‫السالم عليكم و رمحة اهلل و بركاته‬

‫احلمد هلل بارئ النسم و خالق اللوح و القلم أمحده تعاىل علّم اإلنسان ما مل يعلم و أشكره على ما‬
‫أسدى و أنعم‪ .‬و أشهد أ ّن نبينا‪ 9‬حممدا عبد اهلل و رسوله اهلادي إىل سبيل األقوم و صلى اهلل عليه و‬
‫على آله و صحبه و سلم‪.‬‬

‫ّأما بعد‪...‬‬

‫لكل أمة مقدس أيا كان مادي أو عرضي أو غري ذلك حتافظ عليه‪ .‬كما أن لكل دور عبادة خاصة‬
‫فللمسلمني مساجدهم و لليهود معابدهم و للمسيحيني كنائسهم و ملكية دور العبادة هلل عز و جل و‬
‫ليست للبشر و إن بنوها ىف أرض ختصهم‪ .‬مساجد املسلمني أعظمها ثالثة‪ .‬كما روى البخارى عن‬
‫أىب هريرة رضي اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ :‬ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد ‪:‬‬
‫املسجد احلرام و مسجد الرسول صلى اهلل عليه وسلم و املسجد األقصى‪.‬‬

‫كل دولة اختذت هلا شعارا و رمزا يدل عليها‪ .‬حتىي و تعيش من أجل هذا الرمز‪ .‬و أمة اإلسالم‬
‫كذلك هلا رمز وهو املسجد األقصى ‪ -‬األرض املقدسة‪ 9.‬ما ذكرت هذه البقعة ىف القرآن الكرمي أال و‬
‫معها أمران اثنان‪ 9‬األول اإلشارة على أهنا مباركة و الثاىن ذكرها مع نيب من األنبياء‪. 9‬و هذا كما كان‬
‫ىف قول اهلل تعاىل ىف قصة سيدنا موسى عندما قال لقومه ‪" :‬يقوم ادخلوا األرض املقدسة اليت كتبها‬
‫اهلل لكم وال ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا‪ 9‬خاسرين"‬

‫املسجد األقصى احلرم الثالث للمسلمني و ثاىن مسجد وضع ىف األرض بعد املسجد احلرام‪ .‬روى‬
‫البخارى و مسلم أن أبا ذر الغفارى رضي اهلل عنه قال‪ .‬قلت يا رسول اهلل أي مسجد وضع ىف‬
‫األرض أول ؟ قال ‪ :‬املسجد احلرام‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬مث أي ؟ قال ‪ :‬املسجد األقصى‪ . 9‬قلت كم كان‬
‫بينهما ؟ قال أربعون‪ 9‬سنة مث أينما أدركت الصالة‪ 9‬بعد فصله فإن الفضل فيه ‪.‬‬
 ‫مسي األقصى ‪ :‬أقصى كما يقول القرطىب ‪ " :‬لبعد ما بينه و بني املسجد احلرام و كان أبعد مسجد‬
‫عن أهل مكة ىف األرض يعظم بالزيارة إليه و إليه مسرى املصطفى صلى اهلل عليه و سلم و منه‬
‫معراجه إىل السماء‪.‬‬

‫و لقد ازداد هذا االسم رفعة و مجاال حينما سجله القرآن الكرمي ىف مطلع سورة اإلسراء املباركة ىف‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬سبحان الذي أسري بعبده ليال من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى‪ 9‬الذى باركنا حوله‬
‫لنريه من اياتنا إنه هو السميع البصري ( اإلسراء )‬

‫فكان اإلسراء إسراء اهلل بعبده و رسوله من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى‪ 9‬و عروجه من الصخرة‬
‫إىل سدرة املنتهى‪ 9‬اإلعالن اإلهلى عن ختم هذه الرحلة القدسية خلطوات األنبياء و الرسل على طريق‬
‫اهلل‬

‫و قد بارك اهلل تعاىل ما حول املسجد يعىن هبذا ‪ :‬مدينة القدس بأكملها و كانت املباركة‪ 9‬بالثمار و‬
‫أمتعة الدنيا مث باألنبياء و الصاحلني الذين عاشوا على أرضها ينشرون اخلري و يأمرون باملعروف و‬
‫ينهون عن املنكر و دفنوا فيها‪.‬‬

‫كانت صالته صلى اهلل عليه وسلم باألنبياء‪ 9‬ىف ليلة اإلسراء و املعراج‪ ،‬و ىف هذا داللة واضحة على أن‬
‫آخر صبغة املسجد األقصى‪ 9‬هي تلك الصبغة‪ 9‬احملمدية‪ ،‬مما نسب املسجد األقصى ملتصقا باألمة‬
‫اإلسالمية‪ 9،‬حيث أم رسوهلا صلى اهلل عليه وسلم سائر األنبياء فيه‪ ،‬كما أن اقرتان هذه الرحلة املباركة‬
‫لسيدنا رسول اهلل باملسجد األقصى‪ 9‬فيه داللة أخرى على ما هلذا البيت من مكانة عند اهلل عز و جل و‬
‫منزلة عالية عن نظام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫من هذا املنطلق الشرعي و املسؤولية‪ 9‬التارخيية على املسلمني ىف مشارق األرض و مغارهبا كانت نصرة‬
‫املسجد األقصى قضية األمة و جزءا من العقيدة اليت ائتمنت‪ 9‬عليها‪ ،‬كما أهنا مؤمتنون على سائر‬
 ‫املقدسات املسيحية و اإلسالمية بنص الوثيقة‪( 9‬العهدة) العمرية اليت متت بني أمري املؤمنني عمر بن‬
‫اخلطاب و بني بطريرك املدينة‪ 9‬املقدسة يوم أن تسلم مفاتيحها منه بنفسه‬

‫فضائل القدس التكاد تنحصر‪ ،‬فقد امتألت‪ 9‬دواوين الشريعة بذكر ما خصها اهلل تعاىل من املآثار‬
‫الكرمية و الفضائل العظيمة و صنفت فيها عشرات املصنفات‪ ،‬حىت أوصلها بعض الباحثني املهتمني‬
‫إىل مائتني و عشرين مصنفا ىف فضائلها و مآثرها‪.‬‬

‫اللهم انصر إخواننا يف فلسطني و احفظ مسجد األقصى إنك أنت كل شيئ قدير‬

‫و أخريا‪ ،‬و السالم عليكم و رمحة اهلل و بركاته‬