You are on page 1of 11

‫المحاضرة الثالثة‪:‬‬

‫تاريخ الدعوة‬
‫‪ %‬الدعوة قبل عهد الرسول ‪‬‬

‫‪ %‬الدعوة في عصر الرسول ‪‬‬


‫أوالً‪:‬‬
‫الدعوة قبل عهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬

‫المقص ود بتاري خ الدعوة حس ب م ا نري د توص يله لطالب المرحل ة الجامعي ة‪ ،‬ه و‬
‫امتداد الرساالت السماوية منذ عهدها األول‪ ،‬بخلق اهلل آلدم وزوجه وإسكانهما‬
‫الجنة‪ ،‬وأمرهما ونهيهما‪ ،‬ثم فعل الشيطان فيهما وإغوائهما بمخالفة األمر والوقوع‬
‫ف ي النه ي‪ ،‬ث م هبوطهم ا ومعهم ا الشيطان إل ى األرض‪ ،‬ورحل ة التكاث ر البشري‬
‫وترص د الشيطان ألبناء آدم ف ي حيات ه وبع د ممات ه وامتداد ذل ك بي ن إبلي س علي ه‬
‫اللعن ة وذري ة آدم علي ه الس الم‪ ،‬وقص ة إرس ال الرس ل وتوجي ه الناس بدعوته م إل ى‬
‫طريق الحق واستمالتهم إليه‪...‬‬
‫فمن القرآن الكريم نجد نماذج من الدعوة قبل بعثة النبي الخاتم‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫القصص في القرآن جاء ليُعبِّر عن جملة من المعاني‪ ،‬ويؤدي دوراً‬


‫رائداً ف ي تث بيت دعائ م دعوة اإلس الم‪ ،‬أجمل ه اهلل ع ز وج ل ف ي‬
‫قوله‪ :‬لقد كان في قصصهم عبرة ألولي األلباب‪ .‬ما كان حديثاً‬
‫يفترى ولك ن تص ديق الذي بي ن يدي ه وتفص يل ك ل شي ء وهدى‬
‫ورحمة لقوم يؤمنون‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬وكال نقص عليك من أنباء‬
‫الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى‬
‫للمؤمنين‪ .‬القرآن الكريم‪ ،‬يوسف‪.111 :‬‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬هود‪.120 :‬‬
‫من بعض أهداف إيراد القصص في القرآن وهي على وجه التلخيص كما يلي‪-:‬‬

‫تثبيت فؤاد النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وتقوية عزمه وصبره في الدعوة بعرض نماذج ممن‬ ‫‪.1‬‬
‫كان قبله في هذا الطريق‪.‬‬
‫إثبات الحق الذي مع الرسل وأنه من عند اهلل‪ ،‬وأن اهلل معهم هو الذي يدافع عنهم وعن‬ ‫‪.2‬‬
‫الحق الذي أرسلهم من أجل نشره‪.‬‬
‫تفص يل لك ل شي ء م ن األشياء م ن عقيدة وشريع ة ومعامالت وس ائر فروع الدي ن كالحك م‬ ‫‪.3‬‬
‫والقضاء وغير ذلك‪.‬‬
‫وهو هداي ة ورحمة للمؤمني ن‪ ،‬والقصص للمؤمنين بمثاب ة الكشاف الهادي لهم في الظالم‬ ‫‪.4‬‬
‫الحالك‪ ،‬وهادي للقلوب الحائرة‪ ،‬وسلوى على المحن والبالء‪...،‬‬
‫عبرة واتعاظ وتذكير بالمصير والمآل‪ ،‬ال يعتبر منه إال العقالء والفطناء‪ ،‬وكما قيل‪ :‬العاقل‬ ‫‪.5‬‬
‫من وعظ بغيره‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الدعوة في عصر الرسول ‪‬‬

‫قد تتمث ل الدعوة إىل اإلس الم يف عهده صلى اهلل عليه وس لم يف‬
‫ص ور كثرية نورد منه ا م ا يتناس ب م ع املقام‪ ،‬ومقامن ا هن ا ه و‬
‫االختص ار واالقتص ار عل ى أس لوب احلكم ة يف الدعوة إىل اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫إ ن الن يب األكرم ص لى اهلل علي ه وس لم وه و معل م الناس احلكم ة‪،‬‬


