You are on page 1of 3

‫المحاضرة األولى في الماذة السيرة النبوية‬

‫أهمّية السيرة النبوّية‬


‫من األمور التي ُتظِه ر أهمية دراسة السيرة الّنبوّية واالّطالع عليها‪ ،‬ما يأتي‪:‬‬
‫السيرة الّنبوّية وسيلٌة لَفْهم شخصّية رسول هللا ‪-‬صّلى هللا علهي وسّلم‪ ،-‬والّتثّبت من كونه رسوًال ُم َؤ َّيدًا بوحٍي من هللا ‪-‬‬
‫تعالى‪.-‬‬
‫السيرة الّنبوّية وسيلٌة للتعّر ف على صحابة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬الذين كانوا خير َم ن امتثل أِل حكام هللا ‪-‬تعالى‪-‬‬
‫وسار على هدي رسوله‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية أفضل وسيلٍة يحظى بها المعّلم والداعية المسلم للّتعرف على أهم مبادئ التربية والتعليم‪ ،‬فقد كان رسول هللا‬
‫‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬ال يتوانى في الّلجوء ألفضل الّطرق التي من شأنها أن ُتحّقق مستوى عاٍل من التربية والتعليم‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية وسيلٌة ِلفهم القرآن الكريم وتدّبر آياته‪ ،‬ال سيما وأّن تفسير العديد من اآليات القرآنية كان من خالل األحداث‬
‫والمواقف التي مّرت برسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ ،-‬وذلك كاآليات التي كانت تحمل إجابًة ِلسؤاٍل تعّرض له‪ ،‬أو بيان‬
‫ُح ْك م وحّل لمشكلٍة واجهته‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية وسيلٌة للّتثّبت من سيرة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬التي ُتعّد أحد أصول الدين‪ ،‬حيث أمرهللا ‪-‬تعالى‪-‬‬
‫باّتباعه والسير على هديه‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية وسيلٌة إِل ثبات صدق نبّو ة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ ،-‬فوجود المصادر األصيلة التي ُتبّين أدّق‬
‫التفاصيل في شؤون حياته العاّم ة والخاّصة منذ والدته إلى وفاته‪ ،‬وما َيدَعم ذلك من وجود اآلثار المادية التي أّك دت‬
‫صّح تها البحوث العلمية‪ ،‬واستحالة توافر ذلك في مسيرة أّي شخٍص مهما بلغت عظمته؛ ُيثبت رعاية هللا ‪-‬تعالى‪ -‬لرسوله‬
‫وصدق نبّوته‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية وسيلٌة ُتظِهر قوة اإلسالم وعظمته‪ ،‬فقد استطاع رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬أن ُيَثِّبت قواعد الدين‬
‫وأحكامه في الدولة التي شَّيدها‪ ،‬وامتّد نفوذها لجزٍء كبيٍر من األرض في غضون ثالٍث وعشرين سنًة فقط‪ ]٣[.‬السيرة‬
‫الّنبوّية وسيلٌة إِل ثبات حضارة المسلمين وتاريخهم العريق‪ ،‬ومن خاللها َيحفظ المسلمين كيانهم وتقّد مهم ِلكونها مصدرًا‬
‫عظيمًا ِلجّل المعارف‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية صورٌة ُم جِّسَد ٌة للقدوة الحسنة الُم رَس َلة للناس كاّفة‪ ،‬والتي تستحّق االقتداء بها والّسْير على نْهجها في مختلف‬
‫مناحي الحياة‪ِ ،‬لكون سيرته ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬تطبيقًا عملّيًا لإلسالم وأحكامه‪ ،‬فقد ثبت عن أم المؤمنين عائشة ‪-‬رضي‬
‫هللا عنها‪ -‬أّنها قالت‪( :‬كان ُخ ُلُقه القرآَن )‪.‬‬
