You are on page 1of 15

2015 1436

1
‫╝‬

‫السالم على من بعث بني يدي‬


‫الصالة و َّ‬ ‫وم ِّ‬
‫ذل أهل الشرك بقهره‪ ،‬و َّ‬ ‫عز أهل التوحيد بنصره‪ُ ،‬‬
‫احلمد هلل ُم ِّ‬
‫ُ‬
‫وسالما على آله وصحبه‪ ،‬أهل‬
‫ً‬ ‫الساعة ليُعبد اهلل وحده‪ ،‬والذي ُجعل الذلةُ والصغار على من خالف أمره‪،‬‬
‫حمبته وفضله‪َّ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬فَِإ َذا جاء و ْع ُد ْاْل ِخرةِ لِيسوءوا وجوه ُكم ولِي ْد ُخلُوا الْمس ِج َد َكما َد َخلُوهُ أ ََّو َل م َّرةٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُ ُ ُُ َ ْ ََ‬ ‫ََ َ‬
‫َولِيُتَبِّ ُروا َما َعلَ ْوا تَ ْتبِ ًيرا} [اإلسراء‪ ،]7 :‬فهذا وعد اهلل ´ لعباده بالنَّصر والظََّفر‪ ،‬وحترير املسجد األقصى‪،‬‬
‫كل األرض املقدسة‪ ،‬ولكن ال يكون التحر ُير إال إذا حتققت العبودية اخلالصة هلل‪ ،‬انظر‬ ‫ويف هذا كناية لتحرير ِّ‬
‫ِ‬
‫ادا لَنَا‬
‫ُوَل ُه َما بَ َعثْ نَا َعلَْي ُك ْم عبَ ً‬ ‫ماذا قال اهلل تعاىل يف اآلية الرابعة من السورة نفسها‪{ :‬فَِإذَا َج َ‬
‫اء َو ْع ُد أ َ‬
‫وَل} [اإلسراء‪ ،]5 :‬فعندما َّ‬ ‫اسوا ِخ ََل َل الدِّيَا ِر َوَكا َن َو ْع ًدا َم ْفعُ ً‬ ‫أُولِي بأ ٍ ِ ٍ‬
‫حقق هؤالء القوم‬ ‫ْس َشديد فَ َج ُ‬ ‫َ‬
‫"عبادا لنا"‪ ،‬فكان حقا على اهلل ¸ أن جيعل‬ ‫العبودية اخلالصة هلل ´‪ ،‬زادهم شرفًا بأن أضافهم لهُ‪ ،‬فقال‪ً :‬‬
‫شديد"؛ فكانت النتيجة‬ ‫بأس ٍ‬ ‫شديدا‪ ،‬فقال‪" :‬أويل ٍ‬ ‫اعتقادا‪ -‬قويا ً‬ ‫وعمال و ً‬ ‫قوال ً‬ ‫من حقق العبودية اخلالصة ‪ً -‬‬
‫وَل}؛ إ ًذا معادلة التحرير هي‪ :‬عقيد‬ ‫اسوا ِخ ََل َل الدِّيَا ِر َوَكا َن َو ْع ًدا َم ْفعُ ً‬ ‫هي التحرير‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬فَ َج ُ‬
‫صلبة صحيحة (عبودية خالصة هلل) ‪ +‬تربية جهادية إسالمية شديدة = التحرير ‪-‬بإذن اهلل تعاىل‪.-‬‬

‫إ ًذا ال بُ َّد من حترير األرض املقدسة‪ ،‬مهجر األنبياء‪ ،‬ومسرى ومعراج خامت األنبياء‪ ،‬فالعالقة بني املسلمني‬
‫واملسجد األقصى عالقة وطيدة‪ ،‬هي عالقة عقيدة ودين‪ ،‬لن أتكلم عن مكانة هذه األرض الدينية‬
‫بعض احلقائق اليت ال بُ َّد أن تكون‬ ‫والتارخيية‪ ،‬ولكن اليوم سأعطيك ‪-‬أخي الكرمي وأخيت الفاضلة‪َ -‬‬
‫الشرع والتَّاريخ‪.‬‬
‫باحلُسبان من أجل أي عملية حترير‪ ،‬وحىت نتالىف الوقوع يف أخطاء قد بيَّنها لنا َّ‬

‫عرضت رؤية الشيخ اجملاهد إبراهيم املقادمة ¬ يف حترير فلسطني‪ ،‬حىت يعلم قومه على‬
‫ُ‬ ‫يف هذه املقالة‪،‬‬
‫كأّن يف هذه املقالة‪ ،‬قد أكدت‬
‫حقائق يف حترير فلسطني‪ ،‬و ِّ‬
‫َ‬ ‫شرعت يف ذكر ثالث‬
‫ُ‬ ‫ما مات عليه الشيخ‪ ،‬مث‬

‫‪2‬‬
‫رؤية الشيخ ¬‪ ،‬وُكنت أستدل هلا من السنة النبوية والتاريخ على قدر االستطاعة‪ ،‬وما بلغين من العلم‪،‬‬
‫فهذا جهد املقل‪ ،‬وأسأل اهلل أن ينفع هبذه املقالة كل املسلمني‪.‬‬

‫هذا عنوا ُن أحد الفصول اليت وضعها الشيخ املقادمة ¬ يف كتابه القيم (معامل يف الطريق إىل حترير‬
‫فعمدت إىل تلخيص رؤيته ¬ يف ثالثة‬ ‫ُ‬ ‫فلسطني)‪ ،‬وكان هذا الفصل ُُيثل رؤية الشيخ ¬ يف التحرير‪،‬‬
‫نقاط‪ ،‬هي كالتايل‪:‬‬

