You are on page 1of 23

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم‬


‫د‪ .‬أحمد العوايشة*‬
‫تاريخ قبول البحث‪:‬‬ ‫تاريخ وصول البحث‪25/10/2015 :‬م‬
‫‪10/3/2016‬م‬
‫ملخص‬
‫يتناول هذا البحث بالدراسة‪ ،‬مسألة النبوة في اللغة واإلصطالح‪ ،‬ومفهوم النبوة وثبوتها في‬
‫اإلسالم والنصرانية‪ ،‬وعرض التداخل بين النبوة واأللوهية في النصرانية‪ ،‬وثبوت نبوة عيسى ‪ ‬من‬
‫خالل سيرته الواردة في األناجيل‪ ،‬وعرض آراء الموحدين المثبتين لنبوة عيسى ‪ ‬من علماء‬
‫النصارى قديماً وحديثاً‪ ،‬وبيان نبوة عيسى ‪ ‬في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪This research studies the issue of Prophethood in language and terminology. and the‬‬
‫‪concept of Prophethood and its realization in Islam and Christianity. it also studies the‬‬
‫‪interaction between Prophethood and divinity in Christianity, moreover the research‬‬
‫‪studies the realization of the Prophethood of Jesus Christ ( peace be upon him) as‬‬
‫‪manifested in his biography mentioned in all Bibles. it also presents the views of ancient‬‬
‫‪and modern Christian scholars recognizing the prophecy of Jesus Christ (pbuh). In‬‬
‫‪addition.the research demonstrates the prophecy of Jesus Christ (pbuh) in the holy Quran‬‬
‫‪and prophet Muhammad's ( peace be upon him) sublime Sunnah.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على محمد بن عبد اهلل وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد‪:‬‬
‫فإن النبوة طريق البشرية إلى اإليمان باهلل ‪ ‬لتحقيق الخير والسعادة للناس جميعًا بعبادة اهلل ‪ ‬وحده ال شريك له‪،‬‬
‫ورد الناس إلى فطرتهم التي فطرهم اهلل ‪ ‬عليها‪ ،‬وعمارة األرض في ظل منهج اهلل الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه‬
‫وال من خلفه‪ ،‬والسير على خطى األنبياء والمرسلين عليهم الصالة والسالم أجمعين في عبادة اهلل ‪ ،‬والتزام أحكامه والعمل‬
‫به ‪FF‬ا ظ ‪FF‬اهراً وباطن ‪FF‬ا س ‪FF‬راً وعالني ‪FF‬ة‪ ،‬وهي الس ‪FF‬عادة الحقيقي ‪FF‬ة في تعل ‪FF‬ق القلب باهلل تع ‪FF‬الى وح ‪FF‬ده‪ ،‬وفي عم ‪FF‬ل الخ ‪FF‬ير ابتغ ‪FF‬اء‬
‫ش ِري َك لَهُ َوبِ َذلِ َك ُأ ِم ْرتُ َوَأنَ *اْ‬
‫ي َو َم َماتِي هّلِل ِ َر ِّب ا ْل َعالَ ِمينَ * الَ َ‬ ‫رضوانه وثوابه‪ ،‬قال تعالى‪ :‬قُ ْل ِإنَّ َ‬
‫صالَتِي َونُ ُ‬
‫س ِكي َو َم ْحيَا َ‬
‫َأ َّو ُل ا ْل ُم ْ‬
‫سلِ ِمينَ ‪[‬األنعام‪.]١٦٣–١٦٢ :‬‬
‫ولقد امتاز األنبياء والمرسلون صلوات اهلل وسالمه عليهم بمزايا على بقية البشر‪ ،‬ببعدهم عن اقتراف المعاصي‪،‬‬
‫واجتنابهم لكل ما يخل بالمروءة أو يهدر الكرامة‪ ،‬أو يحط من قدر اإلنسان‪ ،‬فهم ‪-‬صلوات اهلل وسالمه عليهم‪ -‬أكمل‬
‫الناس خلقًا‪ ،‬وأزكاهم سريرة وأطهرهم سيرة‪ ،‬ألنهم المثل األعلى في أممهم الذين يجب االقتداء بهم في اعتقادهم‬
‫وأفعالهم‪ ،‬وأقوالهم‪ ،‬وأخالقهم‪ ،‬إذ هم األسوة الحسنة بشهادة اهلل تعالى لهم‪ ،‬ولذلك أمر اهلل ‪ ‬باالقتداء بهم‪ ،‬والتخلق‬
‫سنَةٌ لِ َمن َكانَ يَ ْر ُجو هَّللا َ َوا ْليَ ْو َم اآْل ِخ َر‬ ‫بأخالقهم والسير على منهجهم في جميع شؤون الحياة‪ ،‬لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم فِي ِه ْم ُأ ْ‬
‫س َوةٌ َح َ‬
‫َو َمن يَتَ َو َّل َفِإنَّ هَّللا َ ُه َو ا ْل َغنِ ُّي ا ْل َح ِمي ُد‪[‬الممتحنة‪.]6 :‬‬

‫‪9‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* أستاذ مشارك‪ ،‬كلية الشريعة‪ ،‬الجامعة األردنية‪.‬‬

‫وقد جاء البحث في مقدمة‪ ،‬وثالثة مطالب وخاتمة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم النبوة بين اإلسالم والنصرانية‪.‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬معنى النبي والرسول لغة واصطالحاً‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬الفرق بين النبي والرسول في اإلسالم‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬معنى النبي والرسول عند النصارى‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬موقف اإلسالم من مفهوم النصارى للنبي والرسول‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إثبات نبوة عيسى ‪ ‬من خالل سيرته التي وردت في األناجيل‪.‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬سيرة عيسى ‪ ‬في األناجيل تطابق سيرة األنبياء من قبله‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬عند النصارى الموحدين‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬في القران الكريم‪ ،‬والسنة النبوية‪:‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬في القران الكريم‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬في السنة النبوية‪.‬‬
‫الخاتمة‪.‬‬
‫ال اهلل تع‪FF‬الى التوفي‪FF‬ق والس‪FF‬داد في الق‪FF‬ول والعم‪FF‬ل‬
‫أع‪FF‬رض فيه ‪FF‬ا أهم النت ‪FF‬ائج ال‪FF‬تي توص ‪FF‬لت إليه‪FF‬ا في البحث‪ ،‬س‪FF‬ائ ً‬
‫والعصمة من الخطأ والزلل‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم النبوة والرسالة بين اإلسالم والنصرانية‪:‬‬

‫المسألة األولى‪ :‬معنى النبي والرسول لغة واصطالحاً‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬النبي في اللغة‪:‬‬
‫تدور المعاني اللغوية لمصطلح (النبي) في اللغة العربية حول معنيين يختلفان باختالف جهة االشتقاق وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يك‪FF‬ون مع‪FF‬نى مص‪FF‬طلح الن‪FF‬بي المن‪FF‬بئ ووزن‪FF‬ه الص‪FF‬رفي فعي‪FF‬ل‪ ،‬بمع‪FF‬نى فاع‪FF‬ل‪ ،‬وه‪FF‬و مهم‪FF‬وز الالم‪ ،‬وق‪FF‬د س‪FF‬مي ب‪FF‬ذلك‬
‫ال بمعنى ُم ْف ِعل مثل نذير بمعنى ُمْنِذر‪ .‬كما يص‪FF‬ح في‪FF‬ه أن يك‪FF‬ون‬
‫إلنبائه عن اهلل تعالى‪ ،‬وأجاز ابن ّبري أن يكون فعي ً‬
‫المْنَب‪FF‬أ؛ ألن اهلل ه‪FF‬و ال‪FF‬ذي ينبئ‪FF‬ه‪ .‬وعلى ه‪FF‬ذا الوج‪FF‬ه ف‪FF‬إن لف‪FF‬ظ الن‪FF‬بي في األص‪FF‬ل مهم‪FF‬وز أي‪:‬‬
‫ال بمع‪FF‬نى مفع‪FF‬ول فه‪FF‬و ُ‬
‫فعي ً‬
‫النبئ‪ ،‬وهمزته إم‪F‬ا أن تك‪F‬ون ق‪F‬د س‪F‬قطت‪ ،‬وإ م‪F‬ا أب‪F‬دلت ي‪F‬اء‪ ،‬أو ت‪F‬ركت‪ ،‬أو لينت‪ ،‬كم‪F‬ا في الذري‪F‬ة والبري‪F‬ة‪ ،‬ومعل‪F‬وم أن‬
‫ويجم‪F‬ع لف‪F‬ظ ن‪F‬بي على أنبي‪F‬اء ألن الهم‪F‬زة لم‪F‬ا أب‪F‬دلت وأل‪F‬زم اإلب‪F‬دال‬
‫ال من اإلب‪F‬دال واإلدغ‪F‬ام لغ‪F‬ة فاش‪F‬ية عن‪F‬د الع‪F‬رب‪ُ .‬‬
‫كً‬
‫وولي جمعه أولياء‪ ،‬وقوي جمعه أقوياء(‪.)1‬‬ ‫ّ‬ ‫جمع ما أصل المه حرف علة‪ ،‬كعدو جمعه أعداء‬

‫‪10‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫‪ .2‬أن يك‪FF‬ون مع‪FF‬نى الن‪FF‬بي‪ :‬الش‪FF‬ريف رفي‪FF‬ع الق‪FF‬در والمنزل‪FF‬ة‪ ،‬ووزن‪FF‬ه الص‪FF‬رفي فعي‪FF‬ل بمع‪FF‬نى مفع‪FF‬ول وهي مش‪FF‬تقة من "النب‪FF‬وة أو‬
‫النباوة"‪ ،‬وهي االرتفاع عن األرض‪ ،‬وحينئذ يكون معناه ال‪F‬ذي يش‪F‬رف على س‪F‬ائر الخل‪F‬ق‪ ،‬والرفي‪F‬ع المنزل‪F‬ة عن‪F‬د اهلل‪.‬‬
‫‪F‬بي ألن‪F‬ه أرف‪F‬ع خل‪F‬ق اهلل‪ ،‬وذل‪F‬ك ألن‪F‬ه‬
‫والنبي‪ :‬العلم من أعالم األرض ال‪F‬تي يهت‪F‬دي به‪F‬ا‪ .‬ق‪F‬ال بعض‪F‬هم‪ :‬ومن‪F‬ه اش‪F‬تقاق الن ّ‬
‫يهتدي به(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬الرسول في اللغة‪:‬‬
‫يأتي لفظ الرسول مصطلحاً في اللغة العربية بعدة معان هي‪:‬‬
‫ال ق‪FF‬ال الش‪FF‬اعر‪ :‬أتته‪FF‬ا‬
‫‪ .1‬الرس‪FF‬ول بمع‪FF‬نى حام‪FF‬ل الرس‪FF‬الة‪ ،‬وهن‪FF‬ا ي‪FF‬ؤنث اللف‪FF‬ظ وي‪FF‬ذكر‪ ،‬فمن أنث‪FF‬ه جمع‪FF‬ه على (أرس‪ُF‬ل) أرس‪ً F‬‬
‫ال) بمعنى الرسالة‪ .‬وقال أبو اسحاق النحوي في قوله تعالى حكاي‪FF‬ة عن موس‪FF‬ى وأخي‪F‬ه ‪‬‬
‫رسلي فجاءت كلمة (رسو ً‬ ‫َأ ُ‬
‫سو ُل َر ِّب ا ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين‪[‬الشعراء‪ ]١٦ :‬معناه إنا رسالة ربّ العالمين‪ .‬أي ذوا رسالة‪ ،‬رب العالمين‪.‬‬ ‫ِإَّنا َر ُ‬
‫ال ألنه ذو رسول أي ذوي رسالة(‪ .)3‬ولفظ (الرسول) اس‪FF‬م من‬
‫قال األزهري‪ :‬وهذا قول األخفش وسمّي الرسول رسو ً‬
‫ال" وذل‪F‬ك‬
‫الفعل (أرس‪F‬ل)‪ ،‬والرس‪F‬ول اس‪F‬م من أرس‪F‬لت وك‪F‬ذلك الرس‪F‬الة‪ .‬وله‪F‬ذا أطل‪F‬ق على ال‪F‬ذي يت‪F‬ابع علي‪F‬ه ال‪F‬وحي "رس‪F‬و ً‬
‫ألنه يتابع أخبار الذي بعثه(‪.)4‬‬
‫س<و ُل َر ِّب ا ْل َع<<الَ ِم َ‬
‫ين‪[‬الش ‪FF‬عراء‪ ]١٦ :‬لم يق‪FF‬ل ُر ُس ‪ُ F‬ل َّ‬
‫ألن مفع‪FF‬والً وفعيالً‬ ‫يق‪FF‬ول الفيروزآب‪FF‬ادي‪ :‬في قول‪FF‬ه تع‪FF‬الى‪ِ" :‬إ َّنا َر ُ‬
‫الذكر والمؤنث والواحد والجمع"(‪.)5‬‬ ‫يستوي فيهما َّ‬
‫‪ .2‬الرسول معناه الذي يتابع أخبار الذي بعثه‪ F،‬وذلك أخذاً من قولهم جاءت اإلبل رسالً أي متتابعة(‪.)6‬‬
‫ويق‪F‬ال‪ :‬ج‪F‬اءت اإلب‪F‬ل أرس‪F‬االً‪ ،‬إذا ج‪F‬اء منه‪F‬ا رس‪F‬ل بع‪FF‬د رس‪FF‬ل‪ ،‬واإلب‪F‬ل إذا أوردت الم‪F‬اء وهي كث‪FF‬يرة‪ ،‬ف‪FF‬إن القيم به‪F‬ا‬
‫يوردها الحوض رسالً بعد رسل‪ ،‬وال يوردها جملة فتزدحم على الحوض فال تروى‪.‬‬
‫ال ِإ َّن َم<ا‬ ‫(‪)7‬‬
‫وأرسلت فالنا في رسالة فهو مرسل ورسول ‪ ،‬وقد ورد بهذا المعنى في القرآن الكريم بأكثر من آية ‪‬قَ َ‬
‫َأِله َب لَ ِك ُغاَل ماً َز ِك ّياً‪[‬مريم‪ ]19 :‬وهذا يتبع المعنى األول لمصطلح الرسول‪.‬‬
‫سو ُل َر ِّب ِك َ‬
‫َأَنا َر ُ‬

‫ثالثاً‪ :‬تعريف النبي والرسول في االصطالح‪:‬‬

‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬مادة نبأ‪ .‬والفيروز آبادي‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪ ،50‬مادة نبأ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) لسان العرب‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪ ،153‬مادة رسل‪ ،‬بتصرف واختصار‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) لسان العرب‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬مادة ر س ل‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) القاموس المحيط‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ ،905‬باب الالم‪ ،‬فصل الراء‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) لسان العرب‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬مادة ر س ل‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) لسان العرب‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬مادة ر س ل‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) جمال الدين محمد بن منظور (ت ‪711‬ه‪1311 /‬م)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ب‪F‬يروت‪ ،‬دار ص‪F‬ادر‪ ،2005 ،‬ط‪ ،4‬م‪F‬ادة نب‪F‬أ‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،169‬بتص ‪FF‬رف واختص ‪FF‬ار‪ .‬أحمد بن محد بن علي الفي ‪FF‬ومي (ت ‪770‬ه ‪ ،)1368/‬المص<<باح المن<<ير في غ<<ريب الش<<رح الكب<<ير‪،‬‬
‫كتاب النون‪ ،‬النون ما يثلثهما‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،811‬نبأ‪ .‬ومحمد بن أبي بكر الرازي (ت ‪666‬ه‪ ،)1261/‬مختار‬
‫الصحاح‪ ،‬ط‪ ،2‬ب‪F‬يروت‪ ،‬مؤسسة الكتب الثقافي‪F‬ة‪2001 ،‬م‪ ،‬ب‪FF‬اب الن‪F‬ون‪ ،‬ن ب أ‪ .‬مجد ال‪FF‬دين محمد بن يعق‪F‬وب الف‪FF‬يروز آب‪FF‬ادي (ت‬
‫‪817‬ه‪ ،)1414 /‬القاموس المحيط‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪1995 ،‬م‪ ،‬باب األف‪ ،‬فصل النون‪ ،‬ص ‪ 50‬مادة نبأ‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قب‪FF‬ل الخ‪FF‬وض بتعريفهم‪FF‬ا في االص‪FF‬طالح ال ب‪FF‬د من التع‪FF‬رض بإيج‪FF‬از إلى الخالف بين أه‪FF‬ل العلم في تعري‪FF‬ف الن‪FF‬بي‬
‫والرسول‪ ،‬من حيث هل هما مترادفان لمعنى واحد‪ ،‬فعندها ال ف‪F‬رق بين الن‪F‬بي والرس‪F‬ول‪ ،‬أم أنهم‪F‬ا لفظ‪F‬ان متباين‪F‬ان؟ وأن لك‪F‬ل‬
‫واح‪FF‬د منهم‪FF‬ا داللت‪FF‬ه اللفظي‪FF‬ة‪ ،‬والبحث عن أي الق‪FF‬ولين أرجح خ‪FF‬ارج عن مقص‪FF‬ود البحث‪ ،‬وال‪FF‬رأي ال‪FF‬ذي أس‪FF‬ير علي‪FF‬ه في ه‪FF‬ذا‬
‫الموضوع هو وجود فرق بين النبي والرسول‪.‬‬
‫آراء أهل العلم في هل النبي والرسول لفظان مترادفان أم متباينان؟‬ ‫‪)1‬‬

‫أشهر األقوال في هذه المسألة جاءت على قولين‪:‬‬


‫القول األول ‪ :‬أنه ال فرق بين لفظ النبي ولفظ الرسول‪ ،‬وأن كل نبي رسول‪ ،‬وأن كل رسول نبي‪ ،‬وأن كل منهما يس‪FF‬ير‬
‫مس‪FF‬ار اآلخ‪FF‬ر في الس‪FF‬ياق(‪ .)8‬وه‪FF‬ذا رأي القاض‪FF‬ي عب ‪FF‬د الجب ‪FF‬ار من المعتزل ‪FF‬ة إذ يق‪FF‬ول‪" :‬اعلم أن ‪FF‬ه ال ف‪FF‬رق في االص‪FF‬طالح بين‬
‫الرسول والنبي"(‪.)9‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أنه يوجد ف‪F‬رق بين لفظي الن‪F‬بي والرس‪F‬ول وه‪F‬ذا رأي جمه‪F‬ور العلم‪F‬اء ال‪F‬ذين ق‪F‬الوا‪ :‬إن ك‪F‬ل لف‪F‬ظ منهم‪F‬ا ي‪F‬دل على‬
‫معنى مغاير عن اآلخر‪ ،‬وقالوا إن كل رسول نبي‪ ،‬ولكن ال يجوز عكس العبارة إذ ليس ك‪F‬ل ن‪F‬بي رس‪F‬وال‪ ،‬ذل‪F‬ك ألن ك‪F‬ل لف‪F‬ظ‬
‫له حقيقة تختلف عن اآلخر‪ .‬وهذا رأي عدد كبير من المفسرين وعلماء العقيدة وعلماء الكالم والفرق(‪.)10‬‬
‫الق<<ول الث<<الث‪ :‬ال ف‪FF‬رق بين الرس‪FF‬ول البش‪FF‬ري والن‪FF‬بي في المص‪FF‬طلح الش‪FF‬رعي‪ ،‬فكلم‪FF‬ة رس‪FF‬ول أعم من كلم‪FF‬ة ن‪FF‬بي‪ ،‬ألن كلم‪FF‬ة‬
‫رس‪FF‬ول ي‪FF‬دخل تحته‪FF‬ا ك‪FF‬ل من الرس‪FF‬ول البش‪FF‬ري ( الن‪FF‬بي)‪ ،‬والرس‪FF‬ول من المالئك‪FF‬ة‪ ،‬بينم‪FF‬ا كلم‪FF‬ة ن‪FF‬بي ال تطل‪FF‬ق إال على البش‪FF‬ر‬
‫المص‪F‬طفى من اهلل تع‪F‬الى فق‪F‬ط‪ ،‬وبه‪F‬ذا ف‪F‬إن ك‪F‬ل ن‪F‬بي رس‪F‬ول‪ ،‬وليس ك‪F‬ل رس‪F‬ول نبي‪ًF‬ا‪ ،‬بخالف الق‪F‬ول الس‪F‬ائد ب‪F‬أن ك‪F‬ل رس‪F‬ول ن‪F‬بي‪،‬‬
‫ال(‪.)11‬‬
‫وليس نبي رسو ً‬
‫النبي والرسول في اإلسالم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المسألة الثانية‪ :‬الفرق بين‬
‫إن الن‪F‬اظر في ه‪F‬ذه المس‪F‬ألة يالح‪F‬ظ أن هن‪F‬اك بعض الف‪F‬روق بين لفظي الن‪F‬بي والرس‪F‬ول‪ ،‬وق‪F‬د تع‪F‬ددت مع‪F‬ايير التفري‪F‬ق‬
‫بينهما نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫سوالً نَّبِيّاً‪‬‬ ‫سى ِإنَّهُ َكانَ ُم ْخلَصا ً َو َكانَ َر ُ‬ ‫ب ُمو َ‬ ‫‪F‬اير للوص ‪FF‬ف ب ‪FF‬النبوة‪ ،‬ق ‪FF‬ال تع ‪FF‬الى‪َ  :‬و ْاذ ُك ْر فِي ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫‪.1‬الوصف بالرسالة مغ ‪ٌ F‬‬
‫طانُ فِي ُأ ْمنِيَّتِ* ِه‬ ‫ول َواَل َنبِ ٍّي ِإاَّل ِإ َذا َت َمنَّى َأ ْلقَى َّ‬
‫الش* ْي َ‬ ‫س* ٍ‬ ‫[م‪FF F‬ريم‪ ،]51 :‬وأيضاً‪ :‬قول ‪FF‬ه تع ‪FF‬الى‪َ  :‬و َم**ا َأ ْر َ‬
‫س* ْلنَا ِمن قَ ْبلِ**كَ ِمن َّر ُ‬
‫ش ْيطَانُ ثُ َّم يُ ْح ِك ُم هَّللا ُ آيَاتِ ِه َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم‪[‬الحج‪.]٥٢ :‬‬ ‫فَيَن َ‬
‫س ُخ هَّللا ُ َما يُ ْلقِي ال َّ‬
‫ن الن‪FF‬بي ق‪FF‬د ج‪FF‬اء بش‪FF‬ريعة قديم‪FF‬ة ك‪FF‬انت أو جدي‪FF‬دة‪ ،‬ولكن‪FF‬ه لم ي‪FF‬ؤمر ب‪FF‬التبليغ‪ ،‬بينم‪FF‬ا ج‪FF‬اء الرس‪FF‬ول بش‪FF‬ريعة أم‪FF‬ره اهلل‬
‫إّ‬ ‫‪.2‬‬
‫أن يبلغها للناس ويدعوهم إليها‪ .‬قال أبو جعفر الطحاوي‪" :‬وق‪F‬د ذك‪F‬روا فروق‪ً F‬ا بين الن‪F‬بي والرس‪F‬ول أحس‪F‬نها أن‬
‫تعالى ْ‬

