You are on page 1of 5

‫ردود ومناقشات‬

‫المسلمون‬
‫من حقائق الجغرافيا‪ ...‬إلى قيادة التاريخ‬
‫أوردت جملة (العريب) الكويتية يف عددها الصادر يف فرباير ‪ 1987‬موضوعًا للكاتب فهمي هويدي حتت عنوان‬
‫(العامل اإلسالمي من قيادة التاريخ إىل حقائق اجلغرافيا)‪ .‬ويف هذا املقال‪ ،‬حياول الكاتب إجياد هيئة مسؤولة حتل مشاكل‬
‫العامل اإلسالمي‪ .‬ورمبا كان الكاتب حريصًا على حل مشاكل املسلمني‪ ،‬لكنه انتهى إىل الكثري من األفكار اخلاطئة‪ ،‬واليت‬
‫يبطلها اإلسالم من أساسها‪.‬‬

‫يبدأ الكاتب مقاله بأن ينفي عن نفسه صفة الدعوة إىل إقامة نظام اخلالفة‪ ،‬مربرًا موقفه بأنه "من األخطاء الشائعة‬
‫بني املسلمني أن لفظ اخلالفة أو اإلمامة‪ ،‬الذي أصبح َعَلمًا على نظام احلكم يف الدولة اإلسالمية‪ ،‬ال يعين مدلوله السياسي‬
‫أو الدستوري أكثر من تنظيم رئاسة الدولة اإلسالمية"‪.‬‬
‫ويورد الكاتب أن مثة رأيًا فقهيًا يرى بأن "دار اإلسالم تستوعب كل مكان يستشعر فيه املسلمون األمن واألمان‬
‫وإن مل تطبق فيه شريعة اإلسالم"‪ ،‬وأنه يرى َو َج اَه ة فيه‪.‬‬
‫وحياول الكاتب أن يبدو واقعيًا يف استبعاده لفكرة اخلالفة‪ ،‬ألن انقسام العامل اإلسالمي إىل كيانات عديدة‪ ،‬كما‬
‫يقول‪" ،‬حقيقة جغرافية ال تنكر‪ ،‬كما أنه ال ُينكر وجود رابطة الدين بني هذه الكيانات"‪ .‬أما اخلالفة‪ ،‬فريى فيها البعض‬
‫مالذًا وحلمًا‪.‬‬
‫وينتقل الكاتب إىل سرد تاريخ األمة اإلسالمية وأسباب انقسامها حىت وصلت إىل حالتها احلاضرة‪ .‬كما يورد‬
‫قائمة باهلموم اإلسالمية املعاصرة‪.‬‬