‫السيرة الّنبوّية صورٌة ُم جِّسَد ٌة ِلمبادئ اإلسالم كاّفة الُم تعِّلقة بالعقيدة واألحكام واألخالق على حّد سواء‪ .‬إّن حياة رسول هللا‬
‫‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬أعظم حدٍث مّر على الدنيا؛ ِلكونه سّيد ولد آدم‪ ،‬قال رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪( :-‬أَنا َس ِّيُد وَلِد‬
‫آَد َم يوَم الِقياَم ِة وال َفْخ َر )‪ِ ]٦[،‬لذا فإّن النفس تتوق للّنظر والبحث في حياة خير البشر ِلالقتداء والّتأّسي به امتثاًال لقوله ‪-‬‬
‫تعالى‪َّ( :-‬لَقْد َك اَن َلُك ْم ِفي َر ُسوِل الَّلـِه ُأْس َو ٌة َح َس َنٌة ِّلَم ن َك اَن َيْر ُجو الَّلـَه َو اْلَيْو َم اآْل ِخ َر َو َذ َك َر الَّلـَه َك ِثيًرا)‪،‬‬
‫وهذا بدوره جعل الّتعرف على سيرته الشريفة ودراستها عبادًة ُيتقَّرب بها إلى هللا ‪-‬تعالى‪ ]٨[،-‬وال شّك بأّن الصحابة ‪-‬‬
‫رضي هللا عنهم‪ -‬والتابعين خير قدوٍة في االهتمام بها‪ ،‬فقد حرصوا على تعليم أبنائهم حياة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه‬
‫وسّلم‪ -‬وما تضّم نته من غزواٍت وحروٍب‪ ،‬وأقواٍل وأفعاٍل ‪ ،‬وما عاناه النبّي إزاء نشر الدين والدعوة إليه‪ ،‬حيث أشار علي‬
‫بن الحسين إلى أّن حرصهم على تعليم مغازي رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬وسيرته كان بموازاة حرصهم على تعليم‬
‫سور القرآن الكريم‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫رتبه‪ :‬طاهرعبد محمود‬
‫المحاضرة األولى في الماذة السيرة النبوية‬

‫خصائص السيرة النبوية‬


‫هناك العديد من الخصائص التي تمّيزت بها السيرة الّنبوّية‪ ،‬ومنها ما يأتي‪:‬‬
‫رّبانية المصدر‪ :‬أي أّن رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ُ -‬م َؤ َّيٌد بوحٍي من هللا ‪-‬تعالى‪ ،-‬فال يقول شيئًا من تلقاء نفسه‪ ،‬وما‬
‫يأتي به من أحكاٍم وتشريعاٍت إّنما يتلّقاها من رّبه‪ ،‬لقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َم ا َينِط ُق َع ِن اْلَهَو ى* ِإْن ُهَو ِإاَّل َو ْح ٌي ُيوَح ى)‪]،‬وقوله‬
‫‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َلْو َتَقَّوَل َع َلْيَنا َبْع َض اَأْلَقاِو يِل * َأَلَخ ْذ َنا ِم ْنُه ِباْلَيِم يِن * ُثَّم َلَقَطْعَنا ِم ْنُه اْلَو ِتيَن )‪ ،‬وال بّد من اإلشارة إلى أّن هذه‬
‫الخاصّية امتازت بها كافة الّرساالت اإللهية‪ ،‬إاّل أّن رسالة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬انفردت عن غيرها بكونها‬
‫للناس كاّفة‪ ،‬لقوله ‪-‬تعالى‪ُ( :-‬قل يا َأُّيَها الّناُس ِإّني َر سوُل الَّلـِه ِإَليُك م َج ميًعا)‪.‬‬
‫وسطّية السيرة الّنبوّية‪ :‬فقد وصف هللا ‪-‬تعالى‪ -‬أّم ة اإلسالم بالوسطّية بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َك َٰذ ِلَك َجَع ْلَناُك ْم ُأَّم ًة َو َس ًطا ِّلَتُك وُنوا‬
‫ُش َهَداَء َع َلى الَّناِس َو َيُك وَن الَّرُسوُل َع َلْيُك ْم َش ِهيًدا)‪ ،‬وكان رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬يدعو إلى الوسطّية والّتيسير‬