‫(?) عبد الجبار بن أحمد الهمداني (ت ‪415‬ه‪ )1025/‬شرح األصول الخمسة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة األسرة‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.567‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?) القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني (ت ‪415‬ه‪ F)1025/‬األسدي‪ ،‬شرح األصول الخمسة‪ ،‬تحقي‪FF‬ق‪ :‬عبد الك‪FF‬ريم عثم‪FF‬ان‪،‬‬ ‫‪9‬‬

‫مكتبة وهبة‪ ،‬ط‪1966 ،3‬م‪ ،‬ص‪.568 -567‬‬


‫(?) يوسف الزيوت‪ ،‬معايير التفريق بين النبي والرسول‪ ،‬جامعة‪ F‬دمشق‪ ،‬مج‪ ،19‬ع‪2003 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫(?) بهجت الحباش‪FF‬نة‪ ،‬الرس‪FF‬ول والن‪FF‬بي "بين الق‪FF‬ائلين بالمرادفة والق‪FF‬ائلين بالمغ‪FF‬ايرة"‪ ،‬المجلة األردنية في الدراس<ات اإلس<المية‪،‬‬ ‫‪11‬‬

‫جامعة آل البيت‪ ،‬المجلد (‪ ،)8‬العدد (‪ ،)2‬رجب ‪1433‬هـ‪ ،‬حزيران ‪2012‬م‪ ،‬ص‪.134‬‬

‫‪12‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫من نب ‪FF‬أه اهلل بخ ‪FF‬بر الس ‪FF‬ماء‪ ،‬إن أم ‪FF‬ر أن يبل ‪FF‬غ غ ‪FF‬يره فه ‪FF‬و ن ‪FF‬بي مرس‪FF‬ل‪ ،‬وإ ن لم ي ‪FF‬ؤمر أن يبل ‪FF‬غ غ ‪FF‬يره فه ‪FF‬و ن ‪FF‬بي وليس‬
‫برسول‪ ،‬فالرسول أخص من النبي فكل رسول نبي وليس كل نبي رسوالً"(‪.)12‬‬
‫ن الن‪FF‬بي ه‪FF‬و من ج‪FF‬اء مؤي‪FF‬داً وم‪FF‬ؤازراً لن‪FF‬بي قبل‪FF‬ه في ش‪FF‬ريعته‪ ،‬ولم ي‪FF‬أت بجدي‪FF‬د‪ F،‬بينم‪FF‬ا الرس‪FF‬ول من ج‪FF‬اء بش‪FF‬ريعة‬
‫إّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ن الرس‪FF‬ول من أوحي إلي‪F‬ه بش‪FF‬رع جدي‪F‬د‬
‫جديدة أو كت‪F‬اب ناس‪FF‬خ‪ .‬ويق‪F‬ول ال‪F‬دكتور عم‪F‬ر األش‪F‬قر‪ :‬والتعريف المختار‪" :‬إ ّ‬
‫(‪.)13‬‬
‫والنبي هو المبعوث لتقرير شرع من قبله"‬
‫وهو فرق ومعي‪F‬ار منق‪F‬ول عن ش‪F‬يخ اإلس‪F‬الم ابن تيمي‪F‬ة إذ يق‪F‬ول‪" :‬إن الن‪F‬بي يرس‪F‬ل إلى أق‪F‬وام مؤم‪F‬نين م‪F‬وافقين‪ ،‬بينم‪F‬ا‬ ‫‪.4‬‬
‫يرسل الرسول إلى أقوام غير مؤمنين وغير موافقين"(‪.)14‬‬
‫إن‬
‫وال يصح التفريق بين النبي والرسول باإلعتماد على معيار (األمر بالتبليغ من عدمه)‪ F،‬والسبب في ذل‪F‬ك‪ّ " ،‬‬
‫ترك البالغ كتمان لوحي اهلل تعالى‪ ،‬واهلل تع‪F‬الى ال ي‪F‬نزل وحي‪F‬ة ليكتم‪ ،‬وي‪F‬دفن في ص‪F‬در واح‪F‬د من الن‪F‬اس‪ ،‬ثم يم‪F‬وت ه‪F‬ذا‬
‫العلم بموت‪FF‬ه‪ ،‬ق‪FF‬ال –علي‪FF‬ه الص‪FF‬الة والس‪FF‬الم‪" :-‬عرض‪FF‬ت عليّ األمم‪ ،‬فجع‪FF‬ل يمرّ الن‪FF‬بي مع‪FF‬ه الرج‪FF‬ل‪ ،‬والن‪FF‬بي مع‪FF‬ه ال‪FF‬رجالن‪،‬‬
‫والن‪FF‬بي مع‪FF‬ه الره‪FF‬ط‪ ،‬والن‪FF‬بي ليس مع‪FF‬ه أحد"(‪ ،)15‬ف‪FF‬دل ه‪FF‬ذا الح‪FF‬ديث على أن األنبي‪FF‬اء م‪FF‬أمورون ب‪FF‬البالغ‪ ،‬وإنهم يتف‪FF‬اوتون في‬
‫إن الن‪FF‬بي يرس‪F‬ل‬
‫مدى االستجابة لهم‪ .‬لذا فالراجح في التفريق بين النبي والرسول‪ ،‬هو م‪F‬ا ذهب إلي‪FF‬ه ش‪F‬يخ اإلس‪FF‬الم‪ ،‬في " ّ‬
‫إلى أقوام مؤمنين موافقين‪ ،‬بينما يرسل الرسول إلى أقوام غير مؤمنين وغير موافقين"(‪.)16‬‬

‫تعريف النبي والرسول في االصطالح‪:‬‬


‫بع‪FF‬د بي‪FF‬ان آراء أه‪FF‬ل العلم في التفري‪FF‬ق بين الن‪FF‬بي والرس‪FF‬ول‪ ،‬وبي‪FF‬ان أهم المع‪FF‬ايير والف‪FF‬روق ال‪FF‬تي به‪FF‬ا يف‪FF‬رق بين الن‪FF‬بي‬
‫والرسول‪ ،‬نأتي إلى تعريفهما في االصطالح‪:‬‬
‫يق‪FF‬ول ش‪FF‬يخ اإلس‪FF‬الم ابن تيمي‪FF‬ة‪" :‬وه‪FF‬ذا مع‪FF‬نى النب‪FF‬وة ويتض‪FF‬من أن اهلل ينبئ ‪F‬ه‪ F‬ب‪FF‬الغيب‪ ،‬وأن‪FF‬ه ين‪FF‬بئ الن‪FF‬اس ب‪FF‬الغيب‪،‬‬
‫والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رساالت ربهم"(‪.)17‬‬
‫ويقول ابن القيم‪" :‬حقيقة النبوة والرسالة إنباء اهلل لرسوله‪ ،‬وأمره بتبليغ الكالم إلى عباده"(‪.)18‬‬
‫الرسول هو‪" :‬من أوحي إليه بشرع جديد‪ ،‬والنبي هو المبعوث لتقرير شرع من قبله"(‪.)19‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬معنى النبي والرسول عند النصارى‪:‬‬


‫إن مع ‪FF‬نى النبــي والرس ‪FF‬ول عن ‪FF‬د النص ‪FF‬ارى يواج ‪FF‬ه ص ‪FF‬عوبات في تحدي ‪FF‬د معن ‪FF‬اه وحقيقت ‪FF‬ه ويمكن تلخيص ه ‪FF‬ذه‬
‫الصعوب ـ ـات بما يلي‪:‬‬
‫‪".1‬االنش‪F‬قاق‪ :‬إذ تنقس‪F‬م النص‪F‬رانية من داخله‪F‬ا إلى ثالث‪F‬ة أدي‪F‬ان مس‪F‬تقلة‪ ،‬ال تختل‪F‬ف فق‪F‬ط في ق‪F‬انون اإليم‪F‬ان‪ ،‬ب‪F‬ل في ق‪F‬انون الكت‪F‬اب‬
‫المقدس‪.‬‬

‫(?) ابن تيميه‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم (ت ‪728‬ه‪1328/‬م)‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬دار الوفاء‪2001 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،18‬ص‪.7‬‬ ‫‪17‬‬

‫(?) محم د بن أبي بك ر بن أي وب بن س عد ابن قيم الجوزية (ت ‪751‬ه‪1349/‬م)‪ ،‬الص<<<<واعق المرس<<<<لة على الجهمية‬ ‫‪18‬‬

‫والمعطلة‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬علي بن محمد الدخيل اهلل‪ ،‬دار العاصمة‪1998 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،3‬ج‪ ،3‬ص‪.987-986‬‬
‫(?) الرسل والرساالت مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪13‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.2‬قض‪F‬ية األص‪F‬الة‪ :‬حيث تض‪F‬رب ج‪F‬ذور النص‪F‬رانية في اليهودي‪F‬ة‪ ،‬وتأخ‪F‬ذ منه‪F‬ا وتس‪F‬تند إليه‪F‬ا فق‪F‬د تبنت النص‪F‬رانية العه‪F‬د الق‪F‬ديم‬
‫ولم تع‪FF‬رف غ‪FF‬يره في عص‪FF‬ورها األولى‪ ،‬وهي ت‪FF‬رفض اإلق‪FF‬رار بس‪FF‬لطة العه‪FF‬د الق‪FF‬ديم‪ ،‬وتبط‪FF‬ل مفع‪FF‬ول ش‪FF‬ريعته‪ ،‬وال‬
‫تألوا جهدًا في مناقضته وتبديله وإ حالل دين جديد محل ديانته‪.‬‬
‫‪.3‬بن‪FF‬اء الكنيس‪FF‬ة على شخص‪F‬ية المس‪FF‬يح باعتب‪FF‬اره مؤسس‪ًF‬ا للديان‪F‬ة‪ ،‬ب‪FF‬ل ه‪F‬و رب له‪F‬ذا البن‪FF‬اء‪ ،‬جع‪F‬ل من المس‪F‬يح س‪F‬ماء النص‪F‬رانية‬
‫وأرضها‪ ،‬ألفها وباءها‪ ،‬دنياه‪F‬ا وآخرته‪F‬ا‪ ،‬مم‪F‬ا أدى إلى حص‪F‬ر العقي‪F‬دة في‪F‬ه وح‪F‬ده‪ ،‬إيمان‪F‬اً واعتق‪F‬اداً‪ ،‬نظ‪F‬راً وتفك‪F‬يراً‪.‬‬
‫فك‪F‬انت النتيج‪F‬ة أن خبت في النص‪F‬رانية وتض‪F‬اءلت أهمي‪F‬ة ك‪F‬ل م‪F‬ا س‪F‬وى ‪-‬المس‪F‬يح ‪ ،-‬فلم يكن غريب‪ًF‬ا واألم‪F‬ر ك‪F‬ذلك أن‬
‫تختفي عقيدة النبوة‪ ،‬ال من قانون اإليمان النصراني بل من الفكر النصراني عموماً‪.‬‬
‫(‪)20‬‬
‫ال يسمح باختالط األلوهية بالنبوة اختالطًا يصعب الفصل معه بينهما" ‪.‬‬
‫‪.4‬اضطراب قضايا أصول الدين وتداخلها تداخ ً‬
‫ل‪FF‬ذا ف‪FF‬البحث عن مع‪FF‬نى الن‪FF‬بي والرس‪FF‬ول في النص‪FF‬رانية‪ ،‬يص‪FF‬طدم م‪FF‬ع مب‪FF‬احث أخ‪FF‬رى‪ ،‬كاأللوهي‪FF‬ة في النص‪FF‬رانية‪،‬‬
‫واإلنقس‪FF‬ام ال‪FF‬داخلي الش‪FF‬ديد داخ‪FF‬ل الكن‪FF‬ائس في نظ‪FF‬رتهم إلى عيس‪FF‬ى ‪ ،‬وه‪FF‬ذا ب‪FF‬دوره ينعكس بش‪FF‬دة على تعريـ ـــف الن‪FF‬بي أو‬
‫الرس ‪FF‬ول في النص ‪FF‬رانية‪ .‬ومم ‪FF‬ا يزي ‪FF‬د األم ‪FF‬ر ص ‪FF‬عوبة‪ ،‬إن النب ‪FF‬وة والرس ‪FF‬الة في النص ‪FF‬رانية تغ ‪FF‬اير بش ‪FF‬دة النب ‪FF‬وة والرس ‪FF‬الة في‬
‫اليهودية‪ ،‬مع اعتماد النصرانية للتوراة ككتاب مقدس لها‪ ،‬فهنا يظهر بعدان في البناء النصراني للنبوة هما‪:‬‬
‫‪ .1‬الفهم التقليدي للنبوة في بني إسرائيل والذي ورثته النصرانية‪.‬‬
‫‪.2‬النبوة كما يطرحها مؤلفو العه‪F‬د الجدي‪F‬د‪ ،‬وعليه‪F‬ا يطغى التص‪F‬ور والت‪F‬أثير الفلس‪F‬في والوث‪F‬ني الس‪F‬ائد في ذل‪F‬ك الحين‪ .‬مم‪F‬ا أدى‬
‫إلى المطالب‪FF‬ة بوج‪FF‬وب دراس‪FF‬ة ظ‪FF‬اهر النب‪FF‬وة النص‪FF‬رانية في إط‪FF‬ار ديان‪FF‬ات الع‪FF‬الم الق‪FF‬ديم‪ ،‬وعلى وج‪FF‬ه الخص‪FF‬وص ع‪FF‬الم‬
‫حوض البحر األبيض المتوسط(‪.)21‬‬
‫لكل ذلك فإن الباحث يصطدم خلف ماهية النبوة في النصرانية بعقبة عدم وجود مفهوم واضح‪ ،‬أو تحديد دقيق‪،‬‬
‫أو تعري‪FF F‬ف ج ‪FF‬امع م‪FF F‬انع لماهي‪FF F‬ة النب‪FF F‬وة النص‪FF F‬رانية؛ مم‪FF F‬ا يجع‪FF F‬ل الحص‪FF F‬ول على تص‪FF F‬ور علمي ش ‪FF‬امل لظ ‪FF‬اهرة النب‪FF F‬وة في‬
‫النصرانية أمراً شاقاً(‪ .)22‬مثل ذلك‪:‬‬

‫‪)1‬كيفية تحديد الرسول في النصرانية‪:‬‬


‫نتيجة لإلضطراب واإلنقسام الس‪F‬ابق‪ ،‬أن تع‪F‬ددت اس‪F‬تخدامات وإ طالق‪F‬ات لف‪F‬ظ (رس‪F‬ول) في العه‪F‬د الجدي‪F‬د‪ ،‬وفي ك‪F‬ل‬
‫مرة يستخدم بمعنى مخالف ومغاير لآلخر‪ ،‬ومثال ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬أحيان‪F F‬اً يطل ‪FF‬ق لف ‪FF‬ظ (رس ‪FF‬ول) على عيس ‪FF‬ى ‪" ،‬أيه ‪FF‬ا األخ ‪FF‬وة القديس ‪FF‬ون ش ‪FF‬ركاء ال ‪FF‬دعوى الس ‪FF‬ماوية الحظ ‪FF‬وا رس ‪FF‬ول‬
‫اعترافنا ورئيس كهنته‪ F‬المسيح يسوع"(‪.)23‬‬
‫‪ .2‬وأحيانًا يطلق لفظ اإلرسال على عيسى بن مريم ‪ ‬على اعتبار أن اهلل تعالى هو ال‪F‬ذي أرس‪F‬له مث‪F‬ل‪" :‬ق‪F‬ال لهم يس‪F‬وع‪:‬‬
‫أنا معكم زمانًا يسيرًا بع‪F‬د ثم أمض‪F‬ي إلى ال‪F‬ذي أرس‪F‬لني"(‪ .)24‬فهن‪F‬ا ن‪F‬رى أن اس‪F‬تخدام لف‪F‬ظ (رس‪F‬ول) يطل‪F‬ق على عيس‪F‬ى ‪‬‬
‫باعتباره مرسالً من رب العالمين‪.‬‬

‫(?) عبد المحسن‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.140‬‬ ‫‪22‬‬

‫(?) رسالة بولس الى الجرانيسين االصحاح ‪ 3‬الفقرة األولى‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪14‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫‪ .3‬وأحيانًا يطلق لفظ (رس‪F‬ول) على ال‪F‬ذين اجتم‪F‬ع بهم عيس‪F‬ى ‪ ‬بع‪F‬د أن ص‪F‬لب وق‪F‬ام من ق‪F‬بره ‪-‬حس‪F‬ب زعم النص‪F‬ارى‪،-‬‬
‫(‪)25‬‬
‫ال‪ ،‬وهم ال ‪FF‬ذين اخت ‪FF‬ارهم ليع ‪FF‬اينوا ح ‪FF‬وادث حياته على األرض‪ ،‬ويرووه ‪FF‬ا بع‪FFF‬د قيامته‬
‫وع ‪FF‬ددهم اثن ‪FF‬ا عشر رس ‪FF‬و ً‬
‫المزعومـ ـة‪.‬‬
‫وإلزال‪FF‬ة اإلبه‪FF‬ام الس‪FF‬ابق في مفه‪FF‬وم الرس‪FF‬ول‪ ،‬ظه‪FF‬رت بعض المح‪FF‬ددات ال‪FF‬تي تس‪FF‬اعد على ض‪FF‬بط مفه‪FF‬وم الرس‪FF‬ول‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪.1‬أن يكون قد اتصل بالمسيح وعاشره وتلقى تعاليمه منه مباشرة‪.‬‬
‫‪.2‬أن يك‪FF‬ون المس‪FF‬يح ق‪FF‬د دع‪FF‬اه إلى ه‪FF‬ذه الخدمة(‪ .)26‬ثم أص‪FF‬بح لف‪FF‬ظ (رس‪FF‬ول) يطل‪FF‬ق على أي ش‪FF‬خص يرس‪FF‬ل في مهمة‬
‫خاص‪FF‬ة‪ ،‬مث‪FF‬ل المبش‪FF‬رين‪ .‬إال إن ه‪FF‬ذه المح‪FF‬ددات لم تكن كافي‪FF‬ة لتحدي‪FF‬د مفه‪FF‬وم الرس‪FF‬ول في النص‪FF‬رانية‪ ،‬فك‪FF‬ان ال ب‪FF‬د من‬
‫ن منهم من يغف‪FF‬ر‬
‫وضع ض‪FF‬وابط إض‪FF‬افية تم‪FF‬يز الرس‪FF‬ول عن الن‪FF‬بي‪ ،‬فتم تخص‪FF‬يص وظ‪FF‬ائف خاص‪FF‬ة بالرس‪FF‬ل‪ ،‬مث‪FF‬ل‪ :‬أ) إ ّ‬
‫ن ما يربطونه في األرض يربط في السماء‪ ،‬وما يحلونه يحل فيها(‪.)27‬‬‫الخطايا وإ مساك الغفران‪ .‬ب) إ ّ‬
‫َّ‬
‫ولعل أهم ما يميز الرسل في النصرانية‪ ،‬إنهم شهدوا قيامة المسيح من قبره بعد حادثة صلبه المزعومة‪.‬‬

