You are on page 1of 5

‫ات‬ ‫ردود ومناقش‬

‫اإلسالم هو الحل‬
‫الخليلي‬ ‫أمين‬ ‫بقلم‪:‬‬
‫من دواعي األسف أن نضطر للّر د على من يطرحون شعار اإلسالم‪ .‬ولكن الجهل ـ أو التضليل ـ قد بلغ من‬
‫المسلمين حدًا عظيمًا‪ ،‬حتى لتجد كثيرًا ممن يعّد ون أنفسهم مفكرين مسلمين‪ ،‬وحتى ممن يسمون أنفسهم علماء‪،‬‬
‫هاد‪.‬‬ ‫ل على رؤوس األش‬ ‫ق بالباط‬ ‫ون الح‬
‫ؤالء َيلبس‬ ‫يرًا من ه‬ ‫د كث‬ ‫تج‬
‫قد يفرح المؤن الذي يرى واقع الكفر المستحكم عندما يسمع شعارًا مثل "اإلسالم هو الحل"‪ ،‬فيستبشر‬
‫خيرًا‪ ،‬ويظن أن المسلمين قد أدركوا أخيرًا أن مرّدهم إلى اهلل ورسوله‪ ،‬وأن األمة اإلسالمية العظيمة مهما شوشتها‬
‫الم‪.‬‬ ‫و اإلس‬ ‫حيح‪ ،‬وه‬ ‫دنها الص‬ ‫ود إلى مع‬ ‫د وأن تع‬ ‫ة‪ ،‬ال ب‬ ‫ار دخيل‬ ‫بعض أفك‬
‫وعندما نسمع أن ثمة "ندوة" لمناقشة هذا الشعار‪ ،‬يدعو إليها الحزب الحاكم بمصر‪ ،‬نفرح ونعجب في‬
‫نفس ال وقت كي ف تس مح الس لطة المص رية ـ وهي ال تي ع ّو دت المس لمين على كبت ال رأي واإلذالل ومنعهم من‬
‫المطالبة بإعادة حكم اهلل إلى األرض ـ بمثل هذه الندوات‪ .‬ولكن دهشتنا تزول سريعًا عندما نسمع ما دار في الندوة‬
‫من مناقشات‪ ،‬فنعلم أن السلطة لم تكن تسمح بمثل هذه الجلسة لوال أن ما فيها بعيد كل البعد عن اإلسالم‪ ،‬وعن‬
‫الح رص على إقام ة ش رع اهلل‪ ،‬ومرض اة رب الع المين‪ ،‬وذل ك على لس ان المتح اورين‪ ،‬وعلى رؤوس األش هاد‪.‬‬
‫إن األفك ار ال تي نوقش ت في تل ك الن دوة أفك ار خط رة على اإلس الم‪ ،‬ول ذلك نج د حمل ة من الس لطات‬
‫الحاكمة في كافة أقطار المسلمين للترويج لها‪ .‬فهذه األفكار ليست إال أفكار الغرب مكتسبة ثوبًا إسالميًا ال يتعدى‬
‫االسم‪ .‬وإننا إذ نضع المسلمين أمام حقيقة هذه األفكار‪ ،‬نسأل اهلل عز وجل أن يوفق األّم ة لتنفذ عنها مثل هؤالء "‬
‫ا‪.‬‬ ‫ترويج له‬ ‫اولون ال‬ ‫تي يح‬ ‫ة ال‬ ‫ارهم الدخيل‬ ‫اء"‪ ،‬فتلفظهم وأفك‬ ‫رين" و " العلم‬ ‫المفك‬

‫طرح شعار‪" :‬اإلسالم هو الحل" خالل معركة االنتخابات التشريعية األخرية يف مصر ونظرًا لالختالف احلاصل‬
‫بني الفئات اليت تطرح هذا الشعار يف حتديد وبلورة هذا احلل املطروح‪ ،‬دعا حزب التجمع املصري احلاكم جمموع ة من‬
‫املفك رين إىل ن دوة ملناقش ة ه ذا األم ر‪ .‬وك ان من بني ه ؤالء ال دكتور أمحد كم ال أب و اجملد‪ ،‬وخال د حمم د خال د‪ ،‬وفهمي‬
‫هوي دي‪ ،‬والش يخ مص طفى ع امي رئيس األمان ة الديني ة حبزب التجم ع املص ري‪.‬‬