‫على الناس بقوله ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪َ( :-‬يِّسُروا وال ُتَع ِّسُروا)‪ ،‬وقوله ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪( :-‬إَّنما ُبِع ثُتْم ميِّسريَن ‪ ،‬ولم‬
‫ُتبَع ثوا ُم عِّسريَن )‪،‬‬
‫صحة السيرة الّنبوّية وثبوتها‪ :‬وذلك ِلذكر بعض صورها بشكٍل ُم جَم ٍل في القرآن الكريم الذي ال يأتيه الباطل‪ ،‬حيث قال‬
‫‪-‬تعالى‪( :-‬اَّل َيْأِتيِه اْلَباِط ُل ِم ن َبْيِن َيَد ْيِه َو اَل ِم ْن َخ ْلِفِه َتنِزيٌل ِّم ْن َحِكيٍم َحِم يٍد )‪ ،‬ومن هذه الصور وصف نشأة رسول هللا ‪-‬‬
‫صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬أَلْم َيِج ْد َك َيِتيًم ا َفآَو ى* َوَو َج َدَك َض ااًّل َفَهَدى* َوَو َج َدَك َعاِئاًل َفَأْغ َنى)‪ ،‬ووصف بعض‬
‫أخالقه بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬فِبَم ا َر ْح َم ٍة ِّم َن الَّلـِه ِلنَت َلُهْم َو َلْو ُك نَت َفًّظا َغ ِليَظ اْلَقْلِب اَل نَفُّض وا ِم ْن َح ْو ِلَك َفاْع ُف َع ْنُهْم َو اْسَتْغ ِفْر‬
‫َلُهْم َو َش اِو ْر ُهْم ِفي اَأْلْم ِر)‪ .‬ووْص ف بعض غزواته كغزوة بدر بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬ك ما َأخَر َج َك َر ُّبَك ِم ن َبيِتَك ِبالَح ِّق َو ِإَّن َفريًقا‬
‫ِم َن الُم ؤِم نيَن َلكاِر هوَن )‪ ،‬وغزوة أحد بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و ِإْذ َغ َدْو َت ِم ْن َأْهِلَك ُتَبِّو ُئ اْلُم ْؤ ِمِنيَن َم َقاِع َد ِلْلِقَتاِل َو الَّلـُه َسِم يٌع‬
‫َع ِليٌم )‪ ،‬وغزوة الخندق بقوله ‪-‬تعالى‪ِ( :-‬إْذ َج اُء وُك م ِّم ن َفْو ِقُك ْم َو ِم ْن َأْس َفَل ِم نُك ْم َو ِإْذ َزاَغ ِت اَأْلْبَص اُر َو َبَلَغ ِت اْلُقُلوُب اْلَح َناِج َر‬
‫َو َتُظُّنوَن ِبالَّلـِه الُّظُنوَنا)‪ ،‬وغزوة حنين بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َيوَم ُحَنيٍن ِإذ َأعَج َبتُك م َك ثَر ُتُك م َفَلم ُتغِن َعنُك م َش يًئا َو ضاَقت َع َليُك ُم‬
‫اَألرُض ِبما َر ُح َبت ُثَّم َو َّليُتم ُم دِبريَن )‪ .‬ومّم ا ُيؤّك د صّحتها أيضًا اعتماد العلماء في تدوينها على القواعد العلمّية ذاتها التي‬
‫اُّتِبَع ت في تدوين السّنة الّنبوّية؛ كقواعد مصطلح الحديث‪ ،‬وعلم الجرح والتعديل‪ ،‬وغيرها من القواعد التي ُتعّد من أْو ثق‬
‫العلوم في ضبط الروايات واألخبار‪ ،‬وُيضاف إلى ذلك أيضا ِذ كر معظم السيرة الّنبوّية في أصّح كتب السّنة؛ كصحيَح ي‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫العبودية هلل ‪-‬تعالى‪ :-‬أظهرت سيرة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬أروع مظاهر اإلنسانّية والعبودّية هلل ‪-‬تعالى‪ ،-‬فقد‬
‫كان يْنهى أصحابه ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬عن المبالغة في مْد حه بما قد ُيخرجه من نطاق العبودية هلل ‪-‬تعالى‪ ،-‬لقوله ‪-‬صّلى هللا‬
‫عليه وسّلم‪( :-‬ال ُتْطُروِني كما ُأْطِرَي ِع يَس ى ابُن َم ْر َيَم ‪ ،‬وُقولوا‪ :‬عبُد ِهَّللا وَر سوُلُه)‪ ،‬وال شّك بأّن ذلك جعله ‪-‬صّلى هللا عليه‬
‫وسّلم‪ -‬مثًال أعلى وقدوًة للناس في شّتى مناحي الحياة‪ ،‬وهو ما لم يكن إيجاده ممكنًا في شخصّية غيره من الّرسل‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب التحريف الذي نال من كتبهم وسيرتهم‪ ،‬وما زعمه أتباعهم من وصفهم باأللوهية‪ ،‬كاّد عاء األلوهية لعيسى ‪-‬عليه‬
