} :‬مولمهو أمرنمما رفي ٱ م‬
‫لهر ر‬ ‫ومث ل‬
‫موٱهلمبهحير مييمسديه رمن مبهعردره مسهبمعية أمهبيحهَر رما منرفمدهت مكرلممايت ٱلرلره{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬نجده بعد أن يبين أن عدد السبعة فى‬
‫الية مراد به الكثرة يقول‪" :‬وعلى هذا يمكن أن يقال فى أبوبا النار‪ ً،‬أما البواب الثمانية للجنة‪ ً،‬فقد أريد‬
‫بالزيادة فيها على النار أن يدل على أن مسالكها أكثر من مسالك النار‪ ً،‬لراحة أهلها‪ ً،‬وزيادة العناية بهم‪.‬‬
‫"وكذلك يقال فى السموات السبع‪ ً،‬والرضين السبع‪ ً،‬والعرب تذكر السبعة للكثرة‪ ً،‬وتذكر السبعين للكثرة‬
‫كذلك‪ ً،‬ومنه‪} :‬ٱهسمتهغرفهر لميههم أمهو م‬
‫ل متهسمتهغرفهر لميههم رإن متهسمتهغرفهر لميههم مسهبرعيمن ممررلة مفملن ميهغرفمر ٱللريه لميههم{ُ‪ ً،‬ومن المعلوم‬
‫أن ال ل يغفر لهم فى السبعين‪ ً،‬ول فى السبعة اللف‪ ً،‬ونظيره‪} :‬رفي رسهلرسملهَة مذهريعمها مسهبيعومن رذمراعا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مفاهسلييكويه{ُ ييراد فى سلسلة طويلة هائلة‪ ً،‬ول ييراد التقدير بهذا العدد"‪.‬‬
‫والواقع أن هناك فرقا بين ما ورد من نحو قوله‪} :‬ٱهسمتهغرفهر لميههم{ُ‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬وقوله‪} :‬رفي رسهلرسملهَة مذهريعمها‬
‫مسهبيعومن رذمراعا{ُ‪ ً،‬وبين ما ورد فى عدة أبواب الجرنة والنار‪ ً،‬وعدة السموات والرضِ‪ ً،‬فإن الول يذركر فى‬
‫مقام التهويل‪ ً،‬فل ييراد التحديد وإنما ييراد الكثرة‪ ً،‬بخلف الثانى فإنه ليس كذلك‪.‬‬
‫ل نجد الستاذ المراغى فى دروسه الخيرة عندما تعررضِ لقوله تعالى فى الية ]‪ [5‬من سورة‬ ‫ومث ل‬
‫صاربيمح مومجمعهلمنامها يريجوما يللرشميارطيرن{ُ ‪ ...‬الية‪ ً،‬يشرح كون النجوم‬ ‫الملك‪} :‬مولممقهد مزريرنا ٱلرسممآمء ٱلسدهنميا ربمم م‬
‫رجوما للشياطين بما معناه‪" :‬أن ما فى السماء من النجوم دلئل قاطعة على تمام قدرة ال تعالى‪ ً،‬فال‬
‫سبحانه وتعالى زرين السماء الدنيا بهذه الكواكب‪ ً،‬وجعلها على هيئات مخصوصة ونظام يمحكم‪ ً،‬لتكون‬
‫يحججا دامغة‪ ً،‬وأدلة قوية على ممن يجحدون قدرة ال وينكرون وجوده"‪ .‬سمعناه يقول ما هذا معناه‪ ً،‬ثم‬
‫يستدل على ما ذهب إليه بأنهم يقولون‪" :‬ألقمته حجرا" يعنى أقمت عليه اليحرجة فلم يحر جوابا‪ ً،‬ثم‬
‫يستشعر الشيخْ بعد ذلك أن فى القرآن آيات كثيرة تصادم هذا الفهم‪ ً،‬كقوله تعالى فى اليات ]‪[10 - 6‬‬
‫ل ميرسرميعومن‬ ‫من سورة الصافات‪} :‬إررنا مزريرنا ٱلرسممآمء ٱلسدهنميا ربرزيمنهَة ٱهلمكمواركرب * مورحهفظا يمن يكيل مشهيمطاهَن رماررهَد * ر‬
‫ل ممهن مخرطمف ٱهلمخهطمفمة مفمأهتمبمعيه‬ ‫صفب * إر ر‬ ‫لهعلمـى مويهقمذيفومن رمن يكيل مجارنهَب * يديحورا مولميههم معذافب موا ر‬ ‫إلمـى ٱهلممل ٱ م‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫رشمهافب مثارقفب{ُ‪ ً،‬وكقوله فى اليتين ]‪ [9 - 8‬من سورة الجن‪} :‬موأمرنا ملممهسمنا ٱلرسممآمء مفمومجهدمنامها يمرلمئهت محمرسا‬
‫صدا{ُ‪ ..‬يستشعر الشيخْ‬ ‫مشرديدا مويشيهبا * موأمرنا يكرنا منهقيعيد رمهنمها مممقارعمد رللرسهمرع مفممن ميهسمترمرع ٱلمن ميرجهد لميه رشمهابا رر م‬
‫مصادمة هذه اليات لرأيه فيقول ما معناه‪" :‬وهناك آيات أخرى فى هذا المقام‪ ً،‬تبدوا مخالفة لهذا المعنى‪ً،‬‬
‫ولكن يمكن حملها عليه‪ ً،‬وليس فى الوقت متسع لذلك‪ ً،‬وسنعرضِ لها فى موضع غير هذا"‪.‬‬
‫ولست أدرى كيف كان يستطيع الشيخْ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أن يحمل كل اليات الواردة فى هذا الموضوع‬
‫ل صحيحا‪ ً،‬وهى كما ترى صريحة فى أن الشياطين كانوا يصعدون إلى‬ ‫على المعنى الذى قاله حم ل‬
‫السماء ويسترقون السمع‪ ً،‬ثم يمرنعوا من ذلك عند رسالة محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فممن حاول منهم‬
‫استراقا السمع ‪ -‬كما كانوا يفعلون من قبل ‪ -‬يررمى بشهاب من السماء فحال بينه وبين ما يريد‪.‬‬
‫وخاتمة المطاف فى هذه الدروس التى ألقاها الستاذ الكبر فى التفسير‪ :‬أنه كان منها ‪ -‬كما قيل ‪-‬‬
‫ل قويا فى توجيه المسلمين ونشئهم الطيب‬ ‫أمران عظيمان لهما خطرهما فى الحياة الدينية‪ :‬كانت عام ل‬
‫الطاهر إلى الجانب الدينى‪ ً،‬ولفت أنظارهم إلى ما فى كتاب ال من تشريع حكيم‪ ً،‬وأدب جم كريم‪ً،‬‬
‫وإشاد مقييم مفيد‪ ً،‬فحبمبهت إليهم الدين‪ ً،‬وزرينته فى قلوبهم‪ ً،‬وهرعوا إليه يتعرفون حكمه وأحكامه‪ً،‬‬
‫ويتلمسون بها حياة طيبة ونهضة قوية‪ ً،‬أساسها الدين واليخيلقا الكريم‪.‬‬
‫ضاءة على عقول المشتغلين بتفسير‬ ‫وكانت هذه الدروس أيضا‪ :‬منار هدى وإرشاد‪ ً،‬يلقى أشعته الو ر‬
‫القرآن‪ ً،‬فيضىء لهم الطريقا الذى ينبغى أن يسلكوه فى فهم كتاب ال‪ ً،‬واستخلص آدابه وأحكامه‪ً،‬‬
‫خالصة مما جاورها من إسرائيليات وتأويلت أبعدت أهل الدين عن الدين‪ ً،‬وشغلتهم فى تفسير القرآن‬
‫لما ل مييمت إلى روحه ومعناه‪ ً،‬وكذلك صرورت الدين لغير أهله الذين يتحسسون له عيبا صورة ل تتفقا‬
‫وما له من جلل وجمال‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وإرنا لنرجو للشيخْ المراغى عند ربه ما كان يرجوه هو لنفسه من وراء مجهوده فى التفسير‬
‫وهو‪:‬‬
‫أن يضعه ال سبحانه فى كرفة الحسنات من ميزان أعماله‪ ً،‬وأن يجعله ضيالء ونورا يسعى بين يديه‪} :‬ميهوم‬
‫متمرى ٱهليمهؤرمرنيمن موٱهليمهؤرممنارت ميهسمعـى ينويريهم مبهيمن أمهيرديرههم موربمأهيممارنرهم{ُ‪.‬‬
‫***‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) الخاتمة‪ ..‬كلمة عامة عن التفسير‬
‫وألوانه فى العصر الحديث ( ضمن العنوان ) رجاء واعتذار (‬

‫وبعد ‪ ...‬فهذا ما يرسره ال لى وأعاننى عليه‪ ً،‬وملعيلى أكون وقد طروفيت بالقارئ الكريم فى نواح شرتى من‬
‫مناهج التفسير‪ ً،‬وأخذيت بيده إلى حيث أطلعته على ألوان مختلفة منه‪ ً،‬من مبدأ نزول القرآن إلى عصرنا‬
‫هذا‪ ً،‬وكشفيت له عن طرائقا القوم فى فهمهم لنصوص كتاب ال‪ ً،‬وأريته كيف حاول كل ذى رنهحلة أن‬
‫يقيم رنهحلته على أساس من القرآن‪ .‬وكيف تحايل على فهم آياته‪ ً،‬وتصررف فى تأويل عباراته‪ ً،‬كل ممن‬
‫ل على ما يهدف إليه‪ ً،‬من حقا تبلج‪ ً،‬أو باطل تلجلج ‪ ...‬ملعيلى بعد‬
‫حاول أن يجعل القرآن شاهدا له‪ ً،‬ودلي ل‬
‫هذا كله أكون قد أرضييت يعرشاقا التفسير خاصة‪ ً،‬وأهل العلم عامة‪ ً،‬وحققيت رغبة طالما ترددت فى‬
‫صدروهم‪ ً،‬وقضييت حاجة كثيرا ما تطلعت لها نفوسهم‪ ً،‬واشرأبت إليها أعناقهم‪.‬‬
‫وملعيلى بعد ذلك أن ل أكون قد أسأمت القارئ الكريم‪ ً،‬من طول دعتنى إليه ضرورة البحث‪ ً،‬ودفعتنى‬
‫إليه رغبة الستيفاء والستقصاء‪.‬‬
‫واعتقادى ‪ -‬رغم هذا الطول ‪ -‬أن فى هذا البحث تركيزا كبيرا‪ ً،‬واختصارا كثيرا‪ ً،‬إذ أن كل موضوع‬
‫من موضوعات هذا الكتاب يصلح لن يكون كتابا وحده‪ ً،‬وكتابا موسعا يمسهبا‪.‬‬
‫وأرجو أن يهىء ال لى يرشدا من أمرى‪ ً،‬ومتسعا من وقتى‪ ً،‬لجعل من هذا الكتاب كتبا متعددة‪ ً،‬فيها‬
‫إسهاب أوسع من هذا السهاب‪ ً،‬واستيفاء أشمل من هذا الستيفاء‪.‬‬
‫وحسبى بهذا العمل الذى ييعتبر باكورة عملى فى التأليف أن أكون قردمت إلى المكتبة السلمية بحثا فيه‬
‫جدة وطرافة‪ ً،‬وفيه متعة علمية‪ ً،‬ولرذة روحية‪ ً،‬تستهوى القارئ‪ ً،‬وتستحوذ على مشاعره وحسه‪.‬‬
‫حسبى هذا‪ ً،‬وحسبى أن أكون قد أرضييت رغبتى العلمية‪ ً،‬التى لم آل فى إرضائها جهدا‪ ً،‬ولم أدخر فى‬
‫ضمى الناس بعد ذلك‪ ً،‬فذلك من فضل ال‪ ً،‬وإن كانت الخرى‪ ً،‬فذلك هو مجههيد‬ ‫إشباعها وسعا‪ ً،‬فإن مر ر‬
‫ل صريحا‪.‬‬ ‫اليمرقل‪ ً،‬وطاقة الناشىء‪ ً،‬الذى ل يزال يرقب من وراء الغيب أم ل‬
‫ل فسيحا‪ ً،‬وكما ل‬
‫هذا‪ ..‬ول يفوتنى أن أعتذر إلى القارئ الكريم عما قد يكون فى هذا الكتاب من أخطاء هينة ل تخفى‬
‫على قطانته‪ ً،‬ول تدقا عن إدراكه‪ ً،‬فإهن مرر بها فرجائى إليه أن يتلمس لها عذرا‪ ً،‬وأن يصححها‬
‫مشكورا‪ ً،‬وتلك شيمة الكرام أهل اليخيلقا الطاهر والدب الحميد‪ ً،‬وأن ل يكون ممن قال فيهم الشاعر‪:‬‬
‫*فإن رأوا زرلة طاروا بها فرحا * عنى وما وجدوا من صالح دفنوا*‬
‫وال سبحانه وتعالى أسأل أن يجعل عملى هذا خالصا لوجهه‪ ً،‬وأن ينفع به يأناسا أخلصوا قلوبهم ل‪ً،‬‬
‫وأن ينفعنى به فى دنياى وآخرتى‪ ً،‬وأن يحققا لى به ما تصبو إليه نفسى‪ ً،‬وتسمو إليه همتى ‪ ...‬والحمد‬
‫ل الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لول أن هدانا ال‪ ً،‬وصرلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫وممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) تمهيد (‬

‫الحمد ل الذى أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا‪.‬‬


‫والصلة والسلم على محمد بن عبد ال‪ ً،‬الذى أرسله ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا‪ ً،‬وداعيا إلى ال بإذنه‬
‫وسراجا منيرا‪.‬‬
‫وبعد‪...‬‬
‫فعقب استشهاد المرحوم الدكتور محمد حسين الذهبى فى يوليو من عام ‪ ً،1977‬عثرت أسرته بين‬
‫أوراقه على كراستين كتبهما فضيلته بخطه‪ ً،‬عبارة عن ينيقول أعسدها فى الفترة من )‪(1963 - 1960‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أثناء عمله أستاذا بكلية الشريعة ببغداد‪.‬‬
‫ويبدو أنه ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كان يمهد بهذه الينيقول للتعليقا عليها لتكون إضافة جديدة إلى بحثه الشامل عن‬
‫"التفسير والمفسرون" عند الشيعة الثنى عشرية والسماعيلية ‪ -‬ولكن قضاء ال سبقا فلم يتيسر له ذلك‪ً،‬‬
‫وبقيت النقول على حالتها كما كتبها دون إضافة أو تعليقا‪.‬‬
‫ولما كانت هذه الينيقول مما ينطبقا عليه وصف فضيلته من أنها "تحتوى على اتجاهات منحرفة فى‬
‫التأويل‪ ً،‬فالكثير منها مملوء بخرافات وأباطيل ل يقرها عل ول شرع‪ ً،‬وكم فيها من لفظ قرآنى يحيرف‬
‫عن مدلوله الحقيقى‪ ً،‬إلى مدلولت ل وجود لها إلى فى عقول أصحابها"‪.‬‬
‫لهذا رأينا نشر هذه الينيقول كما كتبها فضيلته‪ ً،‬لما لها من قيمة كبيرة فى موضوع التفسير والمفسرين‪ً،‬‬
‫وذلك بعد نقل صورة قلمية للشيعة ‪ -‬كما خطتها يراعة ابن حزم الظاهرى )المتوفى عام ‪ 456‬هـ(‪ً،‬‬
‫والشهرستانى )المتوفى عام ‪548‬هـ( ‪ -‬لتكون كمقدمة تاريخية تضع أمام القارئ صورة واضحة‬
‫المعالم للشيعة منذ قيامها حتى عصرنا الحالى‪ ً،‬مرورا بالرفمرقا التى نشأت عنها ‪ -‬مع التعليقا على‬
‫مواضع منها حيث يجب التعليقا‪.‬‬
‫يلى ذلك نبذة عن الشيعة وموقفها من تفسير القرآن الكريم ‪ -‬خاصة المامية الثنا عشرية والسماعيلية‬
‫‪ -‬مما كتبه الدكتور محمد حسين الذهبى فى الجزء الثانى من "التفسير والمفسرون" كتمهيد بين يدى‬
‫البحث‪.‬‬
‫وحين نشأت الحاجة إلى التعليقا على بعضِ هذه النقول‪ ً،‬رأينا أن يكون التعليقا من نفس كلم فضيلته ‪-‬‬
‫ما أمكن ‪ -‬ليكون البحث كله مستلهما من فكره‪ ً،‬ما دمنا ل نملك الضافة إليه من عند أنفسنا‪ ً،‬ولهذا‬
‫استعنا بنفس الجزء من "التفسير والمفسرون"‪.‬‬
‫وقد خسرجنا اليات القرآنية التى وردت فى هذه النقول بعد ضبطها وتصحيح الخطاء التى وردت فى‬
‫الكثير منها‪.‬‬
‫**‬
‫أما بالنسبة للينيقول ‪ -‬موضوع البحث ‪ -‬فقد كتبها فضيلته باللم الرصاص فى كراستين‪.‬‬
‫الولى منهما تتكون من ‪ 29‬صفحة ‪ -‬وبالصفحة ‪ 20‬سطرا‪ ً،‬ومرقمة من ‪ 1‬إلى ‪ - 29‬وبأعلى‬
‫الصحفة الولى عبارة "سنة ‪ .. "1960‬ثم‪:‬‬
‫"كتاب‪" :‬أساس التأويل"‪ ً،‬طبع منشورات دار الثقافة ببيروت‪ ً،‬تأليف الداعى السماعيلى النعمان بن‬
‫حيون التميمى دار الثقافة ببيروت‪ ً،‬تأليف الداعى السماعيلى النعمان بن حيون التميمى المغربى قاضى‬
‫قضاة الدولة الفاطمية المتوفى سننة ‪363‬هـ"‪.‬‬
‫‪ -‬وتنتهى الكتابة فى صفحة ‪ 3‬فى وسط الصفحة بعبارة‪:‬‬
‫"وقال‪ :‬ومهما يكن من أمر ‪."...‬‬
‫ثم عبارة‪" :‬ييرجع إلى كتاب "أساس التأويل"‪ ً،‬وكتاب "الرياضِ" ليكمل البحث"‪ .‬وبقية الصفحة خالية من‬
‫الكتابة‪.‬‬
‫‪ -‬وفى أول صفحة ‪ 4‬كتب فضيلته‪:‬‬
‫"أربعة كتب إسماعيلية منقولة عن النسخة الخطية هـ ‪ .75‬المحفوظة فى مكتبة أمبروسبانة ‪ -‬ميلنر‪ً،‬‬
‫عنى بتصحيحها الدكتور شتروطمان للمجمع العلمى ‪ -‬غوتينغن‪.‬‬
‫"الرسالة الولى‪ :‬مسائل مجموعة من الحقائقا العالمية والدقائقا والسرار السامية‪ ً،‬لمؤلف مجهول‪.‬‬
‫"الرسالة الثانية‪ :‬رسالة اليضاح والتبيين فى كيفية تسلسل ولدتى الجسم والدين‪ ً،‬لعلى بن محمد بن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الوليد‪.‬‬
‫"الرسالة الثالثة‪ :‬رسالة تحفة المرتاد ويغصة الضداد‪ ً،‬لعلسى بن محمد ابن الوليد‪.‬‬
‫"الرسالة الرابعة‪ :‬رسالة السم العظم‪ ً،‬لمؤلف مجهول‪ ً،‬طبعت بتاريخْ شهر ربيع الخر سنة‬
‫‪1281‬هـ"‪.‬‬
‫‪ -‬وفى نهاية صفحة ‪ 15‬كتب فضيلته‪:‬‬
‫"ينيقول من رسالة تحفة المرتاد ويغصة الضداد ‪ ..‬قال‪ :‬ل شىء"‪.‬‬
‫‪ -‬وفى صفحة ‪:16‬‬
‫"ينيقول من كتاب‪" :‬مزاج التسنيم"‪ ً،‬تأليف ضياء الدين إسماعيل ابن هبة ال بن إبراهيم السماعيلى‬
‫السليمانى‪ ً،‬عنى بتصحيحه الدكتور شتروطمان للمجمع العلمى غوتينغن‪ ً،‬عن النسخة الخطية هـ ‪76‬‬
‫المحفوظة فى مكتبة امبروسيانة ‪ -‬ميلنو"‪.‬‬
‫وقد عنى فضيلة الدكتور الشيخْ الذهبى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فى هذه الصفحة بفك رموز الكتابة السرية‬
‫الموجودة بالكتاب ‪ -‬كما نقلها فى ص ‪ 29‬فى نهاية النصوص ‪ ..‬وفى آخر صفحة ‪ 29‬عبارة "بغداد‬
‫‪ "6/5/1962‬ثم المضاء‪.‬‬
‫*‬
‫* أما الكراسة الثانية فهى مكسونة من ‪ 62‬صفحة ‪ -‬وبالصفحة ‪ 20‬سطرا ‪ -‬ومرقمة من )‪ً،(60 - 1‬‬
‫ويوجد تكرار فى الترقيم عند ص ‪ ً،31‬ص ‪ - 50‬وقد كتبها فضيلته أيضا بالقلم الرصاص‪.‬‬
‫‪ -‬وجاء فى الصفحة الولى منها‪:‬‬
‫"ينيقول عن كتاب "الكافى" لبى جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاقا الكلينى الرازى )المتوفى سنة‬
‫‪328/329‬هـ(‪ ً،‬طبع إيران سنة ‪1381‬هـ‪ ً،‬الناشر مكتبة الصدوقا"‪.‬‬
‫‪ -‬وبصفحة ‪ 24‬عبارة "انتهى النقل من "الكافى" ‪ -‬إمضاء ‪ -‬كلية الشريعة ‪ -‬بغداد ‪."24/1/1963‬‬
‫‪ -‬ص ‪" :25‬ترجمة مؤلف "مرآة النوار‪ ً،‬مشكاة السرار" ملخصة من المقدمة التى كتبها محمود بن‬
‫جعفر الموسوى الزرندى لمرآة النوار التى ذريلها بتوقيعه‪ ً،‬وبأنه كتبها فى طهران بتاريخْ ‪ 22‬محسرم‬
‫سنة ‪1375‬هـ‪ ً،‬ومرآة النوار طبع كالمقدمة لتفسير البرهان للبحرانى فى طهران فى سنة ‪1374‬هـ"‪.‬‬
‫‪ -‬ص ‪" :30‬إمضاء ‪ -‬كلية الشريعة ‪ -‬بغداد سنة ‪."1963‬‬
‫‪ -‬ص ‪" - 31‬البرهان فى تفسير القرآن للسيد هاشم بن السيد سليمان ابن سيد إسماعيل بن سيد عبد‬
‫الجواد الحسينى البحرانى التويلى )المتوفى سننة ‪ /1907‬أو ‪1909‬م(‪ ً،‬والكتاب طبع للمرة الولى على‬
‫الحجر فى طهران سنة ‪ 1295‬هـ فى مجلدين يبلغ عدد صفحاتهما ‪ 1148‬صفحة‪ ً،‬وطبع للمرة الثانية‬
‫فى أربع مجلدات يبلغ عدد صفحاتها ‪ 1996‬صفحة‪ ً،‬وذلك فى سنة ‪1375‬هـ"‪.‬‬
‫وتنتهى الينيقول بالصفحة المرقمة )‪ (60‬من الكراسة الثانية‪ ً،‬وبهذا علمنا أن فضيلته قد كتبها فى الفترة‬
‫من عام )‪ ً،(1963 - 1960‬أثناء عمله أستاذا بكلية الشريعة ببغداد‪ ً،‬كما قسدمنا‪.‬‬
‫**‬
‫والمطالع لهذه النقول يلمس لول وهلة اتجاه أصحابها إلى إخضاع النص القرآنى لمذهبهم‪ ً،‬وقسره على‬
‫ل ل ينافى مذهبهم ول يعارضِ عقيدتهم‪.‬‬ ‫موافقة آرائهم وأهوائهم‪ ً،‬وتأويل ما يصادمهم من ذلك تأوي ل‬
‫ولقد استفحل المر إلى حد جعلهم يتسعون فى حماية مذهبهم وأهوائهم والترويج لها فى غير محيطهم‪ً،‬‬
‫بما أخرجوه للناس من تفاسير حرملوا فيها كلم ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬على وفقا أهوائهم‪ ً،‬ومقتضى نزعتهم‬
‫ونحلتهم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"وكان طبيعيا وهم ينتسبون إلى السلم ويعترفون بالقرآن ‪ -‬ولو فى الجملة ‪ -‬نقول‪ :‬ولو فى الجملة‪ً،‬‬
‫لن أكثر المامية الثنى عشرية يقولون‪ :‬بأن القرآن الكريم وقع فيه التحريف بالزيادة والنقصان‪ ً،‬وهو‬
‫قول باطل من أساسه ‪ -‬كان طبيعيا والمر كذلك ‪ -‬أن يبحثوا عن مستند يستندون إليه من القرآن‬
‫الكريم‪ ً،‬ويحرصون كل الحرص على أن يكون القرآن شاهدا لهم ل عليه‪ ً،‬فما وجدوه من اليات‬
‫ل على مذهبهم تمسكوا به‪ ً،‬وما وجدوه مخالفا لمذهبهم‪ً،‬‬ ‫القرآنية يمكن أن يكون ‪ -‬فى نظرهم ‪ -‬دلي ل‬
‫حاولوا بكل ما يستطيعون أن يجعلوه موافقا له‪ ً،‬أو على القل غير معارضِ‪ ً،‬ولو أدى ذلك إلى الخروج‬
‫بالنص القرآنى عن معناه الذى سيقا من أجله"‪.‬‬
‫وهم فى أخذهم بالتقسية ‪ -‬التى هى المداراة والمصانعة‪ ً،‬وهى عندهم مبدأ أساسى وجزء من الدين‪ ً،‬فى‬
‫حين أنها ل تعدو أن تكون مبدأ سياسيا‪ ً،‬وبابا من أبواب النفاقا والخداع تجل عنه رحمة ال سبحانه‬
‫وتعالى ‪ -‬ل يتورعون عن النحراف بالتأويل عن النهج القويم لفهم كتاب ال تعالى‪ ً،‬بما ينبو عن سياقا‬
‫السورة‪ ً،‬خدمة لمذهبهم وتركيزا لعقيدتهم‪ ً،‬ولو خالفوا فى ذلك ما عليه جمهور المفسرين‪ ً،‬أو تعارضوا‬
‫مع أصول اللغة‪.‬‬
‫رحم ال الدكتور محمد حسين الذهبى‪ ً،‬وجزاه عن السلم خيرا‪.‬‬
‫ونسأله تعالى أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم‪ ً،‬وأن يسدد خطانا ويحققا رجاءنا‪ ً،‬إنه سميع‬
‫مجيب‪ ً،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) مقدمة فى تاريخْ الشيعة (‬

‫الشيعة‪ :‬هم الذين شايعوا عليا ‪ -‬كررم ال وجهه ‪ -‬على الخصوص وقالوا بخالفته نصا ووصاية‪ ً،‬إما‬
‫جليا وإما خفيا‪ ً،‬واعتقدوا أن المامة ل تخرج من أولده‪ ً،‬وإن خرجت فبظلم يكون من غيره‪ ً،‬أو بتقسية‬
‫من عنده‪.‬‬
‫ويقولون‪ :‬إرن المامية ليست قضية مصلحية يتناط باختيار العامة وينتصب المام بنصبهم‪ ً،‬بل هى قضية‬
‫أصولية هو ركن الدين‪ ً،‬ول يجوز للرسول عليه السلم إغفاله وإهماله وتفويضه إلى العامة وإرساله‪.‬‬
‫ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص‪ ً،‬وثبوت عصمة الئمة وجوبا عن الكبائر والصغائر‪ً،‬‬
‫ل وفع ل‬
‫ل وعقدا إل فى حالة التقسية‪.‬‬ ‫والقول بالتولى والتبرى قو ل‬
‫ويخالفهم بعضِ الزيدية فى ذلك‪ ً،‬ولهم فى تعدية المامية كلم وخلف كثير‪ ً،‬وعند كل تعدية وتوقف‬
‫مقالة ومذهب وخبط‪.‬‬
‫وهم خمس فرقا‪ :‬كيسانية‪ ً،‬وزيدية‪ ً،‬وإمامية‪ ً،‬وغلة‪ ً،‬وإسماعيلية‪.‬‬
‫وبعضهم يميل فى الصول إلى العتزال‪ ً،‬وبعضهم إلى السسرنة‪ ً،‬وبعضهم إلى التشبيه‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -1‬الكيسانية ( ضمن العنوان‬
‫) المختارية (‬

‫أصحاب المختار بن أبى عبيد‪ ً،‬كان خارجيا ثم صار زبيريا‪ ً،‬ثم صار شيعيا وكيسانيا‪ ً،‬قال بإمامة محمد‬
‫ابن الحنفية بعد أمير المؤمنين علسى رضى ال عنهما‪ ً،‬وقيل‪ :‬ل‪ ً،‬بل بعد الحسن والحسين‪ ً،‬وكان يدعو‬
‫الناس إليه ويظهر أنه من رجاله ودعاته‪ ً،‬ويذكر علوما مزخرفة ينوطها به‪.‬‬
‫ولما وقف محمد ابن الحنفية على ذلك تبرأ منه خاصة‪ ً،‬وأظهر لصحابه عند العامة براءته ليصرف‬
‫الناس عنه ليمشى أمره على إمارة الحسين‪ ً،‬وليجمع أمر زين العابدين على أعداء أهل الدين‪ ً،‬وأنه إنما‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يبث على الخلقا ذلك ليتمشى أمره ويجتمع الناس عليه‪ ً،‬وإنما انتظم له ما انتظم بأمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬انتسابه إلى محمد ابن الحنفية علما ودعوة‪.‬‬
‫ل ونهارا بقتال الظلمة الذين اجتمعوا على قتل‬ ‫والثانى‪ :‬قايمه بثأر الحسين رضى ال عنه‪ ً،‬واشتغاله لي ل‬
‫الحسين‪.‬‬
‫ومن مذهب المختار أنه يجوز البداء على ال تعالى ‪ ..‬والبداء له معان‪ ً،‬فالبداء فى العلم ‪ -‬وهو أن‬
‫ل يعتقد هذا العتقاد‪ ً،‬والبداء فى الرادة ‪ -‬وهو أن يظهر له‬ ‫يظهر له خلف ما علم ‪ -‬ول أظن عاق ل‬
‫صواب على خلف ما أراد وحكم‪ ً،‬والبداء فى المر ‪ -‬وهو أن يأمر بشىء ثم يأمر بعده بخلف ذلك‪.‬‬
‫وممن لم ييجيوز النسخْ ظن أن الوامر المختلفة فى الوقات المختلفة متناسخة‪.‬‬
‫وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبداء‪ ً،‬لنه كان يسدعى علم ما يحدث من الحوال‪ ً،‬إما بوحى‬
‫ييومحى إليه‪ ً،‬وإما برسالة من رقمبل المام‪ .‬فكان إذا وعد أصحابه بكون شىء‪ ً،‬وحدوث حادثة‪ ً،‬إن وافقا‬
‫ل على صدقا دعواه‪ ً،‬وإن لم يوافقا قال‪ :‬قد بدا لربكم!!‬ ‫كونه قوله‪ ً،‬جعله دلي ل‬
‫وكان ل ييف يرقا بين النسخْ والبداء‪ ً،‬قال‪ :‬إذا جاز النسخْ فى الحكام جاز البداء فى الخبار‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن السيد محمد ابن الحنفية تبرأ من المختار حين وصل إليه أنه قد ليبس على الناس أنه من دعاته‬
‫ورجاله‪ ً،‬وتبرأ من الضللت التى ابتدعها المختار من التأويلت الفاسدة‪ ً،‬والمخاريقا المميوهة‪.‬‬
‫فمن مخاريقه‪ :‬أنه كان عنده كرسى قديم قد غرشاه بالديباج ورينه بأنواع الزينة وقال‪" :‬هذا من ذخائر أمير‬
‫المؤمنين علسى عليه السلم‪ ً،‬وهو عندنا بمنزلة التابوت لبنى إسرائيل"‪ ً،‬فكان إذا حارب خصومه يضعه‬
‫فى الصف ويقول‪" :‬قاتلوا ولكم الظفر والنصر‪ ً،‬وهذا الكرسى محله فيكم محل التابوت فى بنى إسرائيل‪ً،‬‬
‫وفيه السكينة والبقية‪ ً،‬والملئكة من فوقكم ينزلون مددا لكم"‪.‬‬
‫وحديث الحمامات البيضِ التى ظهرت فى الهواء ‪ -‬وقد أخبرهم قبل ذلك بأن الملئكة تنزل على‬
‫صورة الحمامات البيضِ ‪ -‬معروف‪ ً،‬والسجاع التى أرلفها أبرد تأليف مشهور‪.‬‬
‫وإنما حمله على النتساب إلى محمد ابن الحنفية حسن اعتقاد الناس فيه وامتلء القلوب بحبه‪ ً،‬والسيد‬
‫كان كثير العلم غزير المعرفة وسقاد الفكر مصيب الخاطر فى العواقب‪ ً،‬وقد أخبره أمير المؤمنين عن‬
‫أحوال الملحم‪ ً،‬وأطلعه على مدارج المعالم‪ ً،‬قد اختار العزلة وآثر الخمول على الشهرة‪ ً،‬وقد قيل إنه‬
‫كان مستودعا علم المامة حتى سرلم المانة إلى أهلها‪ ً،‬وما فارقا الدنيا حتى أقرها فى مستقرها‪ ً،‬وكان‬
‫"السيد الحميرى"‪ ً،‬و "كثير" الشاعر من شيعته‪ ً،‬قال "كثير" فيه‪:‬‬
‫*أل إرن الئمة من قريش * ولة الحقا أربعة سواء*‬
‫*علسى‪ ً،‬والثلثة من بنيه * هم السباط ليس بهم خفاء*‬
‫*فسبط‪ ً،‬سبط إيمان وبر * وسبط غريبته كربلء*‬
‫*وسبط ل يذوقا الموت حتى * يقود الخيل يقدمه اللواء*‬
‫*يغيب‪ ً،‬ول يرى فيهم زمانا * برضوى‪ ً،‬عنده عسل وماء*‬
‫وكان "السيد الحميرى" أيضا يعتقد أنه لم يمت‪ ً،‬وأنه فى جبل رضو بين أسد ونمر يحفظانه‪ ً،‬وعنده‬
‫ل كما يمرلئت جورا‪ ً،‬وهذا هو‬‫ضاختان تجريان بماء وعسل‪ ً،‬ويعود بعد الغيبة فيمل العالم عد ل‬ ‫عينان ن ر‬
‫الول حكم بالغيبة‪ ً،‬والعود بعد الغيبة حكم به الشيعة وجرى ذلك فى بعضِ الجماعة حتى اعتقدوه دينا‬
‫وركنا من أركان التشيع‪.‬‬
‫ثم اختلف الكيسانية بعد انتقال محمد ابن الحنفية فى سوقا المامة‪ ً،‬وصار كل اختلف مذهبا‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -1‬الكيسانية ( ضمن العنوان‬
‫) الهاشمية (‬

‫أتباع أبى هاشم بن محمد ابن الحنفية‪ ً،‬قالوا بانتقال محمد ابن الحنفية إلى رحمة ال ورضوانه‪ ً،‬وانتقال‬
‫المامة منه إلى ابنه هاشم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فإنه أفضى إليه أسرار العلوم‪ ً،‬وأطلعه على مناهج تطبيقا الفاقا على النفس‪ ً،‬وتقدير التنزيل‬
‫على التأويل‪ ً،‬وتصوير الظاهر على الباطن‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬ولكل مثال فى هذا العاملم حقيقة‬ ‫وقالوا‪ :‬إسن لكل ظاهر باطنا‪ ً،‬ولكل شخص روحا‪ ً،‬ولكل تنزيل تأوي ل‬
‫فى ذلك العاملم‪ ً،‬والمنتشر فى الفاقا من الحكم والسرار مجتمع فى الشخص النسانى‪ ً،‬وهو العلم الذى‬
‫استأثر علسى )كررمال وجهه( به ابنه محمد ابن الحنفية‪ ً،‬وهو أفضى ذلك السر إلى ابنه أبى هاشم‪ ً،‬وكل‬
‫ممن اجتمع فيه هذا العلم فهو المام حقا‪.‬‬
‫واختلف بعد أبى هاشم شيعته خمس فرقا‪:‬‬
‫قالت فرقة‪ :‬إ رن أبا هاشم مات منصرفا من الشام بأرضِ الشراة‪ ً،‬وأوصى إلى محمد بن عبد ال بن‬
‫عباس‪ ً،‬وأنجزت فى أولده الوصية حتى صارت الخلفة إلى أبى العباس‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ولهم فى الخلفة حقا لتصال النسب‪ ً،‬وقد توفى رسول ال صلى ال عليه وسلم وعمه العباس‬
‫أولى بالوراثة‪.‬‬
‫وفرقة قالت‪ :‬إن المامة بعد موت أبى هاشم لبن أخيه الحسن بن علسى ابن محمد ابن الحنفية‪.‬‬
‫وفرقة قالت‪ :‬ل‪ ً،‬بل إسن أبا هاشم أوصى إلى أخيه علسى بن محمد‪ ً،‬وعلسى أوصى إلى ابنه الحسن‪ً،‬‬
‫فالمامة عندهم فى بنى الحنفية ل تخرج إلى غيرهم‪.‬‬
‫وفرقة قالت‪ :‬إسن أبا هاشم أوصى إلى عبد ال بن عمرو بن حرب الكندى‪ ً،‬وأن المامة خرجت من بنى‬
‫هاشم إلى عبد ال‪ ً،‬وتحولت روح أبى هاشم إليه‪.‬‬
‫والرجل ما كان يرجع إلى علم وديانة‪ ً،‬فاطلع بعضِ القوم على خيانته وكذبه فأعرضوا عنه‪ ً،‬وقالوا‬
‫بإمامة عبد ال بن معاوية بن عبد ال بن جعفر بن أبى طالب‪ ً،‬وكان من مذهب عبد ال‪ :‬أسن الرواح‬
‫تتناسخْ من شخص إلى شخص‪ ً،‬وأن الثواب والعقاب فى هذه الشخاص‪ ً،‬إما أشخاص بنى آدم‪ ً،‬وإما‬
‫أشخاص الحيوانات!!‬
‫قال‪ :‬وروح ال تناسخت حتى وصلت إليه وحسلت فيه‪ ً،‬واسدعى اللوهية والنبوة معا‪ ً،‬وأنه يعلم الغيب‪ً،‬‬
‫فعبدته شيعته الحمقى‪ ً،‬وكفروا بالقيامة لعتقادهم أن التناسخْ يكون فى الدنيا‪ ً،‬والثواب والعقاب فى هذه‬
‫الشخاص‪.‬‬
‫وتأرول قوله تعالى‪} :‬لمهيمس معملى ٱرلرذيمن آممينوها مومعرميلوها ٱل ر‬
‫صارلمحارت يجمنافح رفيمما مطرعيميوها{ُ ‪ ....‬الية‪ ً،‬على أرن من‬
‫وصل إلى المام وعرفه‪ ً،‬ارتفع عنه الحرج فى جميع ما ييطعم ووصل إلى الكمال والبلغا‪.‬‬
‫وعنه نشأت الخرمية والمزدكية بالعراقا ‪ ...‬ومات عبد ال بخراسان وافترقت أصحابه‪ ً،‬فمنهم ممن قال‪:‬‬
‫إنه بعد حى لم يمت ويرجع‪ ً،‬ومنهم ممن قال‪ :‬بل مات وتحرولت روحه إلى إسحاقا بن زيد بن الحارث‬
‫المحرمات‪ ً،‬ويعيشون عيش من ل تكليف عليه‪.‬‬ ‫ر‬ ‫النصارى‪ ً،‬وهم الحارثية الذين يبيحون‬
‫وبين أصحاب عبد ال بن معاوية‪ ً،‬وبين أصحاب محمد بن علسى خلف شديد فى المامة‪ ً،‬فإسن كل واحد‬
‫منهما ييدعى الوصية من أبى هاشم إليه‪ ً،‬ولم يثبت الوصية على قاعدة تعتمد‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -1‬الكيسانية ( ضمن العنوان‬
‫) البيانية (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أتباع بيان بن سمعان النهدى‪ ً،‬قالوا بانتقال المامة من أبى هاشم إليه‪ ً،‬وهم من الغلة القائلين بألوهية‬
‫على جزء إلهى واتحد بجسده‪ ً،‬فبه كان يعلم الغيب إذا‬ ‫أمير المؤمنين علسى )كررم ال وجهه( قال‪ :‬محرل فى ر‬
‫أخبر عن الملحم وصح الخبر‪ ً،‬وبه كان يحارب الكفار وله الينصرة والظفر‪ ً،‬وبه قلع باب خيبر‪.‬‬
‫وعن هذا قال‪" :‬وال ما خلعيت باب خيبر بقوة جسدانية ول بحركة غذائية‪ ً،‬ولكن قلعته بقوة ملكوتية‬
‫لملهى كالنور فى‬ ‫بنور ربها مضيئة"‪ .‬فالقوة الملكوتية فى نفسه كالمصباح فى المشكاة‪ ً،‬والنور ا ر‬
‫المصباح‪ .‬قال‪ :‬وربما يظهر علسى فى بعضِ الزمان‪.‬‬
‫ل مأن ميهأرتمييهيم ٱللريه رفي يظلمهَل يممن ٱهلمغممارم{ُ‪ :‬أراد به عليا فهو الذى‬
‫وقال فى تفسير قوله تعالى‪} :‬مههل مينيظيرومن إر ر‬
‫يأتى فى ظلل‪ ً،‬والرعد صوته‪ ً،‬والبرقا تبسمه!!‬
‫ثم اسدعى "بيان" أنه قد انتقل إليه الجزء اللهى بنوع من التناسخْ‪ ً،‬ولذلك استحقا أن يكون إماما وخليفة‪ً،‬‬
‫وذلك الجزء هو الذى استحقا به آدم سجود الملئكة‪.‬‬
‫وزعم أ سن معبوده على صورة إنسان‪ ً،‬عضوا فعضوا‪ ً،‬وجزءا فجزءا‪ ً،‬وقال‪ :‬بهلك كله إل وجهه لقوله‬
‫تعالى‪} :‬يكسل مشهيهَء مهارلفك إر ر‬
‫ل موهجمهيه{ُ!!‬
‫ومع هذا الخزى الفاحش‪ ً،‬كتب إلى محمد بن علسى بن الحسين الباقر ودعاه إلى نفسه‪ ً،‬وفى كتابه‪" :‬أسلم‬
‫تسلم وترتقى من سلم‪ ً،‬فإنك ل تدرى حيث يجعل ال النبوة"‪ ً،‬فأمر الباقر أن يأكل رسوله "عمر بن أبى‬
‫عفيف" ‪ -‬قرطاسه الذى جاء به‪ ً،‬فأكله فمات فى الحال ‪ ..‬وقد اجتمعت طائفة على بيان ابن سمعان‬
‫ودانوا بمذهبه‪ ً،‬فقتله خالد بن عبد ال القسرى على ذلك‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -1‬الكيسانية ( ضمن العنوان‬
‫) الرزامية (‬

‫أتباع رزام‪ ً،‬ساقوا المامة من علسى إلى ابنه محمد ثم إلى ابنه أبى هاشم ثم منه إلى علسى بن عبد ال بن‬
‫عباس بالوصية‪ ً،‬وهؤلء ظهروا بخراسان فى أيام أبى مسلم‪ ً،‬حتى قيل إرن أبا مسلم كان على هذا‬
‫المذهب لنهم ساقوا المامة إلى أبى مسلم فقالوا‪ :‬له حظ فى المامة‪ ً،‬واسدعوا حلول روح الله فيه‪ً،‬‬
‫ولهذا أريده على بنى أمية حتى قتلهم عن بكرة أبيهم‪.‬‬
‫وقالوا بتناسخْ الرواح‪ ً،‬وللمقينع الذى اسدعى اللهية لنفسه مخاريقا أخرجها‪ ً،‬كان فى الول على هذا‬
‫المذهب وتابعه ميضة ما وراء النهر‪ ً،‬وهؤلء صنعة من الخرمية دانوا بترك الفرائضِ‪ ً،‬وقالوا‪ :‬الدين‬
‫معرفة المام فقط‪.‬‬
‫ومنهم ممن قال‪ :‬الدين أمران‪ :‬معرفة المام‪ ً،‬وأداء المانة‪ ً،‬وممن حصل له المران فقد وصل إلى حال‬
‫الكمال وارتفع عنه التكليف!!‬
‫ومن هؤلء ممن ساقا المامة إلى محمد بن عبد ال بن عباس‪ ً،‬من أبى هاشم ابن محمد ابن الحنفية‬
‫وصية إليه ل من طريقا آخر‪.‬‬
‫وكان أبو مسلم ‪ -‬صاحب الدولة ‪ -‬على مذهب الكيسانية فى الول واقتبس من دعاتهم العلوم التى‬
‫اتخصوا بها‪ ً،‬وأحس منهم أن العلوم مستودعة فيهم‪ ً،‬وكان يطلب المستقر فيه فأنفذ إلى الصادقا جعفر‬
‫بن محمد‪" :‬إنى قد أظهريت الكلمة ودعوة الناس عن موالة بنى أمية إلى موالة أهل البيت‪ ً،‬فإن رغبست‬
‫فل مزيد عليك"‪ ً،‬فكتب إليه الصادقا‪" :‬ما أنت من رجالى‪ ً،‬ول الزمان زمانى"‪ .‬فحاد إلى أبى العباس ابن‬
‫محمد وقسلده الخلفة‪ ً،‬وكذلك كتب إليه أبو مسلم فأحرقا كتابه‪.‬‬
‫***‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -2‬الزيدية ( ضمن العنوان‬
‫) الجارودية (‬

‫أصحاب أبى الجارود‪ ً،‬زعموا أسن النبى صلى ال عليه وسلم نص على علسى كررم ال وجهه بالوصف‬
‫صروا حيث لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف‪ ً،‬وإنما‬ ‫دون التسمية‪ ً،‬والمام بعده علسى‪ ً،‬والناس ق ر‬
‫نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك ‪ ..‬وقد خالف أبو الجارود فى هذه المقالة إمامه زيد بن علسى‪ً،‬‬
‫فإنه لم يعتقد بهذا العتقاد‪.‬‬
‫واختلف الجارودية فى التوفيقا والسوقا‪ ً،‬فساقا بعضهم المامة من علسى إلى الحسن ثم الحسين ثم إلى‬
‫علسى بن الحسين زين العابدين ثم إلى زيد بن علسى ثم منه إلى المام محمد بن عبد ال بن الحسن بن‬
‫الحسين وقالوا بإمامته‪.‬‬
‫وكان أبو حنيفة رحمه ال على بيعته ومن جملة شيعته حتى رفع المر إلى المنصور فحبسه حبس البد‬
‫حتى مات فى الحبس‪ ً،‬وقيل‪ :‬إنه إنما بايع محمد ابن عبد ال المام فى أيام المنصور‪ ً،‬ولما يقرتل محمد‬
‫بالمدينة بقى المام أبو حنيفة على تلك البيعة يعتقد موالة أهل البيت‪ ً،‬فيررفع حاله إلى المنصور فتم عليه‬
‫ما تم‪.‬‬
‫والذين قالوا بإمامة محمد المام اختلفوا‪ ً،‬فمنهم ممن قال‪ :‬إنه لم ييقتل وهو بعد حى وسيخرج فيمل‬
‫على بن الحسين بن على‬ ‫ل‪ ً،‬ومنهم ممن أقسر بموته وساقا المامة إلى محمد بن القاسم بن ر‬ ‫الرضِ عد ل‬
‫صاحب الطالقان‪ ً،‬وقد أيرسر فى أيام المعتصم ويحمل إليه فحبسه فى داره حتى مات‪.‬‬
‫ومنهم ممن قال بإمامة يحيى بن عمر صاحب الكوفة‪ ً،‬فخرج ود ودعى الناس واجتمع عليه خلقا كثير‪ً،‬‬
‫ويقرتل فى أيام المستعين ويحرمل رأسه إلى محمد بن عبد ال بن ظاهر‪ ً،‬حتى قال فيه بعضِ العلوية‪:‬‬
‫*قتلمت أعسز ممن ركب المطايا * وجئتك أستلينك فى الكلم*‬
‫*وعرز علرى أرن ألقاقا إل * وفيما بيننا حد الحسام*‬
‫وهو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين زيد بن علسى‪.‬‬
‫وأما أبو الجارود‪ ً،‬فكان يسمى "سرحوب"‪ ً،‬سماه بذلك أبو جعفر محمد ابن علسى الباقر رضى ال عنه‪ً،‬‬
‫وسرحوب شيطان أعمى يسكن البحر‪ ً،‬قاله الباقر تفسيرا‪.‬‬
‫ومن أصحاب أبى الجارود‪ :‬فضيل الرسان‪ ً،‬وأبو خالد الواسطى‪ ً،‬وهم مختلفون فى الحكام والسير‪ً،‬‬
‫فزعم بعضهم أسن علم ولد الحسن والحسين رضى ال عنهما كعلم النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فيحصل‬
‫لهم العلم قبل التعلم فطرة وضرورة‪ ً،‬وبعضهم يزعم أسن العلم مشترك فيهم وفى غيرهم‪ ً،‬وجائز أن‬
‫يؤخذعنهم وعن غيرهم من العامة‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -2‬الزيدية ( ضمن العنوان‬
‫) السليمانية (‬

‫أصحاب سليمان بن جرير‪ ً،‬وكان يقول‪ :‬إسن المامة شورى فيما بين الخلقا‪ ً،‬ويصح أن تنعقد بعقد رجلين‬
‫من خيار المسلمين‪ ً،‬وأنها تصح فى المفضول مع وجود الفضل‪ ً،‬وأثبت إمامة أبى بكر وعمر حقا‬
‫لسمة أخطأت فى البيعة لهما مع وجود علسى خطأ ل‬ ‫باختيار المة حقا اجتهاديا‪ ً،‬وربما كان يقول‪ :‬إسن ا ي‬
‫يبلغ درجة الفسقا‪ ً،‬وذلك الخطأ اجتهادى‪ ً،‬غير أنه طعن فى عثمان بالحداث التى أحدثها وكسفره لذلك‪ً،‬‬
‫وكرفر عائشة والزبير وطلحة بإقدامهم على قتال علسى‪ ً،‬ثم إنه طعن فى الرافضة فقال‪ :‬إسن أئمة الرافضة‬
‫قد وضعوا مقالتين لشيعتهم ل يظهر أحد قط عليهم‪ .‬إحداهما‪ :‬القول بالبداء‪ ً،‬فإذا أظهروا قو ل‬
‫ل أنه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫سيكون لهم قوة ومش هوكة وظهور‪ ً،‬ثم ل يكون المر على ما أخبروه قالوا‪ :‬بدا ل تعالى فى ذلك‪ .‬والثانية‪:‬‬
‫التقسية‪ ً،‬وكل ما أرادوا تكلموا به‪ ً،‬فإذا قيل لهم ذلك ليس بحقا وظهر البطلن قالوا‪ :‬إنما قلناه تقسية وفعلناه‬
‫تقسية‪.‬‬
‫وتابعه على القول بجواز إمامة المفضول مع قيام الفضل قوم من المعتزلة‪ ً،‬ومنهم جعفر بن مبشر‪ً،‬‬
‫وجعفر بن حرب‪ ً،‬وكثير النوى ‪ -‬وهو من أصحاب الحديث‪ .‬قالوا‪ :‬المامة من مصالح الدين ليس‬
‫ييحتاج إليها لمعرفة ال تعالى وتوحيده‪ ً،‬فإرن ذلك حاصل بالعقل‪ ً،‬لكنها ييحتاج إليها فإقامة الحدود‬
‫والقضاء بين المتحاكمين ولية اليتامى واليامى وحفظ المبهيضة وإعلء الكلمة ونصب القتال مع أعداء‬
‫الدين‪ ً،‬وحتى يكون للمسلمين جماعة ول يكون المر فوضى بين العامة‪ ً،‬فل ييشترط فيها أن يكون‬
‫المام أفضل المة علما وأقومهم رأيا وحكمة‪ ً،‬إذ الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل‬
‫والفضل‪.‬‬
‫ومالت جماعة من أهل اليسرنة إلى ذلك حتى جروزوا أن يكون المام غير مجتهد ول خبير بمواقع‬
‫الجتهاد‪ ً،‬ولكن يجب أن يكون معه ممن يكون من أهل الجتهاد فيراجعه فى الحكام ويستفتى منه فى‬
‫الحلل والحرام‪ ً،‬ويجب أن يكون فى الجملة ذا رأى متين وبصر فى الحوادث نافذ‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -2‬الزيدية ( ضمن العنوان‬
‫) الصالحية والبثرية (‬

‫أصحاب الحسن بن صالح بن حى‪ ً،‬والبثرية أصحاب كثير النوى البثر‪ ً،‬وهما متفقان فى المذهب‪ً،‬‬
‫وقولهم فى المامة كقول السليمانية‪ ً،‬إل أنهم توقفوا فى أمر عثمان أهو مؤمن أم كافر‪ .‬قالوا‪ :‬إذا سمعنا‬
‫الخبار الواردة فى حقه وكونه من العشرة المبيشرين بالجنة‪ ً،‬قلنا‪ :‬يجب أن ييحكم بصحة إسلمه وإيمانه‬
‫وكونه من أهل الجنة‪ ً،‬وإذا رأينا الحداث التى أحدثها من استهتاره بتربية بنى أمية وبنى مروان‬
‫واستبداده بأمور لم توافقا سيرة الصحابة قلنا‪ :‬يجب أن ييحكم بكفره‪ ً،‬فتحرينا فى أمره وتوقفنا فى حاله‪ً،‬‬
‫ووكلناه إلى أحكم الحاكمين‪.‬‬
‫وأما علسى ‪ ..‬فهو أفضل الناس بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم وأولهم بالمامة‪ ً،‬لكنه سسلم المر‬
‫لهم راضيا وفسوضِ المر إليهم طائعا‪ ً،‬وترك حقه راغبا‪ ً،‬فنحن راضون بما رضى‪ ً،‬مسيلمون لما سسلم‪ً،‬‬
‫ل يحل لنا غير ذلك‪ ً،‬ولو لم يرضِ علسى بذلك لكان أبو بكر هالكا‪.‬‬
‫وهم الذين جروزوا إمامة المفضول وتأخير الفاضل والفضل إذا كان الفضل راضيا بذلك‪ ً،‬وقالوا‪ :‬ممن‬
‫شهر سيفا من أولد الحسن والحسين وكان عارلما زاهدا شجاعا فهو المام‪ ً،‬وشرط بعضهم صباحة‬
‫الوجه‪ ً،‬ولهم خبط عظيم فى إمامين وجد فيهما هذه الشرائط وشهرا سيفيهما‪ ً،‬ينظر إلى الفضل‬
‫والزهد‪ ً،‬وإن تساويا ينظر إلى المتن رأيا والحزم أمرا‪ ً،‬وإن تساويا تقابل‪ ً،‬فينقلب المر عليهم مك ل‬
‫ل‬
‫ويعود الطلب جدعا‪ ً،‬والمام مأموما والمير مأمورا‪ ً،‬ولو كانا فى قطرين انفرد كل واحد منهما بقطره‬
‫ويكون واجب الطاعة فى قومه‪ ً،‬ولو أفتى أحدهما بخلف ما يفتى الخر كان كل واحد منهما مصيبا‪ً،‬‬
‫وإن أفتى باستحلل دم الخر‪.‬‬
‫وأكثرهم فى زماننا مقرلدون ل يرجعون إلى رأى واجتهاد‪ ً،‬أما فى الصول فيرون رأى المعتزلة حذو‬
‫القذة بالقذة‪ ً،‬ويعظمون أئمة العتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت‪.‬‬
‫وأما فى الفروع‪ ً،‬فهم على مذهب أبى حنيفة إل فى مسائل قليلة يوافقون فيها الشافعى رحمه ال‪.‬‬
‫والشيعة رجال الزيدية‪ :‬أبو الجارود زياد المنذر العبدى جعفر بن محمد‪ ً،‬والحسن بن صالح‪ ً،‬ومقاتل بن‬
‫سليمان‪ ً،‬والداعى ناصر الحقا الحسن بن علسى ابن الحسن بن زيد بن عمرو بن الحسن بن علسى‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والداعى الخر صاحب طبرستان‪ :‬الحسين بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن‬
‫بن علسى‪ ً،‬ومحمد بن نصر‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان‬
‫) الباقرية والجعفرية الواقفة (‬

‫أصحاب أبى جعفر محمد بن علسى الباقر وابنه جعفر الصادقا وقالوا بإمامتهما وإمامة والدهما زين‬
‫أن منهم من توقف على واحد منهما وما ساقا المامة إلى أولدهما‪ ً،‬ومنهم ممن ساقا‪ ً،‬وإنما‬ ‫العابدين‪ ً،‬إل ر‬
‫مسيزنا هذه فرقة دون الصناف المتشيعة التى نذكرها لن من الشيعة ممن تورقف على الباقر وقال‬
‫برجعته‪ ً،‬كما توقف القائلون بإمامة أبى عبد ال جعفر بن محمد الصادقا وهو ذو علم غزير فى الدين‬
‫وأدب كامل فى الحكمة وزهد بالغ فى الدنيا وورع تام عن الشهوات‪ ً،‬وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة‬
‫المنتمين إليه‪ ً،‬ويفضِ على الموالين له أسرار العلوم‪ ً،‬ثم دخل العراقا وأقام بها مدة‪ ً،‬ما تعررضِ للمامة‬
‫قط‪ ً،‬ول نازع أحدا فى الخلفة‪ ً،‬وممن غرقا فى بحر المعرفة لم يطمع فى شط‪ ً،‬وممن تعرلى إلى ذروة‬
‫الحقيقة لم يخف من حط‪ ً،‬وقيل‪ :‬ممن آنس بال تومحش عن الناس‪ ً،‬وممن استأنس بغير ال نهبه‬
‫الوسواس ‪ ..‬وهو من جانب الب ينتسب إلى شجرة النبوة‪ ً،‬ومن جانب الم ينتسب إلى أبى بكر رضى‬
‫ال عنه‪ .‬موقد تبرأ عما كان ينسب بعضِ الغلة إليه وتبرأ عنه ولعنهم وبرئ من خصائص مذاهب‬
‫الرافضة وحماقاتهم من القول بالغيبة والرجعة والبداء والتناسخْ والحلول والتشبيه‪ ً،‬لكن الشيعة بعده‬
‫افترقوا وانتحل كل واحد منهم مذهبا وأراد أن ييريوجه على أصحابه ونسبه إليه وربطه به‪ ً،‬والسيد برئ‬
‫من ذلك ومن العتزال والقدر أيضا‪ ً،‬هذا قوله فى الرادة‪" :‬إرن ال تعالى أراد بنا شيئا وأراد منا شيئا‪ً،‬‬
‫فما أراده بنا طواه عناه‪ ً،‬وما أراده منا أظهره لنا‪ ً،‬فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا"‪.‬‬
‫وهذا قوله فى "المقمدر"‪" :‬هو أمر بين أمرين‪ ً،‬ل جبر ول تفويضِ"‪.‬‬
‫وكان يقول فى الدعاء‪" :‬اللهم لك الحمد إن أطعتك‪ ً،‬ولك اليحرجة إن عصيتك‪ ً،‬لن صنع لى ول لغيرى فى‬
‫إحسان‪ ً،‬ول يحرجة لى ول لغيرى فى إساءة"‪.‬‬
‫فنذكر الصناف الذين اختلفوا فيه وبعده‪ ً،‬ل على أنهم من تفاصيل أشياعه‪ ً،‬بل على أنهم منتسبون إلى‬
‫أصل شجرته وفروع أولده‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان‬
‫) الناووسية ‪ -‬الفطحية ‪ -‬الشميطية (‬

‫* الناووسية‪:‬‬
‫أتباع رجل يقال له "ناوس"‪ ً،‬وقيل‪ :‬نسبوا إلى قرية "ناوسا" ‪ ...‬قالت‪ :‬إرن الصادقا حى بعد ولن يموت‬
‫حتى يظهر فيظهر أمره‪ ً،‬وهو القائم المهدى ‪ ..‬ورووا عنه أنه قال‪" :‬لو رأيتم رأسى يدهده عليكم فى‬
‫الجبل فل تصدقوا‪ ً،‬فإنى صاحبكم صاحب السيف"‪.‬‬
‫وحكى أبو حامد الزوزونى أن الناوسية زعمت أن عليا مات وستنشقا الرضِ عنه يوم القيامة فيمل‬
‫العالم عد ل‬
‫ل‪.‬‬
‫* الفطحية‪:‬‬
‫قالوا بانتقال المامة من الصادقا إلى ابنه عبد ال الفطح‪ ً،‬وهو أخو إسماعيل من أبيه وأمه‪ ً،‬وأمهما‬
‫فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن علسى‪ ً،‬وكان أسن أولد الصادقا‪ ً،‬زعموا أنه قال‪ :‬المامة فى أكبر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أولد المام‪ ً،‬وقال‪ :‬المام‪ :‬ممن يجلس مجلسى‪ ً،‬وهو الذى جلس مجلسه‪ ً،‬وقال‪ :‬المام ل ييغسله ول‬
‫ييصلى عليه ول يأخذ خاتمه ول يواريه إل المام‪ ً،‬وهو تولى ذلك كله‪ ً،‬ودفع الصادقا وديعة إلى بعضِ‬
‫أصحابه وأمره أن يدفعها إلى ممن يطلبها منه وأن يتخذه إماما‪ ً،‬وما طلبها منه أحد إل عبد ال‪ ً،‬ومع ذلك‬
‫ما عاش بعد أبيه إل سبعين يوما ومات ولم يعقب ولدا ذكرا‪.‬‬
‫* الشميطية‪:‬‬
‫أتباع يحيى بن أبى شميط‪ ً،‬قالوا‪ :‬إن جعفرا قال‪" :‬إرن صاحبكم اسمه اسم نبيكم"‪ ً،‬وقد قال له والده‪ :‬إن‬
‫يورلد لك ولد فسميته باسمى فهو إمام‪ ً،‬فالمام بعده ابنه محمد‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان‬
‫) الموسوية أو المفضلية (‬

‫فرقة واحدة قالت بإمامة موسى بن جعفر نصا عليه بالسم حيث قال الصادقا‪" :‬سابعكم قائمكم"‪ ً،‬وقيل‪:‬‬
‫"صاحبكم قائمكم"‪ ً،‬أل وهو سمى صاحب التوارة"‪.‬‬
‫ولما رأت الشيعة أن أولد الصادقا على تفرقا‪ ً،‬فمن ميت فى حال أبيه لم يعقب‪ ً،‬ومن مخمتلف فى موته‪ً،‬‬
‫ومن قائم بعد موته مدة يسيرة ميت غير معقب ‪ ...‬وكان موسى هو الذى تولى المر وقام به بعد موت‬
‫أبيه رجعوا إليه واجتمعوا عليه مثل المفضل بن عمر‪ ً،‬وزرارة‪ ً،‬بن أعين‪ ً،‬وعمارة السباطى‪.‬‬
‫وروت الموسوية عن الصادقا )رضى ال عنه( أنه قال لبعضِ أصحابه‪ :‬عد اليام‪ ً،‬فعدها من الحد‬
‫حتى بلغ السبت‪ ً،‬فقال له‪ :‬كم عددمت؟ فقال‪ :‬سبعة‪ ً،‬فقال جعفر‪ :‬سبت السبوت وشمس الدهور ونور‬
‫الشهور‪ ً،‬ممن ل يلهو ول يلعب‪ ً،‬وهو سابعكم قائمكم هذا" ‪ -‬وأشار إلى موسى‪ .‬وقال فيه أيضا‪ :‬إنه شبيه‬
‫بعيسى‪.‬‬
‫ثم إ رن موسى لما خرج وأظهر المامة حمله هارون الرشيد من المدينة فحبسه عند عيسى بن جعفر‪ ً،‬ثم‬
‫أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السندى بن شاهك‪ ً،‬وقيل‪ :‬إسن يحيى بن خالد بن برمك سرمه فى رطب‬
‫فقتله وهو فى الحبس‪ ً،‬ثم أيهخررج ويدرفن فى مقابر قريش ببغداد‪.‬‬
‫واختلف الشيعة بعده‪ ً،‬فمنهم ممن توقف فى موته وقال‪ :‬ل ندرى أمات أم لم يمت ‪ -‬ويقال لهم‬
‫"الممطورة" ‪ -‬سمكاهم بذلك علسى بن إسماعيل فقال‪ :‬ما أنتم إل كلن ممطورة‪ ً،‬ومنهم ممن قطع بموته ‪-‬‬
‫ويقال لهم "القطعية"‪ ً،‬ومنهم ممن توقف عليه وقال‪ :‬إنه لم يمت وسيخرج بعد الغيبة‪ ً،‬ويقال لهم "الوافقية"‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان ) أسماء‬
‫الئمة الثنى عشر عند المامية (‬

‫وأسماء الئمة الثنى عشر عند المامية‪ :‬المرتضى‪ ً،‬والمجتبى‪ ً،‬والشهيد‪ ً،‬والسرجاد‪ ً،‬والباقر‪ ً،‬والصادقا‪ً،‬‬
‫والكاظم‪ ً،‬والرضى‪ ً،‬والتقى‪ ً،‬والنقى‪ ً،‬والزكى‪ ً،‬واليحرجة‪ ً،‬والقائم‪ ً،‬والمنتمظر‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان ) شجرة‬
‫نسب الئمة من ولد علسى بن أبى طالب كررم ال وجهه (‬

‫‪ -1‬علي بن أبي‬
‫طالب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫محمد بن حنفية‬ ‫‪ -3‬الحسين‬ ‫‪ -2‬الحسن‬

‫‪ -4‬علي زين‬
‫الحسن‬
‫العابدين‬
‫علي‬ ‫أبو هاشم عبدال‬
‫عبدال المحضِ‬
‫الحسن‬ ‫زيد‬ ‫‪ -5‬محمد باقر‬

‫علي‬ ‫محمد النفس الزكية‬ ‫إبراهيم‬


‫عيسى‬ ‫يحيى‬
‫الحسن‬ ‫‪ -6‬جعفر الصادقا‬

‫محمد الديباج‬ ‫إسحاقا‬ ‫‪ -7‬موسى كاظم‬ ‫عبدال الفطح‬ ‫إسماعيل‬

‫محمد‬
‫أحمد‬ ‫‪ -8‬علي الرضا‬

‫‪ -9‬محمد الجواد‬

‫موسى‬ ‫‪ -10‬علي الهاديِ‬

‫‪ -11‬الحسن‬
‫جعفر‬ ‫محمد‬
‫العسكريِ‬

‫‪ -12‬محمد المهديِ القائم بالحجة‬

‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان‬


‫) السماعيلية الواقفية (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قالوا‪ :‬إن المام بعد جعفر‪" :‬إسماعيل"‪ ً،‬نصا عليه باتفاقا من أولده‪ ً،‬إل أنهم اختلفوا فى موته فى حال‬
‫حياة أبيه‪ ً،‬فمنهم ممن قال‪ :‬لم يمت إل أنه أظهر موته تقرية من خلفاء بنى العباس وعقد محضرا وأشهد‬
‫عليه عامل المنصور بالمدينة‪ ً،‬ومنهم ممن قال‪ :‬الموت صحيح‪ ً،‬والنص ل يرجع قهقرى‪ ً،‬والفائدة فى‬
‫النص بقاء المامة فى أولد المنصوص عليه دون غيره‪ ً،‬فالمام بعد إسماعيل محمد بن إسماعيل‪ً،‬‬
‫وهؤلء يقال لهم "المباركية"‪.‬‬
‫ثم منهم ممن وقف على محمد بن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته‪ ً،‬ومنهم ممن ساقا المامة فى‬
‫المستورين منهم‪ ً،‬ثم فى الظاهرين القائمين من بعدهم وهم "الباطنية" وسنذكر مذهبهم على النفراد‪ً،‬‬
‫وإنما هذه فرقة الوقف على إسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسماعيل المشهورة فى الفرقا هم الباطنية‬
‫التعليمية الذين لهم مقالة مفردة‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -3‬المامية ( ضمن العنوان ) الثنا‬
‫عشرية أو الجعفرية (‬

