Professional Documents
Culture Documents
مقدمة1...................................................................................................
للسائل املُرتاب املُستهدي يف م ّد األكف واأليدي3..............................
صواب الجواب ّ
َ
مقدمة الصاعقة يف الرد عىل أخناث الصعافقة 60................................................
باب فيما ثبت من االثار واألخبار يف ذم ذكر مساوئ األئمة املسلمني ،وأن ذلك منبع الفتن
والخروج65.................................................................................................
باب يف ذكر األسباب التي نقموا بها عىل الخليفة البغدادي وعماله98 .........................
باب يف اجتهاد الحاكم99 ................................................................................
باب يف تولية املرتد105...................................................................................
باب يف ذكر خرب "ما ننطيها"107.....................................................................
قولهم :ماهذه الدولة التي َال يكتب اإلمام فيها عقيدته110.......................................
قاعدة يف التعامل مع الخليفة وما ظهر منه من أخطاء ومظالم114............................
باب ذكر قولهم أن أبا بكر قد وىل الدبر ولم يقاتل123............................................
باب ذكر أخبار من أنكر علنا125......................................................................
باب فيما يستدل به أهل األهواء عىل ما وقع بأهل اإلسالم وبيان جهلهم131.................
من درر الشيخ أبي أسامة الغريب –تقبله الله157...............................................-
بسمُاللهُالرحمنُالرحيم
[وَهوَُحَ س ِبي]
( )1شيخي املجاهد الصابر أبو الحارث القحطاني ،من أوائل املجاهدين ومن كبار طلبة الشيخني أبي حمزة وأبي
مارية البغداديني ،والشيخ عَل الخضري –فك الله أرسه -وجمع كبري من علمائنا ،تربى عىل كتب السلف واألثر كالسنة
لحرب والرازيني والاللكائي وأبي عيىس وغريها الكثري والكثري ،ومن صحت مصادر تلقيه وخلصت كان أحق
بالهداية ،وأشهد الله تعاىل أني لم أعرف مثله بني املجاهدين اتباعا للسلف حذو القذة بالقذة ،فرج الله عنا وعنه
وكفانا وإياه ير الضالني.
املحقق ،فخشيت أن يخالطوا أرباب الكالم والجدال ،ويلبَّس َّ واملخ َّلط أكرب يف الصدور من
عليهم كما لبِّس عىل العوام واألغمار األغتام ،وتخوَّ فت أن يميل بعضهم عن الحق والصواب
من القول إىل البهت والضالل وفظيع األقوال ،ثم بلغتني أسفار فِ رق الخوارج من مرجئة وغالة
وما حوَت من األصفار ،والدرادم امليِّتة والدراهم املزيفة ،إذا تحققها البصري وتأملها الخبري
عَ لِم أن ظاهرها الجودة وباطنها الفساد ،فاحتسبت يف تصنيف كتاب ألهوائهم باتِك ،وإلطباق
ابُللسائ ِِلُاملرتَابُاملستَهدِ يُ
َّ صوَابُالجَ وَ ضاللهم وإحقاقه هاتِك ،وأسميته بعد إذ أمليته َ :
عافقةُُ،ضمّ نته مما جاء يف ناثُالص َ
َّ خقةُِفُالردُِّعىلُأ َ ْ
َّ الصاعِ ف ُوَاأليدِيُ ِ
ويليه ُ َّ ِِف ُمَ دُِّاألَك ِّ
الصحب والتابعني وما روي عنهم وصحَّ بنقل أهل القران الكريم ثم السنة ثم أخبار األولني من َّ
موصوال إليهم ،وما ذكروه يف كتبهم وال يكون عىل وجه األرض أحد أعلم بالكتاب والسنة ً العدالة
وقليال مما حدثني به الثقات باألسانيد العالية ،ومن أسندك فقد أحالك ،قال سفيان ً منهم ،
الثوري رحمه الله(")1اإلسناد سالح املؤمن ،فإذا لم يكن معه سالح فبأي يشء يقاتل؟" ؛ ليعلم
الناظر يف كتابنا هذا ممن وفقه الله إلدراك الحق والصواب بني الجايف واملفرط صحة مذهب
أهل السنة وبطالن مذاهب أهل األهواء والبدع ،لكن وأنا أجمع نُقول أعالم السنَّة ،ابتغا َء تثبيت
َّ
خاصة، إخواننا وأخواتنا الذين يشهد الله وحده ويعلم حبِّي لهم وحزني ملا ح َّل بهم يف الباغوز
ُتوقع من ا ُملفسد حفيد "األشرت النخعي" أبي محمد الديري (الهاميش) ،حوى إذْ نُرش كالم م َّ
نقضه بتناقضه ،وقصصا ساقها يف غري موضعها، بطالنًا كثريًا وهذيانًا مع قليل من الحق َ
السبع ورقات ،وإهمال السياق يورث بعضها أقدم من قدومه للدولة وبعضها زمن تعميم َّ
الغلط يف الحكم ،فقبح الله الديري وكل من أق َّر رسالته.
وحالهم يف تضعيف الصحيح وتصحيح الضعيف ،كاملروي عن رأس املعتزلة برش املرييس:
ييسَ ،ف َقا َل :يَا أَبَا عَ ْب ِدروَى الخالل بسند ِه إىل الْحَ َس َن ب َْن ا ْلب ََّز ِار ،قال :جَ ا َء َرجُ ٌل إ ِ َىل ا ْل ِم ِّر ِ ِّ
ون: ِيث عَ ِن الن َّ ِب ِّي ﷺ َر َد ْدتُهَُ .قا َل :ي َُقولُ َ ِيثَ ،ف ُك َّلمَ ا ذَ َك ُروا ا ْلحَ د َ
صحَ ابَ ا ْلحَ د ِالرحْ مَ ِن ،أُذَا ِك ُر أ َ ْ
َّ
-1-
ون :أَن ْ َت َكافِ ٌرَ .قا َل: أَن ْ َت َكافِ ٌرَ .قا َلَ :
صد َُقوا .إِذَا ذَ َك ُروا ا ْلحَ د َ
ِيث عَ ِن الن َّ ِب ِّي ﷺَ ،ف َر َد ْدتَ ُه ،ي َُقولُ َ
اْضبْ ُه ِبعِ َّل ٍةَ ،ف ُق ْلَ :ل ُه عِ َّل ٌة. ِيث الن َّ ِب ِّي ﷺ ُق ْلَ :
صد َْق َت ،ث ُ َّم ْ ِ صنَعَُ .قا َل :إِذَا ذَ َك ُروا حَ د َ ْف أ َ َْف َكي َ
ثم أبرش يا ديري ،فقد عُ جلت لك البرشى يف حياتك وتُقبَّل دعاءك ،فوالله ما أعرف مسلمً ا
نرش رسالتك إال استنكرها ،وإنما اكتفى بتداولها من ال يكرتث ألمثاله كأبي محمود الزنديق
وصحبه ،وأحسنهم املسطح أبو همام التونيس( )1الذي كنت تشهد عليه بالضالل وتغتابه،
نسأل الله السالمة.
فمن ما ال أقابله عليه طعن واللعن مما ال يصدر عن مؤمن آمن بربهِ ، وأمَّ ا ما ارتكبه من ال َّ
وفجورا أنه لعن من ثبت ً عزوجل ،ويكفيه كفرانًا
بمثل صنيعه ،بل أكِل مكافأته إىل الله َّ
وقاتل ومنهم من ُقتل يف الباغوز ()2بينما ف َّر هذا الديري وصحبه ،وال أدري من أين لهم
ألجل الهرب تلقاء تركيا ومناطق الدِّرع ،وكما قال :أمن ك ِّد آبائهم أو ك ِّد
بالـ ٥٠ألف دوالر ِ
()3
أمهاتهم؟ أم من رسقة أموال املسلمني؟
صد ََق ٍة يَتْبَعُ هَ ا أ َ ًذى وَ ال َّل ُه َغن ٌِّي حَ لِي ٌم وف وَ مَ ْغفِ َر ٌة َخ ْريٌ ِم ْن َ َقال الله تعاىلَ ﴿ :قوْ ٌل مَ عْ ُر ٌ
اس صد ََقا ِت ُك ْم ِبا ْلمَ ِّن وَ ْ َ
األ َذىٰ َكا َّلذِي يُنْفِ ُق مَ ا َل ُه ِرئَا َء الن َّ ِ ِين آمَ نُوا َال تُب ِْطلُوا َ ﴿ ﴾٢٦٣يَا أَيُّهَ ا ا َّلذ َ
ص ْلدًا ﴾ رت َك ُه َ ان عَ َلي ِْه تُ َرابٌ َفأ َ َ
صابَ ُه وَ ا ِب ٌل َف َ َ ص ْفوَ ٍوَال ي ُْؤ ِم ُن ِبال َّل ِه وَ ا ْليَوْ ِم ْاْلخِ ِر َفمَ ثَلُ ُه َكمَ ث َ ِل َ
َ
حديث ابن عم َر أنه قال" :ال يَ ُكون املُؤمن لعَّ انًا" ،ومسل ٌم من حديث أبي
ِ وروَى الرتمذيّ من
وال شفعَ اء يو َم القيَامة" ،وقد زع َم النقل عن َ
"فقهاء الدرداء" :ال يكو ُن اللعانُون شهدَاء َ
لعن املُسل ِم َّ
املعني حرا ٌم باإلجماع". افعي" :اِعلم أن َ الش ّ ريمي ّ
البج ّ املذاهب"َ ،
أفغابَ عن ُه قو ُل ِ
طربان ِّي بإسنَادٍ جيِّد عَ ن سلمَ ة بن األكوَع َريضَ الله عن ُه أنَّه َقالُ " :كنَّا إذَا رأينَا َّ
الرجُل َروَى ال َ
ذرة تعظيم من ال َكبائِر" ،ووالله العظيم أن من يف قلبه َّ أخاه رأينَا أن ُه َقد أتَى بابًا َ يلعَ ُن َ
( )1املسطح :أي أنه يرى األرض مسطحة وأن ناسا كذبت وغري ذلك من الرتهات التي يؤمن بها أصحاب نظرية
املؤامرة ،فال ريب أن يرى وأمثاله الدولة مؤامرة "بعثية" لجني املال.
( )2منهم الشيخ أبو أسماء التونيس -صاحب صوتية االتفاقية املستفيضة ،-والشيخ أبو آصف التونيس [وقد
حدثني أخي الحبيب أبو عبد الله املهاجر رحمه الله -وهو ممن ثبت بالباغوز -أن أبا آصف كان أحسن وايل
شهدته مدينة الرقة] ،وأبو عمر وأبو أنس املرصيان ،بل أبو املنذر الحربي وأبو العباس الجزراوي وأبو عبد
العزيز وميرسة وغريهم الكثري والكثري ،وسيأتي الحديث عليهم إن شاء الله.
( )3سيأتي ذكر قصة الهاشمي ونهبه للمال العام
-2-
ألهل العلم الربانيني -بحق -ال يخالف طريقهم ،فكيف بإجماعاتهم التي نقضها هذا األنوك
الخارجي وصحبه ،وكفى بها داللة عىل كذبه.
رس أ َ ْو ُمتَعَ ذِّ ٌر َل ِك ْنيل ُمتَعَ ِّ ٌ يل التَّ ْف ِص ِال ا ْل ُملُوكِ عَ َىل َس ِب ِ قال شيخ اإلسالم ":وَ ا ْل َك َال ُم ِيف أَحْ وَ ِ
ات وَسيِّئَ ٌ
ات َ اس ِممَّ ْن َل ُه حَ َسن َ ٌ يَنْبَغِ ي أ َ ْن نَعْ َل َم ِم ْن حَ ي ُْث ا ْلجُ مْ َل ِة :أَنَّهُ ْم ُه ْم وَ َغ ْري ُُه ْم ِم ْن الن َّ ِ
ط رشو ٌ ِلش ْخ ِص مَ ْ ُ وص ا ْلوَ عْ ِد ل َّص ِ وص ا ْلوَ عِ ي ِد .وَ تَنَاوُ ُل ن ُ ُ
ص ِ وص ا ْل َوعْ ِد أ َ ْو ن ُ ُص ِ ون ِبهَ ا ِيف ن ُ ُْخلُ َ يَد ُ
الرجُ ُل ي َُقا ِت ُل ِلسن َّ ِة َف ِإ َّن الن َّ ِب َّي ﷺ { قِ ي َل َل ُه َّ : ِصا لِوَجْ ِه ال َّل ِه مُوَ افِ ًقا ل ُّ ون عَ مَ لُ ُه َخال ً ِبأ َ ْن يَ ُك َ
ون َكلِمَ ُة يل ال َّل ِه ؟ َف َقا َل :مَ ْن َقاتَ َل ِلتَ ُك َ َشجَ اعَ ًة وَ ي َُقا ِت ُل حَ ِمي ًَّة وَ ي َُقا ِت ُل ِلي َُقا َل ؟ َفأَيُّ ذَ ِل َك ِيف َس ِب ِ
يل ال َّل ِه } ". ال َّل ِه هِ َي ا ْلعُ ْليَا َفهُ َو ِيف َس ِب ِ
ط بأن ال يكون متأوِّ ًال وال مجتهدًا مخطئًا ،
نصوص الوعي ِد للشخص مرشو ٌ
ُ وكذلك تناول
َّ
فإن الله عفا لهذه األمَّ ة الخطأ والنسيان " ،وكثريٌ من تأويالت املتقدمني وما يعرض لهم
فيها من الشبهات معروفة يحصل بها من الهوى والشهوات ،فيأتون ما يأتونه بشبهة
ٍ
بحسنات ماحية وشهوة" ،والسيئات التي يرتكبها أهل الذنوب تزول بالتوبة ،وقد تزول
ومصائب مكفرة ،وقد تزول بصال ِة املسلمني عليه وبشفاعة النبي ﷺ يوم القيامة يف أهل
الكبائر .
"فلهذا كان أهل العلم يختارون فيمن عُ رف بالظلم ونحوه مع أنه مسلم له أعمال صالحة
يف الظاهر -كالحجاج بن يوسف وأمثاله -أنهم ال يلعنون أحدًا منهم بعينه ،بل يقولون
كما قال الله تعاىل { :أال لعنة الله عىل الظاملني } فيلعنون من لعنه الله ورسوله بشكل عام
،كقوله ﷺ { لعن الله الخمر وعارصها ومعترصها وبائعها ومشرتيها وساقيها وشاربها
وحاملها واملحمولة إليه واكل ثمنها } وال يلعنون املعني كما ثبت يف صحيح البخاري وغريه
ان الن َّ ِب ُّي ﷺ يَجْ ِلد ُُه َ ،فأُت َِي ِب ِه مَ َّر ًة ،
َرشبُ ا ْل َخمْ َر ،وَ َك َ ان ي ْ َ ان يُدْعَ ى حِ مَ ًارا وَ َك َ { أ َ َّن َرجُ ًال َك َ
َف َلعَ ن َ ُه َرجُ ٌل َ ،ف َقا َل الن َّ ِب ُّي ﷺ َال تَ ْلعَ ن ْ ُه َ ،ف ِإن َّ ُه يُحِ بُّ ال َّل َه َ
وَر ُسو َل ُه }".
ذلك ألن اللعنة من باب الوعيد والوعيد العام -ال يقطع به للشخص املعني -ألحد األسباب
املذكورة من توبة ،أو حسنات ماحية ،أو مصائب مكفرة ،أو شفاعة مقبولة ،وغري ذلك .
وطائفة من العلماء يلعنون املعني كيزيد بن معاوية ،وطائفة بإزاء هؤالء يقولون بل نحبه
ملا فيه من اإليمان الذي أمرنا الله أن نوايل عليه ،إذ ليس بكافر .
-3-
ً
مطلقا [ فإن العبد قد يكون ً
مطلقا ،وال نحب معينًا واملُختار عند األمة :أنا ال نلعن معينًا
فيه سبب هذا وسبب هذا ] إذا اجتمع فيه من حب األمرين ،إذ كان من أصول أهل السنة
الشخص الواحد تجتمع فيه حسنات وسيئات فيثاب عىل -التي فارقوا بها الخوارج : -أن َّ
حسناته ويعاقب عىل سيئاته ،ويحمد عىل حسناته ويذم عىل سيئاته ،وأنه من وجه مريض
محبوب ومن وجه بغيض مسخوط ،فلهذا كان ألهل اإلحداث :هذا الحُ كم .
وأما أهل التأويل املحض الذين يسوغ تأويلهم :فأولئك مجتهدون مخطئون :خطؤهم
مغفور لهم وهم ُمثابون عىل ما أحسنوا فيه من حسن قصدهم واجتهادهم يف طلب الحق
واتباعه ،كما قال النبي ﷺ {إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ،وإذا اجتهد الحاكم
فأخطأ فله أجر}".
يأخذ ما وافق هواه وهوكحاطب ليل ،فتجده ُ
ِ ِّ
بالغث والسمني وهذا الديري قد استشهد
ينقل عن كتاب الهروي "ذ ّم الكالم" وفيه تكفري األشعري األول فكيف باملتأخرين املُنكرين
طلني؟ وال أراه إال كالذي زعم أن الناقض الثالث "مختلف فيه" ثم يف الهامش للعل ِّو املع ِّ
تجده يذكر كتاب السنة لحرب وإجماع الرازيني وقد ذكرا االتفاق عليه ،وهذا كثري يف
الرشعيني -إال من رحم الله[ -الجهل بكتب األولني ونقض إجماعات السلف كما سيأتي]،
وينسب ضالله للتابعني وأساس كالمه مبني عىل مخالفات ابن حزم ()1واألشاعرة الجهمية
التي نقضناها بفضل الله يف األبكار.
فاملوحِّ د املُسلم ال يكرتث لكالم هؤالء إن لم يكن له عاضد من كالم أهل النقل والحديث ،وإن
ً
مالزمة له وأقربهم له وأصحّ هم اعتقادًا. تعارض قوالن عن إما ٍم واحد أخذنا بكالم أكثرهم
-4-
روى عبد الرزاق ،عن معمّ ر ،عن الزهري أنه قال" :الحائض تقيض الصوم" ،قلت :عمّ ن؟
()1
قال" :هذا ما اجتمع الناس عليه وليس يف كل يشء نجد اإلسناد".
ونحن ولله الحمد واملنة ،معنا أصحُّ إجماع ،من أخري الناس ،علماء الحديث ،نقله باإلسناد
الذهبي حرب والرازي وابن راهويه واإلمام أبو بكر األثرم – رحمهم الله)2(-كما يف ناسخ
الحديث ومنسوخه ،قال" :ثم تواترت األحاديث عن النبي ﷺ فكثرت عنه ،وعن الصحابة
واألئمة بعدهم -ريض الله عنهم -يأمرون بالكف ،ويكرهون الخروج ،وينسبون من
خالفهم يف ذلك إىل فراق الجماعة ،ومذهب الحرورية وترك السنة".
وقد صدق رحمه الله حني قال وكأنه يقصد الديري" :و إنما هذا من مكايد إبليس من
جنوده ،يقول ألحدهم أنت أنت ،ومن مثلك ،فقل! فقد قال غريك؛ ثم يلقي يف قلبه اليشء و
ليس هناك سعة يف علم ،فيزين عنده أن يبتدئه ليشمت به ،و إن كل محدثة بدعة ،و كل
بدعة ضاللة ،و كل ضاللة يف النار".
وإني سأبني تناقض الديري يف رسالته ،ومقتىض كالمه ،واملستور الذي كذب فيه ،إقامة
للحجة عليه وعىل أمثاله من املبتدعة وتبيانا لكذبه ،فمن اقتطع كالمً ا ودلس يف حق ٍ
يقة
بان بُطالن كل ما نطق به عند ذوي األلباب ،وذلك باختصار لطول الرسالة وكثرة واحدة َ
كالم هؤالء ،وال حول وال قوة إال بالله.
فأقولُبعدُالتوكلُعىلُالله :ابتدأ كتابه بتقديم شيخه املرداوي له ،وتضخيمه للديري
ٍ
مملكة يف غري موضعها ،ثم انتقل إىل مقدمة خبّاب -وأنا أشهد ويعلم الله أن غالب بألقاب
أتباع الديري اليوم قد وقعوا يف خباب هذا ونسبوه للكذب والفجور يف الخصومة ،-الذي
-5-
مدح نفسه قبل االنتقال ملدح غريه كما هي عادتهم -ويا لإلخالص ،-إىل أن قال" :لقد سعت
الدولة عرب وسائل كثرية وأهمها إعالمها إىل طمس رموز األمة فأسقطوا اإلمام أسامة".
ُ
يعرف الفرق بني قلت :أما هذا القويعدي املحرتق -أعني خباب -فكذابٌ كبري ،ومقدِّس ال
الطمس وبني انتقاد مخالفة قد يقع فيها املسلم ،وهذا اإلمام أحمد قال عن شيخه عبد
الرحمن بن مهدي" ،ومن ابن مهدي؟" ،وقال" :ابن املبارك لم ينزل من السماء" ،وكالم
الضالل فكل كالم عندهم طعن وإسقاط ،حتى قال قائلهم العلماء يف هذا كثري ،أما هؤالء ُ
نفوس أحدنا
ِ لهاجس أن يأتي يف ٍ باللفظ" :قادة قاعدة االمام أسامة خط أحمر ،ال نسمح
وينال من منزلتهم" ،فلمّ ا غفر الله تعاىل لإلنسان ما يحدث به نفسه مالم يعمله كما يف
األثر ،وملا كان الشيطان يوسوس للمسلم حتى يقول له" :من ربك" ،وذاك رصيح اإليمان
كما يف حديث أبي هريرة مرفوعً ا.تجد هؤالء "الصوفية الجدد" ال يسمحون ملجرد
"هاجس" وأن يُتحدث يف من هو دون األنبياء والرسل والصحابة والتابعني منزلة ،وال
عجب فقد ُروي عن أمثال هؤالء أن الواحد منهم قبَّل األرض التي ُقتل فيها شيخه ،و والله
ما طعنت الدولة بأسامة -رحمه الله -بل أثنت عليه وسمته املُجدِّد ،بل و ُك ِّفرت ألجل ذبَّها
عنه ،وباهل الشيخ أبو سليمان الشامي من زعم ذلك وعاش بعد مباهلته زمنًا حتى ُقتل
طا ،فأين برهان هذا ّ
األفاك؟ مقبال مراب ً
ً
قال" :ووصفوا الشيخني عليا الخضري ونارصا الفهد باملضطربني منهجيا" ،وهذا جه ٌل
آخر وتدليس ب َِّني قبَّح الله املد ِّلسني ،وكيف تفعل ذلك؟ فشيخنا أبو محمد الفرقان من
مُحبي الشيخ الخضري ،وممن اهت َّم بكتبه ،بل له إجازات وأسانيد متَّصلة به عرب أبي مارية
ٍ
مخالفات يُعذر فيها فيما أذكر ،وإنما مَ نَعت "مكتبة الهمة" الرسائل التي احتوت عىل
الشيوخ وال يُعذر من اتَّبعهم ،قال ابن املبارك" :ولقد أخربني املعتمر بن سليمان قال :رآني
أبي وأنا أنشد الشعر فقال يل يا بني ال تنشد الشعر ،فقلت له يا أب َِت كان الحسن ينشد
وكان ابن سريين ينشد ،فقال يل :أي بُني إن أخذت برشِّ ما يف الحسن وبرشِّ ما يف ابن سريين
اجتمع في َك الرش كله" ،وقال سليمان التيمي" :إنك إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك
الرش كله" ،وهذا محل إجماع كما ذكر ابن عبد الرب ،بل مكتب البحوث أخرج رسالة
موسومة ب"التوضيحات لبعض أعمال مكتب البحوث والدراسات" ،جاء فيها أنهم ردوا
عىل "الغالة" القائلني بأن الرافضة ُك َّفار أصليون ،فهل الشيخ الخضري بينهم؟.
-6-
ثم قال" :قابلت كثريا...ينكرون ويخالفون هؤالء يف ظلمهم وسفكهم الدماء بغري حق"
خاصا بشيوخه؟ وما من مسلم موحد إال وينكر ال ُّ
ظلم ً وكأن هذا األنوك يظن إنكار هذا
ِ
دغدغة مشاعر البلهة بالقصص وسفك الدماء بغري حق ،وهذا الديري وصحبه اعتمدوا عىل
املد َّلسة املنقوضة والحكايات املوضوعة ،والسنِّي ال يكرتث لكل هذا ،بل ينكر بحسب نهج
األوَّ لني ويربأ إىل الله من الظلم والظاملني ومع ذلك ال يخرج عىل والة الجور بل يصرب كما
تقدم نقله وكما سيأتي.
قال" :وهذا هو ما يحصل عندما يناصحهم ناصح يهاجمون شخصه بكل نقيصة وبهتان،
ال يتجرؤون عىل مواجهة الحجج" ،فيا سبحان الله! ،يرى القذاة يف عني أخيه ويعمى عن
أحصينا عدد لعنات الهاشمي لخصومه مذَ الجذع يف عينه ،والجمل ال ينظر إىل رقبته ،ولو
ولدته أمه لفاقت عدد نجوم السماء.
ثم ذكر قصيدة ضعيفة فيها ركاكة وبعض أبيات غري مستقيمة الوزن ،تشدَّق فيها
صاحبها وتك َّلف ابتغاء الح ِّ
ط من قدر خصومه ،وما ْضَّ هم.
ً
صادقا يف ادعائه فليتُب إىل أن ابتدأ الديري بالتودُّد ألهل الثغور وتهييج عواطفهم ،وإن كان
وليعد للسنَّة وال والله لن ينفعه أصحابه وال أشياخه ،وهو قد رمى كل الناس بسوادِ الوجه،
كوجه شيخه -نسأل الله السالمة ،-والديريّ نفسه يطعن يف ِ وما رأيت وجهً ا أسودًا كالحا ً
"الشعيطي" وهو أقرب لها ؛ إىل أن قال:
ّ أنساب الناس وهو ُّ
أحق بها ،فما رميناه بـ
ً
محضا بل والله لقد "وليعلم الواقف عىل كتابي هذا أن الدولة لم تكن يومً ا من األيام يرً ا
غلب خريها يرَّ ها وال ينكر ذلك إال حاسد أو أعمى" ،قلت :قد شهد عىل نفسه بالعمى
والحسد ،قال تعاىل{ :أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} وقال{ :ومن كان
يف هذه أعمى فهو يف االخرة أعمى وأضل سبيال}.
والحق أنها أسبابٌ كثرية جدا سنأتي عىلُّ ثم ذكر سببان زعم أنهما وراء ما حصل اليوم،
ذكرها إن شاء الله ،ومنها :أن خراب املمالك تابع لخراب امللوك ،وخراب امللوك سببه خراب
بطلبة عل ٍم بسطاء شديدي التملق ،وهذا الديري نفسه قد أراد رفع ِ العلماء ،ولقد ابتلينا
طاب املرصي ملا قال" :مكتب البحوث علماء سالطني ،بل منهم من يسب دعوى عىل خ ّ
معاوية" ،وساب معاوية هو الديري فيما نُسب له من أكثر من طريق ،وقد أنكر ذلك وإن
ِ
ثبوت التهمة يف حقه ،ومنها أنه نقل يف كتابه هذا ذمَّ ا ألهل الشام - كانت القرائن دا َّلة عىل
غري مسند -زمن عَل -ريض الله عنه ، -وما أهل الشام إال معاوية وعمرو ريض الله عنهما.
-7-
قال املروذي يف أخبار الشيوخ :سمعت محمد بن الحسني يقول :حدثنا أبو عاصم ،عن
سفيان :إن سليمان جاء إىل حلقة فيها طاوس ،قال :فما التفت إليه ،قال :فلما قام قيل له:
إن ه ذا أمري املؤمنني ،فقال :عىل عمد عملت به ،ليعلم أن يف الخلق من ال يبايل بدنياه ،أو
كلمة نحوها.
وقال :سمعت عبد الصمد بن يزيد يقول :قال فضيل :ليس االمر الناهي الذي يدخل عليهم
ويأمرهم وينهاهم ،ثم يدعونه إىل طعامهم ويرابهم فيجيبهم ،االمر الناهي الذي اعتزلهم
()1
ولم يدخل عليهم ،فهو االمر الناهي
ثم قال -أذله الله" :-ومن أهم إنجازاتها واألصنام التي حطمتها [وذكر ١٠إنجازات]"،
إنجاز ذكره
ٍ ملؤمن عثرة ،وكل
ٍ واملسلم ليتعجَّ ب من سوادِ قلب هذا الشخص ،فال والله ما أق َّل
لألمري -أصلحه الله ووفقه -والعدناني والفرقان -فرق الله بينه وبني النار -يد طوىل فيه،
ومن ذلك قوله" :نرش يف ربوعها التوحيد...بعد ذلك اإلصدار" ،وال ش َّك أن املُتسبِّب يف نرش
هذا التوحيد والدال عليه لَصاحب خري عظيم وإن ز َّل -فرق الله بينه وبني النار وأدخله
الخفي املُبتىل يف سبيل الله أبا محمد الفرقان ،وقد سألت شيخي أبا ِّ الجنة ،-أعني الشيخ
الحارث -وهو شدي ٌد عىل الظلمة كثريُ اإلنكار عليهم ،-فقلت له" :أيصحُّ يف الفرقان يشء
وسنيته مذ زمن مما يُقال" ،فقال يل -بعد كالم طويل حول سرية الشيخ وأقدميَّته ودعوته ُ
حُ كم البعث" : -تاريخه أبيض وطيِّب وعملُه ُمبارك ،ومثله تُقال لهم الزالت" ،وأما البيان
بت عن كل شيوخهم أن قالوا" :ليس فيه بدعة وال كال ٌم الذي يدندن حوله هذا الديري فقد ث َ َ
باطل" ،بل وقع املرصي والبنعَل عليه وشاركوا فيه ( .األدلة يف الصفحة التالية)
إىل أن قال" :وما رأيت رجال مسلما يف قلبه ذرة من إنصاف إال ويخرج من فلتات لسانه
ذكر محاسن الدولة وفضلها واستقرارها بقرارها وعنفوانها وقوتها وإرهابها ألعداء األمة"،
وهذا من أعجب العجب ،فهل قاد هذه الدولة جَ ُّد الديريّ أم ج ُّد املنصفني نحو كل هذا؟
يستحق ولو دعوة باملغفرة أو الصالح والهداية؟ بل ُّ وهل هذا املتسبِّب يف كل هذا الخري ال
واملتجرئ عىل أعراض
ِّ إنِّي أرجو من الله تعاىل أن يكون أبو محمد الديري املتقوّ ل عىل الله
تأىل عىل الله فحبط عمله وغفر لخصومه ،ويف الحديث عند مسلم" :أن رجال املسلمني ممن َّ
-8-
قال :والله ال يغفر الله لفالن ،وإن الله تعاىل قال :من ذا الذي يتأىل عَل أن ال أغفر لفالن،
فإني قد غفرت لفالن ،وأحبطت عملك".
-9-
الشيخ أبي همَّ ا ٍم بل هو استكمَ ال
ِ كتابي َهذَا َليس ردًّا عىل كتاب أخي وحَ بيبي
َ ث ّم َقال" :وإن
طريق الذي أرا َد سلو َكه" ،ثم كتبَ يف الحَ اشية" :ولقد ُختم بني إبراهيم وسري عىل ال ّ
طريقته َ ل َ
والبنعَل أن تربأ كالهما من بعضهما".
- 10 -
الديري يف املُقتَضب.." :بقيا ِم خالفة عىل منهاج الصادق األمني ،تعيد إىل اإلسالم مجده
وقال" :لقد من الله علينَا يف هذا العرص بأن أحيانا حتّى نرى ثمرة جهاد الدفني"َ ،
املجاهدين ،وتضحيَات املُ َضحني ،التي لم تذهب سدى ،بل بارك الله فيها...فأقر الله أعني
املوحدين ببيعة الخليفة" ،بل الديريّ دعا بتوفيق الله للجنة املفوضة بعد نرشها التعميم!
وذلك ِيف الثالث عرش من رمضان ،ومثل هذا كثري فيه ويف أقرانه من املتملقني الحادين عن
منهج السلف والتابعني(.الدليل مُرفق)
كفر الشيخ تركي ،أكان ثم يُقال لهذا الكذاب-الذي ثبت كذبه بالدليلَ ،-هب أن إبراهيم َّ
الغالة لي ِّكفروه ويخرجوا عليه لعدم تكفريه له؟ بل حجته -املقتطعة -يف هذا "التكفري" ُ
املزعوم ما نقله -وهو الكذوب-أن أبا بكر قال" :أفىض إىل ما قدَّم" ،فأين هذا اللفظ
جهال من ير ُّد املُحكم
ً الرصيح؟ بل كيف يُفهم أصالً من هذا تكفريًا ويف أي لغة؟ وأجهل
السفيه الخارجي ،وكيف يُويل أبو الثابت الظاهر الرصيح بني أبي بكر وتركي إىل كالم هذا َّ
بكر كافراً؟ ،بل أقسم بالله العَل العظيم أن الشيخ القحطاني لو حدَّث الديري بما زعم من
- 11 -
تكفري إبراهيم لرتكي –تقبله الله -لذكرها يف نصيحته املشؤومة من قبل ،وال والله ما فعلها،
أفحدَّثه إذًا بعد ما ُقتل يف املنام أم ّ
تجىل له بني الهوام؟
أن الشيخ القحطاني أراد قتل إبراهي َم( )1وأبي حفص وأبي الحسن وعبد النارص، أما قوله َّ
فهذا إما أن يكون كذبًا منه و وضعً ا -وهو الراجح( ،-)2أو واقعً ا –وهذا مُستبعد ،-فإن كان
تنزال ً -فلم يكن باستطاعته فعله ولو حَ ِرص لضعفه -وفق املعايري الكونية ،-ولنئ كذلك ُّ -
وقربه
فعلها فـوالله هي أكرب الغدر و أفحشه ،وهل هذا جزا ُء إبراهيم إذ أحبَّه ووثِق به َّ
وذبَّ عنه حتى كان عمر يناديه بوالدي؟ ثم ها هو الديري الكذاب يزعُ م أن عمرا قد كان
كثري الغيبة لـ "والده" بل َه َّم بقتله غيلة ،وقد قال ﷺ" :لكل غادر لواء يوم القيامة"،
كافرا والقاتل مسلمً ا ،قال اإلمام ابن القيم" :وقطعً ا
وقتل الغيلة ال عفو فيه وإن كان املقتول ً
ً
مطلقا دفعً ا وكفا لرشهم رأى اإلمام مالك ومن وافقه أن القاتل غيلة يقتل ألذى املخادعني ً
لرشِّ ه "...و والله ما الغدر بشيمة أهل الجاهلية ،وهذا األنوك قد جعله عىل سبيل املدح شيمة
أن هذه منقصة مثلبة ،وإن لم يكن هذا طعنًا ً
شيخا صالحً ا ،ولو كان يعقِ ل لعرف َّ من يراه
مق هذا الديري قام بسلخ الشيخ رصيحً ا بالشيخ القحطاني فال أدري مالطعن ؟ فلحُ ِ
وجرده من خصال العلماء والنبالء ،وحتى هذا الكالم ال القحطاني من كل سجيَّة طيبة َّ
يخدم هدفه فمن يقرأه سيتبادر لذهنه "إن كان الرأس غدارا فكيف بالتابع؟" وحق
إلبراهيم أن يتمثل قائال -لو صح كالم الديري:-
ويعلمُمنيُأنُشيمتيُالوفاُ*ُبمجديُوأنُعمراُشيمتهُالغدرُ
( )1هناك مقولة تقول "إن كنت كذوبا ً فكن ذكوراً" ألن الكذب مع ضعف الذاكرة مفضوح ،فالديري هنا
فضح نفسه فهو يقول أنه اجتمع بالشيخ القحطاني أواخر رمضان ،ويعني هذا قبل نصيحته املشؤومة التي
كتبها يف شوال وقبل أن تهدر الدولة دمه ،وهذا معناه أنه قد أهدر دم الخليفة واملتحدث الرسمي ودعا لقتلهم
حتى قبل أن تهدر الدولة دمه هو فتأمل!
يلتق أحدا يف رمضان أبدا ً إال أبو مسلم املرصي ال الهاميش وال غريه .
( )2ألن الشيخ القحطاني لم ِ
- 12 -
تأخري البيان عن وقت الحاجة؟ وهو نفسه زعم أن الشيخ القحطاني رفض قتل الدولة
طاب وأْضابه وأنه ما جاز قتلهم إال أن يرفعوا السيف! ،والقحطاني ِ -وفق كالم للح َّ
الديري -ال مانع عنده من الغدر بأشخاص بات معهم ليلة يف بيت واحد فال يرى بأسا ً من
قتلهم وهم نائمون؟ وفيهم من لم يُعرف بغل ّو؟ وهذا كقوله أن "أبا عثمان النجدي" قد
عملية داخل مق ّر اللجنة أثناء اجتماعهم ،وهذا غد ٌر آخر وسفاهة ،فكيف ٍ رغب يف تنفيذ
يُق ِدم املرء عىل قتل نفسه ألجل قتل مسلم؟ وما الفرق بني أبي عثمان وبني أبي عبد الرحمن
أترتس بهم العدو؟ والديريالتونيس؟ وماذا عن بقية املسلمني املتواجدين يف ذلك االجتماعَ ،
هذا يصدق فيه قول شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه الله-عن الشيعة ،يجعلون ما هو "مذمة
فاحشة" منقبة ملن يعظمونه ،ولقد نقل ابن األثري يف كتابه الكامل عن ابن التميمي الحنبَل
يف أبي يعىل القايض أنه قال عنه -حاشا السامعني ورفع الله قدر القراء" :-لقد خري أبو
خرية ال يغسلها املاء" ،ولقد والله فعلها الديري وسبط ابن ً يعىل الفراء عىل الحنابلة
ً
شيوخا لهم علموا أم لم يعلموا. عىل من يرونهمالنجدية(َ )1
ث َّم ثقِ ف ينق ُل عن األشاعرة والشيعة وَكل من جرحه أهل العلم بالحديث أو كفروه أو رموه
ورا وبهتانًا خروج الصحابة للحرة واستحسانهم لذلك ٍ
ببدعة ،واألدهى من ذلك أن نسب ز ً
-واألصل أنه كال ُم ابن حزم ،-والصحيح أنهم أنكروا ذلك ،وندم من خرج يف الحرة وأهل
الجماجم ندما كبريًا.
الله ب ِْن م ُِطي ٍعالله بْ ُن عُ مَ َر إ ِ َىل عَ بْ ِد ِ قال مسلم يف صحيحه بإسناده عَ ْن نَافِ ٍعَ ،قا َل :جَ ا َء عَ بْ ُد ِ
الرحْ مَ ِنط َرحُ وا َأل ِبي عَ بْ ِد َّ انَ ،زمَ َن ي َِزي َد ب ِْن ُمعَ ِاوي ََةَ ،ف َقا َل :ا ْ ان ِم ْن أَمْ ِر ا ْلحَ َّر ِة مَ ا َك َ
ني َك َ
حِ َ
الله ﷺ ي َُقولُ ُه: ِو َسا َد ًةَ ،ف َقا َل :إِنِّي َل ْم آ ِت َك َألجْ ل َِس ،أَتَيْتُ َك ِ ُألحَ ِّدث َ َك حَ دِيثًا َس ِمعْ ُت َر ُسو َل ِ
الله ﷺ ي َُقو ُل :مَ ْن َخ َل َع يَدًا ِم ْن َ
طاعَ ٍةَ ،لقِ َي ال َّل َه يَوْ َم ا ْلقِ يَامَ ِة ال َ حُ جَّ َة َلهُ ،وَ مَ ْن َس ِمعْ ُت َر ُسو َل ِ
ات ِميتَ ًة جَ ِاه ِلي ًَّة.