‫دوة‪:‬‬ ‫الن‬

‫يفتتح الدكتور أبو اجملد الندوة بالقول‪ :‬أن شعار "اإلسالم هو الحل" هو شعار سياس ّي قابل للنقاش ولألخذ‬
‫رد‪.‬‬ ‫وال‬
‫ويأيت خالد حمّم د خالد فيقول‪ :‬أن الحل هو القرار الذي يساعد مجموعة من الناس على تخطي مشاكلها لما‬
‫ه و أفض ل وقس م املش كلة إىل اقتص ادية واجتماعي ة وسياس ية‪ ،‬وينتهي إىل أن احلل هلذه املش كلة ه و احلل اإلس المي‪.‬‬
‫ويتس اءل‪ :‬كي ف يك ون احلل اإلس المي؟ فيجيب ب أن اإلس الم عقي دة وش ريعة‪ .‬فالعقي دة من الغيب فال مج ال لالجته اد‬
‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬
‫‪1‬‬
‫فيها‪ .‬أما الشريعة‪ ،‬يقول خالد محّم د خالد‪ ،‬فهي من عّم ل الوحي في أصولها‪ ،‬ومن عمل العقل في فروعها‪ .‬وخيلص‬
‫إىل القول‪ :‬ولهذا نأخذ من الشريعة مجال االجتهاد ما نشاء‪ ،‬ونضيف إليها ما نشاء‪ ،‬وهو هو اإلسالم الذي نرجو منه‬
‫ول‪.‬‬ ‫دم الحل‬ ‫أن يق‬
‫ويستطرد خالد حممد خالد فيقول‪ :‬أن الحكم في اإلسالم هو حكم ديمقراطي بطبيعته‪ ،‬وأن تقنين نظام الحكم‬
‫هو أول فقرة من فقرات تطبيق الشريعة‪ .‬لذلك يدعو إلى ضرورة ترسيخ النظام الديمقراطي الكامل‪ ،‬غير المجتزأ أو‬
‫المنق وص أو المه ترئ ـ يقص د هن ا النظ ام الق ائم في مص ر‪ .‬وي ربر بأن ه لكي نتف ادى كاف ة المخ اطر‪ ،‬بم ا فيه ا خط ر‬
‫االنقالب المس لح‪ ،‬علين ا أن نجع ل الديمقراطي ة هي ال دين السياس ي لبالدن ا‪ .‬انتهى كالم خال د حمم د خال د‪.‬‬
‫أم ا فهمي هوي دي فيط رح طرح ًا فري دًا من نوع ه‪ ،‬فيق ول‪ :‬ليس ضروريًا أن يك ون ه ذا الح ّل أو ه ذه الحل ول‬
‫منصوصًا عليها في الكتاب والسنة‪ ،‬ولكن يكفي لكي يكون الحل إسالميًا أن يجعل الناس أقرب إلى الصالح منهم‬
‫إلى الفساد‪ .‬ويؤكد قائًال‪ :‬ليس من الضروري البحث عن حلول المشاكل في نصوص الكتاب والسنة فقط‪ ،‬ذلك‬
‫إننا إذا استلهمنا مقاصد الشريعة التي تصب في نهاية األمر في وعاء العدل القسطاس‪ ،‬يمكن أن نجد أنفسنا قائمين‬
‫دي‪.‬‬ ‫المية‪ .‬انتهى كالم فهمي هوي‬ ‫ول اإلس‬ ‫ل أو الحل‬ ‫ية الح‬ ‫على أرض‬

