You are on page 1of 15

‫قصة سليمان عليه السالم في القرآن الكريم‬

‫مق ّدم الستفاء الواجب في مادة التفسير الموضوعي‬

‫احملاضر ‪ :‬األستاذ الدكتور آسف ترسنان‪,M.Ag Lc ،‬‬

‫الباحث‪:‬‬

‫‪412020231051‬‬ ‫داتو فرمانا‬

‫كلية أصول الدين‬

‫قسم علوم القران والتفسير‬

‫جامعة دار السالم كونتور‬

‫‪2021/1443‬‬
‫كلمة الشكر و التقدير‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل الذي وفَّق فعلَّم‪ ،‬وأنعم فأهلم َّ‬


‫وفهم‪ ،‬والصالة والسالم على أفضل‬

‫خلق اهلل وأعلم‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أويل العلوم واحلِ َك ِم؛ أما بعد‪ .‬اشهد اال اله اىل اهلل‬

‫و اشهد أن حممد عبده ورسوله و حبيبه و خليله و على اله حق قدره و مقدره‬

‫العظيم‪ .‬أشكر خبالص الشكر والتقدير إىل اهلل عزوجل الذي قد أنزل السكينة‪ W‬يف‬

‫قلوب املؤمنني ليزدادوا إميانا مع إمياهنم‪ ،‬والذي أنعمنانعما كثرية‪ ،‬عناية‪ ،‬وهداية حىت‬

‫نستطيع أن نؤلف هذا البحث بدون أي مشاكل‪ .‬وقدم هذا البحث من كتابته ألداء‬

‫الواجبة لدرس التفسري املوضوعي حتت عنوان‪ W‬املوضوع "قصة سليمان عليه السالم‬

‫في القرآن" وال ننس أيضا أن نشكر شكرا كثريا على فضيلة أستاذنا الفاضل "األستاذ‬

‫الدكتور آسف ترسنان‪ ,M.Ag Lc ،‬الذي قد كلفنا هبذه الواجبة للتدريب و التعلم‬

‫عن هذا العلم‪.‬‬

‫‪i‬‬
‫محتويات البحث‬

‫كلمة الشكر والتقدير ‪i.........................................................‬‬

‫محتويات البحث‪............................................................ ii‬‬

‫األول ‪ :‬مق ّدمة ‪1.........................................................‬‬


‫الباب ّ‬

‫خلفية البحث‪2...........................................................‬‬

‫حتديد املسألة‪2............................................................‬‬

‫أهداف البحث‪2..........................................................‬‬

‫الباب الثاني ‪ :‬البحث ‪.........................................................‬‬

‫‪3‬‬

‫سرية سليمان عليه السالم‪.................................................‬‬

‫‪3‬‬

‫فضائل سليمان عليه السالم‪5...............................................‬‬

‫مملكة سليمان عليه السالم‪7................................................‬‬

‫‪ii‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬االختتام ‪9......................................................‬‬

‫االستنباط‪9...............................................................‬‬

‫المراجع ‪.....................................................................‬‬

‫‪11‬‬

‫‪iii‬‬
‫األول‪ .‬مق ّدمة‬
‫الباب ّ‬

‫خلفية البحث‬

‫أرسل اهلل األنبياء إىل األقوم السابقة‪ W‬ليدعوهم إىل عبادة اهلل وحدة و ال‬

‫يشركون به أحدا‪.‬و من أحد األنبياء‪ W‬الذي أرسل اهلل إىل الناس نيب سليماي عليه‬

‫السالم‪ .‬هو امللك النيب بكثري من التفضيل‪ ،‬وأما اليهود اعتربه ظلما و عدوانا بأنه‬

‫ساحر و كفر‪ .‬كما ذكر ذلك احلق يف سورة البقرة ‪َ ( 102 :‬واتََّبعُ ْوا‪َ W‬ما َتْتلُوا‬
‫ك سلَي ٰمن ۚ وما َك َفر سلَي ٰمن وٰل ِك َّن َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الشٰيطنْي َ َك َف ُر ْوا يُ َعلِّ ُم ْو َن الن َ‬
‫َّاس‬ ‫الشٰيطنْي ُ َع ٰلى ُم ْل ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ‬
‫ت ۗ َو َما يُ َعلِّ ٰم ِن ِم ْن اَ َح ٍد َحىّٰت‬ ‫الس ْحَر َو َمٓا اُنْ ِز َل َعلَى الْ َملَ َكنْي ِ بِبَابِ َل َه ُار ْو َ‬
‫ت َو َم ُار ْو َ‬ ‫ِّ‬

‫َي ُق ْوٓاَل اِمَّنَا حَنْ ُن فِْتنَةٌ فَاَل تَ ْك ُف ْر ۗ َفيََت َعلَّ ُم ْو َن ِمْن ُه َما َما يُ َفِّر ُق ْو َن بِه َبنْي َ الْ َم ْر ِء َو َز ْو ِجه ۗ َو َما‬

‫ضُّر ُه ْم َواَل َيْن َفعُ ُه ْم ۗ َولََق ْد َعلِ ُم ْوا‬ ‫ٍ ِ ِ ِٰ‬ ‫ِ‬


‫ضاِّۤريْ َن بِه م ْن اَ َحد ااَّل بِا ْذ ِن اللّه ۗ َو َيَت َعلَّ ُم ْو َن َما يَ ُ‬
‫ُه ْم بِ َ‬

‫اشَر ْوا بِ ٓه اَْن ُف َس ُه ْم ۗ لَ ْو َكانُ ْوا َي ْعلَ ُم ْو َن)‬


‫س َم َ‬‫ئ‬‫ْ‬‫لَم ِن ا ْشَت ٰرىهُ َما لَه ىِف ااْل ٰ ِخر ِة ِم ْن َخاَل ٍق ۗ ولَبِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و قد دافع اهلل النيب امللك بإظهار احلق و نفي عن االهتام اليهودي الباطل‪.1‬‬

‫فقد أعطى اهلل سبحانه و تعاىل سليمان فضائل يف كثري من األمور‪ ،‬و من‬

‫فضيلته أعظم مملكة يف العامل اليت ال أحد من يزامحه‪.‬قال ابن كثري ‪ :‬بلغين أنه ملك‬

‫األرض كلها أربعة ‪ :‬مؤمنان و كافران‪ ،‬سليمان النيب و ذوالقرنني‪ ،‬منرود و خبت‬

‫‪1‬نصور عبد احلكيم‪ ,‬سليمان عليه السالم النيب امللك_‪.Foulabook.Com_.Pdf, n.d_35092‬‬


‫ص‪8 .‬‬

‫‪1‬‬
‫نصر‪ .‬و قد دعى اهلل سبحانه و تعاىل على أن جيعل ملكه ملكا عظيما و ال أحد من‬

‫يزاحم بعده‪ .‬وهذا الدعاء فقد كتب يف سورة ص اآلية اخلامسة و ثالثني يف قوله‬
‫ٍ ۢ ِ ِۚ‬ ‫ۢ‬ ‫تعاىل (قَ َال ر ِّ ِ‬
‫اب)‪.‬‬
‫ت الْ َو َّه ُ‬ ‫ب يِل ْ ُم ْل ًكا اَّل َي ْنبَغِ ْي اِل َ َحد ِّم ْنَب ْعد يْ ان َ‬
‫َّك اَنْ َ‬ ‫ب ا ْغف ْر يِل ْ َو َه ْ‬ ‫َ‬
‫اجلن و احليوان و غري ذلك‪ .‬هبذه‬
‫وكان له جنود من املخلوقات املتنوعة‪ ،‬من الناس و ّ‬
‫اجلنود املتنوعة أسبحت مملكته عظيمة و قويّة‪ .‬سهل سليمان الصطياد عدوانه‬

‫الكافرين و املشركني‪ .‬و هذه كلها من بعض فضائل امللك النيب سليمان عليه السالم‬

‫اليت أعطى اهلل عليه‪.‬‬

‫تحديد المسألة‬

‫من هو النيب امللك سليمان عليه السالم و كيف سريته؟‬ ‫‪‬‬

‫ما فضائل سليمان عليه السالم اليت أعطاها اهلل إليه؟‬ ‫‪‬‬

‫كيف كان شكل مملكته العظيمة؟‬ ‫‪‬‬

‫أهداف البحث‬

‫معرفة النيب امللك سليمان عليه السالم و سريته‬ ‫‪‬‬

‫معرفة فضائل سليمان عليه السالم اليت أعطاها اهلل إليه‬ ‫‪‬‬

‫معرفلة شكل مملكته العظيمة‬ ‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬البحث‬

‫سيرة سليمان عليه السالم‬

‫هو سليمان بن داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن حنشون بن‬

‫عمينا داب بن ارم بن حصرون بن فارص يب يهوذا بن يعقوب يب إسحاق يب إبراهيم‬

‫أيب الربيع نيب اهلل بن نيب اهلل‪ ،‬النيب املسلم كان ملكا علي أرض الشام و جزيرة العرب‪،‬‬

‫و بيت املقدس عاصمة الدولة اإلسالمية‪ W‬حينما ملكا و صفه القرآن أنه ال ينبغي‪ W‬ألحد‬

‫من بعده فكان ملكه واسعا و سلطانه عظيما‪.‬‬

‫نيب من أنبياء بين اسرائيل أُرسل بعد والده داود عليه السالم‪ ،‬نشأ يف بيت‬

‫نبوة‪ ،‬وقد ورث احلكمة والقضاء عن أبيه عليهما السالم‪ ،‬وبوفاة داود عليه السالم‬

‫ال‬ ‫{و َو ِر َ‬
‫ث ُسلَْي َٰم ُن َد ُۥاوَد ۖ َوقَ َ‬ ‫كان عمر سليمان اثنتان‪ W‬وعشرين سنة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫ني}‪ 2،‬فقد‬ ‫نط َق الطَّرْيِ َوأُوتِينَا ِمن ُك ِّل َش ْىء ۖ إِ َّن َٰه َذا هَلَُو الْ َف ْ‬
‫ض ُل الْ ُمبِ ُ‬
‫ٰيَٓ أَيُّها النَّاس علِّمنَا م ِ‬
‫ُ ُْ َ‬ ‫َ‬
‫ورث‪،‬‬
‫فالنبوة ال تُ ّ‬
‫جمازي؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫والنبوة‪ W،‬ولفظ املرياث‪ W‬هنا لفظ‬
‫ورث سليمان عن أبيه امللك ّ‬
‫وإمّن ا هو اصطفاء اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬لألنبياء‪ ،‬فإ ّن اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬قد اصطفى سليمان من بني‬
‫‪3‬‬
‫ولدا‪.‬‬
‫أبناء داود ‪-‬عليهما السالم‪ -‬الذين قيل إ ّن عددهم قد بلغ تسعة عشر ً‬

‫‪ 2‬سورة النمل ‪16 :‬‬


‫‪ 3‬لينا عمرية‪“ ,‬معلومات عن النيب سليمان‪,sotor.com, accessed September 25, 2021 ”,‬‬
‫معلومات عن النيب سليمان‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫كان نيب اهلل سليمان عليه السالم أبيضا جسميا‪ ،‬كثري الشعر‪ ،‬يلبس من الثياب‬

‫البياض و ورث امللك عليه السالم و كان عمره حينئذ اثنيت عشرة سنة و قد منحه اهلل‬

‫تبارك و تعاىل منذ صباه الذكاء و احلكمة و حسن القضاء‪ ،‬فقد كان أبوه يف أيام‬

‫ملكه يشاوره يف أموره مع حداثة سنة حلكمته و فطانته‪ .‬وقد ذكر القرآن الكرمي طرفا‬

‫من ذلك الذكاء الذي كان عند سليمان عليه السالم و ذلك يف قصة احلرث و الزرع‬

‫الذي نفشت فيه الغنم أي رعت فيه ليال‪ ،‬فاستفىت داود عليه السالم فأفىت فيها بوجه و‬

‫أفىت فيها ابنه سليمان بوجه آخر‪ ،‬ووفق سليمان عليه السالم إىل احلكم األقوم عليهما‬

‫اود َو ُسلَْي ٰم َن اِ ْذ حَيْ ُك ٰم ِن ىِف احْلَْر ِث اِ ْذ‬ ‫‪4‬‬


‫السالم ‪ .‬قال اهلل تعاىل يف كتابه الكرمي ( َو َد َ‬
‫ۚ‬ ‫حِل ِ ِ ِ ِ‬ ‫َن َف َش ِ ِ‬
‫ت فْيه َغنَ ُم الْ َق ْو ۚ ِم َو ُكنَّا ُكْمه ْم ٰشهديْ َن َف َف َّه ْمن َٰها ُسلَْي ٰم َنَو ُكاًّل اَٰتْينَا ُحك ً‬
‫ْما‬ ‫ْ‬
‫‪5‬‬
‫ال يُ َسبِّ ْح َن َوالطَّْي ۗ َر َو ُكنَّا ٰفعِلِنْي َ )‬
‫اود اجْلِبَ َ‬ ‫ِ ۖ‬
‫َّوع ْل ًما َّو َس َّخ ْرنَا َم َع َد َ‬

‫‪ 4‬ابن كثري‪ ،‬إمساعيل بن عمر القريشي الدمشقي‪ ،‬عمدة التفسري‪ ،‬خمتصر التفسري القرآن العظيم‪ ،‬للعالمة احملقق‬
‫الشيخ أمحد شاكر‪،‬‬
‫اجلزء الثاين‪ ،‬دار الوفاء للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬املنصورة‪ ،‬مصر‪ 1426 ،‬ه – ‪ 2005‬م‪ ،‬ص ‪-743‬‬
‫‪.739‬‬
‫‪ 5‬سورة األنبياء ‪79-78:‬‬

‫‪4‬‬
‫فضائل سليمان عليه السالم‬

‫اود َو ُسلَْي ٰم َن ِع ْل ًم ۗا َوقَااَل احْلَ ْم ُد لِٰلّ ِه الَّ ِذ ْي فَ َّ‬


‫ضلَنَا َع ٰلى َكثِرْيٍ ِّم ْن‬ ‫(ولََق ْد اَٰتْينَا َد َ‬
‫قوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫َّاس عُلِّ ْمنَا َمْن ِط َق الطَّرْيِ َواُْوتِْينَا ِم ْن‬ ‫ث سلَي ٰمن داود وقَ َ ٓ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِِ‬
‫ال ٰي اَيُّ َها الن ُ‬ ‫عبَاده الْ ُم ْؤمننْي َ ‪َ .‬و َور َ ُ ْ ُ َ َ َ‬
‫ض ُل الْ ُمبِنْي ُ )‬ ‫ِ‬
‫ُك ِّل َش ْي ۗ ٍء ا َّن ٰه َذا هَلَُو الْ َف ْ‬
‫‪6‬‬

‫فقد أكرم اهلل عز وجل عبده ونبيه سليمان عليه السالم بنعم كثرية وخصه‬

‫مبزايا رائعة كانت عنواناً للعظمة واجملد ومظهراً مظاهر امللك العظيم واجلاه الكبري‬

‫والدرجة العالية عنه اهلل سبحانه‪ ،‬فقد فضله اهلل تعاىل بالنبوة والكتاب‪ W‬وتسخري‬

‫الشياطني واجلن واإلنس‪ ،‬وأعطاه اهلل عز وجل علما بالقضاء وتسبيح اجلبال ‪ .‬وقد‬

‫علمه اهلل تبارك وتعاىل منطق الطري ولغته وسائر لغات احليوانات‪ W‬فكان يفهم عنها ما‬

‫ال يفهمه سائر الناس‪ ،‬وكان يتحدث معها أحيانا كما كان األمر مع اهلدهد والنمل‪،‬‬

‫قال اهلل عز وجل‪( :‬وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا‪ ‬منطق الطري وأوتينا‬

‫من كل شيء) ‪ ،‬وقد سخر اهلل تبارك وتعاىل لنبيه‪ W‬سليمان عليه السالم الريح فكانت‬

‫تنقله إىل أي أطراف الدنيا شاء‪ ،‬ومن نعم اهلل تبارك وتعاىل على سليمان عليه السالم‬

‫أن سخر له اجلن ومردة الشياطني يغوصون له يف البحار الستخراج اجلواهر والآللئ‬

‫ويعملون له األعمال الصعبة اليت يعجز عنها البشر‪ ،‬كبناء الصروح الضخمة والقصور‬

‫‪ 6‬سورة النمل ‪93 :‬‬

‫‪5‬‬
‫العالية والقدور الضخمة العالية الثابتة‪ W‬واجلفان اليت تشبه االحواض الكبرية‪ ،‬يقول اهلل‬

‫تبارك وتعاىل يف حمكم تنزيله ‪ ( :‬ومن‬

‫اجلن من يعمل بني يديه بإذن ربه ومن يزع منهم عن أمرنا م منهم عن أمرنا تذقه من‬

‫عذاب السعري )‬

‫أي وسخر اهلل عز وجل له من اجلن عماالً يعملون له ما يشاء ال خيرجون عن طاعته‬

‫ومن خرج منهم عن أمره وطاعته‪ W‬عذبه ونكل به‪ ،‬مث بني اهلل تعاىل ما كانت تصنع‬

‫اجلن لنبيه سليمان عليه السالم فقال عز وجل‪( :‬يعملون له ما يشاء من حتاريب‬

‫ومتاثيل وجفان كاجلواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي‬

‫الشكور)‪.‬‬

‫وقد جعل اهلل تعاىل لنبيه سليمان عليه السالم سلطة عالية على مجيع الشياطني من اجلن‬

‫يسخر من يشاء منهم يف األعمال الشاقة‪ ،‬ويقيد من يشاء يف األغالل ليكف شرهم‬

‫عن الناس‪ ،‬يقول اهلل عز وجل‪( :‬والشياطني كل بناء وغواص‪ W‬وآخرين مقرنني يف‬

‫األصفاد ‪،‬أي األغالل‪ .‬ومن نعم اهلل تعاىل على سليمان عليه السالم أن أسال له عني‬

‫القطر وهو النحاس املذاب‪ ،‬فكان النحاس يتدفق رقراقا مذابا لسليمان عليه السالم‬

‫كتدفق املاء العذب‪ ،‬فيصنع منه سليمان عليه السالم ما يشاء من غري نار وكانت تلك‬

‫العني يف بالد اليمن‪ ،‬يقول اهلل تبارك وتعاىل‪(:‬وأسلنا له عني القطر ومن نعم اهلل تعاىل‬

‫‪6‬‬
‫على سليمان عليه السالم أن جنده كان مؤلفاً من اجلن واإلنس والطري‪ ،‬وكان‬

‫لسليمان عليه السالم قد نظم هلم أعماهلم ورتب هلم شئوهنم‪ ،‬فكان إذا خرج خرجوا‬

‫معه يف موكب حافل مهيب حييط به اجلند واخلدم من كل جانب فاإلنس واجلن‬

‫يسريون معه سامعني مطيعني خاضعني‪ ،‬والطري بأنواعها تظله بأجنحتها معنی معنی‬

‫خان من احلر وغريه‪ W،‬وعلى كل من هذه اجليوش نقباء ورؤساء يديرون وينظمون‬

‫الفرق يف عرض رائع وموكب ملكي حافل مل تر العني مثله‪ ،‬وهذا كله من فضل اهلل‬

‫تعاىل على عبده ونبيه سليمان عليه السالم الذي كان عبدا مطيعا أوابا داعيا إىل عبادة‬

‫اهلل وحده ال شريك له مكان من عباد اهلل الشاكرين‪ ،‬يقول اهلل تعاىل‪( :‬ووهبنا لداود‬

‫سليمان نعم العبد إنه ّأواب) و يقول تعاىل ‪( :‬اعملوا آل داود شكر و قليل من‪ ‬‬

‫عبادي الشكور)‬

‫مملكة سليمان عليه السالم‬

‫كان نبينا‪ W‬سليمان عليه السالم دعى اهلل سبحانه و تعاىل أن ال يعطي ملكا‬

‫ب ا ْغ ِف ْر يِل‬
‫عظيما ألحد مثله و هذا الدعاء كتب يف السورة ص اآلية ‪ 35 :‬قَ َال َر ِّ‬
‫ِ‬ ‫وهب يِل م ْل ًكا اَل يْنبغِي‪ W‬أِل ٍ‬
‫اب قال وهبة زحيل يف تفسريه‬
‫ت الْ َو َّه ُ‬ ‫َحد ِم ْن َب ْعدي إِن َ‬
‫َّك أَنْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫املنري قوله تقاىل ‪" :‬وهب يِل م ْلكاً ال يْنبغِي أِل ٍ‬
‫اب"‬
‫ت الْ َو َّه ُ‬ ‫َحد ِم ْن َب ْعدي إِن َ‬
‫َّك أَنْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ ْ ُ‬

‫‪7‬‬
‫رب أنت الكثري اهلبات‬
‫وامنحين ملكا عظيما ال يتأتى‪ W‬ألحد غريه مثله‪ ،‬إنك يا ّ‬
‫والعطايا‪ ،‬فأجب دعائي‪.‬‬

‫قال الزخمشري‪ :‬كان سليمان عليه السالم ناشئا يف بيت امللك والنبوة‪ ،‬ووارثا‬

‫هلما‪ ،‬فأراد أن يطلب من ربّه معجزة‪ ،‬فطلب حبسب إلفه ملكا زائدا على املمالك‪،‬‬

‫زيادة خارقة للعادة‪ ،‬بالغة ح ّد اإلعجاز‪ ،‬ليكون ذلك دليال على نبوته‪ ،‬قاهرا للمبعوث‬

‫َح ٍد ِم ْن‬ ‫ِ أِل‬


‫إليهم‪ ،‬وأن يكون معجزة حىت خيرق العادات‪ ،‬فذلك معىن قوله‪ :‬ال َيْنبَغي‪َ W‬‬
‫َب ْع ِدي‪.7‬‬

‫وقيل‪ :‬كان ملكا عظيما‪ ،‬فخاف أن يعطى مثله أحد‪ ،‬فال حيافظ على حدود اهلل فيه‪.‬‬

‫للنيب سليما عليه السالم مملكة عظيمة و أموال كثرية‪ ،‬حىّت أسبحت أغن الناس يف‬

‫العامل‪ .‬كانت مملكته مبنيّة‪ W‬بتكنولوجيا احلديثة يف زمانه‪ .‬قصر سليمان عليه السالم مسّي‬

‫قصة هيكل سليمان بُيِن َ عظيما‪.‬‬


‫هبيكل سيمان و قد بنّي القرآن و الكتب األخرى عن ّ‬
‫من أتاه فقد عجب جبميع عظمته‪ ،‬توجد بضاعة‪ W‬عظيمة يف كل زوايا قصره‪ .‬صنع بابه‬

‫ظن بعض الناس أنه ماء‪.‬‬


‫من الزجاج املصقول و بلطه من الزجاج الشفاف حىّت ّ‬

‫‪7‬ؤوهبة بن مصطفى الزحيلي‪ ,‬التفسري املنري يف العقيدة والشريعة واملنهج‪ ,‬الثانية (دمشق‪ :‬دار الفكر املعاصر ‪-‬‬
‫دمشق‪ .).n.d ,‬ص‪273 .‬‬

‫‪8‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬االختتام‬

‫االستنباط‬

‫كان سليمان عليه السالم هو نبيا و ملكا الذي أعطاه اهلل فضائل و كثريا من‬

‫العلم و املعرفة‪ .‬و كان امسه الكامل هو سليمان بن داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن‬

‫سلمون بن حنشون بن عمينا داب بن ارم بن حصرون بن فارص يب يهوذا بن يعقوب‬

‫يب إسحاق يب إبراهيم أيب الربيع نيب اهلل بن نيب اهلل‪ .‬هو ابن داود عليه السالم الذي‬

‫النبوة‪ W‬و اململكتة العظيمة‬


‫كان نبيا و ملكا قبله‪ .‬أورث داود عليه السالم سليمان ّ‬
‫نط َق الطَّرْيِ َوأُوتِينَا ِمن ُك ِّل َش ْى ٍء ۖ إِ َّن‬
‫ال ٰيَٓ أَيُّها النَّاس علِّمنَا م ِ‬
‫ُ ُْ َ‬ ‫{و َو ِر َ‬
‫ث ُسلَْي َٰم ُن َد ُۥاوَد ۖ َوقَ َ َ‬ ‫َ‬
‫داو َد أي خلف سليمان أباه داود بعد موته‬
‫ث ُسلَْيما ُن ُ‬ ‫ض ُل الْ ُمبِ ُ‬
‫ني}‪َ ،‬و َو ِر َ‬ ‫َٰه َذا هَلَُو الْ َف ْ‬

‫يف مرياث النبوة‪ W‬والعلم وامللك‪ ،‬وليس املراد وراثة املال‪ ،‬ألنه خصص هبذا اإلرث عن‬

‫بقية أوالد داود الكثر‪ ،‬وألن األنبياء ال تورث أمواهلم‪ ،‬كما أخرب بذلك رسول اهلل‬

‫صلّى اهلل عليه وسلم يف‬

‫‪9‬‬
‫قوله فيما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي‪ W‬عن عائشة‪ :‬حنن معاشر األنبياء‬

‫«ال نورث‪ ،‬ما تركنا صدقة»‪ .‬وكان داود أكثر تعبدا من سليمان‪ ،‬وسليمان أقضى‬

‫وأشكر لنعمة اهلل‪ ،‬وكان أعظم ملكا من أبيه‪ ،‬فقد أعطي ما أعطي داود‪ ،‬وزيد له‬

‫تسخري الريح والشياطني‪ ،‬ومعرفة لغة الطيور‪ ،‬كما أخرب تعاىل معددا بعض نعم اهلل‬
‫‪8‬‬
‫والنبوة‪ ،‬ولفظ املرياث هنا‬
‫عليه ‪ .‬و هناك رأي آخر فقد ورث سليمان عن أبيه امللك ّ‬
‫ورث‪ ،‬وإمّن ا هو اصطفاء اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬لألنبياء‪ W،‬فإ ّن اهلل‬
‫فالنبوة ال تُ ّ‬
‫جمازي؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫لفظ‬

‫‪-‬تعاىل‪ -‬قد اصطفى سليمان من بني أبناء داود ‪-‬عليهما السالم‪ -‬الذين قيل إ ّن‬
‫‪9‬‬
‫اجلن‬
‫تتكون‪ W‬من الناس و ّ‬
‫ّ‬ ‫السالم‬ ‫عليه‬ ‫سليمان‬ ‫جنود‬ ‫‪.‬‬ ‫ولدا‬
‫عددهم قد بلغ تسعة عشر ً‬

‫و احليوانات و غري ذلك حىّت أسبحت مملكته عظيمة و ّقوية ال أحد من يزامحه‪ .‬و قد‬

‫أعطاه اهلل فضائل كثرية و دعى اهللَ أن جيعل مملكتة وحيدة يف األرض و ال يريد أحدا‬

‫أن يبين مملكة مثله بل أعظم بعده خوفا أن يعطى اهلل مثله أحد‪ ،‬فال حيافظ على حدود‬
‫ِ‬ ‫ب ا ْغ ِفر يِل وهب يِل م ْل ًكا اَل يْنبغِي أِل ٍ‬
‫اب‪.‬‬
‫ت الْ َو َّه ُ‬ ‫َحد ِم ْن َب ْعدي إِن َ‬
‫َّك أَنْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ال َر ِّ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫اهلل فيه قَ َ‬

‫‪8‬وهبة بن مصطفى‪ W‬الزحيلي‪ ,‬التفسري املنري يف العقيدة‪ W‬والشريعة واملنهج‪ ,‬الثانية (دمشق‪ :‬دار الفكر املعاصر ‪-‬‬
‫دمشق‪ .).n.d ,‬ص‪273 .‬‬
‫‪9‬‬

‫‪10‬‬
‫المراجع‬

‫الزحيلي‪ ,‬وهبة بن مصطفى‪ .‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج‪ .‬الثانية‪W.‬‬

‫دمشق‪ :‬دار الفكر املعاصر ‪ -‬دمشق‪.‬‬

‫عمرية‪ ,‬لينا‪“ .‬معلومات عن النبي سليمان‪sotor.com. Accessed ”.‬‬

‫‪ .September 25, 2021‬معلومات عن النيب سليمان‪.‬‬

‫منصور عبد احلكيم‪ .‬سليمان عليه السالم النبي الملك‬

‫ابن كثري‪ ،‬إمساعيل بن عمر القريشي الدمشقي‪ ،‬عمدة التفسري‪ W،‬مختصر التفسير‬

‫العظيم ‪ ،‬للعالمة احملقق الشيخ أمحد شاكر‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬دار الوفاء‬ ‫القرآن‬

‫النشر و التوزيع‪ ،‬املنصورة‪ W،‬مصر‪ 1426 ،‬ه – ‪ 2005‬م‪ ،‬ص‬ ‫للطباعة و‬

‫‪.739-743‬‬

‫‪11‬‬

You might also like