You are on page 1of 11

‫الُقْدس‬

‫تتألق مدينة القدس بسحرها التاريخي والروحي‪ ،‬مشكلًة نقطة عظيمة على خريطة العالم‪ ،‬حيث تتقاطع‬
‫فيها األديان والثقافات والتاريخ بطريقة فريدة‪ .‬إن فهم أهمية القدس يفتح أبواب االستكشاف العميق‬
‫لمفاهيم التدين والتاريخ والتنوع الثقافي‪ .‬يأخذنا هذا البحث في رحلة استكشاف لتسليط الضوء على تأريخ‬
‫‪.‬القدس وأبعادها الدينية والثقافية‬
‫يعود تاريخ مدينة القدس ألكثر من خمسة آالف سنة‪ ،‬مما يجعلها واحدة من أقدم المدن في العالم‪ .‬ارتبطت بأسماء متعددة تكشف‬
‫عن عمق تاريخها‪ ،‬حيث ُسميت بـ "أورساليم" من قبل الكنعانيين في األلف الثالثة قبل الميالد‪ ،‬معناها "مدينة السالم" أو "مدينة‬
‫اإلله ساليم"‪ .‬ومن هذه التسمية اشتقت كلمة "أورشليم" بالعبرية‪ ،‬والتي ُتنطق "يروشاليم"‪ ،‬وتعني "البيت المقدس"‪ ،‬وعرفت‬
‫باسم إيلياء‪ ،‬وكانت تعني "بيت هللا"‪ .‬وقام الكنعانيون بأعمال هامة في القدس‪ ،‬بما في ذلك حفر نفق لضمان وصول المياه من‬
‫‪.‬نبع جيحون في وادي قدرون‪ ،‬المعروف اليوم بعين سلوان‬
‫تاريخ مدينة القدس ُيقّد ر بحوالي ‪ 38,000‬سنة أو حوالي ‪ 6,000‬سنة وترجع أصولها إلى عهد النبي إبراهيم عليه السالم في‬
‫فترة تزامنت مع حوالي سنة ‪ 1850‬ق‪.‬م‪ .‬مدينة القدس تبرز بموقع جغرافي مركزي يجمع طرق التجارة‪ ،‬وتقع وسط األراضي‬
‫الفلسطينية على تالل صخرية‪ُ ،‬محاطة بأربع مرتفعات تشمل جبل موريا وجبل صهيون وجبل أكرا وجبل بزيتا‪ .‬تقسم القدس‬
‫‪.‬إلى قسمين رئيسيين‪ :‬القدس الشرقية‪ ،‬المدينة القديمة‪ ،‬والقدس الغربية‪ ،‬المدينة الجديدة التي تضم العديد من المعالم الحديثة‬
‫تأثير الحضارات المختلفة على القدس لم يقتصر على البنى المادية فقط‪ ،‬بل امتد إلى الجوانب الثقافية والدينية‪ .‬ازدهرت‬
‫المدينة كمركز ديني وثقافي‪ .‬شهدت القدس تعاقًبا للحضارات الفلسطينية‪ ،‬البابلية‪ ،‬الفارسية‪ ،‬الهيلينية‪ ،‬والرومانية‪ ،‬مما أضفى‬
‫‪.‬عليها تنوًع ا فريًد ا‬
‫تألقت القدس بشكل خاص خالل العصور الوسطى‪ ،‬حيث تأثرت بالحضارة اإلسالمية خالل الفتوحات اإلسالمية‪ .‬وفي القرون‬
‫‪.‬الالحقة‪ ،‬تناوبت بين السيطرة اإلسالمية والصليبية‪ ،‬ما أضفى عليها طابًع ا مميًز ا‬
‫مع تحوالت العصور الحديثة‪ ،‬شهدت القدس تأثيرات التوسع العثماني واالستعمار األوروبي‪ ،‬مما أضفى عليها تحوالت‬
‫اجتماعية واقتصادية‪ .‬ولكن‪ ،‬رغم التحوالت الكثيرة‪ ،‬استمرت مدينة القدس في االحتفاظ بروحها الدينية والثقافية المميزة‪،‬‬
‫‪.‬وتظل شاهدة على تنوع تاريخها الغني وتأثيرات الحضارات المختلفة التي عاشتها‬
‫يقع مبنى المسجد األقصى المبارك أو ما يعرف بالمسجد القبلي في الجهة الجنوبية من المسجد األقصى‪ ،‬الذي تبلغ مساحته‬
‫‪ 142‬دونما‪ ،‬أما مساحة مبنى المسجد القبلي فتبلغ ‪ 4500‬متر مربع‪ ،‬شرع في بنائه الخليفة عبد الملك بن مروان األموي‪،‬‬
‫وأتمه الوليد بن عبد الملك سنة ‪705‬م‪ ،‬ويبلغ طوله ‪ 80‬مترًا‪ ،‬وعرضه ‪ 55‬مترًا‪ ،‬ويقوم اآلن على ‪ 53‬عمودًا من الرخام و‬
‫‪ 49‬سارية مربعة الشكل‪ .‬وكانت أبوابه زمن األمويين مصفحة بالذهب والفضة‪ ،‬ولكن أبا جعفر المنصور أمر بخلعها‬
‫‪.‬وصرفها دنانير تنفق على المسجد‪ ،‬وفي أوائل القرن الحادي عشر‪ ،‬أصلحت بعض أجزائه وصنعت قبته وأبوابه الشمالية‬
‫وعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة ‪1599‬م‪ ،‬جعلوا قسما منه كنيسة‪ ،‬واتخذوا القسم اآلخر مسكنا لفرسان الهيكل‪،‬‬
‫ومستودعا لذخائرهم‪ ،‬ولكن صالح الدين األيوبي عندما استرد القدس الشريف منهم‪ ،‬أمر بإصالح المسجد وجدد محرابه‪ ،‬وكسا‬
‫قبته بالفسيفساء‪ ،‬ووضع منبرًا مرصعًا بالعاج مصنوع من خشب األرز واألبنوس على يمين المحراب‪ ،‬وبقى حتى تاريخ‬
‫‪ 21/8/1969‬م‪ ،‬وهو التاريخ الذي تم فيه إحراق المسجد األقصى من قبل يهودي يدعى "روهان"‪ ،‬وبلغ الجزء المحترق من‬
‫‪.‬المسجد ‪1500‬م‪،‬أي ثلث مساحة المسجد اإلجمالية‬

‫مكانة القدس عند المسلمين‬


‫المسجد األقصى‪ .‬وهو أحد أفضل ثالثة مساجد في العالم‪ .‬وأول هذه المساجد الثالثة هو المسجد الحرام‪ ،‬والثاني هو المسجد‬
‫النبوي‪ ،‬والثالث هو المسجد األقصى‪ .‬هناك العديد من المصادر التي تشير إلى أهمية المسجد األقصى المبارك‪ .‬طبعا اهمها‬
‫‪.‬آيات القران الكريم وأحاديث النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫القدس مدينة مباركة نص اإلسالم على تبريكها‪ ،‬فقد جاءت الكثير من النصوص القرآنية تذكر هذا التبريك الذي كان قبل ظهور‬
‫اإلسالم‪ ،‬وقبل إسراء النبي صلى هللا عليه وسلم إليها‪ ،‬وكان هذا قبل ارتباطها بالعقيدة اإلسالمية‪ ،‬وإن كنا نعتبر ذكر القرآن لها‬
‫بالتبريك تقريرا لمباركتها ومكانتها في العقيدة اإلسالمية‪ ،‬فحين يصف هللا سبحانه وتعالى القدس وما حولها باألرض المباركة‪،‬‬
‫فإن في ذلك إشارة جلية لمكانتها‪ ،‬ويعتبر تعريف للمسلمين بأهميتها‪ ،‬أمرا يعزز ما وجه المسلمين إليه بعد اإلسالم من تقديرها‬
‫‪ .‬وقدسيتها‬
‫ثم جاءت الحادثة العظمى التي غيرت تاريخ القدس‪ ،‬وهي اإلسراء إلى بيت المقدس‪ ،‬والمعراج منها إلى السماوات العال‪ ،‬والتي‬
‫سجل هللا تبارك فيها ارتباط العقيدة اإلسالمية بالقدس‪ ،‬وخصها باإلسراء إليها والمعراج منها‪ ،‬وتوكيدا لقدسيتها وبيانا مكررا‬
‫لبركتها‪ ،‬وسجل هللا ذلك في سورتين كريمتين سورة اإلسراء‪ ،‬وسورة النجم‪ :‬قال سبحانه في سورة اإلسراء (سبحان الذي‬