ات وَ َلي َْس ِيف عُ نُقِ ِه بَيْعَ ٌة ،مَ َ
مَ َ
ري مبايعً ا لعبد امللك أصال يزيدا حتى يخرجَ عليهَ ،
وال كان ابن الزب ِ وأما الحسني فلم يبايع ً
بل هم من خرج عليه كما عند أهل العلم بالحديث والنَّقل ،وأما الحجَّ اج بن يوسف الثقفي
كافرا وكفره عندهم فيه من الله برهان بما سمعوه منه و رأوه ،ال بنقل ً فكانوا يرونه
خارجي مُغايل مُصاب بمتالزمة اللعن يلعن الحجر والشجر ،وهنا فائدة ،فالحجاج وإن
السلف ،فهذا أنس بن مالك يصرب الناس عن الخروج عليه ،وظلم ُه اختُلف يف تكفريه بني َّ
َ َ
اج َف َقا َل: َري ب ِْن عَ دِ يي َقا َل :أتَيْنَا أن َ َس ب َْن مَ الِكٍ َف َش َكوْ نَا إ ِ َلي ِْه مَ ا ن َ ْل َقى ِم ْن ا ْلحَ جَّ ِ وعَ ْن ُّ
الزب ْ ِ
اص ِربُوا؛ َف ِإن َّ ُه َال يَأْتِي عَ َليْ ُك ْم َزمَ ا ٌن إ ِ َّال ا َّلذِي بَعْ د َُه َ ٌّ
ير ِمن ْ ُه حَ تَّى تَ ْل َقوْ ا َربَّ ُك ْم َس ِمعْ تُ ُه ِم ْن ن َ ِبيِّ ُك ْم ْ
()2
ﷺ.
خالف فيها ابن حز ٍم الظاهريّ أعال َم السنة، َ ثم ذك َر غري ذل َك من الشقاشق والخوافق التي
نقال عن القايض عياض [يف الصفحة - ]٤٣وقد برته قبحه الله وأذله ،-قال: إىل أن نق َل ً
ط ْت َ
طاعَ ته ،وَ وَجَ بَ ِلرش ِع أ َ ْو ِبدْعَ ة َخ َرجَ عَ ْن حُ ْكم ا ْل ِوَاليَةَ ،
وَس َق َ ط َرأ َ عَ َلي ِْه ُك ْفر وَ تَ ْغ ِيري ل َّ ْ َ
"ف َل ْو َ
ني ا ْلقِ يَام عَ َلي ِْه ونصبُ إما ٍم عادِ ل". عَ َىل ا ْلم ُْسل ِِم َ
صب إِمَ ام عَ ادِ ل إ ِ ْن وَخ ْلعه وَ ن َ ْ ني ا ْلقِ يَام عَ َلي ِْه َ ، اها" :وَ وَ جَ بَ عَ َىل ا ْلم ُْسل ِِم َ والتتمَّ ة التي َ
أخف َ
وَال ي َِجب ِيف طائ َِف ٍة وَجَ بَ عَ َلي ِْه ْم ا ْلقِ يَام ِب َخ ْل ِع ا ْل َكافِ ر َ ، أَمْ َكنَهُ ْم ذَ ِل َك َ ،ف ِإ ْن َل ْم ي ََقع ذَ ِل َك إ ِ َّال ِل َ
اج ْر ا ْل ُم ْسلِم عَ ْن ظنُّوا ا ْل ُقد َْرة عَ َلي ِْه َ ،ف ِإ ْن تَحَ َّق ُقوا ا ْلعَ جْ ز َل ْم ي َِجب ا ْلقِ يَام ،وَ لْيُهَ ِ ا ْل ُمبْتَدِع إ ِ َّال إِذَا َ
ِيفة فِ ْسق ط َرأ َ عَ َىل ا ْل َخل َ
اس ٍق اِبْ ِتدَاء َ ،ف َل ْو َ أ َ ْرضه إ ِ َىل َغ ْري َها ،وَ يَفِ ّر ِبدِين ِِه َ ،قا َل َ :
وَال تَنْعَ قِ د ل َِف ِ
السنَّة ِم ْن وَقا َل جَ مَ اهِ ري أ َ ْهل ُّ رتتَّب عَ َلي ِْه فِ تْنَة وَحَ ْرب َ ، َقا َل بَعْ ضه ْم :ي َِجب َخ ْلعه إ ِ َّال أ َ ْن تَ َ َ
ظ ْلم وَ تَعْ ِطيل ا ْلحُ ُقوق ،وَ َال ي ُْخ َلع وَ َال ني َ :ال يَنْعَ ِزل ِبا ْلفِ ْس ِق وَ ال ُّ ا ْل ُف َقهَ اء وَ ا ْلمُحَ ِّد ِث َ
ني وَ ا ْل ُمتَ َك ِّل ِم َ
ايض يث ا ْلوَ ِاردَة ِيف ذَ ِل َك َقا َل ا ْل َق ِ ِألحَ ادِ ِيَجُ وز ا ْل ُخ ُروج عَ َلي ِْه ِبذَ ِل َك ،بَ ْل ي َِجب وَعْ ظه وَ تَ ْخ ِويفه ؛ ل ْ َ
وَق ْد اِدَّعَ ى أَبُو بَ ْكر بْن مُجَ اهِ د ِيف َهذَا ْ ِاإلجْ مَ اع ،وَ َق ْد َر َّد عَ َلي ِْه بَعْ ضه ْم َهذَا ِبقِ يَا ِم ا ْلحَ َسن َ :
األوَّ لالصدْر ْ َ ني وَ َّ ظ ِميَّة ِم ْن التَّا ِبعِ َ الزب َْري وَ أ َ ْهل ا ْلمَ دِينَة عَ َىل بَنِي أُمَ يَّة ،وَ ِبقِ يَا ِم جَ مَ اعَ ة عَ ْ وَ ابْن ُّ
األمْ ر أ َ ْهله ِيف أَئِمَّ ة ا ْلعَ دْل ، األ ْشعَ ث ،وَ تَأَوَّ َل َهذَا ا ْل َقائِل َقوْ له :أ َ َّال نُن َ ِازع ْ َ عَ َىل ا ْلحَ جَّ اج مَ َع اِبْن ْ َ
اه َرظ َ الرشع وَ َ وَحُ جَّ ة ا ْلجُ مْ هُ ور أ َ َّن قِ يَامه ْم عَ َىل ا ْلحَ جَّ اج َلي َْس ِبمُجَ َّردِ ا ْلفِ ْسق ،بَ ْل َلمَّ ا َغ َّريَ ِم ْن َّ ْ
- 14 -
ص َل ْ ِاإلجْ مَ اع عَ َىل مَ نْع ا ْل ُخ ُروج ان أ َ ً
وَّال ث ُ َّم حَ َ ِم ْن ا ْل ُك ْفر َ ،قا َل ا ْل َق ِ
ايض :وَقِ ي َل :إ ِ َّن َهذَا ا ْلخِ َالف َك َ
عَ َلي ِْه ْم ،وَ اَل َّله أَعْ َلم"
كفرا بواحً ا"،
وما قاله عياض يف املبتدع باطل يخالف رصيح الحديث الصحيح" :إال أن تروا ً
كفرا بواحً ا ،وقد خالف يف ذلك هو إجماع السلف الذي نقله غري واحد كاإلمام
والبدعة ليست ً
أحمد وابن بطة واْلجري وغريهم ،وهذا من جنس تخليطهم يف مسائل الصفات والقدر
تجرأ أحد عىل تضعيف األحاديث الثابتة يف السمع لوالة الجور حتى أتى واإليمان( ،)1وما َّ
ضالل وقعت فيه بسبب أعالم السنَّة والحديث -
ٍ شيخ الديري "الحالك" منقذا األمَّ ة من
وحاشاهم ،-فقبح الله العقول املختنثة.
إحقاق بدعته
ِ وبالجُ م َلة فقد ثبت لك ِّل مسل ٍم تدليس وكذب وبرت هذا الديري الكالم ألجل
ّ
الحق. وهواه ،واملُسلم يكفِ يه إجمَ اع السلف -رحمهم الله -فال يُمكن أن يخرجوا عن
قال ابن عبد الرب املالكي يف التمهيد" :وإىل منازعة الظالم الجائر ذهبت طوائف من املعتزلة
وعامة الخوارج"
طا َل ُون إِبْ َ ون ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْلعَ ْق ِل وَ ا ْلعِ ْل ِم أ َ َّن َقوْمً ا ي ُِريد َ َقال ابن بطة يف اإلبانة" :وَ ْليَعْ َل ِم ا ْلم ُْؤ ِمن ُ َ
ف َق ْلبُ ُه ِبأَنَّهُ ْم وَضعُ َ ون عَ َىل مَ ْن َق َّل عِ ْل ُم ُه َ السن َّ ِةَ ،فهُ ْم يُمَ ُ
وِّه َ وس آث َ ِار ا ْلعِ ْل ِم وَ ُّ الرشيعَ ِة وَ ُد ُر َ َّ ِ
ون ون ،وَ لَ ُه ي َُخال ُِف َ اب ال َّل ِه يَهْ ُرب َ
ُون وَ عَ ن ْ ُه يُ ْد ِب ُر َ وَه ْم ِم ْن ِكتَ ِ ون ِب ِهُ ، اب ال َّل ِه وَ يَعْ مَ لُ َ
ون إ ِ َىل ِكتَ ِ
يَدْعُ َ
اها ْاألَ َكا ِب ُر عَ ِن ْاألَ َكا ِب ِر وَ ن َ َق َلهَ ا أ َ ْه ُلول ال َّل ِه ﷺ َروَ َ وَ ذَ ِل َك أَنَّهُ ْم إِذَا َس ِمعُ وا ُسن َّ ًة ُر ِوي َْت عَ ْن َر ُس ِ
ني عَ َىل ِصحَّ تِهَ ا أَوْ األمَ ان َ ِة وَ أَجْ مَ َع أَئِمَّ ُة ا ْلم ُْسل ِِم َ
ان مَ وْ ِض َع ا ْل ُقدْوَ ِة وَ ْ َ ا ْلعَ دَا َل ِة وَ ْ َ
األمَ ان َ ِة ،وَ مَ ْن َك َ
ف عَ َليْهَ ا وَ تَ َل َّقوْ َها ِب َّ
الر ِّد َلهَ ا". السن َّ َة ِبا ْلخِ َال ِ
ضوا ِت ْل َك ُّ حَ َك َم ُف َقهَ ُاؤ ُه ْم ِبهَ ا ،عَ َار ُ
ً
حجازا الرازيني [أبي زرعة وأبي حاتم]" :أدركنَا العلما َء يف جميع األمصار جاء ِيف عقيدة َّ
عىل األئمَّ ة ،وَال القتَا َل ِيف الفتنة، نرى ُ
الخ ُروج َ وعراقا ومرصً ا وشامً ا ويمنًا" وفيهاَ :
"وال َ ً
ماض منذُ َ
بعث الله وأن الجهاد ٍ ونَسمَ ع ونُطي ُع َملن و ّاله الله أمْ رنَا وال ِ
ننز ُع يدًا من طاعَ ة ّ
األمر من أئمَّ ة املُسلمني ال يبطلُه َيشء".
الساعة م َع أويل ِ إىل قيَام َّنبيَّه ﷺ َ
( )1مستفا ٌد من ِ
بحث أحد اإلخوة بترصف يسري.
- 15 -
خلف ك ِّل بر َ
وفاجر ،والجهَ ا ُد م َع كل َ قال الرببهاري يف يرح السنة" :ومَ ن َقالَّ :
الصالة
فقد خ َرج ِمن ِ
قول بالصالحَ ،
َّ السلطان َّ
بالسيف ،ودعَ ا له ْم عىل ّ َ
خليفة ،و َلم يَر ُ
الخروج َ
الخوارج أوله وآخِ ره".
ِ
وأهل
ِ األثر،
وأصحاب ِ
ِ الكرماني -رحمه الله" :-هذا مذهبُ أئمَّ ِة العل ِم،
ّ وقال اإلمَ ام حَ ربٌ َ
ُ
وأدركت النبي ﷺ إىل يومنا هذا-
ِّ السن َّ ِة املعروفني بها ،املُقتدى بهم فيهاِ - ،من لدُن أصحاب ُّ
والشا ِم وغريهم عليها ،فمن خالف شيئا ً ِمن جازَّ ،
العراق ،والحِ ِ
ِ أدركت ِمن عُ لما ِء ِ
أهل ُ مَ ن
منهجِ الجماعة ،زائ ٌل عن
ِ َ
طعن فيها ،أو عابَ قائلها؛ فهو مُبتد ٌع ،خارجٌ ِمن املذاهب ،أو
ِ هذه
الزبريوإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ،وعبد الله بن ُّ َ وسبيل ِّ
الحق ،وهو مذهبُ :أحمدَ، ِ السن َّ ِة
ُّ
جالسنا،وأخذنا عنهم العَ لمَ ،فكان من قولهم
ْ الحُ ميدي ،وسعيد بن منصور ،وغريهم ممن
.....وفيها" :وال تخرجوا عىل األئمة بالسيف وإن جاروا".
ثم قال" :حدثنا سعيد بن منصور ،..عن أنَس بن مالكَ ،قالَ :قال ُ
رسول الله ﷺ " :الجها ُد
وال عد ُل عادل". اض منذُ بعثَني الله إىل أن َ
يقاتل آخر أمتي الدجال ،ال يُيطل ُه جور جائرَ ، مَ ٍ
الرحمن بن يزيد ،وأبو جحيفة ،وإبراهيم كان عبد ّ وروى بإسناده عن األعمَ شَ ،قالَ :
فقا َل رج ٌل من َ
القوم :أ َكانُوا ي ْك َرهون إمرة الحجَّ اجَ ... َ
النخعي ،وعَ مارة بن عمَ ري يَغ ُزون يف َ
يخفون فِ يه ،ويُعجبهم". ذلك؟َ ،قالَ :ال ،بَل ّ
وروى عن الحسن أنه َكان يَقول" :أرب ٌع من أمر اإلسالم إىل ُّ
السلطان :الحكم والفيء
والجهَ اد والجُ معة.قلت -أي أبو إسحاق-لهشام :وإن بَروا وفجرواَ ،قال :وإن بروا
وفجروا".
ثم نقل الديري بعدها كالمً ا لإلمام مالك ليس فيه ما ذهب إليه ،وما انف َّك يكذب عىل الناس
وينافقهم ،وليته لم يذكر قضية أبي جعفر الحطاب الذي رفع يف حقه الشيخ تركي البنعَل
والقحطاني-تقبلهم الله -التقارير الكثرية.
فقد حدثني أبو متاب الهاشمي ،أخربه شيخي أبو الحارث القحطاني ،قال" :ناظر البنعَل
الحطاب يف سجنه ،ولم تكن مناظرة عادلة ،فلما رفع مناظرته لإلمام قتل الحطاب"(.)1
( )1وقد سجن الحطاب بسبب جلوسه مع بعض الخوارج وسكوته عن كالمهم يف الخروج عىل اإلمام ،وكان هذا
لوحده كافيا للحكم عليه لكن الشيخ البنعَل جلس معه وناظره حتى ينظر يف أمره ويف ثبوت التهمة يف حقه.
- 16 -
وأما قول الديري يف هامش [الصفحة ]٤٥وكان أبو النور يقول" :أنا ال أعتقل إال من يكفر
الخليفة ،وكان قلة من السفهاء يرصِّ ح بتكفري أبي حنيفة والنووي وابن حجر والقرطبي
وابن عساكر وغريهم فال ينالهم أحد بأذى وسوء! ولكن االقرتاب من ابن عواد اقرتاب من
صنمهم وطاغوتهم ،وهذا يدل عىل أن األمر سياسة ال دين".
وجهله بكالم السلف! فقد ُسئل اإلمَ ا ُم ِ بس َفاهة هذا الديريّ ،برصنَا أكثر َ ُقلت :هذَا والله َّ
ضوا لهمُ ،قلت :وأيُّ َيش ٍء عرضون وَ يُ َك ّفرون؟ َقالَ :ال َّ
تعر ُ أحمَ د عَ ن َقو ٍم من أهل ال ِبدَع يَتَ َّ
وال ي َُقاتلهم
وَردعَ هم َ
وَقال :عَ ىل اإلما ِم منعُ هم َ وأخوَ اتَ . كر ُه أن يُحبَسوا؟ َقال :لهم والد ٌ
َات َ تَ َ
مبتدع داعية :يُحبَس ،وقال ُ: ٍ ان الحروريّ داعِ ً
ية ،ي ُقتَل ،ويف َّإال أن يجْ تَمعوا لحر ِبه ،فإن َك َ
ظم َف َساده.
ارجي لِع َ
ِّ تل َ
الخ إىل َق َِف ِإ ْن َسبُّوا اإلمَ ا َم عَ َّز َر ُه ْم ( )1وَ ذهبَ اإلمام مالك َ
فالذي يكفر الخليفة املسلم ويدعو لهذه البدعة الخبيثة يُحبس عند السلف ،بينما هذا
أمورا لهم فيها سلف ،بل هو نقل من كتابالديريّ الجاهل يريد معاقبة الناس العتقادهم ً
ذم الكالم للهروي وكله تكفري ألبي الحسن األشعري ،وغالب من ذكرهم من متأخري
األشاعرة ينكرون علو الله عىل خلقه ويكفرون املثبتني ويزعمون أنهم مجسمة -وهذا كفر
كما يف السلسلة املنهجية ،-وأبو حنيفة قد أجمع السلف عىل تجريحه ،ونقل ذلك صاحب
الحائية ،قال أبو بكر بن أبي داود" :الوقيعة يف أبي حنيفة إجماع من العلماء؛ ألن إمام
البرصة أيوب السختياني :وقد تكلم فيه ،وإمام الكوفة الثوري :وقد تكلم فيه ،وإمام
الحجاز مالك :وقد تكلم فيه ،وإمام مرص الليث بن سعد :وقد تكلم فيه ،وإمام الشام
األوزاعي :وقد تكلم فيه ،وإمام خراسان عبدالله بن املبارك :وقد تكلم فيه؛ فالوقيعة فيه
()2
إجماع من العلماء يف جميع االفاق"
قلت :وهذا حرب الكرماني وقد نقل اإلجماع عىل التك ُّل ِم فيه ،وأبو إسحاق الفزاري تك َّلم ُ
فيه ،وحماد بن سلمة تك َّلم فيه ،وعبد الله بن أحمد مأل كتابه السنة بالكالم فيه ،وعبد
العقوبة؟ يستحقون ُ
ُّ الرحمن بن مهديّ تكلم فيه ،أك ّل هؤالء
ص ِاريِّ َ ،س ِمعْ ُت قال يوسف ابن عبد الهادي املربد يف جمع الجيوش والدساكر -وَ ِب ِه إ ِ َىل َ
األن ْ َ
َّاس النَّهَ اوَ نْدِيَّ عَ َىل ا ِإلن ْ َك ِار عَ َىل أ َ ْه ِل
والن :وَجَ ْدنَا أَبَا ا ْلعَ ب ِ
أَحْ مَ َد ب َْن حَ مْ َز َة ،وَ أَبَا عَ َِل ي ا ْلحَ دَّادَ ،ي َُق ِ
ظ َم َشأْن ِِه ِيف ِاإلن ْ َك ِار عَ َىل أ َ ِبي ا ْل َفوَ ِار ِس ا ْلقرماسين ِِّي، األ ْشعَ ِري َِّة ،وَ ذَ َك َر أَعْ َ
ري َ ا ْل َكال ِم ،وَ تَ ْكفِ ِ
- 17 -
ص ِاريِّ َ ،س ِمعْ ُت أَحْ مَ َد ب َْن حَ مْ َز َة ،ي َُقو ُلَ :لمَّ ا ْ
اشتَ َّد ف وَ احِ دٍ _.وَ ِب ِه إ ِ َىل َ
األن ْ َ وَهِ جْ َران ِِه إِيَّا ُه لِحَ ْر ٍ
ف َشي ٍْخيت أ َ ْل َ َني النَّهَ اوَ نْدِ يِّ وَأ َ ِبي ا ْل َفوَ ِار ِسَ ،سأَلُوا أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه الدِّين َ ِ
وَريَّ َ ،ف َقا َلَ :لقِ ُ ا ْل ِهجْ َرا ُن ب ْ َ
عَ َىل مَ ا عَ َلي ِْه النَّهَ اوَ نْدِيُّ ؛
وهذا الديري قد نقل كالم الهروي غري ما مرة ،أفغاب عليه أن من يكفر األشاعرة إنما يعتمد
عىل هذا الكتاب بشكل كبري ثم كتب السنة واالعتقاد عند السلف ورسالة السجزي وغريها؟
َ
اإلنصاف لذك َر أن الدولة – وإال فلو أرا َد عىل دغدَغة َ
املشاعرَّ ، وبالجُ م َلة َفهذا ِ
الديري يَعتَم ُد َ
طأ الذِي َال تُ ُ
وافقه. حجر والنوويّ وأبي حنيفة وغريهم من الخ ٍَ َك َكيَان-تعتربُ تكفريَ ابن
الفضل التميمي وهوِ معرش الحنَابلة" [يف الصفحة ]٥٢واستشه َد بكال ِم أبي ث ّم َقال" :يا َ
انتقدهم العلمَ اء ملخالفتهم من متكلمي الحنابلة كابن عقيل وابن الجوزي ،وهؤالء كلهم َ
اإلمام أحمد يف األصول والفروع ،وأبو الفضل كان صاحبًا ِألبي بكر الباقالني األشعريّ فأي
وهم أعيان تالمذة أحمد وأصحابه من حنبلة هذه؟ وهل يرت ُك العاقل كال َم من تقدم ذكرهم ُ ٍ
َ
لتعرف أن هذا املبتد َع الديريّ كفر ُه ابن حزم أهل النقل لكالم املتكلمني؟ والباقالني هذا قد َّ
بعضا ،كما أن من ذكرهم من "الشيوخ" يف رسالته يضلل ينقل عن أناس كفر بعضهم ً
ني أن ٌه َقال َ
الباقال ّ طوامه ْم مَ ا حكاه السمناني عَ ن بعضا ،قا َل اب ُن حَ زم" :من َ
ً بعضهم
َ
بعدها إىل حني الرسالة وما وقته يف حَ ال ِّأهل ِ أفضل ِ النبي ﷺ َِّ واختَ ُلفوا يف وجُ وب َكون
نقول. الصحيح وبه ُ اقالني وهذا هو َّ طه آخ ُرون و َقال الب َّ
مَ وته فأوجَ ب ذَلك قائلُون وأسق َ
النبي
ِّ عرصقال أبو محمدٍ :وهذا والله ال ُكفر الذِي َال خفاء به إذ جوَّ ز أن ي ُكون أح ٌد ممَّ ن يف ْ
ﷺ فمَ ا بعده أفضل من رسول الله ﷺ وما أنكرنا عىل أحمَ د بن خابط الدون هذَا إذ قال
النبي ﷺ هذا مع َقول هذا املستخف الباقالني الذي ذ َكره عنه ِّ أن أبَا ذر كان أزه َد من
يرط اإلمامة أن ي ُكون اإلمام أفضل ِ السمناني يف كتابه ال َكبري يف كتاب اإلمامة منه أن من
أهل زمَ انه.
- 18 -
يكون يف النَّاس غري الرسل َ
أفضل َ قال أبو محمَّ د :يا للعيَارة بالدِّين يجوز عنه هذا ال َكافر أن
رسول الله ﷺ وال يجوز عندَه أن يَل اإلمامة أحَ د يوجَ د يف النَّاس أفضل منه ثم حمقه من ُ
()1 ُ
تكليف ما ال يطاق" أيضا يف هذَا حمق عتيق ألنه ً
قلت :ونحن نري ُد إخراج املسلمني من االختالف إىل االجتماع فخرجَ علينَا هذا الديريّ يبغي
ُ
وينقض كالمه وهو ينق ُل كالم من كف َر سابقه! أفهؤالء جم َع املجاهدين عىل االختالف!
يتبعُ هم املسل ُم ويرتك ما اجتم َع عليه أهل الحديث؟ ث َّم إن هذا املدلِس لو قيل فيه" :ما ولد
َ
لصدق القائل ،فكتابُ أبي الفضل مولود أشأم عىل اإلسالم يف عرصنا من أبي محمد الديري"
هذَا "اعتقاد اإلمام املبجل أحمد بن حنبل" نسب فيه التميمي إىل اإلمام أحم َد ما ليس من
ُ
أفيصدق يف مسألة الخليفة الظالم ؟ األصول
ِ عقيدته يف
الصفات الالزمَ ة كالحياة و الصفات
بني ِّالفرق ْ
ِ َ
طريقة إبن كالب ىف قال ابن تيمية "وسل َك
االختيارية وأن الرب يقوم به األول دون الثاني كثري من املتأخرين من أصحاب مالك
والشافعي وأحمد كالتميميني أبى الحسن التميمي وابنه أبى الفضل التميمي وابن ابنه رزق
الله التميمي وعىل عقيدة الفضل التي ذكر أنها عقيدة أحمد أعتمد أبو بكر البيهقي فيما
()2
مناقب أحم َد من االعتقاد"
ِ ذكره من
الباقالني من املودة
ّ بكر بن
الفضل التميمي وبني القايض أبي ٍ "وكان بني أبي ََ َ
وقال:
ِ
كتابه الذي صنفه ٌ
معروف مشهو ٌر ولهذا اعتم َد الحافظ أبو ب ْكر البيهقي يف والصحبَة ما ه َو
ِيف مناقب اإلمام أحمَ د ملا ذكر اعتقاده اعتمد عىل ما نقله من كالم أبي الفضل عبد الواحد
بن أبي الحسن التميمي وله يف هذَا البَاب مصنَّف ذكر فيه من اعتقاد أحمد مَ ا فهمه ولم
نفسه وجعل يقو ُل وكان أبو عبدالله وهو ِ ألفاظه وإنما ذكر جمل االعتقاد ِ
بلفظ ِ يذكر فيه
بحسب ما فهمه ورآه
ِ بمنزلة من يصنِّف كتابًا يف الفقه عىل رأي بعض األئمة ويذك ُر مذهب ُه
وإن كان غريه بمذهب ذلك اإلمام أعلم منه بألفاظه وأفهم ملقاصده فإن الناس يف نقل
الرشيعة ومن املعْ لوم أن أحَ دهم يقول حكم الله بمنزلتهم يف نقل َّ
ِ األئمة قد يكونُون
ِ مذاهب
صاحب الرشيعة بحسب ما بلغه وفهم ُه ِ كذا أو حكم الرشيعة كذَا بحسب ما اعتقدَه عن
()3
وإن كان غريه أعل َم بأقوال صاحب الرشيعة وأعماله وأفه َم ملراده".
- 19 -
قلت :فه َذا املد ّلس الديري اختَار كال َم من نسبَ لإلما ِم أحم َد ما هو عىل خالفه ،وال ش َّك أن
أعلم الناس باإلمام أحمد أصحابه ،كعبد الله ابنه ،وصالح ،وأبي بكر الخالل ،واملروزي،
واملروذي ،وحرب ،والرازي ،وأبي عيىس وغريهم الكثري -رحمهم الله ،-وك ّلهم نقلوا عن ُه
الخروج عىل الواثق وهو يقول بخلق الصرب وعدم الخروج عىل الظاملني ،بل نَاظر يف عد ِم ُ
القرآن ويمتح ُن الناس يف ذلك ،وبالجملة فمذهب أحمد معروف يف حقن الدماء ،رحمه الله
تعاىل.
وأما قوله أن الخليفة إبراهيم ال يحفظ القران ،فال يحتاجُ لردي ،ومعلوم كذبُ ُه وبطالنه ،وقد
نحتج بسرية عمر -ريض الله عنه-وعدد من العلماء ممن ال يحفظون القران َّ
وأن العمل
أهم من العلم وغري ذلك ،وما رواه الذهبي عن تصحيف ابن أبي شيبة رحمه الله وعدم
حفظه للقران وإن كان بعضهم قد ضعف الروايات املروية يف حقه.
وأما ما نقله عن املقديس فتدليس رصيح وبرت للكالم عن سياقه الرئييس الصحيح ،وأما
قوله" :والله حسبنا يف العدناني حني كذب عىل األمة وزعم أن ابن عواد عالم عامل وغش
األمة واملسلمني" ،ويف الحاشية" :نعم أقولها بملئ فمي :نعم ،لقد كذب عىل الله وعىل األمة".
فيقال :هال أخرب الديري املبتدع سبب قصيدته التي رثى بها الشيخ العدناني؟
َ
الشيخ العدناني دون أن يقع األخري يف ناقض! وال تحقق أن أبا محمد الديري َّ
كفر والسببَّ :
كفره ألجل الهوى ،والكل علم بهذا ومع ذلك لم يقتله أحد ،بلمن الرشوط واملوانع بل َّ
توبيخا ً
بليغا! وبقاء ً طرده الشيخ أبو همام البنعَل من مكتب البحوث بسببها و وبَّخه
الديري عىل قيد الحياة لوحده ٍ
كاف يف بيان بطالن ما يزعمه.
ثم إن الديري بقوله أن الشيخ العدناني كذب عىل الله فقد كفره من جديد ،وهذا الخارجي
له غلو يف التكفري شديد أكثر ممن يرميهم بالغلو ،فالعدناني قال" :وما أدراكم من أبو بكر،
إن كنتم تتساءلون عنه ،فإنه حسيني قريش من ساللة أهل البيت األطهار ،عالم عامل عابد
مجاهد" إىل أن قال" :والله عىل ما شهدت شهيد".
- 20 -
فهيا يا تالمذة الديري وأتباعه ،كفروا العدناني كشيخكم بعدما كنتم تزعمون نرش مآثره
وحبه ،فقد قال أهل العلم املحققون :من أشهد الله كاذبا ،أو قال يعلم الله كاذبا ،فقد كذب
عىل الله ،وهو كافر بذلك.
ثم قال يف [ الصفحة " ]٥٣قال ابن رجب :وهذا يدل عىل جهاد األمراء باليد"
والصواب ،أن ابن َّ قلت :لقد برت هذا "الهاشمي" املد ِّلس -قتله الله -كالم ابن رجب ً
أيضا،
ِ
باملعروف وأنهاه عن الس َ
لطان قلت البن عباس :آم ُر ُّ رجب قال " :قال سعي ُد ب ُن جبريُ :
عدت ،فقال يل مث َل ُ ْت ،فقال يل مث َل ذلك ،ثمفت أن يقتُ َلك ،فال ،ثم عُ د ُ املنكر؟ قالْ :
إن خِ َ
َّاس، كنت الب َّد فاعالً ،ففيما بينَك وبينه ،وقال طاووس :أتى رج ٌل َ
ابن عب ٍ ذلك ،وقال :إ ْن َ
السلطان فآمره وأنهاهُ؟ قا َل :ال تكن ل ُه ً
فتنة ،قا َل :أفرأيت إ ْن أمرني فقال :أال أقو ُم إىل هذا ُّ
حديث ابن مسعود الذي َ الله؟ قال :ذلك الَّذي تريدْ ،
فكن حينئ ٍذ رجالً .وقد ذكرنا بمعصية ِ
ِ
لوف ،فمن جاهدَهم بيدِه ،فهو مؤم ٌن" ...الحديث ،وهذا يد ُّل عىل فيه":يخلف من بعدهم ُخ ٌ
جهاد األمرا ِء باليد ،وقد استنكر اإلما ُم أحمد هذا الحديث يف رواية أبي داود ،وقال :هو
وْر األئمة .وقد يجاب عن ذلك: بالصرب عىل جَ ِ خالف األحاديث التي أمر رسول الله ﷺ فيها َّ ُ
صالح ،فقال: ٍ نص عىل ذلك أحم ُد أيضا ً يف رواية بأن التَّغيريَ بالي ِد ال يستلز ُم القتا َل .وقد َّ َّ
أن يُزي َل بيده ما فعلوه والسالح ،وحينئ ٍذ فجها ُد األمرا ِء باليد ْ بالسيف ِّ ليس َّ التَّغيريُ باليد َ
يكرس آالت املالهي التي لهم ،ونحو ذلك ،أو يُبطل خمورهم أو ِ َ َ أن يُريق ِم َن املنكرات ،مثل ْ
َابظلم إن كان له ُقدر ٌة عىل ذلك ،وَ ُك ُّل َهذَا جَ ا ِئ ٌز ،وَ َلي َْس ُه َو ِم ْن ب ِ بيده ما أمروا به ِم َن ال ُّ
وَر َد النَّهْ ُي عَ نْهَُ ،ف ِإ َّن َهذَا أ َ ْكث َ ُر مَ ا ي ُْخ ََش ِمن ْ ُه أ َ ْن ي ُْقتَ َل وج عَ َلي ِْه ِم ا َّلذِي َ وَال ِم َن ا ْل ُخ ُر ِ قِ تَال ِِهمَْ ،
السي ِْفَ ،في ُْخ ََش ِمن ْ ُه ا ْلفِ تَ ُن ا َّلتِي تُ َؤدِّي إ ِ َىل َس ْفكِ دِ مَ ا ِء ْاْل ِم ُر وَحْ د َُه ،وَ أَمَّ ا ا ْل ُخ ُروجُ عَ َلي ِْه ْم ِب َّ
اإل ْقدَا ِم عَ َىل ْ ِاإلن ْ َك ِار عَ َىل ا ْل ُملُوكِ أ َ ْن ي ُْؤذِ يَ أ َ ْه َل ُه أ َ ْو ِجريَانَهَُ ،ل ْم يَنْبَ ِغ
يش ِيف ْ ِني .نَعَ مْ ،إ ِ ْن َخ ِ َ ا ْلم ُْسل ِِم َ
َاض األ َذى إ ِ َىل َغ ْ ِريهِ َ ،ك َذ ِل َك َقا َل ا ْل ُف َضيْ ُل بْ ُن عِ ي ٍ ض َلهُ ْم حِ ين َ ِئذٍ ،لِمَ ا فِ ِيه ِم ْن تَعَ دِّي ْ َ َل ُه التَّعَ ُّر ُ
ط ،أ َ ِو ا ْلحَ ب َْس ،أ َ ِو ا ْل َقيْدَ ،أ َ ِو السوْ َْف ،أ َ ِو َّ السي َاف ِمنْهُ ْم عَ َىل ن َ ْف ِس ِه َّ وَ َغ ْري ُُه ،وَمَ َع َهذَاَ ،فمَ تَى َخ َ
األئِمَّ ُة عَ َىل ذَ ِل َك،ص َْ ط أَمْ ُر ُه ْم وَ نَهْ يُهُ مَْ ،
وَق ْد ن َ َّ األ َذىَ ،س َق َ ال ،أ َ ْو نَحْ َو ذَ ِل َك ِم َن ْ َ
الن َّ ْف َي ،أ َ ْو أ َ ْخذَ ا ْلمَ ِ
انَ ،ف ِإ َّن َسي َْف ُه مَ ْسلُو ٌل ط ِ ِلس ْل َ
ض ل ُّ اق وَ َغ ْري ُُهمَْ ،قا َل أَحْ مَ دَُ :ال يَتَعَ َّر ُ ِمنْهُ ْم مَ ا ِل ٌك وَ أَحْ مَ ُد َوإ ِ ْسحَ ُ
".
- 21 -
قال العقيَل يف كتاب الضعفاء ،حدثنا محمد بن عمرو املروزي حدثنا سليمان بن معبد أبو
داود قال :حدثنا األصمعي قال " :قيل للكذاب :ما يحملك عىل الكذب؟ قال :لو تغرغرت به
مرة ما نسيت حالوته".
وقال :حدثنا أحمد بن محمد بن زكريا قال :حدثنا إبراهيم األصبهاني ،عن ابن أخي
األصمعي عن عمه ،قال " :قال كذاب :إذا رأيت من هو أكذب مني دير بي حسدا له"
وأبو محمد الديري هذا يصدق فيه ما روي عن محمد الطياليس ،قال :صىل أحمد بن حنبل
ويحيى بن معني يف مسجد الرصافة فقام بني أيديهم قصاص فقال حدثنا أحمد بن حنبل
ويحيى بن معني قاال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس قال :قال رسول الله
ﷺ " :من قال ال إله إال الله خلق الله كل كلمة منها طريا منقاره من ذهب وريشه من
مرجان " وأخذ يف قصة نحو عرشين ورقة فجعل أحمد بن حنبل ينظر إىل يحيى بن معني
ويحيى ينظر إىل أحمد ،فقال له :أنت حدثته بهذا ،فقال :والله ما سمعت بهذا إال الساعة،
فلما فرغ من قصصه وأخذ القطيعات ،ثم قعد ينتظر بقيتها قال له يحيى بن معني بيده
تعا ل فجاء متوهما النوال ،فقال له يحيى من حدثك بهذا الحديث ،فقال :أحمد بن حنبل
ويحيى بن معني ،فقال أنا يحيى بن معني وهذا أحمد بن حنبل ما سمعنا بهذا قط يف حديث
رسول الله ﷺ ،فإن كان البد والكذب فعىل غرينا فقال له :أنت يحيى بن معني ؟ قال :نعم،
قال :لم أزل أسمع أن يحيى بن معني أحمق ما تحققته إال الساعة ،قال له يحيى كيف
علمت أنى أحمق ؟ قال كأن ليس يف الدنيا يحيى بن معني وأحمد بن حنبل غريكما ،قد
كتبت عن سبعة عرش أحمد بن حنبل ويحيى بن معني ،فوضع أحمد كمه عىل وجهه ،وقال:
()1
دعه يقوم فقام كاملستهزئ بهما.
وأنا عىل يقني أن الديري ماحدَّثه أح ٌد بيشء ،وهو لم يكتف بأن كذب عىل األحياء واألموات
من شيوخنا ،بل كذب عىل القايض عياض ،واإلمام أحمد ،وابن رجب ،والبرصي ،والتابعني،
فلك يوم طويل أمام الله يا أيُّها الكذَّاب وشيخك الحالك معك وكل من أق َّر وريقاتك املتهافِ تة
املليئَة بالظلم والحيف والبطالن ،والفتوى توقيع عن الله ،فلقد تقولت عىل الله أعظم
َ
وافرتيت عىل السلف. التقول،
- 22 -
قال يف نفس الصفحة" :وأهم ما سبق من نصوص الحنابلة قول أبي الفضل التميمي ناقال
عن اإلمام أحمد".
قلت :هاهو يدلس من جديد ،فأبو الفضل هذا تويف سنة ٤١٠هجرية واإلمام أحمد تويف
سنة ٢٤١هجرية ،وبينهما ١٦٩سنة! فلماذا يُوهم هذا الكذَّاب الناس أن التميمي نقل
ً
مخالفا العقيدة عن أحمد وقد تقدم كالم اإلمام ابن تيمية أن أبا الفضل هذا ينقل ما يفهمه
كالم اإلمام أحمد يف مسائل كثرية جدا ومنها هذه املسألة.