‫‪ )2‬إشكالية عددالرسل في النصرانية‪:‬‬


‫لق‪FF‬د س‪FF‬اعدت المح‪FF‬ددات الس‪FF‬ابقة‪ ،‬وك‪FF‬ذلك الوظ‪FF‬ائف الخاص‪FF‬ة بالرس‪FF‬ل ‪-‬في النص‪FF‬رانية– على إب‪FF‬راز مفه‪FF‬وم الرس‪FF‬ل‬
‫وأصبح له مالمح يعتمد عليها‪ ،‬إال إن إشكالية أخ‪F‬رى تظه‪F‬ر هن‪F‬ا هي في ع‪F‬دد الرس‪F‬ل‪ ،‬فع‪F‬ددهم كم‪F‬ا س‪F‬بق ذك‪F‬ره‪ ،‬اثن‪F‬ا عش‪F‬ر‬
‫لكن هناك نصوص‪F‬اً في اإلنجي‪FF‬ل تش‪F‬ير إلى أنهم أك‪F‬ثر من ذل‪F‬ك بكث‪F‬ير‪.‬إذ‪ F‬ج‪F‬اء في الرس‪F‬الة األولى إلى كورنث‪FF‬وس‪:‬‬ ‫ال َّ‬ ‫رسو ً‬
‫ظهَ‪Fَ F‬ر َد ْف َع‪ F‬ةً َو ِ‪F‬‬
‫اح َ‪F‬دةً‬ ‫ك َ‬ ‫ظه‪FF‬ر ِلص‪F‬فَا ثَُّم ِلالثَْني ع َش‪F‬ر‪ .‬وبع‪Fَ F‬د ِ‬
‫ذل‪َ F‬‬ ‫ْ َ َ ََْ‬
‫)‬‫‪28‬‬ ‫(‬
‫ب اْل ُكتُ ِب‪َ ،‬و ََّأنهُ َ َ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫"و ََّأنه ُد ِفن‪ ،‬و ََّأنه قَ‪ِ F‬‬
‫‪F‬ام في اْلَي‪Fْ F‬وِم الثَّالث َح َس‪َ F‬‬
‫َ ُ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأل ْكثََر ِم ْن َخ ْم ِس ِمَئ ِة ٍ‬
‫آخ َر‬‫ين‪َ .‬و ‪F‬‬ ‫َأج َمع َ‬ ‫‪F‬وب‪ ،‬ثَُّم ل ُّلر ُس‪F‬ل ْ‬
‫ظ َهَر لَي ْعقُ َ‬
‫ضهُ ْم قَ ْد َرقَ ُدوا‪َ .‬وَب ْع َد ذل َك َ‬ ‫َأخ‪َ ،‬أ ْكثَُر ُه ْم َباق ِإلَى َ‬
‫اآلن‪َ .‬ولك َّن َب ْع َ‬
‫ظهَ َر ِلي ََأنا"(‪.)29‬‬ ‫لس ْق ِط‪َ -‬‬‫اْل ُك ِّل ‪َ -‬ك ََّأنهُ ِل ِّ‬
‫ال‪ ،‬معتمدين على أنّهم شاهدوا قيامة عيسى ‪ ‬المزعومة‪ ،‬إال إن النص‬ ‫فالنصرانية حددت الرسل باثني عشر رسو ً‬
‫الس‪F‬ابق يش‪F‬ير إلى أن من ش‪F‬اهد قيام‪F‬ة عيس‪F‬ى ‪ ،‬وظه‪F‬ر لهم بوص‪F‬فه إله‪F‬اً –تع‪F‬الى اهلل عم‪F‬ا يقول‪F‬ون عل‪F‬واً كب‪F‬يراً ‪ ،-‬أك‪F‬ثر من‬
‫اثني عشر رسوال‪ ،‬بل يصل عددهم إلى أكثر من خمسئة إنسان شهدوا قيامة عيسى ‪ ‬من قبره‪ ،‬فما دام أنهم شهدوا قيامت‪FF‬ه‪،‬‬
‫لم ال يعدوا من الرسل؟!‬

‫‪)3‬إشكالية في إنطباق الشروط على بعض الرسل‪:‬‬


‫على ال‪FF‬رغم من وض‪FF‬ع ش‪FF‬روط لتحدي‪FF‬د الرس‪F‬ول في النص‪F‬رانية‪ ،‬إال أن هن‪FF‬اك من الرس‪F‬ل من لم تنطب‪FF‬ق علي‪FF‬ه ش‪FF‬روط‬
‫الرسالة‪ ،‬ومع ذلك تم اعتباره رسوالً! ومثال ذلك‪:‬‬
‫‪.1‬ميتاس الذي اختير خلفاً ليهوذا الخائن‪.‬‬
‫‪.2‬برنابا الذي كان نبياً ثم عين رسوالً‪.‬‬
‫‪.3‬شاؤول الطرسوسي (بولس) الفريسي(‪.)30‬‬

‫(?) أحمد عبد الرهاب‪ ،‬النبوة بين اليهودية والمسيحية واالسالم‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬بدون تاريخ أو رقم طبعة‪ ،‬ص‪.268‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪15‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الخالصة في مفهوم الرس‪F‬ول في النص‪F‬رانية‪ :‬إن النص‪F‬رانية على ال‪F‬رغم من س‪F‬عيها لتحدي‪F‬د مع‪F‬نى الرس‪F‬ول إال أن ه‪F‬ذا‬
‫المع ‪FF‬نى بقي غامض ‪F‬اً ومض ‪FF‬طرباً‪ ،‬ولم تنجح مح ‪FF‬اوالت تحدي ‪FF‬د ش ‪FF‬روط الرس ‪FF‬ول‪ ،‬أوتحدي ‪FF‬د وظائف ‪FF‬ه إلى رف ‪FF‬ع اإلبه ‪FF‬ام عن‬
‫معنى الرسول‪.‬‬
‫األنبي‪FF‬اء في النص‪FF‬رانية‪ :‬يمكن تمي‪FF‬يز الن‪FF‬بي عن الرس‪FF‬ول في النص‪FF‬رانية من خالل‪ ،‬الوظ‪FF‬ائف‪ ،‬وكيفي‪FF‬ة اإلس‪FF‬تدعاء‬
‫للنبوة‪.‬‬
‫فأما من جهة الوظائف‪ :‬فهم الذين يبش‪F‬رون وي‪F‬دعون إلى انتظ‪F‬ار حل‪F‬ول مملك‪F‬ة ال‪F‬رب‪ ،‬ويق‪F‬درون العالم‪F‬ات الس‪F‬ابقة‬
‫على ق ‪FF‬دوم المنتظ ‪FF‬ر‪ ،‬إذ ينظ ‪FF‬رون إلى المس ‪FF‬تقبل‪ ،‬فيتمكن ‪FF‬ون من كش ‪FF‬ف األح ‪FF‬داث اآلتي ‪FF‬ة بمس ‪FF‬اعدة ال ‪FF‬روح الق‪FFF‬دس‪ ،‬وهم‬
‫يتحدثون باسم الروح القدس نواباً هلل في األرض(‪- .)31‬تعالى اهلل عن ذلك‪.-‬‬
‫النبي في العهد الجديد‪F:‬‬
‫ّ‬ ‫"ومن الميزات التي يمكن من خاللها تحديد‬
‫‪.1‬إّنه المتكلم من لدن اهلل بوساطة الروح القدس‪.‬‬
‫‪.2‬القدرة على كشف المستقبل‪.‬‬
‫‪.3‬إّنه يعرف الماضي‪.‬‬
‫‪.4‬الوعظ‪.‬‬
‫‪.5‬التعزية‪.‬‬
‫‪.6‬تشد به العزائم‪.‬‬
‫‪.7‬التعليم‪.‬‬
‫‪.8‬التبشير‪.‬‬
‫‪.9‬يمتلك نصيباً من المعرفة اإللهية‪.‬‬
‫‪.10‬حامل سر المسيح‪.‬‬
‫(‪)32‬‬
‫‪.11‬إّنه يبني جماعة" ‪.‬‬
‫أما من جهة اإلستدعاء للنبوة‪ :‬فإذا كان الرسول قد دعاه عيسى ‪ ‬ليكون رسوالً‪ ،‬فالاستدعاء للنيوة أمر مختلف‪،‬‬
‫ّ‬
‫فال يع‪FF‬رف كيفي‪FF‬ة اس‪FF‬تدعاء األنبي‪FF‬اء وتع‪FF‬يينهم‪ ،‬أي ال يوج‪FF‬د ش‪FF‬روط ومح‪FF‬ددات تظه‪FF‬ر كيفي‪FF‬ة تع‪FF‬يين‪ F‬األنبي‪FF‬اء‪ ،‬إال إنّ‪F‬ه يمكن‬
‫الاستئناس بمثال على تعيين األنبياء‪ ،‬بتعيين بولس لبعض األنبياء‪ ،‬فقد ج‪F‬اء في أعم‪F‬ال الرس‪F‬ل‪" :‬إن ب‪F‬ولس وض‪F‬ع ي‪F‬ده على‬
‫رأس أح‪FF‬دهم ف‪FF‬نزل علي‪FF‬ه ال‪FF‬روح الق‪FF‬دس‪ ،‬وأخ‪FF‬ذوا يتكلم‪FF‬ون بلغ‪FF‬ات غ‪FF‬ير لغتهم ويتنب‪FF‬أون"(‪ .)33‬ف‪FF‬النص يش‪FF‬ير إلى أن مبارك‪FF‬ة‬
‫بولس ألحد األشخاص‪ ،‬جعلته من ساعته نبياً‪ ،‬تعلم بسرعة لغةً غير لغة قومه وأخذ يتحدث بها‪.‬‬
‫ول‪F‬ذلك ف‪F‬إن التعري‪F‬ف المناس‪F‬ب للنب‪F‬وة في النص‪F‬رانية وك‪F‬ذلك مراتبه‪F‬ا بع‪F‬د النظ‪F‬ر إلى أعم‪F‬الهم ال‪F‬تي يقوم‪F‬ون به‪F‬ا ه‪F‬و‬
‫(التحدث باسم الروح) حيث ُأخذ من نص مهم لبولس هو‪:‬‬
‫"إن المواهب على أنواع وأما الروح فهو هو‪.‬‬
‫وإن الخدمات على أنواع وأما الرب فهو هو‪.‬‬
‫وإن األعمال على أنواع وأما الذي يعمل كل شيء في جميع الناس فهو هو‪.‬‬
‫كل واحد يتلقى ما يظهر الروح ألجل الخير العام‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫فأحدهم يتلقى من الروح كالم حكمة‪ ،‬واآلخر يتلقى وفقًا للروح نفسه كالم معرفة‪ ،‬وسواه اإليمان في الروح نفسه‪،‬‬
‫واآلخ‪FF‬ر هب‪FF‬ة الش‪FF‬فاء به‪FF‬ذا ال‪FF‬روح الواح‪FF‬د‪ ،‬أو س‪FF‬واه الق‪FF‬درة على اإلتي‪FF‬ان ب‪FF‬المعجزات‪ ،‬واآلخ‪FF‬ر النب‪FF‬وءة‪ ،‬وس‪FF‬واه التمي‪FF‬يز بين‬
‫األرواح‪ ،‬واآلخ‪F‬ر التكلم باللغ‪F‬ات‪ ،‬وس‪F‬واه ترجمته‪F‬ا‪ ،‬وه‪F‬ذا كل‪F‬ه يعمل‪F‬ه ال‪F‬روح الواح‪F‬د نفس‪F‬ه موزع‪ًF‬ا على ك‪F‬ل واح‪F‬د م‪F‬ا يوافق‪F‬ه كم‪F‬ا‬
‫يشاء"(‪ .)34‬فمعنى النبي في النصرانية أوسع منه في اإلسالم‪ ،‬ووظائف النبي في النصرانية مغ‪F‬ايرة لم‪F‬ا هي علي‪F‬ه في اإلس‪F‬الم‬
‫وفي اللغة العربية‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬موقف اإلسالم من مفهوم النصارى للنبي والرسول‪:‬‬


‫َأعَل ُم‬
‫ير ‪[‬الحج‪ ،]75 :‬وقال تعالى‪ :‬الّل ُه ْ‬ ‫ِ‬ ‫اس ِإ َّن اللَّ َه ِ‬‫ال َو ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِئ ِ‬ ‫قال تعالى‪ :‬اللَّ ُه يص َ ِ ِ‬
‫يع َبص ٌ‬
‫سم ٌ‬‫َ‬ ‫سً‬ ‫طفي م َن ا ْل َماَل َكة ُر ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ث َي ْج َع ُل ِر َ‬
‫سالَتَ ُه‪ :١٢٤[‬األنعام]‪.‬‬ ‫َح ْي ُ‬
‫ال ألنْ يحمل هذه األمانة‪.‬‬
‫فالرسالة اصطفاء خالص من اهلل تعالى يختار من المالئكة‪ ،‬ويختار من الناس من كان مؤه ً‬
‫فاهلل تعالى أعلم بخلقه وأعلم بقدراتهم ومن منهم يصلح لهذه المسؤولية‪ .‬فال دور للبشر في تحص‪FF‬يل النب‪FF‬وة أو الرس‪FF‬الة أي‪F‬اً‬
‫كـان‬
‫اجتهادهم وتعبدهم‪.‬‬
‫وأما في النصرانية‪ :‬فللرس‪FF‬ول ش‪F‬روط وض‪FF‬عها البش‪FF‬ر‪ ،‬وهي ليس‪FF‬ت وحي‪F‬اً م‪FF‬نزالً من عن‪FF‬د اهلل‪ .‬وق‪FF‬د تمت مخالف‪FF‬ة‬
‫ش‪FF‬روط النص‪FF‬رانية للرس‪FF‬ول بثالث‪FF‬ة من الرس‪FF‬ل س‪FF‬بق ذك‪FF‬رهم‪ ،‬ب‪FF‬ل إنّ ب‪FF‬ولس خ‪FF‬الف الرس‪FF‬ل اآلخ‪FF‬رين حين حص‪FF‬ر النص‪FF‬رانية في‬
‫اإليمان بالمسيح فقط‪ ،‬مع أن عيسى ‪ ‬دعا الخطاة إلى التوبة وض‪F‬رورة اق‪F‬تران الق‪F‬ول بالعم‪F‬ل‪ ،‬وب‪F‬ولس أهم‪F‬ل العم‪F‬ل واقتص‪F‬ر‬
‫على اإليمان بأن موت المسيح كان موتًا كفاريًا‪ ،‬فاإليمان بيسوع المسيح يخول المؤمنين عمل ما يشاؤون فم‪F‬ا دامت الخطاي‪F‬ا‬
‫تغفر فال حاجة للامتناع عنها(‪.)35‬‬
‫وال تناقض في اإلسالم بين رسل رب العالمين‪ ،‬بل إنّ دعوتهم واحدة جاءت في قول‪FF‬ه تع‪FF‬الى‪َ  :‬ولَقَ ْد َب َع ْثنَا ِفي ُك ِّل‬
‫ـه‬ ‫الل َه م<ا َل ُكم ِّم ْن ِإَل ٍ‬
‫َ‬
‫اعُب ُ<دوْا َّ‬ ‫طا ُغوتَ ‪[‬النح‪FF‬ل‪ ]٣٦ :‬وك‪FF‬ان ك‪FF‬ل رس‪ٍ F‬‬
‫‪F‬ول يق‪FF‬ول لقوم‪FF‬ه‪َ :‬ي<ا َق ْ<وِم ْ‬ ‫اج َت ِنبُو ْا ال َّ‬ ‫ُأ َّم ٍة َّر ُ‬
‫سو ًال َأ ِن اعْ بُدُو ْا هّللا َ َو ْ‬
‫َغْيُرهُ‪[ ‬األع‪F‬راف‪ ]٥٩ :‬فقد ورد ه‪F‬ذا على لس‪F‬ان ك ٍّ‪F‬ل من رس‪F‬ول اهلل ن‪F‬وح‪ ،‬وه‪F‬ود‪ ،‬وص‪F‬الح‪ ،‬وغ‪F‬يرهم من األنبي‪F‬اء والمرس‪F‬لين ‪-‬‬
‫عليهم الصالة والسالم‪ -‬أجمعين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إثبات نبوة عيسى ‪ ‬من خالل سيرته الــتي وردت في األناجيل‪:‬‬
‫من المعل‪FF‬وم أن اهلل ‪ ‬بعث أنبي‪FF‬اءه ورس‪FF‬له بعقي‪FF‬دة التوحي‪FF‬د‪ ،‬وه‪FF‬و األص‪FF‬ل ال‪FF‬ذي يش‪FF‬ترك في‪FF‬ه ك‪FF‬ل األنبي‪FF‬اء على تن‪Fُّ F‬وع‬
‫أزم‪FF‬انهم‪ ،‬م‪FF‬ع االختالف في المس‪FF‬ائل الفرعي‪FF‬ة األخ‪FF‬رى المتعلق‪FF‬ة ب‪FF‬األحوال الشخص‪FF‬ية والمالي‪FF‬ة وغيرها‪ ،‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪َ  :‬ولَ َق ْد‬
‫بَ َع ْثنَا ِفي ُك ِّل ُأ َّم ٍة َّر ُ‬
‫سوالً َأ ِن ا ْعبُدُو ْا هّللا َ َو ْ‬
‫اجتَنِبُو ْا الطَّا ُغوتَ ‪[‬النحل‪.]٣٦ :‬‬
‫وقال ‪ ..." :‬واألنبياء إخوة لعالت‪ ،‬أمهاتهم شتى ودينهم واحد"(‪.)36‬‬
‫ومع‪FF‬نى إخ‪FF‬وة لعالت "هم ال‪FF‬ذين ليس‪FF‬وا ألم واح‪FF‬دة‪ ،‬والعالت‪ :‬الض‪FF‬رائر‪ .‬ق‪FF‬ال اله‪FF‬روي في مع‪FF‬نى الح‪FF‬ديث‪ :‬إنّهم ألمه‪FF‬ات‬
‫مختلف‪F‬ات ودينهم واح‪FF‬د"(‪ )37‬ف‪FF‬األم ال‪FF‬تي تجم‪FF‬ع ك‪FF‬ل األنبي‪FF‬اء‪ ،‬هي ال‪FF‬دعوة إلى إس‪FF‬الم الوج‪FF‬ه هلل تع‪FF‬الى‪ ،‬واالنقي‪FF‬اد ل‪FF‬ه رغم اختالف‬
‫اع ُب ُدواْ اللَّ َه َما لَ ُكم ِّم ْن ِإلَ ٍـه َغ ْي ُرهُ‪[‬األعراف‪.]٥٩ :‬‬
‫بعض الشرائع بينهم ‪َ ‬يا قَ ْوِم ْ‬

‫‪17‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫و َّ‬
‫إن مما يجمع األنبياء والمرسلين هو اتحاد سيرتهم وتطابقها‪ ،‬وأعمالهم وقد ابتدأت دعواتهم ألقوامهم إلى "اإلسالم"‪،‬‬
‫غ‪FF‬ير أنهم واجه‪FF‬وا العن‪FF‬اد من أق‪F‬وامهم‪ ،‬ثم انتهى بهم المط‪F‬اف إلى أنْ ي‪F‬دعو الن‪F‬بي على قوم‪FF‬ه‪ ،‬أو أن يم‪FF‬وت‪ ،‬أو يقتل‪FF‬ه قوم‪FF‬ه‬
‫وأما عيس‪F‬ى ‪ ‬فحال‪F‬ه كح‪F‬ال األنبي‪F‬اء والرس‪F‬ل‪ ،‬من قبل‪F‬ه‪ ،‬فق‪F‬د ارتب‪F‬ط اس‪F‬مه باس‪F‬م أبين‪F‬ا آدم ‪‬‬ ‫دون أن يتمم دعوت‪F‬ه‪ ،‬إال محم‪F‬دَا ‪َّ .‬‬
‫ب ِث َّم َقا َل َل ُه ُكن َف َي ُكونُ ‪[‬آل عمران‪ ،]59 :‬فهذه اآلية الكريمة تؤصل‬
‫سى ِعن َد هّللا ِ َك َم َث ِل آ َد َم َخ َل َق ُه ِمن ت َُرا ٍ‬
‫في كتاب اهلل في ‪ِ‬إنَّ َم َث َل ِعي َ‬
‫للتشابه الكبير في الخلقة بين آدم وعيسى ‪-‬عليهما السالم‪.-‬‬
‫ن محمداً ‪ ‬قال‪" :‬أنا أولى الناس بعيسى بن مريم ليس بين‪F‬ه وبي‪F‬ني ن‪F‬بي"(‪ .)38‬فس‪F‬يرة‬
‫وورد في الحديث الشريف إ ّ‬
‫عيس ‪FF‬ى ‪ ،‬تحم ‪FF‬ل في طياته ‪FF‬ا مظ ‪FF‬اهر النب ‪FF‬وة‪ ،‬ومالمح الرس ‪FF‬الة من زمن آدم ‪ ،‬إلى زمن محم ‪FF‬د ‪ ،‬فق ‪FF‬د اش ‪FF‬ترك ن ‪FF‬بي اهلل‬
‫عيسى ‪ ‬مع األنبياء والرسل من قبله ومن بع‪F‬ده بكث‪F‬ير من األعم‪F‬ال واألق‪F‬وال‪ ،‬وال‪F‬تي ت‪F‬دل على أنّ مص‪F‬در دع‪F‬وتهم جميع‪ً F‬ا‬
‫هو من عن‪F‬د اهلل ‪َّ ،‬‬
‫وأن م‪F‬ا يحملون‪F‬ه من خص‪F‬ائص هي خص‪F‬ائص األنبي‪F‬اء‪ ،‬والرس‪F‬ل ‪-‬عليهم الس‪F‬الم‪ ،-‬وإ نْ تباع‪F‬دت بينهم‬
‫األزمنة أو األمكنة‪F.‬‬