‫أسرى بعبده ليال من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه السميع البصير) وذلك توكيد على‬
‫مكانة القدس في اإلسالم وتقرير إلى أنها أصبحت جزءا من عقيدة المسلمين ‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن الصعود إلى السماوات‬
‫العال من صخرة بيت المقدس فيه تعزيزا لها في التوكيد والتقرير على مكانتها لألسباب التالية‬
‫أوال ‪ :‬سجل هللا في القرآن الكريم اإلسراء والمعراج‪ ،‬والمؤمن ال يصح إيمانه إال أن يؤمن بالقرآن وما فيه ألنه الكتاب المنزل‬
‫على محمد عليه الصالة والسالم من عند هللا عز وجل ويشير ابن عساكر في فضل ومكانة المسجد األقصى انه لو لم يكن لبيت‬
‫المقدس من الفضيلة غير هذه اآلية – ويقصد ما جاء في سورة اإلسراء لكانت كافية وبجميع البركات وافية ألنه إذا بورك حوله‬
‫فالبركات فيه مضاعفة‪ ،‬وألن هللا تعالى أراد أن يعرج بنبيه صلى هللا عليه وسلم إلى سماله‪ ،‬جعل طريقه عليه من بيت المقدس‬
‫تبيانًا لفضل هذا المكان‪ ،‬وليجمع له فضل البيتين وشرفهما‪ ،‬وإال فالطريق من البيت الحرام إلى السماء كالطريق من بيت‬
‫المقدس‬
‫ثانيا ‪ :‬اإلسراء والمعراج جانب من جوانب سيرة المصطفى عليه الصالة والسالم‪ ،‬ويجب اإليمان بسيرته وكذلك وجوب العمل‬
‫بها قال تعالى " لقد كان لكم في رسول هللا أسوة حسنة "‪ ،‬وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"‪ ،‬إن هو إال وحي‬
‫‪".‬يوحى‬
‫ثالثًا‪ :‬في ليلة اإلسراء والمعراج فرضت الصالة‪ ،‬وجاء تكرير فرضها في آيات القرآن الكريم‪ ،‬وهي ركن من أركان اإلسالم ال‬
‫‪.‬يصح إيمان المسلم إال باالعتقاد بفرضيتها‬
‫وفي حادثة اإلسراء أسري بالنبي صلى هللا عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى ثم عرج به إلى السماء وكان ذلك‬
‫على دابة تدعى البراق برفقة سيدنا جبريل عليه السالم حتى وصل إلى سدرة المنتهى‬
‫‪:‬ذكر في اآلية‬

‫ُسْبَح اَن اَّلِذ ي َأْسَر ٰى ِبَعْبِدِه َلْياًل ِم َن اْلَم ْس ِج ِد اْلَح َر اِم ِإَلى اْلَم ْس ِج ِد اَأْلْقَص ى اَّلِذ ي َباَر ْكَنا َح ْو َلُه ِلُنِر َيُه ِم ْن آَياِتَناۚ ِإَّنُه ُهَو الَّسِم يُع‬
‫‪.‬اْلَبِص يُر ﴿‪ ﴾١‬اإلسراء‬
‫بدأت اآلية الكريمة بإفادة مهمة ومعجزة تلفت االنتباه نحو قدرة هللا عز وجل‪ .‬وبحسب رأي المفسرين‪ ،‬كلمة(ُسْبَح اَن ) تعبر عن‬
‫‪.‬أن هللا تعالى خاٍل تماًم ا من الصفات المعيبة‪ .‬كما أنها تستخدم لإلبداء عن اإلعجاب بصفاته تعالى‬
‫وكما هو موضح أن المسجد األقصى وما حوله مبارك ينعم باألنهار والخضرة من حوله فهو مبارك دينًا ودنيويا عاش على‬
‫‪.‬أرضه الكثير من األنبياء ولذلك أصبح مكان نزول الوحي‬
‫وبورك أيضا بسبب حادثة اإلسراء وفي هذه الرحلة أظهر هللا تعالى لنبيه وعبده محمد صلى هللا عليه وسلم حوادث عجيبة‬
‫‪.‬ورائعة‬
‫‪.‬وبعث هللا تعالى األنبياء إلى المسجد األقصى ليصلي فيهم رسولنا محمد صلى هللا عليه وسلم أمامًا‬

‫إن الصالة في المسجد الحرام تعادل مئة ألف صالة في غيره وإن الصالة في المسجد النبوي الشريف تعادل ألف صالة في‬
‫‪.‬غيره وإن الصالة في المسجد األقصى تعادل خمسمائة صالة في غيره‬
‫عن ابي الدرداء عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإمائهم إلى منتهى الجزيرة مرابطين‬
‫‪.‬في سبيل هللا‪ ،‬فمن احتل منها مدينة فهو في رباط‪ ،‬ومن احتل منها ثغرًا من الثغور فهو في جهاد‬
‫رواه الطبراني وإسناده ضعيف ألن الراوي عن أبي الدرداء مجهول‬
‫رابعا ‪ :‬رافق النبي صلى هللا عليه وسلم ليلة اإلسراء جبريل‪ ،‬وهو من مالئكة هللا عز وجل‪ ،‬وقد ثبت ذلك في األحاديث‪ ،‬ففي‬
‫الكتب الصحاح جاء انه صحب النبي صلى هللا عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس‪ ،‬ودخلها من بابها اليماني‪ ،‬وورد انه ربط‬
‫في سور المسجد دابته ( البراق)‪ ،‬كما روي عن شداد بن أوس‪ ،‬وقد عرف الباب اليماني فيما بعد بباب المغاربة) ‪ :‬حين بني‬
‫الملك األفضل بن صالح الدين جامعا للمغاربة بجوار مريط البراق‪ ،‬وقرب الباب الذي دخله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫‪.‬وسمي حائط السور بحائط البراق‬
‫‪.‬خامسًا‪ :‬اعتبرت القدس المدينة الثالثة في اإلسالم‪ ،‬واعتبر المسجد األقصى ثالث الحرمين الشريفين‬
‫‪:‬حدث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‬
‫متفق عليه‪((.‬ال تشد الرحال إال إلى ثالثة مساجد‪ ،‬المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد األقصى))‬
‫‪:‬هللا تعالى يقول‬
‫‪ِ.‬إَّن َأَّوَل َبْيٍت ُوِضَع ِللَّناِس َلَّلِذ ي ِبَبَّك َة ُمَباَر ًك ا َو ُهًدى ِلْلَع اَلِم يَن ﴿‪ ﴾٩٦‬آل عمران‬
‫عن أبي ذر رضي هللا عنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أي مسجد وضع أول؟ قال‪( :‬المسجد الحرام)‪ .‬قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪( :‬ثم المسجد‬
‫األقصى)‪ .‬قلت‪ :‬كم كان بينهما؟ قال‪( :‬أربعون‪ ،‬ثم قال‪ :‬حيثما أدركتك الصالة فصل‪ ،‬واألرض لك مسجد) رواه الشيخان واللفظ‬
‫‪.‬للبخاري‬
‫ومما ال شك فيه أن مكانة القدس كقبلة المسلمين األولى أعطاها مكانة روحية عظيمة في نفوس المسلمين‪ ،‬والتي ظلت على مدى‬
‫ستة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرا ‪ -‬على اختالف الروايات بعد هجرة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم إلى المدينة‬
‫القبلة التي توجه إليها الرسول صلى هللا عليه وسلم قبل التحول إلى مكة‪ ،‬وكان ذلك بأمر من هللا في السنة الثانية من الهجرة‬
