Professional Documents
Culture Documents
فلم ا علم ب ذلك أب و جهل أقب ل إليهم ق ائالً ":م ا رأين ا ركبً ا أحم ق منكم! أرس لكم
قومكم تعلمون خبر هذا الرجل ،فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم
وصدقتموه فيما قال".
فق الوا " :س الم عليكم ال نج اهلكم ،لن ا م ا نحن علي ه ولكم م ا أنتم علي ه لم ن أل
خيرا".
أنفسنا ً
نزل يف حقهم سورة القصص 54-53
العبر والعظات
يف قدوم وفد النصارى داللة باهرة على أن ما قد يالقيه أرباب الدعوة اإلسالمية يف طريقهم .1
من اآلالم واملص ائب اليع ين حبال ماخليب ة أو اإلخف اق .وال يس تلزم الض عف أو التخ اذل أو
اليأس .بل العذالب كما قلنا طريق البد من سلوكها للوصول إىل النجاح والنصر.
الواق ع أن إميان أف راد ه ذا الوف د ك ان جمرد اس تمرار إلمياهنم الس ابق .وملا ك ان اإلجني ل ي أمر .2
باتباع الرسول الذي يأيت من بعد عيسى عليه السالم ويتحدث عن صفاته ومميزاته .فقد كان
من اس تمرار اإلميان .اإلميان هبذا الن يب وه و حمم د ﷺ .إذ اإلميان باإلجني ل والت وراة يس تدعي
اإلميان بالقرآن وحممد ﷺ .وه ذا يقتضي تأكي د ما بينّ اه من أمن ال دين احلق مل يتعدد وأن
كلم ة األدي ان الس ماوية هي كلم ة ال مع ىن هلا .ألن ك ل ش ريعة مساوية ناس خة للش ريعة ال يت
قبلها.
عام الحزن
وه و الع ام العاش ر من بعثت ه ﷺ ،فق د ت وفيت في ه زوجت ه خدجية بنت خويل د رض ي اهلل
عنها ،وتويف فيه عمه أبو طالب .وكان بني وفاة خدجية وأيب طالب شهر ومخسة أيام.
كانت خدجية رضي اهلل عنها وزير صدق على اإلسالم ،يشكو الرسول إليها وجيد عندها
ناصرا له على قومه.
وحرزا يف أمره ،ومان ً
عضدا ً ُأنسه وسلواه .أما أبو طالب فقد كان ً
َ
فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول اهلل ﷺ من األذى ما مل تكن تطمع يف حياة
أيب طالب ،حىت اعرتضه َس ِفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابًا .وأطلق النيب ﷺ اسم
(عام احلزن) لشدة ماكبد فيه من الشدائد يف سبيل الدعوة.
العبر والعظات
فلو أن أبا طالب بقي إىل جانب ابن أخييه يكلؤه وحيميه إىل أن تقوم الدولة اإلسالمية
يف املدين ة لك ان يف ذل ك ماق د ي وهم أن أب ا ط الب ك ان أب و ط الب من وراء ه ذه ال دعوة
وبس بب محاي ة عم ه ل ه بينم ا مل يتهي أ ه ذا احلظ فغ ريه من املس لمني من حول ه ،ف أوذو وه و
حمفوظ اجلانب .لقد قضت حكمة اهلل تعاىل أن يفقد الرسول من حوله من كان يف الظاهر
حاميا له حىت تتجلى حقيقتان هامتان :
إمنا ت أيت احلماي ة والعناي ة والنص ر من اهلل ع ز وج ّل فس واء ك ان مثة من حيمي ه من .1
الناس أو مل يكن.
.2معىن العصمة اليت تعهد اهلل هبا هي العصمة من القتل ومن أي صد أو عدوان من
شأنه إيقاف الدعوة اإلسالمية ،فقد قضت حكمة اهلل تعاىل أن يذوق األنبياء من
قدرا غري يسري.
ذلك ً
فلو أن النيب ﷺ جنح يف دعوته بدون أي مشقة لطمع أصحابه واملسلمون من بعده
بأن يسرتحيوا كما اسرتاح.
أن سبب تسمية الرسول هلذا العام عام احلزن إمنا ليس هو جمرد فقده ﷺ لعمه أيب
طالب وزوجته والواقع أن هذ خطأ يف الفهم والتقدير .فالنيب ﷺ مل حيزن على فراق عمه
وزوج ه ذل ك احلزن الش ديد ب ل س بب ذل ك م ا أعقب وفاهتم ا من انغالق معظم أب واب
الدعوة يف وجهه .أما بعد وفاته فقد ُس دَّت يف وجهه تلك اجملاالت .فيعود بدعوته كما
ذهب هبا ،مل يسمعها أحدومل يؤمن هبا أحد.
من أج ل ختفي ف ه ذا احلزن علي ه ك انت ت نزل اآلية 33من س ورة األنع ام مواس ية ل ه
ومسلية.
العبر والعظات
.1
إن م ا ك ان يالقي ه الن يب ﷺ من خمتل ف أل وان احملن ة ومن مجل ة أعمال ه التبليغي ة للن اس.
وليبني هلم كيفية تطبيق الصرب واملصابرة اللذين أمر هبما .ولقد علمنا النيب ﷺ القيام
أمرا أنواع احملن يف سبيل الدعوة
بالعبادات بالوسيلة التطبيقية وبناءًا على هذا املبدأ قاسى ً
ليقول بلسان حاله جلميع الدعاة من بعده "إصبروا كما رأيتموني أصبر" وليبني أن
الصرب ومصارعة الشدائد من أهم مبادئ اإلسالم
أن الشكوى إىل اهلل تعبد ،والضراعة له والتذلل على بابه تقرب وطاعة
للمحن واملص ائب ِح َك ٌم .من أمهه ا أهنا تس وق ص احبها إىل ب اب اهلل تع اىل وتلبس ه
جلباب العبودية له.
أن النفس البشرية مهما تسامت فهي ال تتجاوز دائرة بشريتها على كل حال .وكذلك
الرس ول ﷺ يت أمل للض ر ويس رتيح للنعيم وه ذا ه و من اط استحص ال الث واب وظه ور
معىن التكليف لإلنسان.
.2
ردا إهليًا على ذلك اإليذاء كي يكون يف ذلك مواساة وسلوى له ﷺ.
يف كل مشهد ما يعترب ًّ
لقد أس رع اخلري والكرام ة واإلجالل ف أقبلت تعت ذر عن الش ر والسفاهة كم ا جاءت القبالت
بعد كلمات العداوة.
جاءت النصرانية تعانق اإلسالم وتعزه .إذ الدين الصحيح من الدين الصحيح كاألخ من أخيه.
ونسب الدين العقل غري أن نسب ِ
االخوة الدم
ُ
.3
فيم ا ك ان يفعل ه زي د بن حارث ة من وقاي ة الرس ول ﷺ منوذج ملا ينبغي أن يك ون علي ه ح ال
املسلم لقائد الدعوة وإن اقتضى ذلك التضحية حبياته.
إن ال دفاع عن الرس ول ﷺ بعد انتقال ه إىل رفي ق األعلى يتحق ق على حنو :أال نض ن (نتأوه)
على أنفسنا باحملن والعذاب يف سبيل الدعوة اإلسالمية.
خملص ا لق ادة ال دعوة اإلس المية كم ا ك ان
ودا ً على املس لمني كلهم أن يكون و من ح وهلم جن ً
شأن املسلمني مع الرسول ﷺ.
.4من قص ة اس تماع النف ر من اجلن إىل الرس ول ﷺ دلي ل على وج ود اجلن وأهنم مكلف ون .وأن
منهم من آمن باهلل ورسوله ومنهم من كفر.
.5
إن ك ا ذاك ال ذي رآه وعان اه ﷺ يف الط ائف بع د القس وة والع ذاب الل ذين رآمها يف مك ة مل
يكن له أي تأثري على ثقة باهلل أو على قوة العزمية اإلجيابية يف نفسه.
أن ال تصدنا احملن والعقبات اليت تكون يف طريق الدعوة اإلسالمية من السري.