‫المسألة األولى‪ :‬سيرة عيسى ‪ ‬في األناجيل تطابق سيرة األنبياء من قبله‪:‬‬
‫جاء في (معجم الالهوت الكتابي) عند بيان معنى كلمة يسوع‪ " :‬ورغم أنّ مسلك يسوع المسيح يتمي ـ ز بوض‪F‬وح عن‬
‫مسلك‬
‫(‪)40‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫المعمدان يحيى ‪ ، ‬فإننا نشاهد فيه الكثير من المالمح النبوية"‪( .‬متى‪. )14 :9 ،‬‬
‫ثم يشرع الكاتب بذكر بعض القضايا النبوية التي يشترك فيها عيسى ‪ ‬مع غيره من األنبياء من مثل‪ :‬كش‪F‬ف مض‪F‬مون‬
‫عالمات األزمنة ونهايتها‪ ،‬والغضب ضد الرياء الديني‪ ،‬وفتح الجدال في صفة أبناء إب‪F‬راهيم وغيره‪F‬ا‪ .‬إال أن هن‪FF‬اك كث‪FF‬يراً‬
‫ج‪FF‬داً من المالمح النبوي‪FF‬ة ال‪FF‬تي تظه‪F‬ر في دع‪FF‬وة عيس‪F‬ى ‪ ‬تتط‪FF‬ابق م‪F‬ع من س‪FF‬بقه من األنبي‪F‬اء‪ ،‬والرس‪FF‬ل ‪-‬عليهم الس‪FF‬الم‪ ،-‬وهي‬
‫كثيرة ومتعددة ولعل من أهمها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬دعوة التوحيد‪:‬‬


‫ً‬
‫وهي ج‪F‬وهر دع‪FF‬وة األنبي‪FF‬اء والرس‪FF‬ل‪ ،‬إذ اله‪FF‬دف من إرس‪F‬الهم ه‪FF‬و إرش‪F‬اد الن‪F‬اس إلى توحي‪FF‬د اهلل ‪ ‬وإ ف‪F‬راده بالعب‪FF‬ادة‪،‬‬
‫وحال نبي اهلل عيسى بن مريم ‪ ‬كحال كل األنبياء قبله‪ ،‬حمل دعوة التوحيد إلى قومه لذا كانت هي أولى وصاياه لهم‪،‬‬
‫ج ‪FF‬اء في إنجي ‪FF‬ل م ‪FF‬رقس(‪ ..." :)41‬فأجاب ‪FF‬ه يس ‪FF‬وع‪ :‬إن أول ك ‪FF‬ل الوص ‪FF‬ايا ي ‪FF‬ا إس ‪FF‬رائيل ال ‪FF‬رب إلهن ‪FF‬ا رب واح ‪FF‬د"‪ .‬وفي إنجي ‪FF‬ل‬
‫لوقا(‪ ..." :)42‬فأجابه يسوع‪ :‬للرب إلهك فاسجد وإ يّاه وحده تعبد"‪.‬‬
‫فه‪FF‬ذه النص‪FF‬وص الواض‪FF‬حة في ال‪FF‬دعوة إلى توحي‪FF‬د اهلل على لس‪FF‬ان ن‪FF‬بي اهلل عيس‪FF‬ى بن م‪FF‬ريم هي ذاته‪FF‬ا عن‪FF‬د من قبل‪FF‬ه من‬
‫األنبي‪FF‬اء‪ .‬فه‪FF‬ذا موس‪FF‬ى ‪ ‬يق‪FF‬ول في التثنية(‪" :)43‬ال‪FF‬رب ه‪FF‬و اإلل‪FF‬ه في الس‪FF‬ماء من ف‪FF‬وق وعلى األرض من أس‪FF‬فل ليس س‪FF‬واه"‪،‬‬
‫وفي سفر الخروج(‪" :)44‬أنا الرب إلهك ال يكن لك آلهة أخرى"‪ .‬ودعوة التوحيد كذلك هي دعوة داود ‪ ‬إذ يقول‪" :‬من قب‪F‬ل‬
‫أن توج‪FF‬د الجب‪FF‬ال أو ب‪FF‬دأت األرض المس‪FF‬كونة‪ ،‬من‪FF‬ذ األزل إلى األب‪FF‬د أنت اهلل"(‪ .)45‬ويق‪FF‬ول ك‪FF‬ذلك‪" :‬ألن‪FF‬ك عظيم أنت وص‪FF‬انع‬
‫العجائب أنت اهلل وحدك"(‪ ،)46‬ويقول‪" :‬من هو إله غير الرب"(‪ .)47‬وك‪F‬ذلك نحمي‪F‬ا ي‪F‬دعو إلى التوحي‪F‬د ويخ‪F‬اطب اهلل بقول‪F‬ه‪:‬‬
‫"أنت ه ‪FF F‬و ال ‪FF F‬رب وح ‪FF F‬دك"(‪ .)48‬وأي ‪FF F‬وب ‪ ‬يق ‪FF F‬ول‪" :‬الباس ‪FF F‬ط للس ‪FF F‬ماوات وح ‪FF F‬ده ‪ ،)49("...‬ويق ‪FF F‬ول مالخي‪" :‬أليس إل ‪FF F‬ه واح ‪FF F‬د‬
‫خلقنا"(‪ .)50‬ويقول إرميا‪" :‬ألنه ال مثي‪F‬ل ل‪F‬ك ي‪F‬ا رب عظيم أنت‪ ،‬وعظيم اس‪F‬مك في الج‪F‬بروت"(‪ .)51‬ويق‪F‬ول حزقي‪F‬ال(‪" :)52‬أنت‬

‫‪18‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫(‪)54‬‬
‫كلهم يحم‪FF‬ل دع‪FF‬وة التوحي‪FF‬د كم‪FF‬ا‬ ‫ه‪FF‬و اإلل‪FF‬ه وح‪FF‬دك ل‪FF‬ك ممالك األرض"(‪ .)53‬فه‪FF‬ذه النص‪FF‬وص عن أنبي‪FF‬اء في العه‪FF‬د الق‪FF‬ديم‬
‫حملها ن‪F‬بي اهلل عيس‪F‬ى بن م‪F‬ريم ‪ ،‬واألم‪F‬ر ك‪F‬ذلك عن‪F‬د من ج‪F‬اء بع‪F‬د عيس‪F‬ى ‪ ،‬وه‪F‬و محم‪F‬د ‪ ‬فإن‪F‬ه ‪ ‬حم‪F‬ل دع‪F‬وة التوحي‪F‬د‬
‫س <ِل ُم َ‬
‫ون‬ ‫ِد فَ َه< ْ<ل َأنتُم ُّم ْ‬ ‫<وحى ِإلَ َّي ََّأن َم<<ا ِإلَ ُه ُك ْم ِإلَ< ٌ‬
‫<ه َواح ٌ‬ ‫مثل ‪FF‬ه كمث ‪FF‬ل األنبي ‪FF‬اء والرس ‪FF‬ل ‪-‬عليهم الس ‪FF‬الم‪ -‬من قبله ‪ُ ‬ق< ْ<ل ِإ َّن َم<<ا ُي< َ‬
‫‪[‬األنبياء‪.]١٠٨ F:‬‬
‫اب َي ْوٍم‬
‫اف َعلَ ْي ُك ْم َع َذ َ‬ ‫اعُب ُدواْ اللَّ َه َما لَ ُكم ِّم ْن ِإلَ ٍـه َغ ْيُرهُ ِإِّن َي َ‬
‫َأخ ُ‬ ‫سْلَنا ُنوحاً ِإلَى َقْو ِم ِه فَقَ َ‬
‫ال َيا َقْوِم ْ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬لَقَ ْد َْأر َ‬
‫َع ِظ ٍيم‪[‬األع‪FF‬راف‪ ،]59 :‬وق‪FF‬د قاله‪FF‬ا ك‪Fٌّ F‬ل من أنبي‪FF‬اء اهلل‪ :‬ن‪FF‬وح وه‪FF‬ود وص‪FF‬الح وش‪FF‬عيب ‪-‬عليهم الس‪FF‬الم‪ -‬كم‪FF‬ا ورد ذل‪FF‬ك في س‪FF‬ورة‬
‫األعراف اآليات ‪ 59-‬و‪ 65‬و‪ 73‬و‪ -85‬فال‪F‬دعوة إلى توحي‪F‬د اهلل هي أك‪F‬بر مالمح النب‪F‬وة في عيس‪F‬ى ‪ ‬وهي ال‪F‬تي يش‪F‬ترك‬
‫بها مع كل األنبياء من قبله‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬علم الغيب واإلخبار عن الغيبيات‪:‬‬


‫ً‬
‫وهذا من العلوم التي اختص بها اهلل ‪ ‬نفسه‪ ،‬فلم ُيطلع عليها أحدًا من مخلوقات‪F‬ه إال بالق‪F‬در ال‪F‬ذي أذن ب‪F‬ه اهلل ‪ ،‬ومث‪F‬ل‬
‫نبي اهلل عيسى ‪ ،‬كمثل سائر األنبياء والرسل قد يخبر قومه عن بعض الغيبيات‪ ،‬وهذا األمر ال يجعل منزلت‪F‬ه أو منزل‪FF‬ة أي‬
‫نبي فوق البشر‪.‬‬
‫ومن أمثلة أخبار الغيب عند أنبياء اهلل‪ :‬ما ورد من أن تالم‪F‬ذة عيس‪F‬ى ‪ ‬ق‪F‬الوا ل‪F‬ه "اآلن نعلم أن‪F‬ك ع‪F‬الم بك‪F‬ل ش‪F‬يء"(‪.)55‬‬
‫وقال بطرس لنبي اهلل عيسى ‪" :‬يا رب‪ ،‬أنت تعلم كل شيء"(‪ .)56‬وه‪F‬ذا ادع‪F‬اء باط‪F‬ل‪ ،‬فعيس‪F‬ى ‪ ‬لم يكن يعلم الغيب من تلق‪F‬اء‬
‫لت‬
‫َأنت ُق َ‬ ‫س<ى ْاب َن َم ْ<رَي َم َأ َ‬ ‫ِ‬
‫ال الّل ُه َي<ا عي َ‬
‫نفس‪FF‬ه‪ ،‬ب‪FF‬ل إن م‪FF‬ا أخ‪FF‬بر ب‪FF‬ه ك‪FF‬ان من اهلل ‪ ‬ل‪FF‬ه‪ ،‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى على لس‪FF‬ان عيس‪FF‬ى ‪َ: ‬وِإ ْذ َق َ‬
‫<ق ِإن ُك ُ‬
‫نت ُق ْلتُ< ُ<ه فَقَ< ْ<د‬ ‫س ِلي ِب َح< ٍّ‬ ‫<ون ِلي ْ‬
‫َأن َأقُ<<و َل َم<<ا لَ ْي َ‬ ‫س< ْب َحا َن َك َم<<ا َي ُك< ُ‬ ‫ُأمي ِإلَـه ْي ِن ِمن ُد ِ ِ‬
‫ون اللّ<<ه قَ<<ا َل ُ‬ ‫اس اتَّخِ ُذو ِني َو ِّ َ َ‬ ‫ِل َّلن ِ‬
‫اع ُب ُ<دواْ اللّ َ<ه‬ ‫ِه ِ‬
‫َأن ْ‬ ‫ت لَهم ِإ َّال م<ا َأم<رتَِني ب ِ‬ ‫َأعلَم م<ا ِفي َن ْف ِس< َك ِإَّن َك َ َّ‬
‫الم ا ْل ُغ ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ‬ ‫<وب * َم<ا ُقْل ُ ُ ْ‬ ‫َأنت َع ُ‬ ‫َعل ْمتَ ُ<ه تَ ْعلَ ُم َم<ا في َن ْفس<ي َو َال ْ ُ َ‬
‫يد‪[‬المائ ‪FF‬دة‪١١٧ –١١٦ :‬‬ ‫ش< ِه ٌ‬‫ش ْي ٍء َ‬
‫َأنت َعَلى ُك ِّل َ‬ ‫الرِق َ‬
‫يب َعَلْي ِهْم َو َ‬ ‫َأنت َّ‬
‫نت َ‬ ‫يهْم َفَل َّما تََو َّفْيتَِني ُك َ‬
‫ش ِهيداً َّما ُد ْم ُت ِف ِ‬
‫نت َعَلْي ِهْم َ‬
‫َرِّبي َوَرَّبُكْم َو ُك ُ‬
‫]‪.‬‬
‫وه‪F‬ذا اإلخب‪F‬ار عن الغيب وم‪F‬ا علم‪F‬ه عيس‪F‬ى ‪ ‬ال يخ‪F‬رج ب‪F‬ه عن النب‪F‬وة إلى وص‪F‬ف األلوهي‪F‬ة‪ .‬فاألنبي‪F‬اء من قبل‪F‬ه ك‪F‬ذلك‬
‫أخبروا أقوامهم بمسائل غيبية‪ ،‬وهذا لم يجعل الناس يتخذونهم آلهة من دون اهلل‪ ، ،‬بل كان اإلخبار بالغيب بمثابة دالئلة على‬
‫شيء من الغيب قبل عيسى ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫صدق نبوتهم‪ ،‬ودعوتهم‪ .‬ومن أمثلة إخبار األنبياءعن‬
‫‪-1‬أخ‪FF‬بر يعق‪FF‬وب ‪ ‬أبن‪FF‬اءه ببعض المس‪FF‬ائل الغيبي‪FF‬ة قب‪FF‬ل وفات‪FF‬ه‪ ،‬فق‪FF‬د ج‪FF‬اء في(‪ )57‬س‪FF‬فر التك‪FF‬وين "‪ ...‬ودع‪FF‬ا يعق‪FF‬وب بني‪FF‬ه وق‪FF‬ال‪:‬‬
‫اجتمعوا ألنبئكم بما يصيبكم في آخر األيام"‪.‬‬
‫(‪)58‬‬
‫‪-2‬إخبار موسى ‪ ‬لبني إسرائيل عن بعض المسائل الغيبية‪ ،‬كما جاء في سفر التثنية‪. F‬‬
‫‪-3‬يخبر صموئيل بالغيب كما جاء في سفر صموئيل(‪.)60()59‬‬

‫(?) سفر التكوين ‪.49 :1‬‬ ‫‪57‬‬

‫(?) سفر التثنية ‪.32-2 :32‬‬ ‫‪58‬‬

‫(?) سفر صموئيل ‪.9-2 :10‬‬ ‫‪59‬‬

‫(?) وكذلك أخبر بعض أنبياء بني إسرائيل المذكورون في التوراة عن مسائل غيبية مثل النبي إيليا كما سفر الملوك ‪-10 :14‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪ ،12‬وك ‪FF‬ذلك الن ‪FF‬بي اليشع كما في س ‪FF‬فر المل ‪FF‬وك ‪ .18-8 F :4 F F:2‬انظ ‪FF‬ر‪ :‬عبداهلل العلمي الغ ‪FF‬زي العلمي الدمش ‪FF‬قي (ت ‪1355‬ه‪/‬‬

‫‪19‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪-4‬فإخبار األنبياء السابقين لبعض المسائل الغيبية لم يرفعهم أبداً إلى منزلة األلوهية‪.‬‬
‫ثم إن نبي اهلل عيسى ‪ ‬يخبر في غير موقع بأنّ ما جاء به من الغيب ما هو إال من تعليم اهلل ‪ ‬له‪ ،‬وليس علمًا ذاتيًا‬
‫ويري‪F‬ه جمي‪F‬ع م‪F‬ا ه‪F‬و عليه"(‪ )62‬فه‪F‬و ن‪F‬بي يأتي‪F‬ه العلم من اهلل حال‪F‬ه‬ ‫(‪)61‬‬
‫منه بص‪F‬فته إل ٌ‪F‬ه يعلم الغيب فيق‪F‬ول‪" :‬ألن األب يحب االبن‬
‫(‪)63‬‬
‫ب‪F‬أنّ علم الس‪F‬اعة ال يعلم‪F‬ه أح‪F‬د إال اهلل ‪ ‬فيق‪F‬ول‪..." :‬‬ ‫كحال سائر األنبياء‪ .‬بل إنّ المسيح قد صرح في إنجيل م‪F‬رقس‬
‫وأما ذل‪F‬ك الي‪F‬وم وتل‪F‬ك الس‪F‬اعة فال يعلم بهم‪F‬ا أح‪F‬د وال المالئك‪F‬ة ال‪F‬ذين في الس‪F‬ماء وال االبن إال األب"‪ ،‬وحين س‪F‬ئل رس‪F‬ول‬
‫سا َع ِة َأيَّانَ ُم ْر َ‬
‫ساهَا ُق ْل ِإنَّ َما ِع ْل ُم َها ِعن َد‬ ‫سَألُو َنكَ ع َِن ال َّ‬
‫اهلل محمد ‪-‬عليه الص‪FF‬الة والس‪FF‬الم‪ -‬عن الس‪FF‬اعة ق‪FF‬ال لهم‪ :‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪َ  :‬ي ْ‬
‫َربِّي الَ يُ َجلِّي َها لِ َو ْقتِ َها ِإالَّ ه َُو‪[‬األعراف‪.]١٨٧ :‬‬

‫‪1973‬م)‪ ،‬سالسل المناظرة اإلسالمية النصرانية‪ ،1970 ،‬م ط‪ ،1‬ب‪F‬دون دار نش‪FF‬ر‪ ،‬ص‪ 214‬وما بع‪FF‬دها‪ ،‬فقد نقل المؤلف الكث‪FF‬ير‬
‫من المواقف التي أخبر بها أنبياء بني إسرائيل أقوامهم عن بعض مسائل الغيب‪.‬‬
‫(?) علي بن أبي العز الحنفي (ت ‪792‬ه‪1389/‬م)‪ ،‬العقيدة الطحاوية‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪1988 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،9‬ص‪.158‬‬ ‫‪12‬‬

‫(?) عمر األشقر (ت ‪1434‬ه‪2012/‬م)‪ ،‬الرسل والرساالت‪ ،‬دار النفائس‪1989 ،‬م‪ ،‬ط‪ .،4‬ص‪.15‬‬ ‫‪13‬‬

‫(?) أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت ‪728‬ه‪1328/‬م)‪ ،‬النبوات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار األرقم‪ ،‬ص‪.255‬‬ ‫‪14‬‬

‫(?) محمد بن اس‪FF‬ماعيل البخ‪FF‬اري (ت ‪256‬ه‪870/‬م)‪ ،‬ص<حيح البخ<اري‪ ،‬كت‪FF‬اب الطب‪ ،‬ب‪FF‬اب‪ :‬من لم ي‪FF‬رق‪ ،‬دار ط‪FF‬وق النج‪FF‬اة‪،‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪1422‬ه‪ ،‬ط‪ ،1‬حديث رقم (‪ ،)5752‬ج‪ ،7‬ص‪.134‬‬


‫(?) األشقر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 14‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫(?) عبد المحسن‪ ،‬عبد الراضي محمد‪ ،‬النبوة بين اليهودية والمسيحية واإلسالم‪ ،‬رس‪FF‬الة دكت‪FF‬وراة‪ ،‬جامعة‪ F‬الق‪FF‬اهرة‪ ،‬كلية دار‬ ‫‪20‬‬

‫العلوم‪ ،‬قسم الفلسفة ‪1995‬م‪ .‬ص‪.135-134‬‬


‫(?) عبد المحسن‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.139‬‬ ‫‪21‬‬

‫(?) إنجيل يوحنا‪ :‬االصحاح السابع‪ :‬فقرة ‪.33‬‬ ‫‪24‬‬

‫(?) إنجيل متى اإلصحاح العاشر‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫(?) ق‪FF‬اموس الكت‪FF‬اب المق‪FF‬دس ترجمة د‪ .‬ج‪FF‬ورج بوست (ت ‪1327‬ه‪1909/‬م) ص‪ ،481-480‬الطبعة اإلمريكاني‪FF‬ة‪ ،‬ب‪FF‬يروت‬ ‫‪26‬‬

‫‪1894‬م‪.‬‬
‫(?) النبوة‪ ،‬عبد المحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.400‬‬ ‫‪27‬‬

‫(?) صفا هو اسم لبطرس بعد أن آمن بعيسى ‪ ،‬انظر قاموس الكتاب المقدس‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.227‬‬ ‫‪28‬‬

‫(?) الرسالة األولى إلى كورنثوس‪.8-4 :15 :‬‬ ‫‪29‬‬

‫(?) عبد الراضي محمد عبد المحس‪FF‬ن‪ ،‬النب<وة بين اليهودية والمس<يحية واإلس<الم‪ ،‬رس‪FF‬الة دكت‪FF‬وراة‪ ،‬جامعة‪ F‬الق‪FF‬اهرة‪ ،‬كلية دار‬ ‫‪31‬‬

‫العلوم‪ ،‬قسم الفلسفة‪1995 ،‬م‪ ،‬ص‪.154‬‬


‫(?) عبد الراضي محمد‪ ،‬المرجع سابق ص‪.142-141‬‬ ‫‪32‬‬

‫(?) أعمال الرسل ‪ .61 ،19‬بتصرف‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫(?) الرس ‪FF‬الة االولى الى كورنث ‪FF‬وس (‪ ،)11-12/4‬وانظ ‪FF‬ر‪ :‬النب<<وة بين اليهودية والمس<<يحية واالس<<الم‪ ،‬مرجع س ‪FF‬ابق‪ ،‬ص‬ ‫‪34‬‬

‫‪.391‬‬
‫(?) الخطيب‪ ،‬محمد أحمد‪ ،‬مقارنة األديان‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪2009 ،2‬م‪ ،‬ص‪ ،246‬بتصرف واختصار‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪20‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫ثالثا‪ :‬الرفع إلى السماء(‪:)64‬‬