‫بدليل قوله تعالى ‪( :‬قد نرى تقلب وجهك في السماء فلتولينك قبلة ترضاها قول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنُتم قولوا‬
‫‪ .‬وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب لَيْع َلُم وَن َأَّنُه الَح ُّق ِم ن َر ِّبِهْم َو َم ا هللا يغافل عما يْع َم ُلوَن ) (البقرة ‪)١٤٤ :‬‬
‫واستنادا إلى هذه األصول العقائدية‪ ،‬والمرتكزات الروحية لمكانة القدس في العقيدة اإلسالمية‪ ،‬ترتبت فضائل كثيرة لبيت‬
‫المقدس جعلت منه محط أنظار العالم أجمع‪ ،‬والعالم اإلسالمي والعربي بشكل خاص‪ ،‬ألنه يشكل جزءا كبيرا من الهوية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فبيت المقدس جوهر ال يمكن فصله عن قضية فلسطين‪ ،‬وعليه ليست قضية فلسطين خاصة بمن ولد على أرض‬
‫فلسطين دون النظر إلى دينه وعقيدته‪ ،‬بل هي قضية إسالمية تخص المسلمين أينما ولدوا‪ ،‬وحيثما وجدوا‬
‫القدس ومكانتها التاريخية‬
‫عند الحديث عن القضية الفلسطينية فإن قدس األقداس لها النصيب األكبر في هذه القضية‪ ،‬وهي المحور األساس لها‪ ،‬فالقدس‬
‫مدينة قديمة قدم التاريخ‪ ،‬ويؤكد مؤرخون أن تحديد زمن بناء القدس غير معروف ويرتبط بداية وجودها بالمسجد األقصى الذي‬
‫بني بعد المسجد الحرام بـ (‪ ) ٤٠‬عاما‪ ،‬وتذكر المصادر التاريخية أن القدس كانت صحراء خالية منذ نشأتها‪ ،‬وهي ارض عربية‬
‫بداية فقد كانت أولى الهجرات العربية الكنعانية إلى شمال شبه الجزيرة العربية قبل الميالد بنحو ثالثة آالف عام‪ ،‬واستقرت على‬
‫الضفة الغربية لنهر األردن‪ ،‬ووصل امتدادها إلى البحر المتوسط‪ ،‬وسميت األرض من النهر إلى البحر‪ ،‬باألرض كنعان‪ ،‬وأنشأ‬
‫‪.‬هؤالء الكنعانيون مدينة (أورسالم)‬
‫وقد اتخذت القبائل العربية األولى من المدينة مركزا لهم‪ ،‬واستوطنوا فيها وارتبطوا بترابها‪ ،‬وهذا ما جعل اسم المدينة يبوس"‬
‫‪(.‬المحاسنة ‪)٢٠٠٣‬‬
‫ثم جاء اإلسكندر األكبر واستولى على فلسطين بما فيها القدس‪ ،‬وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة‪،‬‬
‫واستولى عليها في العام نفسه بطليموس وضمها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام (‪ )۳۲۳‬قم (غاودي (‪)۱۹۹۱‬‬
‫وفي عام (‪ ) ٦٣‬قيم خضعت القدس إلى اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬وقد كانت فلسطين من القسم الشرقي البيزنطي‪ ،‬ومن ثم جاء‬
‫ملك الفرس كسرى الثاني (برويز) وامتد زحفه حتى تم‬
‫واقع القضية الفلسطينية في مبحثي الثقافة اإلسالمية والثقافة العامة في المرحلة الثانوية واتجاهات الطلبة نحو القدس‬
‫احتالل القدس ودمر الكنائس واألماكن المقدسة فيها‪ .‬وهكذا فقد البيزنطيون سيطرتهم على البالد‪ ،‬ولم يدم ذلك طويال‪ ،‬إذ أعاد‬
‫‪.‬اإلمبراطور هرقل احتالل فلسطين سنة (‪ )٦٢٨‬م‬
‫أما مرحلة الفتح اإلسالمي للمدينة المقدسة‪ :‬فقد بدأت عندما أسري بالنبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فكانت معجزة اإلسراء‬
‫والمعراج حيث تجلى االرتباط العقائدي بين المسجد األقصى والمسجد الحرام‪ ،‬ثم جاء عصر الخليفة الراشدي الثاني عمر بن‬
‫الخطاب رضي هللا عنه حين دخل مدينة القدس سنة (‪١٥/٦٣٦‬هـ) أو (‪ )٦٣٨‬م على اختالف في المصادر‪ ،‬فكتب معهم العهدة‬
‫العمرية المشهورة‪ ،‬وبقي اسم المدينة في ذلك الوقت (إيلياء)‪ ،‬ومن ثم تغير إلى (القدس) في زمن العباسيين‪ ،‬وقد ظهرت أول‬
‫عملة عباسية في عهد المأمون تحمل اسم (القدس) ززز(شراب (‪)۱۹۸۷‬ومنذ ذلك الحين اتخذت مدينة القدس طابعها اإلسالمي‪،‬‬
‫واهتم بها األمويون (‪٦٦١٧٥٠‬م) والعباسيون ( ‪ .)۸۷۸ – ۷٥٠‬كما خضعت القدس لحكم السالجقة عام (‪ )۱۰۷۱‬م‪ ،‬وفي‬
‫‪.‬العهود الطولوني‪ ،‬واإلخشيدي‪ ،‬والفاطمي‪ :‬فقد أصبحت القدس‪ ،‬وفلسطين تابعة المصر‬
‫ويحسب المصادر التاريخية يذكر ان مدينة القدس‪ ،‬قد سقطت في أيدي الفرنجة ما يقارب خمسة قرون من الحكم اإلسالمي‪،‬‬
‫نتيجة صراعات على السلطة بين السالجقة والفاطميين‪ ،‬وبين السالجقة أنفسهم ثم جاء صالح الدين األيوبي في معركة حطين‪،‬‬
‫فقام بتحرير القدس من الفرنجة عام( ‪ )۱۱۸۷‬م‪ .‬ولكن الفرنجة نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صالح الدين في عهد‬
‫الملك فريدريك ملك صقلية‪ ،‬وظلت بأيدي الفرنجة (‪ )۱۱‬عاما‪ ،‬إلى أن استردها نهائيا الملك الصالح نجم الدين أيوب عام (‬
‫‪)١٢٤٤.‬م‬
‫وتوالت األحداث حول مدينة القدس فتعرضت للغزو المغولي عام (‪ )١٢٤٤/١٢٤٣‬م لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين‬
‫قطر‪ ،‬والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام (‪)١٢٥٩‬م وضمت فلسطين بما فيها القدس إلى المماليك (المحاسنة ‪.)٢٠٠٣‬‬
‫أما أيام الحكم العثماني فقد فتحت المدينة بتاريخ (‪ )۲۸‬ديسمبر (‪ )١٥١٦‬م ( الرابع من ذي الحجة ‪٩٢٢‬هـ)‪ .‬وأصبحت القدس‬
‫‪.‬مدينة تابعة لإلمبراطورية العثمانية‪ ،‬وظلت في أيديهم أربعة قرون تقريبا (المدني‪)٢٠٠٤ ،‬‬
‫وفي التاريخ الحديث سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في ( ‪ )۱۹۱۷/۱۲/۹‬م ‪ ،‬وبهذا أصبحت بريطانيا هي المنتدبة على‬
‫فلسطين بحسب الحق الذي منحته لها عصبة األمم‪ ،‬وذلك من خالل البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي‪ ،‬وبهذا أصبحت‬
‫القدس عاصمة فلسطين تحت االنتداب البريطاني (‪)١٩٤٨ ١٩٢٠‬‬