‫أوَل‪ :‬ال بُ َّد من الوحدة اإلسالمية كضرورة ملواجهة التحدي العاملي‪ ،‬وهذا يتطلب القضاء على كل‬ ‫ً‬
‫أسباب الفرقة من اخلالفات املذهبية والنزعات اإلقليمية وصهر اجلميع يف بوتقة اإلسالم‪ ،‬وهذا ما قام به‬
‫صالح الدين(‪.)1‬‬

‫ثانيًا‪ :‬ال بُ َّد من إقامة الدولة اإلسالمية على األقل يف دول املواجهة مع إسرائيل كضرورة حتميَّة النطالق‬
‫اجليش اإلسالمي الذي يُنازل إسرائيل وينتصر عليها بإذن اهلل‪ ،‬وهذه الدولة جيب أن تقوم على أُسس‬
‫العقيدة الصحيحة والنظام اإلسالمي الكامل مع األخذ بكل الوسائل املادية من إعداد اقتصادي أو‬
‫ْخ ْي ِل} [األنفال‪:‬‬ ‫َع ُّدوا لَهم ما استطَعتم ِمن قُ َّوةٍ وِمن ِرب ِ‬
‫اط ال َ‬ ‫تكنولوجي أو سياسي أو عسكري {وأ ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ ُْ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫‪.)2(]60‬‬

‫خالصا هلل ´ حىت نستحق نصر اهلل سبحانه « َم ْن‬


‫ً‬ ‫ثالثًا‪ :‬قبل كل هذا وبعده جيب أن يكون عملنا‬
‫قَاتَ َل لِتَ ُكو َن َكلِ َمةُ اللَّ ِه ِه َي الْعُلْيَا فَ ُه َو فِي َسبِ ِ‬
‫يل اللَّ ِه» ‪ ،‬فانطالقنا جيب أن يكون هلل من البداية وحىت‬
‫(‪)3‬‬

‫النهاية‪ ،‬إن وظيفتنا هي حترير األرض كل األرض من حكم الطاغوت اليهودي وغري اليهودي وإقامة حكم‬

‫(‪ )1‬ص ‪.279‬‬


‫(‪ )2‬ص ‪.278‬‬
‫(‪ )3‬حديث متفق عليه‪ ،‬يف صحيح البخاري (‪ )1137 /3‬برقم ‪ ،2958‬وصحيح مسلم (‪ )1512 /3‬برقم ‪.1904‬‬

‫‪3‬‬
‫ِّين لِلَّ ِه} [البقرة‪ ]193 :‬نعم ليكون الدين هلل‬ ‫ِ‬ ‫اهلل يف األرض { َوقَاتِلُ ُ‬
‫وه ْم َحتَّى ََل تَ ُكو َن ف ْت نَةٌ َويَ ُكو َن الد ُ‬
‫أي ليَحكم دين اهلل األرض كل األرض(‪.)4‬‬

‫وقد قام الدكتور عاطف عدوان بتلخيص رؤية الشيخ ¬ يف كتابه (الدكتور إبراهيم املقادمة القائد‬
‫والداعية اجملاهد)‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫ظل القوة اإلسرائيلية‬


‫"يرى أن احلركة اإلسالمية يف الداخل ال تستطيع أن تقوم بدور التحرير وحدها يف ِّ‬
‫الطاغية‪ ،‬وكذلك يف ظل املعطيات الدولية اليت متد إسرائيل بالقوة واملنعة‪ ،‬وإمنا ستكون رأس حربة للجيش‬
‫ُ‬
‫اإلسالمي القادم من اخلارج من أرجاء العامل‪ ،‬أو من عدة أقطار منه‪ ،‬فيجد أبناء فلسطني يقومون بواجبهم‪،‬‬
‫ويرى أن حترير فلسطني سيأيت بعد قيام الدولة اإلسالمية‪ ،‬وكذلك احلركات اإلسالمية بتصنيع السالح وإزالة‬
‫األنظمة املوالية للغرب وبالذات يف الدول اليت ُحتيط بفلسطني ألهنا تقوم حبماية الكيان اإلسرائيلي ضد القوة‬
‫اليت تريد حتريرها"‪.‬‬

‫ولوضع رؤية عامة لرؤية الشيخ ¬ نجد أنه دعا للتالي‪:‬‬

‫ف اإلسالمي‪ ،‬وإقامة الدولة اإلسالمية على أسس عقدية سليمة‪ ،‬وال َّ‬
‫بد هلذه الدولة من‬ ‫الص ِّ‬
‫توحيد َّ‬
‫امتالك مجيع وسائل القوة واملنعة من أجل التحرير‪ ،‬قبل التحرير جيب إزالة الطواغيت املواليني للغرب الصلييب‬
‫ٍ‬
‫خالص‬ ‫(تطهري اجلبهة الداخلية للمسلمني من أي أفراد أو حكومات طاغوتية)‪ ،‬وجيب أن يكون كل ٍ‬
‫شيء‬
‫لوجه اهلل تعاىل‪ ،‬سواء قبل التحرير أو بعده‪ُ ،‬كل ذلك يؤدي إىل التحرير‪ ،‬وبعد التحرير ال َّ‬
‫بد من حتكيم‬
‫شرع اهلل ‪-‬جل وعال‪.-‬‬