‫السالم‪.-‬‬
‫الشمولية والوضوح‪ :‬امتازت سيرة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬بشمولها أِل دّق تفاصيل حياته؛ من زواج أبيه بأّم ه‪،‬‬
‫إلى والدته‪ ،‬ومن ثّم بعثته‪ ،‬وما مّر به قبلها وبعدها‪ ،‬وإلى وفاته‪ ،‬وبذلك كانت سيرته تحوي مجاالت الحياة المختلفة‪ ،‬حيث‬
‫ذكرت الشاّب األمين قبل بعثته‪ ،‬والداعية الذي بذل ُقصارى جهده في تبليغ دعوته‪ ،‬ورئيس الدولة الذي أرسى أفضل‬
‫القواعد والقوانين الُم نِّظَم ة لدولته‪ ،‬وحنان األب والزوج‪ ،‬وحكمة المرّبي المرشد‪ ،‬وحنكة السياسي‪ ،‬ووفاء الصديق الذي‬
‫حرص على آداب وواجبات الصحبة واألخّوة‪ ،‬مّم ا جعله ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬قدوًة ُيتأَّسى بها في كاّفة مناحي الحياة‪.‬‬
‫كما شملت سيرته جميع صفاته الُخ لقّية والَخلقّية‪ ،‬حيث ُيعَر ف من خاللها لون بشرته وشعره‪ ،‬وشكل أنفه وفمه وأسنانه‪،‬‬
‫وهيئة جلسته ومشيته‪ ،‬وكيفية كالمه‪ ،‬وضحكه‪ ،‬وأكله‪ ،‬وشربه‪ ،‬وغير ذلك الكثير‪ ،‬وال بّد من اإلشارة إلى سهولة وُيسر‬
‫الّتعرف على سيرته ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ ،-‬وذلك من خالل الرجوع إلى القرآن الكريم وكتب السّنة والسيرة الّنبوّية التي‬
‫ثبتت صّحة نسبتها لمؤّلفيها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫رتبه‪ :‬طاهرعبد محمود‬
‫المحاضرة األولى في الماذة السيرة النبوية‬

‫مصادر السيرة النبوية‬


‫تكّفل هللا ‪-‬تعالى‪ -‬بحفظ دينه إلى قيام الساعة لقوله ‪-‬تعالى‪ِ( :-‬إّنا َنحُن َنَّز لَنا الِّذ كَر َو ِإّنا َلُه َلحاِفظوَن )‪ ،‬وال شّك بأّن الذكر‬
‫الُم راد في اآلية السابقة هو القرآن الكريم والسّنة الّنبوّية‪ ،‬وِلتمام الحفظ شاء هللا ‪-‬تعالى‪ -‬أن ُتحَفظ سيرة رسول هللا ‪-‬صّلى‬
‫هللا عليه وسّلم‪ -‬في العديد من المصادر الموثوقة‪ ،‬ومنها ما يأتي‪:‬‬
‫القرآن الكريم‪ :‬حيث ورد فيه العديد من المواقف والمشاهد التي مّر بها رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ ،-‬ومن ذلك ذكر‬
‫حالة الخوف التي مّر بها بعد نزول الوحي عليه بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬يا َأُّيَها اْلُم َّز ِّم ُل* ُقِم الَّلْيَل ِإاَّل َقِلياًل * ِّنْص َفُه َأِو انُقْص ِم ْنُه‬
‫َقِلياًل * َأْو ِزْد َع َلْيِه َو َر ِّتِل اْلُقْر آَن َتْر ِتياًل * ِإَّنا َس ُنْلِقي َع َلْيَك َقْو اًل َثِقياًل )‪ ،‬وذكر زواجه من أم المؤمنين زينب بنت جحش ‪-‬‬
‫رضي هللا عنها‪ -‬بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و ِإْذ َتُقوُل ِلَّلِذ ي َأْنَع َم الَّلـُه َع َلْيِه َو َأْنَعْم َت َع َلْيِه َأْمِس ْك َع َلْيَك َز ْو َج َك َو اَّتِق الَّلـَه َو ُتْخ ِفي ِفي‬
‫َنْفِس َك َم ا الَّلـُه ُم ْبِد يِه َو َتْخ َش ى الَّناَس َو الَّلـُه َأَح ُّق َأن َتْخ َش اُه َفَلَّم ا َقَض ى َزْيٌد ِّم ْنَها َو َطًرا َز َّو ْج َناَك َها ِلَك ْي اَل َيُك وَن َع َلى اْلُم ْؤ ِمِنيَن‬