‫إ سن الذين قطعوا بموت موسى بن جعفر الكاظم وسموا "قطعية" ساقوا المامة بعده فى أولده‪ ً،‬فقالوا‪:‬‬
‫المام بعد موسى علسى الرضا ومشهده بـ "طوس"‪ ً،‬ثم بعده محمد التقى وهو فى مقابر قريش‪ ً،‬ثم بعده‬
‫عل‬
‫ى‬
‫س‬
‫بن محمد النقى ومشهده بـ "قم"‪ ً،‬وبعده الحسن العسكرى الزكى‪ ً،‬وبعده ابنه القائم المنتظر الذى هو بـ‬
‫"سر ممن رأى"‪ ً،‬وهو اثانى عشر ‪ ..‬هذا هو طريقا الثنى عشرية فى زماننا إل أن الختلفاات التى‬
‫وقت فى حال كل واحد من هؤلء الثنى عشر والمنازعات التى جرت بينهم وبين إخوتهم وبنى‬
‫أعمامهم وجب ذكرها لئل يشذ عنها مذهب لم نذكره ومقالة لم نوردها‪.‬‬
‫على الرضا‪ ً،‬ومن قال بـ‬ ‫فاعلم أن من الشيعة ممهن قال بإمامة أحمد بن موسى بن جعفر دون أخيه ر‬
‫ل فى محمد بن علسى إذ مات أبوه وهو صغير غير مستحقا للمامة ول علم عنده‬ ‫"علسى" شك أو ل‬
‫بمناهجها‪ ً،‬فثبت قوم على إمامته واختلفوا بعد موته‪.‬‬
‫فقال قوم بإمامة موسى بن محمد‪ ً،‬وقال قوم بإمامة علسى بن محمد ويقولون هو "العسكرى"‪.‬‬
‫واختلفوا بعد موته أيضا‪ ً،‬فقال قوم بإمامة الحسن بن علسى‪ ً،‬وكان لهم رئيس يقال ه علسى بن فلن‬
‫الطاحن وكان من أهل الكلم قروى أسباب جعفر بن علسى وأمال الناس إليه‪ ً،‬وأعانه فارس بن حاتم بن‬
‫ماهوية‪ ً،‬وذلك أن محمدا قد قامت وخلف الحسن العسكرى قالوا‪ :‬امتحنا الحسن ولم نجد عنده علما‪ً،‬‬
‫ولقبوا ممن قال بإمامة الحسن‪" :‬الحمارية"‪ ً،‬وقسووا أمر جعفر بعد موت الحسن واجتمعوا بأرن الحسن مات‬
‫بل خلف فبطلت إمامته لنه لم يعقب‪ ً،‬والمام ل يكون إل ويكن له خلف وعقب‪ ً،‬وجاز جعفر ميراث‬
‫الحسن بعد دعوى ادعاها عليه أنه فعل ذلك من حبل فى جواريه وغيره‪ ً،‬وانكشف أمرهم عند السلطان‬
‫والرعية وخواص الناس وعوامهم وتشتت كلمة ممن قال بإمامة الحسن وتفسرقوا أصنافا كثيرة فتثبتت هذه‬
‫الفرقة على إمامة جعفر ورجع إليهم كثير ممن قال بإمامة الحسن‪ ً،‬منهم الحسن بن‬
‫على بن فضال وهو من أجيل أصحابنهم وفقهائهم كثير الفقه والحديث‪.‬‬ ‫ر‬
‫ثم قالوا بعد جعفر بعلسى بن جعفر وفاطمة بنت على أخت جعفر‪.‬‬
‫وقال قوم بإمامة علسى بن جعفر دون فاطمة السيدة‪ ً،‬ثم اختلفوا بعد موت علسى وفاطمة اختلفا كثيرا‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وغل بعضهم فى المامة غلو أبى الخطاب السدى‪ ً،‬وأما الذين قالوا بإمامة الحسن فقد افترقوا بعد موته‬
‫إحدى عشرة فرقة وليست لهم ألقاب مشهورة‪ ً،‬ولكرنا نذكر أقاويلهم‪:‬‬
‫الفرقة الولى‪ :‬قالت إ سن الحسن لم يمت وهو القائم‪ ً،‬ول يجوز أن يموت ول ولد له ظاهرا لن الرضِ‬
‫أن القائم له غيبتان‪ ً،‬وهذه إحدى الغيبتين وسيظهر ويعرف ثم يغيب‬ ‫ل تخلو من إمام‪ ً،‬وقد ثبت عندنا س‬
‫غيبة أخرى‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قالت إسن الحسن مات لكنه يجىء وهو القائم‪ ً،‬لرنا رأينا أرن معنى القائم هو القيام بعد الموت‪ً،‬‬
‫فنقطع بموت الحسن ل نشك فيه‪ ً،‬ول ولد له فيجب أن يجئ بعد الموت‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬قالت إرن الحسن قد مات وأوصى إلى جعفر أخيه ورجعت إمامة جعفر‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬قالت إن الحسن قد مات والمام جعفر وإرنا كنا مخطئين فى الئتمام به إذ لم يكن إماما‪ ً،‬فلما‬
‫ل‪.‬‬‫مات ول عقب له تبسينا أرن جعفرا كان محقا فى دعواه والحسن مبط ل‬
‫الخامسة‪ :‬قالت إرن الحسن قد مات وكنا مخطئين فى القول‪ ً،‬وإرن المام كان محمد بن علسى أخو الحسن‬
‫وجعفر لما ظهر لنا فسقا جعفر وإعلنه به وعلمنا أرن الحسن كان على مثل حاله إل أنه كان يتستر‪ً،‬‬
‫عرفنا أنهما لم يكونا إمامين فرجعنا إلى محمد ووجدنا له عقبا وعرفناه أنه كان هو المام دون أخويه‪.‬‬
‫السادسة‪ :‬قالت‪ :‬إسن للحسن ابنا‪ ً،‬وليس المر على ما ذكروا أنه مات ولم يعقب‪ ً،‬ولد قبل وفاة أبيه‬
‫بسنتين فاستتر خوفا من جعفر وغيره من العداء واسمه محمد وهو المام القائم المنتظر‪.‬‬
‫السابعة‪ :‬قالت‪ :‬إرن له ابنا ولكنه يورلد بعد موته بثمانية أشهر‪ ً،‬وقول ممن اردعى أنه مات وله ابن باطل لسن‬
‫ذلك لم يخف ول يجوز مكابرة العيان‪.‬‬
‫الثامنة‪ :‬قالت‪ :‬صرحت وفاة الحسن وصرح أنه ل ولد له وبطل ما ادعى من الخبل فى سرية له وثبت أنه‬
‫ل إمام بعد الحسن وهو جائز فى المعقول أن يرفع ال اليحرجة عن أهل الرضِ لمعاصيهم وهى فترة‬
‫وزمان ل إمام فيه والرضِ اليوم بل يحرجة كما كانت الفترة قبل مبعث النبى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫التاسعة‪ :‬قالت‪ :‬إرن الحسن قد مات وصرح موته‪ ً،‬وقد اختلف الناس هذا الختلف ول ندرى كيف هو‪ً،‬‬
‫ول نشك أنه قد يورلد له ابن‪ ً،‬ول ندرى قبل موته أو بعد موته‪ ً،‬إل أرنا نعلم يقينا أن ل تخلو عن يحرجة‬
‫وهو الخلف الغائب‪ ً،‬فنحن نتواله ونتمسك باسمه حتى يظهر بصورته‪.‬‬
‫العاشرة‪ :‬قالت‪ :‬نعلم أرن الحسن قد مات ول بد للناس من إمام ول تخلو الرضِ من يحرجة ول ندرى من‬
‫ولده أو من غيره‪.‬‬
‫الحادية عشر‪ ً،‬والثانية عشر‪ :‬فرقة توقفت فى هذه المخابط وقالت‪ :‬ل ندرى على القطع حقيقة الحال‬
‫لكرنا نقطع فى "الرضا" ونقول بإمامته‪ ً،‬وفى كل موضع اختلف الشيعة فيه فنحن من الواقفية فى ذلك إلى‬
‫أن ييظهر ال اليحرجة ويظهر بصورته فل يشك فى إمامته ممن أبصره ول يحتاج إلى معجزة وكرامة‬
‫وبيينة‪ ً،‬بل معجزته اتباع الناس بأسرهم إياه من غيره منازعة ومدافعة‪.‬‬
‫فهذه جملة فرقا الثنا عشرية‪ ً،‬قطعوا على واحد واحد منهم ثم قطعوا على كل بأسرهم‪.‬‬
‫ومن العجب أنهم قالوا‪ :‬الغيبة قد امتدت مائتين ونيفا وخمسين سنة‪ ً،‬وصاحبنا قال‪ :‬إن خرج القائم وقد‬
‫طعن فى الربعين فليس بصاحبكم‪ ً،‬ولسنا ندرى كيف ينقضى مايتان وخمسون سنة فى أربعين سنة‪ً،‬‬
‫وإذا يسئل القوم عن مدة الغيبة كيف يتصور؟ قالوا‪ :‬أليس الخضر وإلياس عليهما السلم يعيشان فى‬
‫الدنيا من آلف السنين ل يحتاجان إلى طعام وشراب؟ فرلمم ل يجوز ذلك فى واحد من أهل البيت؟ قيل‬
‫لهم‪ :‬ومع اختلفكم هذا‪ ً،‬كيف يصح لكم دعوى الغيبة؟ ثم الخضر عليه السلم مكلفا بضمان جماعة‬
‫والمام عندكم ضامن مكيلف بالهداية والعدل‪ ً،‬والجماعة مكيلفون بالقتداء به والستنان بيسرنته‪ ً،‬وممن ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لصول وبالمشبهة فى الصفات‪ً،‬‬ ‫ييرى كيف ييقتدى به؟ فلهذا صارت المامية متمسكين بالعدلية غى ا ي‬
‫متحيرين تائهين‪ ً،‬وبين الخبارية منهم والكلمية سفه وتكفير‪ ً،‬وكذلك بين التفضيلية والوعيدية قتال‬
‫وتضليل ‪ ..‬أعاذنا ال من الحيرة‪.‬‬
‫ومن العجب أرن القائلين بإمامة المنتظر ‪ -‬مع هذا الختلف العظيم ‪ -‬ل يستحيون فيردعون فيه أحكام‬
‫الملهية ويتأورلون قوله تعالى‪} :‬مويقرل ٱهعمميلوها مفمسميمرى ٱللريه معمملميكهم مومريسولييه موٱهليمهؤرمينومن مومسيتمرسدومن إرلمـى معارلرم‬
‫ٱهلمغهيرب موٱلرشمهامدرة{ُ عليه‪ ً،‬قالوا‪ :‬هو المام المنتظر الذى يمرد إليه علم الساعة‪ ً،‬ويردعون فيه أنه ل يغيب‬
‫عنا ويخبرنا بأحوالنا حين ييحاسب الخلقا‪ ً،‬إلى تحكمات باردة وكلها عن العقول ردة‪:‬‬
‫*لقد طفيت تلك المعاهد كلها * وسييريت طرفى بين تلك المعالم*‬
‫*فلم أمر إل واضعا كف حائر * على ذقهَن‪ ً،‬أو قارعا سن نادم*‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان‬
‫) السبئية (‬

‫أصحاب عبد ال بن سبأ الذى قال لعلسى )كررم ال وجهه(‪ :‬أنت أنت الله‪ ً،‬فنفاه إلى المدائن وزعموا أنه‬
‫صى موسى مثل ما قال فى علسى )كررم‬ ‫كان يهوديا فأسلم‪ ً،‬وكان فى اليهودية يقول فى يوشع بن نون و م‬
‫ال وجهه(‪ ً،‬وهو أول ممن أظهر القول بالغرضِ بإمامة علسى‪ ً،‬ومنه انشعبت أصناف الغلة‪ ً،‬وزعموا أن‬
‫عليا حى لم ييقتل‪ ً،‬وفيه الجزء اللهى‪ ً،‬ول يجوز أن ييستولى عليه‪ ً،‬وهو الذى يجئ من السحاب‪ ً،‬والرعد‬
‫صوته‪ ً،‬والبرقا سوطه‪ ً،‬وأنه سينزل بعد ذلك فيمل الرضِ عد ل‬
‫ل كما يمرلئت جورا‪.‬‬
‫وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال علسى )كررم ال وجهه( واجتمعت عليه جماعة وهم أول فرقة‬
‫قالت بالتوقف والغيبة والرجعة‪ ً،‬وقالت بتناسخْ الجزء اللهى فى الئمة بعد علسى‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان‬
‫) الكاملية (‬

‫أصحاب أبى كامل‪ ً،‬أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علسى )كررم ال وجهه( وطعن فى علسى أيضا بتركه‬
‫طلب حقه ومل يعذره فى القعود‪ .‬قال‪ :‬وكان عليه أن يخرج وييظهر الحقا‪ ً،‬على أنه غل فى حقه وكان‬
‫يقول‪ :‬المامة نور يتناسخْ من شخص إلى شخص‪ ً،‬وذلك النور فى شخص يكون نبوة‪ ً،‬وفى شخص‬
‫يكون إمامة‪ ً،‬وربما تتناسخْ المامة فتصير نبوة ‪ ...‬وقال بتناسخْ الرواح وقت الموت‪.‬‬
‫والغلة على أصنافها كلهم متفقون على التناسخْ والحلول‪ ً،‬ولقد كان التناسخْ مقالة لفرقة فى كل أمة‬
‫تلقوها من المجوس والمزدكية والهند البرهمية ومن الفلسفة والصابئة‪ ً،‬ومذهبهم أرن ال تعالى قائم بكل‬
‫مكان‪ ً،‬ناطقا بكل لسان‪ ً،‬ظاهر بشخص من أشخاص المبشر‪ ً،‬وذلك معنى الحلول‪ .‬وقد يكون الحلول‬
‫بجزء وقد يكون بكل‪ ً،‬أما الحلول بالكل فهو كظهور ملك بشخص أو كشيطان بحيوان‪.‬‬
‫ومراتب التناسخْ أربعة‪ :‬النسخْ‪ ً،‬والمسخْ‪ ً،‬والفسخْ‪ ً،‬والرسخْ‪.‬‬
‫وأعلى المراتب مرتبة الملكية أو النبوة‪ ً،‬وأسفل المراتب الشيطانية والجنيية‪ ...‬وهذا أبو كامل كان يقول‬
‫بالتنساخ ظاهرا من غير تفصيل مذهبهم‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان‬
‫) العليائية (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ضل عليا على النبى صلى ال عليه‬ ‫أصحاب العليا بن ذراع الدوسى‪ ً،‬وقال قوم‪ :‬هو السدى‪ ً،‬وكان ييف ي‬
‫وسلم‪ ً،‬وزعم أنه الذى بعث محمدا‪ ً،‬وسماه إملها‪ ً،‬وكان يقول بذم محمد‪ ً،‬وزعم أنه يبعث ليدعو إلى‬
‫على فدعا إلى نفسه‪ً،‬ويسمون هذه الفرقة "الذمية" ومنهم من قال بآلهيتهما جميعا ويقيدمون عليا فى أحكام‬
‫ر‬
‫اللهية ويسمونهم "العينية"‪ ً،‬ومنهم ممن قال بآلهيتهما جميعا ويقدمون محمدا فى اللهية ويسمونهم‬
‫"الميمية"‪ ً،‬ومنهم ممن قال بإلهية خمسة أشخاص أصحاب الكساء‪ :‬محمد وعلسى وفاطمة والحسن‬
‫والحسين‪ ً،‬وقالوا‪ :‬خمستهم شىء واحد والروح حاسلة فيهم بالسوية‪ ً،‬فل فضل لواحد على الخر‪ .‬وكرهوا‬
‫أن يقولوا فاطمة ‪ -‬بالتأنيث ‪ -‬بل قالوا‪ :‬فاطم‪ ً،‬وفى ذلك يقول بعضِ شعرائهم‪:‬‬
‫*تولييت بعد ال فى الدين خمسة * نبيا وسبطيه وشيخا وفاطما*‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان ) المغيرية‬
‫(‬

‫أصحاب المغيرة بن سعيد العجلى‪ ً،‬اسدعى أن المام بعد محمد بن علسى ابن الحسين‪ :‬محمد بن عبد ال‬
‫بن الحسن الخارج بالمدينة‪ .‬وزعم أنه حى لم يمت‪ .‬وكان المغيرة مولى لخالد بن عبد ال القسرى‪ً،‬‬
‫واسدعى المامة لنفسه بعد المام محمد‪ ً،‬وبعد ذلك اسدعى النبوة وغل فى حقا علسى )كررم ال وجهه( غلوا‬
‫ل يعتقده عاقل‪ ً،‬وزاد على ذلك قوله بالتشبيه‪ ً،‬فقال‪ :‬إرن ال تعالى صورة وجسم ذو أعضاء على‬
‫حروف الهجاء‪ ً،‬وصورته صورة رجل من نور على رأسه تاج من نور‪ ً،‬وله قلب ينبع منه الحكمة‪...‬‬
‫وزعم أ رن ال تعالى لما أراد خلقا العالم تكلم بالسم العظم فطار فوقع على رأسه تاجا‪ ً،‬قال‪ :‬وذلك‬
‫لهعملـى * ٱرلرذيِ مخملمقا مفمسروـى{ُ‪ ً،‬ثم اطلع على أعمال العباد وقد كتبها على كفه‪ً،‬‬ ‫قوله‪} :‬مسيبح ٱهسم مريبمك ٱ م‬
‫ر‬
‫فغضب من المعاصى والعذب نيير‪ ً،‬فاطلع فى البحر النيير فأبصر ظله فانتزع عين ظله فخلقا منها‬
‫الشمس والقمر‪ ً،‬وأفنى باقى ظله وقال‪ :‬ل ينبغى أن يكون معى إله غيرى‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم خلقا الخلقا كله من البحرين‪ ً،‬فخلقا المؤمنين من البحر النيير‪ ً،‬والكفار من البحر المظلم‪ ً،‬وخلقا‬
‫ظلل الناس‪.‬‬
‫وأول ما خلقا هو ظل محمد وعلسى قبل ظلل الكل‪ ً،‬ثم عرضِ على السموات والرضِ والجبال أن‬
‫يحملن المانة‪ ً،‬وهى أن يمنعن علسى بن أبى طالب من المامة فأبين ذلك‪ ً،‬ثم عرضِ على الناس فأمر‬
‫عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك‪ ً،‬وضمن أن يعينه على الغدر به على شرط أن يجعل‬
‫لهنمساين إررنيه مكامن مظيلوما‬
‫الخلفة له من بعده‪ ً،‬فقبل منه وأقدما على المنع متظاهرين‪ ً،‬فذلك قوله‪} :‬مومحمملممها ٱ ر‬
‫مجيهو ل‬
‫ل{ُ‪.‬‬
‫وزعم أن يقرتمل المغيرة‪ ً،‬اختلف أصحابه‪ ً،‬فمنهم ممن قال بانتظاره ورجعته‪ ً،‬ومنهم ممن قامل بانتظار إمامة‬
‫محمد‪ ً،‬كما كان يقول هو بانتظاره‪ ً،‬وقد قال المغيرة لصحابه‪ :‬انتظروه‪ ً،‬فإنه يرجع وجبريل وميكائيل‬
‫يبايعانه بين الركن والمقام‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان‬
‫) المنصورية (‬

‫أصحاب أبى منصور العجلى‪ ً،‬وهو الذى عزا نفسه بين أبى جعفر محمد ابن على الباقر فى الول‪ ً،‬فلما‬
‫تبرأ عنه الباقر وطرده زعم أنه هو المام ودعا الناس إلى نفسه‪ ً،‬ولما توفى الباقر قال‪ :‬انتقلت المامة‬
‫إل سى‪ ً،‬وتظاهر بذلك وخرج جماعة منهم بالكوفة فى بنى كندة حتى وقف يوسف بن عمر الثقفى وإلى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫العراقا فى أيام هشام بن عبد الملك على قصته وخبث دعوته‪ ً،‬فأخذه وصلبه‪.‬‬
‫زعم العجلى أن عليا )ك ررم ال وجهه( هو الكسف الساقط من السماء‪ ً،‬وربما قال‪ :‬الكسف الساقط من‬
‫السماء هو ال عرز ومجهل!!‬
‫وزعم حين اسدعى المامة لنفسه أنه يعررج به إلى السماء ورأى معبوده فمسح بيده رأسه وقال له‪ :‬يا بنى‬
‫أنزل فبرلغ عنى‪ ً،‬ثم أهبطه إلى الرضِ‪ ً،‬فهو الكسف الساقط من السماء!!‬
‫وزعم أيضا أرن الرسل ل تنقطع أبدا والرسالة ل تنقطع!!‬
‫وزعم أرن الجنة رجل أيرمرنا بمولته وهو إمام الوقت‪ ً،‬وأرن النار رجل أيرمرنا بمعاداته وهو خصم المام!!‬
‫وتأسول المحررمات كلها على أسماء رجال أمر ال تعالى بمعاداتهم‪ ً،‬وتأسول الفرائضِ على أسماء رجال‬
‫أيرمرنا بمولتهم!!‬
‫واستحل أصحابه قتل مخالفيهم وأخذ أموالهم واستحلل نسائهم‪ ً،‬وهم صنف من الخرمية‪ ً،‬وإنما‬
‫مقصودهم من حمل الفرائضِ والمحررمات على أسماء رجال هو أرن ممن ظفر بذلك الرجل وعرفه فقا‬
‫سقط عنه التكليف وارتفع عنه الخطاب أو وصل إلى الجنة وبلغ إلى الكمال‪.‬‬
‫ومما أبدعه العجلى أن قال‪ :‬أول ما خلقا ال هو عيسى ابن مريم ثم علسى ابن أبى طالب!!‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان ) الخطابية‬
‫(‬

‫أصحاب أبى الخطاب محمد بن أبى زينب السدى الجدع‪ ً،‬وهو الذى عزا نفسه إلى أبى عبد ال جعفر‬
‫بن محمد الصادقا‪ ً،‬فلما وقف الصادقا على غلوه الباطل فى حقه تبرأ منه ولعنه وأخبر أصحابه بالبراءة‬
‫منه ورشدد القول فى ذلك وبالغ فى التبرى عنه واللعن عليه‪ ً،‬فلما اعتزل عنه اسدعى المر لنفسه‪ ً،‬وزعم‬
‫أبو الخطاب أن الئمة أنبياء ثم آلهة‪ ً،‬وقال بإلهية جعفر بن محمد وإلهية آبائه‪ ً،‬وهم أبناء ال وأحباؤه‪ً،‬‬
‫واللهية نور فى النبوة‪ ً،‬والنبوة نور فى المامة‪ ً،‬ول يخلو العالم من هذه الثار والنوار‪.‬‬
‫وزعم أ رن جعفرا هو الله فى زمانه‪ ً،‬وليس هو المحسوس الذى يرونه‪ ً،‬ولكن لما نزل إلى هذا العالم‬
‫لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها!!‬
‫ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بسبخة الكوفة‪ ً،‬وافترقت الخطابية‬
‫بعده فرقا‪ ً،‬فزعمت فرقة أرن المام بعد أبى الخطاب رجل يقال له "معمر" ودانوا به كما دانوا بأبى‬
‫الخطاب‪.‬‬
‫وزعموا أرن الدنيا ل تفنى‪ ً،‬وأرن الجنة هى التى تصيب الناس من خير ونعمة وعافية‪ ً،‬وأرن النار هى التى‬
‫تصيب الناس من شر ومشقة وبلرية‪.‬‬
‫واستحلوا الخمر والزنا وسائر المحررمات‪ ً،‬ودانوا بترك الصلة والفرائضِ‪ ً،‬وتسمى هذه الفرقة‬
‫"معمرية"‪.‬‬
‫وزعمت طائفة أرن المام بعد أبى الخطاب "يزيغ"‪ ً،‬وكان يزعم أن جعفرا هو الله‪ ً،‬أى ظهر بصورته‬
‫ل ربرإهذرن ال{ُ‪:‬‬ ‫للخلقا‪ ً،‬وزعم أرن كل مؤمن ييومحى إليه‪ ً،‬وتأسول قول ال تعالى‪} :‬مومما مكامن رلمنهفهَس أمهن متيمومت إر ر‬
‫أى بوحى من ال إليه‪ ً،‬وكذلك قوله تعالى‪} :‬موأمهومحـى مرسبمك إرملـى ٱلرنهحرل{ُ‪.‬‬
‫أن فى أصحابه من هو أفضل من جبريل وميكائيل‪ ً،‬وزعم أرن النسان إذا بلغ الكمال ل يقال إنه‬ ‫وزعم ر‬
‫مات‪ ً،‬لكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل‪ :‬يررفع إلى الملكوت‪ .‬واردعوا كلهم معاينة أمواتهم‪ ً،‬وزعموا‬
‫أنهم يرونهم بكرة وعشيا‪ ً،‬وتسمى هذه الطائفة "اليزيغية"‪.‬‬
‫وزعمت طائفة أ رن المام بعد أبى الخطاب "عمير بن بنان العجلى"‪ ً،‬وقالوا كما قالت الطائفة الولى إل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أنهم اعترفوا بأنهم يموتون‪ ً،‬وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة الكوفة‪ .‬يجتمعون فيها على عبادة الصادقا‪ً،‬‬
‫فيررفع خبرهم إلى يزيد ابن عمر بن هبيرة‪ ً،‬فأخذ عميرا فصلبه فى كناسة الكوفة‪ ً،‬وتسمى هذه الطائفة‬
‫"العجلية"‪.‬‬
‫وزعمت طائفة أرن المام بعد أبى الخطاب "مفصل الصيرفى" وكان يقول بربوبية جعفر دون نبوته‬
‫ورسالته‪.‬‬
‫وتبرأ من هؤلء كلهم جعفر بن محمد الصادقا وطردهم ولعنهم‪ ً،‬فإرن القوم كلهم حيارى جاهلون‪ ً،‬بحال‬
‫الئمة تائهون‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان‬
‫) الكيالية (‬

‫أتباع أحمد بن الكيال‪ ً،‬وكان من دعاة واحد من أهل البيت بعد جعفر بن محمد الصادقا‪ ً،‬وأظنه من‬
‫الئمة المستورين‪ ً،‬ولعله سمع كلمات علمية فخلطها برأيه الفائل وفكره العاطل‪ ً،‬وأبدع مقالة فى كل‬
‫باب علمى على قاعدة غير مسموعة ول معقولة‪ ً،‬وربما عاند الحسن فى بعضِ المواضع‪ ً،‬ولما وقفوا‬
‫على بدعته تبرأوا منه ولعنوه‪ ً،‬وأمروا شيعتهم بمنابذته وترك مخالطته‪ ً،‬ولما عرف الكيال ذلك صرف‬
‫الدعوة إلى نفسه واردعى المامة أو ل‬
‫ل‪ ً،‬ثم اردعى أنه القائم ثانيا‪.‬‬
‫وكان من مذهبه أرن كلمن قدر الفاقا على النفس وأمكنه أن يبين مناهج العاملمين ‪ -‬أعنى عاملم الفاقا‬
‫وهو العاملم العلوى‪ ً،‬وعاملم النفس وهو العاملم السفلى‪ ً،‬كان هو المام‪ ً،‬وأن ممن قرر الكل فى ذاته‪ً،‬‬
‫وأمكنه أن يبين كل كلى فى شخصه المعين الجزئى‪ ً،‬كان هو القائم‪ ً،‬فقال‪ :‬ولم يوجد فى زمن من‬
‫ل على‬ ‫الزمان أحد يقرر هذا التقرير إل أحمد الكيال‪ ً،‬فكان هو القائم‪ ً،‬وإنما قبله ممن انتمى إليه أو ل‬
‫بدعته‪ ً،‬ذلك أنه المام ثم القائم‪ ً،‬وبقيت من مقالته فى العالم تصانيف عريبة وعجمية كلها مزخرفة‬
‫مردودة شرعا وعق ل‬
‫ل‪:‬‬
‫قال الكيال‪ :‬العوالم ثلثة‪ :‬العاملم العلى‪ ً،‬والعاملم الدنى‪ ً،‬والعاملم النسانى‪ ً،‬وأثبت فى العالم العلى‬
‫خمسة أماكن‪ :‬الول مكان الماكن وهو مكان فارع ل يسكنه موجود ول يدبره روحانى وهو محيط‬
‫بالكل‪.‬‬
‫قال‪ :‬والعرش الوارد فى الشرع عبارة عنه‪ ً،‬ودونه مكان النفس العلى‪ ً،‬ودونه مكان النفس الناطقة‪ً،‬‬
‫ودونه مكان النفس الحيوانية‪ ً،‬ودونه مكان النفس النسانية‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأرادت النفس النسانية الصعود إلى عاملم النفس العلى فصعدت وخرقت المكانين ‪ -‬أعنى‬
‫الحيوانية والناطقية ‪ -‬فلما قربت من الوصول إلى عالم النفس العلى كرلت وانحسرت وتحريرت وتعفنت‬
‫واستحالت أجزاؤها‪ ً،‬فيأههربطت إلى العاملم السلفى ومضت عليها أكوار وأدوار وهى فى تلك الحالة من‬
‫العفونة والستحالة‪ ً،‬ثم ساحت عليها النفس العلى وأفاضت عليها من أنوارها جزء التراكيب فى هذا‬
‫العاملم‪ ً،‬فحدثت وحدثت السموات والرضِ والمركبات من المعادن والنبات والحيوان والنسان‪ ً،‬ووقعت‬
‫فى بليا هذا التركيب تارة سرورا وتارة غما‪ ً،‬وتارة فرحا وتارة ترحا‪ ً،‬وطورا سلمة وعافية‪ ً،‬وطورا‬
‫بليية ومحنة‪ ً،‬حتى يظهر القائم ويردها إلى حال الكمال وتنحل التراكيب وتبطل المتضادات ويظهر‬
‫الروحانى على الجسمانى وما ذلك القائم إل أحمد الكيال‪.‬‬
‫ثم دسل على تعيين ذاته بأضعف ما يتصور وأوهى ما يقدر‪ ً،‬وهو أن اسم أحمد مطابقا للعوالم الربعة‪ً،‬‬
‫فاللف من اسمه فى مقابلة النفس العلى‪ ً،‬والحاء فى مقابلة النفس الناطقة‪ ً،‬والميم فى مقابلة النفس‬
‫الحيوانية‪ ً،‬والدال فى مقابلة النفس النسانية‪ .‬قال‪ :‬فالعوالم الربعة هى المبادئ والبسائط‪ ً،‬وأما مكان‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الماكن فل وجود فيه البتة‪.‬‬
‫ثم أثبت فى مقابلة العوالم العلوية العاملم السفلى الجسمانى‪ .‬قال‪ :‬فالسماء خالية وهى فى مقابلة مكان‬
‫الماكن‪ ً،‬ودونها النار ودونها النار ودونها الهواء ودونها الرضِ ودونها الماء‪ ً،‬وهذه الربعة فى مقابلة‬
‫العوالم الربعة‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬النسان فى مقابلة النار‪ ً،‬والطائر فى مقابلة الهواء‪ ً،‬والحيوان فى مقابلة الرضِ‪ ً،‬والحوت فى‬
‫مقابلة الماء‪ ً،‬فجعل مركز الماء أسفل المراكز‪ ً،‬والحوت أخس المركبات‪.‬‬
‫ثم قابل العالم النسانى الذى هو أحد الثلثة وهو عالم النفس مع آفاقا العالمين الولين الروحانى‬
‫والجسمانى‪.‬‬
‫قال‪ :‬الحواس المركبة فى خمس‪ ً،‬فالسمع فى مقابلة مكان الماكن إذ هو فارغا‪ ً،‬وفى مقابلة السماء‬
‫والبصر فى مقابلة النفس العلى من الروحانى‪ ً،‬وفى مقابلة النار من الجسمانى وفيه إنسان العين‪ ً،‬لن‬
‫النسان مختص بالنار‪ .‬والشم فى مقابلة الناطقا من الروحانى والهواء من الجسمانى‪ ً،‬لن الشم من‬
‫الهواء يتروح ويتنسم‪ ً،‬والذوقا فى مقابلة الحيوانى من الروحانى والرضِ من الجسمانى‪ ً،‬والحيوان‬
‫مختص بالرضِ والطعم بالحيوان‪ ً،‬واللمس فى مقابلة النسانى من الروحانى والماء من الجسمانى‪ً،‬‬
‫والحوت مختص بالماء واللمس بالحوت‪ ً،‬وربما عربر عن اللمس بالكناية‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬أحمد‪ :‬ألف وحاء وميم ودال‪ ً،‬وهو فى مقابلة العاملمين‪ ً،‬أما فى مقابلة العالم العلوى الروحانى‬
‫فقد ذكرنا‪ ً،‬وأما فى مقابلة العاملم السفلى الجسمانى‪ ً،‬فاللف يدل على النسان‪ ً،‬والحاء على الحيوان‪ً،‬‬
‫والميم على الطائر‪ ً،‬والدال على الحوت‪ ً،‬فاللف من حيث استقامة القامة كالنسان‪ ً،‬والحاء كالحيوان‬
‫للنه معوج منكوس ولن الحاء من ابتداء اسم الحيوان‪ ً،‬والميم يشبه رأس الطير‪ ً،‬والدال يشبه ذنب‬
‫الحوت‪.‬‬
‫ثم قا‪" :‬إ رن البارى تعالى إنما خلقا النسان على شكل اسم أحمد‪ ً،‬فالقامة مثل اللف‪ ً،‬واليدان مثل الحاء‪ً،‬‬
‫والبطن مثل الميم‪ ً،‬والرجلن مثل الدال"‪.‬‬
‫ثم من العجب أنه قال‪ :‬النبياء هم قادة أهل التقليد‪ ً،‬وأهل التقليد عميان‪ ً،‬والقائم قائد أهل البصيرة‪ ً،‬وأهل‬
‫البصيرة يأولو اللباب‪ ً،‬وإنما يحصلون البصائر بمقابلة الفاقا والنفس‪ ً،‬والمقابلة كما سمعتها من أخس‬
‫المقالت وأوهى المقابلت‪ ً،‬بحيث ل يستجيز عاقل أن يسمعها فكيف يرضى أن يعتقدها‪.‬‬
‫وأعجب من هذا كله تأويلته الفاسدة ومقابلته بين الفرائضِ الشرعية والحكام الدينية وبين موجودات‬
‫عاملمى الفاقا والنفس‪ ً،‬وادعاؤه أنه متفرد بها‪ ً،‬وكيف يصح له ذلك وقد سبقه كثير من أهل العلم بتقرير‬
‫ذلك‪ ً،‬ل على الوجه المزيف الذى قرره الكيال‪ ً،ً،‬وحمله الميزان على العاملمين‪ ً،‬والصراط على نفسه‪ً،‬‬
‫والجنة عل الوصول إلى علمه من البصائر‪ ً،‬والنار على الوصول إلى ما يضاده ‪ ...‬ولما كانت أصول‬
‫علمه ما ذكرناه‪ ً،‬فانظر كيف يكون حال الفروع!!‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان ) الهشامية‬
‫(‬

‫أصحاب الهشامين‪ :‬هشام بن الحكم صاحب المقالة فى التشبيه‪ ً،‬وهشام ابن سالم الجواليقى الذى نسج‬
‫على منواله فى التشبيه‪ ً،‬وكان هشام بن الحكم من متكلمى الشيعة وجرت بينه وبين أبى الهذيل‬
‫مناظرات فى علم الكلم منها فى التشبيه‪ ً،‬ومنها فى تعلقا علم البارى تعالى‪.‬‬
‫حكى ابن الراوندى عن هشام أنه قال‪ :‬إرن بين معبوده وبين الجسام تشابها ما بوجه من الوجوه‪ ً،‬ولول‬
‫ذلك لما درلت عليه‪ .‬حكى الكعبى عنه أنه قال‪ :‬هو جسم ذو أبعاضِ له قدر من القدار‪ ً،‬ولكن ل يشبه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫شيئا من المخلوقات ول يشبهه شىء‪ .‬وقيل عنه إنه قال‪ :‬هو سبعة أشبار بشبر نفسه‪ ً،‬وأنه فى مكان‬
‫مخصوص وجهة مخصوصة‪ ً،‬وأنه يتحرك وحركته فعله وليست من مكان إلى مكان‪ .‬وقال‪ :‬هو متناه‬
‫بالذات غير متناه بالقدرة‪.‬‬
‫وحكى عنه أبو عيسى الوراقا أنه قال‪ :‬إرن ال تعالى مماس لعرشه ل يفضل منه شىء من العرش ول‬
‫يفضل عن العرش شىء منه‪.‬‬
‫ومن مذهب هشام‪ :‬أنه لم يزل عارلما بنفسه ويعلم الشياء بعد كونها بعلم ل يقال فيه‪ :‬محمدث أو قديم‪ً،‬‬
‫لنه صفة والصفة ل توصف ول يقال فيه هو أو غيره أو بعضه‪ ً،‬وليس قوله فى القدرة والحياة كقوله‬
‫فى العلم‪ ً،‬لنه ل يقول بحدوثهما‪ .‬قال‪ :‬ويريد الشياء وإرادته حركة ليست غير ال ول هى عينه‪.‬‬
‫وقال فى كلم البارى تعالى‪ :‬إنه صفى ل تعالى‪ ً،‬ل يجوز أن يقال هو مخلوقا ول غير مخلوقا‪.‬‬
‫ل‪ ً،‬وما ييستدل به على البارى‬ ‫وقال‪ :‬العراضِ ل تصلح دللة على ال تعالى‪ ً،‬لن منها ما يثبت استدل ل‬
‫تعالى يجب أن يكون ضرورى الوجود‪.‬‬
‫وقال‪ :‬الستطاعة كل ما ل يكون الفعل إل به كاللت والجوارح والوقت والمكان‪.‬‬
‫وقال هشام بن سالم‪ :‬إنه تعالى على صورة إنسان أعله مجروف وأسفله مصمت‪ ً،‬وهو نور ساطع‬
‫يتلل‪ ً،‬وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأذن وعين وفم‪ ً،‬وله وفرة سوداء‪ ً،‬وهو نور أسود لكنه ليس‬
‫بلحم ول دم‪.‬‬
‫وقال هشام‪ :‬الستطاعة بعضِ المستطيع‪ ً،‬وقد ينرقل عنه أنه أجاز المعصية على النبياء مع قوله بعصمة‬
‫الئمة‪ ً،‬ويفرقا بينهما بمأن النبى ييومحى إليه فيينربه على وجه الخطأ فيتوب منه‪ ً،‬والمام ل ييومحى إليه‬
‫فيجب عصمته‪.‬‬
‫على حتى قال أنه إله واجب الطاعة‪ ً،‬وهذا هشام بن الحكم صاحب غور‬ ‫وغل هشام بن الحكم فى حقا ر‬
‫فى الصول ل يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة‪ ً،‬فإن الرجل وارء ما يلزمه على الخصم‬
‫ودون ما يظهره من التبشبيه‪ ً،‬وذلك أنه ألزم العلف فقال‪ :‬إنك تقول‪ :‬البارى عارلم بعلمه وعلمه ذاته‪ً،‬‬
‫فيشارك المحدثات فى أنه عالم بعلم‪ ً،‬وبياينها فى أن علمه ذاته فيكون عالما ل كالعالمين‪ ً،‬فرلم ل تقول‬
‫هو جسم ل كالجسام وصورة ل كالصور وله قدر ل كالقدار؟ ‪ ...‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ووافقه ذرارة بن أعين فى حدوث علم ال تعالى‪ ً،‬وزاد عليه بحدوث قدرته وحياته وسائر صفاته‪ ً،‬وأنه‬
‫لم يكن قبل خلقا هذه الصفات عارلما ول قادرا ول حيا ول سميعا ول بصيرا ول مريدا ول متكلما‪.‬‬
‫وكان يقول بإمامة عبد ال بن جعفر‪ ً،‬فلما فاوضه فى مسائل ولم يجده بها مليا رجع إلى موسى بن‬
‫جعفر‪ .‬وقيل أيضا‪ :‬إنه لم يقل بإمامته‪ ً،‬إل أنه أشار إلى المصحف فقال‪ :‬هذا إمامى‪ ً،‬وأنه كان قد التوى‬
‫على جعفر بعضِ اللتواء‪ .‬وحكى عن الزرارية‪ :‬أن المعرفة ضرورية‪ ً،‬وأنه ل يسع جهل الئمة‪ ً،‬فإن‬
‫معارفهم كلها ضرورية وكل ما يعرفه غيرهم بالنظر فهو عندهم أرولى ضرورى‪ ً،‬ونظرياتهم ل يدركها‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان ) النعمانية‬
‫(‬

‫أصحاب محمد بن النعمان أبى جعفر الحول‪ ً،‬الملقب بشيطان الطاقا‪ ً،‬والشيعة تقول‪ :‬هو مؤمن الطاقا‪.‬‬
‫وافقا هشام بن الحكم فى أرن ال تعالى ل يعلم شيئا حتى يكون‪ ً،‬والتقدير عنده الرادة‪ ً،‬والرادة فعله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إ رن ال تعالى نور على صورة إنسان‪ ً،‬ويأبى أن يكون جسما‪ ً،‬لكنه قال‪ :‬قد ورد فى الخبر أن ال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قد خلقا آدم على صورته‪ ً،‬وعلى صورة الرحمن‪ ً،‬فل بد من تصديقا الخبر‪.‬‬
‫ويحكى عن مقاتل بن سليمان مثل مقالته فى الصورة‪ ً،‬وكذلك يحكى عن داود الجواربى ونعيم بن حماد‬
‫المصرى وغيرهما من أصحاب الحديث‪ ً،‬أنه تعالى ذو صورة وأعضاء‪.‬‬
‫ويحكى عن داود أنه قال‪ :‬اعفونى عن المفهرج واللحية‪ ً،‬واسألونى عما وراء ذلك فإن فى الخبار ما ثيبت‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وقد صنف ابن النعمان كتبا جمعة للشيعة منها‪ :‬افعل لم فعلت ‪ ..‬ومنها‪ :‬افعل ل تفعل‪ ً،‬ويذكر فيها أن‬
‫كبار الفرقا أربعة‪ :‬القدرية‪ ً،‬والخوارج‪ ً،‬والعامة‪ ً،‬والشيعة‪ .‬ثم عسين الشيعة بالنجاة فى الخرة من هذه‬
‫الفرقا‪.‬‬
‫وذكر عن هشام بن سالم ومحمد بن النعمان أنهما أمسكا عن الكلم فى ال‪ ً،‬ورويا عمن يوجبان تصديقه‬
‫أنه يسئل عن قول ال‪} :‬موأمرن إرلمـى مريبمك ٱهليمنمتمهـى{ُ؟ قال‪ :‬إذا بلغ الكلم إلى ال فأمسكوا‪ ً،‬فأمسكا عن القول‬
‫فى ال والتفكر فيه حتى ماتا‪ ً،‬هذا نقل الورراقا‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان ) اليونسية‬
‫‪ -‬النصيرية والسحاقية (‬

‫* اليونسية‪:‬‬
‫أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمى مولى آل يقطين‪ ً،‬زعم أسن الملئكة تحمل العرش‪ ً،‬والعرش يحمل‬
‫الرب تعالى‪ ً،‬إذ قد ورد فى الخبر‪ :‬أن الملئكة تئط أحيانا من وطأة عظمة ال تعالى على العرش‪ ً،‬وهو‬
‫من مشبهة الشيعة وقد صرنف لهم كتبا فى ذلك‪.‬‬
‫* النصيرية والسحاقية‪:‬‬
‫من غلة الشيعة‪ ً،‬ولهم جماعة ينصرون مذهبهم وينوبون عن أصحاب مقالتهم‪ ً،‬وبينهم خلف فى كيفية‬
‫إطلقا اسم اللهية على الئمة من أهل البيت‪ ً،‬قالوا‪" :‬ظهور الروحانى بالجسد الجسمانى أمر ل ينكره‬
‫عاقل‪ ً،‬إما فى جانب الخير كظهور جبريل عليه السلم ببعضِ الشخاص والتصور بصورة أعرابى‪ً،‬‬
‫والتمثل بصورة المبشر‪ ً،‬وغما فى جانب الشر كظهور الشيطان بصورة النسان حتى يعمل الشر‬
‫بصورته‪ ً،‬وظهور الجن بصورة مبشر حتى يتكلم بلسانه‪ ً،‬فلذلك نقول‪ :‬إن ال تعالى ظهر بصورة‬
‫أشخاص‪ ً،‬ولما لم يكن بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم شخص أفضل من علسى عليه السلم‪ ً،‬وبعده‬
‫أولده المخصوصون هم خير البرية‪ ً،‬فظهر الحقا بصورتهم ونطقا بألسنتهم وأخذ بأيديهم‪ ً،‬فعن هذا‬
‫أطلقنا اسم اللهية عليهم‪ ً،‬وإنما أثبتنا هذا الختصاص لعلسى دون غيره‪ ً،‬لنه كان مخصوصا بتأييد من‬
‫عند ال تعالى مما يتعلقا بباطن السرار‪ ً،‬قال النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬أنا أحكم بالظاهر وال يتولى‬
‫السرائر"‪ ً،‬وعن هذا كان قتال المشركين إلى النبى صلى ال عليه وسلم وقتال المنافقين إلى علسى‪ ً،‬وعن‬
‫هذا شبهه بعيسى ابن مريم"‪ ً،‬وقال‪" :‬لول أن يقول الناس فيك ما قالوا فى عيسى ابن مريم وإل قلت فيك‬
‫مقالل"‪ ً،‬وربما أثبتوا له شركة فى الرسالة إذ قال‪" :‬فيكم ممن يقاتل على تأويله كما قاتليت على تنزيله‪ ً،‬أل‬
‫وهو خاصف النعل" فعلم التأويل‪ ً،‬وقتال المنافقين‪ ً،‬ومكالمة الجن‪ ً،‬وقلع باب خيبر ل بقوة جسدانية‪ ً،‬من‬
‫على فيه جزء إلهيا وقوة ربانية‪ ً،‬أو يكون هو الذى أظهر الله بصورته وخلقا بيده‬ ‫أدل الدليل على أرن د‬
‫وأمر بلسانه‪ ً،‬وعن هذا قالوا‪ :‬كان هو موجودا قبل خلقا السموات والرضِ‪ ً،‬قال‪ :‬كنا أظلة على يمين‬
‫العرش فسربحنا فسربحت الملئكة بتسبيحنا‪ ً،‬فتلك الظلل وتلك الصورة العرية عن الظلل هى حقيقة‬
‫وهى مشرقة بنور الرب تعالى إشراقا ل ينفصل عنها سواء أكانت فى هذا العالم أو فى ذلك العاملم‪ً،‬‬
‫وعن هذا قال‪ :‬أنا من أحمد كالضوء من الضوء‪ ً،‬يعنى ل فرقا بين النورين إل أن أحدهما أسبقا والثانى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لحقا به‪ .‬قال له‪ :‬وهذا يدل على نوع شركة‪ ً،‬فالنصيرية أميل إلى تقرير الجزء اللهى‪ ً،‬والسحاقية‬
‫أميل إلى تقرير الشركة فى النبوة‪ ً،‬ولهم اختلفات أيمخر لم نذكرها‪.‬‬
‫وقد نجزت الفرقا السلمية وما بقت إل فرقة الباطنية‪ ً،‬وقد أوردهم أصحاب التصانيف فى كتب‬
‫المقالت‪ ً،‬إما خارجة عن الفرقا وإما داخلة فيها ‪ ...‬بالجملة هم قوم يخالفون اثنتين وسبعين فرقة‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -4‬الغلة ( ضمن العنوان ) رجال‬
‫الشيعة ومصنفو كتبهم (‬

‫من الزيدية‪ :‬أبو خالد الواسطى‪ ً،‬ومنصور بن السود‪ ً،‬وهارون بن سعيد العجلى‪ ً،‬ووكيع بن الجراح‪ً،‬‬
‫ويحيى بن آدم‪ ً،‬وعبد ال بن موسى‪ ً،‬وعلسى ابن صالح‪ ً،‬والفضل بن دكين من الجارودية‪ ً،‬وأبو حنيفة‬
‫بثرية‪ ً،‬وخرج محمد ابن عجلن مع المام‪ ً،‬وخرج إبراهيم بن عباد بن عوام‪ ً،‬ويزيد بن هارون‪ً،‬‬
‫والعلء بن راشد‪ ً،‬وهشيم بن بشر‪ ً،‬والعوام بن حوشب‪ ً،‬ومسلم بن سعيد مع إبراهيم المام‪.‬‬
‫ومن المامية وسائر أصناف الشيعة‪ :‬سالم بن أبى الجعد‪ ً،‬وسالم بن أبى حفصة‪ ً،‬وسلمة بن كميل‪ ً،‬وتوبة‬
‫بن أبى فاختة‪ ً،‬وحبيب بن أبى ثابت أبو المقدام‪ ً،‬وشعبة‪ ً،‬والعمش‪ ً،‬وجابر الجعفى‪ ً،‬وأبو عبد ال‬
‫الجدلى‪ ً،‬وأبو إسحاقا السبيعى‪ ً،‬والمغيرة‪ ً،‬وطاووس‪ ً،‬والشعبى‪ ً،‬وعلقمة‪ ً،‬وهبيرة ابن بريم‪ ً،‬وحبة‬
‫الغرنى‪ ً،‬والحارث العور‪.‬‬
‫ومن مؤلفى كتبهم‪ :‬هشام بن الحكم‪ ً،‬وعلسى بن منصور‪ ً،‬ويونس بن عبد الرحمن‪ ً،‬وشكال‪ ً،‬والفضل بن‬
‫شاذان‪ ً،‬والحسين بن إشكاب‪ ً،‬ومحمد بن عبد الرحمن بن رقية‪ ً،‬وأبو سهل النوبختى‪ ً،‬وأحمد بن يحيى‬
‫الراوندى‪.‬‬
‫ومن المتأخرين‪ :‬أبو جعفر الطوسى‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) ‪ -5‬السماعيلية ( ضمن العنوان‬
‫) تاريخْ الشيعة عند ابن حزم (‬

‫ويقول أبو محمد علسى بن أحمد بن حزم الظاهرى )المتوفى سنة ‪456‬هـ( تحت عنوان "ذكر شنع‬
‫الشيعة"‪" :‬أهل الشنع من هذه الفرقة ثلث طوائف‪ ً،‬أولها الجارودية من الزيدية‪ ً،‬ثم المامية من‬
‫الرافضة‪ ً،‬ثم الغالية‪.‬‬
‫فأما الجارودية‪ ً،‬فإرن طائفة منهم قالت‪ :‬إرن محمد بن عبد ال بن الحسن ابن الحسين بن علسى بن أبى‬
‫طالب القائم بالمدينة على أبى جعفر المنصور‪ ً،‬فوجه إليه المنصور عيسى بن موسى بن محمد بن علسى‬
‫بن عبد ال بن العباس‪ ً،‬فيقرتل محمد بن عبد ال بن الحسن رحمه ال ‪ ..‬فقالت هذه الطائفة‪ :‬إرن محمد‬
‫المذكور حى لم ييقتل ول مات ول يموت حتى يمل الرضِ عدلل كما ملئت جورا‪.‬‬
‫وقالت طائفة أخرى منهم‪ :‬إنه يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد ابن علسى بن الحسين بن علسى‬
‫بن أبى طالب القائم بالكوفة أيام المستعين‪ ً،‬فوسجه إليه محمد بن عبد ال بن طاهر بن الحسين بأمر‬
‫المستعين ابن عمه الحسن ابن إسماعيل بن الحسين‪ ً،‬وهو ابن أخى طاهر بن الحسين‪ ً،‬فيقتل يحيى بن‬
‫إن يحيى بن عمر هذا حى لم يقتل ول مات ول يموت حتى‬ ‫عمر رحمه ال ‪ ..‬فقالت الطائفة المذكورة‪ :‬س‬
‫يمل الرضِ عد ل‬
‫ل كما يمرلمئهت جورا‪.‬‬
‫وقالت طائفة منهم‪ :‬إسن محمد بن القاسم بن علسى بن عمر بن علسى بن الحسين ابن علسى بن أبى طالب‪ً،‬‬
‫القائم بالطالقان أيام المعتصم‪ ً،‬حتى لم يمت ول يقتل ول يموت حتى يمل الرضِ عد ل‬
‫ل كما يمرلمئهت جورا‪.‬‬
‫وقالت الكيسانية ‪ -‬وهم أصحاب المختار بن أبى عبيد ‪ -‬وهم عندنا يشعبة من الزيدية فى سبيلهم‪ :‬إسن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫محمد بن‬
‫على بن أبى طالب ‪ -‬وهو ابن الحنفية ‪ -‬حت بجبال رضوى عن يمينه أسد وعن يساره نمر‪ ً،‬تحيدثه‬ ‫س‬
‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫الملئكة‪ ً،‬يأتيه رزقه غدوا وعشيا‪ ً،‬لم يمت ول يموت حتى يمل الرضِ عدل كما يمرلئت جورا‪.‬‬
‫وقال بعضِ الروافضِ المامية ‪ -‬وهى الفرقة التى تدعى الممطورة ‪ -‬إرن موسى بن جعفر بن محمد بن‬
‫ل كما يمرلمئهت‬‫علسى بن الحسين بن علسى بن أبى طالب حى لم يمت ول يموت حتى يمل الرضِ عد ل‬
‫جورا‪.‬‬
‫وقالت طائفة منهم ‪ -‬وهم الناووسية ‪ -‬أصحاب ناوس المصرى مثل ذلك فى أبيه جعفر بن محمد‪ً،‬‬
‫وقالت طائفة منهم مثل ذلك فى أخيه إسماعيل ابن جعفر‪ .‬وقالت السبئية ‪ -‬أصحاب عبد ال بن سبأ‬
‫الحميرى اليهودى ‪ -‬مثل ذلك فى علسى بن أبى طالب رضى ال عنه‪ ً،‬وزادوا أنه فى الحساب ‪ ..‬فليت‬
‫شعرى فى أى سحابة هو من السحاب والسحاب كثير فى أقطار الهواء‪ ً،‬مسرخر بين السماء والرضِ‬
‫كما قال ال تعالى ‪ ..‬وقال عبد ال بن سبأ إذ بلغه قتل علسى رضى ال عه‪ :‬لو أتيتمونا بدماغه سبعين‬
‫ل كما يمرلمئهت جورا‪.‬‬ ‫مرة ما صردقنا موته‪ ً،‬ول يموت حتى يمل الرضِ عد ل‬
‫وقال بعضِ الكيسانية بأسن أبا مسلم السرراج حى لم يمت‪ ً،‬وسيظهر ول بد‪ ً،‬وقال بعضِ الكيسانية بأسن عبد‬
‫ال بن معاوية بن عبد ال بن جعفر بن أبى طالب حى بجبال أصبهان إلى اليوم ول بد له من أن يظهر‪ً،‬‬
‫وعبد ال هذا هو القائم بفارس أيام مروان بن محمد‪ ً،‬وقتله أبو مسلم بعد أن سجنه دهرا‪ ً،‬وكان عبد ال‬
‫ل‪ ً،‬مستصرحبا للدهرية‪..‬‬ ‫هذا ردى الدين‪ ً،‬معرط ل‬
‫قال أبو محمد‪ :‬فصار هؤلء فى سبيل اليهود القائلين بأن ملكصيدوقا ابن عامر بن أرفشخد بن سام بن‬
‫نوح‪ ً،‬والعبد الذى وسجهه إبراهيم عليه السلم ليخطب "ريقا" بنت بنؤال بن ناخور بن تارخ على إسحاقا‬
‫ابنه عليه السلم‪ ً،‬والياس عليه السلم‪ ً،‬وفنحاس بن العازار بن هارون عليه السلم‪ ً،‬أحياء إلى اليوم‪ً،‬‬
‫وسلك هذا السبيل بعضِ تركى الصوفية‪ ً،‬فزعموا أرن الخضر وإلياس عليهما السلم حريان إلى اليوم‪ً،‬‬
‫واردعى بعضهم أنه يلقى إلياس فى الفلوات‪ ً،‬والخضر فى المروج والرياضِ‪ ً،‬وأنه متى يذركر حضر على‬
‫ذكراه‪.‬‬
‫قال أبو محمد‪ :‬فإن يذركر فى شرقا الرضِ وغربها وشمالها وجنوبها‪ ً،‬وفى ألف موضع فى دقيقة واحدة‬
‫كيف يصنع؟‬
‫ولقد لقينا ممن يذهب إلى هذا خلقا وكلمناهم‪ ً،‬منهم المعروف بابن شقا الليل المحدث بـ "طلبيرة"‪ ً،‬وهو‬
‫مع ذلك من أهل العناية وسعة الرواية‪ ً،‬ومنهم محمد بن عبد ال الكاتب‪ ً،‬وأخبرنى أنه جالس الخضر‬
‫وكرلمه مرارا أو غيره كثير‪.‬‬
‫هذا مع سماعهم قول ال تعالى‪} :‬مولمــركن رريسومل ٱلرلره مومخامتم ٱلرنربيييمن{ُ‪ ً،‬وقول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬ل نبى بعدى"‪ ً،‬فكيف يستجيز مسلم أن يثبت بعده ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬نبيا فى الرضِ‪ ً،‬حاشا ما‬
‫استثناه رسول ال صلى ال عليه وسلم فى الثار المسندة الثابتة فى نزول عيسى ابن مريم عليه السلم‬
‫فى آخر الزمان؟!‪.‬‬
‫وكفار برغواطة إلى اليوم ينتظرون صالح بن طريف الذى شرع لهم دينهم‪.‬‬
‫وقالت القطيعية من المامية الرافضة كلهم‪ ً،‬وهم جمهور الشيعة‪ ً،‬ومنهم المتكلمون والنظارون والعدد‬
‫العظيم‪ ً،‬بأن محمد بن الحسن بن علسى بن محمد ابن علسى بن موسى بن جعفر بن علسى بن الحسين بن‬
‫ل كما يمرلمئهت جورا‪ ً،‬وهو عندهم‬ ‫علسى ابن أبى طالب حى لم يمت ول يموت حتى يخرج فيمل الدنيا عد ل‬
‫المهدى المنتظر‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إن مولد هذا الذى لم يخلقا قط فى سنة سنتين ومائتين‪ ً،‬نسة موت أبيه‪ ً،‬وقالت طائفة‬ ‫ويقول طائفة منهم‪ :‬س‬
‫منهم‪ :‬بل بعد موت أبيه بمدة‪ ً،‬وقالت طائفة منهم‪ :‬بل فى حياة أبيه‪ ً،‬ورووا ذلك عن حكيمة بنت محمد‬
‫بن عل سى بن موسى‪ ً،‬وأنها شهدت ولدته وسمعته يتكلم حين سقط من بطن أمه يقرأ القرآن‪ ً،‬وأن أمه‬
‫"نرجس"‪ ً،‬وأنها كانت هى القابلة‪ .‬وقال جمهورهم‪ :‬بل أمه "صقيل"‪ ً،‬وقالت طائفة منهم‪ :‬بل أمه‬
‫"سوسن"‪.‬‬
‫وكل هذا هوس‪ ً،‬ولم يعقب الحسن المذكور ل ذكرا ول أنثى‪ ً،‬فهذا أول نوك الشيعة ومفتاح عظيماتهم‬
‫وأخفها وإن كانت مهلكة‪.‬‬
‫ثم قالوا كلهم إذ سئلوا عن اليحرجة فيما يقولون؟ يقولون‪ :‬يحرجتنا اللهام‪ ً،‬وأرن ممن يخالفنا ليس لرشدة فكان‬
‫هذا طريفا جدا‪.‬‬
‫ليت رشعرى ما الفرقا بينهم وبين عيار مثلهم يدعى فى إبطال قولهم اللهام‪ ً،‬وأن الشيعة ليسوا لرشدة‪ً،‬‬
‫أو أنهم نوكة‪ ً،‬أو أنهم جملة ذوو شعبة من جنون فى رؤوسهم؟‬
‫وما قولهم فيممن كان منهم ثم صار فى غيرهم‪ ً،‬أو ممن كان فى غيرهم فصار منهم‪ ً،‬أتراه ينتقل من‬
‫ولدة الغية إلى ولدة الرشدة‪ ً،‬ومن ولدة الرشدة إلى ولدة الغية؟‬
‫فإن قالوا‪ :‬حكمه لما يموت عليه‪ ً،‬قيل لهم‪ :‬فلعلكم أولد غية إذ ل يؤمن رجوع الواحد فالواحد منكم إلى‬
‫خلف ما هو عليه‪.‬‬
‫والقوم بالجملة ذوو أديان فاسدة وعقول مدخولة وعديمو حياء‪ ً،‬ونعوذ بال من الضلل‪.‬‬
‫وذكر عمرو ابن خولة الجاحظ ‪ -‬وهو وإن كان أحد المرجان وممن غلب عليه الهزل وأحد الضالين‬
‫المضلين‪ ً،‬فإننا ما رأينا له فى كتبه تعمد كذبة يوردها مثبتا لها وإن كان كثيرا ل يراد كذب غيره ‪-‬‬
‫قال‪ :‬أخبرنى أبو إسحاقا إبراهيم النظام‪ ً،‬وبشر بن خالد‪ ً،‬أنهما قال لمحمد بن جعفر الراضى ‪-‬‬
‫المعروف بشيطان الطاقا ‪ :-‬ويحك‪ ً،‬أما استحييت من ال أن تقول فى كتابك فى المامة‪ :‬إن ال تعالى‬
‫ل متهحمزهن إررن ٱلرلمه مممعمنا{ُ قال‪ :‬فضحك‬ ‫لم يقل قط فى القرآن‪} :‬مثارنمي ٱهثمنهيرن إرهذ يهمما رفي ٱهلمغارر إرهذ مييقويل رل م‬
‫صارحربره م‬
‫ل حتى كأرنا نحن الذين أذنبنا‪.‬‬ ‫والر شيطان الطاقا ضحكا مطوي ل‬
‫على بن ميتم الصابونى وكل من شيوخ الرافضة ومتكلميهم‪ ً،‬فنسأله‪ :‬أرأى أم‬ ‫قال النظام‪ :‬وكنا نكلم و‬
‫سماع عن الئمة؟ فينكر أن يقوله برأى‪ ً،‬فتخبره بقوله فيها قبل ذلك‪ ً،‬فوالر ما رأيته خجل من ذلك ول‬
‫استحيا لفعله هذا قط‪.‬‬
‫ومن قول المامية كلها قديما وحديثا‪ :‬أرن القرآن مبردفل رزيمد فيه ما ليس منه‪ ً،‬ونقص منه كثير‪ ً،‬ويبيدل منه‬
‫كثير ‪ -‬حاشا علسى بن الحسين بن موسى بن محمد ابن إبراهيم بن موسى بن حعفر بن محمد بن علسى‬
‫بن الحسين بن علسى بن أبى طالب ‪ -‬وكان إماميا يظاهر بالعتزال مع ذلك‪ ً،‬فإنه كان ينكر هذا القول‬
‫ويمكيفر ممن قاله‪ ً،‬وكذلك صاحباه أبو يعلى ميلد الطوسى وابو القاسم الرازى‪.‬‬
‫ل كفر صريح‪ ً،‬وتكذيب لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫قال أبو محمد‪ :‬القول بأرن بين اللوحين تبدي ل‬
‫وقالت طائفة من الكيسانية بتناسخْ الوراح‪ ً،‬وبهذا يقول السيد الحميرى الشاعر ‪ -‬لعنه ال ‪ -‬ويبلغ‬
‫المر بمن يذهب إلى هذا أن يأخذ أحدهم البغل أو الحمار فيعذبه ويضربه ويعطشه ويجيعه‪ ً،‬على إلى‬
‫أن روح أبى بكر وعمر ‪ -‬رضى ال عهما ‪ -‬فيه!!‬
‫ص هذا البغل الشقى أو الحمار المسكين بنقل الروح‬ ‫فاعجبوا لهذا الحمقا الذى ل نظير له‪ ً،‬وما الذى خ س‬
‫إليه دون سائر البغال والحمير‪.‬‬
‫وكذلك يفعلون بالعنز على أرن روح أم المؤمنين رضى ال عنها فيها!!‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وجمهور متكلميهم كهشام بن الحكم الكوفى‪ ً،‬وتلميذه أبى علسى الصكاك وغيرهما‪ ً،‬يقول‪ :‬إرن علم ال‬
‫تعالى محمدث‪ ً،‬وإنه لم يكن يعلم شيئا حتى أحدث لنفسه علما‪ ً،‬وهذا كفر صريح‪.‬‬
‫وقد قال هشام هذا فى حين مناظرته لبى الهذيل العلف‪ :‬إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه‪ ً،‬وهذا كفر‬
‫صريح‪.‬‬
‫وكان داود الجوازى من كبار متكلميهم يزعم أسن ربه لحم ودم على صورة النسان‪ .‬ول يختلفون فى أرن‬
‫الشمس يرردت على علسى بن أبى طالب مرتين‪ ً،‬أفيكون فى صفاقة الوجه وصلبة الخد وعدم الحياء‬
‫والجرأة على الكذب أكثر من هذا على قرب العهد وكثرة الخلقا؟!‬
‫وطائفة منهم تقول‪ :‬إرن ال تعالى يريد الشىء ويعزم عليه‪ ً،‬ثم يبدو له فل يفعله‪ ً،‬وهذا مشهور للكيسانية‪.‬‬
‫ومن المامية ممن يجيز نكاح تسع نسوة!!‬
‫ومنهم ممن ييحررم الكرنب لنه إنما نبت على دم الحسين ولم يكن قبل ذلك‪ ً،‬وهذا من رقرلة الحياء قريب‬
‫مما قبله‪.‬‬
‫وكما يزعم كثير منهم أسن عليا لم يكن له سمى قبله‪ ً،‬وهذا جهل عظيم‪ ً،‬بل كان فى العرب كثير يسمون‬
‫كعلى بن بكر بن وائل‪ ً،‬وإليه يرجع كل بكرى فى العالم فى نسبه‪ ً،‬وفى الزد علسى‪ ً،‬وفى‬ ‫بهذا السم‪ ً،‬ر‬
‫بجيلة علسى وغيرها‪ ً،‬كل ذلك فى الجاهلية مشهور‪ ً،‬وأقرب من ذلك‪ :‬عامر بن الطفيل يكنى أبا علسى ‪...‬‬
‫ومجاهراتهم أكثر مما ذكرنا‪.‬‬
‫ومنهم طائفة تقول بفناء الجنة والنار‪ ً،‬وفى الكيسانية ممن يقول إرن الدنيا ل تفنى أبدا‪.‬‬
‫ومنهم طائفة تقول بفناء الجنة والنار‪ ً،‬وفى الكيسانية ممن يقول إرن الدنيا ل تفنى أبدا‪.‬‬
‫ومنهم طائفة تسمى النحلية ‪ -‬نسبوا إلى الحسن بن علسى بن ورصند النحلى ‪ -‬كان من أهل نفطة من‬
‫عمل قفصة وقسطيلية من كور إفريقيا‪ ً،‬ثم نهضِ هذا الكافر إلى السوس فى أقاصى بلد المصامدة‪ً،‬‬
‫فأضرلهم وأضرل أمير السوس أحمد بن إدريس بن يحيى بن إدريس بن عبد ال بن الحسين بن الحسن بن‬
‫علسى ابن أبى طالب‪ ً،‬فهم هناك كثير سكان فى ربضِ مدينة السوس‪ ً،‬معلنون بكفرهم‪ ً،‬وصلتهم خلف‬
‫صلة المسلمين‪ ً،‬ل يأكلون شيئا من الثمار يزييل أصله‪ ً،‬ويقولون إن المامة فى ولد الحسن دون ولد‬
‫الحسين ‪ -‬ومنهم أصحاب أبى كامل ‪ -‬ومن قولهم‪ :‬إن جميع الصحابة )رضى ال عنهم( كفروا بعد‬
‫موت النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬إذ جحدوا إمامة علسى‪ ً،‬وأن عليا كفر إذ سلم المر إلى أبى بكر ثم‬
‫عمر ثم عثمان‪ ً،‬ثم قال جمهورهم‪ :‬إرن عليا وممن اتبعه رجعوا إلى السلم إذ دعا إلى نفسه بعد قتل‬
‫عثمان‪ ً،‬وإذ كشف وجهه وسرل سيفه‪ ً،‬وأنه وإياهم كانوا قبل ذلك مرتدين عن السلم كفارا مشركين‪ً،‬‬
‫ومنهم ممن يرد الذنب فى ذلك إلى النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬إذ لم يبين المر بيانا رافعا للشكال‪.‬‬
‫قال أبو محمد‪ :‬وكل هذا كفر صريح ل خفاء به‪.‬‬
‫فهذه مذاهب المامية ‪ -‬وهى المتوسطة فى الغلو من فرقا الشيعة ‪ -‬وأما الغالية من الشيعة فهم قسمان‪ً،‬‬
‫قسم‪ :‬أوجبت النبوة بعد النبى صلى ال عليه وسلم لغيره‪ ً،‬والقسم الثانى‪ :‬أوجبوا اللهية لغيرال عرز‬
‫ومجسل فلحقوا بالنصارى واليهود‪ ً،‬وكفروا أشنع الكفر‪.‬‬
‫فالطائفة التى أوجبت النبوة بعد النبى صلى ال فرقا‪ :‬فمنهم الغرابة‪ ً،‬وقولهم‪ :‬إسن محمدا صلى ال عليه‬
‫وسلم كان أشبه بعلسى من الغراب بالغراب‪ ً،‬وإن ال عرز وجسل بعث جبريل عليه السلم بالوحى إلى‬
‫عل سى‪ ً،‬فغلط جبريل بمحمد‪ ً،‬ول لوم على جبريل فى ذلك لنه غلط‪ ً،‬وقالت طائفة منهم‪ :‬بل تعمد ذلك‬
‫جبريل وكرفروه ولعنوه ‪ ...‬لعنهم ال‪.‬‬
‫قال أبو محمد‪ :‬فهل يسمع بأضعف عقولل وأتم رقاعة من قوم يقولون إرن محمدا صلى ال عليه وسلم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كان يشبه علسى بن أبى طالب‪ ً،‬فياللناس!! أين يقع شبه ابن أربعين سنة من صبى ابن إحدى عشرة سنة‬
‫حتى يغلط به جبريل عليه السلم؟!‬
‫ثم محمد عليه الصلة والسلم فوقا الربعة إلى الطول‪ ً،‬قويم القناة‪ ً،‬كث اللحية‪ ً،‬أدعج العينين‪ ً،‬ممتلى‬
‫الساقين ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قليل شعر الجسد‪ ً،‬أفرع‪.‬‬
‫وعل سى دون الربعة إلى القصر‪ ً،‬منكب شديد النكباب كأنه كسر ثم جبر‪ ً،‬عظيم اللحية قد ملت صدره‬
‫من منكب إلى منكب إذا التحى‪ ً،‬ثقيل العينين‪ ً،‬دقيقا الساقين‪ ً،‬أصلع عظيم الصلع‪ ً،‬ليس فى رأسه شعر‬
‫إل فى مؤخره يسير‪ ً،‬كثير شعر اللحية‪ ً،‬فاعجبوا لحمقا هذه الطبقة!!‬
‫ثم لو جاز أن يغلط جبريل ‪ -‬وحاشا لروح القدس المين ‪ -‬كيف غفل ال عرز وجرل عن تقويمه وتنبيهه‬
‫وتركه على غلطه ثلثا وعشرين سنة‪ .‬ثم أظرف من هذا كله ممن أخبرهم بهذا الخبر وممن مخررفهم بهذه‬
‫الخرافة‪ ً،‬وهذا ل يعرفه إل ممن شاهد أمر ال تعالى لجبريل عليه السلم‪ ً،‬ثم شاهد خلفه‪ ً،‬فعلى هؤلء‬
‫لعنة ال ولعنة اللعنين ولعنة الناس أجمعين‪ ً،‬ما دام ل فى عالمه خلقا‪.‬‬
‫وفرقة قالت بنبوة علسى‪ ً،‬وفرقة قالت بأرن علسى بن أبى طالب والحسن والحسين رضى ال عنهم‪ ً،‬وعلسى‬
‫بن الحسين‪ ً،‬ومحمد بن علسى‪ ً،‬وجعفر بن محمد‪ ً،‬وموسى بن جعفر‪ ً،‬وعلسى بن موسى‪ ً،‬ومحمد بن علسى‪ً،‬‬
‫والحسن بن محمد‪ ً،‬والمنتظر ابن الحسن أنبياء كلهم‪.‬‬
‫وفرقة قالت بنبوة محمد بن إسماعيل بن جعفر فقط‪ ً،‬وهم طائفة من القرامطة‪ ً،‬وفرقة قالت بنبوة علسى‬
‫وبنيه الثلثة الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية فقط وهم طائفة من الكياسنية‪ .‬وقد حام المختار حول‬
‫أن ميسدعى النبوة لنفسه‪ ً،‬وسجع أسجاعا وأنذر بالغيوب عن ال‪ ً،‬واتبعه على ذلك طوائف من الشيعة‬
‫الملعونة‪ ً،‬وقال بإمامة محمد ابن الحنفية‪.‬‬
‫وفرقة قالت بنبوة المغيرة بن سعيد‪ ً،‬مولى بجيلة بالكوفة‪ ً،‬وهو الذى أحرقه خالد بن عبد ال القسرى‬
‫بالنار‪ ً،‬وكان لعنه ال يقول‪ :‬إرن معبوده صورة رجل على رأسه تاج‪ ً،‬وأن أعضاؤه على عدد حروف‬
‫الهجاء‪ ً،‬اللف للساقين ‪ ...‬ونحو ذلك مما ل ينطقا لسان ذى شيعة من دين به ‪ -‬تعالى ال عما يقول‬
‫الكافرون علوا كبيرا‪.‬‬
‫وكان لعنه ال يقول‪ :‬إ رن معبوده لما أراد أن يخلقا الخلقا تكلم باسمه الكبر فوقع على تاجه‪ ً،‬ثم كتب‬
‫بأصبعه أعمال العباد من المعاصى والطاعات‪ ً،‬فلما رأى المعاصى ارفضِ به عرقا فاجتمع من عرقه‬
‫بحران‪ ً،‬أحدهما ملح مظلم والثانى نسير عذب‪ ً،‬ثم اطلع فى البحر فرأى ظله فذهب ليأخذه فطار‪ ً،‬فأخذه‬
‫فقلع عين ذلك الظل ومحقه‪ ً،‬فخلقا من عينيه الشمس وشمسا أخرى‪ ً،‬وخلقا الكفار من البحر المالح‬
‫وخلقا المؤمنين من البحر العذب‪ ً،‬فى تخليط له كثير!‬
‫وكان مما يقول‪ :‬إرن النبياء لم يختلفوا قط فى شىء من الشرائع‪.‬‬
‫وقد قيل‪ :‬إ رن جابر بن يزيد الجعفى الذى يروى عن الشعبى‪ ً،‬كان خليفة المغيرة بن سعيد إذ حرقه خالد‬
‫بن عبد ال القسرى‪ ً،‬فلما مات جابر خلفه بكر العور الهجرى‪ ً،‬فلما مات فروضوا أمرهم إلى عبد ال‬
‫بن المغيرة رئيسهم المذكور‪ ً،‬وكان لهم عدد ضخم بالكوفة‪.‬‬
‫وآخر ما وقف عليه المغيرة بن سعيد القول بإمامة محمد بن عبد ال بن الحسن ابن الحسين‪ ً،‬وتحريم‬
‫ماء الفرات‪ ً،‬وكل ماء نهر أو معهين أو بئر وقت فيه نجاسة‪ ً،‬فبرئت منه عند ذلك القائلون بالمامة فى‬
‫ولد الحسين‪.‬‬
‫وفرقة قالت بنبوة بيان بن سمعان التميمى‪ ً،‬صلبه وأحرقه خالد بن عبد ال القسرى مع المغيرة بن سعيد‬
‫فى يوم واحد‪ ً،‬وجبن المغيرة بن سعيد عن اعتناقا حزمة الحطب جبنا شديدا حتى ي‬
‫ضم إليها قهرا‪ ً،‬وبادر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بيان بن سمعان إلى الحزمة فاعتنقها من غير إكراه ولم يظهر منه جزع‪ ً،‬فقال خالد لصحابهما‪ :‬فى كل‬
‫شىء أنتم مجانين‪ ً،‬هذا كان ينبغى أن يكون رئيسكم ل هذا الفسل‪.‬‬
‫وكان بيان ‪ -‬لعنه ال ‪ -‬يقول‪ :‬إرن ال تعالى يفنى كله حاشا وجهه فقط‪ ً،‬وظن المجنون أنه تعلقا فى‬
‫لهكمرارم{ُ‪ ً،‬ولو كان له‬ ‫كفره هذا بقول ال تعالى‪} :‬يكسل ممهن معملهيمها مفاهَن * موميهبمقـى موهجيه مريبمك يذو ٱهلمج م‬
‫لرل موٱ ر‬
‫أدنى عقل أو فهم‪ ً،‬لعلم أرن ال تعالى إنما أخبر بالفناء عما على الرضِ فقط بنص قوله الصادقا‪} :‬يكسل‬
‫ممهن معلمهيمها مفاهَن{ُ‪ ً،‬ولم يصف عرز وجرل بالفناء غير ما على الرضِ‪ ً،‬ووجه ال تعالى هو ال وليس هو‬
‫شيئا غيره‪ ً،‬وحاشا ل من أن ييوصف بالتبعيضِ‪ ً،‬والتجزئ‪ ً،‬هذه صفة المخلوقين المحدودين ل صفة من‬
‫ل يمحد‪ ً،‬ول له مثل‪.‬‬
‫وكان لعنه ال يقول‪ :‬إنه الممهعرنسى بقوله تعالى‪} :‬مهــمذا مبميافن يللرنارس{ُ‪.‬‬
‫وكان يذهب إلى أن المام هو هاشم بن عبد ال بن محمد ابن الحنفية‪ ً،‬ثم هى فى سائر ولد علسى كلهم‪.‬‬
‫وقالت فرقة منهم بنبوة منصور المستير العجلى‪ ً،‬وهو الملقب بالكسف‪ ً،‬وكان يقال إنه المراد بقول ال‬
‫معرز ومجرل‪} :‬مورإن ميمرهوها ركهسفا يممن ٱلرسممآرء مسارقطا{ُ‪ ً،‬وصلبه يوسف بن عمر بالكوفة‪.‬‬
‫وكان لعنه ال يقول‪ :‬إنه يعررج به إلى السماء‪ ً،‬وأسن ال تعالى مسح رأسه بيده وقال له‪ :‬ابنى‪ ً،‬اذهب فبسلغ‬
‫عنى‪ ً،‬وكان يمين أصحابه‪ :‬ل والكلمة‪.‬‬
‫بأن أول من خلقا ال تعالى عيسى ابن مريم‪ ً،‬ثم علسى ابن إلى طالب‪.‬‬ ‫وكان لعنه ال يقول‪ :‬ر‬
‫وكان يقول بتواتر الرسل‪ ً،‬وأباح المحررمات من الزنا والخمر والميتة والخنزير والدم‪ ً،‬وقال‪ :‬إنما هم‬
‫أسماء رجال‪ ً،‬وجمهور الرافضة اليوم على هذا‪ ً،‬وأسقط الصلة والزكاة والصيام والحج‪ ً،‬وأصحابه‬
‫ضاخون‪ ً،‬وكذلك أصحاب المغيرة بن سعيد‪.‬‬ ‫كلهم خرناقون ر ر‬
‫ومعناهم فى ذلك‪ ً،‬أنهم ل يستحلون حمل السلم حتى يخرج الذى ينتظرونه‪ ً،‬فهم يقتلون الس بالخنقا‬
‫وبالحجارة‪ ً،‬والخشبية بالخشب فقط‪.‬‬
‫وذكر هشام بن الحكم الرافضى فى كتابه المعروف بـ "الميزان" ‪ -‬وهو أعلم الناس بهم لنه جارهم‬
‫بالكوفة وجارهم فى المذهب ‪ -‬أن الكسفية خاصة يقتلون ممن كان منهم وممن خالفهم‪ ً،‬ويقولون‪ :‬ينمعيجل‬
‫المؤمن إلى الجنة والكافر إلى النار‪.‬‬
‫وكانوا بعد موت أبى منصور يؤدون اليخمس مما يأخذون ممن خنقوه إلى الحسن ابن أبى المنصور‪ً،‬‬
‫وأصحابه فرقتان‪ ً،‬فرقة قالت‪ :‬إسن المامة بعد محمد ابن علسى بن الحسن صارت إلى محمد بن عبد ال‬
‫بن الحسن بن الحسين‪ ً،‬وفرقة قالت‪ :‬بلى إلى أبى المنصور الكسف ول تعود فى ولد علسى أبدا‪.‬‬
‫وقالت فرقة بنبوة بزيغ الحائك بالكوفة‪ ً،‬وإن وقع هذه الدعوة لهم فى حائك لظريفة‪.‬‬
‫وفرقة قالت بنبوة معمر بائع الحنطة بالكوفة‪.‬‬
‫وقالت فرقة بنبوة عمير التبان بالكوفة‪ ً،‬وكان لعنه ال يقول لصحابه‪ :‬لو شئت أن أعيد هذا التبن تبرا‬
‫لفعلت‪ ً،‬وقدم إلى خالد بن عبد ال القسرى بالكوفة فتجلد وسسب خالدا‪ ً،‬فأمر خالد بضرب عنقه فيقتل إلى‬
‫لعنة ال‪.‬‬
‫وهذه الفرقا الخمس كلها من فرقا الخطابية‪.‬‬
‫وقالت فرقة فى أولئك ‪ -‬شيعة بنى العباس ‪ -‬بنبوة عمار الملقب بخداش‪ ً،‬فظفر به أسد بن عبد ال أخو‬
‫خالد بن عبد ال القسرى فقتله إلى لعنة ال‪.‬‬
‫والقسم الثانى من فرقا الغالية‪ ً،‬الذين يقولون باللهية لغير ال عرز ومجرل‪ ً،‬فأولهم قوم من أصحاب عبد‬
‫على بن أبى طالب فقالوا مشافهة‪ :‬أنت هو‪ .‬فقال لهم‪ :‬ومن هو؟‬ ‫ال بن سبأ الحميرى لعنه ال‪ ً،‬أتوا إلى ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قالوا‪ :‬أنت ال‪ ً،‬فاستعظم المر وأمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار‪ ً،‬فجعلوا يقولون وهم ييرمون فى النار‪:‬‬
‫الن صح عندنا أنه ال‪ ً،‬لنه ل يمعرذب بالنار إل ال ‪ ...‬وفى ذلك يقول رضى ال عنه‪:‬‬
‫*لما رأييت المر أمرا منكرا * أرججت نارا ودعويت قنبرا*‬
‫يريد قنبر موله‪ ً،‬وهو الذى تولى طرحهم فى النار ‪ ...‬نعوذ بال من أن نفتتن بمخلوقا أو يفتتن بنا‬
‫مخلوقا فيما مجرل أو مدرقا‪ ً،‬فإن محنة أبى الحسن رضى ال عنه من بين أصحابه رضى ال عنهم كمحنة‬
‫عيسى صلى ال عليه وسلم بين أصحابه من الرسل عليهم السلم‪.‬‬
‫وهذه الفرقة باقية إلى اليوم فاشية عظيمة العدد‪ ً،‬يسمون العليائية‪ ً،‬منهم كان إسحاقا بن محمد النخعى‬
‫الحمر الكوفى وكان من متكلميهم‪ ً،‬وله فى ذلك كتاب سماه "الصراط" نقضِ عليه البهنكى والفرياضِ بن‬
‫عل سى‪ ً،‬وله فى هذا المعنى كتاب سماه "القسطاس"‪ ً،‬وأبوه الكاتب المشهور الذى كتب لسحاقا بن كنداج‬
‫أيام وليته‪ ً،‬ثم لمير المؤمنين المعتضد‪ ً،‬وفيه يقول البحترى القصيدة المشهورة التى أولها‪:‬‬
‫*شط من ساكن الغدير فراره * وطوته البلد وال حاره*‬
‫والفياضِ هذا ‪ -‬لعنه ال ‪ -‬قتله القاسم بن عبد ال بن سليمان بن وهب‪ ً،‬لكونه من جملة ممن سعى به‬
‫أيام المعتضد‪ ً،‬والقصة مشهورة‪.‬‬
‫وفرقة قالت بإلهية آدم عليه السلم والنبيين بعده نبيا نبيا إلى محمد عليه السلم‪ ً،‬ثم بإملهية علسى‪ ً،‬ثم‬
‫بإملهية الحسن ثم الحسين ثم محمد بن علسى ثم جعفر ابن محمد ووقفوا ههنا‪ ً،‬وأعلنت الخطابية بذلك‬
‫نهارا بالكوفة فى ولية عيسى ابن موسى بن محمد بن علسى بن عبد ال بن العباس‪ ً،‬فخرجوا صدر‬
‫النهار فى جموع عظيمة فى أزر وأردية محرمين ينادون بأعلى أصواتهم‪ :‬لبيك جعفر ‪ ..‬لبيك جعفر‪.‬‬
‫قال ابن عياش وغيره‪ :‬كأنى أنظر إليهم يومئذ‪ .‬فخرج إليهم عيسى بن موسى فقاتلوه فقتلهم واصطلمهم‪.‬‬
‫ثم زادت فرقة على ما ذكرنا فقالت بإملهية محمد بن إسماعيل بن جعفر ابن محمد وهم القرامطة‪ ً،‬وفيهم‬
‫ممن قال بإملهية أبى سعيد الحسن بن بهرام الجبائى وأبنائه بعده‪ ً،‬ومنهم ممن قال بإملهية أبى القاسم النجار‬
‫القائم باليمن فى بلد همدان المسمى بالمنصور‪.‬‬
‫وقالت طائفة منهم بإملهية عبيد ال ثم الولة من ولده إلى يومنا هذا‪ ً،‬وقالت طائفة بإملهية أبى الخطاب‬
‫محمد بن أبى زينب مولى بنى أسد بالكوفة‪ ً،‬وكثر عددهم بها حتى تجاوزوا اللوف‪ ً،‬وقالوا‪ :‬هو إمله‪ً،‬‬
‫وجعفر بن محمد إمله‪ ً،‬إل أرن أبا الخطاب أكبر منه‪.‬‬
‫وكانوا يقولون‪ :‬جميع أولد الحسن أبناء ال وأحباؤه‪ ً،‬وكانوا يقولون‪ :‬إنهم ل يموتون ولكنهم ييرفعون‬
‫إلى السماء‪ ً،‬وأشبه على الناس بهذا الشيخْ الذى ترون‪.‬‬
‫ثم قالت طائفة منه بإملهية معمر بائع الحنطة بالكوفة وعبدوه‪ ً،‬وكان من أصحاب أبى الخطاب‪ ً،‬لعنهم ال‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫وقالت طائفة بإملهية الحسن بن منصور حلج القطن المصلوب ببغداد بسعى الوزير ابن حامد بن العباس‬
‫رحمه ال أيام المقتدر‪.‬‬
‫وقالت طائفة بإملهية محمد بن علسى بن السمعانى الكاتب المقتول ببغداد أيام الراضى‪ ً،‬وكان أمر أصحابه‬
‫أن يفسقا الرفع قدرا منهم به ليولج فيه النور‪ ً،‬وكل هذه الفرقا ترى الشتراك فى النساء‪.‬‬
‫وقالت طائفة منهم بإملهية شباس المقيم فى وقتنا هذا حيا بالبصرة‪ ً،‬وقالت طائفة منهم بإملهية أبى مسلم‬
‫صار القائم بثأر أبى مسلم‪ ً،‬واسم هذا‬ ‫السراج‪ ً،‬ثم قالت طائفة من هؤلء بإملهية المقنع العور الق س‬
‫القص ار هاشم‪ ً،‬وقرتل لعنه ال أيام المنصور‪ ً،‬وأعلنوا بذلك فخرج المنصور فقتلهم وأفناهم إلى لعنة ال‪.‬‬ ‫س‬
‫وقالت الرنودية بإملهية أبى جعفر المنصور‪ ً،‬وقالت طائفة منهم بإملهية عبد ال بن الخرب الكندى الكوفى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وعبدوه‪ ً،‬وكان يقول بتناسخْ الرواح‪ ً،‬وفرضِ عليهم تسعة عشرة صلة فى اليوم والليلة‪ ً،‬فى كل صلة‬
‫خمسة عشر ركعة‪ ً،‬إلى أن ناظره رجل من متكلمى الصفرية‪ ً،‬وأوضح له براهين الدين فأسلم وصح‬
‫إسلمه وتبرأ من كل ما كان عليه‪ ً،‬وأعلم أصحابه بذلك وأظهر التوبة فتبرأ منه جميع أصحابه الذين‬
‫كانوا يعبدونه ويقولون بإملهيته ولعنوه وفارقوه‪ ً،‬ورجعوا كلهم إلى القول بإمامة عبد ال بن معاوية بن‬
‫عبد ال أبن جعفر بن أبى طالب‪.‬‬
‫وبقى عبد ال بن الخرب على السلم وعلى مذهب الصفرية إلى أن مات‪ ً،‬وطائفته اليوم يتعرف‬
‫بالخربية وهى من السبأية القائلين بإملهية علسى‪ ً،‬وطائفة تدعى النصرية غلبوا فى وقتنا هذا على جند‬
‫الردن بالشام وعلى مدينة طبرية خاصة‪.‬‬
‫ومن قولهم لعن فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولعن الحسن و الحسين ابنى علسى رضى‬
‫ال عنهم وسبهم بأقذع السب وقذفهم بكل لبيية‪ ً،‬والقطع بأنها وابنيها ‪ -‬رضى ال عنهم ولعمن مبغضيهم‬
‫‪ -‬شياطين تصروروا فى صورة النسان‪ ً،‬وقولهم فى عبد الرحمن بن ملجم المرادى قاتل علسى رضى ال‬
‫عنه‪:‬على علسى لعنة ال ورضى ال عن ابن ملجم ‪ -‬فيقول هؤلء‪ :‬إسن عبد الرحمن بن ملجم المرادى‬
‫أفضل أهل الرضِ وأكرمهم فى الخرة‪ ً،‬لنه خرلص روح اللهوت مما كان يتشبث فيه من ظلمة‬
‫الجسد وكدره‪.‬‬
‫فاعجبوا لهذا الجنون‪ ً،‬واسألوا ال العافية من بلء الدنيا والخرة‪ ً،‬فهى بيده ل بيد أحد سواه‪ ً،‬جعل ال‬
‫حظنا منها الوفى‪.‬‬
‫واعلموا أرن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمى إلى السلم‪ ً،‬فإنما عنصرهم الشيعة‬
‫والصوفية‪ ً،‬فإرن من الصوفية ممن يقول‪ :‬إرن ممن عرف ال تعالى سقطت عنه الشرائع‪ ً،‬وزاد بعضهم‪:‬‬
‫واتصل بال تعالى!!‬
‫ل يكنى أبا سعيد أبا الخير ‪ -‬هكذا معا ‪ -‬من الصوفية‪ً،‬‬ ‫وبلغنا أرن بنيسابور اليوم فى عصرنا هذا رج ل‬
‫مرة يلبس الصوف ومرة يلبس الحرير المحررم على الرجال‪ ً،‬ومرة يصلى فى اليوم ألف ركعة ومرة ل‬
‫يصلى ل فريضة ول نافلة‪ ً،‬وهذا كفر محضِ‪ ً،‬ونعوذ بال من الضلل"‪.‬‬
‫***‬
‫وبعد‪ ...‬يقول ال تعالى‪} :‬موممآ آمتايكيم ٱلرريسويل مفيخيذويه مومما منمهايكهم معهنيه مفٱِنمتيهوها موٱرتيقوها ٱلرلمه إررن ٱلرلمه مشردييد‬
‫ٱهلرعمقارب{ُ‪.‬‬
‫صربيريوها إررن ٱلرلمه مممع‬‫ل متمنامزيعوها مفمتهفمشيلوها مومتهذمهمب ررييحيكهم موٱ ه‬ ‫ويقول سبحانه‪} :‬موأمرطييعوها ٱلرلمه مومريسولميه مو م‬
‫صاربرريمن{ُ‪.‬‬ ‫ٱل ر‬
‫لهمرر رمهنيكهم مفرإن متمنامزهعيتهم رفي‬ ‫ويقول مجرل شأنه‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمرطييعوها ٱلرلمه موأمرطييعوها ٱلرريسومل موأيهورلي ٱ م‬
‫مشهيهَء مفيرسدويه إرملى ٱلرلره موٱلرريسورل رإن يكهنيتهم يتهؤرمينومن ربٱِللرره موٱهلميهوم ٱلرخرر ـذرلمك مخهيفر موأمهحمسين متهأروي ل‬
‫ل{ُ‪.‬‬ ‫ر‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ل يهؤرمينومن محرتـى يمحيكيمومك رفيمما مشمجمر مبهيمنيههم ثرم ل ميرجيدوا رفيي أنفرسرههم محمرجا‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل مومريبمك م‬ ‫ويقول مجرل وعل‪} :‬مف م‬
‫ضهيمت مويمسلييموها متهسرليما{ُ‪.‬‬ ‫يمرما مق م‬
‫وعن أبى سعيد الخدرى رضى ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬لتتبعن سنن الذين من‬
‫قبلكم شبرا بشبر‪ ً،‬وذراعا بذراع‪ ً،‬حتى لو دخلوا فى جحر ضب لتبعتوهم" قلنا‪ :‬يا رسول ال‪ ً،‬اليهود‬
‫والنصارى؟ قال‪" :‬مفمن"؟‪.‬‬
‫وعن عوف بن مالك رضى ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬افترقا اليهود على‬
‫إحدى وسبعين فرقة‪ ً،‬فواحدة فى الجنة وسبعون فى النار‪ ً،‬وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫فإحدى وسبعون فى النار‪ ً،‬وواحدة فى الجنة ‪ ..‬والذى نفسى بيده‪ ً،‬لتفترقسن أمتى على ثلث وسبعين‬
‫فرقة‪ ً،‬فواحدة فى الجنة واثنتان وسبعون فى النار"‪ ً،‬قيل‪ :‬يا رسول ال ممن تراهم؟ قال‪" :‬الجماعة"‪.‬‬
‫ضوا‬ ‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬عليكم بيسرنتى ويسرنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى‪ ً،‬مع س‬
‫عليها بالنواجذ‪ ً،‬وإياكم ومحدثات المور‪ ً،‬فإن كل محدثة بدعة‪ ً،‬وكل بدعة ضللة‪ ً،‬وكل ضللة فى‬
‫النار"‪.‬‬
‫وعن النعمان بن بشير رضى ال عنهما قال‪ :‬سمعيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬إرن الحلمل‬
‫بسين والحرام بسين‪ ً،‬وبينهما مشتبهات ل يعلمهن كثير من الناس ‪ ..‬فممن أتقى الشبهات استبرأ لدينه‬
‫ورعرضه‪ ً،‬و ممن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام‪ ً،‬كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه‪ ً،‬أل‬
‫وإرن لكل ملك حمى‪ ً،‬أل وإن حمى ال محارمه‪ ً،‬أل وإرن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‪ً،‬‬
‫وإذا فسدت فسد الجسد كله‪ ً،‬أل وهى القلب"‪.‬‬
‫صدقا ال العظيم ‪ ...‬وصدقا رسوله الكريم‪.‬‬
‫فالرلهم ربنا‪ :‬أصلح فساد قلوبنا‪ ً،‬وأرنا الحقا حقا وارزقنا اتباعه‪ ً،‬وأرنا الباطل باط ل‬
‫ل وارزقنا اجتنابه‪ً،‬‬
‫وجنبنا يا رب الشبهات‪ ً،‬واحفظ قلوبنا من الزيغ والضلل‪ ً،‬واهدنا إلى صراطك المستقيم‪* * * .‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) كلمة إجمالية عن الشيعة وعقائدهم (‬