‫ً‬
‫وهي آية يكرم اهلل بها من يشاء من أنبيائه‪ ،‬ال ترفعهم إلى مرتبة األلوهية‪ ،‬ولم تكن مقصورة على نبي اهلل عيسى ‪،‬‬
‫ب‪FF‬ل رف‪FF‬ع أنبي‪FF‬اء من أنبي‪FF‬اء ب‪FF‬ني إس‪FF‬رائيل الم‪FF‬ذكورين ب‪FF‬التوراة ومن ال‪FF‬ذين رفع‪FF‬وا محم‪FF‬داً إلى الس‪FF‬ماء‪ :‬إيلي‪FF‬ا‪ ،‬ج‪F‬اء خ‪F‬بره في‬
‫سفر الملوك الثاني‪ ..." :‬وفيما هما يس‪FF‬يران ويتكلم‪F‬ان إذا مركب‪F‬ة من ن‪F‬ار وخي‪FF‬ل من ن‪F‬ار ففص‪FF‬لت بينهم‪FF‬ا فص‪F‬عد إيلي‪F‬ا في‬
‫صدِّيقا ً نَّبِيّا ً *‬
‫يس ِإنَّهُ َكانَ ِ‬ ‫العاص‪FF‬فة إلى الس‪FF‬ماء "‪ ،‬وك‪FF‬ذلك رف‪FF‬ع اهلل نبي‪FF‬ه إدريس ‪ ‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪َ  :‬و ْاذ ُك ْر فِي ا ْل ِكتَا ِ‬
‫(‪)65‬‬
‫ب ِإ ْد ِر َ‬
‫َو َرفَ ْعنَاهُ َم َكانا ً َعلِيّا ً‪[‬مريم‪ ،]57-56 :‬ورفع من بعده سيدنا محاًمد ‪-‬علي‪F‬ه الص‪F‬الة والس‪F‬الم‪ -‬إلى الس‪F‬ماء في ليل‪F‬ة اإلس‪F‬راء‬
‫ند ِس ْد َر ِة ا ْل ُم ْنتَ َهى * ِع َ‬
‫ند َها َج َّن ُة ا ْل َم َْأوى‪[‬النجم‪.]15-14 :‬‬ ‫والمعراج‪ ،‬قال تعالى‪ِ  :‬ع َ‬

‫َأهِل َها‪ ،‬حديث رقم‬


‫اب َم ْر َي َم ِإ ِذ انتََب َذ ْت ِم ْن ْ‬
‫(?) البخاري مرجع سابق‪ ،‬كتاب حديث األنبياء‪ ،‬باب قوله تعالى‪َ  :‬وا ْذ ُك ْر ِفي ا ْل ِكتَ ِ‬ ‫‪36‬‬

‫(‪ ،)3443‬ج‪ ،4‬ص‪.167‬‬


‫(?) عي ‪FF‬اض بن موسى بن عي ‪FF‬اض اليحص ‪FF‬بي (ت ‪544‬ه‪ ،)1150 /‬ش<<رح ص<<حيح مس<<لم (إكم ‪FF‬ال المعلم بفوائد مس ‪FF‬لم)‪ ،‬كت ‪FF‬اب‬ ‫‪37‬‬

‫الفض ‪FF‬ائل‪ ،‬ب ‪FF‬اب فض ‪FF‬ائل عيسى ‪ ،‬تحقي ‪FF‬ق‪ :‬يح ‪FF‬يى إس ‪FF‬ماعيل‪ ،‬دار الوف ‪FF‬اء للطباعة والنشر والتوزي ‪FF‬ع‪1988 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،7‬ص‬
‫‪.337‬‬
‫<اب َم< ْ<ر َي َم ِإِذ انتََب< َذ ْت ِم ْن‬
‫(?) ص<<حيح البخ<<اري‪ ،‬مرجع س‪FF‬ابق‪ ، ،‬كت‪FF‬اب‪ :‬أح‪FF‬اديث األنبي‪FF‬اء‪ ،‬ب‪FF‬اب‪ :‬قوله تع‪FF‬الى‪َ  :‬وا ْذ ُك< ْ<ر ِفي ا ْل ِكتَ< ِ‬ ‫‪38‬‬

‫َأهِل َها‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)3443‬ج‪ ،4‬ص‪.167‬‬ ‫ْ‬


‫(?) يوحنا المعم‪FF‬دان هو ن‪FF‬بي اهلل يح‪FF‬يى ‪ ،‬انظر‪ :‬ش‪FF‬يخو‪ ،‬ل‪FF‬ويس‪ ،‬النص<رانية وآدابها بين ع<رب الجاهلية‪ ،‬دار المش‪FF‬رق‪ ،‬ط ‪ ،2‬ص‬ ‫‪39‬‬

‫‪ F.189‬وانظ‪FF‬ر‪ :‬عبد الوه‪FF‬اب‪ ،‬أحم‪FF‬د‪ ،‬النبوة واألنبياء في اليهودية والمسيحية واإلسالم‪ ،‬مكتبة وهب‪FF‬ه‪ ،‬ب‪FF‬دون رقم طبعة أو ت‪FF‬اريخ‪،‬‬
‫ص‪.139‬‬
‫(?) نجيب‪ ،‬انطونيوس‪ ،‬معجم الالهوت الكتابي‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬ط‪1999 ،4‬م‪ ،‬ص‪ ،802‬بتصرف واختصار‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫(?) إنجيل مرقس ‪.19 :12‬‬ ‫‪41‬‬

‫(?) إنجيل لوقا‪.9 :4 :‬‬ ‫‪42‬‬

‫(?) التثنية‪.39 :4 :‬‬ ‫‪43‬‬

‫(?) سفر الخروج ‪.18 :10‬‬ ‫‪44‬‬

‫(?) المزمور‪.90 :17 :‬‬ ‫‪45‬‬

‫(?) المزمور‪.86 :10 :‬‬ ‫‪46‬‬

‫(?) المزمور ‪.18 :31‬‬ ‫‪47‬‬

‫(?) نحيما‪.9 :6 :‬‬ ‫‪48‬‬

‫(?) أيوب ‪.9 :8‬‬ ‫‪49‬‬

‫(?) مالخي‪.2 :10 :‬‬ ‫‪50‬‬

‫(?) إرميا‪.10 :6 :‬‬ ‫‪51‬‬

‫(?) ذكر كل من‪ :‬نحميا ومالخي وارميا وحزقيال‪ ،‬جاء ذكرهم في التوراة على أنهم من أنبي‪F‬اء ب‪F‬ني إس‪F‬رائيل‪ ،‬ولم ي‪F‬رد في الق‪F‬رآن‬ ‫‪52‬‬

‫وال السنة النبوية ما يدل على نبوتهم‪.‬‬


‫(?) مالخي ‪.11 :15 :2‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪21‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ق‪FF‬ال الط‪FF‬بري في تفس‪FF‬ير اآلي‪FF‬ة‪ :‬عن أنس بن مال‪FF‬ك‪ ،‬يح‪FF‬دثنا عن ليل‪FF‬ة المس‪FF‬رى‪ ،‬برس‪FF‬ول اهلل ‪ ‬إنّ‪F‬ه‪( :‬ع‪FF‬رج جبرائي‪FF‬ل‬
‫برسول اهلل ‪ ‬إلى السماء السابعة‪ ،‬ثم عال به بما ال يعلمه إال اهلل)(‪ ،)66‬فه‪F‬ذا الح‪F‬ديث دالل‪F‬ة على رف‪F‬ع نبين‪F‬ا محم‪F‬د ‪ ‬عل‪F‬وًا ال‬
‫يعلم قدره إال اهلل تعالى‬

‫رابعا‪ :‬عالج المرضى‪:‬‬


‫ً‬
‫وهي من المسائل التي يبرهن بها النبي على صدق دعوت‪F‬ه‪ ،‬ب‪F‬أن يرف‪F‬ع الك‪F‬رب والم‪F‬رض واألذى عن من يطلب من‪F‬ه‬
‫ذلك‪ .‬فيلتمس حاجة الناس ويساعدهم فيه‪F‬ا‪ .‬وعالج المرض‪F‬ى وإ ع‪F‬ادة البص‪F‬ر إلى األعمى من أك‪F‬بر الوس‪F‬ائل ال‪F‬تي ت‪F‬ؤثر في نفس‬
‫المدعو وتدفعه للتصديق بما ج‪F‬اء ب‪F‬ه الن‪F‬بي بم‪F‬ا ي‪F‬رى على يدي‪F‬ه من النعم‪F‬ة والبرك‪F‬ة في العالج‪ .‬وق‪F‬د ع‪F‬الج ن‪F‬بي اهلل عيس‪F‬ى ‪‬‬
‫ع ـددا من‬
‫المرضى وخاصة من أصيب بالبرص منهم وكذلك أعاد البصر إلى األعمى بإذن اهلل تعالى‪.‬‬
‫جاء في إنجيل متى‪ ..." :‬ولما نزل – أي عيسى ‪ -‬من الجبل تبعته جموع كثيرة وإ ذا أبرص قد جاء وسجد له قائال‪:‬‬
‫يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني؟ فمد يسوع يده ولمسه قائال‪ :‬أريد‪ ،‬فأطهر‪ ،‬وللوقت طهر من برصه"(‪.)67‬‬
‫وعالج نبي اهلل عيسى ‪ ‬األعمى كما في إنجيل مرقس فقد عالج باريتماوس بن تيماوس من عماه إذ قال باريتماوس‪:‬‬
‫"ي‪F‬ا ابن داود‪ ،‬إرحم‪F‬ني‪ ... ،‬فوق‪F‬ف يس‪F‬وع وأم‪F‬ر أن ُين‪F‬ادى‪ ،‬فن‪F‬ادوا األعمى‪ ،...‬فأج‪F‬اب يس‪F‬وع وق‪F‬ال ل‪F‬ه‪ :‬م‪F‬اذا تري‪F‬د أن أفع‪F‬ل‬
‫ب ‪FF‬ك؟ فق ‪FF‬ال ل ‪FF‬ه األعمى‪ :‬ي ‪FF‬ا س ‪FF‬يد أن أبص ‪FF‬ر‪ ،‬فق ‪FF‬ال ل ‪FF‬ه يس ‪FF‬وع‪ :‬إذهب‪ ،‬إيمان ‪FF‬ك ق ‪FF‬د ش ‪FF‬فاك‪ ،‬فلل ‪FF‬وقت أبص ‪FF‬ر وتب ‪FF‬ع يس ‪FF‬وع في‬
‫الطريق"(‪.)68‬‬

‫(?) كل من‪ :‬نحميا‪ ،‬ومالخي‪ ،‬وإ رميا‪ ،‬وحزقيال‪ ،‬من الذين ذكروا في الكتاب المقدس على أنهم أنبياء‪ ،‬ولم ي‪F‬رد ذك‪F‬رهم في الق‪F‬رآن‬ ‫‪54‬‬

‫الكريم‪.‬‬
‫(?) إنجيل يوحنا ‪.16 :30‬‬ ‫‪55‬‬

‫(?) إنجيل يوحنا‪.21 :7 :‬‬ ‫‪56‬‬

‫(?) اآلب‪ :‬لفظ يطلقه النصارى على اهلل‪ ،‬ألنه الأب السماوي‪ ،‬كما جاء في انجيل م‪FF‬تى‪ 11 F:25 :‬والابن أو ابن اهلل‪ :‬لقب من‬ ‫‪61‬‬

‫ألق ‪FF‬اب الف ‪FF‬ادي ال يطلق على ش ‪FF‬خص آخر س ‪FF‬واه‪ ،‬وهو ي ‪FF‬دل على العالقة القوية المكينة بين الأب الس ‪FF‬ماوي والابن األزلي‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫بوس‪FF‬ت‪ ،‬ج‪FF‬ورج‪ ،‬ق<اموس الكت<<اب المق<دس‪ ،‬المطبعة األمريكاني‪FF‬ة‪1894 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ 1‬و‪ 186‬و‪ ،135‬تع‪FF‬الى اهلل تع‪FF‬الى عن‬
‫مصطلحاتهم علواً كبيرا‪ ،‬فهو سبحانه لم يتخذ صاحبةً وال ولداً‪.‬‬
‫(?) إنجيل يوحنا‪.20 :5 :‬‬ ‫‪62‬‬

‫(?) إنجيل مرقس‪.32 :13 :‬‬ ‫‪63‬‬

‫(?) مسألة رفع عيسى ‪ ،‬وما فيها من خالف في رفعه ميتاً أو حياً‪ ،‬وفي رفعه جسداً وروحاً أم روحاً فق‪F‬ط‪ ،‬من المس‪F‬ائل القديمة‬ ‫‪64‬‬

‫التي خاض بها أهل العلم قديماً وحديثا ً والراجح في ذلك ما ذهب إليه شيخ اإلسالم‪ ،‬برفعه حياً‪ ،‬جس‪FF‬داً وروح‪F‬اً مع‪F‬اً‪ ،‬انظ‪F‬ر‪ :‬قوله‬
‫في مجموع الفتاوى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.322‬‬
‫(?) محمد بن جرير الط‪FF‬بري (ت ‪310‬ه‪ ،)923 /‬ج<امع البي<ان عن تأيل آي الق<رآن‪ ،‬دار هج‪FF‬ر‪2001 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،22‬ص‬ ‫‪66‬‬

‫وسى تَ ْكِليماً‬
‫‪ .15‬وقد ذك‪FF‬ره البخ‪FF‬اري في ص‪FF‬حيحة‪ ،‬انظ‪FF‬ر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كت‪FF‬اب التوحي‪FF‬د‪ ،‬ب‪FF‬اب‪ :‬قوله تع‪FF‬الى‪َ  :‬و َكلَّ َم اللّ ُه ُم َ‬
‫‪[‬النساء ‪ ،]164‬مرجع سابق‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)7517‬ج‪ ،9‬ص‪.149‬‬
‫(?) إنجيل متى‪.3-1 :8 :‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫ال الّل ُه َيا ِعيسى ْاب َن َمْرَيَم ْاذ ُك ْ<ر ِن ْع َمِتي‬ ‫قد ذكر اهلل تعالى في القرآن الكريم هذه اآليات لعيسى ‪ ‬في سورة المائدة ‪ِ‬إْذ َق َ‬
‫<اب َوا ْل ِح ْك َم< < َة َوالتَّْو َراةَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس في ا ْل َم ْه< <<د َو َك ْهالً َوِإ ْذ َعلَّ ْمتُ < < َك ا ْلكتَ< < َ‬
‫ِ‬
‫الن َ‬ ‫س تُ َكلِّم َّ‬
‫وح ا ْلقُ< < ُ<د ِ ُ‬ ‫ِر ِ‬ ‫علَ ْي < < َك وعلَى وال َ ِ‬
‫ِدت َك ِإ ْذ َأيَّدتُّ َك ب ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ص بِ ِإ ذ ِْني َوِإ ْذ‬ ‫اَألب< َ<ر َ‬
‫<ه َو ْ‬ ‫ط ْيراً بِ ِإ ذ ِْني َوتُْب< ِ<رُئ اَأل ْك َم< َ‬ ‫ون َ‬ ‫يها فَتَ ُك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق ِم َن الطِّ ِ‬
‫ين َك َه ْيَئة الطَّ ْي ِر بِِإ ذْني فَتَنفُ ُخ ف َ‬ ‫َواِإل ِ‬
‫نجي َل َوِإ ْذ تَ ْخلُ ُ‬
‫ين‬‫ين َكفَ ُ<رواْ ِم ْن ُه ْم ِإ ْن َهـ َذا ِإالَّ ِس< ْحٌر ُّم ِب ٌ‬ ‫<ات فَقَ<<ا َل الَّ ِذ َ‬
‫ت ب ِني ِإس<راِئي َل عن< َك ِإ ْذ ِجْئ تَهم ِبا ْلب ِّي َن ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫تُ ْخ ِر ُج ا ْل َموتَى بِِإ ذْني َوِإ ْذ َكفَ ْف ُ َ‬
‫‪[‬المائدة‪.]١١٠ :‬‬
‫وقد ورد أيضا أن عددا من األنبياء ‪-‬قبل نبي اهلل عيسى ‪- ‬قد عالجوا المرضى والعميان‪ ،‬فك‪F‬انت بعض األمم تط‪F‬الب‬
‫أنبياءه‪FF‬ا عالج بعض األم‪FF‬راض المزمن‪FF‬ة؛ لي‪FF‬برهنوا على ص‪FF‬دق دع‪FF‬وتهم ورس‪FF‬التهم‪ ،‬مث‪FF‬ال ذل‪FF‬ك‪" :‬اليش‪FF‬ع دع‪FF‬ا لجيش مل‪FF‬ك آرام‬
‫ليبصروا‪ ،‬ففتح الرب أعينهم فأبصروا ‪.)69("...‬‬
‫وفي حادث‪F‬ة أخ‪F‬رى ش‪F‬فى (اليش‪F‬ع) بص‪F‬ر غالم من العمى إذ ج‪F‬اء في س‪F‬فر المل‪F‬وك الث‪F‬اني‪" :‬وص‪F‬لى اليش‪F‬ع وق‪F‬ال‪ :‬ي‪F‬ا رب‪،‬‬
‫افتح عينيه فيبصر‪ ،‬ففتح الرب عيني الغالم فأبصر"(‪.)70‬‬
‫وبعد نبي اهلل عيسى بن مريم‪ ،‬كان رسول اهلل ‪ ‬يعالج المرضى والعميان‪ ،‬فعن عثمان ابن حنيف‪ ،‬إن رجال ضرير‬
‫البصر أتى النبي ‪ ‬فقال‪ :‬ادع اهلل لي أن يعافيني فقال‪« :‬إن شئت أخرت ل‪F‬ك وه‪F‬و خ‪F‬ير‪ ،‬وإ ن ش‪F‬ئت دع‪F‬وت» فق‪F‬ال‪ :‬ادع‪F‬ه‪،‬‬
‫ف‪FF‬أمره أن يتوض‪FF‬أ فيحس‪FF‬ن وض‪FF‬وءه‪ ،‬ويص‪FF‬لي ركع‪FF‬تين‪ ،‬وي‪FF‬دعو به‪FF‬ذا ال‪FF‬دعاء‪« :‬اللهم إني أس‪FF‬ألك‪ ،‬وأتوج‪FF‬ه إلي‪FF‬ك بمحم‪FF‬د ن‪FF‬بي‬
‫الرحمة‪ ،‬يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى‪ ،‬اللهم فشفعه في»(‪.)71‬‬
‫ب من ن‪F‬بي‬ ‫وكذلك شفا رسول اهلل ‪ ‬عليًا بن أبي طالب من رمده الذي كان يشكو منه في غزوة خي‪F‬بر(‪ .)72‬فم‪F‬ا ُِ‬
‫طل َ‬
‫طلب من األنبي‪FF‬اء من قبل‪FF‬ه ومن بع‪FF‬ده‪ ،‬وم‪FF‬ا اخت‪FF‬بر ب‪FF‬ه ن‪FF‬بي اهلل عيس‪FF‬ى ‪ ‬أخت‪FF‬بر ب‪FF‬ه االنبي‪FF‬اء من قبل‪FF‬ه ومن بع‪FF‬ده‪،‬‬
‫اهلل عيس‪FF‬ى ‪ُ ‬‬
‫فسيرتهم واحدةٌ وإ ن تباعدت بينهم األزمنة واألمكنة‪F.‬‬

‫خامساً‪ :‬مرافقة الروح القدس له‪:‬‬


‫يختلف مفهوم الروح القدس في اإلسالم عنه في النصرانية‪ ،‬فهو في اإلسالم س‪F‬يدنا جبري‪F‬ل ‪ ،‬ق‪F‬ال تع‪F‬الى‪ :‬قُ ْل َن َّز َل ُه‬
‫سلِ ِمينَ ‪[‬النحل‪.]١٠٢ :‬‬ ‫ق لِيُثَبِّتَ الَّ ِذينَ آ َمنُو ْا َو ُهدًى َوبُ ْ‬
‫ش َرى لِ ْل ُم ْ‬ ‫س ِمن َّربِّ َك بِا ْل َح ِّ‬
‫وح ا ْلقُ ُد ِ‬
‫ُر ُ‬
‫فهو الذي يبلغ الوحي من اهلل تعالى إلى نبيه محمد ‪ ،‬ينقله بأمانة عليه كما تلقاه من ربه‪ ،‬بينما هو في النصرانية‬
‫لم يعد مخلوقًا‪ ،‬بل خالقًا مساويًا هلل ‪ ‬في كل شيء –تعالى اهلل عن ذلك علوًا كب‪F‬يرا‪ ،-‬ويع‪F‬د ال‪F‬روح الق‪F‬دس األقن‪F‬وم الث‪F‬الث من‬
‫أقانيم النصارى بعد‪ F‬الأب واإلبن‪.‬‬
‫وبعد أن أصبح ال‪F‬روح الق‪F‬دس إله‪ً F‬ا‪ ،‬جع‪F‬ل النص‪F‬ارى من مرافقت‪F‬ه لن‪F‬بي اهلل عيس‪F‬ى ‪ ‬عالم‪F‬ة على ألوهي‪F‬ة عيس‪F‬ى ‪،‬‬
‫ف‪F‬الروح الق‪F‬دس عن‪F‬د النص‪F‬ارى إل‪F‬هٌ يطه‪F‬ر القلب والحي‪F‬اة‪ ،‬وه‪F‬و الطبيع‪F‬ة الثاني‪F‬ة هلل تع‪F‬الى‪ ،‬ج‪F‬اء في إنجي‪F‬ل لوق‪F‬ا‪" :‬ولم‪F‬ا اعتم‪F‬د‬

‫(?) سفر الملوك الثاني‪ 20-14 :6 :‬بتصرف واختصار‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫(?) سفر الملوك الثاني‪.6 :17 :‬‬ ‫‪70‬‬