‫دار اإلسالم ودار الكفر‪:‬‬


‫ويبدو أن الكاتب ليس لديه دقة أو حرص على أن تكون تعبرياته شرعية‪ ،‬أو أنه يعين فعًال ما يقول‪ ،‬وهنا تكون‬
‫الكارثة‪ .‬فهو يريد أن يصنف الدول اليت حيتل املسلمون فيها أغلبية السكان بأهنا دول إسالمية‪ ،‬معتمدًا يف تصنيفه على‬
‫األخذ باألغلبية‪ ،‬وعلى ذلك الرأي الفقهي الذي أورده‪ ،‬والذي مل يستطع أن يسنده ألي فقيه من فقهاء اإلسالم يف‬
‫العصور الصاحلة‪ .‬والواقع أن عامل األغلبية ال يلعب أي دور يف كون الدار دار إسالم أو دار كفر‪ ،‬ومل خيتلف الفقهاء يف‬
‫ذلك‪ .‬فاألغلبية يف عدد السكان أساسًا مل تكن موضع حبث عند أي من الفقهاء‪ .‬فقد عّر فوا دار اإلسالم بأهنا الدار اليت‬
‫حتكم باإلسالم أي بالشريعة اإلسالمية‪ ،‬واليت أماهنا من أمان املسلمني‪ ،‬حىت ولو كان جل أهلها من غري املسلمني‪ .‬كما‬
‫عّر فوا دار الكفر بأهنا الدار اليت حُت كم بغري ما أنزل اهلل‪ ،‬أو اليت أماهنا بأمان الكّف ار‪ ،‬حىت ولو كان جل أهلها من املسلمني‪.‬‬
‫ولو أن ما قاله الكاتب صحيحًا يف تعريفه دار اإلسالم بأهنا الدار اليت يستشعر فيها املسلمون باألمن واألمان وإن مل تطبق‬
‫فيها الشريعة اإلسالمية‪ ،‬على أساس أنه إذا أقيمت الشعائر اإلسالمية أو غالبيتها كانت البالد دار إسالم‪ ،‬لو صح هذا‬
‫لكانت فرنسا أو إنكلرتا أو أملانيا دور إسالم‪ ،‬ألن املسلمني يستشعرون فيها باألمن واألمان أكثر من غالبية دول العامل‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫واقع الدار‪:‬‬
‫واحلاصل أن كون الدار دار إسالم أو دار كفر يتعلق بواقع الدار‪ .‬والدار يف اللغة تطلق على القبيلة‪ ،‬ودار احلرب‬
‫أرض العدو‪ .‬فنقول دار حرب ودار إسالم‪ ،‬ونقول دار كفر ودار إسالم وكالمها مبعىن واحد‪ .‬وذلك أن املسلمني مأمورون‬
‫باحلرب أي القتال حىت يقول الناس ال إله إال اهلل‪ ،‬أو حىت خيضعوا ألحكام اإلسالم‪ ،‬فإن خضعوا ألحكام اإلسالم رفع‬
‫عنهم القتال ولو ظلوا كفارًا‪ ،‬وإذا مل خيضعوا فإهنم حياَر بون حىت يدخلوا حتت حكم اإلسالم‪ .‬فسبب حرهبم أي قتاهلم هو‬
‫كوهنم كفارًا مل يستجيبوا للدعوة‪ ،‬وسبب وقف القتال قبوهلم احلكم باإلسالم‪ .‬فإذا ُح كموا باإلسالم وظلوا كفارًا‪ ،‬فقد‬
‫وجد سبب وقف القتال ووجب إهناء احلرب‪ .‬وهذا يدل على أن احتكامهم لإلسالم هو الذي حّو ل بالدهم من دار حرب‬
‫إىل دار إسالم‪ ،‬فيكون احلكم باإلسالم هو الذي يتوقف عليه دوام احلرب أو وقفها‪ ،‬مما يدل على أن الذي يعنّي كون الدار‬
‫دار إسالم أو دار كفر هو احلكم باإلسالم‪.‬‬
‫ومعىن كونه حكمًا أي سلطانًا‪ ،‬أن يكون األمان اخلارجي والداخلي به أي بسلطان اإلسالم‪ ،‬وإال فقد ميزته‬
‫بوصفه حكمًا‪ .‬وعليه فاحلكم باإلسالم واألمان الذي هو الزم من لوازمه‪ ،‬مها اللذان يعّينان وصف الدار بأهنا دار كفر أو‬
‫دار إسالم‪.‬‬