‫* كلمة إجمالية عن الشيعة وعقائدهم‪:‬‬


‫الشيعة فى الصل‪ ً،‬هم الذين شايعوا عليا وأهل بيته ووالوهم‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إن عليا هو المام بعد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وإن الخلفة حقا له‪ ً،‬استحقها بوصية من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وهى ل‬
‫تخرج عنه فى حياته‪ ً،‬ول عن أبنائه بعد وفاته‪ ً،‬وإن خرجت عنهم فذلك يرجع إلى واحد من أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يغتصب غاصب ظالم هذا الحقا لنفسه‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن يتخلى صاحب الحقا عنه فى الظاهر‪ ً،‬تقية منه‪ ً،‬ودرءا للشر عن نفسه وعن أتباعه‪.‬‬
‫وهذا المذهب الشيعى‪ ً،‬من أقدم المذاهب السلمية‪ ً،‬وقد كان مبدأ ظهوره فى آخر عهد عثمان رضى‬
‫ال عنه ثم نما واتسع على عهد علسى رضى ال عنه‪ ً،‬إذا كان كلما اختلط ‪ -‬رضى ال عنه ‪ -‬بالناس‬
‫تملكهم العجب‪ ً،‬واستولت عليهم الدهشة‪ ً،‬مما يظهر لهم من قوة دينه‪ ً،‬ومكنون علمه‪ ً،‬وعظيم مواهبه‪ً،‬‬
‫فاستقل الدعاة كل هذا العجاب وأخذوا ينشرون مذهبهم بين الناس‪.‬‬
‫ثم جاء عصر بنى أمية وفيه وقعت المظالم على العلويين‪ ً،‬ونزلت بهم محن قاسية‪ ً،‬أثارت كامن المحبة‬
‫على وذرريته شهداء هذا الظلم الموى‪ ً،‬فاتسع نطاقا‬‫لهم‪ ً،‬وحرركت دفين الشفقة عليهم‪ ً،‬ورأى الناس فى س‬
‫هذا المذهب الشيعى وكثر أنصاره‪ .‬ويظهر لنا أسن هذا الحب ر‬
‫لعلى وأهل بيته‪ ً،‬وتفضيلهم على من‬
‫سواهم‪ ً،‬ليس بالمر الذى مجرد وحدث بعد عصر الصحابة‪ ً،‬بل يورجد من الصحابة ممن كان يحب عليا‬
‫ويرى أنه أفضل من سائر الصحابة‪ ً،‬وأنه أمولى بالخلفة من غيره‪ ً،‬كعمار بن ياسر‪ ً،‬والمقداد بن‬
‫السود‪ ً،‬وأبى ذر الغفارى‪ ً،‬وسلمان الفارسى‪ ً،‬وجابر بن عبد ال‪ ..‬وغيرهم كثير‪.‬‬
‫غير أسن هذا الحب والتفضيل لم يمنع أصحابه من مبايعة الخلفاء الذين سبقوا عليا رضى ال عنه‪ً،‬‬
‫لعلمهم أسن المر شورى بينهم‪ ً،‬وأسن صلح السلم والمسلمين ل بد له من شمل متحد وكلمة مجموعة‪ً،‬‬
‫كما أسن المر لم يصل بهم إلى القول بالمبدأ الذى تكاد تتفقا عليه كلمة الشيعة‪ ً،‬ويرونه قوام مذهبهم‬
‫وعقيدتهم وهو‪" :‬أسن المامة ليست من مصالح العامة التى يتفيوضِ إلى نظر المة‪ ً،‬ويعين القائم بها‬
‫بتعيينهم‪ ً،‬بل هى ركن الدين وقاعدة السلم‪ ً،‬ول يجوز للنبى إغفاله ول تفويضه إلى المة‪ ً،‬بل يجب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عليه تعيين المام لهم‪ ً،‬ويكون معصوما من الكبائر والصغائر‪ ً،‬وأسن عليا رضى ال عنه‪ ً،‬هو الذى عسينه‬
‫رسول ال صلوات ال وسلمه عليه"‪.‬‬
‫لم يكن الشيعة جميعا متفقين فى المذهب‪ ً،‬والعقيدة‪ ً،‬فمنهم ممن تغالى فى تشيعه وتطسرف فيه إلى حد جعله‬
‫يلقى على الئمة نوعا من التقديس والتعظيم‪ ً،‬ويرمى كل ممن خالف عليا وحزبه بالكفر‪ .‬ومنهم ممن‬
‫اعتدل فى تشيعه فاعتقد أحقبة الئمة بالمامة وخطأ ممن خالفهم‪ ً،‬ولكن ليس بالخطأ الذى يصل بصاحبه‬
‫إلى درجة الكفر‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬الختلف فى تعيين الئمة‪ ً،‬وذلك أنهم اتفقوا جميعا على إمامة علسى رضى ال عنه‪ ً،‬ثم على‬
‫إمامة ابنه الحسن من بعده‪ ً،‬ثم على إمامة الحسين من بعد أخيه‪ .‬ولما يقرتل الحسن على عهد يزيد بن‬
‫معاوية تعددت وجهة نظر الشيعة فيمن يكون المام بعد الحسين رضى ال عنه‪:‬‬
‫ففريقا يرى أسن الخلفة بعد قتل الحسين انتقلت إلى أخيه من أبيه‪ ً،‬محمد ابن علسى‪ ً،‬المعروف بابن‬
‫الحنفية‪ ً،‬فبايعوه بها‪.‬‬
‫وفريقا ثان‪ :‬يرى حصر المامة فى ولد علسى من فاطمة‪ ً،‬وقد أصبحت بعد قتل الحسين حقا لولد‬
‫الحسن‪ ً،‬لنه أكبر إخوته فل يؤثر بها غير أولده‪ ً،‬وهم ينتظرون كبرهم ليبايعوا أرشدهم‪.‬‬
‫وفريقا ثالث‪ :‬يرى ما يراه الفريقا الثانى من حصرها فى ولد علسى من فاطمة‪ ً،‬غاية المر أن يقول‪ :‬إسن‬
‫الحسن قد تنازل عنها فسقط حقا أولده فيها‪ ً،‬وبقيت المامة حقا لولد الحسين الذى يقرتل من أجلها فهم‬
‫أولى بالنتظار‪.‬‬
‫بلغ عدد الفرقا التى انقسم إليها الشيعة حدا كبيرا من الكثرة‪ ً،‬منها مضن تغالى فى تشيعه وتجاوز‬
‫بمعتقداته حد العقل واليمان‪ ً،‬ومنها ممن اعتدل فى تشيعه فلم تبالغ كما بالغ غيرها‪.‬‬
‫ولس يت بمستوعب كل هذه الرفرقا‪ ً،‬ولكنى سأقتصر على فرقتين هما‪ :‬الزيدية‪ ً،‬والمامية "الثنا عشرية"‪ً،‬‬
‫و "السماعيلية"‪ ً،‬لنى لم أعثر على مؤلفات فى التفسير لغير هاتين الرفرقتين من رفرقا الشيعة‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الزيدية (‬

‫أما الزيدية ‪ ..‬فهم أتباع زيد بن علسى بن الحسين رضى ال عنهم‪ ً،‬طمحت نفسه إلى استرداد الخلفة‪ً،‬‬
‫صرلب‪ ً،‬ثم أحرقا‬‫فخرج على الخليفة الموى هشام بن عبد الملك‪ ً،‬ولكن أتباعه خذلوه وفررقوا عنه فيقرتل و ي‬
‫جسده‪ ً،‬وقد ورد فى سبب تفرقا أصحابه عنه وخذلنهم له "أنه لما اشتد القتال بينه وبين يوسف بن عمر‬
‫الثقفى عامل هشام بن عبد الملك‪ ً،‬قال الذين بايعوه‪ :‬ما تقول فى أبى بكر وعمر؟ فقال زيد‪ :‬أثنى عليهما‬
‫جدى علسى‪ ً،‬وقال فيهما حسنا‪ ً،‬وإنما خروجى على بنى يأمرية‪ ً،‬فإنهم قاتلوا جدى عليا‪ ً،‬وقتلوا جدى حسينا‪ً،‬‬
‫فخرجوا عليه ورفضوه‪ ً،‬فيسسموا رافضة بذلك السبب"‪.‬‬
‫والزيدية أقرب فرقا الشيعة إلى الجماعة السلمية‪ ً،‬إذ أنها لم تغل فى معتقداتها‪ ً،‬ولم يمكيفر الكثرون‬
‫منها أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ولم ترفع الئمة إلى مرتبة المله أو إلى درجة النبيين‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) قوام مذهب الزيدية (‬

‫وقوام مذهب زيد وأتباعه إلى ما قبل طروء التغير عليه والتفرقا بين أصحابه‪ ً،‬هو ما يأتى‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ - 1‬أن المام منصوص عليه بالوصف ل بالسم‪ ً،‬وهذه الوصاف هى‪ :‬كونه فاطميا‪ ً،‬ورعا‪ ً،‬سخيا‪ً،‬‬
‫يخرج داعيا الناس لنفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه يجوز إمامة المفضول مع وجود ممن هو أفضل منه بتوفر هذه الصفات فيه‪.‬‬
‫وبنوا على هذا أنه لو وقع اختيار يأولى الحل والعقد على إمام تتوفر فيه هذه الصفات مع وجود ممن‬
‫تتوفر فيه صرحت إمامته‪ ً،‬ولزمت بيعته‪ ً،‬ولهذا قالوا بصحة إمامة أبى بكر وعمر رضى ال عنهما‪ً،‬‬
‫وعدم تكفير الصحابة ببيعتهما‪.‬‬
‫ولقد كان من مذهب الزيدية جواز خروج إمامين فى قطرين مختلفين ل فى قطر واحد‪ ً،‬كما كان من‬
‫مذهبهم أن مرتكب الكبيرة إذا لم يتب فهو مخرلد فى النار‪ ً،‬وهذا هو معهين مذهب المعتزلة‪ .‬ويظهر أسن‬
‫هذه العقيدة تسسربت من المعتزلة إلى الزيدية فقالوا بها كما قالوا بكثير من مبادئهم‪ .‬والسر فى ذلك هو‬
‫أن زيدا رحمه ال تتلمذ لواصل بن عطاء‪ ً،‬فأخذ عنه آراءه العتزالية وقال بها‪.‬‬
‫غير أسن الزيدية لم يدوموا على وحدتهم المذهبية زمنا طوي ل‬
‫ل‪ ً،‬بل تفررقوا واختلفت عقائدهم‪ .‬وقد ذكر لنا‬
‫صاحب المواقف أنهم تفسرقوا إلى ثلث رفرقا‪ ً،‬وذكر لكل رفرقة خصائصها ومميزاتها وعقائدها‪.‬‬
‫ول نطيل بذكر ذلك‪ .‬وممن أراد الوقوف عليه فليرجع إليه فى موضعه‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) المامية (‬

‫أما المامية فهم القائلون بأرن النبى صلى ال عليه وسلم نص على إمامة علسى رضى ال عنه نصا‬
‫ظاهرا‪ ً،‬ل بطريقا التعريضِ بالوصف كما يقول الزيدية‪ ً،‬كما أنهم يحصرون المامة بعد علسى فى ولده‬
‫من فاطمة رضى ال عنها‪.‬‬
‫وأصحاب هذا المذهب قد بالغوا فى تشيعهم‪ ً،‬وتعدوا حدود العقل والشرع‪ ً،‬مفمكرفروا الكثير من الصحابة‪ً،‬‬
‫واعتبروا أبا بكر وعمر مغتصبين للخلفة ظالمين لعلسى رضى ال عنه‪ ً،‬فأوجبوا التبرؤ منهما‪ ً،‬ولم يسلم‬
‫من هذا التطرف إل نفر قليل‪ ً،‬كالعلمة الطبرسى صاحب التفسير‪.‬‬
‫وقد اتفقا المامية على إمامة علسى رضى ال عنه‪ ً،‬ثم انتقلت المامة إلى ابنه الحسن بالوصية له من‬
‫أبيه‪ ً،‬ثم إلى أخيه الحسين من بعده‪ ً،‬ثم إلى ابنه علسى زين العابدين‪ ً،‬ثم إلى ابنه محمد الباقر‪ ً،‬ثم إلى ابنه‬
‫جعفر الصادقا‪ ً،‬ثم اختلفوا بعد ذلك فى سوقا المامة‪ ً،‬وانقسموا إلى فرقا عدة أشهرها فرقتان‪ :‬المامية‬
‫الثنا عشرية‪ ً،‬والمامية السماعيلية‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) المامية الثنا عشرية ‪ -‬أشهر تعاليمهم (‬

‫أما المامية الثنا عشرية‪ ً،‬فيرون أسن المامة بعد جعفر الصادقا انتقلت إلى ابنه موسى الكاظم‪ ً،‬ثم إلى‬
‫ابنه عل سى الرضا‪ ً،‬ثم إلى ابنه محمد الجواد‪ ً،‬ثم المنتظر وهو المام الثانى عشر‪ ً،‬ويزعمون أنه دخل‬
‫سردابا فى دار أبيه بـ "سر ممن رأى" ولم يعد بعد‪ ً،‬وأنه سيخرج فى آخر الزمان‪ ً،‬ليمل الدنيا عد ل‬
‫ل‬
‫وأمنا‪ ً،‬كما يمرلمئت ظلما وخوفا‪.‬‬
‫وهؤلء قد جاوزوا الحد فى تقديسهم للئمة‪ ً،‬فزعموا أسن المام له صلة روحية بال كصلة النبياء‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬إرن اليمان بالمام جزء من اليمان بال‪ ً،‬وأرن ممن مات غير معتقد بالمام فهو ميت على الكفر‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وغير ذلك من اعتقاداتهم الباطلة فى الئمة‪.‬‬
‫**‬
‫* أشهر تعاليم المامية الثنى عشرية‪:‬‬
‫وأشهر تعاليم المامية الثنى عشرية أمور أربعة‪ :‬العصمة‪ ً،‬والمهدية‪ ً،‬والرجعة‪ ً،‬والتقرية‪.‬‬
‫أما العصمة‪ :‬فيقصدون منها أن الئمة معصومون من الصغائر والكبائر فى كل حياتهم‪ ً،‬ول يجوز‬
‫عليهم شىء من الخطأ والنسيان‪.‬‬
‫وأما المهدية‪ :‬فيقصدون منها المام اليمنتظر الذى يخرج فى آخر الزمان فيمل الرضِ أمنا وعد ل‬
‫ل‪ ً،‬بعد‬
‫أن يمرلمئت جورا وخوفا‪ .‬وأول من قال بهذا هو كيسان مولى علسى بن أبى طالب فى محمد ابن الحنفية‪ً،‬‬
‫ثم تسسربت إلى طوائف المامية‪ ً،‬فكان لكل منها مهدى منتظر‪.‬‬
‫وأما الرجعة‪ :‬فهى عقيدة لزمة لفكرة المهدية‪ ً،‬ومعناها‪ :‬أنه بعد ظهور المهدى اليمنتظر‪ ً،‬يرجع النبى‬
‫صلى ال عليه وسلم إلى الدنيا‪ ً،‬ويرجع علسى‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬والحسين‪ ً،‬بل وكل الئمة‪ ً،‬يرجع النبى صلى ال‬
‫عليه وسلم إلى الدنيا‪ ً،‬ويرجع علسى‪ ً،‬والحسن‪ ً،‬والحسين‪ ً،‬بل وكل الئمة‪ ً،‬كما يرجع خصومهم‪ ً،‬كأبى‬
‫بكر وعمر‪ ً،‬فيقتص لهؤلء الئمة من خصومهم‪ ً،‬ثم يموتون جميعا‪ ً،‬ثم يحيون يوم القيامة‪.‬‬
‫وأما التقية‪ :‬فمعناها المداراة والمصانعة‪ ً،‬وهى مبدأ أساسى عندهم‪ ً،‬وجزء من الدين يكتمونه عن الناس‪ً،‬‬
‫فهى نظام سرى يسيرون على تعاليمه‪ ً،‬فيدعون فى الخفاء لمامهم المختفى ويظهرون الطاعة لمن بيده‬
‫المر‪ ً،‬فإذا مقويت شوكتهم أعلنوها ثورة مسلحة فى وجه الدولة القائمة الظالمة‪.‬‬
‫هذه هى أهم تعاليم المامية الثنى عشرية‪ ً،‬وهم يستدلون على كل ما يقولون ويعتقدون بأدلة كثيرة‪ً،‬‬
‫غير أنها ل يتسرلم لهم‪ ً،‬ول يتثبت مدعاهم‪ .‬ونحن نمسك عنها وعن ردها خوف الطالة‪ ً،‬وسيمر بك ‪ -‬إن‬
‫شاء ال تعالى ‪ -‬شىء من ذلك‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) المامية السماعيلية (‬

‫وأما المامية السماعيلية‪ ً،‬فيرون أرن المامة بعد جعفر الصادقا انتقلت إلى ابنه اسماعيل‪ ً،‬بالنص من‬
‫أبيه على ذلك‪ ً،‬قالوا‪ :‬وفائدة النص مع أنه مات قبل أبيه هو بقاء المامة فى عقبه‪ ً،‬ثم انتقلت المامة من‬
‫إسماعيل إلى ابنه محمد المكتوم‪ ً،‬وهو أول الئمة المستورين‪ ً،‬وبعده تتابع أئمة مستورون إلى أن ظهر‬
‫بالدعوة المام عبد ال المهدى رأس الفاطميين‪.‬‬
‫ثم إ سن هؤلء المامية السماعيلية لقبوا بسبعة القاب‪ ً،‬وبعضِ هذه اللقاب أسماء لبعضِ رفرقهم‪ ً،‬وهذه‬
‫اللقاب هى ما يأتى‪:‬‬
‫‪ -1‬السماعيلية‪ :‬لثباتهم المامة لسماعيل بن جعفر الصادقا كما قلناه‪.‬‬
‫‪ - 2‬الباطنية‪ :‬لقولهم بالمام الباطن ‪ -‬أى المستور ‪ -‬أو لقولهم بأن للقرآن ظاهرا وباطنا‪ ً،‬والمراد منه‬
‫باطنه دون ظاهره‪.‬‬
‫‪ -3‬القرامطة‪ :‬لن أولهم الذى دعا الناس إلى مذهبهم رجل يقال له حمدان قرمط‪.‬‬
‫‪ -4‬الحرمية‪ :‬لباحتهم المحررمات والمحارم‪.‬‬
‫‪ -5‬السبعية‪ :‬لنهم زعموا أن النطقاء بالشرائع سبعة‪ :‬آدم‪ ً،‬ونوح‪ ً،‬وإبراهيم‪ ً،‬وموسى‪ ً،‬وعيسى‪ ً،‬ومحمد‪ً،‬‬
‫ومحمد المهدى المنتظر سابع النطقاء‪ ً،‬وبين كل اثنين من النطقاء سبعة أئمة يتممون شريعته‪ ً،‬ول بد فى‬
‫يقتدى وبهم يهتمدى‪.‬‬‫كل عصر من سبعة بهم ي س‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ -6‬البابكية أو الخرمية‪ :‬لتباع طائفة منهم بابك الخرمى الذى خرج بأذربيجان‪.‬‬
‫‪ -7‬المحمرة‪ :‬للبسهم اليحهمرة أيام بابك‪ ً،‬أو لتسميتهم المخالفين لهم حميرا‪.‬‬
‫**‬
‫هذا ول يفوتنا أن نقول‪ :‬إن هذه الطوائف من الشيعة قد باد معظمها‪ ً،‬وأشهر ما بقى منها إلى اليوم‬
‫ثلث رفرقا‪ ً،‬هى‪ :‬المامية الثنا عشرية‪ ً،‬والمامية السماعيلية )وهم المسمون بالباطنية(‪ ً،‬والزيدية‪.‬‬
‫أما المامية الثنا عشرية ‪ ..‬فينتشرون اليوم فى بلد إيران‪ ً،‬وبلد العراقا كما يوجد منهم جماعة‬
‫بالشام‪.‬‬
‫وأما السماعيلية ‪ ..‬فينتشرون فى بلد الهند‪ ً،‬كما يوجدون فى نواح أخرى متفرقة‪ ً،‬وزعيمهم أغاخان‬
‫الزعيم الهندى السماعيلى المعروف‪ ً،‬وهو من نسل الحسن بن الصسباح صاحب قلعة الموت‪ ً،‬والحسن‬
‫هذا من نسل علسى بن أبى طالب‪.‬‬
‫وأما الزيدية فيوجدون ببلد اليمن‪.‬‬
‫إذن فالجدر بنا أن نمسك عن موقف هذه الرفرقا البائدة من تفسير القرآن‪ ً،‬ما دامت قد بادت ولم يبقا لها‬
‫أثر‪ ً،‬وما دمنا لم نقف لها على شىء فى التفسير أكثر من هذه الينمبذ المتفرقة التى وجدناها للبعضِ منهم‬
‫وجمعناها من بطون الكتب المختلفة‪.‬‬
‫والذى يستحقا عنايننا وبحثنا بعد ذلك‪ ً،‬هو تلك الفرقا الثلث التى ل تزال موجودة إلى اليوم محتفظة‬
‫بتعاليمها وآرائها‪ .‬وسنبدأ أولل بالمامية الثنى عشرية‪ ً،‬ثم بالمامية السماعيلية‪ ً،‬ثم بالزيدية‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) موقف المامية الثنا عشرية من تفسير القرآن الكريم (‬

‫للمامية الثنى عشرية معتقدات يدينون بها‪ ً،‬وينفردون بها عمن عداهم من طوائف الشيعة‪ .‬وهم حين‬
‫يعتقدون هذه المعتقدات ل بد لهم ‪ -‬ما داموا يقرون بالسلم ويعترفون بالقرآن ولو بوجه ما ‪ -‬أن‬
‫يقيموا هذه العقائد على دعائم من نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬وأن يدافعوا عنها بكل ما يمكنهم من سلح‬
‫الجدل وقوة الدليل‪.‬‬
‫* *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم‬
‫من تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) موقفهم من الئمة وأثر ذلك فى تفسيرهم (‬

‫وإذا نحن استعرضنا هذه المعتقدات وجدنا أن أهمها يدور حول أئمتهم‪ ً،‬فهم يلقون على الئمة نوعا من‬
‫التقديس والتعظيم‪ ً،‬ويرون أن الئمة "أركان الرضِ أن تميد بأهلها‪ ً،‬ويحرجة ال البالغة على ممن فوقا‬
‫الرضِ وممن تحت الثرى" ويرون أسن المامة "زمام الدين‪ ً،‬ونظام المسلمين‪ ً،‬وصلح الدنيا‪ ً،‬وعز‬
‫المؤمنين"‪.‬‬
‫ولما كان المام عندهم فوقا أن ييحكم عليه‪ ً،‬وفوقا الناس فى طينته وتصرفاته‪ ً،‬فإسنا نراهم يعتقدون بأن‬
‫له صلة روحية بال تعالى كتلك الصلة التى للنبياء والرسل‪ ً،‬وأنه يممشيرع ويممنيفذ‪ ً،‬وأرن ال قد فروضِ‬
‫النبى والمام فى الدين‪ ً،‬ويروون عن الصادقا أنه قال‪" :‬إرن ال خلقا نبيه على أحسن أدب وأرشد عقل‪ً،‬‬
‫ثم أردب نبيه فأحسن تأديبه فقال‪} :‬يخرذ ٱهلمعهفمو موهأيمهر ربٱِهليعهررف موأمهعرر ه‬
‫ضِ معرن ٱهلمجارهرليمن{ُ‪ ً،‬ثم أثنى ال عليه‬
‫فقال‪} :‬موإررنمك ملمعملـى يخليهَقا معرظيهَم{ُ‪ ً،‬ثم بعد ذلك فروضِ إليه دينه‪ ً،‬فروضِ إليه التشريع فقال‪} :‬موممآ آمتايكيم‬
‫ٱلرريسويل مفيخيذويه مومما منمهايكهم معهنيه مفٱِنمتيهوها{ُ‪ ً،‬و }رمهن يرطرع ٱلرريسومل مفمقهد أممطامع ٱلرلمه{ُ‪ ً،‬ال فوضِ ديتع إلى نبيه‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم إن نبى ال فروضِ كل ذلك إلى علسى وأولده سلمتم وجحده الناس‪ ً،‬فوال لنحبم أن تقولوا إذا قلنا وأن‬
‫تصمتوا إذا صمتنا‪ ً،‬ونحن فيما بينكم وبين ال‪ ً،‬وما جعل ال لحد خيرا فى خلف أمرنا"‪.‬‬
‫وحيث إن ال تعالى خلقا النبى وكل إمام بعده على أحسن أدب وأرشد عقل‪ ً،‬فل يختار النبى ول المام‬
‫إل ما فيه صلح وثواب‪ ً،‬ول يخطر بقلب النبى ول بقلب المام ما يخالف مشيئة ال وما يناقضِ‬
‫مصلحة المة‪ .‬فيفيوضِ ال تعيين بعضِ المور إلى رأى النبى ورأى المام مثل الزيادة فى عدد ركعات‬
‫الفرضِ ومثل تعيين النوافل من الصلة والصيام‪ ً،‬وذلك إظهارا لكرامة النبى والمام‪ ً،‬ولم يكن أصل‬
‫التعيين إل بالوحى‪ ً،‬ثم لم يكن الختيار إل باللهام‪ ً،‬وله فى الشرع شواهد‪ :‬حررم ال الخمر‪ ً،‬وحررم النبى‬
‫كل مسكر فأجازه ال‪ ً،‬وفرضِ ال الفرائضِ ولم يذكر الجد‪ ً،‬فجعل النبى للجد السدس‪ ً،‬وكان النبى ييبرشر‬
‫وييعرطى الجنة على ال وييجيزه ال‪.‬‬
‫وأيضا فروضِ ال النبى والئمة من بعده أمور الخلقا‪ ً،‬وأمرو الدارة والسياسة من التأديب والتكميل‬
‫والتعليم‪ ً،‬وواجب على الناس طاعتهم فى كل ذلك‪ ً،‬قالوا‪ :‬وهذا حقا ثابت دسلت الخبار عليه‪.‬‬
‫وأيضا ف روضهم ال تعالى فى البيان‪ ً،‬بيان الحكام والفتاء وتفسير آيات القرآن وتأويلها‪ ً،‬ولهم أن يبينوا‬
‫ولهم أن يسكتوا‪ ً،‬ولهم فوقا ذلك الباين كيفما أرادوا وعلى أى وجه شاءوا تقرية منهم وعلى حسب‬
‫الحوال والمصلحة‪ .‬والتفويضِ بهذا المعنى ميردعون أنه حقا ثابت لهم‪ ً،‬والخبار ناطقة به وشاهدة عليه‪.‬‬
‫يقول صاحب "الكافى" ‪" :‬سأل ثلثة من الناس صادقا عن آية واحدة فى كتاب ال فأجاب كل واحد‬
‫بجواب‪ ً،‬أجاب ثلثة بأجوبة ثلثة‪ ً،‬واختلف الجوبة فى مسألة واحدة كان يقع إما على سبيل التقرية وإما‬
‫على سبيل التفويضِ"‪.‬‬
‫وهناك نوع آخر من التفويضِ يثبتونه للنبى والئمة‪ ً،‬ذلك هو أن النبى أو المام له أن يحكم بظاهر‬
‫الشريعة‪ ً،‬وله أن يترك الظاهر ويحكم بما يراه وما يلهمه ال من الواقع وخالص الحقا فى كل واقعة‪ً،‬‬
‫كما كان لصاحب موسى فى قصة الكهف‪ ً،‬وكما وقع لذى القرنين‪.‬‬
‫ثم كان من توابع هذه العقيدة التى يعتقدونها فى أئمتهم أن قالوا بعصمة الئمة‪ ً،‬وقالوا بالمهدى المنتظر‪ً،‬‬
‫وقالوا بالرجعة‪ ً،‬وقالوا بالتقرية‪ ً،‬وهذه كلها عقائد رسخت فى أذهانهم وتمكنت من عقولهم‪ ً،‬فأخذوا بعد‬
‫هذا ينظرون إلى القرآن الكريم من خلل هذه العقائد ففسروا القرآن وفقا لهواهم‪ ً،‬وفهموا نصوص‬
‫وتأرولوها حسبما تمليه عليهم العقيدة ويزينه لهم الهوى ‪ ...‬وهذا تفسير بالرأى المذموم‪ ً،‬تفسير من اعتقد‬
‫أو ل‬
‫ل‪ ً،‬ثم فسسر ثانيا بعد أن اعتقد‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) تأثر المامية الثنا عشرية بآراء المعتزلة وأثر ذلك فى تفسيرهم (‬

‫هذا وإن المامية الثنى عشرية لهم فى نصوص القرآن التى تتصل بمسائل علم الكلم نظرة تتفقا إلى‬
‫حد كبير مع نظرة المعتزلة إلى هذه النصوص نفسها ولم يكن بينهم وبين المعتزلة خلف إل فى مسائل‬
‫قليلة‪ ً،‬ويظهر أن هذا الرتباط الوثيقا الذى كان بين الفريقين راجع إلى تتلمذ الكثير من شيوخ الشيعة‬
‫وعلمائهم لبعضِ شيوخ المعتزلة‪ ً،‬كما يظهر لنا جليا أن هذا الرتباط فى التفكير شيء قديم غير جديد‪ً،‬‬
‫فالحسن العكسرى‪ ً،‬والشريف المرتضى‪ ً،‬وأبو على الطبرسى‪ ً،‬وغيرهم من قدماء الشيعة‪ ً،‬ينظرون هذه‬
‫النظرة العتزالية فى تفاسيرهم التى بأيدينا‪ ً،‬والتى تعرضنا لبعضها وسنعرضِ لبعضها الخر قريبا‪ ً،‬بل‬
‫إننا نجد الشريف المرتضى فى أماليه يحاول محاولة جدية أن يجعل عليا رضى ال عنه معتزليا أو‬
‫رأس المعتزلة على الصح‪ ً،‬وقد تقردمت لنا مقالته التى عرضنا لها عند الكلم عن أماليه‪ .‬وليس من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫شك فى أن هذه النظرات العتزالية كان لها أثر كبير فى تفسيرهم‪ ً،‬وسنقف على شىء من ذلك إن شاء‬
‫ال تعالى‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) تأثرم بمذاهبهم الفقهية والصولية فى تفاسيرهم (‬

‫ل نجدهم يذكرون أن أدلى الفقه‬ ‫ثم إرن الشيعة لهم فى الفقه وأصوله آراء خالفوا بها ممن سواهم‪ ً،‬فمث ل‬
‫أربعة وهى‪ :‬الكتاب‪ ً،‬واليسرنة‪ ً،‬والجماع‪ ً،‬ودليل العقل‪.‬‬
‫أما الكتاب فلهم رأى فيه سنعرضِ له فيما بعد‪.‬‬
‫وأما اليسرنة فهم غير أمناء عليها ول ملتزمين ما صح منها‪ ً،‬وسنعرضِ لها فيما بعد أيضا‪.‬‬
‫وأما الجماع فليس يحرجة بنفسه‪ ً،‬وإنما يكون يحرجة إذا دخل المام المعصوم فى المجمعين‪ ً،‬أو كان‬
‫الجماع كاشفا عن رأيه فى المسألة‪ ً،‬أو كان الجماع عن دليل معتبر‪ ً،‬فهو فى الحقيقة داخل فى الكتاب‬
‫أو اليسرنة‪.‬‬
‫وأما دليل العقل عندهم فل يدخل فيه القياس‪ ً،‬ول الستحسان‪ ً،‬ول المصالح المرسلة‪ ً،‬لن ذلك كله ليس‬
‫يحرجة عندهم‪.‬‬
‫ل تراهم يقولون‪ :‬إسن فرضِ الرجلين فى الوضوء هو المسح دون‬ ‫وفى الفقه لهم مخالفات يشذون بها‪ ً،‬فمث ل‬
‫الغسل‪ ً،‬ول يجيوزون المسح على الخفين‪ ً،‬وجروزوا نكاح المتعة‪ ً،‬وجروزوا أن تورث النبياء‪ ً،‬ولهم‬
‫ل‪ ً،‬ولهم مخالفات كثيرة غير ذلك فى مسائل الجتهاد‪.‬‬ ‫مخالفات فى نظام الرث‪ ً،‬كإنكارهم للعول مث ل‬
‫لهذا كان طبيعيا أن يقف المامية الثنا عشرية من اليات التى تتعلقا بالفقه وأصوله موقفا فيه تعصب‬
‫وتعسف‪ .‬حتى يستطيعوا أن ييخضعوا هذه النصوص ويجعلوها أدلة لرائهم ومذاهبهم‪ .‬كما كان طبيعيا‪ً،‬‬
‫أن يتأ رولوا ما يعارضهم من اليات والحاديث‪ .‬بل ووجدناهم أحيانا يزيدون فى القرآن ما ليس منه‬
‫ويسدعون أنه قراءة أهل البيت‪ ً،‬وهذا إمعان منهم فى اللجاج‪ ً،‬وإغراقا فى المخالفة والشذوذ‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) احتيالهم على تركيز عقائدهم وترويجها (‬

‫ويظهر لنا أن المامية الثنى عشرية لم يجدوا فى القرآن كل ما يساعدهم على أغراضهم وميولهم‪ً،‬‬
‫ل ‪ -‬يردعون إن القرآن له ظاهر وباطن بل وبواطن كثيرة‪ ً،‬وأن علم جميع القرآن عند‬ ‫فراحوا ‪ -‬أو ل‬
‫الئمة‪ ً،‬سواء فى ذلك ما يتعلقا بالظواهر وما يتعلقا بالبواطن‪ ً،‬وحجروا على العقول فمنعوا الناس من‬
‫القول فى القرآن بغير سماع من أئمتهم‪.‬‬
‫وراحوا ‪ -‬ثانيا ‪ -‬ميسدعون أن القرآن وراد كله أو جله فى أئمتهم ومواليهم‪ ً،‬وفى أعدائهم ومخالفيهم‬
‫كذلك‪.‬‬
‫وراحوا ‪ -‬ثالثا ‪ -‬ميردعون أن القرآن يحيرف ويبدل عما كان عليه زمن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وكل‬
‫هذا ل أعتقد إل أنه من قبيل الحتيال على تركيز عقائدهم وإيهام الناس أنها مستقاة من القرآن الذى هو‬
‫المنبع الساسى والول للدين‪.‬‬
‫وأعجب من هذا أنهم أخذوا ييميوهون على الناس‪ ً،‬ويغرون العامة بما وضعوه من أحاديث على رسول‬
‫ل منهم‪ ً،‬ورموهم بكل‬‫ال صلى ال عليه وسلم وعلى أهل بيته‪ ً،‬وطعنوا على الصحابة إل نفرا قلي ل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫نقيصة فى الدين‪ ً،‬ليجدوا لنفسهم من رواء ذلك ثغرة يخرجون منها عندما تأخذ بخناقهم الحاديث‬
‫الصحيحة التى يرويها هؤلء الصحابة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ويحسن بنا أل نمر سراعا على هذه النقاط الربعة بالذات‪ ً،‬بل علينا أن نقف أمامها وقفة طويلة ودقيقة‬
‫حتى نستطيع أن نقف على مدى هذه الوهام والدعاوى التى كان لها أكبر الثر فى اتجاه التفسير عند‬
‫المامية الثنى عشرية‪ ً،‬فنقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫‪ -1‬ظاهر القرآن وباطنه‬
‫يقول المامية الثنا عشرية‪ :‬إن القرآن له ظاهر وباطن‪ ً،‬وهذه حقيقة نقرهم عليها ول نعارضهم فيها‬
‫بعد ما صح لدينا من الحاديث التى تقرر هذا المبدأ فى التفسير‪ ً،‬غاية المر أن هؤلء المامية لم يقفوا‬
‫عند هذا الحد‪ ً،‬بل تجاوزوا إلى القول بأن للقرآن سبعة وسبعين بطنا‪ ً،‬ولم يقتصروا على ذلك بل تمادوا‬
‫واسدعوا أن ال تعالى جعل ظاهر القرآن فى الدعوة إلى التوحيد والنبوة والرسالة‪ ً،‬وجعل باطنه فى‬
‫الدعوة إلى المامة والولية وما يتعلقا بهما‪.‬‬
‫* حرصهم على التوفيقا بين ظاهر القرآن وباطنه‪:‬‬
‫ولقد كان من أثر هذا الرأى فى القرآن‪ ً،‬أن اشتد حرص هؤلء القائلين به على أن يعقدوا صلة بين‬
‫المعانى الظاهرة والمعانى الباطنة للقرآن‪ ً،‬ويعملوا بكل ما فى وسعهم وطاقاتهم على إيجاد مناسبة بينهما‬
‫حتى يقيربوا هذا المبدأ من عقول الناس ويجعلوه أمرا سائغا مقبولل‪ .‬ومن أمثلة هذا التوفيقا والربط بين‬
‫ظاهر القرآن وباطنه قوله تعالى‪} :‬رممثيل ٱهلمجرنرة ٱلررتي يورعمد ٱهليمرتيقومن رفيمهآ أمهنمهافر يمن رمآهَء مغهيرر آرسهَن موأمهنمهافر يمن‬
‫صدفى مومليههم رفيمها رمن يكيل ٱلرثمممرارت{ُ‪ً،‬‬ ‫لرمبهَن لرهم ميمتمغريهر مطهعيميه موأمهنمهافر يمهن مخهمهَر لررذهَة يللرشاررربيمن موأمهنمهافر يمهن معمسهَل سم م‬
‫فهم يقرون أن هذا الظاهر مراد ال تعالى‪ ً،‬ومراد له مع هذا الظاهر معنى آخر باطنى هو علوم الئمة‬
‫عليهم السلم‪ ً،‬ويقولون‪ :‬إن الجامع بين المعنيين هو النتفاع بكل منهما وبمثل هذا يوفقون بين المعانى‬
‫الظاهرة والباطنة‪ ً،‬حتى ل يكون مستبعدا إرادة ال لمعنى خاص بحسب ما يدل عليه ظاهر اللفظ‪ً،‬‬
‫وإرادته لمعنى آخر بحسب ما يدل عليه باطن المر‪.‬‬
‫* حملهم الناس على التسليم بما يسدعون من المعانى الباطنة للقرآن‪:‬‬
‫وكأينى بالمامية الثنى عشرية بعد أن ربطوا بين ظاهر القرآن وباطنه‪ ً،‬وجمعوا بينهما بجامع التناسب‬
‫والتشابه ‪ ...‬كأينى بهم يعتقدون أن مثل هذا الربط ل يكفى فى حمل الناس على أن يذهبوا مذهبهم هذا‪ً،‬‬
‫فحاولوا أن يحملوهم عليه من ناحية العقيدة والرهاب الدينى‪ ً،‬الذى يشبه الرهاب الكنسى للعامة فى‬
‫العصور المظلمة‪ ً،‬من حمل الناس على ما يوحون به إليهم بعد أن حظروا عليهم إعمال العقل‪ ً،‬وحاولوا‬
‫بينهم وبين حريتهم الفكرية‪ ً،‬فقالوا‪ :‬إسن النسان يجب عليه أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه على السواء‪ً،‬‬
‫كما يجب عليه أن يؤمن بمحكمه ومتشابهه‪ ً،‬وناسخه ومنسوخه‪ ً،‬ول بد أن يكون ذلك على سبيل‬
‫ل عن آل البيت‪ ً،‬ويكفى فيه الجمال إن لم يصل إليه التفصيل‪.‬‬ ‫صل‬ ‫التفصيل إن وصل إليه علم ذلك مف س‬
‫قالوا‪ :‬ول يجوز أن ينكر الباطن بحال‪ ً،‬وعليه أن ييسيلم بكل ما وصل إليه من ذلك عن طريقا آل البيت‬
‫وإن لم يفهم معناه‪ ً،‬ولو أسن إنسانا آمن بالظاهر وأنكر الباطن لكفر بذلك‪ ً،‬كما لو أنكر الظاهر وآمن‬
‫بالباطن أو الظاهر والباطن جميعا‬
‫وحرصا منهم لعى تعطيل عقول الناس ومنعهم من النظر الحر فى نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬قالوا‪:‬‬
‫إن جميع معانى القرآن‪ ً،‬سواء منها ما يتعلقا بالظاهر وما يتعلقا بالباطن‪ ً،‬اختص بها النبى صلى ال‬ ‫س‬
‫عليه وسلم والئمة من بعده‪ ً،‬فهم الذين عندهم علم الكتاب كله‪ ً،‬لن القرآن نزل فى بيتهم "وأهل البيت‬
‫أدرى بما فى البيت" أما ممن عداهم من الناس فل يرون أدنى شبهة فى قصور علمهم‪ ً،‬وعدم إدراكه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل عن معانيه الباطنة‪ ً،‬قالوا‪ :‬ولهذا ل يجوز لنسان أن يقول فى‬ ‫لكثير من معانى القرآن الظاهرة‪ ً،‬فض ل‬
‫القرآن إل بما وصل إليه من طريقهم‪ ً،‬غاية المر أنهم جروزوا لمن أخلص حبه وانقياده ل ولرسوله‬
‫ولهل البيت واستمد علومه من أهل البيت حتى أنس من نفسه العلم والمعرفة ‪ ..‬جروزوا لمثل هذا أن‬
‫يستنبط من القرآن ما يتيسر له‪ ً،‬لنه بحبه لل البيت وأخذه عنهم صار كأنه منهم وقد قيل‪" :‬سلمان منا‬
‫آل البيت"‪.‬‬
‫**‬
‫* أثر التفسير الباطنى فى تلعبهم بنصوص القرآن‪:‬‬
‫ولقد كان من نتائج هذا التفسير الباطنى للقرآن أن وجد القائلون به أمام أفكارهم مضطربا بالغا ومجا ل‬
‫ل‬
‫رحبا‪ ً،‬يتسع لكل ما يشاؤه الهوى وتزينه لهم العقيدة‪ ً،‬فأخذوا يتصررفون فى القرآن كما يحبون‪ ً،‬وعلى‬
‫أى وجه يشتهون بعد ما ظنوا أسن العامة قد انخدعت بأوهامهم وسرلموا بأفكارهم ومبادئهم‪.‬‬
‫ل ‪ :-‬إسن من لطف ال تعالى أن يشير بواسطة المعانى الباطنة لبعضِ اليات إلى ما سيحدث‬ ‫فقالوا ‪ -‬مث ل‬
‫فى المستقبل من حوادث‪ ً،‬ويعدون هذا من وجوه إعجازه‪ ً،‬ثم ييفيرعون على هذه القاعدة ما يشاؤه لهم‬
‫ل فى قوله تعالى‪} :‬لممتهرمكيبرن مطمبقا معن‬ ‫الهوى‪ ً،‬وما يزينه فى أعينهم داعى العقيدة وسلطانها‪ ً،‬فيقولون مث ل‬
‫لرمة ستسلك سبيل ممن كان قبلها من المم فى الغدر بالوصياء بعد‬ ‫مطبقا{ُ‪ ً،‬إنه إشارة إلى أسن هذه ا ي‬
‫هَ‬
‫النبياء‪.‬‬
‫كذلك مركن لهم القول بباطن القرآن من أن يقولوا‪ :‬إرن اللفظ الذى ييراد به العموم ظاهرا كثيرا ما يراد به‬
‫ل لفظ‪" :‬الكافرين" الذى يراد به العموم‪ ً،‬يقولون‪ :‬هو فى الباطن‬ ‫الخصوص بحسب المعنى الباطن‪ ً،‬فمث ل‬
‫مخصوص بمن كفر بولية علسى‪.‬‬
‫كما مركنهم أيضا من أن يصرفوا الخطاب الذى هو يمورجه فى الظاهر إلى المم السابقة أو إلى أفراد‬
‫ل قوله تعالى‪} :‬مورمن‬ ‫منها‪ ً،‬إلى ممن يصدقا عليه الخطاب فى نظرهم من هذه المة بحسب الباطن‪ ً،‬فمث ل‬
‫مقهورم يمومسـى أيرمفة ميههيدومن ربٱِهلمحيقا موربره ميهعرديلومن{ُ يقولون فيه‪ :‬قوم موسى فى الباطن هم أهل السلم‪.‬‬
‫ولقد مكرنهم أيضا من أن يتركوا أحيانا المعنى الظاهر ويقولوا بالباطن وحده‪ ً،‬كما فى قوله تعالى‪} :‬مولمهو م‬
‫ل‬
‫ضهعمف ٱهلممممارت يثرم م‬
‫ل مترجيد لممك‬ ‫ضهعمف ٱهلمحميارة مو ر‬ ‫مأن مثربهتمنامك لممقهد ركدرت متهرمكين إرلمهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬
‫ل * رإذا لمذهقمنامك ر‬
‫صيرا{ُ‪ ً،‬فالظاهر غير مراد عندهم‪ ً،‬ويقولون‪ :‬عنى بذلك غير النبى‪ ً،‬لن مثل هذا ل يليقا أن‬ ‫معملهيمنا من ر‬
‫يكون موجها للنبى عليه الصلة والسلم‪ ً،‬وإنما هو ممعنوى به ممن قد مضى‪ ً،‬أو هو من باب‪" :‬إيارك أعنى‬
‫واسمعنى ياجارة"‪.‬‬
‫كذلك مركنهم هذا المبدأ من إرجاع الضمير إلى ما لم يسبقا له ذكر‪ ً،‬كما فى قوله تعالى‪} :‬مقامل ٱرلرذيمن م‬
‫ل‬
‫ميهريجومن رلمقآمءمنا ٱهئرت ربيقهرآهَن مغهيرر مهــمذآ أمهو مبيدهليه{ُ‪ ً،‬حيث يفسرون‪" :‬أو بدله" بمعنى أو بيدل عليا‪ .‬ومعلوم أسن‬
‫عليا لم يسبقا له ذكر‪ ً،‬ولم يكن الكلم مسوقا فى شأن خلفته ووليته‪.‬‬
‫ومما ساغا لهم أن يقولوه بعد تقريرهم لمبدأ القول بالباطن‪ :‬أرن تأويل اليات القرآنية ل يجرى على أهل‬
‫زمان واخد‪ ً،‬بل عندهم أسن كل فقرة من فقرات القرآن لها تأويل يجرى فى كل آن‪ ً،‬وعلى أهل كل‬
‫زمان‪ ً،‬فمعانى القرآن على هذا متجددة‪ .‬حسب تجدد الزمنة وما يكون فيها من حوادث‪ .‬بل وساغا لهم‬
‫ما هو أكثر من ذلك فقالوا‪ :‬إسن الية الواحدة لها تأويلت كثيرة مختلفة متناقضة‪ ً،‬وقالوا‪ :‬إسن الية‬
‫الواحدة يجوز أن يكون أولها فى شىء وآخرها فى شىء آخر‪ .‬ول شك أن باب التأويل الباطنى باب‬
‫واسع يمكن لكل ممن ولجه أن يصل منه إلى كل ما يدور بخلده ويجيش بخاطره‪.‬‬
‫وليس لقائل أن يقول‪ :‬إسن رسول ال صلى ال عليه وسلم صررح بأن للقرآن باطنا‪ ً،‬وإن المفسرين جميعا‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫يعترفون بذلك ويقولون به‪ ً،‬فكيف توجه اللوم إلى المامية وحدهم؟ ليس لقائل أن يقول ذلك‪ ً،‬لن الباطن‬
‫الذى أشار إليه الحديث وقال به جمهور المفسرين‪ ً،‬هو عبارة عن التأويل الذى يحتمله اللفظ القرآنى‪ً،‬‬
‫ويمكن أن يكون من مدلولته‪ ً،‬أما الباطن الذى يقول به الشيعة فشىء يتفقا مع أذواقهم ومشاربهم‪ً،‬‬
‫وليس فى اللفظ القرآنى الكريم ما يدل عليه ولو بالشارة‪.‬‬
‫**‬
‫* مخلصهم من تناقضِ أقوالهم فى التفسير‪:‬‬
‫ثم إسن المامية الثنى عشرية‪ ً،‬أحسوا بخطر موقفهم وتحرجه عندما جروزوا أن يكون للية الواحدة أكثر‬
‫من تفسير واحد مع التناقضِ والختلف بين هذه التفاسير‪ .‬فأخذوا يميوهون على العامة ويضللونهم‪ً،‬‬
‫فقرروا من المبادئ ما أوجبوا العتقاد به أولل على الناس ليصلوا بعد ذلك إلى مخلص يتخلصون به‬
‫من هذا المأزقا الحرج‪ ً،‬فكان من هذه المبادئ التى قرروها وأوجبوا العتقاد بها ما يأتى‪:‬‬
‫أولل‪ :‬أن المام مفروضِ من رقمبرل ال فى تفسير القرآن‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنه مفروضِ فى سياسة المة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التقرية‪.‬‬
‫وكل واحد من هذه الثلثة يمكن أن يكون مخلصا للخروج من هذا التناقضِ الذى وقع فى تفاسيرهم التى‬
‫يروونها عن أئمتهم‪ ً،‬فكون المام مفروضا من رقمبرل ال فى تفسير القرآن مخلص لهم‪ ً،‬لن باب التفويضِ‬
‫واسع‪ .‬وكونه مف يوضا فى سياسة المة مخلص أيضا‪ ً،‬لن المام أعلم بالتنزيل والتأويل‪ ً،‬وأعلم بما فيه‬
‫صلح السائل والسامع‪ ً،‬فهو يجيب كل إنسان على حسب ما يرى فيه صلح حاله‪ ً،‬والقول بالتقرية‬
‫مخلص أوسع من سابقيه‪ ً،‬لن المام له أن يسكت ول يجيب‪ .‬تقرية منه "قيل عند الباقر‪ :‬إسن الحسن‬
‫البصرى يزعم أن الذين يكتمون العلم تؤذى ريح بطونهم أهل النار‪ ً،‬فقال الباقر‪ :‬فهلك إذن مؤمن آل‬
‫فرعون‪ ً،‬وما زال العلم مكتوما منذ بعث ال نوحا‪ ً،‬فليذهب الحسن يمينا وشمالل‪ ً،‬ل يوجد العلم إل‬
‫ههنا ‪ ....‬وأشار إلى صدره"‪.‬‬
‫وللمام أن يجيب بحسب الحوال وما يرى فيه المصلحة ‪ ...‬تقرية منه أيضا‪ ً،‬وبنوا على هذا "أن المام‬
‫ل على سبيل التقرية فللشيعى أن يأخذ به ويعمل بما قاله المام إن لم يتنبه الشيعى إلى أن قول‬ ‫إن قال قو ل‬
‫المام كان على سبيل التقرية"‪.‬‬
‫ونحن ل نظن أن الئمة كانوا يلجأون إلى هذه التقرية ‪ ..‬تقرية الخداع فى الخبار‪ ً،‬والنفاقا فى الحكام‪ً،‬‬
‫وإنما هى تمحلت يتمحلونها‪ ً،‬ليخيلصوا بها أنفسهم من هذا الرتباك الذى وقعوا فيه‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -2‬موقف القرآن من الئمة وأوليائهم وأعدائهم‬
‫على ومن بعده من الئمة والتزام حبهم‬ ‫ثم إسن المامية الثنى عشرية‪ ً،‬قرروا أن القرار بإمامة ر‬
‫وموالتهم‪ ً،‬ويبغضِ مخالفيهم وأعدائهم‪ ً،‬أصل من أصول اليمان‪ ً،‬بحيث ل يصلح إيمان المرء إل إذا‬
‫حصل ذلك‪ ً،‬مع القرار بباقى الصول‪ ً،‬كما قرروا وجوب طاعة الئمة‪ ً،‬واعتقاد أفضيلتهم على‬
‫الخلئقا أجمعين‪.‬‬
‫قرر المامية هذا كله‪ ً،‬ثم أخذوا ينزلون نصوص القرآن على ما قرروه‪ ً،‬بل وزادوا على ذلك فقالوا‪ :‬إسن‬
‫كل آيات المدح والثناء وردت فى الئمة وممن والوهم‪ ً،‬وكل آيات الذم والتقريع وردت فى مخالفيهم‬
‫وأعدائهم‪ ً،‬بل ويردعون ما هو أكثر من ذلك فيقولون‪ :‬إن يجرل القرآن بل كله‪ ً،‬يأنرزل فى الرشاد إليهم‪ً،‬‬
‫والعلن بهم‪ ً،‬والمر بموافقتهم‪ ً،‬والنهى عن مخالفتهم‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ولقد كان من أثر زعمهم أن القرآن يجرله أو كله وارد فى أئمتهم وممن والهم‪ ً،‬وفى أعدائهم وممن وافقهم‪ً،‬‬
‫أن قالوا‪ :‬إسن ما نسبه ال إلى نفسه بصيغة الجمع أو ضميرة سره أن أراد إدخال النبى صلى ال عليه‬
‫وسلم والئمة معه‪ .‬قالوا‪ :‬وهو مجاز شائع معروف‪ ً،‬بل وبالغوا فقالوا‪ :‬إسن الئمة هم المقصودون بالذات‬
‫أحيانا كما فى قوله تعالى‪} :‬مومما مظمليمومنا موملــركن مكاينيوها أمهنيفمسيههم ميهظرليمومن{ُ‪ ً،‬حيث رووا عن أبى جعفر محمد‬
‫الباقر أنه قال فيها‪ :‬إسن ال أعظم وأعز وأمجل من أن ييظلم‪ ً،‬ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه‪ً،‬‬
‫ووليتنا وليته‪ ً،‬حيث يقول‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ بمعنى‪ :‬الئمة منا‪.‬‬
‫وأعجب من هذا‪ ً،‬أنهم جعلوا لفظ الجللة‪ ً،‬والله والرب‪ ً،‬مرادا به المام وكذا الضمائر الراجعة إليه‬
‫سبحانه‪ ً،‬وتأرولوا ما أضافه ال إلى نفسه من الطاعة والرضا والغنى والفقر مث ل‬
‫ل‪ ً،‬بما يتعلقا بالمام‬
‫كإطاعته‪ ً،‬ورضاه وغناه وفقره‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬ويعسدون ذلك من قبيل المجاز الشائع المعروف‪ .‬ولكن ل شيوع‬
‫لمثل هذا المجاز ول معرفة لنا به إذ المجاز المتعارف عليه بين العلماء هو استعمال اللفظ فى غير ما‬
‫ضع له لعلقة مع قرينة تمنع من إرادة المعنى الصلى‪ ً،‬وأين العلقة هنا؟ وإذا تكرلفوا العلقة فإين‬ ‫يو ر‬
‫القرينة الصارفة للفظ عن حقيقته؟ ثم ‪ ..‬رلمم هذا التكلف والعدول إلى المجاز‪ ً،‬وقد تقرر أنه ل يهعمدل إلى‬
‫المجاز إل عند تعذر الحقيقة؟‬
‫***‬
‫‪ -3‬تحريف القرآن وتبديله‬
‫وأحسب أن المامية الثنى عشرية‪ ً،‬معرز عليهم أن يكون القرآن غير صحيح فى عقيدتهم بالنسبة للئمة‬
‫وموافقيهم‪ ً،‬وبالنسبة لعدائهم ومخالفيهم‪ ً،‬وكأينى بهم وقد تساءلوا فيما بينهم فقالوا‪ :‬إذا كان القرآن يجرله‬
‫واردا فى شأن الئمة وشيعتهم‪ ً،‬وفى شأن أعدائهم ومخالفيهم‪ ً،‬فرلم لمهم يأت القرآن بذلك صريحا مع أنه‬
‫المقصود أولل وبالذات؟ ورلمم اكتفى بالشارة الباطنة فقط؟ ‪ ...‬كأينى بهم بعد هذا التساؤل‪ ً،‬وبعد هذا‬
‫العتراضِ الذى أخذ بخناقهم‪ ً،‬راحوا يتلمسون للتخلص منه كل سبيل‪ ً،‬فلم يجدوا أسهل من القول‬
‫بتحريف القرآن وتبديله‪ ً،‬فقالوا‪ :‬إسن القرآن الذى جمعه علسى عليه السلم‪ .‬وتوارثه الئمة من بعده‪ ً،‬هو‬
‫القرآن المصحيح الذى لم يتطرقا إليه تحريف ول تبديل‪ ً،‬أما ما عداه فمحررف ومبردل‪ ً،‬يحذف منه كل ما‬
‫ورد صريحا فى فضائل آل البيت‪ ً،‬ولك ما ورد صريحا فى مثالب أعدائهم ومخالفيهم‪ .‬وأخبار التحريف‬
‫متواترة عند الشيعة‪ ً،‬ولهم فى ذلك روايات كثيرة يروونها عن آل البيت‪ ً،‬وهم منها براء‪.‬‬
‫يروى الكافى عن الصادقا‪ :‬أسن القرآن الذى نزل به جبريل على محمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬سبعة‬
‫عشر ألف آية‪ ً،‬والتى بأيدينا منها ستة آلف ومائتنان وثلث وستون آية‪ ً،‬والبواقى مخزونة عند أهل‬
‫البيت فيما جمعه علسى‪.‬‬
‫ل من قريش بأنسابهم وآبائهم‪ .‬وإن‬ ‫ويقولون‪ :‬إن سورة "لم يكن" كانت مشتملة على اسم سبعين رج ل‬
‫سورة "الحزاب" كانت مثل سورة "النعام" أسقطوا منها فضائل أهل البيت‪ .‬وإن سورة "الولية" أسقطت‬
‫بتمامها ‪ ...‬وغير ذلك من خرافاتهم‪.‬‬
‫وأخف ما لهم فى هذا الموضوع هو "أن جميع ما فى المصحف كلم ال‪ ً،‬إل نه بعضِ ما نزل والباقى‬
‫مما نزل عند المستحفظ لم يضع منه شىء وإذا قام القائم يقرؤه الناس كما أنزله ال على ما جمعه أمير‬
‫المؤمنين علسى"‪.‬‬
‫ولقد اصطدم مردعو التحريف والتبديل‪ ً،‬بنصوص من القرآن صريحة فى هدم مردعاهم هذا‪ ً،‬فمن تلك‬
‫النصوص قوله تعالى‪} :‬إررنا منهحين منرزهلمنا ٱليذهكمر موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ‪ ً،‬ولكن سرعان ما تخرلصوا منها بالتأويل‬
‫فقالوا‪} :‬موإررنا لميه لممحارفيظومن{ُ ‪ ..‬أى عند الئمة‪ ً،‬وبمثل هذا التأويل يتخلصون من باقى النصوص‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المعارضة لهم‪.‬‬
‫واصطدموا أيضا بأمرين آخرين لهما عظيم الخطر على عقائدهم ومبادئهم‪.‬‬
‫أولهما‪ :‬كيف تعتمدون فى تعاليمكم ومعتقداتكم على هذا القرآن الذى بأيدينا وقد جزمتم بوقوع التحريف‬
‫والتبديل فيه؟‬
‫ثانيهما‪ :‬كيف توجبون على الناس أن يعترفوا بفضائل آل البيت ويتبرأوا من أعدائهم ومخالفيهم‪ ً،‬واليحرجة‬
‫غير قائمة عليهم بعد أن يحرذف كل ذلك من القرآن؟‬
‫وقد أجابوا عن الول‪ :‬بأرن التحريف إنما وقع فيما ل يخل بالمقصود كثير إخلل‪ ً،‬كحذف اسم علسى‪ً،‬‬
‫وآل محمد‪ ً،‬وأسماء المنافقين‪.‬‬
‫وأجابوا عن الثانى‪ :‬بأسن ال تعالى علم ما سيكون من وقوع التحريف والتبديل فى القرآن‪ ً،‬فلم يكتف بما‬
‫جاء صريحا فى فضائل أهل البيت ومثالب أعدائهم‪ ً،‬بل أشار إلى ذلك ودسل عليه بحسب بطون القرآن‬
‫وتأويله‪ ً،‬وهذا قد سلم من التحريف والتبديل قطعا‪ ً،‬فبقيت اليحرجة قائمة على الناس‪ ً،‬وإن بدسلوا الظاهر‬
‫وحررفوه‪.‬‬
‫والحقا أن الشيعة هم الذين حررفوا وبردلوا‪ ً،‬فكثيرا ما يزيدون فى القرآن ما ليس منه‪ ً،‬ويردعون أنه قراءة‬
‫ل نراهم عند قوله تعالى‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرملهيمك رمن رريبمك{ُ‪ ً،‬يزيدون‪" :‬فى‬ ‫أهل البيت‪ ً،‬فمث ل‬
‫شأن علسى"‪ ً،‬وهى زيادة لم ترد إل من طريقهم‪ ً،‬وهى طريقا مطعون فيها‪.‬‬
‫وهم الذين حررفوا القرآن أيضا حيث تأرولوه على غير ما أنزل ال "قيل للصادقا‪ :‬ألم يكن علسى قويا فى‬
‫دين ال؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قيل‪ :‬فكيف ظهر عليه القوم ولم يدفعهم؟ وما منعه من ذلك؟ قال الصادقا‪ :‬آية فى‬
‫كتاب ال منعته‪ .‬قيل‪ :‬أى آية؟ قال‪} :‬لمهو متمزرييلوها لممعرذهبمنا ٱرلرذيمن مكمفيروها رمهنيههم معمذابا أمرليما{ُ‪ ...‬كان ل ودائع‬
‫مؤمنون فى أصلب قوم كافرين ومنافقين‪ ً،‬ولم يكن علسى يقتل الباء‪ ً،‬حتى تخرج الودائع‪ ً،‬فلما خرجت‬
‫على على من ظهر فقتلهم‪.‬‬ ‫ظهر ر‬
‫وروى العياشى عن الباقر أنه قال‪ :‬لما قال النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬الرلهم أعرز السلم بعمر ابن‬
‫ضدا{ُ‪.‬‬ ‫ضيليمن مع ي‬ ‫الخطاب أو بعمرو بن هشام" أنزل ال‪} :‬مومما يكنيت يمرترخمذ ٱهليم ر‬
‫وتقول أصول الكافى فى قوله تعالى‪} :‬إررن ٱرلرذيمن آممينوها يثرم مكمفيروها يثرم آممينوها يثرم مكمفيروها يثرم ٱهزمدايدوها يكهفرا لرهم مييكرن‬
‫ل‪ ً،‬ثم‬‫ل{ُ‪ :‬إن هذه الية نزلت فى أبى بكر وعمر وعثمان‪ ً،‬آمنوا بالنبى أو ل‬ ‫ٱللريه رلميهغرفمر مليههم مو م‬
‫ل رلميههردمييههم مسربي ل‬
‫لعلى‪ ً،‬ثم كفروا بعد موت النبى‪ .‬ثم ازدادوا كفر‬ ‫كفروا حيث عرضت عليهم ولية علسى‪ ً،‬ثم آمنوا بالبيعة د‬
‫بأخذ البيعة من كل المة‪.‬‬
‫هذه أمثلة نذكرها ونضعها بين يدى القارئ الكريم ليحكم بنفسه حكما صادقا‪ :‬أن هؤلء الشيعة‪ ً،‬الذين‬
‫يردعون التحريف والتبديل للقرآن‪ ً،‬هم أنفسهم المحيرفون لكتاب ال‪ ً،‬المبيدلون فيه‪ ً،‬بصرفهم ألفاظ القرآن‬
‫إلى غير مدلولتها وتقولهم على ال بالهوى والتشهى‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -4‬موقفهم من الحاديث النبوية وآثار الصحابة‬
‫ولقد رأى المامية الثنا عشرية أنفسهم أمام كثرة من الحاديث المروية عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬وأمام كثرة من الروايات المأثورة عن الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين‪ .‬وفى تلك الحاديث‬
‫وهذه الثار ما يخالف تعاليمهم مخالفة صريحة‪ ً،‬لذا كان بدهيا أن يتخلص القوم من كل هذه الروايات‪ً،‬‬
‫إما بطريقا ردها‪ ً،‬وإما بطرقا تأويلها‪ .‬والرد عندهم سهل ميسور‪ ً،‬ذلك لن الرواية إما أن تكون قو ل‬
‫ل‬
‫لصحابى‪ ً،‬وإما أن تكون قولل لرسول ال صلى ال عليه وسلم عن طريقا صحابى‪ ً،‬وهم ييجيرحون معظم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الصحابة‪ ً،‬بل ويكفرونهم لمبايعتهم أبا بكر أولل‪ ً،‬ثم عمر من بعده‪ ً،‬ثم عثمان من بعدهما ‪ ..‬وأما التأويل‬
‫فباب واسع ‪ ..‬وهم أهله وأربابه‪.‬‬
‫ل نجدهم يردون الحاديث والثار التى ثبتت فى تحريم نكاح المتعة ونسخْ رحرله‪ ً،‬كما نجدهم يردون‬ ‫فمث ل‬
‫أحاديث المسح على الخفين ويقولون‪ :‬إنها من رواية المغيرة بن شعبة رأس المنافقين‪ ً،‬ثم نجدهم ييسيلمون‬
‫ل ولكنهم يتأرولونها فيقولون‪ :‬إرن الخف الذى كان يلبسه النبى صلى ال عليه وسلم كان‬ ‫صحة الرواية جد ل‬
‫مشقوقا من أعلى‪ ً،‬فكان يمسح على ظاهر قدمه من هذا الشقا ‪ ..‬وظاهر أسن هذا تأويل بارد متكلف‪.‬‬
‫فإذا كان هؤلء ل يقبلون أقوال الصحابة‪ ً،‬ول يثقون بروايتهم عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬إذن‬
‫فممن يقبلون قوله؟ وممن يثقون بروايته‪.‬‬
‫الذى عليه الشيعة إلى اليوم‪ ً،‬أنهم ل يأخذون الحديث إل ممن كان شيعيا‪ ً،‬ول يقبلون تفسيرا إل ممن‬
‫كان شيعيا‪ ً،‬ول يثقون بشىء مطلقا إل إذا وصل لهم من طريقا شيعى!! وبهذا حصروا أنفسهم فى دائرة‬
‫خاصة‪ ً،‬حتى كأنهم هم المسلمون وحدهم‪ ً،‬فإن عاشوا وسط السنيين فباطنهم لنفسهم‪ ً،‬وظاهرهم للتقرية‪.‬‬
‫وليت المر وقف بهم عند هذا الحد ‪ -‬حد الثقة بأشياعهم والتهام لمن عداهم ‪ -‬بل وجدنا الرؤساء من‬
‫الشيعة كجابر بن يزيد الجعفى وغيره‪ ً،‬قد استغلوا أفكار الجمهور الساذجة‪ ً،‬وقلوهبم الطيبة الطاهرة‪ً،‬‬
‫وحبهم لل بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فراحوا يضعون الحاديث على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وعلى آل بيته‪ ً،‬ويضمنونها ما يرضى ميولهم المذهبية‪ ً،‬وأغراضهم السيئة الدنيئة‪ ً،‬ولم يفتهم‬
‫أن يمحيكموا أسانيد هذه الشيعة لنهم وجدوها مؤيدة لدعواهم‪.‬‬
‫ويعجبنى هنا ما ذكره أبو المظفر السفرائينى فى كتابه "التبصير فى الدين" وهو‪ :‬أن الروافضِ "لما‬
‫رأوا الجاحظ يتوسع فى التصانيف‪ ً،‬ويصينف لكل فريقا‪ ً،‬قالت له الروافضِ‪ :‬صرنف لنا كتابا‪ ً،‬فقال لهم‪:‬‬
‫لست أدرى لكم شبهة حتى أرتبها وأتصرف فيها‪ ً،‬فقالوا له‪ :‬إذن دلنا على شىء نتمسك به‪ ً،‬فقال‪ :‬ل‬
‫أرى لكم وجها إل أنكم إذا أردتم أن تقولوا شيئا تزعمونه‪ ً،‬تقولون‪ :‬إنه قول جعفر بن محمد الصادقا‪ ً،‬ل‬
‫أعرف لكم سببا تستندون إليه غير هذا الكلم ‪ ..‬فتمسكوا بحمقهم وغباوتهم بهذه السوءة التى دلهم‬
‫عليهم‪ ً،‬فكلما أرادوا أن يختلقوا بدعة أو يخترعوا كذبة‪ ً،‬نسبوها إلى ذلك السيد الصادقا‪ ً،‬وهو عنها منسزه‬
‫ومن مقالتهم فى الدارين برئ"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) المامية السماعيلية)الباطنية(‪ ً،‬وموقفهم من تفسير القرآن الكريم (‬

