بايع األنصار رسول اهلل يف العقبة على نصرته ،وفيها أن مينعوه مما مينعون منه نساءهم وأهليهم ،وذلك يف ذي ة(.)1 ون للبعث نة خل رة س ة لثالث عش احلج وبذلك أصبحت املدينة حصنًا منيعًا لإلسالم وأهله فهاجر املسلمون من مكة ارساًال( )2إىل املدينة املن ّو رة .ومل تكن هجرهتم هذه هربًا كما حيلو للبعض من أعداء اإلسالم أن يصفوها ،بل كانت طاعة هلل عّز وجّل بالنزول يف والية املسلمني الم. العيش يف حكم اإلس افرين ،وب ويّل الك دون ت
ريش: ر على ق الخط
ورأت قريش يف منعة املسلمني باملدينة خطرًا كبريًا عليها ،خصوص ًا إذا حلق هبم النيب .فأمترت قريش واتفقت على قتله ،واختاروا لذلك أربعني فىت ،من كل بطن( )2واحدًا ،حياصرون بيته ويقتلونه عند خروجه .ورأوا أهنم إذا فعلوا ذلك تفّر ق دمه بني بطون قريش ،وحينئذ لن تقوى بنو هاشم ـ وهم عصبته ـ على حماربتهم مجيع ًا فرتضى بالدية( . )4غري أّن اهلل تع اىل أخ رب نبي ه مبا اجتمعت ل ه ق ريش ،فخ رج من بينهم وق د أعم اهم اهلل عن رؤيت ه .ون ام علّي ك ّر م اهلل وجه ه ة. ه إىل املدين ون يف طريق ا يك وده ،بينم وا إىل وج ه ليطمئن مكان
المية: ة اإلس يس الدول تأس
ويف املدينة أقام الدولة اإلسالمية ،وكانت بداية التأريخ اهلجري كما وضعه اخلليفة من بعده عمر بن اخلّطاب رضي اهلل عنه .فكتب رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم وثيقة( )5بني املهاجرين واألنصار ،واَدع فيها اليهود وعاهدهم، ة: اء يف الوثيق رتط عليهم .ومما ج رط هلم واش واهلم ودينهم ،وش ّر هم على أم وأق بس م اهلل ال رحمن ال رحيم .ه ذا كت اب محّم د الن بي ،بين المؤم نين والمس لمين من ق ريش وي ثرب ،ومن تبعهم ،فلح ق بهم ،وجاه د معهم ،أنهم أّم ة واح دة من دون الن اس ..وأن ال بح الف م ؤمٌن م ولى م ؤمٍن دون ه .وإّن المؤمنين المتقين على من بغي منهم ،أو ابتغى دسيعة( )6ظلم ،أو إثم ،أو عدوان ،أو فساد بين المؤم نين ،وأن أيديهم علي ه جميع ًا ،ول و ك ان َو َل د أح دهم ..وأن ِذ ّم ة اهلل واح دة ،يج ير عليهم أدن اهم ،وأن المؤم نين م والي بعض دون الناس ،وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر واألسوة .غير مظلومين وال متناصر عليهم .وإن سْلم المؤمنين واحدة، ال يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل اهلل ،إّال على سواء وعدل بينهم وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء ،فإن مَر ّده إلى اهلل عّز وجّل ،وإلى محّم د ...وإنه من كان بين أه ِل هذه الصحيفة من ح ّد ث أو اشتجار ُيخاف فساُده، ول اهلل ... د رس ل ،وإلى محم ز وج رّده إلى اهلل ع إّن م ف وهك ذا ح ّد د رس ول اهلل أن العالق ة بني اليه ود وبني املس لمني أساس ها االحتك ام إىل اإلس الم وخض وعهم لس لطانه ،وتقّي دهم مبا يس تلزمه أمُن الدول ة اإلس المية .فب ذلك رّك ز الرس ول العالق ات يف الدول ة اإلس المية على أس اس واض ح ه و اإلس الم ،فاطم أن إىل بن اء الدول ة وثباهتا أم ام ك ّل م ا يته ّد د مص ري ال دعوة اإلس المية. الـوعـي – العـدد الرابع -السـنـة األولى -محرم 1407هـ -أيلول 1987م 1 اد: ة للجه التهيئ وبع د أن اطم أن رس ول اهلل إىل تط بيق اإلس الم يف ال داخل ،ب دأ يه يئ أج واء املدين ة لقت ال الك افرين .