‫ولقد تزامن إعالن بريطانيا نيتها االنسحاب من فلسطين يوم (‪ )11‬أيار ‪ /‬مايو ‪ ،)١٩٤٨‬مع إعالن ما يسمى (مخلص الدولة‬
‫المؤقت اإلسرائيلي عن قيام دولة إسرائيل‪ ،‬األمر الذي أعقبه بعد ذلك دخول وحدات من الجيوش العربية للقتال إلى جانب سكان‬
‫فلسطين‪ ،‬وكان من نتيجة الحرب ان وقعت مدينة القدس فضال عن مناطق أخرى تقارب أربعة أخماس فلسطين تحت سيطرة‬
‫االحتالل الصهيوني‪ .‬وفي عام ‪ ) ١٩٦٧‬اندلعت حرب حزيران‪ ،‬وكانت النتيجة فيها أن أتيحت الفرصة الحتل البقية المدينة‪ ،‬ثم‬
‫تال بعد ذلك أن بادر مناحيم بيغين القتحام المدينة القديمة في صبيحة السابع من حزيران ‪ /‬يونيو (‪ ،)١٩٦٧‬وأقيمت إدارة‬
‫عسكرية للضفة الغربية بعد ظهر اليوم نفسه‪ ،‬وعلى الفور قام جيش االحتالل بتنظيم وحدات الحكم العسكري اإلدارة المناطق‬
‫‪.‬التي تحتلها دولة االحتالل في حالة نشوب حرب (عناب (‪)۲۰۰۱‬‬
‫إن الباحث في تاريخ هذه المدينة العريقة والقديمة يسجل تعاقب األمم والحاضرات عليها كما أن الصراع الكبير الذي رسم‬
‫تاريخها يبين المكانة العظيمة التي من اجلها سارت إمبراطوريات عظيمة لكي تبسط نفوذها عليها‪ ،‬وتجعل منها درة تزين بها‬
‫‪.‬أعظم انجازاتها‪ ،‬وما كان ذلك إال لما تمثله القدس من قداسة ضمت أعظم ديانات األرض‬
‫إَّن قضية فلسطين قضية إسالمية قبل أن تكون قضية عربية‪ ،‬أو فلسطينية وطنية محلية‪ .‬واليوم يكشف قادة العدو اليهودي‬
‫عن مخططاتهم الدينية النهائية لدولتهم‪ ،‬في تهويد القدس والمسجد األقصى ضمن مشروع يهودية الدولة‪ .‬والمسجد األقصى‬
‫المبارك يمُّر في أخطر اللحظات خالل هذه األيام من تاريخه‪ ,‬فاالستكبار الصهيوني قد بلغ أوجه‪ ،‬فالقتل‪ ،‬والتشريد‪ ,‬وهدم‬
‫المنازل‪ ,‬والحصار االقتصادي الرهيب‪ ،‬واالقتحامات المتكررة للمسجد األقصى وبأعداد تتزايد يوًم ا بعد يوم عبر التقسيم‬
‫الزماني المفروض عليه من الصهاينة‪ ،‬وقد بَّيت الخطر الصهيونٌّي أمَر ه‪ ,‬وحَّدَد هدفه‪ ,‬وأحكم خطته لهدم األقصى المبارك‪,‬‬
‫‪.‬وبناء الهيكل على أنقاضه‪ ,‬ولم يجد من أمة اإلسالم على امتدادها واتساعها من يصده ويرده‬
‫معنويًا‪ ،‬وكذلك تعريف الناس بدور هذه الحركات المجاهدة في حماية المسلمين ومقدساتهم في األرض المباركة وأنهم مرابطون‬
‫‪ .‬على الثغور‬
‫ـ‪ -‬يجب على كل مسلم أن يكون لديه يقين كبير بأَّن وعد هللا تعالى قادم وقريب جًدا‪ ،‬وأن يبَّث روَح األمِل والتفاؤِل بهذا الوعد‪،‬‬
‫ألَّن األَّم ة اإلسالمية ال تزال تلفظهم وترفض التعاون معهم على المستوى الشعبي‪ .‬فليساهم كُّل مسلٍم في نشر هذه الروح وليعمل‬
‫‪.‬على استمرارها‬
‫يجب على كل مسلم لديه قدرة مالية أن يبذل المال للنفقة على حراسه المرابطين فيه الباذلين أنفسهم في سبيل هللا ألجله‪ ،‬واإلعالة‬
‫‪.‬ألسر هؤالء المرابطين‪ ،‬والدعاية واإلعالم التي تجمع الناس حوله‬
‫يجب على كل مسلم من أهلنا في القدس والضفة الغربية واألراضي المحتلة عام ‪48‬م الرباط إذا كان بمكنه أْن يرابط فيه‪– ،‬‬
‫‪.‬وقد صّح عن النبي صلى هللا عليه وسلم” أّن كّل مّيٍت يختم على عمله إال المرابط في سبيل هللا‬
‫كما يجُب على كل فرد مسلم على األقل من كان عاجًز ا عن فعل أو دور مَّم ا ذكرت آنًفا أن يقوم ببذل الدعاء هلل تعالى أن –‬
‫يهيئ لفلسطين من يحِّر رها‪ ،‬وأن يبطل هللا كيد يهود ويطهَر فلسطين منهم‪ ،‬والدعاء سالح المؤمن‪ ،‬وليكثر من هذا الدعوات بعد‬
‫‪.‬الصلوات الخمسة وصالة القيام بالليل والناس نيام‬
‫وبعد‪ ،‬بهذا الذي ذكرته ال يجوز لمسلم أن يتلكأ في نصرة قضية فلسطين والقدس والمسجد األقصى‪ ،‬وإذا قام كُّل بدوره فقد‬
‫‪.‬أعذر إلى ربه تعالى بعض العذر في واجبه نحو األقصى‪ ،‬وبغير ذلك ال تتبرأ له ذَّم ة‪ ،‬وال يقبل له عذر‪ ،‬وال تقال له عثرة‬
‫ويجب شرًعا على حكام وزعماء األمة أن يكون لديهم حرٌص شديُد في القيام بدورهم تجاه القدس والمسجد األقصى‪ ،‬وهذا –‬
‫الدور والواجب المقدس قائم على حمل أمانة الدفاع عنها‪ ،‬والسماح للشعوب المسلمة وعلمائها وكتابها وأفرادها أن يقوم كل‬
‫بدوره في نصرة قضية فلسطين والقدس والمسجد األقصى‪ ،‬واعلموا أيها الحكام أن القدس ومقاومة العدو الصهيوني ومشاريعه‬
‫التهويدية للقدس واألقصى هي أمانة في رقابكم‪ ،‬ومنها تكتسبون المرجعية الشرعية ألي منكم‪ .‬فال تكونوا عقبة أمام شعوبكم في‬
‫القيام عن دورهم تجاه فلسطين‪ ،‬سواء ماليا أو إعالميا‪ ،‬أو بالمسيرات الجماهيرية التي تعبر عن شعورهم اإلسالمي تجاه‬
‫قضيتهم المسلمة‪ ،‬ومن منعهم أو حال بينهم وبين القيام بواجبهم فهو آثم شرًعا ويعُّد خائًنا لشعبه قبل أن يكون خائنًا لفلسطين‪ ،‬وال‬
‫تعريف له سوى الشريك في المخطط الصهيوني االجرامي تجاه القدس واألقصى‪ ،‬وسيلعنه التاريخ وستلعنه األجيال المسلمة‪.‬‬
‫واحتجاج بعض الحكام العرب باالتفاقيات الموقعة مع يهود؛ أمر غير صحيح‪ ،‬وليس مقبوًال شرًعا‪ ،‬بل هو خنوع وخضوع غير‬
‫مبرر‪ ،‬فالوقائع التاريخية المعاصرة والقريبة جدًا‪ ،‬قد أثبتت أن خيار المقاومة الحقيقية والفعالة والصادقة هو من يستطيع‬
‫المحافظة على حقوق الفلسطينيين واستعادة أرضهم وحريتهم وأمنهم‪ ،‬وهو من يحفظ كرامة األمة العربية واإلسالمية‪ .‬وال عذر‬
‫‪.‬لكم عند هللا إن خلص اليهود أعداء هللا إلى المسجد األقصى وفرضوا عليه سيطرته‪ ،‬وهَّودوه كما يخططون‬
‫أن السكوت على جرائم العدو ضد القدس والمسجد األقصى المبارك ُيعُّد وصمَة عاٍر على جبين زعماء العرب الذين تخلوا –‬