‫قلنا‪ :‬إرن السماعيلية من الشيعة المامية تنتسب إلى إسماعيل بن جعفر الصادقا‪ ً،‬وقلنا‪ :‬إنهم ييلرقبون‬
‫بالباطنية أيضا لقولهم بباطن القرآن دون ظاهره‪ ً،‬أو لقولهم بالمام الباطن المستور‪.‬‬
‫والحقا أن هذه الطائفة ل يمكن أن تكون داخلة فى عداد طوائف المسلمين‪ .‬وإنما هى فى الصل جماعة‬
‫من المجوس رأوا مشهوكة السلم قوية ل يتقهر‪ ً،‬وأبصروا عزة المسلمين فتية ل يتغلب ول يتكسر‪ً،‬‬
‫فاشتعلت بين جوانحهم نار الحقد على السلم والمسلمين‪ ً،‬ورأوا أنه ل سبيل لهم إلى الغلب على‬
‫المسلمين بقوة الحديد والنار‪ ً،‬ول طاقة لهم بالوقوف أمام جيشهم الزاخر الجسرار‪ ً،‬فسلكوا طريقا الحتيال‬
‫الذى يوصلهم إلى مآربهم وأهوائهم‪ ً،‬ليطفئوا نور ال بأفواههم‪ ً،‬وخفى على هؤلء الملحدة أسن ال متم‬
‫نوره ولو كره الكافرون‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) مؤسسو هذه الطائفة (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ظهرت بوادر هذه الفتنة‪ ً،‬ونبتت نواة هذه الطائفة‪ :‬زمن المأمون‪ ً،‬وبيد جماعة جمع بينهم سجن العراقا‪ً،‬‬
‫هم‪ :‬عبد ال بن ميمون القسداح‪ ً،‬وكان مولى جعفر بن محمد الصادقا‪ ً،‬ومحمد بن الحسين المعروف‬
‫بذيذان‪ ً،‬وجماعة كانوا يدعون "الجهاربجة"‪.‬‬
‫اجتمع هؤلء النفر‪ ً،‬فوضعوا مذهب الباطنية وأسسوا قواعده‪ ً،‬فلما خلصوا من السجن ظهرت دعوتهم‪ً،‬‬
‫ثم استفحل أمرها‪ ً،‬واستطار خطرها إلى كثير من بلد المسلمين‪ .‬وما زالت لها بقية إلى يومنا هذا بين‬
‫كثير ممن يسدعون السلم‪* * .‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) احتيالهم على الوصول إلى أغراضهم (‬

‫رأى المؤسسون لمبادئ الباطنية أنه ل طاقة لهم بالوقوف فى وجه المسلمين صراحة وجهارا‪ ً،‬فاحتالوا‬
‫‪ -‬كما قلنا ‪ -‬على الوصول إلى مآربهم بشستى الحيل‪ ً،‬فاندسوا بين المسلمين باسم الحدب على السلم‪ً،‬‬
‫وتلفعوا بالتشيع والموالة لهل البيت‪ ً،‬وتظاهروا بالورع الكاذب‪ ً،‬وجعلوا ذلك كله ستارا لما يريدون أن‬
‫يبذروه بين المسلمين من بذور الفساد والضطراب فى العقيدة والسياسة‪.‬‬
‫ومن المحزن أن يسدعى هؤلء الملحدة النتماء إلى أهل بيت النبوة‪ ً،‬ويصلون أنسابهم بأنسابهم عن‬
‫طريقا آباء وأئمة مستورين‪ ً،‬فيلقى هذا الدعاء رواجا وقبولل من أناس ضعفاء أغمار‪ ً،‬غسرهم التباكى‬
‫على آل البيت والتحزن عليهم‪ ً،‬فتحركت أحقاد دفينة‪ ً،‬وثارت فتن دامية بين المسلمين كان لها أثرها‬
‫وخطرها‪.‬‬
‫أسس هؤلء الباطنية الجمعيات السرية لنشر مذهبهم وهدم مذهب المسلمين‪ ً،‬ورسموا لهذا المذهب خطة‬
‫دبروها بنوع من المكر والخديعة‪ ً،‬فجعلوا هدفهم الول‪ :‬الحتيال على الطغام بتأويل الشرائع إلى ما‬
‫يعود إلى قواعدهم من الباحة واللحاد‪ ً،‬وتدرجوا فى وصولهم إلى غرضهم هذا بجعلهم الدعوة على‬
‫مراتب‪..‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) مراتب الدعوة عند الباطنية (‬

‫أو لل ‪ -‬الذوقا‪ :‬وهو تفرس حال المدعو‪ ً،‬هل هو قابل للدعوة أم ل؟ ولذلك منعوا من إلقاء البذر فى‬
‫ل لها‪ ً،‬ومنعوا التكلم فى بيت فيه سراج ‪ ...‬أى فى موضع فيه فقيه أو‬ ‫السبخة‪ .‬أى دعوة ممن ليس قاب ل‬
‫متعلم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬التأنيس‪ :‬باستمالة كل أحد من المدعوين بما يليل إليه بهواه وطبعه‪ ً،‬من زهد‪ ً،‬وخلعة‪ً،‬‬
‫وغيرهما‪ ً،‬فإن كان يميل إلى زهد زرينه فى عينه وقربح نقيضه‪ ً،‬وإن كان يميل إلى الخلعة زرينها وقربح‬
‫ل إلى أبى بكر وعمر مدحهما عنده وقال‪ :‬لهما حظ فى تأويل الشريعة‪ً،‬‬ ‫نقيضها‪ ً،‬وممن رآه الداعى مائ ل‬
‫ولهذا استصحب النبى أبا بكر إلى الغار‪ ً،‬ثم إلى المدينة‪ ً،‬وأفضى إليه فى الغار تأويل الشريعة ‪...‬‬
‫وهكذا حتى يحصل له النس به‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬التشكيك فى أصول الدين وأركان الشريعة‪ :‬كأن يقول للمدعو‪ :‬ما معنى الحروف المقطعة فى‬
‫أوائل السور؟ ورلمم تقضى الحائضِ الصوم دون الصلة؟ ورلم يجب اليغسل من المنى دون البول؟ ورلم‬
‫اختلفت الصلوات فى عدد ركعاتها فكان بعضها ركعتين‪ ً،‬وبعضها ثلثا‪ ً،‬وبعضها أربعا؟‪..‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وحيث يشككون بمثل هذا فل يجيبون ليتعلقا قلب ممن يشككونه بالرجوع إليهم والخذ عنهم‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬الرابط‪ ً،‬وهو أمران‪) :‬أحدهما(‪ :‬أخذ الميثاقا على الشخص بأن ل يفشى لهم سرا‪ ً،‬ويستدلون‬
‫على ذلك بقوله تعالى‪} :‬موإرهذ أممخهذمنا رممن ٱلرنربيهيمن رميمثامقيههم مورمهنمك مورمن سنوهَح موإرهبمرارهيم مويمومسـى مورعيمسى ٱهبرن‬
‫ضوها ٱ م‬
‫لهيممامن مبهعمد متهوركيردمها مومقهد مجمعهليتيم ٱلرلمه معملهييكهم مكرفي ل‬
‫ل{ُ‪ً،‬‬ ‫ممهرميم موأممخهذمنا رمهنيههم يميمثاقا مغرليظا{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مو م‬
‫ل متنيق ي‬
‫)وثانيهما(‪ :‬حوالته على المام فى حل ما أشكل عليه من المور التى ألقيت إليه‪ ً،‬فإنها ل يتعلم من رقمبل‬
‫المام‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬التأسيس‪ :‬وهو تمهيد مقدمات يراعون فيها حال المدعو لتقع تعاليمهم منه موقع القبول من‬
‫نفسه‪.‬‬
‫سابعا ‪ -‬الخلع‪ :‬وهو الطمأنينة إلى إسقاط العمال البدنية‪.‬‬
‫ثامنا ‪ -‬السلخْ‪ :‬وهو سلخْ المدعو من العقائد السلمية‪ ً،‬ثم بعد ذلك يأخذون فى تأويل الشريعة على ما‬
‫تشاء أهواؤهم‪.‬‬
‫فأنت ترى أن الباطنية تورسلوا بكل هذه الحيل إلى تشكيك المسلمين فى عقائدهم‪ ً،‬وكأنهم رأوا أن القرآن‬
‫ما دام موجودا بين المسلمين ومحفوظا عندهم يرجعون إليه فى أمور الدين‪ ً،‬ويهتدون بهديه كلما نزلت‬
‫بهم نازلة‪ ً،‬فليس من السهل صرف الناس عنه إل بواسطه تأويله‪ ً،‬وصرف ألفاظه وآياته عن مدلولتها‬
‫الظاهرة‪ ً،‬فأخذوا يجسدون فى تأويل نصوص القرآن كما يحبون‪ .‬وعلى أى وجه يرونه هدما لتعاليم‬
‫السلم‪ ً،‬الذى أصبح قذلى فى أعينهم‪ ً،‬وشجلى فى حلوقهم!!‬
‫وحرصا منهم على أن تكون دعواهم فى تأويل القرآن مقبولة لدى ممن يستخفونه ‪ ..‬قالوا‪" :‬إن الئمة هم‬
‫الذين أودعهم ال سره المكنون‪ ً،‬ودينه المخزون‪ ً،‬وكشف لهم بواطن هذه الظواهر‪ ً،‬وأسرار هذه المثلة‪ً،‬‬
‫وإن الرشد والنجاة من الضلل بالرجوع إلى القرآن وأهل البيت‪ ً،‬ولذلك قال عليه السلم ‪ -‬لما قيل‪:‬‬
‫ومن أين ييعرف الحقا بعدك؟‪" :-‬ألم أترك فيكم القرآن وعترتى"؟ وأراد به أعقابه‪ ً،‬فهم الذين يطلعون‬
‫على معانى القرآن"‪.‬‬
‫ولكن احتيال الباطنية بتأويل القرآن على هدم الشريعة لم يلقا رواجا عند عقلء المسلمين‪ ً،‬ولم يجد‬
‫غباوة فى عقول علمائهم الذين نصبوا أنفسهم لحماية القرآن من أباطيل المضللين ‪ ..‬وكيف يمكن أن‬
‫صررفت عن مقتضى‬ ‫يجد رواجا عند هؤلء أو غباوة من أولئك وقد علموا وتيقنوا بأن اللفاظ إذا ي‬
‫ظواهرها بغير اعتصام فيه يينقل عن صاحب الشريعة‪ ً،‬ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل‪ً،‬‬
‫اقتضى ذلك بطلن الثقة باللفاظ‪ ً،‬وسقط به منفعة كلم ال تعالى وكلم رسوله صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫فإن ما يسبقا منه إلى الفهم ل ييوثقا به‪ ً،‬والباطن ل ضبط له‪ ً،‬بل تتعارضِ فيه الخواطر‪ ً،‬ويمكن تنزيله‬
‫على وجوه مشرتى‪.‬‬
‫* *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم‬
‫من تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) انتاج الباطنية فى تفسير القرآن الكريم (‬

‫ومع أن هؤلء الباطنية قد اتخذوا من تأويل القرآن بابا للوصول إلى أغراضهم‪ ً،‬فإرنا لم نقف لهم على‬
‫كتب مستقلة فى تفسير كتاب ال تعالى‪ ً،‬ولم نسمع أن واحدا منهم كتب تفسيرا جامعا للقرآن كله‪ ً،‬سورة‬
‫سورة‪ ً،‬وآية آية‪ ً،‬ولعل السر فى ذلك‪ :‬أنهم لم يستطيعوا أن يتمشوا بعقائدهم مع القرآن آية آية‪ ً،‬ولو أنهم‬
‫حاولوا ذلك لصطدموا بعقبات وصعاب ل يستطيعون تذليلها‪ ً،‬ول يقدرون على التخلص منها‪.‬‬
‫وكل ذلك وجدناه لهم فى تفسير القرآن ‪ -‬أو تأويله على الصح ‪ -‬إنما هو نصوص متفرقة فى بطون‬
‫الكتب‪ ً،‬تعطينا إلى حد ما صورة واضحة‪ ً،‬وفكرة جلية عن موقف هؤلء القوم من القرآن الكريم‪ ً،‬ومبلغ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تهجمهم على القول فيه بغير علم ول هدى ول كتاب منير‪.‬‬
‫وأرى أن أقسم موقف الباطنية من القرآن الكريم إلى قسمين اثنين‪:‬‬
‫الول‪ :‬موقف الباطنية المتقدمين من القرآن الكريم‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬موقف الباطنية المتأخرين منه أيضا‪.‬‬
‫ونريد بالمتقدمين‪ :‬الذين أسسوا مذهب الباطنية وممن قاربهم فى الزمن‪ ً،‬وبالمتأخرين‪ :‬البابية والبهائية‪ً،‬‬
‫وسنوضح عند الكلم عن البابية والبهائية السبب الذى من أجله عددناهم من قبيل الباطنية‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) موقف متقدمى الباطنية من تفسير القرآن الكريم (‬

‫علممت أن الغرضِ الول الذى تقوم عليه دعوة الباطنية وتتركز فيه‪ :‬هو العمل على هدم الشرائع‬
‫عموما‪ ً،‬وشريعة السلم على الخصوص!! فكان لزاما عليهم وقد قاموا يحاربون السلم ‪ -‬أن ييعملوا‬
‫معاول الهدم فى ركن السلم المكين‪ ً،‬وهو القرآن الكريم‪ ً،‬وقد عجموا معاولهم كلها فلم يجدوا معو ل‬
‫ل‬
‫أصلب ول أقوى على تنفيذ غرضهم من معول التأويل والميل باليات القرآنية إلى غير ما أراد ال‪.‬‬
‫كتب عبيد ال بن الحسن القيروانى إلى سليمان بن الحسن بن سعيد الجنانى رسالة طويلة جاء فيها‪..." :‬‬
‫وإنى أوصيك بتشكيك الناس فى القرآن والتوراة والزبور والنجيل‪ ً،‬وتدعوهم إلى إبطال الشرائع‪ ً،‬وإلى‬
‫إبطال المعاد والنشور من القبور‪ ً،‬وإبطال الملئكة فى السماء‪ ً،‬وإبطال الجن فى الرضِ‪ ً،‬وأوصيك أن‬
‫تدعوهم إلى القول بأنه قد كان قبل آدم مبشر كثير‪ ً،‬فإرن ذلك عون لك على القول بقمدم العاملم"‪.‬‬
‫رأى هذا الزعيم الباطنى أن التشكيك فى القرآن خير معوان لهم على تركيز عقائدهم‪ ً،‬ورأى رأيه أهل‬
‫الباطن جميعا فقالوا‪" :‬للقرآن ظاهر وباطن‪ ً،‬والمراد منه باطنه دون ظاهره المعلوم من اللغة‪ ً،‬ونسبة‬
‫الباطن إلى الظاهر كنسبة السلب إلى القشر‪ ً،‬والمتمسك بظاهره معرذب بالشقشقة فى الكتاب‪ ً،‬وباطنه مؤد‬
‫ضررمب مبهيمنيهم ربيسوهَر لريه مبافب مبارطينيه رفيره ٱلررهحممية‬
‫إلى ترك العمل بظاهره‪ ً،‬وتمسكوا فى ذلك بقوله تعالى‪} :‬مف ي‬
‫مومظارهيريه رمن رقمبرلره ٱهلمعمذايب{ُ‪.‬‬
‫فانظر إليهم كيف وضعوا هذه القاعدة لفهم نصوص القرآن الكريم‪ ً،‬ثم اعجب ما شاء ال لك أن تعجب‬
‫من استدللهم بهذه الية الكريمة على قاعدتهم التى مقرعدوها؟ ولسيت أدرى ما صلة هذه الية بتلك القاعدة‬
‫والية واردة فى شأن من شئون الخرة ينساقا إلى فهمه كل ممن يمر بالية بدون كلفة ول عناء‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) من تأويلت الباطينة القدامى (‬

‫على هذه القاعدة السابقة جرى القوم فى شرحهم لكتاب ال تعالى‪ ً،‬فكان من تأويلتهم ما يأتى‪:‬‬
‫"الوضوء" عبارة عن موالة المام‪ ً،‬و "التيمم" هو الخذ من المأذون عند غيبة المام الذى هو اليحرجة‪ ً،‬و‬
‫لمة متهنمهـى معرن ٱهلمفهحمشآرء‬
‫صم‬‫"الصلة" عبارة عن الناطقا الذى هو الرسول بدليل قوله تعلى‪} :‬إررن ٱل ر‬
‫موٱهليمهنمكرر{ُ‪ ً،‬و "اليغ هسل" تجديد العهد ممن أفشى سرا من أسرارهم من غير قصد‪ ً،‬وإفشاء السر عندهم على‬
‫هذا النحو هو معنى "الحتلم"‪ ً،‬و "الزكاة" عبارة عن تزكية النفس بمعرفة ما هم عليه من الدين‪ ً،‬و‬
‫"الكعبة" النبى‪ ً،‬و "الباب" علسى‪ ً،‬و "الصفا" هو النبى‪ ً،‬و "المروة" علسى‪ ً،‬و "الميقات" اليناس‪ ً،‬و "التلبية"‬
‫إجابة الدعوة‪ ً،‬و "الطواف بالبيت سبعا" موالة الئمة السبعة‪ ً،‬و "الجنة" راحة البدان من التكاليف‪ ً،‬و‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"النار" مشقتها بمزاولة التكاليف‪.‬‬
‫وتأرولوا أنهار الجنة فقالوا‪} :‬موأمهنمهافر يمن لرمبهَن{ُ أى معادن العلم ‪ ..‬الرلبن‪ :‬العلم الباطن‪ ً،‬يرتفع به أهلها‪ً،‬‬
‫ويتغذون به تغذيا تدوم به حياتهم اللطيفة‪ ً،‬فإن غذاء الروح اللطيفة بارتضاع العلم من المعرلم‪ ً،‬كما أن‬
‫حياة الجسم الكثيف بارتضاع الرلبن من ثدى الم‪ .‬و }موأمهنمهافر يمهن مخهمهَر{ُ هو العلم الظاهر‪ .‬و }موأمهنمهافر يمهن‬
‫صدفى{ُ هو علم الباطن المأخوذ من الحجج والئمة‪.‬‬ ‫معمسهَل سم م‬
‫كذلك تجد الباطنية يرفضون المعجزات‪ ً،‬ول يعترفون بها للرسل‪ ً،‬وينكرون نزول ملئكة من السماء‬
‫بالوحى من ال‪ ً،‬بل وزادوا على ذلك فأنكروا أن يكون فى السماء ممملك وفى الرضِ شيطان‪ ً،‬بل وزادوا‬
‫على ذلك فأنكروا أن يكون فى السماء ممملك وفى الرضِ شيطان‪ ً،‬وأنكروا آدم والدسجال‪ ً،‬ويأجوج‬
‫ومأجوج‪ ً،‬ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام آيات من القرآن ستكيذب دعواهم هذه‪ ً،‬فتخلصوا منها بمبدأهم الذى‬
‫ساروا عليه فى تفسيرهم وهو إنكار الظاهر والخذ بالباطن‪ ً،‬وأسولوا هذه اليات بما يتفقا ومذهبهم‪ً،‬‬
‫فتأسولوا "الملئكة" على دعاتهم الذين يدعون إلى بدعتهم‪ .‬وتأسولوا "الشياطين" على مخالفيهم‪ .‬وتأسولوا كل‬
‫ما جاء فى القرآن من معجزات النبياء عليهم السلم‪ ً،‬فقالوا‪" :‬الطوفان" معناه طوفان العلم ‪ ..‬أيهغررقا به‬
‫المتمسكون باليسرنة‪ .‬و "السفينة" حرزه الذى تحصن به من استجاب لدعوته‪ .‬و "نار إبراهيم" عبارة عن‬
‫غضب نمرود عليه ل النار الحقيقية‪ .‬و "ذبح إسحاقا" معناه أخذ العهد عليه‪ .‬و "عصا موسى" يحرجته التى‬
‫تلقفت ما كانوا يأفكون من اليشمبه ل الخشب‪ .‬و "انفلقا البحر" افتراقا علم موسى فيهم عن أقسام‪ .‬و‬
‫"البحر" هو العلم‪ .‬و "الغمام الذى أظسلهم" معناه المام الذى نصبه موسى لرشادهم وإفاضة العلم عليهم‪.‬‬
‫و "المن والسلوى" علم نزل من السماء لداع من الدعاء هو المراد بالسلوى‪ .‬و "تسبيح الجبال" معناه‬
‫تسبيح رجال شداد فى الدين راسخين فى اليقين‪ .‬و "الجن الذين ملكهم سليمان بن داود" باطنية ذلك‬
‫الزمان‪ .‬و "الشياطين" هم الظاهرية الذين يكيلفوا بالعمال الشاقة‪ .‬و "عيسى" له أب من حيث الظاهر‪ً،‬‬
‫وإنما أراد بالب المنفى‪ :‬المام‪ ً،‬إذ لم يكن له إمام‪ ً،‬بل استفاد العلم من ال بغير واسطة‪ ً،‬وزعموا ‪-‬‬
‫لعنهم ال ‪ -‬أن أباه يوسف النجار‪ .‬و "كلمه فى المهد" إطلعه فى مهد القالب قبل التخلص منه على ما‬
‫ي رطرلع عليه غيره بعد الوفاة والخلص من القالب‪ .‬و "إحياء الموتى من عيسى" معناه الحياء بحياة العلم‬
‫عن موت الجهل بالباطن‪ .‬و "إبراؤه العمى" عن عمى الضللة‪ .‬و "البرص" عن برص الكفر ببصيرة‬
‫وعلى‪ ً،‬إذ أرممر أبو بكر بالسجود لعلسى والطاعة له فأبى‬ ‫س‬ ‫الحقا المبين‪ .‬و "إبليس وآدم" عبارة عن أبى بكر‬
‫واستكبر‪ .‬و "الد رجال" أبو بكر‪ ً،‬وكان أعورا‪ ً،‬إذ لم يبصر إل بعين الظاهر دون عين الباطن‪ ً،‬و "يأجوج‬
‫ومأجوج" هم أهل الظاهر‪.‬‬
‫بل بالغوا فقالوا‪" :‬إ رن النبياء قوم أحبوا الزعامة‪ ً،‬فساسوا العامة بالنواميس والحيل‪ ً،‬طلبا للزعامة‬
‫بدعوى النبوة والمامة"‪.‬‬
‫أن من عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها‬ ‫هذا ‪ ...‬ومما زعمته الباطنية‪ :‬ر‬
‫وتأولوا فى ذلك قوله تعالى‪} :‬وٱهعيبهد مرربمك محرتـى ميهأرتميمك ٱهلميرقيين{ُ ‪ ..‬وحملوا اليقين على معرفة التأويل‪.‬‬
‫ر‬
‫كذلك استحل الباطنية نكاح البنات والخوات وجميع المحارم‪ ً،‬بيحسجة أن الخ أحقا بأخته والب أولى‬ ‫س‬
‫بابنته ‪ ...‬وهكذا‪ ً،‬ولست أدرى على أى وجه تأسولوا آية النساء التى حررمت ذلك‪ ً،‬ومنعته منعا باتا!!‬
‫ويقول القيروانى فى رسالته التى أرسلها إلى سليمان بن الحسن‪ ..." :‬وينبغى أن تحيط بمخارقا النبياء‬
‫ومناقضاتهم فى أقوالهم‪ ً،‬كعيسى ابن مريم‪ ً،‬قال لليهود‪ :‬ل أرفع شريعة موسى‪ ً،‬ثم رفعها بتحريم الحد‬
‫بدلل من السبت‪ ً،‬وأباح العمل فى السبت‪ ً،‬وأبدل رقهبلة موسى بخلف جهتها ‪ ..‬وبذلك قتلته اليهود لما‬
‫اختلفت كلمته‪ ً،‬ول تكن كصاحب المة المنكوسة حين سألوه عن الروح فقال‪} :‬يقرل ٱلسرويح رمهن أمهمرر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مريبي{ُ‪ ً،‬لما لم يحضره جواب المسألة‪ ً،‬ول تكن كموسى فى دعواه التى لم يكن عليها برهان سوى‬
‫المخرقة بحسن الحيلة والشعوذة‪ ً،‬ولما لم يجد المحقا فى زمانه عنده برهانا قال له‪} :‬ملرئرن ٱرتمخهذمت إرلمــمها‬
‫لهعلمـى{ُ لنه صاحب الزمان فى وقته"‪.‬‬ ‫لهجمعلمرنمك رممن ٱهلممهسيجورنيمن{ُ‪ ً،‬وقال لقومه‪} :‬أممنها مرسبيكيم ٱ م‬
‫مغهيرريِ م‬
‫ثم قال فى آخر هذه الرسالة‪ ..." :‬وما العجب من شىء كالعجب من رجل‬
‫يسدعى العقل‪ ً،‬ثم يكون له أخت أو بنت حسناء وليس له زوجة فى حسنها‪ ً،‬فيحيرمها على نفسه ويمنسكحها‬
‫من أجنبى‪ ً،‬ولو عقل الجاهل لعلم أنه أحقا بأخته وبنته من الجنبى‪ ً،‬ما وجه ذلك إل أن صاحبهم حسرم‬
‫عليهم الطيبات وخسوفهم بغائب ل ييعقل‪ ً،‬وهو الله الذى يزعمونه‪ ً،‬وأخبرهم بكون ما ل يرونه أبدا من‬
‫ل جعلهم له فى حياته‪ ً،‬وليذيريته‬ ‫البعث من القبور‪ ً،‬والحساب‪ ً،‬والجنة‪ ً،‬والنار‪ ً،‬حتى استبعدهم بذلك عاج ل‬
‫ل ٱهلممموردمة رفي ٱهليقهرمبـى{ُ‪ ً،‬فكان أمره‬ ‫ل أمهسمألييكهم معلمهيره أمهجرا إر ر‬
‫بعد وفاته خولل‪ ً،‬واستباح بذلك أموالهم بقوله‪ } :‬ر‬
‫معهم نقدا وأمرهم معه نسيئة‪ ً،‬وقد استعجل منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعود ل يكون‪ً،‬‬
‫صب‬ ‫وهل الجنة إل هذه الدنيا ونعيمها؟ وهل النار وعذابها إل ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والمن م‬
‫فى الصلة والصيام والجهاد والحج"‪.‬‬
‫ثم قال لسليمان بن الحسن فى هذه الرسالة‪ ..." :‬وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس‪ً،‬‬
‫وفى هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولرذاتها المحسرمة على الجاهلين المتمسكين بشرائع أصحاب النواميس‪ً،‬‬
‫فهنيئا لكم ما نلتم من الراحة عن أمرهم"‪.‬‬
‫ومن جملة تأويلتهم الباطلة التى يتوصلون بها إلى هواهم النفسى‪ ً،‬ومأربهم الشخصى‪ ً،‬أنهم بعد أن‬
‫ييلقوا على المدعو ما يشككونه به‪ ً،‬وتتطلع إلى معرفته من جهتهم نفسه‪ ً،‬يقولون له‪ :‬ل نظهره إل بتقديم‬
‫خير عليه‪ ً،‬فيطلبون مائة وتسعة عشر درهما من السبيكة الخالصة‪ .‬ويقولون‪ :‬هذا تأويل قوله تعالى‪:‬‬
‫ضواي ٱلرلمه مقهرضا محمسنا{ُ‪ ً،‬فالحاء والسين ولنون واللف إذا جمع عددها بحساب اليجرمل يكون مبلغه‬ ‫}موأمهقرر ي‬
‫مائة وتسعة عشر"‪.‬‬
‫وممن ذا الذى قال إن القرآن يخضع فى تفسيره وفهم معانيه إلى حساب اليجرمل؟ ‪ ...‬الرلهم إسن هذا ل‬
‫يصدر إل عن مخسرف أو زنديقا يريد أن يضل الناس ويحتال على سلب أموالهم بدعوى يسدعيها على‬
‫كتاب ال!!‬
‫كذلك نجد الباطنية يحرصون على نفى وجود الله الحقا‪ ً،‬والنبى المرسل محمد صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫ليتوصلوا بذلك إلى رفع التكاليف‪ ً،‬فنراهم يقولون للمبتدئ‪" :‬إرن ال خلقا الناس واختار منهم محمدا صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬فيستحسن المبتدئ هذا الكلم‪ ً،‬ثم يقول له‪ :‬أتدرى ممن محمد؟ فيقول‪ :‬نعم‪ ً،‬محمد رسول‬
‫ال‪ ً،‬خرج من مكة‪ ً،‬واسدعى النبوة‪ ً،‬وأظهر الرسالة‪ ً،‬وعرضِ المعجزة‪ .‬فيقول له‪ :‬ليس هذا الذى تقوله‬
‫إل كقول هؤلء الحمير ‪ -‬يعنون به المؤمنين من أهل السلم ‪ -‬إنما محمد أنت‪ ً،‬فيستعيذ السامع‬
‫ويقول‪ :‬لست أنا محمدا‪ ً،‬فيقول له‪ :‬ال تعالى وصفه فى هذا القرآن فقال‪} :‬لممقهد مجآمءيكهم مريسوفل يمهن مأنيفرسيكهم‬
‫ص معلمهييكهم ربٱِهليمهؤرمرنيمن مريءوفف رررحيفم{ُ‪ ً،‬وهؤلء الحمير يقولون‪ :‬من مكة ‪...‬‬ ‫معرزيفز معلمهيره مما معرنستهم محرري ف‬
‫فيقول له الغر الغمر‪ :‬على أى معنى تقول أنا محمد؟ فيقول‪ :‬خلقك وصرورك رخهلقة محمد‪ ً،‬فالرأس بمنزلة‬
‫الميم‪ ً،‬واليدان بمنزلة الحاء‪ ً،‬والسرة بمنزلة الميم‪ ً،‬والرجلن بمنزلة الدال‪ ً،‬وكذلك أنت علسى أيضا‪ً،‬‬
‫عينك هى العين‪ ً،‬والنف هى اللم‪ ً،‬والفم الياء"‪.‬‬
‫وبهذا يوهمه أنه هو محمد الذى جاء ذكره فى القرآن‪ ً،‬أما ما يسدعى من وجود رسول اسمه محمد‪ ً،‬فهذا‬
‫ظاهره غير مراد‪.‬‬
‫ولجل أن يوهمه أيضا بأنه ل إمله موجود على الحقيقة‪ ً،‬وما جاء فى القرآن من ذلك فظواهر غير‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مرادة‪ ً،‬نجده يقول للمبتدئ‪ :‬إن المراد بإثبات الذات يرجع إلى نفسك‪ ً،‬ويؤولون عليه قوله تعالى‪:‬‬
‫}مفهلميهعيبيدوها مررب مهــمذا ٱهلمبهيرت{ُ‪ ً،‬ويقولون‪ :‬الرب هو الروح والبيت هو البدن‪.‬‬
‫ولقد وصل الغلو ببعضِ الباطنية إلى ادعاء ألوهية محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادقا‪ ً،‬وأنه هو الذى‬
‫كليم موسى بقوله‪} :‬إينيي أممنها مرسبمك مفٱِهخملهع منهعملهيمك{ُ‪ ً،‬وفى هذا يروى لنا البغدادى صاحب "اليفهرقا بين الرفمرقا"‬
‫قصة رجل دخل فى دعوة الباطنية‪ ً،‬ثم وفقه ال لتركها والرجوع لرشده ‪ ...‬يحكى هذا الرجل قصته‬
‫للبغدادى فيقول‪" :‬إنهم لما وثقوا بإيمانه قالوا له‪ :‬إن المسمين بالنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى‬
‫ومحمد وكل ممن اسدعى النبوة‪ :‬كانوا أصحاب نواميس ومخاريقا‪ ً،‬أحبوا الزعامة على العامة‪ ً،‬فخدعوهم‬
‫بنيرنجات‪ ً،‬واستعبدوهم بشرائعهم ‪ -‬قال الحاكى للبغدادى‪ :‬ثم ناقضِ الذى كشف لى هذا السر بأن قال‪:‬‬
‫ينبغى أن تعلم أ سن محمد بن إسماعيل بن جعفر هو الذى نادى موسى بن عمران من الشجرة فقال له‪:‬‬
‫}إرينيي أممنها مرسبمك مفٱِهخلمهع منهعلمهيمك{ُ ‪ ...‬ثم قال‪ :‬فقلت‪" :‬سخنت عينك‪ ً،‬تدعونى إلى الكفر برب قديم خالقا للعاملم‪ً،‬‬
‫ل لموسى؟‬ ‫ثم تدعونى مع ذلك إلى القرار بربوبية إنسان مخلوقا‪ ً،‬وتزعم أنه كان قبل ولدته إملها يمررس ل‬
‫فإن كان موسى عندك كاذبا‪ ً،‬فالذى زعمت أنه أرسله أكذب" فقال‪ :‬إنك ل تفلح أبدا‪ ً،‬وندم على إفشاء‬
‫أسراره إلرى وتبت من بدعتهم"‪.‬‬
‫فانظر إليهم ‪ -‬لعنهم ال ‪ -‬كيف يصرفون القرآن عن أن يكون ال هو المتكلم به‪ ً،‬ويردعون أنه كلم‬
‫إملههم المزعوم محمد بن إسماعيل!! ‪ ..‬أليس هذا غلوا فى اللحاد؟ وإغراقا فى الكفر والعناد؟‬
‫وبني أيدينا كتاب "أسرار الباطنية"‪ ً،‬وهو يكشف لنا عن نواياهم ويفضح أسرارهم وخباياهم‪ ً،‬وهو لمحمد‬
‫بن مالك اليمانى أحد علماء القرن الخامس الهجرى‪ ً،‬ول أريد أن أطيل على القارئ بذكر ما فيه من‬
‫مخازى القوم‪ ً،‬ولكن أكتفى بذكر نبذة من الكتاب‪ .‬ضسمنها المصنف ما شهده بنفسه من ضللهم‬
‫وإضللهم‪ ً،‬وذلك حين اندس بينهم متظاهرا بدخوله فى زمرتهم‪ ً،‬ليقف بنفسه على ما بلغه عنهم من‬
‫أباطيل وأضاليل‪ ً،‬وإنما اختريت هذه النبذة بالذات‪ ً،‬لنها تعطينا فكرة واضحة عن مقدار تلعب الباطنية‬
‫بكتاب ال تحت ستار التأويل‪ ً،‬وعن مبلغ استهزائهم بعقول العامة الذين وقعوا فيما نصبوه لهم من‬
‫الحابيل!!‬
‫*‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) مقالة محمد بن مالك اليمانى فى الباطنية (‬

‫يقول محمد بن مالك اليمانى‪" :‬أول ما أشهد به وأشرحه‪ ً،‬وأبينه للمسلمين وأوضحه‪ ً،‬أسن له ‪ -‬يريد علسى‬
‫بن محمد الصليحى زعيم باطنية اليمن فى وقته ‪ -‬نوابا يسميهم الدعاة المأذونين وآخرين يلقبهم‬
‫المكلبين‪ ً،‬تشبيها لهم بكلب الصيد‪ ً،‬لنهم ينصبون للناس الحبائل‪ ً،‬ويكيدونهم بالغوائل‪ ً،‬وينقبضون عن‬
‫كل عاقل‪ ً،‬وييلسبسون على كل جاهل‪ ً،‬بكلمة حقا يراد بها الباطل‪ ً،‬ويحضونه على شرائع السلم‪ ً،‬من‬
‫الصلة والزكاة والصيام‪ ً،‬كالذى ينثر المحب للطير ليقع فى شركه‪ ً،‬فيقيم أكثر من سنة يمعنون به‪ً،‬‬
‫وينظرون صبره‪ ً،‬ويتصفحون أمره‪ ً،‬ويخدعونه بروايات عن النبى صلى ال عليه وسلم محسرفة‪ ً،‬وأقوال‬
‫مزخرفة‪ ً،‬ويتلون عليه القرآن غلى غير وجهه‪ ً،‬ويحيرفون الكلم عن مواضعه‪ ً،‬فإذا رأوا منه النهماك‬
‫والركون والقبول والعجاب بجميع ما ييعيلمونه‪ ً،‬والنقياد بما يأمرونه‪ ً،‬قالوا حينئهَذ‪ :‬اكشف عن السرائر‬
‫ول ترضى لنفسك ول تقنع بما قنع به العوام من الظواهر‪ ً،‬وتدبر القرآن ورموزه‪ ً،‬واعرف يميثله‬
‫وممثوله‪ ً،‬واعرف معانى الصلة والطهارة‪ ً،‬وما روى عن النبى صلى ال عليه وسلم بالرموز‬
‫والشارة‪ ً،‬دون التصريح فى ذلك والعبارة‪ ً،‬فإنما جميع ما عليه الناس أمثال مضروبة‪ ً،‬لممثولت‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫محجوبة‪ ً،‬فاعرف الصلة وما فيها‪ ً،‬وقف على باطنها ومعانيها‪ ً،‬فإن العمل بغير علم ل ينتفع به‬
‫لمة موآيتوها ٱلرزمكامة{ُ‪ ً،‬فالزكاة مفروضة فى‬ ‫صم‬ ‫صاحبه‪ ً،‬فيقول‪ :‬معسم أسأل؟ فيقول‪ :‬قال ال تعالى‪} :‬موأمرقييموها ٱل ر‬
‫لها مرة فى السنة فقد أقام الصلة بغير تكرار‪ ً،‬وأيضا فالصلة‬ ‫كل عام مرة‪ ً،‬وكذلك الصلة‪ ً،‬من ص ر‬
‫والزكاة لهما باطن لن الصلة صلتان‪ ً،‬والزكاة زكاتان‪ ً،‬والصوم صومان‪ ً،‬والحج حجان‪ ً،‬وما خلقا ال‬
‫لهثرم مومبارطمنيه{ُ‪} ً،‬يقهل إررنمما محررم مريبمي‬
‫سبحانه من ظاهر إل وله باطن يدل على ذلك‪} :‬مومذيروها مظارهمر ٱ ر‬
‫ٱهلمفموارحمش مما مظمهمر رمهنمها مومما مبمطمن{ُ‪ ً،‬أل ترى أن البيضة لها ظاهر وباطن؟ فالظاهر ما تساوى به الناس‪ً،‬‬
‫وعرفه الخاص والعام‪ ً،‬وأما الباطن فقصر علم الناس به عن العلم به‪ ً،‬فل يعرفه إل القليل من ذلك‬
‫ل مقرليفل{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مومقرليفل رما يههم{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مومقرليفل يمهن رعمباردميِ ٱلرشيكوير{ُ ‪ ..‬فالقل من‬ ‫قوله‪} :‬موممآ آمممن مممعيه إر ر‬
‫الكثر الذين ل عقول لهم‪.‬‬
‫و "الصلة" و "الزكاة" سبعة أحرف دليل على محمد وعلسى صلى ال عليهما‪ ً،‬لنهما سبعة أحرف‪ً،‬‬
‫وعلى‪ ً،‬فمن تولهما فقد أقام الصلة وآتى الزكاة‪ ً،‬فيوهمون على‬ ‫ر‬ ‫فالمهعرنى بالصلة والزكاة ولية محمد‬
‫ممن ل يعرف لزوم الشريعة والقرآن وسنن النبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فيقع هذا من ذلك المخدوع بموقع‬
‫التفاقا والموافقة‪ ً،‬لن مذهب الراحة والباحة يريحهم مما يتلزمهم به الشرائع من طاعة ال‪ ً،‬ويبيح لهم‬
‫ما حظر عليهم من محارم ال‪ ً،‬فيقع هذا من ذلك المخدوع بموقع التفاقا والموافقة‪ ً،‬لن مذهب الراحة‬
‫والباحة يريحهم مما يتلزمهم به الشرائع من طاعة ال‪ ً،‬ويليح لهم ما حظر عليهم من محارم ال‪ ً،‬فإذا‬
‫قبل منهم ذلك المغرور هذا قالوا له‪ :‬قررب قربانا يكون لك سلما ونجوى‪ ً،‬ونسأل لك مولنا يحط عنك‬
‫الصلة‪ ً،‬ويضع عنك هذا الصر‪ ً،‬فيدفع اثنى عشر دينارا‪ ً،‬فيقول ذلك الداعى‪ :‬يا مولنا‪ ً،‬إسن عبدك فلنا‬
‫قد عرف الصلة ومعانيها‪ ً،‬فاطرح عنه الصلة وضع عنه هذا الصر‪ ً،‬وهذا نجواه اثنا عشر دينارا‪ً،‬‬
‫لمل ٱلررتي مكامنهت‬
‫لهغ م‬ ‫صمريههم موٱ م‬ ‫ضيع معهنيههم إر ه‬
‫فيقول‪ :‬اشهدوا أنى قد وضعت عنه الصلة ويقرأ له‪} :‬مومي م‬
‫ضهعمنا‬‫معلمهيرههم{ُ‪ .‬فعند ذلك يقبل إليه أهل هذه الدعوة ويهنئونه ويقولون‪ :‬الحمد ل الذى وضع عنك }مومو م‬
‫ضِ مظههمرمك{ُ ثم يقول له ذلك الداعى ‪ -‬الملعون ‪ -‬بعد مدة‪ :‬قد عرفت الصلة‬ ‫معنمك روهزمرمك * ٱرلرذييِ مأنمق م‬
‫وهى أول درجة‪ ً،‬وأنا أرجو أن يبلغك ال إلى أعلى الدرجات‪ ً،‬فاسأل وابحث‪ ً،‬فيقول‪ :‬معرم أسأل؟ فيقول‬
‫له‪ :‬سل عن الخمر والميسر اللذين نهى ال تعالى عنهما‪ :‬هما أبا بكر وعمر لمخالفتهما على علسى‪ً،‬‬
‫وأخذهما الخلفة دونه‪ ً،‬فأما ما ييعمل من العنب والزبيب والحنظة وغير ذلك فليس بحرام‪ ً،‬لنه مما‬
‫أنبت الرضِ‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬يقهل ممهن محررم رزيمنمة ٱلرلره ٱلررتيي أمهخمرمج رلرعمباردره مواهلرطيمبارت رممن ٱليرهزرقا{ُ‪ ...‬إلى آخر‬
‫صارلمحارت يجمنافح رفيمما مطرعيميوها{ُ ‪ ...‬إلى آخر الية‪ً،‬‬ ‫الية‪ .‬ويتلو عليه‪} :‬لمهيمس معملى ٱرلرذيمن آممينوها مومعرميلوها ٱل ر‬
‫صهميه{ُ‪ ً،‬يريد كتمان الئمة فى وقت استتارهم‬ ‫والصوم‪ :‬الكتمان فيتلو عليه‪} :‬مفممن مشرهمد رمنيكيم الرشههمر مفهلمي ي‬
‫صهوما مفلمهن أيمكليم ٱهلميهوم رإنرسسيا{ُ‪ ً،‬فلو كان عنى‬ ‫خوفا من الظالمين‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬إريني منمذهريت رللررهحممــرن م‬
‫بالصيام ترك الطعام لقال‪ :‬فلن أطعم اليوم شيئا‪ ً،‬فدرل على أن الصيام الصموت‪ ً،‬فحينئذ يزداد ذلك‬
‫المخدوع طغيانا وكفرا‪ ً،‬وينهمك إلى قول ذلك الداعى الملعون‪ ً،‬لنه أتاه بما يوافقا هواه‪ ً،‬والنفس أسمارة‬
‫بالسوء ‪ ...‬ثم يقول له‪ :‬ادفع النجوى تكن لك سلما ووسيلة حتى نسأل مولنا يضع عنك الصوم‪ ً،‬فيدفع‬
‫اثنى عشر دينارا‪ ً،‬فيمضى به إليه فيقول‪ :‬يا مولنا‪ ً،‬عبدك فلن قد عرف معنى الصوم على الحقيقة‪ً،‬‬
‫فأبح له الكل فى رمضان‪ ً،‬فيقول له‪ :‬قد وثقته وأمنته على سرائرنا؟ فيقول‪ :‬نعم‪ .‬فيقول‪ :‬قد وضعيت‬
‫عنه ذلك‪ ً،‬ثم يقيم بعد ذلك مدة‪ ً،‬فيأتهي ذلك الداعى الملعون فيقول له‪ :‬قد عرفت ثلث درجات‪ ً،‬فاعرف‬
‫الطهارة ما هى‪ ً،‬ومعنى الجنابة ما هى فى التأويل‪ ً،‬فيقول له‪ :‬فيسر لى ذلك‪ .‬فيقول له‪ :‬اعلم أن معنى‬
‫الطهارة طهارة القلب‪ ً،‬وأن المؤمن طاهر بذاته‪ ً،‬والكافر نجس ل يطهره الماء ول غيره‪ ً،‬وأن الجنابة‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫هى موالة الضداد‪ ً،‬أضداد النبياء والئمة‪ .‬فأما المنى فليس بنجس‪ ً،‬منه خلقا ال النبياء والولياء‪ً،‬‬
‫وأهل طاعته‪ ً،‬وكيف يكون نجسا وهو مبدأ خلقا النسان‪ ً،‬وعليه يكون أساس البنيان؟ فلو كان التطهير‬
‫منه من أمر الدين لكان اليغهسل من الغئط والبول أوجب‪ ً،‬لنهما نجسان‪ ً،‬وإنما معنى‪} :‬مورإن يكنيتهم يجينبا‬
‫مفٱِرطرهيروها{ُ‪ ً،‬معناه‪ :‬وإن كنتم جهلة بالعلم الباطن فتعرلموا واعرفوا العلم الذى هو حياة الرواح‪ ً،‬كالماء‬
‫ي‬
‫لنمساين رمرم يخرلمقا *‬ ‫الذى هو حياة البدان‪ ً،‬قال تعالى‪} :‬مومجمعهلمنا رممن ٱهلممآرء يكرل مشهيهَء محري{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مفهلمينظرر ٱ ر‬
‫يخرلمقا رمن رمآهَء مدارفهَقا{ُ‪ ً،‬فلما سسماه ال بهذا دسل على طهارته‪ ً،‬ويوهمون ذلك المخدوع بهذه المقالة‪ ً،‬ثم يأمره‬
‫ذلك الداعى أن يدفع اثنى عشر دينارا‪ ً،‬ويقول‪ :‬يا مولنا‪ ً،‬عبدك فلن قد عرف معنى الطهارة حقيقة‬
‫وهذا قربانه إليك‪ ً،‬فيقول‪ :‬اشهدوا أنى قد أحللت له ترك اليغهسل من الجنابة‪ ً،‬ثم يقيم مدة فيقول له هذا‬
‫الداعى الملعون‪ :‬قد عرفمت أربع درجات‪ ً،‬وبقى عليك الخامسة‪ ً،‬فاكشف عنها‪ ً،‬فإنها منتهى أمرك وغاية‬
‫ل متهعلميم منهففس رمآ أيهخرفمي لميهم يمن يقرررة أمهعيهَن{ُ‪ ً،‬فيقول له‪ :‬ألهمنى إياها ودلنى عليها‪ً،‬‬ ‫سعادتك‪ ً،‬ويتلو عليه‪} :‬مف م‬
‫صيرمك ٱهلميهوم محرديفد{ُ‪ ً،‬ثم يقول له‪ :‬أتحب‬ ‫فيتلو عليه‪} :‬لرمقهد يكنمت رفي مغهفملهَة يمهن مهــمذا مفمكمشهفمنا معنمك رغمطآمءمك مفمب م‬
‫لولمـى{ُ‪ ً،‬ثم يتلو‬ ‫أن تدخل الجنة فى الحياة الدنيا؟ فيقول‪ :‬وكيف لى ذلك؟ فيتلو عليه‪} :‬موإرن لممنا مللرخمرمة موٱ ي‬
‫ر‬
‫عليه‪} :‬يقهل ممهن محررم رزيمنمة ٱلرلره ٱلررتيي أمهخمرمج رلرعمباردره مواهلرطيمبارت رممن ٱليرهزرقا يقهل رهي رللرذيمن آممنوا رفي ٱلمحميارة ٱلسدنميا‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫صلة ميهوم ٱهلرقمياممرة{ُ‪ ً،‬والزينة ههنا‪ :‬ما خفى على الناس من أسرار النساء التى ل يطلع عليها إل‬ ‫مخارل م‬
‫ل لريبيعوملرترهرن{ُ‪ ً،‬والزينة مستورة غير مشهورة‪ ً،‬ثم‬ ‫ل يهبرديمن رزيمنمتيهرن إر ر‬
‫المخصوصون بذلك‪ ً،‬وذلك قوله‪} :‬مو م‬
‫يتلو عليه‪} :‬مويحوفر رعيفن * مكمأهممثارل ٱللسهؤليرؤ ٱهلممهكينورن{ُ ‪ ..‬فممن لم ينل الجنة فى الدنيا لم ينلها فى الخرة‪ً،‬‬
‫لن الجنة مخصوص بها ذوو اللباب‪ ً،‬وأهل العقول دون الجهال‪ ً،‬لن المستحسن من الشياء ما خفى‪ً،‬‬
‫ولذلك سميت الجنة جنة لنها مستجنة‪ ً،‬وسميت الجن جنا لختفائهم عن الناس‪ ً،‬والمجنة المقبرة لنها‬
‫تستر ممن فيها‪ ً،‬والترس المجن لنه ييستتر به‪ .ً،‬فالجنة ههنا‪ :‬ما استتر عن هذا الخلقا المنكرس الذين ل‬
‫علم لهم ول عقول‪ ً،‬فحينئذ يزداد هذا المخدوع انهماكا‪ ً،‬ويقول لذلك الداعى الملعون‪ :‬تلطف فى حالى‪ً،‬‬
‫وبرلغنى إلى ما شروقتنى إليه‪ ً،‬فيقول‪ :‬ادفع النجوى اثنى عشر دينارا تكون لك قربانا وسلما‪ ً،‬فيمضى به‬
‫فيقول‪ :‬يا مولنا‪ ً،‬إن عبدك فلنا قد صحت سريرته‪ ً،‬وصفت خبرته وهويريد أن تدخله الجنة‪ ً،‬وتبلغه‬
‫حد الحكام‪ ً،‬وتزوجه الحور العين‪ ً،‬فيقول له‪ :‬قد وثقته وأمنته؟ فيقول‪ :‬يا مولنا‪ ً،‬قد وثقته وأمنته‬
‫وخبرته فوجدته على الحقا صابرا‪ ً،‬ولنعمك شاكرا‪ ً،‬فيقول‪ :‬علمنا صعب مستصعب ل يحمله إل نبى‬
‫مرسل‪ ً،‬أو مملك مقررب‪ ً،‬أو عبد امتحن ال قلبه باليمان‪ ً،‬فإذا صح عندك حاله فاذهب به إلى زوجتك‬
‫فاجمع بينه وبينها‪ ً،‬فيقول‪ :‬سمعا وطاعة ل ولمولنا‪ ً،‬فيمضى به إلى بيته‪ ً،‬فيبيت مع زوجته‪ ً،‬حتى إذا‬
‫كان الصباح قرع عليهما الباب وقال‪ :‬قوما قبل أن يعلم نبأنا هذا الخلقا المنكوس‪ ً،‬فيشكر ذلك المخدوع‬
‫ويدعو له‪ ً،‬فيقول له‪ :‬ليس هذا من فضلى‪ ً،‬هذا من فضل مولنا‪ ً،‬فإذا خرج من عنده تسامع به أهل هذه‬
‫الدعوة الملعونة‪ ً،‬فل يبقى منهم أحد إل بات مع زوجته كما فعل ذلك الداعى الملعون‪ ً،‬ثم يقول له‪ :‬ل بد‬
‫لك أن تشهد هذا المشهد العظم عند مولنا‪ ً،‬فادفع قربانك‪ ً،‬فيدفع اثنى عشر دينارا ويصل به ويقول‪ :‬يا‬
‫مولنا‪ ً،‬إ رن عبدك فلنا يريد أن يشهد المشهد العظم‪ ً،‬وهذا قربانه‪ ً،‬حتى إذا جن الليل‪ ً،‬ودارت الكؤوس‬
‫وحميت الرؤوس‪ ً،‬وطابت النفوس‪ ً،‬أحضر جميع أهل هذه الدعوة الملعونة حريمهم‪ ً،‬فيدخلن عليهم من‬
‫كل باب‪ ً،‬وأطفأوا السراج والشموع‪ ً،‬وأخذ كل واحد منهم ما وقع عليه فى يده‪ ً،‬ثم يأمر المقتدى زوجته‬
‫أن تفعل كفعل الداعى الملعون وجميع المستجيبين‪ ً،‬فيشكره ذلك المخدوع على ما فعل له‪ ً،‬فيقول له‪:‬‬
‫ليس هذا من فضلى‪ ً،‬هذا من فضل مولنا أمير المؤمنين فاشكروه ول تكفروه على ما أطلقا من وثاقكم‪ً،‬‬
‫ووضع عنكم أوزاركم‪ ً،‬وحسط عنكم آصاركم‪ ً،‬ووضع عنكم أثقالكم‪ ً،‬وأحسل لكم بعضِ الذى حرم عليكم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل يذو محرظ معرظيهَم{ُ‪.‬‬
‫صمبيروها مومما يملرقامهآ إر ر‬‫ل ٱرلرذيمن م‬
‫يجرهالكم‪} :‬مومما يملرقامها إر ر‬
‫قال محمد بن مالك ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ -‬هذا ما اطلعيت عليه من كفرهم وضللتهم‪ ً،‬وال تعالى لهم‬
‫بالمرصاد‪ ً،‬وال تعالى علرى شهيد بجميع ما ذكرته مما اطلعيت عليه من فعلهم وكفرهم وجهلهم‪ ً،‬وال‬
‫يشهد علرى بجميع ما ذكرته عارلم به‪ ً،‬وممن تكلم عليهم بباطل فعليه لعنة ال‪ ً،‬ولعنة اللعنين‪ ً،‬والملئكة‬
‫والناس أجمعين‪ ً،‬وأخزى الل ممن كذب عليهم‪ ً،‬وأعسد لهم جهنم وساءت مصيرا‪ ً،‬وممن حكى عنهم بغير ما‬
‫حول الشيطان وقسوته‪."...‬‬ ‫قوته إلى س‬ ‫هم عليه فهو يخرج من محسول ال وي ر‬
‫وبعد ‪ ..‬ألس مت ترى معى أن تأويلهم للقرآن تأويل فاسد ل يقوم على أساس ول يستند إلى برهان‪ ً،‬وإنما‬
‫هى أوهام وأباطيل‪ ً،‬غرورا بها ضعاف العقول ليسلخوهم من الدين‪ ً،‬وليدخلوهم فى زمرة الملحدين‬
‫وحزب الشياطين؟ أعتقد ذلك‪ ً،‬وأظن أن سؤالل يدور بخلد القارئ هو‪ :‬كيف نجزم بنسبة هذه التأويلت‬
‫كلها إلى الباطنية مع وجود التناقضِ والختلف بين بعضِ المعانى التى نقلت عنهم للفظ الواحد؟ ألي‬
‫ل على عدم صحة كل ما يينسب إليهم؟ والحقا أن السؤال وارد‪ ً،‬ولكنه مدفوع بما ذكره الغزالى‬ ‫هذا دلي ل‬
‫من أ سن "سر هذا الضطراب راجع إلى أنهم كانوا ل يخاطبون الخلقا بمسلك واحد‪ ً،‬بل غرضهم‬
‫الستتباع والحتيال‪ ً،‬فلذلك تختلف كلمتهم ويتفاوت نقل المذهب عنهم"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) موقف متأخرى الباطنية من تفسير القرآن الكريم (‬

‫قلنا إن الباطنية ييعرفون بأسماء عدة‪ ً،‬وقلنا إنه ل تزال منهم بقية إلى يومنا هذا فى كثير من بلد‬
‫المسلمين‪ ً،‬والن أزيدك على ما تقدم أن الباطنية يوجدون بالهند‪ ً،‬وييعرفون بالبهرة أو السماعيلية‪ً،‬‬
‫وزعيمهم أغا خان الزعيم السماعيلى المعروف‪ .‬ويوجدون فى بلد الكراد وييعرفون بـ "العلوية" حث‬
‫يقولون‪ :‬علسى هو ال‪ .‬ويوجدون فى تركيا وييعرفون بـ "البكداشية" وفى مصر جماعة من البكداشية من‬
‫أصل ألبانى يقيمون فى الجبل المعروف بالمغاورى‪ .‬ويوجدون فى بلد العجم وييعرفون بـ "البابية"‬
‫ويوجدون في فلسطين ويعرفون بـ "البهائية" ومنهم جماعات فى بلد متفرقة‪ ً،‬وتوجد بالهند فرقة أخرى‬
‫من الباطنية هى "القاديانية"‪ ً،‬وهى أحدث فرقهم عهدا‪ ً،‬وأقربها ظهورا‪.‬‬
‫هذه الفرقا التى تنتشر بين المسلمين إلى اليوم ل بد أن يكون لكل منها رأى فى التأويل الباطنى للقرآن‬
‫الكريم‪ ً،‬يتفقا مع مبدئها ومشربها‪.‬‬
‫ول بد أن يكون لعلمائها تأويلت قرآنية يميلون بها نحو مذاهبهم وعقائدهم‪ .‬غير أننا لم نقف على شىء‬
‫من ذلك‪ ً،‬الرلهم إل شيئا يسيرا للبابية والبهائية‪.‬‬
‫لهذا قصرنا كلمنا على هذه الطائفة وموقفها من كتاب ال تعالى‪ ً،‬لنه ما وصلنا عنها ‪ -‬وإن قرل ‪ -‬فهو‬
‫يعطينا فكرة ولو إلى حد ما عن موقفها من تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫واعتمادنا فى كل ما نكتب على بعضِ الكتب التى وصلتنا عنهم‪ ً،‬وعلى ما نشر فى المجلت العلمية من‬
‫البحوث التى تدور حولهم‪ ً،‬فنقول وبال التوفيقا‪:‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) البابية والبهائية (‬

‫البابية‪ :‬نسبة إلى الباب‪ ً،‬وهو لقب ميرزا على محمد‪ ً،‬الذى ابتدع هذه الرنهحلة‪ ً،‬وإليه يتنسب هذه الطائفة‪ً،‬‬
‫باعتباره المؤسس الول لها‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والبهائية‪ :‬نسبة إلى بهاء ال‪ ً،‬وهو لقب ميرزا حسين على‪ ً،‬الزعيم الثانى للبابية‪ ً،‬وإليه يتنسب هذه‬
‫الطائفة‪ ً،‬باعتباره المؤسس الثانى لها‪.‬‬
‫وأصل نشأة هذه الطائفة‪ :‬أن ميرزا على محمد‪ ً،‬الملقب بالباب‪ ً،‬والمولود فى سنة ‪1235‬هـ‪ ً،‬توفى عنه‬
‫والده ميرزا محمد رضا قبل فطامه‪ ً،‬فربى فى حجر خاله ميرزا سيد على‪ ً،‬ونشأ معه فى مدينة شيراز‬
‫بجنوب إيران‪ ً،‬واشتغل معه بالتجارة‪ ً،‬ولما بلغ سنه الخامسة والعشرين اسدعى أنه الباب ‪ -‬والباب عند‬
‫الشيعة معناه نائب المهدى المنتظر ‪ -‬وكان ادعاؤه هذا فى سنة ‪1260‬هـ‪ ً،‬وما لبث أن وصلت هذه‬
‫الدعوى إلى طائفة من الجاهلين فصسدقوا بها‪ ً،‬وتتابعوا وما لبث أن وصلت هذه الدعوى إلى طائفة من‬
‫ل‪ ً،‬فسماهم‬ ‫فصدقوا بها‪ ً،‬وتتابعوا عليها‪ ً،‬وكان عدد من صسدقه فى أول المر ثمانية عشر رج ل‬ ‫الجاهلين ر‬
‫بكلمة "حى" لن عدد حرفيها بحساب اليجرمل ثمانية عشر‪ ً،‬ثم أمر أتباعه هؤلء بالنتشار فى إيران وبلد‬
‫العراقا‪ ً،‬يبشرون به وبدعوته‪ ً،‬وأوصاهم بكتمان اسمه حتى ييظهره هو بنفسه‪ .‬ولما حج وفرغا من‬
‫أعمال الحج أعلن دعوته فى المجمع الكبير فاشتهر اسمه‪ ً،‬وذاعت دعوته‪ ً،‬فثارت عليه طوائف‬
‫المسلمين‪ ً،‬وقاموا فى سبيل دعوته يحاربونها بكل الوسائل‪.‬‬
‫وقد عقد بعضِ الولة بين العلماء وبين الباب مناظرات أظهرت ما فى دعوته من غواية وضلل‪ً،‬فكسفره‬
‫بعضِ العلماء‪ ً،‬ورماه بعضِ آخر منهم بالجنون‪ ً،‬فاعتقله الوالى فى سجن شيراز‪ ً،‬ثم فى سجن أصفهان‪ً،‬‬
‫ثم فى طهران‪ ً،‬ثم فى أذربيجان‪ .‬وفى عهد السلطان ناصر الدين شاه اشتدت الخصومة بين البابين‬
‫ومخالفيهم‪ ً،‬وقامت بينهم حرب طاحنة كان من نتائجها أن أمر الصدر العظم بقتل الباب‪ ً،‬فيعيلقا فى‬
‫ميدان مدينة تبريز‪ ً،‬ويقرتل رميا بالرصاص‪ ً،‬وذلك فى سنة ‪1265‬هـ‪.‬‬
‫وبعد قتله اختلف أتباعه على أنفسهم فى شأن ممن ينوب عنه‪ ً،‬وظهرت من بعضِ أتباعه دعاوى مختلفة‪:‬‬
‫من قبيل النبوة‪ ً،‬والوصاية‪ ً،‬والولية‪ ً،‬وأمثالها‪ .‬وظلوا على هذا المر إلى أن حاول بعضهم اغتيال‬
‫ناصر الدين شاه سنة ‪1268‬هـ إنتقاما لزعيمهم الباب‪ ً،‬ولما خاب سعيهم وفشلوا فى هذه المؤامرة‪ً،‬‬
‫أخذت الحكومة تضطهد زعماء البابيين‪ ً،‬وتسوقهم إلى التحقيقا‪ ً،‬فيقرتل ممن يقرتل وينرفمى من ينرفى‪ ً،‬وكان من‬
‫بين زعمائهم فى هذا الوقت ‪ -‬وقت الضطهاد ‪ -‬ميرزا حسين علسى الملقب فيما بعد‪" :‬بهاء ال"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) بهاء ال (‬