ا ك انت ّمل قريش بقّو هتا وَم َنَعِتها يف مكة عقبة كبرية يف وجه انتشار اإلسالم يف اجلزيرة العربّي ة ،أرسل رسول اهلل سرايا من املؤمنني يتح ّد ى هبا املشركني .ومل يكت ِف بذلك ،بل خرج بنفسه للقتال .وكان من غزواته غزوة وّدان وغزوة َبواط والَعشرية وغزوُة بدر األوىل ،وغري أنه مل يصب قتاًال فيها .لكّن هذه السرايا والغزوات أوجدت هيبة للمسلمني بني العرب ،وأثارت الرعَب عند قريش فصارت حتسب للمسلمني وقّو هتم أل َف حساب( .)7كما هّي أت جمتمع املدينة لقتال املشركني ،وأخافت ول . غب على الرس ارة الش ة من إث ود املدين يه
برى: در الك زوة ب غ
ويف الثامن من رمضان لسنتني خلت للهجرة ،خرج رسول اهلل من املدينة بثالمثائة وبضعة عش َر رجًال يريد قافلة للمشركني .وملا وصلوا واديًا يقال له َد فران ،بلغهم أن املشركني خرجوا من مكة يف ألف رجل ينقذون ِع ريهم .وحينذاك تعرّي وجه األمر ،وصار املوضوع أن حياربوا قريش ًا أو ال حياربوها .فاستشار النيب يف قتال الكّف ار .فقام أبو بكر وقال خ ريًا ،وق ام عم ر فق ال خ ريًا .وق ال املق داد بن عم رو :ي ا رس ول اهلل ،امض ملا أراك اهلل .واهلل ال نق ول ل ك كم ا ق ال بن و إس رائيل ملوس ى :اذهب أنت ورب ك فق اتال إّن ا ههن ا قاع دون ،ولكن اذهب أنت ورب ك فق اتال إّن ا معكم ا مق اتلون .فق ال النيب :أشريوا علّي ،يريد األنصار ،ألهنم إمنا بايعوه على القتال يف املدينة وليس خارجها( .)8فقام سيد األوس سعد بن ُمعاذ فقال :لكأّنك تريدنا يا رسول اهلل .فقال :نعم .قال سعد :لقد آمّنا بك وصّد قناك ،وشهدنا أّن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ،فامض لما أردت فنحن معك ،فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخض ناه معك وما تخّلف مّن ا رجل واح د .فأشرق وجهه عليه الص الة والس الم ،وق ال: س يروا وَأبِش روا ،ف إن اهلل ق د وع دني إح دى الط ائفتين .واهلل لك أّني اآلن انظ ر إلى مص ارع الق وم. وك انت غ زوة ب در الك ربى ،وك انت أول معرك ة بني جيش املس لمني وبني الكّف ار ،وفيه ا نص ر اهلل تع اىل عب اده املؤمنني على الكفار رغم قلتهم( .)9وقد أحدث نصر اإلسالم على الكفار دوي ًا هائًال يف جزيرة العرب ،حىت قال أحدهم: ا. ري من ظهره وم لبطن األرض خ ؤالء الق اب ه د أص دق ان حمم إن ك
اع: ني قينق زوة ب غ
وملا عاد املسلمون إىل املدينة ،مجع النيب يهود بين قينقاع يف سوق هلم فقال :يا معشر يهود ،احذروا من اهلل مثل ما نزل بقريش من النقمة ،وأسِلموا ،فإّنكم قد عرفتم أّني نبّي مرسل ،تجدون ذلك في كتابكم وعهد اهلل إليكم. فقالوا :يا محّم د ،ال يغّر ّنك أّنك لقيت قوم ًا ال علم لهم بالحرب فأَص بت منهم فرصة .إنا واهلل لئن حاربناك لتعلمن اس. ا نحن الن أ ّن ثم بل غ من كي دهم أن ام رأة من المس لمين ق ِد مت إلى س وق ب ني قينق اع بجلب له ا فباعت ه ،وجلس ت إلى صائغ في السوق .فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأَبت .فعَم د الصائغ إلى طرف ثوبها فعَق ده إلى ظهره ا ،فلم ا ق امت انكشف س وأتها ،فض حكوا به ا ،فص احت .ف وثب رجل من المس لمين على الص ائغ اليه ودي فقتله .فشّد ت الـوعـي – العـدد الرابع -السـنـة األولى -محرم 1407هـ -أيلول 1987م 2 اليهود على المسلم فقتلوه .فكانت غزوة بني قينقاع .فحاصرهم رسول اهلل خمس عشرة ليلة حتى نزلوا على حكمه( .)10فقام إليهم عبد اهلل بن أبي بن سلول ،وكان رأس المنافقين( )11في المدينة ،فقال :يا محمد ،أحسن في ()12 م والّي ،وك انوا حلف اء قوم ه في الجاهلي ة .ثم ألح علي ه فغض ب رس ول اهلل ،فق ال ابن س لول :أرب ع مائ ة حاس ر وثالث مائ ة دراع( )13ق د منع وني من األحم ر واألس ود من الن اس ،تحص دهم في غ داة( )14واح دة .إّنى واهلل ام رء رب(.)15 وا إىل خي ة فرحل ك ..وأجالهم عن املدين يب :هم ل ال الن دوائر .فق أخشى ال
اء: ة وده حنك
ففي هذه احلادثة ما يظهر ِح نكة النيب .فقد كان رأُس املنافقني يهِّدد بفتنة يشعلها يف املدينة قد هتدد أمن الدولة، ويف الوقت نفسه ال بد من إنزال عقاب رادع هبؤالء الذين اعتدوا على أعراض املسلمني ونقضوا عهدهم .فكان قرار النيب بإجالئهم عن املدينة حكيمًا ،فإنه مل يظهر مبوقع الضعف ،كما منع ابَن سلول من هتديد الدولة .ومثل هذا الدهاء يلزم كث ريًا يف دول ة اإلس الم ،ألن أع داء الدول ة داخله ا وخارجه ا متفق ون ،وال ب د من مق ارعتهم أالعيب السياس ة.
اء: ة حي وقل
كما إّن احلادثة ما يدل على منزلة املرأة يف اإلسالم .فاملرأة يصان شرفها وِعرُضها وال ُيسمح بانتهاكه أبدًا بكشف عورهتا أو بغ ري ذل ك .ف إذا فع ل الص ائغ اليه ودي فعلت ه ف إن املس لمني حياربون ه وقوم ه اليه ود لنقض هم العه د. حقًا إن املرأة هلا منزلة جيب أن يصوهنا املسلمون .ولكّن أعراض املسلمني هذه األّيام تنتهك يف ك ّل يوم ،وما من حاكم مسلم حيارب دون ذلك .وعلى العكس ،جتد بنات املسلمني اليوم ونساءهم يفتخرون "بتح ّر رهّن " .ومما يروى عن واقعنا املخزي أّن خائن مصر أنور السادات ،أقام حفلة لرئيس وزراء اليهود بيغن .وعندما رأى بيغن نساءًا من املسلمني يرقصن عاريات ،مال إىل السادات قائًال :إن أسالفك ـ يعين املسلمني األوائل ـ ش ّنوا علينا حرب ًا ألجل عورة امرأة ،مشريًا ب ذلك إىل غ زوة ب ين قينق اع .فانتش ى الس ادات بَز ه وه ،معت ربًا نفس ه حتّر ر من "رجعي ة" أس الفه املس لمني. واهلل إّنه خزي وعار ما بعده عار .السادات يسفح أعراض املسلمني أمام الكفار وينتشي مزه ّو ًا بذلك .ولو أن فيه ذرة من حياء لقتل بيغن بسخريته على الفور ،ولكن هيهات حلكام املسلمني احلياء واحلرص على أعراض املسلمني .إمنا هم ة ،ويعادوهنا وحيتقروهنا. داء لأل ّم أع نسأل اهلل عز وجل أن يعيد حكم اإلسالم ،وأن ميّن على املسلمني خبليفة لرسول اهلل يقيم شرع اهلل فينا ،وحيفظ امل. الم إىل الع وة اإلس ل دع نا ،وحيم أعراض هوامش ام 1407هـ. ةع الث ،ذي احلج دد الث وعي الع ة ال ع جمل()1راج ات. اًال :أي مجاع ()2ارس ا. رع منه ة :ف ()3بطن من قبيل احبهم. لص ل عن مقت ل القتي ويض أله ة :تع ()4الدي اين. ام ،اجلزء الث رية ابن هش عس ()5راج