‫‪.‬عن مقاومتهم ومقدساتهم وكرامتهم وتوجهوا نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب قضية فلسطين‬
‫إجماًال‪ُ ،‬تظهر التحديات والتاريخ الطويل للصراع في مدينة القدس استراتيجيات إسرائيل لتهويدها‪ ،‬بدًء ا من الفترة االنتدابية‬
‫وصوًال إلى الحروب العربية اإلسرائيلية‪ .‬عمليات التهويد تشمل استيالء إسرائيل على القدس الشرقية في ‪ ،1967‬وتوسيع الحي‬
‫اليهودي وتهجير سكان أحياء فلسطينية‪ .‬الحفريات األثرية ُتظهر محاوالت إسرائيل إثبات صلتها بالمدينة‪ .‬تستمر التوترات‬
‫‪.‬والتحديات في هذا السياق‬
‫تاريخ سياسة تهويد مدينة القدس يتأرجح بين مخططات صهيونية منذ مؤتمر بال في عام ‪ 1897‬والتطورات التاريخية‪ ،‬بداية‬
‫من االنتداب البريطاني وارتفاع عدد اليهود في فلسطين حتى الفترة بعد حرب ‪ .1967‬إسرائيل اتخذت خطوات توحيدية‬
‫وتوسيعية في القدس مع صدور قوانين تعتبر المدينة جزًء ا من إسرائيل‪ .‬سياسة التهويد مستمرة‪ ،‬تجسدت في بناء المستوطنات‬
‫‪.‬وجدار الفصل العنصري‪ .‬الدعم العربي لمقاومة هذه السياسات ال يزال يعاني من التحديات والتقييم‬
‫منطلقات المواقف األردنية تجاه مدينة القدس‬
‫إذا كانت عالقة االردن بفلسطين ممتدة عبر التاريخ‪ ،‬إال أن العالقة تعمقت بعد اتفاقية سايكس بيكو عام ‪ ،1916‬والتي قسمت‬
‫بالد الشام وجعلت فلسطين تحت االنتداب البريطاني‪ ،‬وترافق ذلك مع انشاء امارة شرق األردن التي وضعت ايضا تحت‬
‫‪ .‬االنتداب البريطاني‬
‫قبل ذلك تميزت المواقف الذي اتخذها الشريف حسين ضد السياسة البريطانية بعد إصدارها وعد بلفور عام ‪ 1917‬القاضي‬
‫بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين‪ ،‬واستمرت عالقة األردن بفلسطين‪ .‬وكان العنوان األبرز في هذه العالقة هو مدينة‬
‫‪ .‬القدس‪ ،‬لألهمية التي تمثلها كمدينة دينية وقومية لالردن بقيادته الهاشمية‬
‫وقد استمرت عالقة األردن بمدينة القدس منذ الملك عبد هللا األول‪ ،‬مرورا بالملك حسين وصوال الى الملك عبد هللا الثاني‪ ،‬ولم‬
‫‪ .‬تتخلى األردن عن مسؤوليتها اتجاهها رغم ما واجه هذه العالقة من معيقات وتحديات‬
‫موقف األردن تجاه مدينة القدس يظل رافًض ا لسياسة التهويد‪ ،‬مع مشاركة في المقاومة والتظاهر ضد سياسة بريطانيا المتحيزة‬
‫لليهود‪ .‬استمر الدعم للفلسطينيين‪ ،‬وعّبر أهالي األردن عن تأييدهم في حوادث هية البراق سنة ‪ .1929‬وموقف األردن من قرار‬
‫‪.‬التقسيم رقم ‪ 181‬لعام ‪ 1947‬أكد رفضه لتدويل مدينة القدس وإنشاء كيان خاص لها‪ ،‬مؤكًدا أنها تحت السيادة العربية‬
‫األردن يرتبط بالصراع العربي اإلسرائيلي كقضية وطنية وقومية ودينية واحدة‪ ،‬ويعتبر موقفه من مدينة القدس أساسًيا‪ ،‬حيث‬
‫يرفض أي حًال دائًم ا وعادًال للقضية دون انسحاب إسرائيل من جميع األراضي العربية المحتلة‪ ،‬بما في ذلك القدس الشرقية‪،‬‬
‫‪.‬وفًقا للقرارات الدولية وميثاق األمم المتحدة‬
‫األردن يرفض إجراءات إسرائيل اإلدارية والتشريعية والسياسية لضم القدس‪ ،‬ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير‬
‫مصيره‪ ،‬مع التزامه بوصاية هاشمية على المقدسات في القدس حتى تحقيق اتفاق نهائي يشمل إقامة دولة فلسطينية وتحقيق‬
‫‪.‬حقوق العرب والمسلمين في المقدسات‬
‫األردن يرى مدينة القدس بأهمية دينية كبيرة للمسلمين كونها المدينة المقدسة الثالثة‪ ،‬ويعبر عن ذلك من خالل تأكيده على دور‬
‫الهاشميين في حمايتها ورعايتها‪ .‬تاريخًيا‪ ،‬تأثر الملك حسين بموقفه تجاه فلسطين والقدس عند رفضه لمعاهدة الحجاز عام‬
‫‪ ،1924.‬وكان دافعه حماية حقوق العرب في فلسطين‬
‫من خالل مساهمات الملك حسين والملك عبد هللا في االعمار الهاشمية للمسجد األقصى وقبة الصخرة‪ ،‬يظهر التزام األردن‬
‫بمحافظة على هذه المقدسات‪ .‬كما أظهر الملك حسين اهتماًم ا مستمًر ا بمدينة القدس واستمر في زيارتها عدة مرات‪ ،‬مع تأكيد‬
‫‪.‬استمرار السيادة األردنية عليها‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬قام الملك حسين ببناء قوانين خاصة إلعمار المقدسات اإلسالمية في الحرم القدسي‪ ،‬مما يبرز اهتمامه بالحفاظ‬
‫‪.‬على الهوية اإلسالمية والعربية للقدس‬
‫في إطار الثورة العربية الكبرى‪ ،‬انطلقت الثورة بهدف تحرير المشرق العربي من الحكم العثماني وإقامة دولة عربية موحدة‪.‬‬
‫موقف الشريف حسين في بدايتها ركز على رفض استثناء فلسطين من العهود التي قطعتها له بريطانيا‪ ،‬وكان رفًضا قوًيا‬
‫‪.‬لسياسة االنقسام الصهيوني البريطاني‬
‫بعد سايكس بيكو ووعد بلفور‪ ،‬نجح الملك عبد هللا في استثناء شرق األردن من وعد بلفور‪ ،‬وأسس إمارة شرق األردن‪ .‬ورغم‬
‫‪.‬االنتداب البريطاني‪ ،‬كانت سياسة األردن ترفض منح فلسطين لليهود‪ ،‬مؤكدة أن فلسطين جزء ال يتجزأ من الوطن العربي‬
‫تأكيد موقف األردن تجاه فلسطين أظهر تضامنه مع القضية الفلسطينية‪ ،‬مع اندالع صدامات وتظاهرات تعّبر عن الرفض‬
‫لالستيطان الصهيوني والدعم إلخوانهم في فلسطين‪ ،‬وتحولت هذه المعارك إلى مظاهرات وإضرابات تعّبر عن التضامن مع‬
‫‪.‬الشعب الفلسطيني في مواجهة الصهاينة واالنقسام البريطاني‬

‫السياسة األردنية تجاه مدينة القدس‬


‫ينطلق الموقف األردني تجاه مدينة القدس من حقائق ثابتة ومبادئ رئيسية تقوم على اساس ان مدينة القدس هي مدينة عربية‬
‫اسالمية‪ ،‬وهي أرض مقدسة‪ ،‬وتمثل اساس وجوهر الصراع العربي االسرائيلي‪ ،‬لذا ارتكزت السياسة الخارجية األردنية على‬
‫بيان أهمية حل القضية الفلسطينية بما يساعد ويعزز من استقرار المنطقة‪ ،‬وقد كان االردن وما زالت يضع مدينة القدس على‬