‫ولد بهاء ال سنة ‪1233‬هـ‪ ً،‬وكان ابنه ميرزا عباس من كبار وزراء الدولة فى وقته‪ ً،‬فلما قام الباب‬
‫واشتهر أمره صردقه بهاء ال‪ ً،‬فاشتد بهأزر البابيين وكثرت جماعتهم‪ ً،‬ولما حدثت حادثة سنة‬
‫‪1268‬هـ‪ ً،‬وهى محاولة اغتيال ناصر الدين شاه‪ ً،‬يقربضِ على بهاء ال ويسرجن نحو أربعة أشهر‪ ً،‬ثم‬
‫يأفررج عنه وأيهبرعد إلى العراقا‪ ً،‬فدخل بغداد سنة ‪1269‬هـ‪ ً،‬ومكث بها اثنى عشر عاما‪ ً،‬يدعو الناس إلى‬
‫نفسه‪ ً،‬ويزعم أنه هو الموعود به الذى أخبر عنه الباب‪ ً،‬وكان يشير إليه بلفظ‪" :‬ممن يظهره ال"‪ ً،‬وهناك‬
‫تجمع حوهل بعضِ أتباعه الذين لحقوا به من البابيين‪ ً،‬وتسموا حينئذ بالبهائيين‪ ً،‬ووقعت بينهم وبين‬
‫شيعة العراقا فتنة كادت تفضى إلى قيام حرب أهلية بين الفريقين‪ ً،‬فقررت الحكومة العثمانية فى ذلك‬
‫الوقت إرسال بهاء ال إلى الستانة‪ ً،‬فأرسل إليها ومكث بها نحوا من أربعة أشهر‪ ً،‬ثم ينرفى إلى أدرنة‬
‫ومكث بها نحوا من خمس سنوات‪ ً،‬ثم ينرفى منها إلى عكا من بلد الشام سنة ‪1285‬هـ‪ ً،‬وبقى بها إلى‬
‫أن مات سنة ‪1309‬هـ‪ ً،‬فتولى رئاسة الطائفة ابنه عباس )المولود سنة ‪ 1844‬والمتوفى سنة ‪(1921‬‬
‫والملقب "عبد البهاء" فأخذ يدعو إلى هذا المذهب‪ ً،‬ويتصرف فيه كيف يشاء‪ ً،‬فلم يرضِ هذا الصنيع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أتباع البهاء فانشقوا عليه‪ ً،‬والتف فريقا منهم حول أخيه الميرزا علسى‪ ً،‬وأرلفوا كتبا فى الطعن على عبد‬
‫البهاء يتهمونه فيها بالمروقا من دين البهاء‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الصلة بين عقائد البابية وعقائد الباطنية القدامى (‬

‫بالرغم من أن هذه الفرقة لم تظهر إل قريبا‪ ً،‬فإرنا نجدها ليست بالفرقة المحسدثة فى عقائدها وتعاليمها‪ ً،‬بل‬
‫هى فى الحقيقة ونفس المر وليدة من ولئد الباطنية‪ ً،‬تغذت من ديانات قديمة‪ ً،‬وآراء فلسفية‪ ً،‬ونزعات‬
‫لمول‪ ً،‬وتترسم خطاهم فى كل شىء‪ ً،‬وتهذى فى كتاب ال‪ً،‬‬ ‫سياسية‪ .‬ثم درجت تحذو حذو الباطنية ا ي‬
‫فتأسولته بمثل ما تأسولوه"‪ :‬لتصرف عنه قلوبا تعلقت به ونفوسا امطأنت إليه‪.‬‬
‫لمول‪ ً،‬وميرطلع على ما فى كتبهم من خرافات وأباطيل‪ ً،‬ثم يقرأ تاريخْ البابية‬ ‫والذى يقرأ تاريخْ الباطنية ا ي‬
‫والبهائية‪ ً،‬ومي رطلع على ما فى كتبهم من خرافات وأباطيل‪ ً،‬ل يسعه إل أن يحكم بأن روح الباطنية حرلت‬
‫فى جسم ميرزا علسى‪ ً،‬وميرزا حسين علسى‪ ً،‬فخرجت للناس أخيرا باسم البابية والبهائية‪.‬‬
‫تقوم دعوة قدما الباطنية على إبطال الشريعة السلمية‪ ً،‬وينفذون إلى عقول العامة بإظهارهم الحب‬
‫والتشيع‪ ً،‬بل والنتساب إلى آل البيت‪ ً،‬ثم يصلون إلى أهوائهم ومآربهم بصرفهم القرآن إلى معان باطنية‬
‫ل يقبلها العقل‪ ً،‬ول تمت إلى الدين بسبب‪ ً،‬وعلى هذا الساس قامت دعوة البابية والبهائية‪ ً،‬وبمثل هذه‬
‫الوسيلة وصلوا إلى أغراضهم وأهوائهم‪ ً،‬وإليك ما يوضح ذلك‪:‬‬
‫أولل‪ :‬فى الباطنية ممن يسدعى النبوة لنفسه أو يسدعيها لغيره‪ ً،‬وميرزا علسى الملقب بالباب يردعى أنه رسول‬
‫للناس من رقمبل ال تعالى‪ ً،‬وله كتاب اسمه "البيان" اسدعى أنه ممنرزل عليه من عند ال تعالى‪ .‬وقد جاء فى‬
‫رسالة بعث بها الباب إلى العلمة اللوسى صاحب التفسير المعروف يدعوه فيها إلى اليمان به‪" :‬إننى‬
‫أنا عبد ال‪ ً،‬قد بعثنى بالهدى من عنده"‪ ً،‬وسمى فى هذه الرسالة مذهبه دين ال فقال‪" :‬وممن لم يدخل فى‬
‫دين ال‪ ً،‬مثله كمثل الذين لم يدخلوا فى السلم"‪.‬‬
‫ول نعلم ماذا أجاب به اللوسى على هذه الرسالة‪ ً،‬وإن كنا نعلم رأيه فى هذه الطائفة عندما تعسرضِ‬
‫لتفسير قوله تعالى‪} :‬رما مكامن يممحرمفد أممبآ أممحهَد يمن يرمجارليكهم مولمــركن رريسومل ٱللرره مومخامتم ٱلرنربيييمن{ُ‪ ً،‬وذلك حيث‬
‫يقول‪" :‬وقد ظهر فى هذا العصر عصابة من غلة الشيعة لقبوا أنفسهم بالبابية‪ ً،‬لهم فى هذا الباب فصول‬
‫يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم فى سلك ذوى العقول‪ ً،‬وقد كاد يتمكن عرقهم من العراقا لول همة‬
‫واليه النجيب الذى وقع على همته وديانته التفاقا‪ ً،‬حيث خذلهم ‪ -‬نصره ال ‪ -‬وشتت شملهم‪ ً،‬وغضب‬
‫عليهم ‪ -‬ضى ال تعالى عنه ‪ -‬وأفسد عملهم‪ ً،‬فجزاه ال تعالى عن السلم خيرا‪ ً،‬ودفع عنه فى الدارين‬
‫ضيما وضيرا"‪.‬‬
‫وكذلك اسدعى زعيمهم الثانى الملقب ببهاء ال‪ :‬أنه رسول من عند ال‪ ً،‬وجاء لتأسيس السلم على‬
‫الرضِ‪ ً،‬وبين أيدينا كتاب بهاء ال‪ ً،‬ويطلقا عليه اسم "الكتاب" قرأنا فيه فوجدناه يقول‪" :‬لعمر ال إن‬
‫البهاء ما نطقا عن الهوى‪ ً،‬قد أنطقه الذى أنطقا الشياء بذكره وثنائه‪ ً،‬ل إمله إل هو الفرد الواحد المقتدر‬
‫المختار"‪.‬‬
‫"لعمرى ما أظهريت نفسى‪ ً،‬بل ال أظهرنى كيف أراد‪ ً،‬إنى كنت كأحد من العباد‪ ً،‬وراقدا على المهاد‪ً،‬‬
‫مرت علىنسائم السبحان‪ ً،‬وعسلمنى علم ما كان‪ .‬ليس هذا من عندى بل من لدن عزيز عليم‪ ً،‬وأمرنى‬
‫بالنداء بين الرضِ والسماء‪ ً،‬بذلك ورد على ما ذرفت به جموع العارفين‪ ً،‬ما قرأت ما عند الناس من‬
‫العم‪ ً،‬وما دخلت المدارس‪ ً،‬فاسأل المدينة التى كنت فيها لتوقن بأنى لست من الكاذبين"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"قل قد أتى لمختار‪ ً،‬فى ظل النوار‪ ً،‬ليحيى الكوان‪ ً،‬من نفحمات اسمه الرحمن‪ ً،‬ويتحد العاملم‪ً،‬‬
‫ويجتمعوا على هذه المائدة التى نزلت من السماء"‪.‬‬
‫ويرى الباب أن شريعته ناسخة للشريعة السلمية‪ ً،‬فابتدع لتباعه أحكاما خالف بها ما جاءت به‬
‫الشريعة السلمية‪ ً،‬فجعل الصوم تسعة عشر يوما من شروقا الشمس إلى غروبها‪ ً،‬وعرين لهذه اليام‬
‫وقت العتدال الربيعى‪ ً،‬بحيث يكون عيد الفطر عندهم يوم "النيروز" على الدوام‪ ً،‬وفى كتاب "البيان"‪:‬‬
‫"‪ ...‬أيام معدودات‪ .‬وقد جعلنا النيروز عيدا لكم بعد إكمالها"‪.‬‬
‫كذلك يرى بهاء ال أن شريعته ناسخة للشريعة السلمية‪ ً،‬ويقرر ذلك فى كتابه فيقول‪" :‬لو كان القديم‬
‫هو المختار عندكم‪ ً،‬لما تركتم ما شرع فى النجيل‪ ً،‬بينوا يا قوم ‪ ..‬لعمرى ليس لكم اليوم من محيص‪.‬‬
‫إن كان هذا جرمى فقد سبقنى فى ذلك محمد رسول ال‪ ً،‬ومن قبله الروح‪ ً،‬ومن قبله الكليم‪ .‬وإن كان‬
‫هذا ذنبى إعلء كلمة ال وإظهار أمره‪ ً،‬فأنا أول المذنبين‪ .‬ل أبدل هذا الدين بملكوت السموات‬
‫والرضين"‪.‬‬
‫وقرر البهاء أن الدين قسمان‪ :‬عملى وروحانى‪ ً،‬فالقسم الروحانى ‪ -‬وهو مظاهر اللوهية والنبوة ‪-‬‬
‫غير قابل للتبديل‪ .‬والقسم العملى ‪ -‬وهو المتعلقا بالصور والشكال الخارجية ‪ -‬قابل للتغيير‪ ً،‬وعلى هذا‬
‫المبدأ جعل لتباعه الصلة تسع ركعات فى اليوم والليلة‪ ً،‬وجعل رقهبملتهم فى الصلة أين يكون هو!! وفى‬
‫هذا يقول‪" :‬إذا أردتم الصلة فرولوا وجومهكم شطرى القدس"‪.‬‬
‫وس روى بين الرجل والمرأة فى الحقوقا الشرعية والسياسية‪ ً،‬وقرر عقوبات مالية للزنا والسرقة‬
‫وغيرهما‪ ً،‬ومنع التسرى‪ ً،‬وحررم الزواج بأكثر من واحدة‪ ً،‬وقسيد لهم الطلقا وصرعبه‪ ً،‬ويحرجته فى هذا‬
‫كله‪ :‬أن جميع الديان أضحت ل تصلح لصلح العاملم‪ ً،‬قل بد من دين جديد يوافقا هذا العصر ‪..‬‬
‫عصر التقدم المادى العظيم‪ .‬وهذا الدين الذى جاء به هو الذى يصلح فى نظره لمسايرة هذا العصر‬
‫دون غيره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬منع الحسن بن الصباح وغيره من زعماء الباطنية‪ ً،‬العوام من دراسة العلوم‪ ً،‬والخواص من النظر‬
‫فى الكتب المتقدمة‪ .‬وفعل الباب مثل ذلك فحررم فى كتابه "البيان" التعليم وقراءة كتب غير كتبه‪ ً،‬فكان‬
‫من وراء ذلك أن حرقا أتباعه القرآن الكريم‪ ً،‬وما فى أيديهم من كتب العلم‪ ً،‬ولكن بهاء ال أدرك أن هذا‬
‫التحجير قد يصرف بعضِ الناس عن دعوته‪ ً،‬فنسخْ ذلك التحجير‪ ً،‬وذلك حيث يقول فى كتابه المسمى‬
‫بـ "القدس"‪" :‬قد عفا ال عنكم ما نزل فى البيان من محو الكتب‪ ً،‬وآذنا بكم أن تقرأوا من العلوم ما‬
‫ينفعكم"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬من الباطنية مضن يردعى حلول المله فى بعضِ الشخاص‪ ً،‬كالقرامطة الذين يردعون حلول المله فى‬
‫إمامهم محمد بن إسماعيل‪ .‬مونجد مثل هذه الدعوى متجلية فى بعضِ مقالت البابية‪ ً،‬فهذا بهاء ال يقول‬
‫فى "الكتاب"‪" :‬لنا مع ال حالت نحن فيها هو‪ ً،‬وهو نحن‪ ً،‬ونحن نحن"‪.‬‬
‫وهذا عباس الملقب بعبد البهاء يقول‪" :‬وقد أخبرنا بهاء ال بأن مجئ رب الجنود والب الزلى‪ً،‬‬
‫ومخيلص العالم الذى ل بد منه فى آخر الزمان‪ ً،‬كما أنذر جميع النبياء‪ ً،‬عبارة عن تجليه فى الهيكل‬
‫المبشرى‪ ً،‬كما تجلى فى هيكل عيسى الناصرى‪ ً،‬إل أرن تجليه فى هذه المرة أتم وأكمل وأبهى‪ ً،‬فعيسى‬
‫وغيره من النبياء هيأوا الفئدة والقلوب لستعداد هذا التجلى العظم"‪.‬‬
‫يريد بهذا‪ :‬أسن ال تجلى فيه بأعظم من تجليه فى أجسام النبياء على ما يزعم‪.‬‬
‫وهذا أبو الفضل اليرانى أحد دعاتهم يقول‪ ...." :‬فكل ما يتوصف به ذات ال وييضاف وييسند إلى ال‬
‫من العزة‪ ً،‬والعظمة‪ ً،‬والقدرة‪ ً،‬والعلم‪ ً،‬والحكمة‪ ً،‬والرادة‪ ً،‬والمشيئة‪ ً،‬وغيرها من الوصاف‪ ً،‬إنما يرجع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫بالحقيقة إلى مظاهر أمره‪ ً،‬ومطالع نوره‪ ً،‬ومهابط وحيه‪ ً،‬ومواقع ظهوره" ‪ ...‬ومثل هذا كثير فى كلم‬
‫زعمائهم ودعاتهم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬يردعى الباطنية رجوع المام المعصوم بعد استتاره‪ ً،‬ويحصرون مدارك الحقا فى أقواله‪ .‬والبهائية‬
‫يقولون هذا القول ويثبتونه فى كتبهم‪.‬‬
‫يقول بهاء ال فى "الكتاب"‪" :‬يسند القائم ظهره إلى الحرم‪ ً،‬ويمد يده المباركة‪ ً،‬فيترى بيضاء من غير‬
‫سوء‪ ً،‬ويقول‪ :‬هذه يد ال‪ ً،‬ويمين ال‪ ً،‬وعين ال‪ ً،‬وبأمر ال أنا الذى ل يقع عليه اسم ول صفة‪ ً،‬ظاهرى‬
‫إمامة‪ ً،‬وباطنى غيب ل ميدرك"‪.‬‬
‫وقد عرفمت أن البابية والبهائية ييعيبرون عن المام المعصوم بـ "ممن سيظهره ال"‪ ً،‬ويزعمون أنه هو‬
‫الذى يعرف تأويل ما جاءت به الرسل عليهم السلم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬من مبادئ قدماء الباطنية التفرس‪ .‬وعلى هذا المبدأ منعوا التكلم بآرائهم فى بيت فيه سراج ‪-‬‬
‫أى فقيه أو متعلم ‪ -‬والبهائية يسيرون على هذا المبدأ وإليك ما يثبت ذلك‪:‬‬
‫أرسل إلى أبى الفضائل اليرانى بعضِ إخوانه كتابا يرجوه فيه أن يرد على مقال كتبه جرجس صال‬
‫النجليزى بإمضاء هاشم الشامى‪ ً،‬والمقال يتضمن توجيه العتراضات على فصاحة القرآن الكريم‪ً،‬‬
‫فاعتذر أبو الفضائل عن ذلك فى رسالة أرسل بها إلى صاحبه يقول فيها‪:‬‬
‫"‪ ...‬إسن هناك موانع جمة‪ ً،‬أعظمها وأشدها مانع كبير ل يستسهل العاقل تذليل صعوباته‪ ً،‬ول يتسنم النبيه‬
‫متن صهواته‪ ً،‬حيث إن قلوب الذين اكتفوا من السلم باسمه‪ ً،‬ومن القرآن برسمه‪ ً،‬تغذت فى مدة مديدة‪ً،‬‬
‫وأزمنة غير وجيزة بقشور المطال]‪ ً،‬وألفت سفاسف المسائل حتى بعدت عن لباب الكتاب‪ ً،‬وجهلت‬
‫حقيقة معانى الخطاب‪ ً،‬فلو كشفنا عن حقائقا الشارات‪ ً،‬وأظهرنا المعانى المقصودة من ظواهر‬
‫العبارات‪ ً،‬فطلعت صور الحقائقا المقصورة فى قصر اليات‪ ً،‬وتهللت وجوه المعانى المستورة فى‬
‫خدور الستعارات‪ ً،‬لندفع تلك الردود والعتراضات ونظهر بطلن تلك اليرادات والنتقادات‪ ً،‬تثور‬
‫أو لل أحقاد جهلئنا‪ ً،‬ويرتفع نعيب سفهائنا‪ ً،‬وينادون بالويل والثبور‪ ً،‬ويثيرون الحقاد الكامنة فى‬
‫الصدور‪."...‬‬
‫ثم يقول لصاحبه فى آخر الرسالة‪ ..." :‬لتعلم حقا العلم أنى ما نسبت ولم أكره صفة من صفاتك‪ ً،‬ول‬
‫خلة من خللك‪ ً،‬ولكن ‪ -‬والحقا يقال ‪ -‬إنك نسيت وصية روح ال الورادة فى سفر متى‪" :‬ل يتهلقوا‬
‫جواهركم تحت أرجل الخنازير" حيث تجاهر بجواهر السرار ومعالى المعانى‪ ً،‬عند ممن ل يستحقا أن‬
‫تخاطبه وتلطفه‪ ً،‬وتجلسه وتؤانسه‪ ً،‬فكيف أنه يكون مستودع الحكمة الملهية‪ ً،‬والسرار الربانية‪ ً،‬فتمسك‬
‫بالحكمة‪ ً،‬وكن على جانب عظيم من الفطنة"‪.‬‬
‫ويقول فى رسالة أرسلها إلى الشيخْ فرح ال زكى الكردى أحد أتباعهم فى مصر‪ ..." :‬واعلم يا حبيبى‬
‫أنه سيدخل عليكم كثيرون‪ ً،‬ويتظاهرون بنوايا المتفحص الباحث‪ ً،‬ويظهرون السلم والوفاقا‪ ً،‬وهم أهل‬
‫النفاقا وأصل الشقاقا‪ ً،‬ومقصودهم معرفة أهل اليمان‪ ً،‬واضطهاد أصحاب اليقان كما تصرح وتنادى‬
‫آى الفرقان‪ :‬منها قوله تعالى‪} :‬ميهوم مييقويل ٱهليممنارفيقومن موٱهليممنارفمقايت رلرلرذيمن آممينوها ٱنيظيرومنا منهقمتربهس رمن سنورريكهم رقيمل‬
‫ضررمب مبهيمنيهم ربيسوهَر لريه مبافب مبارطينيه رفيره ٱلررهحممية مومظارهيريه رمن رقمبرلره‬ ‫ٱهررجيعوها مومرآمءيكهم مفٱِهلمترميسوها ينورا مف ي‬
‫ٱهلمعمذايب{ُ ‪ ...‬إلى آخر اليات‪ ً،‬فمتحمكم الية المباركة أنه ل بد من دخول أهل النفاقا على أصحاب الوفاقا‪ً،‬‬
‫للستطلع والستراقا‪ ً،‬فل يغرنك تحببهم وترفقهم‪ ً،‬ول يخدعنك ملينتهم وتملقهم‪ ً،‬فإن التهور والتعجيل‬
‫يوجب الندم والفتضاح‪ ً،‬والتروى يكفل النجاح والفلح‪ ً،‬ومن الحكم المأثورة‪" :‬العجلة من الشيطان‪ً،‬‬
‫والتأنى من الرحمن"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫من كل ما تقدم‪ ً،‬يظهر لنا بوضوح‪ :‬أن البابية والبهائية ليسوا أصحاب رنهحلة جديدة فى تعاليمها‬
‫ومعتقداتها‪ ً،‬وإنما هو قوم من أهل الباطن يريدون الكيد للسلم باسم الصلح الدينى‪ ً،‬وسيظهر لك من‬
‫لمول‪ ً،‬ويترسمون خطاهم فى‬ ‫تأويلتهم للقرآن ‪ -‬علوة على ما سبقا ‪ -‬أنهم ينهجون نهج البطنية ا ي‬
‫تحريفهم لكتاب ال‪ ً،‬والعبث بآياته!!‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) موقف البابية والبهائية من تفسير القرآن الكريم (‬

‫لم تحل عقائد البابية والبهائية بينهم وبين العتراف بالقرآن الكريم‪ ً،‬ولم يمنعهم موقفهم الشاذ من‬
‫الرجوع إليه ليأخذوا منه الشواهد على دعاواهم الباطلة‪ ً،‬ومذاهبهم الفاسدة‪ ً،‬تمويها على العامة‪ ً،‬وتغريرا‬
‫بعقول الغمار الجهلة‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) أبو الفضائل اليرانى يعيب تفاسير أهل السسرنة (‬

‫ولم يكن فى وجوههم قطرة من الحياء تمنعهم من التنديد بتفاسير علماء أهل اليسرنة وتحقيرها‪ ً،‬فهذا‬
‫داعيتهم أبو الفضائل اليرانى‪ ً،‬نجده فى رسالة أرسلها لصديقا له‪ ً،‬يعيب على تفاسير أهل اليسرنة فيقول‪:‬‬
‫"‪ ...‬ولقد يدهش النسان ويتحير يا حبيبى من تعليمهم الباطلة‪ ً،‬وتفاسيرهم المضحكة‪ ً،‬فإن أحباءنا‬
‫المريكيين الذين تش ررفوا بالوفود على الرضِ المقدسة فى هذه اليام الخيرة‪ ً،‬قابلناهم فى بيروت‪ً،‬‬
‫وسافرنا معهم إلى الرضِ الفيحاء مدينة حيفا‪ ً،‬أخبرونا بما يتحير منه الريب‪ ً،‬ويدهش منه اللبيب‪ً،‬‬
‫كيف تقدمت كلمة ال فى تلك القطار البعيدة الشاسعة مع هذه التفاسير الباطلة الضائعة‪ ً،‬من النفوس‬
‫الجاهلة الخادعة ‪ ...‬أليس ذلك من عظيم قدرة ال وشديد قوته؟ وسطوع آياته وظهور بييناته"‪.‬‬
‫يعيب أبو الفضائل تفسير أهل اليسرنة‪ ً،‬لنه يرى فى زعمه أنه وأهل رنهحلته خير ممن يفهم القرآن‪ ً،‬ويعلم ما‬
‫فيه من أسرار ورموز‪ ً،‬ويرى أنه وممن شاكله هم الراسخون فى العلم‪ ً،‬الذين يقفون على عجائب القرآن‬
‫التى ل يدل عليها إل باطنه‪ ً،‬أما ما يعنى به مفسرو أهل اليسرنة من الظواهر فليس فى زعمه من المعانى‬
‫التى يرمى إليها القرآن‪ ً،‬وفى هذا يقول ما نصه‪ ..." :‬لو كان معانى آيات القرآن ما هو ظاهر يعرفه‬
‫كل ممن يعرف اللغة العربةيِ‪ ً،‬ويتلذذ منه كل ممن له إلمام بالعلوم الدبية‪ ً،‬كيف يتم هذا القول ‪ -‬يريد‬
‫قول رسول ال صلى ال عليه وسلم فى شأن القرآن‪" :‬إنه ل تنقضى عجائبه" ‪ -‬وكيف يصدقا قول ال‪:‬‬
‫}مومما ميهعمليم متهأرويمليه إر ر‬
‫ل ٱللريه موٱلررارسيخومن رفي ٱهلرعهلرم{ُ‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الزيدية ‪ -‬وموقفهم من التفسير والقرآن الكريم (‬

‫لم يقع بين الزيدية من الشيعة‪ ً،‬وبين جمهور أهل اليسرنة خلف كبير مثل ما وقع من خلف بين المامية‬
‫وجمهور أهل اليسرنة‪ ً،‬والذى يقرأ كتب الزيدية يجد أنهم أقرب فرقا الشيعة إلى مذهب أهل اليسرنة‪ ً،‬وما‬
‫كان بين الفريقين من خلف فهو خلف ل يكاد ييذكر‪.‬‬
‫يرى الزيدية‪ :‬أ سن عليا أفضل من سائر الصحابة‪ ً،‬وأولى بالخلفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ويقولون‪ :‬إسن كل فاطمى عالم زاهد شجاع سخى خرج للمامة صسحت إمامته‪ ً،‬ووجبت طاعته‪ ً،‬سواء‬
‫أكان من أولد الحسن‪ ً،‬أم من أولد الحسين‪ ً،‬ومع ذلك فهم ل يتبرأون من الشيخين‪ ً،‬ول يكفرونهما‪ ً،‬بل‬
‫يج يوزون إمامتهما‪ ً،‬لنه تجوز عندهم إمامة المفضول مع وجود الفاضل‪ ً،‬كما أنهم لم يقولوا بما قالت به‬
‫المامية من التقرية‪ ً،‬والعصمة للئمة‪ ً،‬واختفائهم ثم رجوعهم فى آخر الزمان‪ .‬وغير ذلك من خرافات‬
‫المامية وممن على شاكلتهم‪.‬‬
‫وكل الذى نلحظه على الزيدية‪ ً،‬أنهم يشترطون الجتهاد فى أئمتهم‪ ً،‬ولهذا كثر فيهم الجتهاد‪ .‬موأنهم ل‬
‫يثقون برواية الحاديث إل إذا كانت عن طريقا أهل البيت‪ .‬والذى يقرأ كتاب "المجموع" للزيدية يرى‬
‫أسن كل ما فيه من الحاديث مروية عن زيد بن علسى زين العابدين‪ ً،‬عن آبائه من الئمة‪ .‬عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وليس فيه بعد ذلك حديث ييروى عن صحابى آخر من غير أهل البيت رضى ال‬
‫عنهم‪.‬‬
‫كما نلحظ على الزيدية أيضا أنهم تأثروا إلى حد كبير بآراء المعتزلة ومعتقداتهم‪ ً،‬ويرجع السر فى هذا‬
‫إلى أن إمامهم زيد بن علسى‪ ً،‬تتلمذ على واصل بن عطاء‪ ً،‬كما قلنا ذلك فيما سبقا‪.‬‬
‫إذن فل نطمع بعد ذلك أن نرى للزيدية أثرا مميزا‪ ً،‬وطابعا خاصا فى التفسير كما رأينا للمامية‪ ً،‬لن‬
‫التفسير إنما يتأثر بعقيدة مفيسره‪ ً،‬ويتخذ له طابعا خاصا واتجاها معسينا‪ ً،‬حينما يكون لصاحبه طابع خاص‬
‫واتجاه معين‪ ً،‬وليست الزيدية ‪ -‬بصرف النظر عن ميولهم العتزالية ‪ -‬بمنأى بعيد عن تعاليم أهل‬
‫اليسرنة‪ ً،‬وعقائدهم‪ ً،‬حتى يكون لهم فى التفسير خلف كبير‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -1‬ينيقول من كتاب "أساس التأويل" (‬

‫طبع منشورات دار الثقافة ببيروت‪ ً،‬تأليف الداعى السماعيلى‪ :‬النعمان بن حيون التميمى المغربى‪ً،‬‬
‫قاضى قضاة الدولة الفاطمية المتوفى سنة ‪363‬هـ‬
‫* مؤلف الكتاب‪:‬‬
‫هو محمد النعمان بن منصور بن أحمد بن حيان التميمى‪ ً،‬القاضى‪ ً،‬الذى اشتهر بأبى حنيفة الشيعة ‪..‬‬
‫كان فى أول المر يتبع مذهب مالك‪ ً،‬ثم التحقا بالمامية الثنى عشرية وانتقل إلى الفاطميين‪ ً،‬فجاء من‬
‫إفرقية إلى مصر مع المعز لدين ال الفاطمى )المتوفى سنة ‪365‬هـ( وتولى القضاء بمصر‪ ً،‬وتوفى بها‬
‫فى أواخر جمادى الثانية سنة ‪363‬هـ‪.‬‬
‫وله‪ :‬دعائم السلم فى الحلل والحرام والقضاء والحكام عن أهل بيت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬وهو الكتاب الساسى فى الفقه والكلم عند السماعيلية‪.‬‬
‫قال محققا الكتاب ‪ -‬الستاذ عارف تامر ‪ -‬فى مقدمة "أساس التأويل"‪" :‬تررديت كثيرا قبل أن أقدم على‬
‫دفع هذا الكتاب إلى الطبع‪ ً،‬وما ذلك إل لرغبتى التامة فى البقاء عليه مدة أطول فى كهف التقرية بين‬
‫مجموعة المخطوطات السماعيلية الخرى التى لم يحن وقت نشرها وتعميمها بعد"‪.‬‬
‫* ثم قال فى مقدمته‪:‬‬
‫"إنه ‪ -‬أى أساس التأويل ‪ -‬الكتاب الوحيد بين مجموعة المخطوطات السماعيلية الذى يعالج موضوعا‬
‫ل‪ ً،‬ويعرضها‬ ‫معرينا هو "التأويل"‪ ً،‬والرسهفر النفيس الذى يمثل الفكرة الساسية لهذا العلم تمثي ل‬
‫ل متزنا معقو ل‬
‫ل"‪.‬‬‫عرضا دقيقا مفص ل‬
‫* ثم قال‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"لقد كان التأويل فى عهد الدعوة السماعيلية المبكر وفى إربان ازدهارها هو الموضوع الساسية لكل‬
‫فكرة فلسفية باطنة‪ ً،‬والشجرة التى نمت وترعرعت ثم تفررع منها الكثير من الغصان‪ ً،‬أو بلغة أصح‪:‬‬
‫الساس الذى تركزت عليه هذه الدعوة الفكرية‪ ً،‬والغذاء الذى مرون الفلسفة الباطنية بالحكم والمنطقا‬
‫والبيان‪ ً،‬ولجل هذا كله اعتبر "أساس التأويل" لدى السماعيلية من الكتب الثمينة‪ ً،‬والذخائر الغالية التى‬
‫تقضى تعاليمها العقائدية بالمحافظة على رسرريته وكتمان تعاليمه‪ ً،‬والسهر على منع تسرب المواد‬
‫العقائدية التى وردت فيه لمن هم من غير السماعيليين‪ ً،‬وكان هذا يعتبر سر العقيدة ومفتاح باب‬
‫ل لقصص النبياء التى وردت فى الكتب السماوية الثلث‪:‬‬ ‫الدعوة‪ ً،‬مضافا إلى ذلك أن فى الكتاب تأوي ل‬
‫التوراة‪ ً،‬والنجيل‪ ً،‬والقرآن‪ ً،‬فكل هذا يشكل موضوعا تقضى العقيدة بالمحافظة على أسراره التامة مما‬
‫يخرج عن نطاقا المفهوم لدى طبقات العامة الذين اعتبروا بأنهم لم ينالوا من الثقافة إل قشورها‪ ً،‬ومن‬
‫العلوم إل طواهرها"‪.‬‬
‫* وقال‪:‬‬
‫"قد يكون من الوضاح أن التأويل بمعناه الواقعى لدى السماعيليين يختلف عن التفسير بمعناه الصحيح‬
‫لدى عامة الفرقا السلمية الخرى‪ ً،‬فالتفسير معناه جلء المعنى لكل كلمة غامضة ل يفهم معناها‬
‫ل ما هو تفسير كلمة‪" :‬شجرة"؟ أجبناه‪ :‬أنها نبتة يتغرس صغيرة‪ ً،‬ثم تنمو فيتفرع‬ ‫القارئ‪ ً،‬فإذا سئلنا مث ل‬
‫منها جذوع وأغصان ينبت عليها ورقا أخضر‪ ً،‬وفى الربيع تحمل أزهارا ل تلبث بعد ذلك حتى تعقد‬
‫ثمرا طيبا‪ ...‬إلخْ‪.‬‬
‫أما إذا قلنا‪ :‬ما هو تأويل كلمة‪" :‬شجرة"؟‪ ً،‬فنجيب‪ :‬بأن ذلك يتبع رأى المسئول المباشر عن التأويل‪ ً،‬قد‬
‫يقول‪ :‬إنها حجرة‪ ً،‬أو بقرة‪ ً،‬أو صخرة‪ ً،‬أو غير ذلك مما يجب أن يتلءم مع الحقيقة والواقع والعقل‪ ً،‬فل‬
‫يكون غريبا عن التصديقا‪ ً،‬ول بعيدا عن الفكر‪.‬‬
‫إذن فالتأويل هو باطن المعنى أو رمزه أو جوهره‪ ً،‬وهو حقيقة مستترة وراء لفظة ل تدل عليها ‪ ..‬ومن‬
‫هنا أعطى النظام السماعيلى الفكرى صلحية التفسير للناطقا‪ ً،‬ووهب صلحية التأويل للمام‪ ً،‬فالول‬
‫اعتبر يمثل الشريعة والحكام والفقه والقانون الظاهر‪ ً،‬والثانى يمثل الحقيقة والتأويل والفلسفة والباطن"‪.‬‬
‫* وقال‪:‬‬
‫ص بها السماعيليون أئمتهم ويسموا لجله بالباطنية‪ ً،‬فقد‬ ‫"من المسلرم به‪ ً،‬أن التأويل من العلوم التى خ ر‬
‫جعلوا محمدا هو صاحب التنزيل للقرآن كما قلنا‪ ً،‬وجعلوا عليا صاحب التأويل‪ ً،‬أى أن القرآن يأنرزل على‬
‫ص بها علسى والئمة من بعده‪ .‬وقد‬ ‫محمد بلفظه ومعناه الظاهر للناس‪ ً،‬أما أسراره التأويلية الباطنة فقد يخ ر‬
‫ل على القول بوجوب التأويل‪ ً،‬كقوله‪} :‬مومكـذرلمك ميهجمتربيمك‬ ‫أخذ السماعيليون بعضِ آيات القرآن الكريم دلي ل‬
‫ضِ مورلينمعليمميه رمن متهأرويرل‬
‫لهر ر‬ ‫لمحارديرث{ُ‪ ً،‬وكقوله‪} :‬مومكـذرلمك ممركرنا رلييويسمف رفي ٱ م‬ ‫مرسبمك مويمعلييممك رمن متهأرويرل ٱ م‬
‫صهبرا{ُ‪ ً،‬وكقوله‪} :‬يهمو ٱرلرذييِ مأنمزمل معلمهيمك ٱهلركمتامب‬ ‫لمحارديرث{ُ‪ ً،‬وكقوله‪} :‬مسيأمنيبيئمك ربمتهأرويرل مما لمهم متهسمترطع رعلمهيره م‬
‫ٱم‬
‫لهلمبارب{ُ‪.‬‬‫رمهنيه آميافت سمهحمكممافت ‪ .....‬إلى قوله‪} :‬أيهويلوها ٱ م‬
‫* وقال‪:‬‬
‫"هناك أدلة عقلية على وجوب التأويل يأرخذت من القرآن الكريم كقوله تعالى‪} :‬مسينرريرههم آميارتمنا رفي ٱلمفارقا‬
‫مورفيي مأنيفرسرههم{ُ‪.‬‬
‫صيرومن{ُ‪ ً،‬وكل هذا يفسر أن الظاهر يورجد‬ ‫ضِ آميافت ليهليمورقرنيمن * مورفيي مأنيفرسيكهم أممف م‬
‫ل يتهب ر‬ ‫وكقوله‪} :‬مورفي ٱ م‬
‫لهر ر‬
‫ل‪ ً،‬والمؤيد فى الدين ادعى دعاتهم وفيلسوفهم‬ ‫ل والظاهر مث ل‬ ‫للدللة على الباطن‪ ً،‬وقد اعتبروه ممثو ل‬
‫الكبر يقول فى هذا الصدد‪" :‬خلقا المثال والممثولت‪ ً،‬فجسم النسان مثل ونفسه ممثول‪ ً،‬والدنيا مثل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والخرة ممثول"‪.‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫*"اقصد حمى ممثوله دون المثل * ذا إبر النحل وهذا كالعسل"*‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -2‬مختارات من كتاب "مسائل مجموعة من الحقائقا العالية والدقائقا‬
‫والسرار السامية" (‬

‫وهى لمؤلف مجهول‪ ً،‬ومكتوب عليها‪ :‬ل يجوز الطلع عليها إل بإذن ممن له الحل والعقد‪:‬‬
‫قال فى مقدمتها‪" :‬أما بعد أيها الخ ‪ ...‬فقد وقفيت على مسائلك التى‬
‫دلرت على تألف جذوة ذكائك‪ ً،‬وعلوك فى مرتبة العلم وارتقائك‪ ً،‬وسألت الجابة عنها‪ ً،‬وهى ‪ -‬أيها الخ‬
‫‪ -‬تقتضى جوابا من يزيد الحقائقا المصونة‪ ً،‬وسرائر الحكم المكنونة‪ ً،‬ولب الفوائد المخزونة‪ ً،‬وأنا أتحققا‬
‫أنك أهل لن تطلع على ذلك‪ ً،‬وحقيقا بأن يتمخص بفضل ما هنالك‪ ً،‬إل أنه مما ل يودع فى بطون‬
‫الوراقا‪ ً،‬ول يجب أن ييرمقا من العيون الشحمية بالحداقا‪ ً،‬صيانة له عن إبدائه وبذله‪ ً،‬وخوفا عليه أن‬
‫يقع إلى غير أهله‪ ً،‬بل يجب أن يكون قرطاسه الذن الواعية‪ ً،‬وقلمه اللسان المترجمة عن جواهرها‬
‫العالية‪ ً،‬لكنى لما أوثره من الجلء لبصيرتك‪ ً،‬والزيادة فى إنارة صورتك‪ ً،‬كتبت لك فى هذه الوراقا‪ً،‬‬
‫وأنا آخذ عليك عهد ال تعالى وعظيم الميثاقا الذى أخذه على ملئكته المقسربين‪ ً،‬وأنبيائه المنتجين‪ ً،‬وأئمة‬
‫دينه الهادين‪ ً،‬وحدودهم الميامين‪ ً،‬وإل فأنت برئ منهم أجمعين‪ ً،‬ل وقف على ذلك إل أنت أو أولدك ل‬
‫غيرهم‪ ً،‬ثم ييرد إلى هذه الكراسة بعد أن تحفظ ما فيها‪ ً،‬وإن أردت أن تغيب ذلك تركتها عندك مدة ما‬
‫ييحفظ ما فيها‪ ً،‬ثم أعدتها إلسى‪ ً،‬وال على ما نقول وكيل"‪.‬‬
‫*قال‪" :‬إن ال تعالى نسزه أمهات الئمة عن الطمث‪ ً،‬كما قال ال‪} :‬إررنمما يررييد ٱللريه رليهذرهمب معنيكـيم ٱليرهجمس‬
‫أمههمل ٱهلمبهيرت مويمطيهمريكهم متهطرهيـرا{ُ‪ ً،‬يعنى بالرجس‪ :‬دم الطمث"‪.‬‬
‫ل إررن ركمتامب ٱهليفرجارر ملرفي رسيجيهَن * موممآ مأهدمرامك مما رسيجيفن{ُ‪" :‬نقول‬
‫*قال فى جوابه عن قوله تعالى‪} :‬مك ر‬
‫بفضل ال تعالى ومادة وليه فى أرضه صلوات ال عليه‪:‬‬
‫إ رن سجين هى الصخرة التى تقدم ذكرها أن فيها العذاب الكبر‪ ً،‬وهى كما قال ال تعالى‪} :‬مكل إررن ركمتامب‬
‫اهليفرجارر ملرفى رسيجين{ُ‪ ً،‬ذكر سيدنا حميد الدين أعلى ال قدسه فى كتاب "راحة العقل" أن المهعرنسى بذلك بكتاب‬
‫الفجار يعنى نفوس الفجار المرقوم فيها ما اكتسبت من الذنوب‪ ً،‬وقال‪" :‬سجين"‪ :‬صخرة فى أسفل‬
‫الرضِ ييعيذب فيها المخالفون‪ ً،‬فعنى بـ "كتاب الفجار" إمامهم وأتباعهم الذين انكتبت فى نفوسهم‬
‫المعاصى فاستحقوا بها الكون هنالك بخلفهم للحقا‪ .‬كما قال بعضِ العلماء فى بعضِ أشعاره‪:‬‬
‫*سجنهم سجين إذ لم يتبعوا * علينا‪ ً،‬دليل عليينا*‬
‫لهبمرارر ملرفي رعلييييمن{ُ‪ ً،‬فمعرنمى بـ "عليين"‪ :‬عالم البداع‪ ً،‬و "كتاب البرار"‪:‬‬ ‫ل إرن ركمتامب ٱ م‬
‫وقال ال تعالى‪} :‬مك ر ر‬
‫إمامهم ونفوسهم التى انكتبت فيها المعارف الحقيقية وصسحت منهم الولية لهل الحقا‪ ً،‬وصفوا وخلصوا‬
‫ضرعيفوها رفي‬ ‫فصاروا أئمة بعد أن كانوا مأمورين كما قال ال تعالى فيهم‪} :‬موينررييد مأن رنيمرن معملى ٱرلرذيمن ٱهسيت ه‬
‫ضِ مومنهجمعمليههم أمرئرملة{ُ‪ ً،‬فهم المستضعفون؛ً يعنى المؤمنين الذين يمن ال عليهم فيصيرون مأئمة كما تقدم‬ ‫ٱم‬
‫لهر ر‬
‫شرح ذلك‪ ً،‬ويحصلون فى عليين عند صعودهم فى زمرة القائم سلم ال عليه الذى به يصيرون عق ل‬
‫ل‬
‫مجردا مثل ممن يخلفونه من عقول عالم البداع الذى هو العاشر‪ ً،‬ويرتفع العاشر إلى مرتبة يمن فوقه‪ً،‬‬
‫فاعلم ذلك"‪.‬‬
‫* قال‪" :‬ولما كان الدين ظاهرا وباطنا قام النبى صلى ال عليه وعلى آله بتبليغ الظاهر‪ ً،‬وصرف إلى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وصيه نصف الدين وهو الباطن ‪ ...‬ولذلك خاطبه بقوله‪} :‬مفمويل موهجمهمك مشهطمر ٱهلممهسرجرد ٱهلمحمرارم{ُ‪ ً،‬فعنى بـ‬
‫"وجهه" وصيه‪ ً،‬وعنى بـ "المسجد الحرام" دعوته التى هى الحرم الذى ممن دخله كان آمنا أو أطاعته‬
‫واستقام على ذلك‪ ً،‬و "الشطر" الذى وله إياه بتأويل التنزيل والشريعة اللذين جاء بهما الرسول صلى ال‬
‫عليهما وعلى آلهما"‪.‬‬
‫* وقال فى شرحه لقول علسى فى خطبة النهروان‪" :‬إسن كلمى مغلقا‪ ً،‬وعلمى غامضِ‪ ً،‬وحكمتى غزيرة"‪:‬‬
‫"إسن مولنا يعنى ‪ -‬صلوات ال عليه ‪ -‬يكون كلمه مغلقا‪ ً،‬وعلمه غامضا‪ ً،‬لنه إنما ينبئ عن خفيات‬
‫الغيوب‪ ً،‬وما أطلعه ال تعالى عليه بواسطة رسوله صلوات ال عليهما وعلى آلهما من العلم المحجوب‪ً،‬‬
‫كما قال‪" :‬عسلمنى رسول ال صلى ال عليه وسلم ألف باب من العلم‪ ً،‬انفتح لى من كل باب منها ألف‬
‫باب‪ ً،‬أدركيت علم ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة"‪ ً،‬فهو إذا تكلم بذلك انغلقا على ممن لم يتصل بمن‬
‫عندهم مفاتيحه‪ ً،‬ولديهم لديجور الشك مصابيحه من أولده أئمة الهدى عليهم جميعا السلم‪.‬‬
‫وقوله صلوات ال عليه‪" :‬وحكمتى غزيرة" فعنى بالحكمة تأويل الكتاب الكريم ودور حقائقه وهى التى‬
‫ل يمهنيههم ميهتيلوها‬
‫ليميييمن مريسو ل‬ ‫ذكرها ال تعالى فى آيات من الكتاب كثيرة بقوله سبحانه‪} :‬يهمو ٱرلرذيِ مبمعمث رفي ٱ ي‬
‫معلمهيرههم آميارتره مويمزيكيرههم مويمعلييميهيم ٱهلركمتامب موٱهلرحهكمممة{ُ‪ ً،‬وكرر ذكر الحكمة مع الكتاب فى آيات كثيرة‪ ً،‬فالكتاب‬
‫هو ظاهر القرآن الكريم‪ ً،‬والحكمة تأويله ومعانيه ‪ ...‬والغزارة التى ذكرها فى الحكمة هو يجيب على‬
‫المسألة بسبعة أجوبة‪ ً،‬وبسبعين‪ ً،‬وبسبعمائة‪ ً،‬كما ذكر ذلك مولنا الصادقا صلوات ال عليه ‪ ...‬وهذه‬
‫لفم‬‫ضِ رمن مشمجمرهَة أمهق م‬ ‫لهر ر‬‫الغزارة التى ل نهاية لها ول حد‪ ً،‬يحققا ذلك قول ال تعالى‪} :‬مولمهو أمرنمما رفي ٱ م‬
‫موٱهلمبهحير مييمسديه رمن مبهعردره مسهبمعية أمهبيحهَر رما منرفمدهت مكرلممايت ٱلرلره{ُ‪.‬‬
‫لمقا لميههم رفي ٱلرخمررة‬ ‫ل مخ م‬ ‫ل أيهولمــرئمك م‬ ‫* وقال عن قوله تعالى‪} :‬ارلرذيمن ميهشمتيرومن ربمعههرد ٱلرلره موأمهيممارنرههم مثممنا مقرلي ل‬
‫ل يمزيكيرههم مولميههم معمذافب أمرليفم{ُ‪" :‬إن حم الية يعم جميع من تقلد‬ ‫ل مينيظير إرلمهيرههم ميهوم ٱهلرقمياممرة مو م‬
‫ل يمكلييميهيم ٱللريه مو م‬
‫مو م‬
‫عهد النبى والوصى والمام‪ ً،‬وأعطاه صفقة يمينه على الئتمار بأمره فرقات الدنيا فى عينه‪ ً،‬واستهوته‬
‫زخارفها فمال إليها‪ ً،‬واستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير‪ ً،‬فباع ما كان قد اشتراه من ال من الجنة‬
‫الباقية بالدنيا الحقيرة الفانية‪ ً،‬فباع ما كان قد اشتراه من ال من الجنة الباقية بالدنيا الحقيرة الفانية‪ً،‬‬
‫وانسلخْ من جملة ممن عناهم قول ال تعالى‪} :‬إررن ٱلرلمه ٱهشمتمرـى رممن ٱهليمهؤرمرنيمن مأنيفمسيههم موأمهمموالميههم ربمأرن لميهيم‬
‫ٱلرجرن مة{ُ‪ ً،‬فلم يستحقا لنكثه أن يكون له فى الخرة خلقا ول نصيب فى الخير‪ ً،‬ول يكلمه ال ول أن‬
‫ينظر إليه يوم القيامة ول أن يزكيه‪ ً،‬كما يستحقا ذلك المؤمنون‪ ً،‬بل خسلده بفعله فى عذاب أليم"‪.‬‬
‫ضِ{ُ ‪ ...‬إلى آخر الية‪" :‬جعل العقل الول‬ ‫لهر ر‬ ‫* وقال فى تفسير قوله تعالى‪} :‬ٱللريه ينوير ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫نور السموات والرضِ ‪ ...‬ثم قال‪} :‬مممثيل ينوررره{ُ‪ ً،‬فعنى بالمثل من قام مقامه فى عالم الطبيعة‪ ً،‬وهو‬
‫النبى صلى ال عليه وعلى آله‪ ً،‬وكان ما اتصل به من الوحى وأييمد به من التأييد }مكرمهشمكاهَة{ُ وهى الكوة‪ً،‬‬
‫فأعلمنا سبحانه أن ما استفاد الناطقا من المعارف اللهية المضمنة فى الكتاب والشريعة هى ‪ -‬أعنى‬
‫المناسك الوضعية للمعارف اللهية ‪ -‬كالخزانة التى عنها تؤخذ‪ ً،‬و }رفيمها{ُ توجد أنوار الملكوت التى‬
‫صمبافح{ُ‪ ً،‬وإن كانت تلك الموضوعات ل تعرف المعانى كما ل تشعر الكوة بالمصباح‪ً،‬‬ ‫كينى عنها بالـ }م ه‬
‫صمبايح رفي يزمجامجهَة{ُ فالمصباح كناية عن العلوم اللهية‪ ً،‬والزجاجة كناية عن الئمة عليهم‬ ‫ثم قال‪} :‬ٱهلرم ه‬
‫السلم‪ ً،‬وتلك المعانى والمعارف هى النوار القدسية محيط بها الئمة القائمون بها‪ ً،‬يجمعونها‬
‫ويحفظونها ول يقارفونها‪ ً،‬فتضئ ذواتهم بها وذوات غيرهم من أتباعهم الطالبين لها إحاطة القنديل‬
‫وإضاءته لما حوله‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬ٱلسزمجامجية مكمأرنمها مكهومكفب يديرويِ{ُ كناية عن الوصى‪ ً،‬فعنى أن الئمة عليه‬
‫وعليهم السلم فى استنباط المعارف الدينية والحكم النبوية كالوصى عليهم جميعا السلم فيما انفتح له‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ظاهرا وباطنا من الحكم‪ ً،‬واحتوى عليه من العلوم‪ ً،‬وقوله‪} :‬ييومقيد رمن مشمجمرهَة سممبامرمكهَة{ُ‪ ً،‬فالشجرة المباركة‬
‫كناية عن النبى صلى ال عليه وعلى آله‪ ً،‬فوصف الكوكب ايلديرى بأنه يستنبط المعارف من وضائع‬
‫الشجرة المباركة التى هى الناطقا‪ ً،‬وأن الئمة عليهم السلم يشاكلونه فى استنباط ذلك وإن كانوا ل كهو‬
‫فى الرتبة لكون مرتبة الوصاية مالكة لمرتبة المامة‪ ً،‬وقوله‪} :‬مزهييتومنهَة{ُ يعنى أن الئمة بمثابة الزيتون‬
‫ل مغهرربريهَة{ُ يعنى ليسوا فى رتبة النبوة التى هى الدعوة‬ ‫الذى هو ثمرة تلك الشجرة‪ ً،‬وقوله‪ } :‬ر‬
‫ل مشهررقريهَة مو م‬
‫الظاهرة فيكون شرقية مثلها‪ ً،‬ول فى رتبة الوصاية التى لها الدعوة الباطنة فيكون غربية مثلها‪ ً،‬بل‬
‫شرقية غربية جميعا بقيامهم مقامهما وحفظهم مكانهما‪ ً،‬ولهم فى جمعهم وقيامهم بذلك مرتبتان هما‬
‫ضيييء مولمهو لمهم متهممسهسيه منافر{ُ الزيت‪ :‬ما خرج من‬ ‫الممثلن بالشرقا والغرب‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬ميمكايد مزهييتمها ي ر‬
‫الزيتون من دهنه وهو مثل الكلم والفوائد التى تؤخذ من الئمة عليهم السلم‪ ً،‬يقول‪ :‬تكاد معرفتهم‬
‫وكلمهم فى إفادتهم وتعليمهم وهدايتهم التى تخرج منهم لفظا وإن لم يكن عن الوصى المشبهة بالنار‬
‫تشبه معرفة كلم أولى الوحى‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬سنوفر معملـى ينوهَر{ُ يقول‪ :‬يفتح منه أنوار علوم زيادة على‬
‫زيادة بظهور إمام منهم عن إمام‪ ً،‬وقوله‪} :‬ميههرديِ ٱللريه رلينوررره ممن ميمشآيء{ُ يقول‪ :‬وكل منهم فى زمانه‬
‫لهممثامل رللرنارس{ُ يقول‪ :‬وهذا القائم ‪ ....‬ومقام رسوله يقيم خلفاء له فى‬ ‫ضرريب ٱللريه ٱ م‬
‫قائم‪ ....‬وقوله‪} :‬مومي ه‬
‫الجزائر يدعون الناس إلى ال وإلى عبادته ومعرفته ما جاء به النبى صلى ال عليه وعلى آله‪} ً،‬موٱللريه‬
‫ربيكيل مشهيهَء معلمريفم{ُ يقول‪ :‬وهذا القائم ‪ ....‬ومقام رسوله بكل شئ من أمور الدنيا وأمور الرقهبلة‪ ً،‬وأحكامها‬
‫وما فيها من النجاة‪ ً،‬عليم خبير ل يشتبه عليه شىء منه"‪.‬‬
‫*وقال‪" :‬إن قسط الناطقا تلوة القرآن وبسط الشريعة‪ ً،‬وقسط الوصى شرح التأويل وإيضاح الحقيقة"‪.‬‬
‫* وقال عن قوله تعالى‪} :‬أمهو مكٱِرلرذيِ ممرر معلمـى مقهرميهَة مورهمي مخاروميفة معلمـى يعيرورشمها مقامل أمرنـى يهحريـي مهــرذره ٱللريه‬
‫مبهعمد ممهورتمها مفمأممامتيه ٱللريه رممئمة معاهَم يثرم مبمعمثيه{ُ ‪ ...‬الية‪" :‬إنه عزير النبى عليه السلم وهو من الحدود الداعين‬
‫فى دور موسى عليه السلم كان قد نظر إلى دعوة خمل أمرها ومات ذكرها وامتحن أهلها وحدهم‬
‫محنة شديدة فقال فى نفسه‪ :‬ما أظن أن يرجع إلى هؤلء بعد هذا النقطاع عن الخير بل مادة ول تأبيد‬
‫يحيون به‪ ً،‬فأراد ال إظهار قدرته فى نفسه فأنساه مراتب الحدود التسعة والتسعين الذين هم أسماء ال‬
‫الحسنى ومرتبة إمام عصره الذى هو المسمى‪ ً،‬ثم بعثه‪ :‬يعنى مباحثة حدة له عن ذلك فلم يعرف منها‬
‫ضِ‬ ‫غير حده الذى هو كاليوم منها ونفسه التى هى كبعضِ اليوم بقوله‪} :‬مكهم ملربهثمت مقامل ملربهثيت ميهوما أمهو مبهع م‬
‫ميهوهَم{ُ فلم يعترف إل عن ذلك فأعلمه حده بما نسى من تلك السماء بقوله‪} :‬مبل لرربهثمت رممئمة معاهَم مفٱِهنيظهر إرلمـى‬
‫مطمعارممك مومشمراربمك لمهم ميمتمسرنهه{ُ يعنى يتغير‪ ً،‬وهو أنه أمره أن ينظر فيما معه من علم الظاهر الذى هو‬
‫كالطعام‪ ً،‬وعلم الباطن الذى هو كالشراب ليقوم له منه برهان مراتب تلك الحدود‪ ً،‬وقوله‪} :‬موٱهنيظهر إرملـى‬
‫رحمماررمك{ُ إشارة فى هذا الموضع إلى حده الذى يحمل عنه ثقل الطلبة كما يحمل الحمار ثقل راكبه‬
‫ويريح عليه من تعب المسير‪ ً،‬والحمار المذموم هو من علماء المخالفين‪ ً،‬والحمار المحمود وهو من‬
‫علماء الحقا ولذلك ما صار فى اليهود يتباركون بحافر حمار عزير لما سمعوا لما من التشريف فلزموا‬
‫المثل وتركوا الممثول"‪.‬‬
‫* وقال عن قول النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬لخلوف فم الصائم أحب إلى ال من رائحة المسك"‪" :‬إن‬
‫الصائم مثل الكاتم لدينه وعمله عمن ل يستحقه‪ ً،‬والخلوف هو ما يطلع على النسان من بخار المعدة‬
‫ولتعطلها عن الطعام‪ ً،‬فأشار بذلك إلى ما يكون عند الحود من الصمت عن الكلم فيما لم يؤذن لهم به‬
‫ولم يحضر أهله وإن كان مكروها لعدم الفائدة كما تكره رائحة الخلوف لتغير ريحه‪ ً،‬فإن ذلك المساك‬
‫أحب إلى ال تعالى من إبدائه إلى غير أهله وفى غير وقته‪ ً،‬وشبهه لديه تعالى برائحة المسك الذى هو‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫أطيب المشمومات لفضل الكتمان عنده"‪.‬‬
‫لرن{ُ‪" :‬إن ال تعالى قردر دور الستر على مدة معلومة‬ ‫* وقال عن قوله تعالى‪} :‬مسمنهفيريغا لميكهم أمسيمه ٱلرثمق م‬
‫وجعل حساب الخلئقا وثوابهم وعقابهم عند انقضاء تلك المدة وفراغها‪ ً،‬فأعلمهم تعالى فى هذه الية أن‬
‫ما وعدهم به من الثواب وأوعدهم به من العقاب يكون عند فراغها‪ ً،‬فذلك معنى قوله‪} :‬مسمنهفيريغا مليكهم{ُ‬
‫فنسب فراغا المدة إليه إذ هى عن أمره تعالى‪ ً،‬وإل فل يينسب إليه اشتغال ول فراغا على الحقيقة"‪.‬‬
‫* وقال‪" :‬إ سن أبواب الجنة الثمانية هم الئمة السبعة والقائم‪ ً،‬على ذكره السلم‪ .‬وأبواب النار السبعة هم‬
‫أضداد الئمة السبعة‪ ً،‬والقائم ل ضدله لقهره الضداد عند قيامه"‪.‬‬
‫صارلحا مفيأهولمــرئمك يمبيديل ٱللريه مسيمئارترههم محمسمناهَت‬
‫ل م‬‫ل ممن متامب موآمممن مومعرممل معمم ل‬ ‫* وقال عن قوله تعالى‪} :‬إر ر‬
‫مومكامن ٱللريه مغيفورا رررحيما{ُ‪" :‬وهم الذين قال فيهم مولنا الصادقا صلوات ال عليه‪" :‬وال ما يبدل ال‬
‫السيئات حسنات إل لشيعتنا"‪.‬‬
‫* وقال فى قصة آدم وإبليس‪" :‬إسن آدم عليه السلم لما أقيم فى أول دور الستر ينرهمى عن كشف الحقائقا‬
‫وهى التى بها النجاة‪ ً،‬وهى بالحقيقة شجرة الخلد واليمهلك الذى ل يبلى‪ ً،‬لكون معرفتها مع العمال‬
‫الصالحة مروثة لعارفها الخلد فى دار النعيم واليمهلك الذى ل يبلى‪ ً،‬ولما تأخر الحارث عن السجود لدم‬
‫ورأى ما وقع من التعظيم لدم ورفع منزلته‪ ً،‬فاحتال فى مكيدته فجاءه على وجه النصح وأقسم له على‬
‫ذلك وقال‪ :‬إن أردت صلح من صرف أمره إليك فهم ل يصلحون إل بإبداء الحقائقا‪ ً،‬فانخدع عليه‬
‫السلم وظن أن أحدا ل يحلف بال كاذبا‪ ً،‬فأظهر شيئا من ذلك فأنكره ما تحت يده واضطرب على‬
‫أمره‪ ً،‬وكان فى ذلك ترك وصية ربه‪ ً،‬فسائر قصته المعروفة"‪.‬‬
‫لرئمكية موٱلسرويح رفيمها{ُ ‪ ...‬إلى آخر السورة‪" :‬إن‬ ‫* وقال عن تأويل ليلة القدر إلى قوله تعالى‪} :‬متمنرزيل ٱهلمم م‬
‫ليلة القدر مثل على مولتنا فاطمة عليها السلم‪ ً،‬لن الليالى مثل على الحجج وهى حجة مولنا ‪.....‬‬
‫وقال ال تعالى‪} :‬لمهيلمية ٱهلمقهدرر مخهيفر يمهن أمهلرف مشهههَر{ُ‪ :‬يريد أن فضلها زائد على فضل ألف حجة ممن تقدمها‪ً،‬‬
‫لرئمكية موٱلسرويح رفيمها ربرإهذرن مريبرهم يمن يكيل أمهمهَر *‬ ‫لن الشهور أيضا أمثال الحجج‪ ً،‬وقوله تعالى‪} :‬متمنرزيل ٱهلمم م‬
‫لفم رهمي محرتـى ممهطلمرع ٱهلمفهجرر{ُ‪ :‬يعنى بالملئكة والروح الئمة من ذريتهما الذين من جملتهم القائم المكرنى‬ ‫مس م‬
‫عنه بالروح‪ ً،‬وأنهم صلوات ال عليهم من يذيريتهما ونسلهما إلى طلوع الفجر بقيام قائمهم صلوات ال‬
‫عليهم أجمعين عند انقضاء دور الستر وابتداء دور الكشف الذى هو ممثول الفجر"‪.‬‬
‫ل ملمدهيره مررقيفب معرتيفد{ُ‪" :‬الجواب ما قال ال تعالى فى صفة‬ ‫* وقال عن قوله تعالى‪} :‬رما ميهلرفيظ رمن مقهوهَل إر ر‬
‫الئمة صلوات ال عليهم وقوله تعالى‪} :‬مومكمذرلمك مجمعهلمنايكهم أيرملة مومسطا ليمتيكوينوها يشمهمدآمء معملى ٱلرنارس مومييكومن‬
‫ٱلرريسويل معملهييكهم مشرهيدا{ُ‪ ً،‬وذلك أن ال تعالى أطلعهم بمادته وتأييده لهم على نيات الخلقا وما تخفيه‬
‫صدورهم‪ ً،‬فما يتحرك متحرك ول يسكن ساكن إل وعندهم ‪ -‬صلوات ال عليهم ‪ -‬علمه مما أخذوه‬
‫عن جدهم رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‪ ً،‬كما جاء فى الرواية عن مولنا الصادقا ‪ -‬صلوات ال‬
‫ل فى دار فلن‪ ً،‬فاستحى الرجل من كلمه صلوات‬ ‫عليه ‪ -‬أنه قال يوما لبعضهم ما كان البارحة عام ل‬
‫ال عليه‪ ً،‬فقال بعضِ ممن حضره‪ :‬أمو تعلم ما يفعل يا بن رسول ال؟ فقال‪ :‬ما كان ال تعالى ليجعلنا‬
‫شهداء على خلقه ويحجب عنا شيئا من أمورهم‪ ً،‬استحيوا منا فى السر كما تستحيون منا فى العلنية‪ً،‬‬
‫فهم صلوات ال عليهم الرقباء والشهداء على الخلقا"‪.‬‬
‫* وقال عن قوله تعالى فى شأن آدم‪} :‬مفرإمذا مسروهييتيه مومنمفهخيت رفيره رمن سرورحي مفمقيعوها مليه مسارجرديمن{ُ‪" :‬الخطاب‬
‫من إمام ذلك الوقت عليه السلم للملئكة الذين هم الحدود المالكون أمر الدعوة‪ ً،‬يقول‪ :‬فإذا أقميت آدم‬
‫ونفخيت فيه من روحى‪ ً،‬يعنى أمددته بما يقدر على القيام فيمن دونه‪ ً،‬فإذا أقميت آدم ونفخيت فيه من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫روحى‪ ً،‬يعنى أمددته بما يقدر على القيام فيمن دونه‪ ً،‬فقعوا له ساجدين‪ ً،‬أى أطيعوا له واستمعوا وسيلموا‬
‫لمره ول تعترضوا‪ ً،‬فأطاعوا وسرلموا إل إبليس وهو شخص ممن كان قد أقيم لفادة غيره فإنه تكربر‬
‫وأبى عن السجود وعارضِ آدم عليه السلم‪ ً،‬وكانت القضية فى ذلك كمثل ما كان رسول ال فى إقامة‬
‫وصيه صلوات ال عليهما يوم غدير خم وطاعة ممن أطاعه كسلمان وأبى ذر والمقداد وعمار وممن‬
‫تبعهم رضى ال عنهم‪ ً،‬وعصيان ممن عصى كالضداد الثلثة وتابعيهم‪ ً،‬وهذا جار فى جميع الدوار"‪.‬‬
‫* وقال عن علسى‪" :‬كيف كان يقتل عن يمينه وشماله وخلفه وقدامه وهو شخص واحد؟ فإذا كانت‬
‫معجزة فكيف بيان هذه المعجزة؟ ‪ ..‬الجواب‪ :‬أن هذه منه صلوات ال عليه من جملة المعجزات التى‬
‫تقسدم ذكرها التى ل يقدر عليها إل الرسول والوصى والئمة صلوات ال عليهم أجمعين‪ ً،‬وفى ضمن كل‬
‫واحد منهم صلوات ال عليهم من الصور ما ل يحصيه العدد‪ ً،‬كل صورة منها قادرة على التشخيص‬
‫على النفراد أى وقت شاءت‪ ً،‬وقد جاءت الرواية عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وعلى آله أنه‬
‫قال‪ :‬لما كان فى يوم "أييحد" واشتد القتال‪ ً،‬خرجيت من عند رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وهو‬
‫واقف ووصيه معه فى بعضِ المواضع‪ ً،‬فلما وصلت العكسر رأيت رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وعليا عليه السلم يحملن فى عسكر المشركين فيلقيان الميمنة على الميسرة‪ ً،‬والميسرة على الميمنة‪ ً،‬ثم‬
‫عديت إلى حيث عهدتهما فوجدتهما قاعدين ما تغير منهما شىء‪ ً،‬فهذه الرواية تؤكد ما تقسدم ذكره من‬
‫التشخيص بما شاءوا ‪ -‬أى وقت شاءوا ‪ -‬صلوات ال عليهم"‪.‬‬
‫* وقال عن قوله تعالى‪} :‬ـيمأسيمها ٱلرنايس ٱرتيقوها مرربيكيم ٱرلرذيِ مخلممقيكهم يمن رنهفهَس موارحمدهَة مومخلممقا رمهنمها مزهومجمها مومبرث‬
‫ل مكرثيرا مورنمسآلء{ُ‪ ...‬الية‪" :‬إسن المراد بالنفس الواحدة ههنا الناطقا صلوات ال عليه‪} ً،‬مومخملمقا‬ ‫رمهنيهمما ررمجا ل‬
‫ل مكرثيرا مورنمسآلء{ُ‪ ً،‬يعنى‬ ‫رمهنمها مزهومجمها{ُ‪ ً،‬يعنى الوصى عليه السلم المزاوج له فى الدين‪} ً،‬مومبرث رمهنيهمما ررمجا ل‬
‫حدودا مقيدين بمنزلة الرجال ومستفيدن بمنزلة النساء‪ ً،‬قال النبى صلى ال عليه وعلى آله‪" :‬أنا وأنت يا‬
‫على أبموا المؤمنين"‪.‬‬ ‫ر‬
‫م‬
‫لنرس إررن ٱهسمتمطهعيتهم مأن متنيفيذوها رمهن أمهقمطارر ٱلرسمماموارت موٱلهر ر‬
‫ه‬ ‫ي‬
‫ضِ مفٱِنيفذوا م‬
‫ل‬ ‫* وقال فى قوله‪} :‬ـيممهعمشمر ٱهلرجين موٱ ر‬
‫ل ربيسهلمطا هَن{ُ‪" :‬السلطان هو قائم القيامة الذى يقدر به على خرقا الفلك بوجيز من القول"‪.‬‬ ‫متنيفيذومن إر ر‬
‫* قال‪" :‬لما سئل عن النبياء‪ ً،‬والئمة والمحن التى وقعت عليهم‪ ً،‬بم استحقوا المحنة؟ وما عدل ال‬
‫سبحانه وكيف هذا الرقصاص؟ ‪ ...‬الجواب‪ :‬أن ال تعالى ل يظلم مثقال ذسرة‪ ً،‬ول عنده حيف ول محاباة‬
‫لحد‪ ً،‬قال سبحانه‪} :‬موممن ميهعـممهل رمهثمقامل مذررهَة مشسرا ميمريه{ُ‪ ً،‬ولما كان النبياء والئمة صلوات ال عليهم‬
‫مجامع لمن دونهم‪ ً،‬وكان منهم ممن له ذنب صغير وكبير‪ ً،‬كانت المكافأة بالمحن والقتل وغيره على قدر‬
‫ذنوب ممن فى ضمنهم بما يوجبه العدل وتقتضيه الحكمة‪ ً،‬وما يظلم ربك أحدا"‪.‬‬
‫* قال‪ :‬وقد يسئل عن كبش إسماعيل الذى يفردمى به ما هو؟ الجواب‪ :‬أمدن إسحاقا عليه السلم هو المكسنى‬
‫عنه بالكبش‪ ً،‬وذلك أن إبراهيم صلوات ال عليه كان قد مهرم أن يأخذ العهد على إسماعيل لسحاقا عليه‬
‫السلم‪ ً،‬فأوحى ال تعالى إليه أن يأخذ العهد لسماعيل على إسحاقا ويقيمه سترا عليه وحجابا‪ ً،‬وهو ما‬
‫نصه الكتاب الكريم من قوله‪} :‬مفملرما مبملمغ مممعيه ٱلرسهعمي{ُ‪ :‬يعنى إسماعيل عليه السلم‪} .‬مقامل ـييبمنري إرينيي أممرـى‬
‫رفي ٱهلمممنارم أميني أمهذمبيحمك{ُ‪ :‬أى آخذ العهد عليك لسحاقا‪} .‬مفٱِنيظهر ممامذا متمرـى مقامل ـيمأمبرت ٱهفمعهل مما يتؤممير مسمترجيدرنيي‬
‫صاربرريمن{ُ‪ :‬أى صابرا على ما تأمرنى به‪ ً،‬يممسيلما لمرك ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬مومفمدهيمنايه ربرذهبهَح‬ ‫رإن مشآمء ٱللريه رممن ٱل ر‬
‫معرظيهَم{ُ‪ ً،‬وهو ما أيرممر به من أخذ العهد على إسحاقا لسماعيل عليه السلم‪ ً،‬فإسحاقا المكسنى عنه‬
‫بالكبش"‪.‬‬
‫* قال عن ردم ذى القرنين‪" :‬الجواب‪ :‬أن الشارة بذى القرنين إلى مولنا أمير المؤمنين علسى بن أبى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫طالب صلوات ال عليه وقد قال فى بعضِ كلمه‪" :‬أنا ذو قرنى هذه المة"‪ ً،‬والمعنى فى ذلك‪ :‬أنه‬
‫الحائز لرتبة الظاهر والباطن بعد رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‪ ً،‬وكذلك كل إمام من ولده هو‬
‫الحائز لهذه الرتبة‪ ً،‬والردم بين يأجوج ومأجوج وبين البشر‪ ً،‬هو مثل على العهد الكريم الذى حجز به‬
‫بين أهل الظاهر وبين أهل الدعوة‪ ...‬وفى الرواية‪" :‬أسن يأجوج ومأجوج قصار الخلقا‪ ً،‬مشوهو الصور‪ً،‬‬
‫وأنهم ل يزالون يلحسون السد بألسنتهم فى الليل يطلبون خرقه‪ ً،‬وأن ألسنتهم كمثل المبارد‪ ً،‬فإذا طلع‬
‫الفجر عليهم وأحسوا أصوات المؤذنين هربوا وعاد السد بحاله"‪ ً،‬والمعنى فى ذلك أسن "يأجوج ومأجوج"‬
‫‪ -‬كما تقدم به القول ‪ -‬هم أمثال أهل الظاهر‪" ً،‬وقصر قامتهم وشوه خلقهم" هو إشارة إلى قصور دينهم‬
‫وقصورهم لخلف الحقا وأهله‪ ً،‬ومعنى "لحسهم السد بألسنتهم فى الليل"‪ ً،‬أنهم فى أيام الفترات يتبعون‬
‫ل للعهود والمواثيقا والطلع على مذهب الحقا والكفر فيه‪" ً،‬فإذا أذن‬ ‫آثار الولياء ويطلبون تبطي ل‬
‫المؤذنون"‪ ً،‬يعنى أقام الدعاة الذين هم ممثول المؤيذنين "هربوا"‪ ً،‬يعنى قهقروا على أعقابهم وانكسروا‬
‫وبطل سحرهم وتمويههم "وعاد السد إلى ما كان عليه" يعنى استقامت أمور الدعوة على ما كانت عليه‬
‫من أخذ العهود والمواثيقا والحراسة عن أهل الفساد والعناد"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -3‬ينيقول من رسالة "اليضاح والتبيين" (‬