‫(‪ )4‬معامل يف الطريق إىل حترير فلسطني‪ :‬د‪ .‬إبراهيم املقادمة‪ ،‬ص‪.280‬‬

‫‪4‬‬
‫أوًل‪ :‬تطهري اجلبهة الداخلية‪ ،‬وتوحيد الصف اإلسالمي‪:‬‬
‫ا‬

‫عزام ¬‪" :‬إذا أردت حترير وطن ضع يف مسدسك عشر رصاصات تسعة للخونة‬ ‫يقول الشيخ عبد اهلل َّ‬
‫وواحدة للعدو؛ فلوال خونة الداخل ما جترأ عليك عدو اخلارج"‪.‬‬

‫أوًل‪ :‬جهود صالح الدين األيويب‪:‬‬


‫ا‬

‫بعد وفاة نور الدين حممود آل زنكي يف شوال سنة ‪ /ç 569‬مايو سنة ‪ 1174‬م‪ُ ،‬حلت عُقدة الرتابط‬
‫يف هذا البيت‪ ،‬مما َّأدى إىل التنازع والتشاحن‪ ،‬فدار صراع بني أمراء نور الدين على الوصاية‪ ،‬فقد كان ويل‬
‫عشر من عمره‪ ،‬وكان ابن الـ ُم َقدَّم أمري دمشق‬
‫العهد من بعد أبيه الصاحل إمساعيل الذي مل يتجاوز احلادية َ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫يُريد الوصاية ويسعى إليها‪ ،‬ويف االجتاه اآلخر يوجد ابن الدَّاية أمري حلب الذي يُريد الوصاية ً‬

‫وعلى اجلانب اآلخر‪ ،‬استغل أبناءُ قطب الدين مودود آل زنكي‪ ،‬ومها‪ :‬األمري سيف الدين غازي أمري‬
‫املوصل‪ ،‬واألمري عماد الدين زنكي الثاّن أمري سنجار‪ ،‬وفاة عمهما فقاما بالتوسع على حساب األراضي‬
‫اجملاورة هلما‪ ،‬وبعد وفاة أمري املوصل سيف الدين غازي‪ ،‬توىل اإلمارة أخيه عز الدين مسعود الذي مل يكتف‬
‫وضمها أراضيها‬
‫بإمارة املوصل بل استغل وفاة الصاحل إمساعيل سنة ‪ 1180 /ç 577‬م يف حلب فهامجها‪َّ ،‬‬
‫إىل حكمه‪.‬‬

‫الشيعة‬
‫ف ابن الدَّاية‪ ،‬و ِّ‬
‫السنَّة وال ِّشيعة يف حلب‪ ،‬فكان السنَّة يف ص ِّ‬ ‫بني‬ ‫اع‬
‫ر‬ ‫ص‬ ‫نشب‬ ‫آخر‬ ‫ٍ‬
‫صعيد‬ ‫وعلى‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف ابن اخلشاب‪ ،‬وانتهى الصراع مبقتل األخري‪.‬‬
‫ص ِّ‬
‫يف َ‬
‫كما إ َّن الدولة العبيدية الشيعية الرافضية‪ ،‬كانت تتحني الفرص لطعن البالد اإلسالمية‪ ،‬وإشعال الفنت‬
‫والقالقل‪ ،‬ونشر الرفض وسب الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪.-‬‬

‫‪5‬‬
‫ومن جانب آخر كان اخلطر الصلييب ُحمدقًا بالعامل اإلسالمي وخاصة بالد الشام‪ ،‬ويُريد التوسع على‬
‫حساب األراضي اإلسالمية‪ ،‬ونشر النصرانية‪.‬‬

‫بعد أن درس صالح الدين مجيع ما سبق‪ ،‬قام َّ‬


‫بعدة أمور لتوحيد اجلبهة اإلسالمية حتت راية التوحيد‪،‬‬
‫منها‪:‬‬

‫القضاء على الدول العُبيدية الرافضية يف مصر عام ‪ 1171 / ç 567‬م‪ ،‬ونشر‬ ‫‪‬‬
‫عقيدة أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫القضاء على الثورات والقالقل‪ ،‬اليت أعقبت سقوط الدولة العُبيدية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أقر كل من األمراء على ما كان عليه‪ ،‬وعزل أمراء‬‫التوجه إىل سوريا وتوحيدها‪ ،‬و َّ‬ ‫‪‬‬
‫اجلور‪ ،‬ونشر العدل‪.‬‬
‫االهتمام بالعلوم الشرعية‪ ،‬وإنشاء التَّكايا(‪ )5‬واملساجد واملدارس واملستشفيات‬ ‫‪‬‬
‫واملكتبات‪ ،‬واالهتمام بالعلماء وفُقهاء املذاهب‪ ،‬وخاصة أصحاب املذهب الشافعي‪.‬‬
‫إلغاء املكوس والضرائب‪ ،‬واالكتفاء باملوارد الشرعية من زكاة وخراج وجزية وغنائم‬ ‫‪‬‬
‫وعشور التجارة‪.‬‬
‫السمةُ‬
‫االهتمام بإصالح اجملتمع اإلسالمي‪ ،‬وتربيته تربية إسالمية جهادية‪ ،‬فكانت ِّ‬ ‫‪‬‬
‫الغالبة يف عهده اجلدية واحلزم والشجاعة‪.‬‬
‫االهتمام باإلصالح العمراّن‪ ،‬فأنشأ األسوار والقالع واألبراج‪ ،‬وأعاد ختطيط بعض‬ ‫‪‬‬
‫الـ ُمدن‪ ،‬ومما ُُيمد لصالح الدين ¬ أنهُ يف حال دمار وخراب بيوت الرعية بعد أي معركة‪،‬‬
‫يُسارع يف بناء هذه البيوت وترميمها وإصالحها‪ ،‬واإلنفاق على الناس‪ ،‬فهذا الفعل يُعطي الناس‬
‫محاسة يف التضحية واجلهاد‪.‬‬
‫االهتمام جبميع مؤسسات الدولة سواء الشرعية‪ ،‬أو اإلدارية‪ ،‬أو القضائية‪ ،‬أو‬ ‫‪‬‬
‫العسكرية‪ ،‬أو االقتصادية أو األمنية‪ ،‬مما أدى إىل متاسك الدولة‪.‬‬