‫قال تعاىل يف شأنه‪ :‬كما أرسلنا فيكم رسوالً منكم يتلوا عليكم‬
‫آياتن ا ويزكيكم ويعلمك م الكتاب واحلكمة ويعلمكم ما مل تكونوا‬
‫تعلمون‪ ‬القرآن الكرمي‪ ،‬البقرة‪.151 :‬‬
‫ورس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم قدوة لك ل م ن شه د‬
‫باحلق‪ ،‬وخاصة الذين يتصدرون الدعوة للحق‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪‬لقد كان لكم يف رسول اهلل أسوة حسنة ملن كان يرجو‬
‫اهلل واليوم اآلخر وذكر اهلل كثريا‪ ،‬وعلى طريق دعوته جيب‬
‫أ ن يس ري ك ل م ن يتص در الدعوة إىل اهلل ‪ ،‬وهاك م بع ض‬
‫النماذج من مواقفه الدعوية احلكيمة صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫األول‪ :‬في مكة قبل الهجرة‬
‫الثاني‪ :‬في المدينة بعد الهجرة‬
‫ونلخ ص املواق ف احلكيم ة ل ه يف هذه الفرتة املكي ة(الفرتة ِ‬
‫الس ِّريّة) يف نقاط‬
‫ثالث وهي‪-:‬‬

‫‪ .1‬اختيار األفراد الذين بدأ هبم صلى اهلل عليه وسلم دعوته‪.‬‬

‫‪ .2‬اختيار املكان الذي كان يلتق ي في ه الرس ول الكرمي م ع م ن يدعوه م‬


‫لريبيهم على هذا الدين ويعلمهم القرآن (دار األرقم بن األرقم)‪.‬‬

‫‪ .3‬ص ربه طوال هذه الفرتة اليت امتدت ثالث س نني‪ ،‬ودق ة االس تخفاء‬
‫لدرجة عدم كشفهم ومعرفة عددهم ومكان اجتماعهم‪.‬‬
‫وتظهر جوانب احلكمة من الداعية األول صلى اهلل عليه وسلم يف هذا املوقف(الدعوة اجلهرية) من‬
‫عدة جوانب‪:‬‬
‫‪ .1‬رمحته صلى اهلل عليه وسلم مبن تبعه‪ ،‬وشعوره املرهف حوهلم‪ ،‬وتأمله ألملهم‪ ،‬وهذه من أخص‬
‫صفات الداعية الناجح‪.‬‬
‫‪ .2‬إذنه هلؤالء األتباع يف الوقت املناسب ويف سرية تامة للهجرة حىت ال يعرف عنهم أحد فيفشل‬
‫املخطط‪ ،‬وهذه من أعلى صفات القيادة احلكيمة‪.‬‬
‫‪ .3‬اختياره املكان الذي يهاجر إليه أتباعه‪ ،‬وثقافته صلى اهلل عليه وسلم بالواقع ومتابعته ألهل‬
‫اخلري والعدل يف األرض سواء على املستوى الداخلي أو اخلارجي‪.‬‬
‫‪ .4‬اختيار من يتزعم جمموعات املهاجرين وجعلهم يف كتيبة واحدة‪ ،‬وهناك من ينوب عنه صلى‬
‫اهلل عليه وسلم يف قيادة هذه اجملموعة‪ ،‬فمرة ّأمر عليهم عثمان بن عفان وهو صهر رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومرة ّأم ر عليهم جعفر بن أيب طالب وهو ابن عمه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وهذه من براعة القائد احلكيم صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫وصل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المدينة‬
‫المنورة وفيها مجتمعات مختلفة ومتعددة‪.‬‬
‫فكيف تعامل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مع‬
‫هؤالء؟‬
‫بناء المسجد‬

‫كان أول عمل بدأ به النيب الكرمي صلى اهلل عليه وسلم بعد وص وله‬
‫إىل املدينة هو بناء املسجد‪ ،‬واشرتك يف بنائه املسلمون مجيعاً‪ ،‬وكان‬
‫هذا العمل هو أول عمل تعاوين قام بني الفئات‪ .‬فكان املسجد هو‬
‫املرك ز العام للمس لمني‪ ،‬ومكان جتمعه م واجتماعاهت م‪ ،‬يلتق ي في ه‬
‫الك بري بالص غري والغين بالفقري والقوي بالضعي ف وكله م يلتقون‬
‫بقائدهم وإمامهم ومعلمهم صلى اهلل عليه وسلم يرشدهم ويوجههم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المؤاخاة والعهد بين تجمعي المهاجرين واألنصار‬

‫من أبرز جوانب احلكمة بعد بناء املسجد‪ ،‬بناء جسم األمة املسلمة‬
‫ومتتني البناء باملؤاخاة اليت أقامها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بني‬
‫أه ل البالد األص ليني م ن األوس واخلزرج (األنص ار) وبني أه ل مك ة‬
‫القادمني إىل املدينة (املهاجرون)‪ ،‬وهبذه املآخاة حتقق بناء جسد األمة‬
‫الواحدة يف أقوى ص ورة م ن ص ور اجملتم ع املتماس ك‪ ،‬فارتفع ت‬
‫العداوات‪ ،‬وعناص ر الفرق ة والضع ف‪ ،‬وتآلف ت القلوب‪ ،‬وتضافرت‬
‫اجلهود‪ ،‬وتوطدت أواصر احلب والتعاون واإليثار‪،‬‬

You might also like