‫مقاتلة الحكام‪:‬‬
‫والدليل على ذلك أيضًا أن اخلليفة‪ ،‬وهو رئيس الدولة‪ ،‬إذا مل حيكم باإلسالم وحكم بغري ما أنزل اهلل‪ ،‬كان فرضًا‬
‫على املسلمني أن حياربوه حىت حيكم باإلسالم‪ .‬أي أن املسلمني مأمورون باحلرب ما دامت دارهم ال تطبق فيها أحكام‬
‫اإلسالم‪ .‬فعن جنادة بن أيب أمية قال‪ :‬دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض‪ :‬قلنا‪ :‬أصلحك اهلل‪ ،‬حِّدث حبديث ينفعك‬
‫اهلل به مسعَته من النيب ‪ .‬قال‪« :‬دعانا النبي ‪ ‬فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن باَيَعنا على السمع والطاعة في منَش طِنا‬
‫وَم ْك ِر ِه نا وُعْس رنا وُيْس رنا وُأْثرًة علينا‪ ،‬وأن ال ننازع األمر أهله إال أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من اهلل فيه برهان»‪.‬‬
‫فإذا حكم احلاكم يف دار اإلسالم ‪ -‬أي اخلليفة ‪ ،-‬بالكفر أي بغري ما أنزل اهلل‪ ،‬وجبت مقاتلته‪ .‬فكيف إذا كان احلاكم‬
‫الذي حيكم املسلمني كافرًا‪ ،‬وكان املسلمون حُي كمون بالكفر‪ ،‬هل جيوز القعود عن مقاتلة احلاكم ومنابذته‪ ،‬ورب العزة‬
‫ِم ِن‬ ‫ِل ِف‬ ‫ِف‬ ‫ِئ‬ ‫ِب‬
‫يقول‪َ :‬و َمْن َلْم َيْح ُك ْم َم ا َأنَز َل الَّلُه َفُأْو َل َك ُه ْم اْلَك ا ُر وَن ‪ .‬ويقول أيضًا‪َ :‬و َلْن َيْجَعَل الَّلُه ْلَك ا ِر يَن َعَلى اْلُم ْؤ يَن‬
‫َس ِبيًال‪ .‬وإن كان األمر كذلك‪ ،‬وكان القتال واجبًا على املسلمني للدولة اليت حتكم بغري ما أنزل اهلل‪ ،‬فهل يصح أن نسمي‬
‫هذه الدولة بأهنا دار إسالم؟ وهل جتوز أصًال مقاتلة دار اإلسالم؟‪.‬‬
‫ونستطرد فنقول إن تلك األحكام تنطبق على احلاكم يف دار اإلسالم حيكم بغري ما أنزل اهلل‪ .‬أما يف حالنا اليوم‬
‫حيث ال يوجد دولة تطبق اإلسالم أو أماهنا بأمان املسلمني‪ ،‬فإن الواجب إزاءها هو اتباع طريق الرسول ‪ ‬يف تغيريها من‬
‫دار كفر إىل دار إسالم كما فعل يف جمتمعي مكة واملدينة‪ .‬وهذا الطريق هو طريق الصراع الفكري والكفاح السياسي‪.‬‬
‫لذلك فإننا ندعو الكاتب إىل توخي احلرص فيما يورده من آراء فقهية واحلذر يف ذلك‪ .‬والرسول ‪ ‬يقول‪« :‬من‬
‫أفتى بغير علم فليتبّو أ مقعده من النار»‪ .‬أما إذا كان يرى ما يقوله فإننا نطالبه بالدليل الشرعي على مقولته‪.‬‬
‫نظام الحكم في اإلسالم‪:‬‬
‫ويربز الكاتب متجنيًا على اإلسالم‪ ،‬إذ يستبعد منه نظام اخلالفة مبدلوليه السياسي والدستوري‪ .‬فكالمه هذا ال ينم‬
‫عن علم بسرية الرسول ‪ ،‬وال بالواقع الذي كانت عليه الدولة اإلسالمية منذ أقامها الرسول ‪ .‬وقد وضع النيب ‪ ‬دستور‬
‫هذه الدولة‪ ،‬فحدد عالقة املسلمني فيما بينهم داخل الدولة‪ ،‬وعالقتهم بأصحاب األديان األخرى والذين كانوا يف املدينة‬
‫أيضًا‪ ،‬وعالقتهم بغريهم من القبائل‪ ،‬وقد جاء ذلك يف الوثيقة الثابتة اليت أمالها على علي بن أيب طالب كرم اهلل وجهه يف‬
‫األيام األوىل لدخوله املدينة املنّو رة‪ .‬وميكن مراجعة السرية النبوية بالنسبة هلذا املوضوع‪.‬‬
‫فإذا مل يكن األمر كذلك‪ ،‬وكان الكاتب مدركًا فعًال ملا يقوله‪ ،‬فإن قوله هذا ال يأيت به حريص على اإلسالم‬
‫وأهله‪ .‬فليس مثة بديل لنظام اخلالفة عند املسلمني يف الشرع اإلسالمي‪ ،‬فهو النظام الذي حدده الشارع والذي استنبط‬
‫أحكامه الفقهاء وقالوا هبا‪.‬‬
‫ولكي ال نطيل‪ ،‬نورد األركان اليت يقوم عليها جهاز احلكم يف الدولة اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -1‬رئيس الدولة‪ :‬وهو اخلليفة أو اإلمام‪.‬‬
‫‪ -2‬الهيئة التنفيذية‪ :‬وتضم املعاونني للخليفة‪.‬‬
‫‪ -3‬الوالة‪.‬‬
‫‪ -4‬القضاة‪.‬‬
‫‪ -5‬الجهاز اإلداري‪.‬‬
‫‪ -6‬الجيش‪.‬‬
‫‪ -7‬مجلس الشورى‪.‬‬