‫(‪ )5‬مفردها تكية‪ ،‬وهي كلمة تركية‪ ،‬مبعىن الزاوية أو مكان االعتكاف والراحة‪ ،‬وهي خاصة بالصوفية غالبًا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫كانت هذه هي العوامل اليت َّأدت إىل االنتصار يف حطني‪ ،‬وفتح بيت املقدس‪.‬‬

‫اثنياا‪ :‬جهود السلطان حممود بن ممدود اخلوارزمي أو السلطان املظفر سيف الدين قطز(‪:)6‬‬

‫عندما اعتلى قطز عرش احلكم يف مصر؛ وذلك بعد مقتل عز الدين أيبك(‪ ،)7‬مث زوجته َشجر الدر(‪)8‬؛‬
‫مل على إعادة ترتيب األوضاع الداخلية‪ ،‬ومتثل ذلك يف ع َّدة أصعدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ع َ‬
‫الصعيد السياسي‪:‬‬
‫أوَل‪َّ :‬‬
‫ً‬

‫‪ .1‬قام بعزل املنصور علي بن عز الدين أيبك‪ ،‬الذي اعتلى عرش احلكم بعد وفاة أبيه‪ ،‬وعمرهُ ال‬
‫عاما‪ ،‬وكان حتت وصاية أمه شجر الدر‪ ،‬واليت بدورها استغلت هذه الوصاية‬ ‫يتجاوز اخلمسة عشر ً‬
‫وحكمت مصر هبا‪.‬‬
‫وعزل بطانة السوء؛ فعزل ع َّد َة شخصيات‪ ،‬منها‪ :‬األمري علم‬
‫‪ .2‬قام بتقريب البطانة الصاحلة منه‪َ ،‬‬
‫الدين سنجر الغتمي‪ ،‬واألمري سيف الدين قريان املعزي‪ ،‬والطواشي حسام الدين بالل املغيثي‬
‫اجلمدار‪ ،‬وغريهم الكثري‪ ،‬واعتقل شديدي العداوة ووضعهم يف سجن القلعة‪ ،‬وهكذا ختلَّص من‬
‫رؤوس الـ ُمعارضة‪.‬‬
‫‪ .3‬قضى على الفتنة بني املماليك البحرية أو الصاحلية واملماليك املعزية‪ ،‬واليت نشبت بعد مقتل‬
‫ُ‬
‫األمري فارس الدين أقطاي ‪-‬أحد قادة املماليك البحرية‪ ،-‬فقرر إصدار عفو عام عن املماليك‬

‫(‪ )6‬الـ ُملقب بـ "قُطز"‪ ،‬وهذا اللقب أطلقهُ عليه التتار‪ ،‬ويعين‪ :‬الكلب املسعور أو الشرس‪.‬‬
‫(‪ )7‬أول سالطني الدولة اململوكية‪ .‬نصب ُسلطانًا على مصر يف عام ‪ 1250‬م‪ ،‬بعد أن تزوجته وتنازلت له عن العرش شجر الدر سلطانة‬
‫مصــر وأرملــة الســلطان األيــوأ الصــاحل أيــوب‪ ،‬وبقــي ســلطانًا علــى مصــر إىل أن اُغتيــل بقلعــة اجلبــل يف عــام ‪ 1257‬م‪ .‬كــان مــن أصــل‬
‫تركماّن‪ ،‬اسم أيبك يتكون من مقطعني بالرتكية (أي) وتعىن قمر و(بك) وتعين أمري‪.‬‬
‫(‪ )8‬امللقبة بعصمة الدين أم خليل‪ ،‬خوارزمية األصل‪ ،‬وقيل أهنا أرمينية أو تركية‪ .‬كانت جارية اشـرتاها السـلطان الصـاحل اـم الـدين أيـوب‪،‬‬
‫وحظيت عنده مبكانة عالية حىت أعتقها وتزوجها وأابت منه ابنها خليل الذي تويف يف صفر سنة ‪ 648‬هـ (مـايو ‪ 1250‬م)‪ .‬تولـت‬
‫يومـا مببايعـة مـن املماليـك وأعيـان الدولـة بعـد وفـاة السـلطان الصـاحل أيـوب‪ ،‬مث تنازلـت عـن العـرش لزوجهـا املعـز‬‫عرش مصر ملدة مثـانني ً‬
‫هاما أثناء احلملة الصليبية السابعة على مصر وخالل معركة املنصورة‪.‬‬ ‫دورا تارخييًا ً‬‫أيبك الرتكماّن سنة ‪ 648‬هـ (‪ 1250‬م)‪ .‬لعبت ً‬