‫(?) محمد بن يزيد القزوي‪FF‬ني ابن ماجه (ت ‪273‬ه‪887/‬م)‪ ،‬س<<نن ابن ماجه‪ ،‬كت‪FF‬اب إقامة الص‪FF‬الة والس‪FF‬نة فيه‪FF‬ا‪ ،‬ب‪FF‬اب ما ج‪FF‬اء‬ ‫‪71‬‬

‫في ص ‪FF‬الة الحاج ‪FF‬ة‪ ،‬ق ‪FF‬ال االلب‪FF‬اني‪ :‬ص ‪FF‬حيح‪ ،‬تحقي ‪FF‬ق‪ :‬محمد ناصر ال ‪FF‬دين األلب ‪FF‬اني‪ ،‬مكتبة المع‪FF‬ارف‪ ،‬الري ‪FF‬اض‪ ،‬ط‪ ،1‬ح‪FF‬ديث رقم (‬
‫‪ ،)1385‬ص‪.245‬‬
‫(?) البخاري‪ ،‬كتاب المناقب‪ F،‬مناقب‪ F‬علي بن أبي طالب ‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)371‬ج‪ ،5‬ص‪.18‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪23‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جميع الش‪FF‬عب‪ ،‬اعتم‪FF‬د يس‪FF‬وع أيض‪ًF‬ا‪ ،‬وإ ذ ك‪FF‬ان يص‪FF‬لي انفتحت الس‪FF‬ماء ون‪FF‬زل علي‪FF‬ه ال‪FF‬روح الق‪FF‬دس بهيئ‪FF‬ة جس‪FF‬مية مث‪FF‬ل الحمام‪FF‬ة‬
‫ال‪ :‬أنت اب‪FF‬ني الح‪FF‬بيب‪ ،‬ب‪FF‬ك س‪FF‬ررت"(‪ ،)73‬وبع‪FF‬د ه‪FF‬ذه الحادث‪FF‬ة لم يف‪FF‬ارق ال‪FF‬روح الق‪FF‬دس ن‪FF‬بي اهلل‬
‫وك‪FF‬ان ص‪FF‬وت من الس‪FF‬ماء ق‪FF‬ائ ً‬
‫عيسى ‪ ،‬والزمه في كل دعوته (‪ ،)74‬وهذه المرافقة والمالزمة عندهم داللة على ألوهية نبي اهلل عيسى ‪ ،‬م‪F‬ع أن النظ‪F‬ر‬
‫في سيرة األنبياء والرسل السابقين ‪-‬عليهم السالم‪ -‬تماثل سيرة نبي اهلل عيسى ‪ ‬فتظهر أن الروح الق‪F‬دس راف‪F‬ق قبل‪F‬ه الكث‪F‬ير‬
‫من األنبياء والرسل ولم يعَّد أي ٍ‬
‫واحد منهم إلهًا أو ربًا‪ ،‬بل نزل عليهم الروح القدس وهم بشر‪ ،‬وفارقهم وهم بش‪FF‬ر‪ ،‬من دون‬ ‫َُ‬
‫أن يرفعهم إلى منزلة األلوهية ومثال ذلك‪:‬‬
‫‪.1‬نبي اهلل داود ‪ ‬الذي تحدث بالروح القدس‪ ،‬كما جاء في إنجيل مرقس‪ ..." :‬ألن داود نفسه قال بالروح القدس ‪.)75("...‬‬
‫‪.2‬وزوج ن‪F‬بي اهلل زكري‪F‬ا ‪ ‬واس‪F‬مها اليص‪F‬ابات امتألت من ال‪F‬روح الق‪F‬دس‪ ،‬ج‪F‬اء في إنجي‪F‬ل لوق‪F‬ا‪ ..." :‬وامتألت اليص‪F‬ابات من‬
‫الروح القدس‪.)76("..‬‬
‫‪.3‬وكذلك نبي اهلل يحيى قد امتأل بالروح القدس منذ كان في بطن أم‪F‬ه‪ ،‬ج‪F‬اء في إنجي‪F‬ل لوق‪F‬ا "‪ ...‬ومن بطن أم‪F‬ه يمتلئ من‬
‫ال‪FF‬روح الق‪FF‬دس ‪ ،)77("...‬فح‪FF‬ال ن‪FF‬بي اهلل عيس‪FF‬ى ‪ ‬كح‪FF‬ال األنبي‪FF‬اء من قبل‪FF‬ه يأتي‪FF‬ه ال‪FF‬روح الق‪FF‬دس‪ ،‬وال يرفع‪FF‬ه ذل‪FF‬ك ف‪FF‬وق‬
‫منزل‪FF‬ة النب‪FF‬وة إلى منزل‪FF‬ة األلوهي‪FF‬ة‪ ،‬وق‪FF‬د ح‪FF‬ل ال‪FF‬روح الق‪FF‬دس ك‪FF‬ذلك على تالمي‪F‬ذ‪ F‬ن‪FF‬بي اهلل عيس‪FF‬ى ‪ ،)78(‬وه‪FF‬ذا الحل‪FF‬ول‬
‫واإلتحاد –حس‪F‬ب اعتق‪F‬اد النص‪F‬ارى الباط‪F‬ل‪ -‬لم يغ‪F‬ير ذل‪F‬ك من بش‪F‬ريتهم‪ ،‬أومن واقعهم إنهم تالمي‪F‬ذ من قب‪F‬ل ومن بع‪F‬د‬
‫أن نزل عليهم الروح القدس‪.‬وغير هذه المسائل‪ ،‬هناك الكثير من المالمح النبوية في سيرة نبي اهلل عيس‪FF‬ى ‪َ ،‬مثَلُ‪FF‬هُ‬
‫كمثل األنبياء من قبله ومن بعده‪.‬‬
‫فه‪FF‬و ينس‪FF‬ب م‪FF‬ا يتح‪FF‬دث ب‪FF‬ه إلى ال‪FF‬وحي ال‪FF‬ذي يأتي‪FF‬ه من اهلل فيق‪FF‬ول‪ ..." :‬فق‪FF‬ال لهم يس‪FF‬وع م‪FF‬تى رفعتم ابن اإلنس‪FF‬ان‬ ‫‪-‬‬
‫فحينئذ تفهمون‪ ،‬أنا هو‪ ،‬لست أفعل شيئا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي"(‪.)79‬‬
‫ويقول‪" :‬والكالم الذي تسمعونه ليس لي بل لألب الذي أرسلني"(‪.)80‬‬
‫ويقول‪" :‬ألني لم أتكلم من نفسي‪ ،‬لكن األب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم"(‪ ،)81‬فنبي اهلل‬
‫عيسى ‪ ،‬يرجع أقواله وأفعاله إلى اهلل ‪ ‬الذي بلغه إياها بواس‪F‬طة ال‪F‬وحي ال‪F‬ذي يأتي‪FF‬ه وه‪FF‬ذا يواف‪FF‬ق م‪F‬ا ج‪F‬اء في كت‪FF‬اب اهلل‬
‫ِ ِإ ِ‬ ‫صى ِب ِه ُنوحاً َوالَّ ِذي َْأو َح ْي َن<ا ِإلَ ْي< َك َو َم<ا َو َّ‬
‫وس<ى َو ِع َ‬
‫يس<ى‬ ‫يم َو ُم َ‬
‫ص< ْي َنا بِه ْب َ<راه َ‬ ‫ع لَ ُكم ِّم َن الد ِ‬
‫ِّين َما َو َّ‬ ‫ش َر َ‬
‫‪ ،‬قال تع‪FF‬الى‪َ  :‬‬
‫يه‪[‬الشورى‪.]١٣ :‬‬ ‫ِّين واَل تَتَفََّرقُوا ِف ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫يموا الد َ َ‬
‫َأن َأق ُ‬

‫(?) إنجيل يوحنا‪ 28- 26 :8 :‬و‪.40‬‬ ‫‪79‬‬

‫(?) إنجيل يوحنا‪.24 :14 :‬‬ ‫‪80‬‬

‫(?) سفر الملوك الثاني‪.11 :2 :‬‬ ‫‪65‬‬

‫(?) إنجيل لوقا‪.43 :18 :‬‬ ‫‪68‬‬

‫(?) إنجيل لوقا‪.22-21 :3 :‬‬ ‫‪73‬‬

‫(?) انظر‪ :‬دائرة المعرف الكتابية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬ص‪ ،145‬تحت عنوان الروح القدس‪.‬‬ ‫‪74‬‬

‫(?) إنجيل مرقس‪.36 :12 :‬‬ ‫‪75‬‬

‫(?) إنجيل لوقا‪.41 :1 :‬‬ ‫‪76‬‬

‫(?) إنجيل لوقا‪.16 :1 :‬‬ ‫‪77‬‬

‫(?) دائرة المعارف الكتابية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬ص‪.145‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪24‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫ويعلن نبي اهلل عيسى ‪ ‬عج‪F‬زه عن تب‪F‬ديل أو تغي‪F‬ير ش‪F‬يء مم‪F‬ا أرس‪F‬ل ل‪F‬ه وبعث ب‪F‬ه‪ ،‬فه‪F‬و ن‪F‬بي وظيفت‪F‬ه البالغ ل‪F‬ذا يق‪F‬ول‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫"أن‪FF‬ا ال أق‪FF‬در أن أفع‪FF‬ل من نفس‪FF‬ي ش‪FF‬يئا‪ ،‬كم‪FF‬ا أس‪FF‬مع أدين ودينون‪FF‬تي عادل‪FF‬ة‪ ،‬وإ ني ال أطلب مش‪FF‬يئتي‪ ،‬ب‪FF‬ل مش‪FF‬يئة األب ال‪FF‬ذي‬
‫أرسلني"(‪ ،)82‬ويقول‪" :‬وكما أوصاني األب هكذا أفعل"(‪.)83‬‬
‫ون‬
‫ين َال َيْر ُج َ‬ ‫ال َّالِذ َ‬ ‫وهو ال‪F‬ذي ي‪F‬ذكره الق‪F‬رآن الك‪F‬ريم عن س‪F‬يدنا محم‪F‬د ‪ ،‬ق‪F‬ال تع‪F‬الى‪ :‬وِإ َذا تُْتَلى عَلْي ِهم آياتَُنا بِّيَن ٍ‬
‫ات َق َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ون ِلي ْ‬ ‫ِل َقاءَنا اْئ ِت ِب ُقْر ٍ‬
‫<اف ِإ ْن َع َ‬
‫ص<ْي ُت َر ِّبي‬ ‫َأخ ُ‬ ‫َأن َُأبِّدَل ُه من تْل َقاء َن ْفسي ِإ ْن َأتَِّب ُع ِإ َّال َم<ا ُي َ‬
‫<وحى ِإَل َّي ِإِّني َ‬ ‫آن َغْيِر َهـ َذا َْأو َبِّدْل ُه ُق ْل َما َيُك ُ‬
‫اب َي ْوٍم َع ِظ ٍيم‪[‬يونس‪.]١٥ :F‬‬ ‫َع َذ َ‬
‫فوظيفة نبي اهلل عيسى ‪ ‬هي البالغ األمين لما يأتيه من رب العالمين‪ ،‬عن طريق الوحي‪ ،‬وليس له الكتم أو التبديل‬
‫مثله كمثل كل األنبياء والمرسلين ‪-‬عليهم السالم‪ -‬الذين اصطفاهم اهلل ‪ ‬لتبليغ دين اإلسالم للبشرية‪.‬‬
‫وكان نبي اهلل عيسى ‪ ‬يقوم بدور المعلم‪ ،‬فكثر الذين نادوه بلقب يا معلم‪ ،‬مثال‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.1‬ما ورد في إنجيل متى(‪ ..." :)84‬وإ ذا واحد تقدم وقال له‪ :‬يا معلم"‪.‬‬
‫‪.2‬في مرقس(‪ ..." :)85‬فأجابه يوحنا قائال‪ :‬يا معلم‪ .‬رأينا واحدا يخرج شياطين باسمك‪."...‬‬
‫‪.3‬ما ورد في لوقا(‪ ..." :)86‬فأجاب سمعان وقال له‪ :‬يا معلم قد تعبنا"‪.‬‬
‫فلف‪F‬ظ معلم ومبل‪F‬غ بم‪F‬ا أوحي إلي‪F‬ه من رب‪F‬ه يع‪F‬بر عن وظيفت‪F‬ه ال‪F‬تي ع‪F‬رف به‪F‬ا بين الن‪F‬اس‪ ،‬فه‪F‬و معلم لل‪F‬وحي ال‪F‬ذي‬
‫يأتيه ينقله إلى أتباعه بصدق وأمانة‪ .‬فالتبليغ والتعليم وظيفة كل األنبياء والمرسلين ‪-‬عليهم السالم‪.-‬‬
‫ؤمِن َ‬
‫ين ِإ ْذ‬ ‫وقد م َّن رب العالمين على أمة محمد ‪ ‬بأن بعث فيهم من يعلمهم أمور دينهم‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬ل َقْد م َّن الّل ُه َعَلى اْلم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض< ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ‪[‬آل‬ ‫الل ُّمِب ٍ‬ ‫<ل َلفي َ‬ ‫آياتِه َوُي< َ<ز ِّكي ِه ْم َوُي َعِّل ُم ُه ُم اْلكتَ< َ‬
‫<اب َواْلح ْك َم< َة َوِإن َك<<اُنوْا من َقْب< ُ‬ ‫س<و ًال ِّم ْن َأنفُس< ِه ْم َي ْتلُ<<و َعَلْي ِه ْم َ‬
‫َب َع َث في ِه ْم َر ُ‬
‫عمران‪.]١٦٤ :‬‬
‫وكما هو حال كل األنبياء‪ ،‬كان ن‪F‬بي اهلل عيس‪F‬ى ‪ ‬على ق‪F‬در عظيم من التواض‪F‬ع تج‪F‬د ذل‪F‬ك في أقوال‪F‬ه وأفعال‪F‬ه في س‪F‬ائر‬ ‫‪-‬‬
‫سيرته النبوية‪ ،‬فيساوي نفسه مع الناس في الخطاب والعمل‪.‬‬
‫جاء في إنجيل متى(‪" :)87‬وإ ذ واحد تقدم وقال له‪ :‬أيها المعلم الصالح‪ ،‬أي صالح أعمل لتكون لي الحياة األبدية؟‬
‫فقال له‪ :‬لماذا تدعونني صالحا‪ ،‬ليس أحد صالحا إال واحد وهو اهلل"‪.‬‬
‫ويق ‪FF‬ول المس ‪FF‬يح لم ‪FF‬ريم المجدلية(‪ ..." :)88‬ولكن اذه ‪FF‬بي إلى إخ ‪FF‬وتي وق ‪FF‬ولي لهم‪ :‬إني أص ‪FF‬عد إلى أبي وأبيكم وإ لهي‬
‫وإ لهكم"(‪ .)89‬فنبي اهلل عيس‪F‬ى بتواض‪F‬عه الكب‪F‬ير ينفي عن نفس‪F‬ه ص‪F‬فة الص‪F‬الح ويجعله‪F‬ا قاص‪F‬رة على اهلل ‪ ،‬ويخ‪F‬اطب أتباع‪F‬ه‬
‫بلفظ إخوتي‪.‬‬

‫(?) إنجيل متى‪.16 :19 :‬‬ ‫‪84‬‬

‫(?) إنجيل مرقس‪.38 :9 :‬‬ ‫‪85‬‬

‫(?) إنجيل لوقا‪.5 :5 :‬‬ ‫‪86‬‬

‫(?) إنجيل متى‪.17-16 :19 :‬‬ ‫‪87‬‬

‫(?) إنجيل يوحنا ‪.49 :12‬‬ ‫‪81‬‬

‫(?) إنجيل يوحنا‪.30 :5 :‬‬ ‫‪82‬‬

‫(?) إنجيل يوحنا‪.31 :14 :‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪25‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وحى ِإَل َّي‪[‬فص‪FF‬لت‪ ،]6 :‬وق‪F‬ال‬ ‫وهذا التواضع تجده كذلك عند سيد البشر محمد ‪ ،‬قال تعالى‪ُ  :‬ق ْل ِإَّن َما َأَنا َب َ‬
‫شٌر ِّم ْثُل ُك ْم ُي َ‬
‫سوالً‪[‬اإلسراء‪.]93 :‬‬ ‫نت َإالَّ َب َ‬
‫شراً َّر ُ‬ ‫ان َر ِّبي َه ْل ُك ُ‬
‫س ْب َح َ‬
‫تعالى‪ُ  :‬ق ْل ُ‬
‫ويقول ‪ ‬عن نفسه‪...( :‬إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد)(‪ )90‬فنبي اهلل عيسى يتحلى بكل خص‪F‬ائص النب‪F‬وة‪ ،‬فدعوت‪F‬ه‬
‫وأعماله ومعجزاته وأخالقه كلها ذاتها لدى الرسل واألنبياء المرسلين من اهلل ‪.‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬عند النصارى الموحدين(‪:)91‬‬


‫ال من اهلل ‪ ‬عقيدة قال بها الموحدون النصارى قبل المسلمين‪ ،‬بل إن بشرية عيسى ‪‬‬
‫إن اعتبار عيسى ‪ ‬إنسانا مرس ً‬
‫ّ‬
‫وتم‪FF‬يزه تم‪FF‬يزا واض‪FF‬حا عن اهلل ‪ ‬مس‪FF‬ألة مطروح‪FF‬ة من‪FF‬ذ المجم‪FF‬ع الكنس‪FF‬ي األول واس‪FF‬تقرت إلى ه‪FF‬ذه األي‪FF‬ام‪ ،‬خاص‪FF‬ة على أي‪FF‬دي‬
‫طائف ‪FF‬ة الموح ‪FF‬دين‪ ،‬ال ‪FF‬ذين يؤمن ‪FF‬ون ببش ‪FF‬رية عيس ‪FF‬ى ‪ ‬وتم ‪FF‬ايزه عن رب الع ‪FF‬المين‪ .‬لم يكن المس ‪FF‬لمون هم أول من ق ‪FF‬ال َّ‬
‫إن‬
‫عيسى بن مريم نبي من أنبياء اهلل‪ ،‬بل سبقهم إلى ذلك كثير من النص‪F‬ارى‪ ،‬وإ ن فك‪F‬رة التوحي‪F‬د عن‪F‬د النص‪F‬ارى لم تغب عن‬
‫الفكر النصراني منذ مبعث نبي اهلل عيس‪F‬ى ‪ ،‬فكث‪F‬ير من الكن‪F‬ائس‪ ،‬والرهب‪F‬ان ال‪F‬ذين ق‪F‬الوا بالتوحي‪F‬د‪ ،‬ولم يكن عن‪F‬دهم عيس‪F‬ى‬
‫ابن م‪FF‬ريم إال بش‪Fٌ F‬ر ذو م‪FF‬واهب خاص‪FF‬ة‪ ،‬ال ترفع‪FF‬ه عن درج‪FF‬ة النب‪FF‬وة إلى درج‪FF‬ة األلوهي‪FF‬ة؛ ل‪FF‬ذا ك‪FF‬انت فك‪FF‬رة التوحي‪FF‬د ونب‪FF‬وة‬
‫عيسى ‪ ‬وبشريته متداولة لها علماؤها وكنائسها وقادتها قديما وحديثا(‪.)92‬‬
‫طاِئ َف ٌة‪[‬الصف‪ .]14 :‬فه‪FF‬ذه الطائف‪FF‬ة ال‪FF‬تي آمنت هي أق‪FF‬دم طوائ‪FF‬ف‬ ‫يل و َك َفرت َّ‬ ‫طاِئ َف ٌة ِّمن بِني ِإ ِئ‬
‫سَرا َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪َ  :‬فَآمَنت َّ‬
‫َ‬
‫نصا ِري ِإلَى‬
‫َ‬ ‫َأ‬ ‫نْ‬‫م‬ ‫ل‬‫ا‬‫َ‬
‫ق‬
‫َ َ َ‬ ‫ر‬‫ف‬‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ى‬‫س‬‫ي‬‫ع‬ ‫س‬‫ح‬‫َأ‬
‫َّ َ َّ ِ َ ِ ُ ُ‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪‬‬ ‫‪F‬الى‪:‬‬
‫‪F‬‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫‪F‬ال‬‫‪F‬‬‫ق‬ ‫‪F‬وه‪،‬‬‫‪F‬‬‫ن‬‫وأعل‬ ‫‪F‬د‬ ‫‪F‬‬‫ي‬‫بالتوح‬ ‫‪F‬كوا‬
‫‪F‬‬ ‫س‬‫فتم‬ ‫‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪F‬ى‬‫‪F‬‬‫س‬ ‫الموحدين مع نبي اهلل عي‬
‫ش َه ْد ِبَأنَّا ُم ْ‬
‫سلِ ُمونَ ‪[‬آل عمران‪.]52 :‬‬ ‫هّللا ِ قَا َل ا ْل َح َوا ِريُّونَ نَ ْحنُ َأ َ‬
‫نصا ُر هّللا ِ آ َمنَّا بِاهّلل ِ َوا ْ‬
‫ومن أقدم من عرف عنه القول بالتوحي‪F‬د ق‪F‬ديماً ب‪F‬ولس السيميس‪F‬اطي(‪ :)93‬وك‪F‬ان بطري‪F‬اك أنطاكي‪F‬ة في س‪F‬نة ‪260‬م‪،‬‬
‫آمن ببشرية المسيح ووافقه على مذهبه التوحيدي الخالص كثيرون عرفوا باإلبيونيون‪.)94(F‬‬