‫* قال فى علسى‪" :‬أنا المخاطب من ال تعالى بقوله‪} :‬إررنممآ مأنمت يمنرذفر مورليكيل مقهوهَم مهاهَد{ُ‪.‬‬
‫ضمدمك ربمأرخيمك‬ ‫* وقال‪" :‬إسن عليا هو المعنسى بقول ال تعالى فى مخاطبته نبيه عليهما السلم‪} :‬مسمنيشسد مع ي‬
‫مومنهجمعيل لميكمما يسهلمطانا{ُ‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -4‬ينيقول من كتاب "مزاج التسنيم" (‬

‫* تعريف بالكتاب‪:‬‬
‫هو تفسير باطنى يبدأ من قوله تعالى فى سورة التوبة‪} :‬ميهعمترذيرومن إرلمهييكهم{ُ وينتهى عند آخر قوله تعالى فى‬
‫ضِ ربٱِهلمحيقا إررن رفي ـذرلمك لميلة ليهليمهؤرمرنيمن{ُ‪.‬‬
‫لهر م‬‫سورة العنكبوت‪} :‬مخلممقا ٱللريه ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫وهو مطبوع فى أربعة أقسام مسلسلة الرقام يبدأ القسم الول من صفحة )‪ (1‬وينتهى القسم الرابع‬
‫بصفحة )‪ ..(370‬وفى آخر القسم الرابع فك رموز الكتابة السرية الموجودة بالكتاب‪.‬‬
‫**‬
‫ضمرارا مويكهفرا{ُ إلى آخر الية‪ ً،‬ما نصه‪:‬‬ ‫* قال فى تفسير قوله فى سورة التوبة‪} :‬موٱرلرذيمن ٱرتمخيذوها ممهسرجدا ر‬
‫}موٱرلرذيمن ٱرتمخيذوها{ُ وهم أشر أقسام أهل الضرار‪ ً،‬ممن يظهر فى دور الستر‪} ً،‬ممهسرجدا{ُ‪ :‬يعنى بعبد اللت‬
‫إمام الضللة لما نصبوه لهم قائدا باختيارهم‪ ً،‬وذلك جار منهم فى أول كل دور عطفا على ما سبقا من‬
‫ضمرارا{ُ‪ ً،‬لكى يضاروا به أهل الندم من أهل النسبة الدون‪} ً،‬مويكهفرا{ُ‪ :‬يعنى‬ ‫ابتداء الدعوة البليسية‪ } ً،‬ر‬
‫صادا ليممهن محامرمب ٱللرمه‬ ‫بمقام حجاب العين‪} ً،‬مومتهفرريقا مبهيمن ٱهليمهؤرمرنيمن{ُ‪ :‬يعنى بين أهل الدعوة السلمية‪} ً،‬موإرهر م‬
‫مومريسولميه{ُ‪ :‬يعنى مركزا لهم يأوون أليه‪} ً،‬رمن مقهبيل{ُ‪ :‬يعنى من حال ابتداء تلك الدعو البليسية‪} ً،‬مولمميهحرليفرن‬
‫ل ٱهليحهسمنـى{ُ‪ :‬يعنى بالدعاء إلى الحجاب النبوى‪} ً،‬موٱللريه ميهشمهيد{ُ يعنى الميم‪} ً،‬إررنيههم لممكارذيبومن{ُ‪:‬‬ ‫إرهن أممرهدمنا إر ر‬
‫يعنى فيما يقولون سابقا ولحقا‪ ً،‬وايضا أن هذا المسجد الذى كانوا يجتمعون فيه فى وقت الرسول‬
‫ويعقدون فيه الراء الفاسدة‪ ً،‬أنه من البقاع الخبيثة التى كانوا يجتمعون بها فى كل دور‪ ً،‬ويتصل بها‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫خبائث من حثالتهم‪ ً،‬وهى تلحقا بالسقيفة بالرجاسة‪ "....‬إلخْ‬
‫* وقال فى شرحه لول سورة يونس‪} :‬ايلر رتهلمك آميايت ٱهلركمتارب ٱهلمحركيرم * أممكامن رللرنارس معمجبا أمهن أمهومحهيمنآ إرلمـى‬
‫صهدهَقا رعنمد مريبرههم مقامل ٱهلمكارفيرومن إررن مهــمذا لممسارحفر‬ ‫مريجهَل يمهنيههم أمهن مأنرذرر ٱلرنامس مومبيشرر ٱرلرذيمن آممينيوها أمرن لميههم مقمدم ر‬
‫سمربيفن{ُ ما نصه‪} :‬ايلر{ُ‪ :‬إقسام منه بـ "ألف" الفاظر المتفرد فى المقام‪ ً،‬و "لم" الحسين‪ ً،‬و "راء" شبر‬
‫اللذين صارا مقاما واحدا‪} ً،‬رتهلمك آميايت ٱهلركمتارب ٱهلمحركيرم{ُ‪ :‬يعنى إشارة إلى أسماء الكرار وصفاته‪} ً،‬أممكامن‬
‫رللرنارس معمجبا{ُ‪ :‬يعنى أهل النسبة الدون‪} ً،‬أمهن أمهومحهيمنآ إرلمـى مريجهَل يمهنيههم{ُ‪ :‬يعنى من مجموع صفو زبدهم‬
‫الريحية وصورهم الملئكية‪} ً،‬أمهن مأنرذرر ٱلرنامس{ُ‪ :‬يعنى بحجابه وهم أهل الجرائر وذلك من مخالفة وصيه‬
‫فى الظاهر )‪TJ9. T‬عل‪} ً،(TV2 .‬مومبيشرر ٱرلرذيمن آممينيوها{ُ‪ :‬يعنى بوصيه فى الباطن )‪JI┴H‬عل( المحتجب‬
‫صهدهَقا رعنمد مريبرههم{ُ‪ :‬يعنى الحسين بالنضمام إليه‪} ً،‬مقامل ٱهلمكارفيرومن{ُ‪ :‬يعنى بهذه‬ ‫به الفاطر‪} ً،‬أمرن مليههم مقمدم ر‬
‫المقامات‪} ً،‬إررن مهــمذا لممسارحفر سمربيفن{ُ‪ :‬يعنى تعمية للعقول إرادة منهم الدحضِ لمر ممن أمروا بطاعتهم"‪.‬‬
‫* وقال فى تفسير قوله تعالى فى سورة إبراهيم‪} :‬موإرهذ مقامل إرهبمرارهييم مريب ٱهجمعهل مهــمذا ٱهلمبملمد آرمنا‪ ً،ُ{....‬ما‬
‫نصه‪} :‬موإرهذ مقامل إرهبمرارهييم{ُ‪ :‬يعنى حجابه‪} ً،‬مريب ٱهجمعهل مهــمذا ٱهلمبملمد آرمنا{ُ‪ :‬يعنى يشير إلى حجاب ولده‬
‫إسماعيل المتظاهر به فى مقر دعوته فى كل دور‪ ً،‬وذلك بمكة المشرفة التى صارت مركزا لخمائرهم‬
‫الشريفة‪ ً،‬وأيضا أن دعاءه متوجه بالمان إلى ما يتصل بتلك البقاع الطاهرة من خمائر أهل الندم لكى ل‬
‫يلحقها ويمتزج بها شىء من الخبائث التى فى تلك المواضع المظلمة‪} ً،‬موٱهجينهبرني مومبرنري{ُ‪ :‬يعنى حجب‬
‫صمنامم{ُ‪ :‬يعنى يشير إليهم شىء من المراتب‬ ‫له‬‫الئمة القائمين هنالك لهداية أهل الجرائر‪} ً،‬مأن رنهعيبمد ٱ م‬
‫ضلمهلمن مكرثيرا يممن ٱلرنارس{ُ‪ :‬يعنى من‬ ‫يقومون بها فى الدعوة وهم أعنى بذلك الضداد‪} ً،‬مريب إررنيهرن أم ه‬
‫المأنوسين بالدعوة وذلك سابقا ولحقا لكونهم مالوا إليهم فى حال المحارات‪} ً،‬مفممن متربمعرني{ُ‪ :‬يعنى فى حد‬
‫صارني{ُ‪ :‬يعنى فى قبول ما دعوت إليه‪} ً،‬مفرإرنمك مغيفوفر‬ ‫البتداء }مفرإرنيه رميني{ُ‪ :‬يعنى في حد النتهاء‪} ً،‬موممهن مع م‬
‫رررحيفم{ُ‪ :‬يعنى ساتر لمن أطاعك رحيم به لنه أشار بالرحمة إلى العصاة"‪.‬‬
‫ل مترترخيذوها رإلــمههيرن ٱهثمنهيرن‪ ُ{...‬إلخْ‪ ً،‬ما نصه‪:‬‬ ‫* وقال فى تفسير قوله تعالى فى سورة النحل‪} :‬مومقامل ٱللريه م‬
‫ل مترترخيذوها رإلــمههيرن ٱهثمنهيرن{ُ‪ :‬يعنى إمامين‪ ً،‬وهو صاحب الولية وضده‪} ً،‬إررنمما يهمو‬ ‫}مومقامل ٱللريه{ُ‪ :‬يعنى العين‪ } ً،‬م‬
‫رإلــفه موارحفد{ُ‪ :‬يعنى المقام فيها )‪JIlH‬عل(‪} ً،‬مفإرياميِ مفٱِهرمهيبورن{ُ‪ :‬يعنى من مخالفة أمره‪} ً،‬مومليه مما رفي‬
‫صبا{ُ‪ :‬يعنى المداد للبواب‬ ‫ضِ{ُ‪ :‬يعنى التصرف فى أمور الدعونين‪} ً،‬مولميه ٱليديين موا ر‬ ‫لهر ر‬‫ٱهلرسمماموارت موٱ م‬
‫السلسية يصبه إليهم فى كل عصر‪} ً،‬أممفمغهيمر ٱلرلره{ُ‪ :‬يعنى الميم المحتجب به‪} .‬مترتيقومن{ُ‪ :‬يعنى من المخالفة"‪.‬‬
‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة السراء‪} :‬ميهوم منهديعوها يكرل أيمناهَس ربرإممارمرههم‪ُ{...‬إلخْ‪ ً،‬ما نصه‪" :‬قال‬
‫مولى الحسام‪ :‬يعنى عند قيام السابع يدعى أهل كل وقت بمن هو إمام لهم وشاهد عليهم‪ ً،‬ثم قال تعالى‪:‬‬
‫}مفممهن يأورتمي ركمتامبيه ربميرميرنره{ُ‪ :‬يعنى وجد اعتقاده فى الوصى ممثول اليمين‪} ً،‬مفيأهولمــرئمك ميهقمرؤومن ركمتامبيههم{ُ‪ :‬يعنى‬
‫ل {ُ‪ :‬والفتيل ما فى شقا نوى التمرة‪ً،‬‬ ‫ل يهظلميمومن{ُ‪ :‬يعنى فى ثوابهم‪} ً،‬مفرتي ل‬ ‫يظهرون ولية إمامهم‪} ً،‬مو م‬
‫يعنى‪ :‬ل يظلمون آخر ما فعلوه ووالوا به وكأن شيئا يسيرا من الولية المرموز عليها بالفتيل‪ .‬هذا قوله‬
‫أعلى ال شريف قدسه ‪ ..‬ثم قال تعالى مخاطبا لهل دعوة الناطقا‪} :‬موممن مكامن رفي مهــرذره أمهعممـى{ُ‪ :‬يعنى‬
‫فى المقامات البشرية عن معرفة الحقا الموجب ما كان منه سابقا‪} ً،‬مفيهمو رفي ٱلرخمررة أمهعممـى{ُ‪ :‬يعنى فى‬
‫ل{ُ‪ :‬يعنى أبقا‪ ً،‬وأيضا من ظهر وهو فى التراكيب المبشرية أعمى عمى‬ ‫ضسل مسربي ل‬ ‫القوالب الممسوخة‪} ً،‬موأم م‬
‫فى غيرها‪ ً،‬ثم قال تعالى مخاطبا للحجاب النبوى‪} :‬مورإن مكايدوها{ُ‪ :‬يعنى أولئك الجبات‪} ً،‬لمميهفرتينومنمك{ُ‪ :‬يعنى‬
‫يصدونك كما جرى ذلك من أصولهم إلى أصلك‪} .‬معرن ٱرلرذيِ أمهومحهيمنآ إرلمهيمك{ُ‪ :‬يعنى من إقامة الوصى الذى‬
‫كرة‪} ً،‬ورإذا‬ ‫هو من )ح ‪T. 7‬ط ‪} ً،(9‬رلتهفمتررميِ معلمهيمنا مغهيمريه{ُ‪ :‬يعنى بنصب جبتهم الموازين له فى كل م ر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل لهم فى أمورهم النكيرة"‪.‬‬ ‫ل{ُ‪ :‬يعنى مخال ل‬ ‫لرتمخيذومك مخرلي ل‬ ‫ر‬
‫ضِ‬ ‫لهر ر‬ ‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة السراء‪} :‬مومقايلوها ملن سنهؤرممن لممك محرتـى متهفيجمر لممنا رممن ٱ م‬
‫ميهنيبوعا‪ ُ{...‬إلخْ ما نصه‪}:‬مومقايلوها{ُ‪ :‬يعنى مجاثم الضلل كبراء هذه المة‪} ً،‬ملن سنهؤرممن لممك{ُ‪ :‬يعنى نستسلم‬
‫ضِ{ُ‪ :‬يعنى تظهر لنا من دعوة‬ ‫لهر ر‬‫استسلم معرفة ويقين بمقام ممن أقمته للوصاية‪} ً،‬محرتـى متهفيجمر ملمنا رممن ٱ م‬
‫الباطن‪} ً،‬ميهنيبوعا{ُ‪ :‬يعنى بابها السلسلى نستفيد منه مشافهة‪} ً،‬أمهو متيكومن لممك مجرنفة{ُ‪ :‬يعنى دعوة‪} ً،‬يمن رنرخيهَل‬
‫لهنمهامر{ُ‪ :‬يعنى السرار المحجوبة‪} ً،‬رخللممها متهفرجيرا{ُ‪ :‬يعنى‬ ‫مورعمنهَب{ُ‪ :‬يعنى من حدود الحضرة‪} ً،‬مفيتمفيجمر ٱ م‬
‫يتخلل بها الكل منهم ومن أهل الدعوة حتى يستووا فى معرفتها‪} ً،‬أمهو يتهسرقمط ٱلرسممآمء مكمما مزمعهممت معملهيمنا‬
‫رك مسفا{ُ‪ :‬يعنى يقيم لهم طلبا من الحجاب النبوى تسكين شرهم كما أوهم ذلك فيما سبقا‪} ً،‬أمهو متهأرتمي ربٱِلرلره{ُ‪:‬‬
‫ل{ُ‪ :‬يعنى نشاهدهم مقابلة‬ ‫لرئمكرة{ُ‪ :‬يعنى بحدود الدعوة العمرانية العلوية‪} ً،‬مقربي ل‬ ‫يعنى المحتجب بك‪} ً،‬موٱهلم ي‬
‫ومعاينة‪} ً،‬أمهو مييكومن لممك مبهيفت يمن يزهخيرهَف{ُ‪ :‬يعنى وصيا‪ ً،‬يشيرون إلى جبتهم المزخرف‪ ً،‬إذ هى مأوى‬
‫للصور المنكرة المتزخرفة بالفك‪} ً،‬أمهو متهرمقـى رفي ٱلرسممآرء{ُ‪ :‬يعنى تدعى مقام مرسلك‪} ً،‬موملن سنهؤرممن‬
‫رليررقيمك{ُ‪ :‬يعنى الرتقاء إلى ذلك المقام‪} ً،‬محرتى يتمنيزمل معلمهيمنا ركمتابا{ُ‪ :‬يعنى تنصب لنا إماما منا‪ ً،‬وكان هذا‬
‫دأبهم فى كل دور بحسب ما اختاروه ومالوا إليه فى حال المحارات‪ .‬وجمد على ذلك مائع تصوراتهم‬
‫مع النحدار‪} ً،‬رنهقمريؤيه{ُ‪ :‬يعنى يتصورون من تصوره بالستفادة منه ‪ ..‬ثم قال تعالى‪} :‬يقهل يسهبمحامن مريبي{ُ‪:‬‬
‫ل مبمشرا{ُ‪ :‬يعنى من‬ ‫يعنى تقديسا للمحتجب به أن يكون فى مقامه أو يقيم وصيا بغير أمره‪} ً،‬مههل يكنيت إر ر‬
‫ل{ُ‪ :‬يعنى منه إلى ممن أرسل إليهم سابقا"‪.‬‬ ‫أحد حدود أهل النسبة الدون المباشرين لكم‪} ً،‬رريسو ل‬
‫لملرة مفهلميهميدهد مليه ٱلررهحممــين ممسدا ‪ُ{...‬‬ ‫ضم‬ ‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة مريم‪} :‬يقهل ممن مكامن رفي ٱل ر‬
‫لملرة{ُ‪ ً،‬يعنى عن اتباع العين وحجبه‪} ً،‬مفهلميهميدهد لميه ٱلررهحممــين{ُ‪:‬‬ ‫ضم‬ ‫اليات‪ - :‬ما نصه‪} :‬يقهل ممن مكامن رفي ٱل ر‬
‫يعنى الميم بأمر العين‪} ً،‬ممسدا{ُ‪ :‬يعنى من المهال‪} ً،‬محرتـى إرمذا مرأمهوها مما ييومعيدومن إررما ٱلمعمذامب{ُ‪ :‬يعنى فى‬
‫التراكيب‪} ً،‬موإررما ٱلرسامعمة{ُ‪ :‬يعنى عند ظهور القائم المنتظر‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬مفمسميهعلميمومن{ُ‪ :‬يعنى عند‬
‫ضمعيف يجندا{ُ‪ :‬يعنى أنصارا‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬موميرزييد‬ ‫مشاهدتهم ذلك‪} ً،‬ممهن يهمو مشور رممكانا{ُ‪ :‬يعنى مأوى‪} ً،‬موأم ه‬
‫ٱللريه{ُ‪ :‬يعنى إمام كل زمان‪} ً،‬ٱرلرذيمن ٱههمتمدوها{ُ‪ :‬يعنى إلى الندم سابقا‪} ً،‬يهلدى{ُ‪ :‬يعنى فى ظهور فضلتهم‪ً،‬‬
‫صارلمحايت{ُ‪ :‬يعنى الذين بقوا على الطاعة وصحلت‬ ‫وذلك فى المعرفة والصفاء والنارة‪} ً،‬موٱهلمبارقميايت ٱل ر‬
‫نياتهم على القيام بصلح الدعوة فى الحديث عطفا منهم على ما سبقا فى القديم‪} ً،‬مخهيفر رعنمد مريبمك{ُ‪ :‬يعنى‬
‫العين‪} ً،‬مثموابا{ُ‪ :‬يعنى إثابة فى صعودهم فى سلليم الصعود‪} ً،‬مومخهيفر رممرسدا{ُ‪ :‬يعنى يأوون إليه عند ترتيبهم‬
‫فى النواسيت واللواهيت‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬أممفمرأمهيمت ٱرلرذيِ مكمفمر ربآميارتمنا{ُ‪ :‬يعنى "حبتر" كفر بحجاب الوصى‬
‫ل موموملدا{ُ‪ :‬يعنى علما وأتباعا ترشحا منه للفساد‪ ً،‬ولذلك تظاهر‬ ‫وحدوده فى كل دور‪} ً،‬مومقامل ي‬
‫لومتميرن مما ل‬
‫بدخوله فى الملة السلمية تملقا ليبلغ مرامه من الغواء‪ ً،‬وكان ذلك بمقتضى ما انعقد فى وهمه‬
‫الخبيث‪} ً،‬أمرطلممع ٱهلمغهيمب{ُ‪ :‬يعنى على علم الباطن‪} ً،‬أمرم ٱرتمخمذ رعنمد ٱلررهحممــرن معههدا{ُ‪ :‬يعنى عند الناطقا مقاما‬
‫ل{ُ‪ :‬يعنى إقساما ل يكون ذلك‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬مسمنهكيتيب مما مييقويل{ُ‪ :‬يعنى فى‬ ‫يعهد به إليه ويشير‪} ً،‬مك ر‬
‫تصوره المظلم ما كان منه من التعدى والتمويه‪} ً،‬مومنيمسد مليه رممن ٱهلمعمذارب ممسدا{ُ‪ :‬يعنى ما يقترفه من تلك‬
‫السيئات‪} ً،‬مومنرريثيه مما مييقويل{ُ‪ :‬يعنى ما طلبه من المهال سابقا ولحقا‪} ً،‬موميهأرتيمنا مفهردا{ُ‪ :‬يعنى فى العذاب‬
‫الدنى والعذاب الكبر لتفرده فى أليم العذاب على أتباعه‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬موٱرتمخيذوها{ُ‪ :‬يعنى أهل‬
‫الصرار‪} ً،‬رمن يدورن ٱلرلره{ُ‪ :‬يعنى إمام كل زمان‪} ً،‬آرلمهلة{ُ‪ :‬يعنى أئمة وهم الذين اتخذوهم سابقا ومالوا‬
‫ل{ُ‪ :‬يعنى امتناعهم بذلك المرام الفاسد‪ً،‬‬ ‫إليهم‪} ً،‬ليمييكوينوها لميههم رعسزا{ُ‪ :‬يعنى فى معادهم يعتزون بهم‪} ً،‬مك ر‬
‫}مسميهكيفيرومن ربرعمبامدرترههم{ُ‪ :‬يعنى بتعبدهم لهم بالطاعة ويتبرأون منهم‪ ً،‬وذلك حين يكشف لهم أنواع العذاب‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ضسدا{ُ‪ :‬ويعنى يضادونهم بالتعذيب لهم والتهويل والحراقا لهم بتصوراتهم النارية"‪.‬‬ ‫}مومييكوينومن معملهيرههم ر‬
‫لرعربيمن‪ُ{...‬‬ ‫ضِ مومما مبهيمنيهمما م‬ ‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة النبياء‪} :‬مومما مخلمهقمنا ٱلرسممآمء موٱ م‬
‫لهر م‬
‫ل على ) ‪iJً، H‬‬ ‫إلخْ ما نصه‪} :‬مومما مخلمهقمنا ٱلرسممآمء{ُ‪ :‬يعنى رتبنا )‪JI┴H‬عل( فى مقام الوصاية الباطنة دلي ل‬
‫ل على )‬ ‫ضِ{ُ‪ :‬يعنى رتبنا )‪ TJ9ً، T‬عل‪ .‬ج ‪ (TV‬فى مقام الوصاية الظاهرة دلي ل‬ ‫لهر م‬‫‪ 9‬عل(‪} ً،‬موٱ م‬
‫لرعربيمن{ُ‪ :‬يعنى مستهزئين فى إقامتهم‪} ً،‬لمهو أممرهدمنآ‬ ‫‪HIJ‬عل( }مومما مبهيمنيهمما{ُ‪ :‬يعنى من الحدود فى الدعوتين‪ } ً،‬م‬
‫لرتمخهذمنايه رمن رليدرنآ{ُ‪ :‬يعنى لقمناه منا‪ ً،‬ولكن ل تكون الظلمة كالنور وال‬ ‫مأن رنرترخمذ لمههوا{ُ‪ :‬يعنى "حبتر"‪ } ً،‬ر‬
‫الظل كالحرور‪} ً،‬رإن يكرنا مفارعرليمن{ُ‪ :‬يعنى إقامته‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬مبهل منهقرذيف ربٱِهلمحيقا{ُ‪ :‬يعنى مقام حجاب )‪I 2‬‬
‫‪ J‬عـ ‪ J‬عـ(‪} ً،‬معملى ٱهلمبارطرل{ُ‪ :‬يعنى مقام الضد‪} ً،‬مفميهدمميغيه{ُ‪ :‬يعنى لظهور أمر )‪ I J 2‬عـ ‪ J‬عـ( ل‬
‫سيما عندتمام مدة مهلة الجبات‪} ً،‬مفرإمذا يهمو مزارهفقا{ُ‪ :‬يعنى عن مقام ما يدعيه من الخلفة‪ ً،‬ثم قال تعالى‬
‫صيفومن{ُ‪ :‬يعنى أن حبترا لحجاب )‪ I J 2‬عـ ‪ J‬عـ(‪...‬‬ ‫مشيرا إلى فريقا الصرار‪} :‬مولميكيم ٱهلموهييل رمرما مت ر‬
‫ضسر‪ ُ{...‬إلخْ ما‬ ‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة النبياء‪} :‬موأمسيومب إرهذ منامدـى مرربيه أميني ممرسرنمي ٱل س‬
‫نصه‪} :‬موأمسيومب إرهذ منامدـى مرربيه{ُ‪ :‬يعنى إمام زمانه وهو كان من أبوابه وصار مجمعا عظيما من العضاء‬
‫ضسر{ُ‪ :‬يعنى إشارة إلى حجابه‬ ‫الرئيسة‪ ً،‬أولل فى دور المسيح وآخرا فى المجمع المحمدى‪} ً،‬أميني ممرسرنمي ٱل س‬
‫الذى حصل منه وممن فى جواره التوقف فى أحد أعضاء الهيكل العلوى وهو المستقر فى ذلك الزمان‬
‫فابتلى باضطراب أهل دعوته وكثرة المنافقين وتغلبهم‪ ً،‬وجرى ذلك منهم فى كل دور عند ظهور‬
‫ضرر{ُ‪ :‬يعنى ذلك البتلء‪} ً،‬موآمتهيمنايه‬ ‫فضلتهم‪} ً،‬مومأنمت أمهرمحيم ٱلررارحرميمن * مفٱِهسمتمجهبمنا لميه مفمكمشهفمنا مما ربره رمن ي‬
‫أمههمليه{ُ‪ :‬يعنى أهل دعوته الذين كان ظهور فضلتهم فيها فى كل مكررة‪} ً،‬مورمهثمليههم رممعيههم{ُ‪ :‬يعنى من غير‬
‫أهل دعوته‪ ً،‬استجابوا له وصلحوا على يديه‪} ً،‬مرهحمملة يمهن رعنردمنا{ُ‪ :‬يعنى ساقهم إليه وهداهم به‬
‫وخصهم بذلك كما اختصه فى ابتداء الفطرة‪} ً،‬ورذهكمرـى رلهلمعاربرديمن{ُ‪ :‬يعنى للمتعبدين منهم بطاعته ذكرهم‬ ‫ر‬
‫بالهداية وقادهم إليها"‪.‬‬
‫ضِ موممن رفيمهآ‪ ُ{..‬إلخْ ما نصه‪} :‬يقل‬ ‫لهر ي‬‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة المؤمنون‪} :‬يقل ليممرن ٱ م‬
‫ضِ موممن رفيمهآ{ُ‪ :‬يعنى الدعوة وحدودها‪ ً،‬وأيضا الرضِ الظاهرة ومضن فيها‪} ً،‬رإن يكنيتهم متهعلميمومن‬ ‫لهر ي‬ ‫ليممرن ٱ م‬
‫ل متمذركيرومن{ُ‪ :‬يعنى أنه العين تعالى عله‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬يقهل ممن‬ ‫* مسمييقويلومن رلرلره{ُ‪ :‬يعنى المدبر‪} ً،‬يقهل أممف م‬
‫ررسب ٱلرسمماموارت ٱلرسهبرع{ُ‪ :‬يعنى الذى تكون منه مراتب السبعة التماء الذين أحاطت مراتبهم على أكثر‬
‫المراتب لكونهم أشرف مقامات الدور العمرانى‪ ً،‬ومقامات أهل الدور العمرانى أفضل ممن تقدمهم فى‬
‫الدوار ‪ -‬وقد أشار إلى ما لهم من علو المنازل فى الهيكل القائمى‪ ً،‬ولنهم ولنهم وحدهم وأبيهم‬
‫صاحب كنز الوالد بما هذا فصه أعلى ال قدسه ورزقنا شفاعته وأنسه‪ :‬وأتماء دوره مثل فاطمة‬
‫والحسن والحسين وعلسى بن الحسين ومحمد بن علسى وجعفر بن محمد وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن‬
‫إسماعيل سابعهم‪ ً،‬ومنهم حاسة البصر‪ ً،‬ومنهم حاسة الشم‪ ً،‬ومنهم حاسة الذوقا‪ ً،‬ومنهم حاسة اللمس‪ً،‬‬
‫ومنهم حاسة التخيل‪ ً،‬ومنهم حاسة الحفظ‪ ً،‬ومنهم حاسة الذكر‪ ً،‬وهؤلء الثمانية يكونون هذه الحواس‬
‫الثمانى‪ ً،‬ومحمد صلى ال عليه وسلم وعلى آله حاسة النطقا والفطنة )‪ VII↓9. ┴J‬ى ‪ (TI‬والفكرة‪ً،‬‬
‫ل‬‫}مومرسب ٱهلمعهررش ٱهلمعرظيرم{ُ‪ :‬يعنى )‪ ↑ J XX ┴J‬عـ(‪} ً،‬مسمييقويلومن رلرلره{ُ‪ :‬يعنى صاحب الستقرار‪} ً،‬يقهل أممف م‬
‫مترتيقومن{ُ‪ :‬يعنى من مخالفته"‪.‬‬
‫لهفرك‪ ُ{..‬إلخْ‪ :‬ما نصه‪} :‬إررن ٱرلرذيمن‬ ‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة النور‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مجآيءوا ربٱِ ر‬
‫صمبفة يمهنيكهم{ُ‪:‬‬‫لهفرك{ُ‪ :‬يعنى الذين اختاروا الضد وأقاموه بحسب ما كان منه ومنهم فى القديم‪} ً،‬يع ه‬ ‫مجآيءوا ربٱِ ر‬
‫ل متهحمسيبويه مشسرا لريكهم{ُ‪ :‬يعنى نكوصم لنه بذلك امتاز‬ ‫يعنى بتظاهرهم بالدخول فى الرمرلة السلمية‪ } ً،‬م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الخبيث من الطيب‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬مبهل يهمو مخهيفر لريكهم{ُ‪ :‬يعنى ترافعت درجاتكم وتللت صوركم‪ .‬ثم قال‬
‫لهثرم{ُ‪ :‬يعنى بقدر ما ييصيوره من الضلل أو عمل به سابقا أو‬ ‫تعالى‪} :‬رليكيل ٱهمررىهَء يمهنيههم رما ٱهكمتمسمب رممن ٱ ر‬
‫لحقا‪} ً،‬موٱرلرذيِ متمولرـى ركهبمريه رمهنيههم{ُ‪ :‬يعنى يممعرظم أمر الضد منهم وهم أهل السقيفة‪} ً،‬لميه معمذافب معرظيفم{ُ‪ :‬يعنى‬
‫ل إرهذ مسرمهعيتيمويه{ُ‪ ً،‬قال‬ ‫متضاعف على غيرهم فى جميع أبواب العذاب الدنى والكبر‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬لرهو ي‬
‫مولى ذو الحدين قردس ال روحه فى ذلك‪ :‬يعنى نص النبى على الوصى‪} ً،‬مظرن ٱهليمهؤرمينومن موٱهليمهؤرممنايت‬
‫ربمأهنيفرسرههم{ُ‪ :‬يعنى بمستفيدهم‪} ً،‬مخهيرا مومقايلوها{ُ‪ :‬يعنى أولئك المخالفين‪} ً،‬مهــمذآ إرهففك سمربيفن{ُ‪ :‬يعنى كذب مبسين‪ ً،‬ثم‬
‫ل مجآيءوا معملهيره{ُ‪ :‬يعنى على صحة أنه ضدهم‪} ً،‬ربمأهرمبمعرة يشمهمدآمء{ُ‪ :‬يعنى يشهدون بأربعة‬ ‫قال تعالى‪} :‬لرهو م‬
‫دلئل‪ ً،‬الولى‪ :‬كونه من أهل بيت النبوة‪ ً،‬والثانية‪ :‬إثبات المامة فى عقبه‪ ً،‬والثالثة‪ :‬الشارة من ال‬
‫ورسوله إليه‪ ً،‬والرابعة‪ :‬كونه فى مقام العصمة‪} ً،‬مفرإهذ لمهم ميهأيتوها ربالسشمهمدآرء{ُ‪ :‬يعنى بهذه الدلئل‪} ً،‬مفيأهولمــرئمك‬
‫رعنمد ٱلرلره{ُ‪ :‬يعنى عند الناطقا‪} ً،‬يهيم ٱهلمكارذيبومن{ُ‪ :‬يعنى عليه بالشارة إلى ممن ليس يستكمل خصال‬
‫الوصاية"‪.‬‬
‫ضِ‬ ‫لهر ر‬ ‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة الفرقان‪} :‬مورعمبايد ٱلررهحممــرن ٱرلرذيمن ميهميشومن معلمـى ٱ م‬
‫ضِ{ُ‪ :‬يعنى فى‬ ‫لهر ر‬‫مههونا ‪ ُ{...‬إلخْ‪ ً،‬ما نصه‪} :‬مورعمبايد ٱلررهحممــرن{ُ‪ :‬يعنى الدعاة‪} ً،‬ٱرلرذيمن ميهميشومن معلمـى ٱ م‬
‫قوانين الدعوة عند ظهور فضلئهم فى الدوار‪} ً،‬مههونا{ُ‪ :‬يعنى بوقار‪} ً،‬موإرمذا مخامطمبيهيم المجارهيلومن{ُ‪ :‬يعنى‬
‫لما{ُ‪ :‬يعنى أجابوه بلين وحسن عبارة ووعظ‪ ً،‬وذلك دأبهم فى كل ظهور‪} ً،‬موارلرذيمن‬ ‫بمقاماتهم‪} ً،‬مقايلوها مس م‬
‫ريربييتومن رلمريبرههم{ُ‪ :‬يعنى صاحب عصرهم‪} ً،‬يسرجدا مورقمياما{ُ‪ :‬يعنى متوجهين إليه بالعبادة ظاهرا وباطنا‪ً،‬‬
‫صررهف معرنا معمذامب مجمهرنمم{ُ‪ :‬يعنى الدراك‪ً،‬‬ ‫}موٱرلرذيمن مييقويلومن مرربمنا{ُ‪ :‬يعنى إمام زمانهم الذين هم دعاة إليه‪} ً،‬ٱ ه‬
‫}إررن معمذامبمها مكامن مغمراما{ُ‪ :‬يعنى هلكا‪} ً،‬إررنمها مسآمءهت يمهسمتمقسرا{ُ‪ :‬يعنى أسوأ مستقر لمن دخلها‪} ً،‬مويممقاما{ُ‪:‬‬
‫يعنى لمن أقام فيها‪} ً،‬موٱرلرذيمن إرمذآ مأنمفيقوها لمهم يهسرريفوها مولمهم ميهقيتيروها{ُ‪ :‬يعنى من علوم صاحب الدعوة الهادية‬
‫ل ميهديعومن مممع‬ ‫وأمواله لكونهم معصومين به‪} ً،‬مومكامن مبهيمن مذرلمك مقمواما{ُ‪ :‬يعنى متوسطا بين الحالين‪} ً،‬موٱرلرذيمن م‬
‫ل ربٱِهلمحيقا{ُ‪:‬‬
‫ل ميهقيتيلومن ٱلرنهفمس ٱلررتي محررم ٱللريه إر ر‬
‫ٱلرلره{ُ‪ :‬يعنى ولى أمره‪} ً،‬إرملــلها آمخمر{ُ‪ :‬يعنى إماما ثانيا‪} ً،‬مو م‬
‫يعنى بواجب لدى الجهاد أو فى أمر توجبه الشريعة‪ ً،‬وأيضا ل يسقطون أحدا من مرتبته إل باستحقاقه‬
‫ل ميهزينومن{ُ‪ :‬يعنى يتعدون إلى‬ ‫الكرات‪} ً،‬و م‬ ‫لذلك لموجب ما صدر منه من الذنب الذى جرى عليه فى ر‬
‫ـ‬ ‫ه‬
‫شىء من الخدم فى غير جرائرهم التى أمرها مصروف إلى سواهم من الدعاة‪} ً،‬موممن ميهفمعل ذرلمك{ُ‪ :‬يعنى‬
‫ضامعهف لميه ٱهلمعمذايب ميهوم ٱهلرقيامرة{ُ‪ :‬يعنى‬ ‫من الذين هم غير معصومين‪} ً،‬ميهلمقا أممثاما{ُ‪ :‬يعنى ظاهرا وباطنا‪} ً،‬ي م‬
‫ل ممن‬ ‫من يوم انتقامه يجدد عليه فى القوالب‪} ً،‬موميهخيلهد رفيره يممهانا{ُ‪ :‬يعنى فى الصخرة‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬إر ر‬
‫متامب موآمممن{ُ‪ :‬يعنى رجع إلى التوبة وأقلع عن ذلك الذنب‪ ً،‬وكان ذلك منه المتاب بحسب ما انعقد فى‬
‫صارلحا{ُ‪ :‬يعنى بالدعوة إلى ولى‬ ‫ل م‬ ‫ضميره ول بد له من التصفية والتطهير بقدر ذلك الذنب‪} ً،‬مومعرممل معمم ل‬
‫أمره‪} ً،‬مفيأهولمــرئمك يمبيديل ٱللريه{ُ‪ :‬يعنى ولى الزمان المتولى للتدبير‪} ً،‬مسيمئارترههم{ُ‪ :‬يعنى تلك الذنوب التى ابتنت‬
‫فى صورهم ظلمات وما كانوا قد ترتبوا فيه من الضدية‪} ً،‬محمسمناهَت{ُ‪ :‬يعنى بمراتب من مراتب أهل الحقا‬
‫ل من أهل‬ ‫وبصور نورانية من فعلهم ذلك وتلك التخيلت التى قد انقشعت عنهم تلتئم ثم تكون لها أه ل‬
‫العناد‪ ً،‬ثم قال تعالى‪} :‬مومكامن ٱللريه مغيفورا رررحيما{ُ‪ :‬يعنى لمن تاب إليه"‪.‬‬
‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة الشعراء‪} :‬طيسيم * رتهلمك آميايت ٱهلركمتارب ٱهليمربيرن{ُ‪" ً،‬ما نصه‪:‬‬
‫قال ال تعالى‪} :‬طيسيم{ُ‪ :‬إقسام من العاشر بمجمع العين الذى جمع مجامع النطقاء والسس والئمة‪ ً،‬لكون‬
‫الطاء من النطقاء‪ ً،‬والسين من السس‪ ً،‬والميم من الئمة‪ ً،‬وأيضا أن عدد الطاء تسعة‪ ً،‬وعدد السين‬
‫والميم مائة‪ ً،‬فدلتنا المائة على أن مجمعه حوى من الصور الكلية التى سسلمها إليه العاشر يوم )‪Y B I J‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪9‬عـ( من المركزية والستقرارية مائة صورة‪ ً،‬ثم على تسعة مجامع عظام رجعت إليه وهم‪ :‬الميم‬
‫والفاء وأسابيع الدور المحمدى فأقسم بها تعالى‪ ً،‬وكان وضع الطاء فى أول الحروف هذه إشارة أن‬
‫العين الولة أول ما يتسلم إلى العين الخرة من المجامع الميم والفاء وأسابيع الدور المحمدى‪} ً،‬رتهلمك آميايت‬
‫ٱهلركمتارب ٱهليمربيرن{ُ‪ :‬يعنى مقامات )‪ I Jً، H 9‬على(‪ ً،‬قباب النوار من ولده لكونه الكتاب وهم آياته"‪.‬‬
‫لهنمسامن ربموارلمدهيره يحهسنا‪ ُ{...‬إلخْ ما نصه‪:‬‬‫صهيمنا ٱ ر‬
‫* وقال عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة العنكبوت‪} :‬مومو ر‬
‫لهنمسامن{ُ‪ :‬قال مولى الحسام فى حقيقة ذلك‪ :‬يعنى محمد بن أبى بكر‪} ً،‬ربموارلمدهيره{ُ‪ :‬يعنى‬ ‫صهيمنا ٱ ر‬‫}مومو ر‬
‫ل منهما‪} ً،‬يحهسنا{ُ‪ :‬يعنى أن يدعوهما إلى ولية الوصى‪ .‬ثم قال تعالى‪:‬‬ ‫الضالين اللذين كان استفادته أو ل‬
‫}مورإن مجامهمدامك رليتهشررمك ربي{ُ‪ :‬يعنى أن تشركهما فى مقام الوصاية‪} ً،‬مما لمهيمس لممك ربره رعهلفم{ُ‪ :‬يعنى أنهما‬
‫ل يترطهعيهممآ{ُ‪ :‬يعنى فيما أمرك به‪} ً،‬إرلمري ممهررجيعيكهم{ُ‪ :‬يعنى دعوتهم إذا قام السابع‪} ً،‬مفيأمنيبيئيكم ربمما‬ ‫يستحقانه‪} ً،‬مف م‬
‫يكنيتهم متهعمميلومن{ُ‪ :‬يعنى من صرف الدعوة"‪.‬‬
‫**‬
‫* ما فى آخر النسخة‪:‬‬
‫"وكان الفراغا من زبر هذا الكتاب الموضح من السرار لما هو لب اللباب يوم الحد خامس عشر شهر‬
‫رجب الصب )هكذا( سنة ‪1173‬هـ وذلك من مسودتها التى هى بخط مؤلفها سيدنا الداعى الجليل‬
‫عديم النظير والمثيل‪ :‬ضياء الدين ودرة تاجه والكليل‪ ً،‬إسماعيل بن سيدنا هبة ال أريده الل بالنصر‬
‫والظفر‪ ً،‬وبلغه فى رفع بناء الدعوة كنه المل والوطر‪ ً،‬وذلك بحصنه السعيد وقصره الشامخْ المشيد من‬
‫محروس نجران ببلد يام‪ ً،‬حرسها ال من الشرار اللئام‪ ً،‬وذلك بخط العبد الضعيف‪ ً،‬البائس الذليل‬
‫اللهيف‪ ً،‬أحقر عبيد موله‪ ً،‬وأحوجهم لعفوه ورضاه‪ ً،‬عبد ال بن سيدنا علسى بن هبة ال‪ ً،‬وفقه ال لما‬
‫يحب ويرضى‪ ً،‬وختم له بالحسنى‪ ً،‬فيجب على ممن قرأه أن ل يتركه من الدعاء بأن ال يرحم لطيفه‬
‫وكثيفه‪ ً،‬ويسرع بانضمامه إلى جوار جده وأليفه‪ ً،‬وأجره على ممن ل يضيع أجر المحسنين‪:‬‬
‫*يلوح الخط فى القرطاس دهرا * وكاتبه رميم فى التراب*‬
‫***‬
‫* ملحوظة هامة‪:‬‬
‫فى آخر القسم الرابع من كتاب "مزاج التسنيم"‪ ً،‬توجد حروف الكتابة السرية وما يقابلها بالحروف‬
‫العربية على النحو التالى‪:‬‬
‫‪ T J‬ط مـ ح ‪ γ Y λ ً،‬عـ ل ‪H‬‬
‫أبتثجحخدذرزس‬
‫ك ‪) P‬ل( ↑ )‪ -- B V (J‬ى ‪┴ 2‬‬
‫ش ص ضِ ط ظ ع غا ف قا ك ل‬
‫‪ I‬علـ ‪II X 9 4‬‬
‫م ن هـ و ى ل‬
‫ويلى ذلك فك الرموز الموجودة بالكتاب ابتداء من أول سورة يونس إلى آخر ما وصل إليه من سورة‬
‫ل عن الجدول الموجود بآخر الكتاب )الذهبى(‪.‬‬ ‫العنكبوت‪ .‬وقد وضعنا فك الرموز بالهامش نق ل‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -5‬ينيقول من كتاب الكافى )الجزء الول( (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫لبى جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاقا الكلينى الرازى المتوفى سنة ‪329 /328‬هـ‬
‫طبع إيران سنة ‪1384‬هـ ‪ -‬الناشر مكتبة الصدوقا‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الجامعة ‪ -‬القياس (‬

‫"روى بسنده قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ضرل علم ابن شبرمة عند الجامعة‪ ً،‬إملء رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وخط علسى عليه السلم بيده‪ ً،‬إن الجامعة لم تدع لحد كلما‪ ً،‬فيها علم الحلل‬
‫والحرام‪ ً،‬وإن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحقا إل يبهعدا‪ ً،‬إن دين ال ل ييصاب‬
‫بالقياس"‪.‬‬
‫* *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم‬
‫من تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) علم علسى رضى ال عنه (‬

‫"وبسنده إلى سليم بن قيس الهللى قال‪ :‬قلت لمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إنى سمعيت من سلمان‬
‫والمقداد وأبى ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبى ال صلى ال عليه وسلم غير ما فى أيدى‬
‫الناس‪ ً،‬ثم سمعيت منك تصديقا ما سمعيت منهم‪ ً،‬ورأيت فى أيدى الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن‬
‫ومن الحاديث عن النبى صلى ال عليه وسلم أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك كله باطل‪ ً،‬أفترى‬
‫الناس يكذبون على رسول ال صلى ال عليه وسلم متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟‬
‫ل‪ ً،‬وصدقا وكذبا‪ ً،‬وناسخا‬‫قال‪ :‬فأقبل علسى فقال‪ :‬قد سألت فافهم الجواب‪ :‬إن فى أيدى الناس حقا وباط ل‬
‫ومنسوخا‪ ً،‬وعاما وخاصا‪ ً،‬ومحكما ومتشابها‪ ً،‬وحفظا ووهما‪ ً،‬وقد يكرذمب على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم على عهده ‪.....‬‬
‫إل أنه قال‪ :‬وقد كنت أدخل على رسول ال صلى ال عليه وسلم كل يوم دخلة‪ ً،‬وكل ليلة دخلة‪ ً،‬فيخلينى‬
‫فيها أدور معه حيث دار‪ ً،‬وقد علم أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه لم يصنع ذلك فى بيتى‪ً،‬‬
‫وكنت إذا دخلت عليه بعضِ منازله أخلنى وأقام عنى نساءه فل يبقى عنده غيرى‪ ً،‬وإذا أتانى للخلوة‬
‫معى فى منزلى لم تقم عنى نساءه فل يبقى عنده غيرى‪ ً،‬وإذا أتانى للخلوة معى فى منزلى لم تقم عنى‬
‫فاطمة ول أحد من بنى‪ ً،‬وكنت إذا سألته أجابنى‪ ً،‬وإذا سكمت عنى وفنيت مسائلى ابتدأنى‪ ً،‬فما نزلت‬
‫على رسول ال صلى ال عليه وسلم آية من القرآن إل أقرأنيها وأملها علسى فكتبتها بخطى وعرلمنى‬
‫تأويلها وتفسيرها‪ .‬وناسخها ومنسوخها‪ ً،‬ومحكمها ومتشابهها‪ ً،‬وخاصها وعامها‪ ً،‬ودعا ال أن يعطينى‬
‫فهمها وحفظها‪ ً،‬فما نسييت آية من كتاب ال ول علما أمله علسى وكتبته منذ دعا ال لى بما دعا‪ ً،‬وما‬
‫ترك شيئا عرلمه ال من حلل ول حرام‪ ً،‬ول أمر ول نهى‪ ً،‬كان أو يكون‪ ً،‬ول كتب على أحد قبله من‬
‫طاعة أو معصية إل علمنيه وحفظته فلم أنس حرفا واحدا‪ ً،‬ثم وضع يده على صدرى ودعا ال لى أن‬
‫يمل قلبى علما أنس حرفا واحدا‪ ً،‬ثم وضع يده على صدرى ودعا ال لى أن يمل قلبى علما وفهما‬
‫وحكما ونورا‪ ً،‬فقلت‪ :‬يا نبى ال‪ ً،‬بأبى أنت وأمى‪ ً،‬منذ دعومت ال لى بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتنى‬
‫شئ لم أكتبه‪ ً،‬أفتتخوف علسى النسيان فيما بعد؟ فقال‪ :‬ل‪ ً،‬لسيت أتخوف عليك النسيان والجهل"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) التقية (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"ويسنده عن زرارة بن أعين‪ ً،‬عن أبى جعفر عليه السلم‪ ً،‬قال‪ :‬سألته عن مسألة فأجابنى‪ ً،‬ثم جاءه رجل‬
‫فسأله عنها فأجابه بخلف ما أجابنى‪ ً،‬ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلف ما أجابنى وأجاب صاحبى‪ ً،‬فلما‬
‫خرج الرجلن قلت‪ :‬يابن رسول ال‪ ً،‬رجلن من أهل العراقا من شيعتكم قدما يسألن فأجبت كل واحد‬
‫منهما بغير ما أجب مت به صاحبه؟ فقال‪ :‬يا زرارة‪ ً،‬إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم‪ ً،‬ولو اجتمعتم على أمر‬
‫واحد لصدقكم الناس علينا‪ ً،‬ولكان أقل لبقائنا وبقائكم"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الئمة يحرجة ال (‬

‫"وبسنده إلى أسود بن سعيد قال‪ :‬كنت عند أبى جعفر عليه السلم فأنشأ يقول ابتدالء منه من غير أن‬
‫أسأله‪ :‬نحن يح رجة ال‪ ً،‬ونحن باب ال‪ ً،‬ونحن لسان ال‪ ً،‬ونحن وجه ال‪ ً،‬ونحن عين ال فى خلقه‪ ً،‬ونحن‬
‫ولة أمر ال فى عباده"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ولية الئمة ولية ال‪ ً،‬وظلمهم ظلمه (‬

‫"وبسنده عن زرارة عنه أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن قول ال معرز ومجرل‪} :‬مومما مظمليمومنا موملــركن‬
‫مكاينيوها أمهنيفمسيههم ميهظرليمومن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬إن ال تعالى أعظم وأجل وأمنع من أن ييظلم‪ ً،‬ولكنه خلطنا بنفسه فجعل‬
‫ظلمنا ظلمه‪ ً،‬ووليتنا وليته‪ ً،‬حيث يقول‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها{ُ يعنى الئمة منا"‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) معرفة المام (‬

‫"وبسنده إلى أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬إنما يعبد ال ممن يعرف ال‪ ً،‬فأما ممن ل يعرف ال فإنما يعبده‬
‫ل‪ .‬قلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬فما معرفة ال؟ قال‪ :‬تصديقا ال معرز ومجرل وتصديقا رسوله صلى ال‬ ‫هكذا ضل ل‬
‫عليه وسلم ومواله علسى عليه السلم‪ ً،‬والئتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلم‪ ً،‬والبراءة إلى ال معرز‬
‫ومجرل من عدوهم‪ ً،‬هكذا ييعرف ال معرز ومجرل"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى ابن أذينة قال‪ :‬حردثنا غير واحد عن أحدهما عليه السلم أنه قال‪ :‬ل يكون العبد مؤمنا‬
‫حتى يعرف ال ورسوله والئمة كلهم وإمام زمانه ويرد إليه ويسلم له‪ ً،‬ثم قال‪ :‬كيف يعرف الخر وهو‬
‫يجهل الول"؟‬
‫* "وبسنده إلى أبى جعفر قال‪ :‬إنما يعرف ال معرز ومجرل ويعبده ممن عرف ال وعرف إمامه منا أهل‬
‫البيت‪ ً،‬وممن ل يعرف ال عرز ومجرل ول يعرف المام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير ال‪ ً،‬هكذا‬
‫وال ضل ل‬
‫ل"‬
‫* "وبسنده إلى ذريح قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الئمة بعد النبى عليه الصلة والسلم‪ً،‬‬
‫فقال‪ :‬كان أمير المؤمنين عليه السلم إماما‪ ً،‬ثم كان الحسن عليه السلم إماما‪ ً،‬ثم كان الحسين عليه‬
‫السلم إماما‪ ً،‬ثم كان الحسن عليه السلم إماما‪ ً،‬ثم كان الحسين عليه السلم إماما‪ ً،‬ثم كان علسى ابن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الحسين إماما‪ ً،‬ثم كان محمد بن علسى إماما‪ ً،‬ممن أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة ال تبارك وتعالى‬
‫ومعرفة رسوله"‪.‬‬
‫وجل‪} :‬وممن يهؤمت اهلرحهكمممة مفمقهد يأورتمي مخهيرا مكرثيرا{ُ‪ً،‬‬ ‫عز ر‬ ‫* "وبسنده إلى أبى عبد ال يقول فى قول ال ر‬
‫فقال‪ :‬طاعة ال ومعرفة المام"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى جعفر يقول فى قول ال تبارك وتعالى‪} :‬أممو ممن مكامن ممهيتا مفمأهحميهيمنايه مومجمعهلمنا لميه ينورا‬
‫ميهمرشي ربره رفي ٱلرنارس{ُ‪ ً،‬فقال‪" :‬ميت"‪ :‬ل يعرف شيئا‪ ً،‬و }ينورا ميهمرشي ربره رفي ٱلرنارس{ُ إماما يؤتم به‪} ً،‬مكممن‬
‫رممثيليه رفي ٱلسظيلممارت ملهيمس ربمخاررهَج يمهنمها{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬الذى ل يعرف المام"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى جعفر قال‪ :‬دخل أبو عبد ال الجدلى على أمير المؤمنين فقال عليه السلم‪ :‬يا أباعبد‬
‫اللهن أل أخبرك بقول ال معرز ومجرل‪} :‬ممن مجآمء ربٱِهلمحمسمنرة مفلميه مخهيفر يمهنمها مويههم يمن مفمزهَع ميهومرئهَذ آرمينومن * موممن‬
‫ل مما يكنيتهم متهعمميلومن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬بلى يا أمير المؤمنين‪ً،‬‬ ‫مجآمء ربٱِلرسيمئرة مفيكربهت يويجويهيههم رفي ٱلرنارر مههل يتهجمزهومن إر ر‬
‫يجرعل يت فداك‪ ً،‬فقال‪ :‬الحسنة معرفة الولية وحبنا أهل البيت‪ ً،‬والسيئة إنكار الولية وبغضنا أهل البيت‪ ً،‬ثم‬
‫قرأ عليه هذه الية"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) فرضِ طاعة الئمة (‬

‫"وبسنده إلى أبى عبد ال قال‪ :‬نحن الذين فرضِ ال طاعتنا‪ ً،‬ل يسع الناس إل معرفتنا‪ ً،‬ول ييعذر الناس‬
‫ل حتى يرجع‬ ‫بجهالتنا‪ ً،‬ممن عرفنا كان مؤمنا‪ ً،‬وممن أنكرنا كان كافرا‪ ً،‬وممن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضا ل‬
‫إلى الهدى الذى افترضِ ال عليه من طاعتنا الواجبة‪ ً،‬فإن يمت على ضللته يفعل ال به ما يشاء"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى سدير عن أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬ما أنتم؟ قال‪ :‬نحن يخرزان‬
‫علم ال‪ ً،‬ونحن تراجمة وحى ال‪ ً،‬ونحن اليحرجة البالغة على ممن دون السماء وممن فوقا الرضِ"‪.‬‬
‫ليمري ٱرلرذيِ ميرجيدومنيه ممهكيتوبا‬‫* "وبسنده إلى أبى عبد ال فى قول ال تعالى‪} :‬ٱرلرذيمن ميرتبيعومن ٱلرريسومل ٱلرنبري ٱ ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫لهنرجيرل ميهأيميريهم ربٱِهلممهعيرورف موميهنمهايههم معرن ٱليمهنمكرر مويرحل مليهيم ٱلطيمبارت مويمحيريم معملهيرهيم‬
‫ر‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫رعنمديههم رفي ٱلرتهومرارة موٱ ر‬
‫ٱهلمخمبآرئمث‪ ُ{...‬إلى قوله‪} :‬موٱرتمبيعوها ٱلسنومر ٱرلرذييِ يأنرزمل مممعيه أيهولمــرئمك يهيم ٱهليمهفرليحومن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬النور فى هذا‬
‫الموضع علسى أمير المؤمنين والئمة عليهم السلم"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى صالح بن سهل الهمدانى قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم فى قول ال تعالى‪} :‬ٱللريه ينوير‬
‫صمبايح رفي‬ ‫صمبافح{ُ‪ :‬الحسن‪} ً،‬ٱهلرم ه‬ ‫ضِ مممثيل ينوررره مكرمهشمكاهَة{ُ‪ :‬فاطمة عليها السلم‪} ً،‬رفيمها رم ه‬ ‫لهر ر‬‫ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫يزمجامجهَة{ُ‪ :‬الحسين‪} ً،‬ٱلسزمجامجية مكمأرنمها مكهومكفب يديرويِ{ُ‪ :‬فاطمة كوكب يديرى بين نساء أهل الدنيا‪} ً،‬ييومقيد رمن‬
‫ل مغهرربريهَة{ُ‪ :‬ل يهودية ول نصرانية‪} ً،‬ميمكايد‬ ‫مشمجمرهَة سممبامرمكهَة{ُ‪ :‬إبراهيم عليه السلم‪} ً،‬مزهييتومنهَة ر‬
‫ل مشهررقريهَة مو م‬
‫ضيييء{ُ‪ :‬يكاد العلم ينفجر بها‪} ً،‬موملهو ملهم متهممسهسيه منافر سنوفر معملـى ينوهَر{ُ‪ :‬إمام منها بعد إمام‪} ً،‬ميههرديِ ٱللريه‬ ‫مزهييتمها ي ر‬
‫لهممثامل رللرنارس{ُ‪.‬‬ ‫ضرريب ٱللريه ٱ م‬‫رلينوررره ممن ميمشآيء{ُ‪ :‬يهدى ال للئمة من يشاء‪} ً،‬مومي ه‬
‫قلت‪} :‬أمهو مكيظليمماهَت{ُ؟ قال‪ :‬الول وصاحبه‪} ً،‬ميهغمشايه ممهوفج{ُ‪ :‬الثالث‪} ً،‬يمن مفهورقره ممهوفج يمن مفهورقره مسمحافب‬
‫ضِ{ُ‪ ً،‬معاوية لعنه ال‪ ً،‬وفتن بنى أمية‪} ً،‬إرمذآ أمهخمرمج ميمديه{ُ‪ :‬المؤمن فى‬ ‫ضمها مفهومقا مبهع هَ‬ ‫يظليممافت{ُ‪ :‬الثانى‪} ً،‬مبهع ي‬
‫ظلمة فتنتهم‪} ً،‬لمهم ميمكهد ميمرامها موممن لرهم ميهجمعرل ٱللريه لميه ينورا مفمما لميه رمن ينوهَر{ُ‪ :‬إماما من ولد فاطمة عليها‬
‫السلم‪} ً،‬مفمما لميه رمن سنوهَر{ُ‪ :‬إمام يوم القيامة"‪.‬‬
‫* سألته عن قول ال تبارك وتعالى‪} :‬يررييدومن رليهطرفيئوها ينومر ٱللرره ربمأهفموارهرههم{ُ قال‪ :‬يريدون ليطفئوا ولية‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم بأفهواههم‪ .‬قلت‪ :‬قوله تعالى‪} :‬موٱللريه يمرتسم ينوررره{ُ؟ قال‪ :‬يقول‪ :‬وال متم المامة‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫والمامة هى النور‪ ً،‬وذلك قوله معرز ومجرل‪} :‬مفآرمينوها ربٱِلرلره مومريسورلره موٱلينور ٱرلرذييِ مأنمزهلمنا{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬النور هو‬
‫المام"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى عبد ال‪ ً،‬وساقا حديثا جاء فى آخره‪ ...." :‬كان أمير المؤمنين صلوات ال عليه باب‬
‫ال الذى ل ييؤتى إل منه‪ ً،‬وسبيله الذى ممن سلك بغيره هلك‪ ً،‬وبذلك جرت الئمة عليهم السلم واحدا بعد‬
‫واحد‪ ً،‬جعلهم ال أركان الرضِ أن تميد بهم‪ ً،‬واليحرجة البالغة على ممن فوقا الرضِ وممن تحت الثرى"‪.‬‬
‫* "وبسنده قال‪ :‬حدثنا داود الجصاص قال‪ :‬سمعيت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪} :‬مومعلمماهَت موربٱِلرنهجرم يههم‬
‫ميههمتيدو من{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬النجم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬والعلمات هم الئمة عليهم السلم"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى داود الرقى قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال تبارك وتعالى‪} :‬مومما يتهغرني‬
‫ل يهؤرمينومن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬اليات هم الئمة‪ ً،‬والينيذر هم النبياء عليهم السلم"‪.‬‬ ‫ٱلميايت موٱلسنيذير معن مقهوم ر‬
‫هَ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫* "وعن أبى جعفر عليه السلم فى قوله عز ومجل‪} :‬كذيبوا ربئاميارتنا كلمها{ُ‪ ً،‬يعنى الوصياء كلهم"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى معاوية العجلى قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال عرز وجسل‪} :‬ٱرتيقوها ٱلرلمه‬
‫صاردرقيمن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬إيانا عنى"‪.‬‬ ‫مويكوينوها مممع ٱل ر‬
‫عز وجرل‪} :‬مههل ميهسمترويِ ٱرلرذيمن ميهعلميمومن موٱرلرذيمن م‬
‫ل ميهعلميمومن إررنمما‬ ‫* "وبسنده إلى أبى جعفر قال فى قول ال ر‬
‫لهلمبارب{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬نحن الذين يعلمون‪ ً،‬وعدونا الذين ل يعلمون‪ ً،‬وشيعتنا يأولو اللباب"‪.‬‬ ‫ميمتمذركير أيهويلوها ٱ م‬
‫* "وبسنده إلى أحمد بن عمر قال‪ :‬سأليت أبا الحسن الرضا عن قول ال معرز ومجرل‪} :‬يثرم أمهومرهثمنا ٱهلركمتامب‬
‫صمطمفهيمنا رمهن رعمباردمنا‪ ُ{...‬الية‪ ً،‬فقال‪ :‬ولد فاطمة عليهما السلم‪ ً،‬والسابقا بالخيرات‪ :‬المام‪ً،‬‬ ‫ٱرلرذيمن ٱ ه‬
‫والمقتصد‪ :‬العارف بالمام‪ ً،‬والظالم لنفسه‪ :‬الذى ل يعرف المام"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى عبد ال فى قوله تعالى‪} :‬إررن مهــمذا ٱهليقهرآمن رميههرديِ رللررتي رهمي أمهقمويم {ُ‪ ً،‬قال‪ :‬يهدى إلى‬
‫ألمام"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى بصير عن أبى عبد ال قال‪ :‬قال لى‪ :‬يا أبا محمد‪ ً،‬إرن ال عرز وجل لم يعط النبياء‬
‫شيئا إل وقد أعطاه محمدا صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬قال‪ :‬وقد أعطى محمدا جميع ما أعطى النبياء‪ ً،‬وعندنا‬
‫صيحرف إرهبمرارهيم مويمومسـى{ُ‪ ً،‬قلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬هى اللواح؟ قال‪ :‬نعم"‪.‬‬ ‫الصحف التى قال ال عرز ومجرل‪ } :‬ي‬
‫* "وبسنده إلى أبى جعفر قال‪ :‬ما سادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنرزل إل كرذاب‪ ً،‬وما‬
‫جمعه وحفظه كما نرزله ال تعالى إل علسى بن أبى طالب عليه السلم‪ ً،‬والئمة من بعده"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى جعفر قال‪ :‬خرج أمير المؤمنين عليه السلم ذات ليلة بعد عتمة وهو يقول‪ :‬همهمة‬
‫همهمة‪ ً،‬وليلة مظلمة‪ ً،‬خرج عليكم المام عليه قميص آدم‪ ً،‬وفى يده خاتم سليمان وعصا موسى عليهما‬
‫السلم"‪.‬‬
‫* "وروى عن أمير المؤمنين عليه السلم ‪ -‬فى شأن "عفير" حمار رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫قال‪ :‬إرن ذلك الحمار كرلم رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬بأبى أنت وأمى‪ ً،‬إسن أبى حردثنى عن أبيه‬
‫عن جده عن أبيه أنه كان مع نوح فى السفينة‪ ً،‬فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال‪ :‬يخرج من صلب‬
‫هذا المار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم‪ ً،‬فالحمد ل الذى جعلنى ذلك الحمار"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) مصحف فاطمة (‬

‫"وبسنده إلى أبى عبد ال قال‪ :‬تظهر الزنادقة فى سنة ثمان وعشرين ومائة‪ ً،‬وذلك أنى نظرت فى‬
‫مصحف فاطمة عليها السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬وما مصحف فاطمة؟ قال‪ :‬إرن ال تعالى لما قبضِ نبيه صلى ال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عليه وسلم دخل على فاطمة عليها السلم من وفاته من الحزن ما ل يعلمه إل ال معرز ومجرل‪ ً،‬فأرسل‬
‫إليها ممملكا يسلى غمها ويحدثها‪ ً،‬فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬إذا أحسسرت بذلك‬
‫وسمعت الصوت قولى لى‪ ً،‬فأعملته بذلك فجعل أمير المؤمنين عليه السلم يكتب كل ما سمع حتى أثبت‬
‫من ذلك مصحفا‪ ً،‬قال‪ :‬ثم قال‪ :‬إنه ليس فيه شئ من الحلل والحرام‪ ً،‬ولكن فيه علم ما يكون"‪.‬‬
‫* "وبسنده إلى أبى عبيدة قال‪ :‬سأل أبا عبد ال عليه السلم بعضِ أصحابنا عن الرجهفر فقال‪ :‬هو جلد‬
‫ثور مملوء علما‪ .‬قال له‪ :‬فالجامعة؟ قال‪ :‬تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا فى عرضِ الديم مثل فخذ‬
‫الفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه‪ ً،‬وليس من قضية إل وهى فيها حتى أرش الخدش‪ .‬قال‪ :‬فمصحف‬
‫فاطمة عليها السلم؟ قال‪ :‬فسكت طوي ل‬
‫ل ثم قال‪ :‬إنكم لتبحثون عما تريدون وعما ل تريدون‪ ً،‬إرن فاطمة‬
‫مكثت بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها‪ ً،‬وكان‬
‫جبريل عليه السلم يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها‬
‫بما يكون بعدها فى يذيريتها‪ ً،‬وكان علسى عليه السلم يكتب ذلك‪ ً،‬فهذا مصحف فاطمة عليها السلم"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الئمة يزدادون علما كل ليلة جمعة (‬

‫"روى بسنده إلى أبى يحيى الصنعانى عن أبى عبد ال بن سلم قال‪ :‬قال لى‪ :‬يا أبا يحيى‪ ً،‬إن لنا فى‬
‫ليالى الجمعة لشأنا من الشأن؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬وما ذاك الشأن؟ قال‪ :‬يؤذن لرواح النبياء‬
‫الموتى عليهم السلم وأرواح الوصياء الموتى وروح الوصى الذى بين ظهرانيكم‪ ً،‬يعرج بها إلى‬
‫السماء حتى توافى عرش ربها فتطوف به أسبوعا وتصلى عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين‪ ً،‬ثم‬
‫يت مرد إلى البدان التى كانت فيها فتصبح النبياء والوصياء قد ملئوا سرورا‪ ً،‬ويصبح الوصى الذى بين‬
‫ظهرانيكم وقد زيد فى علمه مثل الجم الغفير"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬ما من ليلة جمعة إل ولولياء ال فيها سرور‪ ً،‬قلت‪ :‬كيف ذلك يجرعليت فداك؟‬
‫قال‪ :‬إذا كان ليلة الجمعة‪ ً،‬وافى رسول ال صلى ال عليه وسلم العرش ووافى الئمة عليهم السلم‬
‫ووافييت معهم فما أرجع إل بعلم مستفاد‪ ً،‬ولول ذلك لنفد ما عندى"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬ليس يخرج شىء من عند ال معرز ومجرل حتى يبدأ برسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ً،‬ثم بأمير المؤمنين عليه السلم‪ ً،‬ثم بواحد بعد واحد لكيل يكون آخرنا أعلم من أولنا"‪.‬‬
‫* "عن أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬إرن ال معرز ومجرل علمين‪ :‬علم ل يعمله إل هو‪ ً،‬وعلم علمه ملئكته‬
‫ورسله‪ ً،‬فما علمه ملئكته ورسله عليهم السلم فنحن نعلمه"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال ‪ -‬فى آخر حديث طويل ‪ -‬أنه أومأ بيده إلى صدره وقال‪ :‬علم الكتاب والر كله‬
‫عندنا‪ ً،‬علم الكتاب وال كله عندنا"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الولياء ييخريرون فى موتهم (‬

‫"عن أبى عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا أراد المام أن يعلم شيئا أعلمه ال ذلك"‪.‬‬
‫* "عن الحسن بن الجهم قال‪ :‬قلت للرضا عليه السلم‪ :‬إن أمير المؤمنين قد عرف قاتله والليلة التى‬
‫ييقتل فيها والموضع الذى ييقتل فيه وقوله لما سمع صياح الوز فى الدار‪ :‬صوائح تتبعها نوائح‪ ً،‬وقول أم‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫كلثوم‪ :‬لو صلريمت الليلة داخل الدار وأمرمت غيرك ييصيلى بالناس‪ ً،‬فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك‬
‫الليلة بل سلح‪ ً،‬وقد عرف عليه السلم أن ابن ملجم ‪ -‬لعنه ال ‪ -‬قاتله بالسيف‪ ً،‬كان هذا مما لم يجز‬
‫تعرضه‪ ً،‬فقال‪ :‬ذلك كان‪ ً،‬ولكنه يخيمر فى تلك الليلة لتمضى مقادير ال عرز ومجرل"‪.‬‬
‫* "عن ابن الحسن موسى عليه السلم قال‪ :‬إرن ال معرز ومجرل غضب على الشيعة فخريرنى نفسى أو هم‪ً،‬‬
‫فوقيتهم والر بنفسى"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) عند الولياء علم ما كان وما يكون (‬