‫ة‪:‬‬ ‫ة ملموس‬ ‫حقيق‬


‫نق ول ردًا على ال دكتور أب و اجملد‪ :‬إن "اإلس الم ه و الح ل" ليس جمرد ش عار ف ارغ تس ّو قه بعض الفئ ات من أج ل‬
‫غاية آنّية‪ ،‬ولكنه حقيقة نلمسها ونعيشها يف كل يوم ويف كل ساعة‪ .‬فإن مجيع مشاكل املسلمني مرّدها إىل تركهم العمل‬
‫باإلسالم كمنهاج حياة‪ .‬وأن ما جنده اليوم من احنطاط املسلمني‪ ،‬وتشبثهم بأذيال األمم‪ ،‬واستعباد الغرب هلم‪ ،‬كل ذلك‬
‫الته‪.‬‬ ‫دوا عن محل رس‬ ‫الم‪ ،‬وقع‬ ‫ل باإلس‬ ‫وا العم‬ ‫ببه أهنم ترك‬ ‫س‬
‫نعم‪ ،‬لقد قاهلا نيب العاملني حممد صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬لقد تركت فيكم شيئين‪ ،‬ما إن تمس كتم بهما لن تض لوا‬
‫لنا اهلل‪.‬‬ ‫الم فأض‬ ‫ا اإلس‬ ‫ا حنن تركن‬ ‫نتي»‪ .‬وه‬ ‫اب اهلل وس‬ ‫دًا‪ :‬كت‬ ‫أب‬
‫لذلك فإن اإلسالم هو احلل حتمًا‪ ،‬وهذا غري قابل للنقاش وال لألخذ والرد‪ .‬أنه فرض من اهلل حيث أمرنا أن نتبع‬
‫شرعه يف كل ما يعرض لنا‪ .‬قال تعاىل‪ :‬وأن احكم بينهم بما أنزل اهلل وال تتبع أهواءهم‪ ،‬واحذرهم أن يفتنوك عن‬
‫بعض ما أنزل اهلل إليك‪ .‬وخطاب النيب خطاب ألمته‪ .‬ويقول تعاىل‪ :‬فال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر‬
‫ليمًا‪.‬‬ ‫لموا تس‬ ‫يت ويس‬ ‫ا قض‬ ‫ًا مم‬ ‫هم حرج‬ ‫دوا في أنفس‬ ‫بينهم‪ ،‬ثم ال يج‬

‫ان‪:‬‬ ‫ل األزم‬ ‫الح لك‬ ‫ص‬


‫على أن املوضوع الذي يعرض فيه اإلسالم هنا هو صالحيته للحكم‪ .‬فاإلسالم صاحل لكل زمان ومكان‪ .‬فإذا ك ان‬
‫ال دكتور أب و اجملد يش ّك ك يف ص الحية اإلس الم للحكم‪ ،‬فاهلل تع اىل يق ول‪ :‬ومن لم يحكم بم ا أن زل اهلل فأولئ ك هم‬
‫الك افرون‪ ‬ويق ول الفقه اء يف ه ذه اآلي ة أهنا تنطب ق على ذل ك ال ذي ال حيكم بش رع اهلل معتق دًا بع دم ص الحيته‪ .‬فاحلذر‬
‫ول‪.‬‬ ‫ذا الق‬ ‫احلذر من ه‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪2‬‬
‫وحنسن الظن بالدكتور أبو اجملد فنقول‪ :‬لعل الدكتور أراد بقوله أن النظام احلاكم مبصر‪ ،‬أو أن بعض الفئات من‬
‫املصريني هي اليت تناقش يف صالحية اإلسالم‪ .‬فنرد على هؤالء بالقول‪ :‬اإلسالم هو النظام األصلح ليطبق على بين البشر‪،‬‬
‫ألن ه وحي من اهلل تع اىل وأم ا الس لطة يف مص ر‪ ،‬فإهنا ت رفض اإلس الم ألن ه يه دمها من أساس ها‪.‬‬

‫ان‪:‬‬ ‫اقي األدي‬ ‫ليس كب‬

‫ويبدو يل من كالم الدكتور أبو اجملد أنه ال يطرح اإلسالم وحده‪ ،‬ولكن يعطيه األولوية فقط‪ .‬فهو يقول‪ :‬لدّي‬
‫قناعة بأن هناك حاجة عاملّية موضوعّية لألديان ولإلسالم خصوصًا‪ ،‬بسبب التأثريات اليت أحدثتها الثورة الصناعية يف البشر‪.‬‬
‫والواقع أن هذا الكالم نسمعه كثريًا‪ :‬يوضع اإلسالم كدين كهنويت جبانب األديان األخرى‪ ،‬ويطلب من الناس العودة إىل‬
‫الدين بشكل مطلق يف مواجهة ما يسمى "مبادية اجملتمع" وهذا خمالف صراحة لإلسالم‪ .‬فاهلل تعاىل يقول‪ :‬ومن يبتغ عن‬
‫اإلس الم دين ًا فلن يقب ل من ه‪ ،‬وعلى املس لم أن ي دعو ك ل الن اس من غ ري املس لمني إىل ترك دينهم وال دخول يف اإلس الم‪.‬‬