‫‪7‬‬
‫البحرية‪ ،‬وكانوا قد تفرقوا َعقب مقتل أمريهم أقطاي يف اإلمارات اإلسالمية اجملاورة‪ ،‬وعلى إثر هذا‬
‫العفو مت رئب الصدع بني املماليك‪ ،‬وهذا مما ُُيمد للسلطان حممود ¬ فقد متكن من مجع مشل‬
‫املماليك بعد شتتاهتم وتوحيدهم حتت راية واحدة وزعيم واحد‪ ،‬مما أكسبه القوة يف مواجهة التتار‪،‬‬
‫وكان من أبرز شخصيات املماليك البحرية ركن الدين بيربس البندقداري(‪ ،)9‬والذي جعله السلطان‬
‫على مقدمة اجليش اإلسالمي يف معركة عني جالوت‪.‬‬
‫‪ .4‬قام بتحييد كل من الناصر يوسف األيويب‪ ،‬والصليبيني يف الشام حىت ال يُطعن من اخللف أثناء‬
‫مسريه ملالقاة التتار؛ فأرسل برسالة للناصر يوسف يعطيه فيها فروض الوالء والطاعة‪ ،‬وخيربه أنه نائبًا‬
‫لهُ على مصر ‪-‬فقد كان للناصر يوسف أطماع يف مصر‪ ،‬حيث يعترب نفسه الوريث الوحيد للدولة‬
‫خاسرا‪ ،-‬وعلى‬ ‫ً‬ ‫ناصرا بل كان‬
‫األيوبية‪ ،‬وجيب إرجاع مصر حتت نفوذ األيوبيني‪ ،‬وحبق مل يكن ً‬
‫اجلانب األخر‪ ،‬أرسل وفد إىل إمارة عكا الصليبية‪ ،‬ومت عقد ُهدنة مؤقتة معهم؛ ومما جاء فيها‪:‬‬

‫اهلدنة مؤقتة تنتهي بانتهاء احلرب مع التتار‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫يف حال خيانة الصليبيني للمسلمني؛ سيتم حترير عكا من قبل املسلمني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يف حال انتصر املسلمني على التتار؛ سيتم بيع خيول التتار للصليبيني بأسعار‬ ‫‪‬‬
‫زهيدة‪.‬‬
‫يقوم الصليبيون بتزويد اجليش اإلسالمي باملؤن أثناء وجوده يف فلسطني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )9‬يُلقب بـ (أبو الفتوح)‪ .‬هو ُسلطان مصر والشـام ورابـع سـالطني الدولـة اململوكيـة ومؤسسـها احلقيقـي‪ ،‬بـدأ مملوًكـا يبـاع يف أسـواق بغـداد‬
‫والشام وانتهى به األمر أحد أعظم السالطني يف العصر اإلسالمي الوسيط‪ .‬ل ّقبه امللك الصـاحل أيـوب يف دمشـق بــ"ركن الـدين"‪ ،‬وبعـد‬
‫وصوله للحكم لقب نفسه بامللك الظاهر‪ .‬ولد بيربس حنو عام ‪ 620‬هـ‪ 1221 /‬م‪ ،‬حقق خالل حياته العديد من االنتصارات ضد‬
‫الصــليبيني وخانــات املغــول ابتــداءً مــن معركــة املنصــورة ســنة ‪ 1250‬م ومعركــة عــني جــالوت انتهــاءً مبعركــة األبلســتني ضــد املغــول ســنة‬
‫ضا على إمارة أنطاكية الصليبية‪ .‬تويف يوم اخلميس ‪ 27‬حمـرم ‪ 676‬هــ‪/‬‬ ‫‪ 1277‬م‪ .‬وقد قضى أثناء حكمه على احلشاشني واستوىل أي ً‬
‫‪ 2‬مايو ‪ 1277‬م (عمر ‪ 54‬سنة) بعد رجوعه من معركة األبلستني ضد خانات املغول سنة ‪ 1277‬م‪ .‬أحيـا خـالل حكمـه اخلالفـة‬
‫العباســية يف القــاهرة بعــد مــا قضــى عليهــا املغــول يف بغــداد‪ ،‬وأنشــأ نظُ ًمــا إداري ـةً جديــدة يف الدولــة‪ ،‬اشــتهر بيــربس بذكائــه العســكري‬
‫والدبلوماسي‪ ،‬وكان له دور كبري يف تغيري اخلريطة السياسية والعسكرية يف منطقة البحر املتوسط‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫كثريا‪ ،‬فمن ناحية عسكرية استطاع أن يوجد‬
‫واحلق أن السلطان حممود ¬ استفاد من حتييد الصليبيني ً‬
‫قاعدة قريبة من أرض املعركة إلمداد اجليش اإلسالمي مبا ُيتاجه من مؤن‪ ،‬خاصة وأن الطريق من أرض‬
‫املعركة (عني جالوت‪-‬بيسان) تبعد عن مركز القيادة يف مصر آالف الكليومرتات‪ ،‬مما قد ُيول دون وصول‬
‫اإلمدادات‪ ،‬وبالتايل ال يأمن اجليش اإلسالمي من اهلزُية‪.‬‬

‫ومن ناحية أُخرى‪ ،‬العالقات بني التتار والصليبيني وطيدة جدا‪ ،‬خاصة وأن اهلدف واحد هو إزالة‬
‫فضال عن‬
‫اإلسالم‪ ،‬وكما يقول املثل السياسي (ليس بني الدول صداقات‪ ،‬ولكن ُهناك مصاحل ُمشرتكة)‪ً ،‬‬
‫سبب ثاّن وهو تقارب بعض قادة التتار من الصليبيني‪ ،‬فقائد املغول يف معركة عني جالوت (كتبغا نويان)‬
‫قد اعتنق النصرانية‪ ،‬وكانت زوجة هوالكو (دوقوز خاتون) نصرانية‪ ،‬وكانت شديدة العداوة لإلسالم‬
‫والـ ُمسلمني‪ ،‬وهي احملرض والداعم األول هلوالكو يف مجيع أعماله ضد املسلمني‪ ،‬فقد اجتمعت اهلمجية‬
‫الترتية مع احلقد النصراّن الصلييب‪.‬‬

‫أيضا قيام‬
‫ومما َّأدى إىل هذه اهلدنة‪ ،‬هو ما فعله التتار بإمارة صيدا الصليبية وما جاورها من هنب وقتل‪ ،‬و ً‬
‫حيث قام بتعني قسيس أرثوذكسي يف كنيسة كاثوليكية‪ ،‬مما أدى إىل‬
‫هوالكو بالتدخل يف الشؤون الكنسية‪ُ ،‬‬
‫توافق املصاحل بني الطرف املسلم والصلييب على عقد ُهدنة مؤقتة‪.‬‬

‫يدل على حنكة السلطان حممود ¬ السياسية واإلدارية‪ ،‬وهكذا اح ¬ يف ترتيب الوضع‬ ‫كل هذا ُ‬
‫ف املسلم‪ ،‬وحتيد األعداء والطامعني؛ مما َّأدى‬
‫الص ِّ‬
‫الداخلي‪ :‬من قضاء على املعارضني واملناوئني‪ ،‬وتوحيد َّ‬
‫إىل االنتصار والتحرير‪.‬‬

‫الصعيد اَلقتصادي‪:‬‬
‫ثانيًا‪َّ :‬‬

‫بعدما رتب سيف الدين ¬ األوضاع الداخلية‪ ،‬وقام بتحييد األطراف املعادية‪ ،‬كان عليه أن يشرع يف‬
‫وهنا اتَّبع ¬ طريقة هادفة جلباية‬
‫مجع األموال الالزمة لتجهيز تلك القوات مبا يلزمها من العدة والعتاد‪ُ ،‬‬
‫هذه االموال من املسلمني‪ ،‬قائمة على أساس حتكيم الشريعة اإلسالمية لكي ال ينزعج املسلمون من ذلك‬
‫خاصة إذا علمنا َّ‬
‫بأن دولة املماليك ال زالت دولة حديثة‪ ،‬تواجهها معارضة أيوبية‪ ،‬فحرص السلطان‬ ‫العمل‪َّ ،‬‬

‫‪9‬‬
‫العز بن عبد السالم ¬(‪ ،)10‬وأخذ رأيه يف مجع األموال‬ ‫حممود وكبار رجاله على استدعاء شيخ اإلسالم ِّ‬
‫مفادها‬
‫الالزمة من املسلمني لتجهيز اجليش اإلسالمي‪ ،‬اخلارج لصد العدوان املغويل‪ ،‬فأصدر الشيخ فتوى ُ‬
‫للسلطان أن يأخذ من أموال التُجار‪،‬‬‫ب على الناس اخلروج لقتاله‪ ،‬وجاز ُ‬ ‫رق العدو البالد َو َج َ‬
‫أنهُ إذا طَ َ‬
‫وأغنياء الناس‪ ،‬ما يستعني به على جتهيز العساكر لدفع العدو‪ ،‬بشرط أن ال يبقى يف بيت املال شيء من‬
‫السالح والسروج والذهب والفضة والسيوف الـ ُمحالة بالذهب‪ ،‬وأن يتساوى العامة مع غريهم سوى آالت‬
‫احلرب‪ ،‬ويقتصر اجلُندي على فرسه ورحمه وسيفه‪ ،‬وأما أخذ األموال من العامة مع بقاء ما يف أيدي اجلُند‬
‫من األموال واآلالت فال(‪.)11‬‬

‫احدا‪ ،‬وأخذ من أجرة‬


‫دينارا و ً‬
‫فقرر السلطان حممود على ُك ِّل رأس من أهل مصر والقاهرة من كبري وصغري ً‬
‫الرتك األهلية ثُلث‬
‫عجال‪ ،‬وأخذ من َ‬
‫احدا‪ ،‬وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة أمواهلم ُم ً‬
‫شهرا و ً‬
‫األمالك ً‬
‫املال‪ ،‬وأخذ من الغيطان(‪ )12‬والسواقي(‪ )13‬أجرة شهر واحد‪ ،‬وبلغ ُمجلة ما مجعهُ من األموال أكثر من‬
‫ستمائة ألف دينار(‪.)14‬‬

‫الدين بن عبد‬ ‫علما بأن السلطان مل يشرع يف مجع األموال من املصريني إال بعد أن َّنفذ فتوى الشيخ ِّ‬
‫عز ِّ‬ ‫ً‬
‫(‪)15‬‬
‫السالم‪ ،‬بأن أحضر هو واألمراء ما عندهم من ُحلي وأموال ووضعها بني يدي الشيخ ‪.‬‬