‫(?) سنن ابن ماجه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب القديد‪ ،‬حديث رقم (‪.)3312‬‬ ‫‪90‬‬

‫(?) يقصد بالتوحيد هن‪FF‬ا‪ :‬هو اإلعتق‪FF‬اد ببش‪FF‬رية عيسى ‪ ‬وع‪FF‬دم ألوهيت‪FF‬ه‪ ،‬وال يقصد به التوحيد المع ‪FF‬روف عند المس‪FF‬لمين‪ ،‬ال‪FF‬ذي‬ ‫‪91‬‬

‫يشترط فيه اإليمان بنبوة محمد ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬ومن دون ذلك ال يعد المكلف موحداً‪.‬‬
‫(?) ومن أش‪FF‬هر ه‪FF‬ذه الف‪FF‬رق المون‪FF‬اركيين‪ :‬ك‪FF‬انوا ين‪FF‬ادون في الق‪FF‬رن الث‪FF‬اني الميالدي ب‪FF‬أن المس‪FF‬يح إنس‪FF‬ان كس‪FF‬ائر الن‪FF‬اس‪ ،‬حلت عليه‬ ‫‪92‬‬

‫حكمة اهلل بص‪FF‬ورة لم يعرفها أي ن‪FF‬بي أو رس‪FF‬ول آخ‪FF‬ر‪ ،‬ولكنه ليس إله ‪ًF‬ا‪ ،‬إذ ال يوجد إلى ج‪FF‬انب اهلل إل‪Fٌ F‬ه آخ‪FF‬ر‪ .‬انظ‪FF‬ر‪ :‬موس<<وعة األنبا‬
‫غريغوريوس‪ ،‬الناشر مكتبة المتنيح األنبا غريغوريوس‪ ،‬ج‪ ،1‬الالهوت المقارن‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫(?) بولس السميسياطي‪ :‬ولد في سميسياط‪ ،‬من والدين فق‪F‬يرين‪ ...‬أص‪F‬بح بطريرك‪ًF‬ا على الكرسي األنط‪F‬اكي‪ ...‬س‪F‬قط في هرطقة‬ ‫‪93‬‬

‫فظيعة –على رأيهم– زعم فيها أن ابن اهلل لم يكن من األزل بل ولد إنس‪FF F F‬اناً‪ ،‬حل فيه كلمة اهلل وحكمت‪FF F F‬ه‪ .‬وفارقته حين ق‪FF F F‬دم على‬
‫اآلالم‪ ،‬ومن أقوال‪FF F‬ه‪ ... :‬إن في المس‪FF F‬يح أقنوم‪FF F‬ان‪ ،‬وابن‪FF F‬ان هلل‪ ،‬أح‪FF F‬دهما بالطبيعة والث‪FF F‬اني ب‪FF F‬التبني‪ .‬وق‪FF F‬ال بوج‪FF F‬ود إله واحد فق‪FF F‬ط‪.‬‬
‫انظ‪FF F F F‬ر‪ ،:‬الش‪FF F F F‬ماس منسي القمص‪ ،‬ت < <<اريخ الكنيسة القبطية‪ ،‬مطبعة اليقظ‪FF F F F‬ة‪ ،‬ط‪1924 ،،1‬م‪ ،‬ص‪ 120‬و‪ ،121‬بتص‪FF F F F‬رف‬
‫واختصار‪.‬‬
‫(?) اإلبيوني‪FF‬ون‪ :‬وتع‪FF‬ني الفق‪FF‬راء‪ ،‬وهي كلمة عبرية "إبي‪FF‬ون" تع‪FF‬ني فق‪FF‬ير‪ ...،‬وقد أص‪FF‬بحت ه‪FF‬ذه الكلمة ذات مض‪FF‬امين دينية مث‪FF‬ل‪:‬‬ ‫‪94‬‬

‫إنهم ورثة مملكة ال‪FF‬رب‪ ،‬ورفض فك‪FF‬رة ألوهية ن‪FF‬بي اهلل عيسى ‪ ،‬وإن تع‪FF‬اليم ب‪FF‬ولس الرس‪FF‬ول هرطقة محض‪FF‬ة‪ .‬انظ‪FF‬ر‪ :‬المس‪FF‬يري‪،‬‬
‫عبد الوهاب‪ ،‬موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية‪ ،‬الموسوعة الكاملة‪ ،‬كت‪F‬اب الك‪F‬تروني‪ ،‬المجلد الخ‪F‬امس‪ :‬اليهودية المف‪F‬اهيم‬

‫‪26‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫(‪)95‬‬
‫(الشهيد)‪ :‬أستاذ آريوس‪.‬‬ ‫واألسقف لوقيانوس األنطاكي‬
‫وديودويوس‪ :‬أسقف طرسوس‪ ،‬من أعالم المدرسة األنطاكية في الالهوت المسيحي المتوفى سنة ‪390‬م‪.‬‬
‫وآريوس المولود في ليبيا وهو أسقف كنيسة بوكاليس في االسكندرية‪ ،‬يعتبر من أشهر أعالم التوحيد المسيحي‬
‫على اإلطالق في جميع العصور‪ ،‬ومنذ بدء انتشار أفكاره الالهوتيه صار له ألوف األتباع ال‪F‬ذين عرف‪F‬وا باآلريوس‪F‬يين‪ ،‬وبقي‬
‫مذهبهم التوحيدي حيًا ألزمان طويلة‪ ،‬وأضحى آريوس رمزًا للتوحيد‪ ،‬حتى إن كل من جاء بعده وأنك‪F‬ر التثليث وص‪F‬ف بأن‪F‬ه‬
‫آريوسي(‪.)96‬‬
‫وتنص عقيدة التوحيد التي تبناها آريوس على "أن اهلل واحد ف‪F‬رد غ‪F‬ير مول‪F‬ود‪ ،‬ال يش‪F‬اركه ش‪F‬يء في ذات‪F‬ه‪ ،‬فك‪F‬ل م‪F‬ا‬
‫ك‪FF‬ان خارج‪FF‬ا عن اهلل األح‪FF‬د إنم‪FF‬ا ه‪FF‬و مخل‪FF‬وق من ال ش‪FF‬يء وب‪FF‬إرادة اهلل ومش‪FF‬يئته"‪ ،‬وه‪FF‬ذا يع‪FF‬ني أن المس‪FF‬يح ‪ ‬ض‪FF‬من ه‪FF‬ذا‬
‫التعريـ ـف بشر مخلوق(‪.)97‬‬
‫وقد كان ‪-‬مذهب التوحيد اآلريوسي‪ -‬موجودا في نواحي الش‪F‬ام والتخ‪F‬وم الش‪F‬مالية للجزي‪F‬رة العربي‪F‬ة زمن البعث‪F‬ة‬
‫النبوية وقد جاء ذكره في رسالة النبي ‪-‬محمد ‪ -‬إلى هرقل التي ي‪F‬دعوه به‪F‬ا إلى اإلس‪F‬الم‪" :‬بس‪F‬م اهلل ال‪F‬رحمن ال‪F‬رحيم‪ ،‬من‬
‫محمد بن عبد اهلل ورسوله إلى هرقل عظيم الروم‪ ،‬س‪F‬الم على من اتب‪F‬ع اله‪F‬دى‪ ،‬أم‪F‬ا بع‪F‬د‪ F:‬ف‪F‬إني أدع‪F‬وك بدعاي‪F‬ة اإلس‪FF‬الم‪:‬‬
‫أس‪FF‬لم تس‪FF‬لم‪ ،‬يؤت‪FF‬ك اهلل أج‪FF‬رك م‪FF‬رتين‪ ،‬ف‪FF‬إن ت‪FF‬وليت ف‪FF‬إن علي‪FF‬ك إثم اإلريس‪FF‬يين"(‪ .)98‬وق‪FF‬د ذك‪FF‬ر مقال‪FF‬ة اإلريس‪FF‬يين الحس‪FF‬ن بن‬
‫أي ‪FF‬وب(‪ ،)99‬وه ‪FF‬و من علم‪FF‬ائهم قب‪FF‬ل أن يس‪FF‬لم في كتاب‪FF‬ه المس‪FF‬مى (لم‪FF‬اذا أس‪FF‬لمت)‪ ..." :‬ولم‪FF‬ا نظ‪FF‬رت في مق‪FF‬االت النص‪FF‬ارى‪،‬‬
‫وجدت صنفا منهم يعرفون باآلريوسية‪ ،‬يجردون توحيد اهلل ‪ ،‬ويع‪F‬ترفون بعبودي‪F‬ة المس‪F‬يح ‪ ،‬وال يقول‪F‬ون في‪F‬ه ش‪F‬يئا مم‪F‬ا‬
‫يقوله النصارى من ربوبية وال بنوة خاصة وال غيرهما"(‪ .)100‬لقد كان التوحيد ه‪F‬و العقي‪F‬دة الس‪F‬ائدة في األزمن‪F‬ة األولى في‬
‫النصرانية‪ ،‬الذين كانوا يركزون على شخصية المسيح التاريخية ويتجنبون كلمة (ابن اهلل) عند الكالم عنه(‪.)101‬‬
‫بل إن المجمع الكنسي الذي عقد في مدينة نيقيا سنة ‪ 325‬م كان الهدف منه الرد على آريوس الذي عد نبي اهلل عيسى‬
‫‪( ‬كلمة اهلل) مخلوقا ليس مساويا لآلب في الجوهر‪ ،‬وأنه لم يكن أزلي‪F‬ا‪ ،‬وه‪F‬و دون رتب‪F‬ة األلوهي‪F‬ة‪ ،‬ويس‪F‬مى مج‪F‬ازا ابن اهلل‬
‫وحكمته وقوته(‪.)102‬‬
‫ولم تنقطع دعوة التوحيد بعد ذلك‪ ،‬فظهر في كل زمان من يدعو إلى عقيدة توحيد اهلل ‪ ‬ومن َّثم القول ببشرية عيسى‬
‫أو غنوس‪F‬ياً(‪ ،)105‬وهي‬ ‫(‪)104‬‬ ‫(‪)103‬‬
‫إدعاء ألوهيته ‪ ،‬ولكن أصبح كل من ينادي بالتوحي‪F‬د وببش‪F‬رية عيس‪F‬ى ‪ ‬مهرطق‪F‬اً‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬ورفض‬
‫أوص‪FF‬اف تطل‪FF‬ق على ال‪FF‬ذين لم يع‪FF‬ترفوا إال باألص‪FF‬ل البش‪FF‬ري لعيس‪FF‬ى ‪ .)106(‬وق‪FF‬د تح‪FF‬ولت العدي‪FF‬د من الكن‪FF‬ائس الكاثوليكية إلى‬
‫كن‪F‬ائس للموح‪F‬دين كم‪F‬ا ه‪F‬و الح‪F‬ال في بولن‪F‬دا والمج‪F‬ر ال‪F‬تي ك‪F‬انت تحت حكم مل‪F‬ك من الموح‪F‬دين ه‪F‬و ج‪F‬ون س‪F‬يغموند ( ‪-1540‬‬
‫‪ ،)1571‬وك‪FF‬ذلك انتش‪FF‬رت كن‪FF‬ائس الموح‪FF‬دين من النص‪FF‬ارى الق‪FF‬ائلين ببش‪FF‬رية عيس‪FF‬ى ‪ ‬في ك‪FF‬ل من هولن‪FF‬دا وإ نجل‪FF‬ترا والوالي‪FF‬ات‬
‫المتحدة األمريكية‪ F،‬بل إن خمسة من الرؤساء الذين حكموا الواليات المتحدة كانوا من الق‪FF‬ائلين باألص‪FF‬ل البش‪FF‬ري لعيس‪FF‬ى‬
‫‪ ‬وهم‪:‬‬
‫‪.1‬الرئيس الثاني «جون آدمز» تولى الرئاسة ما بين عامي ‪1801-1797‬م‬

‫والف ‪FF F‬رق‪ ،‬ج‪ ،3‬الف ‪FF F‬رق اليهودي‪F F F‬ه‪ ،‬الب ‪FF F‬اب األول الف ‪FF F‬رق اليهودية ح ‪FF F‬تى الق ‪FF F‬رن األول‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪ ،398‬حسب ت ‪FF F‬رقيم الكت‪FF F‬اب‬
‫االلكتروني‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جفرسن» تولى الرئاسة م‪F‬ا بين ع‪F‬امي ‪1801‬م‪1809-‬م وكتب اإلنجي‪F‬ل المع‪F‬دل ع‪F‬ام ‪1804‬م‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪.2‬الرئيس الثالث «توماس‬
‫وقد كان نائباً للرئيس الثاني «جون آدمز» وهو أكثر المؤسسين أثراً في تكوين الفكر األمريكي‪.‬‬
‫‪ .3‬الرئيس السادس «جون قوينسي آدمز» تولى الرئاسة ما بين عامي ‪1825‬م‪1829-‬م وهو ابن الرئيس الثاني‪.‬‬
‫‪.4‬الرئيس الثالث عشر «ميالرد‪ F‬فلمور» تولى الرئاسة ما بين عامي‪1850‬م‪1853-‬م‪.‬‬
‫‪.5‬ال ‪FF‬رئيس الس ‪FF‬ابع والعش ‪FF‬رون «ولي ‪FF‬ام ت ‪FF‬افت» ت ‪FF‬ولى الرئاس ‪FF‬ة م ‪FF‬ا بين ع ‪FF‬امي ‪1909‬م‪1913-‬م وه ‪FF‬و ال ‪FF‬ذي ت ‪FF‬رأس الكنيس ‪FF‬ة‬
‫الموحدية عام ‪1917‬م توفي عام ‪1930‬م(‪.)107‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬في القران الكريم والسنة النبوية‪:‬‬

‫المسألة األولى‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬في القرآن الكريم‪:‬‬


‫ال تختلف نبوة عيسى ‪ ‬في اإلسالم عن نبوة غيره من األنبياء في الخلق واآليات والسيرة‪.‬‬
‫اس‪[‬مريم‪ ]21 :‬وذلك بخلقه‬ ‫آي ًة ِل َّلن ِ‬
‫فخلق عيسى ‪ ‬في كتاب اهلل هو آيةٌ من آيات اهلل ‪ ‬لخلقه‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬وِل َن ْج َعَل ُه َ‬
‫من دون أب وبهبة من اهلل ‪ ‬عن طريق الملك الذي صرح بوظيفته وهي رسول من رب العالمين ليهب لم‪F‬ريم ‪-‬رض‪F‬ي اهلل‬
‫سو ُل َر ِّب ِك َأِله ََب َل ِك ُغاَل ماً زَ ِك ّياً‪[‬م‪FF‬ريم‪ ]19 :‬وه‪FF‬ذا اإلعج‪FF‬از في بداي‪FF‬ة الحمل لم‬
‫عنها‪ -‬غالم ‪ًF‬ا زكي‪FF‬ا‪ ،‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪َ  :‬قا َل ِإنَّ َما َأ َنا َر ُ‬
‫يجع‪FF‬ل من عيس‪FF‬ى ‪ ‬ش‪FF‬يئًا غ‪FF‬ير البش‪FF‬ر‪ ،‬فص‪FF‬فة البش‪FF‬رية ك‪FF‬انت مالزم ‪ٌ F‬ة ل‪FF‬ه على ال‪FF‬رغم من الطريق‪FF‬ة المعج‪FF‬زة ال‪FF‬تي ُوج‪FF‬د به‪FF‬ا‪.‬‬
‫<ون ‪[‬آل‬
‫<ه ُكن َف َي ُك< ُ‬ ‫اب ِث َّم قَ< َ‬
‫<ال لَ< ُ‬ ‫<ه ِمن تُ<َ<ر ٍ‬ ‫يس<ى ِعن< َ<د اللّ< ِ<ه َك َمثَ< ِ<ل َ‬
‫آد َم َخلَقَ< ُ‬ ‫ِ‬
‫فأص‪FF‬ل خلقت‪FF‬ه من ت‪FF‬راب‪ ،‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪ِ :‬إ َّن َمثَ< َل ع َ‬
‫عمران‪.]٥٩ :‬‬
‫فه‪F‬و مخل‪F‬وق من ت‪F‬راب‪ ،‬خلق‪F‬ه اهلل ب‪F‬أمره‪ ،‬ولم يكن هن‪F‬اك أي اتص‪F‬ال مباش‪F‬ر بين رب الع‪F‬زة وم‪F‬ريم‪ ،‬ح‪F‬تى المل‪F‬ك ال‪F‬ذي‬
‫وح َن<ا َفتَ َمثَّ َل َل َه<ا َب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش<راً‬ ‫سْل َنا ِإَل ْي َها ُر َ‬
‫أرس‪FF‬له اهلل لم‪FF‬ريم ك‪FF‬ان على ص‪FF‬ور ٍة بش‪FF‬رية‪ ،‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪ :‬فَاتَّ َخ َذ ْت من ُدوِن ِه ْم ح َجاباً َف َْأر َ‬
‫س ِو ّياً‪[‬م‪FF‬ريم‪ ]17 :‬ويول‪F‬د عيس‪F‬ى ‪ ‬ليك‪FF‬ون أص‪F‬غر من يعلن عبوديت‪FF‬ه وتوحي‪F‬ده هلل تع‪FF‬الى‪ ،‬ق‪F‬ال تع‪F‬الى عن عيس‪F‬ى ‪ ‬حين تكلم في‬ ‫َ‬
‫اب َو َج َعَلِني َنِبّياً‪[‬مريم‪ ]30 :‬وينسب ‪ ‬في القران الكريم إلى أمه‪ ،‬لتأكيد بشريته من جه‪F‬ة‪،‬‬ ‫ال ِإِّني عْب ُد َّ ِ ِ ِ‬
‫الله آتَان َي اْلكتَ َ‬ ‫َ‬ ‫المهد‪َ  :‬ق َ‬
‫ولتأكيد أنه ليس إال رسوالً هلل وليس ابنا هلل ‪ ‬كما تقول النصارى ‪-‬تعالى عن ذلك علواً كبيراً ‪.-‬‬
‫اع ُب ُدوهُ َه َذا‬ ‫وكسائر األنبياء يعلن عيسى ‪ ‬أن اهلل إلههُ وربهُ‪ ،‬فيقول مخاطبًا بني إسرائيل‪َ  :‬وِإ َّن َّ‬
‫الل َه َرِّبي َوَر ُّب ُك ْم َف ْ‬
‫يم‪[‬مريم‪.]36 :‬‬ ‫صراطٌ ُّم ِ‬ ‫ِ‬
‫ستَق ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫س <والً ِإلَى َب ِني‬ ‫وال يختل‪FF‬ف عن غ‪FF‬يره من األنبي ‪FF‬اء والرس‪FF‬ل في نس ‪FF‬بة اآلي‪FF‬ات ال‪FF‬تي ج‪FF‬اء به ‪FF‬ا هلل ‪ ‬فيق ‪FF‬ول‪َ  :‬و َر ُ‬
‫ط ْي<<راً بِ ِإ ذ ِ ِ‬ ‫ين َكه ْيَئ ِة الطَّ ْي ِر فََأنفُ ُخ ِف ِ‬ ‫آي ٍة ِّمن َّر ِّب ُك ْم َِّأني ْ‬ ‫ِإ ِئ‬
‫ْن اللّ<<ه َو ُْأب< ِ<رُئ‬ ‫ون َ‬ ‫يه فَ َي ُك ُ‬ ‫ق لَ ُكم ِّم َن الطِّ ِ َ‬ ‫َأخلُ ُ‬ ‫س َرا ي َل َِّأني قَ ْد ِجْئ تُ ُكم ِب َ‬ ‫ْ‬
‫آلي< ًة لَّ ُك ْم ِإن ُكنتُم‬ ‫ِ‬ ‫َّخر َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْن اللّ ِه َوُأَن ِّبُئ ُكم ِب َما تَْأ ُكلُ َ‬
‫ون في ُب ُي<<و ِت ُك ْم ِإ َّن في َذلِ َك َ‬ ‫ون َو َما تَ<<د ُ‬ ‫ُأح ِيـي ا ْل َم ْوتَى بِِإ ذ ِ‬
‫ص َو ْ‬ ‫واَألب َر َ‬
‫ْ‬ ‫األ ْك َم َه‬
‫ين‪[ ‬آل عم‪FF‬ران‪ ]49 :‬ولم يعتم‪FF‬د ‪ ‬على م‪FF‬ا ج‪FF‬اء ب‪FF‬ه من اآلي‪FF‬ات‪ ،‬ب‪FF‬ل حال‪FF‬ه كح‪FF‬ال األنبي‪FF‬اء ينش‪FF‬د النص‪FF‬رة من أتباع‪FF‬ه ‪َ ‬يا‬ ‫ُّمْؤ ِم ِن َ‬
‫الل ِه‬
‫َأنصار َّ‬
‫ُّون َن ْح ُن َ ُ‬ ‫الل ِه َق َ‬
‫ال اْل َحَو ِاري َ‬ ‫َأنص ِاري ِإَلى َّ‬‫ين َم ْن َ‬ ‫يسى ْاب ُن َمْرَي َم ِلْل َحَو ِارِّي َ‬ ‫الل ِه َكما َق َ ِ‬
‫ال ع َ‬ ‫َ‬
‫َأنصار َّ‬
‫َآمُنوا ُكونوا َ َ‬ ‫ين َ‬ ‫ُّها الَِّذ َ‬ ‫َأي َ‬
‫ظ ِ‬ ‫س َراِئ ي َل َو َكفََرت طَّاِئ فَ ٌة فََأي َّْد َنا الَّ ِذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َفَآمَنت َّ ِئ‬
‫ين‪[‬الصف‪.]14 :‬‬ ‫اه ِر َ‬ ‫َأص َب ُحوا َ‬ ‫َآم ُنوا َعلَى َع ُد ِّو ِه ْم فَ ْ‬ ‫ين َ‬ ‫طا َف ٌة ِّمن َبني ِإ ْ‬ ‫َ‬
‫يل َو َكفََرت‬ ‫س َراِئ َ‬ ‫ِ‬ ‫ويش‪FF‬اء اهلل ‪ ‬أن يختل‪FF‬ف بن‪FF‬و إس‪FF‬رائيل في ش‪FF‬أن عيس‪FF‬ى ‪ ‬ق‪FF‬ال تع‪FF‬الى‪ :‬فََآم َنت َّ ِئ‬
‫طا فَ ٌة ِّمن َبني ِإ ْ‬ ‫َ‬
‫ظ ِ‬ ‫طَّاِئ فَ ٌة فََأي َّْد َنا الَّ ِذ َ‬
‫ين‪[‬الص‪FF‬ف‪ ]14 :‬فك‪FF‬ل رس‪FF‬ول لقي من ي‪FF‬ؤمن ب‪FF‬ه وبدعوت‪FF‬ه‪ F،‬ولقي‬ ‫<اه ِر َ‬ ‫َأص< َب ُحوا َ‬ ‫َآم ُنوا َعلَى َع ُد ِّو ِه ْم فَ ْ‬ ‫ين َ‬
‫أيضاً من يصد ويعاند‪F.‬‬