‫رأس اإلهتمامات واألولويات‪ ،‬مما دفع باألردن إلى بذل كل جهد ممكن‪ .‬وعلى جميع األصعدة‪ ،‬من أجل الحفاظ على مدينة‬
‫‪.‬القدس عربية إسالمية وحفاظا على طابعها الحضاري المتميز‬
‫وقد كان الموقف األردني واضح وصريح بعيد عن كل ما يثار حوله من إتهامات‪ ،‬وقد تمثل موقف األردن هذا بما ورد عن‬
‫الحكومة األردنية بأنه ال سالم إال باإلنسحاب الكامل من كل المناطق العربية المحتلة وفي مقدمتها مدينة القدس‪ ،‬وإعطاء الشعب‬
‫الفلسطيني حقه في تقرير مصيره على أرضه وإقامة دولته المستقلة‪ ،‬وأن مدينة القدس ومقدساتها أمانة في يد األردن ستعيدها‬
‫‪.‬إلى الفلسطينين عند قيام دولتهم وعاصمتها في مدينة القدس‬
‫مستقبل الدور األردني في مدينة القدس‬
‫بدأ االهتمام الهاشمي بمدينة القدس مبكرا باستجابة الشريف حسين المطالب أهالي المدينة والتبرع اإلعمار مسجدها األقصى‬
‫لمعرفته بأهمية مدينة القدس ومقدساتها في عقيدة المسلمين وما تشكله في الفكر العربي من كونها مدينة عربية إسالمية ضاربة‬
‫‪.‬الجذور في تاريخهم وحضارتهم‬
‫ورغم الشكوك التي واجهت القيادة األردنية بعد توحيد الضفتين عام ‪ ،1950‬بالنيل من أهداف األردن وغايته من هذه الوحدة‬
‫واتهامه بالتوسع على حساب األرض الفلسطينية‪ ،‬إال أن ذلك لم يثني األردن عن القيام بواجبه بإعادة اعمار المدينة‪ ,‬وإزالة أثار‬
‫‪.‬حرب ‪ .1948‬وإقامة المؤسسات العامة‪ .‬خدمة ألبنائها ومقدساتها‬
‫بعد احتاللها عام ‪ 1967‬شكلت مدينة القدس عنوانا للقضية الفلسطينية بالنسبة للسياسية الخارجية األردنية وقيادته الهاشمية‪,‬‬
‫حيث تعاملت األردن معها باعتبار أنها مسألة دينية ووطنية وقومية‪ ،‬حيث استمرت األردن بالثبات على مواقفها بأنه ال يمكن‬
‫الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية دون حل القضية مدينة القدس بما يحفظ مقدساتها وعروبتها تحت رعاية عربية إسالمية‪،‬‬
‫‪.‬وأن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية‬
‫أثبتت الوقائع السياسية ثبات الموقف األردني وتطوره في التزامه حيال مدينة القدس بالمحافظة على عروبتها وإسالميتها في‬
‫وجه سياسة التهويد التي ال تزال تقوم بها سلطات االحتالل اإلسرائيلي من خالل استمرار المؤسسات التي تتبع اإلدارة األردنية‬
‫‪.‬بالعمل في رعاية مقدسات المدينة وأعمال االعمار المستمرة لها‬
‫تمكنت األردن في مرحلة السالم من تضمين اتفاقيته مع إسرائيل بندا مكنها من استمرار دورها في مدينة القدس برعاية‬
‫المقدسات فيها والمحافظة عليها كما تمكنت األردن من إزالة الشكوك لدى الجانب الفلسطيني من الدور األردني في مدينة‬
‫القدس‪ ,‬وادى وضوح الموقف األردني بهذا الخصوص‪ .‬إلى التوقيع مع القيادة الفلسطينية اتفاقية تقضي باستمرار الوصاية‬
‫الهاشمية األردنية على المقدسات‬
‫ان الحديث عن مستقبل الدور األردني في مدينة القدس يستدعي الفصل بين البعد الديني والبعد السياسي المتعلق بمدينة القدس‪،‬‬
‫‪.‬وذلك عند الحديث عن البلدة القديمة في المدينة‪ ،‬وما تشمله من أماكن مقدسة لكافة الديانات السماوية الثالث‬
‫ففي زمن الوحدة اعتبرت االردن مدينة القدس العاصمة الروحية لها‪ ،‬وأولتها العناية التي تستحقها‪ ،‬ومنحت ابناء المدينة وعموم‬
‫ابناء الضفة الغربية الجنسية األردنية‪ ،‬واصبحوا مواطنين اردنيين كاملي الحقوق وتم تشكيل مجلس االمة األردني بشقيه‬
‫‪.‬االعيان والنواب‪ ،‬وكذلك الحكومة‬
‫بعد االحتالل االسرائيلي للضفة الغربية ومدينة القدس كان الموقف السياسي األردني يقوم على المطالبة بأنسحاب االحتالل‬
‫اإلسرائيلي من الضفة الغربية وعلى رأسها مدينة القدس الشرقية‪ ،‬واعادة سيادتها عليها باعتبار انها ارض تتبع السيادة األردنية‬
‫عند وقوع االحتالل وتطبيق قراري مجلس االمن ‪ 242‬و ‪ .338‬وقد صرح الملك حسين عام ‪ .1969‬انه ال يمكن تصور أي‬
‫‪.‬تسوية ال تشمل عودة‬
‫القسم العربي من مدينة القدس الى االردن بما في ذلك جميع االماكن المقدسة (محافظة‪ ،1988 ،‬ج ‪84( : 3‬‬
‫بدأ الحال بالتغير التدريجي على الموقف األردني تجاه القضية الفلسطينية‪ ،‬ومواقفه حيال الضفة الغربية المحتلة مع استمرار‬
‫دوره في مدينة القدس وذلك بعد موافقة األردن على قرار القمة العربي في الرباط عام ‪ 1974‬القاضي باعتبار منظمة التحرير‬
‫الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني‪ ،‬لكن حدث نوع من التنافس بين األردن ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما‬
‫يتعلق بالجهة الممثلة بالتعامل مع األراضي العربية المحتلة عام ‪ ،1967‬رغم محاولة الملك حسين تلبية واستيعاب طموحات‬
‫الشعب الفلسطيني ممثال بمنظمة التحرير الفلسطينية باقامة كيان سياسي لهم بإعالنه مشروع المملكة العربية المتحدة عام‬
‫‪ ،1972.‬اال ان هذا المشروع لم يجد استجابة له‬
‫‪ .‬واستمرت هذه المواقف بين شد وجذب بينهما إلى حين انطالق احداث االنتفاضة األولى عام ‪1987‬‬
‫بعد تزايد الضغوطات اثر االنتفاضة قرر الملك حسين عام ‪ 1988‬فك االرتباط القانوني واالداري بين االردن والضفة الغربية‪,‬‬
‫اال انه استثنى مدينة القدس من هذا القرار‪ .‬وقد أوضح البيان الذي صدر عن الحكومة األردنية عقب قرار فك االرتباط إن مدينة‬
‫القدس أرض عربية إسالمية تم احتاللها عام ‪ ،1967‬كجزء من األراضي األردنية‪ ،‬وينطبق عليها ما ينطبق على األراضي‬
‫العربية المشمولة بقراري مجلس األمن رقم ‪ 242‬و ‪ 338‬كذلك ولتمكين الشعب العربي الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على‬