‫رئيس الدولة‪:‬‬
‫وهذا اجلهاز أقامه النيب ‪ ‬بنفسه‪ .‬فقد كان يتوىل شؤون احلكم وتدبري أمور الناس يف شؤون احلياة كافة‪ .‬قال‬
‫تعاىل‪ِ :‬إَّنا َأنَز ْلَنا ِإَلْيَك اْلِكَتاَب ِباْلَح ِّق ِلَتْح ُك َم َبْيَن الَّناِس ِبَم ا َأَر اَك الَّلُه‪ .‬وخطاب الرسول خطاب ألمته ما مل يرد دليل‬
‫التخصيص‪ .‬لذلك فإن منصب رئيس الدولة أو اإلمام ال خيتلف عليه اثنان‪ ،‬وهو ثابت يف التاريخ اإلسالمي‪.‬‬

‫المعاونون‪:‬‬
‫أما بالنسبة للمعاونني‪ ،‬فإن النيب ‪ ‬كان إذا خرج من املدينة لغزوة من الغزوات أقام مكانه من يتوىل أمور املسلمني‬
‫نيابة عنه أثناء غيابه‪ .‬فعندما خرج إىل غزوة األبواء استعمل على املدينة سعد بن عبادة ليتوىل شؤون املسلمني‪ .‬كما أقام‬
‫عليه الصالة والسالم معاونني له يف شؤوِن احلكم فخّص أبا بكر وعمر باألمور العامة‪ ،‬كما خص أبو بكر من بعده عمر‬
‫وأبا عبيدة‪ ،‬وكما خص عمر من بعده عثمان وعلّيًا‪ .‬فكان أبو بكر وعمر هيئة تنفيذية مع الرسول ‪ ،‬كما كان عمر وأبو‬
‫عبيدة مع أيب بكر‪ ،‬وكما كان عثمان وعلّي مع عمر‪ ،‬رضي اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬

‫الجهاز اإلداري‪:‬‬
‫أما األمور اإلدارية ورعاية مصاحل الناس‪ ،‬فقد عنَّي النيب ‪ ‬من يقوم بشأهنا‪ ،‬وكان هؤالء يسمون ُك َّتابًا‪ .‬فقد عنّي‬
‫زيد بن ثابت كاتَب الوحي يكتب إىل امللوك‪ .‬وعنّي معيقب بن أيب فاطمة كاتبًا للغنائم‪ ،‬واملغرية بن شعبة كاتبًا للمداينات‬
‫واملعامالت‪ ،‬وهكذا‪ .‬فقد عنّي لكل مصلحة كاتبًا‪ ،‬أي أنه جعل لكل إدارة مديرًا‪.‬‬

‫الوالة‪:‬‬
‫وأما الوالة فقد عنّي عليه الصالة والسالم عّتاب بن أسيد واليًا على مّك ة‪ ،‬وفرض له درمهًا كل يوم‪ .‬ووىّل معاذ بن‬
‫جبل واليًا على اليمن‪ ،‬وزياد بن لبيد واليًا على حضرموت‪ ،‬والعالء بن احلضرمي على البحرين‪.‬‬

‫القضاء‪:‬‬
‫وأما القضاء‪ ،‬فقد كان ‪ ‬حيكم الناس ويفصل بينهم يف اخلصومات‪ .‬كما عنّي عّتاب بن أسيد واليًا على مكة‬
‫وقاضيًا فيها‪ ،‬وجعل معاذ بن جبل واليًا على اليمن وقاضيًا فيها‪ .‬وقد سار أبو بكر على ذلك‪ ،‬إىل أن جاءت خالفة عمر‪،‬‬
‫فخص الوالة بالوالية واحلكم‪ ،‬وجعل القضاة منفردين عن الوالية‪ ،‬فوىّل أبا الدرداء قاضيًا يف مكة‪ ،‬وُش َر حْي ًا قاضيًا بالبصرة‪،‬‬
‫وأبا موسى األشعري قاضيًا بالكوفة‪.‬‬

‫الجيش‪:‬‬
‫وأما اجليش‪ ،‬فإن الرسول ‪ ‬جعل مجيع املسلمني جندًا‪ ،‬فكانوا ينفرون خفافًا وثقاًال‪ ،‬وجياهدون بأمواهلم وأنفسهم‬
‫يف سبيل اهلل‪ ،‬فلم يكن هناك جيش خمصص‪ .‬وظل احلال كذلك يف أيام أيب بكر‪ ،‬إىل أن جاء عمر‪ ،‬فخصص من املسلمني‬
‫جندًا جعل هلم أرزاقًا يف بيت املال‪ ،‬وكان هؤالء دائمًا يف عمل اجلندية للجهاد‪ ،‬وكان باقي املسلمني كاجليش االحتياطي‬
‫يستنفرون كلما دعت احلاجة‪.‬‬

‫مجلس الشورى‪:‬‬
‫وأما جملس الشورى‪ ،‬فإن الرسول ‪ ‬كان يستشري صحابته يف األمور العامة‪ .‬وقد خص أربعة عشر رجًال‬
‫بالشورى يرجع إليهم يف أخذ الرأي‪ .‬ومل خيرت هؤالء من أقدر الصحابة وأعلمهم‪ ،‬وإمنا اختارهم ألهنم نقباء عن قومهم أي‬
‫ممثلني هلم‪ .‬وقد اختار سبعة من املهاجرين وسبعة من األنصار‪ ،‬وكانوا من النقباء فقط‪.‬‬
‫هذا هو جهاز احلكم يف اإلسالم‪ ،‬وهو الدولة‪ ،‬وهو الذي أوجده الرسول ‪ .‬فهو جهاز قائم متميز يف شكله ويف‬
‫أسسه اليت يقوم عليها‪ .‬فكيف يقال بعد ذلك أنه ليس يف الشريعة اإلسالمية نظام حكم معني‪" ،‬ال يف امسه وال يف رمسه"‬
‫كما يقول الكاتب‪.‬‬

‫إلى قيادة العالم‪:‬‬


‫ويف اخلتام‪ ،‬نتوجه إىل الكاتب‪ ،‬وإىل القراء معًا فنقول‪ ،‬إن فكرة اخلالفة ليست مالذًا أو حلمًا‪ ،‬ألهنا قد امتألت هبا‬
‫جوانب التاريخ يف مدى ثالثة عشر قرنًا من الزمان‪ ،‬فهي حقيقة‪ .‬لكن الناس اليوم قد ابتعدوا عن احلياة اإلسالمية‪،‬‬
‫فصارت اخلالفة بالنسبة إليهم حلم يصعب بل يستحيل حتقيقه‪ .‬أما واقع اخلالفة فهي حكم شرعي فرضه اهلل على املسلمني‬
‫ليطبقوا اإلسالم مبوجبه‪ ،‬وال يصح مطلقًا القول إن اإلسالم مل حيددها‪ .‬وإذا كان املسلمون يف املاضي قد توصلوا إىل قيادة‬
‫التاريخ‪ ،‬فإمنا كان ذلك بتطبيقهم اإلسالم ومحلهم لواءه‪ .‬وإذا وصلوا إىل ما وصلوا من التفّر ق و(حقائق اجلغرافيا)‪ ،‬فإهنم مل‬
‫يصلوا إىل ذلك إال بعد تركهم تطبيق اإلسالم‪ .‬وإذا ما طبق املسلمون اإلسالم ومحلوا رسالته‪ ،‬فإهنم سيصلون من جديد‬
‫إىل قيادة العامل والتاريخ‪.‬‬
‫‪ُ‬ك ْنُتْم َخ ْيَر ُأَّمٍة ُأْخ ِر َج ْت ِللَّناِس َتْأُمُر وَن ِباْلَم ْع ُر وِف َو َتْنَه ْو َن َعْن اْلُم نَك ِر َو ُتْؤ ِم ُنوَن ِبالَّلِه‪ ‬‬

You might also like