‫"عن أبى جعفر قال‪ :‬أنزل ال تعالى النصر على الحسين عليه السلم حتى كان ما بين السماء‬
‫والرضِ‪ ً،‬ثم يخريمر‪ :‬النصر أو لقاء ال‪ ً،‬فاختار لقاء ال"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إنى لعلم ما فى السموات وما فى الرضِ‪ ً،‬وأعلم ما فى الجنة‪ً،‬‬
‫وأعلم ما فى النار‪ ً،‬وأعلم ما كان ويكون‪ .‬قال‪ :‬ثم مكث هنيهة فرأى أن ذلك كبر على ممن سمعه منه‬
‫م‬
‫فقال‪ :‬علميت ذلك من كتاب ال معرز ومجرل‪ :‬إن ال معرز ومجدل يقول‪" :‬فيه تبيان كل شىء"‪.‬‬
‫* "وفى حديث لبى جعفر قال‪ :‬أترون أن ال تبارك وتعالى افترضِ طاعة أوليائه على عباده ثم ييخفى‬
‫عنهم أخبار السموات والرضِ‪ ً،‬ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم"؟‬
‫* "وفى حديث لبى جعفر قال‪ :‬ال أمجسل وأعز وأكرم من أن يفرضِ طاعة عبد يحجب عنه سلم سمائه‬
‫وأرضه‪ ً،‬ثم قال‪ :‬ل يحجب ذلك عنه"‪.‬‬
‫* "وعن أبى جعفر قال‪ :‬نزل جبريل على محمد عليه الصلة والسلم برمانتين من الجنة‪ ً،‬فلقيه علسى‬
‫عليه السلم فقال‪ :‬ما هاتان الرمانتان اللتان فى يدك؟ فقال‪ :‬أما هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب‪ ً،‬وأما‬
‫هذه فالعلم‪ ً،‬ثم فلقها رسول ال صلى ال عليه وسلم بنصفين فأعطاه نصفها‪ ً،‬وأخذ رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم نصفها‪ ً،‬ثم قال‪" :‬أنت شريكى فيه وأنا شريكك فيه"‪ ً،‬قال‪ :‬فلم يعلم وال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم حرفا مما عسلمه ال عرز ومجرل إل وقد علمه عليا‪ ً،‬ثم انتهى العلم إلينا‪ ً،‬ثم وضع يده على‬
‫صدره"‪.‬‬
‫* "وعن أبى جعفر قال‪ :‬لو كان للسنتكم أوكية لحردثيت كل امرئ بما له وما عليه"‪.‬‬
‫* "وفى حديث لبى عبد ال قال‪ :‬إرن ال عرز ومجرل فروضِ إلى سليمان فقال‪} :‬مهــمذا معمطآيؤمنا مفٱِهمينهن أمهو‬
‫أمهمرسهك ربمغهيرر رحمساهَب{ُ‪ ً،‬وفروضِ إلى نبيه عليه الصلة والسلم فقال‪} :‬موممآ آمتايكيم ٱلرريسويل مفيخيذويه مومما منمهايكهم‬
‫معهنيه مفٱِنمتيهوها{ُ‪ ً،‬فما فروضِ إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقد فروضه إلينا"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬الئمة بمنزلة رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أنهم ليسوا بأنبياء ول يحل‬
‫لهم من النساء ما يحل للنبى صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فأما ما خل ذلك فهم فيه بمنزلة الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬يعرف الذى بعد المام علم ممن كان قبله فى آخر دقيقة تبقى من روحه"‪.‬‬
‫* "عن زيد بن الجهم الهللى‪ ً،‬عن عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬لما نزلت ولية علسى بن أبى‬
‫طالب عليه السلم‪ ً،‬وكان من قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬سرلموا على علسى بإمرة المؤمنين‪ً،‬‬
‫فكان مما أكبر ال عليهما فى ذلك اليوم يا زيد‪ :‬قول رسول ال صلى ال عليه وسلم لهما‪ :‬قوما فسسلما‬
‫عليه بإمرة المؤمنين فقال‪ :‬أمن ال أو من رسوله يا رسول ال؟ فقال لهما رسول ال صلى ال عليه‬
‫ضوها ٱ م‬
‫لهيممامن مبهعمد متهوركيردمها مومقهد مجمعهليتيم ٱلرلمه‬ ‫وسلم‪" :‬من ال ومن رسوله‪ ً،‬فأنزل ال عرز ومجرل‪} :‬مو م‬
‫ل متنيق ي‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل إررن ٱلرلمه ميهعمليم مما متهفمعيلومن{ُ‪ :‬يعنى به قول رسول ال صلى ال عليه وسلم لهما وقولهما‪ :‬أمن‬ ‫معملهييكهم مكرفي ل‬
‫ل مبهيمنيكهم مأن‬ ‫ضهت مغهزلممها رمن مبهعرد يقروهَة مأنمكاثا مترترخيذومن أمهيممامنيكهم مدمخ ل‬ ‫ل متيكوينوها مكٱِلررتي منمق م‬
‫ال أو من رسوله؟ }مو م‬
‫متيكومن{ُ "أئمة هى أزكى من أئمتكم" قال‪ :‬قلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬أئمة؟ قال‪ :‬إى وال أئمة‪ .‬قلت‪ :‬فإرنا نقرأ‬
‫"أرى"‪ ً،‬فقال‪ :‬ما أربى؟ وأومأ بيده فطرحها‪} ً،‬إررنمما ميهبيلويكيم ٱللريه ربره{ُ‪ :‬يعنى بعلسى عليه السلم‪} ً،‬مومليمبيمنرن مليكهم‬
‫ضسل ممن ميمشآيء موميههرديِ ممن‬ ‫ميهوم ٱهلرقمياممرة مما يكهنيتهم رفيره متهخمترليفومن * مولمهو مشآمء ٱللريه لممجمعلميكهم أيرملة موارحمدلة مولــركن ي ر‬
‫ل مترترخيذيوها أمهيممامنيكهم مدمخ ل‬
‫ل مبهيمنيكهم مفمترزرل مقمدفم مبهعمد يثيبورتمها{ُ‪:‬‬ ‫ميمشآيء مولميتهسمأليرن{ُ‪ :‬يوم القيامة }معرما يكهنيتهم متهعمميلومن * مو م‬
‫صمددستهم معن‬ ‫يعنى مقالة رسول ال صلى ال عليه وسلم فى علسى عليه السلم‪ ً،‬و }مومتيذويقوها ٱهلسسيومء ربمما م‬
‫مسربيرل ٱلرلره{ُ‪ :‬يعنى به عليا عليه السلم‪} ً،‬مولميكهم معمذافب معرظيفم{ُ‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬لما حضر رسول ال صلى ال عليه وسلم الموت دخل عليه علسى عليه السلم‬
‫فأدخل رأسه‪ ً،‬ثم قال‪ :‬يا علسى‪ ً،‬إذا أنا مت فغسلنى ركفنى ثم أقعدنى وسلنى واكتب"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الغيبة (‬

‫"وفى حديث عن موسى بن جعفر قال‪ :‬إذا يفرقد الخامس من ولد السابع فال ال فى أديانكم ل يزيلكم عنها‬
‫أحد‪ ً،‬يا بنسى إنه ل بد لصاحب هذا المر من غيبة حتى يرجع عن هذا المر ممن كان يقول به"‪.‬‬
‫* "وفى حديث لبى عبد ال قال‪ :‬أما والر ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ولتمحضن حتى يقال‪ :‬مات‪ً،‬‬
‫يقرتل‪ ً،‬هلك‪ ً،‬بأى واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين"‪.‬‬
‫* "وعن أبى عبد ال قال‪ :‬يفقد الناس إمامهم‪ ً،‬يشهد الموسم فيراهم ول يرونه"‪.‬‬
‫صمبمح ممآيؤيكهم مغهورا مفممن ميهأرتييكهم ربممآهَء‬
‫* "وعن موسى بن جعفر فى قول ال عرز ومجرل‪} :‬يقهل أممرأمهييتهم إرهن أم ه‬
‫رمرعيهَن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬إذا غاب عنكم إمامكم فممن يأتيكم بإمام جديد"‪.‬‬
‫ل أيهقرسيم ربٱِهليخرنرس‬‫* "عن أم هانئ قالت‪ :‬سألت أبا جعفر محمد بن علسى عليه السلم عن قول ال تعالى‪} :‬مف م‬
‫* ٱهلمجموارر ٱهليكرنرس{ُ‪ ً،‬قالت‪ :‬فقال‪ :‬إمام يخنس سنة ستين ومائتني‪ ً،‬ثم يظهر كالشهاب يتوقد فى الليلة‬
‫الظلما‪ ً،‬فإن أدركرت زمانه قررت عينرك"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) مميزات الئمة وعلماتهم (‬

‫"عن جميل بن دراج قال‪ :‬روى عن غير واحد من أصحابنا أنه قال‪ :‬ل تتكلموا فى المام‪ ً،‬فإن المام‬
‫ل ر‬
‫ل‬ ‫صهدقا مومعهد ل‬
‫يسمع الكلم وهو فى بطن أمه‪ ً،‬فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه‪} :‬مومترمهت مكرلمميت مريبمك ر‬
‫يممبيدرل رلمكرلممارتره مويهمو ٱلرسرمييع ٱهلمعرلييم{ُ‪ ً،‬فإذا قام بالمر يررفمع له فى كل بلد منار ينظر منه إلى أعمال العباد"‪.‬‬
‫* "عن أبى جعفر قال‪ :‬للمام عشر علمات‪ :‬يولد مطسهرا مختونا‪ ً،‬وإذا وقع على الرضِ وقع على‬
‫راحته رافعا صوته بالشهادتين‪ ً،‬ول يجنب‪ .‬وتنام عيناه ول ينام قلبه‪ ً،‬ول يتثاءب‪ ً،‬ول يتمطى‪ ً،‬ويرى‬
‫من خلفه كما يرى من أمامه‪ ً،‬ونجوه كرائحة المسك‪ ً،‬والرضِ موكلة بستره وابتلعه‪ ً،‬وإذا لبس درع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم كانت عليه وفقا‪ ً،‬وإذا لبسهما غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت‬
‫عليه شبرا‪ ً،‬وهو محيدث إلى أن تنقضى أيامه"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬إرن ال خلفنا من نور عظمته‪ ً،‬ثم صرور خلقنا من طينه مخزونة مكنونة من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫تحت العرش‪ ً،‬فأسكن ذلك النور فيه‪ ً،‬فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين لم يجعل لحد فى مثل الذى خلفنا‬
‫منه نصيبا‪ ً،‬وخلقا أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من تلكن ولم يجعل‬
‫ال لحد فى مثل الذى خلقهم منه نصيبا إل للنبياء‪ ً،‬ولذلك صرنا نحن وهم الناس‪ ً،‬وصار سائر الناس‬
‫همجا للنار وإلى النار"‪.‬‬
‫* "وعن أبى جعفر قال‪ :‬إن ال خلقنا من أعلى عليين‪ ً،‬وخلقا قلوب شيعتنا مما خلقنا‪ ً،‬وخلقا أبدانهم من‬
‫لهبمرارر ملرفي رعلييييمن‬‫ل إرن ركمتامب ٱ م‬
‫دون ذلك‪ ً،‬فقلوبهم تهوى إلينا لنها يخلقت مما خلقنا‪ ً،‬ثم تل هذه الية‪} :‬مك ر ر‬
‫* موممآ مأهدمرامك مما رعليسيومن * ركمتافب رمهريقوفم * ميهشمهيديه ٱهليممقرريبومن{ُ‪ ً،‬وخلقا عدونا من سجين‪ ً،‬وخلقا قلوب‬
‫شيعتهم مما خلقا منه‪ ً،‬وأبدانهم من دون ذلك‪ ً،‬فقلوبهم تهوى إليهم‪ ً،‬لنها خلقت مما خلقوا منه‪ ً،‬ثم تل‬
‫ل إررن ركمتامب ٱهليفرجارر ملرفي رسيجيهَن * موممآ مأهدمرامك مما رسيجيفن * ركمتافب رمهريقوفم{ُ‪.‬‬ ‫هذه الية‪} :‬مك ر‬
‫* "عن سدير قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدى‪ ً،‬ثم استقبل البيت‬
‫فقال‪ :‬يا سدير‪ ً،‬إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الحجار فيطوفوا بها‪ ً،‬ثم يأتونا فيعلمونا وليتهم لنا‪ ً،‬وهو‬
‫صارلمحا يثرم ٱههمتمدـى{ُ ‪ -‬ثم أومأ بيده إلى صدره ‪ -‬إلى وليتنا‪ً،‬‬ ‫قول ال‪} :‬موإريني لممغرفافر ليممن متامب موآمممن مومعرممل م‬
‫صايدين عن دين ال‪ ً،‬ثم نظر إلى أبى حنيفة وسفيان الثورى فى ذلك الزمان‬ ‫ثم قال‪ :‬يا سدير‪ ً،‬فأريك ال ر‬
‫صاسدون عن دين ال بل هدى من ال ول كتاب مبين‪ ً،‬إن هؤلء‬ ‫وهم حلقا فى المسجد فقال‪ :‬هؤلء ال ر‬
‫الخابث لو جلسوا فى بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن ال تبارك وتعالى وعن رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬حتى يأتونا فنخبرهم عن ال تبارك وتعالى وعن رسوله صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬
‫* "عن أبى حمزة الثمالى قال‪ :‬دخليت على علسى بن الحسين عليهما السلم فاحتبسيت فى الدار ساعة‪ ً،‬ثم‬
‫دخليت البيت وهو يلتقط شيئا‪ ً،‬وأدخل يده من وراء الستر فناوله ممن كان فى البيت‪ ً،‬فقلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ً،‬‬
‫هذا الذى أراك تلتقطه أى شىء هو؟‪ .‬فقال‪ :‬فضلة من زغب الملئكة نجمعه إذا خلونا‪ ً،‬نجعله سيحا‬
‫لولدنا‪ ً،‬فقلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬وإنهم ليأتونكم؟ فقال‪ :‬يا أبا حمزة‪ ً،‬إنهم ليزاحموننا عفى تكآتنا"‪.‬‬
‫* "وعن أبى الحسن عليه السلم قال‪ :‬ما من ممملك ييهبطه ال فى أمر ما يهبطه إل بدأ بالمام فعرضِ‬
‫ذلك عليه‪ ً،‬وإن مختلف الملئكة من عند ال تبارك وتعالى إلى صاحب هذا المر"‪.‬‬
‫* "عن زرارة قال‪ :‬كنت عند أبى جعفر عليه السلم فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪" :‬سلونى عما شئتم فل تسألونى عن شىء إل أنبأتكم به"‪ .‬قال‪ :‬إنه ليس أحد عنده‬
‫علم شىء إل خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلم‪ ً،‬فليذهب الناس حيث شاءوا‪ ً،‬فوالر ليس المر‬
‫إل من ههنا‪ ً،‬وأشار بيه إلى بيته"‪.‬‬
‫ضِ موٱهلرجمبارل مفأمبهيمن‬
‫لهر ر‬ ‫لممامنمة معملى ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫ضمنا ٱ م‬
‫* "عن أبى عبد ال فى قول ال عرز ومجرل‪} :‬إررنا معمر ه‬
‫لهنمساين إررنيه مكامن مظيلوما مجيهولل{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬هى ولية أمير المؤمنين عليه‬ ‫م‬ ‫م‬
‫أن ميهحرمهلمنمها موأهشمفهقمن رمهنمها مومحمملممها ٱ ر‬
‫السلم"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال فى قوله تعالى‪} :‬مولممقهد معرههدمنآ إرلمـى مءامدم رمن مقهبيل مفمنرسمي مولمهم منرجهد لميه معهزما{ُ‪ :‬كلمات فى‬
‫محمد وعلسى وفاطمة والحسن والحسين والئمة عليهم السلم فى يذيريتهم‪} ً،‬مفمنرسمي{ُ‪ ً،‬هكذا وال نزلت على‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬
‫ل متههموـى أمهنيفيسيكهم{ُ‪ :‬بموالة علسى‪} ً،‬ٱهسمتهكمبهريتهم‬ ‫* "عن أبى جعفر قال‪} :‬أممفيكلرمما مجآمءيكهم مريسوفل{ُ‪ :‬محمد‪} ً،‬ربمما م‬
‫مفمفرريقا{ُ‪ :‬من آل محمد‪} ً،‬مكرذهبيتهم مومفرريقا متهقيتيلومن{ُ‪.‬‬
‫* "عن عبد ال بن كثير‪ :‬عن أبى عبد ال فى قوله تعالى‪} :‬معرم ميمتمسآمءيلومن * معرن ٱلرنمبرإ ٱهلمعرظيرم{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬النبأ‬
‫لميية رلرلره ٱهلمحيقا{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬ولية أمير المؤمنين عليه السلم"‪.‬‬ ‫العظيم‪ :‬الولية‪ ً،‬وسألته عن قوله‪} :‬يهمنارلمك ٱهلمو م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫* "وعن إدريس بن عبد ال عن أبى عبد ال قال‪ :‬سألته عن تفسير هذه الية‪} :‬مما مسملمكيكهم رفي مسمقمر *‬
‫صيليمن{ُ‪ ً،‬قال معرنمى بها‪ :‬لم نك من أتباع الئمة الذين قال ال تبارك وتعالى فيهم‪:‬‬ ‫مقايلوها لمهم منيك رممن ٱهليم م‬
‫}موٱلرساربيقومن ٱلرساربيقومن * أيهولمــرئمك ٱهليممقرريبومن{ُ‪ ً،‬أما ترى الناس يسمون الذى يلى السابقا فى الحلبة مصلى‪ً،‬‬
‫صيليمن{ُ‪ :‬لم نك من أتباع السابقين"‪.‬‬ ‫فذلك الذى عنى حيث قال‪} :‬ملهم منيك رممن ٱهليم م‬
‫صيموها رفي مريبرههم مفٱِرلرذيمن مكمفيروها{ُ‪ :‬بولية علسى‪ً،‬‬ ‫صممارن ٱهخمت م‬ ‫* "عن أبى جعفر فى قوله تعالى‪} :‬مهــمذارن مخ ه‬
‫}يقيطمعهت لميههم رثميافب يمن رنارر{ُ‪.‬‬
‫* "قرأ رجل عند أبى عبد ال عليه السلم‪} :‬مويقرل ٱهعمميلوها مفمسميمرى ٱللريه معمممليكهم مومريسويليه موٱهليمهؤرمينومن{ُ‪ ً،‬فقال‪:‬‬
‫ليس هكذا هى‪ ً،‬إنما هى‪" :‬والمأمونون"‪ ً،‬ونحن المأمونون"‪.‬‬
‫صهَر رمرشيهَد{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬البئر‬ ‫على بن جعفر عن أخيه موسى فى قوله تعالى‪} :‬وربهئهَر سممعرطملهَة مومق ه‬ ‫* "عن ر‬
‫المعطلة‪ :‬المام الصامت‪ ً،‬والقصر المشيد‪ :‬المام الناطقا"‪.‬‬
‫* "حردث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده فى قوله عرز ومجرل‪} :‬ميهعرريفومن رنهعمممت ٱللرره يثرم يينركيرومنمها{ُ‪ ً،‬قال‪:‬‬
‫لمة مويهؤيتومن ٱلرزمكامة مويههم مراركيعومن{ُ‪ً،‬‬ ‫صم‬ ‫لما نزلت‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه موٱرلرذيمن آممينوها ٱرلرذيمن يرقييمومن ٱل ر‬
‫اجتمع نفر من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فى مسجد المدينة فقال بعضهم لبعضِ‪ :‬ما‬
‫تقولون فى هذه الية؟ فقال بعضهم‪ :‬إن كفرنا بهذه الية نكفر بسائرها‪ ً،‬وإن آمنا فهذا ذل حين يمسرلط‬
‫علينا ابن أبى طالب‪ ً،‬فقالوا‪ :‬قد علمنا أن محمدا صادقا فيما يقول ولكنا نتوله ول نطيع عليا فيما أمرنا‪ً،‬‬
‫قال‪ :‬فنزلت هذه الية‪} :‬ميهعرريفومن رنهعمممت ٱلرلره يثرم يينركيرومنمها{ُ‪ ً،‬يعرفون‪ :‬يعنى ولية علسى بن أبى طالب‪ً،‬‬
‫وأكثرهم الكافرون بالولية"‪.‬‬
‫* "عن عبد ال بن سليمان عن أبى عبد ال قال‪ :‬سألته عن المام فروضِ ال إليه كما فروضِ إلى سليمان‬
‫ل سأله عن مسألة فأجابه فيها‪ ً،‬وسأله آخر فأجابه بغير الجواب‬ ‫بن داود؟ فقال‪ :‬نعم‪ ً،‬وذلك أن رج ل‬
‫الول‪ ً،‬ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الرولين‪ ً،‬ثم قال‪" :‬هذا عطاؤنا فامنن أو )أعط(‪ ً،‬بغير حساب"‪ً،‬‬
‫وهكذا هى على قراءة علسى عليه السلم‪ ً،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أصلحك ال‪ ً،‬فحين أجابنهم بهذا الجواب يعرفهم‬
‫المام؟ قال‪ :‬سبحان ال‪ ً،‬أما تسمع ال يقول‪} :‬إررن رفي مذرلمك لمياهَت رلهليممتمويسرميمن{ُ‪ ً،‬وهم الئمة‪} ً،‬موإررنمها لمربمسربيهَل‬
‫سمرقي هَم{ُ‪ ً،‬ل يخرج منها أبدا‪ ...‬ثم قال لى‪ :‬نعم‪ ً،‬إن المام إذا أبصر الرجل عرفه وعرف لونه‪ ً،‬وإن سمع‬
‫ضِ‬ ‫لهر ر‬ ‫كلمه من خلف حائط عرفه وعرف ممن هو‪ ً،‬إن ال يقول‪} :‬مورمهن آميارتره مخهليقا ٱلرسمماموارت موٱ م‬
‫ليف أمهلرسمنرتيكهم موأمهلموارنيكهم إررن رفي ـذرلمك لمياهَت ليهلمعاملرميمن{ُ‪ ً،‬وهم العلماء‪ ً،‬فليس يسمع شيئا من المر ينطقا‬ ‫موٱهخرت م‬
‫به إل عرفه‪ ً،‬ناج أو هالك )هكذا بالصل(‪ ً،‬فلذلك يجيبهم بالذى يجيبهم"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) نقول من الجزء الثانى (‬

‫* "عن أبى جعفر قال‪ :‬يبرنمى السلم على خمس‪ :‬على الصلة‪ ً،‬والزكاة‪ ً،‬والصوم‪ ً،‬والحج‪ ً،‬والولية‪ ً،‬ولم‬
‫يناد بشئ كما نودى بالولية‪ ً،‬فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه ‪ -‬يعنى الولية"‪.‬‬
‫* "وعن الصادقا قال‪ :‬أثافى السلم ثلثة‪ :‬الصلة‪ ً،‬والزكاة‪ ً،‬والولية‪ ً،‬ل تصح واحدة منهن إل‬
‫بصاحبتيها"‪.‬‬
‫* "عن زرارة‪ ً،‬عن أبى جعفر قال‪ :‬يبرنمى السلم على خمسة أشياء‪ :‬على الصلة‪ ً،‬والزكاة‪ ً،‬والحج‪ً،‬‬
‫والصوم‪ ً،‬والولية‪ ً،‬قال زرارة‪ :‬فقلت‪ :‬وأى شئ من ذلك أفضل؟ قال‪ :‬الولية أفضل‪ ً،‬لنها مفتاحهن‪ً،‬‬
‫والوالى هو الدليل عليهن‪...‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل قام ليله وصام نهاره وتصردقا بجميع ماله وحج جميع دهره‪ ً،‬ولم يعرف ولية‬ ‫وفيه‪ :‬أمر لو أن رج ل‬
‫ولى ال فيواليه ويكون جميع أعماله بدللته إليه‪ ً،‬ما كان له على ال مجرل ومعرز حقا فى ثوابه‪ ً،‬ول كان‬
‫من أهل اليمان"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) التقية (‬

‫صمبيروها{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬بما صبروا على‬ ‫"عن أبى عبد ال فى قوله معرز ومجرل‪} :‬أيهولمــرئمك يهؤيتومن أمهجمريهم رمررمتهيرن ربمما م‬
‫التقية‪} ً،‬موميهدمريؤمن ربٱِهلمحمسمنرة ٱلرسيمئمة{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬الحسنة التقية‪ ً،‬والسيئة‪ :‬الذاعة"‪.‬‬
‫* "عن أبى عمر العجمى‪ :‬قال‪ :‬قال لى أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا عمر‪ ً،‬إن تسعة أعشار الدين‬
‫فى التقية‪ ً،‬ول دين لمن ل تقية له‪ ً،‬والتقية فى كل شىء إل فى النبيذ والمسح على الخفين"‪.‬‬
‫* "قال أبو عبد ال‪ :‬التقية من دين ال‪ ً،‬قلت‪ :‬من دين ال؟ قال‪ :‬إى وال من دين ال‪ ً،‬ولقد قال يوسف‪:‬‬
‫}أمرييتمها ٱهلرعيير إررنيكهم ملمسارريقومن{ُ‪ ً،‬والر ما كانوا سرقوا شيئا‪ ً،‬ولقد قال إبراهيم‪} :‬إريني مسرقيفم{ُ‪ ً،‬وال ما كان‬
‫سقيما"‪.‬‬
‫* "قال أبو عبد ال‪ :‬ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف‪ ً،‬إن كانوا ليشهدون العياد‪ ً،‬ويشدون‬
‫الزنانير‪ ً،‬فأعطاهم ال أجرهم مرتين"‪.‬‬
‫* "قال أبو جعفر‪" :‬خالطوهم بالبرانية‪ ً،‬وخالفوهم بالجوانية إذا كانت المرة صبيانية"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) تحريف القرآن (‬

‫"عن أحمد بن محمد بن أبى النصر قال‪ :‬مدفع إلرى أبو الحسن عليه السلم مصحفا وقال‪ :‬ل تنظر فيه‪ً،‬‬
‫ل من‬ ‫ففتحته وقرأيت فيه‪} :‬لمهم مييكرن ٱرلرذيمن مكمفيروها{ُ )يقصد سورة البيينة(‪ ً،‬فوجديت فيها اسم سبعين رج ل‬
‫قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم‪ ً،‬قال‪ :‬فبعث إلسى‪ :‬ابعث إلسى بالمصحف"‪.‬‬
‫* "عن سالم بن سلمة قال‪ :‬قرأ رجل على أبى عبد ال علي السلم وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس‬
‫على ما يقرؤها الناس‪ ً،‬فقال أبو عبد ال‪ :‬كرف عن هذه القراءة‪ ً،‬اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم‪ً،‬‬
‫فإذا قام القائم عليه السلم‪ ً،‬قرأ كتاب ال معرز مومجرل على جده‪ ً،‬وأخرج المصحف الذى كتبه علسى عليه‬
‫السلم‪ ً،‬وقال‪ :‬أخرجه علسى عليه السلم إلى الناس حين فرغا منه وكتبه فقال لهم‪ :‬هذا كتاب ال معرز‬
‫ومج رل كما أنزله ال على محمد صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬وقد جمعته من اللوحين‪ ً،‬فقالوا‪ :‬هو ذا عندنا‬
‫مصحف جامع فيه القرآن‪ ً،‬ل حاجة لنا فيه‪ ً،‬فقال‪ :‬أما والر ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا‪ ً،‬إنما كان على‬
‫أن أخرجكم حين جمعته لتقرأوه"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬إن القرآن الذى جاء به جبريل عليه السلم إلى محمد صلى ال عيه وسلم‬
‫سبعة عشر ألف آية"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) فرضِ الرجلين "مسح" (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫"قال أبو عبد ال‪ ً،‬إنه يأتى على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل ال منه صلة‪ .‬قلت‪ :‬وكيف ذاك؟‬
‫قال‪ :‬لنه يغسل ما أمر ال بمسحه"‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) المذى والودى ل ينقضِ الوضوء (‬

‫"عن أبى عبد ال قال‪ :‬إن سأل من ذكرك شىء من ممهذى أو موهدى وأنت فى الصلة فل تغسله ول تقطع‬
‫الصلة ول تنقضِ له الوضوء وإن بلغ عقبيك‪ ً،‬فإنما ذلك بمنزلة النخامة‪ ً،‬وكل شىء يخرج منك بعد‬
‫الوضوء فإنه من الحبائل أو من البواسير وليس بشىء فل تغسله من ثوبك إل أن تقذره"‪.‬‬
‫* * *النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة‬
‫وموقفهم من تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) النكاح (‬

‫صبناه"‪.‬‬‫"عن زرارة‪ .‬عن أبى عبد ال فى تزويج أم كلثوم فقال‪ :‬إن ذلك فهرج يغ ر‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬لما خطب إليه قال أمير المؤمنين‪ :‬إنها صبية‪ ً،‬قال‪ :‬فلقى العباس فقال‪ :‬مالى‪ً،‬‬
‫أبى بأس؟ قال‪ :‬وما ذاك؟ قال‪ :‬خطبت إلى ابن أخيك فردنى‪ ً،‬أما والر ليعيورن زمزم ول أدع لكم‬
‫مكرمة إل هدمتها ولقيمن عليه شاهدين بأنه سرقا‪ ً،‬ولقطعن يمينه‪ ً،‬فأتاه العباس فأخبره وسأله أن‬
‫يجعل المر إليه فجعله إليه"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال أنه قال‪ :‬تزوج اليهودية والنصرانية أفضل‪ ً،‬أو قال‪ :‬خير من تزوج الناصب‬
‫والناصبية"‪.‬‬
‫* "عن الفضيل بن يسار قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عن نكاح الناصب فقال‪ :‬ل وال ما يحل‪ ً،‬قال الفضيل‪:‬‬
‫ثم سألته مرة أخرى فقلت‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬ما يقول محمد فى نكاحهم؟ قال‪ :‬والمرأة عارفة؟ قلت‪ :‬عارفة‪ً،‬‬
‫قال‪ :‬إن العارفة ل توضع إل عند عارف"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال‪ :‬ل تكون المتعة إل بأمرين‪ :‬أجل مسمى وأجر مسمى"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال فى حديث الدعاء عند إتيان الرجل أهله‪ ..." :‬إسن الشيطان ليجئ حتى يقعد من‬
‫المرأة كما يقعد الرجل منها ويحدث كما يحدث وينكح كما ينكح‪ ..‬قلت ‪ -‬أى أبو بصير راوى الحديث‬
‫عن أبى عبد ال ‪ -‬بأى شىء يعرف ذلك؟ قال‪ :‬بحبنا وبغضنا‪ ً،‬فممن أحبنا كان نطفة العبد‪ ً،‬وممن أبغضنا‬
‫كان نطفة الشيطان"‪.‬‬
‫* "عن أبى عبد ال قال‪ :‬إن ال عرز وجرل نزع الشهوة من نساء بنى هاشم وجعلها فى رجالهم‪ ً،‬وكذلك‬
‫فعل بشيعتهم‪ ً،‬وإن ال عرز ومجرل نزع الشهوة من رجال بنى أمية وجعلها فى نسائهم وكذلك فعل‬
‫بشيعتهم"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) فضل الشيعة (‬

‫"وفى حديث لبى عبد ال‪ ..." :‬فوال لقد مات الرسول صلى ال عليه وسلم وهو على أمته ساخطا إل‬
‫الشيعة‪ .‬أل وإن لكل شىء عزا وعز السلم الشيعة‪ ً،‬أل وإن لكل شىء دعامة ودعامة السلم الشيعة‪ً،‬‬
‫أل وإن لكل شىء ذروة وذروة السلم الشيعة‪ ً،‬أل وإن لكل شىء شرفا وشرف السلم الشيعة‪ ً،‬أل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وإن لكل شىء سيدا وسيد المجالس الشيعة‪ ً،‬أل وإن لكل شىء إماما وإمام الرضِ أرضِ تسكنها‬
‫الشيعة‪ ً،‬وال لول ما فى الرضِ منكم ما رأيت بعين عشيا أبدا‪ ً،‬وال لول ما فى الدنيا ول لهم فى‬
‫صمبفة * مت ه‬
‫صلمـى منارا‬ ‫الخرة من نصيب ‪ ..‬كل ناصب وإن تعربمد واجتهمد منسوب إلى هذه الية‪} :‬معارملمفة رنا ر‬
‫محارمميلة{ُ‪ ً،‬فكل ناصب مجتهد فعمله هباء"‪.‬‬
‫**‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) تفسير بعضِ اليات (‬
‫"عن أبى جعفر فى قوله عرز ومجرل‪} :‬يقهل ممآ أمهسمألييكهم معلمهيره رمهن أمهجهَر موممآ أممنآ رممن ٱهليممتمكليرفيمن * إرهن يهمو إر ر‬
‫ل رذهكفر‬
‫ليهلمعاملرميمن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬هو أمير المؤمنين عليه السلم‪} :‬موملمتهعمليمرن منمبمأيه مبهعمد رحيرن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬عند خروج القائم عليه‬
‫السلم‪.‬‬
‫وفى قوله عرز ومجرل‪} :‬مولممقهد آمتهيمنا يمومسـى ٱهلركمتامب مفٱِهخيترلمف رفيره{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬اختلفوا كما اختلفت هذه المة فى‬
‫الكتاب‪ ً،‬وستختلفون فى الكتاب الذى مع القائم الذى يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم فيضرب‬
‫أعناقهم‪.‬‬
‫ضمي مبهيمنيههم موإررن ٱلرظارلرميمن لميههم معمذافب أمرليفم{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬لول ما تقدم‬ ‫صرل لميق ر‬‫ل مكرلممية ٱهلمف ه‬
‫وأما قوله عرز وجرل‪} :‬مولمهو م‬
‫فيهم من ال عرز وجل ما أبقى القائم عليه السلم منهم أحدا‪.‬‬
‫صيديقومن ربميهورم ٱليديرن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬بخروج القائم عليه السلم‪.‬‬ ‫وفى قوله عرز ومجرل‪} :‬موٱرلرذيمن ي م‬
‫وقوله عرز ومجرل‪} :‬موٱلرلره مريبمنا مما يكرنا يمهشررركيمن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬يعنون بولية علسى عليه السلم‪.‬‬
‫وفى قوله عرز ومجرل‪} :‬مويقهل مجآمء ٱهلمحسقا مومزمهمقا ٱهلمبارطيل{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬إذا قام القائم عليه السلم‪ ً،‬ذهبت دولة‬
‫الباطل"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -6‬ترجمة مؤلف "مرآة النوار ومشكاة السرار" (‬

‫"الفاضل العريف‪ ً،‬والباذل جهده فى سبيل التكليف‪ ً،‬أبو الحسن العاملى‪ ً،‬ثم الصفهانى‪ ً،‬ابن المولى محمد‬
‫طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن على بن معتوقا ابن عبد الحميد العاملى‪ ً،‬وقد كان من أعاظم فقهائنا‬
‫المتأخرين‪ ً،‬وأفاخم نبلئنا المتبحرين‪ ً،‬سكن ديار العجم طوالل من السنين‪ ً،‬وهاجر إلى النجف ‪ ..‬وكان‬
‫ميلده ببلدة أصفهان لما أن والده المولى محمد طاهر كان قاطنا بها برهة من الزمان‪ ً،‬وناكحا فيها‬
‫والدته المرضية العلوية التى هى أخت سيدنا المير محمد صالح بن عبد الواسع الحسنيى ‪ ...‬كما أن‬
‫تعبيره عن نسب نفسه فى أواخر ما وجدناه من أرقامه المباركة‪ :‬بأبى الحسين العالمى الصفهانى‬
‫الشريف دليل على ذلك أيضا وعلى أن البلدة المزبورة هى ميلده المنيف"‪.‬‬
‫ثم ذكر مشايخْ إجازته وهم‪:‬‬
‫‪ -1‬العلمة الثقة الثبت‪ :‬مل محمد بن باقر بن محمد تقى المجلس‪ ً،‬وتاريخْ إجازته له‪ :‬ثالث ربيع الول‬
‫سنة ‪ 1107‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشيخْ محمد حسين بن الحسن بن إبراهيم بن علسى بن عبد العالى الميسى‪ ً،‬وتاريخْ إجازته له‪ :‬شهر‬
‫صفر سنة ‪ 1100‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3‬المير محمد صالح بن عبد الواسع بن محمد صالح الحسينى )المتوفى سنة ‪ 1116‬هـ(‪ ً،‬وتاريخْ‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫إجازته له‪ :‬سنة ‪ 1107‬هـ‪.‬‬
‫‪ -4‬الشيخْ عبد الواحد بن محمد بن أحمد البورانى‪ ً،‬وتاريخْ إجازته له‪ 15 :‬شوال سنة ‪ 1103‬هـ‪.‬‬
‫‪ -5‬الشيخْ قاسم بن محمد الكاظمى نزيل النجف )المتوفى سنة ‪ 1100‬هـ(‪.‬‬
‫‪ -6‬الحاج محمود بن علسى الميبدى )الميمندى( المشهدى‪ ً،‬وتاريخْ إجازته له‪ :‬المحسرم سنة ‪ 1107‬هـ‪.‬‬
‫‪ -7‬محمد بن المرتضى المدعو بمل محسن الكاشى صاحب الوافى والصافى والشافى‪.‬‬
‫‪ -8‬السيد البارع المحيدث نعمت ال بن عبد ال الموسوى التسترى الجزائرى‪.‬‬
‫‪ -9‬المولى المحققا صاحب التصانيف آقا حسين الخوانسارى‪.‬‬
‫‪ ...‬قال‪" :‬إل أن غالب رواياته الموجودة فى الجازات المنتمية إلينا مقصورة على شيخه الفعم القدم‬
‫محمد باقر بن محمد تقى المجلس رضوان ال عليه‪.‬‬
‫ثم ذكر تلميذه وهم‪:‬‬
‫‪ -1‬الشيخْ أحمد بن إسماعيل بن الشيخْ عبد النبى بن سعيد الجزائرى النجفى )المتوفى بعد سنة‬
‫‪1149‬هـ( بقليل‪ ً،‬وهو صاحب آيات الحكام‪.‬‬
‫‪ - 2‬السيد السعيد نصر ال بن الحسين بن على الحسينى الفائزى الحايرى الشهيد فى حدود سنة‬
‫‪1168‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3‬الشيخْ محمد مهدى بن بهاء الدين محمد الملقب بالصالح الفتونى العاملى الغروى ابن عم المولى‬
‫أبى الحسن صاحب الترجمة‪.‬‬
‫‪ ...‬ثم نقل صحب المقجمة "محمود بن جعفر الموسوى" عن العلمة النورى فى الفيضِ القدسى نبذة عن‬
‫أبى الحسن العاملى )المترجم له( ما ملخصه‪:‬‬
‫"العارلم العامل الفاضل الكامل المدققا العلمة أفقه المحيدثين‪ ً،‬وأكل الربانيين الشريف العدل المولى أبو‬
‫الحسن بن محمد طاهر بن عبد الحميد بن موسى ابن علسى بن معتوقا بن عبد الحميد الفتونى النباطى‬
‫العاملى الصفهانى الغروى ‪ ...‬وهذا الشيخْ جليل القدر عظيم الشأن‪ ً،‬أفضل أهل عصره فيما أعلم‪ً،‬‬
‫وهو مؤلف "مرآة النوار" ألى أواسط سورة البقرة يقرب مقدماته من عشرين ألف بيت ل يوجد مثله‪ً،‬‬
‫وكتاب "ضياء العالمين فى المامة" يزيد عن ستين ألف بيت أجمع وأجل ما يكرتب فى هذا الفن‪ً،‬‬
‫وغيرهما مما جمع بعضه فى اللؤلؤة ‪ ...‬توفى فى أواخر عشر الربعين بعد المائة واللف )‬
‫‪ 1138‬هـ(‪ ً،‬وكان له ولد عارلم فاضل محققا متتبع فى غاية الذكاء وحسن الدراك‪ ً،‬متوسع فى العقليات‬
‫والشرعيات اسمه المولى أبو طالب‪ ً،‬كما صسرح به السيد عبد ال سبط الجزائرى فى إجازته" أ هـ‪.‬‬
‫‪ ....‬ثم ذكر مؤلفاته فقال ما ملخصه‪:‬‬
‫"وله من المصنفات المشهورة التى عثرنا عليها‪ :‬كتاب لطيف طريف جعله فى خصوص الصوليين‪..‬‬
‫وسماه‪ :‬الفوائد الغروية لكونه من بركات زمن مجاورته بأرضِ الغريين ‪ ...‬وعندنا الجزء المتأخر الذى‬
‫هو فى أصول الفقه منه بخط مؤلفه المبرور‪.‬‬
‫وله أيضا رسالة غ سراء مبسوطة فى مسألة الرضاع‪ .‬وكتاب كبير فى التفسير على النحو الذى ورد فى‬
‫متون الخبار سماه "مرآة النوار ومشكاة السرار"‪ ً،‬لم يخرج منه سوى مجلدين‪ :‬المجلد الول يحوى‬
‫مقدمات التفسير وعموم العلوم المتعلقة بالقرآن المجيد‪ ً،‬وجاء فى المجلد الثانى تفسير سورة الفاتحة وما‬
‫يقارب النصف من تفسير سورة البقرة"‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬قال شيخنا البحر المتلطم الزخار الحاج ميرزا حسن النورى الطبرسى فى خاتمة كتابه‬
‫"المستدرك" فى الفائدة الثالثة من )ص ‪ (385‬فى الحاشية‪ :‬ومن الحوادث الطريفة والسرقات اللطيفة أن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫مجلد مقدمات تفسير هذا المولى الجليل المسمى بـ "مرآة النوار" موجود الن بخط مؤلفه فى خزانة‬
‫كتب حفيده شيخْ الفقهاء صاحب "جواهر الكلم" طاب ثراه واستنسخناه بتعب ومشقة‪ ً،‬وكانت النسخة‬
‫معى فى بعضِ أسفارى إلى طهران فأخذها منى بعضِ أركان الدولة وكان عازما على طبع" تفسير‬
‫البرهان" للعارلم السيد هاشم البحرانى‪ ً،‬وقال لى‪ :‬إن تفسيره خال عن البيان فيناسب أن نلحقا به هذه‬
‫النسخة ليتم المقصود بها فاستنسخها ورجعيت إلى العراقا‪ ً،‬وتوفى هذا البانى قبل إتمام الطبع فاشترى ما‬
‫يطربع من التفسير ونسخة "المرآة" من ورثته بعضِ أرباب الطبع فأكمل الناقص وطبع "المرآة" فى ملجد‪ً،‬‬
‫ولما عثرت عليه فى المشهد الغروى رأيت مكتوبا على ظهر الورقة الولى منه‪ :‬كتاب "مرآة النوار‬
‫ومشكاة السرار"‪ ً،‬وهو مصباح لنظار البرار‪ ً،‬ومقدمة للتفسير الذى صنفه الشيخْ الجل والتحرير‬
‫النبل العارلم العلمة والفاضل الفهامة الشيخْ عبد اللطيف الكازرانى مولدا والنجفى سكنا ‪ ...‬إلخْ‪ً،‬‬
‫فتحريريت وتعرجبيت من هذه السرقة فكتبيت إلى بانى الطبع ما معناه‪ :‬إن هذا التفسير للمولى الجليل أبى‬
‫الحسن الشريف‪ ً،‬وأما عبد اللطيف فلم أسمع بذكره ولم نره فى كتاب‪ ً،‬ولعل الكاتب السارقا المطفئ‬
‫لنور ال اشتبه عليه ما فى صدر للكتاب بعد الخطبة من قوله‪" :‬يقول العبد الضعيف الراجى لطف ربه‬
‫اللطيف الخادم كلم ال الشريف"‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬فظن أنه أشار إلى اسمه فى ضمن هذه العبارة ولكن النسبة‬
‫إلى كازران ل أردى ما منشؤها‪ ً،‬فوعدنى فى الجواب أن يتدارك ويغير ويبدل الصفحة الولى ويكتب‬
‫على ظهرها اسم مؤلفه وشرح حاله الذى كتبته سالفا على ظهر نسختى من التفسير‪ ً،‬وإلى الن ما ورفى‬
‫بعهده وأعد نفسه لمؤاخذة المولى الشريف فى غده‪ ً،‬فليبلغ الناظر الغايب أن هذا التفسير المطبوع فى‬
‫سنة )‪ 1295‬هـ( فى طهران المكتوب فى ظهره ما تقدم للمولى أبى الحسن الشريف الذى يعبر عنه‬
‫فى الجواهر بجدى العلمة ل لعبد اللطيف الكازرانى الذى لم يتولد بعد‪ ...‬إلى ال المشتكى وهو‬
‫المستعان" أ هـ‪.‬‬
‫‪ ....‬ثم ذكر له ترجمة أخرى تتضمن ما سبقا وفيها من مؤلفاته شرح على المفاتيح سماه‪" :‬شريعة‬
‫الشيعة ودلئل الشريعة"‪.‬‬
‫"قال صاحب روضات الجنات‪ :‬ويظهر من تضاعيف كتاب المل أن بيت بنى موسى بن علسى النباطيين‬
‫العامليين بيت كبير من أهل الفقه والدب والحديث‪ ً،‬وأكثرهم كانوا متوطنين إما بمحروسة أصفهان أو‬
‫مجاورين بالنجف الشرف" أ هـ‪.‬‬
‫وفى خطبة الكتاب للمؤلف ما نصه‪:‬‬
‫"أما بعد ‪ ..‬فيقول العبد الضعيف الراجى لطف ربه اللطيف خادم كلم ال أبو الحسن الشريف"‪.‬‬
‫وقال الناشر فى آخر المقدمة ما نصه‪:‬‬
‫"والحمد ل على أن وفقنا لتجديد طبع هذا الكتاب الذى لم يأت بمثله ذوى العلوم من تأويلت آيات كتاب‬
‫ال المبين والفرقان العظيم وحل مشكلته مستدلل فيما جاء به من التأويل بالحاديث المأثورة عن النبى‬
‫والئمة عليهم السلم‪ .‬جزى ال مؤلفه عن السلم والمسلمين خير الجزاء‪ ً،‬وقد صحح بمعرفتى وطبع‬
‫فى مطبعة القتاب بطهران فى يوم الثنين عاشر شعبان المعظم من شهور سنة ‪ 1374‬هـ‪ ً،‬وعنى‬
‫بطبعه ونشره الصالح الوفى خادم علوم الئمة الطاهرين الحاج أبو القاسم بن محمد تقى المشتهر‬
‫بالسالك‪ ً،‬سلك ال به طريقا إلى جسناته ورضوانه آمين‪ ً،‬وأنا الحقر محمود بن جعفر الموسوى الزرندى"‬
‫أ هـ‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) ‪ -7‬البرهان فى تفسير القرآن (‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫للسيد هاشم بن السيد سليمان بن سيد إسماعيل بن سيد عبد الجواد الحسينى البحرانى التوبلى الكتكانى‬
‫)المتوفى سنة ‪ - 1107‬أو ‪ 1109‬هـ(‪ ..‬والكتاب طبع للمرة الولى على الحجر فى طهران سنة‬
‫‪ 1295‬هـ فى مجلدين يبلغ عدد صفحاتهما ‪ 1148‬صحيفة‪ ً،‬وطبع للمرة الثانية فى أربع مجلدات تبلغ‬
‫عدد صفحاتها ‪ 1996‬صحيفة‪ ً،‬وذلك فى سنة ‪ 1375‬هـ‪.‬‬
‫وها نحن نعتمد فى نقولنا على الطبعة الثانية‪ ً،‬التى جعلت مقدمة "مرآة النوار ومشكاة السرار" مقدمة‬
‫لها وإن كانت فى مجلد وحدها‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) التعريف بالمؤلف (‬

‫"مؤلف هذا الكتاب هو السيد هاشم بن سيد سليمان بن سيد إسماعيل ابن سيد عبد الجواد بن سيد على‬
‫بن سيد سليمان بن سيد ناصر الحسينى الكتكانى‪.‬‬
‫ولد ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ -‬فى كتكان من قرى بلد توبلى من أعمال البحرين‪ ً،‬لم يذكر مترجموه تاريخْ‬
‫ولدته ولم يشيروا إلى ما يوضح ذلك‪ ً،‬ولكنهم ذكروا سنة وفاته وقد توفى سنة ‪) 1107‬أو سنة ‪1109‬‬
‫هـ( فى قرية النعيم ونقل إلى قرية التوبلى ودفن بها‪...‬‬
‫ل محيدثا جامعا متتبعا للخبار بما لم يسبقا له سابقا سوى شيخنا‬ ‫وذكر صاحب اللؤلؤة "أنه كان فاض ل‬
‫المجلى وقد صرنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه واطلعه"‪ .‬ومؤلفاته تبلغ خمسة وسبعين كتابا بين صغير‬
‫وكبير ووسيط‪.‬‬
‫قال صاحب اللؤلؤة‪" :‬إنى لم أقف له على كتاب "فتاوى الحكام الشرعية" بالكلية ولو فى مسألة جزئية‪ً،‬‬
‫وأن ما كتبه مجرد جمع وتأليف ولم يتكلم فى شىء منها مما وقفيت عليه على ترجيح فى القوال أو‬
‫اختيار مذهب وقول فى ذلك المجال‪ ً،‬ول أدرى أن ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر والستدلل أم‬
‫تورعا من ذلك كما نقل عن السيد الزاهد العابد رضى الدين ابن طلوس"‪.‬‬
‫قال المترجم‪ :‬ولكن اعتقد أن المرجح هو ورعه ل قصوره وقد استدل على ذلك بدليلين‪ :‬ثانيهما ما جاء‬
‫فى اللؤلؤة عنه‪" :‬وانتهت رياسة البلد بعد الشيخْ محمد بن ماجد )المتقدم( إلى السيد المذكور‪ ً،‬فقام‬
‫بالقضاء فى البلد وتولى المور الحسبية أحسن قيام وقمع أيدى الظلمة والحكام‪ ً،‬ونشر المر بالمعروف‬
‫والنهى عن المنكر وبالغ فى ذلك وأكثر‪ ً،‬ولم تأخذه لومة لئم فى الدين‪ ً،‬وكان من التقياء المتورعين‬
‫شديدا على الملوك والسلطين"‪.‬‬
‫وها هى جملة من مؤلفاته‪:‬‬
‫‪ -1‬إثبات الوصية )ذكر المعلقا أن صاحب الذريعة يستظهر أن هذا الكتاب هو كتاب البهجة المرضية‬
‫التى بعد(‪.‬‬
‫‪ -2‬احتجاج المخالفين على إمامة أمير المؤمنين‪.‬‬
‫‪ -3‬إرشاد المسترشدين‪.‬‬
‫‪ -4‬النصاف فى النص على الئمة الشراف من آل عبد مناف‪.‬‬
‫‪ -5‬إيضاح المسترشدين فى بيان تراجم الراجعين إلى ولية أمير المؤمنين‪.‬‬
‫‪ -6‬البرهان فى تفسير القرآن‪.‬‬
‫‪ -7‬البهجة المرضية فى إثبات الخلفة والوصية‪.‬‬
‫‪ -8‬تبصرة الولى فيمن رأى المهدى فى زمان أبيه أو فى غيبته الصغرى أو الكبرى‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫‪ -9‬تحفة الخوان‪.‬‬
‫‪ -10‬ترتيب التهذيب‪.‬‬
‫‪ -11‬تفضيل الئمة على النبياء الذين كانوا قبل جدهم النبى الخاتم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -12‬تفضيل علسى على أولى العزم من الرسل‪.‬‬
‫‪ -13‬تنبيه الريب وتذكرة اللبيب فى إيضاح رجال التهذيب‪.‬‬
‫‪ -14‬التيمية فى بيان نسب التيمى‪.‬‬
‫‪ -15‬التنبيهات فى تمام كتاب الفقه من كتاب الطهارة إلى الدسيات‪.‬‬
‫‪ -16‬ثاقب المناقب فى المعجزات‪.‬‬
‫‪ -17‬نزهة البرار فى خلقا الجنة والنار‪.‬‬
‫‪ -18‬حقيقة اليمان‪.‬‬
‫‪ -19‬حلية الراء )قال المترجم‪ :‬والظاهر أنه مصحف البرار التى(‪.‬‬
‫‪ -20‬حلية البرار فى أحوال محمد وآله الطهار‪.‬‬
‫‪ -21‬حلية النظر فى فضل الئمة الثنى عشر‪.‬‬
‫‪ -22‬الدر النضيد فى خصائص الحسين الشهيد‪.‬‬
‫‪ -23‬سلسل الحديد‪ ً،‬منتخب من شرح نهج البلغة لبن أبى الحديد‪.‬‬
‫‪ -24‬عمدة النظر فى الئمة الثنى عشر‪.‬‬
‫‪ -25‬غاية المرام ويحرجة الخصام فى تعيين المام من طريقا الخاص والعام‪.‬‬
‫‪ -26‬لوامع النوار فى التفسير‪.‬‬
‫‪ -27‬مدينة المعجزات‪.‬‬
‫‪ -28‬المحرجة فيما نزل فى القائم اليحرجة‪.‬‬
‫‪ -29‬معالم الزلفى فى النشأة الخرى‪.‬‬
‫‪ -30‬معجزات النبى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -31‬مناقب أمير المؤمنين‪.‬‬
‫‪ -32‬مناقب الشيعة‪.‬‬
‫‪ -33‬مولد القائم‪.‬‬
‫‪ -34‬الميثمية‪.‬‬
‫‪ -35‬نور النوار فى التفسير‪.‬‬
‫‪ -36‬نزهة البرار ومنار الفكار فى خلقا الجنة والنار‪.‬‬
‫‪ -37‬نهاية المال فى ما يتم به العمال‪.‬‬
‫‪ -38‬نسب عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫‪ -39‬الهادى وضياء النادى )مجلدان فى تفسير القرآن(‪.‬‬
‫‪ -40‬وفاة الزهراء‪.‬‬
‫‪ -41‬وفاة النبى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -42‬روضة العارفين‪.‬‬
‫‪ -43‬الهداية فى تفسير القرآن‪.‬‬
‫قال المترجم‪" :‬وهذا السيد كان يروى عن جملة من المشايخْ منهم السيد عبد العظيم بن السيد عباس‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الستراباذى الخبارى‪ ً،‬والشيخْ محمود بن عبد السلم‪ ً،‬والشيخْ فخر الدين الطريحى النجفى صاحب‬
‫كتاب مجمع البحرين‪ .‬واعلم أن كتابه "البرهان فى تفسير القرآن" ستة أجزاء قد جمع فيه جملة الخبار‬
‫الواردة فى التفسير من الكتب القديمة العربية وغيرها"‪ .‬أ هـ‪.‬‬
‫قال المؤلف فى مقدمة تفسيره بعد أن ذكر فضل القرآن الكريم ما نصه‪" :‬غير أن أسرار تأويله ل‬
‫تهتدى إليه العقول‪ ً،‬وأنوار حقائقا خفياته ل تصل إليه قريحة المفضول‪ ً،‬ولهذا اختلف فى تأويله الناس‪ً،‬‬
‫وصاروا فى تفسيره على أنفاس وانعكاس‪ ً،‬قد فسسروه على مقتضى أديانهم‪ ً،‬وسلكوا به على موجب‬
‫مذاهبهم واعتقادهم‪ ً،‬وكل حزب لما لديهم فرحون‪ ً،‬ولم يرجعوا فيه إلى أهل الذكر صلى ال عليهم وسلم‬
‫أجمعين‪ ً،‬أهل التنزيل والتأويل القائل فيهم مجرل جلله‪} :‬مومما ميهعلميم متهأرويلميه إر ر‬
‫ل ٱللريه موٱلررارسيخومن رفي ٱهلرعهلرم{ُ ل‬
‫غيرهم‪ ً،‬وهم الذين أوتوا العلم وأولوا المر وأهل الستنباط وأهل الذكر الذين يأمر الناس بسؤالهم كما‬
‫جاءت به الثار النبوية والخبار المامية‪ ً،‬وممن ذا الذى يحوى القرآن غيرهم ويحيط تنزيله وتأويله‬
‫سواهم؟ ففى الحديث عن مولنا باقر العلم أبى جعفر محمد بن علسى عليهما السلم قال‪" :‬ما يستطيع أحد‬
‫أن يسدعى أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الوصياء"‪ .‬وفى حديث آخر عن جابر قال‪ :‬سمعيت‬
‫أبا جعفر عليه السلم يقول‪" :‬ما من أحد من الناس اسدعى إلى علسى بن أبى طالب والئمة من بعده"‪ .‬وفى‬
‫الحديث عن مولى المة وإمامها أمير المؤمنين علسى بن أبى طالب عليه السلم‪" :‬أن عبد ال بن عباس‬
‫جاءه عليه السلم يساله عن تفسير القرآن فوعده بالليل‪ ً،‬فلما حضر قال‪ :‬ما أول القرآن؟ قال‪ :‬الفاتحة‪ً،‬‬
‫قال‪ :‬وما أول الفاتحة؟ قال‪} :‬ربهسرم ٱل الررهحـمرن الرررحيـرم{ُ‪ ً،‬قال وما أول }ربهسرم ٱل الررهحـمرن الرررحيـرم{ُ؟‬
‫قال‪} :‬ربهسرم{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬وما أول }ربهسرم{ُ؟ قال‪ :‬الباء‪ ً،‬فجعل عليه السلم يتكلم فى الباء طول الليل‪ ً،‬فلما قرب‬
‫الفجر قال‪ :‬لو زادنا الليل لزدنا"‪ .‬وقال عليه السلم فى حديث آخر‪" :‬لو شئيت لوقريت سبعين بعيرا فى‬
‫تفسير فاتحة الكتاب"‪.‬‬
‫ثم ساقا أحاديث أخرى ثم قال‪:‬‬
‫"إذا عرفمت ذلك فقد رأيمت عكوف أهل الزمان على تفسير ممن لم يرووه عن أهل العصمة سلم ال‬
‫عليهم الذى أنزل التنزيل والتأويل فى بيوتهم وأوتوا من العلم ما لم يؤته غيرهم‪ ً،‬بل كان يجب التوقف‬
‫حتى يأتى تأويل عنهم لن علم التنزيل والتأويل فى أيديهم مما جاء عنهم عليهم السلم فهو النور‬
‫والهدى‪ ً،‬وما جاء عن غيرهم فهو الظلمة والعمى‪ ً،‬والعجب كل العجب من علماء علمى المعانى والبيان‬
‫حيث زعموا أن معرفة هذين العلمين يطلع على مكنون سر ال يجرل جلله من تأويل القرآن‪ ً،‬قال بعضِ‬
‫أئمتهم‪ :‬ويل‪ ً،‬ثم ويل‪ ً،‬ثم ويل لمن تعاطى التفسير وهو فى هذين العلمين راجل‪ ً،‬وذلك أنهم ذكروا أن‬
‫العلمين مأخوذان من استقراء تراكيب كلم العرب البلغاء‪ ً،‬باحثان عن مقتضيات الحوال والمقام‬
‫كالحذف‪ ً،‬والضمار‪ ً،‬والفصل‪ ً،‬والوصل‪ ً،‬والحقيقة‪ ً،‬والمجاز‪ ً،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫ول ريب أن محل ذلك من كتاب ال مجرل جلله يحتاج معرفته إلى العلم به من أهل التنزيل والتأويل‪ً،‬‬
‫وهم أهل البيت عليهم السلم الذين عرلمهم ال سبحانه وتعالى فل ينبغى معرفة ذلك إل منهم‪ ً،‬وممن‬
‫تعاطى معرفته من غيرهم ركب متن عمياء‪ ً،‬وخبط خبط عشواء‪ ً،‬فماذا بعد الحقا إل الضلل فأرنى‬
‫يتصمرفون؟‬
‫"وقد كنت أولل قد جمعت فى كتاب "الهادى" كثيرا من تفسير أهل البيت عليهم السلم قبل عثورى على‬
‫تفسير الشيخْ الثقة محمد بن مسعود العياشى‪ .‬وتفسير الشيخْ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار المعروف‬
‫بابن الحجام ما ذكره عنه الشيخْ الفاضل شرف الدين النجفى وغيرهما من الكتب التى ذكرها فى الباب‬
‫الخامس عشر فى ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب وذكر مصنفيها فى مقدمة الكتاب‪ ً،‬وهذه الكتب من‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الكتب المعتممد عليها‪ ً،‬والمعسول والمرجع إليها‪ ً،‬مصنوفها مشايخْ معتبرون‪ ً،‬وعلماء منتجبون‪.‬‬
‫"وربما ذكرت فى الكتاب التفسير عن ابن عباس على رقسلة إذ هو تلميذ مولنا أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ً،‬وربما ذكرت التفسير من طريقا الجمهور إذا كان موافقا لرواية أهل البيت عليهم السلم‪ ً،‬أو‬
‫كان فى فضل أهل البيت عليهم السلم ‪ ..‬عن ابن عباس عن النبى صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬القرآن‬
‫أربعة أرباع‪ ً،‬فربع فينا أهل البيت خاصة‪ ً،‬وربع حلل‪ ً،‬وربع حرام‪ ً،‬وربع فرائضِ وأحكام‪ ً،‬وال أنزل‬
‫فينا كرائم القرآن"‪ .‬والعجب من مصنفى تفسير الجمهور مع روايتهم هذه الرواية أنهم لم يذكروا إل‬
‫القليل فى تفاسيرهم من فضل أهل البيت ول سيما متأخرى )هكذا( مفسريهم كصاحب الكشاف‬
‫والبيضاوى‪.‬‬
‫"ثم إن لم أعثر على تفسير الية من صريح رواية مسند عن أهل البيت ذكرت ما ذكره الشيخْ أبو‬
‫الحسن عل سى بن إبراهيم الثقة فى تفسيره‪ ً،‬إذ هو منسوب إلى مولنا وإمامنا الصادقا عليه السلم‪.‬‬
‫"وكتابى هذا يطلعك على كثير من أسرار علم القرآن‪ ً،‬ويرشدك إلى ما جهله متعاطى التفسير من أهل‬
‫الزمان‪ ً،‬ويوضح لك عن ما ذكره من العلوم الشرعية والقصص والخبار النبوية وفضائل أهل البيت‬
‫المامية‪ ً،‬إذ صار كتابا شافيا ودستورا وافيا ومرجعا كافيا‪ ً،‬يحرجة فى الزمان‪ ً،‬وعينا من العيان‪ ً،‬إذ هو‬
‫مأخوذ من تأويل أهل التنزيل والتأويل الذين نزل الوحى فى دارهم عن جبريل عن الجليل‪ ً،‬أهل بيت‬
‫الرحمة‪ ً،‬ومنبع العلم والحكمة‪ ً،‬صلى ال عليهم أجمعين"‪.‬‬
‫ثم ذكر المؤلف أرلف تفسيره خدمة للسلطان شاه بهادر خان الذى أثنى عليه بالغ الثناء‪ ً،‬ووصل نسبه‬
‫بنسب المصطفى عليه السلم‪ ً،‬ثم قال‪" :‬واعلم أيها الراغب فيما جاء عن أهل البيت عليهم السلم من‬
‫التفسير‪ ً،‬والطالب لما سنح منهم من الحقا المنير‪ ً،‬أنى قد جمعت ما فى تفسير "الهادى ومصباح النادى"‬
‫الذى أرلفته أو لل إلى زيادات هذا الكتاب ليعم النفع ويسهل أخذه على الطلب‪ ً،‬إن فى ذلك لعبرة لولى‬
‫اللباب‪ ً،‬وشفاء للمؤمنين‪ ً،‬ونورا لمن استضاء رمهن يخليص الصحاب‪ ً،‬فهو كتاب عليه المعرول‪ ً،‬وإليه‬
‫المرجع ل تفاسير الجمهور‪ ً،‬فهذا التفسير الظل وتفاسيرهم الحرور‪.‬‬
‫"فيقول مؤلفه فقيرا إلى ال الغنى‪ ً،‬عبده هاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسينى البحرانى‪ :‬إنى جعلت‬
‫قبل المقصود مقدمة فيها أبواب تشتمل على فوائد فى الكتاب‪ ً،‬وسميته "البرهان فى تفسير القرآن" وهو‬
‫قد اشتمل على كثير من أهل البيت عليهم السلم‪ ً،‬الذين نزل القرآن فى منازلهم‪ ً،‬فمرجع تنزيله وتأويله‬
‫إليهم‪ ً،‬وال سبحانه نسأل أن يجعل محيانا محياهم‪ ً،‬ومماتنا مماتهم‪ ً،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل"‪.‬‬
‫ثم ذكر عدة أبواب‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬فى فضل العارلم والمتعلم‪.‬‬
‫والباب الثانى‪ :‬فى فضل القرآن‪.‬‬
‫والباب الثالث‪ :‬فى الثقلين وهما‪ :‬كتاب ال والعترة‪.‬‬
‫)ويعنى بالعترة الئمة الثنى عشر كما صسرح بذلك فى الحديث الثالث رواية عن علسى‪ ً،‬وقيل‪ :‬أهل بيت‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم عامة(‪.‬‬
‫والباب الرابع‪ :‬فى معنى الثقلين من طريقا المخالفين وفى أنه ما من شىء يحتاج إليه العباد إل وهو فى‬
‫القرآن وفيه تبيان كل شىء‪.‬‬
‫والباب الخامس‪ :‬فى أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إل الئمة عليهم السلم وعندهم تأويله‪ ً،‬وذكر‬
‫أحاديث منها‪ :‬عن أبى عبد ال قال‪" :‬إرنا أهل بيت لم ينبعث منا إل ممن يعلم كتابه من أوله إلى أخره"‪.‬‬
‫وعن أبى عبد ال أيضا قال‪" :‬وال إنى لعلم كتاب ال من أوله إلى آخره كأنه فى كفى‪ ً،‬فيه خبر‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫السماء وخبر الرضِ وخبر ما كان وخبر ما هو كائن‪ ً،‬قال ال تعالى‪" :‬فيه تبيان كل شىء"‪.‬‬
‫وعن يعقوب بن جعفر قال‪" :‬كنت مع أبى الحسن عليه السلم بمكة‪ ً،‬فقال له رجل‪ :‬إنك لتفسر من كتاب‬
‫ال ما لم ييسمع‪ ً،‬فقال‪ :‬علينا نزل قبل الناس ولنا يفسر قبل أن ييفسر فى الناس‪ ً،‬فنحن نعلم حلله‬
‫وحرامه‪ ً،‬وناسخْ ومنسوخه‪ ً،‬وسفريه وحضريه‪ ً،‬وفى أى ليلة نزلت من آية‪ ً،‬وفيمن نزلت‪ ً،‬فنحن حكماء‬
‫ال فى أرضه‪ ً،‬وشهداؤه على خلقه‪ ً،‬وهو قوله تبارك وتعالى‪} :‬مسيتهكمتيب مشمهامديتيههم مويهسمأيلومن{ُ‪ ً،‬فالشهادة لنا‬
‫والمسألة للمشهود عليه‪ ً،‬فهذا قد أنهيته"‪ .‬وعن أبى عبد ال قال‪" :‬إرنا أهل بيت لم يزل ال يبعث منا ممن‬
‫يعلم كتابه من أوله إلى آخره‪ ً،‬وإن عندنا من حلله وحرامه ما يسعنا كتمانه ما نستطيع أن نحيدث به‬
‫أحدا"‪.‬‬
‫والباب السادس‪ :‬فى النهى عن تفسير القرآن بالرأى والنهى عن الجدال‪ ً،‬ويروى فيه عن زيد الشحام‬
‫قال‪ :‬دخل قتادة بن دعامة على أبى جعفر عليه السلم فقال‪ :‬يا قتادة‪ ً،‬أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال‪ :‬هكذا‬
‫يزعمون‪ ً،‬قال أبو جعفر‪ :‬بلغنى أنك تفيسر القرآن‪ .‬قال له قتادة‪ :‬نعم‪ ً،‬فقال له أبو جعفر‪ :‬فإن كنمت تفسره‬
‫عز وجرل فى سبأ‪} :‬مومقردهرمنا رفيمها‬ ‫بعلم فأنت أنت وأنا أسألك‪ ً،‬قال قتادة‪ :‬سل‪ ً،‬قال‪ :‬أخبرنى عن قول ال ر‬
‫ٱلرسهيمر رسييروها رفيمها لمميارلمي موأمرياما آرمرنيمن{ُ‪.‬‬
‫فقال قتادة‪ :‬ذاك ممن خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلل يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى‬
‫أهله‪ ً،‬فقال أبو جعفر‪ :‬ناشدتك ال يا قتادة‪ ً،‬هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلل وكراء‬
‫حلل يريد هذا البيت فيتقطع عليه الطريقا فتذهب نفقته وييضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟ قال‬
‫قتادة‪ :‬الرلهم نعم‪ ً،‬فقال أبو جعفر‪ :‬ويحك قتادة‪ ً،‬إن كنمت إنما فرسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت‬
‫وأهلكت‪ ً،‬وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت‪ ً،‬ويحك يا قتادة‪ ً،‬ذلك ممن خرج من بيته بزاد‬
‫وراحلة وكراء حلل يروم هذ البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال ال تعالى‪} :‬مفٱِهجمعهل أمهفرئمدلة يممن ٱلرنارس‬
‫متههروييِ إرلمهيره هم{ُ‪ ً،‬ولم يعن البيت فيقول‪" :‬إليه"‪ ً،‬فنحن والر دعوة إبراهيم عليه السلم التى ممن هواها يقربلت‬
‫حجته وإل فل‪ ً،‬يا قتادة‪ ً،‬فإن كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة‪ ً،‬قال قتادة‪ :‬ل مجمرم والر ل‬
‫فسرتها إل هكذا‪ ً،‬فقال أبو جعفر‪ :‬ويحك يا قتادة‪ ً،‬إنما يعرف القرآن ممن خوطب به"‪.‬‬
‫والباب السابع‪ :‬أن القرآن له ظهر وبطن‪ ً،‬وعام وخاص‪ ً،‬ومحكم ومتشابه‪ ً،‬وناسخْ ومنسوخ‪ ً،‬والنبى‬
‫صلى ال عليه وسلم وأهل بيته يعلمون ذلك وهم الراسخون في العلم‪ ً،‬وروى فيه عن أبى جابر قال‪:‬‬
‫سأل يت أبا جعفر عن شىء فى تفسير القرآن فأجابنى‪ً،‬ثم سألته ثانية فأجابنى بجواب آخر‪ ً،‬فقلت‪ :‬يجرعليت‬
‫فداك‪ ً،‬كنمت أجب مت فى هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم‪ ً،‬فقال لى‪ :‬يا جابر‪ ً،‬إن للقرآن بطنا‪ً،‬‬
‫وللبطن بطنا وظهرا‪ ً،‬وللظهر ظهرا‪ ً،‬يا جابر‪ ً،‬وليس شىء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن‪ ً،‬إن‬
‫الية لتكون أولها فى شىء وأوسطها فى شىء‪ ً،‬وآخرها فى شىء‪ ً،‬وهو كلم متصل ينصرف على‬
‫وجوه"‪.‬‬
‫"وروى فيه أيضا عن حماد بن عثمان قال‪ :‬قلت لبى عبد ال عليه السلم‪ :‬إن الحاديث تختلف عنكم‪ً،‬‬
‫قال‪ :‬فقال‪ :‬إن القرآن نزل على سبعة أحرف‪ ً،‬ويأذمن للمام أن يفتى على سبعة وجوه‪ ً،‬ثم قال‪} :‬مهــمذا‬
‫معمطآيؤمنا مفٱِهمينهن أمهو أمهمرسهك ربمغهيرر رحمساهَب{ُ‪.‬‬
‫والباب الثامن‪ :‬فيما نزل عليه القرآن من القسام‪ .‬وروى فيه عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪" :‬يأنرزل‬
‫القرآن أثلثا‪ ً،‬ثلث فينا وفى عدونا‪ ً،‬وثلث سنن وأمثال‪ ً،‬وثلث فرائضِ وأحكام"‪.‬‬
‫والباب التاسع‪ :‬فى أن القرآن نزل بـ "إياك أعنى واسمعى يا جارة"‪ .‬وروى فيه عن أبى عبد ال قال‪:‬‬
‫نزل القرآن بـ‪" :‬إياك أعنى واسمعى يا جارة"‪ ً،‬ثم قال الكلينى‪ :‬وفى رواية أخرى أن أبى عبد ال عليه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عز وجرل به نبيه صلى ال عليه وسلم فهو يعنى به ما قد مضى فى القرآن‬ ‫السلم‪ ً،‬معناه‪ :‬ما عاتب ال م ر‬
‫ل{ُ‪.‬‬ ‫ل مأن مثربهتمنامك لممقهد ركدرت متهرمكين إرلمهيرههم مشهيئا مقرلي ل‬
‫مثل قوله‪} :‬مولمهو م‬
‫والباب العاشر‪ :‬فيما عنى به الئمة فى القرآن‪ ً،‬وروى فيه عن أبى جعفر قال‪" :‬إذا سمعتضِ ال ذكر‬
‫أحدا من هذه المة بخير فهم نحن‪ ً،‬وإذا سمعمت ال ذكر قوما بسوء ممن مضى فهم عدونا"‪.‬‬
‫"وروى عن أبى عبد ال قال‪ :‬لو قرئ القرآن كما يأنرزل للفيتنا فيه مسمين"‪.‬‬
‫"وعن أبى جعفر قال‪ :‬لول أهن رزيمد فى كتبا ال ونقص منه ما خفى حقنا على ذى الحجى‪ ً،‬ولو قد قام‬
‫قائمنا فنطقا صسدقه القرآن"‪.‬‬
‫"وروى عن داود بن فرقد قال‪ :‬قلت لبى عبد ال عليه السلم‪ :‬أنتم الصلة فى كتاب ال عرز ومجرل‪ً،‬‬
‫وأنتم الزكاة‪ ً،‬وأنتم الحج؟ فقال‪ :‬يا داود‪ ً،‬نحن الصلة فى كتاب ال عرز ومجرل‪ ً،‬ونحن الزكاة‪ ً،‬ونحن‬
‫الصيام‪ ً،‬ونحن الحج‪ ً،‬ونحن الشهر الحرام‪ ً،‬ونحن البلد الحرام‪ ً،‬ونحن كعبة ال‪ ً،‬ونحن رقهبلة ال‪ ً،‬ونحن‬
‫وجه ال‪ ً،‬ونحن اليات‪ ً،‬ونحن البيينات‪ ً،‬وعدونا فى كتاب ال الفحشاء والمنكر والبغى والخمر والميسر‬
‫والنصاب والزلم والصنام والوثان والجبت والطاغوت والميتة والدم ولحم الخنزير‪ ً،‬يا داود! إرن ال‬
‫ضلنا‪ ً،‬وجعلنا أمناءه وحفظته ويخرزانه على ما فى السموات وما فى الرضِ‪ً،‬‬ ‫خلقنا وأكرم خلقنا‪ ً،‬وف ر‬
‫وجعل لنا أضدادا وأعداء‪ ً،‬فسمانا فى كتابه وكرنى عن أسمائنا بأحسن السماء وأحبها إليها تكنية عن‬
‫العدو‪ ً،‬وسمى أضدادنا وأعداءنا فى كتابه‪ ً،‬وكسنى عن أسمائهم‪ ً،‬وضرب لهم المثال فى كتابه فى أبغضِ‬
‫السماء إليه وإلى عباده المتقين"‪.‬‬
‫والباب الحادى عشر‪ :‬فى معنى الباب العاشر‪.‬‬
‫والباب الثانى عشر‪ :‬فى معنى المثمقلين والخليفتين من طريقا المخالفين‪.‬‬
‫أن القرآن باللسان العربى‪ ً،‬وأن المعجز فى نظمه‪ ً،‬ولم‬ ‫والباب الثالث عشر‪ :‬فى الرعسلة التى من أجلها ي‬
‫صار جديدا على مر الزمان‪.‬‬
‫والباب الرابع عشر‪ :‬فى أن كل حديث ل يوافقا القرآن فهو مردود‪.‬‬
‫والباب الخامس عشر‪ :‬فى أول سورة نزلت وآخر سورة‪.‬‬
‫والباب السادس عشر‪ :‬فى ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب‪ ً،‬وعرد ما يزيد عن ستين كتابا منها ما هو فى‬
‫التفسير كتفسير الحسن العسكرى‪ ً،‬والطوسى‪ ً،‬والبطرسى‪ ً،‬والزمخشرى‪ ً،‬ومنها ما هو فى الحديث‬
‫كالكافى‪ ً،‬و ممن ل يحضره الفقيه‪ ً،‬والستبصار‪ ً،‬ومنها ما هو فى المناقب‪ ً،‬ومنها ما هو فى الزهد‬
‫والمواعظ‪.‬‬
‫ثم ذكر أ سن فى القرآن ناسخا ومنسوخا‪ ً،‬ومحكما ومتشابها‪ ً،‬وعاما وخاصا ‪ ...‬إلخْ‪ ً،‬وذكر أمثلة لكل ذلك‪ً،‬‬
‫ل لذلك قوله تعالى‪} :‬يكهنيتهم مخهيمر أيرمهَة‬ ‫كما ذكر أسن فى القرآن ما هو على خلف ما أنزل ال وضرب مث ل‬
‫أيهخررمجهت رللرنارس متهأيميرومن ربٱِهلممهعيرورف مومتهنمههومن معرن ٱهليمهنمكرر مويتهؤرمينومن ربٱِلرلره{ُ‪ ً،‬قال أبو عبد ال لقارئ هذه‬
‫الية‪ :‬خير أيرمة يقتلون أمير المؤمنين عليه السلم والحسن والحسين ابنى علسى عليهم السلم؟ فقيل له‪:‬‬
‫وكيف أنزلت يا بن رسول ال؟ فقال‪ :‬إنما نزلت‪" :‬كنتم خير أئمة أخرجت للناس" أل ترى مدح ال لهم‬
‫فى آخر الية‪} :‬متهأيميرومن ربٱِهلممهعيرورف مومتهنمههومن معرن ٱهليمهنمكرر مويتهؤرمينومن ربٱِلرلره{ُ‪.‬‬
‫* ومثله أنه قرئ على أبى عبد ال‪} :‬موٱرلرذيمن مييقويلومن مرربمنا مههب لممنا رمهن أمهزموارجمنا مويذيرريارتمنا يقررمة أمهعيهَن‬
‫موٱهجمعهلمنا رلهليمرترقيمن إرمماما{ُ‪ ً،‬فقال أبو عبد ال‪ :‬لقد سألوا ال عظيما أن يجعلهم المتقين إماما‪ ً،‬فقيل له‪ :‬يابن‬
‫رسول ال‪ ً،‬كيف نزلت هذه الية؟ فقال‪ :‬إنما نزلت‪" :‬الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا ويذسرياتنا‬
‫يقررة أعين واجعل لنا من المتقين إماما"‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وقوله‪} :‬مليه يممعيقمبافت يمن مبهيرن ميمدهيره مورمهن مخهلرفره ميهحمفيظومنيه رمهن أمهمرر ٱلرلره{ُ‪ ً،‬فقال أبو عبد ال‪ :‬كيف ييحفظ الشىء‬
‫من أمر ال؟ وكيف يكون المعقب من بين يديه؟ فقيل له‪ :‬وكيف يكون ذلك يابن رسول ال؟ فقال‪ :‬إنما‬
‫نزلت‪" :‬له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر ال"‪ .‬قال‪ :‬ومثله كثير"‪.‬‬
‫* ثم ذكر ما هو محررف فى القرآن‪ ً،‬وذكر من أمثله ذلك قوله‪ :‬لكن ال يشهد بما أنزل إليك فى علسى" ‪-‬‬
‫كذا أنزلت ‪" -‬أنزله بعلمه والملئكة يشهدون"‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬يا أيها الرسول مبيلغ ما يأنرزل إليك من ربك فى علسى فإن لم تفعل فيما برلغمت رسالته"‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬إرن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن ال ليغفر لهم"‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أى منقلب ينقلبون"‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم فى غمرات الموت" ‪ ...‬قال‪ :‬ومثله كثير نذكره فى‬
‫مواضعه"‪.‬‬
‫* ثم ذكر أ سن بعضِ اليات فى سورة وتمامها فى سورة أخرى‪ ً،‬فقوله فى سورة البقرة فى قصة بنى‬
‫إسرائيل "حين عبر بهم موسى البحر وأغرقا ال فرعون وأصحابه وأنزل موسى بنى إسرائيل )هكذا(‬
‫صربمر معلمـى مطمعاهَم موارحهَد مفٱِهديع لممنا مرربمك يهخررهج لممنا رمرما‬ ‫وأنزل عليهم المن والسلوى فقالوا لموسى‪} :‬ملن رن ه‬
‫صرلمها{ُ‪ ً،‬فقال لهم موسى‪} :‬أممتهسمتهبرديلومن ٱرلرذيِ يهمو مأهدمنـى‬ ‫ضِ رمن مبهقرلمها مورقرثآرئمها مويفورممها مومعمدرسمها مومب م‬ ‫يتهنربيت ٱ م‬
‫لهر ي‬
‫صرا مفرإرن لميكهم رما مسمأهليتهم{ُ‪ ً،‬فقالوا له‪} :‬ميايمومسـى إررن رفيمها مقهوما مجربارريمن موإررنا ملن‬ ‫ربٱِرلرذيِ يهمو مخهيفر ٱههربيطوها رم ه‬
‫رنهديخلممها محرتـى ميهخيريجوها رمهنمها مفرإن ميهخيريجوها رمهنمها مفرإرنا مدارخيلومن{ُ‪ ً،‬فنصف الية فى سورة البقرة‪ ً،‬ونصفها فى‬
‫سورة المائدة"‪.‬‬
‫ل {ُ‪ ً،‬فرد عليهم‪} :‬مومما يكنمت متهتيلوها رمن مقهبرلره رمن ركمتاهَب مو م‬
‫ل‬ ‫صي ل‬ ‫وقوله‪} :‬ٱهكمتمتمبمها مفرهمي يتهملمـى معلمهيره يبهكمرلة موأم ر‬
‫لهرمتامب ٱهليمهبرطيلومن{ُ‪ ً،‬فنصف الية فى سورة الفرقان ونصفها فى سورة العنبكوت‪ ً،‬قال‪:‬‬ ‫متيخسطيه ربميرميرنمك رإذا ر‬
‫ومثله كثير نذكره فى مواضعه إن شاء ال"‪.‬‬
‫* ثم ذكر أن فى القرآن ردا على الزنادقة والثنوية وعبدة الوثان والدهرية والمعتزلة و ‪ ...‬و ‪...‬‬
‫و‪ ً،...‬وعلى ممن أنكر الرجعة‪ ً،‬وهنا عرضِ لقوله تعالى‪} :‬موميهوم منهحيشير رمن يكيل أيرمهَة مفهوجا{ُ‪ ً،‬فروى عن‬
‫حماد عن أبى عبد ال قال‪ :‬ما يقول الناس فى هذه الية‪} :‬موميهوم منهحيشير رمن يكيل أيرمهَة مفهوجا{ُ‪ ً،‬يقولون إنها‬
‫فى القيامة؟ قال‪ :‬ليس كما يقولون‪ ً،‬إرن ذلك فى الرجعة‪ ً،‬يحشر ال فى القيامة من كل أمة فوجا ويدع‬
‫الباقين؟ إنما آية يوم القيامة قوله‪} :‬مومحمشهرمنايههم مفلمهم ينمغاردهر رمهنيههم أممحدا{ُ‪ ً،‬وقوله‪} :‬مومحمرافم معلمـى مقهرميهَة أمههلمهكمنامهآ‬
‫ل ميهررجيعومن{ُ‪ ً،‬فقال الصادقا عليه السلم‪ :‬كل قرية أيههرلك أهلها بالعذاب ل يرجعون فى الرجعة‪ً،‬‬ ‫أمرنيههم م‬
‫وأما فى القيامة فيرجعون‪ ً،‬والذين محضوا اليمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا‬
‫الكفر محضا يرجعون"‪.‬‬
‫"وروى عن أبى عبد ال فى قوله‪} :‬موإرهذ أممخمذ ٱللريه رميمثامقا ٱلرنربيهيمن لمممآ آمتهييتيكم يمن ركمتاهَب مورحهكمهَة يثرم مجآمءيكهم‬
‫صيررنيه{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬ما بعث ال نبيا من لدن آدم إل ويرجع إلى الدنيا‬ ‫صيدفقا ليمما مممعيكهم لميتهؤرمينرن ربره مولممتن ي‬‫مريسوفل سم م‬
‫فينصر أمير المؤمنين وهو قوله‪" :‬لتؤمنن به" يعنى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" ً،‬ولتنصرنه" يعنى‬
‫أمير المؤمنين"‪.‬‬
‫"وروى عن معمر بن شمر قال‪ :‬يذركر عند أبى جعفر عليه السلم جابر فقال‪ :‬رحم ال جابرا‪ ً،‬لقد بلغ‬
‫ضِ معملهيمك ٱهليقهرآمن ملمرآسدمك إرملـى مممعاهَد{ُ‪ ً،‬يعنى‬ ‫من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الية‪} :‬إررن ٱرلرذيِ مفمر م‬
‫الرجعة‪ ً،‬قال‪ :‬ومثله كثير نذكره فى مواضعه"‪.‬‬
‫وفى خاتمة الكتاب ذكر أبوابا هى‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫الباب الول‪ :‬فى أرن المعوذتين من القرآن‪.‬‬
‫والباب الثانى‪ :‬فى رد متشابه القرآن إلى تأويله‪ ً،‬وساقا أمثلة كثيرة من اليات التى توهم الختلف‬
‫والتناقضِ وو رفقا بينها بما يتفقا مع اللغة والشرع تارة وبما يتفقا مع مذهبه الشيعى تارة أخرى‪.‬‬
‫والباب الثالث‪ :‬فى فضل القرآن‪ ً،‬وساقا فيه رواية عن علسى عليه السلم أنه قال‪" :‬والذى بعث محمدا‬
‫صلى ال عليه وسلم بالحقا‪ ً،‬وأكرم أهل بيته‪ ً،‬ما من شىء تطلبونه من حرز‪ :‬من حرقا أو غرقا أو‬
‫سرقا أو إفلت دابة من صاحبها أو ضالة أو آبقا إل وهو فى القرآن‪ ً،‬فممم أراد ذلك فليسألنى عنه"‪ .‬ثم‬
‫ذكر أن رجالل سألوا عليا عما يؤيمنهم من الغرقا والحرقا وغير ذلك فكان عليه السلم يعلم كل واحد‬
‫من القرآن ما يدفع عنه هذا المكروه‪ ً،‬فى روايات متعددة‪.‬‬
‫والباب الرابع‪ :‬فى أرن حديث أهل البيت صعب مستصعب‪ ً،‬وساقا روايات متعددة فى هذا المعنى‪ ً،‬منها‪:‬‬
‫"عن أبى جعفر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إسن حديث آل محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫صعب متصعب ل يؤمن به إل ممملك يمقررب‪ ً،‬أو نبى مرسل‪ ً،‬أو عبد امتحن ال قلبه لليمان‪ ً،‬فما ورد‬
‫عليكم من حديث آل محمد صلى ال عليه وسلم فلنت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه‪ ً،‬وما اشمأزت منه‬
‫قلوبكم وأنكرتموه فرسدوه إلى ال وإلى الرسول وإلى العارلم من آل محمد‪ ً،‬وإنما الهالك أن يحيدث أحدكم‬
‫بشىء منه ل يحتمله فيقول‪ :‬والر ما كان هذا‪ ً،‬والر ما كان هذا‪ ً،‬والنكار هو الكفر"‪.‬‬
‫والباب الخامس‪ :‬فى وجوب التسليم لهل البيت فيما جاء عنهم عليهم السلم وساقا روايات كثيرة‪...‬‬
‫منها؟‬
‫"عن أبى سفيان بن السمط قال‪ :‬قلت لبى عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك‪ ً،‬يأتينا الرجل من رقمبلكم‬
‫ييعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه‪ ً،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يقول لك أينى قلت الليل إنه‬
‫نهار والنهار إنه ليل؟ قلت‪ :‬ل‪ ً،‬قال‪" :‬فإن قاللك هذا أينى قلته فل يت سكذب به فإنك إنما تكيذبنى"‪.‬‬
‫"وروى عن عل سى بن سويد السائى‪ .‬عن أبى الحسن الول عليه السلم أنه كتب إليه فى رسالته‪ :‬ول تقل‬
‫لما يبلغك عنا أو يينسب إلينا هذا باطل وإن كنمت تعرف خلفه‪ ً،‬فإنك ل تدرى رلمم قلناه وعلى أى وجه‬
‫وضعناه"‪.‬‬
‫"وروى عن كامل التمار عن أبى جعفر قال‪ :‬كنت عنده فهو يحيدثنى إذ نكس رأسه إلى الرضِ فقال‪ :‬قد‬
‫ل من المؤمنين‪ ً،‬والمؤمن‬ ‫أفلح المسيلمون‪ ً،‬إن المسلمين هم النجباء‪ ً،‬يا كامل‪ :‬الناس كلهم بهائم إل قلي ل‬
‫غريب"‪.‬‬
‫ثم قال المؤلف‪:‬‬
‫"ثم اعلم أيها الخ فى الدين‪ ً،‬والطالب للحقا المستبين‪ ً،‬والراغب فى علوم أهل اليقين محمد وآله والئمة‬
‫الراشدين والمناء والمعصومين يحرجة ال على الخلقا أجمعين‪ ً،‬وأفضل السولين والخرين‪ ً،‬فقد اشتمل‬
‫الكتاب على كثير من الروايات عنهم عليهم السلم فى تفسير كتاب ال العزيز‪ ً،‬وانطوى على الجم‬
‫الغفير من فضلهم وما نزل فيهم عليهم السلم واحتوى على كثير من علوم الحكام والداب‪ ً،‬وقصص‬
‫النبياء وغير ذلك مما ل يحتويه كتاب‪ ً،‬إرن فى ذلك لعبرة لولى اللباب‪ ً،‬فليس لحد أن يعمل بتفسير‬
‫المخالفين بعد إظهار الحقا وزهوقا الباطل‪ ً،‬واللتماس من الخوان الناظرين فى هذا الكتاب إن صح‬
‫عندهم ما هو أصح من الصول التى أخذت منها هذا الكتاب فليصلحوا ما تبرين فيه من الخلل‪ ً،‬لن‬
‫بعضِ الكتب التى أخذت منها هذا الكتاب كتفسير‬
‫عل‬
‫ى‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫س‬
‫بن إبراهيم وكان يحضرنى فيه نسخْ عديدة‪ ً،‬والعياشى وكان يحضرنى منه نسختان من أول القرآن إلى‬
‫آخر سورة الكهف‪ ً،‬فأصلحيت وصرححيت بحسب المكان من ذلك‪ ً،‬وال سبحانه هو الموفقا"‪.‬‬
‫ثم ذكر اصطلحاته ورموزه إلى ممن نقل عنهم‪ ً،‬ثم ذكر أن كتابه هذا بمنى على كتب المشايخْ الثلثة‪:‬‬
‫الشيخْ محمد بن يعقوب‪ ً،‬والشيخْ محمد بن علسى ابن الحسين بن بابويه‪ ً،‬والشيخْ محمد بن الحسن‬
‫الطوسى‪ ً،‬ثم ذكر طريقه إليهم‪.‬‬
‫وفى آخر الكتاب ما نصه‪:‬‬
‫"وكان الفراغا من تسويد هذا الكتاب المبارك المسمى بـ "البرهان فى تفسير القرآن" على يد مؤلفه‬
‫الفرهامة الع ر‬
‫لمة بحر العلوم الكامل العارلم السيد هاشم ابن السيد سليمان بن السيد إسماعيل بن السيد بعد‬
‫الجواد الحسينى البحرانى لخزانة مؤلفه )هكذا( ورفقه ال تعالى لتأليف مثله بحقا محمد وآله ‪ -‬باليوم‬
‫الثالث من شهر ذى الحجة الحرام سنة الخامسة والتسعين بعد اللف من الهجرة المحمدية على مهاجرها‬
‫وآله الصلة والسلم"‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) الكتاب فى جملته تفسير بالرواية عن آل البيت (‬