‫(‪ )10‬هو عز الدين بن عبد السالم بن أيب القاسم بن احلسن بن حممد بن املهذب السلمي الدمشقي الشافعي شيخ اإلسـالم واملسـلمني‪،‬‬
‫العلماء‪ ،‬وإمام عصره بال مدافعـة‪ ..‬ولـد عـام ‪ 577‬هــ‪ ،‬وصـنف الكثـري مـن ال ُكتـب يف الشـريعة وعلومهـا‪،‬‬ ‫وأحد أئمة األعالم‪ ،‬سلطان ُ‬
‫تويف سنة ‪ 660‬هـ‪ .‬ي نظر ترمجته مفصلة يف‪ :‬طبقات الشافعية‪ :‬السبكي (‪.)255 -209 /8‬‬
‫(‪ )11‬النجوم الزاهرة‪ :‬ابن تغري بردى (‪)73 -72/ 7‬؛ طبقات الشافعية‪ :‬السبكي (‪.)215 /8‬‬
‫(‪ )12‬هي احلقول الواسعة اليت يعمل هبا الفالحني‪.‬‬
‫(‪ )13‬هي القنوات اليت تسقي احلقول واألراضي‪.‬‬
‫(‪ )14‬بــدائع الزهــور‪ :‬ابــن إيــاس (ج‪ ،1‬ق‪)306 -305 /1‬؛ والــرتك األهليــة الــيت أوردهــا ابــن إيــاس (بكســر التــاء وفــتح ال ـراء)‪ ،‬يبــدو أن‬
‫املقصود هبا تركات األهايل‪ ،‬أي تركات املتوفني‪.‬‬
‫(‪ )15‬طبقات الشافعية‪ :‬السبكي (‪.)83 /8‬‬

‫‪10‬‬
‫هكذا استطاع السلطان حممود ¬ القضاء على مجيع احلواجز اليت حتول بينه وبني املسري ملالقاة اجليش‬
‫املغويل والقضاء عليه‪ ،‬وحترير األرض املقدسة‪.‬‬

‫اثنياا‪ :‬فلسطني أرض املعارك الفاصلة‪:‬‬

‫مفر منها‪ ،‬فمعركة الريموك عام‬ ‫متاما أن هذه حقيقة ال َّ‬ ‫‪ .1‬القارئ للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬سيعلم ً‬
‫‪ 636 / ç 15‬م اليت كانت بني املسلمني بقيادة الصحايب اجلليل خالد بن الوليد املخزومي ‪¢‬‬
‫ومهدت الستكمال فتح باقي بالد الشام كانت على ضفة هنر‬ ‫والروم‪ ،‬واليت قد كسرت شوكة الروم َّ‬
‫األردن إىل الشرق من فلسطني (بني احلدود األردنية الفلسطينية)(‪.)16‬‬
‫‪ .2‬معركة حطني عام ‪ 583‬ه‪ 1187 /‬م اليت كانت بني املسلمني بقيادة صالح الدين‬
‫مزقتهم ومهدت لفتح بيت املقدس يف شهر رجب من نفس العام‪،‬‬ ‫األيويب ¬ والصليبيني‪ ،‬واليت َّ‬
‫واليت على إثرها متَّ القضاء على أغلب حصون الصليبيني يف املنطقة‪ ،‬كانت بالقرب من قرية اجملاودة‬
‫بني الناصرة وطربية‪.‬‬
‫‪ .3‬معركة عني جالوت عام ‪ 658‬ه‪ 1260 /‬م اليت كانت بني املسلمني املماليك بقيادة‬
‫حممود بن ممدود اخلوارزمي ¬ والتتار‪ ،‬واليت قصمت ظهر التتار (املغول) وشتَّتَت مجعهم‪ ،‬وقضت‬
‫على أكذوبة (اجليش الذي ال يُقهر)‪ ،‬كانت يف مشال فلسطني بال ُقرب إىل الشرق من بلدة دارين بني‬
‫بيسان ونابلس‪.‬‬
‫إن املسيح عيسى بن مرمي ’ يقتُل املسيح الدجال يف فلسطني‪ ،‬فعن أيب أمامة‬ ‫‪ .4‬بل َّ‬
‫الش ْرقِ ِّي‬ ‫الباهلي ‪ ،¢‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‘ عن الدجال‪« :‬فَ يُ ْد ِرُكهُ(‪ِ )17‬ع ْن َد بَ ِ‬
‫اب اللُّ ِّد َّ‬
‫فَ يَ ْقتُ لُهُ»(‪.)18‬‬