‫‪ ) .‬ترابه الوطني اتخذت األردن قرارها بفك االرتباط القانوني واإلداري مع الضفة الغربية العرقان ‪121 2002‬‬
‫وقد بررت االردن استثناء األوقاف والمقدسات اإلسالمية وكذلك المحاكم الشرعية من هذا القرار االعتبارات عديدة‪ ،‬كان اهمها‬
‫اصرار األردن على استمرار الدور الهاشمي في رعاية هذه األماكن المقدسة‪ ،‬وكذلك حماية لها من الوقوع مباشرة تحت سلطة‬
‫‪.‬االحتالل اإلسرائيلية‪ ،‬وان من صالحهذه المقدسات ابقاء الوجود األردني فيها‬
‫بعد انطالق عملية السالم عام ‪ 1991‬اصبح الموقف األردني أكثر وضوحا‪ ،‬في التركيز على مسألة الوالية الدينية للهاشميين‬
‫على المقدسات في مدينة القدس مع استمراره في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خالل مطالبته بانسحاب اسرائيل‬
‫من األراضي المحتلة عام و اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها في مدينة القدس الشرقية‪1967.‬‬
‫وبخصوص مدينة القدس استطاعت االردن أن تضمن المعاهدة األردنية ‪ -‬اإلسرائيلية عام ‪ 1994‬بندا ينص على االعتراف‬
‫بالدور األردني في مدينة القدس‪ ،‬كما تضمنت االتفاقية‪ ،‬انه وعندما تأخذ المفاوضات المتعلقة بالوضع النهائي لمدينة القدس‬
‫مجراها‪ ،‬فإن إسرائيل ستولي أولوية عالية الدور األردن التاريخي في المقدسات‬
‫يمكن اعتبار حديث الملك عبد هللا الثاني لجريدة الدستور األردنية في ‪ 2008/1/23‬المعبر عن الموقف الواضح لألردن الذي‬
‫يحدد الرؤيا االردنية سواء تجاه القضية الفلسطينية عموما أو تجاه مدينة القدس تحديدا بإن االردن تعتبر أن القضية الفلسطينية‬
‫هي جوهر النزاع العربي اإلسرائيلي بكل ما يحمل ذلك من معان‪ ،‬وقضية مدينة القدس هي القضية األهم واألبرز في النزاع‪،‬‬
‫‪.‬لما لها من مكانة وقدسية لدى الهاشميين بشكل خاص‪ ،‬ولدى كل عربي ومسلم بشكل عام‬
‫اما على صعيد البعد الديني فاألردن تعتبر أن مسؤولية الحفاظ على المقدسات اإلسالمية في مدينة القدس هي أمانة تاريخية‬
‫تلتزم األردن بها حتى تتحرر من االحتالل وان أي مساس بهويتها العربية واإلسالمية‪ ،‬وأي محاولة لتغيير هذه الهوية مرفوضة‬
‫بالكامل‪ ،‬حيث أكد الملك عبد هللا الثاني في حديثه المذكور على التأكيد مرة أخرى على أن السيادة على المقدسات في المدينة هي‬
‫اللهم وانها مسؤولية أردنية ستحتفظ بها لحماية المسجد األقصى وسائر األماكن المقدسة في مدينة القدس‪ ،‬حتى الوصول الى‬
‫اتفاق حول القضايا المؤجلة والتي على رأسها قضية مدينة القدس وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها في‬
‫مدينة القدس‪ ،‬حيث أكد الملك على ضرورة أن يكون لألردن دور في مفاوضات الوضع النهائي في المواضيع التي تخص كال‬
‫من مدينة القدس والالجئين والمياه والحدود‪ ،‬ألن هذه المواضيع تمس األمن الوطني األردني‪ .‬كما وان لها مساس مباشر‬
‫بسياسية األردن والقيادة الهاشمية تجاه مدينة القدس خصوصا‪ ،‬وبالقضية الفلسطينية عموما صحيفة الدستور ‪ 23‬كانون‪2008‬‬
‫‪:‬ويمكن اجمال مستقبل الدور األردني في مدينة القدس بما يلي‬
‫أن مستقبل الدور األردني مبني على االستمرار بالموقف الواضح والثابت والمبدئي‪ ،‬من مدينة القدس الشرقية باعتبارها ‪1 -‬‬
‫جزء من األراضي الفلسطينية المحتلة عام ‪1967‬م‪ ،‬وينطبق عليها القرارين (‪ )242‬و (‪ )338‬اللذان كانا اساسا لعملية السالم‪،‬‬
‫واستمرار األردن برفض السيادة اإلسرائيلية على األماكن المقدسة فيها‪ ،‬وأنها أرض عربية محتلة يجب ان تعود إلى السيادة‬
‫العربية‬
‫االستمرار برفض السيادة اإلسرائيلية على مدينة القدس الشرقية وعلى األماكن المقدسة فيها‪ .‬واألردن يدعم المطالب ‪-2-‬‬
‫الفلسطينية بأن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية القادمة‪ ،‬وبذلك يمكن أن تكون مدينة القدس عاصمة للدولتين الفلسطينية‬
‫‪.‬واإلسرائيلية‬
‫أن أي مستقبل السالم ثابت ومستقر بين العرب وإسرائيل‪ ،‬يوجب الفصل بين البعد الديني والبعد السياسي لمدينة القدس‪ ،‬فيما ‪3-‬‬
‫يتعلق تحديدا بالبلدة القديمة فيها‪ ،‬بما تشمله من أماكن مقدسة الجميع اتباع الديانات‪ ،‬وانها يمكن أن تكون عامل التقاء تجمعهم‬
‫عند مفاوضات الوضع النهائي بموضوع المدينة‪ .‬فهي مدينة مقدسة لجميع األديان يجب ان ال تكون عاصمة لشعب واحد على‬
‫حساب اآلخرين بن طالل‬
‫المحافظة على استمرار الدور األردني الهاشمي في رعاية المقدسات في مدينة القدس‪ ،‬وأن مشكلة األماكن المقدسة يجب أن ‪-4-‬‬
‫تحل عن طريق الحوار بين أتباع الديانات التوحيدية الثالث‪ ،‬في ظل ان ال سيادة على األماكن المقدسة اال هللا فاألردن ملتزم‬
‫بعملية السالم‪ ،‬حيث تقوم سياسته الخارجية على دعم الجهود السياسية للوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية من خالل‬
‫المفاوضات‬
‫التأكيد على ضرورة أن يكون لالردن دور في مفاوضات الوضع النهائي في مواضيع األماكن المقدسة في مدينة القدس – ‪5‬‬
‫والالجئين والمياه والحدود خصوصا أن اتفاقية وادي عربة بين األردن‬
‫وإسرائيل نصت على أن يكون لالردن دور في مسائل األماكن المقدسة في مدينة القدس والمياه والحدود والالجئين وذلك عند‬
‫‪.‬إجراء مفاوضات الوضع النهائي‪ ،‬حيث يعتبر األردن أن تلك القضايا‬
‫‪ .‬تدخل في مسألة امنه الوطني واستقراره ال يمكنه التغاضي عنها (جريدة الدستور (‪)2013/6/10‬‬
‫الوالية الدينية األردنية على مدينة القدس‬
