الُخ طبة لغًة( :الُخ طبة ) بضم الخاء ،وهي ما يقال على المنبر ،يقال َ :خ َطَب على المنبر ُخ طبة – بضم الخاء -وَخ طابة ،وإما ِخ طبة – بكسر الخاء -فهي طلب يد المرأة ،وهي مشتقة من المخاطبة ،وقيل :من الخطب ،وهو األمر العظيم ،ألنهم كانوا ال يجعلونها إال عنده . الخطبة اصطالحًا :هي فن من فنون الكالم ،ويقصد به التأثير في الجمهور عن طريق السمع والبصر معا ً الخطابة بين الجاهلية واإلسالم عرفنا إن الخطابة في الجاهلية ضيقة األغراض ،قصيرة األفاق ،محدودة الموضوعات والمظاهر ،أو كانت على األقل هكذا فيما انحدر إلينا من آثارها ،وتناهى إلينا من تراثها ، وكان يشاركها الشعر في التعبير عن مناحي الفكر ،وخوالج النفس ،بل كان الشعر في أهم المواقف وأعظم األحداث اللسان الناطق الذي يؤّر ث نار الحرب ،أو يضع لبنات السلم ،أو يلفت الناس إلى فضيلة من الفضائل ،أو ينبههم على أمر من األمور . وألن الخطابة لم تكن مما تدون في صحف ،أو تكتب في رقاع ،أو يسهل على الذاكرة اختزانها ،لم يكن اهتمام القوم كاهتمامهم بالشعر ،وجاء اإلسالم فتهيأ للخطابة في ظله من نباهة الشأن ،وارتفاع الذكر ،وعلو المكانة ،وعظمة المنزلة ،ما لم يتهيأ لها من قبل . إذ أصبحت أداة الدعوة للدين الحنيف ،ومتممة للذكر الحكيم ،ومن ثم كانت فرضًا مكتوبًا في صالة الجمع ،واألعياد ،ومواسم الحج . فهي اللسان الناطق بالرسالة ،تشرح أسرارها ،وتبين المثل والقيم التي أتت بها ، وتوضح خفاياها ،وتحبب الناس فيها ،وتدلهم على الهدى والحق والرشد والصالح ، وتجادل خصومها ،وتفند آراء المخالفين لها . اعتمد الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) على الخطابة بدعوة عشيرته األقربين ،ثم كان يذهب إلى أحياء العرب ،يعرض عليهم دعوته ،ويشرح في كل موقف عقيدته ،وكان يلقي الناس في األسواق العامة ،وفي مواسم الحج ،ويخطب بهم ويقول لهم :قولوا ال إله إال هللا تفلحوا .ثم انتقل إلى يثرب يدعو إلى هللا على بصيرة ،ويقوم في مجتمعات جديدة يشرح لهم ببيانه ، ويفيض عليهم من عذوبة لفظة وسماحة لسانه . وكانت تجيئه وفود العرب فيخطب في كل وفد ،ويدعوهم إلى الدين ،أو يبين لهم األحكام الشرعية واآلداب الدينية كما أمر رب العالمين ،وكانت الخطابة لخلفائه من بعدة أداة يرسمون بها سياساتهم في رعاياهم ،ويحددون دساتيرهم التي يلتزمونها في حكم الناس ومعامالتهم ،أو يحضون فيها على غزوة أو جهاد. ومن الطبيعي أن تقضي هذه الخطابة على كل لون قديم من الخطابة الجاهلية ال يتفق وروح اإلسالم ،سجع الكهان أو خطابة المنافرات ،فقد نهى اإلسالم عن التفاخر باآلباء واألحساب وإن ظلت لذلك بقية في حياة الرسول (صلى هللا عليه وآله وسلم) ،حين كانت تفد عليه وفود العرب عوامل ازدهار الخطابة في العصر االسالمي
أنها أصبحت لسان الدعوة اإلسالمية ووسيلة نشرها . -
إن اإلسالم فرض الخطابة وجعلها من شعائر الجمعة ، - والعيدين ،وفي الحج األكبر . استعملت الخطابة في تحميس الجنود في معارك الفتوحات ،إذ - كان العصر اإلسالمي عصر فتوحات ومعارك خالدة . ظهور الفتن السياسية وتشعب المذاهب بعد مقتل الخليفة (عثمان - بن عفان) (رض) ،فكان لكل فريق خطباء ينشروا دعوته أشهر الخطباء العصر اإلسالمي يعد النبي محمد (صلى هللا عليه وآله وسلم) الخطيب األول في اإلسالم ،وقد تأثر به عدد من الخطباء . أبرزهم اإلمام علي بن أبي طالب (عليه السالم) ،وكذلك عرف سائر الخلفاء الراشدين بالخطابة ،وسواهم من أعالم الخطابة ،منهم ابن عباس ،وعبدهللا بن الزبير ،وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم