You are on page 1of 82

‫سلسلة نصوص تراثية للباحثني ( ‪)534‬‬

‫املباهلة‬
‫يف كتب الرتاث‬

‫‪1443‬ه‬
‫نسخة أولية من غري ترتيب او مراجعة‬
‫ومتاح لكل أحد االستفادة منها‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا اما بعد‬


‫فهذه نصوص مجعت ابستخدام برانمج شاملة وورد من برجميات الدكتور سعود العقيل بواسطة املكتبة‬
‫الشاملة‬
‫معتمدة على توظيف الكلمة املفتاحية وتوفري النصوص للباحثني لتحريرها واالستفادة منها وهي‬
‫مشاعة ملن يستفيد منها‬
‫وسيتبعها نصوص أخرى يسر هللا نشرها وهللا املوفق‬
‫يوسف بن محود احلوشان‬
‫‪yhoshan@gmail.com‬‬

‫‪ https://t.me/dralhoshan‬تليجرام‬

‫‪2‬‬
‫"حدثنا احلزامي قال‪ :‬حدثنا ابن وهب قال‪ :‬أخربين الليث بن سعد‪ ،‬عن من‪ ،‬حدثه قال‪ " :‬جاء راهبا جنران إىل‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم يعرض عليهما اإلسالم فقاال‪ :‬إان قد أسلمنا قبلك فقال‪ " :‬كذبتما‪ ،‬إنه مينعكما من اإلسالم‬
‫ثالث‪ :‬عبادتكما الصليب‪ ،‬وأكلكما اخلنزير‪ ،‬وقولكما هلل ولد "‪ .‬فقال أحدمها‪ :‬من أبو عيسى؟ فسكت النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وكان ال يعجل حىت يكون ربه هو أيمره‪ ،‬فأنزل هللا عليه‪{ :‬إن مثل عيسى عند هللا كمثل آدم خلقه من تراب}‬
‫[آل عمران‪ ]59 :‬حىت بلغ {فال تكن من املمرتين} [آل عمران‪ ، ]60 :‬مث قال تعاىل فيما قال الفاسقان‪{ :‬فمن حاجك‬
‫فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران‪ ]61 :‬إىل قوله‪{ :‬فنجعل لعنة هللا على الكاذبني} [آل عمران‪ ]61 :‬قال‪:‬‬
‫فدعامها النيب صلى هللا عليه وسلم إىل املباهلة ‪ ،‬وأخذ بيد علي وفاطمة واحلسن واحلسني رضي هللا عنهم فقال أحدمها‬
‫لآلخر‪ :‬قد أنصفك الرجل فقاال‪ :‬ال نباهلك‪ ،‬وأقرا ابجلزية وكرها اإلسالم "‪)1( ".‬‬

‫"ابب ذكر خالفة أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي هللا عنه وعن ذريته الطيبة قال حممد بن احلسني رمحه هللا‪:‬‬
‫اعلموا رمحنا هللا وإايكم أنه مل يكن بعد عثمان رضي هللا عنه أحد أحق ابخلالفة من علي رضي هللا عنه ملا أكرمه هللا عز‬
‫وجل به من الفضائل اليت خصه هللا الكرمي هبا ‪ ،‬وما شرفه هللا عز وجل به من السوابق الشريفة ‪ ،‬وعظيم القدر عند هللا عز‬
‫وجل وعند رسوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وعند صحابته رضي هللا عنهم وعند مجيع املؤمنني ‪ ،‬قد مجع له الشرف من كل‬
‫جهة ‪ ،‬ليس من خصلة شريفة إال وقد خصه هللا عز وجل هبا‪ :‬ابن عم الرسول ‪ ،‬وأخو النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ووو‬
‫فاطمة الزهراء رضي هللا عنها وأبو احلسن واحلسني رحيانيت النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ومن كان النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫له حمبا ‪ ،‬وفارس العرب ومفر الكرب عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وأمر هللا عز وجل نبيه ابملباهلة ألهل الكتاب‬
‫ملا دعوه إىل املباهلة ‪ ،‬فقال هللا عز وجل‪{ :‬قل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} فأبناؤان‬
‫وأبناؤكم‪ :‬فاحلسن واحلسني رضي هللا عنهما ونساؤان ونساؤكم‪ :‬فاطمة بنت رسول‪)2( ".‬‬

‫"طريق أخرى قال ابن وير وذكر امحد بن على املصيصى املعروف ابخلطيطى ومسكنه بكفر ييا ان خمزوم بن محيد‬
‫بن خالد حدثهم عن ابيه محيد بن خالد بن عبد الرمحن عن عبد السالم بن سالمة بن قبيض احلضرمى كذلك وكان ىف‬
‫العهد الذى عهده عمر بن اخلطاب اىل سالمة بن قيصر على اهنم اشرتطوا على انفسهم هبذا الشرط طلبنا اليك االمان‬
‫ألنفسنا واهل ملتنا وذكر مثل حديث عبد الرمحن بن غنم فهذه طرق يشد بعضها بعضا وقد ذكران شواهد هذه الشروط‬
‫وتكلمنا عليها منفردة وهلل احلمد أثر فيه حديث قال حممد بن سعد ىف الطبقات اخربان على بن حممد يعىن املداثىت عن ابن‬
‫معن عن ويد بن رومان وأخربان على بن حممد بن جماهد عن حممد بن جماهد عن حممد بن اسحاق عن الزهرى وعكرمة بن‬
‫خالد وعاصم بن عمر بن قتادة وأخربان يزيد ابن عباد بن جعد به عن عبد هللا بن اىب بكر بن شربم وغريهم من أهل العلم‬
‫يزيد بعضهم على بعض قالوا وقد جنران فذكر قصتهم واقرار رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اابهم على ماهم عليه واخذه‬

‫(‪ )1‬اتريخ املدينة البن شبة ابن شبة ‪583/2‬‬


‫(‪ )2‬الشريعة لآلجري اآلجري ‪1756/4‬‬
‫‪3‬‬
‫منهم اجلزية بعد نكوهلم عن املباهلة اىل ان قال واقام اهل جنران على ما كتب هلم به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حىت‬
‫قبضة هللا مث وىل ابو بكر الصديق فكتب ابلوصاة هبم عند وفاته مث اصابوا راب فأخرجهم عمر بن اخلطاب من ارضهم وكتب‬
‫هلم هذا ما كتب عمر امري املؤمنني لنجران من سار منهم انه آمن أبمان هللا ال يضرهم احد من املسلمني وفاء هلم مبا كتب‬
‫هلم ول هللا صلى هللا عليه وسلم وابو بكر اما بعد فمن وقعوا به من امراء الشام وامراء العراق فليوسعهم من جريب االرض‬
‫فما اتعتملوا من ذلك فهو هلم صدقة وعقبة هلم مبكان ارضهم ال سبيل عليه فيه ألحد وال مغرم اما بعد فمن حضرهم من‬
‫رجل مسلم فلينصرهم على من ظلمهم فاهنماقوام هلم الذمة وجزيتهم عنهم مرتوكة اربعة وعشرين شهرا بعد ان تقدموا وال‬
‫يكلفوا اال من ضيعتهم الىت اعتملوا غري مظلومني وال معنوف عليهم شهد عثمان بن عفان ومعيقب بن‪)1( ".‬‬

‫"{فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم‪ ،‬فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم‪ ،‬ونساءان ونساءكم‪ ،‬وأنفسنا‬
‫وأنفسكم مث نبتهل (‪ )1‬فنجعل لعنة هللا على الكاذبني} (‪)2‬‬
‫(خ م حم) ‪ ،‬عن عبد هللا بن مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪( :‬جاء العاقب والسيد صاحبا جنران ‪ ،‬قال‪ :‬وأرادا أن يالعنا‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقال أحدمها لصاحبه‪ :‬ال تالعنه ‪ ،‬فوهللا لئن كان نبيا فالعنا ‪ ،‬ال نفلح حنن وال عقبنا‬
‫أبدا ‪ ،‬فأتياه فقاال‪ :‬ال نالعنك ‪ ،‬ولكنا نعطيك ما سألت ‪ ،‬فابعث معنا رجال أمينا) (‪( )3‬يعلمنا السنة واإلسالم) (‪)4‬‬
‫(وال تبعث معنا إال أمينا ‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ " :-‬ألبعثن معكم رجال أمينا حق أمني " ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فاستشرف هلا أصحاب حممد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ " :-‬قم اي أاب عبيدة بن‬
‫اجلراح " ‪ ،‬فلما قام ‪ ،‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ " :-‬هذا أمني هذه األمة (‪)6( )" )5‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬املباهلة‪ :‬أن يدعو أحد املتناوعني على اآلخر ابللعنة واهلالك إن كان كاذاب ‪ ،‬ويدعو اآلخر عليه بذلك‪.‬‬
‫(‪[ )2‬آل عمران‪]61/‬‬
‫(‪( )3‬حم) ‪( ، 3930‬خ) ‪4119‬‬
‫(‪( )4‬م) ‪( ،)2419( - 54‬حم) ‪14080‬‬
‫(‪ )5‬قال األلباين يف الصحيحة‪ : 1964 :‬يف احلديث فائدة هامة‪ ،‬وهي أن خرب اآلحاد حجة يف العقائد‪ ،‬كما هو حجة‬
‫يف األحكام‪ ،‬ألننا نعلم ابلضرورة أن النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬مل يبعث أاب عبيدة إىل أهل جنران ليعلمهم األحكام‬
‫فقط ‪ ،‬بل والعقائد أيضا‪ ،‬فلو كان خرب اآلحاد ال يفيد العلم الشرعي يف العقيدة‪ ،‬وال تقوم به احلجة فيها‪ ،‬لكان إرسال‬
‫أيب عبيدة وحده إليهم ليعلمهم أشبه شيء ابلعبث‪ .‬وهذا مما يتنزه الشارع عنه ‪ ،‬فثبت يقينا إفادته العلم ‪ ،‬وهو املقصود ‪،‬‬
‫ويل يف هذه املسألة اهلامة رسالتان معروفتان ‪ ،‬مطبوعتان مرارا‪ ،‬فلرياجعهما من أراد التفصيل فيها‪ .‬أ‪ .‬هـ‬
‫(‪( )6‬خ) ‪( ،4119‬م) ‪( ،)2420( - 55‬ت) ‪( ،3796‬حم) ‪)2( ".23425‬‬

‫(‪ )1‬مسند الفاروق البن كثري ابن كثري ‪491/2‬‬


‫(‪ )2‬اجلامع الصحيح للسنن واملسانيد صهيب عبد اجلبار ‪162/18‬‬
‫‪4‬‬
‫‪" -1‬وملا جرى البن بطالن مبصر مع ابن رضوان ما جرى كتب إليه ابن بطالن رسالة يفظعه فيها ويذكر معائبه‬
‫ويشري إىل جهله مبا يدعيه من علم علوم األوائل وصدرها هبذه الديباجة بسم هللا الرمحن الرحيم االنتساب إىل الصنائع‬
‫واالشرتاك يف البضائع موخاة وذمم وحرمات وعصم أدىن حقوقها بذل اإلنصاف وأحد فروضها اجتناب احليف واإلسراف‬
‫ويتصل يب عن الشيخ أدام هللا توفيقه وأوضح إىل احلق طريقه بالغات إذا قايستها بنا ألفيته من حدة طباعه هبا وأن عزوته‬
‫إىل ما خصه هللا به من العلم قطعت بكذهبا ويف كال احلالني فإنين أرى اإلغضاء مها أمض من كالمه وأرمض من فعاله من‬
‫الفعال الواجب واملفروض الالوب إذ كنت أثق برجوعه إىل احلق وإن مال يف شعب الباطل ال سيما أين مل أوجده سبيال إىل‬
‫املباينة وال سعيت إال فيما أكد أسباب املودة واحملافظة ومل أختذه مبسألة سهلة وال صعبة وهو أدام هللا توفيقه جهينيت يف هذه‬
‫الدعوى وقد كانت وردت منه إىل مسائل وأحبت يف احلال عنها وتراخيت إىل هذه الغاية عن إنفاذها إبقاء على هذه املودة‬
‫وبلغين بعد ذلك أنه قال على سبيل املباهلة يسألين عن ألف مسألة وأسئلة واحدة ولو شئت أن أفصح وأوضح لفعلت‬
‫ولكن‬
‫قومي هم قتلوا أميم أخي ‪ ...‬فإذا رميت يصيبين سهمي"‪)1( .‬‬

‫‪" -2‬ألين أعتقده واجلماعة جيرون مين جمرى األعضاء مترض اترة وتصح أخرى ومل أول على هذه املشاكلة إىل أن‬
‫أوعز إيل من بعض اجلهات اجلليلة مبا مل يسعين خالفه وال أمكنين االجتناب عنه يف عمل هذه املقالة وعي سبعة فصول‬
‫األول يف يف فضل من لقي الرجال من درس يف الكتاب الثاين يف أن الذي علم املطالب من الكتب علما رداي شكوكه‬
‫حبسب علمه يعسر حلها الثالث يف أن إثبات احلق يف عقيل مل يثبت فيه احملال أسهل من إثباته عند من ثبت يف عقله‬
‫احملال الرابع يف أن من عادات الفضالء عند قراءهتم كتب القدماء أن ال تعلموا يف علمائها يظن إذا رأوا يف املطلب تباينها‬
‫وتناقضا لكن خيلدون إىل البحث والتطلب اخلامس يف مسائل خمتلفة صادرة عن براهني صحيحة يف املقدمات صادقة‬
‫تلتمس أجوبتها ابلطريقة الربهانية السادس يف تصفح مقالته يف املباهلة اليت ضمن فيها أنين أسأله ألف مسألة ويسألين‬
‫مسألة واحدة السابع يف تتبع مقالته يف النقطة الطبيعية والتعيني على موضع الشبهة يف هذه التسمية فامتثلت املرسوم معتذرا‬
‫إليه غري أنين أسأله إبله السماء وتوحيد الفالسفة إذا هو طلق عنان القلم واستخدم يف بيانه برهان اهلمم وأبرو النتيجة‬
‫كالبدر من حندس الظلم أعفى عبده من السفه الذي حظه يف مساعه أكثر من حظ الشيخ يف مقاله وعدل به إىل اجلواب‬
‫عن نفس السؤال ميا يبني به الصواب بقلب طاهر تقي خال من دون الغضب فثامسطيوس يقول قلوب احلكماء هياكل‬
‫الرب فيجب أن تنظف بيوت عبادته وفيثاغورس يقول أن العوام تظن أن الباري تعاىل يف اهلياكل فقد فتحسن سريهتا فيها‬
‫كذلك جيب على من علم هللا يف كل مكان أن تكون سريته يف كل مكان كسرية العامة العاملة وهللا يعينه على كسر‬
‫العصبية ويرشدان إىل املضي مبوجب الناطقة ويعينه على امللتمس ومن هذه الرسالة املذكورة الفصل الثاين يف أن الذي علم‬
‫املطالب من الكتب علما رداي شكوكه حب سب علمه يعسر حلها يف أن العامل ابملطالب علما رداي شكوكه ال تنحل أن‬

‫(‪ )1‬أخبار العلماء أبخيار احلكماء ص‪127/‬‬


‫‪5‬‬
‫الشك أتى من تقصريه ابلعلم وكلما فسد العلم قوي الشك وكلما قوي الشك فسد العلم فضعف العلم يؤدي إىل قوة الشك‬
‫وقوة الشك تؤدي إىل ضعف العلم ومها شيئان كل واحد منهما علة لصاحبه كالسوداء اليت هي سبب لرداءة الفكر ورداءة‬
‫الفكر سبب الحرتاق األخالط وانقالهبا إىل السوداء والسوداء كلما قويت أفسدت الفكر والفكر كلما فسد قويت السوداء‬
‫وألن الفاسد الفكر ال يتصور فساد فكره فال يسرع يف ووال مرضه كالذي به عضة كلب كلب يعتقد أن املاء يقتله وفيه‬
‫حياته وكلما امتنع من ه أدى إىل هالكه وهذا هو الداء العياء الذي يعجز عن طبه وبرئه األطباء كذلك املعتقد يف اآلراء‬
‫املاحلة أهنا صحيحة ال يشعر برداءهتا فيلتمس علتها على احلقيقة ولعدم علمه ابلتقصري ال يزيل شكه العاملون وال يرجي‬
‫لنفسه برء منه إال بلطف من رب العاملني ومن ههنا تتولد اآلراء الفاسدة السقيمة ويثقلها الضعيف الطباع عن مطلب‬
‫احلقائق ويتقلدها حمبو الكسل والرفاهة فتتخيل هلم كأهنا طباع وغريزة فيألفوهنا وينشئون عليها ويكرهون مفارقتها للعادة‬
‫ويسابقون عليها ويتعصمون هالتها العلوم الصحيحة فيحدث يف العقول وابء عن ميل النفس مع اهلوى فتموت القرائح‬
‫الذكية على مثال ما متوت األجسام عن فساد جوهر اهلواء وهلذا قال أرسطوطاليس اإلنسان اجلاهل ميت واملتجهل عليل‬
‫والعامل حي صحيح فهذا مقنع ملن حاد عن طباع العقل وفيه كفاية حمليب احلق وبيان الدعوى أن الذي علم من الكتب علما‬
‫رداي شكوكه حبسب علمه يعسر حلها وهو ما أردان أن نبني‪)1( .".‬‬

‫‪ )2("-3‬أمر نبيه ابملباهلة واملالعنة يف الدين فقال ألهل الكتاب فقل تعالوا ندع أبناءان وأبنائكم ونسائنا ونساءكم‬
‫وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني فنتمثل أمر هللا لرسوله ونقول اللهم اي شديد البطش اي جبار اي‬
‫قهار اي حكيم اي قوي اي عزيز اي قوي اي عزيز اي قوي اي عزيز نسب إيل أكل احلرام من املدارس الغائبة وإىل أمور أنت أعلم‬
‫بسرها فإن كان ذلك يف علمك صحيحا فاجعل لعنتك ولعنة مالئكتك والناس أمجعني علي وإن مل يكن صحيحا فاجعلها‬
‫على من افرتى علي هبا وإن كان الولد قد فعل ما قيل من أخذ الرباطيل فاجعلها عليه وإن مل يكن فاجعلها على من افرتى‬
‫عليه فهذا إنصاف وامتثال ملا أمر هللا به رسوله وربك ابملرصاد والشكوى إىل هللا احلكم العدل فلم يلبث إال أسبوعا أو أقل‬
‫أو أكثر حىت قتل السلطان وحبس منكومتر مث أخر من حمبسه وذبح وكان من شدة وسواسه ما جيلس على جوخ وال يقربه‬
‫وكان يف بعض األايم طلع إىل السلطان حسام الدين وهو جالس على طراحة جوخ فجلس معه عليها وقضى شغله وعاد‬
‫إىل بيته ونزع كل ما عليه وغسله "‪)3( .‬‬

‫‪" -4‬وكان مفننا يف علوم كثرية الفقه واحلديث واألصول وغريها ومل خيلف بعده حنفيا مثله إال أنه كان كذااب ال‬
‫يتوقف يف شيء يقوله فال يعتمد على قوله‪ ،‬قال‪ :‬وكان من سنني قواي يف بدنه ميشي جيدا فلما وقعت فتنة ابن الفارض يف‬

‫(‪ )1‬أخبار العلماء أبخيار احلكماء ص‪128/‬‬


‫(‪586 )2‬‬
‫(‪ )3‬أعيان العصر وأعوان النصر ‪ -‬موافق ‪ -‬حمقق ‪586/4‬‬
‫‪6‬‬
‫سنة أربع وسبعني أظهر التعصب ألهل االحتاد فقال له الشمس السنباطي‪ :‬أليس يف مباهلة ابن حجر البن األمني املصري‬
‫عربة فقال‪)1( .":‬‬

‫‪"-5‬العمر يقول‪ :‬سنة من االنبياء وجدوا خمتومني‪ :‬هود‪ ،‬وصاحل‪ ،‬وشعيب‪( ،‬و ‪ )1‬نىب اهل حضور‪ ،‬ونىب الرس‪،‬‬
‫واملضرى خامت النبيني صلى هللا عليه (و ‪ )1‬عليهم امجعني‪.‬‬
‫حكام العرب اوهلم االفعى ‪ 2‬بن احلصني بن غنم بن رهم بن احلارث اجلرمهى الذى حكم بني نىب نرار بن معد يف مرياثهم‪،‬‬
‫وهم مضر وربيعة واايد وامنار‪.‬‬
‫وكان منزله جنران من اليمن‪.‬‬
‫ومن ولده السيد والعاقب اسقفا جنران اللذان ارادا مباهلة رسول هللا صلى هللا عليه‪.‬‬
‫احلكام من قريش مث من بىن هاشم (عبد املطلب) بن هاشم و (الزبري) بن عبد املطلب و (أبو طالب) بن عبد املطلب‪.‬‬
‫ومن بىن امية‪( :‬حرب) بن امية‪.‬‬
‫و (أبو سفيان) ابن حرب‪.‬‬
‫ومن بىن خمزوم‪( :‬العدل) وهو الوليد بن املغرية بن عبد هللا ابن عمر بن خمزوم‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬ما بني القوسني املستطيلني نسيه الكاتب يف االصل‪.‬‬
‫(‪ )2‬يف أتريخ اليعقويب‪ " :‬االفعى بن االفعى "‪.‬‬
‫(*)"‪)2(.‬‬

‫‪" -6‬مث دخلت وجعلت الورقة يف الدواة وظننت أنه ما رأى وقمت فقال‪:‬اجلس ما يف هذه الورقة؟قلت‪:‬يقرأها‬
‫سيدان‪،‬قال‪:‬اقرأها أنت‪،‬وكررت عليه وهو يرد علي فقرأهتا فقال‪:‬ما محلك على هذا؟فحكيت له فقال‪:‬وقف عليها‬
‫أحد؟فقلت‪:‬ال‪،‬قال‪:‬قطعها‪.‬قال‪:‬وأخربين برهان الدين إبراهيم املصري احلنفي الطبيب وكان قد استوطن قوص سنني‬
‫قال‪:‬كنت أابشر وقفا فأخذه مين مشس الدين حممد بن أخي الشيخ واله آلخر فعز علي ونظمت أبياات يف الشيخ فبلغته‬
‫فأان أمشي مرة خلفه وإذا به قد التفت إيل وقال‪:‬اي فقيه بلغين أنك هجوتين‪،‬فسكت فقال‪:‬أنشدين‪،‬وأحل علي فأنشدته‬
‫األبيات وهي‪:‬‬
‫وليت فوىل الزهد عنك أبسره ‪ ...‬وابن لنا غري الذي كنت تظهر‬
‫ركنت إىل الدنيا وعاشرت أهلها ‪ ...‬ولو كان عن جرب لقد كنت تعذر‬

‫(‪ )1‬الضوء الالمع ‪253/3‬‬


‫(‪ )2‬احملرب ص‪132/‬‬
‫‪7‬‬
‫فسكت وماان وقال‪:‬ما محلك على هذا؟فقلت‪:‬أان رجل فقري وأان أابشر وقفا أخذه مين فالن‪،‬فقال‪:‬ما علمت هذا أنت على‬
‫حالك‪،‬فباشرت الوقف مدة وخطر يل احلج فجئت إليه استأذنه فدخلت خلفه فالتفت إيل فقال‪:‬أمعك هجو آخر؟فقلت‪:‬ال‬
‫ولكنين قصدت احلج وجئت أستأذن سيدي‪،‬فقال‪:‬مع السالمة ما يغري عليك‪.‬وأنشدين إجاوة الشيخ انصر الدين شافع‬
‫قال‪:‬من نظم الشيخ تقي الدين قوله‪:‬‬
‫جتاووت حد األكثرين إىل العلى ‪ ...‬وسافرت واستبقيتهم يف املفاوو‬
‫وخضت حباراص ليس يعرف قدرها ‪ ...‬وألقيت نفسي يف فسيح املفاوو‬
‫وجلجت يف األفكار مث تراجع اختياري إىل استحسان دين العجائز‬
‫قلت‪:‬ولقد وقفت له على جواب طويل كتبه يف در إىل األمري سيف الدين منكومتر انئب السلطنة حلسام الدين الجني‬
‫وكان عند استاذه اجلزء الذي ال يتجزأ وقد كتب فيه بعد البسملة‪:‬ورد على العبد الفقري حممد بن علي خماطبة األمري الكبري‬
‫سيف الدين ووقف عليها وعجب منها األمرين‪ ،‬مث أنه يذكر كل فصل وجييبه عنه إىل أن قال يف آخر ذلك‪:‬فكتب األمري‬
‫إيل كتااب يكتب إىل من ليس عنده من الدين شيء ولو كان األمري عرف مين ارتكاب الكبائر املوبقات ما واد على‬
‫مافعل‪،‬وعلى اجلملة فإن هللا تعاىل أمر نبيه ابملباهلة واملالعنة يف الدين فقال ألهل الكتاب " فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم‬
‫ونساءان ونساءكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني " فنتمثل أمر هللا لرسوله ونقول‪:‬اللهم اي شديد البطش اي جبار‬
‫اي قهار اي حكيم اي قوي اي عزيز اي قوي اي عزيز اي قوي اي عزيز قد نسبت إىل أكل احلرام من مال املدارس الغائبة وإىل‬
‫أمور أنت عامل بسرها‪،‬فإن كان ذلك يف علمك صحيحا فاجعل لعنتك ولعنة مالئكتك والناس أمجعني علي‪،‬وإن مل يكن‬
‫صحيحا فاجعلها على من افرتى علي هبا‪،‬وإن كان الولد قد فعل ما قيل من أخذ الرباطيل فاجعلها عليه‪،‬وإن مل يكن‬
‫فاجعلها على من افرتى عليه‪،‬فهذا إنصاف وامتثال ملا أمر هللا به ورسوله وربك ابملرصاد والشكوى إىل هللا احلكم العدل‪.‬‬
‫قيل أنه مل يلبث بعد ذلك إال أسبوعا أو قريبا منه حىت قتل السلطان أستاذه وقتل هو أيضا‪.‬‬
‫الووير سعد الدين الساوجي حممد بن علي الووير الكبري سعد الدين الساوجي العجمي‪.‬‬
‫قتله خربندا وقتل معه الووير مبارك شاه وامللك انصر الدين حيىي بن إبراهيم صاحب سنجار وصاحب الديوان املانشرتي‬
‫كانت قتلتهم ببغداد‪،‬وممن قتل أيضا ات الدين اآلوي الشيعي كبري األشراف وذبح ابناه قبله وكان جبارا ظاملا فرافعوه‪،‬وأخذ‬
‫للساوجي أموال عظيمة ويقال أنه غرم على اجلامع الذي عمره ببغداد ألف ألف درهم‪،‬قيل أنه صلى ركعتني وودع أهله‬
‫وثبت للقتل وخلع فرجية على قاتله فباس يده واستجعل منه يف حل مث طري رأسه سنة إحدى عشرة وسبع مائة حممد بن‬
‫علي العالمة الغرانطي املالكي املقرئ ابملدينة‪ .‬تويف سنة مخس عشرة وسبع مائة‪.‬‬
‫مشس الدين الدهان حممد بن علي بن عمر املاوين الدهان الشيخ مشس الدين الدمشقي الشاعر‪.‬‬
‫كان يعمل صناعة الدهان ويعرف مقامات احلريري وينظم الشعر الرقيق ويدري املوسيقى فيعمل الشعر ويلحنه فيغين به‬
‫املغنون وكان يلعب ابلقانون‪.‬‬
‫تويف سنة إحدى وعشرين وسبع مائة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أنشدين من لفظه املوىل القاضي شهاب الدين كاتب السر ابن القاضي حميي الدين ابن فضل هللا إىل الشمس املذكور يضمن‬
‫بيت أيب متام‪:‬‬
‫رأيتك أيها الدهان تبغي ‪ ...‬مزيدا يف التودد ابملساعي"‪)1( .‬‬

‫‪ " -7‬وفيها أمر السلطان مجال الدين احملتسب أن يتحدث يف األوقاف احلكمية فتحدث فيها فشق ذلك على‬
‫القاضي الشافعي فتحدث مع أحد الدين فراجع له السلطان فقال ‪ :‬أان ما وليت مجال الدين وعزلت الشافعي وغنما أمرته‬
‫أن يتحدث معه يف عمارة ما هتدم مث شافه السلطان القاضي بذلك وقال له ‪ :‬أنت الناظر وهذا ينوب عنك يف ذلك فسأله‬
‫احملتسب أن يكون األمري قديد معه يف العمارة وابلغ من بيده شيء من األوقاف يف إصالحه خوفا من الغهانة ويف ذلك‬
‫يقول شهاب الدين بن العطار ‪:‬‬
‫اي من أكلتم من جين أوقافنا ‪ ...‬حلما طراي فاصربوا لقديد‬
‫وفيه عمل أهل برمة وهم نصارى عرسا ابملغاين واملالهي على عادهتم فقام املؤذن يسبح على العادة فأنزلوا فبلغ‬
‫ذلك اخلطيب فانتصر للمؤذن وساعده اإلمام فأهاهنما أهل البلد فتوجهوا إىل القاهرة وشكوا األمر للنائب فأرسلهم إىل‬
‫صاحب برمة وهو جركس اخلليلي فضرب الثالثة وحبسهم فبلغ ذلك السلطان من جهة انصر الدين بن امليلق الواعظ فتغيظ‬
‫على اخلليلي وأمره إبطالقهم وإنصافهم من غرمائهم فأحضر من برمة مجاعة من املساملة فشهد عليهم ابلزندقة فضرب‬
‫القاضي املالكي رقاب ستة أنفس وسر املسلمون بذلك وقد قرأت خبط القاضي تقي الدين الزبريي وأجاونيه أن ابن خري‬
‫حكم بضرب رقاهبم حبضور القضاة فضربت يف اجمللس وكان سودون النائب حاضرا بني القصرين قال ‪ :‬مث قام بعض املالكية‬
‫وادعى أنه خالف مذ هبه وابلغ يف التشنيع يعين ابن جالل الدمريي وجرى على ابن خري ما ال خري فيه مث إنه استفىت أهل‬
‫العلم املوجودين قي ذلك الوقت فأفتوا بتصويب فعله وانتصر على خصمه‬
‫ويف مجادى اآلخرة انول الفرنج بريوت يف عشرين مركبا فراسلوا انئب الشام فتقاعد عنهم واعتل ابحتياجه إىل مرسوم‬
‫السلطان فقام إينال اليوسفي فنادى الغزاة يف سبيل هللا فنفر معه مجاعة فحال بني الفرنج وبني البحر وقتل بعضهم ونزل‬
‫إليه بقية الفرنج فكسرهم وقبض من مراكبهم ستة عشر مركبا فسر املسلمون بذلك سرورا عظيما وملا بلغ السلطان قبل‬
‫ذلك حترك الفرنج جهز عدة أمراء حلفظ الثغور من الفرنج كرشيد ودمياط وغريمها فلما توجهوا إىل بريوت وكسروا هبا‬
‫حصلت الطمأنينة منهم وممن توجه من املطوعة القاضي املالكي ومعه املغارية والشيخ مشس الدين القونوي ومعه خالئق من‬
‫املطوعة مث مجع القاضي الشافعي مجعا من الفقهاء وتوجه وكان الفرنج قد دخلوا صيداء فوجدوا املسلمني قد نذروا هبم‬
‫فأحرووا أمواهلم وأوالدهم بقرية خلف اجلبل فوجد الفرنج بعض أمتعتهم فنهبوها وأخذوا ما وجدوا من ويت وصابون وأحرقوا‬
‫السوق وقصدوا بريوت فتداركهم املسلمون مث وصل النائب وانكسر الفرنج حبمد هللا تعاىل مث عاد الفرنج إىل مباهلة بريوت‬

‫(‪ )1‬الوايف ابلوفيات ‪23/2‬‬


‫‪9‬‬
‫فطرقوها يف شعبان فتيقظ هلم أهلهم فحاربوهم وراموهم ونزل طائفة من الفرنج فوجدوا ابلساحل مخسة عشر نفسا فقتلوهم‬
‫مث قتل من الفرنج مجاعة فوصل النائب من دمشق بعد انقضاء الوقعة ورجوع الفرنج بغيظهم مل ينالوا خريا‬
‫وفيها ابتدأ األمري أيتمش إبنشاء مدرسته اليت ابلقرب من القلعة‬
‫ويف صفر عزل القاضي احلنفي بدمشق نوابه بسبب بدر الدين القدسي مث أعاد واحدا منهم وهو تقي الدين الكفري‬
‫فشاع اخلرب أن النائب تعصب للكفري وكاتب فيه ليلى القضاء استقالال مث وصل اخلرب بذلك واستقر يف ربيع األول "‪.‬‬

‫‪"-8‬وذكره السيد علي بن معصوم فق ال يف حقه سابق فرسان اإلحسان وعني أعيان البيان املشار إليه يف احملافل‬
‫احلالب ضرع األدب احلافل والباهر األلباب والعقول بفوائد املعقول واملنقول غاص يف حبار األدب فاستخر درره ومسا إىل‬
‫مطالعه فاستجلى غرره فنظم الآليل والدراري ونثر وجدد ما درس من مغاين املعاين ودثر فمن نثره ما كتبه إىل القاضي ات‬
‫الدين املالكي مسائال سيدان املقتدى آباثره املهتدى أبنواره إمام حمراب العلوم البديعة وخطيب منرب البالغة اليت أضحت‬
‫مذعنة له ومطيعة قمر مساء اجملد األثيل فلك مشس فخر كل ذي مقام جليل املميطة يد بياته حواجز األشكال عن وجوه‬
‫املعاين املعرتف مبنطقه الفصيح القاصي من هذه األمة والداين عمدة احملققني قدميا وحديثا مالذ املدققني تفسريا وحتديثا‬
‫الصاعد معار العليا بكماله املنشد يف مقام االفتخار لسان حاله‬
‫لنا نفوس لنيل اجملد عاشقة ‪ ...‬ولو تسلت أسلناها على األسل‬
‫ال ينزل اجملد إال يف مناولنا ‪ ...‬كالنوم ليس له مأوى سوى املقل‬
‫والقائل عند اجملادلة يف مقام املباهلة‬
‫حنن الذين غدت رحى أحساهبم ‪ ...‬وهلا على قطب الفخار مدار‬
‫امللوك يقبل األرض اليت ينال هبا القاصد ما يؤمله ويرجتيه وينهى أنه نظم بعض اجلهابذة األعيان بيتني يف التشبيه والسبب‬
‫الداعي هلم ا واملعىن املقتضى لنظمهما أنه أبصرت العني ظبيا يرتع يف رايضه ومينع بسيوف مجاله عن ورود حياضه يرى‬
‫العاشق سيآته حسنات جاد هبا وأحسن ويعرتف له ابحلسن كل حسن يف األانم وابن أحسن بدا وهو اجلوهر السامل من‬
‫العرض وظهر وعليه أثر من آاثر املرض فأراد املشبه تشبيهه يف هذه احلالة فشبهه بغصن ذابل قائال ال حمالة ونظم ذلك‬
‫املعىن فشدا مبا قاله صادح الفصاحة وغىن وهو‬
‫بدار عليه أثر من سقام ‪ ...‬كمكحول من اآلرام ساهي‬
‫فخيل يل كبدر فوق غصن ‪ ...‬ذوى للبعد من قرب املياه"‪)2( .‬‬

‫(‪ )1‬انباء الغمر ص‪102/‬‬


‫(‪ )2‬خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عشر ‪219/2‬‬
‫‪10‬‬
‫‪"-9‬مث قام احلسني بن علي بن احلسن املثلث بن احلسن املثىن بن احلسن السبط‪ ،‬أايم اهلادي بن املهدي بن املنصور‪،‬‬
‫سنة تسع وستني ومائة‪ ،‬وهو ابملدينة‪ ،‬وجده‪ :‬احلسن املثلث‪ :‬أخو عبد هللا احملض؛ بويع ابملدينة‪ ،‬وخطب على منربها‪،‬‬
‫وهرب عاملها‪ .‬فلما استقر أمره ابملدينة وصار إىل مكة‪ ،‬كتب اهلادي إىل حممد بن سليمان بن علي ‪ -‬وقد كان قدم حاجا‬
‫من البصرة ‪ -‬فواله حربه‪ ،‬فقتله بفخ على ثالثة أميال من مكة بل دوهنا‪ ،‬فتقاتلوا يوم الرتوية‪ ،‬فقتل احلسني يف أكثر من‬
‫مائة من أصحابه‪ ،‬ومل ينج منهم إال اليسري‪ ،‬كانوا بني القتلى إىل أن جن عليهم الليل هربوا‪ ،‬ودفن احلسني وأصحابه هنالك‪،‬‬
‫وقربه مشهور يزار إىل ا آلن‪ ،‬يف بناء على ميني الداخل إىل مكة من وادي مر‪ .‬ومحل رأسه إىل اهلادي موسى بن املهدي‪،‬‬
‫العباسي‪ ،‬فلم حيمد ذلك‪ .‬وكان احلسني هذا شجاعا جوادا كرميا‪ ،‬حيكى أن املهدي أعطاه ملا قدم عليه ألف دينار فقرقها‬
‫يف الناس ببغداد والكوفة‪ ،‬وخر ال ميلك ما يلبسه إال فروة ليس حتتها قمي رمحه هللا وغفر له وأعاد علينا من بركاته‪.‬‬
‫روى أبو الفر األصبهاين يف مقاتل الطالبيني إبسناده إىل النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪ " :‬انتهى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم إىل فخ فصلى أبصحابه مثة صالة اجلنائز مث قال‪ :‬تقتل ههنا رجال من أهل بييت وعصابة من املسلمني تنزل هلم أكفان‬
‫وحنوط من اجلنة تسبق أرواحهم إىل اجلنة أجسادهم " ‪.‬‬
‫وكان عمره حني قتل إحدى وأربعني سنة‪.‬‬
‫مث قام حيىي بن عبد هللا احملض بن احلسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب يف ومان اهلادي أيضا بعد أن جنا من وقعة الفخ‬
‫فجال يف البلدان‪ ،‬ومل يقر مبكان وآخر األمر استقر جببل الديلم وكان إذا ذاك يف ومان هارون الرشيد‪ ،‬فسرح الرشيد حلربه‬
‫الفضل بن حيىي الربمكي‪ ،‬فبلغ الفضل إىل الطالقان وتلطف يف استنزال حيىي بن عبد هللا من بالد الديلم على أن يشرتط ما‬
‫أحب ويكتب له الرشيد بذلك خطه فتم بينهما ذلك؛ وجاء به الفضل فويف له الرشيد بكل ما أحبه‪ ،‬وأجرى له أرواقا سنية‬
‫حسنة‪.‬‬
‫مث توجه حيىي إبذنه إىل املدينة مث اسرتجعه هارون الرشيد من املدينة إىل بغداد بسعاية كانت فيه من بعض آل الزبري‪ .‬فيقال‪:‬‬
‫إنه ملا حلف الزبريي بتلك اليمني اليت فيها الرباءة من حول هللا وقوته وااللتجاء إىل احلول والقوة ومات الزبريي بعد الثالثة‬
‫األايم أطلق الرشيد حيىي ووصله مبال‪ ،‬مث بعد ذلك مبديدة أظهر له ذلك أنه قد صح عنده أنه يطلب الناس سرا إىل بيعته‪،‬‬
‫فكلم الرشيد الفقهاء فيما أعطاه من األمان‪ .‬فمنهم من أثبته‪ ،‬ومنهم من نقضه‪ ،‬مث آخر األمر أرسله ‪ -‬اىل احلبس فمات‬
‫بعد شهر من اعتقاله يف احلبس‪.‬‬
‫واختلف يف موته فقيل‪ :‬خنقوه‪ ،‬وقيل‪ :‬بنوا عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬مسوه‪ ،‬وقيل؛ قتلوه ابجلوع‪ ،‬ويقال‪ :‬أطلقه الفضل بن حيىي افتئاات‬
‫على الرشيد‪ ،‬فكان ذلك سبب نكبة الربامكة وهللا أعلم أاي كان ذلك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ذكر املسعودي أن هذه املباهلة هبذه اليمني وقعت مع الزبري نفسه منسوبة إىل موسى الكاظم معه‪ ،‬وهللا أعلم من‬
‫أيهما كانت‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كان قيام حيىي سنة ست وسبعني ومائة‪)1( .".‬‬

‫‪"-10‬فهذه آايت شريفة يف ووجات نبينا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬


‫قال ويد بن احلباب‪ :‬حدثنا حسني بن واقد‪ ،‬عن يزيد النحوي‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس‪( * :‬إمنا يريد هللا ليذهب عنكم‬
‫الرجس أهل‬
‫البيت) *‪.‬‬
‫قال‪ :‬نزلت يف نساء النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫مث قال عكرمة‪ :‬من شاء ابهلته‪ ،‬أهنا نزلت يف نساء النيب صلى هللا عليه وسلم خاصة (‪.)1‬‬
‫إسحاق السلويل‪ :‬حدثنا عيسى بن عبدالرمحن السلمي‪ ،‬عن أيب إسحاق‪ ،‬عن صلة‪ ،‬عن حذيفة‪ :‬أنه قال المرأته‪ :‬إن سرك‬
‫أن تكوين ووجيت يف اجلنة‪ ،‬فال تزوجي بعدي‪ ،‬فإن املرأة يف اجلنة آلخر أوواجها يف الدنيا ؛ فلذلك حرم على أووا النيب‬
‫صلى هللا عليه وسلم أن ينكحن بعده ؛ الهنن أوواجه يف اجلنة (‪.)2‬‬
‫روى عطاء بن السائب‪ ،‬عن حمارب بن داثر‪ :‬أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن ويد‪ ،‬أحد العشرة (‪.)3‬‬
‫وهذا منقطع‪.‬‬
‫وقد كان سعيد تويف قبلها أبعوام‪ ،‬فلعلها أوصت يف وقت مث عوفيت‪ ،‬وتقدمها هو‪.‬‬
‫وروي‪ ،‬أن أاب هريرة صلى عليها‪.‬‬
‫ومل يثبت‪.‬‬
‫وقد مات قبلها‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬إسناده حسن‪ ،‬وهو يف تفسري ابن أيب حامت فيما نقله احلافظ ابن كثري ‪ 483 / 3‬من طريق ويد بن احلباب به‪.‬‬
‫وعلق ابن كثري على قول عكرمة‪ ،‬فقال‪ :‬فإن كان املراد أهنن كن سبب النزول دون غريهن‪ ،‬فصحيح‪ ،‬وإن أريد أهنن املراد‬
‫فقط دون غريهن‪ ،‬ففي هذا نظر‪ ،‬فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن املراد أعم من ذلك‪ ،‬مث أورد االحاديث فراجعه‪.‬‬
‫واملباهلة‪ :‬أن جيتمع القوم إذا اختلفوا يف شئ‪.‬‬
‫فيقولوا‪ :‬لعنة هللا على الظامل منا‪.‬‬
‫(‪ )2‬رجاله ثقات‪ ،‬وأبو إسحاق هو السبيعي‪ ،‬وصلة‪ :‬هو ابن وفر‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو يف " املستدرك " ‪ ، 19 / 4‬عن حمارب بن داثر قال‪ :‬حدثين ابن لسعيد بن ويد أن أم سلمة أوصت أن يصلي‬
‫عليها سعيد بن ويد‪.‬‬
‫خشية أن يصلي عليها مروان بن احلكم‪.‬‬

‫(‪ )1‬مسط النجوم العوايل يف أنباء األوائل والتوايل ‪368/2‬‬


‫‪12‬‬
‫[ * ]"‪)1( .‬‬

‫‪" -11‬معمر‪ :‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬ملا أراد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يباهل (‪ )1‬أهل جنران‪ ،‬أخذ بيد احلسن‬
‫واحلسني‪ ،‬وقال لفاطمة‪ :‬اتبعينا‪ ،‬فلما رأى ذلك أعداء هللا‪ ،‬رجعوا‪.‬‬
‫أبو عوانة‪ :‬عن سليمان‪ ،‬عن حبيب بن أيب اثبت‪ ،‬عن أيب إدريس‪ ،‬عن املسيب بن جنبة‪ ،‬مسع عليا يقول‪ :‬أال أحدثكم عين‬
‫وعن أهل بييت ؟ أما عبد هللا بن جعفر‪ ،‬فصاحب هلو‪ ،‬وأما احلسن‪ ،‬فصاحب جفنة من فتيان قريش‪ ،‬لو قد التقت حلقتا‬
‫البطان مل يغن يف احلرب عنكم‪ ،‬وأما أان وحسني‪ ،‬فنحن منكم‪ ،‬وأنتم منا (‪.)2‬‬
‫إسناده قوي‪.‬‬
‫وعن سعيد بن عمرو‪ ،‬أن احلسن قال للحس ني‪ :‬وددت أن يل بعض شدة قلبك‪ ،‬فيقول احلسني‪ :‬وأان وددت أن يل بعض‬
‫ما بسط من لسانك‪.‬‬
‫عن أيب املهزم‪ ،‬قال‪ :‬كنا يف جناوة‪ ،‬فأقبل أبو هريرة ينفض بثوبه الرتاب عن قدم احلسني‪.‬‬
‫وقال مصعب الزبريي‪ :‬حج احلسني مخسا وعشرين حجة ماشيا (‪.)3‬‬

‫______________‬
‫* (اهلامش) *‬
‫(‪ )1‬املباهلة‪ :‬املالعنة‪ ،‬يقال يف الكالم‪ :‬ماله هبله هللا‪ ،‬أي‪ :‬لعنه هللا‪ ،‬وماله ؟ عليه هبلة هللا‪ ،‬يريد‪ :‬اللعن‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الطرباين (‪ ،) 2801‬وقد تصحف فيه " جنبة " إىل " جنية " ورجاله ثقات كما قال اهليثمي يف " اجملمع " ‪/ 9‬‬
‫‪.191‬‬
‫ومتامه‪ " :‬وهللا لقد خشيت أن يدال هؤالء القوم عليكم بصالحهم يف أرضهم‪ ،‬وفسادكم يف أرضكم‪ ،‬وأبدائهم االمانة‪،‬‬
‫وخيانتكم‪ ،‬وبطواعيتهم إمامهم‪ ،‬ومعصيتكم له‪ ،‬واجتماعهم على ابطلهم‪ ،‬وتفرقكم على حقكم‪ ،‬حىت تطول دولتهم حىت‬
‫ال يدعو هللا حمرما إال استحلوه‪ ،‬وال يبقى مدر وال وبر إال دخله ظلمهم‪ ،‬وحىت يكون أحدكم اتبعا هلم‪ ،‬وحىت يكون نصرة‬
‫أحدكم منهم كنصرة العبد من سيده‪ ،‬إذا شهد‪ ،‬أطاعه‪ ،‬وإذا غاب عنه‪ ،‬سبه‪ ،‬وحىت يكون أعظمكم فيها غناء أحسنكم‬
‫ابهلل ظنا‪ ،‬فإن أاتكم هللا بعافية‪ ،‬فاقبلوا‪ ،‬فإن ابتليتم‪ ،‬فاصربوا‪ ،‬فإن العاقبة للمتقني "‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطرباين (‪ ،)2844‬وهو منقطع كما قال اهليثمي ‪.201 / 9‬‬
‫(*)"‪)2(.‬‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء ‪208/2‬‬


‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء ‪287/3‬‬
‫‪13‬‬
‫‪" -12‬ولقد تعبت ببينكم * تعب املهاجر يف اهلواجر (‪ )1‬قيل‪ :‬إنه أحضر إىل املعز مبصر كتاب (‪ )2‬فيه شهادة‬
‫جدهم عبيد هللا بسلمية‪.‬‬
‫وفيه‪ :‬وكتب عبيد هللا بن حممد بن عبد هللا الباهلي‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬هذه شهادة جدان‪ ،‬وأراد بقوله الباهلي‪ ،‬أنه من أهل‬
‫املباهلة (‪ )3‬ال أنه من ابهلة (‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬ظهر هذا الوقت الرفض‪ ،‬وأبدى صفحته‪ ،‬ومشخ أبنفه يف‬
‫مصر والشام واحلجاو والغرب ابلدولة العبيدية‪ ،‬وابلعراق واجلزيرة والعجم بيين بويه‪ ،‬وكان اخلليفة املطيع ضعيف الدست‪،‬‬
‫والرتبة مع بين بويه‪.‬‬
‫مث ضعف بدنه‪ ،‬وأصابه فاجل‪ ،‬وخرس فعزلوه‪ ،‬وأقاموا ابنه الطائع هلل‪.‬‬
‫وله السكة واخلطبة‪ ،‬وقليل من االمور‪ ،‬فكانت مملكة هذا املعز أعظم وأمكن‪.‬‬
‫وكذلك دولة صاحب االندلس املستنصر ابهلل املرواين‪ ،‬كانت موطدة مستقلة كوالدة الناصر لدين هللا الذي ويل مخسني‬
‫عاما‪.‬‬
‫وأعلن االذان ابلشام ومصر حبي على خري العمل‪.‬‬
‫فلله االمر كله (‪.)5‬‬
‫قيل‪ :‬ما عرف عن املعز غري التشيع‪ ،‬وكان يطيل الصالة‪ ،‬ومات قبله‬
‫__________‬
‫(‪ " )1‬وفيات االعيان "‪.228 / 5 :‬‬
‫(‪ )2‬يف االصل‪ :‬فيها‪.‬‬
‫(‪ )3‬املباهلة‪ :‬املالعنة‪ ،‬ابهلت فالان أي العنته‪ ،‬ومعىن املباهلة أن جيتمع القوم إذا اختلفوا يف شئ فيقولوا‪ :‬لعنة هللا على‬
‫الظامل منا‪.‬‬
‫" لسان العرب " (هبل)‪.‬‬
‫(‪ )4‬اسم لقبيلة عظيمة من قيس بن عيالن‪.‬‬
‫انظر ما كتبه عنها ابن االثري يف " اللباب "‪.94 - 93 / 1 :‬‬
‫(‪ " )5‬النجوم الزاهرة "‪.58 / 4 :‬‬
‫(*)"‪)1(.‬‬

‫‪" -13‬قيل‪:‬إنه أحضر إىل املعز مبصر كتاب فيه شهادة جدهم عبيد هللا بسلمية وفيه وكتب عبيد هللا بن حممد بن‬
‫عبد هللا الباهلي‪ ،‬فقال‪:‬نعم‪ ،‬هذه شهادة جدان وأراد بقوله الباهلي أنه من أهل املباهلة ال أنه من ابهلة‪.‬‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء ‪164/15‬‬


‫‪14‬‬
‫قلت‪:‬ظهر هذا الوقت الرفض وأبدى صفحته ومشخ أبنفه يف مصر والشام واحلجاو والغرب ابلدولة العبيدية وابلعراق واجلزيرة‬
‫والعجم بيين بويه‪ ،‬وكان اخلليفة املطيع ضعيف الدست والرتبة مع بين بويه‪ ،‬مث ضعف بدنه وأصابه فاجل وخرس فعزلوه وأقاموا‬
‫ابنه الطائع هلل وله السكة واخلطبة وقليل من األمور فكانت مملكة هذا املعز أعظم وأمكن‪ ،‬وكذلك دولة صاحب األندلس‬
‫املستنصر ابهلل املرواين كانت موطدة مستقلة كوالده الناصر لدين هللا الذي ويل مخسني عاما‪ ،‬وأعلن األذان ابلشام ومصر‬
‫حبي على خري العمل فلله األمر كله‪)165/15(.‬‬
‫قيل‪:‬ما عرف‪ ،‬عن املعز غري التشيع‪ ،‬وكان يطيل الصالة ومات قبله بسنة ابنه عبد هللا ويل العهد‪ ،‬وصرب وغلقت مصر‬
‫لعزائه ثالاث وشيعوه بال عمائم بل مبناديل صوف فأمهم املعز أبمت الصالة وأحسنها‬
‫يف سنة ستني وثالث مائة وجد ابلسوق‪...‬قد نسج فيه املعز ‪ -‬عز وجل ‪ -‬فأحضر النسا إىل اجلوهر فأنكر ذلك وصلب‬
‫النسا مث أطلق‪.‬‬
‫وأخذ احملتسب من الطحانني سبع مائة دينار فأنكر عليه جوهر ورد الذهب إليهم‪.‬‬
‫"‪)1( .‬‬

‫‪ " -14‬كان رسول هللا صلى هللا عليه و سلم يصلي فإذا سجد ركب احلسن واحلسني على ظهره فإذا رفع رأسه‬
‫أخذمها بيده أخذا رفيقا فوضع أحدمها على فخذه واآلخر يف حجره فقلت ‪ :‬اي رسول هللا أذهب هبما إىل أمهما ؟ قال ‪:‬‬
‫ال ‪ :‬فربقت برقة فقال ‪ :‬احلقا أبمكما فلم يزاال يف ضوء تلك الربقة حىت حلقا أبمهما‬
‫وعن شداد بن اهلاد قال ‪ :‬خر علينا رسول هللا صلى هللا عليه و سلم يف إحدى صاليت العشي الظهر أو العصر‬
‫وهو حامل حسنا أو حسينا فتقدم النيب صلى هللا عليه و سلم فوضعه مث كرب للصالة فصلى فسجد بني ظهري صالته‬
‫سجدة أطاهلا قال ‪ :‬رفعت رأسي فإذا الصيب على ظهر رسول هللا صلى هللا عليه و سلم وهو ساجد فرجعت يف سجودي‬
‫فلما قضى رسول هللا صلى هللا عليه و سلم الصالة قال الناس ‪ :‬اي رسول هللا إنك سجدت بني ظهري الصالة سجدة‬
‫أطلتها حىت ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال ‪ :‬كل ذلك مل يكن ولكن ابين ارحتلين فكرهت أن أعجله حىت‬
‫يقضي حاجته‬
‫وعن بريدة قال ‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه و سلم خيطبنا فجاء احلسني واحلسني وعليهما قميصان أمحران‬
‫ميشيان ويعثران فنزل رسول هللا صلى هللا عليه و سلم من املنرب فحملهما فوضعهما بني يديه مث قال ‪ :‬صدق هللا ورسوله "‬
‫إمنا أموالكم وأوالدكم فتنة " نظرت إىل هذين الصبيني ميشيان ويعثران فلم أصرب حىت قطعت حديثي ورفعتهما‬
‫وعن عمر قال ‪ :‬رأيت احلسن واحلسني على عاتقي النيب صلى هللا عليه و سلم فقلت ‪ :‬نعم الفرس حتتكما فقال‬
‫النيب صلى هللا عليه و سلم ‪ :‬ونعم الفارسان مها‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء [مشكول ‪ +‬موافق للمطبوع] ‪150/29‬‬


‫‪15‬‬
‫وعن أيب سعيد اخلدري قال ‪ :‬دخل رسول هللا صلى هللا عليه و سلم على علي وفاطمة واحلسن واحلسني فاضطجع‬
‫معهم فاستسقى احلسن فقام إىل لقوح فحلبها فاستسقى احلسني فقال ‪ :‬اي بين استسقى أخوك قبلك نسقيه مث نسقيك‬
‫قالت فاطمة ‪ :‬كأنه أحبهما إليك اي رسول هللا قال ‪ :‬ما هو أبحبهما إيل ‪ :‬إين وأنت ومها وهذا املضطجع يف مكان واحد‬
‫يوم القيامة‬
‫ويف حديث آخر ‪ :‬يف مكان واحد يف اجلنة‬
‫وعن علي قال ‪ :‬قعد رسول هللا صلى هللا عليه و سلم موضع اجلنائز وأان معه فطلع احلسن واحلسني فاعرتكا فقال‬
‫النيب صلى هللا عليه و سلم ‪ :‬إيها حسن خذ حسينا فقال علي ‪ :‬اي رسول هللا أعلى حسني تواليه وهو أكربمها ؟ فقال ‪:‬‬
‫هذا جربيل يقول ‪ :‬إيها حسني‬
‫وعن الرباء بن عاوب قال ‪ :‬قال النيب صلى هللا عليه و سلم ‪ :‬احلسن أو احلسني هذا مين وأان منه وهو حيرم عليه‬
‫ما حيرم علي‬
‫وعن أم سلمة قالت ‪ :‬خر رسول هللا صلى هللا عليه و سلم إىل صرحة هذا املسجد فقال ‪ :‬أال ال حيل هذا املسجد‬
‫جلنب وال حائض إال لرسول هللا صلى هللا عليه و سلم وعلي وفاطمة واحلسن واحلسني أال قد بينت لكم األمساء أن تضلوا‬
‫وعن جابر بن عبد هللا األنصاري ‪ :‬قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم لعلي بن أيب طالب ‪ :‬سالم عليك‬
‫اي أاب الرحيانتني من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك وهللا خليفيت عليك‬
‫فلما قبض النيب صلى هللا عليه و سلم قال ‪ :‬هذا أحد الركنني اللذين قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم فلما‬
‫ماتت فاطمة قال ‪ :‬هذا الركن اآلخر الذي قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم‬
‫ويف حديث آخر ‪ :‬سالم عليك أاب الرحيانتني أوصيك برحيانيت من الدنيا‬
‫وعن عبد هللا قال ‪ :‬قال النيب صلى هللا عليه و سلم ‪ :‬خري رجالكم علي بن أيب طالب وخري شبابكم احلسن‬
‫واحلسني وخري نسائكم فاطمة بنت حممد‬
‫وعن علي قال ‪ :‬خر رسول هللا صلى هللا عليه و سلم حني خر ملباهلة النصارى يب وبفاطمة واحلسن واحلسني‬
‫وعن ابن عباس قال ‪ :‬مسعت رسول هللا صلى هللا عليه و سلم أبذين وإال فصمتا وهو يقول ‪ :‬أان شجرة وفاطمة‬
‫محلها وعلي لقاحها واحلسن واحلسني مثرهتا واحملبون أهل البيت ورقها من اجلنة حقا حقا‬
‫وعن عبد الرمحن بن عوف أنه قال ‪ :‬ال تسألوين قبل أن تشوب األحاديث األابطيل ‪ .‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و سلم ‪ :‬أان الشجرة وفاطمة أصلها أو فرعها وعلي لقاحها واحلسن واحلسني مثرهتا وشيعتنا ورقها فالشجرة أصلها يف‬
‫عدن واألصل والفرع واللقاح والورق والثمر يف اجلنة‬
‫وعن علي قال ‪)1( ." :‬‬

‫(‪ )1‬خمتصر اتريخ دمشق ‪ -‬مفهرس ص‪934/‬‬


‫‪16‬‬
‫‪ )1("-15‬وعن أم سلمة قالت خر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل صرحة هذا املسجد فقال أال ال حيل هذا‬
‫املسجد جلنب وال حائض إال لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعلي وفاطمة واحلسن واحلسني أال قد بينت لكم األمساء أن‬
‫تضلوا وعن جابر بن عبد هللا األنصاري قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعلي بن أيب طالب سالم عليك اي أاب‬
‫الرحيانتني من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك وهللا خليفيت عليك فلما قبض النيب صلى هللا عليه وسلم قال هذا أحد الركنني‬
‫اللذين قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فلما ماتت فاطمة قال هذا الركن اآلخر الذي قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ويف حديث آخر سالم عليك أاب الرحيانتني أوصيك برحيانيت من الدنيا وعن عبد هللا قال قال النيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم خري رجالكم علي بن أيب طالب وخري شبابكم احلسن واحلسني وخري نسائكم فاطمة بنت حممد وعن علي قال خر‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حني خر ملباهلة النصارى يب وبفاطمة واحلسن واحلسني وعن ابن عباس قال مسعت رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم أبذين وإال فصمتا وهو يقول أان شجرة وفاطمة محلها وعلي لقاحها واحلسن واحلسني مثرهتا واحملبون‬
‫أهل البيت ورقها من اجلنة حقا حقا وعن عبد الرمحن بن عوف أنه قال ال تسألوين قبل أن تشوب األحاديث األابطيل‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "‪)2( .‬‬

‫‪ - 173"-16‬معد املعز لدين هللا‪ ،‬أبو متيم ابن املنصور إمساعيل ابن القائم ابن املهدي العبيدي‪[ .‬املتوىف‪365 :‬‬
‫هـ]‬
‫صاحب املغرب‪ ،‬والذي بنيت له القاهرة املعزية‪ ،‬وهو أول من متلك داير مصر من بين عبيد الرافضة املدعني أهنم علويون‪.‬‬
‫وكان ويل عهد أبيه‪ ،‬فاستقل ابألمر يف آخر سنة إحدى وأربعني وثالمثائة‪ ،‬وسار يف نواحي إفريقية ليمهد مملكته‪ ،‬فذلل‬
‫العصاة‪ ،‬واستعمل غلمانه على املدن‪ ،‬واستخدم اجلند‪ ،‬مث جهز مواله جوهر القائد يف جيش كثيف‪ ،‬فسار فافتتح‬
‫سجلماسة‪ ،‬وسار حىت وصل إىل البحر احمليط‪ ،‬وصيد له من مسكه‪ -]248[- ،‬وافتتح مدينة فاس‪ ،‬وأرسل بصاحبها‬
‫وبصاحب سبتة أسريين إىل املعز‪ .‬ووطد له من إفريقية إىل البحر‪ ،‬سوى مدينة سبتة‪ ،‬فإهنا بقيت لبين أمية أصحاب‬
‫األندلس‪.‬‬
‫وذكر القفطي أن املعز عزم على جتهيز عسكر إىل مصر‪ ،‬فسألته أمه أتخري ذلك لتحج خفية‪ ،‬فأجاهبا‪ ،‬وحجت‪ ،‬فلما‬
‫حصلت مبصر‪ ،‬أحس هبا األستاذ كافور اإلخشيدي‪ ،‬فحضر وخدمها ومحل إليها هدااي‪ ،‬وبعث يف خدمتها أجنادا‪ ،‬فلما‬
‫رجعت من حجها منعت ولدها من غزو بالده‪ ،‬فلما تويف كافور بعث املعز جيوشه‪ ،‬فأخذوا مصر‪.‬‬
‫قال غريه‪ :‬وملا بلغ املعز م وت كافور صاحب داير مصر‪ ،‬جهز جوهرا املذكور إليها‪ ،‬فجيب جوهر القطائع اليت على الرببر‪،‬‬
‫فكانت مخسمائة ألف دينار‪ ،‬وسار املعز بنفسه إىل املهدية يف الشتاء‪ ،‬فأخر من قصور آابئه من األموال مخسمائة محل‪،‬‬
‫مث سار جوهر يف اجليوش إىل مصر يف أول سنة مثان ومخسني‪ ،‬وأنفق األموال‪ .‬وكان يف أهبة هائلة‪ ،‬وصادف مبصر الغالء‬

‫(‪123 )1‬‬
‫(‪ )2‬خمتصر اتريخ دمشق ‪ -‬موافق وحمقق ‪123/7‬‬
‫‪17‬‬
‫والوابء‪ ،‬فافتتحها‪ ،‬وافتتح احلجاو والشام‪ ،‬مث أرسل يعرف املعز ابنتظام احلال‪ ،‬فاستخلف على إفريقية بلكني بن ويري‬
‫الصنهاجي‪ ،‬وسار يف خزائنه وجيوشه يف سنة إحدى وستني‪ .‬ودخل اإلسكندرية يف شعبان سنة اثنتني وستني‪ ،‬فتلقاه قاضي‬
‫مصر أبو الطاهر الذهلي واألعيان‪ ،‬فطال حديثهم معه‪ ،‬وأعلمهم أبن قصده القصد املبارك من إقامة اجلهاد واحلق‪ ،‬وأن‬
‫خيتم عمره ابألعمال الصاحلة‪ ،‬وأن يعمل مبا أمره به جده رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ،-‬ووعظهم وطول حىت بكى‬
‫بعضهم‪ ،‬مث خلع على مجاعة‪ ،‬وسار فنزل ابجليزة‪ ،‬فأخذ جيشه يف التعدية إىل مصر‪ ،‬مث دخل القاهرة‪ ،‬وقد بنيت له هبا دور‬
‫اإلمرة‪ .‬ومل يدخل مصر‪ ،‬وكانوا قد احتفلوا ووينوا مصر‪ ،‬فلما دخل القصر خر ساجدا وصلى ركعتني‪.‬‬
‫وكان عاقال‪ ،‬حاوما‪ ،‬أديبا‪ ،‬سراي‪ ،‬جوادا ممدحا‪ ،‬فيه عدل وإنصاف‪ ،‬فمن ذلك‪ ،‬قيل‪ :‬إن ووجة اإلخشيد ملا والت دولتهم‬
‫أودعت ‪ -]249[-‬عند يهودي بغلطاقا كله جوهر‪ ،‬مث فيما بعد طالبته‪ ،‬فأنكر‪ ،‬فقالت‪ :‬خذ كم البغلطاق‪ ،‬فأيب‪ ،‬فلم تزل‬
‫حىت قالت‪ :‬هات الكم وخذ اجلميع‪ ،‬فلم يفعل‪ .‬وكان فيه بضع عشرة درة‪ ،‬فأتت قصر املعز فإذن هلا‪ ،‬فأخربته أبمرها‪،‬‬
‫فأحضره وقرره‪ ،‬فلم يقر‪ ،‬فبعث إىل داره من خرب حيطاهنا‪ ،‬فظهرت جرة فيها البغلطان‪ ،‬فلما رآه املعز حتري من حسنه‪،‬‬
‫ووجد اليهودي قد أخذ من صدره درتني‪ ،‬فاعرتف أنه ابعهما أبلف وستمائة دينار‪ ،‬فسلمه بكماله‪ ،‬فاجتهدت أن أيخذه‬
‫هدية أو بثمن‪ ،‬فلم يفعل‪ ،‬فقالت‪ :‬اي موالان هذا كان يصلح يل وأان صاحبة مصر‪ ،‬فأما اليوم فال‪ ،‬مث أخذته وانصرفت‪.‬‬
‫وجاء أن املنجمني‪ ،‬أخربوه أن عليه قطعا‪ ،‬وأشاروا عليه أن يتخذ سردااب ويتوارى فيه سنة‪ ،‬ففعل‪ ،‬فلما طالت غيبته ظن‬
‫جنده املغاربة أنه قد رفع‪ ،‬فكان الفارس منهم إذا رأى الغمام ترجل ويقول‪ :‬السالم عليك اي أمري املؤمنني‪ .‬مث خر بعد‬
‫السنة‪ ،‬وتويف بعد ذلك بيسري‪.‬‬
‫وكان قد قرأ فنوان من العلم واألدب‪ ،‬وهللا أعلم بسريرته‪.‬‬
‫قيل‪ :‬أنه أحضر إليه مبصر كتاب فيه شهادة جده عبيد هللا بسلمية‪ ،‬وكتب‪ " :‬شهد عبيد هللا بن حممد بن عبد هللا الباهلي‬
‫"‪ .‬ويف الكتاب شهادة مجاعة من أهل سلمية ومح ‪ ،‬فقال‪ :‬نعم هذه شهادة جدان‪ ،‬وأراد بقوله‪ :‬الباهلي أنه من أهل‬
‫املباهلة ال أنه من ابهلة‪.‬‬
‫وكان املعز أيضا ينظر يف النجوم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه قال هذين البيتني‪:‬‬
‫أطلع احلسن من جبينك مشسا ‪ ...‬فوق ورد من وجنتيك أطال‬
‫وكأن اجلمال خاف على الور ‪ ...‬د ذبوال فمد ابلشعر ظال‬
‫وله فيما قيل‪:‬‬
‫هلل ما صنعت بنا ‪ ...‬تلك احملاجر يف املعاجر‬
‫أمضى وأقضى يف النفو ‪ ...‬س من اخلناجر يف احلناجر ‪-]250[-‬‬
‫ولقد تعبت ببينكم ‪ ...‬تعب املهاجر يف اهلواجر‬

‫‪18‬‬
‫تويف يف ربيع اآلخر سنة مخس وستني‪ ،‬وله ست وأربعون سنة‪ ،‬وكان مولده ابملهدية‪)1( .".‬‬

‫‪"-17‬بسم هللا الرمحن الرحيم‬


‫احلمد هلل الذي حفظ الذكر حبفظ أهله‪ ،‬وشرفهم بوراثة أنبيائه ورسله‪ ،‬وجعل تفاوهتم يف علي الدرجات حبسب تفاوهتم يف‬
‫محله‪ ،‬وأسبغ عليهم سوابغ نعمه ووعدهم ابملزيد من فضله‪ ،‬وصلواته على سيدان حممد نبيه املخصوص مبا مل خيت به نيب‬
‫من قبله‪ ،‬وعلى آله وصحبه املقتفني سننه القومي واملعتصمني حببله‪ ،‬صالة نرجو هبا الفوو يوم يبني للمرء ما هو املقبول‬
‫واملردود من قوله وفعله‪.‬‬
‫(أما بعد) فإنه ملا كان طلب العلم اللدين فرضا على الكفاية حينا ومتعينا يف احلال‪ ،‬ومل يكن بد يف حتصيله من تلقيه عن‬
‫الرجال‪ ،‬وكان التلقي أما مبباشرة أو عن سند ذي اتصال‪ ،‬وكان املباشر تكفي معرفته‪ ،‬واملسند عنه ال بد أن تعرف صفته‪،‬‬
‫فلذلك اهتم العلماء بذكر الرجال‪ ،‬واستعملوا يف متييز أحواهلم الفكر والبال ليوضحوا سبيل التحمل‪ ،‬ويبينوا وسيلة التوصل‪،‬‬
‫وقد اختلفت يف ذلك مصادرهم ومواردهم‪ ،‬وان اتفقت يف بعض الوجوه مقاصدهم‪ ،‬فمنهم من ذكر التجريح والتعديل يف‬
‫احملدثني‪ ،‬ومنهم من ذكر من يعرف ابحلفظ واإلتقان من املتقدمني‪ ،‬ومنهم من اقتصر على ذكر العلماء اجملتهدين‪ ،‬ومنهم‬
‫من ذكر املؤلفني واملصنفني‪ ،‬ومنهم من ذكر الصلحاء واملتعبدين‪ ،‬ومنهم من ذكر علماء وقته‪ ،‬ومنهم من اقتصر على ذكر‬
‫مشيخته‪ ،‬وكل ذلك حيصل اإلفادة‪ ،‬ويسهل ل لطالب مراده‪ ،‬وإمنا ينبغي أن يعرض يف هذا على سبيل املكاثرة‪ ،‬وطريق‬
‫املباهلة واملفاخرة‪ ،‬كما قصده بعض من قصرت معرفته‪ ،‬ومل ترف إىل درجة أويل النهي درجته‪ ،‬وان يكون القصد يف هذا‬
‫إمنا هو ما يتعلق ابألمور الدينية‪ ،‬ويوصل إىل سبيل املرضية‪ ،‬وهللا تعاىل متويل صالح النية والطوية‪ ،‬وذلك حبيث يعلم طالب‬
‫العلم األئمة الذين هبم يقتدى‪ ،‬وبسلوك"‪)2( .‬‬

‫‪ ( "-18‬إذا احلربات انحت هبم ‪ ...‬وجروا أسافل هداهبا )‬


‫( فلما التقينا على آية ‪ ...‬ومدت إيل أبسباهبا )‬
‫عروضه من املتقارب‬
‫الشعر لألعشى ميدح بين عبد املدان احلارثيني من بين احلارث بن كعب‬
‫والغناء حلنني خفيف ثقيل ابلوسطى يف جمراها عن إسحاق‬
‫وذكر يونس أن فيه حلنا ملالك‬
‫ووعم عمرو بن ابنة أنه خفيف ثقيل‬
‫ووعم أبو عبد هللا اهلشامي أن فيه البن املكي خفيف رمل ابلوسطى أوله‬

‫(‪ )1‬اتريخ اإلسالم ت بشار ‪247/8‬‬


‫(‪ )2‬عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء يف املائة السابعة ببجاية ص‪19/‬‬
‫‪19‬‬
‫( تناوعين إذ خلت بردها ‪) ...‬‬
‫ومعه ابقي األبيات خملطة مقدمة ومؤخرة‬
‫والكعبة اليت عناها األعشى ها هنا يقال إهنا بيعة بناها بنو عبد املدان على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة‬
‫ومسوها كعبة جنران وكان فيها أساقفة يقيمون وهم الذين جاؤوا إىل النيب ودعاهم إىل املباهلة وقيل بل هي قبة من أدم مسوها‬
‫الكعبة‬
‫وكان إذا نزل هبا مستجري أجري أو خائف أمن أو طالب حاجة قضيت أو مسرتفد أعطي ما يريده‬
‫واملسمعات القيان‬
‫والقصاب أواتر العيدان‬
‫وقال األصمعي قلت لبعض األعراب أنشدين شيئا من شعرك‬
‫قال كنت أقول الشعر وتركته‬
‫فقلت ومل ذاك قال ألنين قلت شعرا وغىن فيه حكم الوادي ومسعته فكاد يذهل عقلي فآليت أال أقول شعرا وما‬
‫حرك حكم قصابه إال تومهت أن هللا عز و جل خملدي هبا يف النار "‪)1( .‬‬

‫‪ " -19‬نباهلك فقال ابلغداة إن شاء هللا تعاىل وانصرف النصارى وانصرفت اليهود وهي تقول وهللا ما نبايل أيهما‬
‫أهلك هللا احلنيفية أو النصرانية فلما صارت النصارى إىل بيوهتا قالوا وهللا إنكم لتعلمون أنه نيب ولئن ابهلناه إان لنخشى أن‬
‫هنلك ولكن استقيلوه لعله يقيلنا وغدا النيب من الصبح وغدا معه بعلي وفاطمة واحلسن واحلسني صلوات هللا عليهم فلما‬
‫صلى الصبح انصرف فاستقبل الناس بوجهه مث برك ابركا وجاء بعلي فأقامه بني يديه وجاء بفاطمة فأقامها بني كتفيه وجاء‬
‫حبسن فأقامه عن ميينه وجاء حبسني فأقامه عن يساره فأقبلوا يسترتون ابخلشب واملسجد فرقا أن يبدأهم ابملباهلة إذا رآهم‬
‫حىت بركوا بني يديه مث صاحوا اي أاب القاسم أقلنا أقالك هللا عثرتك فقال النيب نعم قال ومل يسأل النيب شيئا قط إال أعطاه‬
‫فقال قد أقلتكم فولوا فلما ولوا قال النيب أما والذي بعثين ابحلق لو ابهلتهم ما بقي على وجه األرض نصراين وال نصرانية‬
‫إال أهلكهم هللا تعاىل ويف حديث شهر بن حوشب أن العاقب وثب فقال أذكركم هللا أن نالعن هذا الرجل فوهللا لئن كان‬
‫كاذاب ما لكم يف مالعنته خري ولئن كان صادقا ال حيول احلول ومنكم انفخ ضرمة فصاحلوه ورجعوا‬
‫قبة األدم بنجران‬
‫وأما خرب القبة األدم اليت ذكرها األعشى فأخربين خبربها عمي وحبيب بن نصر املهليب قاال حدثنا عبد هللا بن أيب‬
‫سعد قال حدثين علي بن عمرو األنصاري عن هشام بن حممد عن أبيه قال "‪)2( .‬‬

‫(‪ )1‬األغاين ‪382/11‬‬


‫(‪ )2‬األغاين ‪10/12‬‬
‫‪20‬‬
‫‪" -20‬وروي عن رجل من قريش‪ ،‬قال‪ :‬كنت أجالس سعيد بن املسيب فقال يل يوما‪ :‬من أخوالك؟ قلت‪ :‬أمي‬
‫فتاة‪ ،‬فكأين نقصت من عينه‪ ،‬وأمهلت حىت دخل عليه سامل بن عبد هللا بن عمر‪ ،‬فلما خر من عنده قلت‪ :‬من هذا اي‬
‫عم؟ قال‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬أجتهل هذا من قومك؟ هذا سامل بن عبد هللا بن عمر‪ ،‬قلت‪ :‬فمن أمه؟ قال‪ :‬فتاة؛ مث أاته القاسم‬
‫بن حممد بن أيب بكر الصديق فجلس إليه فنهض‪ ،‬فقلت‪ :‬من هذا اي عم؟ قال‪ :‬أجتهل من أهلك مثله؟ ما أعجب هذا‬
‫هذا القاسم بن حممد بن أيب بكر‪ ،‬قلت‪ :‬فمن أمه؟ قال‪ :‬فتاة؛ قال‪ :‬فأمهلت حىت جاء علي بن احلسني بن علي بن أيب‬
‫طالب‪ ،‬فس لم عليه مث هنض‪ ،‬فقلت له‪ :‬اي عم‪ ،‬من هذا؟ قال‪ :‬هذا الذي ال يسع مسلما أن جيهله‪ ،‬هذا علي بن احلسني‬
‫بن علي بن أيب طالب‪ ،‬قلت‪ :‬فمن أمه؟ قال‪ :‬فتاة؛ قال‪ :‬فقلت اي عم رأيتين نقصت يف عينك ملا علمت أين ألم ولد‪ ،‬أما‬
‫يل يف هؤالء أسوة؟ قال‪ :‬فجللت يف عينه جدا‪.‬‬
‫وتزو علي بن احلسني أمة له أعتقها‪ ،‬فالمه عبد امللك بن مروان وكتب إليه‪ :‬أما بعد فإنه بلغين أنك أعتقت أمتك‬
‫وتزوجتها‪ ،‬وقد كان لك يف أكفائك من قريش ما تستكرم به يف الصهر‪ ،‬وتستنجب به يف الولد‪ ،‬فلم تنظر لنفسك وال‬
‫لولدك ونكحت يف اللؤم‪ .‬فكتب إليه علي‪ :‬أما بعد‪ ،‬فإين أعتقتها بكتاب هللا عز وجل وارجتعتها بسنة رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإنه وهللا ما فوق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مرتقى ألحد يف جمد‪ ،‬إن هللا عز وجل قد رفع ابإلسالم‬
‫اخلسيسة‪ ،‬وأمت النقيصة‪ ،‬وأكرم به من اللؤم‪ ،‬فال عار على مسلم‪ ،‬هذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تزو أمته وامرأة‬
‫عبده‪ .‬فقال عبد امللك‪ :‬إن علي بن احلسني يشرف من حيث يتضع الناس‪.‬‬
‫سأل الرشيد موسى بن جعفر فقال‪ :‬مل وعمتم أنكم أقرب إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم منا؟ فقال‪ :‬اي أمري املؤمنني‪،‬‬
‫لو أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنشر فخطب إليك كرميتك أكنت جتيبه؟ فقال‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬وكنت أفتخر بذلك‬
‫على العجم والعرب؛ فقال‪ :‬لكنه ال خيطب إيل وال أووجه ألنه ولدان ومل يلدكم‪.‬‬
‫وروي أنه قال‪ :‬هل جيوو أن يدخل على حرمك وهن متكشفات؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬لكنه كان يدخل على حرمي كذلك‪،‬‬
‫وكان جيوو له‪.‬‬
‫وقيل إنه سأله أيضا‪ :‬مل قلتم إان ذرية رسول هللا‪ ،‬وجوومت للناس أن ينسبوكم إليه فيقولون اي بين رسول هللا وأنتم بنو علي‪،‬‬
‫وإمنا ينسب الرجل إىل أبيه دون جده؟ فقال‪ :‬أعوذ ابهلل من الشيطان الرجيم‪ ،‬بسم هللا الرمحن الرحيم ومن ذريته داود‬
‫وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك جنزي احملسنني ووكراي وحيىي وعيسى وإلياس األنعام‪ ،85 - 84 :‬وليس‬
‫لعيسى أب‪ ،‬وإمنا أحلق بذرية األنبياء من قبل أمه‪ ،‬وكذلك أحلقنا بذرية النيب صلى هللا عليه وسلم من قبل أمنا فاطمة عليها‬
‫السالم‪ ،‬وأويدك اي أمري املؤمنني‪ ،‬قال هللا تعاىل فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم‬
‫ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم آل عمران‪ .61 :‬ومل يدع عليه السالم عند مباهلة النصارى غري علي وفاطمة واحلسن‬
‫واحلسني وهم األبناء‪.‬‬
‫قال الرشيد للجهجاه‪ :‬أونديق أنت؟ قال‪ :‬وكيف أكون ونديقا وقد قرأت القرآن‪ ،‬وفرضت الفرائض‪ ،‬وفرقت بني احلجة‬
‫والشبهة؟ قال‪ :‬وهللا ألضربنك حىت تقر‪ ،‬قال‪ :‬هذا خالف ما أمر به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أمران أن نضرب الناس‬

‫‪21‬‬
‫حىت يقروا ابإلميان وأنت تضربين حىت أقر ابلكفر‪.‬‬
‫قال املنصور إلسحاق بن مسلم العقيلي‪ :‬أفرطت يف والئك لبين أمية‪ ،‬فقال‪ :‬من وىف ملن ال يرجى كان ملن يرجى أوىف‪،‬‬
‫فصدقه‪.‬‬
‫ودخل املكي على املأمون‪ ،‬وكان مفرط القصر والدمامة‪ ،‬فضحك املعتصم‪ ،‬فقال املكي‪ :‬مم ضحك هذا؟ فوهللا ما اصطفى‬
‫هللا يوسف عليه السالم جلماله وإمنا اصطفي لبيانه‪ ،‬وقد ن هللا عز وجل على ذلك بقوله‪ :‬فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا‬
‫مكني أمني يوسف‪ ،54 :‬وبياين أحسن من هذا‪.‬‬
‫ق ال معاوية لرجل من أهل اليمن‪ :‬ما كان أمحق قومك حني ملكوا عليهم امرأة‪ ،‬قال‪ :‬قومك أشد محاقة إذ قالوا‪ :‬اللهم إن‬
‫كان هذا هو احلق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء األنفال‪ ،32 :‬هال قالوا‪ :‬فاهدان له‪)1( .".‬‬

‫‪"-21‬فقلت للديراين‪ :‬ال بد من أن ختتار‪ .‬فقال‪ :‬االختيار وهللا يف هذا دمار‪ ،‬وما خلق هللا عقال مييز بني هذين!‬
‫وحلقهما املوكب‪ ،‬فاراتع الديراين‪ .‬فقال له املعتز‪ :‬حبيايت ال تنقطع عما كنا فيه‪ ،‬فإين ملن مث موىل وملن ها هنا صديق‪ ،‬فمزحنا‬
‫ساعة‪ ،‬مث أمر له خبمسمائة ألف درهم‪ .‬فقال‪ :‬وهللا ما أقبلها إال على شرط‪ .‬قال‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬جييب أمري املؤمنني دعويت‬
‫مع من أراد‪ .‬قال‪ :‬ذلك لك‪ ،‬فاتفقنا ليوم جئناه فيه‪ ،‬فلم يبق غاية‪ ،‬وأقام للموكب كله‪ ،‬ما احتا إليه‪ ،‬وجاءان أبوالد‬
‫النصارى خيدموننا‪ ،‬ووصله املعتز يومئذ صلة سنية‪ ،‬ومل يزل يعتاده ويقيم عنده‪ ،‬ويشرب مدة حياته‪.‬‬
‫دير املزعوق‬
‫دير املزعوق ويقال دير ابن املزعوق‪ ،‬وهو قدمي بظاهر احلرية‪.‬‬
‫كره أبو الفر وأنشد حملمد بن عبد الرمحن الثرواين فيه ويف دير فاثيون‪:‬‬
‫قلت له والنجوم جاحنة ‪ ...‬يف ليلة الفصح أول السحر‬
‫هل لك يف مار فاثيون ويف ‪ ...‬دير ابن مزعوق غري مقتصر؟‬
‫يفيض هذا النسيم من طرف ‪ ...‬الشام ودر الندى على الشجر‬
‫ونسأل األرض عن بشاشتها ‪ ...‬وعهدها ابلربيع واملطر‬
‫اي لك طيبا وشم رائحة ‪ ...‬كاملسك أييت بنفحة السحر‬
‫يف شرب مخر ومسع حمسنة ‪ ...‬تلهيك بني اللسان والوتر‬
‫قال‪ :‬ودير فاثيون أسفل النجف‪.‬‬
‫ودير ابن مزعوق حبذاء قصر عبد املسيح أبعلى النجف‪.‬‬
‫وفيه يقول الثرواين‪:‬‬
‫تقلب طرف عينك من بعيد ‪ ...‬شبيها ابملودة والوعيد‬

‫(‪ )1‬التذكرة احلمدونية ‪345/2‬‬


‫‪22‬‬
‫تقر بطرف عينك يل بوصل ‪ ...‬وفعلك يل مقر ابجلحود‬
‫تشككين وأعلم أن هذا ‪ ...‬هوى بني التعطف والصدود‬
‫هواك هوى جتدده الليايل ‪ ...‬وال يبلى على مر العهود‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫كر الشراب على نشوان مصطبح ‪ ...‬قد هب يشرهبا والديك مل يصح‬
‫والليل يف عسكر جم بوارقه ‪ ...‬من النجوم وضوء الصبح مل يلح‬
‫والعيش ال عيش إال أن تباكرها ‪ ...‬صهباء تقتل هم النفس ابلفرح‬
‫حىت يظل الذي قد ابت يشرهبا ‪ ...‬وال براح به خيتال كاملرح‬
‫وتشوق إليه الثرواين من بغداد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫دير احلريق وبيعة املزعوق ‪ ...‬بني الغدير وقبة السنيق‬
‫أشهى إيل من الصراة وطيبها ‪ ...‬عند الصباح ومن دجى البطريق‬
‫اي صاح! فاجتنب املالم أما ترى ‪ ...‬مسجا مالمك يل‪ ،‬وأنت صديقي؟‬
‫دير جنران‬
‫دير جنران وهو ابليمن‪ ،‬وتسميه العرب كعبة جنران‪ ،‬وهو آلل عبد املدان بن الداين من بين احلارث بن كعب‪ ،‬ومنه جاء‬
‫القوم الذين أرادوا مباهلة النيب‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد ذكره أبو الفر األصبهاين وقال‪ :‬إنه كان آلل عبد املدان‪ ،‬سادة بين احلارث‪.‬‬
‫قال‪ :‬وكان أهل ثالثة بيوت من اليمن نصارى‪ ،‬يتبارون يف البيع وويها وحسن بنائها‪ :‬آل املنذر ابحلرية‪ ،‬وغسان ابلشام‪،‬‬
‫وبنو احلارث بن كعب بنجران‪ ،‬فتكون دايراهتم يف املواضع الكثرية الشجر والرايض والغدران‪ ،‬الشاخمة البناء‪ ،‬وجيعلون آالهتا‬
‫من الذهب والفضة‪ ،‬وستورها من الديبا ‪ ،‬وجيعلون يف حي طاهنا الفسافس‪ ،‬ويف سقوفها الذهب‪ ،‬وكان بنو احلارث على‬
‫ذلك‪ ،‬إىل أن جاء اإلسالم‪.‬‬
‫ويف كعبتهم هذه قال األعشى أعشى قيس بن ثعلبة‪:‬‬
‫وكعبة جنران حتم علي ‪ ...‬ك حىت تناخي أببواهبا‬
‫نزور يزيد وعبد املسيح ‪ ...‬وقيسا وهم خري أرابهبا‬
‫إذا احلربات تلوت هبم ‪ ...‬وجروا أسافل هداهبا‬
‫وشاهدان اجلل والياسم ‪ ...‬ين واملسمعات بقصاهبا‬
‫ويربطنا معمل دائب ‪ ...‬فأي الثالثة أورى هبا؟‬
‫قال‪ :‬ويف هذا الشعر غناء حسن‪ ،‬أخذه جحظة عن بنان‪.‬‬
‫دير هند الصغرى‬

‫‪23‬‬
‫دير هند الصغرى ابحلرية‪.‬‬
‫قال أبو الفر األصبهاين‪ :‬وابحلرية دير هند بنت النعمان بن املنذر‪ ،‬ودخل عليها خالد بن الوليد فقال هلا‪ :‬أسلمي حىت‬
‫أووجك رجال من املسلمني شريفا أصيال يشبهك يف حسبك‪ ،‬فقالت‪ :‬أما ديين فمايل عنه رغبة‪ ،‬وال أبغي به بدال‪ ،‬وأما‬
‫التزويج‪ ،‬فلو كانت يف بقية ما تزوجت وال رغبت فيه‪ ،‬فكيف وأان عجوو‪ ،‬هامة اليوم أو غد‪ ،‬قال هلا‪ - :‬فسليين حاجة‬
‫أقضيكها‪ ،‬قالت‪)1( .":‬‬

‫‪" -22‬فكل كتابة ماسينون برمتها تشكل كوكبة من الصور حول هذه األفكار‪ .‬فاللغة العربية عامل مغلق فيه ابلتأكيد‬
‫عدد من النجوم‪ ،‬وعامل ما أن يدخله الدارس حىت جيد نفسه يف موطنه ومستبعدا عن عامله اخلاص(‪ .)28‬وهكذا فثمة وو‬
‫مركزي من الصور هو صورة الضيف وصورة املضيف‪ .‬الحظوا كيف أن هنالك دائما نقيضة تستوجب املواجهة وقطباها‬
‫يسمحان للمرء أن يقطع املسافة من اللغة إىل الدين وأن يعود أدراجه مرة اثنية‪ :‬من العربية إىل الفرنسية‪ ،‬من اإلسالم إىل‬
‫املسيحية‪ ،‬ومن مث عود على بدء مرة أخرى‪ .‬ويف صميم كل قطب من النقيضة هنالك املزيد من النقيضات ‪-‬ففي العربية‬
‫على سبيل املثال‪ ،‬هنالك فروق موضحة‪ ،‬وهي الفروق اليت تعمق االنفصال‪ ،‬فماسينون يسم العربية أبهنا أساسا لغة الرتكيز‬
‫واالنفصال اليت حروفها الساكنة على السطر مبثابة اجلسد‪ ،‬يف حني أن أحرف العلة فوق السطر أو حتت السطر مبثابة‬
‫الروح‪ ،‬وما ذلك الوسم إال جزء من النقيضة األصلية عن التناوب بني احلضور والغياب‪ .‬وإن اخلربات والشعائر الدينية اليت‬
‫(كاملباهلة مثال)‪ ،‬تكرر أيضا طقس املبادلة واملقاومة‪)2( .".‬‬ ‫يوليها اهتمامه على وجه التخصي‬

‫‪ "-23‬ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إىل مرمي قالوا فأران مثله حيىي املوتى ويربىء األكمه واألبرص وخيلق من الطني‬
‫كهيئة الطري وابيعنا على أنه ابن هللا وحنن نبايعك على أنك رسول هللا فقال رسول هللا معاذ هللا أن يكون هلل ولد أو شريك‬
‫فما والوا حياجونه ويالحونه حىت أنزل هللا ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم‬
‫ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني ) فعرض عليهم املباهلة وهى املالعنة فتواعدوا‬
‫هلا ومجع إليه عليا وفاطمة واحلسن واحلسني رضى هللا عنهم مث قال ( إمنا يريد هللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم‬
‫تطهريا )‬
‫وي روى أن جربيل عليه السالم انضم إليهم واندس فيهم تقراب إىل هللا تعاىل مبداخلتهم فعدل النصارى عن املباهلة‬
‫وقال بعضهم لبعض إن هذا الرجل ال خيلو من أحد أمرين إما أن يكون نبيا أو ملكا فإن كان نبيا فإن هللا ال خيالفه فينا‬
‫وإن كان ملكا فليس إال استخفافا بنا والرأى أن نصاحله ونعرض عن مباهلته فجنحوا إىل مساملته على أال يغزوهم النيب وال‬
‫يردهم عن دينهم وعلى أن يؤدوا إليه ىف كل عام ألف حلة جنرانية وثالثني درعا عادية وصاحلهم النيب وقال ( لو ابهلوىن ملا‬

‫(‪ )1‬الدايرات لألصبهاين ص‪27/‬‬


‫(‪ )2‬العامل والن والناقد ‪68/2‬‬
‫‪24‬‬
‫حال احلول على واحد منهم وألهلك هللا الكاذبني ) فمن ذلك الوقت مسى اخلمسة أصحاب الكساء وسادسهم جربيل‬
‫عليه السالم وفيهم قيل أفضل من حتت الفلك مخسة رهط وملك‬
‫‪ ( - 1002‬قطيفة املساكني ) هى الشمس يسميها فقراء العرب ىف "‪)1( .‬‬

‫‪"-24‬يزداد وجدي يف مالمته‬


‫فكأنه مبالمه يغري‬
‫ال يكذبن احلب أليق يب‬
‫وبشيميت من سبة الغدر‬
‫هيهات أيىب الغدر يل نسب‬
‫أعزى به لعلي الطهر‬
‫خري الورى بعد الرسول ومن‬
‫حاو العلى مبجامع الفخر‬
‫صنو النيب ووو بضعته‬
‫وأمينه يف السر واجلهر‬
‫إن تنكر األعداء رتبته‬
‫شهدت هبا اآلايت يف الذكر‬
‫شكرت حنني له مساعيه‬
‫فيها ويف أحد ويف بدر‬
‫سل عنه خيرب يوم انوهلا‬
‫تنبيك عن خرب وعن خرب‬
‫من هد منها ابهبا بيد‬
‫ورمى هبا يف مهمه قفر‬
‫واسأل براءة حني رتلها‬
‫من رد حاملها أاب بكر‬
‫والطري إذ يدعو النيب له‬
‫من جاءه يسعى بال نذر‬
‫والشمس إذ أفلت ملن رجعت‬

‫(‪ )1‬مثار القلوب ص‪605/‬‬


‫‪25‬‬
‫كيما يقيم فريضة العصر‬
‫وفراش أمحد حني هم به‬
‫مجع الطغاة وعصبة الكفر‬
‫من ابت فيه يقيه حمتسبا‬
‫من غري ما خوف وال ذعر‬
‫والكعبة الغراء حني رمى‬
‫من فوقها األصنام ابلكسر‬
‫من راح يرفعه ـ ليصعدها ـ‬
‫خري الورى منه على الظهر‬
‫والقوم من أروى غليلهم‬
‫إذ جيأرون مبهمه قفر‬
‫والصخرة الصماء حوهلا‬
‫عن هنر ماء حتتها جيري‬
‫والناكثني غداة أمهم‬
‫من رد أمهم بال نكر‬
‫والقاسطني وقد أضلهم‬
‫غي ابن هند وخدنه عمرو‬
‫من فل جيشهم على مضض‬
‫حىت جنوا خبدائع املكر‬
‫واملارقني من استباحهم‬
‫قتال فلم يفلت سوى عشر‬
‫وغدير خم وهو أعظمها‬
‫من انل فيه والية األمر‬
‫واذكر مباهلة النيب به‬
‫وبزوجه وابنيه للنفر‬
‫واقرأ وأنفسنا وأنفسكم‬
‫فكفى هبا فخرا مدى الدهر‬
‫هذي املكارم واملفاخر ال‬

‫‪26‬‬
‫قعبان من لنب وال مخر‬
‫ومناقب لو شئت أحصرها‬
‫حلصرت قبل اهلم ابحلصر‬
‫وإىل أمري املؤمنني سرت‬
‫تبغي النجاح جنائب الفكر‬
‫من كل قافية مهذبة‬
‫خلصت خلوص سبيكة الترب‬
‫ترجو بساحته ملرسلها‬
‫حمو الذنوب وحطة الوور‬
‫ومطالب شىت ستجمعها‬
‫ابلنجح منه عوائد الرب‬
‫اي خري من أم العفاة له‬
‫يف الدهر من بر ومن حبر‬
‫إين قصدتك قصد ذي أمل"‪)1( .‬‬

‫‪"-25‬انن وكان الشباب خريمها‬


‫يرمي بعيدا وإن أساء له‬
‫دهري ففوادى منه ما سلما‬
‫شب علي املشنيب ابرقة‬
‫كان شبايب لنارها فحما‬
‫لو صبغت ابلبكاء انصلة‬
‫دام شبايب مما بكيت دما‬
‫قامت أتىل ما شاب من كرب‬
‫خنساء برت وأكرمت قسما‬
‫ال تسأيل السن ابلفىت وسلى ال‬
‫هم وراء الضلوع واهلمما‬
‫كم عثرة يل ابلدهر لو عثر ال‬

‫(‪ )1‬مجيع دواوين الشعر العريب على مر العصور ‪352/35‬‬


‫‪27‬‬
‫هالل طفال مبثلها هرما‬
‫ركويب الدهم من نوائبه‬
‫بدل شهبا من رأسي الدمها‬
‫طال ارتكاضي أروم إدراك ما‬
‫فات وأبغى وجدان ما عدما‬
‫أنشد حظا يف أرض مهلكة‬
‫ختبط عيين وراءه الظلما‬
‫مقلقل اهلم بني هل وعسى‬
‫رجل املىن أو تسد يب الرمجا‬
‫إما تريين بعد اطرادي وتث‬
‫قيفي جبنب الكعوب منحطما‬
‫فالسيف ال يصدق الفضاء له‬
‫ابلعني إال ما فل أو ثلما‬
‫وإن تدبرت بعد حببوحة ال‬
‫عز حمال من األذى أمما‬
‫يبلغين إمرة األمري وإن‬
‫جار وحكم املوىل وإن ظلما‬
‫فاملاء قد يسكن السحاب وين‬
‫حط أواان فيسكن اإلرما‬
‫هللا يل من أخ علقت به‬
‫أوثق ما خلت حبله اجنذما‬
‫شد يديه على أعجف مع‬
‫روقا وخلى عين أن التحما‬
‫واصلين مصفر القضيب فمذ‬
‫رف عليه غصن الغىن صرما‬
‫واعتاض عىن كل ابن دنيا أخي‬
‫حرص يرى الغنم فضل ما طعما‬
‫ينك عند اجللى فإن أبصر ال‬
‫جفنة مآلى استشاط فاقتحما‬
‫‪28‬‬
‫ال ذو لسان يوم الندى وال‬
‫مقياس رأي إن حادث هجما‬
‫مالك اي ابئعي نقلت يدا‬
‫أتكلها عند بيعيت ندما‬
‫حلفت ابلراقصات جتهد أع‬
‫انقا خفوضا وأظهرا سنما‬
‫حتسب أشخاصها إذا اختلطت‬
‫ابألكم الوق يف الدجى أكما‬
‫كل تروك ابلقاع سقبا إذا‬
‫لوت إليه خيشومها خرما‬
‫حتمل شعثا إذا هم ذكروا‬
‫ذخرية األجر غالطوا السأما‬
‫حىت أانخوا بذي الستور ملب‬
‫يني أبرض كادت تكون مسا‬
‫ألجنبت بطن حامل ولدت‬
‫حممدا وابن أمه الكرما‬
‫اي أرض فخرا أخرجت مثلهما‬
‫نعم متلى حمسودة هبما‬
‫واعتمدي منهما مباهلة‬
‫على عميد الكفاة فهو مها"‪)1( .‬‬

‫‪ (3"-26‬والك عبة الغراء حني رمى ** من فوقها األصنام ابلكسر )( من راح يرفعه ليصعدها ** خري الورى منه‬
‫على الظهر )( والقوم من أروى غليلهم ** إذ جيأرون مبهمه قفر )‪ ( 4‬والصخرة الصماء حوهلا ** عن هنر ماء حتتها جيري‬
‫)‪ ( 5‬والناكثني غداة أمهم ** من رد أمهم بال نكر )‪ ( 6‬والقاسطني وقد أضلهم ** غي ابن هند وخدنه عمرو )‪ ( 7‬من‬
‫فل جيشهم على مضض ** حىت جنوا خبدائع املكر )‪ ( 8‬واملارقني من استباحهم ** قتال فلم يفلت سوى عشر )‪( 9‬‬
‫وغدير خم وهو أعظمها ** من انل فيه والية األمر ) ‪ ( 40‬واذكر مباهلة النيب به ** وبزوجه وابنيه للنفر )‬
‫____________________‬

‫(‪ )1‬مجيع دواوين الشعر العريب على مر العصور ‪25/82‬‬


‫‪29‬‬
‫"‪)1( .‬‬

‫‪"-27‬وانطقه‪ :‬من املنطق‪ .‬وانفق املنافق‪ .‬وانفق الريبوع ونفق‪.‬‬


‫(ك) يقال‪ :‬ابرك هللا عليك‪ ،‬وابرك فيك‪ ،‬وابرك هللا‪ ،‬وابركك‪ ،‬قال هللا عز وجل‪" :‬أن بورك من يف النار ومن حوهلا"‪ .‬ويقال‪:‬‬
‫ابرك عليه‪ ،‬أي‪ :‬واظب‪.‬‬
‫واتركه البيع‪.‬‬
‫ودارك صوته‪ ،‬أي‪ :‬اتبع‪ .‬ودالك غرميه‪ ،‬أي‪ :‬ماطله‪ .‬وشاركه يف أمره‪.‬‬
‫والنور يضاحك الشمس‪ ،‬أي‪ :‬مييل معها حيث مالت‪.‬‬
‫واملعاركة‪ :‬القتال‪.‬‬
‫واملماحكة‪ :‬املالحة‪.‬‬
‫(ل) هي املبادلة‪.‬‬
‫واملرأة تباعل ووجها‪ :‬من البعل‪ .‬واملباهلة‪ :‬املالعنة‪.‬‬
‫وجادله‪ .‬وجامله‪ :‬من اجلميل‪ .‬وجاهله‪ :‬من اجلهل‪ .‬واحملاقلة‪ :‬بيع الزرع وهو يف سنبله ابلرب‪.‬‬
‫واملخاتلة‪ :‬املخادعة‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬داخله يف أمره‪ .‬واملداملة‪ :‬املداراة‪.‬‬
‫وراسله‪ :‬من الرسالة‪ .‬وراكله‪.‬‬
‫وساجله‪ :‬إذا صنع مثل ما صنع صاحبه يف جري أو سقي‪ ،‬وقال‪ :‬من يساجلين يساجل ماجدا ميأل الدلو إىل عقد الكرب‬
‫وساحل‪ ،‬أي‪ :‬أخذ على الساحل‪ .‬واملساهلة‪ :‬املساحمة‪.‬‬
‫وشاكله‪ ،‬أي‪ :‬وافقه‪ .‬واملشاهلة‪ :‬املشامتة‪.‬‬
‫وعاجله بذنبه‪ .‬وعادل بني الشيئني‪ .‬وعاظل اجلراد‪ :‬إذا عال ليفسد‪ ،‬وكذلك الكلب‪ .‬وقال عمر‪":‬كان ال يعاظل بني‬
‫القول"‪ ،‬يعين وهريا‪ .‬وعاقله فعقله‪ :‬من العقل‪ .‬و"املرأة تعاقل الرجل إىل ثلث ديتها"‪ .‬وعامله‪.‬‬
‫وغاول املرأة‪.‬‬
‫وفاصل شريكه‪ .‬وفاضله [ففضله]‪.‬‬
‫وقابله‪ ،‬أي‪ :‬واجهه‪ .‬وقابل نعله‪ ،‬وأقبلها مبعىن‪ .‬وقابل الكتاب‪ .‬وقاتله‪.‬‬
‫وماحله‪ ،‬أي‪ :‬كايده‪ .‬وماطله حبقه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان ابن معصوم املدين ص‪124/‬‬


‫‪30‬‬
‫"‪)1( .‬‬

‫‪ (4"-28‬حتمل شعثا إذا هم ذكروا ** ذخرية األجر غالطوا السأما ) ‪ (4‬حىت أانخوا بذي الستور ملب ** يني‬
‫أبرض كادت تكون مسا ) ‪ (4‬ألجنبت بطن حامل ولدت ** حممدا وابن أمه الكرما ) ‪ ( 44‬اي أرض فخرا أخرجت مثلهما‬
‫** نعم متلى حمسودة هبما ) ‪ ( 45‬واعتمدي منهما مباهلة ** على عميد الكفاة فهو مها ) ‪ ( 46‬خري بنيك الفحول من‬
‫سلم ال ** أمر له شيبهم وما فطما ) ‪ ( 47‬وهب مضمومة متائمه ** بعد وتسويده قد انتظما ) ‪ ( 48‬مل ينتظر ابلوقار‬
‫حنكته ** رب حليم قد شارف احللما ) ‪ ( 49‬ما وال يزرى بديهة ابلرو ** ايت وينسي حداثنه القدما ) ‪ ( 50‬حىت ظننا‬
‫شبابه من وفو ** ر الرأي شيبا يف وجهه كتما )‬
‫____________________‬
‫"‪)2( .‬‬

‫‪ "-29‬واحلمد هلل الذي أختار أمري املؤمنني من ساللة عم نبيه العباس واصطفى بيته املبارك من خري أمة أخرجت‬
‫للناس وقوى به جأش املسلمني وجيوش املوحدين على امللحدين وآاته بسيادة جده وسعادة جده ما مل يؤت أحدا من‬
‫العاملني وحفظ به للمؤمنني ذماما وجعله للمتقني إماما وخصه مبزيد الشرفني نسبه ومنصبه وجعل مزية الرتبتني كلمة ابقية‬
‫يف عقبه وصان به حووة الدين صيانة العرين ابألسود وصري األيدي البيض مشكورة حلاملي راايته السود‬
‫حيمده أمري املؤمنني محد من أختاره من السماء فاستخلفه يف األرض وجعل إمرته على املؤمنني فرضا لتقام به السنة‬
‫والفرض ويشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ( الذي أسرى بعبده ليال من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى )‬
‫ويشهد أن حممدا عبده ورسوله الذي كشف مببعثه عن القلوب حجب الغي وأشرقت أنوار نبوته فأضاء هلا يوم دخوله‬
‫املدينة كل شيء صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من أقامه يف اإلمامة مقامه وأشار إىل اإلقتداء به من بعده‬
‫ومنهم من أعز هللا به اإلسالم يف كل قطر مع قربه وبعده ومنهم من كانت اليد الشريفة النبوية يف بيعة الرضوان خريا له من‬
‫يده ومنهم من أمر هللا تعاىل ابملباهلة ابألبناء والنفوس فباهل خامت األنبياء به وبزوجه وولده وعلى بقية العشرة الذين غدت‬
‫هبم دعوة احلق مشتهرة منتشرة وعلى عميه أسد هللا وأسد رسوله عليه السالم وجد األئمة املهديني أمراء املؤمنني وخلفاء‬
‫اإلسالم وسلم تسليما كثريا‬

‫(‪ )1‬ديوان األدب أتليف‪ :‬أبو إبراهيم الفارايب ‪/‬‬


‫(‪ )2‬ديوان مهيار الديلمي ص‪2204/‬‬
‫‪31‬‬
‫وإن هللا تعاىل جعل سجية األايم الشريفة اإلمامية احلاكمية أدام هللا إشراقها وقسم هبا بني األولياء واألعداء آجاهلا‬
‫وأرواقها رد احلقوق إىل نصاهبا وإعادهتا "‪)1( .‬‬

‫‪"-30‬أان ابن الفواطم من هاشم ‪ ...‬مناين علي وبنت النيب‬


‫إيل تناهى فخار الورى ‪ ...‬وكلهم يل حبق ويل‬
‫احلجة يف أهنم أبناء الرسول صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫قال احلجا ليحىي‪ :‬أنت تزعم أن احلسن واحلسني أبناء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قال‪ :‬نعم! قال‪ :‬وهللا ألقتلنك إن‬
‫مل أتت آبية تدل على ذلك! فقال‪ :‬نعم إن هللا تعاىل‪ :‬ومن ذريته داود وسليمان وأيوب‪ ،‬إىل قوله‪ :‬ووكراي وحيىي وعيسى وهو‬
‫ابن مرمي وقد نسبه إليه! فقال احلجا ‪ :‬أوىل لك قد جنوت! وملا أنزل هللا تعاىل آية املباهلة دعا النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫احلسن واحلسني فدعا هبما إىل املباهلة ‪ ،‬وملا قدم علي البصرة اختذ األحنف طعاما فحضره‪ ،‬فقعد على سرير واحلسن عن‬
‫ميينه واحلسني عن يساره‪ ،‬وجاء حممد بن احلنفية فلم يكن له على السرير موضع‪ ،‬فقعد انحية فتغري لذلك فقال أمري املؤمنني‬
‫له‪ :‬إهنما ابنا رسول هللا وأنت ابين!‬
‫ذم علوي‪:‬‬
‫كتب أبو احلسني بن طباطبا إىل الكادوشي‪:‬‬
‫لن حتلب الشاة أفاويقها ‪ ...‬أو خيلع التيس عليها الرسن‬
‫فاحذر على ثغرك من منعظ ‪ ...‬يقطع عن ضرعك عرق اللنب‬
‫فكتب إليه الكادوشي‪:‬‬
‫أاب حسن أميا حاجة ‪ ...‬دعتك إىل شني هذا النسب‬
‫تصون بعرضك عرض اللئام ‪ ...‬كأنك حتلهم عن نشب‬
‫وتعنق يف سبل املنكرا ‪ ...‬ت ظلما لتنصر أهل الريب!‬
‫لذلك اخلالفة مل ترضكم ‪ ...‬وال نصرتكم عليها العرب‬
‫حتللت ابلنسب ملا رأيت ‪ ...‬أدميك صح ومن سب سب‬
‫فإن مل جند فيك من مغمز ‪ ...‬سلكنا إليك طريق الكذب!‬
‫ولوال النيب عليه السالم ‪ ...‬ولوال علي لقيت العجب!‬
‫املتنيب‪:‬‬
‫هبا علوي جده غري هاشم‬
‫وله‪:‬‬

‫(‪ )1‬صبح األعشى ‪61/10‬‬


‫‪32‬‬
‫إذا علوي مل يكن مثل طاهر ‪ ...‬فما هو إال حجة للنواصب‬
‫اخلوارومي‪:‬‬
‫كأن هللا مل خيلقه إال ‪ ...‬لتنعطف القلوب على يزيد!‬
‫ابن احلجا علوي من أجله‪ :‬رحم هللا معاوية‪.‬‬
‫بعضهم يف ذم جعفري وبكري‪:‬‬
‫إن كان جعفرهم طيار أجنحة ‪ ...‬فإن أوالدهم فينا مقاصي‬
‫وإن تقولوا إىل الطيار نسبتنا ‪ ...‬فالتمر ينبت يف أضعافه الشي‬
‫قال أمحد بن يزيد‪ :‬تعدى بكري على أيب يف جملس فاحتمله وقال‪ :‬احتملته كرامة أليب بكر! فقال‪ :‬ما أمكنك أن تقول يف‬
‫فقل! فقال أيب‪:‬‬
‫ال ابرك هللا يف البكري إن له ‪ ...‬أاب خيارا وسعيا غري خمتار‬
‫اثن لراكبه رجليه معتمل ‪ ...‬أبوه اثين رسول هللا يف الغار‬
‫أبوك يعلو إىل الفردوس سلمه ‪ ...‬وأنت مقتحم هتوي إىل النار‬
‫وكان ثوابه من فضل ومن كرم ‪ ...‬وأنت ثوابك من خزي ومن عار!‬
‫استنكاف العرب من اهلجنة‪:‬‬
‫صار أعرايب إىل سوار القاضي فقال‪ :‬إن أيب مات وتركين وأخي فخط خطني انحية‪ ،‬وترك هجينا فخط آخر انحية بعيدا‬
‫من األولني‪ ،‬فكيف يقسم املال؟ قال‪ :‬املال بينكم أثالاث! فقال األعرايب‪ :‬ال أحسبك فهمت فأعاد عليه الفتيا فقال‪ :‬املال‬
‫بينكم سواء‪ .‬فقال‪ :‬أأيخذ اهلجني كما أنخذ؟ قال سوار‪ :‬نعم‪ .‬فغضب األعرايب وقال‪ :‬اعلم أنك قليل اخلاالت ابلدهناء!‬
‫فقال‪ :‬ال يضرين‪ .‬وجاء أعرايب إىل املهدي يف طريق مكة فقال‪ :‬اي أمري املؤمنني‪ .‬أان عاشق بنت عم يل وقد أىب أن يزوجنيها!‬
‫فقال‪ :‬لعله أكثر منك ماال‪ .‬قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فما القصة؟ قال‪ :‬ادن مين اي أمري املؤمنني‪ .‬فضحك املهدي وأصغى إليه برأسه‬
‫فقال سرا أان هجني! فدعا عمه وقال‪ :‬مل ال تزو ابن أخيط؟ فقال‪ :‬إنه هجني! فقال‪ :‬إن ذلك ال يضره إخوة أمري املؤمنني‬
‫كلهم هجناء‪ ،‬ووجه فقد أصدقت عنه عشرة آالف درهم! قال اجلاحظ‪ :‬قلت لعبيد الكاليب وكان فصيحا فقريا‪ :‬أيسرك‬
‫أن تكون هجينا ولك ألف جريب؟ قال‪ :‬ال أحب اللؤم بشيء! قلت‪ :‬فإن أمري املؤمنني ابن أمة! قال‪ :‬أخزى هللا من‬
‫أطاعه! قلت نبيا هللا حممد وإمساعيل كاان ابين أمة! قال‪ :‬ال يقول هذا إال قدري‪ .‬قلت‪ :‬فما القدري؟ قال ال أدري‪ :‬شاعر‪:‬‬
‫ال أرضع الدهر إال ثغر واضحة ‪ ...‬لواضح اجلسم حيمي حووة اجلار‬
‫ذلة املوايل عندهم واالستخفاف هبم‪)1( .":‬‬

‫(‪ )1‬حماضرات األدابء ‪157/1‬‬


‫‪33‬‬
‫‪"-31‬من هنا نستطيع أن نقول‪ :‬أبن هذا الكتاب أييت مسامهة طيبة‪ ،‬يف بناء التكامل املراد‪ .‬لسلسلة (كتاب األمة‬
‫) كما أنه يشكل لبنة أساسية‪،‬يف بناء منهج األدب اإلسالمي املرتقب‪ ،‬واستكمال مفاهيمه وحتديد قسماته وبلورة‬
‫مصطلحاته‪ ،‬ورسم بعض اآلفاق واألبعاد‪ ،‬اليت ميكن أن يراتدها األدابء اإلسالميون‪ ،‬من حيث األشكال الفنية‪ ،‬بشرط أن‬
‫ال ختر هذه األشكال عن االلتزام ابلقيم اإلسالمية؛ الثابتة ؛ ألن االنفالت من القيم وعدم االلتزام هبا يؤدي إىل اهليام يف‬
‫كل واد ويفتح سبل الغواية أمام اجلماهري ويغري هبا ‪.‬‬

‫فالقرآن الكرمي ـ الذي يعترب منهل األدب اخلالد لألدابء اإلسالميني ـ استخدم القصة واحلوار‪ ،‬واملثل‪ ،‬واملواقف اخلطابية‪،‬‬
‫ودعا إىل املباهلة‪ ،‬ووظف احلدث التارخيي‪ ،‬واعتمد اجلدل الفكري‪ ،‬وأسلوب املواجهة‪ ،‬والتقرير املباشر‪ ،‬والوعظ املؤثر‪ ،‬يف‬
‫سبيل حتقيق أغراضه يف هداية اإلنسان‪ ،‬وتوجيهه صوب اخلالق‪ ،‬فاألشكال متسعة متطورة‪ ،‬بشرط احلفاظ على القيم‬
‫الثابتة‪ ..‬وهللا نسأل أن يلهمنا رشدان ويهدينا إىل القول الطيب والعمل املرفوع إنه نعم املسؤول ‪.‬‬

‫املقدمة‬
‫إن التصور البشري للحضارة يرتبط بعديد من العناصر اليت ال بد من آتلفها وتفاعلها لكي ينبثق عنها ذلك الشيء الروحي‬
‫واملادي وأعين به احلضارة‪ ،‬ومن أهم عناصرها العقيدة والعلم والتشريع والسلوك الراقي والفنون واآلداب‪ ،‬وقيم اخلري واحلق‬
‫واجلمال واحلرية وغريها‪ ،‬ولقد سادت حضارات يف التاريخ على اختالف مراحله‪ ،‬مث ابدت‪ ،‬ولقد كان عطاء هذه احلضارات‬
‫متفاوات‪ .‬وكانت إحداها تركز على عنصر من العناصر‪ ،‬أو جانب من اجلوانب أكثر من غريه‪ ،‬بعضها ابجلانب املادي أكثر‬
‫من اجلانب الروحي‪ ،‬وبعضها اآلخر أعطى النواحي الروحية العناية األكرب‪ ،‬بصرف النظر عما شاب هذا اجلانب أو ذاك‬
‫من تصورات خاطئة أو مبتورة أو مشوهة‪ ،‬ولعل تلك السلبيات هي اليت شكلت بذور الفناء والتالشي يف احلضارة‪)1( .".‬‬

‫‪ """""""-32‬صفحة رقم ‪"""""" 249‬‬


‫لعيسى أب ‪ ،‬وإمنا أحلق بذرية األنبياء من قبل أمه ‪ ،‬وكذلك أحلقنا بذرية النيب ( صلى هللا عليه وسلم ) وأويدك اي أمري‬
‫املؤمنني ‪ -‬قال هللا تعاىل ‪ ' :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من اعلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم‬
‫وأنفسنا وأنفسكم ' ‪ .‬ومل يدع عليه السالم عند مباهلة النصارى غري علي وفاطمة واحلسن واخلسني وهم األبناء ‪ .‬ومات‬
‫رضي هللا عنه يف حبس الرشيد ‪ .‬وقيل ‪ :‬سعى ع ليه مجاعة من أهل بيته ‪ ،‬ومنهم حممد بن جعفر بن حممد أخوه ‪ ،‬وحممد‬
‫بن إمساعيل بن جعفر ابن أخيه وهللا أعلم ‪ .‬ومسع موسى رضي هللا عنه رجال يتمىن املوت ‪ ،‬فقال ‪ :‬هل بينك وبني هللا قرابة‬
‫حيابيك هبا ؟ قال ‪ :‬ال ‪ .‬قال ‪ :‬فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك ؟ قال ‪ :‬ال ‪ .‬قال ‪ :‬فأنت إذا تتمىن هالك‬
‫األبد ‪ .‬وقال رمحه هللا ‪ :‬من استوى يوماه فهو مغبون ‪ ،‬ومن كان آخر يوميه شرمها فهو ملعون ‪ ،‬ومن مل يعرف الزايدة يف‬

‫(‪ )1‬مدخل إىل األدب اإلسالمي ص‪9/‬‬


‫‪34‬‬
‫نفسه فهو يف النقصان ‪ ،‬ومن كان يف النقصان فاملوت خري له من احلياة ‪ .‬وروى عنه أنه قال ‪ :‬اختذوا القيان ؛ فإن هلن‬
‫فطنا وعقوال ليست لكثري من النساء ؛ فكأنه أراد النجابة من أوالدهن ‪.‬‬
‫علي بن موسى الرضا رضي هللا عنه‬
‫سأله الفضل بن سهل يف جملس املأمون ‪ ،‬فقال ‪ :‬اي أاب احلسن ؛"‪)1( .‬‬

‫‪ """""""-33‬صفحة رقم ‪"""""" 131‬‬


‫فقال ‪ :‬وهللا لقد مهمت ابإلسالم غري مرة كل ذلك يعوقين أبوك عنه وينهاين ‪ ،‬ويقول ‪ :‬أتدع دين آابئك لدين حمدث ؟‬
‫أما أخربك عثمان ما كان قد لقي من أبيك حني أسلم ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬ملا ظفر احلجا اببن األشعث وأصحابه أمر بضرب أعناقهم ‪ ،‬حىت أتى على رجل من متيم ‪ ،‬فقال التميمي ‪ :‬أيها‬
‫األمري ‪ ،‬وهللا لئن أسأان يف الذنب ما أحسنت يف العقوبة ؛ فقال احلجا ‪ :‬وكيف ذاك ؟ قال ‪ :‬ألن هللا تعاىل يقول ‪" :‬‬
‫فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حىت إذا أثخنتموهم فشدوا الواثق فإما منا بعد وإما فداء " فوهللا ما مننت وال فاديت‬
‫؛ فقال احلجا ‪ :‬أف ؟ هلذه اجليف ‪ ،‬أما كان منهم من حيسن مثل هذا ؟ وأمر إبطالق من بقي وعفا عنهم ‪ .‬وحكى أن‬
‫الرشيد سأل موسى بن جعفر فقال ‪ :‬مل قلتم إان ذرية رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) ‪ ،‬وجوومت للناس أن ينسبوكم إليه‬
‫ويقولوا ‪ :‬اي بين نيب هللا وأنتم بنو علي ‪ ،‬وإمنا ينسب الرجل إىل أبيه دون جده ؛ فقرأ ‪ " :‬ومن ذريته داود وسليمان وأيوب‬
‫ويوسف وموسى وهارون وكذلك جنزي احملسنني ووكراي وحيىي وعيسى والياس " وليس لعيسى أب ‪ ،‬وإمنا حلق بذرية األنبياء‬
‫من قلب أمه ؛ وكذلك أحلقنا بذرية الرسول ( صلى هللا عليه وسلم ) من قبل أمنا فاطمة ‪ -‬عليها السالم ‪ -‬وأويدك اي أمري‬
‫املؤمنني ‪ ،‬قال هللا تعاىل ‪ " :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم‬
‫وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني " ومل يدع ( صلى هللا عليه وسلم ) يف مباهلة النصارى غري فاطمة‬
‫واحلسن واحلسني ‪ ،‬ومها األبناء ‪)2( .".‬‬

‫‪ """""""-34‬صفحة رقم ‪"""""" 89‬‬


‫مهجرا ‪ ،‬ف لما صلى بنا رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) الظهر ‪ ،‬سلم مث نظر عن ميينه ويساره ‪ ،‬فجعلت أتطاول له‬
‫لرياين ‪ ،‬فلم يزل يلتمس ببصره حىت رأى أاب عبيدة بن اجلراح فدعاه له ‪ ،‬وذلك قبل اهلجرة ‪.‬‬
‫فقال ‪ " :‬اخر فاقض بينهم ابحلق فيما اختلفوا فيه " قال عمر ‪ :‬فذهب هبا أبو عبيدة ‪ .‬وهذا ما رواه ابن هشام عن ابن‬
‫إسحق ‪.‬‬
‫وقال حممد بن سعد يف طبقاته ‪ :‬إن رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) ملا عرض عليهم املباهلة انصرفوا عنه ‪ ،‬مث أاته عبد‬

‫(‪ )1‬نثر الدر ـ موافق للمطبوع ‪249/1‬‬


‫(‪ )2‬هناية األرب يف فنون األدب ـ موافق للمطبوع ‪131/8‬‬
‫‪35‬‬
‫املسيح ورجالن من ذوي رأيهم ‪ ،‬فقال ‪ :‬قد بدا لنا أال نباهلك ‪ ،‬فاحكم علينا مبا أحببت نعطك ونصاحلك ‪ .‬فصاحلهم‬
‫على ألفي حلة ‪ :‬ألف يف شهر رجب ‪ ،‬وألف يف صفر ‪ ،‬أو قيمة كل حلة من األواقي ‪ ،‬وعلى عارية ثالثني درعا ‪ ،‬وثالثني‬
‫رحما وثالثني بعريا ‪ ،‬وثالثني فرسا ‪ :‬إن كان ابليمن كيد ‪ .‬ولنجران وحاشيتهم جوار هللا وذمة حممد النيب رسول هللا ‪ ،‬على‬
‫أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموا هلم وغائبهم وشاهدهم وبيعهم ‪ ،‬ال يغري أسقف من سقيفاه ‪ ،‬وال راهب من رهبانيته ‪ ،‬وال‬
‫واقف من وقفانيته ‪ ،‬ويف بعض الرواايت ال يغري وافه من وفهيته ‪ ،‬وال قسيس من قسيسيته ‪ ،‬والوافه ‪ :‬قيم الكنيسة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وأشهد على ذلك شهودا ‪ .‬منهم أبو سفيان بن حرب ‪ ،‬واألقرع بن حابس واملغرية بن شعبة ‪ ،‬ورجعوا إىل بالدهم ‪،‬‬
‫فلم يلبث السيد والعاقب إال يسريا حىت رجعا إىل النيب ( صلى هللا عليه وسلم ) ‪ ،‬فأسلما وأنزهلما يف دار أيب أيوب‬
‫األنصاري ‪ ،‬وأقام أهل جنران على ما كتب هلم به رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) حىت قبضه هللا تعاىل ‪ .‬مث ويل أبو بكر‬
‫فكتب ابلوصاة هبم عند وفاته ‪ ،‬مث أصابوا راب فأخرجهم عمر بن اخلطاب من أرضهم ‪ ،‬وكتب هلم ‪ " :‬هذا ما كتب عمر‬
‫أمري املؤمنني لنجران ‪ .‬من سار منهم إنه آمن أبمان هللا ‪ ،‬ال يضرهم أحد من املسلمني ‪ ،‬وفاء هلم مبا كتب هلم رسول هللا (‬
‫صلى هللا عليه وسلم ) وأبو بكر ‪ -‬أما بعد ‪ -‬فمن وقعوا به من أمراء الشام وأمراء العراق فليوسعهم من جريب األرض ‪،‬‬
‫ما اعتملوا من ذلك فهو هلم صدقة ‪ ،‬وعقبة هلم مبكان أرضهم ‪ ،‬ال سبيل عليهم فيه ألحد وال مغرم ‪ -‬أما بعد ‪ -‬فمن‬
‫حضرهم مبن رجل مسلم فلينصرهم على من ظلمهم ‪)1( ."،‬‬

‫"ختم املطران ألزمه جناية ويف البلد من احلبساء والزهاد يف الصوامع واجلبال كل فاضل يضيق الوقت عن ذكر أحواهلم‬
‫واأللفاظ الصادرة عن صفاء عقوهلم وأذهاهنم ومن مشاهري تصانيف ابن بطالن كتاب تقومي الصحة يف قوى األغذية ودفع‬
‫مضارها جمدول‪ .‬كتاب دعوة األطباء مقامة ظريفة‪ .‬رسالة اشرتاء الرقيق‪.‬‬
‫وملا جرى البن بطالن مبصر مع ابن رضوان ما جرى كتب إليه ابن بطالن رسالة يفظعه فيها ويذكر معائبه ويشري إىل جهله‬
‫مبا يدعيه من علم علوم األوائل وصدرها هبذه الديباجة بسم هللا الرمحن الرحيم االنتساب إىل الصنائع واالشرتاك يف البضائع‬
‫موخاة وذمم وحرمات وعصم أدىن حقوقها بذل اإلنصاف وأحد فروضها اجتناب احليف واإلسراف ويتصل يب عن الشيخ‬
‫أدام هللا توفيقه وأوضح إىل احلق طريقه بالغات إذا قايستها بنا ألفيته من حدة طباعه هبا وأن عزوته إىل ما خصه هللا به من‬
‫العلم قطعت بكذهبا ويف كال احلالني فإنين أرى اإلغضاء مها أمض من كالمه وأرمض من فعاله من الفعال الواجب واملفروض‬
‫الالوب إذ كنت أثق برجوعه إىل احلق وإن مال يف شعب الباطل ال سيما أين مل أوجده سبيال إىل املباينة وال سعيت إال‬
‫فيما أكد أسباب املودة واحملافظة ومل أختذه مبسألة سهلة وال صعبة وهو أدام هللا توفيقه جهينيت يف هذه الدعوى وقد كانت‬
‫وردت منه إىل مسائل وأحبت يف احلال عنها وتراخيت إىل هذه الغاية عن إنفاذها إبقاء على هذه املودة وبلغين بعد ذلك‬
‫أنه قال على سبيل املباهلة يسألين عن ألف مسألة وأسئلة واحدة ولو شئت أن أفصح وأوضح لفعلت ولكن‬
‫قومي هم قتلوا أميم أخي ‪ ...‬فإذا رميت يصيبين سهمي‬

‫(‪ )1‬هناية األرب يف فنون األدب ـ موافق للمطبوع ‪89/18‬‬


‫‪36‬‬
‫ألين أعتقده واجلماعة جيرون مين جمرى األعضاء مترض اترة وتصح أخرى ومل أول على هذه املشاكلة إىل أن أوعز إيل من‬
‫بعض اجلهات اجلليلة مبا مل يسعين خالفه وال أمكنين االجتناب عنه يف عمل هذه املقالة وعي سبعة فصول األول يف يف‬
‫فضل من لقي الرجال من درس يف الكتاب ا لثاين يف أن الذي علم املطالب من الكتب علما رداي شكوكه حبسب علمه‬
‫يعسر حلها الثالث يف أن إثبات احلق يف عقيل مل يثبت فيه احملال أسهل من إثباته عند‪)1( ".‬‬

‫"من ثبت يف عقله احملال الرابع يف أن من عادات الفضالء عند قراءهتم كتب القدماء أن ال تعلموا يف علمائها يظن‬
‫إذا رأوا يف املطلب تباينها وتناقضا لكن خيلدون إىل البحث والتطلب اخلامس يف مسائل خمتلفة صادرة عن براهني صحيحة‬
‫يف املقدمات صادقة تلتمس أجوبتها ابلطريقة الربهانية السادس يف تصفح مقالته يف املباهلة اليت ضمن فيها أنين أسأله ألف‬
‫مسألة ويسألين مسألة واحدة السابع يف تتبع مقالته يف النقطة الطبيعية والتعيني على موضع الشبهة يف هذه التسمية فامتثلت‬
‫املرسوم معتذرا إليه غري أنين أسأله إبله السماء وتوحيد الفالسفة إذا هو طلق عنان القلم واستخدم يف بيانه برهان اهلمم‬
‫وأبرو النتيجة كالبدر من حندس الظلم أعفى عبده من السفه الذي حظه يف مساعه أكثر من حظ الشيخ يف مقاله وعدل‬
‫به إىل اجلواب عن نفس السؤال ميا يبني به الصواب بقلب طاهر تقي خال من دون الغضب فثامسطيوس يقول قلوب‬
‫احلكماء هياكل الرب فيجب أن تنظف بيوت عبادته وفيثاغورس يقول أن العوام تظن أن الباري تعاىل يف اهلياكل فقد‬
‫فتحسن سريهتا فيها كذلك جيب على من علم هللا يف كل مكان أن تكون سريته يف كل مكان كسرية العامة العاملة وهللا‬
‫يعينه على كسر العصبية ويرشدان إىل املضي مبوجب الناطقة ويعينه على امللتمس ومن هذه الرسالة املذكورة الفصل الثاين‬
‫يف أن الذي علم املطالب من الكتب علما رداي شكوكه حبسب علمه يعسر حلها يف أن العامل ابملطالب علما رداي شكوكه‬
‫ال تنحل أن الشك أتى من تقصريه ابلعلم وكلما فسد العلم قوي الشك وكلما قوي الشك فسد العلم فضعف العلم يؤدي‬
‫إىل قوة الشك وقوة الشك تؤدي إىل ضعف العلم ومها شيئان كل واحد منهما علة لصاحبه كالسوداء اليت هي سبب لرداءة‬
‫الفكر ورداءة الفكر سبب الحرتاق األخالط وانقالهبا إىل السوداء والسوداء كلما قويت أفسدت الفكر والفكر كلما فسد‬
‫قويت السوداء وألن الفاسد الفكر ال يتصور فساد فكره فال يسرع يف ووال مرضه كالذي به عضة كلب كلب يعتقد أن‬
‫املاء يقتله وفيه حياته وكلما امتنع منه أدى إىل هالكه وهذا هو الداء العياء الذي يعجز عن طبه وبرئه األطباء كذلك املعتقد‬
‫يف اآلراء املاحلة أهنا صحيحة ال يشعر برداءهتا فيلتمس علتها على احلقيقة ولعدم علمه ابلتقصري ال يزيل شكه العاملون وال‬
‫يرجي لنفسه برء منه إال بلطف من رب العاملني ومن ههنا تتولد اآلراء الفاسدة السقيمة ويثقلها‪)2( ".‬‬

‫"أمر نبيه ابملباهلة واملالعنة يف الدين‪ ،‬فقال ألهل الكتاب‪ " :‬فقل تعالوا ندع أبناءان وأبنائكم ونسائنا ونساءكم‬
‫وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني " فنتمثل أمر هللا لرسوله ونقول‪ :‬اللهم اي شديد البطش‪ ،‬اي جبار‪،‬‬
‫اي قهار‪ ،‬اي حكيم‪ ،‬اي قوي اي عزيز اي قوي اي عزيز‪ ،‬اي قوي اي عزيز‪ ،‬نسب إيل أكل احلرام من املدارس الغائبة‪ ،‬وإىل أمور‬
‫أنت أعلم بسرها‪ ،‬فإن كان ذلك يف علمك صحيحا فاجعل لعنتك ولعنة مالئكتك والناس أمجعني علي‪ ،‬وإن مل يكن‬

‫(‪ )1‬أخبار العلماء أبخيار احلكماء القفطي‪ ،‬مجال الدين ص‪225/‬‬


‫(‪ )2‬أخبار العلماء أبخيار احلكماء القفطي‪ ،‬مجال الدين ص‪226/‬‬
‫‪37‬‬
‫صحيحا فاجعلها على من افرتى علي هبا‪ ،‬وإن ك ان الولد قد فعل ما قيل من أخذ الرباطيل فاجعلها عليه‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫فاجعلها على من افرتى عليه‪ ،‬فهذا إنصاف وامتثال ملا أمر هللا به رسوله‪ ،‬وربك ابملرصاد‪ ،‬والشكوى إىل هللا احلكم العدل‬
‫"‪.‬‬
‫فلم يلبث إال أسبوعا أو أقل أو أكثر حىت قتل السلطان وحبس منكومتر‪ ،‬مث أخر من حمبسه وذبح‪.‬‬
‫وكان من شدة وسواسه ما جيلس على جوخ وال يقربه‪.‬‬
‫وكان يف بعض األايم طلع إىل السلطان حسام الدين وهو جالس على طراحة جوخ‪ ،‬فجلس معه عليها وقضى شغله‪ ،‬وعاد‬
‫إىل بيته‪ ،‬ونزع كل ما عليه وغسله‪)1( "..‬‬

‫"أحن إىل هواها وهو حتفي ‪ ...‬كمجروح يداوى ابجلراح‬


‫وال وأبيك ليس احلب سهال ‪ ...‬فكم جد تولد من مزاح‬
‫خلقت من الغرام فال أابيل ‪ ...‬أكان به فسادي أم صالحي‬
‫ولوال متسك األطمار جسمي ‪ ...‬لطار من النحول مع الرايح‬
‫وحب الغانيات حياة روحي ‪ ...‬وراحتها ورحياين وراحي‬
‫حمبتهن ضاهت يف فؤادي ‪ ...‬حمبة أمحد طرق السماح‬
‫يف يوم القصاص‪ ،‬وقد مر إنشاد مطلعها‬ ‫ومن خمالصي اليت فاقت سبائك اخلالص قويل من قصيدة علوية‪ ،‬أرجو هبا التخل‬
‫وصدر منها يف حسن االبتداء‪ ،‬ومنها بعدما تقدم‪:‬‬
‫ترمي وال تدري مبا سفكت ‪ ...‬تلك اللواحظ من دم هدر‬
‫هللا يل من حب غانية ‪ ...‬ترمي احلشا من حيث ال تدري‬
‫بيضاء من كعب وكم منعت ‪ ...‬كعب هلا من كاعب بكر‬
‫وعمت سلوي وهي سالية ‪ ...‬كال ورب البيت واحلجر‬
‫ما قلبها قليب فأسلوها ‪ ...‬يوما وال من أمرها أمري‬
‫أبكي وتضحك إن شكوت هلا ‪ ...‬حر الصدود ولوعة اهلجر‬
‫وعلى وفور ثراي يل وهلا ‪ ...‬ذل الفقري وعزة املثري‬
‫مل يبق مين حبها جلدا ‪ ...‬إال احلنني وال عج الذكر‬
‫ويزيد غلي املاء ما ذكرت ‪ ...‬واملاء يثلج غلة الصدر‬
‫قد ضل طالب غادة محيت ‪ ...‬يف قومها ابلبيض والسمر‬
‫ومؤنب يف حبها سفها ‪ ...‬هننهته عن منطق اهلجر‬
‫يزداد وجدي من مالمته ‪ ...‬فكأنه مبالمه يغري‬

‫(‪ )1‬أعيان العصر وأعوان النصر الصفدي ‪586/4‬‬


‫‪38‬‬
‫ال يكذبن احلب أليق يب ‪ ...‬وبشيميت من سبة الغدر‬
‫هيهات أيىب الغدر يل نسب ‪ ...‬أعزى به لعلي الطهر‬
‫وقلت يف مدحيها‪:‬‬
‫إن تنكر األعداء رتبته ‪ ...‬شهدت هبا اآلايت يف الذكر‬
‫شكرت حنني له مساعيه ‪ ...‬فيها ويف أحد ويف بدر‬
‫ومنه‪:‬‬
‫وأذكر مباهلة النيب به ‪ ...‬وبزوجه وابنيه للنفر‬
‫وأقرأ وأنفسنا وأنفسكم ‪ ...‬فكفى هبا فخرا مدى الدهر‬
‫هذي املفاخر واملكارم ال ‪ ...‬قعبان من لنب وال مخر‬
‫ومناقب لو شئت أحصرها ‪ ...‬حلصرت قبل أهم ابحلصر‬
‫وقويل من أخرى يف سيدي الوالد‪ ،‬وهو يستغين بتمكنه وقوته من ذكر ما قبله‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫ما كنت أحسب فيه أيضا عارضت هبا قصيدة ابن منري اليائية اليت تقدم إنشاد شيء منها استطرادا يف نوع القسم‪ ،‬ومن‬
‫غزل قصيديت هذه قويل‪:‬‬
‫قامت تدير سالفا من مراشفها ‪ ...‬حباهبا لؤلؤ الثغر اجلماين‬
‫يف ليلة من أثيث الشعر حالكة ‪ ...‬منها دجا حندس الليل الدجوجي‬
‫تريك إن أسفرت غراء مائسة ‪ ...‬بدر السماء على أعطاف خطي‬
‫من أين للظيب أن حيكي ترائبها ‪ ...‬ولو تشبه ما حاك كمحكي‬
‫كم لوعة بت أخفيها وأظهرها ‪ ...‬فيها وسر التصايب غري خمفي‬
‫أما وصعدة قد من معاطفها ‪ ...‬وعضب حلظ نضته هندواين‬
‫ما أن عذلت على حيب الفؤاد هلا ‪ ...‬إال وجاء بعذر فيه عذري‬
‫وافت فأذكت مهوما غري جامدة ‪ ...‬واذكرتين عهدا غري منسي‬
‫وما ولت أمحل على كواهل الغزل ثقل هذه القافية‪ ،‬إىل أن قلت‪:‬‬
‫اي حبذا نظرة هام الفؤاد هبا ‪ ...‬أورت وعينيك ابلظيب الكناسي‬
‫لقد نعمت بوعد منك منتظر ‪ ...‬وانئل من نظام الدين مقضي‬
‫وما خترصت‪ ،‬ووثبت فيه من التغزل إىل املديح وما تربصت‪ ،‬واستوفيت فيه شروط‬ ‫هذا املخل مما صدقت فيه التخل‬
‫حسن التخل ملا ختلصت‪.‬‬
‫وقويل أيضا من أخرى ختلصت فيها من االفتخار إىل املدح‪:‬‬
‫كم قلبتين الليايل يف تقلبها ‪ ...‬فكنت قرة عني الفضل واألدب‬

‫‪39‬‬
‫تزيدين نوب األايم مكرمة ‪ ...‬كأنين الذهب األبريز يف اللهب‬
‫ال أسرتيب بعني احلق أدفعه ‪ ...‬وال أراب بعني الشك والريب‬
‫لقد طلبت العلى حىت انتهيت إىل ‪ ...‬ما ال ينال وكانت منتهى أريب‬
‫حسيب من الشرف العليا أرومته ‪ ...‬أن انتمي لنظام الدين يف حسيب‬
‫وقد تقدم أكثر هذه القصيدة يف نوع االستعارة‪.‬‬
‫ولنكتف من حماسن التخل هبذا املقدار‪ ،‬فقد أوردان منها ما تستحليه األمساع وتستجلبه األفكار‪.‬‬
‫تنبيه ‪ -‬قد تقدم أن أحسن التخل ما كان يف بيت واحد‪ ،‬وأحسن منه ما كان من الغزل إىل املدح‪.‬‬
‫قال الشيخ صالح الدين الصفدي يف شرح الالمية‪ :‬وقد ذم بعض املتأخرين ذلك‪ ،‬لكنه حسن ما قبح‪ ،‬فقال‪)1( ".:‬‬

‫"والعاقب احلرب يف جنران الح له ‪ ...‬يوم التباهل عقىب ولة القدم‬


‫العنوان يف هذا البيت هو اإلشارة إىل قصة املباهلة اليت ذكرها هللا سبحانه يف القرآن اجمليد فقال (فمن حاجك فيه من بعد‬
‫ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساؤكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنه هللا على‬
‫الكاذبني) ‪.‬‬
‫قال اإلمام يف تفسريه‪ :‬روي أنه عليه السالم ملا أورد الدالئل على نصارى جنران‪ ،‬مث أهنم أصروا على جهلهم قال عليه‬
‫السالم‪ :‬إن هللا أمرين إن مل تقبلوا احلجة أن أابهلكم‪ .‬فقالوا‪ :‬اي أاب القاسم بل نرجع يف أمران مث أنتيك‪ .‬فلما رجعوا قالوا‬
‫للعاقب وكان ذا رأيهم‪ :‬اي عبد املسيح ما ترى؟ فقال‪ :‬وهللا لقد عرفتم اي معشر النصارى أن حممدا نيب مرسل‪ ،‬ولقد جاءكم‬
‫ابلكالم احلق يف أمر صاحبكم‪ ،‬وهللا ما ابهل قوم نبيا قط فعاش كبريهم وال نبت صغريهم‪ ،‬ولئن فعلتم لكان االستيصال‪،‬‬
‫فإن أبيتم إال اإلصرار على دينكم‪ ،‬واإلقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل‪ ،‬وانصرفوا إىل بالدكم‪.‬‬
‫وكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم خر وعليه مرط من شعر أسود‪ ،‬وكان احتضن احلسني وأخذ بيد احلسن‪ ،‬وفاطمة‬
‫متشي خلفه‪ ،‬وعلي عليه السالم خلفها‪ ،‬وهو يقول‪ :‬إذا دعوت فأمنوا‪ .‬فقال أسقف جنران‪ :‬اي معشر النصارى إين ألرى‬
‫وجوها لو شاء هللا أن يزيل جبال م ن مكانه ألواله هبا‪ ،‬فال تباهلوا فتهلكوا‪ ،‬وال يبقى على وجه األرض نصراين إىل يوم‬
‫القيامة‪ .‬مث قال‪ :‬اي أاب القاسم رأينا أن ال نباهلك وإن نقرك على دينك‪ .‬فقال صلوات هللا عليه‪ :‬فإذا أبيتم املباهلة فاسلموا‬
‫يكن لكم ما للمسلمني وعليكم ما على املسلمني‪ .‬فأبوا‪ ،‬فقال‪ :‬إين أانجزكم احلرب‪ ،‬فقالوا‪ :‬مالنا حبرب العرب طاقة‪،‬‬
‫نصاحلك على أن ال تغزوان‪ ،‬وال تردان عن ديننا‪ ،‬على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة‪ :‬ألف يف صفر‪ ،‬وألف يف رجب‬
‫وثالثني درعا عادية من حديد‪ .‬فصاحلهم على ذلك وقال‪ :‬والذي نفسي بيده أن اهلالك قد تدىل على أهل جنران‪ ،‬ولو‬
‫ال عنوا ملسخوا قردة وخناوير‪ ،‬والضطرم عليهم الوادي انرا‪ ،‬والستأصل هللا جنران وأهله حىت الطري على رؤوس الشجر‪ ،‬وملا‬
‫حال احلول على النصارى كلهم حىت يهلكوا‪.‬‬
‫وروي أنه عليه السالم ملا خر يف املرط األسود فجاء احلسن رضي هللا عنه فأدخله‪ ،‬مث جاء احلسني رضي هللا عنه فأدخله‬

‫(‪ )1‬أنوار الربيع يف أنواع البديع ابن معصوم احلسين ص‪246/‬‬


‫‪40‬‬
‫مث فاطمة‪ ،‬مث علي رضي هللا عنهما‪ ،‬مث قال (إمنا يرد هللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهريا) ‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأعلم أن هذه الرواية كاملتفق على صحتها بني أهل التفسري واحلديث‪.‬‬
‫وابن جابر مل ينظم هذا النوع يف بديعيته‪.‬‬
‫وبيت بديعية الشيخ عز الدين املوصلي قوله‪:‬‬
‫بشرى املسيح أتت عنوان دعوته ‪ ...‬وقبله كل هاد صادق القدم‬
‫يريد بعنوانه قوله تعاىل (وإذ قال عيسى ابن مرمي اي بين إسرائيل إين رسول هللا إليكم مصدقا ملا بني يدي من التوراة ومبشرا‬
‫برسول أييت من بعدي امسه أمحد) ‪ .‬وعن كعب أن احلواريني قالوا لعيسى عليه السالم‪ :‬اي روح هللا هل بعدان من أمة؟ قال‬
‫نعم أمة أمحد حكماء علماء أبرار أتقياء‪ ،‬كأهنم من الفقه أنبياء‪ ،‬يرضون من هللا ابليسري من الروق‪ ،‬ويرضى هللا منهم ابليسري‬
‫من العمل‪.‬‬
‫وبيت بديعية ابن حجة قوله‪:‬‬
‫به العصا أمثرت عزا لصاحبها ‪ ...‬موسى وكم قد حمت عنوان سحرهم‬
‫هذا البيت عنوانه ظاهر مل حيتج إىل شرح‪.‬‬
‫وبيت بديعية الطربي قوله‪:‬‬
‫رجم الشياطني من عنوان بعثته ‪ ...‬وحني أرسل دين الكفر مل يقم‬
‫والعنوان يف هذا البيت ظاهر أيضا‪.‬‬
‫وبيت بديعييت هو قويل‪:‬‬
‫وآدم إذ بدا عنوان ولته ‪ ...‬به توسل عند هللا يف القدم‪)1( ".‬‬

‫"كتاب ما هنى عنه النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬البن املديين علي بن عبد هللا ص األخبار‪.‬‬
‫كتاب املباهلة ‪ -‬أتليف الشلمغاين حممد بن علي ص فضائل العمرتني‪.‬‬
‫كتاب املبتدأ يف النحو ‪ -‬أليب احلسن علي بن عيسى الرماين ص اإلجياو يف شرح اإليضاح‪.‬‬
‫كتاب املبتدي يف احلديث ‪ -‬أليب حذيفة إسحق بن حممد بن عبد هللا البخاري احملدث املتوىف سنة ‪ 206‬ست ومائتني‪.‬‬
‫الكتاب املبسوط يف عمل اليوم والليلة ‪ -‬أليب حممد املرعش حسن بن محزة الشيعي ص تباشري الشريعة‪.‬‬
‫الكتاب املبني يف إثبات إمامة الطاهرين ‪ -‬حملمد ابن عبد النيب النيسابوري الشيعي ص أمايل العباسي‪.‬‬
‫الكتاب املبني يف معاين ألفاظ احلكماء واملتكلمني ‪ -‬لسيف الدين علي بن أيب علي اآلمدي ص الباهر‪.‬‬
‫كتاب املتاجر ‪ -‬للشيخ مرتضى بن حممد النجفي الشيعي ص فرائد األصول‪.‬‬
‫كتاب املتاجر ‪ -‬حملمد بن سليمان التنكابين ص أسرار‬
‫املصائب‪.‬‬

‫(‪ )1‬أنوار الربيع يف أنواع البديع ابن معصوم احلسين ص‪346/‬‬


‫‪41‬‬
‫كتاب املرتادفات ‪ -‬للسيد عبد هللا الندمي اإلسكندري ص االختفاء‪.‬‬
‫كتاب املتعقلني ‪ -‬الىب الفر عبد الرمحن ابن اجلووي ص أخبار األخيار‪.‬‬
‫كتاب املتعة ‪ -‬أليب أمحد حممد بن أيب عمري األودي الشيعي ص االحتجا ‪.‬‬
‫كتاب املتقني ‪ -‬أليب إسحق إبراهيم الثقفي الشيعي ص أخبار املختار‪.‬‬
‫كتاب املتوارين ‪ -‬للحافظ اىب حممد عبد الغىن ابن‪)1( ".‬‬

‫"األخبار أنه خر إىل النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأن ابن أخ له غور طريقهم لريجع‪ ،‬ففقد املاء‪ ،‬فرجع فمات‬
‫عطشا‪.‬‬
‫وقد تبع ابن مندة ابن السكن يف إخراجه‪ .‬وأخر اخلرب املذكور عنه‪ ،‬ومل يزد على ذلك‪ ،‬مث أخر أكثم بن صيفي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وهو ابن عبد العزى‪ ....‬فسرد نسب أكثم بن اجلون اخلزاعي‪ .‬مث قال‪ :‬أكثم بن اجلون‪ ،‬فذكر له ترمجة على حدة‪ ،‬فهذا‬
‫معدود يف أغالطه‪.‬‬
‫مث وجدت قصة أكثم اليت أشار إليها العسكري يف كتاب الصحابة مطولة‪ ،‬وفيها التصريح إبسالمه‪.‬‬
‫وقال أبو حامت يف «املعمرين» ‪ :‬ملا مسع أكثم خبرو النيب صلى هللا عليه وسلم بعث إليه ابنه حبيشا ليأتيه خبربه‪ ،‬وقال‪ :‬اي‬
‫بين‪ ،‬إين أعظك بكلمات فخذ هبن من حني ختر من عندي إىل أن ترجع ‪ ...‬فذكر قصة طويلة‪ ،‬فيها‪:‬‬
‫فكتب إليه النيب صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أمحد إليك هللا الذي ال إله إال هو‪ ،‬إن هللا أمرين أن أقول ال إله إال هللا» ‪.‬‬
‫فقال أكثم البنه‪ :‬ماذا رأيت؟ قال‪ :‬رأيته أيمر مبكارم األخالق‪ ،‬وينهى عن مالئمها‪ ،‬فجمع أكثم قومه‪ ،‬ودعاهم إىل أتباعه‪،‬‬
‫وقال هلم‪ :‬إن سفيان بن جماشع مسى ابنه حممدا حبا يف هذا الرجل‪ ،‬وإن أسقف جنران [ (‪ ] )1‬كان خيرب أبمره وبعثه‪،‬‬
‫فكونوا يف أمره أوال وال تكونوا آخرا‪.‬‬
‫فقال هلم مالك بن نويرة‪ :‬إن شيخكم خرف‪ .‬فقال أكثم‪ :‬ويل للشجي من اخللي‪ ،‬وهللا ما عليك آسي‪ ،‬ولكن على العامة‪.‬‬
‫مث اندى يف قومه فتبعه منهم مائة رجل‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫األقرع بن حابس‪ ،‬وسلمى بن القني [ (‪ ، ] )2‬وأبو متيمة اهلجيمي‪ ،‬ورابح [ (‪ ] )3‬بن الربيع‪ ،‬واهلنيد‪ ،‬وعبد الرمحن بن‬
‫الربيع‪ ،‬وصفوان بن أسيد‪ ،‬فساروا حىت إذا كانوا دون املدينة أبربع ليال كره ابنه حبيش مسريه‪ ،‬فأدجل على إبل أصحاب‬
‫أبيه‪ ،‬فنحرها وشق قرهبم ومزاداهتم‪ ،‬فأصبحوا ليس معهم ماء وال ظهر‪ ،‬فجهدهم العطش‪ ،‬وأيقن أكثم ابملوت‪ ،‬فقال‬
‫ألصحابه‪:‬‬
‫أقدموا على هذا الرجل‪ ،‬وأعلموه أبين أشهد أن ال إله إال هللا وأنه رسول هللا‪ ،‬انظروا إن كان‬
‫__________‬
‫[ (‪ ] ) 1‬جنران‪ :‬ابلفتح مث السكون وآخره نون وهو يف عدة مواضع‪ :‬منها جنران من خماليف اليمن من انحية مكة وهبا كان‬
‫خرب األخدود وإليها تنسب كعبة جنران وكانت ربيعة هبا أساقفة مقيمون منهم السيد والعاقب اللذين جاءا إىل النيب عليه‬

‫(‪ )1‬إيضاح املكنون الباابين ‪327/4‬‬


‫‪42‬‬
‫السالم يف أصحاهبما ودعاهم إىل املباهلة ‪ .‬وبقوا هبا حىت أخالهم عمر رضي هللا عنه عنها انظر‪ :‬مراصد االطالع‪/3 :‬‬
‫‪.1359‬‬
‫القيس‪.‬‬ ‫[ (‪ ] )2‬يف‬
‫[ (‪ ] )3‬يف د رايح‪)1( "..‬‬

‫"‪ -3645‬السيد بن بشر‪:‬‬


‫بن عصر العامري بن عبد القيس‪ ،‬مث من بين عامر بن احلارث بن أمنار‪.‬‬
‫قال الرشاطي‪ :‬كان سيد بين عامر بعد أبيه‪ ،‬وكان شريفا جوادا‪ ،‬له وقائع وغارات يف اجلاهلية‪ ،‬وأدرك اإلسالم‪ ،‬ووفد على‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬مث كان رأس قومه يف قتال أهل الردة مع اجلارود العبدي‪ .‬انتهى ملخصا‪.‬‬

‫‪ -3646‬السيد النجراين‪:‬‬
‫ذكر ابن سعد واملدائين أنه قدم على النيب صلى هللا عليه وسلم فأسلم‪ ،‬فقال يف ذكر الوفود وفد جنران‪ ،‬من حديث علي‬
‫بن حممد القرشي‪ ،‬قال‪ :‬قالوا‪ :‬وكتب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل أهل جنران‪ ،‬فخر عليهم وفدهم أربعة عشر رجال‬
‫من أشرافهم نصارى‪ ،‬فيهم العاقب‪ ،‬وهو عبد املسيح‪ ،‬رجل من كندة‪ ،‬وأبو احلارث بن علقمة‪ ،‬رجل من بين ربيعة وأخوه‬
‫كرو‪ ،‬والسيد‪ ،‬فذكر القصة يف مناظرهتم على دين النصرانية‪،‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إن أنكرمت ما أقول فهلم أابهلكم» ‪،‬‬
‫وامتناعهم من املباهلة‪ ،‬وطلبهم املصاحلة على اجلزية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فرجعوا إىل بالدهم‪ ،‬فلم يلبث السيد والعاقب إال يسريا حىت رجعا إىل النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فأسلما وأنزهلما دار أيب‬
‫أيوب األنصاري‪ .‬وقد تقدم يف حرف األلف أن اسم السيد أيهم‪ -‬بياء حتتانية مثناة‪ ،‬وون جعفر‪ .‬وأييت له ذكر يف ترمجة‬
‫العاقب أيضا‪.‬‬

‫‪ -3647‬سيف بن قيس «‪: »1‬‬


‫بن معديكرب‪ ،‬أخو األشعث بن قيس‪.‬‬
‫ذكره ابن شاهني‪ ،‬وساق إىل الكليب قال‪ :‬وفد سيف مع أخيه‪ ،‬فأمره النيب صلى هللا عليه وسلم أن يؤذن‪ ،‬فلم يزل يؤذن هلم‬
‫حىت مات‪.‬‬
‫وقال أبو عمر‪ :‬سيف من ولد قيس بن معديكرب‪ ،‬له صحبة‪.‬‬
‫وروى البغوي‪ ،‬من طريق احلارث بن سليمان الكندي‪ ،‬حدثين غري واحد من بين جبيلة عن سيف‪ ،‬وهو من ولد قيس بن‬
‫معديكرب‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬هب يل أذان قومي‪ ،‬فوهبه يل‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلصابة يف متييز الصحابة ابن حجر العسقالين ‪352/1‬‬


‫‪43‬‬
‫ووقع عند ابن مندة سيف بن معديكرب‪ ،‬فنسبه إىل جده‪ ،‬فاستدركه أبو موسى‪.‬‬
‫وتعقبه ابن األثري‪ ،‬وقال ابن مندة‪ :‬رواه حيىي بن معني‪ ،‬فقال‪ :‬عن سيف‪ ،‬من ولد سيف بن معديكرب‪ .‬فاهلل أعلم‪.‬‬
‫[قال ابن الكليب‪ :‬وأم سيف هذا التحيا قينة من حضرموت‪ ،‬وهي إحدى الشوامت] «‪. »2‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬أسد الغابة ت ‪ ،2369‬االستيعاب ت ‪.1158‬‬
‫(‪ )2‬سقط يف أ‪)1( "..‬‬

‫"هللا صلى هللا عليه وسلم مرتقى ألحد يف جمد‪ ،‬إن هللا عز وجل قد رفع ابإلسالم اخلسيسة‪ ،‬وأمت النقيصة‪ ،‬وأكرم به‬
‫من اللؤم‪ ،‬فال عار على مسلم‪ ،‬هذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تزو أمته وامرأة عبده‪ .‬فقال عبد امللك‪ :‬إن علي بن‬
‫احلسني يشرف من حيث يتضع الناس‪.‬‬
‫«‪ - »834‬سأل الرشيد موسى بن جعفر فقال‪ :‬مل وعمتم أنكم أقرب إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم منا؟ فقال‪ :‬اي‬
‫أمري املؤمنني‪ ،‬لو أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنشر فخطب إليك كرميتك أكنت جتيبه؟ فقال‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬وكنت‬
‫أفتخر بذلك على العجم والعرب؛ فقال‪ :‬لكنه ال خيطب إيل وال أووجه ألنه ولدان ومل يلدكم‪.‬‬
‫«‪ - »835‬وروي أنه قال‪ :‬هل كان جيوو أن يدخل على حرمك وهن متكشفات؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬لكنه كان يدخل على‬
‫حرمي كذلك‪ ،‬وكان جيوو له‪.‬‬
‫«‪ - »836‬وقيل إنه سأله أيضا‪ :‬مل قلتم إان ذرية رسول هللا‪ ،‬وجوومت للناس أن ينسبوكم إليه فيقولون اي بين رسول هللا وأنتم‬
‫بنو علي‪ ،‬وإمنا ينسب الرجل إىل أبيه دون جده؟ فقال‪ :‬أعوذ ابهلل من الشيطان الرجيم‪ ،‬بسم هللا الرمحن الرحيم ومن ذريته‬
‫داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك جنزي احملسنني ووكراي وحيىي وعيسى وإلياس‬
‫(األنعام‪ ، ) 85 -84 :‬وليس لعيسى أب‪ ،‬وإمنا أحلق بذرية األنبياء من قبل أمه‪ ،‬وكذلك أحلقنا بذرية النيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم من قبل أمنا فاطمة عليها السالم‪ ،‬وأويدك اي أمري املؤمنني‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من‬
‫العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم‬
‫(آل عمران‪ . )61 :‬ومل يدع عليه السالم عند مباهلة النصارى غري علي وفاطمة واحلسن واحلسني وهم األبناء‪)2( "..‬‬

‫"سالم اإلله ورحيانه ‪ ...‬ورمحته ومساء درر‬


‫غمام ينزل روق العباد ‪ ...‬فأحيا البالد وطاب الشجر‬
‫وجيمع على مسي‪ .‬قال العجا ‪:‬‬
‫تلفه الرايح والسمي ‪ ...‬يف دق أرطاة هلا حىن‬
‫وتوصل يعين الدعاء‪ ،‬ألنه كالم‪ ،‬والكالم أفعال وأمساء‪ .‬واالبتهال‪ :‬التضرع‪ .‬واملبتهل‪ :‬املتضرع‪ .‬واملباهلة‪ :‬املالعنة‪ .‬ومنه‬

‫(‪ )1‬اإلصابة يف متييز الصحابة ابن حجر العسقالين ‪196/3‬‬


‫(‪ )2‬التذكرة احلمدونية ابن محدون ‪180/7‬‬
‫‪44‬‬
‫قوله تعاىل‪( :‬مث نبتهل) والبهل‪ :‬اللعن‪ .‬والبهل‪ :‬املاء القليل‪ .‬والباهل‪ :‬الناقة اليت ال صرار عليها‪ .‬قالت امرأة من العرب‬
‫لزوجها‪ .‬أتيتك ابهال غري ذات صرار‪ .‬ويقال‪ :‬أهبلته‪ ،‬إذا خليته وإرادته‪.‬‬
‫والعاين‪ :‬مشتق من العناء‪ ،‬وهو التعب‪ :‬يقال‪ :‬عىن يعين عناء‪ ،‬فهو عان‪.‬‬
‫مىن حبال‪ .‬قال يعقوب بن السكيت‪ .‬نقول‪ :‬منوت الرجل ومنيته‪ :‬إذا ابتليته‪ .‬واملىن‪ :‬القدر؛ يقال مىن له ميىن مىن فهو مان‪،‬‬
‫أي قدر‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وال تقولن لشيء سوف أفعله ‪ ...‬حىت تالقي ما ميىن لك املاين‪)1( ".‬‬

‫"السابق‪ :‬هو ثقة املقلد يف علم ودين من يقلده‪ ،‬ونالحظ هنا دقة ابن عبد الوهاب يف قوله‪ :‬فقلد من تثق بعلمه‬
‫ودينه‪ ،‬كأنه يطلب من املقلد حىت يف حال إابحة التقليد له أن جيتهد يف اختيار من يقلده وأال يكتفي مبا يشاع عنه من‬
‫علم ودين بل ال بد من أن يثق هو أي املقلد يف علمه ودينه‪.‬‬
‫مث حيذر من أن جيري التقليد ابهلوى مما خيالف شرط الثقة يف العلم والدين‪":‬وأما أن قلد شخصا دون نظريه مبجرد هواه من‬
‫غري علم ان احلق معه فهذا من أهل الباطل‪)1( ".‬‬
‫وأخذا مبعيار الثقة يف العلم والدين كشرط الختيار من جيوو تقليده فإن أوىل الناس بتقليدهم واالقتداء هبم بعد الرسول‬
‫املعصوم صلى هللا عليه وسلم هم‪ :‬الصحابة املرضي عنهم بن كتاب هللا تعاىل فهم خري األمة على امتداد املكان والزمان‬
‫إىل قيام الساعة حكما بقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬خري الناس قرين مث الذين يلوهنم مث الذين يلوهنم مث جييء قوم‬
‫تسبق شهادة احدهم ميينه وميينه شهادته"‪ )2( ،‬وتقيدا هبذا اهلدي النبوي كان ابن عبد الوهاب حريصا دائما على أن يقرر‬
‫أنه يف مسائل اخلالف اليت ال ن فيها بشخ إىل عمل الصحايب فإن مل جيد فإىل التابعي الصاحل"فمن عاند دعوته إىل‬
‫املباهلة كما دعا إليها ابن عباس يف بعض مسائل الفرائض وكما دعا إليها سفيان واألوواعي يف مسألة رفع اليدين وغريمها‬
‫من أهل العلم (‪." )3‬‬
‫(‪ )3‬الدائرة اليت جيوو فيها التقليد‪:‬‬
‫ألن القاعدة كما قدمنا حظر التقليد وإابحته هي االستثناء فدائرته حمدودة وإن كانت ابلنسبة للعامي أوسع منها ابلنسبة‬
‫للعامل‪.‬‬
‫فبالنسبة للعامي يباح له التقليد من يثق يف علمه ودينه يف سائر مسائل الفروع‪ ،‬وأما يف أصول الدين فال جيوو التقليد البتة‬
‫لعامي وال ملتعلم‪ ،‬بل جبب على كل مكلف معرفة هللا تبارك وتعاىل ومعرفة الرسول صلى هللا عليه وسلم وما بعث به‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬عبد الرمحن بن حسن بن الشيخ حممد‪ ،‬املقامات‪ ،‬الرسالة األوىل خمطوطة مبكتبة دخنة ابلرايض‪.‬‬

‫(‪ )1‬احلور العني احلمريي‪ ،‬نشوان ص‪34/‬‬


‫‪45‬‬
‫(‪ )2‬ابن القيم‪ :‬اعالم املوقعني ‪245/2‬‬
‫(‪ )3‬ابن غنام‪ :‬اتريخ جند‪ ،‬ص‪)1( ".229‬‬

‫"بن أيب الفضائل حممد بن حيىي العباسي مدرس املستنصرية ببغداد مساعا عن صاحل بن عبد هللا بن الصباغ عن أيب‬
‫املؤيد حممد بن حممود بن حممد اخلوارومي مؤلفه وكان الناصري ممن أخذ عنه واخت بصحبته بل هو فقيه أخيه امللقب‬
‫بعد ابملنصور وكذا قرئ اجلامع املذكور ببيت احملب بن الشحنة ومسعه عليه هو وغريه ومحله الناس عنه قدميا وحديثا‪ ،‬وممن‬
‫كتب عنه من نظمه ونثره البقاعي وابلغ يف أذيته فإنه قال‪ :‬وكان مفننا يف علوم كثرية الفقه واحلديث واألصول وغريها ومل‬
‫خيلف بعده حنفيا مثله إال أنه كان كذااب ال يتوقف يف شيء يقوله فال يعتمد على قوله‪ ،‬قال‪ :‬وكان من سنني قواي يف بدنه‬
‫ميشي جيدا فلما وقعت فتنة ابن الفارض يف سنة أربع وسبعني أظهر التعصب ألهل االحتاد فقال له الشمس السنباطي‪:‬‬
‫أليس يف مباهلة ابن حجر البن األمني املصري عربة فقال‪ :‬إمنا كان موت ابن األمني مصادفة فسلط هللا عليه يعين على‬
‫الزين قاس م عسر البول بعد مدة يسرية واشتد به حىت خيف موته وعوجل حىت صار به سلس بول فقام وقد هرم وكان ال‬
‫ميشي إال وذكره يف قنينة وجا واستمر به حىت مات وهو كالفر انتهى‪ .‬وأقبل على التأليف كما حكاه يل من سنة عشرين‬
‫وهلم جرا‪ ،‬ومما صنفه يف هذا الشأن شرح قصيدة ابن فرح يف اإلصالح وقال أنه حبث فيه مع العز بن مجاعة وشرح منظومة‬
‫ابن اجلزري وقال أنه مجع فيه من كل نوع حىت صار يف جملدين يعين وخر عن أن يكون شرحا هلذا النظم املختصر ولكنه‬
‫مل يكمل وكان يقول أنه وردخانيت إشارة إىل أنه مجع فيه كل ما عنده‪ ،‬وحاشية على كل من شرح ألفية العراقي والنخبة‬
‫وشرحها لشيخنا وختريج عوارف املعارف للسروردي وأحاديث كل من االختيار شرح املختار يف جملدين والبزدوي يف أصول‬
‫الفقه وتفسري أيب الليث ومنها األربعني واألربعني يف أصول الدين وجواهر القرآن وبداية اهلداية أربعتها للغزايل والشفا‬
‫وكتب منه أوراقا وإحتاف األحياء مبا فات من ختريج أحاديث األحياء ومنية األملعي مبا فات الزيلعي وبغية الرائد يف ختريج‬
‫أحاديث شرح العقائد ونزهة الرائض يف أدلة)‬
‫الفرائض وترتيب مسند أيب حنيفة البن املقري وتبويب مسنده للحارثي واألمايل على مسند عقبة بن عامر الصحايب نزيل‬
‫مصر وعوايل كل م ن الليث والطحاوي وتعليق مسند الفردوس كله مقف والذي خرجه منه قليل جدا ورجال كل من‬
‫الطحاوي يف جملد واملوطأ حملمد بن احلسن واآلاثر له ومسند أيب حنيفة البن املقري وترتيب كل من اإلرشاد للخليلي يف‬
‫جملد والتمييز للجووقاين يف جملد وأسئلة احلاكم للدارقطين ومن روى عن أبيه‪)2( ".‬‬

‫""وحيفظ لنا التاريخ حوار بني النيب صلى هللا عليه وسلم ووفد نصارى "جنران" حينما جاءوا إليه يف املدينة يف عام‬
‫الوفود ملناقشته ما جاء به‪ ،‬لقد مسح هلم ابلصالة يف مسجده‪ ،‬وطال النقاش بني الطرفني‪ ،‬هو يشرح هلم رسالته اخلامتة‪ ،‬وهم‬
‫يرفضون‪ ،‬فلم يؤذهم ومل حيرض عليهم‪ ،‬وإمنا دعاهم يف النهاية إىل "املباهلة" وهي صالة مشرتكة يدعو فيها الطرفان هللا على‬
‫الكاذب منهما‪ ،‬وحيكيها القرآن الكرمي بقوله تعاىل‪{ :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان‬

‫(‪ )1‬الشيخ اإلمام حممد بن عبد الوهاب ومنهجه يف مباحث العقيدة آمنة حممد نصري ص‪84/‬‬
‫(‪ )2‬الضوء الالمع ألهل القرن التاسع السخاوي‪ ،‬مشس الدين ‪186/6‬‬
‫‪46‬‬
‫وأبناءكم ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنت هللا على الكاذبني} فاعتذر وفد نصارى جنران عن‬
‫االشرتاك يف هذه "املباهلة" ورضوا ألنفسهم البقاء على عقيدهتم‪ ،‬فرتكهم النيب وما أرادوا‪ ،‬وكفوا هم أيديهم عنه‪ ،‬وواد رسول‬
‫هللا صلوات هللا وسالمه عليه على ذلك أبن أعطاهم األمان على أنفسهم ودايرهم وأمواهلم‪ .‬أمام هذا التسامح الديين واملنطق‬
‫التشريعي ال حيل ملختلفني دينا أن يتشاجرا ويتقاتال‪ ،‬وإذا مل يستطيعا قضى خالفهما ابلتسامح أو احلسىن فإن القانون كفيل‬
‫أبن يعطي كل ذي حق حقه"‪.‬‬
‫"هكذا يعرف املسلمون اإلسالم‪ ،‬ويعرف املسيحيون املسيحية‪ ،‬ويعرف كل منهما اآلخر حبقائق دينه‪ ،‬ومل يستطع شعب‬
‫من شعوب األرض على مدى اترخيه أن يرتجم هذه املعرفة إىل حياة عملية وواقعية مثالية أكثر من شعب مصر‪ ،‬فعلى الرغم‬
‫مما حدث يف الزاوية احلمراء فإن املسلمني واملسيحيني يتعايشون ويتعاملون ويتزاورون يف الصحة واملرض‪ ،‬ويتحابون يف كل‬
‫حي يف القاهرة ويف غريها من املدن والقرى‪ ،‬يعلنون أسفهم ملا حدث ويطلبون التحاكم إىل القانون والضرب على أيدي‬
‫املذنبني وأنصار الفتنة‪ ،‬ومن هنا فإن إلصاق ما حدث أخريا بنزاع بني أتباع الداينتني اإلسالمية واملسيحية هو حمض‬
‫افرتاء‪."1‬‬
‫اثلثا‪ :‬كتب األستاذ أبو احلجا حافظ مقاال‪ ،‬تضمن قصة قصرية‬
‫__________‬
‫‪ 1‬راجع‪ :‬اجلمهورية الصادرة يف يوم اجلمعة ‪)1( "..1981 /6 /26‬‬

‫"وكان يف مقدمتهم سيف بن ذي يزن فاستنجد مبلك الروم وطلب منه جيشا ليخر احلبش من جزيرة العرب فلم‬
‫تلق دعوته آذاان صاغية فعدل إىل كسرى ملك العجم فنصره جبند من صعاليك دولته حتت قيادة رجل امسه وهرو فظفروا‬
‫ابحلبشة وبددوا مشلهم وملك سيف بن ذي يزن لكن ملكه مل يدم ومنا طويال غذ فتك به بعض احلبشة فخلفه ابنه معدي‬
‫كرب‪ .‬ومل يلبث العجم أن استولوا على اليمن فارسلووا عماال حيكمون ابمسهم كان اوهلم وهرو املذكور مث خلفه ابذان ويف‬
‫عهده صارت اليمن يف أيدي املسلمني‪.‬‬
‫أما النصرانية فإهنا مل متت بنفي احلبشة بل بقيت يف عزها إىل ظهور اإلسالم ولعل سيف بن ذي يزن عينه كان يدين هبا‬
‫‪Suppl. Paris,‬‬ ‫يؤيده ما وقفنا عليه يف أحد خمطوطات ابريس العربية وهو كتاب أنساب العرب لسلمة بن مسلم (‬
‫‪ )2866‬يف الصحيفة ‪ 97‬حيث قال أن سيف بن ذي يزن دخل على القيصر ومال إىل النصرانية‪ .‬واحلق يقال أنه ما كان‬
‫ليلوذ ابلقيصر ملك الروم النصراين لو دان هو ابليهودية كذي نؤاس وكذلك قد مدحه الشاعر النصراين أمية بن أيب الصلت‬
‫بقصيدته الشهرية اليت أوهلا‪:‬‬
‫اليطلب الثار إال كابن ذي يزن ‪ ...‬يف البحر خيم لألعداء أحواال‬
‫وال شيء يف هذه األبيات يشعر بيهودية سيف‪ .‬ولو عرف أهل جنران وعرب النصارى يف اليمن أن ابن ذي يزن من أنصار‬
‫لليهودية ملا مكنوه من امللك وعلى ظننا أن نساطرة العراق انتهزوا فرصة دخول الفرس يف اليمن لينشروا هناك بدعتهم ولعلهم‬

‫(‪ )1‬املقال وتطوره يف األدب املعاصر السيد مرسي أبو ذكري ص‪327/‬‬
‫‪47‬‬
‫كانوا سبقوا إىل بثها قبل ذلك فعزووها‪ .‬ويف تواريخ النساطرة ما يصرح ابنتشار تلك البدعة يف جنويب العرب ومقاومتهم‬
‫لليعاقبة‪ .‬ويف كتاب األغاين (‪ ) 148 :10‬أن عشرة من اساقفة جنران قدموا على نيب املسلمني وجادلوه فدعاهم إالى‬
‫املباهلة ولعل منهم من كان نسطوراي وكان حينئذ رئيسا على جنران رجل امسه السيد فأعطي األمان هو وقومه‪.‬‬
‫ولكن النصارى بعد فوو اإلسالم أخذوا يضعفون يف اليمن شيئا فشيئا والسيما بعد أن عمر إبخراجهم من اجلزيرة استنادا‬
‫إىل حديث يعزونه إىل حممد هذا منطوقه‪" :‬ألخرجن اليهود والنصارى عن جزيرة العرب حىت ال أدع فيها إال مسلما"‪.‬‬
‫والظاهر أن هذا مل يتم ابحلرف فإن لدينا عدة شواهد على وجود النصارى يف اليمن يف اايم اخللفاء فمن ذلك ما ورد يف‬
‫أعمال طيمواتوس الكبري بطريرك النساطرة أنه سام أسقفا على جنران وصنعاء امسه بطرس يف أواخر القرن الثامن وجاء يف‬
‫كتاب الفهرست أليب الفر بن الندمي (ص‪ )349‬أن املؤلف اجتمع براهب من جنران يف اليمن يدعى حسان كان أنفذه‬
‫جاثليق النساطرة إىل الصني فعاد منها سنة ‪988( 377‬م) وأخربه بعجائبها‪.‬‬
‫وجاء يف تقومي الكنائس النسطورية الذي طبعه اخلوري بطرس عزيز الكلداين (واليوم مطران سلست يف العجم) عن بعض‬
‫خمطوطات مكتبتنا الشرقية (ص‪ )7‬يف احلاشية أن البطريرك يوحنا اخلامس أرسل كتااب إىل حسن قسيس اليمن سنة ‪901‬م‬
‫جياوب فيه على ‪ 27‬سؤاال ألقاها عليه‪ .‬وقال يف اجلدول أن يف سنة ‪ 1210‬للمسيح كان يف صنعاء اليمن مخسة أساقفة‬
‫للنساطرة‪ .‬األول مطرابوليط على صنعاء امسه اسطيفانوس وحتت يده ثالثة اساقفة إيليا وايوالها ومشعون هلم ثالث كنائس‬
‫وعدد املؤمنني عندهم ‪ .5.700‬مث كان أسقف ملدينة وبيد امسه عبد يشوع وعدد املؤمنني فيها ‪ 2100‬بيت‪ .‬مث ذكر جنران‬
‫وقال أن يف سنة ‪ 1260‬كان هلا أسقف يدعى يعقوب وأن يف أحنائها كان ‪ 1400‬بيت من النساطرة‪ .‬وقال عن عدن أهنا‬
‫كان يوجد فيها سنة ‪1250‬م أسقف امسه ميلو وأن مجاعة النساطرة كانت ‪ 1300‬بيت إال أن أكثرهم قتلوا ابلسيف أو‬
‫عدلوا إىل اإلسالم‪ .‬هذا ما نقلناه عن هذا األثر الذي ميكنا أن نقابله على غريه لنتأكد صحته‪.‬‬
‫ويف القرن السادس عشر ذكر الكاتب األسباين أوردينو دي سينالتوس (‪ )Ordeno de Cenaltos‬أنه يف رحلته إىل‬
‫الغرب لقي بعض قبائل عربية اختفت به وأكدت له أن أصلها من قبائل نصارى العرب يف اليمن‪ .‬وقد أخربان املرسلون‬
‫الكبشيون يف عدن سنة ‪ 1895‬اهنم وجدوا يف بعض أهل اليمن آاثرا مسيحية ظاهرة ورثوها من أجدادهم النصارى‪.‬‬

‫الباب السادس‬
‫النصرانية يف حضرموت وعمان واليمامة والبحرين‪)1( ".‬‬

‫"األمرين مث أنه يذكر كل فصل وجييبه عنه إىل أن قال يف آخر ذلك فكتب األمري إيل كتااب يكتب إىل من ليس عنده‬
‫من الدين شيء ولو كان األمري عرف مين ارتكاب الكبائر املوبقات ما واد على مافعل وعلى اجلملة فإن هللا تعاىل أمر نبيه‬
‫ابملباهلة وامل العنة يف الدين فقال ألهل الكتابفقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا‬
‫على الكاذبينفنتمثل أمر هللا لرسوله ونقول اللهم اي شديد البطش اي جبار اي قهار اي حكيم اي قوي اي عزيز اي قوي اي عزيز‬

‫(‪ )1‬النصرانية وآداهبا بني عرب اجلاهلية لويس شيخو ص‪26/‬‬


‫‪48‬‬
‫اي قوي اي عزيز قد نسبت إىل أكل احلرام من مال املدارس الغائبة وإىل أمور أنت عامل بسرها فإن كان ذلك يف علمك‬
‫صحيحا فاجعل لعنتك ولعنة مالئكتك والناس أمجعني علي وإن مل يكن صحيحا فاجعلها على من افرتى علي هبا وإن‬
‫كان الولد قد فعل ما قيل من أخذ الرباطيل فاجعلها عليه وإن مل يكن فاجعلها على من افرتى عليه فهذا إنصاف وامتثال‬
‫ملا أمر هللا به ورسوله وربك ابملرصاد والشكوى إىل هللا احلكم العدل‬
‫قيل أنه مل يلبث بعد ذلك إال أسبوعا أو قريبا منه حىت قتل السلطان أستاذه وقتل هو أيضا)‬
‫الووير سعد الدين الساوجي حممد بن علي الووير الكبري سعد الدين الساوجي العجمي‬
‫قتله خربندا وقتل معه الووير مبارك شاه وامللك انصر الدين حيىي بن إبراهيم صاحب سنجار وصاحب الديوان املانشرتي‬
‫كانت قتلتهم ببغداد وممن قتل أيضا ات الدين اآلوي الشيعي كبري األشراف وذبح ابناه قبله وكان جبارا ظاملا فرافعوه وأخذ‬
‫للساوجي أموال عظيمة ويقال أنه غرم على اجل امع الذي عمره ببغداد ألف ألف درهم قيل أنه صلى ركعتني وودع أهله‬
‫وثبت للقتل وخلع فرجية على قاتله فباس يده واستجعل منه يف حل مث طري رأسه سنة إحدى عشرة وسبع مائة حممد بن‬
‫علي العالمة الغرانطي املالكي املقرئ ابملدينة تويف سنة مخس عشرة وسبع مائة‬
‫مشس الدين الدهان حممد بن علي بن عمر املاوين الدهان الشيخ مشس الدين الدمشقي الشاعر‬
‫كان يعمل صناعة الدهان ويعرف مقامات احلريري وينظم الشعر الرقيق ويدري املوسيقى فيعمل الشعر ويلحنه فيغين به‬
‫املغنون وكان يلعب ابلقانون‬
‫تويف سنة إحدى وعشرين وسبع مائة‬
‫أنشدين من لفظه املوىل القاضي شهاب الدين كاتب السر ابن القاضي حميي الدين ابن فضل هللا إىل الشمس املذكور يضمن‬
‫بيت أيب متام‬
‫(رأيتك أيها الدهان تبغي ‪ ...‬مزيدا يف التودد ابملساعي)‬

‫(فلو صورت نفسك مل تزدها ‪ ...‬على ما فيك كرم الطباع)‬


‫وكان قد رىب مملوكا اشرتاه وأحبه وهذبه ورخجه فمات فأسف عليه أسفا كثريا وراثه بشعر‪)1( ".‬‬

‫"وتصدى للتدريس واإلفتاء قدميا وأخذ عنه الفضالء يف فنون كثرية وأمسع من لفظه جامع مسانيد أيب حنيفة املشار‬
‫إليه مبجلس الناصري ابن الظاهر جقمق بروايته له عن التا النعماين عن حميي الدين أيب احلسن حيدرة بن أيب الفضائل‬
‫حممد بن حيىي العباسي مدرس املستنصرية ببغداد مساعا عن صاحل بن عبد هللا بن الصباغ عن أيب املؤيد حممد بن حممود بن‬
‫حممد اخلوارومي مؤلفه وكان الناصري ممن أخذ عنه واخت بصحبته بل هو فقيه أخيه امللقب بعد ابملنصور وكذا قرئ‬
‫اجلامع املذكور ببيت احملب بن الشحنة ومسعه عليه هو وغريه ومحله الناس عنه قدميا وحديثا‪ ،‬وممن كتب عنه من نظمه ونثره‬
‫البقاعي وابلغ يف أذيته فإنه قال‪ :‬وكان مفننا يف علوم كثرية الفقه واحلديث واألصول وغريها ومل خيلف بعده حنفيا مثله إال‬

‫(‪ )1‬الوايف ابلوفيات الصفدي ‪148/4‬‬


‫‪49‬‬
‫أنه كان كذااب ال يتوقف يف شيء يقوله فال يعتمد على قوله‪ ،‬قال‪ :‬وكان من سنني قواي يف بدنه ميشي جيدا فلما وقعت‬
‫فتنة ابن الفارض يف سنة أربع وسبعني أظهر التعصب ألهل االحتاد فقال له الشمس السنباطي‪ :‬أليس يف مباهلة ابن حجر‬
‫البن األمني املصري عربة فقال‪ :‬إمنا كان موت ابن األمني مصادفة فسلط هللا عليه يعين على الزين قاسم عسر البول بعد‬
‫مدة يسرية واشتد به حىت خيف موته وعوجل حىت صار به سلس بول فقام وقد هرم وكان ال ميشي إال وذكره يف قنينة وجا‬
‫واستمر به حىت مات وهو كالفر انتهى‪)1( "..‬‬

‫"انصر بن منصور بن حممد الشوكانيون (‪ )1‬قالوا أان أبو طاهر حممد بن عبيس بن حممد بن عبيس الفقيه أان أبو‬
‫احلسن أمحد بن حممد بن أمحد بن عبدوس بن كامل السرا الفقيه املعروف ابلزعفراين ان أبو بكر أمحد بن جعفر بن محدان‬
‫بن مالك القطيعي ان حممد بن يونس بن موسى القرشي سنة أربع ومثانني ومائتني ان محاد بن عيسى اجلهين ان جعفر بن‬
‫حممد عن أبيه عن جابر بن عبد هللا األنصاري قال قال رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) لعلي بن أيب طالب سالم عليك‬
‫أاب الرحيانتني أوصيك برييحانيت (‪ ) 2‬من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك وهللا خليفيت عليك فلما قبض النيب (صلى هللا عليه‬
‫وسلم) قال علي هذا أحد الركنني الذي قال رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) فلما ماتت فاطمة قال هذا الركن اآلخر‬
‫الذي قال رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) أخربان أبو احلسن بن قبيس ان وأبو منصور بن وريق (‪ )3‬أان أبو بكر اخلطيب‬
‫أان علي بن أيب علي ان حممد بن املظفر احلافظ ان أبو بكر أمحد بن حممد بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري املقرئ ان حممد‬
‫بن محدوية النيسابوري ان خشنام (‪ )4‬بن وجنوية وهو خيتلف معنا ان نعيم بن عمرو عن إبراهيم بن طهمان عن محاد بن أيب‬
‫سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد هللا قال النيب (صلى هللا عليه وسلم) خري رجالكم علي بن أيب طالب وخري شبابكم‬
‫احلسن واحلسني وخري نسائكم فاط مة بنت حممد أخربان أبو القاسم بن السمرقندي أان عاصم بن احلسن بن حممد أان أبو‬
‫عمر بن مهدي أان أبو العباس بن عقدة ان حممد بن أمحد بن احلسن ان أيب ان هاشم بن املنذر عن احلارث بن حصرية عن‬
‫أيب صادق عن ربيعة بن انجد (‪ )5‬عن علي قال خر رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) حني خر ملباهلة النصارى يب‬
‫وبفاطمة واحلسن واحلسني‬
‫_________‬
‫(‪ )1‬هذه النسبة إىل شوكان بليدة من انحية خابران بني سرخس وأبيورد‬
‫(‪ )2‬ما بني معكوفتني وايدة عن الرتمجة املطبوعة‬
‫(‪ )3‬ابالصل " روين " والصواب ما أثبت قياسا إىل سند مماثل والزايدة الومة‬
‫(‪ )4‬ابالصل " خنشام " والصواب ما أثبت انظر الرتمجة املطبوعة ص ‪122‬‬
‫(‪ ) 5‬يف الرتمجة املطبوعة‪ " :‬انجذ " يوافق تقريب التهذيب وهو ربيعة بن انجد االودي الكويف يقال هو أخو أيب صادق‬
‫الراوي عنه ثقة‪)2( ".‬‬

‫(‪ )1‬ات الرتاجم البن قطلوبغا ابن قطلوبغا ص‪/‬‬


‫(‪ )2‬اتريخ دمشق البن عساكر ابن عساكر‪ ،‬أبو القاسم ‪167/14‬‬
‫‪50‬‬
‫"ذلك ما ذكره عن حديث قس بن ساعدة اإلايدي الذي تنبأ فيه بظهور نيب يف أرض العرب أوشك ومانه على‬
‫احللول «‪ ، »144‬ورؤية صورة النيب مع صور األنبياء «‪ ، »145‬وحديث أحد الكهان الذين تنبأ أيضا بظهور الرسول‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم «‪ ، »146‬وغري ذلك من الرواايت اليت وخر هبا هذا الكتاب وال سيما عند حديثه عن احلقبة‬
‫الزمنية اليت سبقت والدة الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم والبعثة النبوية «‪. »147‬‬
‫أما ابلنسبة اىل احلوادث اليت أوردهتا املصنفات اليت سبقته خمتصرة‪ ،‬فقد أرخى البيهقي لنفسه العنان يف تفصيل جمرايت هذه‬
‫احلوادث‪ ،‬فمن ذلك حادثة حفر عبد املطلب جد الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم لبئر ومزم «‪ ، »148‬كذلك ذكره‬
‫حلادثة مولد الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم بتفاصيلها «‪ ، »149‬وإسهابه يف ذكر حادثة املباهلة مع نصارى جنران اليت‬
‫تضمنت ذكرا لتفاصيلها ابتداء من دخول هؤالء النصارى املدينة وانتهاء خبروجهم منها‪.‬‬
‫‪ .4‬فسح اجملال لألحاديث والرواايت الضعيفة واملوضوعة واملك ذوبة أبن أتخذ جمراها يف الكتاب على الرغم من أتكيده‬
‫التيقظ والروية يف إثبات األحاديث والرواايت الصحيحة واملشهورة عند أهل املغاوي والتواريخ «‪. »150‬‬
‫__________‬
‫(‪ )144‬ينظر‪ ،‬دالئل النبوة‪.113 -101 /2 ،‬‬
‫(‪ )145‬ينظر‪ ،‬املصدر نفسه‪.391 -385 /1 ،‬‬
‫(‪ )146‬ينظر‪ ،‬املصدر نفسه‪.253 -241 /2 ،‬‬
‫(‪ )147‬ينظر‪ ،‬املصدر نفسه‪،117 -116 ،72 -71 /2 ،350 -348 ،145 -139 ،124 ،82 -80 /1 ،‬‬
‫‪.316 ،261 -260 ،121 -118‬‬
‫(‪ )148‬ينظر‪ ،‬املصدر نفسه‪.87 -85 /1 ،‬‬
‫(‪ )149‬ينظر‪ ،‬املصدر نفسه‪.113 /1 ،‬‬
‫(‪ )150‬ينظر‪ ،‬املصدر نفسه‪)1( "..46 /1 ،‬‬

‫"ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إىل مرمي قالوا فأران مثله حيىي املوتى ويربىء األكمه واألبرص وخيلق من الطني كهيئة‬
‫الطري وابيعنا على أنه ابن هللا وحنن نبايعك على أنك رسول هللا فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم معاذ هللا أن يكون هلل‬
‫ولد أو شريك فما والوا حياجونه ويالحونه حىت أنزل هللا {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع‬
‫أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني} فعرض عليهم املباهلة وهى‬
‫املالعنة فتواعدوا هلا ومجع إليه صلى هللا عليه وسلم عليا وفاطمة واحلسن واحلسني رضى هللا عنهم مث قال {إمنا يريد هللا‬
‫ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهريا}‬
‫ويروى أن جربيل عليه السالم انضم إليهم واندس فيهم تقراب إىل هللا تعاىل مبداخلتهم فعدل النصارى عن املباهلة وقال‬
‫بعضهم لبعض إن هذا الرجل ال خيلو من أحد أمرين إما أن يكون نبيا أو ملكا فإن كان نبيا فإن هللا ال خيالفه فينا وإن كان‬

‫(‪ )1‬تطور كتابة السرية النبوية عمار عبودى حممد حسني نصار ص‪139/‬‬
‫‪51‬‬
‫ملكا فليس إال استخفافا بنا والرأى أن نصاحله ونعرض عن مباهلته فجنحوا إىل مساملته على أال يغزوهم النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم وال يردهم عن دي نهم وعلى أن يؤدوا إليه ىف كل عام ألف حلة جنرانية وثالثني درعا عادية وصاحلهم النيب صلى‬
‫هللا عليه وسلم وقال (لو ابهلوىن ملا حال احلول على واحد منهم وألهلك هللا الكاذبني) فمن ذلك الوقت مسى اخلمسة‬
‫أصحاب الكساء وسادسهم جربيل عليه السالم وفيهم قيل أفضل من حتت الفلك مخسة رهط وملك‬
‫‪( - 100‬قطيفة املساكني) هى الشمس يسميها فقراء العرب ىف‪)1( ".‬‬

‫"أهل التقوى‪ ،‬وجدك النيب املصطفى‪ ،‬وأبوك علي املرتضى‪ ،‬وأمك فاطمة الزهراء‪،‬‬
‫__________‬
‫= وقال أبو عثمان اخلالدي‪:‬‬
‫أعاذل إن كساء التقى ‪ ...‬كسانيه حيب ألهل الكساء‬
‫ومن قصة هذا الكساء ما روت الرواة من أن وفدا من نصارى جنران قدموا على النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فكان مما جرى‬
‫بينهم وبينه أن قالوا‪ :‬اي حممد مل تعيب عيسى وتسميه عبدا؟ فقال‪ :‬أجل عبد هللا ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إىل مرمي‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬فأران مثله‪ ،‬حييي املوتى ويربئ األكمه واألبرص وخيلق من الطني كهيئة الطري‪ ،‬وابيعنا على أنه ابن هللا‪ ،‬وحنن نبايعك‬
‫على أنك رسول هللا‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬معاذ هللا أن يكون هلل ولد أو شريك‪ ،‬فما والوا حياجونه ويالحونه‬
‫حىت أنزل هللا‪{ :‬فمن حاجك فيه} أي يف عيسى {من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان‬
‫ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنت هللا على الكاذبني} فقال هلم‪ :‬إن هللا أمرين إن مل تقبلوا احلجة أن‬
‫أابهلكم –واملباهلة املالعنة‪ -‬فقالوا‪ :‬اي أاب القاسم‪ ،‬بل نرجع‪ ،‬فننظر يف أمران‪ ،‬مث أنتيك‪ ،‬فلما رجعوا قالوا للعاقب وكان ذا‬
‫رأ يهم "وهو أحد رؤسائهم‪ .‬قال ايقوت يف معجمه‪ :‬ووفد على النيب صلى هللا عليه وسلم وفد جنران وفيهم السيد وامسه‬
‫وهب‪ ،‬والعاقب وامسه عبد املسيح‪ ،‬واألسقف وهو أبو حارثة‪ ،‬وأراد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مباهلتهم‪ ،‬فامتنعوا‪..‬‬
‫اخل" اي عبد املسيح ما ترى؟ فقال "وهللا لقد عرفتم اي معشر النصارى أن حممدا نيب مرسل‪ ،‬ولقد جاءكم ابلكالم احلق يف‬
‫أمر صاحبكم "أي عيسى" وهللا ما ابهل قوم نبيا قط‪ ،‬فعاش كبريهم وال نبت صغريهم‪ ،‬ولئن فعلتم لكان االستئصال‪ ،‬فإن‬
‫أبيتم إال اإلصرار على دينكم‪ ،‬واإلقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إىل بالدكم" وكان رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم خر وعليه مرط من شعر أسود "واملرط ابلكسر كساء من صوف أو خز" وقد احتضن احلسني‪ ،‬وأخذ بيد احلسن‪،‬‬
‫وفاطمة متشي خلفه‪ ،‬وعلي رضي هللا عنه خلفها‪ ،‬وهو يقول "إذا دعوت فأمنوا" فقال أسقف جنران" "اي معشر النصارى‬
‫إين ألرى وجوها لو سألوا هللا أن يزيل جبال من مكانه ألواله هلا‪ ،‬فال تباهلوا‪ ،‬فتهلكوا‪ ،‬وال يبقى على وجه األرض نصراين‬
‫إىل يوم القيامة" مث قالوا‪ .‬اي أاب القاسم رأينا أن ال نباهلك وأن نقرك على دينك" فقال عليه الصالة والسالم‪" :‬فإذا أبيتم‬
‫املباهلة‪ ،‬فأسلموا‪ ،‬يكن لكم ما للمسلمني ‪ ،‬وعليكم ما على املسلمني" فأبوا‪ ،‬فقال‪ :‬فإين أانجزكم القتال‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما لنا‬
‫حبرب العرب طاقة‪ ،‬ولكن نصاحلك على أن ال تغزوان وال تردان عن ديننا‪ ،‬على أن نؤدي إليك يف كل عام ألفي حلة‪ ،‬ألفا‬

‫(‪ )1‬مثار القلوب يف املضاف واملنسوب الثعاليب‪ ،‬أبو منصور ص‪605/‬‬


‫‪52‬‬
‫يف صفر وألفا يف رجب‪ ،‬وثالثني درعا عادية من حديد‪ ،‬فصاحلهم على ذلك‪ ،‬وقال‪" :‬والذي نفسي بيده‪ ،‬إن اهلالك قد‬
‫تدىل على أهل جنران ولو العنوا ملسخوا قردة وخناوير‪ ،‬والضطرم عليهم الوادي انرا‪ ،‬والستأصل هللا جنران وأهله‪ ،‬حىت الطري‬
‫على رءوس الشجر‪ ،‬وملا حال احلول على النصارى كلهم حىت يهلكوا‪ ،‬وروي أنه عليه الصالة والسالم ملا خر يف املرط‬
‫األسود جاء احلسن‪ ،‬فأدخله‪ ،‬مث جاء احلسني فأدخله‪ ،‬مث فاطمة‪ ،‬مث علي رضي هللا عنهم‪ ،‬مث قال‪{ :‬إمنا يريد هللا ليذهب‬
‫عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهريا} فمن ذلك الوقت مسي اخلمسة أصحاب الكساء "انظر كتاب مثار القلوب يف‬
‫املضاف واملنسوب للثعاليب ص‪ 483‬وتفسري الفخر الراوي مفاتيح الغيب ‪)1( "."699 :2‬‬

‫"مخس وأربعني وألف وله منظومة مساها شرح الصدور وتنوير القلوب ىف االعمال املكفرة للمتأخر واملتقدم من‬
‫الذنوب وشرحها ومن شعره قوله‬
‫(غانية ختجل بدر التمام ‪ ...‬غاية سؤىل من مجيع االانم)‬

‫(رقيقة اخلصر حوى لفظها ‪ ...‬رقى فأصبحت هلا كالغالم)‬

‫(بني ثناايها وذاك اللما ‪ ...‬برق تألأل ىف دايجى الظالم)‬

‫(حيسدها املسك على لوهنا ‪ ...‬اي للهوى والريق حيكى املدام)‬

‫(مهت هبا جدا وكم ىف اهلوى ‪ ...‬هام هبا ىف العشق قبلى هيام)‬
‫وقوله ىف مليحة تسمى غريبه‬
‫(وىل جهة غربية أشرقت هبا ‪ ...‬لعيىن مشس االفق من غري ما حجب)‬
‫(والح هبا بدر التمام لناظرى ‪ ...‬ومن عجب مشس وبدر من الغرب)‬
‫وقوله فيها‬
‫(ان االهلة مذ بدت غربية ‪ ...‬فالغرب منه ضيا املسرة يشرق)‬

‫(فالشرق دعه فليس منه سوى ذكا ‪ ...‬حترتيف وسط النهار وحترق)‬
‫وذكره السيد على بن معصوم فقال ىف حقه سابق فرسان االحسان وعني أعيان البيان املشار اليه ىف احملافل احلالب ضرع‬
‫االدب احلافل والباهر االلباب والعقول بفوائد املعقول واملنقول غاص ىف حبار االدب فاستخر درره وسا إىل مطالعه‬
‫فاستجلى غرره فنظم الآليل والدرارى ونثر وجدد ما درس من مغاىن املعاىن ودثر فمن نثره ما كتبه اىل القاضى ات الدين‬
‫املالكى مسائال سيدان املقتدى آباثره املهتدى أبنواره امام حمراب العلوم البديعه وخطيب منرب البالغة الىت أضحت مذعنة‬

‫(‪ )1‬مجهرة خطب العرب يف عصور العربية الزاهرة أمحد وكي صفوت ‪32/2‬‬
‫‪53‬‬
‫له ومطيعه قمر مساء اجملد االثيل فلك مشس فخر كل ذى مقام جليل املميطة يد بيانه حواجز االشكال عن وجوه املعاىن‬
‫املعرتف مبنطقه الفصيح القاصى من هذه االمة والداىن عمدة احملققني قدميا وحديثا مالذ املدققني تفسريا وحتديثا الصاعد‬
‫معار العليا بكماله املنشد ىف مقام االفتخار لسان حاله‬
‫(لنا نفوس لنيل اجملد عاشقة ‪ ...‬ولو تسلت أسلناها على االسل)‬

‫(ال ينزل اجملد اال ىف مناولنا ‪ ...‬كالنوم ليس له مأوى سوى املقل)‬
‫والقائل عند اجملادلة ىف مقام املباهلة‬
‫(حنن الذين غدت رحى أحساهبم ‪ ...‬وهلا على قطب الفخار مدار)‪)1( ".‬‬

‫"الرجس أهل البيت ويطهركم تطهريا‪ ،‬واذكرن ما يتلى يف بيوتكن من آايت هللا واحلكمة} [األحزاب‪. ]34-32 :‬‬
‫فهذه آايت شريفة يف ووجات نبينا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫قال ويد بن احلباب‪ :‬حدثنا حسني بن واقد‪ ،‬عن يزيد النحوي‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس‪{ :‬إمنا يريد هللا ليذهب عنكم‬
‫الرجس أهل البيت} ‪ .‬قال‪ :‬نزلت يف نساء النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ .‬مث قال عكرمة‪ :‬من شاء ابهلته‪ 1‬أهنا نزلت يف‬
‫نساء النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬خاصة‪.‬‬
‫إسحاق السلويل‪ :‬حدثنا عيسى بن عبد الرمحن السلمي‪ ،‬عن أيب إسحاق‪ ،‬عن صلة‪ ،‬عن حذيفة‪ :‬أنه قال المرأته‪ :‬إن سرك‬
‫أن تكوين ووجيت يف اجلنة فال تزوجي بعدي فإن املرأة يف اجلنة آلخر أوواجها يف الدنيا فلذلك حرم على أووا النيب ‪-‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ -‬أن ينكحن بعده ألهنن أوواجه يف اجلنة‪.‬‬
‫روى عطاء بن السائب‪ ،‬عن حمارب بن داثر‪ :‬أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن ويد أحد العشرة‪.‬‬
‫وهذا منقطع‪ .‬وقد كان سعيد تويف قبلها أبعوام فلعلها أوصت يف وقت مث عوفيت وتقدمها وهو‪.‬‬
‫وروي أن أاب هريرة صلى عليها ومل يثبت وقد مات قبلها‪ .‬ودفنت ابلبقيع‪.‬‬
‫قال حم مد بن سعد‪ :‬أخربان حممد بن عمر‪ ،‬أخربان ابن أيب الزاند‪ ،‬عن هشام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة قالت‪ :‬ملا تزو‬
‫النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أم سلمة حزنت حزان شديدا ملا ذكروا لنا من مجاهلا فتلطفت حىت رأيتها فرأيتها وهللا أضعاف‬
‫ما وصفت يل يف احلسن فذكرت ذلك حلفصة وكانتا يدا واحدة فقالت‪ :‬ال وهللا إن هذه إال الغرية ما هي كما تقولني وإهنا‬
‫جلميلة فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة ولكين كنت غريى‪.2‬‬
‫مسلم الزجني‪ ،‬عن موسى بن عقبة‪ ،‬عن أمه‪ ،‬عن أم كلثوم قالت‪ :‬ملا تزو النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫__________‬
‫‪ 1‬املباهلة املالعنة‪ ،‬وهو أن جيتمع القوم إذا اختلفوا يف شيء فيقولوا لعنة هللا على الظامل منا‪ .‬وهذا احلديث حسن‪ ،‬فيه ويد‬

‫(‪ )1‬خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عشر احمليب ‪162/3‬‬


‫‪54‬‬
‫بن احلباب‪ ،‬وهو صدوق‪ .‬ويزيد النحوي‪ ،‬هو يزيد بن أيب سعيد النحوي‪ ،‬وهو ثقة‪.‬‬
‫‪ 2‬ضعيف جدا‪ :‬أخرجه ابن سعد "‪ ،"94 /8‬ويف إسناده حممد بن عمر الواقدي‪ ،‬وهو مرتوك كما ذكران مرارا‪)1( "..‬‬

‫"الواقدي‪ :‬حدثنا موسى بن حممد بن إبراهيم التيمي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن عمر أحلق احلسن واحلسني بفريضة أبيهما؛‬
‫لقرابتهما من رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬لكل واحد مخسة آالف‪.‬‬
‫يونس بن أيب إسحاق‪ ،‬عن العيزار بن حريث قال‪ :‬بينا عمرو بن العاص يف ظل الكعبة؛ إذ رأى احلسني‪ ،‬فقال‪ :‬هذا أحب‬
‫أهل األرض إىل أهل السماء اليوم‪.‬‬
‫فقال أبو إسحاق‪ :‬بلغين أن رجال جاء إىل عمرو‪ ،‬فقال‪ :‬علي رقبة من ولد إمساعيل‪ ،‬فقال‪ :‬ما أعلمها إال احلسن واحلسني‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ما فهمته‪.‬‬
‫إبراهيم بن انفع‪ ،‬عن عمرو بن دينار قال‪ :‬كان الرجل إذا أتى ابن عمر‪ ،‬فقال‪ :‬إن علي رقبة من بين إمساعيل‪ ،‬قال‪ :‬عليك‬
‫ابحلسن واحلسني‪.‬‬
‫هوذة‪ :‬حدثنا عوف‪ ،‬عن األورق بن قيس قال‪ :‬قدم على رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أسقف جنران والعاقب‪ ،‬فعرض‬
‫عليهما اإلسالم‪ ،‬فقاال‪ :‬كنا مسلمني قبلك‪ ،‬قال‪" :‬كذبتما! إنه منع اإلسالم منكما ثالث؛ قولكما‪ :‬اختذ هللا ولدا‪ ،‬وأكلكما‬
‫اخلنزير‪ ،‬وسجودكما للصنم" ‪ ،‬قاال‪ :‬فمن أبو عيسى فما عرف حىت أنزل هللا عليه‪{ :‬إن مثل عيسى عند هللا كمثل آدم}‬
‫‪ ،.....‬إىل قوله‪{ :‬إن هذا هلو القص احلق} [آل عمران‪ ]63-59 :‬فدعامها إىل املالعنة‪ ،‬وأخذ بيد فاطمة واحلسن‬
‫واحلسني‪ ،‬وقال‪" :‬هؤالء بين" قال‪ :‬فخال أحدمها ابآلخر‪ ،‬فقال‪ :‬ال تالعنه‪ ،‬فإن كان نبيا فال بقية‪ ،‬فقاال‪ :‬ال حاجة لنا يف‬
‫اإلسالم‪ ،‬وال يف مالعنتك‪ ،‬فهل من اثلثة قال‪ :‬نعم‪ ،‬اجلزية‪ ،‬فأقرا هبا ورجعا‪.‬‬
‫معمر‪ ،‬عن قتادة قال‪ :‬ملا أراد رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أن يباهل أهل جنران‪ ،‬أخذ بيد احلسن واحلسني‪ ،‬وقال‬
‫لفاطمة‪ :‬اتبعينا‪ ،‬فلما رأى ذلك أعداء هللا رجعوا‪.1‬‬
‫أبو عوانة‪ ،‬عن سليمان‪ ،‬عن حبيب بن أيب اثبت‪ ،‬عن أيب إدريس‪ ،‬عن املسيب بن جنبة‪ ،‬مسع عليا يقول‪ :‬أال أحدثكم عين‬
‫وعن أهل بييت أما عبد هللا بن جعفر فصاحب هلو‪ ،‬وأما احلسن فصاحب جفنة من فتيان قريش‪ ،‬لو قد التقت حلقتا البطان‬
‫مل يغن يف احلرب عنكم‪ ،‬وأما أان وحسني‪ ،‬فنحن منكم‪ ،‬وأنتم منا‪ .‬إسناده قوي‪.‬‬
‫__________‬
‫‪ 1‬ضعيف‪ :‬إلرساله‪ ،‬قتادة هو ابن دعامة السدوسي‪ ،‬رأس الطبقة الرابعة‪ ،‬واملباهلة هي املالعنة‪)2( "..‬‬

‫"ومن شعره‪:‬‬
‫أطلع احلسن من جبينك مشسا ‪ ...‬فوق ورد من وجنتيك أطال‬
‫فكان اجلمال خاف على الور ‪ ...‬د ذبوال فمد ابلشعر ظال‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء ط احلديث الذهيب‪ ،‬مشس الدين ‪471/3‬‬


‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء ط احلديث الذهيب‪ ،‬مشس الدين ‪352/4‬‬
‫‪55‬‬
‫ومن شعره‪:‬‬
‫هلل ما صنعت بنا ‪ ...‬تلك احملاجر يف املعاجر‬
‫أمضى وأقضى يف النفو ‪ ...‬س من اخلناجر يف احلناجر‬
‫ولقد تعبت ببينكم ‪ ...‬تعب املهاجر يف اهلواجر‬
‫قيل‪ :‬إنه أحضر إىل املعز مبصر كتاب فيه شهادة جدهم عبيد هللا بسلمية وفيه وكتب عبيد هللا بن حممد بن عبد هللا الباهلي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬هذه شهادة جدان وأراد بقوله الباهلي أنه من أهل املباهلة ال أنه من ابهلة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ظهر هذا الوقت الرفض وأبدى صفحته ومشخ أبنفه يف مصر والشام واحلجاو والغرب ابلدولة العبيدية وابلعراق واجلزيرة‬
‫والعجم بيين بويه‪ ،‬وكان اخلليفة املطيع ضعيف الدست والرتبة مع بين بويه‪ ،‬مث ضعف بدنه وأصابه فاجل وخرس فعزلوه وأقاموا‬
‫ابنه الطائع هلل وله السكة واخلطبة وقليل من األمور فكانت مملكة هذا املعز أعظم وأمكن‪ ،‬وكذلك دولة صاحب األندلس‬
‫املستنصر ابهلل املرواين كانت موطدة مستقلة كوالده الناصر لدين هللا الذي ويل مخسني عاما‪.‬‬
‫وأعلن األذان ابلشام ومصر حبي على خري العمل فلله األمر كله‪.‬‬
‫قيل‪ :‬ما عرف‪ ،‬عن املعز غري التشيع‪ ،‬وكان يطيل الصالة ومات قبله بسنة ابنه عبد هللا ويل العهد‪ ،‬وصرب وغلقت مصر‬
‫لعزائه ثالاث وشيعوه بال عمائم بل مبناديل صوف فأمهم املعز أبمت الصالة وأحسنها‪.‬‬
‫يف سنة ستني وثالث مائة‪ :‬وجد ابلسوق ‪ ...‬قد نسج فيه "املعز ‪-‬عز وجل"‪ -‬فأحضر النسا إىل اجلوهر فأنكر ذلك‬
‫وصلب النسا مث أطلق‪.‬‬
‫وأخذ احملتسب من الطحانني سبع مائة دينار فأنكر عليه جوهر ورد الذهب إليهم‪.‬‬
‫وأبيع تليس الدقيق بتسعة عشر دينارا مث احنل السعر يف سنة ستني وثالث مائة وكان الغالء أربع سنني‪)1( "..‬‬

‫"ولقد تعبت ببينكم ‪ ...‬تعب املهاجر يف اهلواجر (‪)1‬‬


‫قيل‪ :‬إنه أحضر إىل املعز مبصر كتاب (‪ ) 2‬فيه شهادة جدهم عبيد هللا بسلمية وفيه وكتب عبيد هللا بن حممد بن عبد هللا‬
‫الباهلي‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬هذه شهادة جدان وأراد بقوله الباهلي أنه من أهل املباهلة (‪ )3‬ال أنه من ابهلة (‪. )4‬‬
‫قلت‪ :‬ظهر هذا الوقت الرفض وأبدى صفحته ومشخ أبنفه يف مصر والشام واحلجاو والغرب ابلدولة العبيدية وابلعراق واجلزيرة‬
‫والعجم بيين بويه‪ ،‬وكان اخلليفة املطيع ضعيف الدست والرتبة مع بين بويه‪ ،‬مث ضعف بدنه وأصابه فاجل وخرس فعزلوه وأقاموا‬
‫ابنه الطائع هلل وله السكة واخلطبة وقليل من األمور فكانت مملكة هذا املعز أعظم وأمكن‪ ،‬وكذلك دولة صاحب األندلس‬
‫املستنصر ابهلل املرواين كانت موطدة مستقلة كوالده الناصر لدين هللا الذي ويل مخسني عاما‪ ،‬وأعلن األذان ابلشام ومصر‬
‫حبي على خري العمل فلله األمر كله (‪. )5‬‬
‫قيل‪ :‬ما عرف‪ ،‬عن املعز غري التشيع‪ ،‬وكان يطيل الصالة ومات قبله‬
‫__________‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء ط احلديث الذهيب‪ ،‬مشس الدين ‪430/11‬‬


‫‪56‬‬
‫(‪ " )1‬وفيات األعيان "‪.228 / 5 :‬‬
‫(‪ )2‬يف األصل‪ :‬فيها‪.‬‬
‫(‪ )3‬املباهلة‪ :‬املالعنة‪ ،‬ابهلت فالان أي العنته‪ ،‬ومعىن املباهلة أن جيتمع القوم إذا اختلفوا يف شيء فيقولوا‪ :‬لعنة هللا على‬
‫الظامل منا‪ " .‬لسان العرب " (هبل) ‪.‬‬
‫(‪ )4‬اسم لقبيلة عظيمة من قيس بن عيالن‪ .‬انظر ما كتبه عنها ابن األثري يف " اللباب "‪.94 - 93 / 1 :‬‬
‫(‪ " )5‬النجوم الزاهرة "‪)1( "..58 / 4 :‬‬

‫"فهذه آايت شريفة يف ووجات نبينا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬


‫قا ل ويد بن احلباب‪ :‬حدثنا حسني بن واقد‪ ،‬عن يزيد النحوي‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس‪{ :‬إمنا يريد هللا ليذهب عنكم‬
‫الرجس أهل البيت} ‪ ،‬قال‪ :‬نزلت يف نساء النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫مث قال عكرمة‪ :‬من شاء ابهلته أهنا نزلت يف نساء النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬خاصة (‪. )1‬‬
‫إسحاق السلويل‪ :‬حدثنا عيسى بن عبد الرمحن السلمي‪ ،‬عن أيب إسحاق‪ ،‬عن صلة‪ ،‬عن حذيفة‪:‬‬
‫أنه قال المرأته‪ :‬إن سرك أن تكوين ووجيت يف اجلنة‪ ،‬فال تزوجي بعدي‪ ،‬فإن املرأة يف اجلنة آلخر أوواجها يف الدنيا؛ فلذلك‬
‫حرم على أووا النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أن ينكحن بعده؛ ألهنن أوواجه يف اجلنة (‪. )2‬‬
‫روى‪ :‬عطاء بن السائب‪ ،‬عن حمارب بن داثر‪:‬‬
‫أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن ويد‪ ،‬أحد العشرة (‪. )3‬‬
‫وهذا منقطع‪.‬‬
‫وقد كان سعيد تويف قبلها أبعوام‪ ،‬فلعلها أوصت يف وقت‪ ،‬مث عوفيت‪ ،‬وتقدمها هو‪.‬‬
‫وروي‪ :‬أن أاب هريرة صلى عليها‪ ،‬ومل يثبت‪ ،‬وقد مات قبلها‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬إسناده حسن‪ ،‬وهو يف تفسري ابن أيب حامت فيما نقله احلافظ ابن كثري ‪ 483 / 3‬من طريق ويد بن احلباب به‪.‬‬
‫وعلق ابن كثري على قول عكرمة‪ ،‬فقال‪ :‬فإن كان املراد أهنن كن سبب النزول دون غريهن‪ ،‬فصحيح‪ ،‬وإن أريد أهنن املراد‬
‫فقط دون غريهن‪ ،‬ففي هذا نظر‪ ،‬فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن املراد أعم من ذلك‪ ،‬مث أورد األحاديث فراجعه‪.‬‬
‫واملباهلة‪ :‬أن جيتمع القوم إذا اختلفوا يف شيء‪.‬‬
‫فيقولوا‪ :‬لعنة هللا على الظامل منا‪.‬‬
‫(‪ )2‬رجاله ثقات‪ ،‬وأبو إسحاق هو السبيعي‪ ،‬وصلة‪ :‬هو ابن وفر‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو يف " املستدرك " ‪ ،19 / 4‬عن حمارب بن داثر قال‪ :‬حدثين ابن لسعيد بن ويد أن أم سلمة أوصت أن يصلي‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء ط الرسالة الذهيب‪ ،‬مشس الدين ‪164/15‬‬


‫‪57‬‬
‫عليها سعيد بن ويد‪.‬‬
‫خشية أن يصلي عليها مروان بن احلكم‪)1( "..‬‬

‫"معمر‪ :‬عن قتادة‪ ،‬قال‪:‬‬


‫ملا أراد رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أن يباهل (‪ )1‬أهل جنران‪ ،‬أخذ بيد احلسن واحلسني‪ ،‬وقال لفاطمة‪( :‬اتبعينا) ‪.‬‬
‫فلما رأى ذلك أعداء هللا‪ ،‬رجعوا‪.‬‬
‫أبو عوانة‪ :‬عن سليمان‪ ،‬عن حبيب بن أيب اثبت‪ ،‬عن أيب إدريس‪ ،‬عن املسيب بن جنبة‪:‬‬
‫مسع عليا يقول‪ :‬أال أحدثكم عين وعن أهل بييت؟ أما عبد هللا بن جعفر؛ فصاحب هلو‪ ،‬وأما احلسن‪ ،‬فصاحب جفنة من‬
‫فتيان قريش؛ لو قد التقت حلقتا البطان مل يغن يف احلرب عنكم‪ ،‬وأما أان وحسني؛ فنحن منكم‪ ،‬وأنتم منا (‪. )2‬‬
‫إسناده قوي‪.‬‬
‫وعن سعيد بن عمرو‪ :‬أن احلسن قال للحسني‪ :‬وددت أن يل بعض شدة قلبك‪.‬‬
‫فيقول احلسني‪ :‬وأان وددت أن يل بعض ما بسط من لسانك‪.‬‬
‫عن أيب املهزم‪ ،‬قال‪ :‬كنا يف جناوة‪ ،‬فأقبل أبو هريرة ينفض بثوبه الرتاب عن قدم احلسني‪.‬‬
‫وقال مصعب الزبريي‪ :‬حج احلسني مخسا وعشرين حجة ماشيا (‪. )3‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬املباهلة‪ :‬املالعنة‪ ،‬يقال يف الكالم‪ :‬ماله هبله هللا‪ ،‬أي‪ :‬لعنه هللا‪ ،‬وماله؟ عليه هبلة هللا‪ ،‬يريد‪ :‬اللعن‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الطرباين (‪ ، )2801‬وقد تصحف فيه " جنبة " إىل " جنية " ورجاله ثقات كما قال اهليثمي يف " اجملمع " ‪/ 9‬‬
‫‪.191‬‬
‫ومتامه‪ " :‬وهللا لقد خشيت أن يدال هؤالء القوم عليكم بصالحهم يف أرضهم‪ ،‬وفسادكم يف أرضكم‪ ،‬وأبدائهم االمانة‪،‬‬
‫وخيانتكم‪ ،‬وبطواعيتهم إمامهم‪ ،‬ومعصيتكم له‪ ،‬واجتماعهم على ابطلهم‪ ،‬وتفرقكم على حقكم‪ ،‬حىت تطول دولتهم حىت‬
‫ال يدعو هللا حمرما إال استحلوه‪ ،‬وال يبقى مدر وال وبر إال دخله ظلمهم‪ ،‬وحىت يكون أحدكم اتبعا هلم‪ ،‬وحىت يكون نصرة‬
‫أحدكم منهم كنصرة العبد من سيده‪ ،‬إذا شهد‪ ،‬أطاعه‪ ،‬وإذا غاب عنه‪ ،‬سبه‪ ،‬وحىت يكون أعظمكم فيها غناء أحسنكم‬
‫ابهلل ظنا‪ ،‬فإن أاتكم هللا بعافية‪ ،‬فاقبلوا‪ ،‬فإن ابتليتم‪ ،‬فاصربوا‪ ،‬فإن العاقبة للمتقني "‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطرباين (‪ ، )2844‬وهو منقطع كما قال اهليثمي ‪)2( "..201 / 9‬‬

‫"واحلمد هلل الذي اختار أمري املؤمنني من ساللة عم نبيه العباس‪ ،‬واصطفى بيته املبارك من خري أمة أخرجت للناس؛‬
‫وقوى به جأش املسلمني وجيوش املوحدين على امللحد ين‪ ،‬وآاته بسيادة جده وسعادة جده ما مل يؤت أحدا من العاملني؛‬
‫وحفظ به للمؤمنني ذماما‪ ،‬وجعله للمتقني إماما؛ وخصه مبزيد الشرفني‪ :‬نسبه ومنصبه‪ ،‬وجعل مزية الرتبتني كلمة ابقية يف‬

‫(‪ )1‬سري أعالم النبالء ط الرسالة الذهيب‪ ،‬مشس الدين ‪208/2‬‬


‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء ط الرسالة الذهيب‪ ،‬مشس الدين ‪287/3‬‬
‫‪58‬‬
‫عقبه‪ ،‬وصان به حووة الدين صيانة العرين ابألسود‪ ،‬وصري األيدي البيض مشكورة حلاملي راايته السود‪.‬‬
‫حيمده أمري املؤمنني محد من اختاره من السماء فاستخلفه يف األرض‪ ،‬وجعل إمرته على املؤمنني فرضا لتقام به السنة‬
‫والفرض؛ ويشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له الذي أسرى بعبده ليال من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى «‪»1‬‬
‫«‪ »2‬؛ ويشهد أن حممدا عبده ورسوله الذي كشف مببعثه عن القلوب حجب الغي‪ ،‬وأشرقت أنوار نبوته فأضاء هلا يوم‬
‫دخوله املدينة كل شي؛ صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من أقامه يف اإلمامة مقامه وأشار إىل االقتداء به من‬
‫بعده‪ ،‬ومنهم من أعز هللا به اإلسالم يف كل قطر مع قربه وبعده؛ ومنهم من كانت اليد الشريفة النبوية يف بيعة الرضوان خريا‬
‫له من يده‪ ،‬ومنهم من أمر هللا تعاىل ابملباهلة «‪ »3‬ابألبناء والنفوس فباهل «‪ »4‬خامت األنبياء صلى هللا عليه وسلم به‬
‫وبزوجه وولده؛ وعلى بقية العشرة‪ ،‬الذين غدت هبم دعوة احلق مشتهرة منتشرة؛ وعلى عميه «‪ »5‬أسد هللا وأسد رسوله‬
‫عليه السالم‪ ،‬وجد األئمة املهديني أمراء املؤمنني وخلفاء اإلسالم‪ ،‬وسلم تسليما كثريا‪.‬‬
‫وإن هللا تعاىل جعل سجية األايم الشريفة اإلمامية احلاكمية أدام هللا إشراقها‪ ،‬وقسم هبا بني األولياء واألعداء آجاهلا وأرواقها؛‬
‫رد احلقوق إىل نصاهبا‪ ،‬وإعادهتا‪)1( ".‬‬

‫"الكتب املؤلفة على مذهب اإلمامية‬


‫(البيان والذكرى) ‪.‬‬
‫(شرائع اإلسالم‪ ،‬وحاشيته) ‪.‬‬
‫(القواعد) ‪.‬‬
‫(النهاية) ‪.‬‬
‫ومن أقواهلم الباطلة‪ :‬عدم وجوب الوضوء للصالة املندوبة‪ ،‬ووجوب الغسل بعد غسل امليت‪ ،‬ووجوبه لصوم املستحاضة‪،‬‬
‫وكراهية الطهارة مبا أسخن ابلنار يف غسل امليت‪ ،‬وجناسة سؤر اجلوارح‪ ،‬والنواصب‪ ،‬وجسدهم‪ ،‬وعدم نقض الطهارة ابملذي‪،‬‬
‫والودي‪.‬‬
‫وكراهية اجللوس على مواضع اللعن‪ ،‬وعدم جواو غسل الوجه منكوسا من أسفل إىل أعلى‪ ،‬وعدم جواو استئناف ماء جديد‬
‫للمسح‪ ،‬ولو فعل كان يلزم اإلعادة مبا بقي من بلل الوضوء‪ ،‬ووجوب املسح على القدمني حافيا إال للتقية والضرورة‪ ،‬وإذا‬
‫والت أعاد الطهارة على قول‪.‬‬
‫وأن الغسل الثالث بدعة‪ ،‬وحرمة االستعانة يف الوضوء‪ ،‬وكراهية اخلضاب ابحلناء وغريها‪ ،‬وحترمي طالق احلائض املدخولة هبا‬
‫وووجها حاضرا معها‪ ،‬وأن أكثر النفاس عشرة أايم إىل إحدى وعشرين‪.‬‬
‫أظفار امليت‪ ،‬ويرجل شعره ويدفن معه‪.‬‬ ‫وأما امليت يغسل حتت الظالل‪ ،‬وأن يغس ل الغاسل يديه مع كل غسلة‪ ،‬وأن يق‬
‫واستحباب غسل يوم الغدير‪ ،‬وهو‪ :‬العاشر من ذي احلجة‪.‬‬
‫واملباهلة‪ ،‬وهو‪ :‬الرابع والعشرين منه‪.‬‬

‫(‪ )1‬صبح األعشى يف صناعة اإلنشاء القلقشندي ‪61/10‬‬


‫‪59‬‬
‫وغسل قاتل الووغ‪ ،‬وغسل من سعى إىل مصلوب لرياه عمدا بعد ثالثة أايم‪ ،‬وعدم لزوم االستيعاب يف التيمم‪ ،‬وكفاية مسح‬
‫اجلبهة إىل طرف أنفه‪ ،‬ووجوب الغسل على من مس ما ال عظم فيه‪ ،‬وعدم جواو الصالة فيما يسرت ظهر القدم‪.‬‬
‫وكراهة قول املؤذن‪ :‬الصالة خري من النوم‪.‬‬
‫وأن من صلى خلف من ال يقتدى به أي املخالف (‪ )1287 /2‬للتقية أذن لنفسه‪ ،‬وأقام فان خاف الفوت اقتصر على‬
‫تكبريتني لعدم االعتداد أبذان املخالف وإقامته‪.‬‬
‫ويصلي يوم اجلمعة الظهر‪ :‬أبذان‪ ،‬وإقامة‪ ،‬والعصر‪ :‬إبقامة‪.‬‬
‫وال جيوو أن يقرأ يف الفرائض شيئا من سورة (العزائم) ‪.‬‬
‫وهي‪ :‬أربع مسيت ابلعزائم ألن السجود فيها عزمية أي واجب‪ ،‬فلو تعمد بطلت على وعمهم‪.‬‬
‫وال أن يقرن بني سورتني‪ ،‬وال جيوو قول آمني آخر احلمد‪ ،‬وتبطل به الصالة إن تعمد‪.‬‬
‫وسجدة القراءة ال يكرب فيها‪ ،‬وال يشرتط فيها الطهارة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬وأن يستحب التعفري أي وضع اخلدين على الرتاب‬
‫بني السجدتني‪.‬‬
‫وأن يسلم اإلمام إىل القبلة تسليمة واحدة‪ ،‬ويومي بصفحة وجهه إىل ميينه‪ ،‬وكذا املأموم‪)1( "..‬‬

‫"إليكم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وتزو منكم جلاو له‪ ،‬وال جيوو أن يتزو منا فهذا دليل على أان منه وهو منا‪.‬‬
‫وقال املأمون لعلوي‪ :‬ما فضلكم علينا يف العرب من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ فقال‪ :‬إنه عليه الصالة والسالم يدخل‬
‫على حرمنا وال يدخل على حرمكم‪.‬‬
‫وقا ل عمر بن عبد العزيز يوما وقد قام من عنده علي بن احلسني من أشرف الناس‪ ،‬فقيل‪ :‬أنتم لكم الشرف يف اجلاهلية‬
‫واخلالفة يف اإلسالم‪ ،‬فقال‪ :‬كال أشرف الناس هذا القائم من عندي‪ ،‬فإن أشرف الناس من أحب كل إنسان أن يكون منه‬
‫وال حيب أن يكون من أحد وهذه صورته‪.‬‬
‫املمدوح أبنه من عرتة الرسول‬
‫قال أبو الغمر‪:‬‬
‫تبوأ من بيت النبوة مفخرا ‪ ...‬عال يف السماء فوق قطب الكواكب‬
‫خياطب فيه الروح ابلوحي جده ‪ ...‬وقدك مها من مرسل وخماطب «‪»1‬‬
‫وقال بشار‪:‬‬
‫دم النيب مشوب يف دمائهم ‪ ...‬كما خيالط ماء املزنة الضرب «‪»2‬‬
‫وقال عبد هللا بن موسى‪:‬‬
‫أان ابن الفواطم من هاشم ‪ ...‬مناين علي وبنت النيب‬
‫إيل تناهى فخار الورى ‪ ...‬وكلهم يل حبق ويل‬

‫(‪ )1‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون حاجي خليفة ‪1286/2‬‬


‫‪60‬‬
‫احلجة يف أهنم أبناء الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال احلجا ليحىي‪ :‬أنت تزعم أن احلسن واحلسني أبناء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهللا ألقتلنك إن مل أتت آبية تدل على ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬إن هللا تعاىل يقول‪ :‬ومن ذريته داود وسليمان وأيوب‬
‫«‪ »3‬إىل قوله‪ :‬ووكراي وحيىي وعيسى‬
‫«‪ »4‬وهو ابن مرمي‪ ،‬وقد نسبه إليه‪ .‬فقال احلجا ‪ :‬أوىل لك قد جنوت‪ ،‬وملا أنزل هللا تعاىل آية املباهلة دعا النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم احلسن واحلسني فدعا هبما إىل املباهلة ‪ ،‬وملا قدم على البصرة اختذ األحنف طعاما فحضره فقعد على سرير‬
‫واحلسن عن ميينه واحلسني عن يساره‪ ،‬وجاء حممد بن احلنفية فلم يكن له على السرير موضع فقعد انحية فتغري لذلك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أمري املؤمنني له‪:‬‬
‫إهنما ابنا رسول هللا وأنت ابين‪)1( "..‬‬

‫"املسألة الثالثة والثالثون‪ :‬اختيار عمر العول‪ 1‬يف املسائل‪.‬‬


‫وبه قال علي‪ ،‬والعباس‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وويد‪ ،‬ومالك‪ ،‬وأهل املدينة‪ ،‬والثوري‪ ،‬وأهل العراق‪ ،‬والشافعي وأصحابه‪ ،‬وأمحد‬
‫وأصحابه‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬ونعيم بن محاد‪ ،‬وأبو ثور‪ ،‬وسائر أهل العلم‪ ،‬إال ابن عباس وطائفة شذت منهم‪ :‬حممد بن احلنفية‪،‬‬
‫وحممد بن علي بن احلسن‪ ،‬وداود‪ ،‬وقالوا‪" :‬ال تعول املسائل"‪.‬‬
‫وروي عن ابن عباس أنه قال يف وو ‪ ،‬وأخت‪ ،‬وأم‪" :‬من شاء ابهلته أن املسائل ال تعول‪ ،‬إن الذي أحصى رمل عاجل‪2‬‬
‫عددا أعدل من أن جيعل يف مال نصفا [ونصفا] ‪ 3‬وثلثا‪ ،‬وهذان النصفان ذهبا ابملال‪ ،‬فأين موضع الثلث؟‬
‫فسميت مسألةاملباهلة‪ ،‬وهي أول مسألة عائلة حدثت يف ومن عمر‪ ،‬فجمع الصحابة للمشورة فيها‪.4‬‬
‫املسألة الرابعة والثالثون‪ :‬إذا مل يستكمل الوارث املال رد ‪ / 110[ /‬أ]‬
‫__________‬
‫‪ 1‬العول‪ :‬أن تزيد سهام املسألة عن أصلها وايدة يرتتب عليها نق أنصباء الورثة‪ ،‬ففيه معىن االرتفاع والنق ‪( .‬النهاية‬
‫‪ ،321/3‬لسان العرب ‪ ،484/11‬حاشية الباجوري على شرح الرحبية ص ‪. )151‬‬
‫‪ 2‬عاجل‪ :‬موضع كثري الرمال حبيث يضرب املثل بكثرهتا‪ ،‬ويطلق على عاجل اآلن اسم النفود الكبري‪ ،‬وهو امتداد من الدهناء‬
‫من قرب طريق احلج القدمي الواقع بني فيد ووايلة‪ ،‬من جهة اجلنوب حيث ورود‪ ،‬مث ينعطف إىل الشمال الغريب‪ ،‬حىت يفصل‬
‫بني حائل وبني بالد اجلوف‪ ،‬مث ميتد حنو الغرب حىت يتصل أبطراف احلرة الشمالية حرة ليلى‪( .‬مشال اململكة ‪،873/3‬‬
‫‪. )874‬‬
‫‪ 3‬سقط من األصل‪.‬‬

‫(‪ )1‬حماضرات األدابء وحماورات الشعراء والبلغاء الراغب األصفهاين ‪419/1‬‬


‫‪61‬‬
‫‪ 4‬الزيلعي‪ :‬تبيني احلقائق‪ ،244/6‬الشرياوي‪ :‬املهذب ‪ ،28/2‬النووي‪ :‬الروضة‪ ،63/6‬ابن قدامة‪ :‬املغين ‪ ،28/9‬ابن‬
‫سيف‪ :‬العذب الفائض ص ‪ ،164 ،162‬ابن حزم‪ :‬احمللى ‪)1( "..262/9‬‬

‫"وعن أم سلمة قالت‪ :‬خر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل صرحة هذا املسجد فقال‪ :‬أال ال حيل هذا املسجد‬
‫جلنب وال حائض إال لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعلي وفاطمة واحلسن واحلسني‪ ،‬أال قد بينت لكم األمساء أن تضلوا‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد هللا األنصاري‪ :‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعلي بن أيب طالب‪ :‬سالم عليك اي أاب الرحيانتني‬
‫من الدنيا‪ ،‬فعن قليل ينهد ركناك‪ ،‬وهللا خليفيت عليك‪.‬‬
‫فلما قبض النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬هذا أحد الركنني اللذين قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فلما ماتت فاطمة‬
‫قال‪ :‬هذا الركن اآلخر الذي قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ويف حديث آخر‪ :‬سالم عليك أاب الرحيانتني‪ ،‬أوصيك برحيانيت من الدنيا‪.‬‬
‫وعن عبد هللا قال‪ :‬قال النيب صلى هللا عليه وسلم‪ :‬خري رجالكم علي بن أيب طالب وخري شبابكم احلسن واحلسني‪ ،‬وخري‬
‫نسائكم فاطمة بنت حممد‪.‬‬
‫وعن علي قال‪ :‬خر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حني خر ملباهلة النصارى يب وبفاطمة واحلسن واحلسني‪.‬‬
‫وعن ابن عباس قال‪ :‬مسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أبذين‪ ،‬وإال فصمتا‪ ،‬وهو يقول‪ :‬أان شجرة‪ ،‬وفاطمة محلها‪،‬‬
‫وعلي لقاحها‪ ،‬واحلسن واحلسني مثرهتا‪ ،‬واحملبون أهل البيت ورقها من اجلنة حقا حقا‪.‬‬
‫وعن عبد الرمحن بن عوف أنه قال‪ :‬ال تسألوين قبل أن تشوب األحاديث األابطيل‪ .‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪".:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫"لعيسى أب‪ ،‬وإمنا أحلق بذرية األنبياء من قبل أمه‪ ،‬وكذلك أحلقنا بذرية النيب صلى هللا عليه وسلم وأويدك اي أمري‬
‫املؤمنني ‪ -‬قال هللا تعاىل‪ " :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من اعلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم‬
‫وأنفسنا وأنفسكم "‪ .‬ومل يدع عليه السالم عند مباهلة النصارى غري علي وفاطمة واحلسن واخلسني وهم األبناء‪ .‬ومات‬
‫رضي هللا عنه يف حبس الرشيد‪ .‬وقيل‪ :‬سعى عليه مجاعة من أهل بيته‪ ،‬ومنهم حممد بن جعفر بن حممد أخوه‪ ،‬وحممد بن‬
‫إمساعيل بن جعفر ابن أخيه وهللا أعلم‪ .‬ومسع موسى رضي هللا عنه رجال يتمىن املوت‪ ،‬فقال‪ :‬هل بينك وبني هللا قرابة‬
‫حيابيك هبا؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فأنت إذا تتمىن هالك األبد‪.‬‬
‫وقال رمحه هللا‪ :‬من استوى يوماه فهو مغبون‪ ،‬ومن كان آخر يوميه شرمها فهو ملعون‪ ،‬ومن مل يعرف الزايدة يف نفسه فهو‬
‫يف النقصان‪ ،‬ومن كان يف النقصان فاملوت خري له من احلياة‪ .‬وروى عنه أنه قال‪ :‬اختذوا القيان؛ فإن هلن فطنا وعقوال‬
‫ليست لكثري من النساء؛ فكأنه أراد النجابة من أوالدهن‪.‬‬

‫(‪ )1‬حمض الصواب يف فضائل أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب ابن ِامل ر َربد ‪771/3‬‬
‫(‪ )2‬خمتصر اتريخ دمشق ابن منظور ‪123/7‬‬
‫‪62‬‬
‫علي بن موسى الرضا رضي هللا عنه‬
‫سأله الفضل بن سهل يف جملس املأمون‪ ،‬فقال‪ :‬اي أاب احلسن؛‪)1( ".‬‬

‫"أرتعه معه يف روضه‪ ،‬وسقاه بيده من حوضه‪.‬‬


‫حىت بلغه رتبة تتقاعس عنها رتبة التمين‪ ،‬واعتىن به فأوصلها إليه بغري مشقة التعين‪.‬‬
‫فقام مقامه يف اإلمامة والتدريس‪ ،‬وانتصب للفتيا على مذهب اإلمام حممد بن إدريس‪.‬‬
‫وألف وصنف‪ ،‬وقرط األمساع بآلليه وشنف‪.‬‬
‫وهو يف األدب ممن سبق وفات‪ ،‬ومجع على أحسن نسق كل متفرق رفات‪.‬‬
‫وله نظم كانتظام األحوال‪ ،‬ونثر تعرف منه كيف تشتبه اجلواهر ابألقوال‪.‬‬
‫فمن نثره‪ ،‬ما كتبه إىل القاضي ات الدين املالكي مسائال‪ :‬سيدان املقتدى آباثره‪ ،‬املهتدى أبنواره‪.‬‬
‫إمام حمراب العلوم البديعة‪ ،‬وخطيب منرب البالغة اليت أضحت مذعنة له ومطيعة‪.‬‬
‫قمر مساء اجملد األثيل‪ ،‬فلك مشس فخر كل ذي مقام جليل‪.‬‬
‫املميطة يد بيانه حواجز األشكال عن وجوه املعاين‪ ،‬املعرتف مبنطقه الفصيح القاصي من هذه األمة والداين‪.‬‬
‫عمدة احملققني قدميا وحديثا‪ ،‬مالذ املدققني تفسريا وحتديثا‪.‬‬
‫الصاعد معار العليا بكماله‪ ،‬املنشد يف مقام االفتخار لسان حاله‪:‬‬
‫لنا نفوس لنيل اجملد راغبة ‪ ...‬ولو تسلت أسلناها على األسل‬
‫ال ينزل اجملد إال يف مناولنا ‪ ...‬كالنوم ليس له مأوى سوى املقل‬
‫والقائل عند اجملادلة يف مقام املباهلة‪:‬‬
‫حنن الذين غدت رحى أحساهبم ‪ ...‬وهلا على قطب الفخار مدار‬
‫اململوك يقبل األرض اليت ينال هبا القاصد ما يؤمله ويرجتيه‪ ،‬وينهي أنه نظم بعض اجلهابذة األعيان بيتني يف التشبيه‪.‬‬
‫والسبب الداعي هلما‪ ،‬واملعىن املقتضى لنظمهما‪.‬‬
‫أنه أبصرت العني ظبيا يرتع يف رايضه‪ ،‬ومينع بسيوف حلاظه عن ورود حياضه‪.‬‬
‫يرى العاشق سيآته حسنات جاد هبا وأحسن‪ ،‬ويعرتف له ابحلسن كل حسن يف األانم وابن أحسن‪.‬‬
‫بدا وهو اجلوهر السامل من العرض‪ ،‬وظهر وعليه أثر من آاثر املرض‪.‬‬
‫فأراد املشبه تشبيهه يف هذه احلالة‪ ،‬فشببه بغصن ذابل قائال ال حمالة‪.‬‬
‫ونظم ذلك املعىن‪ ،‬فشدا مبا قاله صادح الفصاحة وغىن‪.‬‬
‫وهو‪:‬‬
‫بدا وعليه أثر من سقام ‪ ...‬كمكحول من اآلرام ساهي‬

‫(‪ )1‬نثر الدر يف احملاضرات اآليب ‪249/1‬‬


‫‪63‬‬
‫فخيل يل كبدر فوق غصن ‪ ...‬ذوى للبعد من قرب املياه‬
‫فاعرتض معرتض عامل ابإلصدار واإليراد‪ ،‬قائال‪ :‬إن البيت الثاين ال يؤدي املعىن املراد‪.‬‬
‫إذ القصد تشبيهه ابلغصن املوصوف‪ ،‬وليس املراد تشبيهه ابلبدر فالبدر ال يوصف إال ابخلسوف‪.‬‬
‫فطالت بني املعرتض واملعرتض عليه املناوعة‪ ،‬ومل يسلم كل واحد منهما للثاين ما جادل فيه وانوعه‪.‬‬
‫فاختارا القاضي الفاضل حكما‪ ،‬ورضيا سيدان حاكما وحمكما‪.‬‬
‫فليحكم مبا هو شأنه وشيمته من احلق‪ ،‬وليتأمل ما عسى أن يكون قد خفي عن نظرمها ودق‪.‬‬
‫واألقدام مقبلة‪ ،‬وصلى هللا على سيدان حممد ما هبت الريح املرسلة‪.‬‬
‫فأجابه بقوله‪ :‬سيدان اإلمام اهلمام‪ ،‬الذي أضحى علم األئمة األعالم‪.‬‬
‫اإل مام املقتدى به وإمنا جعل اإلمام‪ ،‬احلرب الذي قصرت عن استيفاء فضائله األرقام " ولو أمنا يف األرض من شجرة أقالم‬
‫"‪.‬‬
‫وارث اجلاللة عن آابئه الذين وهت بذكراهم األخبار والسري‪ ،‬املقيم من نفسه العصامية على ذلك أوضح داللة يصدق فيها‬
‫اخلرب اخلرب‪.‬‬
‫احلري مبا استشهد به يف شأن اململوك‪ ،‬السالك من الكمال طريقة عز على غريه فيها لعزهتا السلوك‪.‬‬
‫يقبل اململوك األرض بني يديه‪ ،‬ويؤدي بذلك ما هو الواجب عليه‪.‬‬
‫وينهي وصول املثال العايل‪ ،‬الفائقة جواهر كلماته على فرائد الآليل‪.‬‬
‫يتضمن السؤال عن بييت ذلك اجلهبذ‪ ،‬يف الشأن الذي قضى حسنه أن تسلب األرواح وتؤخذ‪.‬‬
‫ومنع حبه الكالم األلسن‪ ،‬وكان الدليل على ذلك اعرتاف ابن أحسن‪.‬‬
‫فإنه ذو النظر العايل املدرك حقيقة الكنه‪ ،‬فإذا تنور من أذرعات أدىن ما تنوره إىل قيد شرب منه‪.‬‬
‫فتأمل اململوك ما وقع من تلك املعارضة‪ ،‬اليت أفضت إىل التحكيم واملفاوضة‪.‬‬
‫فإذا املتعارضان قد مزجا يف حلو فكاهتهما شدة البأس يف البحث برقة الغزل‪ ،‬وأخرجا الكالم لبالغتهما على مقتضى حال‬
‫من جد وهزل‪.‬‬
‫وجراي إىل غاية حققا عند كل سابق أنه املسبوق‪ ،‬وأراي غبارمها ملن أراد اللحوق‪.‬‬
‫وكان األحرى ابململوك سرت عوار نفسه‪ ،‬وحبس عنان قلمه أن جيري يف ميدان طرسه‪)1( "..‬‬

‫"فقال‪« :‬اخر فاقض بينهم ابحلق فيما اختلفوا فيه» قال عمر‪ :‬فذهب هبا أبو عبيدة‪ .‬هذا ما رواه ابن هشام عن‬
‫ابن إسحق‪.‬‬
‫وقال حممد بن سعد ىف طبقاته‪ :‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ملا عرض عليهم املباهلة انصرفوا عنه‪ ،‬مث أاته عبد املسيح‬
‫ورجالن من ذوى رأيهم‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫(‪ )1‬نفحة الرحيانة ورشحة طالء احلانة احمليب ‪16/2‬‬


‫‪64‬‬
‫قد بدا لنا أال نباهلك‪ ،‬فاحكم علينا مبا أحببت نعطك ونصاحلك‪ .‬فصاحلهم على ألفى حلة‪ :‬ألف ىف شهر رجب‪ ،‬وألف‬
‫ىف صفر‪ ،‬أو قيمة كل حلة من األواقى‪ ،‬وعلى عارية ثالثني درعا‪ ،‬وثالثني رحما وثالثني بعريا‪ ،‬وثالثني فرسا‪ :‬إن كان ابليمن‬
‫كيد «‪. »1‬‬
‫ولنجران وحاشيتهم جوار هللا وذمة حممد النىب رسول هللا‪ ،‬على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأمواهلم وغائبهم وشاهدهم وبيعهم‪،‬‬
‫ال يغري أسقف من سقيفاه «‪ ، »2‬وال راهب من رهبانية‪ ،‬وال واقف من وقفانيته «‪ ، »3‬وىف بعض الرواايت ال يغري «‪»4‬‬
‫وافه من وفهيته‪ ،‬وال قسيس من قسيسيته‪ .‬والوافه‪ :‬قيم الكنيسة‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأشهد على ذلك شهودا‪ .‬منهم أبو سفيان بن حرب‪ ،‬واألقرع بن حابس واملغرية بن شعبة‪ ،‬ورجعوا إىل بالدهم‪ ،‬فلم‬
‫يلبث السيد والعاقب إال يسريا حىت رجعا إىل النىب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فأسلما وأنزهلما ىف دار أىب أيوب األنصارى‪".،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫"بنو على‪ ،‬وامنا ينسب الرجل إىل أبيه دون جده؛ فقرأ «‪( : »1‬ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى‬
‫وهارون وكذلك جنزي احملسنني ووكراي وحيىي وعيسى وإلياس)‬
‫وليس لعيسى أب‪ ،‬وامنا حلق بذرية األنبياء من قبل أمه؛ وكذلك أحلقنا بذرية الرسول صلى هللا عليه وسلم من قبل أمنا‬
‫فاطمة‪ -‬عليها السالم‪ -‬وأويدك اي أمري املؤمنني‪ ،‬قال هللا تعاىل‪( :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا‬
‫ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنت هللا على الكاذبني)‬
‫ومل يدع صلى هللا عليه وسلم ىف مباهلة «‪ »2‬النصارى غري فاطمة واحلسن واحلسني «‪ ، »3‬ومها «‪ »4‬األبناء‪.‬‬
‫قيل‪ :‬ملا وىل حيىي بن أكثم قضاء البصرة استصغر الناس سنه‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬كم سن القاضى‪ -‬أعزه هللا‪-‬؟ فقال‪ :‬سن‬
‫عتاب «‪ »5‬بن أسيد حني واله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قضاء مكة‪ .‬فجعل جوابه احتجاجا‪.‬‬
‫قال يزيد بن عروة‪ :‬ملا مات كثري مل تتخلف ابملدينة امرأة وال رجل عن جناوته‪ ،‬وغلب النساء عليها‪ ،‬وجعلن يبكينه ويذكرن‬
‫عزة ىف ندهبن له؛ فقال‪)2( ".‬‬

‫"كتاب رسول هللا لوائل بن حجر‪ ،‬وما فيه من جوامع الكلم‪ ،‬وأصول األحكام ‪113‬‬
‫وفد خموس بن معدى كرب أحد أقيال كندة ‪114‬‬
‫وفد أود عمان‪ ،‬وإرسال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم العالء بن احلضرمى إىل عمان ليعلمهم الشرائع ‪114‬‬
‫وفد غافق وابرق‪ ،‬وكتاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لبارق ‪115‬‬
‫وفد مثالة واحلدان ‪116‬‬
‫وفد مهرة‪ ،‬وعهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هلم ‪117‬‬
‫وفد محري‪ ،‬وعهد رسول هللا هلم‪ ،‬وذكر رسل رسول هللا إىل ورعة ذى يزن ‪118‬‬

‫(‪ )1‬هناية األرب يف فنون األدب النويري ‪136/18‬‬


‫(‪ )2‬هناية األرب يف فنون األدب النويري ‪173/8‬‬
‫‪65‬‬
‫وفد جيشان‪ ،‬وسلول ‪120‬‬
‫وفد جنران وسؤاهلم رسول هللا‪ ،‬وما أنزل هللا فيهم من القرآن ‪121‬‬
‫ما يتوارثه رؤساء جنران من ذكر نبينا صلى هللا عليه وسلم ىف كتبهم ‪123‬‬
‫تفسري آايت من أوائل سورة آل عمران ‪124‬‬
‫ذكر آية املباهلة وتفسريها‪ ،‬وما كان من ختوف النصارى من املباهلة ‪134‬‬
‫كتاب أمري املؤمنني عمر لنجران ‪137‬‬
‫خرب إسالم اجلن ودعائهم قومهم إىل اإلميان عند مساعهم القرآن ‪138‬‬
‫ذكر إخبار اجلن أصحاهبم أبمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪141‬‬
‫خرب سواد بن قارب‪ ،‬وإخبار اجلن له مببعث رسول هللا‪ ،‬وإنشادهم الشعر ىف ذلك ‪142‬‬
‫خرب خفاف بن نضلة الثقفى ‪146‬‬
‫أول خرب قدم املدينة عن مبعث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان من اجلن ‪)1( ".147‬‬

‫"املناسك‪.‬‬
‫كتاب املوضح وذكر حيدر‪.‬‬
‫كتاب النوادر‪.‬‬
‫حماسن االخالق‪.‬‬
‫معرفة البيان‪.‬‬
‫معرفة الناقلني‪.‬‬
‫معيار االخبار‪.‬‬
‫الباهلى ‪ -‬حممد بن حممد بن عبد الرمحن بن سعيد أبو احلسني الباهلى املتوىف سنة ‪ 321‬احدى وعشرين وثلثمائة‪.‬‬
‫من تصانيفه اتريخ الباهلى‪.‬‬
‫معاين اآلاثر‪.‬‬
‫العقيلى ‪ -‬حممد بن عمرو بن موسى بن محاد العقيلى أبو جعفر احلافظ من اهل احلجاو حمدث احلرمني صاحب التصانيف‬
‫توىف مبكة املكرمة سنة ‪ 322‬اثنتني وعشرين وثلثمائة‪.‬‬
‫من آتليفه اجلرح والتعديل‪.‬‬
‫كتاب الضعفاء الكبري‪.‬‬
‫الشلمغاىن ‪ -‬حممد بن على الشلمغاىن أبو جعفر املعروف اببن اىب العزاقر من اصحاب الكيمياء كان شيعيا ادعى النبوة‬
‫وغريه قتله اخلليفة بعد ثبوت كفره ببغداد سنة ‪ 322‬اثنتني وعشر بن وثالمثائة‪.‬‬

‫(‪ )1‬هناية األرب يف فنون األدب النويري مقدمة ‪5/18‬‬


‫‪66‬‬
‫من تصانيفه فضائل العمرتني‪.‬‬
‫فضل النطق على الصمت‪.‬‬
‫كتاب االمامة‪.‬‬
‫كتاب االنوار‪.‬‬
‫كتاب االوصياء‪.‬‬
‫كتاب االيضاح‪.‬‬
‫كتاب البدأ واملشية‪.‬‬
‫كتاب الربانيات‪.‬‬
‫كتاب الربهان والتوحيد‪.‬‬
‫كتاب التسليم‪.‬‬
‫كتاب التكليف‪.‬‬
‫كتاب احلجر‪.‬‬
‫كتاب احلمائر‪.‬‬
‫كتاب الزاهر‪.‬‬
‫كتاب الزهاد‪.‬‬
‫كتاب العصمة‪.‬‬
‫كتاب املباهلة‪.‬‬
‫كتاب املعارف‪.‬‬
‫شرح كتاب الرمحة جلابر بن حيان‪.‬‬
‫نظم القرآن‪.‬‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫ابن طباطبا ‪ -‬حممد بن امحد بن حممد بن امحد ابن ابراهيم بن طباطبا العلوى االديب ولد يف اصبهان وتوىف هبا سنة ‪322‬‬
‫اثنتني وعشرين وثالمثائة‪.‬‬
‫صنف من الكتب تقريظ الدفاتر‪.‬‬
‫هتذيب الطبع‪.‬‬
‫عيار الشعر‪.‬‬
‫كتاب العروض‪.‬‬
‫كتاب يف املدخل‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫يف معرفة املعمى من الشعر‪.‬‬
‫الكرابيسى ‪ -‬حممد بن صاحل الكرابيسى أبو الفضل السمر قندى احلنفي املتوىف سنة ‪ 322‬اثنتني وعشرين وثالمثائة‪.‬‬
‫صنف الفروق من فروع احلنفية‪.‬‬
‫ابن اخلالل ‪ -‬حممد بن امحد بن اىب يوسف املصرى أبو بكر املالكى املعروف اببن اخلالل املتوىف سنة ‪ 322‬اثنتني وعشرين‬
‫وثالمثائة‪.‬‬
‫قال السيوطي يف حسن احملاضرة له تصانيف‪.‬‬
‫الروذابرى ‪ -‬حممد بن امحد بن القاسم الروذابرى أبو على الصوىف سكن مصر وتوىف سنة ‪ 323‬ثالث وعشرين وثالمثائة‪.‬‬
‫قال ايقوت يف معجم البلدان له تصانيف يف التصوف‪)1( "..‬‬

‫‪ - 1"-1‬مثال عن الستة تعول إىل سبعة‪ :‬وو وأختان‪.‬‬


‫أصل املسألة من (‪ )6‬وتعول إىل (‪)7‬‬
‫للزو النصف (‪ ،)3‬ولألختني الثلثان (‪.)4‬‬

‫وهي أول مسألة عالت يف اإلسالم وأول من أعال الفرائض سيدان عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬كما روى عن سيدان ابن عباس‬
‫‪-‬رضي هللا عنهما ‪.-‬‬
‫‪ - 2‬مثال عن الستة تعول إىل مثانية‪ :‬وو وأم وأخت شقيقة أو ألب‪.‬‬
‫أصل املسألة من (‪ )6‬وتعول إىل (‪)8‬‬
‫للزو النصف (‪ ،)3‬ولألم الثلث (‪ ،)2‬ولألخت الشقيقة أو ألب النصف (‪.)3‬‬
‫وتسمى هذه ابملباهلة‬
‫وسبب تسميتها‪ :‬أهنا وقعت يف خالفة سيدان عمر رضي هللا عنه فجعلها من مثانية وبعد موت سيدان عمر‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه‪ -‬أظهر اخلالف سيدان ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬فجعل للزو النصف ولألم الثلث ولألخت مابقي وال عول‬
‫‪ -‬فقيل له مل مل تقل هذا لعمر فقال‪( :‬كان رجال مهااب فهبته) مث قال‪( :‬إن الذي أحصى رمل عاجل عددا مل جيعل يف املال‬
‫نصفا ونصفا وثلثا‪ ،‬ذهب النصفان ابملال فأين موضع الثلث) مث قال له علي أو عطاء‪( :‬هذا اليغين عنك شيئا لو قتلت‬
‫أو مت لقسم مرياثنا على ماعليه الناس) قال ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهما ‪( :-‬فإن شاؤا فلندع أبناءان وأبناء هم ونساء ان‬
‫ونساء هم وأنفسنا وأنفسهم مث نبتهل فنجعل لعنة هللا على الكاذبني)‪ .‬فسميت بذلك املباهلة‪.)1( .‬‬
‫__________‬

‫(‪ )1‬هدية العارفني الباابين ‪33/2‬‬


‫‪68‬‬
‫(‪ )1‬أفاده صاحب كتاب (الفوائد اجللية)‪ .‬وعزاه إىل اخلطيب‪)1( .".‬‬

‫‪"-2‬معرفة تقسيم الرتكة‬


‫قسمة الرتكات هي الثمرة املقصودة من هذا الفن وما تقدم من أتصيل املسائل وتصحيحها إمنا مها وسيلة هلا‪.‬‬
‫والرتكة‪ :‬هي ما يرتكه امليت من مال أو متاع أو عقار فيعطي كل وارث من الرتكة بنسبة سهامه اليت ورثها من امليت‪.‬‬
‫فتارة تكون من األشياء الذي ال ميكن قسمته ابلعد كاحليوان والعقار واملتاع‪.‬‬
‫واترة تكون من األمور املتساوايت اليت ميكن قسمتها ابلعد‪.‬‬

‫احلالة األوىل‪:‬‬
‫إذا كانت الرتكة مما ال ميكن قسمته ابلعد كالعبد والسيف واحليواانت واألشجار وعروض جتارة وأرض غري مستوية أجزاؤها‬
‫وما شاكل ذلك من العقارات واملنقوالت‪.‬‬
‫وطريقة معرفة نصيب كل وارث من ذلك‪:‬‬
‫هو أن تصحح املسألة مث تعرف نس بة سهام كل وراث من تصحيح املسألة إىل ما صحت منه‪ ،‬فإذا تبني ذلك فأعط كل‬
‫وراث من الرتكة مبقدار تلك النسبة من مصحح املسألة‪.‬‬

‫ومثال ذلك‪:‬‬
‫ترك امليت دارا صغريا ال ميكن قسمته‪ ،‬ومات عن أم ووو وشقيقة‪.‬‬
‫فأصل مسألتهم ستة وعالت إىل مثانية ومنها تصح وتسمى هذه مسألة املباهلة‪.)1( .‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سيمت بذلك ألن ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬جعل فيها للزو النصف ولألم الثلث والباقي لألخت‪ ،‬وقال‪ :‬من‬
‫شاء ابهلته أن املسائل ال تعول‪.‬‬
‫وقد تقدم تفصيل هذه املسألة يف ابب العول ص ‪ 51‬فراجعه ‪)2( .". ..‬‬

‫‪"-3‬فطرق قسمة ذلك كثرية نذكر منها طريقتان وهي كما يلي‪:‬‬

‫الطريقة األوىل‪:‬‬
‫أن نستخر قيمة السهم الواحد من الرتكة مث نضرهبا يف عدد سهام كل وارث فيحصل نصيب كل وارث من الرتكة‪.‬‬

‫(‪ )1‬إعانة الطالب يف بداية علم الفرائض ص‪71/‬‬


‫(‪ )2‬إعانة الطالب يف بداية علم الفرائض ص‪157/‬‬
‫‪69‬‬
‫وطريقة استخرا قيمة السهم الواحد من الرتكة هي‪:‬‬
‫أن تقسم عدد الرتكة على مصحح املسألة وما خر من القسمة هي قيمة السهم الواحد من الرتكة‪ .‬وهو مبثابة (جزء‬
‫السهم)‪.‬‬
‫فاضرب سهم كل وارث فيه والناتج هو نصيبه من الرتكة‪.‬‬
‫ومثال ذلك كما يف مسألة املباهلة وهي‪:‬‬
‫ماتت عن وو وأم وشقيقة‪ ،‬وكانت الرتكة (‪ )160‬دينارا‪.‬‬
‫وهذه صورهتا‪:‬‬

‫التوضيح‪:‬‬
‫أصل املسألة من ستة وعالت إىل مثانية ومنها صحت‪:‬‬
‫للزو النصف عائال وهو ثالثة‪.‬‬
‫وللشقيقة النصف أيضا‪.‬‬
‫ولألم الثلث عائال وهو اثنان‪)1( .".‬‬

‫‪"-4‬وللبنت النصف (‪ )12‬اثىن عشر سهما‪.‬‬


‫ولألم السدس (‪ )4‬أربعة أسهم‪.‬‬
‫ولألب (‪ )5‬مخسة أسهم للسدس والتعصيب‪.‬‬

‫مث قسمنا الرتكة على أصل املسألة‪:‬‬


‫‪ = 480 ÷ 24‬فكان الناتج ‪ 20‬دينارا قيمة السهم الواحد وهو جزء السهم‪.‬‬

‫مث نضرب سهام كل وارث يف جزء السهم‪:‬‬


‫فللزوجة (‪ )3‬أسهم × ‪( 20‬جزء السهم) = ‪ 60‬دينارا نصيبها من الرتكة‪.‬‬
‫وللبنت (‪ )12‬سهما × ‪( 20‬جزء السهم) = ‪ 240‬دينارا نصيبها من الرتكة‪.‬‬
‫ولألم (‪ )4‬أسهم × ‪( 20‬جزء السهم) = ‪ 80‬دينارا نصيبها من الرتكة‪.‬‬
‫ولألب (‪ )5‬أسهم × ‪( 20‬جزء السهم) = ‪ 100‬دينار نصيبه من الرتكة‪.‬‬

‫(‪ )1‬إعانة الطالب يف بداية علم الفرائض ص‪159/‬‬


‫‪70‬‬
‫الطريقة الثانية‪:‬‬
‫أن نستخر نصيب كل واحد من الورثة مجلة‪.‬‬
‫وذلك أبن نضرب سهام كل وارث يف مقدار الرتكة‪ ،‬مث نقسمه على أصل املسألة‪ ،‬أو تصحيحها فينتج نصيب كل وارث‪.‬‬

‫أمثلة على الطريقة الثانية‪:‬‬


‫املثال األول مسألة املباهلة وهي‪:‬‬
‫ما لو ماتت عن وو وأم وشقيقة وتركت (‪ )160‬دينارا‪.‬‬
‫أصل املسألة من ستة وعالت إىل مثانية ومنها تصح املسألة لكل من"‪)1( .‬‬

‫‪"-5‬الشبهة العاشرة‪:‬‬
‫استدالهلم آبية (املباهلة)‪:‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءان وأبناءكم ونساءان ونساءكم وأنفسنا‬
‫وأنفسكم مث نبتهل فنجعل لعنت هللا على الكاذبني (‪( })61‬آل عمران‪.)61 :‬‬
‫هذه اآلية اعتربها بعضهم من أكثر األدلة صراحة على إابحة االختالط‪ ،‬واليت نزلت عقب فرض احلجاب‪ ،‬حيث إن اآلية‬
‫أشارت إىل أن النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ ،-‬كان سيجلب معه نساءه وأوالده للمباهلة مع وفد أساقفة جنران‪.‬‬
‫اجلواب‪:‬‬
‫‪ - 1‬معىن اآلية كما جاء يف تفسري السعدي‪{« :‬فمن} جادلك و {حاجك} يف عيسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ووعم أنه‬
‫فوق منزلة العبودية‪ ،‬بل رفعه فوق منزلته {من بعد ما جاءك من العلم} أبنه عبد هللا ورسوله‪ ،‬وبينت ملن جادلك ما عندك‬
‫من األدلة الدالة على أنه عبد أنعم هللا عليه‪ ،‬دل على عناد من مل يتبعك يف هذا العلم اليقيين‪ ،‬فلم يبق يف جمادلته فائدة‬
‫تستفيدها وال يستفيدها هو‪ ،‬ألن احلق قد تبني‪ ،‬فجداله فيه جدال معاند مشاق هلل ورسوله‪ ،‬قصده اتباع هواه‪ ،‬ال اتباع ما‬
‫أنزل هللا‪ ،‬فهذا ليس فيه حيلة‪.‬‬
‫فأمر هللا نبيه أن ينتقل إىل مباهلته ومالعنته‪ ،‬فيدعون هللا ويبتهلون إليه أن جيعل لعنته وعقوبته على الكاذب من الفريقني‪،‬‬
‫هو وأحب الناس إليه من األوالد واألبناء والنساء‪ ،‬فدعاهم النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬إىل ذلك فتولوا وأعرضوا‬
‫ونكلوا‪ ،‬وعلموا أهن م إن العنوه رجعوا إىل أهليهم وأوالدهم فلم جيدوا أهال وال ماال وعوجلوا ابلعقوبة‪ ،‬فرضوا بدينهم مع‬
‫جزمهم ببطالنه‪ ،‬وهذا غاية الفساد والعناد»‪)2( .".‬‬

‫(‪ )1‬إعانة الطالب يف بداية علم الفرائض ص‪161/‬‬


‫(‪ )2‬االختالط بني الرجال والنساء ‪353/2‬‬
‫‪71‬‬
‫"كل مسلم‪ .‬ومل يقل عليه السالم قط‪ ،‬وال أحد من اخللفاء بعده‪ ،‬إنه ال يلزمكم هذا القول أن تقولوه إال حىت‬
‫تستدلوا وت ناظروا وتعرفوا اجلوهر من العرض‪ ،‬ومعاذ هللا أن يكون هذا واجبا ويغفله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وتتفق‬
‫األمة الفاضلة كلها على إبطاله وإغفاله‪ ،‬حىت جاءت املعتزلة واألشعرية (‪ ، )1‬ومها الطائفتان املعروف (‪ )2‬قدرمها عند‬
‫املسلمني‪ .‬فها هنا قف اي أخي وقفة‪ ،‬وأتمله بقلب سليم‪ ،‬فإنه أظهر من كل ظاهر‪.‬‬
‫‪ - 13‬وأما قولك يل‪ :‬لو جاو أن يقلد جلاو أن يقلد غريه‪ ،‬فهذا ال يلزمين ألنه احلق‪ ،‬وغريه [‪ 93‬ب] هو املبطل الباطل‪.‬‬
‫فمن سكنت نفسه إىل قوله عليه السالم‪ ،‬ومل تناوعه إىل دليل وقبله وقاله‪ ،‬فقد وفق للخري واهلدى؛ ومن انوعته نفسه ومل‬
‫تقنع إال بربهان‪ ،‬فهذا هو الذي يلزمه النظر واالستدالل‪ ،‬ويلزمنا البيان له واحملاجة واجملادلة ابليت هي أحسن‪ ،‬وإقامة الربهان‬
‫عليه‪ .‬وهكذا فعل عليه السالم‪ ،‬فإنه قبل اإلسالم ممن أسلم بال اعرتاض‪ ،‬ومن حاجة أاته ابآلايت‪ ،‬ودعاه إىل املباهلة ومتين‬
‫املوت وأقام عليه حجة الربهان الواضح‪ .‬فتأمل هذا جتده كما أقول لك‪ ،‬ودع عنك ابهلل محاقات أهل السفسطة املسخرين‬
‫حلماقات كتب ابن فورك (‪ )3‬والباقالين (‪ ، ) 4‬وما هنالك‪ ،‬فما سرين انتساخك لكتابه املعروف " ابلدقائق " وستقف‬
‫عليه إن شاء هللا تعاىل وتتدبره‪ ،‬فلتعلم أن الكاغد خمسور يف نسخه‪ ،‬بل املداد على تفاهة قدره‪.‬‬
‫‪ - 14‬وأما قولك‪ :‬أما الرسول فال جتب طاعته إال بعد معرفة هللا ضرورة‪ ،‬إذ من جهل (‪ )5‬املرسل وقدره‪ ،‬وما يلزم من‬
‫طاعتهن مل يلزمه اتباع مرسله وال طاعته‪ ،‬هذا‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر ما مساه ابن حزم شنع املعتزلة يف الفصل (‪ )192 :4‬وهو فصل من كتاب مساه النصائح املنجية من الفضائح‬
‫ا ملخزية والقبائح املردية من أقوال أهل البدع‪ ،‬مث أضافه إىل كتاب الفصل؛ وأما األشعرية هامجهم يف مواضع شىت من كتابه‬
‫(وانظر خباصة الفصل ‪ )204 :4‬وقد عدهم من املرجثة وأكثر ما يعيبهم عنده قوهلم إن اإلميان عقد ابلقلب وإن أعلن املرء‬
‫الكفر بلسانه وعبد األواثن أو لزم اليهودية والنصرانية إخل قال‪ :‬وأما األشعرية فكانوا ببغداد وابلبصرة مث قامت هلم سوق‬
‫بصقلية والقريوان وابألندلس مث رق أمرهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬ص‪ :‬املعروفة‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬هو حممد بن احلسن انظر ترمجته يف طبقات السبكي ‪ 52 :3‬وتبيني كذب املفرتي‪ 232 :‬وابن خلكان ‪272 :4‬‬
‫ومرآة اجلنان ‪ 17 :3‬وإنباه الرواة ‪ 110 :3‬والويف ‪ 344 :2‬والشذرات ‪ 181 :3‬وكانت وفاته سنة ‪ 406‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )4‬تويف القاضي أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين سنة ‪ 403‬هـ‪ ،‬انظر ترمجته يف تبيني كذب املفرتي‪ 217 :‬واتريخ‬
‫بغداد رقم‪ 2906 :‬وابن خلكان ‪ 269 :4‬وترتيب املدارك ‪ 585 :4‬والوايف ‪ 177 :3‬والديبا ‪ 267 :‬وابن كثري ‪:11‬‬
‫‪ 350‬واملنتظم ‪.265 :7‬‬
‫(‪ )5‬ص‪ :‬جعل‪)1( "..‬‬

‫(‪ )1‬رسائل ابن حزم ابن حزم ‪193/3‬‬


‫‪72‬‬
‫"وتعول الستة إىل مثانية [كهؤالء] [‪ ]1‬الثالثة املذكورين يف قوله‪" :‬كزو ‪ ،‬وشقيقة‪ ،‬وأخ ألم" وأخ ألم اثن‪ ،‬فتصري‬
‫ووجا وشقيقة‪ ،‬وأخوين ألم‪ .‬للزو ثالثة‪ ،‬وللشقيقة ثالثة‪ ،‬ولألخوين اثنان‪ ،‬وجمموعها مثانية [‪. ]2‬‬
‫وكاملباهلة [‪ ] 3‬وهي‪ :‬وو ‪ ،‬وأم‪ ،‬وأخت ألبوين‪ ،‬أو ألب للزو ثالثة‪ ،‬ولألخت ثالثة‪ ،‬ولألم اثنان‪ ،‬وجمموعها مثانية [‪]4‬‬
‫‪.‬‬
‫__________‬
‫[‪ ]1‬يف نسخيت الفصول‪ :‬كأولئك‪.‬‬
‫[‪ ]2‬وصورهتا‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫‪8 /6‬‬
‫وو‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫أخت شقيقة‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫أخ ألم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫أخ ألم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫[‪ ]3‬املباهلة ‪ :‬املالعنة‪ ،‬مفاعلة من البهلة وهي اللعنة وهي أن جيتمع املختلفان فيقوالن‪ :‬هبلة هللا أي لعنة هللا على املبطل‬
‫منا‪.‬‬
‫ومسيت هذه املسألة بذلك ألن ابن عباس‪ -‬رضي هللا عنهما‪ -‬قال فيها‪ :‬من شاء ابهلته أن املسائل ال تعول‪ .‬وسيذكر‬
‫املؤلف ذلك مفصال يف فصل امللقبات ص ‪( 0756‬لسان العرب‪ ،72/11‬ومفردات ألفاظ القرآن‪ ،149‬وطلبة الطلبة‬
‫‪ ،338‬والنظم املستعذب ‪ ،123/2‬وحترير ألفاظ التنبيه ‪. )247‬‬
‫[‪ ]4‬وصورهتا‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫‪8 /6‬‬
‫وو‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫أم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫أخت‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫‪74‬‬
‫‪...‬‬
‫‪)1( ".2‬‬

‫"وهذه املسألة أول مسألة أعيلت يف اإلسالم يف خالفة عمر‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬ووافقه الصحابة على عوهلا‪ ،‬مث بعد‬
‫موته أظهر ابن عباس اخلالف‪ ،‬وأنكر العول وابلغ يف إنكاره‪ ،‬حىت قال لزيد وهو راكب‪ :‬انزل حىت نتباهل إن الذي أحصى‬
‫رمل عاجل [‪ ]1‬عددا مل جيعل يف املال نصفا ونصفا وثلثا أبدا‪ ،‬هذان النصفان ذهبا ابملال فأين موضع الثلث؟ [‪. ]2‬‬
‫فلذلك مسيت املباهلة‪ ،‬واملباهلة‪ :‬املالعنة‪.‬‬
‫وتعول [‪ ]3‬إىل تسعة كأولئك األربعة املذكورين قبل املباهلة [أي] [‪ ]4‬كزو ‪ ،‬وشقيقة‪ ،‬وأخوين ألم وأم‪ :‬للزو ثالثة‪،‬‬
‫وللشقيقة ثالثة‪ ،‬ولألخوين اثنان‪ ،‬ولألم واحد‪ ،‬وجمموعها تسعة [‪. ]5‬‬
‫__________‬
‫[‪ ]1‬عاجل‪ :‬ابلالم املكسورة اسم موضع معروف يف العرب‪.‬‬
‫قال يف معجم البلدان‪ :78/4‬عاجل رمال بني فيد والقرايت ينزهلا بنو حبرت من طيء وهي متصلة ابلثعلبية من طريق مكة ال‬
‫ماء هبا وال يقدر أحد عليهم فيه وهو مسرية أربع ليال وفيه برك إذا سالت األودية امتألت‪ .‬وراجع لسان العرب ‪،326/2‬‬
‫وطلبة الطلبة ‪.338‬‬
‫[‪ ]2‬راجع السنن الكربى‪ ،‬كتاب الفرائض ابب العول يف الفرائض ‪ ،253/6‬ومصنف ابن أيب شيبة كتاب الفرائض ابب‬
‫يف الفرائض من قال ال تعول ومن أعاهلا ‪ ،256/6‬وتلخي احلبري‪ ،90/3‬والتخلي يف الفرائض ‪ ،127/1‬واحلاوي‬
‫الكبري‪ ،321/10‬واملطلب العايل شرح وسيط الغزايل خ‪ ،242/15‬وشرح أرجووة الكفاية خ ‪ ،132‬ومغين احملتا ‪.33/3‬‬
‫[‪ ]3‬أي الستة‪.‬‬
‫[‪ ]4‬سقطت من (د) ‪.‬‬
‫[‪ ]5‬وصورهتا‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫‪9 /6‬‬
‫وو‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬

‫(‪ )1‬شرح الفصول املهمة يف مواريث األمة ِسربط املا ِرديين ‪381/1‬‬
‫‪75‬‬
‫‪3‬‬
‫أم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪6‬‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫أخت شقيقة‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫أخ ألم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫أخ ألم‬
‫‪...‬‬
‫‪)1( ".1‬‬

‫"وأما حساب مسائل الباب فطريقه أن تنظر يف االحتماالت املمكنة وتعمل لكل احتمال مسألة ففي وو ‪ ،‬وأم‪،‬‬
‫وولد ألبوين مشكل‪ .‬مسألة ذكورته من ستة‪ ،‬للزو النصف ثالثة‪ ،‬ولألم الثلث سهمان‪ ،‬وللخنثى الباقي سهم‪.‬‬
‫ومسألة أنوثته من ستة‪ ،‬وتعول إىل مثانية ‪-‬وهي املباهلة‪ -‬للزو ثالثة‪ ،‬وللخنثى ثالثة‪ ،‬ولألم سهمان‪ ،‬فتحفظ مسائل‬
‫االحتماالت وحتصل أقل‬
‫__________‬

‫(‪ )1‬شرح الفصول املهمة يف مواريث األمة ِسربط املا ِرديين ‪382/1‬‬
‫‪76‬‬
‫= وذهب املالكية وأبو يوسف يف قوله األخري إىل أن اخلنثى يعطى نصف نصييب ذكر وأنثى‪ ،‬أي أيخذ نصف نصيبه حال‬
‫فرضه ذكرا وحال فرضه أنثى‪ ،‬فإذا كان له على تقدير كونه ذكرا سهمان‪ ،‬وعلى تقدير كونه أنثى سهم فإنه يعطى نصف‬
‫نصيب الذكر وهو سهم‪ ،‬ونصف نصيب األنثى وهو نصف سهم وجمموع ذلك سهم ونصف‪ ،‬وذلك ألن أسوأ أحواله أن‬
‫يكون أنثى‪ ،‬وما واد عليها متناوع بينه وبني بقية الورثة وليس ألحد الفريقني مزية على صاحبه؛ ألن اإلشكال قائم فوجب‬
‫أن يقسم بينهما كالتداعي‪.‬‬
‫وذهب احلنابلة إىل التفصيل‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن كان اخلنثى يرجى اتضاح حاله عومل هو ومن معه ابألضر‪ ،‬ويوقف الباقي حىت‬
‫تتضح حاله ‪-‬وهذا موافق لرأي الشافعية‪ -‬وإن كان ال يرجى اتضاح حاله أبن مات قبل بلوغه‪ ،‬أو بلغ مشكال فلم تظهر‬
‫فيه عالمة‪ ،‬ورث نصف مرياث ذكر ونصف مرياث أنثى إن ورث هبما متفاضال‪ ،‬وإن ورث بكونه ذكرا أعطي نصف مرياث‬
‫ذكر‪ ،‬وإن ورث بكونه أنثى أعطي نصف مرياث أنثى‪ .‬وذلك ألن حالتيه تساوات‪ ،‬فوجبت التسوية بني حكميهما‪ ،‬كما لو‬
‫تداعى نفسان دارا أبيديهما وال بينة هلما‪.‬‬
‫(راجع‪ :‬املبسوط ‪ ،103/30‬وبدائع الصنائع ‪ ،328/7‬واملعونة يف مذهب عامل املدينة ‪ ،1657/3‬وعقد اجلواهر الثمينة‬
‫‪ ،456/3‬وحاشية الدسوقي ‪ ،489/4‬وهناية املطلب يف دراية املذهب خ‪ ،635/12‬واملهذب ‪ ،39/2‬والعزيز شرح الوجيز‬
‫‪ ،532/6‬واملغين ‪ ،110/9‬وأحكام املواريث يف الشريعة اإلسالمية ‪)1( ".. )205‬‬

‫"وتقدم منها يف فصل العول‪ :‬الناقضة وهي وو ‪ ،‬وأم‪ ،‬وولدا أم‪ .‬مسيت بذلك ألهنا تنقض على ابن عباس أحد‬
‫أصليه إلزاما‪ ،‬ألنه ال يقول ابلعول أصال وال حيجب األم إىل السدس ابالثنني من اإلخوة‪ ،‬بل أبكثر فيلزمه إما العول‪ ،‬وإما‬
‫حجب األم إىل السدس بولديها ويظهر أن [ينفك] ‪ 1‬عنه اإللزام أبن جيعل للزو النصف‪ ،‬ولألم الثلث‪ ،‬وما يفضل‬
‫لولديها‪.2‬‬
‫وتقدم منها يف فصل العول أيضا‪ :‬املباهلة وهي وو ‪ ،‬وأم‪ ،‬وأخت ألبوين أو ألب‪.‬‬
‫أمجع الصحابة يف خالفة عمر على أن للزو النصف‪ ،‬ولألخت النصف‪ ،‬ولألم الثلث‪ ،‬وتعول إىل مثانية‪ ،‬وهي أول مسألة‬
‫عالت يف اإلسالم‪.3‬‬
‫وخالف ابن عباس بعد موت عمر ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬فجعل للزو النصف‪ ،‬ولألم الثلث‪ ،‬ولألخت الباقي ‪75/135[ /‬ب]‬
‫وال عول فيها‪.‬‬
‫__________‬
‫‪ 1‬يف ( ) ‪ :‬يفك‪.‬‬
‫‪ 2‬تقدمت مسألة الناقضة‪ ،‬وتصويرها يف فصل التأصيل ص ‪ ،378‬وراجع املبسوط ‪ ،164/29‬واملغين ‪ ،30/9‬والعذب‬
‫الفائض ‪ ،163/1‬والتحفة اخلريية ‪.232‬‬
‫‪ 3‬تقدمت مسألة املباهلة وتصويرها يف فصل التأصيل ص ‪.381‬‬

‫(‪ )1‬شرح الفصول املهمة يف مواريث األمة ِسربط املا ِرديين ‪679/2‬‬
‫‪77‬‬
‫وليس للعول فصل كما عزا املؤلف‪ ،‬ألن املؤلف ذكر العول يف فصل التأصيل وقد سبق الكالم عن العول وأول مسألة‬
‫عالت ص ‪)1( "..378‬‬

‫"فألجل ذلك مسيت املباهلة [‪ . ]1‬وقيل‪ :‬إنه لقب لكل فريضة عائلة لوجود املعىن فيها [‪. ]2‬‬
‫وتقدم منها يف فصل العول أيضا [‪ ]3‬أم الفروخ ابخلاء املعجمة‪.‬‬
‫وقال القمويل [‪ ]4‬يف حبره إهنا ابجليم أيضا [‪. ]5‬‬
‫__________‬
‫[‪ ]1‬تقدم ختريج األثر ص ‪.382‬‬
‫[‪ ]2‬وصورة املسألة على قول اجلمهور كالتايل‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫‪8 /6‬‬
‫وو‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫—‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫أم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫—‬
‫‪3‬‬
‫‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫جد‬
‫‪...‬‬

‫(‪ )1‬شرح الفصول املهمة يف مواريث األمة ِسربط املا ِرديين ‪756/2‬‬
‫‪78‬‬
‫‪1‬‬
‫—‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫وصورهتا على قول ابن عباس‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫‪6‬‬
‫وو‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫—‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫أم‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫—‬
‫‪3‬‬
‫‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫جد‬
‫‪...‬‬
‫ب‬
‫‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫راجع أيضا املغين ‪ ،36/9‬والعذب الفائض ‪ ،164/1‬والتحفة اخلريية ‪.232‬‬
‫‪79‬‬
‫[‪ ]3‬يف فصل التأصيل ص ‪.384‬‬
‫[‪ ]4‬هو أمحد بن حممد بن مكي القمويل ‪-‬نسبة إىل قموال‪ ،-‬القرشي‪ ،‬املخزومي‪ ،‬الشافعي‪ ،‬جنم الدين أبو العباس‪ ،‬فقيه‬
‫عارف ابألصول والعربية ولد سنة ‪653‬هـ‪ ،‬ويل احلسبة يف مصر‪ ،‬تويف ابلقاهرة سنة ‪727‬هـ‪ ،‬له مصنفات منها‪ :‬البحر‬
‫احمليط شرح الوسيط للغزايل‪ ،‬وشرح األمساء احلسىن‪ ،‬والروض الزاهر فيما حيتا إليه املسافر وغريها‪( .‬طبقات الشافعية‬
‫للسبكي ‪ ،30/9‬وطبقات الشافعية لإلسنوي ‪ ،170/2‬وحسن احملاضرة ‪. )424/1‬‬
‫[‪ ]5‬راجع البحر احمليط يف شرح الوسيط خ‪)1( "..11/3‬‬

‫"ابب مرياث ولد اللعان‪:‬‬


‫اللعان لغة‪ :‬الطرد واإلبعاد‪ ،‬وشرعا‪ :‬املباهلة بني الزوجني يف إوالة حد‪ ،‬أو نفي ولد بلفظ خمصوص أمام احلاكم‪.‬‬
‫وأسبابه اثنان‪:‬‬
‫‪ -1‬قذف الزو ووجته املدخول هبا بفعل الزان‪ ،‬مع ادعاء املشاهدة وعدم البينة‪.‬‬
‫‪ -2‬إنكار من ولد على فراشه منها‪ ،‬إن ولد لستة أشهر فأكثر ومل ميض على محلها أقصر مدة احلمل‪ ،‬وكوهنا موطوءة‬
‫ابلعقد‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫إذا تالعن الزوجان يفرق القاضي بينهما‪ ،‬ويقطع نسب الولد من أبيه ويلحقه أبمه دون األب‪ ،‬وإن كال من ولد الزان وولد‬
‫اللعان ربط الشارع نسبه أبمه دون األب‪ ،‬وحينئذ يرث كل منهما جبهة أمه فقط‪ ،‬وال يرث من جهة األب كما أن والده ال‬
‫يرثه‪ ،‬فوجب أن ترثه قرابة أمه‪.‬‬
‫مثال ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬تويف ولد اللعان عن‪ :‬بنت‪ ،‬وأم‪ ،‬ووالده املالعن‪.‬‬
‫‪ -2‬تويف ولد اللعان عن‪ :‬أخ ألم‪ ،‬وأم‪ ،‬وأخ ألب‪)2( "..‬‬

‫"‪ -1‬ماتت عن "أب وأم وبنت وبنت ابن" فما نصيب كل من الورثة؟‬
‫لألب السدس‪ ،‬ولألم السدس‪ ،‬وللبنت النصف‪ ،‬ولبنت االبن السدس تكملة للثلثني‪ ،‬فاملسألة من ستة وعدد السهام ستة‪،‬‬
‫فاملسألة هذه غري عائلة‪ ،‬أو ليس فيها عول؛ ألن السهام فيها بقدر أصل املسألة‪.‬‬
‫‪ -2‬ماتت عن "وو وأخت شقيقة‪ ،‬أخت ألم" فما نصيب كل من الورثة؟‬
‫للزو النصف ‪ ،3‬وللشقيقة النصف ‪ ،3‬ولألخت ألم السدس ‪1‬‬
‫وجمموع السهام هو ‪ 7‬وقد وادت سهما واحدا على أصل املسألة‪ ،‬فاملسألة إذا فيها عول‪.‬‬
‫ألهنا عالت بسهامها من الستة إىل السبعة فعوضا من أن يكون أصل املسألة ‪ 6‬يصبح ‪ 7‬وهكذا ‪...‬‬

‫(‪ )1‬شرح الفصول املهمة يف مواريث األمة ِسربط املا ِرديين ‪758/2‬‬
‫(‪ )2‬علم الفرائض واملواريث يف الشريعة اإلسالمية والقانون السوري حممد خريي املفيت ص‪293/‬‬
‫‪80‬‬
‫‪ -3‬ماتت عن "وو وأم وأخت شقيقة وأخت ألم" فما نصيب كل من الورثة؟‬
‫للزو النصف ‪ ،3‬ولألم السدس ‪ ،1‬وللشقيقة النصف ‪ ،3‬ولألخت ألم السدس ‪.1‬‬
‫وجمموع السهام ‪ 8‬فاملسألة قد عالت من الستة إىل الثمانية وتسمى هذه الصورة "ابملباهلة"‪.‬‬
‫‪ -4‬مات عن "وو وأخوين ألم وأختني شقيقتني" فما نصيب كل من الورثة؟‬
‫للزو النصف ‪ ،3‬ولألخوين ألم الثلث ‪ ،2‬وللشقيقتان الثلثان ‪.4‬‬
‫فيكون جمموع السهام ‪ 9‬فتلغى الـ‪ 6‬وتبقى الـ‪ 9‬أصال للمسألة ونقول إن املسألة قد عالت من الـ‪ 6‬إىل الـ‪ 9‬وتسمى هذه‬
‫املسألة ابملروانية‪.‬‬
‫‪ -5‬ماتت عن "وو وأختني ألب وأختني ألم وأم" فما نصيب كل من الورثة؟‪)1( ".‬‬

‫"أهنا كذب لوجوه‪ :‬أحدها أن احلق ال يدور مع معني إال النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وأما قوله يوم غدير خم‪" :‬أذكركم هللا يف أهل بييت" ‪ 1‬فليس من اخلصائ ‪ ،‬بل هو مساو جلميع أهل البيت‪ .‬وأبعد الناس‬
‫عن هذه الوصية الرافضة؛ فإهنم يعادون العباس وذريته‪ ،‬بل يعادون مجهور أهل البيت ويعينون الكفار عليهم‪.‬‬
‫وأما آية املباهلة فليست من اخلصائ ‪ ،‬بل دعا عليا وفاطمة وابنيهما‪ ،‬ومل يكن ذلك ألهنم أفضل األمة‪ ،‬بل ألهنم أخ‬
‫أهل بيته كما يف حديث الكساء‪" :‬اللهم هؤالء أهل بييت‪ ،‬فأذهب عنهم الرجس‪ ،‬وطهرهم تطهريا" ‪ ،2‬فدعا هلم وخصهم‪،‬‬
‫واألنفس يعرب عنها ابلنوع الواحد كقوله‪{ :‬لوال إذ مسعتموه ظن املؤمنون واملؤمنات أبنفسهم خريا} ‪ 3‬وقال {فاقتلوا‬
‫أنفسكم} أي يقتل بعضكم بعضا‪ .‬وقوله‪" :‬أنت مين وأان منك" ‪ 4‬ليس املراد أنه من ذاته‪ ،‬وال ريب أنه أعظم الناس قدرا‬
‫من األقارب‪ ،‬فله من مزية القرابة واإلميان ما ال يوجد لبقية القرابة‪ ،‬فدخل يف ذلك املباهلة‪ ،‬وذلك ال مينع أن يكون يف غري‬
‫األقارب من هو أفضل منه‪ ،‬ألن املباهلة وقعت يف األقارب‪ .‬وقوله‪{ :‬هذان خصمان} إخل‪ .‬فهي مشرتكة بني علي ومحزة‬
‫وعبيدة‪ ،‬بل سائر البدريني يشاركوهنم فيها‪.‬‬
‫وأما سورة {هل أتى} فمن قال‪ :‬إهنا نزلت فيه‪ ،‬ويف فاطمة‬
‫__________‬
‫‪ 1‬مسلم‪ :‬فضائل الصحابة (‪ ، )2408‬وأمحد (‪ ، )371/4، 366/4‬والدارمي‪ :‬فضائل القرآن (‪. )3316‬‬
‫‪ 2‬الرتمذي‪ :‬تفسري القرآن (‪. )3205‬‬
‫‪ 3‬سورة النور آية‪.12 :‬‬
‫‪ 4‬البخاري‪ :‬الصلح (‪ ، )2700‬وأمحد (‪ ، )298/4‬والدارمي‪ :‬السري (‪)2( ".. )2507‬‬

‫(‪ )1‬فقه النكاح والفرائض حممد عبد اللطيف قنديل ص‪327/‬‬


‫(‪ )2‬مسائل خلصها الشيخ حممد بن عبد الوهاب من كالم بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ حممد بن عبد الوهاب‪ ،‬اجلزء الثاين عشر)‬
‫حممد بن عبد الوهاب ص‪155/‬‬
‫‪81‬‬
‫"على أنه ع م غريهن لذكره بصيغة التذكري ملا اجتمع املذكر واملؤنث‪ ،‬وهؤالء خصوا بكوهنم من أهل البيت فلهذا‬
‫خصهم ابلدعاء‪ ،‬كما أن مسجد قباء أسس على التقوى فتناول اللفظ ملسجده أوىل‪ .‬واختلف هل أوواجه من آله؟ مها‬
‫روايتان عن أمحد‪ :‬أصحهما أهنن من آله‪ ،‬ملا يف الصحيحني‪" :‬اللهم صل على حممد‪ ،‬وعلى أوواجه‪ ،‬وذريته" إىل آخره‪،‬‬
‫وحترمي الصدقة‪ ،‬من التطهري الذي أراده هللا‪ ،‬ألهنا أوساخ الناس‪ .‬وقوله يف آية املودة غلط‪ ،‬ابن عباس من كبار أهل البيت‪،‬‬
‫وأعلمهم بتفسري القرآن يدل عليه أنه مل يقل إال املودة لذوي القرىب كما يف آية اخلمس‪ ،‬والرسول ال يسأل أجرا أصال‪ ،‬وإمنا‬
‫أجره على هللا‪ ،‬وعلى املسلمني مواالهتم‪ ،‬لكن أبدلة أخرى‪ ،‬واآلية مكية قبل تزو علي بفاطمة‪ .‬وأما آية االبتهال فخصهم‬
‫ألهنم أقرب إليه من غريهم‪ ،‬فإنه مل يكن له ولد ذكر إذ ذاك‪ ،‬وبناته مل يبق منهن إال فاطمة‪ ،‬فإن املباهلة سنة تسع‪ ،‬وهي‬
‫تدل على كمال ا تصاهلم به حلديث الكساء‪ ،‬وال يقتضي أن يكون الواحد منهم أفضل من سائر املؤمنني وال أعلم؛ ألن‬
‫ذلك بكمال اإلميان والتقوى‪ ،‬ال بقرب النسب‪ .‬وحديث املؤاخاة موضوع وقوله‪:‬‬
‫{وأنفسنا وأنفسكم} كقوله‪{ :‬وال تقتلوا أنفسكم} وقوله لعلي‪" :‬أنت مين وأان منك" ‪ 1‬قاله لغريه‪ ،‬وقوله‪{ :‬ومن قتله‬
‫منكم متعمدا} فالقائلون بوجوب اجلزاء على املخطئ يستدلون ابلسنة واآلاثر‪ ،‬والقياس على القتل خطأ ويقولون‪ :‬خ‬
‫هللا‬
‫__________‬
‫‪ 1‬البخاري‪ :‬الصلح (‪ ، )2700‬وأمحد (‪ ، )298/4‬والدارمي‪ :‬السري (‪)1( ".. )2507‬‬

‫(‪ )1‬مسائل خلصها الشيخ حممد بن عبد الوهاب من كالم بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ حممد بن عبد الوهاب‪ ،‬اجلزء الثاين عشر)‬
‫حممد بن عبد الوهاب ص‪177/‬‬
‫‪82‬‬

You might also like