‫"الدميثة" تقع إىل الشـرق‬


‫(‪ )16‬هل تعلم‪ :‬أن أول معركة يف عملية حترير بالد الشام من الروم البيزنطيني كانت يف قرية تُسمى "الداثن" أو ُ‬
‫قائد اجلـيش اإلسـالمي الصـحايب اجلليـل أبـو أمامـة البـاهلي ‪ ،¢‬وكانـت املعركـة يف عـام ‪ 12‬هــ‪،‬‬
‫من مدينة الداروم "دير البلح"‪ ،‬وكان َ‬
‫وهي املعركة اليت مهدت لفتح بالد الشام‪ ،‬ومهدت ملعركة الريموك وما بعدها من معارك‪.‬‬
‫(‪ )17‬أي عيسى ’ يُدرك الدجال‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .5‬كما إ َّن املعركة الفاصلة مع اليهود تكون يف فلسطني‪ ،‬عن أيب هريرة ‪ ¢‬أن رسول اهلل‬
‫ود فَ يَ ْقتُ لُ ُه ُم ال ُْم ْسلِ ُمو َن َحتَّى يَ ْختَبِ َئ‬
‫اعةُ َحتَّى يُ َقاتِ َل ال ُْم ْسلِ ُمو َن الْيَ ُه َ‬‫الس َ‬
‫وم َّ‬ ‫‘‪ ،‬قال‪َ« :‬لَ تَ ُق ُ‬
‫الشجرُ‪ :‬يا مسلِم يا َعب َد اللَّ ِه َه َذا ي ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ود ُّ ِ‬ ‫الْي ه ِ‬
‫ودي‬ ‫َُ‬ ‫ْح َج ُر أَ ِو َّ َ َ ُ ْ ُ َ ْ‬ ‫ول ال َ‬ ‫الش َج ِر فَ يَ ُق ُ‬
‫ْح َج ِر َو َّ‬
‫ى م ْن َوَراء ال َ‬ ‫َُ‬
‫ود»(‪.)19‬‬ ‫ال فَاقْتُ لْهُ‪ .‬إَِلَّ الْغَرقَ َد فَِإنَّهُ ِمن َشج ِر الْي ه ِ‬
‫َخل ِْفي فَ تَ َع َ‬
‫ْ َ َُ‬ ‫ْ‬
‫قال اإلمام النووي ¬ ُمعلِّ ًقا‪" :‬والغرقد نوع من شجر َّ‬
‫الشوك معروف ببالد بيت املقدس‪ ،‬وهناك يكون‬
‫قتل الدجال واليهود"(‪.)20‬‬

‫اثلثاا‪ :‬فلسطني ًل حُترر من الداخل‪:‬‬

‫‪ .1‬وهذه احلقيقة نستنتجها من خالل ما سبق‪ ،‬فجيش اإلسالم األول والفاحتني من الصحابة‬
‫‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ ،-‬جاؤوا من شبه اجلزيرة العربية ففتحوا البالد وقلوب العباد‪ ،‬وقد تساوت‬
‫فلسطني يف هذا الفتح مع غريها من البُلدان‪.‬‬
‫‪ .2‬اجليش الذي جاء به صالح الدين وقضى به على الصليبيني وفتح به بيت املقدس؛ كان‬
‫نتيجة توحيد اجلبهة اإلسالمية من مصر والشام ومشال العراق‪ ،‬حىت إنَّه طلب الدعم من سلطان‬
‫املوحدين يف املغرب أيب يوسف املوحدي‪ ،‬إال إن انشغاله جبهاد الصليبيني ُهناك حال بينه وبني إرسال‬
‫مدد لصالح الدين‪.‬‬
‫أغلب ُُماهدي الشام واخلوارزميني‪.‬‬
‫انضم إليه ُ‬
‫‪ .3‬جيش السلطان قُطز جاء به من مصر‪ ،‬و َّ‬
‫‪ .4‬مجيع املسلمني يشرتكون يف قتال اليهود يف آخر الزمان‪.‬‬

‫=‬
‫(‪ )18‬ص حي ‪ :‬أخرجــه ابــن ماجــه يف كتــاب الفــنت‪ ،‬حــديث رقــم‪)4077( :‬؛ قــال األلبــاّن‪ :‬صــحيح‪ ،‬وذلــك يف صــحيح اجلــامع الصــغري‬
‫وزياداته‪ ،‬حديث رقم‪.)7875( :‬‬
‫(‪ )19‬رواه مسلم يف كتاب الفنت وأشراط الساعة‪ ،‬حديث رقم‪.)2922( :‬‬
‫(‪ )20‬شرح النووي على مسلم (‪.)45/18‬‬

‫‪12‬‬
‫قلت‪ :‬لذا أهل فلسطني يكونون ً‬
‫دوما ُمساندين جليوش التحرير‪ ،‬فقد ساندوا صالح الدين يف حتريره‪،‬‬
‫فضال عن عوامهم جيهلون أن‬‫ص املسلمني ً‬ ‫وكذلك ساندوا قطز يف قضائه على التتار‪ ،‬بل إ َّن ً‬
‫كثريا من خوا ِّ‬
‫أول هزُية للتتار كانت يف غزة‪ ،‬ومن ُمثَّ تاله النصر املؤزر يف عني جالوت‪ ،‬فأهل فلسطني جياهدون إما‬
‫بالنفس أو املال أو كليهما‪ ،‬وممَّا يؤثَر عن أهايل وفالحي مناطق الشمال الفلسطيين؛ َّأهنم قد ساعدوا اجليش‬
‫اململوكي الـ ُمسلم بالقتال وإسعاف املصابني وسقي اجلنود يف عني جالوت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كثريا‪.‬‬ ‫هذا واهلل أعلم‪ ،‬وصلَّى اهلل على سيِّدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلَّم ً‬
‫تسليما ً‬

‫‪2015‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1436‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪5‬‬
‫الصف اإلسالمي‪5 ...........................................................:‬‬
‫أول‪ :‬تطهري اجلبهة الداخلية‪ ،‬وتوحيد َّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬جهود صالح الدين األيوبي‪5 ............ ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫ثانيًا‪ :‬جهود السلطان محمود بن ممدود الخوارزمي أو السلطان المظفر سيف الدين قطز‪7 ................ ................................ :‬‬

‫اثنيًا‪ :‬فلسطني أرض املعارك الفاصلة‪11 ........................................................................... :‬‬


‫اثلثًا‪ :‬فلسطني ل حُتَّرر من الداخل‪12 ............................................................................. :‬‬
‫‪14‬‬

‫‪14‬‬

You might also like