‫يمكن اعتبار التحول األردني إلى موضوع الوالية الدينية على المقدسات في مدينة القدس‪ ،‬هو التحول األبرز في الرؤية‬
‫والسلوك السياسي األردنيين تجاه مدينة القدس‪ ،‬وذلك من خالل المبدأ الذي أطلقه الملك حسين والقاضي بأنه ‪ :‬ال سيادة على‬
‫‪.‬مدينة القدس إال هللا‬
‫وقد تحددت الرؤية األردنية لمفهوم هذه الوالية بأنها تعني إشراك جميع المؤمنين من أتباع الرساالت السماوية الثالث داخل‬
‫أسوار مدينة القدس القديمة في هذه الوالية‪ ،‬بحيث تمارس األردن بما اسماء األمير الحسن بن طالل السلطة المعنوية" أو خدمة‬
‫السلطة المعنوية التي يزاولها األردن في رعايته للمقدسات في مدينة القدس القديمة في ظل االحتالل اإلسرائيلي لها‪ ،‬وهو ما‬
‫يوجب على إبقاء مدينة القدس رمزا للسالم ومفتوحة لجميع األديان‪ ،‬ويجب أن ال تصبح عاصمة تخص أتباع دين وشعب واحد‪،‬‬
‫على حساب اصحاب الديانات والشعوب األخرى‪ .‬وقد أعلنت األردن أنها متمسكة بدورها التاريخي الخاص في األماكن المقدسة‬
‫اإلسالمية في مدينة القدس فيها بموجب تاريخ عالقتها وحجم رعايتها لمقدسات المدينة‪ ،‬وبموجب المواد والنصوص الواردة في‬
‫‪.‬كل من إعالن واشنطن واتفاقية وادي عربة مع إسرائيل التي تعترف لألردن بهذا الدور‬
‫وال يزال الموقف األردني يعتبر أن مدينة القدس الشرقية هي جز ال يتجزأ من األراضي العربية المحتلة منذ عام ‪ ،1967‬وهو‬
‫الموقف الذي تدعمه أحكام القانون الدولي واالتفاقيات الدولية‪ .‬وقرارات األمم المتحدة ذات الصلة وهي تعتبر أن القرارات‬
‫‪.‬اإلسرائيلية بضم المدينة إلى السيادة اإلسرائيلية واعتبارها عاصمة لها‪ ،‬باطلة والغية‬
‫وقد ثأعلنت األردن مرارا عن استعدادها لنقل مسؤولياتها إلى الدولة الفلسطينية عند قيامها‪ .‬وان دافعها بالتمسك بهذا الدور‪ .‬هو‬
‫) خشيتها من نشوء فراغ قانوني قد تستغله إسرائيل‬
‫‪:‬ومما يمكن استنتاجه أن الموقف األردني يتعامل مع قضية مدينة القدس وفق شقين‬
‫سيادة دينية ‪1-‬‬
‫أي أن مدينة القدس القديمة تشكل وحدة دينية متكاملة‪ ،‬ال يجوز المساس بهذه الوحدة أو تجزئتها‪ ،‬ويؤكد األردن على أن تكون‬
‫‪.‬المدينة مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية الثالث‬
‫وان األردن بهذا الخصوص ال يقبل التخلي عن مسؤوليته أو أن يتنازل اإلسرائيل عن دوره وواليته‪ ،‬أو أن يتنازل عن الهوية‬
‫‪ .‬العربية اإلسالمية إال لهوية عربية فلسطينية‬
‫‪:‬سيادة سياسية – ‪2‬‬
‫أي أن مدينة القدس الشرقية المحتلة بالكامل منذ العدوان اإلسرائيلي في حرب حزيران عام ‪ ،1967‬والتي تعتبرها إسرائيل‬
‫بحكم الواقع جزء من عاصمتها الموحدة واألبدية‪ ،‬يمكن أن تكون في شطرها الشرقي عاصمة للدولة الفلسطينية‪ ،‬حيث يعد‬
‫‪.‬شطرها الغربي عاصمة إلسرائيل‬
‫حيث يدعو األردن إلى التعامل مع مدينة القدس وفقا للقرارات الدولية الصادرة بحقها‪ ،‬بوصفها جزء من األراضي العربية التي‬
‫احتلتها إسرائيل في عام ‪1967‬م التي يعالجها قراري مجلس األمن‬
‫وقد أعلن رئيس الوزراء األردني في ‪ 1999/8/30‬أن األردن مستعد للتخلي عن اإلشراف على األماكن المقدسة في مدينة‬
‫القدس بعد إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها في مدينة القدس‪ ،‬إذا رغب الفلسطينيون بذلك أبو جابر وآخرون ‪)65( 2002 ،‬‬
‫واستنادا لهذه الوالية فقد واصلت الحكومة األردنية مهامها في المحافظة على األوقاف والمقدسات اإلسالمية في المدينة‬
‫المقدسة‪ ،‬كما وواصلت لجنة اعمار المسجد األقصى المبارك والصخرة المشرفة أعمالها‪ ،‬وظلت أجهزة األوقاف والمحاكم‬
‫‪.‬الشرعية مرتبطة بأجهزة الحكومة األردنية إداريا وقانونيا وماليا‬
‫وقد شكل توقيع الملك عبدهللا الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس على اتفاقية الوصاية الهاشمية األردنية على المقدسات‬
‫اإلسالمية في مدينة القدس ورعايتها وإعمارها في عمان بتاريخ ‪ ،2013/5/4‬ما يؤكد على االعتراف بالدور األردني‬
‫المتواصل في مدينة القدس‪ ,‬وكذلك التأكيد على أهمية الدور األردني في رعاية المقدسات فيها كونها جاءت في الوقت الذي ال‬
‫تزال تتعرض فيه المقدسات في مدينة القدس لحملة من االعتداءات المتكررة من قبل المتطرفين الصهاينة‪ ،‬كما انتهزت سلطات‬
‫االحتالل اإلسرائيلي فرصة انشغال العالم والمجتمع الدولي ودول المنطقة‪ ،‬بأحداث ما اطلق عليه بالربيع العربي باإلعالن عن‬
‫نيتها باقتسام المسجد األقصى زمنيا ومكاني‬
‫ختاًم ا‪ ،‬يبرز موضوع القدس أهمية كبيرة في السياق الديني والثقافي والتاريخي‪ .‬تظل القدس‬
‫محوًر ا للصراعات والتوترات‪ ،‬وتمتلك أهمية خاصة لألديان الثالث الرئيسية‪ .‬يعكس التاريخ‬
‫‪.‬المعقد للمدينة التحديات والصراعات التي واجهتها‪ ،‬مما يجعلها محط اهتمام دولي‬
‫في ظل التحوالت الحديثة والتطورات السياسية‪ ،‬يظل الحفاظ على وضع القدس وتحقيق‬
‫التسوية العادلة جزًء ا حاسًم ا من حل الصراع اإلسرائيلي الفلسطيني‪ .‬يتطلب هذا التحدي‬
‫الجهود الدولية المستمرة والحوار المستدام لضمان حقوق جميع األطراف وتحقيق السالم‬
‫‪.‬المستدام في هذه المنطقة الحساسة‬
‫في الختام‪ ،‬يبقى السعي للتفاهم والتسامح والحوار البناء أموًر ا أساسية لتحقيق االستقرار في‬
‫‪.‬القدس وتحقيق آمال الشعوب المختلفة التي تشعر بانتمائها إلى هذه المدينة المقدسة‬
‫إلى هنا نكون وصلنا إلى ختام الموضوع المميز عن القدس وأتمنى ان أكون قد استوفيت‬
‫الموضوع من كافة الجوانب المميزة والمفيدة به وأشكر هللا عز وجل على التوفيق لي‬

You might also like