‫من سورة الفاتحة‬


‫صمرامط ٱهليمهسمترقيمم{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬الطريقا هو معرفة أمير‬ ‫"روى عن ابى عبد ال فى قوله تعالى‪} :‬ٱههردمنا ٱل ي‬
‫المؤمنين‪ ً،‬ومعرفة المام"‪.‬‬
‫‪" -‬وفى رواية أخرى عنه قال‪ :‬هو أمير المؤمنين عليه السلم ومعرفته‪ ً،‬والدليل على أنه أمير المؤمنين‬
‫قوله تعالى‪} :‬موإررنيه رفيي أييم ٱهلركمتارب ملمدهيمنا ملمعرلوي محركيفم{ُ وهو أمير المؤمنين عليه السلم فى أم الكتاب فى‬
‫صمرامط ٱهليمهسمترقيمم{ُ‪.‬‬ ‫قوله‪} :‬ٱل ي‬
‫ضآيليمن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬المغضوب عليهم‬ ‫ل ٱل ر‬ ‫ضورب معلمهيرهم مو م‬ ‫‪" -‬وعن أبى عبد ال فى قوله تعالى‪} :‬مغهيرر ٱهلممهغ ي‬
‫صاب‪ ً،‬والضاليمن اليشركاك الذين ل يعرفون المام"‪.‬‬ ‫اليغ ر‬
‫**‬
‫سورة البقرة‬
‫ل مرهيمب رفيره يهلدى ليهليمرترقيمن{ُ‪ ً،‬قال‪:‬‬‫"عن أبى عبد ال عليه السلم فى قوله تعالى‪} :‬الييم * مذرلمك ٱهلركمتايب م‬
‫الكتاب علسى ل شك فيه‪} ً،‬يهلدى ليهليمرترقيمن{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬فيه تبيان لشيعتنا"‪.‬‬
‫‪" -‬وعنه فى قوله تعالى‪} :‬ٱرلرذيمن يهؤرمينومن ربٱِهلمغهيرب{ُ قال‪ :‬ممن آمن بقيام القائم عليه السلم أنه حقا"‪.‬‬
‫ل يأنرزمل‬ ‫‪" -‬وفى رواية عن الصادقا‪ :‬أرن الغيب هو اليحرجة الغائب‪ ً،‬وذلك فى قوله تعالى‪} :‬مومييقويلومن لمهو م‬
‫معملهيره آميفة يمن رريبره مفيقهل إررنمما ٱهلمغهييب للرره مفٱِهنمترظيريوها إريني مممعيكهم يممن ٱهليمنمترظرريمن{ُ‪.‬‬
‫‪" -‬وعند قوله تعالى‪ ً،ُ{} :‬وروى عن المام العسكرى قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "أيكم‬
‫وقى بنفسه نفس رجل مؤمن البارحة"؟ فقال علسى عليه السلم‪ :‬أنا هو يا رسول ال‪ ً،‬وقييت بنفسى نفس‬
‫ثابت بن قيس ابن شماس النصارى‪.‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬حيدث بالقصة إخوانك المؤمنين ول تكشف عن اسم المنافقين‬
‫الكائدين لنا فقد كفاكم ال شرهم وأسخرهم للتوبة لعلهم يتذكروا أو يخشوا"‪.‬‬
‫فقال علسى عليه السلم‪ :‬إننى برينا أسير فى بنى فلن بظاهر المدينة وبين يدسى بعيدا منى ثابت بن قيس‪ً،‬‬
‫إذ بلغ بئرا عارية قديمة بعيدة القعر‪ ً،‬وهناك رجل من المنافقين فدفعه ليرميه فى البئر فتماسك ثابت بى‪ً،‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ثم عاد فدفعه والرجل ل يشعر بى حتى وصليت إليه وقد اندفع ثابت فى البئر‪ ً،‬فكرهيت أن أشتغل بطلب‬
‫المنافقين خوفا على ثابت فوقعيت فى البئر لعيلى آخذه‪ ً،‬فنظريت فإذا أنا قد سبقته إلى قرار البئر‪.‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬وكيف ل تسبه وأنت أرزن منه‪ ً،‬ولو لم يكن من رزانتك إل ما‬
‫فى جوفك من علم السولين والخرين الذى أودع ال رسوله لكان من حقك أن تكون أرزن من كل‬
‫شىء‪ ً،‬فكيف كان حالك وحال ثابت"؟‬
‫قال‪ :‬يا رسول ال‪ ً،‬فصريت إلى البئر واستقررت قائما وكان ذلك أسهل علسى وأخف على رجلى من‬
‫خطاى التى كنت أخطوها رويدا رويدا‪ ً،‬ثم جاء ثابت فانحدر فوقع على يدى وقد بسطتها إليه‪ ً،‬وخشييت‬
‫أن يضرنى سقوطه علسى أو يضره‪ ً،‬فما كان إل كطاقة ريحان تناولتها بيدى‪ ً،‬ثم نظريت فإذا ذلك المنافقا‬
‫ومعه آخران على شفير البئر وهو يقول لهما‪ :‬أردنا واحدا فصارا اثنين‪ ً،‬فجاءوا بصخرة فيها مائة "ممهن"‬
‫فأرسلوها فخشيت أن تصيب ثابتا فاحتضنته وجعلت رأسه إلى صدرى وانحنييت عليه فوقعت الصخرة‬
‫على مؤخر رأسى فما كانت إل كترويحة بمروحة تروحيت بها فى محرمارة القيظ‪ ً،‬ثم جاءوا بصخرة‬
‫أخرى فيها قدر ثلثمائة "ممهن" فأرسلوها علينا وانحنييت على ثابت فأصابت مؤخر رأسى فكان كماء‬
‫ص رب على رأسى وبدنى فى يوم شديد الحر‪ ً،‬ثم جاءوا بصخرة ثالثة فيها قدر خمسمائة "ممهن" يديرونها‬ ‫ي‬
‫على الرضِ ل يمكنهم أن يقلبوها فأرسلوها علينا فانحنييت على ثابت ثأصابت مؤخر رأسى وظهرى‬
‫فكانت كثوب ناعم صببته على بدنى ولبسته فنعميت به‪ ً،‬فسمعتهم يقولون‪ :‬لو أرن لبن أبى طالب وابن‬
‫قيس مائة ألف روح ما نجت منها واحدة من بلء هذه الصخور‪ ً،‬ثم انصرفوا فدفع ال عنا شرهم‪ ً،‬فأذن‬
‫ال لشفير البئر فانحط‪ ً،‬ولقرار البئر فارتفع‪ ً،‬فاستوى القرار والشفير بعد بالرضِ فخطونا وخرجنا‪.‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬يا أبا الحسن‪ ً،‬إرن ال عرز وجرل أوجب لك من الفضائل والثواب‬
‫ما ل يعرفه غيره‪ ً،‬ينادى مناد يوم القيامة‪ :‬أين محبو‬
‫على ابن أبى طالب؟ فيقوم قوم من الصالحين فيقال لهم‪ :‬خذوا بأيدى من شئتم من عرصات يوم القيامة‬ ‫ر‬
‫فأدخلوهم الجنة‪ ً،‬وأقل رجل منهم ينجو بشفاعته من أهل تلك العرصات ألف ألف رجل‪ ً،‬ثم ينادى مناهَد‪:‬‬
‫أين البقية من محبى علسى بن أبى طالب؟ فيقوم قوم مقتصدون فيقال لهم‪ :‬تمنوا على ال ما شئتم فيتمنون‬
‫فيفعل بكل واحد منهم ما تمناه ثم ييضيعف له مائة ألف ضعف‪ ً،‬ثم ينادى مناهَد‪ :‬أين البقية من محبى علسى‬
‫بن أبى طالب؟ فيقوم قوم ظالمون لنفسهم معتدون عليها‪ ً،‬ويقال‪ :‬أين المبغضون‬
‫لعلى بن أبى طالب؟ فيؤتى بهم جم غفير وعدد كثير‪ ً،‬فيجعل كل ألف من هؤلء فداء لواحد من محبى‬ ‫س‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫علسى بن أبى طالب عليه السلم ليدخلوا الجنة‪ ً،‬فينجى ال عز ومجل محبيك ويجعل أعداءهم فداءهم‪.‬‬
‫ثم قال رسول ال صلى ال عليه وسلم لعلسى عليه السلم‪" :‬انظر"‪ ً،‬فينظر إلى عبد ال ابن أبسى وإلى‬
‫سبعة من اليهود‪ ً،‬قال‪ :‬قد شاهدت‪ ً،‬ختم ال على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم‪ ً،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪" :‬أنت يا علسى أفضل شهداء ال فى الرضِ بعد محمد رسول ال صلى ال عليه وسلم"‪ ً،‬قال‪:‬‬
‫صارررههم رغمشاموفة{ُ تبصرها الملئكة فيعرفونهم‬ ‫فذلك قوله‪} :‬مخمتم ٱللريه معلمـى يقيلوربههم مومعلمـى مسهمرعرههم مومعلمـى أمهب م‬
‫بها‪ ً،‬ويبصرها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬ويبصرها خير خلقا ال بعده علسى بن أبى طالب عليه‬
‫السلم‪ ً،‬ثم قال‪} :‬مولميههم معمذافب عرظيفم{ُ‪ :‬فى الخرة‪} ً،‬ربمما مكاينوا ميهكرذيبومن{ُ‪ :‬من كفرهم بال وكفرهم بمحمد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬
‫"وعند قوله تعالى‪} :‬مورممن ٱلرنارس ممن مييقويل آممرنا ربٱِلرلره موربٱِهلميهورم ٱلرخرر مومما يهم ربيمهؤرمرنيمن{ُ‪ ً،‬يروى عن جعفر‬
‫الصادقا أنه قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم لما أوقف أمير المؤمنين علسى بن أبى طالب عليه‬
‫السلم فى يوم الغدير موقفه المشهور المعروف‪ ً،‬ثم قال‪" :‬يا عباد ال‪ ً،‬انسبونى"‪ ً،‬فقالوا‪ :‬أنت محمد ابن‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫عبد ال بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف‪ ً،‬ثم قال‪" :‬أيها الناس‪ ً،‬السيت أولى بكم من أنفسكم‪ ً،‬فأنا‬
‫مولكم أولى بكم من أنفسكم"؟ قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ً،‬فنظر رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى‬
‫السماء فقال‪" :‬اللهم إنى استشهدك بقول هؤلء" ‪ -‬ويقول ذلك ثلثا ‪ -‬ثم قال‪" :‬أل فممن كنيت موله وأولى‬
‫به‪ ً،‬فهذا موله وأولى به‪ ً،‬اللهم موارل ممن واله وعاد ممن عاجاه وانصر ممن نصره واخذل ممن خذله"‪ ً،‬ثم‬
‫قال‪" :‬قم يا أبا بكر فبايع له بإمرة المؤمنين"‪ ً،‬فقام فعل ذلك وبايع له‪ ً،‬ثم قال‪" :‬قم يا عمر فبايع له بإمرة‬
‫المؤمنين"‪ ً،‬فقام وبايع له‪ ً،‬ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة ثم لرؤساء المهاجرين والنصار‪ ً،‬فبايعوا كلهم‪ً،‬‬
‫فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب عليه اللعنة‪..‬‬
‫فقال‪ :‬مبهَخْ مبهَخْ لك يابن أبى طالب‪ ً،‬أصبحت مولى ومولى كل مؤمن ومؤمنة‪ ً،‬ثم تفررقوا عن ذلك وقد‬
‫وكدت عليهم العهود والمواثيقا‪ .‬ثم إسن قوما من متمردى جبابرتهم تواطئوا بينهم إن كان لمحمد صلى‬
‫ال عليه وسلم كائنة لييدفيعرن هذا المر عن علسى عليه السلم ول يتركونه له‪ ً،‬فعرف ال ذلك فى قلوبهم‪ً،‬‬
‫وكانوا يأتون رسول ال صلى ال عليه وسلم ويقولون‪ :‬لقد أقمت علينا أحب خلقا ال إلى ال وإليك‬
‫وإلينا‪ ً،‬وكفيتنا مؤنة الظلمة والجبابرة فى سياستنا‪ ً،‬وعلم ال فى قلوبهم خلف ذلك مواطأة بعضهم‬
‫لبعضِ أنهم على العداوة مقيمون‪ ً،‬ولدفع الحقا عن مستحقه مؤثرون‪ ً،‬فأخبر ال عرز ومجرل محمدا عنهم‬
‫فقال‪ :‬يا محمد‪} :‬مورممن ٱلرنارس ممن مييقويل آممرنا ربٱِلرلره{ُ الذى أمرك بنصب علسى عليه السلم إماما وسائسا‬
‫لمتك ومدبرا‪} ً،‬مومما يههم ربيمهؤرمرنيمن{ُ بذلك ولكنهم مواطئون على هلكك وإهلكه‪ ً،‬يواطئون أنفسهم على‬
‫التمرد على علسى عليه السلم إن كانت بك كائنة"‪.‬‬
‫ثم ساقا تفسير اليات بعد على هذا النحو الغريب العجيب‪ ً،‬وذكر أن "الجبال انقلبت لعلسى بن أبى طالب‬
‫فضة‪ ً،‬ثم ذهبا‪ ً،‬ثم مسكا وعنبرا وجواهر ويواقيت‪ ً،‬ونادته أنها مسرخرات له فليأمرها بما يشاء‪ ً،‬وأنها‬
‫نادته بأ سن له عند ال من الشأن العظيم ما لو سأل ال أن يح السماء إلى الرضِ أو ينقل الرضِ إلى‬
‫السماء لفعل ‪ .....‬وأن هذا كله وغيره وقع أمام القوم وشاهدوه فمرضت قلوبهم بالضافة إلى مرضِ‬
‫ضِ مفمزامديهيم ٱللريه مممرضا{ُ‪....‬إلخْ"‪.‬‬ ‫أجسامهم لما شاهدوه من فضل علسى‪ ً،‬فقال ال عند ذلك‪} :‬رفي يقيلوربرهم رممر ف‬
‫ضلة مفمما مفهومقمها‬ ‫ل رما مبيعو م‬ ‫ضررمب مممث ل‬ ‫ل ميهسمتهحى مأن مي ه‬ ‫‪ -‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى سورة البقرة‪} :‬إررن ٱلرلمه م‬
‫ضسل‬ ‫لير‬ ‫مفمأرما ٱرلرذيمن آممينوها مفميهعلميمومن أمرنيه ٱهلمحسقا رمن رريبرههم موأمرما ٱرلرذيمن مكمفيروها مفمييقويلومن ممامذآ أممرامد ٱللريه ربمهــمذا مممث ل‬
‫ل ٱهلمفارسرقيمن{ُ‪..‬قال ما نصه‪" :‬علسى بن إبراهيم قال‪ :‬حردثنى أبى‬ ‫ضسل ربره إر ر‬ ‫ربره مكرثيرا موميههرديِ ربره مكرثيرا مومما ي ر‬
‫عن النضر بن سويد عن القاسم ابن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبى عبد ال عليه السلم‪ :‬أن هذا‬
‫الممثل ضربه ال لمير المؤمنين علسى بن أبى طالب عليه السلم‪ ً،‬فالبعوضة‪ :‬أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ً،‬وما فوقها‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬والدليل على ذلك قوله‪} :‬مفمأرما ٱرلرذيمن آممينوها مفميهعمليمومن‬
‫أمرنيه ٱهلمحسقا رمن رريبرههم{ُ يعنى أمير المؤمنين كما أخذ رسويل ال صلى ال عليه وسلم الميثاقا عليهم له‪ً،‬‬
‫ضسل ربره مكرثيرا موميههرديِ ربره مكرثيرا{ُ فرسد ال عليهم‬ ‫لير‬ ‫}موأمرما ٱرلرذيمن مكمفيروها مفمييقويلومن ممامذآ أممرامد ٱللريه ربمهــمذا مممث ل‬
‫على‪} ً،‬وميهقمطيعومن ممآ أممممر‬ ‫ضومن معههمد ٱللرره رمن مبهعرد رميمثارقره{ُ فى ر‬ ‫ل ٱهلمفارسرقيمن * ٱرلرذيمن مينيق ي‬ ‫ضسل ربره إر ر‬ ‫فقال‪} :‬مومما ي ر‬
‫ي‬
‫ضِ أومليـرئمك‬ ‫ٱللريه ربره مأن ييو م‬
‫صمل{ُ يعنى من صلة أمير المؤمنين والئمة عليهم السلم }مويهفرسيدومن رفي ٱلهر ر‬
‫يهيم ٱهلمخارسيرومن{ُ‪.‬‬
‫*‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) انتقام ال والقائم من يذيرية قتلة الحسين (‬
‫ل متيكومن رفهتمنفة مومييكومن ٱليديين للرره مفرإرن ٱهنمتمهوها مف م‬
‫ل‬ ‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى سورة البقرة‪} :‬مومقارتيلويههم محرتـى م‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫ل معملى ٱلرظارلرميمن{ُ قال ما نصه‪ ...." :‬عن أبى عبد ال عليه السلم فى قوله تعالى‪ } :‬م‬
‫ل يعهدموامن‬ ‫يعهدموامن إر ر‬
‫ل معملى ٱلرظارلرميمن{ُ قال‪ :‬أولد قتلة الحسين عليه السلم"‪.‬‬
‫إر ر‬
‫‪" -‬وعن عبد السلم بن صالح الهروى قال‪ :‬قلت لبى الحسن علسى ابن موسى الرضا عليه السلم‪ :‬يابن‬
‫رسول ال‪ ً،‬ما تقول فى حديث روى عن الصادقا عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا قام القائم عليه السلم‪ ً،‬قتل‬
‫ذرارى قتلة الحسين عليه السلم بفعال آبائها‪ ً،‬فقال‪ :‬هو كذلك‪ ً،‬قلت‪ :‬صدقا ال فى جميع أقواله‪ ً،‬لكن‬
‫ذرارى قتلة الحسين يرضون فعال آبائهم ويفتخرون بها‪ ً،‬وممن رضى شيئا كان كمن أتاه‪ ً،‬ولو أن رج ل‬
‫ل‬
‫يقرتل فى المشرقا فرضى بقتله رجل فى المغرب لكان الراضى عن ال عرز ومجرل شريك القاتل‪ ً،‬وإنما‬
‫يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم‪ ً،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬بأى شىء يبدأ القائم فيكم؟ )هكذا( قال‪ :‬يبدأ‬
‫ببنى شيبة ويقطع أيديهم لنهم سرراقا بيت ال عرز ومجرل"‪.‬‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) النقص فى القرآن (‬

‫سورة آل عمران‬
‫صمطمفـى مءامدم موينوحا موآمل إرهبمرارهيم موآمل رعهممرامن‬ ‫"عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة آل عمران‪} :‬إررن ٱلرلمه ٱ ه‬
‫معملى ٱهلمعاملرميمن{ُ قال ما نصه‪:‬‬
‫"الشيخْ فى أماليه عن أبى محمد الفحام قال‪ :‬حدثنى محمد بن عيسى عن هارون قال‪ :‬حدثنى جعفر بن‬
‫محمد عليه السلم يقرأ )هكذا(‪" :‬إرن ال اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على‬
‫العالمين" قال‪ :‬هكذا نزلت‪.‬‬
‫"على بن إبراهيم قال العالم عليه السلم‪ :‬نزل‪" :‬آل عمران وآل محمد على العالمين" فأسقطوا آل محمد‬ ‫ي‬
‫من الكتاب"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة النساء‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى فى سورة النساء‪} :‬إررن ٱرلرذيمن آممينوها يثرم مكمفيروها يثرم آممينوها يثرم مكمفيروها يثرم ٱهزمدايدوها يكهفرا‬
‫ل{ُ‪ ً،‬قال ما نصه‪" :‬عن أبى عبد ال عليه السلم فى قوله عرز‬ ‫لرهم مييكرن ٱللريه رلميهغرفمر لميههم مو م‬
‫ل رلميههردمييههم مسربي ل‬
‫ومجرل‪" :‬إرن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لن يتقبل توبتهم" )هكذا فى الصل(‬
‫قال‪ :‬نزلت فى فلن وفلن وفلن‪ ً،‬آمنوا بالنبى فى أول المر وكفروا حيث عرضت عليهم الولية حين‬
‫قال النبى صلى ال عليه وسلم‪ :‬ممن كنت موله فعلسى موله‪ ً،‬ثم آمنوا بالبيعة لمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ً،‬ثم كفروا حيث مضى رسول ال صلى ال عليه وسلم فلم يقروا بالبيعة‪ ً،‬ثم ازدادوا كفرا بأخذهم‬
‫ممن بايعهم بالبيعة لهم‪ ً،‬فهؤلء لم يبقا فيهم من اليمان شىء"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة المائدة‬
‫وعند قوله تعالى فى أول سورة المائدة‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمهويفوها ربٱِهليعيقورد{ُ يقول ما نصه‪" :‬عن عكرمة‬
‫جل ذكره‪} :‬يا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها{ُ إل ورأسها علسى بن أبى طالب عليه السلم"‪.‬‬ ‫أنه قال‪ :‬ما أنزل ال ر‬
‫‪" -‬عن عكرمة عن ابن عباس قال‪" :‬ما نزلت آية‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها{ُ إل وعلسى شريفها وأميرها‪ ً،‬ولقد‬
‫عاتب ال أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم فى غير مكان‪ ً،‬وما ذكر علييا إل بخير"‪.‬‬
‫‪" -‬وفى صحيفة الرضا عليه السلم قال‪ :‬ليس فى القرآن آية‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها{ُ إل فى حقنا"‪.‬‬
‫‪ ..." -‬عن أبى جعفر فى قوله‪} :‬ميا أمسيمها ٱرلرذيمن آممينوها أمهويفوها ربٱِهليعيقورد{ُ‪ ً،‬قال‪ :‬إرن رسول ال صلى ال عليه‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫وسلم عقد عليهم لعلسى عليه السلم بالخلفة فى عشرة مواطن‪ .‬ثم أنزل ال‪" :‬يا أيها الذين آمنوا أوفوا‬
‫بالعقود التى عقدت عليكم لمير المؤمنين عليه السلم"‪.‬‬
‫ليممارن مفمقهد محربمط معمملييه مويهمو رفي ٱلرخمررة رممن ٱهلمخارسرريمن{ُ يقول‬ ‫‪ -‬وعند قوله فى سورة المائدة‪} :‬موممن ميهكيفهر ربٱِ ر‬
‫ما نصه‪ ..." :‬عن أبى حمزة قال‪ :‬سألت أبا جعفر عن قول ال تبارك وتعالى‪} :‬موممن ميهكيفهر ربٱِ ر‬
‫ليممارن مفمقهد‬
‫محربمط معمملييه مويهمو رفي ٱلرخمررة رممن ٱهلمخارسرريمن{ُ قال‪ :‬تفسيرها فى بطن القرآن‪ :‬ومن يكفر بولية علسى عليه‬
‫السلم‪ ً،‬وعلسى هو اليمان"‪.‬‬
‫‪ -‬وعند قوله تعالى فى سورة المائدة‪} :‬موممن لرهم ميهحيكم ربممآ مأنمزمل ٱللريه مفيأهوملــرئمك يهيم ٱهلمفارسيقومن{ُ‪ ً،‬قال ما‬
‫نصه‪ ...." :‬العياشى عن أبى جميلة عن بعضِ أصحابه عن أحدهما عليه السلم قال‪ :‬قد فرضِ ال فى‬
‫اليخمس نصيبا لل محمد فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم حسدا وعداوة‪ ً،‬وقد قال ال‪} :‬موممن لرهم ميهحيكم‬
‫ربممآ مأنمزمل ٱللريه مفيأهولمــرئمك يهيم ٱهلمفارسيقومن{ُ‪ ً،‬وكان أبو بكر أول ممن منع من آل محمد حقهم فظلمهم وحمل‬
‫الناس على رقابهم‪ ً،‬ولما قبضِ أبو بكر استخلف عمر على غير شورى من المسلمين ول رضا من آل‬
‫محمد فعاش عمر بذلك لم يعط آل محمد حقهم وصنع ما صنع أبو بكر"‪.‬‬
‫‪ -‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى سورة المائدة‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه{ُ‪ ...‬الية يقول ما نصه‪...." :‬‬
‫عن أبى جعفر عليه السلم قوله عرز ومجرل‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسولييه{ُ قال‪ :‬إرن رهطا من اليهود أسلموا‪ً،‬‬
‫منهم عبد ال بن سلم‪ ً،‬وأسيد بن ثعلبة‪ ً،‬وابن يامين‪ ً،‬وابن صوريا‪ ً،‬فأتوا النبى صلى ال عليه وسلم‬
‫فقالوا‪ :‬يا نبى ال‪ ً،‬إرن موسى أوصى إلى يوشع ابن نون‪ ً،‬فممن وصيك يا رسول ال وممن ولينا بعدك؟‬
‫فنزلت هذه الية‪} :‬إررنمما مورلسييكيم ٱللريه مومريسويليه{ُ‪ ....‬إلى قوله‪} :‬مويههم مراركيعومن{ُ قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬قوموا"‪ ً،‬فقاموا وأتوا المسجد فإذا سائل خارج فقال‪" :‬يا سائل‪ ً،‬ما أعطاك أحد شيئا"؟ قال‪ :‬نعم‪ً،‬‬
‫هذا الخاتم‪ ً،‬قال‪" :‬وممن أطعاكه"؟ قال‪ :‬أعطانيه ذلك الرجل الذى ييصيلى‪ ً،‬قال‪" :‬على أى حال أعطاك"؟‬
‫قال‪ :‬راكعا‪ :‬فكربر النبى صلى ال عليه وسلم وكربر أهل المسجد‪ ً،‬فقال النبى صلى ال عليه وسلم‪" :‬علسى‬
‫بن أبى طالب وليكم بعدى"‪ ً،‬قالوا‪ :‬رضينا بال ربا‪ ً،‬وبالسلم دينا‪ ً،‬وبمحمد صلى ال عليه وسلم نبيا‪ً،‬‬
‫وبعلسى بن أبى طالب وليا‪ ً،‬فأنزل ال عرز ومجرل‪} :‬موممن ميمتمورل ٱلرلمه مومريسولميه موٱرلرذيمن آممينوها مفرإرن رحهزمب ٱلرلره يهيم‬
‫ٱهلمغارليبومن{ُ‪ ً،‬فروى عن عمر بن الخطاب‪ ً،‬أنه قال‪ :‬والر لقد تصردقيت بأربعين خاتما وأنا راكع ليينزل ال‬
‫فسى ما نزل فى علسى بن أبى طالب عليه السلم‪ ً،‬فما نزل"‪.‬‬
‫‪ -‬وعند تفسيره لقوله تعالى فى سورة المائدة‪} :‬ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرلمهيمك رمن رريبمك‪ ُ{...‬إلى قوله‪:‬‬
‫ل ميههرديِ ٱهلمقهوم ٱهلمكارفرريمن{ُ‪ ً،‬قال ما نصه‪ ..." :‬عن أبى الجارود قال‪ :‬سمعيت أبا جعفر عليه السلم‬ ‫}إررن ٱلرلمه م‬
‫يقول‪ :‬فرضِ ال معرز ومجرل على العباد خمسا‪ ً،‬أخذوا أربعا وتركوا واحدة‪ ً،‬قلت‪ :‬أتسميهن لى‪ ً،‬جعليت‬
‫فداك؟ فقال‪ :‬الصلة‪ ً،‬وكان الناس ل يدرون كيف يعملون فنظل جبريل عليه السلم وقال‪ :‬يا محمد‪ً،‬‬
‫أخبرهم بمواقيت صلواتهم‪ ً،‬ثم نزلت الزكاة فقال‪ :‬يا محمد‪ ً،‬أخبرهم عن زكاتهم مثل ما أخبرتهم عن‬
‫صلتهم‪ ً،‬ثم نزل الصوم فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ممن حوله‬
‫من القرى فصاموا ذلك اليوم‪ .‬فنزل شهر رمضان بين شعبان وشروال‪ ً،‬ثم نزل الحج فنزل جبريل فقال‪:‬‬
‫أخبرهم عن حجهم مثل ما أخبرتهم عن صلتهم وزكاتهم وصومهم‪ ً،‬ثم نزلت الولية‪ ً،‬وإنما آتاه ذلك فى‬
‫يوم الجمعة بعرفة‪ ً،‬أنزل ال تعالى‪} :‬ٱهلميهوم أمهكممهليت لميكهم رديمنيكهم موأمهتممهميت معلمهييكهم رنهعممرتي{ُ‪ ً،‬وكان كمال الدين‬
‫بولية علسى بن أبى طالب فقال عند ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إسن أمتى حديثو عهد بالجاهلية‪ً،‬‬
‫ومتى اخبرتهم بهذا فى ابن عمى يقول قائل‪ :‬ويقول قائل‪ ً،‬فقلت فى نفسى من غير أن ينطقا به لسانى‪ً،‬‬
‫فأتتنى عزيمة من ال معرز ومجرل بتلة أوعدنى إن لم أبلغ أن يعذبنى )هكذا العبارة بالصل( فنزلت‪:‬‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫}ميــمأسيمها ٱلرريسويل مبليهغ ممآ يأنرزمل إرملهيمك رمن رريبمك مورإن لرهم متهفمعهل مفمما مبلرهغمت ررمساملمتيه موٱللريه ميهع ر‬
‫صيممك رممن ٱلرنارس إررن‬
‫ل ميههرديِ ٱهلمقهوم ٱهلمكارفرريمن{ُ فأخذ الرسول صلى ال عليه وسلم بيد علسى عليه السلم فقال‪" :‬يا أيها‬ ‫ٱلرلمه م‬
‫الناس‪ ً،‬إنه لم يكن نبى من النبياء فيممن كان قبلى إل وقد عرمره ال تعالى ثم دعاه فأجابه‪ ً،‬فأوشك أن‬
‫أد معى فأجيب‪ ً،‬وأنا مسئول وأنتم مسئولون‪ ً،‬فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلرهغمت ونصحمت وأديمت‬
‫ما عليك‪ ً،‬فجزاك ال أفضل جزاء المرسلين‪ .‬فقال‪" :‬اللهم اشهد" ‪ -‬ثلث مرات ‪ -‬ثم قال‪" :‬يا معشر‬
‫المسلمين‪ ً،‬كان وال أمين على خلقه وعيبه علمه ودينه الذسى ارتضاه لنفسه‪ ً،‬ثم إن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم حضره الذى حضره فدعا عليا فقال‪" :‬يا علسى‪ ً،‬إنى أريد أن أئتمنك على ما ائتمننى ال عليه‬
‫من غيبة علمه ومن خلقه ومن دينه الذى ارتضاه لنفسه‪ ً،‬فلم يشرك و ال فيها ‪ -‬يا زياد ‪ -‬أحدا من‬
‫الخلقا‪ ً،‬ثم إن عليا حضره الذى حضره فدعا ولده وكانوا اثنى عشر ذكرا‪ ً،‬فقال لهم‪ :‬يا بنسى‪ ً،‬إسن ال معرز‬
‫ومجرل قد أبى إل أن يجعل فى يسرنة من يعقوب‪ ً،‬وإن يعقوب دعا ولده وكانوا اثنى عشر ذكرا فأخبرهم‬
‫بصاحبهم أل أنى أخبركم بصاحبكم‪ ً،‬أل إرن هذين ابنا رسول ال صلى ال عليه وسلم الحسن والحسين‪ً،‬‬
‫فاسمعوا لهما وأطيعوا ووازروهما فإنى قد أئتمنتهما على ما ائتمننى عليه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم مما ائتمنه ال عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذى ارتضاه لنفسه‪ ً،‬فأوجب ال لهما من علسى‬
‫عليه السلم ما أوجبه لعلسى من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ً،‬فلم يكن لحد منهما فضل على صاحبه‬
‫إل بكبره‪ ً،‬وإ سن الحسين عليه السلم كان إذا حضر الحسن عليه السلم لم ينطقا فى ذلك المسجد حتى‬
‫يقوم‪ ً،‬ثم إسن الحسن حضره الذى حضره فسسلم ذلك إلى الحسين‪ ً،‬ثم إرن حسينا حضره الذى حضره فدعا‬
‫ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليها السلم فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة‪ ً،‬وكان علىذ بن‬
‫الحسين عليه السلم مبطونا ل يرون إل أنه رلمما به‪ ً،‬فدفعت فاطمة الكتاب إلى علسى بن الحسين عليه‬
‫السلم‪ ً،‬ثم صار وال ذلك الكتاب إلينا"‪.‬‬
‫***‬
‫النصوص الواردة في ) التفسير والمفسرون ( ضمن الموضوع ) بين يدى البحث‪ :‬الشيعة وموقفهم من‬
‫تفسير القرآن ( ضمن العنوان ) فضائل السور (‬

‫سورة العراف‬
‫فى أول تفسيره لسورة العراف يذكر روايات فى فضائل السورة منها‪ ..." :‬عن أبى عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ممن قرأ سورة العراف فى كل شهر كان يوم القيامة من الذين ل خوف عليهم ول هم‬
‫يحزنون‪ ً،‬فإن قرأها فى كل جمعة كان ممن ل ييحامسب يوم القيامة لن فيها محكما‪ ً،‬فل تدعوا قراءتها‬
‫فإنها تشهد يوم القيامة لمن قرأها"‪.‬‬
‫‪ -‬وروى عن النبى صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬ممن قرأ هذه السورة جعل ال يوم القيامة بينه وبين‬
‫إبليس سترا‪ ً،‬وكان لدم رفيقا‪ ً،‬وممن كتبها بما ورد وزعفران وعرلقها عليه لم يضر به سبع ول عدو ما‬
‫دامت عليه بإذن ال"‪.‬‬
‫‪ -‬وعن تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة العراف‪} :‬آلمص{ُ قال ما نصه‪ ..." :‬أتى رجل من بنى أمية‬
‫‪ -‬لعنهم ال وكان زنديقا ‪ -‬إلى جعفر بن محمد عليه السلم فقال له‪ :‬قول ال عرز ومجرل فى كتابه‪:‬‬
‫}آلمص{ُ أى شئ أراد بهذا؟ وأى شئ فيه من الحلل والحرام؟ وأى شىء فيه مما ينتفع به الناس؟ قال‪:‬‬
‫فاغتاظ عليه السلم من ذلك فقال‪ :‬أمسك ويحك‪ :‬اللف واحد‪ ً،‬واللم ثلثون‪ ً،‬والميم أربعون‪ ً،‬والصاد‬
‫تسعون‪ ً،‬كم معك؟ فقال الرجل‪ :‬مائة وإحدى وستون‪ .‬فقال عليه السلم‪ :‬إذا انقضت سنة إحدى وستين‬
‫ومائة ينقضى يمهلك أصحابك‪ ً،‬قال‪ :‬فنظرنا‪ ً،‬فلما انقضت سنة إحدى وستين ومائة‪ ً،‬يوم عاشوراء‪ ً،‬دخل‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫المسرودة الكوفة وذهب يمهلكهم"‪.‬‬
‫وفى سورة الرعد عند قوله تعالى‪} :‬أممفممن ميهعلميم أمرنممآ يأنرزمل إرلمهيمك رمن مريبمك ٱهلمحسقا مكممهن يهمو أمهعممـى{ُ‪ ً،‬يقول‪:‬‬
‫"‪ ...‬عن مروان عن السدى عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس فى قوله تعالى‪} :‬أممفممن ميهعلميم أمرنممآ‬
‫يأنرزمل إرملهيمك رمن مريبمك ٱهلمحسقا مكممهن يهمو أمهعممـى{ُ قال علسى عليه السلم‪} :‬مكممهن يهمو أمهعممـى{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫سورة إبراهيم‬
‫صيلمها مثاربفت‬ ‫ل مكرلمملة مطيمبلة مكمشمجرهَة مطيمبهَة أم ه‬
‫ضمرمب ٱللريه مممث ل‬ ‫وعند قوله تعالى فى سورة إبراهيم‪} :‬أمملهم متمر مكهيمف م‬
‫مومفهريعمها رفي ٱلرسممآ رء{ُ ‪ ...‬إلى آخر الية‪ ً،‬يقول ما نصه‪ ..." :‬عن عمرو بن حريث قال‪ :‬سألت أبا عبد‬
‫صليمها مثاربفت مومفهريعمها رفي ٱلرسممآرء{ُ قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬ ‫ال عليه السلم عن قول ال‪} :‬مكمشمجرهَة مطيمبهَة أم ه‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬أنا أصلها‪ ً،‬وأمير المؤمنين فرعها‪ ً،‬والئمة من يذيريتهما أغصانها‪ ً،‬وعلم الئمة ثمرتها‪ً،‬‬
‫ل‪ ً،‬إرن المؤمن ليولد فتورقا‬ ‫ل‪ ً،‬قال‪ :‬وا ر‬ ‫وشيعتهم المؤمنون ورقها" هل فى هذا فضل؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ل وا ر‬
‫ورقة فيها‪ ً،‬وإرن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها"‪.‬‬
‫‪ -‬وساقا رواية أخرى بعد ذلك وفيها‪" :‬إن المولود ليولد من شيعتنا فتورقا ورقة منها‪ ً،‬وإن المؤمن‬
‫ليموت فتسقط ورقة منها"‪.‬‬
‫‪ -‬وفى رواية بعدها قال‪" :‬قلت له‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬قوله‪ ُ{} :‬قال‪ :‬هو ما يخرج من المام من الحلل‬
‫والحرام فى كل سنة إلى شيعته"‪.‬‬
‫ل مكرلمملة مطيمبلة مكمشمجرهَة مطيمبهَة{ُ اليتين‪ ً،‬قال‪ :‬هذا مثل‬ ‫ضمرمب ٱللريه مممث ل‬ ‫‪ -‬وقال‪ ..." :‬عن أبى عبد ال‪ } :‬م‬
‫ضِ‬ ‫لهر ر‬‫ضربه ال لهل بيت نبيه‪ ً،‬ولمن عاداهم هو‪} :‬موممثيل مكرلممهَة مخربيمثهَة مكمشمجمرهَة مخربيمثهَة ٱهجيترثهت رمن مفهورقا ٱ م‬
‫مما لممها رمن مقمراهَر{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الرحهجر‬
‫وفى سورة الحجر عند قوله تعالى‪} :‬مقامل مريب مفمأنرظهررني إرلمـى ميهورم يهبمعيثومن * مقامل مفرإرنمك رممن ٱهليمنمظرريمن * إرلمـى‬
‫ميهورم ٱهلموهقرت ٱهلممهعيلو رم{ُ‪ ً،‬روى عن وهب بن جميع مولى إسحاقا بن عمار قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن قول إبليس‪} :‬مريب مفمأنرظهررني إرملـى ميهورم يهبمعيثومن * مقامل مفرإرنمك رممن ٱهليمنمظرريمن * إرملـى ميهورم ٱهلموهقرت‬
‫ٱهلممهعيلورم{ُ قال له وهب‪ :‬يجرعليت فداك‪ ً،‬أى يوم هو؟ قال‪ :‬يا وهب‪ ً،‬أتحسب أنه يوم يبعث ال فيه الناس؟ إسن‬
‫ال أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا‪ ً،‬فإذا بعث ال قائمنا كان فى مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو‬
‫بين يديه على ركبتيه فيقول‪ :‬يا ويله من هذا اليوم‪ ً،‬فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه‪ ً،‬فذلك اليوم الوقت‬
‫المعلوم"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة النحل‬
‫وفى سورة النحل عند قوله تعالى‪} :‬مومعلمماهَت موربٱِلرنهجرم يههم ميههمتيدومن{ُ‪ ً،‬روى بسنده إلى داود الجصاص‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪} :‬مومعلمماهَت موربٱِلرنهجرم يههم ميههمتيدومن{ُ قال‪ :‬النجم‪ :‬رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ً،‬والعلمات‪ :‬الئمة عليهم السلم"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة السراء‬
‫وفى سورة السراء عند قوله تعالى‪} :‬ميهوم منهديعوها يكرل أيمناهَس ربرإممارمرههم{ُ يروى بسنده إلى يعقوب بن شعيب‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫قال‪ :‬قلت لبى عبد ال عليه السلم‪} :‬ميهوم منهديعوها يكرل أيمناهَس ربرإممارمرههم{ُ قال‪ :‬يدعو كل قرن من هذه المة‬
‫بإمامهم‪ ً،‬قلت‪ :‬فيجئ الرسول صلى ال عليه وسلم فى قرنه‪ ً،‬وعلسى فى قرنه‪ ً،‬والحسن فى قرنه‪ً،‬‬
‫والحسين فى قرنه‪ ً،‬وكل إمام فى قرنه الذى هلك بين أظهرهم؟ قال‪ :‬نعم"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الكهف‬
‫ل{ُ يروى عن أبى‬ ‫ل{ُ ‪ ...‬إلى قوله‪} :‬يثرم مسروامك مريج ل‬ ‫ضررهب ليههم رممث ل‬‫وفى سورة الكهف عند قوله تعالى‪} :‬موٱ ه‬
‫عبد ال أنه قال‪ :‬دخل أبو بكر على علسى عليه السلم فقال له‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم لم‬
‫يحدث إلينا فى أمرك حدثا بعد يوم الولية‪ ً،‬وأنا أشهد أنك مولى‪ ً،‬مقر بذلك‪ ً،‬وقد سرلميت عليك على‬
‫عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم بإمرة المؤمنين‪ ً،‬وأخبرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أنك‬
‫وصيه ووارثه وخليفته فى أهله ونسائه‪ ً،‬ولم يخبرنا بأنك خليفته من بعده ول مجمرم لنا فى ذلك فيما بيننا‬
‫وبينك ول ذنب بيننا وبين ال‪ ً،‬فقال له عليه السلم‪ :‬أرأيتك إن رأيت رسول صلى ال عليه وسلم حتى‬
‫يخبرك بأنى أولى بالمجلس الذى أنت فيه‪ ً،‬وإن لم تنح عنه كفرت فما تقول؟ فقال‪ :‬إن رأيت رسول ال‬
‫حتى يخبرنى ببعضِ هذا اكتفيت به‪ ً،‬قال‪ :‬فوافنى إذا صليت المغرب‪ ً،‬قال‪ :‬فرجع بعد المغرب فأخذه‬
‫بيده وأخرجه إلى مسجد قباء فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم جالس فى الرقهبلة فقال‪" :‬يا عتيقا‪ ً،‬وثبمت‬
‫على علسى عليه السلم وجلسمت مجلس النبوة وقد تقدمت إليك فأنزع هذ السربال الذى تسربلته فخله‬
‫لعل سى وإل فموعدك النار"‪ ً،‬ثم أخذ بيده فأخرجه النبى صلى ال عليه وسلم عنهما‪ ً،‬وانطلقا أمير المؤمنين‬
‫إلى سلمان فقال‪ :‬يا سلمان‪ ً،‬أما علمت أنه كان من المر كذا وكذا؟ فقال سلمان‪ :‬ليشهرن بك وليبد منه‬
‫إلى صاحبه وليخبرنه بالخبر‪ ً،‬فضحك أمير المؤمنين وقال‪ :‬أما أن يخبر صاحبه فيفعل‪ ً،‬ثم قال‪ :‬ل وال‬
‫ل يذكرانه أبدا إلى يوم القيامة مما نظرا إلى أنفسهما من ذلكن فلقى أبو بكر عمر فقال‪ :‬إن عليا أتى كذا‬
‫وكذا لموضع كذا وكذا وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم كذا وكذا‪ .‬فقال له عمر‪ :‬ويلك‪ ً،‬ما أقل‬
‫عقلك‪ ً،‬فوالر ما أنت فيه الساعة إل من بعضِ سحر ابن أبى كبشة‪ ً،‬قد نسيمت بنى هاشم؟ تقلد هذه‬
‫السربال وممن فيه"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة النور‬
‫صمبفة يمهنيكهم‪ ُ{...‬إلخْ‪ ً،‬يروى عن‬ ‫وفى سورة النور عند قوله تعالى‪} :‬إررن ٱرلرذيمن مجآيءوا ربٱِ ر‬
‫لهفرك يع ه‬
‫على بن إبراهيم أنه قال‪ :‬إن العامة روت أنها نزلت فى عائشة وما ررميت به فى غزاة بنى المصطلقا‬ ‫س‬
‫من خزاعة‪ ً،‬وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت فى مارية القبطية وما رمتها به عائشة‪ ً،‬ثم قال علسى بن‬
‫إبراهيم‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر قال‪ :‬حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن علسى بن فضالة قال‪ :‬حدثنا‬
‫عبد ال بن بكير عن زرارة قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬لما هلك إبراهيم ابن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم حزن عليه حزنا شديدا‪ ً،‬فقالت عائشة‪ :‬ما الذى يحزنك عليه؟ فما هو إل ابن‬
‫جريج‪ ً،‬فبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم عليا عليه السلم وأمره بقتله‪ ً،‬فذهب علسى عليه السلم‬
‫ومعه السيف وكان جريج البقطى فى حائظ فضرب علسى عليه السلم باب البستان فأقبل جريج ليفتح‬
‫الباب‪ ً،‬فلما رأى عليا عليه السلم عرف فى وجهه الشر فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان‪ ً،‬فوثب علسى‬
‫عليه السلم على الحائط ونزل إلى البستان وابتعه‪ ً،‬وولى جريج مدبرا‪ ً،‬فلما خشى أن يرهقه صعد فى‬
‫نخلة وصعد علسى عليه السلم فى إثره‪ ً،‬فلما دنا منه رمى جريج بنفسه من فوقا النخلة فبدت عورته‪ً،‬‬
‫فإذا لبس له ما للرجال ول ما للنساء‪ ً،‬فانصرف علسى عليه السلم إلى النبى صلى ال عليه وسلم فقال‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫له‪ :‬يا رسول ال‪ ً،‬إذا بعثتنى فى المر أكون فيه كالمسمار المحمى فى الوبر أم أثبت؟ قال‪ :‬بل اثبت‪.‬‬
‫فقال‪ :‬والذى بعثك بالحقا‪ ً،‬ما له ما للرجال ول ما للنساء‪ ً،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬الحمد‬
‫ل الذى يصرف عنا السوء أهل البيت"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الفرقان‬
‫صههرا{ُ روى عن‬ ‫وفى سورة الفرقان عند قوله تعالى‪} :‬مويهمو ٱرلرذيِ مخلممقا رممن ٱهلممآرء مبمشرا مفمجمعلميه منمسبا مو ر‬
‫الباقر أنه قال‪ :‬هو محمد وعلسى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلم"‪.‬‬
‫‪ -‬وفى رواية‪" :‬المبشر والنسب‪ :‬فاطمة‪ ً،‬والصهر‪ :‬علسى صلوات ال وسلمه عليهما"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة القصص‬
‫ضِ معملهيمك ٱهليقهرآمن ملمرآسدمك إرملـى مممعاهَد{ُ‪ ً،‬قال‪ ..." :‬عن أبى‬ ‫وفى سورة القصص عند قوله تعالى‪} :‬إررن ٱرلرذيِ مفمر م‬
‫جعفر أنه سئل عن جابر فقال‪ :‬رحم ال جابرا‪ ً،‬بلغ من فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الية‪} :‬إررن ٱرلرذيِ‬
‫ضِ معلمهيمك ٱهليقهرآمن لممرآسدمك إرلمـى مممعاهَد{ُ يعنى الرجعة"‪.‬‬ ‫مفمر م‬
‫سورة الشورى‬
‫وعند تفسيره لسورة الشورى يقول‪ ..." :‬ومن خواص القرآن روى عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أنه قال‪" :‬ممن قرأ السورة صرلت عليه الملئكة وتررحموا عليه بعد موته‪ ً،‬وممن كتبها بماء المطر وسحقا‬
‫ل واكتحل به ممن بعينه بياضِ قلعه وزال عنه كل ما كان عارضا بعينه من اللم بإذن‬ ‫بذلك الماء كح ل‬
‫ال"‪ ً،‬وقال الصادقا عليه السلم‪ :‬ممن كتبها وعرلقها عليه أمن من الناس‪ ً،‬وممن شربها فى سقر أنس"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الجاثية‬
‫وفى سورة الجاثية عند قوله تعالى‪} :‬أمهم محرسمب ٱرلرذيمن ٱهجمتمريحوها ٱلرسيمئارت مأن رنهجمعمليههم مكٱِرلرذيمن آممينوها مومعرميلوها‬
‫صارل محارت{ُ‪ ً،‬يروى‪" :‬عن ابن عباس أنه قال فى هذه الية‪ :‬الذين آمنوا‪ :‬بنو هاشم وبنو عبد المطلب‪ً،‬‬ ‫ٱل ر‬
‫والذين اجترحوا السيئات‪ :‬بنو عبد شمس"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الحقاف‬
‫ضمعهتيه‬ ‫لنمسامن ربموارلمدهيره إرهحمسانا محمملمهتيه أيسميه يكهرها مومو م‬
‫صهيمنا ٱ ر‬
‫وفى سورة الحقاف عند قوله تعالى‪} :‬مومو ر‬
‫يك هرها{ُ‪ ..‬إلخْ‪ ً،‬يروى‪" :‬عن أبى عبد ال قال‪ :‬لما حملت فاطمة عليها السلم بالحسين عليه السلم جاء‬
‫جبريل إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬إن فاطمة تلد غلما تقتله أمتك من بعدك‪ ً،‬فلما حملت‬
‫فاطمة بالحسين عليه السلم كرهت حمله‪ ً،‬وحين وضعته كرهت وضعه‪ ً،‬ثم قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬لم تر فى الدنيا أم تلد غلما تكرهه‪ ً،‬ولكنها كرهته لما علمت أنه سييقتل‪ ً،‬وفيه نزلت هذه الية"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الفتح‬
‫وعند تفسيره لسورة الفتح يقول‪" :‬ومن خواص القرآن روى عن النبى صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬ممن‬
‫قرأ هذه السورة كتب ال له من الثواب كممن بايع النبى صلى ال عليه وسلم تحت الشجرة‪ .‬وأوفى‬
‫بيعته‪ ً،‬وكمن شهد مع النبى صلى ال عليه وسلم يوم فتح مكة‪ ً،‬وممن كتبها وجعلها تحت رأسه أمن من‬
‫اللصوص‪ ً،‬و ممن كتبها فى صحيفة وغسلها بماء زمزم وشربها كان عند الناس مسموع القول ول يسمع‬
‫التفسير والمفسرون للذهبي‬
‫ماكتبة ماشكاة السإلماية‬
‫شيئا يمر عليه إل وعاه"‪.‬‬
‫**‬
‫سورة الذارايات‬
‫وفى سورة الذاريات عند قوله تعالى‪} :‬إررنيكهم ملرفي مقهوهَل سمهخمترلهَف * يهؤمفيك معهنيه ممهن أيرفمك{ُ‪ ً،‬يروى‪" :‬عن أبى‬
‫جعفر أنه قال‪} :‬إررنيكهم ملرفي مقهوهَل سمهخمترلهَف{ُ‪ :‬اختلف فى ولية هذه المة‪ ً،‬فممن استقام على ولية‬
‫على دخل النار‪ ً،‬وأما قوله‪} :‬يهؤمفيك معهنيه ممهن أيرفمك{ُ قال‪ :‬يعنى عليا‪ً،‬‬ ‫على دخل الجنة‪ ً،‬ومن خالف ولية س‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ممن أفك عن وليته أفك عن الجنة‪ ً،‬فذلك قوله‪} :‬يهؤمفيك معهنيه ممهن أرفمك{ُ‪.‬‬
‫**‬
‫سورة المدثر‬
‫صيليمن{ُ‪ً،‬‬‫وعند قوله تعالى فى سورة المدثر‪} :‬يكسل منهفهَس ربمما مكمسمبهت مررهيمنفة{ُ‪ ...‬إلى قوله }لمهم منيك رممن ٱهليم م‬
‫روى "عن أبى جعفر عن أبيه عن جده‪ ً،‬أن النبى صلى ال عليه وسلم قال لعلسى عليه السلم‪ :‬يا علسى‪ً،‬‬
‫صمحامب ٱهلميرميرن * رفي مجرناهَت ميمتمسآمءيلومن * معرن‬ ‫ل أم ه‬‫قوله عرز ومجرل‪} :‬يكسل منهفهَس ربمما مكمسمبهت مررهيمنفة * إر ر‬
‫صيليمن * مويكرنا‬ ‫ٱهليمهجرررميمن * مما مسلممكيكهم رفي مسمقمر{ُ‪ :‬فالمجرمون هم المنكرون لوليتك‪}ً،‬مقايلوها لمهم منيك رممن ٱهليم م‬
‫ضي من{ُ‪ :‬فيقول لهم أصحاب اليمين‪ :‬ليس من هذا اوتيتم‪ ً،‬فما الذى سلككم فى سقر يا‬ ‫ضِ مممع ٱليمخآرئ ر‬
‫منيخو ي‬
‫أشقياء؟ قالوا‪} :‬مويكرنا ينمكيذيب ربميهورم ٱليديرن * محرتـى أممتامنا ٱهلميرقيين{ُ‪ :‬فقالوا لهم‪ :‬هذا الذى سلككم فى سقر يا‬
‫أشقياء‪ ً،‬ويوم الدين‪ :‬يوم الميثاقا‪ ً،‬حيث جحدوا وكرذبوا بوليتك وعتوا عليك واستكبروا"‪.‬‬
‫**‬
‫ل ممهن مأرذمن لميه ٱلررهحممــين‬ ‫ل ميمتمكلريمومن إر ر‬ ‫لرئمكية م‬
‫صسفا ر‬ ‫وفى سورة النبأ عند قوله تعالى‪} :‬ميهوم مييقويم ٱلسرويح موٱهلمم م‬
‫صموابا{ُ قال‪:‬‬ ‫ل ممهن مأرذمن لميه ٱلررهحممــين مومقامل م‬ ‫ل ميمتمكلريمومن إر ر‬
‫صموابا{ُ‪ ً،‬يروى "عن أبى عبد ال أنه قال‪ } :‬ر‬ ‫مومقامل م‬
‫نحن وال المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صوابا‪ ً،‬قلت‪ :‬ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال‪ :‬نحمد ربنا وينصيلى‬
‫على نبينا‪ ً،‬ونشفع لشيعتنا فل يردنا ربنا"‪.‬‬
‫***‬
‫"تمت بحمد ال الينيقول التى كتبها فضيلة الدكتور محمد حسين الذهبى رحمه ال‪ ً،‬وقد راعينا ‪ -‬بقدر‬
‫المكان ‪ -‬أن تكون التعليقات عليها مما كتبه فضيلته فى الجزء الثانى من التفسير والمفسرون حيث لم‬
‫يتيسر له ‪ -‬رحمه ‪ -‬ال التعليقا على هذه الينيقول فى حياته"‪.‬‬
‫وال نسأل أن يتغمد الفقيد برحمته‪ ً،‬وأن يجعل علينا ‪ -‬فى هذا الكتاب ‪ -‬فى الميزان‪...‬‬
‫ل ممهن أممتى الم ربمقهلهَب مسرليهَم{ُ ‪ ...‬وأخر دعوانا‪} :‬أمرن المحهميد لر مريب اهلمعاملرميمن{ُ‬ ‫ل ميهنمفيع ممافل مول مبينومن * إر ر‬
‫}ميهوم م‬
‫محمد النور أحمد البلتاجى‬
‫***‬

You might also like