‫اهلل‪:‬‬ ‫من‬ ‫وحي‬


‫وأما خالد‪ ،‬فإن كالمه يدل صراحة على أنه ال يريد األخذ باإلسالم بل بالدميقراطية فهو يريد أن حيل املشاكل‬
‫حس ب م ا يؤدي ه إلي ه عقل ه من حل ول‪ ،‬مث يض يف ذل ك إىل الش ريعة‪ ،‬فتص بح إس المًا!‬
‫راء!‬ ‫رح ب‬ ‫ذا الط‬ ‫الم من ه‬ ‫الم‪ ،‬واإلس‬ ‫ذ اإلس‬ ‫ذا يؤخ‬ ‫ليس هك‬
‫اإلس الم وحي من اهلل تع اىل‪ ،‬وعلى من ي دين ب ه أن يأخ ذه على ه ذا األس اس‪ ،‬وليس ألي س بب آخ ر‪ ،‬واألم ة‬
‫اإلسالمية تتخذ أحكام اإلسالم نظام ًا ليس ألنه مناسب أو قابل للتسويق مجاهريي ًا أو ألي سبب آخر‪ ،‬بل طاعة هلل عز‬
‫وجل‪ .‬قال تعاىل‪  :‬وأن احكم بينهم بما أنزل اهلل‪ ،‬وقال‪ :‬ومن لم يحكم بما أنزل اهلل فأولئك هم الكافرون‪ .‬أما‬
‫أن تش رع لنفس ك قوانينه ا‪ ،‬وحتل باس تنباطك مش اكل الن اس‪ ،‬مث تض يفه إىل ش رع اهلل وت دعي أن ذل ك من اإلس الم! أي‬
‫إسالم هذا؟ وأن هذا من شرع اهلل تعاىل‪ .‬إنك ـ أيها املفكر ـ تتخذ من نفسك مشرعًا‪ ،‬مث تفرتي على اهلل وعلى الشرع‬
‫والدين فتقول‪ :‬هذا تشريعي صار من اإلسالم‪ .‬فما أشبه هذا بأولئك الذين قال اهلل فيهم‪ :‬فويل للذين يكتبون الكتاب‬
‫د اهلل‪.‬‬ ‫ذا من عن‬ ‫ون ه‬ ‫ديهم ثم يقول‬ ‫بأي‬
‫مث من قال أن شرع من عمل العقل يف فروعه أو أصوله؟ إمنا عقيدة املسلمني تثبت بالعقل أو مبا ثبت أصله بالعقل‬
‫أنه من عند اهلل‪ .‬أما شرع اهلل فُيسّلم حني أخذه تسليمًا مطلقًا‪ ،‬وال دور للعقل يف التشريع إال مبقدار ما يلزم لفهم النصوص‬
‫واس تنباط األحك ام‪ .‬وه ذا حكم اهلل واض ح يف ك ل ش يء‪ ،‬ودلي ل ذل ك أن اهلل تع اىل أمرن ا باالحتك ام إىل الش رع يف ك ل‬
‫ؤون‪.‬‬ ‫ذه الش‬ ‫له‬ ‫ح يف ك‬ ‫رع واض‬ ‫اة‪ ،‬فالش‬ ‫ؤون احلي‬ ‫ش‬
‫ليس هذا إسالمًا الذي ترجو منه أن يقدم احللول‪ ،‬إمنا هي احللول بنظرك جاهزة تريد أن تسميها إسالمًا! وهذا‬
‫وله‪.‬‬ ‫ًا إىل اهلل ورس‬ ‫ليس احتكام‬

‫ديل‪:‬‬ ‫ير وتب‬ ‫تغي‬


‫وبعد‪ ،‬فإن حالل حممد حالل إىل يوم القيامة‪ ،‬وأن حرام حممد حرام إىل يوم القيامة‪ ،‬وال حيق ألي كان أن حيذف‬
‫م ا يش اء‪ ،‬ويض يف م ا يش اء إىل الش ريعة‪ .‬وكي ف تص بح ش رعًا من اهلل بع د أن أض فت فيه ا مث غرّي ت وب ّد لت‪.‬‬
‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬
‫‪3‬‬
‫إن ط رح خال د حمم د خال د ه ذا ال ميت إىل اإلس الم‪ ،‬وي ؤدي إىل تعطي ل ال دين‪ ،‬ألنن ا نس مح للقاص ي وال داين أن‬
‫رع‪.‬‬ ‫دلوا يف الش‬ ‫ريوا ويب‬ ‫يغ‬

‫ام‪:‬‬ ‫يخ النظ‬ ‫ترس‬


‫وقول ه أن احلكم اإلس المي دميق راطي بطبع ه يث ري العجب‪ .‬كي ف يوص ف الس ابق ب الالحق‪ ،‬واألول ب اآلخر‪ .‬إن‬
‫اإلس الم ونظ ام احلكم في ه وحي من اهلل ع ز وج ل‪ ،‬والدميقراطي ة من وض ع البش ر‪ ،‬فكي ف تص ف ش رع اهلل بأن ه "بطبيعت ه"‬
‫كنظام وضعه البشر؟ لعمري أن هذه مقولة ال يقول هبا عاقل مدرك للواقع‪ ،‬فض ًال عن أن يكون مفكرًا‪ .‬لعمري إنك أيها‬
‫املفكر منضبع ومنبهر بأنظمة الغرب الوضعية اليت ظهر فسادها‪ .‬حىت تفرتي على شرع اهلل فتقول أنه بطبيعته دميقراطي‬
‫غريب‪ .‬وهل تعلم ماذا تعين الدميقراطية؟ أهنا حكم الشعب بالشعب ال باإلسالم‪ .‬فماذا تقول لو أن أكثرية الشعب أرادت‬
‫الم؟‬ ‫ت اإلس‬ ‫ر ورفض‬ ‫الكف‬
‫مل حيمل املسلمون األوائل اإلسالم ألنه مطلوب من الشعب‪ ،‬بل ألن اهلل تعاىل ّمحل األمة اإلسالمية أمر هذا الدين‪،‬‬
‫وأمرهم بالقيام عليه‪ .‬ولذلك حارب اخلليفة أبو بكر رضي اهلل عنه العرب ملا ارتدوا عن اإلسالم ـ وقد كانوا أغلبية‪ ،‬ولذلك‬
‫الم‪.‬‬ ‫يت يفتحوهنا باإلس‬ ‫ون البالد ال‬ ‫اد حيكم‬ ‫واء اجله‬ ‫لمون ل‬ ‫محل املس‬
‫وبعد‪ ،‬فإن هدف خالد حممد خالد من كل هذا قد ذكره يف ندوته‪ .‬فهو يدعو إىل ترسيخ النظام القائم مبصر‪،‬‬
‫وذلك لكي يتفادى خطر االنقالب املسلح‪ .‬ولكي يتفادى هذا اخلطر‪ ،‬حياول املفكر تلبيس النظام الذي يسمى دميقراطي ًا ـ‬
‫بينما هو حىت عن الدميقراطية بعيد كل البعد ـ ثوب اإلسالم ‪ .‬فاهلل تعاىل يقول‪ :‬يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد‬
‫دًا‪.‬‬ ‫الًال بعي‬ ‫ّلهم ض‬ ‫يطان أن يض‬ ‫د الش‬ ‫ه ويري‬ ‫روا ب‬ ‫روا أن يكف‬ ‫ُأِم‬
‫ولعمري أن كثريًا من املسلمني ينتظرن ما ي ّد عي حكامهم من الدميقراطية‪ ،‬حىت يبّينوا رأيهم يف نظامهم‪ ،‬فيعلنوا‬
‫أهنم ال يقبل ون بغ ري اإلس الم دين ًا وش رعة ومنهاج ًا‪ .‬وحين ذاك ستس قط الطروح ات والش عارات‪ ،‬ويبقى اإلس الم‪.‬‬
‫إن خال د حمم د خال د يري د الدميقراطي ة دين ًا سياس يًا ملص ر ـ أرض الكنان ة‪ ،‬واهلل تع اىل يق ول‪ :‬ومن لم يحكم بم ا‬
‫أنزل اهلل فأولئك هم الكافرون‪ .‬وكأنه ال يريد أن يقول‪ :‬اإلسالم هو احلل‪ ،‬بل يريد‪ :‬ليس اإلسالم هو احلل إطالق ًا‪.‬‬
‫د‪:‬‬ ‫رح فري‬ ‫ط‬
‫أما فهمي هويدي فقد ختّطى اجلميع بطرحه الفريد‪ .‬ولست أدري من أين جاء األستاذ هويدي هبذا الطرح‪ ،‬فهو‬
‫حقًا طرح فريد من نوعه‪ .‬فإذا كان الناس أقرب إىل الصالح منهم إىل الفساد‪ ،‬كان ذلك احلل إسالميًا‪ .‬وَمْن غ ُري اإلسالم‬
‫حيدد الص الح والفس اد؟ كي ف تع رف الص الح والفس اد أنت أيه ا اإلنس ان‪ ،‬ح ىت تس مي ك ل م ا جتده أنت ص الحًا بأن ه‬
‫الم؟‬ ‫إس‬
‫إن الغرب يسّم ي احلرّية الشخصية صالحًا وال يعتربها فسادًا‪ ،‬فهل نس ّم ي احلرية الشخصية ـ وما يرتتب عليها من‬
‫المًا؟‬ ‫رون ـ إس‬ ‫قون ويفج‬ ‫ون ويفس‬ ‫ون ويزن‬ ‫ا يعبث‬ ‫اس وم‬ ‫رك الن‬ ‫ت‬
‫مث أن اإلنسان ذو عقل حمدود‪ ،‬ويعجز عن اإلحاطة باألمور حىت يعرف الصالح من الفساد‪ .‬ولذلك جاء شرع‬
‫ه‪.‬‬ ‫اس باتباع‬ ‫ر الن‬ ‫اد‪ ،‬وأم‬ ‫الح من الفس‬ ‫اس الص‬ ‫ًا للن‬ ‫اىل مبين‬ ‫اهلل تع‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪4‬‬
‫ريعة‪:‬‬ ‫د الش‬ ‫مقاص‬
‫إنك أيها املفكر تريد استبعاد كتاب اهلل وسنة رسوله حبجة أنك قد عرفت مقاصد الشريعة فتقيس عليها‪ .‬مث إذا‬
‫اعتم دت مقاص د الش ريعة‪ ،‬م اذا نفع ل بالش ريعة نفس ها وق د ج اءت ش املة لك ل ص غرية وكب رية من ش ؤون احلكم وكاف ة‬
‫شؤون احلياة؟ هل نستبعد الشريعة نفسها لنأخذ "مبقاصد الشريعة"؟ هل هذه وصية رسولنا صلى اهلل عليه وسلم حني قال‬
‫لنا‪« :‬لقد تركت فيكم شيئين‪ ،‬ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدًا‪ :‬كتاب اله وسنتي»؟ هل هذا مصداق قوله تعاىل‪:‬‬
‫ول‪‬؟‬ ‫رّدوه إلى اهلل والرس‬ ‫يء ف‬ ‫ازعتم في ش‬ ‫إن تن‬ ‫‪‬ف‬
‫إن مقولة األستاذ هويدي تؤدي إىل أن يأيت احلاكم فيقول‪ :‬حسنًا‪ ،‬إن العدل والقسطاس من مقاصد الشريعة‪ ،‬وها‬
‫أنا أريد العدل والقسطاس‪ .‬فمن أراد أن يكفر باهلل فله احلق يف ذلك مثلما كان للمسلم احلق يف اإلسالم‪ .‬وسيؤدي ذلك‬
‫إىل تعطيل األحكام‪ ،‬وتنحية شرع اهلل حبجة أن ذلك فيه اتباع ملقاصد الشريعة ومن من احلكام ال يدعي أن نظامه يقوم‬
‫طاس؟‬ ‫دل والقس‬ ‫اس الع‬ ‫ري التم‬ ‫على غ‬
‫وبعد‪ ،‬فإن حزب التجمع املصري احلاكم أراد أن يستهلك شعار "اإلسالم هو احلل" فحاول أن يلبس الكفر لباس‬
‫اإلسالم‪ ،‬مستخفًا بالشرع وبالدين واألمة‪ .‬وإننا يف جملة الوعي واثقون من وعي األمة على مثل هذه األباطيل‪ ،‬ومتأكدون‬
‫ليلها‪.‬‬ ‫د تض‬ ‫دي من يري‬ ‫ة يف أي‬ ‫ون طيع‬ ‫ة لن تك‬ ‫أن األم‬
‫‪‬فمن أظلم ممن اف ترى على اهلل ك ذبًا ليض ل الن اس بغ ير علم‪ ،‬إن اهلل ال يه دي الق وم الظ المين‪.‬‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪5‬‬

You might also like