‫‪28‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫وجعل اهلل ‪ ‬نبيه عيسى قول الحق الذي يفصل بين الحق والباطل قال تعالى‪َ  :‬ذلِ َك ِعي َ‬
‫سى ابْنُ َم ْريَ َم قَ ْو َل ا ْل َح ِّ‬
‫ق‬
‫الَّ ِذي فِي ِه يَ ْمتَرُونَ ‪[‬مريم‪ ]34 :‬وحقيقة عيسى ‪ ‬هي م‪F‬ا ج‪F‬اء في الق‪F‬ران الك‪F‬ريم وليس م‪F‬ا نس‪F‬جه النص‪F‬ارى من أباطي‪F‬ل حوله‬
‫ق َو َما ِمنْ ِإلَـ ٍه ِإالَّ هّللا ُ َوِإنَّ هّللا َ لَ ُه َو ا ْل َع ِزي ُز ا ْل َح ِكي ُم‪[‬آل عم‪FF F‬ران‪ ،]62 :‬فج ‪FF‬اءت ه ‪FF‬ذه‬
‫ص ا ْل َح ُّ‬ ‫ق ‪FF‬ال تع ‪FF‬الى‪ِ :‬إنَّ هَـ َذا لَ ُه َو ا ْلقَ َ‬
‫ص ُ‬
‫اآليات بعد ذكر قصة عيسى ابن مريم في سورة آل عمران‪.‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬نبوة عيسى ‪ ‬في السنة النبوية‪:‬‬

‫(?) م‪FF‬ريم المجدلي‪FF‬ة‪ :‬هي إح‪FF‬دى النس‪FF‬اء الخاطئ‪FF‬ات‪ ،‬آمنت بعيسى ‪ ،‬وقد اس‪FF‬تخرج منها ‪ ‬ثمانية ش‪FF‬ياطين لوق‪FF‬ا‪ ،2-1 F:8 :‬هي‬ ‫‪88‬‬

‫أول من ظهر لها عيسى ‪ ‬بعد حادثة الصلب والقيامة المزعومتان مرقس‪.5-4 :9 :‬‬
‫(?) إنجيل متى ‪.17 :20‬‬ ‫‪89‬‬

‫(?) لوقي‪FF‬انوس األنط‪FF‬اكي‪ :‬ولد في سميس‪FF‬ياط‪ ،‬درس األس‪FF‬فار المقدس‪FF‬ة‪ ،‬ك‪FF‬ان كاهناًعالم ‪F‬اً‪ ،‬على آراء ب‪FF‬ولس السمس‪FF‬ياطي‪- ،‬في‬ ‫‪95‬‬

‫رفض التثليث والق‪FF‬ول ببش‪FF‬رية عيسى ‪ .-‬انظ‪FF‬ر‪ :‬أسد رس‪FF‬تم (ت ‪1385‬ه ‪1965/‬م)‪ ،‬كنيسة مدينة أنطاكية العظمى‪ ،‬لبن‪FF‬ان‪،‬‬
‫من منشورات المكتبة البوليسية‪1988 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ 143‬بتصرف واختصار‪.‬‬
‫(?) إين ‪FF‬وك ب ‪FF‬اول‪ ،‬تط<<ور اإلنجيل‪ ،‬المس ‪FF‬يح ابن اهلل أم ملك من نسل داود‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد ايبش‪ ،‬دار قتيب ‪FF‬ة‪1423 ،‬هـ‪ ،‬ص‪،35‬‬ ‫‪96‬‬

‫بتصرف واختصار‪.‬‬
‫(?) المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫‪97‬‬

‫(?) صحيح البخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بدء الوحي‪ ،‬كيف بدء الوحي إلى رسول اهلل ‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)7‬ج‪ ،1‬ص‪.8‬‬ ‫‪98‬‬

‫(?) الحسن بن أي‪FF‬وب‪ :‬من المتكلمين‪ ،‬وله من الكتب كت‪F‬اب إلى أخيه علي بن أي‪FF‬وب في ال‪FF‬رد على النص‪FF‬ارى وت‪FF‬بين فس‪F‬اد مق‪F‬التهم‬ ‫‪99‬‬

‫وتثبت‬
‫نبوة عيسى ‪ :‬انظر‪ ،‬محمد بن إسحاق أبو الفرج بن النديم (ت ‪438‬ه‪1046/‬م)‪ ،‬الفهرست‪ ،‬ب‪F‬يروت‪ ،‬دار المعرف‪F‬ة‪1978 ،‬م‪ ،‬ج‬
‫‪ ،1‬ص ‪ .246‬وقد وصف ابن تيمية الحسن بن أي‪FF‬وب بأنه أخ‪FF‬بر الن‪FF‬اس بمق‪FF‬االت النص‪FF‬ارى‪ ،‬وأنه من علم‪FF‬ائهم ال‪FF‬ذي أس‪FF‬لم على‬
‫بص‪FF‬يرة بعد خ‪FF‬برة بكتبهم‪ ،‬انظ‪FF‬ر‪ :‬أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‪ ،‬الج<<واب الص<<حيح لمن ب<<دل دين المس<<يح‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي حسن‬
‫ناصر وعبد العزيز إبراهيم عسكر‪ ،‬وحمدان محمد‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار العاصمة‪ F،‬ط‪1414 ،1‬هـ‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.88‬‬
‫(?) الحسن بن أيوب‪ ،‬لماذا أسلمت‪ ،‬مكتبة النافذة‪ ،‬ط‪2006 ،1‬م‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪100‬‬

‫(?) محمد عطا الرحيم‪ ،‬عيسى المسيح والتوحيد‪ ،‬ترجمة‪ :‬عادل محمد حامد‪ ،‬مركز الحضارة العربية‪ ،‬ط ‪2001 ،1‬م‪ ،‬الق‪F‬اهرة‪،‬‬ ‫‪101‬‬

‫ص ‪.79‬‬
‫(?) حنانيا إلي ‪FF‬اس كس ‪FF‬اب‪ ،‬مجم<<وع الش<<رع الكنسي‪ ،‬ط‪1988 ،2‬م‪ ،‬ب ‪FF‬يروت لبن ‪FF‬ان‪ ،‬منش ‪FF‬ورات الن ‪FF‬ور‪ ،‬ص‪ ،41‬بتص ‪FF‬رف‬ ‫‪102‬‬

‫واختصار‪.‬‬
‫(?) فاضل سليمان‪ ،‬أقباط مسلمون‪ ،‬شركة النور‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪ ،17‬يذكر المؤلف تاريخ الموحدين عبر التاريخ‪.‬‬ ‫‪103‬‬

‫(?) الهرطق‪FF‬ة‪ :‬رأي دي‪FF‬ني م‪FF‬دان كنس‪FF‬ياً على أنه من‪FF‬اقض لإليم‪FF‬ان الك‪FF‬اثوليكي‪ ،‬أو خطأ إرادي ومتش‪FF‬بت به متع‪FF‬ارض مع مب‪FF‬دأ‬ ‫‪104‬‬

‫موحى به‪ .‬انظر‪ :‬ج ويلتر‪ ،‬الهرطقة المسيحية‪ ،‬ترجمة‪ :‬جمال سالم‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬دار التنوير‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(?) الغنوس‪FF F‬ية‪ :‬بح‪FF F‬رف الس‪FF F‬ين‪ ،‬هي لفظ يون‪FF F‬اني معن‪FF F‬اه المعرفة والحكم‪FF F‬ة‪ ،‬والغنوس‪FF F‬ية محاولة فلس‪FF F‬فية دينية لتفس‪FF F‬ير الشر‬ ‫‪105‬‬

‫والخالص من‪FF‬ه‪ ،‬والغنوس‪F‬يون ق‪F‬الوا بإله ال ي‪FF‬درك‪ ،‬ص‪FF‬درت عنه أرواح س‪FF‬موها أيون‪FF‬ات وأركنه ‪ ،...‬وإن هن‪FF‬اك أرك‪F‬ون خاطئ‪F‬اً‬

‫‪29‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبوة عيسى ‪ ‬في العهد الجديد والقرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أما في الس‪F‬نة النبوي‪F‬ة‪ ،‬فهي تظه‪F‬ر نب‪F‬وة عيس‪F‬ى ‪ ‬كم‪F‬ا قرره‪F‬ا الق‪F‬رآن الك‪F‬ريم‪ ،‬فه‪F‬و عب‪F‬د هلل اص‪F‬طفاه لرس‪F‬الته من‪F‬ذ ص‪F‬غره‪،‬‬
‫يقول سيدنـا محمد ‪-‬عليه الص‪F‬الة والس‪F‬الم‪" :-‬م‪F‬ا من ب‪F‬ني آدم مول‪F‬ود إال يمس‪F‬ه الش‪F‬يطان حين يولد‪ ،‬فيس‪F‬تهل ص‪F‬ارخا من مس‬
‫الشيط ـان‪،‬‬
‫يم ‪[‬آل عم‪FF F‬ران‪:‬‬
‫ال* َّر ِج ِ‬ ‫غ ‪FF‬ير م ‪FF‬ريم وابنه ‪FF‬ا» ثم يق ‪FF‬ول أب ‪FF‬و هري ‪FF‬رة‪ :‬ق ‪FF‬ال تع ‪FF‬الى‪ :‬وِِإنِّي ُأ ِعي* ُذهَا ِب* َك َو ُذ ِّريَّتَ َه**ا ِمنَ َّ‬
‫الش* ْيطَا ِن‬
‫‪.)108("]36‬‬
‫ويجع‪F‬ل رس‪F‬ول اهلل من نفس‪F‬ه أولى الن‪F‬اس بعيس‪F‬ى ‪ ‬فيق‪F‬ول ‪" :‬أن‪F‬ا أولى الن‪F‬اس ب‪F‬ابن م‪F‬ريم"(‪ .)109‬وق‪F‬د وص‪F‬ف س‪F‬يدنا‬
‫‪F‬ام الع‪FF‬اد ُل(‪ ،)112‬ولقي‪FF‬ه في‬ ‫(‪)111‬‬ ‫(‪)110‬‬
‫محمد ‪ ‬ن‪FF‬بي اهلل عيس‪FF‬ى بع‪FF‬دة أوص‪FF‬اف منه‪FF‬ا‪ :‬الرج‪FF‬ل الص‪FF‬الح ‪ ،‬والحكم المقسط ‪ ،‬واإلم‪ُ F‬‬
‫ليلة اإلسراء والمعراج فوصفه ‪ ‬وقال‪ ..." :‬ورأيت عيسى ابن مريم‪ ،‬فإذا هو َرج ٌل‪ ،‬كأنما خرج من ديماس(‪.)114(")113‬‬
‫وفي عقيدة المسلمين فإن ن‪F‬بي اهلل عيس‪F‬ى ‪ ‬ي‪F‬نزل في آخ‪F‬ر الزم‪F‬ان‪ ،‬ويص‪F‬لي خل‪F‬ف إم‪F‬ام المس‪F‬لمين‪ ،‬يق‪F‬ول ‪" :‬كيف‬
‫أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم‪ ،‬وإ مامكم منكم"(‪.)115‬‬
‫فنبوة عيسى ‪ ‬ورسالته في اإلس‪F‬الم من كت‪F‬اب اهلل والص‪F‬حيح من س‪F‬نة الن‪F‬بي ‪ ‬واض‪F‬حة وص‪F‬ريحةٌ‪ ،‬ال يوج‪F‬د فيهما‬
‫بس وال تداخل أو غموض كما سبق بيانه في النصرانية‪F..‬‬
‫لَ ٌ‬

‫ك ‪FF‬ان س ‪FF‬بباً في ص ‪FF‬دور أرواح ش ‪FF‬ريرة مثل ‪FF‬ه‪ ،‬انظ ‪FF‬ر‪ :‬أسد رس ‪FF‬تم‪ ،‬كنيسة مدينة اهلل أنطاكية العظمى‪ ،‬لبن ‪FF‬ان‪ ،‬منش ‪FF‬ورات المكتبة‬
‫البوليسية‪ ،1988 ،‬ج‪ ،1‬ص‪.31‬‬
‫(?) وليم هبة بباوي وآخرون‪ ،‬دائرة المعارف الكتابية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.69‬‬ ‫‪106‬‬

‫(?) سفر الحوالي‪ ،‬الموحدون من النصارى‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار الدراسات العلمية للنشر‪ ،‬نشرت ه‪F‬ذه الرس‪F‬الة بمجلة البي‪F‬ان‪ ،‬ع‪F‬دد‬ ‫‪107‬‬

‫(‪ ،)204‬شعبان ‪1425‬هـ‪.‬‬


‫َأهِل َها َم َكاناً َ‬
‫شْرِقّياً‪‬‬ ‫اب َمْرَي َم ِإِذ انتََبَذ ْت ِم ْن ْ‬
‫(?) البخاري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬كتاب أحاديث األنبياء‪ ،‬باب قوله تعالى‪َ :‬وا ْذ ُكْر ِفي اْل ِكتَ ِ‬ ‫‪108‬‬

‫[مريم ‪ ،]16‬حديث رقم (‪ ،)3431‬ج‪ ،4‬ص ‪.164‬‬


‫(?) البخاري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬سبق تخريجه‪ ،‬جزء من حديث برقم (‪ ،)3443‬ص‪ ،4‬هامش رقم (‪.)36‬‬ ‫‪109‬‬

‫يم َخِليالً‪[‬النساء‪ ،]125 :‬حديث‬ ‫ِإ ِ‬


‫(?) البخاري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬كتاب‪ :‬أحاديث األنبياء‪ ،‬باب قوله تعالى‪َ  :‬واتَّ َخ َذ اللّ ُه ْب َراه َ‬
‫‪110‬‬

‫رقم (‪ ،)3349‬ج‪ ،4‬ص‪.139‬‬


‫(?) البخ‪F‬اري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬كت‪F‬اب المظ‪F‬الم والغص‪F‬ب‪ ،‬ب‪F‬اب‪ :‬كسر الص‪F‬ليب وقتل الخ‪F‬نزير‪ ،‬ح‪F‬ديث رقم (‪ ،)2476‬ج‪ ،3‬ص‬ ‫‪111‬‬

‫‪.136‬‬
‫(?) محمد بن يزيد القزوي ‪FF‬ني ابن ماجه (ت ‪273‬هـ)‪ ،‬س<<نن ابن ماج<<ه‪ ،‬كت ‪FF‬اب الفتن‪ ،‬ب ‪FF‬اب‪ :‬فتنة ال ‪FF‬دجال وخ ‪FF‬روج عيسى بن‬ ‫‪112‬‬

‫مريم وخروج يأجوج ومأجوج‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة المع‪FF‬ارف‪ ،‬ط‪ ،1‬ح‪F‬ديث رقم (‪،)4078‬‬
‫قال األلباني‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(?) يعني‪ :‬الحمام‪ ،‬انظر‪ :‬أحمد بن علي بن حجر (ت ‪852‬ه‪1448/‬م)‪ ،‬فتح الباري ش<رح ص<حيح البخ<اري‪ ،‬كت‪FF‬اب الفتن‪،‬‬ ‫‪113‬‬

‫باب‪ :‬ذكر الدجال‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪1379 ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.97‬‬


‫وسى‪[‬طه‪َ  ،]9 :‬و َكلَّ َم اللّ ُه‬ ‫(?) البخاري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬كتاب أحاديث األنبياء‪ ،‬باب‪ :‬قوله تعالى‪َ  :‬و َه ْل َأتَا َك َح ِد ُ‬
‫يث ُم َ‬
‫‪114‬‬

‫وسى تَ ْكِليماً‪[‬النساء ‪ ،]164‬حديث رقم (‪ ،)3394‬ج‪ ،4‬ص‪.152‬‬


‫ُم َ‬
‫(?) البخاري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬كتاب أحاديث األنبياء‪ ،‬باب‪ :‬نزول عيسى ‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)168‬ج‪ ،4‬ص‪.168‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪30‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد العوايشة‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫إن مصطلحي النبي والرسول في النصرانية يواجه اضطراباً شديداً وغموضاً كبيراً في تحديد معناه‪.‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪-2‬إّن تحدي‪F‬د من ه‪F‬و ن‪F‬بي أو من ه‪F‬و رس‪F‬ول في النص‪F‬رانية يواج‪F‬ه إش‪F‬كاليةً كب‪F‬يرة ك‪F‬ذلك‪ ،‬فليس هن‪F‬اك ض‪F‬ابطًا مح‪F‬دداً يطّ‪F‬رد‬
‫على كل من وصفوا بالنبوة أو الرسالة‪ ،‬فبعض الرسل تم اختيارهم من نبي اهلل عيس‪FF‬ى ‪ ‬باعتب‪FF‬اره إله‪F‬اً – حس‪F‬ب‬
‫معتقداتهم الفاسدة‪ ،‬وبعض الرسل اختارهم نبي اهلل عيسى ‪ ‬بع‪F‬د القيام‪F‬ة المزعوم‪F‬ة وبتج ٍ‪F‬ل خ ِ‬
‫‪F‬اص كم‪F‬ا ه‪F‬و الح‪F‬ال‬
‫م ‪FF‬ع ب ‪FF‬ولس‪ ،‬وبعض الرس ‪FF‬ل تم إعط ‪FF‬اؤهم ص ‪FF‬فة الرس ‪FF‬الة باالعتم ‪FF‬اد على القرع ‪FF‬ة‪ ،‬كم ‪FF‬ا ه ‪FF‬و الح ‪FF‬ال حين تم تع ‪FF‬يين‬
‫ميتاس رسوالً خلفاً ليهوذا الخائن‪.‬‬
‫‪-3‬إّن تحديد عدد األنبياء والرسل في النصرانية يواجه مشكلةً بس‪F‬بب التع‪F‬ارض والتن‪F‬اقض في حص‪F‬رهم‪ ،‬ويرج‪F‬ع ذل‪F‬ك إلى‬
‫االضطراب الحاصل أصالً في تحديد من هو النبي أو من هو الرسول‪.‬‬
‫‪-4‬إّن الرسل في النصرانية لم تكن دعوتهم واحدة‪ ،‬بل هناك تع‪F‬ارض بينهم في أص‪F‬ول ال‪F‬دعوة ال‪FF‬تي يحملونه‪F‬ا‪ ،‬كم‪F‬ا ه‪FF‬و‬
‫الحال في التعارض الحاصل بالذات بين بولس الرسول وباقي الرسل‪.‬‬
‫‪-5‬إّن س‪FF‬يرة ن‪FF‬بي اهلل عيس‪FF‬ى ‪ ‬تثب ـــت أن‪FF‬ه ن‪FF‬بي كس‪FF‬ائر األنبي‪FF‬اء والرس‪FF‬ل‪ ،‬فه‪FF‬و يش‪FF‬ترك معهم في المس‪FF‬ائل الجوهري ـــة في‬
‫دعوته وآياته‪.‬‬
‫‪F‬ائدة من‪F‬ذ عه‪F‬د عيس‪F‬ى ‪ ‬إلى اآلن‪ ،‬ولم تنقط‪F‬ع ه‪F‬ذه العقي‪F‬دة من النص‪F‬رانية إلى‬ ‫‪-6‬إّنبشرية عيسى ‪ ،‬وع ِّ‪F‬ده نبي‪ًF‬ا ك‪F‬انت فك ً‬
‫‪F‬رة س ً‬
‫القرن السادس الميالدي‪ ،‬ويوجد إلى اآلن من يؤمن ببشرية عيسى ‪.‬‬
‫وفي الخت‪F‬ام ه‪F‬ذا م‪F‬ا توص‪F‬لت إلي‪F‬ه من نت‪F‬ائج‪ ،‬ف‪F‬إن أص‪F‬بت فمن اهلل وح‪F‬ده‪ ،‬ول‪F‬ه الحم‪F‬د على ذل‪F‬ك‪ ،‬وإ ن قص‪F‬رت فمن‬
‫نفسي ومن الشيطان‪ ،‬واستغفر اهلل تعالى من ذلك‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪31‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)1‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

You might also like