‫َح َر ٌج ِفي َأْز َو اِج َأْد ِع َياِئِهْم ِإَذ ا َقَض ْو ا ِم ْنُهَّن َو َطًرا َو َك اَن َأْم ُر الَّلـِه َم ْفُع واًل )‪ ،‬وذكر ما تعّرض له رسول هللا من سؤال اليهود‬
‫عن الروح بقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َيسَألوَنَك َع ِن الّروِح ُقِل الّروُح ِم ن َأمِر َر ّبي)‪ ،‬وغيرها الكثير من األمثلة‪.‬‬
‫السّنة الّنبوّية‪ :‬فقد ُأشير ُم سَبقًا إلى أّن معظم سيرة رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬جاء ذكرها في السّنة الّنبوّية؛ سواء‬
‫بما رواه رسول هللا عن نفسه‪ ،‬أو بما رواه عنه أصحابه ‪-‬رضي هللا عنهم‪.-‬‬
‫كتب السيرة الّنبوّية‪ :‬حيث ُأشير ُم سَبقًا إلى اهتمام الصحابة ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬في رواية وقائع السيرة الّنبوّية إلى من‬
‫بعدهم‪ ،‬وقد بدأ التدوين الفعلي لها في عهد معاوية بن أبي سفيان ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬واستمّر لعصر التابعين‪ ،‬حيث اختّص‬
‫بعضهم بتدوين أدّق تفاصيل السيرة في صحائفهم؛ كأبان بن عثمان بن عفان‪ ،‬وعروة بن الزبير بن العوام‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬ثم‬
‫تّم إفراد السيرة الّنبوّية في التصنيف‪ ،‬وكان محمد بن إسحاق بن يسار من أوائل المصّنفين فيها وأشهرهم‪.‬‬
‫الشعر العربي في عهد الرسالة‪ :‬فقد حوت كتب السيرة الّنبوّية على عدٍد كبيٍر من األشعار التي قيَلت دفاعًا عن رسول هللا‬
‫‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ِ -‬لما تعّرض له من اإلساءة ومهاجمة دعوته بألسنة شعراء المشركين‪ ،‬مّم ا دفع شعراء المسلمين‬
‫كحسان بن ثابت وعبد هللا بن رواحه ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬للرّد عليهم‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أّن هذه األشعار حملت في‬
‫طّياتها بيان حال البيئة التي كان يعيش فيها رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬وقام اإلسالم عليها‪.‬‬
‫كتب المغازي‪ :‬وهي التي تحوي الغزوات الّنبوّية؛ ومن هذه الكتب مغازي عروة بن الزبير‪ ،‬والزهري‪ ،‬وابن اسحاق‪،‬‬
‫والواقدي‪ ،‬وزياد البكائي‪.‬‬
‫كتب التاريخ اإلسالمي‪ :‬التي تبتدئ بالسيرة الّنبوّية‪ ،‬ومن أوثق هذه الكتب وأضخمها طبقات ابن سعد‪ ،‬وتاريخ الرسل‬
‫والملوك للطبري‪ ،‬والتاريخ الصغير والتاريخ الكبير للبخاري‪ ،‬وتاريخ ابن حبان‪.‬‬
‫كتب الشمائل‪ :‬وقد اقتصرت هذه الكتب على بيان أخالق رسول هللا ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬وفضائله وعاداته في اليوم‬
‫والليلة‪ ،‬وأّول هذه الكتب وأشهرها كتاب الشمائل للمنذري‪ ،‬ومن بعده كتاب الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض‪،‬‬
‫وشمائل النبي للمستغفري‪ ،‬وسفر السعادة للفيروزآبادي‪ .‬كتب الدالئل‪ :‬وهي الكتب الُم َؤ َّلَفة في المعجزات‪ ،‬ومنها‬
‫الخصائص الكبرى للسيوطي‪ ،‬ودالئل الّنبّو ة ألبي اسحاق الحربي‪ ،‬ودالئل الّنبّوة للمستغفري‪ ،‬ودالئل الّنبّوة لألصفهاني‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫رتبه‪ :‬طاهرعبد محمود‬

You might also like