ثم قال يف نفس [الصفحة " ]٥٣بل هذا ما رصح به جماعة من أئمة الحنابلة كأبي الوفاء
ابن عقيل وابن الجوزي وابن رزين -وذكر كالم املرداوي."-
قلت :ابن عقيل وابن الجوزي من املتكلمني وقد ذمهم أهل العلم ،وانظر لزامً ا رسالة اإلمام
أبي الفضل العلثي إىل ابن الجوزي ملعرفة اعتقاده الحائد عن اعتقاد السلف وأهل السنة.
وأمّ ا ما نقله عن اإلمام املرداوي ،فتدليس جديد والله املستعان ،وهو يتعمد مخالفة السلف،
ولو أكمل كالم املرداوي لعلم املسلمون مذهب أحمد ،قال -رحمه الله -كما يف اإلنصاف(:)1
"ظاهر قوله (وهم الذين يخرجون عىل اإلمام بتأويل سائغ) أنه سواء كان اإلمام عادال أو
ال ،وهو املذهب ،وعليه جماهري األصحاب ،وجوز ابن عقيل ،وابن الجوزي الخروج عىل إمام
غري عادل ،وذكرا خروج الحسني عىل يزيد إلقامة الحق ،وهو ظاهر كالم ابن رزين عىل ما
تقدم .قال يف الفروع :ونصوص اإلمام أحمد رحمه الله :إن ذلك ال يحل ،وأنه بدعة مخالف
للسنة وآمره بالصرب ،وأن السيف إذا وقع ،عمت الفتنة وانقطعت السبل ،فتسفك الدماء،
وتستباح األموال ،وتنتهك املحارم " ،وهذا الديري وشيوخه يستحبون البدعة عىل السنة،
نسأل الله الثبات والسالمة.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن" :وأهل العلم [ ]...متفقون عىل طاعة
من تغلب عليهم يف املعروف ،يرون نفوذ أحكامه ،وصحة إمامته ،ال يختلف يف ذلك اثنان،
ويرون املنع من الخروج عليهم بالسيف وتفريق األمة ،وإن كان األئمة فسقة ما لم يروا
كفرا بواحً ا ونصوصهم يف ذلك موجودة عن األئمة األربعة وغريهم وأمثالهم ونظرائهم".
ً
- 23 -
ثم تحدث يف [ الصفحة ] ٥٤عن الشيخ أبي بالل الحربي تقبله الله ،وما علمنا عنه استهانة
بالدماء ،فاألص ُل الكذب فيما رماه به هذا الكذاب الذي كذب عىل السلف فكيف بمن هو
دونهم ،واألغربُ أن من أعان هذا الخارجي عىل ِ
نرش رسالته هم قو ٌم قاموا برثاء الشيخ أبي
بالل ونسبوه للعلم وأنه الشيخ املجاهد ،ولله يف خلقه شؤون.
إىل أن قال" :فإليكم معرشَ الشافعية من أهل اليمن وسيناء والفلبني والصومال غياث
خطبكم من خطيبكم وعاملكم" ،ثم ذكر كالم الجويني وهو أشعري تاب من االعتزال ،وليت ُه
ً ()1
نقل كالم اإلمام الشافعي رحمه الله مبايرة.
الرعِ يَّة أ َ ْن ي ُ
َص َّد م ُْرتَ ِكبَ ني -يريد الجويني : -وَ ي َُسوغ ِْلحَ ادِ َّ "قا َل إِمَ ام ا ْلحَ َرمَ ْ ِ قال النوويَ :
وَشهْ ر ِس َالح َ .ف ِإ ْن اِنْتَهَ ى ص ِب قِ تَال َ ا ْل َك ِبريَة َوإ ِ ْن َل ْم يَنْدَفِ ع عَ نْهَ ا ِب َقوْ ِل ِه مَ ا َل ْم يَنْتَ ِه ْ َ
األمْ ر إ ِ َىل ن َ ْ
ظ ْل ُم ُه وَ َغ ْش ُم ُه ،وَ َل ْم
ظهَ َر ُ وَقت ،وَ َ ان َقا َل َ :وإِذَا جَ ا َر وَ ِايل ا ْل ْ ط ِ الس ْل َ ط َْ
األمْ ر ِب ُّ َْ
األمْ ر إ ِ َىل ذَ ِل َك َر َب َ
طؤ عَ َىل َخ ْلعه وَ َل ْو صنِيعه ِبا ْل َقوْ ِل َ ،ف ِ َأل ْه ِل ا ْلحَ ِّل وَا ْلعَ ْقد التَّوَ ا ُ يَن ْ َز ِجر حِ ني ُز ِج َر عَ ْن ُسوء َ
()2
ص ِب ا ْلحُ ُروب" األ ْسلِحَ ة وَ ن َ ْ ِب َشهْ ِر ْ َ
قلت :وهذا قول الخوارج ،وهو خالف ما عليه أهل السنة وما جاء يف اْلثار الصحيحة قال
ُرس ب ِْن َسعِ ي ٍد عَ ْن جُ نَا َد َة ري عَ ْن ب ْ ِ وَه ٍب عَ ْن عَ مْ ٍرو عَ ْن بُ َك ْ ٍ البخاري :حَ َّدثَنَا إ ِ ْسمَ اعِ ي ُل حَ َّدثَنِي ابْ ُن ْ
ِيثِّث ِبحَ د ٍ ص َلحَ َك ال َّل ُه حَ د ْ يض ُق ْلنَا أ َ ْ وَه َو مَ ِر ٌالص ِام ِت ُ َخ ْلنَا عَ َىل عُ بَا َد َة ب ِْن َّ ب ِْن أ َ ِبي أُمَ ي ََّة َقا َل د َ
يَن ْ َفعُ َك ال َّل ُه ِب ِه َس ِمعْ تَ ُه ِم ْن الن َّ ِب ِّي ﷺ َقا َل دَعَ انَا الن َّ ِب ُّي ﷺ َفبَايَعْ نَا ُه َف َقا َل فِ يمَ ا أ َ َخذَ عَ َليْن َا
ُرسنَا وَ أَث َ َر ًة عَ َليْنَا وَ أ َ ْن َال نُن َ ِاز َع
رسنَا وَ ي ْ ِ طاعَ ِة ِيف مَ ن ْ َش ِطنَا وَمَ ْك َرهِ نَا وَ عُ ْ ِ السمْ ِع وَ ال َّ أ َ ْن بَايَعَ نَا عَ َىل َّ
ٌ ()3
األمْ َر أ َ ْه َل ُه إ ِ َّال أ َ ْن تَ َروْ ا ُك ْف ًرا بَوَ احً ا عِ ن ْ َد ُك ْم ِم ْن ال َّل ِه فِ ِيه ب ُْر َهان.
َْ
وروى مسلم عن مُحَ مَّ د ْب ُن ا ْل ُمثَنَّى ،وَ مُحَ مَّ ُد بْ ُن ب ََّش ٍار َ ،قاال َ :حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد ْب ُن جَ عْ َف ٍر ،حَ َّدثَنَا
ْض ِم ِّي ،عَ ْن أ َ ِب ِيه َ ،قا َل َ :سأ َ َل َس َلمَ ُة ُشعْ ب َُة ،عَ ْن ِسمَ اكِ ب ِْن حَ ْر ٍب ،عَ ْن عَ ْل َقمَ َة ب ِْن وَ ائ ٍِل ا ْلحَ ْ َ
الله ،أ َ َرأَي َْت إ ِ ْن َقامَ ْت عَ َليْنَا أُمَ َرا ُء ي َْسأَلُونَا
الله ﷺ َ ،ف َقا َل :يَا ن َ ِب َّي ِ بْ ُن ي َِزي َد ا ْلجُ عْ فِ ُّي َر ُسو َل ِ
( )1وهنا إشارة لغباء هذا الديري الشديد ،فغالب من يلتحق بالجهاد عامة والدولة خاصة ال يتمذهب بمذهب
أصال ،وإنما يتبع الراجح من كالم السلف ،هذا إن كان صاحب علم وعقل أما إن كان جاهال كهذا الديري وأمثاله
فيأخذ من كل من هب ودب ما وافق هواه.
( )2يف يرح مسلم ١٣١/١
( )3صحيح البخاري ٧٠٥٥ /
- 24 -
ض عَ ن ْ ُه ،ث ُ َّم َسأ َ َل ُه ِيف ض عَ ن ْ ُه ،ث ُ َّم َسأ َ َل ُه َ ،فأَعْ َر َ
حَ َّقهُ ْم وَ يَمْ نَعُ ونَا حَ َّقنَا َ ،فمَ ا تَأ ْ ُم ُرنَا ؟ َفأَعْ َر َ
اسمَ عُ وا وَ أ َ ِطيعُ وا َ ،ف ِإنَّمَ ا عَ َلي ِْه ْم مَ ا وَقا َل ْ : األ ْشعَ ُث ْب ُن َقي ٍْس َ ، الثَّا ِني َِة ،أ َ ْو ِيف الثَّا ِلث َ ِة َ ،فجَ ذَبَ ُه َ
ْ ُ ()1
حُ مِّ لُوا ،وَ عَ َليْ ُك ْم مَ ا حُ مِّ لتم .
الله ﷺ َقا َل َ :ستَ ُكو ُن ص ٍن ،عَ ْن أ ُ ِّم َس َلمَ َة ،أ َ َّن َر ُسو َل ِ ضب ََّة ب ِْن ِمحْ َوعن عَ ِن ا ْلحَ َس ِن ،عَ ْن َ
ف ب َِرئ َ ،وَمَ ْن أَن ْ َك َر َس ِل َم ،وَ َلك ِْن مَ ْن َر ِ َ
يض وَ تَابَ َع َقالُوا : ون َ ،فمَ ْن عَ َر َ أُمَ َرا ُء َفتَعْ ِر ُف َ
ون وَ تُن ْ ِك ُر َ
َّ ()2
صلوْ ا.أ َ َفالَ ن ُ َقا ِتلُهُ ْم ؟ َقا َل :ال َ ،مَ ا َ
يهوأما الجويني ،فأترك شيخ اإلسالم يرد عليه ،قال رحمه اللهَ " :ف َل ْو تَأَمَّ َل أَبُو ا ْلمَعَ ِايل وَ ذَ ِو ِ
ا ْل ِكتَابَ ا َّلذِي أَن ْ َك ُرو ُه َلوَجَ دُوا فِ ِيه مَ ا ي َْخ ِصمُهُ مْ ،وَ َلكِ ْن أَبُو ا ْلمَ عَ ِايل مَ َع َف ْر ِط ذَ َكائ ِِه وَحِ ْر ِص ِه
ال ان َقلِي َل ا ْلمَ عْ ِر َف ِة ِب ْاْلث َ ِار النَّب َِوي َِّة وَ َلعَ َّل ُه َل ْم يُ َ
طا ِل ْع عِ َّالتِهَ ا ِبحَ ٍ عَ َىل ا ْلعِ ْل ِم وَ عُ لُ ِّو َقد ِْرهِ ِيف َفن ِّ ِه َك َ
وَسن َ ِن أ َ ِبي دَاوُد وَ الن َّ َسائ ِِّيني ا ْلب َُخ ِاريُّ وَ م ُْس ِل ٌم ُ الصحِ يحَ ْ ِ حَ تَّى يَعْ َل َم مَ ا فِ ِيهَ ،ف ِإن َّ ُه َل ْم يَ ُك ْن َل ُه ِب َّ
ان مَ َع حِ ْرصه عَ َىل ط ِإ وَ نَحْ وه وَ َك َ ْف ِبا ْلمُوَ َّ ص ًال َف َكي َ السن َ ِن عِ ْل ٌم أ َ ْ الرت ِْمذِ يِّ وَ أَمْ ثَال َهذِهِ ُّ وَ ِّ
طن ِِّي وَ أَبُو ا ْلحَ َس ِن ِاالحْ تِجَ اج ِيف مَ َسائِل ا ْلخِ َالف ِيف ا ْلفِ ْق ِه إنَّمَ ا عُ مْ َدتُ ُه ُسن َ ُن أ َ ِبي ا ْلحَ َس ِن الد َ
َّار ُق ْ
يث ا ْلم ُْستَ ْغ َربَ َة
األحَ ادِ َ السن َ َن َك ْي يَذْ ُك َر فِ يهَ ا ْ َ ف َه ِذهِ ُّ صن َّ َ ِيث َف ِإن َّ ُه إنَّمَ ا َ مَ َع إتْمَ ا ِم إمَ امَ ت ِِه ِيف ا ْلحَ د ِ
يث الْمَ ْشهُ و َر ُة ِيف األحَ ادِ ُ إىل ِمثْل ِِهَ ،فأَمَّ ا ْ َ ط ُر َقهَ اَ ،ف ِإنَّهَ ا هِ َي ا َّلتِي يُحْ تَاجُ فِ يهَ ا َ ِيف ا ْلفِ ْق ِه وَ يَجْ مَ َع ُ
ان مُجَ َّر ُد ِاال ْكت َِفا ِء ِب ِكتَا ِب ِه ِيف َهذَا ان ي َْستَ ْغنِي عَ نْهَ ا ِيف ذَ ِل َك َفلِهَ ذَا َك َ ني وَ َغ ْ ِريهِ مَ ا َف َك َالصحِ يحَ ْ ِ َّ
ول ْ ِاإل ْس َال ِم ،وَ اعْ تُ ِربَ ذَ ِل َك ِبأ َ َّن ِكتَابَ أ َ ِبي ا ْلمَ عَ ِايل ،ا َّلذِي ُه َو ن ُ ْخب َُة ص ِ ث جَ هْ ًال عَ ِظيمً ا ِبأ ُ ُ ُور َُاب ي ِا ْلب ِ
يح ا ْلب َُخ ِاريِّ
صحِ ِ إىل َ ِيث وَ احِ ٌد مَ عْ ُز ٌّو َ دِراي َِة ا ْلمَ ذْ َه ِب " َلي َْس فِ ي ِه حَ د ٌ ط َل ِب ِيف َ عُ مْ ِرهِ نِهَ اي َُة ا ْلمَ ْ
ِيث ِيف ا ْلب َُخ ِاريِّ َكمَ ا ذَ َك َر ُه. ِيث وَ احِ ٌد ِيف الْب َْسمَ َل ِة وَ لَي َْس ذَ ِل َك ا ْلحَ د ُ َّإال حَ د ٌ
الشافِ عِ ِّي عَ َىل أَن َّ ُه َلي َْس َلهُ ْم وَجْ ٌه ِيف صحَ ابُ َّ ول ْ ِاإل ْس َال ِم اتَّ َف َق أ َ ْص ِ وَ ِلقِ َّل ِة عِ ْل ِم ِه وَ عِ ْل ِم أَمْ ثَال ِِه ِبأ ُ ُ
َ َ ِّغ أ َ ْ
ْفوع ا ْلفِ ْق ِه َكي َ صحَ ابُ ُه أ ْن يُعْ تَ َّد ِبخِ َالفِ ِه ْم ِيف مَ ْسأ َل ٍة ِم ْن ُف ُر ِ الشافِ عِ ِّيَ ،ف ِإذَا َل ْم ي َُسو ْ مَ ذْ َه ِب َّ
صحَ ابُ ُه عَ َىل أَن َّ ُه َال يَجُ و ُز أ َ ْن يُتَّ َخذَ إمَ امً ا ِيف مَ ْسأ َ َل ٍة وَ احِ َد ٍة ري َه َذا؟ َوإ ِ َذا اتَّ َف َق أ َ ْ يَ ُكو ُن حَ الُهُ ْم ِيف َغ ْ ِ
ِّين مَ َع ا ْلعِ ْل ِم ِبأَن َّ ُه إنَّمَ ا نِي َل َق ْد ُر ُه عِ ن ْ َد
ول الد ِ ص ِ ْف يُتَّ َخذُ إمَ امً ا ِيف أ ُ ُ وع َف َكي َ ِم ْن مَ َسائ ِِل ا ْل ُف ُر ِ
الشافِ عِ ِّي م َُؤ َّس ٌس يض ال َّل ُه عَ ن ْ ُه َ ِ ،-أل َّن مَ ذْ َهبَ َّ
الشافِ عِ ِّي َ -ر ِ َ اص ِة وَ ا ْلعَ امَّ ِة ِبتَبَحُّ ِرهِ ِيف مَ ذْ َه ِب َّ ا ْل َخ َّ
ني َغايَتُ ُه فِ ِيه أَن َّ ُه يُوجَ ُد ِمن ْ ُه ن َ ْق ٌل جَ مَ عَ ُهوَهذَا ا َّلذِي ْارتَ َف َع ِب ِه عِ ن ْ َد ا ْلم ُْسل ِِم َ السن َّ ِةَ ، اب وَ ُّ عَ َىل ا ْل ِكتَ ِ
- 25 -
ص ْف ِبا ْل َك َال ِم ا َّلذِي ن َ َّ ِين َلهُ ْم وُجُ وهٌَ ،ف َكي َ ط َن َل ُه َف َال يُجْ عَ ُل إمَ امً ا فِ ِيه َك ْ َ
األئِمَّ ِة ا َّلذ َ أ َ ْو بَحْ ٌث تَ َف َّ
وَق ْد بَيَّن َّا أ َ َّن مَ ا جَ عَ َل ُه
ظ ُم ِمنْهُ؟ َ ، الرشكِ ِباَل َّل ِه ذَنْبٌ أَعْ َ األئِمَّ ِة عَ َىل أَن َّ ُه َلي َْس بَعْ َد ِّ ْ
الشافِ عِ ُّي وَ َسا ِئ ُر ْ َ
َّ
ص ْت عَ َلي ِْه ْ َ
األئِمَّ ُة ،وَ ِلهَ ذَا ص َل دِ ين ِِه ِيف ْ ِاإل ْر َشادِ وَ َّ
الش ِام ِل وَ َغ ْ ِريهِ مَ ا ُه َو ِبعَ يْن ِِه ِم ْن ا ْل َك َال ِم الَّذِي ن َ َّ أَ ْ
وَخ َّليْت أ َ ْه َل ْ ِاإل ْس َال ِم وْتَ :ل َق ْد ُخ ْض ُت ا ْلبَحْ َر ا ْلخِ َض َّم َ وَق َت ا ْلمَ ِ طاهِ ٍر أَن َّ ُه َقا َل َْروَى عَ ن ْ ُه ابْ ُن َ
إن َل ْم يُد ِْر ْكنِي َربِّي ِب َرحْ مَ ت ِِه َفا ْلوَ يْ ُل ِالب ِْن َخ ْلت ِيف الَّذِي نَهَ وْ نِي عَ نْهُ ،وَ ْاْل َن ْ وَ عُ لُومَ هُ ْم وَ د َ
()1
ُوت عَ َىل عَ قِ ي َد ِة أُمِّ ي أ َ ْو عَ َقا ِئ ِد عَ جَ ائ ِِز نَي َْسابُو َر" وَها أَنَا أَم ُ ا ْلجُ وَ يْن ِِّيَ ،
قال اإلمام الجليل أبو الحسن محمد بن عبد امللك الكرجي -رحمه الله " :-ولم يزل األئمة
الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إىل األشعري ،ويتربؤون مما بنى األشعري مذهبه
عليه ،وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه ،عىل ما سمعت عدة من املشايخ
واألئمة -منهم الحافظ املؤتمن بن أحمد بن عَل الساجي -يقولون :سمعنا جماعة من
املشايخ الثقات ،قالوا :كان الشيخ أبو حامد أحمد ابن أبي طاهر اإلسفرايني إمام األئمة،
الذي طبق األرض علما ً وأصحابا ً إذا سعى إىل الجمعة من قطعية الكرج إىل جامع املنصور،
يدخل الرباط املعروف بالزوزي املحاذي للجامع ،ويقبل عىل من حْض ،ويقول :اشهدوا
عَل بأن القرآن كالم الله غري مخلوق ،كما قاله اإلمام ابن حنبل ،ال كما يقوله الباقالني،
وتكرر لك منه جمعات ،فقيل له يف ذلك ،فقال :حتى ينترش يف الناس ويف أهل الصلح،
ويشيع الخرب يف أهل البالد :أني بريء مما هم عليه -يعني األشعرية -وبريء من مذهب
أبي بكر بن الباقالني ،فإن جماعة من املتفقهة الغرباء يدخلون عىل الباقالني خفية
ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه :فإذا رجعوا إىل بالدهم أظهروا بدعتهم ال محالة ،فيظن
ظان أنهم مني تعلموه قبل ،وأنا ما قلته ،وأنا بريء من مذهب الباقالني وعقيدته "
قال الشيخ أبو الحسن الكرجي وسمعت شيخي اإلمام أبا منصور الفقيه األصبهاني يقول:
سمعت شيخنا اإلمام أبا بكر الزاذقاني يقول :كنت يف درس الشيخ أبي حامد اإلسفرايني،
وكان ينهي أصحابه عن الكالم ،وعن الدخول عىل الباقالني ،فبلغه أن نفرا ً من أصحابه
يدخلون عليه خفية لقراءة الكالم ،فظن أني معهم ومنهم ،وذكر قصة قال يف آخرها :إن
- 26 -
الشيخ أبا حامد قال يل :يا بني ،قد بلغني أنك تدخل عىل هذا الرجل -يعني الباقالني -
فإياك وإياه ،فإنه مبتدع يدعو الناس إىل الضاللة ،وإال فال تحْض مجليس ،فقلت :أنا عائذ
()1
بالله مما قيل ،وتائب إليه ،وأشهدوا عىل أني ال أدخل إليه "
الاللكائي اإلجماع عىل عدم الخروج،
ّ وأما كال ُم أئمة الشافعيّة من أهل السنّة ،فقد نق َل منهم
قال رحمه الله" :وال يحل قتال السلطان وال الخروج عليه ألحد من الناس فمن فعل ذلك
فهو مبتدع عىل غري السنة والطريق"( )2وقال" :وال يحل قتال السلطان وال الخروج عليه
ألحد من الناس فمن عمل ذلك فهو مبتدع عىل غري السنة"( ،)3وقد تقدّم نقل إجماع الرازيني،
و قال أبو عثمان الصابوني يف عقيدة أصحاب الحديث" :وال يرون الخروج عليهم بالسيف،
()4
وإن رأوا منهم العُ دول عن العدل إىل الجور والحيف".
وقال أبو بكر اإلسماعيَل" :ويرون -أي أهل السنة والجماعة -صال َة الجمعة وغريها خلف
فرض الجمعة ،وأمر بإتيانها ً
فرضا عزوج َّلَ -فاجرا ،فإن الله َّ -
ً برا كان أو
كل إمام مسلمً ،
مطلقا مع علمه تعاىل بأن القائمني يكون منهم الفاجر والفاسق ،ولم يستثن وقتا دون
وقت ،وال أمرا بالنِّداء للجمعة دون أمر .ويرون جهاد الكفار معهم وإن كانوا جورة ،ويرون
الدعاء لهم باإلصالح والعطف إىل العدل وال يرون الخروج بالسيف عليهم وال قتال الفتنة
()5
ويرون قتال الفئة الباغية مع اإلمام العادل إذا كان ووجد عىل يرطهم يف ذلك".
فهذا كالم أهل السنة من الشافعية ،ومن زعم خالف هذا فهو كذاب ،وأما ما نقل ُه عن
العمراني فقد تعمد التدليس فيه وإخفاء الكالم ،إذ العمراني قال" :إن فسق اإلمام فهل
ّ
ينخلع؟ فيه ثالثة أوجه حكاها الجويني" ،فهو كالم الجويني األشعري يتكرر ،وقد تقدم
قول أهل السنة واألثر.
- 27 -
ثم قال الديري يف [ الصفحة " ]٥٦وأما أنتم يا أحبابنا يف أرض خراسان" وقمش وكذب
إىل أن قال" :ألستم عىل مذهب أبي حنيفة النعمان؟!"
َّ
سكت لكان أسرت لك ،أما علمت أن من بايع وأنا أجيبه مكانهم :ال يَا أنوك ،ولقد قلنا لو
تمسكها باألثر؟ وأن إخواننا هناك يُض ِّللون األحناف و
الدولة منهم إنما فعل ألجل َّ
ا َملاتُريدِية والديوبندية؟ ومن كان منهم عىل مذهب أبي حنيفة فهو يأخذ بكالم الطحاوي
أصال ،غري أن هذا الديري قد جلب عىل نفسه املصائب ،وروى ما يظنه له وهو عليه.ً
فنقل كالمً ا للمعلمي يتحدث فيه عن مذهب أبي حنيفة وأنه كان يرى السيف ،وهذا كان
سبب إجماع السلف عىل تجريحه وتبديعه وتضليله زياد ًة عىل الرأي ومخالفة السنة
والحيل.
َخ ْلنَا عَ َىل عَ ْب ِد الرحِ ي ِمِ ،م ْن أ َ ْه ِل مَ ْر َو َقا َل د َ روى عبد الله بن أحمد قال حَ َّدثَنِي عَ بْ َدةُ بْ ُن عَ بْ ِد َّ
يز :يَا أَبَا يز ب ِْن أ َ ِبي ِر ْزمَ َة نَعُ ود ُُه أَنَا وَ أَحْ مَ ُد بْ ُن َشبُّوَ ي ِْه وَ عَ َِل ُّ بْ ُن يُون ُ َس َف َقا َل ِيل عَ بْ ُد ا ْلعَ ِز ِ ا ْلعَ ِز ِ
اش ِه َف َقا َل َس ِمعْ ُت اب َْن رب ُكمْ ،وَ أ َ ْخ َرجَ ِبيَدِهِ عَ ْن فِ َر ِ يه عَ ن ْ ُك ْم َفأ ُ ْخ ِ ُ
ط ِو ِرس ُكن ْ ُت أ َ َْسعِ يدٍ ،عِ نْدِي ِ ٌّ
صبُعِ ِه، ِيف َة َكذَا وَعَ َق َد ِبأ ُ ْ وْزاعِ َّي يَ ُقو ُل« :احْ تَمَ ْلنَا عَ ْن أ َ ِبي حَ ن َ ا ْل ُمب ََاركِ ي َُقو ُلَ :س ِمعْ ُت ْ َ
األ َ
صبُعِ ِه الثَّا ِلث َ ِة ا ْلعُ يُوبَصبُعِ ِه الثَّا ِني َِة ،وَ احْ تَمَ ْلنَا عَ ن ْ ُه َكذَا وَ عَ َق َد ِبأ ُ ْ وَ احْ تَمَ ْلنَا عَ ن ْ ُه َكذَا وَعَ َق َد ِبأ ُ ْ
ْف عَ َىل أُمَّ ِة مُحَ مَّ ٍد ﷺ َل ْم ن َ ْق ِد ْر أ َ ْن السي ُ ْف عَ َىل أُم َِّة مُحَ مَّ ٍد ﷺ َف َلمَّ ا جَ ا َء َّ السي ُ حَ تَّى جَ ا َء َّ
()1
نَحْ تِمَ َلهُ".
- 28 -
األ ْشيَبُ َ ،قا َلَ :س ِمعْ ُت أَبَا ي ُ
ُوس َ
ف، ُوَس ْ َ وقال :حَ َّدثَنِي أَبُو ا ْل َف ْض ِل ا ْل ُخ َر َ
اسان ُِّي ،ثنا ا ْلحَ َس ُن ْب ُن م َ
()1
ْف» ُق ْل ُتَ :فأَن ْ َت؟ َقا َل« :مَ عَ اذَ ال َّل ِه». ِيف َة ي ََرى َّ
السي َ ان أَبُو حَ ن َ ي َُقو ُلَ « :ك َ
الجصاص والذي طعن فيه بكل السلف ،ومن َّ وسفهه ينق ُل كالم
ِ ِ
جهله وهذا الديريّ عىل
حيث يقول" :وكان أبو إسحاق قد خرج إىل البرصة ،وهذا إنما ُ ذلك ما يف [الصفحة ، ]٥٨
أنكره عليه األغمار الذين بهم ُفقِ د األمر باملعروف والنهي عن املنكر حتى تغلب الظاملون
عىل أمور اإلسالم" .وهذا طعن رصيح بكل السلف الذين ذمَّ وا أبا حنيفة ونهوا عن الخروج،
وجُ رأة كبرية من هذا الديري وشيخه الحالك ،مع أنه لقلة عقله أشار إىل قصة الفزاري يف
الحاشية ،وهي بتمامها هكذا.
قال ابن أبي حاتم :نا محمد بن احمد بن ابي عون النسائي نا احمد بن حكيم أبو عبد
الرحمن هذا الباب بتمامه من م فقط وكأنه املروزي نا احمد بن سليمان نا االصمعي عبد
امللك بن قريب قال :كنت عند هارون أمري املؤمنني وأبو يوسف بجانبه إذ دخل عليه أبو
إسحاق الفزاري فأقيم من بعيد قال :فنظر إليه هارون فقال :إنا لله وإنا إليه راجعون وقع
الشيخ موقع سوء ،قال :وإذا الرجل عزيم رصيم .قال :فقال له هارون :أنت الذي تحرم
لبس السواد؟ قال :فقال معاذ الله يا أمري املؤمنني أنا من أهل بيت سنة وجماعة ولقد
خرجت مرة يف بعض هذه الثغور وخرج أخي مع إبراهيم إىل البرصة فقال يل أستاذ هذا [
يعني أبا حنيفة شيخ أبا يوسف] :ملخرج اخيك مع إبراهيم أحب إيل من مخرجك .وهو
يرى السيف فيكم ،فلعل هذا الجالس بجنبك أخربك بهذا ،عىل هذا وعىل أستاذه عذاب الله
وغضبه .قال فما زال هارون يقول له :اد ُن حتى أقعده فوق أبي يوسف ،وأبو يوسف
()2
منكس رأسه ،قال :فقال له :يا أبا إسحاق قد أمرنا لك بثالثة آالف دينار وبغل وفرس".
ٌ
مبتدعة الرأي :وهم الــسنَّة" :و أصحـابُ َّ ُّ الكرماني -رحم ُه ال ّٰله -يف
ُّ َقال اإلمَ ا ُم حربٌ
َاسا و استحسانًا ،وهم ي ُ
ُخالف َ
ون اْلثا َر، األثر ،يرون الد َ
ّين رأيًا و قِ ي ً السنَّة و ِضالَّل ،أعــدا ُء ُّ ُ
َ
حنيفة ومن السالم و يتَّخذو َن أبا
الصالة و َّ سول ِ
عليه َّ الر ِ ُّون عىل ّ َ
الحديث ،و يرد َ َ
ُبطلون وي
ني ممن قال بهذا ،أو ضاللة بأب َ
ٍ َ
يقولون بقولهم؛ فأيُّ يدينون بدينهم ،و َ ِ
بقوله إمامً ا ،و قال
ِ
أصحابه؛ َ
حنيفة و أصحابه ،و يتَّ ِب ُع رأيَ أبي
ِ سول و
الر ِ مثل هذا؟! ،يَرت ُك قو َل ّ َ
كان عىل ٰ ِ
فكفى بهذا َغيًّا مُرديًا ،و طغيانًا ،و َردًّا"
ٰ
- 29 -
َ
يكفرون بالعجائب كتكفريهم من يقول وأما كال ُم ابن الشحنة ،فمعلوم عن األحناف أنهم
مسيجد ومصيحف ومن يستثني يف اإليمان وغري ذلك.
قال يف [ الصفحة " ] ٦٠ويا أهل األثر أال يكفيكم حديث [وذكر حديث مسلم والذي فيه:
فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن]"
قلت :قد تقدم الرد عليه يف برته كالم ابن رجب الحنبَل -رحمه الله ،-قال" :وقد استنكر
اإلمام أحمد هذا الحديث يف رواية أبي داود ،وقال :هو خالف األحاديث التي أمر رسول الله
ﷺ فيها بالصرب عىل جور األئمة .وقد يجاب عن ذلك بأن التغيري باليد ال يستلزم القتال.
وقد نص عىل ذلك أحمد أيضا يف رواية صالح ،فقال :التغيري باليد ليس بالسيف والسالح،
وحينئذ فجهاد األمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من املنكرات ،مثل أن يريق خمورهم
أو يكرس آالت املالهي التي لهم ،ونحو ذلك ،أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له
قدرة عىل ذلك ،وكل هذا جائز ،وليس هو من باب قتالهم ،وال من الخروج عليهم الذي ورد
النهي عنه ،فإن هذا أكثر ما يخَش منه أن يقتل اْلمر وحده".
قال أبو بكر األثرم يف ناسخ الحديث ومنسوخه" :وروى عامر بن السمت عن معاوية بن
إسحاق عن عطاء بن يسار عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال :سيكون أمراء -فذكر من
فعلهم ثم قال -فمن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بيده فهو مؤمن ،ومن
جاهدهم بقلبه فهو مؤمن".
وهذا ً
أيضا خالف األحاديث ،وهو إسناد لم يسمع حديث عن ابن مسعود بهذا اإلسناد غريه،
وقد جاء اإلسناد الواضح عن ابن مسعود بخالفه.
روى األعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال " :سرتون بعدي أثرة
وأمورا تنكرونها" قالوا :فما تأمرنا يا رسول الله؟ .قال" :تؤدون الحق الذي عليكم،
ً وفتنًا
وتسألون الله الذي لكم".
وهذا عن ابن مسعود ،وذاك عن ابن مسعود ،وهذا أثبت اإلسنادين ،وهو موافق األحاديث،
وذاك لها مخالف ،ثم تواترت األحاديث عن النبي ﷺ فكثرت عنه ،وعن الصحابة واألئمة
بالكف ،ويكرهون الخروج وينسبون من خالفهم يف ِّ بعدهم -ريض الله عنهم -يأمرون
ذلك إىل فراق الجماعة ومذهب الحرورية وترك السنة.
- 30 -
مع أن الطحاوي قال" :وال نرى الخروج عىل أئمتنا ووالة أمورنا وإن جاروا ،وال ندعو
عليهم ،وال ننزع يدًا من طاعتهم ،ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ،ما لم
يأمروا بمعص ية ،وندعو لهم بالصالح واملعافاة" .وهذا ليس من اعتقاد أبي حنيفة الذي
تقدم أنه يرى السيف ،لكنه مما اعتمده األحناف القريبون ألهل األثر واستقروا عليه.
قال ابن أبي العز الحنفي عند يرحه لقول الطحاوي" :وال نرى الخروج عىل أئمتنا ووالة
أمورنا ،وإن جاروا ،" ...قال ... " :وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا؛ فألنه يرتتب عىل الخروج
من طاعتهم من املفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم ،بل يف الصرب عىل جورهم تكفري
السيئات ومضاعفة األجور ،فإن الله ما سلطهم علينا إال لفساد أعمالنا ،والجزاء من جنس
صا َب ُك ْم ِم ْنالعمل ،فعلينا االجتهاد يف االستغفار والتوبة وإصالح العمل .قال تعاىل{ :وَ مَ ا أ َ َ
ظال ِِم َ
ني وَيل بَعْ َض ال َّ م ُِصيب ٍَة َف ِبمَ ا َك َسب َْت أَيْدِي ُك ْم وَ يَعْ ُفو عَ ْن َك ِث ٍ
ري} ...وقال تعاىل{ :وَ َكذَ ِل َك ن ُ ِّ
ُون} فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم األمري فليرتكوا الظلم ... بَعْ ضا ً ِبمَ ا َكانُوا يَ ْك ِسب َ
()1
"
ثم قال كما يف [ الصفحة ال" ]٦٤وتذكروا سعيد بن جبري وأحمد بن نرص الخزاعي وعلماء
بغداد الذين وقفوا يف وجه الباطل".
قلت :أما سعيد فكان يرى كفر الحجاج هو ومن خرج معه ،وأما أحمد بن نرص فكان
طل الصفات؟ حاكمه الواثق املعتزيل! فهل الخليفة يقول بخلق القرآن أم يع ِّ
يىس َ ،قا َل َ :س ِمعْ ُت حَ نْبَالً ي َُقو ُل ِيف ِو َالي َ ِة ا ْلوَ اث ِِق :اجْ تَمَ َع ُف َقهَ ا ُء ربنِي عَ َِل ُّ ْب ُن عِ َ قال الخالل :أ َ ْخ َ َ
اص ٍم وَف ْض ُل بْ ُن عَ ِ طبَخِ ُّي َ ، ب َْغدَا َد إ ِ َىل أ َ ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِه ،أَبُو بَ ْك ِر بْ ُن عُ بَيْ ٍد َ ،وإِب َْراهِ ي ُم بْ ُن عَ َِل ي ا ْلمَ ْ
استَأْذَن ْ ُت َلهُ ْم َ ،ف َقالُوا :يَا أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه َ ،هذَا َ
األمْ ُر َق ْد تَ َف َاق َم اؤوا إ ِ َىل أ َ ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِه َ ،ف ْ َ ،فجَ ُ
ُون ؟ َقالُوا ري ذَ ِل َك َ ،ف َقا َل َلهُ ْم أَبُو عَ بْ ِد ال َّل ِه َ :فمَ ا تُ ِريد َ ظهَ َار ُه ل َِخ ْل ِق ا ْل ُق ْر ِ
آن وَ َغ ْ ِ ون إ ِ ْوَف َشا ،يَعْ ن ُ ََ
وَقا َل ظ َر ُه ْم أَبُو عَ بْ ِد ال َّل ِه َساعَ ًة َ ، طان ِِه َ ،فنَا َ :أ َ ْن ن ُ َش ِاو َر َك ِيف أَنَّا َل ْسنَا ن َ ْر ََض ِب ِإمْ َرت ِِه ،وَ ال َ ُس ْل َ
ني ،وَ ال َصا ا ْلم ُْسل ِِم َ طاعَ ٍة ،وَ ال َ تَ ُش ُّقوا عَ ََلهُ ْم :عَ َليْ ُك ْم ِبالنَّك َِر ِة ِب ُقلُو ِب ُك ْم ،وَ ال َ تَ ْخ َلعُ وا يَدًا ِم ْن َ
اص ِربُوا حَ تَّى ي َْس َ ِرتيحَظ ُروا ِيف عَ اقِ ب َِة أَمْ ِر ُك ْم ،وَ ْ ني مَ عَ ُك ُم ،ان ْ ُتَ ْسفِ ُكوا دِ مَ ا َء ُك ْم وَ دِ مَ ا َء ا ْلم ُْسل ِِم َ
َخ ْل ُت أَنَا وَ أ َ ِبي عَ َىل
ظ ُه وَ مَ َضوْ ا ،وَ د َاج ٍر ،وَ دَا َر ِيف ذَ ِل َك َك َال ٌم َك ِثريٌ َل ْم أ َحْ َف ْ
بَ ٌّر ،أ َ ْو ي ُْس َرتَاحَ ِم ْن َف ِ
- 31 -
أ َ ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِه بَعْ دَمَ ا مَ َضوْ ا َ ،ف َقا َل أ َ ِبي َأل ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِه :ن َ ْسأ َ ُل ال َّل َه َّ
الس َالمَ َة َلنَا ُ
وَألمَّ ِة مُحَ مَّ ٍد ،
صوَ ابٌ ؟ َ ،قا َل :ال َ َ ،هذَا وَمَ ا أُحِ بُّ َألحَ ٍد أ َ ْن ي َْفعَ َل َهذَا َ ،
وَقا َل أ َ ِبي :يَا أ َبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه َ ،هذَا عِ ن ْ َد َك َ
ْضب ََكالص ِ ِرب ،ث ُ َّم ذَ َك َر أَبُو عَ بْ ِد ال َّل ِه َقا َل َ :قا َل الن َّ ِب ُّي ﷺ ( :إ ِ ْن َ َف اْلث َ ِار ا َّلتِي أ ُ ِم ْرنَا فِ يهَ ا ِب َّ خِ َال ُ
الص ِ ِرب َ ،قا َل عَ ْب ُد ال َّل ِه ْب ُن مَ ْسعُ و ٍد :وَ ذَ َك َر َك َالمً ا َل ْماص ِربْ) َ ،فأَمَ َر ِب َّ رب َ ،وإ ِ ْن َ . . .وإ ِ ْن َف ْ َف ْ
اص ِ ْ
َ َ ُ ()1
أحْ فظهْ.
ايض أَبُووأما نسبة الخروج ألحمد بن نرص ،فرواها الخطيب يف تاريخه ،قال حَ َّدثَنِي ا ْل َق ِ
ربنِي مُحَ مَّ د بْن يَحْ يَى عَ بْد ال َّل ِه الصيمريَ ،قا َل :حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ د بْن عمران املرزبانيَ ،قا َل :أ َ ْخ َ َ
ان أَحْ مَ د بْن نرص [.]... الصويلَ ،قا َلَ :ك َ
واملرزباني هذا معتزيل ،والصويل العب شطرنج بينه وبني نرص ١٠٠سنة ونيف ،وال يوجد
مخلوقي،
ّ ً
أصال كالم رصيح يف خروجه بالسيف ،وإنما هي كلمة حق قالها أمام طاغية كافر
والديري يتعمد التدليس فيأتي بقصص موضوعة ،وأخرى مطروحة وقليل منها صحيح
لكنها يف كفار حتى يزعم أن الخروج عىل الظالم ليس ببدعة ،والظلم منه املعصية فعىل
مذهب الديري يجب الخروج عىل الحاكم إن وقع يف معصية ولو من الصغائر وهذا من
سفاهة الخارجي وصحبه.
ثم قال مخاطبا أهل العراق يف [ الصفحة " ] ٦٤واذكروا الشيوخ األجلة وليدًا الجبوري
والحلبويس وأبا محمود حسام الناجي وغريهم من خياركم وأيرافكم ...وما علمنا عن
حالهم والله إال الخري ،وما بلغنا منهم إال ذمًّ ا لسرية ابن عواد وحاله وعدم رضا بطغيانه
وتجربه".
قلت :وهذا تدليس آخر ،فال سبيل لهذا الديري إىل الجبوري والحلبويس ،وإنما اعتم َد كالم
"حسام الناجي" الذي قاله وهو تحت طائلة األرس ،ففي أيِّ مذهب تُقبل شهادة املسلم
الناجي ما يدين
ّ املكره األسري عند أنجس خلق الله الرافضة؟ ومع ذلك فإن يف كالم حسام
الديريَ ،قال حسام يف برنامج صناعة املوت -وقد كررها يف كل الربامج التي ظهر فيها:-
[الدقيقة " ]٢أواخر ٢٠٠٧ملا أطلق رساحي يف خطبة جمعة كنت أخطب وإذا شفت -
رأيت -الرجل جالس هو ومناف الراوي فبعد الخطبة عرفت أنه سيطرق بابيً ،
فعال طرق
بابي ،وضيَّفته قعد يمي -بجانبي -قدَّمت لهم وجبة الغذاء قال يل أنت ترجع تباير عملك
- 32 -
أنت يفيدنا علمك وأنت خطيب فقلت له ...أريد أن اكمل تحصيَل العلمي والدرايس لكنه
أرصّ " .وحسام قد قال عن الشيخ البغدادي [الشيخ إبراهيم] وأنه كان يقدِّمونه يف الصالة
من بني كل سجناء بوكا وهذا داللة عىل علمه وإتقانه للقرآن خالفا ملا قاله هذا الخارجي
الكذاب ،حتى الخوارج قد عُ رفوا بالصدق أما أبو محمد الديري فقد عُ رف بالفجور -نسأل
ُ
ينقض كالم الله السالمة ، -وتحدث -أي حسام -عن اهتمام الخليفة بأهل العلم وهو ما
الديري بالكليةِ ،زد عليه أنه مسجون عند الرافضة ،ولو قبلنا كالمه املدين للدولة لكان
األوىل بنا أن نقبل كالم الشيخني الخضري ونارص الفهد ملا استجوبهما املرتد القرني وأظهرا
الرتاجع املنسوخ ،وهذا الديري وصحبه يأتون بما هو عليهم فيجعلونه لهم ،تمامً ا
كالرافيض الذي رد عليه شيخ اإلسالم ابن تيمية يف منهاج السنة النبوية.
وقال الكذاب" :فقد حاربته العصابة الخبيثة حتى أكرهته عىل الخروج من الدولة حني لم
يصرب عىل املنكرات منهم" ،وهذا الكالم لم يقله ال أصحاب حسام وال حسام وال الرافضة،
رأس الرشعيني وكان يريد أن يوليه منصب الرشعي العامبل قالوا أن الخليفة جعله عىل ِ
لكنه اعتقل بكمني للرافضة يف الطريق!
قال املستجوب لحسام يف [ الدقيقة " ] ١٥كيف ُكلفت لتكون مفتي الدولة يف العراق
والشام؟"
قال حسام" :هذا عىل ضوء اتِّصال جاء من القايض قال توكل عىل الله وروح للشام أخي
الكريم قلت لك حاولت الذهاب لكن عىل أساس اذهب للموصل ومن املوصل للشام لكن ما
حصلت الفرصة وبعدها بيوم أو يومني اعتقلت" ،وحسام قد رد عىل املقديس دفاعً ا عن
ِ
بنفسه. الخالفة ،ولو وصلته هذه الوريقات التي خ َّ
طها الديري لنقضها
ُ
فاستقرأت كل إنتاج ....إىل ما قال الديري يف حاشية [ الصفحة ال" ]٦٤ولقد من الله عَل
قب َل تعيني ابن عواد أمريًا عليها ،وجمعت يف ذلك جزءًا أبني فيه أن عقيدة الجماعة سنية
سلفية نقية بحمد الله خالف ما آل إليه حال الجماعة".
السنة فكيف سيبني ما زعمه؟ ثم هو قدقلت :قد تبني لكل عاقل أن هذا الديري ال يعرف ُ
رمى أصحابه بالبدعة ،فالقحطاني كان عندهم الرشعي العام والديري زعم أن السنة
انقطعت بتولية اإلمام وهذا ظاهر من سياق كالمه ،وهكذا ألف ليلة وليلة من كذب الديري
وهرطقاته التي ليس ْلخرها سقف.
- 33 -
ثم ذك َر بعدها ما سمَّ اه أوجه سقوط الوالية ،وروى كالمً ا لسفيان بن عيينة وغريه وليس
فيه ما ذهب إليه بل دلس من جديد ،فالحديث عن ظلم وفسق "طارئ" عىل اإلمام ال عن
شخص هو ظالم يف أصله ثم يوىل عىل الناس ،وأما ما رواه عبد الرزاق عن طاووس فاملناوأة
املعاداة وتحمل عىل نهي املنكر وليس فيها ما يريد هذا الديري من القتال والخروج ،وهي
تُحمل عىل ما حمله اإلمام أحمد يف حديث ابن مسعود وقد تكلمنا كثريًا يف هذا كما تقدم،
ومن العجب ترحُّ مه عىل ابن خلدون األشعري واعتباره عالمة ،أخفي عىل هذا األنوك أن ابن
خلدون كان يكتب مؤلفاته تقربًا من امللوك؟ بل لقي حاكم الترت الكافر!
واألمر كما قال اإلمام ابن تيمية" :وأما أهل العِ لم والدين والفضل فال يرخصون ألحد فيما
نهى الله عنه من معصية والة األمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه ،كما قد
()1
السنة والدين قديما ً وحديثاً ،ومن سرية غريهم"
عُ رف من عادات أهل ُ
والديري دائما ما يكرر "كيف يوىل عليكم هذا الشخص فيفتك بكم ويظلمكم" ،وكأنه نيس
أنه كما تكونوا يوىل عليكم ،قال الطرطويش" :لم أزل أسمع الناس يقولون :أعمالكم
عُ مّ الكم ،كما تكونوا َّ
يوىل عليكم ،إىل أن ظفرت بهذا املعنى يف القرآن؛ قال الله تعاىل{ :
وكذلك نويل بعض الظاملني بعضا ً }
وكان يقال :ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك ،وقال عبد امللك بن مروان" :ما
أنصفتمونا يا معرش الرعية ،تريدون منا سرية أبي بكر وعمر وال تسريون فينا وال يف
أنفسكم بسريتهما ،نسأل الله أن يعني كل عىل كل" ،وقال قتادة :قالت بنو إرسائيل" :إلهنا
أنت يف السماء ونحن يف األرض فكيف نعرف رضاك من سخطك؟ فأوحى الله تعاىل إىل
بعض أنبيائهم :إذا استعملت عليكم خياركم فقد رضيت عنكم ،وإذا استعملت عليكم
()2
يراركم فقد سخطت عليكم".
وقال ابن القيم " :وليس يف الحكمة اإللهية أن يويل عىل األيرار الفجار إال من يكون من
جنسهم فحيثما تكونوا يو َّل عليكم ،وملا كان الصدر األول من هذه األمة خري القرون وأبرها
كانت والتهم كذلك ،فلما شابوا شابت لهم الوالة ،وحكمة الله ج َّل جالله تأبى أن يويل علينا
يف مثل هذه األزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز فضالً عن أبي بكر وعمر ،بل والتنا
- 34 -
عىل قدرنا ،ووالة من قبلنا عىل قدرهم ،وكل من األمرين موجب للحكمة ،وإذا غرينا ما
()1
بأنفسنا غري الله بنا وغري ما حولنا "
وأما رميه الشيخ العدناني بالظلم والجور والفجور ،فأهون من تكفريه إيَّاه الذي تقدَّم،
ومن ذكرهم قد خالفوا األمر بالثَّبات فكان ما نرى اليوم ،إذ أول مدينة سقطت وكانت
بداية االنسحابات هي مدينة "منبج" ،واملضحك أن هذا الديري قد صنف رسالة سماها:
"تنبيه املجاهدين األبرار إىل أن التحيز الباطل هو التويل والفرار" ،فما حكم من يقع يف هذا
التحيز الباطل؟
ثم قال يف [حاشية الصفحة " ]73ولم يعط حقه بل ظلم وأوذي وكاد أن يقتله ابن عواد
وحزبه ،ثم سجنوه يف املوصل فلم يخرجه من سجنه إال تقدم الرافضة واقتحامهم".
قلت :كذب الديري من جديد ،حدثني شيخي أبو الحارث القحطاني ،قال ":أرسل الخليفة ُ
بعد رسالته -يريد رسالة كتبها أبو الرباء العنزي يذم فيها العدناني وأبا محمد الفلوجي-
أن قضيته -قضية أبي الرباء العنزي -عندي ،واعتقله يف نينوى ،وعفا عنه الخليفة إبان
نازلة املوصل بعد ُكتب رفعت له تتشفع ألبي الرباء وق ِبل شفاعتهم فيه -أي كان يريد
إطالق رساحه قبل تدخل بعضهم -منهم أبو سارة الظفريي رحمه الله"
وأما حادثة أبي الحسن فقد شهد عىل كذب الهاشمي جمع من اإلخوة وأشهدوا الله تعاىل
حاالت فرديَّة وقد تكرر بعضها بالرقة ،وهو نفسه ٌ ِ
كذبه ،وما ذكره يف نازلة املوصل عىل
شهد عىل ذلك ،وأما زعمه يف [حاشية الصفحة ال ] ٧٥بأن الشيخ األنباري" :حني خالف
سياستهم العفنة تحالفوا عليه وأرسلوه إىل أقايص والية دجلة للرباط وهو املكان الذي ظهر
فيه يف اإلصدار وحتى بعد مقتله لم يعطوه حقه من اإلشادة والرثاء واإلعالم".
ثي شخص كما فعل بشيخنا أبي عَل- ،وهذا الديري فهذا كذبٌ وظلم وحيف ،و والله ما ُر َ
الفاجر ما عنده ذرة من إنصاف وعدل ،وهو يتشدق بأن بعضهم ق َّدم فلذات كبده يف سبيل
الله ،والشيخ أبو بكر البغدادي قدم ابنه حذيفة كذلك ،وأهله يف السجن وكذلك أبو الحسن،
فلماذا لم يخرج هؤالء من السجن باملال؟ وملاذا لم نجد هؤالء يف تركيا واملالديف ونيويورك
بسبائك الذهب كما يزعم هؤالء السفلة؟ بل أين ُرثي أو ظهر الفرقان والعدناني وأبو معتز
والبيالوي وأبو صالح حيفا وأبو بكر وأبو أيمن وأبو حمزة وأبو مارية وغريهم الكثري؟ فإن
- 35 -
كان هؤالء قد أعطوا من اإلشادة دون ما أعطي الشيخ األنباري ،فمن نال إشاد ًة أكثر منه؟
أم يجب أن يُوضع للشيخ مرقد أو تمثال أو نصب تذكاري حتى يعدها إشادة؟ وبالجملة
فالشيخ أبو عَل –تقبله الله -اعرتض عىل مسألة إدارية -تتعلق بالسبي خالف صاحبه
ورفيق دربه وأخاه سعود النارص "أبو معتز القريش" -والحظ كيف الهاشمي يسمي
السبي الذي هو حكم يرعي "سياسة عفنة" وطلب الشيخ بنفسه أن يُعفى من مناصبه
ث َّم تفرغ للتدريس والتعليم قبل أن يُوىل مسؤوال عىل بيت املال إىل أن استشهد تقبله الله
كما نحسبه ،وأحسن ما سمعت يف هذا ،ما حدثني به شيخي أبو الحارث عن شيخنا عبد
الباسط القريش( ،)1أنه قال -لسائل سأله عن ابتعاد الشيخ األنباري يف ذلك الوقت" :-لكل
زمن ووقت رجاله وانتهى" ،زاد أبو الحارث" :وللعلم هي مسألة إدارية بحتة وليست
عقدية ،وزالت؛ هي إدارية تتعلق يف كيفية إدارة بعض املرافق وبعض اإلشكاالت".
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية " :فإذا تشاجر مسلمان يف قضية و مضت وال تعلق للناس بها
وال يعرفون حقيقتها كان كالمهم فيها كالمً ا بال علم وال عدل يتضمن أذاهما بغري حق ولو
عرفوا أنهما مذنبان أو مخطئان لكان ذكر ذلك من غري مصلحة راجحة من باب الغيبة
املذمومة".
وقال" :وهؤالء املبتدعة غرضهم التكفري أو التفسيق للخلفاء الثالثة بأشياء ال يفسق بها
واحد من الوالة ،فكيف يفسق بها أولئك؟ ومعلوم أن مجرد قول الخصم -يف خصمه -ال
يوجب القدح يف واحد منها ،وكذلك كالم أحد املتشاجرين يف االخر"
( )1شيخنا املجاهد عبد الباسط القريش ،بدراني من مدينة الفلوجة ،من أوائل من حمل السالح ضد االحتالل
الصليبي ،كان مقربا من مشايخنا أبي أنس الشامي وأنس أبي الحارث وأبي رغد وجراح وغريهم وكان موضع
ريا
ثقتهم هو وأبو نبيل العراقي [أبو املغرية القحطاني] ،قاتل يف الفلوجة و زوبع وأبي غريب وبغداد وكان أم ً
الستخبارات القاعدة ثم الدولة ،ابتَل باألرس ثم خرج فصار مرافقا لوزير الحرب يف الدولة ساعتها ثم أرس مع
أبي نبيل وكررا محاوالت الفرار إىل أن يرس الله لهما ،ومن ثم صار معاونا للشيخ أبي عمر التونيس أمري الحدود،
قبل أن يُنقل إلدارة العمل الخارجي برفقة الشيخ العدناني وبقي هناك حتى قتل تقبله الله -وجميع من تقدم
ذكرهم -يف الجنان ،وقد كان من خيار اإلخوة شجاع متواضع كتوم لألرسار همه العمل ،محب للمهاجرين ،فقد
أهله وابنه يف سبيل الله وقتل بالرقة تقبله الله ورحمه.
- 36 -
كتاب الجاسوس املسلم" ،لكثرة الجواسيس وصعوبة
ِ علمي" الشيخ أبو يحيى الليبي يف
معرفة هوياتهم.
ونحن ال نقول إال ما قاله اإلمام أحمد -رحمه الله :-ربِّ غ َّر هذا الديري الفاجر حلمك حتى
تجرأ عىل عبادك باللعن والشتم ،فاللهم إن يكن قد كذب وظلم وافرتى ودلس ،فاكفنا مؤنته َّ
ً
عاجال غري آجل.
وقال الفاجر يف [الصفحة " ]٨٠أليس قد غصب الفيء وتمتع هو وعصابته الحاكمة
باألموال والسبايا" ،وهذا من املضحكات ،فهذا الديري نفسه قبل نصيحته املشؤومة كتب
رسالة للخليفة حول الغنائم ودعا له ول َّلجنة املفوَّ ضة -وهذا بعد مقتل الشيخ تركي البنعَل
والتعميم فتأمل– وقال فيها أن له مكتبة تناهز الـ ١٠آالف دوالر ،فيا ُسبحان الله ،من أين
له بهذه األموال؟ بل استفيض عن بعض أتباعه البيع عىل بيع إخوتهم يف السبايا ،حتى
صنف عبد الله القريش رسالة يف ن ُصحهم ،وكان لدى كثري من "شيوخه" سبايا وأموال،
ً
مطلقا؟ ولو قال والدولة قد أعطت للمهاجرين املنازل والكفاالت ،فأين هذا الغصب هكذا
ريا لقلنا ربما ،لكن هذا الديري ظلم بلسانه ثم زعم الخروج عىل الظلمة. أن هناك تقص ً
بل وحدثني أحد الثقاة أن هذا ال ِّلص الديري أفتى لبعض األغرار ومرتكبي كبرية الفرار
بجواز بيع السيَّارات التي سلمتها لهم الدولة -وذلك ألعمالهم وليقضوا حوائجهم عليها-
ومنهم أبو حفص البحريني الذي أورده يف كالمه ،فقد أخربهم الديري أن يبيعوها ويأخذوا
وأن الهاشمي نفسه ابتدأهم وباع سيارة من نوع H-100كانت ثمنها للخروج والفرارَّ ،
قد ُس ِّلمت له فنهب ثمنها وهرب! فهذا ال ِّ
طمْ ل العُ مْ روط لم يكتف فقط بالرسقة بل فعلها
ًّ
ُستحال لها وأفتى بجوازها ونرش هذه الفتوى يف األوساط-سوّ د الله وجهه )1(-ثم بعدها م
يسوّق علينا الرشف ويتحدث وكأنَّه فضيلة نادرة تميش عىل األرض وهو من جمع النقائص
كلها ،بل وزاد عليها املتاجرة باملسلمني املستضعفني من يتامى وأرامل وأرسى وأسريات
وهو من نهب أموالهم وأكلها بال وجه حق –علما ً أن بعض هذه السيارات هي أوقاف،-
نعوذ بالله من صفاقة الوجه وصالبة الخد وانعدام الدين والحياء والجرأة عىل حدود الله.
( )1ذات املصدر ذكر أن شيخ الهاشمي "الحالك" قبحه الله هو من أفتى له بذلك –وال عجب فإن الحالك قد
عُ رف بالرسقات العلمية ،-حرامي يأخذ "علم النهب" من حرامي آخر -حرم الله عليهم الجنة-
- 37 -
وأما مسألة الغنائم ففيها تفصيل يطول ذكره ،وأما قول ُه "لم يعرف أن الفرار حْض معركة
واحدة" ،فكذب وظلم ،بل حْض أكثر مما حْضه هذا الديري وكثري من أقرانه مجتمعني،
وهي مسرية سنني طويلة من الجهاد واألرس والقتال واملعارك وأبو بكر األنصاري ليس
بمن يُجهل عند أهل املعرفة ،بل قوله هذا يلزم منه رمي جمع كبري ممن ذكرهم بشهادة
الزور وعىل رأسهم الشيخ تركي البنعَل-تقبله الله -الذي قال يف رسالته "مدوا األيادي"
أن أبا أبكر شيخ مجاهد قائد كتائب املجاهدين ،واستفيض عنه مشاركته يف معركة الطبقة
ومطار إعزاز ،وأمَّ ا حديثه عن تغيري املكان فمما يضحك اللبيب ،وهذا عمر -ريض الله عنه-
منعه أصحابه من الغزو وأشاروا إليه بأن يضع مكانه من يثق فيه ،ورجع من الشام قبل
أن يصل إليها ملا بلغه خرب الطاعون ،وهذا قبل أن يبلغه حديث رسول الله ﷺ فتأمل ،ومثل
هذا كثري ،وسلطان الخالفة واسع ،واملسلمون قد سئموا من الفرقة ،وهم يريدون إمامً ا
يجتمعون حوله وقد حصل ،وهذا ماال يريد فهمه الديري ،فإنما همُّ ه الفرقة والفتنة وإراقة
الدماء أعاذنا الله من يره وير أمثاله ،وأما كالمه يف من صور النساء ،فهو إقامة للحجة
ألف مرة ،ولقد بلغنا خرب استشهاد أخينا الزبري عىل من خذلهم ،وهم والله أرجل منه بألف ِ
الشيشاني وأهله يف الباغوز ،فنسأل الله أن يتقبلهم ويرحمهم برحمته.
ثم نقل يف [الصفحة ]٨٥كالم ابن حز ٍم الظاهريّ ،وقد أجاب الشيخ تركي البنعَل –تقبله
الله -يف كتاب التحذير عن معصية األمري عن ما نقله هذا الديري -وقد نسخ بكتابه هذا
"قا َل ابْ ُن ا ْل ُمنْذ ِِر وَ اَلَّذِي عَ َلي ِْه أ َ ْه ُل ا ْلعِ ْل ِم أ َ َّن ماقرره يف كتاب الحلك القديم ،-قال الصنعانيَ :
ظ عَ ن ْ ُه ِم ْن عُ َلمَ ا ِء يل َّ ،إال أ َ َّن ُك َّل مَ ْن يُحْ َف ُ ري تَ ْف ِص ٍ ظ ْلمً ا ِب َغ ْ ِِلرجُ ِل أ َ ْن يَد َْف َع عَ مَّ ا ذُ ِك َر إذَا أ ُ ِري َد ُ
ل َّ
وْرهِ وَ تَ ْركِ الص ْ ِرب عَ َىل جَ ِ األمْ ِر ِب َّ ان ل ِْْلث َ ِار ا ْلوَ ِار َد ِة ِب ْ َ ط ِ اس ِتثْنَا ِء ُّ
الس ْل َ ني عَ َىل ْ ِيث َكا ْلمُجْ ِمعِ َ ا ْلحَ د ِ
()1
ا ْلقِ يَا ِم عَ َلي ِْه"
وكالم ابن حز ٍم هذا الذي نقله الديري مقتطع ،وهو تأويل الظاهري السخيف لحديث
رسول الله ﷺ " :وإن ْضب ظهرك وأخذ مالك" ،فقال ابن حزم :وإن ْضب ظهرك يف حد
وأخذ مالك يف الحق ،وهذه سفاهة وجهل بلغة العرب ،بل هي من طمطمة العجوم وهمهمة
علوج الروم أقرب ،فكيف يصربه بما هو حق؟ بل عىل تأويل ابن حزم هذا فمن السليم أن
- 38 -
يقال "اصرب وأطع وإن ويل عليك عبد قريش عادل يحكمك برشع الله ويطلب منك الزكاة
والصالة" ،وهذا ال يقوله عاقل.
ربنَا مُحَ مَّ ٌد َ ،قا َل :أَنْبَأ َ وَ كِي ٌع ،عَ ْن ُس ْفي َ
َان ،عَ ْن إِب َْراهِ ي َم ب ِْن عَ بْ ِد َ
األعْ َىل ،عَ ْن قال الخالل :أ َ ْخ َ َ
ُسوَ يْ ِد ب ِْن َغ َف َل َة َ ،قا َل َ :قا َل ِيل عُ مَ ُر :يَا أَبَا أُمَ ي ََّة ،إِنِّي ال َ أَد ِْري َ ،لعَ َِّل ال َ أ َ ْل َقا َك بَعْ َد عَ ِامي َهذَا
رب
اص ِ ْرب َ ،وإ ِ ْن حَ َرمَ َك َف ْ اص ِ ْ اسمَ ْع َل ُه وَ أ َ ِط ْع َ ،وإ ِ ْن َ َ
ْضبَ َك َف ْ َ ،ف ِإ ْن أُمِّ َر عَ َليْ َك عَ بْ ٌد حَ ب ِ ٌّ
َيش مُجَ دَّ ٌع َف ْ
َ ()1
ُون دِ ينِي ،وَ ال َ تُ َف ِار ِق ا ْلجَ مَ اعَ ة.
طاعَ ًة ،د َِمي د َ ص دِ ين َ َك َ ،ف ُق ْل َ :سمْ عً ا وَ َ َ ،وإ ِ ْن أ َ َرا َد أَمْ ًرا يُنْقِ ُ
وأما قو ُل الديريّ يف [ الصفحة ]٨٩أن املال قسم عىل غري مستحقيه ،فهو من األثرة التي
ِ
كقوله يف نصيحته املشؤومة أن أبناء رسول الله ﷺ يموتون من يُصرب عليها ابتداء ،ثم هي
الجوع ،وقد كذب فهو ي َّدعي الهاشمية وكانت له مكتبة لوحدها تناهز ١٠الف دوالر ،فهل
عاقال يموت من الجوع ومعه مكتبة بهذا الثمن؟ وما نصح الديري إال بعد أن خرس ً رأيتم
مكتبته وأما قبلها فكانت الدولة "خالفة عىل منهاج الصادق األمني ﷺ تعيد لإلسالم مجده
الدفني" ،ولقد شابه الديري هذا أجداده الخوارج ممن خرجوا عىل عثمان -ريض الله عنه-
،فلقد نقموا عليه عطاياه ألهل بيته من بني أمية ،وهذا ما ينقمه الديري كما زعم.
أيضا لم يسلم من تدليس الديري ،فنقل كالمً ا له يف كتاب الصالةوالشافعي -رحمه اللهً -
حذف كلمة ذكرها -رحمه الله ،-قال الشافعي" :ألنَ حول من أ َّم قومً ا وهم له كارهون ،ثم
هذا طباع ال يملكه من نفسه ومتى ويل وهو كما أحب له فتغري وجب عىل االوايلا عزله وعليه
أن ال يَل له .ولو توىل رج ٌل أمر قوم أكثرهم له كارهون لم يكن عليه يف ذلك مأثم إن شاء
الله تعاىل إال أن يكون ترك الوالية خريا له أحبوه ،أو كرهوه"
ثم ذكر كالم املتكلمني الذين تقدم بيا ُن مخالفتهم لإلمام أحمد -رحمه الله ،-إىل أن قال:
"وقد استمرت الدولة نحو خمس سنوات تحكم مناطق شاسعة من العراق والشام -ال أعلم
ظ واحدٌ" لكتاب وأنا عىل اطالع يف هذا األمر -أنه تخرج من معاهد تحفيظ القرآن "حاف ٌ
الله تعاىل"ثم أردف قائال" :وال أعلم معهدا نجحَ يف إخراج حفظة كتاب الله إال معهد أبي
آية"
- 39 -
وهذه ال تحتاج لتعليق ،فهذا السفيه يتحدث بكال ٍم غري مفهوم ،ليستقر عىل كالم واحد ،هل
تخرج حافظ واحد لكتاب الله أم لم يتخرج؟ مع أن كالمه هذا معلوم بطالنه عند السامة
والعامة ،ولكم حفظ أبناء إخواننا كتاب الله يف املعاهد وتخرجوا.
ثم أتى هذا البغاث األحمق بثالثة االثاثي ،وزعم أنه استفتى الشيخ أبا نصار ،وهنا لفتة
مهمة ،وهي أن الشيخ أبا عبد الرب الكويتي كان شديدًا عىل شيخ الديري "الحايك" ،يشن
عليه الحمالت وعىل ما يتداوله الناس من تصانيفه ،وهذا حال كثري من شيوخنا -رحمهم
الله ،-ملعرفتهم بشذوذ هذا الشخص عن منهج السلف املتقدمني وجُ رأته الكبرية ،والشيخ
أبو نصار -حفظه الله وفرج عنهَّ ،-ملا شاهد مناظرة الحايك للفلسطيني ،قال عن الحايك:
"الذي ظهر يل منه أنه ضعيف بعلم الحديث ،متعلق بالغرائب ،لحانة بالقول ضعيف
الحفظ" ،فليذهب بها الديري معه اْلن.
إمامة الحاكم ،فقياس باطل ال يقابل ِ إمامة إمام يف الصالة عىل َ وأما قياسه كراهة قوم
النصوص الرصيحة ،وترك اإلمام األعظم اإلمامة يرتتب عليه مفاسد كبرية أكرب من مفاسد
ربنَا جَ ِري ُر بْ ُن حَ ِاز ٍم ربنَا عَ َّفا ُن ْب ُن م ُْس ِل ٍم َ ،قا َل :أ َ ْخ َ َ ترك إمامة املصلني ،قال ابن سعد :أ َ ْخ َ َ
الله بْ ُن عُ مَ َر َقا َل َ :قا َل ِيل عُ ثْمَ ا ُن ربنِي يَعْ َىل بْ ُن حَ كِ ي ٍم ،عَ ْن نَافِ ٍع َقا َل :حَ َّدثَنِي عَ بْ ُد ِ َقا َل :أ َ ْخ َ َ
األ ْخن َ ِس َ ،قا َل ُ :ق ْل ُت :مَ ا ريةُ بْ ُن َ َّار :مَ ا تَ َرى فِ يمَ ا أ َ َشا َر ِب ِه عَ ََل َّ ا ْلمُغِ َ صو ٌر ِيف الد ِ وَه َو مَ حْ ُ ُ ،
ُون َخ ْلعِ ي َ ،ف ِإ ْن َخ َلعْ ُت تَ َر ُكونِي َ ،وإ ِ ْن َل ْم أ َ ْخ َل ْع أ َ َشا َر ِب ِه عَ َليْ َك ؟ َقا َل :إ ِ َّن َه ُؤ َال ِء ا ْل َقوْ َم ي ُِريد َ
ُخ َّلدًا ِيف ال ُّدنْيَا َ ،قا َل :ال َ َ ،قا َل َ :فهَ ْل يَمْ ِل ُكو َن رت ُك م َ َقتَلُونِي َ ،قا َل ُ :ق ْل ُت :أ َ َرأَي َْت إ ِ ْن َخ َلعْ َت تُ ْ َ
ُون عَ َىل َقتْ ِل َك؟ َقا َل :ال َ، ا ْلجَ ن َّ َة وَالنَّا َر ؟ َقا َل :ال َ َ ،قا َل َ :ف ُق ْل ُت :أ َ َرأَي َْت إ ِ ْن َل ْم تَ ْخ َل ْع َه ْل ي َِزيد َ
ط َقوْ ٌم عَ َىل أ َ ِم ِريهِ ْم َخ َلعُ و ُه ،ال َ تَ ْخ َل ْع السن َّ َة ِيف ِاإل ْس َال ِمُ ،ك َّلمَ ا َسخِ َ ُق ْل ُتَ :فالَ أ َ َرى أ َ ْن تُ ُس َّن َهذِهِ ُّ
ص َك ُه ال َّلهُ )1(.مع أن هذا الديري أطلق القياس -الباطل ابتداء ،-واإلمام إن كرهه يصا َقمَّ َ َق ِم ً
باطال فاإلثم عىل من كرهه ،قال أبو عيىس الرتمذي": ً حقا والحق شخص أنوك يرى الباطل ً
ظا ِل ٍمري َ ان ِاإلمَ ا ُم َغ ْ َ ون َف ِإذَا َك َ الرجُ ُل َقوْ مً ا وَ ُه ْم َل ُه َك ِار ُه َ وَق ْد َك ِر َه َقوْ ٌم ِم ْن أ َ ْه ِل العِ ْل ِم :أ َ ْن يَ ُؤ َّم ََّ
الث َ ٌة َفالَ ان أ َ ْو ث َ َ
اق ِيف َهذَا :إِذَا َك ِر َه وَاحِ ٌد أ َ ْو اثْن َ ِ وقا َل أَحْ مَ دَُ ،وإ ِ ْسحَ ُ اإلث ْ ُم عَ َىل مَ ْن َك ِر َه ُهَ ، َف ِإنَّمَ ا ِ
()2
القوْ ِم"ُص َِّل َ ِب ِه ْم حَ تَّى يَ ْك َر َه ُه أ َ ْكث َ ُر َبَأ ْ َس أ َ ْن ي َ
- 40 -
واإلمام املكروه ال يخرج عليه أصال بنص صحيح من الصادق املصدوق ،روى مسلم يف
وْزاعِ ُّي يىس بْ ُن يُون ُ َس ،حَ َّدثَنَا َ
األ َ ربنَا عِ َظ َِل ُّ ،أ َ ْخ َ َ
اق بْ ُن إِب َْراهِ ي َم ا ْلحَ ن ْ َصحيحه ،قال حَ َّدثَنَا إ ِ ْسحَ ُ
ف ب ِْن مَ الِكٍ ظ َة ،عَ ْن عَ وْ ِ َّان ،عَ ْن م ُْس ِل ِم ب ِْن َق َر َ ،عَ ْن ي َِزي َد ب ِْن ي َِزي َد ب ِْن جَ ا ِب ٍر ،عَ ْن ُر َزي ِْق ب ِْن حَ ي َ
ون عَ َليْ ُك ْمُص ُّل َ ِين تُحِ بُّونَهُ ْم وَ يُحِ بُّون َ ُك ْم ،وَ ي َ الله ﷺ َقا َل :خِ يَا ُر أَئِمَّ ِت ُك ُم ا َّلذ َ ول ِ ،عَ ْن َر ُس ِ
ضون َ ُك ْم ،وَ تَ ْلعَ نُونَهُ ْم وَ يَ ْلعَ نُون َ ُك ْم ، ضونَهُ ْم وَ يُبْغِ ُ ِين تُبْغِ ُوَيرا ُر أَئِمَّ ِت ُك ُم ا َّلذ َ ص ُّل َ
ون عَ َلي ِْه ْم َ ِ ، وَ تُ َ
ال َة َ ،وإِذَا َرأ َيْتُ ْم السي ِْف ؟ َف َقا َل :ال َ ،مَ ا أ َ َقامُوا فِ ي ُك ُم َّ
الص َ الله ،أ َ َفالَ نُنَا ِبذُ ُه ْم ِب َّ
قِ ي َل :يَا َر ُسو َل ِ
()1
طاعَ ٍة.ِم ْن وُ الَ ِت ُك ْم َشيْئًا تَ ْك َر ُهون َ ُه َ ،فا ْك َر ُهوا عَ مَ َل ُه ،وَ ال َ تَن ْ ِزعُ وا يَدًا ِم ْن َ
ثم قال يف [ الصفحة " ] ٩٨بدعته وتكفريه للمسلمني واستحالل دمائهم" ،وهو هنا يرمي
خصومه بما أتى به ،وقد بينا أنه ُمستحِ ٌّل للسيف ُمبتدِ ع حائد عن نهج أهل السنة ،بل
الحرج الخروج والقتال وسفك الدماء فقبحه الله وأذله ،وذك َر أبياتا
يبتغي يف هذا الزمن ِ
ركيكة لشخص يهرف بما ال يعرف ،وقد بينَّا قبلها أن شيوخهم وافقوا عىل بيان املكتب
الرشعي ملتابعة الدواوين الرشعية.
ثم ذكر ألف ليلة وليلة من القصص لتربير وضعه ،والعجيب أنه أقر بالعمل يف مكتب
البحوث ثم الحسبة -وقد طلب لديوان الفيء واملغانم ،-ثم بعدها قال أنه لم يطلب منصبًا
وال قضا ًء وال توىل شيئا من ذلك ،ونسب ألبي يارس البلجيكي -أبي أحمد العراقي وقد كان
أمورا عظيمة ،وهدفه وراء ذلك تخويف الخليفة بأن ال ثقة يوثق ِ
به اليد اليمنى للعدنانيً -
،ثم قمش ودلس يف الحقائق وقدح يف أسيادهِ ،وما نقموا عىل الفرقان -فرق الله بينه وبني
النارِ -سوى امتحانهم بمحض السنة ،وهاهنا طرفة ،وهي أن شيخنا الفرقان كان يسأل
الرشعيني":ما تقولون يف الخروج عىل الحاكم الظالم" ،ولع َّل هذا ما جعل هذا املبتدع ينقم
عليه كل هذه النقمة مع أن شيخنا أبا محمد أق ّل الوالة ظلمً ا ،وال أعلم عنه أن أمر بسفك
دم خصم من خصومه وال ممن علم عنهم شتمه والقدح فيه وهم ُكثر -ولقد كان شيخهم
الشامي منذ خروجه من السجن وهو يحاول االنقالب عىل الفرقان وبلغ به أن شتمه يف
وجهه خالل اجتماع يف رمضان جمع الشيخ أبا محمد والعدناني-تقبله الله -وكان معهم
عبد الباسط وأبو أحمد -وهذا نفاه شيخهم -وما رد الفرقان عليه وال أمر بسجنه ،وإنما
رد بعدها العدناني -رحمه الله ،-وكذلك كان الكذاب املسطح أبو همام التونيس يغتاب
الشيخ ويشتمه والشيخ -رحمه الله -يعلم بذلك وال يهتم!
- 41 -
ولقد حدثني أبو سعد العتيبي رحمه الله حيا وميتا ،بعد أن سألته عن الشيخ الفرقان،
فقال يل" :لقد ظهر يل تقيًّا رحمه الله ،وجعله الله يل سببا فحال بيني وبني ما يشتهون"
-يعني مسه بسوء بعد أن رفعوا يف حقه التقارير-
ثم روى حكاية يكذبها العقل ،فزعم أن الخليفة و عماله قد بحثوا وكتبوا ملدة أربعة أشهر
تعميم السبع ورقات ،وهذه لعَ مري هرطقة ال مثيل لها ،فالنساء يف منازلها علمت أن
التعميم كان ردة فعل من قبل بعضهم قد ُكتب برسعة بعد صوتية معتصم التونيس التي
انترشت قبل التعميم بشهر واحد إىل شهرين! وهذا كقوله أن أبا سعد الشمايل كان واليا
عىل الرقة ،وال أدري يف أي زمن؟ فوالة الرقة هم :أبو أيوب الرقي ،أبو محمد العدناني ،أبو
داوود اإلماراتي ،أبو آصف التونيس ،أبو عبد الرحمن الجزراوي التميمي وهو آخرهم.
وأما مسألة االمتحان فسيأتي الحديث عنها والتفصيل فيها ،وبيان جهل هؤالء النوكى
بكتب السلف ومصنفات السنة ،ورجحان منهج الفرقان عىل منهجهم وأنه ما خالف السنة
يف فعله ،مع أن الفرقان أمري وامتحان العاملني عنده مندوب إليه ،قال شيخ اإلسالم -رحمه
الله " :-فإذا أراد اإلنسان أن يصاحب املؤمن أو أراد املؤمن أن يصاحب أحدا وقد ذكر عنه
الفجور وقيل إنه تاب منه أو كان ذلك مقوال عنه سواء كان ذلك القول صدقا أو كذبا :فإنه
يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه وكذلك إذا أراد أن يويل أحدا والية
امتحنه؛ كما أمر عمر بن عبد العزيز غالمه أن يمتحن ابن أبي موَس ملا أعجبه سمته ،فقال
له :قد علمت مكاني عند أمري املؤمنني فكم تعطيني إذا أيرت عليه بواليتك؟ فبذل له ماال
عظيما ،فعلم عمر أنه ليس ممن يصلح للوالية ،وكذلك يف املعامالت وكذلك الصبيان
واملماليك الذين عرفوا أو قيل عنهم الفجور وأراد الرجل أن يشرتيه بأنه يمتحنه فإن املخنث
كالبغي وتوبته كتوبتها .ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادات الناس وتارة تكون
()1
بالجرح والتعديل وتارة تكون باالختبار واالمتحان "
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال :بلغني أن شعبة قال لرشيك :كيف ال تجيز شهادة املرجئة؟
()2
قال" :وكيف أجيز شهادة قوم يزعمون أن الصالة ليست من اإليمان؟"
- 42 -
قال هشام -بن عمار :-لقيت شهابا وأنا شاب يف سنة أربع وسبعني فقال يل" :إن لم تكن
()1
قدريا وال مرجئا حدثتك ،وإال لم أحدثك" ،فقلت :ما يف ّ من هذين يشء.
[وقد صنف األئمة يف مسألة االمتحان وصنف املقديس الشريازي أبو الفرج رحمه الله كتاب
االمتحان السني من البدعي].
وأما ما ذكره عن الشيخ القحطاني-تقبله الله -إن س ّلمنا بقوله "تنزالً" ،فليس من يروط
اإلمامة أن يكون اإلمام متكلمً ا محبًا للكالم واملصطلحات املحدثة ،وكلما خرج علينا يرعي
ِ
وصحبه ،ثم كذب عىل البنعَل الذي ببدعة لزمنا أن نتبعه فيها؟ وهذا من هرطقات الديري
تحدث عن مناصب اإلمام يف رسالته ،ومعلوم أن الشيخ البغدادي كان يُناظر املرجئة يف َ
بوكا ثم كان يرعيًا يف الفلوجة وقاضيًا ثم الرشعي العام لوالية األنبار ،والبنعَل قد قال عن
العدناني أنه كان وليًّا من أولياء الله يميش عىل األرض وذلك بعد مقتله يف إذاعة البيان،
فهل خفي عليه وهو من الزم ُه أنه كذب عىل الله وعىل األمَّ ة كما ادعى هذا األنوك اللعان؟ بل
من سفاهته وخارجيته أن مدح ترامب وأقال عثرته وهو الكافر ولم يفعلها لألمري املسلم!
،مع أن قوله يف [ الصفحة " ]١١٠يف أي ملة يحق للسلطان منع نرش العلم" ،فيه من
التدليس ما الله به عليم ،فالدولة ال تمنع نرش العلم ،ولكن تمنع البعض من نسبة اجتهاداته
لعقيدتها ،وتمنع نرش الكالم الزائد ،مع أن السلف كانوا يكرهون التصنيف.
قال امليموني :سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ،وسئل عن أصحاب الرأي ،يكتب عنهم ؟
فقال :قال عبد الرحمن ،هو ابن مهدي :إذا وضع الرجل كتابا ،من هذه الكتب ،أرى أن ال
يكتب عنه الحديث ،قال أحمد :وما تصنع بالرأي ،ويف الحديث ما يغنيك عنه.
قال ابن هانىءُ :سئل أحمد بن حنبل ،عن أبي حنيفة ،يروى عنه؟ قال :ال .قيل :فأبو يوسف
-صاحب أبي حنيفة-؟ قال :كأنه أمثلهم .ثم قال :كل من وضع الكتب ،فال يعجبني ،ويجرد
الحديث )2(.وقال أحمد :ال يعجبني يشء من وضع الكتب ،ومن وضع شيئا فهو مبتدع.
- 43 -
وقال ابن هانى :سألت أحمد عن كتاب مالك والشافعي أحب إليك أو كتب أبي حنيفة وأبي
يوسف؟ فقال :الشافعي أعجب ايل ،هذا إن كان وضع كتابا ،فهؤالء يفتون بالحديث [يعني
()1
مالكا والشافعي] وهذا يفتي بالرأي [يعني أبا حنيفة] فكم بني هذين.
قلت :وأنا أشهد أن هؤالء أصحاب رأي فـ لإلمام منعهم من نرش كتبهم ،مع أن املرابطني
حرقوا كتب الغزايل وكان هذا ديدن أهل العلم املتقدمني ،ومن العجائب أن هذا الهاشمي
كان يحرق كتب العثيمني ملا كان بالحسبة وهي أحسن مما يهرطقون به -عىل ضالل بلعام
آل سعود -فتأمل كيف أنه يمنع العلم حسب فكره العقيم.
وقال ابن هانىء :سمعت أحمد ،وسأله رجل من أردبيل ،عن رجل يقال له :عبد الرحمن،
وضع كتابا .فقال اإلمام أحمد :قولوا له :أحد من أصحاب النبي ﷺ فعل هذا؟ أو أحد من
التابعني؟ فاغتاظ اإلمام أحمد ،وشدد يف أمره ،ونهى عنه .وقال :انهوا الناس عنه ،وعليك
()2
بالحديث.
وكتب صاحب لعبد الرحمن بن مهدي يف الرد عىل أهل الرأي لكنه رد بكالم طويل ،فقال
له ابن مهدي -رحمه الله" :-إنما يرد عليه بآثار رسول الله ﷺ وآثار الصالحني ،فأما ما
()3
قلت فر ٌد للباطل بالباطل"
وروى ابن عدي قال :حدثنا محمد بن جعفر املطريي ،أخربنا يزيد بن الهيثم ،أخربنا بشار
الخفاف قال :قال يل عبد الرحمن بن مهدي" :ويكتب حديث النبي ﷺ ما وجدته عن ثقة،
ثم تتبع أصحاب رسول الله ﷺ عن الثقات ثم يكتب حديث التابعني ،ثم ال كتاب بعد
()4
ذلك".
- 44 -
اه َدت ِِه ُم ا ْلوَحْ َي وَ التَّن ْ ِزي َل ،وَمَ عْ ِر َفت ِِه ْم مَ عَ ان َِي وَ يُهْ تَدَى ِبأ َ ْقوَ ال ِِهمْ ،وَ ي ُْستَ َضا َء ِبأَنْوَ ِارهِ مْ؛ ِلم َُش َ
ان ،ا َّلذ َ
ِين ني َلهُ ْم ِب ِإحْ َس ٍ صحَ ا ِب يي َفعَ ِن التَّا ِبعِ َ التَّأ ْ ِوي ِل ،احْ تَجَ جْ ُت ِبهَ اَ ،ف ِإ ْن َل ْم يَ ُك ْن فِ يهَ ا أَث َ ٌر عَ ْن َ
اه ْم َق ْد أَجْ مَ عُ وا الز ْل َفىَ ،ف ِإذَا َرأَيْن َ ُ
الش َفا ُء وَ ا ْلهُ دَى ،وَ التَّ َديُّ ُن ِب َقوْ ِل ِه ُم ا ْل ُق ْرب َُة إ ِ َىل ال َّل ِه وَ ُّ
ِيف َقوْ ِل ِه ُم ِّ
يش ٍء عَ وَّ ْلنَا عَ َلي ِْه ،وَمَ ْن أَن ْ َك ُروا َقوْ َل ُه أ َ ْو َردُّوا عَ َلي ِْه ِبدْعَ تَ ُه أ َ ْو َك َّف ُرو ُه حَ َكمْ نَا ِب ِه عَ َىل َ ْ
ط ِري َق َة ون َه ِذهِ ال َّ ظ َ ول ال َّل ِه -ﷺ -إ ِ َىل يَوْ ِمنَا َهذَا َقوْ ٌم يَحْ َف ُ وَ اعْ تَ َق ْدنَاهُ.وَ َل ْم يَ َز ْل ِم ْن َلد ُْن َر ُس ِ
ان ِيف ْ ِاإل ْس َال ِم َاع.وَ َك َ ط ُر َق ِاالتِّب ِ ط ِر َ
يق ِة لِجَ هْ ل ِِه ُ ون ِبهَ اَ ،وإِنَّمَ ا َه َل َك مَ ْن حَ ا َد عَ ْن َهذِهِ ال َّ وَ يَتَ َديَّن ُ َ
ف اب ِلتُعْ َر َ ُون ،أَذْ ُك ُر أ َ َس ِاميَهُ ْم ِيف ابْ ِتدَا ِء َهذَا ا ْل ِكتَ ِ يق ُة َقوْ ٌم مَ عْ دُود َ ط ِر َ
مَ ْن ي ُْؤ َخذُ عَ ن ْ ُه َه ِذهِ ال َّ
يق َة ،وَ أ َ ْر َش ُدون َا إ ِ َىل
ط ِر َظوا عَ َليْنَا َهذِهِ ال َّ الرتحُّ ُم عَ َلي ِْه ْم وَ الدُّعَ ا ُء َلهُ مْ؛ لِمَ ا حَ فِ ُ أ َ َس ِام ِيهمْ ،وَ يُ ْكث َ َر َّ َ
لسن َّ ِة
يل " ا ُّ ظ ِم ِه عَ َىل َس ِب ِ اب وَ ن َ ْ ِيف َهذَا ا ْل ِكتَ ِ صن ِ الرشيعَ ِة ،وَ َل ْم آ ُل جَ هْ دًا ِيف تَ ْ ُسن َ ِن َه ِذهِ َّ ِ
()1
وَ ا ْلجَ مَ اعَ ِة"
قال أبو داود :سمعت أحمد وقد قال له رجل :جامع سفيان نعمل به؟ قال :عليك باْلثار .
قال أبو داودُ :
قلت ألحمد :الرجل يسأل عن املسألة فأدله عىل إنسان يسأله؟ قال :إذا كان
يعني ،الذي أرشد إليه :يتبع ويفتي بالسنة ،فقيل ألحمد :إنه يريد االتباع وليس كل قوله
يصيب؟ فقال :ومن يصيب يف كل يشء؟ قلت :يفتي برأي مالك ،قال" :ال تتقلد من مثل هذا
()2
بيشء" ".
قال ابن أبي حاتم :سمعت أبي وأبا زرعة :يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع ،ويغلظان يف
ذلك أشد التغليظ ،وينكران وضع الكتب برأي يف غري آثار ،وينهيان عن مجالسة أهل الكالم،
()3
والنظر يف كتب املتكلمني"
قال ابن أبي يعىل" :وإنما لم يكن للمتقدمني من أئمة السنة والدين تصنيف يف الفقه ،وال
يرون وضع الكتب وال الكالم إنما كانوا يحفظون السنن واْلثار ويجمعون األخبار ويفتون
()4
بها"
روى عبد الله بن أحمد قال سمعت أبي وذكر وضع كتب فقال :أكرهها هذا أبو حنيفة
وضع كتابا فجاء أبو يوسف ووضع كتابا وجاء محمد بن الحسن فوضع كتابا فهذا ال
- 45 -
انقضاء له كلما جاء رجل وضع كتابا وهذا مالك وضع كتابا وجاء الشافعي أيضا وجاء
هذا يعني أبا ثور وهذه الكتب وضعها بدعة ،كلما جاء رجل وضع كتابا ويرتك حديث
رسول الله ﷺ وأصحابه!" )1(.قال أبو داود :عن أحمد يقول :ال يعجبني رأي مالك وال رأي
()2
أحد
قلت :ومثل هذا كثري ،وغاية ما يكتبه هذا الهاشمي وأمثاله سجع غثيث ،وقصائد ركيكة
وكالم كثري ورأي وبرت وتدليس كما تقدم ،بل يرد األحاديث الصحيحة التي صحَّ حها كل
علماء السنة األساطني وتلقوها بالقبول.
قال الطرطويش املالكي" :فلما عمل -يقصد الغزايل الذي يذكر هذا الديري كالمه كثريا يف
كتابه هذا ويعتربه عمد ًة -كتابه سماه "إحياء علوم الدين" عمد يتكلم يف علوم األحوال
ومراقي الصوفية ،وكان غري دري بها وال خبري بمعرفتها ،فسقط عىل أم رأسه فال يف علماء
املسلمني قر ،وال يف أحوال الزاهدين استقر ،شحن كتابه بالكذب عىل رسول الله ﷺ ،فال
أعلم كتابا ً عىل بسيط األرض يف مبلغ علمي أكثر كذبا عىل رسول الله ﷺ منه ،سبكه بمذاهب
الفالسفة ومعاني "رسائل إخوان الصفاء" وهم قوم يرون النبوة اكتساباً ،وليس النبي يف
زعمهم أكثر من شخص فاضل تخلق بمحاسن األخالق ...إىل أن قال" :وأما ما ذكرت من
إحراق الكتاب بالنار فإنه إن ترك انترش بني ظهور الخلق ،ومن ال معرفة له بسمومه
القاتلة ،وخيف عليهم أن يعتقدوا صحة ما سطر فيه مما هو ضالل ،فيحرق قياسا ً عىل ما
أحرقه الصحابة ريض الله عنهم من صحائف املصحف التي كان فيها اختالف اللفظ
ونقص آي منه ...ويف دونه من الكتب غنية وكفاية إلخواننا املسلمني ،وطبقات الصالحني،
ومعظم من وقع يف عشق هذا الكتاب رجال صالحون ال معرفة لهم بما يلزم العقل وأصول
()3
الديانات ،وال يفهمون اإللهيات ،وال يعلمون حقائق الصفات"
وقال القايض عياض" :أبو حامد ذو األنباء الشنيعة والتصانيف الفظيعة ،غال يف طريق
التصوف ،وتجرد لنرص مذهبهم ،وصار داعية يف ذلك ،وألف فيه تواليفه املشهورة ،أخذ
- 46 -
عليه فيها مواضع ،وساءت به ظنون أمة ،والله أعلم برسه ،ونفذ أمر السلطان عندنا
()1
باملغرب ،وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها ،فامتثل ذلك".
ات عَ َىل صحَ ابَ ا ْل ِوَالي َ ِ وَز َرات ِِه وَ أ َ ْ
َري َة عَ َىل َ وَيل َ ا ْلخِ َال َف َة أ َ َق َّر اب َْن ُهب ْ َ
ذكر صاحب الكامل ":وَ َلمَّ ا ِ
ان ِبئْ َس وَقا َل :وَ َك َايض اب ِْن ا ْلم َُر َّخ ِم َ وَقب ََض عَ َىل الْ َق ِ الْضائِبَ َ ، وس وَ َّ َ ِوَاليَات ِِهمْ ،وَ أ َ َزا َل ا ْل ُم ُك َ
ان ِم ْن عُ لُو ِم الرحْ ب َِة مَ ا َك َ ا ْلحَ ا ِكمُ ،وَ أ َ َخذَ ِمن ْ ُه مَ ًاال َك ِثريًا ،وَ أُخِ ذَ ْت ُكتُبُ ُه َفأُحْ ِر َق ِمنْهَ ا ِيف َّ
الص َفا " ،وَمَ ا َشا َك َلهُ مَ ا، ان َّ الش َفا ِء " ِالب ِْن ِسينَا ،وَ ِكتَابُ " إ ِ ْخوَ ِ ان ِمنْهَ اِ :كتَابُ " ِّ ا ْل َف َال ِس َف ِةَ ،ف َك َ
ير أ َ ْن يَ ُقو َم ان أ ُ ْستَاذُ الد ِ
َّار يُمَ ِّكنُهُ ،وَ تَ َق َّد َم إ ِ َىل ا ْلوَ ِز ِ الر َؤ َسا ِء ،وَ َك َ ِيس ُّ ِّين ب َْن َرئ ِض َد الد ِ َ
وَق َّد َم عَ ُ
وَرتَّبَ مَ َكان َ ُه أَبَا جَ عْ َف ٍر عَ بْ َد ايض ا ْل ُق َضا ِة أَبَا ا ْلحَ َس ِن عَ َِل َّ ب َْن أَحْ مَ َد الدَّامَ َغا ِن َّيَ ، َلهُ ،وَ عَ َز َل َق ِ
ا ْلوَ احِ ِد الث َّ َقفِ َّيَ ،
وَخ َل َع عَ َلي ِْه".
برأ املأمون املعتزيل ،وترامب الكافر و ّملح إىل أن هذا األمر
ومن كذب هذا الديري وجهله أن َّ
ما فعله أحد قط ،والصواب خالف ذلك ،وأن حرق ُكتب املخالف أو إتالفها هو فعل شائع
مستفيض سواء عند الكفار أو املسلمني ،ولكنه لشدة جهله ال يعرف ذلك.
وَق ِفاس ا ْل ْ
وْىل عَ َىل ُكتُ ِب الن َّ ِاستَ َ ان الطويس ُمنَجِّ مً ا لِهُ َوال ُك َو ْ قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ":وَ َك َ
الر َقائ ِِق يُعْ دِ مُهَ ا وَ أ َ َخذَ ُكتُبَ ال ِّ
طبِّ ِيث وَ ا ْلفِ ْق ِه وَ َّ ان ُكتُبُ ْ ِاإل ْس َال ِم ِمث ْ ُل التَّ ْف ِس ِ
ري وَ ا ْلحَ د ِ وَ ا ْل ِم ْلكِ َف َك َ
َّ ُ ()2
وَ النُّجُ و ِم وَ ا ْل َف ْل َس َف ِة وَ ا ْلعَ َر ِبي َِّة َفهَ ِذهِ عِ نْد َُه هِ َي ا ْل ُكتُبُ الْمُعَ ظمَ ة".
صوْ ر، وقال الذهبي يف السري يف ترجمة املنصور ":ث ُ َّم تَم ّلك ابْن َغا ِنيَة َق ْلعَ ة حَ مَّ ادَ ،ف َسا َر ا َملن ْ ُ
صوْر ِبن َ ْف ِس ِهَ ،فكرس مزقهُ مَ ،ف َسا َر ا َملن ْ ُ
اهم ابْن َغا ِنيَة َف ّ التق ُ اسرت ّد ِبجَ ايَة ،وَ جَ هَّ َز جَ يْشهَ ،ف َ وَ ْ
وَق َّد َم جيشه عليهم أخاه يحيى، ات ِيف خيمَ ِة أ َ َ
عرابيَةَ ، الجراحَ ،فمَ َ ابْن َغا ِنيَة ،وَ ذَ َهبَ ُمث ْ َخنا ً ِب َ
صة، صوْر َق ْف َ اسرت ّد ا َملن ْ ُ ط ِويْ َلة ،وَ ْفانحاز بهم إىل الصحراء مَ َع ا ْلعَ َرب ،وَجَ َر ْت َل ُه حُ ُروْب َ
قشف، وَتز َّهد ،وَ تَ ّ ص ْرباً ،ث ُ َّم ن َ ِدمَ ، وَقتَ َل ِيف أ َ ْهلهَ اَ ،فأَرسف ،ث ُ َّم قتل عَ مَّ يه ُس َليْمَ ان وَ عُ مَ ر َ َ
ظاهِ ر ،وَ أ َعرض عَ ِن ا َملا ِل ِكيَّة ،وَ أَحرق مَ ا ال َ ي َ
ُحَص ِني ،وَ مَ ال إ ِ َىل ال َّ
الص َلحَ اء وَ املُحَ ِّدث ْ َ
وَجَ الِس ُّ
ِم ْن ُكتُب ُ
الف ُروْع.
ْت َ
األحمَ ال ي ُْؤتَى ِبهَ اَ ،فتُحرق ،وَتهدَّد عَ َىل َقا َل عَ بْ ُد الوَ احِ ِد ب ُن عَ َِليُ :كنْت َ
بفاسَ ،فشهد ُ
االشتغال ِب ُ
الف ُروْع". َ
- 47 -
قلت :انظر كيف أن ميله ملذهب ابن حزم جعله يحرق كتب املالكية يف الفروع وهم
يتمسكون باألثر ! واملالكية أنفسهم قد أحرقوا كتب ابن حزم ،ومن مسائل اإلمام إسحاق
بن راهويه أن ال يشء عىل محرق كتب الجهمية ،بل استحسن السلف ذلك أشد االستحسان
ً
مرسوقة! وال أعرف شخصا أنكر هذا سوى الديري وصحبه النوكى. وإن كانت
والدولة قد نرشت العلم والسنة والتوحيد ،وطبعت الكتب ،لكن سياسة شيخنا الفرقان -
تقبله الله -كانت كراهية نرش كتب املعارصين وخاصة أمثال هذا الديري ،مستشهدا بكالم
اإلمام أحمد رحمه الله الذي رواه ابن بطة يف اإلبانة ،قال" :أهلكهم وضع الكتب ،تركوا آثار
رسول الله ﷺ وأقبلوا عىل الكالم".
ض ِع ا ْل ُكتُ ِب :فِ يهَ ا تَ ْف ِصي ٌلَ ،لي َْس َهذَا مَ وْ ِضعَ هُ، قال ابن القيم يف الطرق الحكمية ":وَ مَ ْسأ َ َل ُة وَ ْ
السن َّ ِة،
آن وَ ُّ اض عَ ْن ا ْل ُق ْر ِ َوإِنَّمَ ا َك ِر َه أَحْ مَ ُد ذَ ِل َك ،وَمَ ن َ َع ِمنْهُ :لِمَ ا فِ ِيه ِم ْن ِاال ْشت َِغ ِ
ال ِب ِه ،وَ ْ ِاإلعْ َر ِ
ال ل ِْْل َرا ِء وَ ا ْلمَ ذَاهِ ِب
ط ٍوَالسن َّ ِة وَالذَّبِّ عَ نْهُ مَ اَ ،وإِبْ َ
آن ُّ رص ا ْل ُق ْر ِ
َف ِإذَا َكان َ ْت ا ْل ُكتُبُ ُمتَ َضمِّ ن َ ًة ِلن َ ْ ِ
ال،ِضا ِء ا ْلحَ ِ اجب ًَة وَ م ُْستَحَ ب ًَّة وَ ُمبَاحَ ًةِ ،بحَ َس ِب ْاقت َ وَق ْد تَ ُكو ُن وَ ِ ُخال َِف ِة َلهُ مَ ا َف َال بَأ ْ َس ِبهَ اَ ، ا ْلم َ
وَ اَل َّل ُه أَعْ َلمُ.
صودُ :أ َ َّن َه ِذهِ ا ْل ُكتُبَ ا ْلم ُْشتَ ِم َل َة عَ َىل ا ْل َكذ ِِب وَ ا ْل ِبدْعَ ِة ي َِجبُ إتْ َال ُفهَ ا َوإِعْ دَامُهَ ا ،وَهِ َي أَوْ َىل وَ ا ْلمَ ْق ُ
ظ ُم ِم ْن َ َ
ْض ِر ْض َر َها أ َعْ َ
ف آ ِني َِة ا ْل َخمْ ِرَ ،ف ِإ َّن َ َ فَ ،وإِتْ َال ِ ف َآال ِت ال َّلهْ ِو وَ ا ْلمَ عَ ِاز ِ ِبذَ ِل َك ِم ْن إتْ َال ِ
رس أَوَ انِي ا ْل َخمْ ِر َ
وَش ِّق ِز َقاقِ هَ ا" ان ِيف َك ْ ِ ضمَ َ ان فِ يهَ اَ ،كمَ ا َال َ ضمَ َ وَال َ
َه ِذهِ َ ،
ليس فيها كالم للسلف ،قيل لك بل فيها آثار صحيحة فإن قيل وهذه املسائل –كالتكفريَ -
وآيات ُمحكمة ،ولهذا نهى شيخنا الفرقان -تقبله الله -عن الخوض يف تلك املصطلحات
التي ما أنزل الله بها من سلطان ،واالكتفاء بما عليه الفقهاء والعلماء الذين هم أعلم من
هذا املبتدع وصحبه أو الرشعيني وعدم سلوك مسالك لم يسبقنا لها أحد من العاملني ،قال
أحمد يف رواية املروذي :إذا سئلت عن مسألة ال أعرف فيها خربًا قلت فيها بقول الشافعي،
ألنه إمام عالم من قريش ،وقد قال النبي ﷺ " :عالم قريش يمأل األرض علما"
قال الرببهاري-رحمه الله" :-واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ،ولكن العالم من
اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب ،ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب
بدعة وإن كان كثري الرواية والكتب"( )1وأكرب دليل عىل صحة كالم الرببهاري ،هو هذا
- 48 -
الديري الهاشمي فله من التصانيف الكثري والكثري وهذا الكتاب الذي نرد عليه وابتغى به
فتنة الناس قد أخرجه يف أكثر من ٢٠٠صفحة وكله تدليس وكالم ورأي ومخالفة لرصيح
وصحيح السنة واألثر ،ف ِبم فاز وماذا نال ؟ سوى دعاء املسلمني عليه ،وإظهار جهله
وسفاهته وكذبه وتدليسه ،نعوذ بالله من الحور بعد الكور.
ٌ
كلُالعلومُسوىُالقرآنُمشغلةُُ**ُُإالُالحديثُوالفقهُِفُالدين
العلمُماُقيلُفيهُحدثناُُُ**ُُُُوماُسواهُفوسواسُالشياطنيُ
قال يف [ الصفحة " ]١١٢أحلف بالله ...أن أبا يعقوب لم يكن يعرف مكاني ،وال كيف
يصل إيل ،ولم أقابله طول مدة اختفائي إال مرة واحدة يف جلسة مطولة قبل خروجي بثالثة
أيام فحسب".
وهذا تناقض جديد ،فالديري يقر أنه التقى به ،فهل التقى به يف جرم بعيد؟ ثم ذكر ما
يدين املقديس أبا يعقوب ،بل قال عنه أنه "أبهت" أمام حجج هذا الديري ،فلعمر الله إن
فأف لهؤالء "العلماء" الذين يَبهتون أمام الديري وحججه الضعيفة كان هذا صحيحً اِّ ،
طالع ولو قليل السقيمة وآرائه املتخبطة وبرته للكالم الذي يعرف كل طويلب عل ٍم عنده ا ِّ
بكتب العلماء أنه قد برت ودلس ،فكيف بمن وَ يل َ منصب اإلفتاء يف الدولة؟ والعجيب أن
شيعة هذا الديري يتناقلون هذه الرسالة وفيها طعن يف شيخهم وتجهيل له ،ثم ذكر كالمً ا
تنزلنا له وصدقناها ريا وفيه زعم أن الشيخ القحطاني-تقبله الله -حدثه بمسائل لو َّ كث ً
لكانت قدحً ا فيه ،فهو قد صوَّره كثرثار ال يُستأمن عىل كلمة ،واملضحك أن هذا الديري
الكذاب ينقل كالمً ا هو نفسه ال يفهمه ،فال يعرف الفرق بني الشيخ أبي أنس العراقي
الشايب أمري بيت املال ،وبني أبي أنس وايل الفرات ،وبني أبي أنس القائد العسكري ،وإنما
يتحدث ألجل الحديث ،ونسب ألحدهم [وقد قتل قبل سنتني ونصف] الرجوع للميادين! -
التي سقطت قبل سنة ونيف ،-فال أدري أعاد من الربزخ ليأخذ الذهب أم عادت له الروح.
بعد ذلك يقال :أما عرف الديري أن السالمة أوىل؟ وما حمله عىل اقتحام هذه املهلكات
والحديث يف أناس أفضوا إىل ما ق َّدموا دون تثبت؟ ،وهو يظلم من لم يقع يف يش ٍء بسبب
اختالطه وتخبطه نسأل الله السالمة والعافية.
- 49 -
وبني تهافته وغياب عقله ،فقال يف [الصفحة " ]١٥١قصف ثم أتى بالقاصمة لظهرهَّ ،
مدينة مارع بالكلور ...لكن فيها من عوام املسلمني من ال يحل قتله وال استباحة دمه" ،ثم
قال يف الحاشية" :ومن لطف الله أنه لم يكن حينها يف مارع من عوام املسلمني أحد".
وال أدري ما هذا الهذيان وماهذه الهلوسات وأي لغة يتحدث بها هذا الكذاب؟ ،وما علمت
عن مدينة يغيب عنها "عوام املسلمون" يف لحظة! ولم يقل لعلهم درسوا األمر وانتظروا
خروج عوام املسلمني لقصفها كما أكد هو -غياب عوام املسلمني -إن صحت هذه
الهرطقات التي ينقض بعضها بعضا ،والديري يكثر يف كالمه مثل هذا ،وحسبنا الله فيه
ويف من أقر رسالته هذه التي تلهي املسلمني عن نرصة أهلهم ،بل تعمد نرشها يف أشد
األوقات ،وياليتها حملت مادة علمية وفائدة ألمة اإلسالم ،بل جهود سنة لو استغلها فيما
هو خري له وللمسلمني ألفلح والله املستعان ،وأعجب العجب أن هؤالء يدعون إىل ذم التقول
عىل الله بغري علم ،وهم والله يتقولون عىل الله بغري علم وعندهم جهل كبري بما عليه السلف
الصالح كما تقدم بيانه.
وههُ ْم م ُْسوَ َّد ٌة أ َ َلي َْس ِيف جَ هَ ن َّ َم مَ ثْوً ى
ِين َكذَبُوا عَ َىل ال َّل ِه وُجُ ُ
﴿وَ يَوْ َم ا ْلقِ يَامَ ِة تَ َرى ا َّلذ َ
ين﴾ ِل ْل ُمتَ َك ِّ ِرب َ
ثم ذكر ما زعم أن الشيخ القحطاني-تقبله الله -أخربهم به ،واألمر كما قيل أن من ن َّم إليك
نم عليك ،ومن رفع التقارير إىل الوالة البد وأن يرفع التقارير "عىل" الوالة ،وسيأتي مزيد
رد عىل ماسمي ب"ما ننطيها".
قال يف [الصفحة "]١٥٣ومعلوم أن عداوتهم لطلبة العلم ليس لدنيا بل ألجل دين،
فأبغضوهم ملا حملوه من علم ،فهو الصفة الجامعة للرشعيني" ،ولعمر الله أنها من
املضحكات ،ومن أراد أن يرى ما حملوه من علم فدونه هذا الديري وعلمه املبتور- .والكالم
عىل هذا وأمثاله-
كلمة نُسبت لشيخنا الفرقان -فرق الله بينه وبني النار -بكلمة الزنادقة األوائل، ً ثم شبَّه
العدناني قبله ،والعجيب أن هذا األنوك الذي
ّ ولعل هذا املغايل يكفر الشيخ فقد كفر الشيخ
شيخه وينقل عن األشاعرة وأهل الرأي ممن أجمع ِ يرد األحاديث الصحيحة ويضعِّ فها مع
"أهل الحديث" عىل تجريحهم وتكفري بعضهم ،شبه نفسه وَ أمثاله بأهل الحديث! وهذه
ٌ
مسبة كربى ألعالم السنة. لعمري
- 50 -
()1
َقا َل اإلمام أ َحْ مَ د" :من دل عَ َىل صاحب رأي ليفتنه فقد أعان عَ َىل هدم اإلسالم"
الرأ ْ ِي ا ْلم َ
ُخال ُِف َ
ون ف عَ نْهُ_ يعني أحمد_ ِيف أَن َّ ُه َال ي َْستَ ْفتِي أ َ ْه َل َّ
قال اإلمام ابن القيم ":وَ َال خِ َال َ
ُ ()2
ول ال َّل ِه ﷺ ،وَ ِباَل َّل ِه التَّوْفِ يق"
ل ُِسن َّ ِة َر ُس ِ
الس ِام ُّي ،وَحَ َّدثَنَا َسعِ ي ُد بْ ُن يَعْ ُقوبَ
الرحْ مَ ِن َّ قال العقيَل يف الضعفاء حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن عَ بْ ِد َّ
وْن ي َُقو ُل :مَ ا وُ ِل َد ِيف
اق َقا َلَ :س ِمعْ ُت اب َْن عَ ٍ طا ْل َقان ُِّي َ ،قا َل ،حَ َّدثَنَا م َُؤمَّ ٌل ،عَ ْن عُ مَ َر ب ِْن إ ِ ْسحَ َال َّ
ْف تَأ ْ ُخذُ َ
ون دِ ين َ ُك ْم عَ ْن َرجُ ٍل َق ْد ُخ ِذ َل ِيف عَ ْ
ظ ِم دِ ين ِِه. ْ ِاإل ْس َال ِم مَ وْ لُو ٌد أ َ ْشأ َ َم ِم ْن أَبَى حَ ن َ
ِيف َة ،وَ َكي َ
- 51 -
ُق ْل ُت :أ َ َك َ
ان عَ اقِ ال؟ َ ،قا َل :نَعَ مْ.
صلُحُ ا ْل ُفتْيَا إِال ِبهَ ا ،وَ يُخِ ُّل وَ احِ َد ًة ،وَ ي ُْخ ِطئ ُ َ
صاحِ بُ َك صاحِ ِبنَا ث َ ٌ
الث ال تَ ْ ُق ْل ُتَ :فتَجْ تَ ِم ُع ِيف َ
صاحِ ِبنَا أ َ ْن ي َْس ُك َت؟
ِصاحِ ِب ُك ْم أ َ ْن يَتَ َك َّلمَ ،وَ ال ِل َ
ثَالثًا ،وَ يَ ُكو ُن فِ ِيه وَ احِ َد ٌةَ ،فتَ ُقو َل :ال يَنْبَغِ ي ل َ
()1
!
وقال عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال حدثنا إسحاق بن عيىس الطباع عن بن عيينة قال:
قلت لسفيان الثوري لعله يحملك عىل أن تفتي أنك ترى من ليس بأهل للفتوى يفتي فتفتي
()2
قال أبي :يعني أبا حنيفة.
قال الخطيب البغدادي :حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ د بن عَل بن مخلد الوراق لفظا ،قال :يف كتابي عن أبي
بكر مُحَ مَّ د بن عبد الله بن صالح األبهري الفقيه املالكي ،قال :سمعت أبا بكر بن أبي داود
السجستاني ،يوما وهو يقول ألصحابه :ما تقولون يف مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه،
والشافعي وأصحابه ،واألوزاعي وأصحابه ،والحسن بن صالح وأصحابه ،وسفيان الثوري
وأصحابه ،وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقالوا له :يا أبا بكر ،ال تكون مسألة أصح من هذه،
()3
فقال :هؤالء كلهم اتفقوا عىل تضليل أبي حنيفة.
وأما ما ذكره بعدها عىل لسان أبي زيد العيثاوي يف سجنه تحت إكراه الرافضة ،فهو يدينهُ،
ألن الحادثة التي تحدث بها أبو زيد هي اقرتاح أبي أسماء التونيس -تقبله الله -إخراجَ
أماكن آمنة وكان ذلك ممكن ًا ،لكن ت َد ُّخل أعضاء مكتب البحوث أفشل ذلك ملا
ٍ املهاجرات إىل
زعموا أنه خيانة ،وقد حُ ِّق َق بعدها مع أبي أسماء يف السجن بهذه التهمة كما استفيض،
ٌ
ملسبة يف جبني مكتب البحوث ال يمسحها جعلها الله كفارة لذنوبه ،وإن إفشال فكرته تلك
الدهر.
ثم ثقف يعيد ما تقدم ردنا عليه ويذكر كالم األشاعرة وكالم من وقع يف التشيع كابن
الوزير ،وأعجب العجائب ما ذكره يف حاشية [ الصفحة ، ]١٨٥فالثقالن يعلمان أنه تلميذ
ِ
شيخه" :يقال أن املرء إذا تكلم يف غري فنه صاحب الضيائية ،وما أحسن ما قال بعضهم يف
- 52 -
ً
فضال عن غريه" ،وبالجملة فما أتى بالعجائب ،والحايك إذا تكلم يف فنه يأتي بالعجائب
بذكر مسألة تضعي ِ
فه لألحاديث ِ ذكر ُه فيما تبقى من كتابه قد تقدم الرد عليه ،وسأكتفي
الصحيحة املتواترة -وهو نقل لكالم شيخه ،-ثم نرشع بعون الله يف فصول الكتاب.
ربنَا مُحَ مَّ ٌد َ ،قا َل :أَنْبَأ َ وَ كِي ٌع ،عَ ْن ُس ْفي َ
َان ،عَ ْن إِب َْراهِ ي َم ب ِْن عَ بْ ِد َ
األعْ َىل ،عَ ْن قال الخالل :أ َ ْخ َ َ
ُسوَ يْ ِد ب ِْن َغ َف َل َة َ ،قا َل َ :قا َل ِيل عُ مَ ُر :يَا أَبَا أُمَ ي ََّة ،إِنِّي ال َ أَد ِْري َ ،لعَ َِّل ال َ أ َ ْل َقا َك بَعْ َد عَ ِامي َهذَا
رب
اص ِ ْاص ِربْ َ ،وإ ِ ْن حَ َرمَ َك َف ْ اسمَ ْع َل ُه وَ أ َ ِط ْع َ ،وإ ِ ْن َ َ
ْضبَ َك َف ْ َ ،ف ِإ ْن أُمِّ َر عَ َليْ َك عَ بْ ٌد حَ ب ِ ٌّ
َيش مُجَ دَّ ٌع َف ْ
َ ()1
ُون دِ ينِي ،وَ ال َ تُ َف ِار ِق ا ْلجَ مَ اعَ ة.
طاعَ ًة ،د َِمي د َ ص دِ ين َ َك َ ،ف ُق ْل َ :سمْ عً ا وَ َ َ ،وإ ِ ْن أ َ َرا َد أَمْ ًرا يُنْقِ ُ
وهذا األثر ضعف ُه شيخ الديري ،لكنك مع ذلك تج ُد إمام الحديث واألثر أحمد بن حنبل
يقول عن إسناده أنه جيد.
قال الخالل أ َ ْخ َ َ
ربنِي عَ بْ ُد الْمَ لِكِ ،وَ حَ َّدثَنِي ابْ ُن حَ نْب ٍَل ،عَ ِن اب ِْن مَ هْ دِ يي ،عَ ْن ُس ْفي َ
َان ،عَ ْن إِب َْراهِ ي َم
وه ْم بَيْعَ هَ ا؛ ا ْل َخمْ َر،
يض ال َّل ُه عَ نْهُ :وَ ُّل ُاألعْ َىل ،عَ ْن ُسوَ يْدِ ب ِْن َغ َف َل َة ِيف َقوْ ِل عُ مَ َرَ ،ر ِ َ ب ِْن عَ بْ ِد َ
()2
رش َها .قلت :كيف إسناده؟ َقا َل :إسناد جيد وَ ا ْلخِ ن ْ ِزي َر ،نُعَ ِّ ُ
قال ابن أبي حاتم :قال أبو زرعة يف حديث رواه حفص بن غياث عن محمد بن قيس عن
حبيب بن أبي ثابت قال كان عمر ال يجيز نكاحا يف عام سنة يعني مجاعة قيل ألبي زرعة
()3
ما ترى يف هذا قال هو مرسل ولكن عمر أهاب أن أراد قوله".
َ
فكيف بسن ٍد وأبو زرعة إمام ال يقارن بهؤالء ومع ذلك احتج بهذا األثر مع كونه منقطعً ا،
وصفه اإلمام أحمد بأنه جيد وليس يف رواته ضعيف؟ مع أن عادة األئمة التسامح يف اْلثار
املوقوفة كاحتجاج اإلمام أحمد بخرب مجالد عن الشعبي وقبوله رواية ليث بن أبي سليم عن
طاوس وهو ضعيف واحتماله حديث أبي معرش بن عبد الرحمن السندي عن محمد بن
()4
كعب القرظي لرواية أبي معرش املبايرة عن شيخه محمد.
- 53 -
وكل هذا ال يقارن بسند حكم عليه إمام السنة أحمد بن حنبل بأنه جيد ويعضده تواتر
ألجل شخص معارص فهو أضل من حمار أهله.األحاديث ،فال شك أن من رد هذا ِ
يىس بْ ُن يُون ُ َس ،حَ َّدثَنَا ربنَا عِ َ ظ َِل ُّ ،أ َ ْخ َ َ
اق ْب ُن إِب َْراهِ ي َم ا ْلحَ ن ْ َقال اإلمام مسلم حَ َّدثَنَا إ ِ ْسحَ ُ
ف ظ َة ،عَ ْن عَ وْ ِ َّان ،عَ ْن م ُْس ِل ِم ب ِْن َق َر َ وْزاعِ ُّي ،عَ ْن ي َِزي َد ب ِْن ي َِزي َد ب ِْن جَ ا ِب ٍر ،عَ ْن ُر َزي ِْق ب ِْن حَ ي َ َ
األ َ
ونُص ُّل َ ِين تُحِ بُّونَهُ ْم وَ يُحِ بُّون َ ُك ْم ،وَ ي َ الله ﷺ َقا َل :خِ يَا ُر أَئِمَّ ِت ُك ُم ا َّلذ َ ول ِ ب ِْن مَ الِكٍ ،عَ ْن َر ُس ِ
ضونَهُ ْم وَ يُبْغِ ُضون َ ُك ْم ،وَ تَ ْلعَ نُونَهُ ْم ِين تُبْغِ ُ وَيرا ُر أَئِمَّ ِت ُك ُم الَّذ َ
ون عَ َلي ِْه ْم َ ِ ، ص ُّل َ
عَ َليْ ُك ْم وَ تُ َ
ال َة
الص َالسي ِْف ؟ َف َقا َل :ال َ ،مَ ا أ َ َقامُوا فِ ي ُك ُم َّ الله ،أ َ َفالَ نُنَا ِبذُ ُه ْم ِب َّ
وَ يَ ْلعَ نُون َ ُك ْم ،قِ ي َل :يَا َر ُسو َل ِ
()1
طاعَ ٍة.َ ،وإِذَا َرأَيْتُ ْم ِم ْن وُ الَ ِت ُك ْم َشيْئًا تَ ْك َر ُهون َ ُه َ ،فا ْك َر ُهوا عَ مَ َل ُه ،وَ ال َ تَن ْ ِزعُ وا يَدًا ِم ْن َ
وقال أيضا ً حَ َّدثَنَا دَاوُ ُد بْ ُن ُر َشيْ ٍد ،حَ َّدثَنَا ا ْلوَ ِلي ُد ،يَعْ نِي اب َْن م ُْس ِل ٍم ،حَ َّدثَنَا عَ بْ ُد َّ
الرحْ مَ ِن ْب ُن
َّان ،أَن َّ ُه َس ِم َع م ُْس ِل َم ب َْن َق َر َ
ظ َة وَه َو ُر َزي ُْق بْ ُن حَ ي َ وْىل بَنِي َف َز َار َة ُ ، ربنِي مَ َ ي َِزي َد ب ِْن جَ ا ِب ٍر ،أ َ ْخ َ َ
األ ْشجَ عِ َّي ،ي َُقو ُل َ :س ِمعْ ُت ف ب َْن مَ الِكٍ َ األ ْشجَ عِ ِّي ،ي َُقو ُل َ :س ِمعْ ُت عَ وْ َ ف ب ِْن مَ الِكٍ َ ،اب َْن عَ ِّم عَ وْ ِ
ونُص ُّل َ
ون عَ َلي ِْه ْم وَ ي َص ُّل َ الله ﷺ ي َُقو ُل :خِ يَا ُر أَئِمَّ ِت ُك ُم ا َّلذ َ
ِين تُحِ بُّونَهُ ْم وَ يُحِ بُّون َ ُك ْم ،وَ تُ َ َر ُسو َل ِ
ضون َ ُك ْم ،وَ تَ ْلعَ نُونَهُ ْم وَ يَ ْلعَ نُون َ ُك ْم َ ،قالُوا ُ :ق ْلنَاِين تُبْغِ ُضونَهُ ْم وَ يُبْغِ ُ وَيرا ُر أَئِمَّ ِت ُك ُم الَّذ َ
عَ َليْ ُك ْم َ ِ ،
ال َة ،ال َ ،مَ ا أ َ َقامُواالص َ الله ،أ َ َفالَ نُنَا ِبذُ ُه ْم عِ ن ْ َد ذَ ِل َك ؟ َقا َل :ال َ ،مَ ا أ َ َقامُوا فِ ي ُك ُم َّ :يَا َر ُسو َل ِ
الله َ ،ف ْليَ ْك َر ْه مَ ا يَأ ْ ِتي ِم ْن
ال َ ،ف َرآ ُه يَأْتِي َشيْئًا ِم ْن مَ عْ ِصي َِة ِ ال َة ،أَال َ مَ ْن ِ
وَيل َ عَ َلي ِْه وَ ٍ الص َ
فِ ي ُك ُم َّ
الله ،وَ ال َ يَن ْ ِزعَ َّن يَدًا ِم ْن َ
طاعَ ٍة. مَ عْ ِصي َِة ِ
ِيث :آل َّل ِه ،يَا أَبَا ا ْل ِم ْقدَا ِم ، ني حَ َّدثَنِي ِبهَ ذَا ا ْلحَ د ِ َقا َل ابْ ُن جَ ا ِب ٍر َ :ف ُق ْل ُت :يَعْ نِي ِل ُر َزي ٍْق ،حِ َ
وْفا ،ي َُقو ُل َ :س ِمعْ ُت ظ َة ي َُقو ُل َ :س ِمعْ ُت عَ ً َلحَ َّدث َ َك ِبهَ ذَا ،أ َ ْو َس ِمعْ َت َهذَا ِم ْن م ُْس ِل ِم ب ِْن َق َر َ
الله ﷺ ؟ َقا َل َ :فجَ ثَا عَ َىل ُر ْكبَتَي ِْه ْ
وَاستَ ْقبَ َل ا ْلقِ بْ َل َة َ ،ف َقا َل :إِي وَ ال َّل ِه الَّذِي ال َ إ ِ َل َه إِال َّ َر ُسو َل ِ
ف ب َْن مَ الِكٍ ،ي َُقو ُل َ :س ِمعْ ُت َر ُسو َل ظ َة ،ي َُقو ُل َ :س ِمعْ ُت عَ وْ َ ُه َو َ ،ل َس ِمعْ تُ ُه ِم ْن م ُْس ِل ِم ب ِْن َق َر َ
()2
ِ
الله ﷺ .
ظ َأل ِبي ان ا ْل ِم ْسمَ عِ ُّي ،وَ مُحَ مَّ ُد ْب ُن ب ََّش ٍار ،جَ ِميعً ا عَ ْن مُعَ اذٍ ،وَ ال َّل ْف ُ وقال :وحَ َّدثَنِي أَبُو َغ َّس َ
وَه َو ابْ ُن هِ َشا ٍم الد َّْستُوَ ائ ُِّي ،حَ َّدثَنِي أ َ ِبي ،عَ ْن َقتَا َد َة ،حَ َّدثَنَا ا ْلحَ َس ُنان ،حَ َّدثَنَا مُعَ اذٌ ُ ، َغ َّس َ
ص ٍن ا ْلعَ ن َ ِزيِّ ،عَ ْن أ ُ ِّم َس َلمَ َة َ ،زو ِْج الن َّ ِب ِّي ﷺ ،عَ ِن الن َّ ِب ِّي ﷺ أَن َّ ُه َقا َل : ضب ََّة ب ِْن ِمحْ َ ،عَ ْن َ
ون َ ،فمَ ْن َك ِر َه َف َق ْد ب َِرئ َ ،وَمَ ْن أَن ْ َك َر َف َق ْد َس ِل َم ، إِن َّ ُه ي ُْستَعْ مَ ُل عَ َليْ ُك ْم أُمَ َرا ُء َ ،فتَعْ ِر ُف َ
ون وَ تُن ْ ِك ُر َ
- 54 -
ص َّلوْ ا )1(.أَيْ مَ ْن
الله ،أَال َ ن ُ َقا ِتلُهُ ْم ؟ َقا َل :ال َ ،مَ ا َ
يض وَ تَابَ َع َ ،قالُوا :يَا َر ُسو َل ِ وَ َلك ِْن مَ ْن َر ِ َ
َك ِر َه ِب َق ْل ِب ِه وَ أَن ْ َك َر ِب َق ْل ِب ِه.
يع ا ْلعَ تَك ُِّي ،حَ َّدثَنَا حَ مَّ ا ٌد ،يَعْ نِي اب َْن َزيْ ٍد ،حَ َّدثَنَا ا ْلمُعَ َّىل بْ ُن ِزيَادٍ ، قال :وحَ َّدثَنِي أَبُو َّ
الر ِب ِ
الله ﷺ ص ٍن ،عَ ْن أ ُ ِّم َس َلمَ َة َ ،قا َل ْت َ :قا َل َر ُسو ُل ِ ضب ََّة ب ِْن ِمحْ َ وَهِ َشا ٌم ،عَ ِن ا ْلحَ َس ِن ،عَ ْن َ
()2
ري أَن َّ ُه َقا َل َ :فمَ ْن أَن ْ َك َر َف َق ْد ب َِرئ َ ،وَ مَ ْن َك ِر َه َف َق ْد َس ِلمَ.
ِبنَحْ ِو ذَ ِل َك َ ،غ ْ َ
ون َقا َل :أ َ ْخ َ َ
ربنَا ُشعْ ب َُة، الخ َّال ُل َقا َل :حَ َّدثَنَا ي َِزي ُد بْ ُن َها ُر َ
وقال الرتمذي حَ َّدثَنَا الحَ َس ُن بْ ُن عَ َِل ي َ
عَ ْن ِسمَ اكِ ب ِْن حَ ْر ٍب ،عَ ْن عَ ْل َقمَ َة ب ِْن وَ ائ ِِل ب ِْن حُ جْ ٍر ،عَ ْن أ َ ِب ِيه َقا َلَ :س ِمعْ ُت َر ُسو َل ال َّل ِه ﷺ
ان عَ َليْنَا أُمَ َرا ُء يَمْ نَعُ ونَا حَ َّقنَا وَ ي َْسأَلُونَا حَ َّقهُ مْ؟ َف َقا َل َر ُسو ُل
وَرجُ ٌل َسأ َ َل ُه َف َقا َل :أ َ َرأَي َْت إ ِ ْن َك َ
َ
ِيث حَ َس ٌناسمَ عُ وا وَ أ َ ِطيعُ وا َف ِإنَّمَ ا عَ َلي ِْه ْم مَ ا حُ مِّ لُوا وَ عَ َليْ ُك ْم مَ ا حُ مِّ ْلتُ ْم»َ :هذَا حَ د ٌال َّل ِه ﷺ ْ « :
()3
صحِ يحٌ َ
وقال مسلم حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن ا ْلعَ َال ِء ا ْلهَ مْ دَان ُِّي أَبُو ُك َري ٍْب َ ،قا َل :حَ َّدثَنَا أَبُو مُعَ ِاوي ََة ،عَ ِن
الله ب َْن مَ ْسعُ و ٍد ِيف د َِارهِ َ ،ف َقا َل األ ْسوَ دِ ،وَ عَ ْل َقمَ َة َ ،قاال َ :أَتَيْنَا عَ بْ َد ِ األعْ مَ ِش ،عَ ْن إِب َْراهِ ي َم ،عَ ِن َ َ
ان وَ ال َ إ ِ َقامَ ٍة َ ،قا َل َ ْ ص َّىل َه ُؤ َال ِء َخ ْل َف ُك ْم ؟ َف ُق ْلنَا :ال َ َ ،قا َل َ :ف ُقومُوا َف َ :أَ َ
ص ُّلوا َ ،ف َل ْم يَأم ُْرنَا ِبأذَ ٍ
اْلخ َر عَ ْن ِشمَ ال ِِه َ ،قا َل َ :ف َلمَّ ا وَ ذَ َهبْنَا ِلن َ ُقو َم َخ ْل َف ُه َ ،فأ َ َخذَ ِبأَيْدِينَا َفجَ عَ َل أَحَ َدنَا عَ ْن ي َِمين ِِه وَ َ
َني َفخِ ذَي ِْهْخ َلهُ مَ ا ب ْ ََني َك َّفي ِْه ،ث ُ َّم أَد َ ْضبَ أَيْ ِديَنَا وَ َ
طب ََّق ب ْ َ وَضعْ نَا أَيْ ِديَنَا عَ َىل ُر َك ِبنَا َ ،قا َل َ :ف َ َ َر َك َع َ
يقاتِهَ ا ،وَ ي َْخن ُ ُقونَهَ ا ال َة عَ ْن ِم َ الص َون َّ ص َّىل َ ،قا َل :إِن َّ ُه َستَ ُكو ُن عَ َليْ ُك ْم أُمَ َرا ُء ي َُؤ ِّخ ُر ََ ،قا َل َ :ف َلمَّ ا َ
التَ ُك ْمص َيقاتِهَ ا ،وَ اجْ عَ لُوا َ ال َة ل ِِم َ الص َص ُّلوا َّ ُوه ْم َق ْد َفعَ لُوا ذَ ِل َك َ ،ف َير ِق ا ْلمَ وْ تَى َ ،ف ِإذَا َرأَيْتُم ُ إ ِ َىل َ َ
ص ُّلوا جَ ِميعً ا َ ،وإِذَا ُكنْتُ ْم أ َ ْكث َ َر ِم ْن ذَ ِل َك َ ،ف ْلي َُؤمَّ ُك ْم أ َحَ ُد ُك ْم ، الث َ ًة َف َ
مَ عَ هُ ْم ُسبْحَ ًة َ ،وإِذَا ُكنْتُ ْم ث َ َ
ظ ُرَني َك َّفي ِْه َ ،ف َل َكأ َنِّي أَن ْ ُ طب ِّْق ب ْ َ َوإِذَا َر َك َع أَحَ ُد ُك ْم َف ْلي ُْف ِر ْش ذِ َراعَ ي ِْه عَ َىل َفخِ ذَي ِْه ،وَ ْليَجْ نَأ ْ ،وَ لْيُ َ
َ َ ُ ()4
الله ﷺ فأ َراهمْ. ول ِ صا ِب ِع َر ُس ِ ف أَ َ إ ِ َىل ْ
اخ ِت َال ِ
يع َّ
الز ْه َران ُِّي ف بْ ُن هِ َشا ٍم ،حَ َّدث َنَا حَ مَّ ا ُد بْ ُن َزيْ ٍد (ح) َقا َل :وَحَ َّدثَنِي أَبُو َّ
الر ِب ِ وقال حَ َّدثَنَا َخ َل ُ
ان ا ْلجَ وْ ن ِِّي ،عَ ْن عَ بْ ِد ِ
الله ب ِْن ،وَ أَبُو َك ِام ٍل ا ْلجَ حْ د َِريُّ َ ،قاال َ :حَ َّدثَنَا حَ مَّ ا ٌد ،عَ ْن أ َ ِبي عِ مْ َر َ
ون ْف أَن ْ َت إِذَا َكان َ ْت عَ َليْ َك أ ُ َ
مَرا ُء ي َُؤ ِّخ ُر َ الص ِام ِت ،عَ ْن أ َ ِبي ذَ ير َ ،قا َل َ :قا َل ِيل َر ُسو ُل ِ
الله َ :كي َ َّ
- 55 -
وَقتِهَ ا ؟ َقا َل ُ :ق ْل ُت َ :فمَ ا تَأ ْ ُم ُرنِي ؟ َقا َل َ :
ص ِّل ال َة عَ ْن ْ الص َ
ون َّ وَقتِهَ ا ؟ ،أ َ ْو ،ي ُِميتُ َ ال َة عَ ْن ْالص َ
َّ
()1 ف :عَ ْن ْ
وَقتِهَ ا. ِوَقتِهَ ا َ ،ف ِإ ْن أَد َْر ْكتَهَ ا مَ عَ هُ ْم َ ،ف َ
ص ِّل َ ،ف ِإنَّهَ ا َل َك نَافِ َل ٌة .وَ َل ْم يَذْ ُك ْر َخ َل ٌ ال َة ل ْ
الص ََّ
يع َّ
الز ْه َران ُِّي ف بْ ُن هِ َشا ٍم ،حَ َّدثَنَا حَ مَّ ا ُد بْ ُن َزيْ ٍد (ح) َقا َل :وَحَ َّدثَنِي أَبُو َّ
الر ِب ِ وقال حَ َّدثَنَا َخ َل ُ
الله ب ِْنان ا ْلجَ وْ ن ِِّي ،عَ ْن عَ بْ ِد ِ ،وَ أَبُو َك ِام ٍل ا ْلجَ حْ د َِريُّ َ ،قاال َ :حَ َّدثَنَا حَ مَّ ا ٌد ،عَ ْن أ َ ِبي عِ مْ َر َ
ون ْف أَن ْ َت إِذَا َكان َ ْت عَ َليْ َك أ ُ َ
مَرا ُء ي َُؤ ِّخ ُر َ الله َ :كي َ الص ِام ِت ،عَ ْن أ َ ِبي ذَ ير َ ،قا َل َ :قا َل ِيل َر ُسو ُل ِ َّ
ص ِّلوَقتِهَ ا ؟ َقا َل ُ :ق ْل ُت َ :فمَ ا تَأ ْ ُم ُرنِي ؟ َقا َل َ : ال َة عَ ْن ْ وَقتِهَ ا ؟ ،أ َ ْو ،ي ُِميتُو َن َّ
الص َ ال َة عَ ْن ْ الص َ َّ
()2 ف :عَ ْن ْ
وَقتِهَ ا. ِوَقتِهَ ا َ ،ف ِإ ْن أَد َْر ْكتَهَ ا مَ عَ هُ ْم َ ،ف َ
ص ِّل َ ،ف ِإنَّهَ ا َل َك نَافِ َل ٌة .وَ َل ْم يَذْ ُك ْر َخ َل ٌ ال َة ل ْالص َ َّ
أفبعد هذا التواتر يجادل مجادل؟ مع أني لم أذكر ما رواه أصحاب املسانيد واملصنفات
وما أفتى به األئمة كأحمد يف مسائل الكوسج وغريه ،وكتب السنة ألئمة األثر مليئة بمثل
هذا فمن ترك كل هذه اْلثار الصحيحة املتواترة وذهب يبحث عما يريض هواه فال ش َّك يف
بدعته ،واألعجب أن هذا الديري قد نقل ذم األئمة لبعض األعيان أنهم يرون السيف عىل
سبيل مدحهم ،وهذه سفاهة وربي.
قال األثرم يف ناسخ الحديث ومنسوخه ":وهذا الحديث أيضا ً مخالف لألحاديث ،فمن ذلك:
أن هشام بن حسان وقتادة رويا عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة عن النبي
ﷺ قال" :سيكون بعدي أمراء تعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد بريء ،ومن كره فقد
سلم ،ولكن من ريض وتابع" .قالوا :أفال نقاتلهم؟ قال" :ال ما صلوا".
فهذا عن أم سلمة ،وذاك عن أم سلمة ،وهذا أثبت اإلسنادين ،وهذا موافق لألحاديث ،وذاك
مخالف لها ،وهذا ضبة بن محصن الذي وفد عمر يشكو أبا موَس حتى جمع بينه وبينه
وكان له قدر عظيم ،وذلك اإلسناد ليس بثابت.
ومما يخالفه أيضا ً حديث جرير بن عبد الله عن النبي ﷺ قال" :إذا أتاكم املصدق فال
يفارقكم إال عن رَض" .ومن ذلك حديث جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ "سيأتيكم ركب
مبغضون -يعنى املصدقني -فأدوا إليهم صدقاتكم وارضوهم فإن من تمام زكاتك
مرضاهم".
- 56 -
وروى عامر بن السمت عن معاوية بن إسحاق عن عطاء بن يسار عن ابن مسعود عن
النبي ﷺ قال" :سيكون أمراء -فذكر من فعلهم ثم قال -فمن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن،
ومن جاهدهم بيده فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن".
وهذا أيضا ً خالف األحاديث ،وهو إسناد لم يسمع حديث عن ابن مسعود بهذا اإلسناد غريه،
وقد جاء اإلسناد الواضح عن ابن مسعود بخالفه.
روى األعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال" :سرتون بعدي أثرة
وفتنا ً وأمورا ً تنكرونها" .قالوا :فما تأمرنا يا رسول الله .قال" :تودون الحق الذي عليكم،
وتسألون الله الذي لكم".وهذا عن ابن مسعود ،وذاك عن ابن مسعود ،وهذا أثبت اإلسنادين،
وهو موافق لألحاديث ،وذاك مخالف ،ثم تواترت األحاديث عن النبي ﷺ فكثرت عنه ،وعن
الصحابة واألئمة بعدهم -ريض الله عنهم -يأمرون بالكف ،ويكرهون الخروج ،وينسبون
من خالفهم يف ذلك إىل فراق الجماعة ،ومذهب الحرورية وترك السنة".
السنة ِممَّ ا اجْ تمع أصول ّ وقال امللطي يف التنبيه والرد ":وَ ا َّلذِي ثَبت عَ ن مُحَ مَّ د بن عكاشة أَن ُ
ُوسف ا ْلف ْريَا ِب ّي وس ْفيَان بن عُ يَيْنَة وَ مُحَ مّ د بن ي ُ اصم ُ عَ َلي ِْه ا ْل ُف َقهَ اء وَ ا ْلعُ َلمَ اء ِمنْهُ م عَ َل ّ بن عَ ِ
وَشعَ يْب وَ مُحَ مّ د بن عمر ا ْلوَ اقِ دِيّ وشابة بن سوار وَ ا ْلفضل بن ُد َك ْني ا ْل ُك ِويف وَ عبد ا ْلعَ ِزيز بن ُ
الرحْ مَ ن وَسعِ يد بن عُ ثْمَ ان وازهر وابو عبد َّ قبيصة َ
َ ابان ا ْل ُك ِويف وَ عبد الله بن دَاوُد ويعىل بن
النْض بن ُشمَ يْل وَ أحمد بن َخالِد ال ِّدمَ ْشقِ ي والوليد بن مُسلم وَز َه ْري ابْن نعيم وَ ْ املقرى ُ
اهوَ يْه وَيحيى بن قريش والرواد بن ا ْلجراح ا ْلعَ ْس َق َالنِي وَيحيى بن يحيى َوإ ِ ْسحَ اق بن َر َ ا ْل ِ
صحَ اب ون َرأينَا أ َ ْ الْضير كلهم ي َُقولُ َ الرحْ مَ ن بن مهْ دي وَ أَبُو مُعَ ِاويَة َّ ِ طان وَ عبد َّ سعيد ا ْلق َّ
الص ْرب عىل حكم الله ضا ِب َق َضاء الله وَ التَّ ْسلِيم ألمر الله وَ َّ الر َ
ونِّ : َر ُسول الله ﷺ َكانُوا ي َُقولُ َ
قدر َخريه األ ْخذ ِبمَ ا أَمر الله النَّهْ ي عَ مَّ ا نهى الله عَ ن ُه وَ ْ ِاإل ْخ َالص ِبا ْلعَ مَ ِل لله وَ ْ ِاإليمَ ان ِبا ْل ِ وَ ْ َ
ني وَ ا ْلجهَ اد مَ َع ويره من الله وَترك املراء والجدال والخصومات ِيف الدّين وَ ا ْلمسح عىل ا ْل ُخ َّف ْ ِ
يزيد وَينْقص َقول وَ عمل ات من أهل ا ْلقبْ َلة سنة وَ ْ ِاإليمَ ان ِ الص َالة عىل من مَ َ أهل ا ْلقبْ َلة وَ َّ
وَال يخرج ان ِمنْهُ م من عدل أَو جور َ طان عىل مَ ا َك َ الس ْل َ
الص ْرب تَحت لِوَ اء ُّ وَ ا ْل ُق ْرآن َك َالم الله وَ َّ
السي ِْف َوإِن جاروا" األمَ َراء ِب َّ عىل ْ ُ
- 57 -
الص ْل ُت بْ ُن مَ ْسعُ و ٍدني َقا َل :حَ َّدثَنَا َّ قال اْلجري حَ َّدثَنَا أَبُو عَ بْ ِد ال َّل ِه أَحْ مَ ُد بْ ُن مُحَ مَّ ِد ب ِْن َشاهِ َ
ان َقا َل :حَ َّدثَنَا ا ْلمُعَ َّىل بْ ُن ِزيَادٍ َقا َل :قِ ي َل ِل ْلحَ َس ِن :يَا أَبَا َسعِ يدٍ، َقا َل :حَ َّدثَنَا جَ عْ َف ُر ْب ُن ُس َليْمَ َ
ْ ()1 ني َرأَى ُمن ْ َك ًرا َفأَن ْ َك َر ُهَ ،ف َ
وَق َع فِ يمَ ا ُه َو أَن ْ َك ُر ِمنهُ. َخ َرجَ َخ ِار ِج ٌّي ِبا ْل ُخ َريْب َِة َ ،ف َقا َل " :ا ْل ِم ْسكِ ُ
وهؤالء يريدون فتنة أخرى تسفك فيها الدماء وتهتك األعراض وترشد العوائل فوق هذا
الترشد ،و والله الجتماع املسلمني عىل إمام وإن كان "رمزيًا وهميًا" ألحسن من الفرقة،
وهذا ما أشار إليه شيخ اإلسالم ابن تيمية ملا قال أن ستني سنة تحت إمام جائر أحسن من
ليلة بال سلطان ،قال ابن تيمية " :ولهذا من كان حالفا ً عىل ما أمر الله به ورسوله من
طاعة والة األمور و مناصحتهم أو الصالة أو الزكاة أو صوم رمضان أو أداء األمانة والعدل
ونحو ذلك ،ال يجوز ألح ٍد أن يفتيه بمخالفة ما حلف عليه والحنث يف يمينه ،وال يجوز له
أن يستفتي يف ذلك .ومن أفتى مثل هؤالء بمخالفة ما حلفوا عليه والحنث يف أيمانهم فهو
مفت بغري دين اإلسالم ،بل لو أفتى آحاد العامة بأن يفعل خالف مامفرت عىل الله الكذبٍ ،ٍ
حلف عليه من الوفاء يف عقد بيع أو نكاح أو إجاره أو غري ذلك مما يجب عليه الوفاء به من
العقود التي يجب الوفاء بها وإن لم يحلف عليها ،فإذا حلف كان أوكد ،فمن أفتى مثل هذا
بجواز نقض هذه العقود والحنث يف يمينه كان مفرتيا ً عىل الله الكذب مفتيا ً بغري دين
اإلسالم ،فكيف إذا كان ذلك يف معاقدة والة األمور التي هي أعظم العقود التي أمر الله
()2
بالوفاء بها"
وأما ما نسب ُه للمقديس أبي يعقوب ،فقد شهد تالمذة األخري بأنه قال عن فضيحة الهاشمي،
سابقا ،لكل ساقطة القطة ،وعىل قدر الوجه تكونً أن فيها كذبا ومغالطات ،وكما قلت
املاشطة ،وإىل الله تعاىل نربأ من الديري وصحبه ،ومن ظلم الظاملني.
- 58 -
- 59 -
حمنُالرحيمُ
ّ ُاللهُالر
َّ ِبس ِم
ُ
- 60 -
اُ،وسالمةُأهلُاألوثانُمنُفورُماُيخرجُ
ِ ار ا
بتسليطُألسنتهمُعىلُأهلُاإلسالمُعدوالُكانواُأوُفجَّ َ
منُرؤوسهم.
دعُالتخلقُيبعدُعنكُأولهُ*ُإنُالتحيلُيأتيُدونهُالخلقُ
ٍ
والُيؤاتيكُفيماُنابُمنُحدثُ*ُإالُأخوُثـقةُ،فانظرُبمنُتثقُُ
ً
سبيـال سوى هذا فال تعجبوا إخواني إن وجدتُم يف كالمي قسو ًة ،فما ترك لنا َ
طغام األحالم
ْضبت فأوجع فإن املالمة واحدة! ،وأحس ُن منه قول الله تعاىل: َ السبيل ،والعرب تقول :إذا
ظلِم}.السو ِء ِم َن ا ْل َقوْ ِل إِال َّ مَ ن ُ
{ال َّ يُحِ بُّ ال ّل ُه ا ْلجَ هْ َر ِب ُّ
قا َل ابن تيمية -رحمه الله" :-فمتى ظلم املخاطب لم نكن مأمورين أن نجيبه بالتي هي
وقت ُه ُم أحوجُ فيه إىل االجتماع
أحسن" .وأي ظل ٍم أعظ ُم من السعي لثل ِم جماعة املسلمني يف ٍ
بعضا ،فهذي أخواتنَا قد أحسنت الظن بالثابتني عىل ً كالبنيان املرصوص ،يش ّد بعضه
ألهل الشقاق والنفاق والثبور!
الثغور ،ويف أهل الثغور سماعون ِ
ظهرُ ُفتي اَّةُ*ُ َو َ
ُقدُنَحَ َلُالجَ نبانُوُاحدَودَبَ ُال َّ كون َ
ىُأنُتَ َ
ْ عَ جو ٌزُترجّ
ُهلُيصلِحُالعَ ّ
طارُماُأمَ اتَهُالدَّهرُُ َ
بغيُشبابَهاُ*ُ َو َارُتَ
ط ِسُإىلُالعَ ّ
تَد ُّ
قيل لإلمام أحمد بن حنبل-رحمه الله :-الرجل يصوم ويصَل ويعتكف أحب إليك أو يتكلم
يف أهل البدع؟ قال" :إذا قام وصىل واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم يف أهل البدع فإنما
هو للمسلمني".
وقال شيخ البخاري الحميدي" :والله! ألن أغزو هؤالء الذين يردون حديث رسول الله ..
أحب إيل من أغزو عدتهم من األتراك".
- 61 -
وقال بعضهم ألحمد بن حنبل" :يثقل عَل أن أقول فالن كذا وكذا" فقال -رحمه الله" :-إذا
وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟". ُّ َّ
سكت أنت
قال اإلمام ابن بطة العكربيّ يف اإلبانة" :هم أشد فتنة من الدجال وكالمهم ألصق من الجرب
وأحرق للقلوب من اللهب فال تجالسوهم".
تقي الدين ابن تيمية" :وهذه حقيقة قول السلف واألئمة أن الدعاة إىل البدع ال
وقال اإلمام ّ
تقبل شهادتهم وال يُصىل خلفهم وال يؤخذ عنهم العلم وال يناكحون فهذه عقوبة لهم حتى
ينتهوا".
ري وتقديس أهل العل ِم قد دعوا الستحالل السيف عىل
قلت :وهؤالء القعدة من دعاة التعي ِ
السلف املبني عىل نصوص قطعية ،وهم يف ذلك بني ُمنكرِ وال ِة الجور ،مخالفني إجماع
بنفسه عن السماع لهم إذ ك ُّل حقيقة تخرج من أفواههم
ِ وجاحد له ،فعىل املسلم أن يرفق
معها أكاذيبُ كثري ٌة وَأباطيل.قال إمام األئمة الحسن البرصي":أترغبون عن ذكر الفاجر؟،
اذكروه بما فيه كي يحذره الناس".
وقال عمر بن عبد العزيز ":من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنق" ( .)1وقال عمران
()2
القصري" :إياكم واملنازعة والخصومة ،وإياكم وهؤالء الذين يقولون :أرأيت أرأيت"
قال سالم بن أبي مُطيع " :إن ً
رجال من أصحاب األهواء قال أليوب السختياني :يا أبا بكر،
()3
أسألك عن كلمة ،فوىل أيوب ،وجعل يشري بإصبعه :وال نصف كلمة"
قال أسماء بن عبيد" :دخل رجالن من أهل األهواء عىل ابن سريين ،فقاال :يا أبا بكر ،نحدثك
ِّ
لتقومان عني أو بحديث .قال :ال ،قاال :فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل ،قال :ال،
()4 َّ
ألقومن .قال :إني خشيت أن يقرآ عَل َّ آية فيحرفاها فيق َّر ذلك يف قلبي"
قال سعيد بن عنبسة" :ما ابتدع رجل بدعة إال غل صدره عىل املسلمني ،واختلجت منه
األمانة"(.)5
- 62 -
كان ابن طاووس جالسا فجاء رجل من املعتزلة ،قال :فجعل يتكلم ،قال :فأدخل ابن
طاووس إصبعيه يف أذنيه قال :وقال البنه :أي بني ،أدخل إصبعيك يف أذنيك واشدد وال
تسمع من كالمه شيئًا ،قال معمر :يعني أن القلب ضعيف"(.)1
وعن ابن عمر -ريض الله عنهما -أنه جاءه رجل فقال :إن فالنا يقرأ عليك السالم ،قال:
()2
"بلغني أنه قد أحدث ،فإن كان أحدث فال تقرأ عليه السالم".
وأحس ُن من ذلك ،ما روَ ى الحافظ ابن منده بإسناد ِه عن عبد الله بن عمـرو ريض الله
عنهما قال :قال رســول الله ﷺ" :لك ِّل عامل فرتة ،ولك ِّل فرتة يرة ،فمن كانت فرتته إىل
سنتي ،فقد أفلح".
اإلنكار عليهم من خفيتِ وقد يستعظ ُم بعض إخواننَا الكالم يف هؤالء ،ويعارض مذهبنَا يف
أمرا اِجتم َع عىل ذَمِّ ه وأهله الصحابة ،ومن تبعهم من التابعني عليه مقاالتهم ،فنقو ُلَّ :
إلن ً ِ
الصالحني واألساطني املستبرصين كحمَّ اد والثوري والبرصي وابن املبارك وابن مهدي
إسحاق ومن تبعهم من تالمذته ُم كأحمد بن حنبل وابن ٍ والزهريّ وابن عيينة والثوري وأبي
املديني وأقرانهم ث َّم نقل إجما َع كل هؤالء األثرم بن اإلسكايف ّ وابن
ّ راهويه وابن معني وابن
ببعض السلف احتما ُلِ الكرمــاني فالرازيّان ألم ٌر خطيــر عظيم ،حتى بلغ
ّ املنذر وحرب
أمور كثرية َّإال هذا األمر.
ٍ
َخ ْلنَا عَ َىل عَ بْ ِد الرحِ ي ِمِ ،م ْن أ َ ْه ِل مَ ْر َو َقا َل د َ قال عبد الله بن اإلمام أحمد ،حَ َّدثَنِي عَ بْ َد ُة بْ ُن عَ بْ ِد َّ
يز :يَا أَبَا يز ب ِْن أ َ ِبي ِر ْزمَ َة نَعُ ود ُُه أَنَا وَ أَحْ مَ ُد بْ ُن َشبُّوَ ي ِْه وَ عَ َِل ُّ بْ ُن يُون ُ َس َف َقا َل ِيل عَ بْ ُد ا ْلعَ ِز ِ ا ْلعَ ِز ِ
اش ِه َف َقا َل َس ِمعْ ُت اب َْن رب ُكمْ ،وَ أ َ ْخ َرجَ ِبيَدِهِ عَ ْن فِ َر ِ يه عَ ن ْ ُك ْم َفأ ُ ْخ ِ ُ
ط ِو ِرس ُكن ْ ُت أ َ َْسعِ يدٍ ،عِ نْدِي ِ ٌّ
صبُعِ ِه، ِيف َة َكذَا وَعَ َق َد ِبأ ُ ْ وْزاعِ َّي ي َُقو ُل« :احْ تَمَ ْلنَا عَ ْن أ َ ِبي حَ ن َ ا ْل ُمب ََاركِ ي َُقو ُلَ :س ِمعْ ُت ْ َ
األ َ
صبُعِ ِه الثَّا ِلث َ ِة ا ْلعُ يُوبَصبُعِ ِه الثَّا ِني َِة ،وَ احْ تَمَ ْلنَا عَ ن ْ ُه َكذَا وَ عَ َق َد ِبأ ُ ْ وَ احْ تَمَ ْلنَا عَ ن ْ ُه َكذَا وَعَ َق َد ِبأ ُ ْ
ْف عَ َىل أُمَّ ِة مُحَ مَّ ٍد ﷺ َل ْم ن َ ْق ِد ْر أ َ ْن السي ُ ْف عَ َىل أُمَّ ِة مُحَ مَّ ٍد ﷺ َف َلمَّ ا جَ ا َء َّ السي ُ حَ تَّى جَ ا َء َّ
َ ()3
نَحْ تِمَ ل ُه»
- 63 -
الدارمي -رحمه اللهَ " :-
ولوال مابدأكم هذا ّ بمقال شيخنا عثمان بن سعيد
ِ وحس ِب َي االمتثا ُل
بذكر كالمه ]...[ ،فدعا ًء إىل
ِ املبتدع وبثها فيكم ،ملا اشتغلنا
ِ املعارض بإذاعة ضالالت
الطريق املثىل ،ومحاماة عن ضعفاء الناس وأهل الغفلة من النساء والصبيان أن يضلوا بها،
فقه وبرص والأو أن يفتتنوا ،إذ بثها فيهم "رجا ٌل" كان يشري إليهم بعضهم بيشء من ٍ
يفطنون لعثراتهم إن هم غشوا ،فيكونوا من أخواتها عىل حذر".
ُ
نوافق ونستند ،وبالله التوفيق. عىل الله نعتمد ،وبالله نعتضد يف صحة ما إىل الكتاب والسنة
همُلبعضُ*ُعيلَُّفقدُأصابهمُانتقــامُ
ٍ عوىُ"البؤساء"ُبعض
إذاُأرسلتُ"صاعقة"اُعليهمُ*ُرأواُأخرىُتَحَ َّرقُفاستدامــواُ
- 64 -
ِ
ُاألئمةُُمساوئ
ِ ُواألخبار ُِِفُ َذم ِ
ُِّذكر ِ ُمنُاآلثار
ِ َتبابُفيمَ اُثَبـ َ
نيُ،وأنُذل َكُمَ نْبـَعُالفِ تَنُوَ الخروجُ
َّ امل ِ
سلم
امرئ ليس له برصٌ يهديه ،وال قائد يرشده ،دعا الهوى فأجابهُ ،وقاده
ٍ وكتبُ هؤال ِء ككتاب
زاعمون أنهم عىل السنَّة
َ فاتَّبعه ،ولعمري ما ِ
أدري مرادهم حينما يخت ِتمُونها وهم فيها
فيه من التهدي ِد والوعيد الشديدِ ،الذي مط َلعهُ:
يسار عىل ما ِ
بشعر نرص بن َ
ِ ِ
السلف وسبيل
ِ
ٌ
ُ*ُخليقُأنُيكونُلهُرضامُ ُالرمادُوميضُنار
ٍ أرىُخل َل
فإنُالنارُبالزندينُتورىُ*ُوإنُالحربُأولهاُالكالمُ
- 65 -
ي
بحق أولها الكالمُ ،ولهذا كانوا هم أشد الخوارج ،وكان أولهم ذو الخويرصة فالحربُ
النجديّ حني قال" :اعدل يا محمد فإنك لم تعدل".
ِ
مصنفه ،قال :حدَّثنا أبو مسعود ح َّدثنا أبو مسعود ،ثنا أبو داود، روى ابن أبي شيبة يف
ح َّدثنا يريك ،عن عثمان بن املغرية ،عن زيد بن وهب ،قال :قام رأس الخوارج إىل عَل،
يقال :الجعد بن بعجة ،فقال :اتق الله فإنك ميت ،وإنك تعرف سبيل املحسنني من سبيل
املسيئني - ،واملحسن عنده عمر ،وامليسء عنده عثمان -اتق الله فإنك ميت قال :ال ،ولكني
مقتول من ْضبة عىل الهامة ،هامة نفسه ،يخضب هذه ،يعني لحيته ،عهد معهود ،وقضاء
مقيض ،وقد خاب من افرتى .وعاتبوه يف لباسه ،فقال :لباس هذا أبعد من الكرب ،وأجدر أن
()1
يقتدي بي املسلم
فصل
عت عبد الله بن محم ٍد أبا محم ٍد َّ
الضعيف سم ُ مسائل أحمدِ :
ِ السجستانِي يف َقال أبو داود ّ
الخوارج ،وقعد الجهمية الواقفة" .وسأ َل عبد الله أبَاه أحمد
ِ ُ
أخبث الخوارج هم
ِ قالُ :
"قعَّ ُد
ير من الجَ هميَّة"."هم َ ٌّ
فقالُ : بن حنبل عَ ن الواقِ َفة َ
الفساد ،لهذا عدَّهم السلف ظاهر ِه يَغِ يبُ عن ُه ماحَ وَ ى بَاطنه من َ والنّاظ ُر لكال ِم الوَ ِ
اقفة ِيف َ
ً
ديانة وحُ بًّا يف القعَّ ِد من الخوارج ،لزعمهم أنّهم ما تحدَّثوا إال أخبث الجهميَّة ،وهذا حا ُل ُ
لبيعة أشهدوا ربهم عليهَ ا ،ويعينُهم عليه أ ٌ
ناس ٍ وأباطيل ،وإخفاؤهم َ
نقضهم ِ عِ ل ٍم ك ُّله كال ٌم
ممن كتبوا العل َم -بزعمهم -وادَّعوا معرفته ،مع إنكارهم بعض املظال ِم وكثريا من املسائل
- 66 -
االجتهادية املنوطة باألئمة ،وَ أمور من السنة أنكروها لجهلهم بعلم األولني وتتبعهم علوم
ْض ُر هؤالء والغال ِة عىل الجماعة والدِّين أعظم من ْضر األسلحة والقنابل ملن املتأخرين ،و َل َ َ
الكذب
ِ ُ
أفواههم من َ
نطقت به وحقيقة مقصدهِ م وما َ َ
ملعرفة لواز ِم أقوالِهم وفق ُه الله
األرض من
ِ وضوع والكالم ا َملطروح الذي ال يَقول ُه مؤم ٌن عن نسا ِء املجاهدين خرية أهل ا َمل ُ
األنصار واملُهَ اجرين وتخذيلهم عن النفري والعمل ،وقد هتف العلم بالعمَ ل فإن أجابه وإال
صدق شيخي أبو الحارث فرج َ الكالب من القعد املثبطني،
ِ ارتحل ،ويا فرحة الكفرة بهؤال ِء
والطرفان َّ
كفراها" ،كما قِ يل: َ الله عنَّا وعنه حني قال يل" :الطرفان خرجَ ا عىل الدَّولة
يُحراشُمَ اُيصيدُُ
ٌ ُ*ُوماُيدر
ِ تَ َكا َل ِ
بتُالضبَاءُعىلُحِ ٍ
راش
عن أنس بن مالك قال :نهانا كرباؤنا من أصحاب رسول الله ﷺ قالوا :قال رسول الله ﷺ:
()1
"ال تسبُّوا أمراءكم ،وال تغشوهم ،وال تبغضوهم ،واتقوا الله واصربوا ،فإن األمر قريب"
قال أبو الدرداء -ريض الله عنه" :-إياكم ولعن الوالةَّ ،
فإن لعنهم الحالقة ،وبغضهم
العاقرة" قيل :يا أبا الدرداء ،فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما ال نحب؟ قال" :اصربوا ،فإن
()2
الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم باملوت"
()3
قال أبو إسحاق السبيعي -رحمَ ُه الل ُه" :-ما سب قوم أمريهم إال حرموا خريه"
قال أبو مجلز -رحمَ ُه الل ُه" :-سب اإلمام الحالقة ،ال أقول حالقة الشعر ،ولكن حالقة
()4
الدين".
فإن الطعن عليهم هي قال أبو إدريس الخوالني -رحمَ ُه الل ُه" : -إياكم والطعن عىل األئمةَّ ،
()5 الحالقة ،حالقة الدين ليس حالقة الشعر ،أال َّ
إن الطاعنني هم الخائبون ويرار األيرار".
- 67 -
وال أكرب إفساد يف األرض من اإلعانة عىل قتل اإلمام ولو بالكالم الستقرار الخالفة حال حكمه
وازدهارها وتعظيمه الشديد للقران والسنة وإن ز َّل فسيئاته وسط حسناته كنقطة سوء
يف بحر محيط ،ومثله أحق من غريه بالدعاء وإقالة العثرات.
قال عبد الله بن عكيم -رحمَ ُه الل ُه" :-ال أعني عىل دم خليفة أبدًا بعد عثمان -ريض الله
عنه ،"-فقيل له :يا أبا معبد أ َو أعنت عىل دمه؟ فيقول" :إني أعد ذكر مساوئه عونًا عىل
()1
دمه".
وعن أبي الدرداء ريض الله عنه أنه قال" :إن أول نفاق املرء طعنه عىل إمامه"(.)2
وعن زائدة بن قدامة ،قال :قلت ملنصور بن املعتمر :إذا كنت صائمً ا أنال من السلطان؟
()3
قال :ال ،قلت :فأنال من أصحاب األهواء؟ قال :نعم.
()4 ً
معروفا الكرخي قال":من لعن إمامه حُ رم عدله" وعن ابن حكمان ،أن
و عن أبي جمرة الضبعي قال" :ملا بلغني تحريق البيت خرجت إىل مكة ،واختلفت إىل ابن
عباس ،حتى عرفني واستأنس بي ،فسببت الحجَّ اج عند ابن العباس فقال :ال تكن عونًا
للشيطان (.)5
وعن إبراهيم بن ميرسة عن طاووس قال ":ذكرت األمراء عند ابن عباس فانربك فيهم رجل
فتطاول حتى ما أرى يف البيت أطول منه ،فسمعت ابن عباس يقول§« :ال تجعل نفسك
فتنة للقوم الظاملني» ،فتقارص حتى ما أرى يف البيت أقرص منه" (.)6
وعن زياد بن كسيب العدوى قال :كنت مع أبي بكرة تحت منرب ابن عامر –وهو يخطب
وعليه ثياب رقاق– فقال أبو بالل :أنظروا إىل أمرينا يلبس ثياب الفساق.فقال أبو بكرة:
اسكت ،سمعت رسول الله يقول :من أهان سلطان الله يف األرض أهانه الله"(.)7
- 68 -
الص ِام ِتَ ،قا َلَ :ق ِد َم أَبُو ذَ ير عَ َىل عُ ثْمَ ا َن ان ا ْلجَ وْ ن ِِّيَ ،قا َلَ :س ِمعْ ُت عَ بْ َد ال َّل ِه ب َْن َّ وع ْن أ َ ِبي عِ َ
مْر َ
اس ،أَتَحْ َسبُنِي ِم ْن َقوْ ٍم أَحْ َسبُ ُه َقا َل: ْخ َل الن َّ ُ الشا ِمَ ،ف َقا َلْ :افتَ ِح ا ْلبَابَ حَ تَّى يَد ُ ان ِم َن َّ ب ِْن عَ َّف َ
الرمْ ي َِة ،ث ُ َّم َالالسهْ ِم ِم َن َّ وق َّ ِّين ُم ُر َ ون ِم َن الد ِ آنَ ،ال يُجَ ِاو ُز تَ َراقِ يَهُ مْ ،يَمْ ُر ُق َ ءون ا ْل ُق ْر َ
ي َْق َر َ
ِيق ِة ،وَ ال َّل ِه َل ْو أَمَ ْرتَنِي أ َ ْن أ َ ْقعُ َد َلمَ ا السهْ ُم عَ َىل َفوْقِ ِهُ ،ه ْم َ ُّ
ير ا ْل َخ ْل ِق وَ ا ْل َخل َ ُون حَ تَّى يَعُ و َد َّ يَعُ ود َ
طل ِْق ريَ ،ل ْم أ ُ ْ
ُقمْ ُت أَبَدًا ،وَ َل ْو أَمَ ْرتَنِي أ َ ْن أ َ ُقومََ ،ل ُقمْ ُت مَ ا مَ َل َكتْنِي ِرجْ َاليَ ،وَ َل ْو َربَطتنِي عَ َىل ا ْلبَعِ ِ
اهاَ ،ف ِإذَا عَ بْ ٌد الربَذَ َةَ ،فأَتَ َ استَأْذَنَهُ ،أ َ ْن يَأْت َِي َّ طل ُِقنِيَ ،قا َل :ث ُ َّم ْ ون أَن ْ َت ا َّلذِي تُ ْ ن َ ْف ِيس حَ تَّى تَ ُك َ
وْصانِي ص ا ْلعَ بْدَُ ،فقِ ي َل َلهُ :تَ َق َّدمَْ ،ف َقا َل :إ ِ َّن َخل ِِيَل أ َ َ ي َُؤمُّ هُ مَْ ،ف َقالُوا :أَبُو َذ ير ،أَبُو ذَ يرَ ،فن َ َك َ
صنَعْ َت مَ َر َق ًة َفأ َ ْك ِث ْر مَ اء ََها افَ ،وإِذَا َ ط َر ِ دَّع ْ َ
األ ْ َيش ،مُجَ ِ اسمَ عْ ،وَ أ َ ِطعْ ،وَ َل ْو لِعَ بْ ٍد حَ ب ِ ي ِبث َ َال ٍث« ،أ َ ِن ْ
الص َال َة ل ْ
ِوَقتِهَ اَ ،ف ِإ ْن ص َِّل َ َّ وف ،وَ أ َ ْن تُ َري ِت َكَ ،فأ َ ِصبْهُ ْم ِمنْهَ ا ِبمَ عْ ُر ٍ ظ ْر إ ِ َىل أ َ ْه ِل بَي ٍْت ِم ْن ِج َ ث ُ َّم ان ْ ُ
ص َالتَ َكَ ،و إِ ْن َال َف ِه َي َل َك نَافِ َل ٌة (.)1 ص َّىل ُكن ْ َت َق ْد أَحْ َر ْزت َ وَق ْد َ أَد َْر ْك َت ْ ِاإلمَ ا َم َ
قلت :وقد روى غري واحد من األئمة هذا الخرب ،وفيه أن أبا ذر تكلم بهذا الكالم قبل ظهور
الخوارج وخروجهم عىل األئمة بالسيف ،وقد كان -ريض الله عنه -شديد اإلنكار عىل الوالة
ِ
مذهبه إىل أن اعتزل الناس وتوجه تلقاء الربذة، بسبب تركهم الزهد الذي كان يراه واجبًا يف
فعال َم برأ ذمت ُه وقال ما قاله إال أن يكون اإلنكار العلني الشديد عىل اإلمام املسلم الظالم
جرسا تعرب منه الخوارج.ً
عَ ْن ُسوَ يْ ِد ب ِْن َغ َف َل َةَ ،قا َل :أ َ َخذَ عُ مَ ُر ِبيَدِيَ ،ف َقا َل " :يَا أَبَا أُمَ ي ََّة ،إِنِّي وَ ال َّل ِه َال أَد ِْري َلعَ َّلنَا َال
ان عَ بْدًا حَ ب َِشيًّا ن َ ْلتَقِ ي بَعْ َد يَوْ ِمنَا َهذَاَ ،فاتَّ ِق َربَّ َك َكأَن َّ َك تَ َرا ُه إ ِ َىل يَوْ ٍم تَ ْل َقاهُ ،وَ أ َ ِط ِع ْ ِاإلمَ امَ ،وإ ِ ْن َك َ
ص اص ِربَْ ،وإ ِ ْن أَمَ َر َك ِبأَمْ ٍر يَن ْ ُق ُ
اص ِربَْ ،وإ ِ ْن أ َ َهان َ َك َف ْ اص ِربَْ ،وإ ِ ْن جَ َرمَ َك َف ْ ْض َب َك َف ْ مُجَ دَّعً ا ،إ ِ ْن َ َ
ُون دِ ينِيَ ،ف َال تُ َف ِار ِق ا ْلجَ مَ اعَ َة (.)2 طاعَ ًة د َِمي د َ دِ ين َ َكَ ،ف ُق ْلَ :سمْ عً ا وَ َ
ان دَا ٍع، ْف أَنْتُ ْم إِذَا َخ َرجَ فِ ي ُك ْم دَاعِ يَ ِ َري ،أَن َّ ُه َقا َل لِجُ َل َسائ ِِه يَوْ مً اَ « :كي َ
الرحْ مَ ِن ب ِْن جُ ب ْ ٍعَ ْن عَ ْب ِد َّ
ُون؟» َقالُوا :ن ُ ِجيبُ الدَّاعِ َي إ ِ َىل ان ال َّل ِه َفأَيُّهُ ْم تُ ِجيب َ َاع يَدْعُ و إ ِ َىل ُس ْل َ
ط ِ اب ال َّل ِه وَ د ٍيَدْعُ و إ ِ َىل ِكتَ ِ
ان ال َّل ِهَ ،ف ِإ َّن ال َّل َه َال
ط ِاب ال َّل ِهَ ،ف َقا َل« :إِذَ ْن تَهْ ِل ُكوا وَ تَ ِضلُوا َب ْل أ َ ِجيبُوا ا َّلذِي دَعَ ا ُك ْم إ ِ َىل ُس ْل َ ِكتَ ِ
طان ِِه وَ ِكتَا ِب ِه" (.)3 ني ُس ْل َي َُف ِّر ُق َب ْ َ
- 69 -
وْق أَيْد ِ
ِيه ْم َفمَ ْن ن َ َك َث َف ِإنَّمَ ا ون ال َّل َه يَ ُد ال َّل ِه َف َ
ِين يُبَا ِيعُ ون َ َك إِنَّمَ ا يُبَا ِيعُ َ
قال الله تعاىل{ :إ ِ َّن ا َّلذ َ
ِيه أَجْ ًرا عَ ِظيمً ا } (.)1 اه َد عَ َليْ ُه ال َّل َه َف َسي ُْؤت ِ يَن ْ ُك ُث عَ َىل ن َ ْف ِس ِه وَمَ ْن أ َ َ
وْىف ِبمَ ا عَ َ
يض الل ُه عَ ن ْ ُه َقا َلَ :قا َل َر ُسو ُل الله ﷺ« :مَ ْن َرأَى ِم ْن أ َ ِم ِريهِ َشيْئا ً يَ ْك َر ُههُ، ّاس َر ِ َ وَ عَ ْن اب ِْن عَ ب ٍ
اتَ ،ف ِميتَ ٌة جَ اهِ ِلي ٌّة»(.)2
َص ِربَْ ،فإن ّ ُه مَ ْن َفا َر َق الجَ مَ اعَ َة ِش ْربا ً َفمَ َ
َفلي ْ
يض الل ُه عَ ن ْ ُه َقا َلَ :س ِمعْ ُت َر ُسو َل الله ﷺ ي َُقو ُل« :مَ ْن َخ َل َع وَ عَ ْن جُ نْد ُِب ب ِْن عَ بْ ِدالله البَجَ َِل ّ َر ِ َ
ات ِميتَ ًةات وَ َلي َْس يف عُ نُقِ ِه بَيْعَ ٌة مَ َ
طاعَ ٍة َلقِ َى الل َه يَوْ َم القِ يَامَ ِة ال َ حُ جَّ َة َلهُ ،وَ مَ ْن مَ َ
يَدًا ِم ْن َ
جَ اهِ ِليَّ ًة»(.)3
قال ابن تيمية -رحمه الله -عن الخوارج ":ولهم خاصتان مشهورتان فارقوا به جملة
املسلمني وأئمتهم إحداهما :خروجهم عن السنة ،وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة أو ما ليس
()4
بحسنة حسنة"
قال شهر بن حوشب :حدثتني أسماء :أن أبا ذر كان يخدم النبي ﷺ ،فإذا فرغ من
خدمته ،أوى إىل املسجد ،وكان هو بيته ،فدخل النبي ﷺ فوجده منجدال يف املسجد ،
فنكته رسول الله ﷺ برجله ،حتى استوى جالسا ،فقال :أال أراك نائما ؟ قال :فأين أنام
،هل يل من بيت غريه ؟ فجلس إليه ،ثم قال :كيف أنت إذا أخرجوك منه ؟ قال :ألحق
بالشام ؛ فإن الشام أرض الهجرة ،وأرض املحرش ،وأرض األنبياء ،فأكون رجال من أهلها
-قال له :كيف أنت إذا أخرجوك من الشام ؟ قال :أرجع إليه ؛ فيكون بيتي ومنزيل .قال
:فكيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية ؟ قال :آخذ إذا سيفي فأقاتل حتى أموت .
قال :فكرش إليه رسول الله ﷺ ،وقال :أدلك عىل خري من ذلك ؟ قال :بىل ،بأبي وأمي يا
()5
رسول الله .قال :تنقاد لهم حيث قادوك ،حتى تلقاني وأنت عىل ذلك .
ويف املسند :أخربنا أبو املغرية ،قال رسول الله ﷺ :ما أظلت الخْضاء وال أقلت الغرباء من
ذي لهجة أصدق وال أوىف من أبي ذر.
- 70 -
ضوا عَ ََل َّ ذَا ُك ْم وهذا أبو ذر -ريض الله عنه -ينصح املسلمني قائال " ،يَا أ َ ْه َل ِاإل ْسال ِم ،ال تَعْ ِر ُ
ان ان َفال تَوْ ب ََة َل ُه ،وَ ال َّل ِه َل ْو أ َ َّن عُ ثْمَ َ
ط َ الس ْل َ ان َ ،ف ِإن َّ ُه مَ ْن أَذَ َّل ُّ
ط َ -يريد الخروج ،-وَ ال تُ ِذ ُّلوا ُّ
الس ْل َ
وَرأَي ُْت أ َ َّن
وَص َرب ُْت وَ احْ تَ َسب ُْت َ طعْ ُت َ طوَ ِل جَ ب ٍَل َ ،ل َس ِمعْ ُت وَ أ َ َ طوَ ِل َخ َشب ٍَة ،أ َ ْو أ َ ْ ص َلبَنِي عَ َىل أ َ ْ
َ
رش ِق وَ ا ْلمَ ْغ ِرب َني األُ ُف ِق إ ِ َىل األُ ُف ِق ،أ َ ْو َقا َل :مَ ا ب ْ َ
َني ا ْلمَ ْ ِ رينِي مَ ا ب ْ َ ذَا َك َخ ْريٌ ِيل ،وَ َل ْو َس َّ َ
اىل" :-وَحَ َّدثَنَا ا ْلفِ ْريَا ِب ُّي َقا َل :حَ َّدثَنَا يَعْ ُقوبُ َقا َل مُحَ مَّ ُد بْ ُن ا ْلحُ َس ْ ِ
ني ْاْلجُ ِّريُّ َ - ،رحِ مَ ُه ال َّل ُه تَعَ َ
َ
بْ ُن إِب َْراهِ ي َم َقا َل :حَ َّدثَنَا َسعِ ي ُد بْ ُن عَ ِام ٍر َقا َل :حَ َّدثَنَا َس َّال ُم بْ ُن أ ِبي م ُِط ٍ
يعَ ،رحِ مَ ُه ال َّل ُه تَعَ ا َىل،
اختَ َل ُفوا ِيف ِاال ْس ِم، دَع َخوَ ِارجَ ،وَ ي َُقو ُل :إ ِ َّن ا ْل َخوَ ِارجَ ْ صحَ ابَ ا ْل ِب ِ ان أَيُّوبُ ي َُسمِّ ي أ َ ْ َقا َلَ « :ك َ
()1
السي ِْف»".اهـ وَ اجْ تَمَ عُ وا عَ َىل َّ
وْزاعِ ُّي ،عَ ْن مَ ْخ َل ٍد ،ُصعَ ٍب ا ْل َق ْر َق َسائ ُِّي َ ،قا َل :حَ َّدثَنَا َ
األ َ و قال ابن سعد:أ َ ْخ َ َ
ربنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن م ْ
وَه ِ
ات السن َّ ِة َ ،ف َقا َل :دَعْ نَا ِم ْن َهذَا َ عَ ْن أَيُّوبَ ،عَ ْن أبي قِ الب ََة َ ،قا َل " :إِذَا حَ َّدث ْ َت َّ
الر ُج َل ِب ُّ
ضا ٌّل " . ِكتَابَ ال َّل ِه َ ،فاعْ َل ْم أَن َّ ُه َ
قال أحمد عن محمد بن مصعب :ال بأس به ،وقال :حديثه عن األوزاعي مقارب ،وسئل هل
تروي عنه؟ فقال :نعم
وُهي ٍْب ،عَ ْن أَيُّوبَ ،عَ ْن ربن َا عَ َّفا ُن ْب ُن م ُْس ِل ٍم ،وَ أَحْ مَ ُد بْ ُن إ ِ ْسحَ َ
اق ،عَ ْن َ و قال ابن سعد :أ َ ْخ َ َ
السي َ
ْف " . استَحَ َّل َّ أبي قِ الب ََة َ ،قا َل " :مَ ا ابْتَدَ َع َرجُ ٌل ِبدْعَ ًة إِال ْ
اب ،حَ َّدثَنَا حَ مَّ ا ُد بْ ُن َزيْ ٍد ،عَ ْن أَيُّوبَ ،عَ ْن يقول الفريابي :حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن عُ بَيْ ِد ب ِْن حِ َس ٍ
الضال َل ِة ،وَال أ َ َرى مَ ِصري َُه ْم إِال إ ِ َىل الن َّ ِار َفجَ ِّربْهُ ْم األ ْهوَ ا ِء أ َ ْه ُل َّ
أ َ ِبي قِ الب ََة َ ،قا َل " :إ ِ َّن أ َ ْه َل َ
ان اق َك َ السي ِْف َ ،وإ ِ َّن الن ِّ َف َ
ُون َّ األمْ ُر د َاهى ِب ِه َ َف ِإن َّ ُه َلي َْس أَحَ ٌد يَنْتَحِ ُل َقوْ ال أ َ ْو َقا َل َ :رأْيًاَ ،فيَتَن َ َ
ون ِين ي ُْؤذُ َ
وَمنْهُ ُم ا َّلذ َ نئ آتَانَا ِم ْن َف ْضلِهِ ، "... ْضوبًا " َقا َل :وَ تَال "وَ ِمنْهُ ْم مَ ْن عَ َ
اه َد ال َّل َه َل ِ ْ َ ُ
ف َقوْ لُهُ ْم وَ اجْ تَمَعُ وا ِيف َّ
الش ِّك ات َ "...قا َل " :وَ ْ
اختَ َل َ الصد ََق ِ
وَمنْهُ ْم مَ ْن يَ ْل ِم ُز َك ِيف َّ الن َّ ِب َّي ِ ،...
()2
السي ِْف ".اهـ ف َقوْ لُهُ ْم وَ اجْ تَمَ عُ وا ِيف َّ ِيبَ ،وإ ِ َىل َه ُؤال ِء ْ
اختَ َل َ وَ التَّ ْكذ ِ
دَع ُك َّلهَ ْم َخوَ ِارجَ ،وَ ي َُقو ُل " :إ ِ َّن
صحَ ابَ ا ْل ِب ِ ان أَيُّوبُ ي َُسمِّ ي أ َ ْ
يعَ :ك َ َ
و قال َسال ُم بْ ُن أ ِبي م ُِط ٍ
()3
اختَ َل ُفوا ِيف ْ
االس ِم وَ اجْ تَمَ عُ وا عَ َىل َّ
السي ِْف . ا ْل َخوَ ِارجَ ْ
- 71 -
روى ابن شاهني عن سفيان الثوري :أنه قال :اتقوا هذه األهواء املضلة ،قيل له :بني لنا -
رحمك الله -فقال سفيان :أما املرجئة فيقولون ...ذكر شيئا ً من أقوالهم إىل ان قال :وهم
()1
يرون السيف عىل أهل القبلة
وروى عبد الله بن أحمد يف " السنة " بإسناد صحيح عن أبي إسحاق الفزاري قال :سمعت
()2
سفيان واألوزاعي يقولون :إن قول املرجئة يخرج اىل السيف.
قال شيخ اإلسالم ":وهذه طريقة خيار هذه األمة قديما وحديثا وهى واجبة عىل كل مكلف
وهى متوسطة بني طريق الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشئ عن
قلة العلم وبني طريقة املرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة األمراء مطلقا وإن لم
()3
يكونوا أبرارا"
()4
قال الرببهاري " :واعلم أن األهواء كلها ردية تدعو كلها إىل السيف"
اس ِم عُ مَ ُر ْب ُن أَحْ مَ َد ا ْلجَ وْ َه ِريُّ َقا َل :حَ َّدثَنَا ا ْلفِ ْريَا ِب ُّيَ ،قا َل :حَ َّدثَنَا قال ابن بطة حَ َّدثَنِي أَبُو الْ َق ِ
َار ،عَ ْن ثَا ِب ِت ب ِْن ثَوْ ب َ
َان، اص ٍمَ ،قا َل :حَ َّدثَنَا ا ْلوَ ِلي ُد بْ ُن م ُْس ِل ٍم ،عَ ْن إِب َْراهِ ي َم ب ِْن ِجد ٍ رص بْ ُن عَ ِ نَ ْ ُ
وري َِّةَ ،غ ْريَ أَن َّ َك وال ،ي َُقو ُل :وَ يْحَ َك يَا َغي َْال ُن َر ِكب َْت ِبهَ ِذهِ ْ ُ
األمَّ ِة ِم ْضمَ ا َر ا ْلحَ ُر ِ َقا َلَ :س ِمعْ ُت مَ ْكحُ ً
اب ا ْل َخمْ ِر صحَ ِ ني أ َ ْ األمَّ ِة ِمن ْ َك أ َ ْخوَ ُ
ف ِم َن ا ْلم َُز ِّققِ َ السي ِْف ،وَ ال َّل ِه َ َألنَا عَ َىل َه ِذهِ ْ ُ
َال تَ ْخ ُرجُ عَ َلي ِْه ْم ِب َّ
()5
"
قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله" :-أصول السنة عندنا :التمسك بما كان
عليه أصحاب رسول الله ﷺ واالقتداء بهم وترك البدع ،وكل بدعة فهي ضاللة ،وترك
الخصومات والجلوس مع أصحاب األهواء ،وترك املراء والجدال والخصومات يف الدين.فذكر
أمورا ً ثم قال :والسمع والطاعة لألئمة وأمري املؤمنني الرب والفاجر ،ومن ويل الخالفة فاجتمع
الناس عليه ورضوا به ،ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمري املؤمنني .والغزو
ماض مع األمراء إىل يوم القيامة ،الرب والفاجر ال يرتك ،وقسمة الفيء وإقامة الحدود إىل
ماض ليس ألحد أن يطعن عليهم وال ينازعهم ،ودفع الصدقات إليهم جائزة ونافذة، األئمة ٍ
- 72 -
من دفعها إليهم أجزأت عنه برا ً كان أو فاجراً.وصالة الجمعة خلفه وخلف من َّ
وىل جائزة
تامة ركعتني ،من أعادهما فهو مبتدع تارك لْلثار مخالف للسنة ليس له من فضل الجمعة
يشء ،إذا لم ير الصالة خلف األئمة من كانوا برهم وفاجرهم ،فالسنة أن تصَل معهم
ركعتني من أعادهما فهو مبتدع ،وتدين بأنها تامة وال يكن يف صدرك من ذلك شك.ومن
خرج عىل إمام املسلمني وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخالفة بأي وجه كان
بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا املسلمني وخالف اْلثار عن رسول الله ﷺ،
فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية .وال يحل قتال السلطان وال الخروج عليه ألحد
()1
من الناس ،فمن فعل ذلك فهو مبتدع عىل غري السنة والطريق".
وقال اإلمام أحمد -رحمه الله -أيضاً" .:هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب األثر ،وأهل السنة
املتمسكني بعروقها املعروفني بها ،املقتدى بهم فيها ،من لدن أصحاب النبي ﷺ إىل يومنا
هذا ،وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغريهم عليها ،فمن خالف شيئا ً
من هذه املذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة ،زائل عن منهج
السنة وسبيل الحق ".
وذكر أمورا ً من أصول االعتقاد منها قوله ... " :واالنقياد إىل من واله الله أمركم ،ال تنزع
يدا ً من طاعته ،وال تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجا ً ومخرجاً ،وال تخرج عىل
السلطان ،وتسمع وتطيع ،وال تنكث بيعة ،فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق
للجماعة ،وإن أمرك السلطان بأمر هو لله معصية ،فليس لك أن تطيعه ألبتة ،وليس لك أن
()2
تخرج عليه وال تمنعه حقه"
وقال اإلمام البخاري -رحمه الله" :-لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم أهل الحجاز
ومكة واملدينة والكوفة والبرصة وواسط وبغداد والشام ومرص ...وذكر جماعة منهم ثم
قال :ما رأيت واحدا ً منهم يختلف يف هذه األشياء ...فذكر أمورا ً منها :وأن ال ننازع األمر
أهله لقول النبي ﷺ" :ثالث ال يَغِ ل عليهن قلب امرىء مسلم :إخالص العمل لله ،وطاعة
والة األمر ،ولزوم جماعتهم ،فإن دعوتهم تحيط من ورائهم وأن ال يرى السيف عىل أمة
- 73 -
محمد ﷺ ،وقال الفضيل :لو كانت يل دعوة مستجابة لم أجعلها إال يف إمام ،ألنه إذا صلح
()1
اإلمام أمن البالد والعباد .قال ابن املبارك :يا معلم الخري من يجزي عىل هذا غريك"
قال ابن بطة :وقد أجمعت العلماء من أهل الفقه والعلم والنسك والعباد والزهاد من أول
هذه األمة إىل وقتنا هذا :أن صالة الجمعة والعيدين ومنى وعرفات والغزو والحج والهدي
طاءَهم الخراج والصدقات واألعشار جائز ،والصالة يف املساجد مع كل أمري بر وفاجر ،وإعْ َ
العظام التي بنوها ،وامليش عىل القناطر والجسور التي عقدوها ،والبيع والرشاء وسائر
التجارة والزراعة والصنائع كلها يف كل عرص ،ومع كل أمري جائز عىل حكم الكتاب والسنة،
ال يْض املحتاط لدينه واملتمسك بسنة نبيه ﷺ ظلم ظالم وال جور جائر إذا كان ما يأتيه
هو عىل حكم الكتاب والسنة ،كما أنه لو باع واشرتى يف زمن اإلمام العادل بيعا ً يخالف
الكتاب والسنة لم ينفعه عدل اإلمام ،واملحاكمة إىل قضاتهم ورفع الحدود والقصاص
وانتزاع الحقوق من أيدي الظلمة بأمرائهم ويرطهم ،والسمع والطاعة ملن والوه وإن كان
عبدا ً حبشيا ً إال يف معصيته الله عز وجل ،فليس ملخلوق فيها طاعة ،ثم من بعد ذلك اعتقاد
الديانة بالنصيحة لألئمة وسائر األمة يف الدين والدنيا ومحبة الخري لسائر املسلمني ،تحب
لهم ما تحب نفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك"(.)2
وقال أبو منصور معمر بن أحمد األصبهاني "ثم من السنة االنقياد لألمراء والسلطان بأنه
ال يخرج عليهم بالسيف وإن جاروا ،وأن يسمعوا له وأن يطيعوا وإن كان عبدا ً حبشيا ً
أجدع ،ومن السنة الحج معهم والجهاد معهم وصالة الجمعة والعيدين خلف كل بر
وفاجر".)3(.
قال ابن تيمية قبل موته" :إني قد أحللت السلطان امللك النارص ،من حبسه إياي لكونه فعل
ذلك مقلدًا غريه معذورا ،ولم يفعله لحظ نفسه ،بل ملا بلغه مما ظنه حقا من مب ِّلغه ،والله
يعلم إنه بخالفه"(.)4
قال -رحمه الله" :-ولهذا كان املشهور من مذهب أهل السنة أنهم ال يرون الخروج عىل
األئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ،كما دلت عىل ذلك األحاديث الصحيحة
- 74 -
املستفيضة عن النبي ﷺ؛ ألن الفساد يف القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم
بدون قتال وال فتنة ،فال يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ،ولعله ال يكاد يعرف طائفة
خرجت عىل ذي سلطان إال وكان يف خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي
أزالته" (.)1
قال ابن تيمية :ويف صحيح مسلم عن أبي هريرة -ريض الله عنه -قال :قال رسول الله
ﷺ" :عليك بالسمع والطاعة يف عرسك ويرسك ،ومنشطك ومكرهك ،وأثرة عليك" ،ومعنى
قوله" :وأثرة عليك"و"أثرة علينا"أي :وإن استأثر والة األمور عليك فلم ينصفوك ولم
يعطوك حقك ،كما يف الصحيحني عن أسيد بن حضري -ريض الله عنه -أن رجالً من األنصار
خال برسول الله ﷺ ،فقال :أال تستعملني كما استعملت فالناً؟ فقال" :إنكم ستلقون بعدي
أثرة ،فاصربوا حتى تلقوني عىل الحوض"
وهذا كما يف الصحيحني عن عبد الله بن مسعود قال :قال رسول الله ﷺ" :إنها تكون
بعدي أثرة وأمور تنكرونها"يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال" :تؤدون
الحق الذي عليكم ،وتسألون الله الذي لكم"
في ً
سلمة بن يزيد الجُ عْ ُّ ويف صحيح مسلم عن وائل بن حُ جْ ر – ريض الله عنه -قال :سأل
رسول الله ﷺ فقال :يا رسول الله إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ،ويمنعونا حقنا
فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ،ثم سأله ،فأعرض ثم سأله يف الثانية أو يف الثالثة فجذبه األشعث
ابن قيس فقال رسول الله ﷺ "اسمعوا وأطيعوا ،فإنما عليهم ما حُ مِّ لوا ،وعليكم ما حُ مِّ لتم"
()2
وقال" :ويف صحيح مسلم عن أبي هريرة -ريض الله عنه -عن رسول الله ﷺ أنه قال:
ً
جاهلية ،عن قاتل تحت راية عُ مِّ ي ٍَّة، "من خرج من الطاعة ،وفارق الجماعة فمات مات ً
ميتة
جاهلية" .ويف لفظ" :ليس من أمتي من ٌ ٌ
فقتلة يغضب لعصبية ،أو يدعو إىل عصية ُ
فقتل
خرج عىل أمتي يْضب برها وفاجرها ،وال يتحاشا من مؤمنها ،وال يفي لذي عهدها ،فليس
مني ولست منه " .
فاألول :هو الذي يخرج من طاعة ويل األمر ويفارق الجماعة.
- 75 -
والثاني .هو الذي يقاتل ألجل العصبية والرياسة ال يف سبيل الله ،كأهل األهواء مثل قيس
ويمن.
والثالث :مثل الذي يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي ،ليأخذ ماله ،وكالحرورية
()1
املارقني الذين قاتلهم عَل بن أبي طالب-ريض الله عنه-
َقا َل ابن شهاب :فقام مُعَ ِاويَة عشية ِيف الناس ،فأثنى عَ َىل ال َّله جل ثناؤه ِبمَ ا ُه َو أ َ ْهلُهُ ،ث ُ َّم
ان متكلما ِيف األمر فليطلع لنا قرنهَ ،قا َل ابن عمر :فأطلقت حبوتى، َقا َل :أَمَّ ا بَعْ ُد ،فمن َك َ
فأردت ان اقول قوال يتكلم فِ ِيه رجال قاتلوا أباك عَ َىل ِاإل ْسالم ،ث ُ َّم خشيت أن أقول كلمة
تفرق الجماعة ،أو يسفك فِ يهَ ا دم ،أو أحمل فِ يهَ ا عَ َىل غري رأي ،فكان مَ ا وعد ال َّله عز وجل
ِيف الجنان أحب إيل من ذَ ِل َك فلما انرصف إ ِ َىل املنزل جاءني حبيب بن مسلمة َف َقا َل :مَ ا منعك
أن تتكلم حني سمعت الرجل يتكلم؟ قلت :أردت ذَ ِل َك ،ث ُ َّم خشيت أن أقول كلمة تفرق بني
جميع ،أو يسفك فِ يهَ ا دم ،أو أحمل فِ يهَ ا عَ َىل غري رأي ،فكان مَ ا وعد ال َّله عَ َّز وَجَ َّل من الجنان
أحب إيل من ذَ ِل َك َقا َلَ :قا َل حبيب :فقد عصمت
ربنَا هِ َشا ٌم عَ ْن مَ عْ مَ ٍر عَ ْن ُّ
الز ْه ِريِّ ُوَس أ َ ْخ َ َ
قال البخاري يف صحيحه :حَ َّدثَنِي إِب َْراهِ ي ُم بْ ُن م َ
َخ ْل ُتاوُس عَ ْن عِ ْك ِرمَ َة ب ِْن َخا ِل ٍد عَ ْن اب ِْن عُ مَ َر َقا َل د َ ط ٍ ربنِي ابْ ُن َ عَ ْن َسا ِل ٍم عَ ْن اب ِْن عُ مَ َر َقا َل وَ أ َ ْخ َ َ
اس مَ ا تَ َري َْن َف َل ْم يُجْ عَ ْل ِيل ِم ْن ْ َ
األمْ ِر ان ِم ْن أَمْ ِر الن َّ ِف ُق ْل ُت َق ْد َك َ ط ُ ص َة وَ ن َ ْسوَ اتُهَ ا تَن ْ ُعَ َىل حَ ْف َ
اس َك عَ نْهُ ْم ُف ْر َق ٌة َفلَ ْم تَدَعْ ُه حَ تَّى ون ِيف احْ ِتبَ ِ يش ٌء َف َقا َل ْت ا ْلحَ ْق َف ِإنَّهُ ْم يَنْتَ ِظ ُرون َ َك وَ أ َ ْخ ََش أ َ ْن يَ ُك َ َ ْ
ط ِل ْع َلنَا ان ي ُِري ُد أ َ ْن يَتَ َك َّل َم ِيف َهذَا ْ َ
األمْ ِر َف ْليُ ْ طبَ مُعَ ِاوي َُة َقا َل مَ ْن َك َ اس َخ َ ذَ َهبَ َف َلمَّ ا تَ َف َّر َق الن َّ ُ
وَم ْن أ َ ِب ِيه َقا َل حَ ِبيبُ بْ ُن مَ ْس َلمَ َة َفهَ َّال أَجَ بْتَ ُه َقا َل عَ بْ ُد ال َّل ِه َفحَ َل ْل ُت َق ْرن َ ُه َف َلنَحْ ُن أَحَ ُّق ِب ِه ِمن ْ ُه ِ
يت أ َ ْن أ َ ُقو َل األمْ ِر ِمن ْ َك مَ ْن َقاتَ َل َك وَ أَبَا َك عَ َىل ْ ِاإل ْس َال ِم َف َخ ِش ُ وَهمَ مْ ُت أ َ ْن أ َ ُقو َل أَحَ ُّق ِبهَ ذَا ْ َ حُ بْوَ تِي َ
ان َقا َل َني ا ْلجَ مْ ِع وَ تَ ْسفِ ُك ال َّد َم وَ يُحْ مَ ُل عَ نِّي َغ ْريُ ذَ ِل َك َفذَ َك ْر ُت مَ ا أَعَ َّد ال َّل ُه ِيف ا ْل ِجن َ ِ َكلِمَ ًة تُ َف ِّر ُق ب ْ َ
اق وَ نَوْ َساتُهَ ا ظ َت وَ عُ ِصمْ َت َقا َل مَ حْ مُو ٌد عَ ْن عَ بْ ِد َّ
الر َّز ِ حَ ِبيبٌ حُ فِ ْ
وهذا عَل -ريض الله عنه أخرب أبا موَس بالتنازل إن كان يف تنازله خري وائتالف.
األ َسدِيُّ َ ،قا َل :ح َّدثَنِي يَحْ يَى بْ ُن مُهَ َّل ٍب ،عَ ْن قال ابن أبي شيبة :حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن ا ْلحَ َس ِن َ
اض عَ َىل َش َفت ِِه : وَه َو عَ ٌّني ُ ان َ ،قا َل :حَ َّدثَنِي مَ ْن َس ِم َع عَ ِليًّا يقول يَوْ َم ِص ِّف َ ُس َليْمَ َ
ان ب ِْن ِمهْ َر َ
ُوَس َفاحْ ُك ْم وَ َل ْو ح َّز عُ نُقِ ي. األمْ َر يَ ُكو ُن َه َكذَا مَ ا َخ َرجْ ت ،اذْ َهبْ يَا أَبَا م َ َل ْو عَ لِمْ ت أ َ َّن َ
- 76 -
صال ٍِح ،أ َ َّن عَ ِليًّا َ ،قا َل َأل ِبي م َ
ُوَس : األعْ مَ ُش ،عَ ْن أ َ ِبي َ
ري َ ،قا َل :ح َّدثَنَا َ
وقال حَ َّدثَنَا ابْ ُن نُمَ ْ ٍ
()1
احْ ُك ْم وَ َل ْو تح ُّز عُ نُقِ ي.
قال صاحب الرياض النْضة يف مناقب العرشة" :ثم ذكر معنى ما قبله من حديث ابن
عباس ثم قال :فقالت األنصار :والله ما نحسدكم عىل خري ساقه الله إليكم وما أحد من خلق
الله تعاىل أحب إلينا وال أعز علينا وال أرَض عندنا منكم ،ونحن نشفق مما بعد اليوم فلو
رجال من األنصار فجعلناه مكانه كذلك أبدًا ،وكان رجال منكم فإذا هلك اخرتنا ًجعلتم اليوم ً
ذلك أجدر أن يشفق القريش إن زاغ أن ينقض عليه األنصاري وأن يشفق األنصاري إن زاغ
أن ينقض عليه القريش فقال عمر :ال ينبغي هذا األمر وال يصلح إال لرجل من قريش ،ولن
()2
ترَض العرب إال به ولن تعرف اإلمارة إال له ،والله ما يخالفنا أحد إال قتلناه"
وقال" :ومبادرة أبي بكر وعمر إىل البيعة عىل ما تضمنه حديث ابن إسحاق وموَس بن
عقبة إنما كان مراعاة ملصلحة املسلمني وخشية اضطراب أمر األمة وافرتاق كلمتهم ،ال
حرصا عىل اإلمامة .وقد رصح بذلك أبو بكر يف خطبته عىل ما سيأتي يف الذكر بعده؛ ولذلكً
دل يف البيعة عىل غريه وخيش أن يخرج األمر عن قريش ،فال تدين العرب ملن يقوم به من
غري قريش ،فيتطرق الفساد إىل أمر األمة ولم يحْض معه يف السقيفة من قريش غري عمر
وأبي عبيدة فلذلك دل عليهما ولم يمكنه ذكر غريهما ممن كان غائبًا خشية أن يتفرقوا عن
ذلك املجلس من غري إبرام أمر وال إحكامه فيفوت املقصود ،ولو وعدوا بالطاعة ملن غاب
منهم حينئذ ما أمنهم عىل تسويل أنفسهم إىل الرجوع عن ذلك ،فكان من النظر السديد
()3
واألمر الرشيد مبادرته وعقد البيعة والتوثق منهم فيها يف حالته الراهنة"
وقال" :فإن قيل :ألي معنى أرسل عَل إىل أبي بكر :أن ائتنا وهال سعى إليه وقد اتضح له
الحق؟ قلنا :لم يكن إرساله إليه ترفعً ا وال تعاظمً ا ،ال والله وال يحل اعتقاد ذلك ،وكيف
يعتقد ذلك وهو يريد مبايعته واالنقياد له ،وإنما كان ذلك ملعنى اقتضاه الحال وهو طلب
اختالئه به خشية أن يقع عتاب عىل الصورة الظاهرة بني العامة ،فربما وقع اعرتاض من
محق أو تعرض من ذي غرض فيكثر اللغط وترتفع األصوات فال يتوفر عىل إبداء العذر،
ولذلك قال :ائتنا وحدك؛ دفعً ا للتشاجر املتوقع بحسب اإلمكان وكان عىل ثقة من الخلوة يف
- 77 -
بيته دون مكان آخر ،فلذلك أرسل إليه ليأتيه فيه ،ثم اعتذر إليه بما اعتذر ،من اعتقد خالف
ذلك فقد حاد عن الحق وجنح إىل الباطل بل اقتحمه"(.)1
ومن تأمل عمل عَل -ريض الله عنه -وجد فيه فوائد كثرية جدا ،منها حرصه عىل الجماعة،
وخوفه من الفتنة ،وفيه نقض ملنهج هؤالء القعد يف الجهر بتعيري اإلمام واإلساءة له وإهدار
دمه دون اعتبار بما قد يرتتب عىل ذلك.
روى الطربي يف تاريخه ،قال :حدثنا عبيد الله بن سعيدَ ،قا َل :حَ َّدثَنِي عَ مِّ ي يَعْ ُقوبُ َ ،قا َل:
رشَرش ،عَ ْن جَ ا ِب ٍرَ ،قا َلَ :قا َل َسعْ ُد ْب ُن عُ بَا َد َة يَوْ مَ ِئ ٍذ َأل ِبي بَ ْك ٍر:إِن َّ ُك ْم يَا مَ عْ َ َ ْف ،عَ ْن ُمب ِّ ٍ حَ َّدثَنَا َسي ٌ
ربتُمُونِي عَ َىل الْبَيْعَ ِةَ ،ف َقالُوا :إِنَّا َل ْو وْمي أَجْ َ ْ ين حَ َس ْدتُمُونِي عَ َىل ِاإلمَ َارةَِ ،وإِن َّ َك َ
وَق ِ اج ِر َ ا ْلمُهَ ِ
رص َت إ ِ َىل ا ْلجَ مَ اعَ ِة ُكن ْ َت ِيف سعه ،ولكنا اجربنا عَ َىل ا ْلجَ مَ اعَ ِةَ ،فال إ ِ َقا َل َة أَجْ َ ْ
ربنَا َك عَ َىل ا ْل ُف ْر َق ِة َف ِ ْ
ْضب ََّن الذى فيه عيناك(.)2 طاعَ ٍة ،أ َ ْو َف َّر ْق َت جَ مَ اعَ ًةَ ،لن َ ْ ِ
نئ ن َ َزعْ َت يَدًا ِم ْن َ فِ يهَ اَ ،ل ِ ْ
وقد كان أبو بكر الصديق استدعى عثمان بن عفان قبل موته ،فقال له" :اكتب :بسم الله
أغمي
َ عه َد أبو بكر بن أبي قحافة إىل املسلمني ،أمّ ا بعد "...لكن
الرحمن الرحيم ،هذا ما ِ
ُ
استخلفت عليكم عليه يف تلك اللحظة قبل أن يكمل كالمه ،فكتب عثمان" :أمَّ ا بعد فإني قد
طاب ولم آلكم خريا" .وعندما استيقظ أبو بكر من إغماءته قال لعثمان" :اقرأ عمر بن الخ ّ
( )1ص250:
( )2الجزء الثالث صفحة 223
( )3الجزء الرابع صفحة 229
- 78 -
فت أن يختلف الناس إن ُم ُّت
كرب أبو بكر وقال" :أراك خِ َ عَلّ" ،فقرأ عثمان ،وعندما انتهى َّ
يف غشيتي؟" ،قال" :نعم" ،فقال" :جزاك الله خريا ً عن اإلسالم وأهله".
ال يض ال َّل ُه عَ ن ْ ُه -ن َ ِد َم عَ َىل أُم ٍ
ُور َفعَ َلهَ ا ِم َن ا ْلقِ تَ ِ طال ٍِب َ -ر ِ َ قال شيخ اإلسالم " :وَ عَ َِل ُّ بْ ُن أ َ ِبي َ
يس بَعْ د ََها وَأ َ ْستَ ِم ّْر وَ أَجْ مَ ُع ف أ َ ِك ُ ان ي َُقو ُلَ :ل َق ْد عَ جَ ْز ُت عَ جْ َز ًة َال أَعْ تَ ِذ ْر َ ...سوْ َ وَ َغ ْ ِريهِ ،وَ َك َ
وَسعْ ُد نيِ " :ل َّل ِه َد ُّر مَ َقا ٍم َقامَ ُه عَ بْ ُد ال َّل ِه بْ ُن عُ مَ َر َان ي َُقو ُل َلي َِايل َ ِص ِّف َ رشوَ َك َ ِيت ا ْل ُمنْتَ ِ ْ
الشت َ الرأْيَ ََّّ
ان ي َُقو ُل " :يَا ط َر ُه َلي َِسريٌ " وَ َك َ ان إِثْمً ا إ ِ َّن َخ َ ان ِب ًّرا إ ِ َّن أَجْ َر ُه َلعَ ِظيمٌَ ،وإ ِ ْن َك َ بْ ُن مَ الِكٍ ؛ إ ِ ْن َك َ
ين َسن َ ًة رش َ ات َقبْ َل َهذَا ِبعِ ْ ِ األمْ َر يَبْلُ ُغ إ ِ َىل َهذَا ،وَ َّد أَبُو َك َل ْو مَ َظ َّن أَبُو َك أ َ َّن ْ َحَ َس ُن يَا حَ َس ُن مَ ا َ
ان ي َُقو ُلَ " :ال تَ ْك َر ُهوا إِمَ َار َة مُعَ ِاوي ََةَ ،ف َل ْو َق ْد َف َق ْدتُمُو ُه ني تَ َغ َّريَ َك َال ُمهُ ،وَ َك َ
".وَ ِلمَ ا َرجَ َع ِم ْن ِص ِّف َ
ني يض ال َّل ُه عَ ن ْ ُه ِ -م ْن وَجْ هَ ْ ِوَق ْد ُر ِويَ َهذَا عَ ْن عَ َِل ي َ -ر ِ َ طايَ ُر عَ ْن َكوَ اهِ لِهَ ا "َ . ُوس تَتَ َ الرء َ َل َرأَيْتُ ُم ُّ
اس وَ تَ َف ُّر َقهُ مْ، ف الن َّ ِ األحْ وَ ا َل ِيف آخِ ِر ْ َ
األمْ ِر ،وَ ُر ْؤيَت ِِه ْ
اخت َِال َ أ َ ْو ث َ َالث َ ٍة .وَ تَوَ اتَ َر ِت ْاْلثَا ُر ِب َك َر َ
اهت ِِه ْ َ
()1
استَ ْدبَ َر مَ ا َفعَ َل مَ ا َفعَ َل". استَ ْقبَ َل ِم ْن أَمْ ِرهِ مَ ا ْ الرش الَّذِي أَوْجَ بَ أَن َّ ُه َل ِو ْ وَ َكث ْ َر َة َّ ِّ
ان،وَر ُسولِ ِه ِبحَ َس ِب ْ ِاإلمْ َك ِ طاعَ ِة ال َّل ِه َ ُون ِيف َ السن َّ ِة يَجْ تَ ِهد َ "ففِ ي ا ْلجُ مْ َل ِة أ َ ْه ُل ُّقال شيخ اإلسالمَ :
وَقا َل الن َّ ِب ُّي -ﷺ « " :-إِذَا أَمَ ْرتُ ُك ْم ِبأَمْ ٍر َفأْتُوا طعْ تُمْ}(َ )2 استَ َ {فاتَّ ُقوا ال َّل َه مَ ا ْ
اىلَ : َكمَ ا َقا َل تَعَ َ
اش ص َال ِح ا ْلعِ بَادِ ِيف ا ْلمَ عَ ِ اىل بَعَ َث مُحَ مَّ دًا -ﷺ ِ -ب َ ُون أ َ َّن ال َّل َه تَعَ َ
طعْ تُ ْم» " ،وَ يَعْ َلم َ استَ َ ِمن ْ ُه مَ ا ْ
ص َالحٌ وَ َف َسا ٌد َرجَّ حُ وا ان ا ْلفِ عْ ُل فِ ِيه َ الص َال ِح وَ نَهَ ى عَ ِن ا ْل َف َسادِ َ ،ف ِإذَا َك َ وَ ا ْلمَ عَ ادِ ،وَ أَن َّ ُه أَمَ َر ِب َّ
ان َف َساد ُُه أ َ ْكث َ َر ِم ْن ص َالحُ ُه أ َ ْكث َ َر ِم ْن َف َسادِ هِ َرجَّ حُ وا فِ عْ َلهَُ ،وإ ِ ْن َك َ ان َ اجحَ ِمنْهُ مَ اَ ،ف ِإذَا َك َ الر ِ َّ
صال ِِح وَ تَ ْك ِميل ِهَ ا، يل ا ْلمَ َ اىل بَعَ َث َر ُسو َل ُه -ﷺ ِ -بتَحْ ِص ِ ص َالحِ ِه َرجَّ حُ وا تَ ْر َكهَُ .ف ِإ َّن ال َّل َه تَعَ َ َ
ورص ِ ِيف ٌة ِم َن ا ْل ُخ َل َفا ِءَ ،كي َِزي َد وَ عَ بْ ِد ا ْلمَ لِكِ وَ ا ْلمَ ن ْ ُ وَىل َخل َ اس ِد وَ تَ ْقلِيل ِهَ اَ .ف ِإذَا تَ َّ يل ا ْلمَ َف ِ وَ تَعْ ِط ِ
ُوَىل َغ ْري ُُه َكمَ ا ي َْفعَ لُ ُه مَ ْن ي ََرى وَ َغ ْ ِريهِ مَْ ،ف ِإمَّ ا أ َ ْن ي َُقا َل :ي َِجبُ مَ نْعُ ُه ِم َن ا ْل ِوَالي َ ِة وَقِ تَالُ ُه حَ تَّى ي َّ
وَق َّل مَ ْن َخ َرجَ عَ َىل إِمَ ا ٍم ذِي ص َلحَ ت ِِهَ . ظ ُم ِم ْن مَ ْ اسدٌَ ،ف ِإ َّن مَ ْف َس َد َة َهذَا أَعْ َ ْفَ ،فهَ ذَا َرأْيٌ َف ِ السي َ َّ
ري". الرش أَعْ َ
ظ َم ِممَّ ا تَوَ َّل َد ِم َن ا ْل َخ ْ ِ ان مَ ا تَوَ َّل َد عَ َىل فِ عْ ل ِِه ِم َن َّ ِّ
ان إ ِ َّال َك َ ط ٍ ُس ْل َ
- 80 -
األئِمَّ ِة وَ تَ ْركِ َني أ َ َّن مَ ا أَمَ َر ِب ِه الن َّ ِب ُّي -ﷺ ِ -م َن َّ
الص ْ ِرب عَ َىل جَ وْ ِر ْ َ "وَهذَا ُك ُّل ُه ِممَّ ا يُب ِّ ُ
وقالَ :
ف ذَل َِك اش وَ ا ْلمَ عَ ادِ ،وَ أ َ َّن مَ ْن َخا َل َ ور ِل ْلعِ بَادِ ِيف ا ْلمَ عَ ِ األ ُم ِص َلحُ ْ ُ وج عَ َلي ِْه ْم ُه َو أ َ ْ قِ تَال ِِه ْم وَ ا ْل ُخ ُر ِ
ص َالحٌ بَ ْل َف َسادٌ .وَ ِلهَ ذَا أَثْنَى الن َّ ِب ُّي -ﷺ -عَ َىل ا ْلحَ َس ِن ص ْل ِبفِ عْ ل ِِه َ ُخ ِطئًا َل ْم يَحْ ُ ُمتَعَ مِّ دًا أ َ ْو م ْ
ني» "وَ َل ْم يُث ْ ِن ني ِم َن ا ْلم ُْسل ِِم َ ني عَ ِظيمَ تَ ْ ِ ُصلِحُ ال َّل ُه ِب ِه ب ْ َ
َني فِ ئَتَ ْ ِ وَسي ْ ِب َقوْ ِل ِه« " :إ ِ َّن ابْنِي َهذَا َسيِّ ٌد َ
وَال م َُف َار َق ٍة ِل ْلجَ مَ اعَ ِة".
طاعَ ٍة َ وَال ن َ ْز ِع يَ ٍد ِم ْن َ وج عَ َىل ْ َ
األئِمَّ ِة َ وَال ِب ُخ ُر ٍ ال ِيف فِ تْن َ ٍة َ عَ َىل أَحَ ٍد َال ِبقِ تَ ٍ
()1
َفصل
قالت "القعَّ د" :قد ظلم إبراهيم رعيته وال منقبة له ،بل ما عرفنا عنه ِسوى السوء وقتل
ورثة األنبياء بغري حق ،وعدم االقتصاص من قتلتهم .وقالت "الغالة والنظامية" :بل قتل
املوحدين وفتن املؤمنني واملؤمنات الذين يكفرون املرشكني.
فقلت لهم :قال الله تعاىل { :وال يجرمنكم شنان قوم عىل ٰ أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوىٰ
واتقوا الله إن الله خبري بما تعملون }.
قال إمام األئمة عبد الرحمن بن مهدي" :أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ،وأهل األهواء
ال يكتبون إال مالهم".
أما زعم القعَّ د أن ال منقبة له فكفران للخري وإفك وبهتان ،بل لو لم يكن من سريته ِسوى
تعليم عوام سلطانه ورعيَّته التوحيد -وأرض الشام ،قد تسلط عليها القبورية واملعطلة
لسنني طويلة جدا -وتعظيم شعائر ال ِّدين ،وجهاد املرشكني ،واألمر باملعروف والنهي عن
املنكرات والبدع والرشك ،وتجديد معالم الدين بعد سنني طويلة ج ًدا من القحط ،بعدما
أجدبت األرض وفرت فيها اإلسالم حتى ِكدنا نقول أنها الن ِّهاية لوال موعود ربنا ،لكفى بها
حسنة ومنقبة له وتاجً ا عىل رأسه ورأس كل من ساهم يف ذلك وإن رغمت أنوف املكابرين.
- 81 -
قال ابن كثري يف ترجمة أبي القاسم الاللكائي -رحمهما الله تعاىل" :-ورآه بعضهم يف املنام
()1
فقال :ما فعل الله بك؟ قال :غفر يل ،قال :بم؟ قال :بيشء قليل من السنة أحييته.
الفرس الصخرة التي تكرست عليها أطماع ُ
ولو لم ت ُكن من مناقِ به إال أن جيشه كان هو َّ
ً
وسحقا – ً
وتحريقا ً
تقتيال املجوس فراحوا يجرجرون خيباتهم بعد أن أعمل فيهم جيشه
والزال بفضل الله -واليوم جيشه هو الوحيد يف األرض الذي يصد عادية الروافض عن بالد
اإلسالم ولوال الله ثم هم لكان محمد عَل جعفري يتجول يف شوارع األحساء ،فاملسلمون
جميعً ا يدينون له.
ولو ما َل ُه من حسنة إال ردم السجون وتحريرها –وقد حرر قرابة 5آالف أسرية من سجن
بادوش-لكفى بها حسنة ولحُ َّق لكل مسلم أن يجعله تاج عىل رأسه ،ولو ماتأتينا من
مناقِ به إال جمعه للمجاهدين املتناثرين يف كل أصقاع األرض تحت إمام واحد وراية واحدة
وإعالنه للخالفة وكرسه للحدود وإقامة دولة إسالمية ترشئب لها أعناق املسلمني.
وقال" :وقد ذكر غري واحد :أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أمواال جزيلة ليرتك لهم هذا
الصنم األعظم ،فأشار من أشار من األمراء عىل السلطان محمود بأخذ األموال وإبقاء هذا
الصنم لهم ،فقال :حتى أستخري الله عز وجل .فلما أصبح قال :إني فكرت يف األمر الذي
ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة :أين محمود الذي كرس الصنم؟ أحب إيل من أن يقال
الذي ترك الصنم ألجل ما يناله من الدنيا ،ثم عزم فكرسه -رحمه الله ]...[ -ونرجو من
الله له يف االخرة الثواب الجزيل الذي مثقال دانق منه خري من الدنيا وما فيها ،مع ما حصل
له من الثناء الجميل الدنيوي ،فرحمه الله وأكرم مثواه".
فأين هذا من مئات األصنام األثرية بالعراق والشام والقباب التي لو أراد بيعها لكفته ير
القصف والعصف والفتداها الكفرة منه بألوف من الجواهر واملرجان ،من تماثيل سومر
وبابل وروم تدمر وما حوت قالعُ هم ومسارحُ همَ ،أفيقال بعد هذا أن ال منقبة له؟ {كربت
كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إال كذبا}
وأما زعم الغالة أنه قتل املوحدين ،فكلمة حق أريد بها باطل ،إن كان قصدهم قتله الزاني
بعد إحصان ،والواقع يف اللواط ،وقاطع الطريق ومن ال يُدفع يرُّ ه إال بالقتلٌّ ،
فحق ال مرية
- 82 -
فيه ،وإن كنا ال نزعم أنها "يوتوبيا" مثالية ،بل وُ جدت مظال ُم كثرية جدًا ،وأخطاء ننكر
عىل أصحابها ونربأ إىل الله من أفعالهم بحسب الحال ومآالت األفعال وما سار عليه السلف،
دون فضح وتشهري وتعيري كما القعد.
وقولهم أنه قتل املوحِّ د لتكفريه املرشك فباطل تعرف السامة والعامة بُطالنه ،وهو الذي ما
قوتل إال ألجل تكفريه املرشكني ومعاداته لهم يف وقت تجد فيه الغالة يف ديار الردة مختبئني
ال دين ًا نرصوا وال توحي ًدا أظهروا وهم "كفار يف عقائدهم الباطلة" لعدم إظهارهم العداوة
التي يشرتطونها عىل الناس.
أخربنا أحمد أبو سليمان الشامي(-)1وأنا أذكر املعنى ال اللفظ ،-قال :حدثني الشيخ أبو
محمد الحسيني الفرقان" :ما قتلت الدولة ُمغاليًا ملجرد تكفريه مسلمً ا ،وإنما قتلت من
استحل السيف عىل املسلمني وأظهر القول بالخروج عىل جماعتهم أو أقره أو دعا إليه".
وقال أبو يحيى املرصي( : ،)2حدثني ثقة تونيس ،قال :حدثني الشيخ أبو محمد الفرقان:
طاب مع جماعة من الخوارج فدعوا إىل الخروج عىل اإلمام واستحالل "جلس أبو جعفر الح َّ
السيف عىل املسلمني ،فقال لهم أبو جعفر :انتظروا- ،ولعله قال اصربوا ،-ولم ينكر عليهم
وهو املقدم فيهم".
حدثني أبو متاب الهاشمي ،قال :حدثني أبو الحارث القحطاني" :إنما قتل الحطاب بعد
أن ناظره أبو همَّ ام البنعَل يف سجنه".
قال الشافعي يف كتاب األم ":ولو أن قوما أظهروا رأيَ الخوارج ،وتجنبوا جماعات الناس
وكفروهم لم يحلل بذلك قتالهم ألنهم عىل حرمة اإليمان لم يصريوا إىل الحال التي أمر الله
عز وجل بقتالهم"
وق ال الشافعي :أخربنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم األزرقي الغساني عن أبيه أن
عديا كتب لعمر بن عبد العزيز أن الخوارج عندنا يسبونك فكتب إليه عمر بن عبد العزيز":
إن سبوني فسبوهم أو اعفوا عنهم وإن أشهروا السالح فأشهروا عليهم وإن ْضبوا
فاْضبوهم".
( )1أبو سليمان؛ ثقة صدوق له أوهام ،قتل تقبله الله مقبال غري مدبر مرابطا عىل ثغور الرقة.
- 83 -
وسئل اإلمام أحمد عن قوم من أهل البدع يتعرضون ويكفرون؟ قال :ال تعرضوا لهم ،قلت:
وأي يشء تكره أن يحبسوا؟ قال :لهم والدات وأخوات .وقال :عىل اإلمام منعهم -يريد سبه-
()1
وردعهم وال يقاتلهم إال أن يجتمعوا لحربه ،فإن كان الحروري داعية ،يقتل.
وذهب اإلمام مالك إىل قتل الخارجي لعظم فساده ،والريب أن يرَّ هؤالء ُ
الغالة إن لم يمكن
دفعه إال بالقتل لقتلوا ،كما هو املروي عن جمع من العلماء ،الستحاللهم دماء املسلمني
وأموالهم وزعمهم أن سبي الحرائر الطاهرات من نساء املجاهدين جائز ،والله أعىل وأعلم.
وأماُقولُالقعدُأنهُقتلُورثةُالنبيني ُ.
والحجة عىل هذه العصابة ما سمعناه من الشيخ أبي بكر البغدادي وتعظيمه ألهل العلم
الربانيني وتأكيده الدائم عىل فكاك أرساهم وهو األصل الواجب استصحابه والذي ال يزيله
شك.
قال" :وال يفوتني أن أذكر األرسى يف سجون الطواغيت ،فال والله ما نسيناكم ..وأخص
األرسى يف ك ِّل مَ كان
َ وصيَّتِي ل ُكم َ
إخراجَ َّ
"وإن ِ طلبة العلم يف سجون ال سلول"َ )2(.
وقال:
()3 وصا طلبَة الع ْلم ِيف سجُ ون ال َّ
طوَ اغيت" ُ
وخص ً
وما عدم قتل قتلة شيوخنا -تقبلهم الله -هو تعطيل لحكم الله -هكذا مطلقا ،-بل هو من
جنس ما ادعته الرافضة يف فعل عثمان مع عبيد الله بن عمر ملا قتل الهرمزان ،واإلمام قد
يظن أن قاتل صاحبكم ظهرت له شبهة من جنس تلك الشبهة أنه أعان عىل دم أبي محمد
ظلم كشيخنا بذكر مكانه -ومسألتنا نظرية لغلبة كالم األعداء فيها ،وليس الحديث عن من ُ
الحبيب أبي أسامة الغريب رحمه الله-وقال شيخ اإلسالم" :ولو قدر أن املقتول معصوم
الدم يحرم قتله ،لكن كان القاتل متأوال يعتقد حل قتله لشبهة ظاهرة ،صار ذلك شبهة
تدرأ القتل عن القاتل" .وإذا كان عبيد الله بن عمر متأوال يعتقد أن الهرمزان أعان عىل قتل
أبيه ،وأنه يجوز له قتله ،صارت هذه شبهة يجوز أن يجعلها املجتهد مانعة من وجوب
()4
القصاص ،فإن مسائل القصاص فيها مسائل كثرية اجتهادية".
- 84 -
قال شيخ اإلسالم تقي الدين" :وكان عمر بن الخطاب يأمر بقتل الربيئة وهو الناطور
لقطاع الطريق .وإذا كان الهرمزان ممن أعان عىل قتل عمر جاز قتله يف أحد القولني
قصاصا .وعمر هو القائل يف املقتول بصنعاء " :لو تماأل عليه أهل صنعاء ألقدتهم به".
ً
وأيضا فقد تنازع الناس يف قتل األئمة :هل يقتل قاتلهم ح ًّدا أو قصاصا؟ عىل قولني يف
مذهب أحمد وغريه .أحدهما :أنهم يقتلون حدا ،كما يقتل القاتل يف املحاربة حدا ،ألن قتل
األئمة فيه فساد عام أعظم من فساد قطاع الطريق ،فكان قاتلهم محاربا لله ورسوله،
ساعيا يف األرض فسادا .وعىل هذا خرجوا فعل الحسن بن عَل -ريض الله عنهما -ملا قتل
ابن ملجم قاتل عَل ،وكذلك قتل قتلة عثمان .و إذا كان الهرمزان ممن أعان عىل قتل عمر
كان من املفسدين يف األرض املحاربني ،فيجب قتله لذلك".
"وقد ذكرنا تنازع العلماء يف قتل األئمة :هل هو من باب الفساد الذي يجب قتل صاحبه
حتما ،كالقاتلني ألخذ املال؟ أم قتلهم كقتل اْلحاد الذين يقتل أحدهم االخر لغرض خاص
فيه ،فيكون عىل قاتل أحدهم القود؟ وذكرنا يف ذلك قولني ،وهما قوالن يف مذهب أحمد
وغريه ،وذكرهما القايض أبو يعىل وغريه .فمن قال :إن قتلهم حد .قال :إن جنايتهم توجب
من الفتنة والفساد أكثر مما يوجبه جناية بعض قطاع الطريق ألخذ املال ،فيكون قاتل
()1
األئمة من املحاربني لله ورسوله ،الساعني يف األرض فسادا.
مع أنه قد يقال أن الخليفة ال يعرف بخصوص هذا أصال ،قال صاحب القواصم" :وأما
تع ُّلقهم بأن الكتاب وجد مع راكب ،أو مع غالمه –ولم يقل أحد قط إنه كان غالمه– إىل عبد
الله بن سعد بن أبي رسح .يأمره بقتل حامليه ،فقد قال لهم عثمان :إما أن تقيموا شاهدين
عىل ذلك وإال فيميني أني ما كتبت وال أمرت ،وقد يكتب عىل لسان الرجل ،ويْضب عىل
()2
خطه ،وينقش عىل خاتمه"
- 85 -
ُ
فصلُ
وقد رصَّ ح األولون ،وكانوا من أعالم الناس ،بعدم مدح يزيد وال لعنه ،وهو من هو يف أعماله
وقتله حفيد رسول الله ﷺ وما حصل من املوبقات يف زمنه ،ومع ذلك ،تجد سرية أولئك
األعالم يف يزيد ،ما رواه شيخ اإلسالم ابن تيمية يف املجموع" :والقول الثالث أنه كان ملكا
كافرا ولكن
ً من ملوك املسلمني له حسنات وسيئات ولم يولد إال يف خالفة عثمان ولم يكن
جرى بسببه ما جرى من مرصع الحسني ،وفعل ما فعل بأهل الحرة ولم يكن صاحبًا وال
من أولياء الله الصالحني وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة .ثم افرتقوا
ثالث فرق؛ فرقة لعنته وفرقة أحبته وفرقة ال تسبه وال تحبه وهذا هو املنصوص عن اإلمام
أحمد وعليه املقتصدون من أصحابه وغريهم من جميع املسلمني.قال صالح بن أحمد قلت
ألبي إن قوما يقولون إنهم يحبون يزيد فقال يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واالخر
()1
فقلت يا أبت فلماذا ال تلعنه فقال يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحدا"
قال ابن كثري يف البداية والنهاية ":وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر باملعازف ويرب الخمر
والغنا والصيد واتخاذ الغلمان والقيان والكالب والنطاح بني الكباش والدباب والقرود ،وما
من يوم إال يصبح فيه مخمورا ،وكان يشد القرد عىل فرس مرسجة بحبال ويسوق به،
ويلبس القرد قالنس الذهب ،وكذلك الغلمان ،وكان يسابق بني الخيل ،وكان إذا مات القرد
حزن عليه.
وقيل :إن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته.وذكروا عنه غري ذلك والله أعلم
بصحة ذلك".
قال الطرباني :حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج املرصي ،ثنا يحيى بن بكري ،حدثني الليث،
قال :أبى الحسني بن عَل -ريض الله عنهما -أن يستأرس ،فقاتلوه فقتلوه ،وقتلوا ابنيه
وأصحابه الذين قاتلوا منه بمكان يقال له الطف ،وانطلق بعَل بن حسني ،وفاطمة بنت
حسني ،وسكينة بنت حسني إىل عبيد الله بن زياد ،وعَل يومئذ غالم قد بلغ ،فبعث بهم إىل
يزيد بن معاوية ،فأمر بسكينة فجعلها خلف رسيره لئال ترى رأس أبيها وذوي قرابتها،
- 86 -
وعَل بن الحسني -ريض الله عنهما -يف غل ،فوضع رأسه ،فْضب عىل ثنيتي الحسني ريض
الله عنه ،فقال:نفلق هاما من رجال أحبة ...إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
فقال عَل بن الحسني -ريض الله عنه{ :-ما أصاب من مصيبة يف األرض وال يف أنفسكم إال
يف كتاب من قبل أن نربأها إن ذلك عىل الله يسري} فثقل عىل يزيد أن يتمثل ببيت شعر،
وتال عَل آية من كتاب الله عز وجل ،فقال يزيد :بل بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثري.
فقال عَل ريض الله عنه« :أما والله لو رانا رسول الله ﷺ مغلولني ألحب أن يخلينا من
الغل» .قال :صدقت ،فخلوهم من الغل .قال« :ولو وقفنا بني يدي رسول الله ﷺ عىل بعد
ألحب أن يقربنا» .قال :صدقت ،فقربوهم .فجعلت فاطمة وسكينة يتطاوالن لرتيا رأس
أبيهما ،وجعل يزيد يتطاول يف مجلسه ليسرت عنهما رأس أبيهما ،ثم أمر بهم فجهزوا،
فأصلح إليهم ،وأخرجوا إىل املدينة".
أفرجل كهذا يعتد بخالفته الصحابة ،ويتبعهم يف ذلك التابعون ،ثم نتبع القعد من أهل
األهواء؟ إنا إذا ً لضالون.
قال البخاري :حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع قال ملا خلع
أهل املدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال إني سمعت النبي ﷺ يقول
ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة وإنا قد بايعنا هذا الرجل عىل بيع الله ورسوله وإني ال
أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل عىل بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال وإني ال أعلم
()1
أحدا منكم خلعه وال بايع يف هذا األمر إال كانت الفيصل بيني وبينه"
وقال مسلم يف صحيحه حدثنا عبيد الله بن معاذ العنربي ،حدثنا أبي ،حدثنا عاصم ،وهو
ابن محمد بن زيد ،عن زيد بن محمد ،عن نافع ،قال :جاء عبد الله بن عمر إىل عبد الله
بن مطيع حني كان من أمر الحرة ما كان ،زمن يزيد بن معاوية ،فقال :اطرحوا ألبي عبد
الرحمن وسادة ،فقال :إني لم آتك ألجلس ،أتيتك ألحدثك حديثا سمعت رسول الله ﷺ
- 87 -
يقوله :سمعت رسول الله ﷺ يقول :من خلع يدا من طاعة ،لقي الله يوم القيامة ال حجة
()1
له ،ومن مات وليس يف عنقه بيعة ،مات ميتة جاهلية".
فسبحان الله ،لقد عظمت مز َّلة هؤالء القوم ،وأعجب منهم أشياخهم املأخوذ عنهم معالم
الدين ،فاملسرتشد منهم تزيده األيام والليايل عىل طول اسرتشاده إياهم حرية ،واملستهدي
منهم تائه ،يرتدد باستهدائه إياهم يف ظلمة ال يتبني حقا من باطل ،وأجهل جهال ،وأسخف
عقال ،وأسوأ حاال وأضل سبيال من يسمع من هؤالء اللكع بال دالئل ،وال براهني ،ويرد الحق
الذي صح عن أئمة املسلمني وأعالمهم األساطني ،وكل منهم يدعي اتباع السنة واألثر وما
استطاع الصرب عىل أذية إمام "يراه جائرا" ،مخالفني يف ذلك نهج األولني من الثقات
املعروفني العدول الصالحني يف التعامل مع الوالة والسالطني ،وحسبك من ضاللهم
واختناث عقولهم ما يرمون به جماعة املسلمني كأنهم بمعزل عن ما رموها به ،فالقعد
زعموا الوقوف ضد الظلم ،وإىل أمس كان غالب األمنيني تالمذة عند أصحابهم ،وهم
أنفسهم قضاة ومحققون ومناصحون يف غياهب السجون ،ثم الموا الدولة عىل أمر أخواتنا
الطاهرات -فرج الله عنهن وحفظهن بعينه التي ال تنام -وكلنا والله نالم وقد قرصنا يف
ريا ال يغفر -و أصحابهم قد حققوا مع من رموهم بتهمة الخيانة ألجل رغبتهم حقهن تقص ً
بإخراجهن قبل أمد بعيد ،و يا للعجب ،ث َبَت "الخائن" -وحاشاه -مدافعا عن دينه وأرض
اإلسالم ،وفر األمني وما هو باألمني ،والناس قد استفاض حديثهم عن أن املحقق الذي أفشل
()2
خروج النساء هو أمري البحوث وصحبه ،والله أعلم بالصواب.
فس ُد الكذَّاب الديريّ
وصنف وقتها املُ ِ
َ ثم هؤالء شيوخكم قد شاركوا ض ّد خروج الخوارج- ،
كتابه الذي حق له أن يسمى نصح الحمري يف الخروج عىل األمري ،وقد وافق ّ
الحق يف مسألة
ثم عاد لنقض إجماع السلف َكما هي حاله دائمً ا وأن االعتزال هو الحل فال إمام للمسلمني
وال جماعة تماما كإخوانه الغري أشقاء من الخوارج الغالة ،-و"الظالم" ال يُعان عىل
مقاال ،وهذا ما خالفه "شيوخكم" ،ثم خالفوا ما عليه السلف من عد ِم الخوارج ألن لهم ً
- 88 -
ظلم وعوقب فوق ما تستحقه جنايته- ،فهم حسب تبليغ الوالة عىل املسلم املبتدع إذا ُ
الغاشمي قد شاركوا يف الظلم وبالتايل يستحقون نصيبا من لعناته.-
وقد ادعيتم "أيام الرخاء" أن أبا بكر إمام بويع بيعة عُ ظمى ،ث َّم ما لبثتم أن جرحتموه
جرحً ا غري مفرس ،وأندرتم وكدتم أن تقلبوا العربية ظهرها لبطنها إن جازت عليكم هذه
ً
تدليسا عىل الجهال ،فقلتم :ما أبو بكر بأحسن ممن انتكس قبله ،ثم قلتموها املستحيالت
عن الحربي املدني بعد أن زعمتم أنه العالم الرباني ،وكذلك فعلتم مع أبي العباس وغريه،
فيا سبحان الله ،أينتكس كل هؤالء وال ينتكس بعض أصحابكم؟ ولقد رمتنا القعد بدائها
وانسلت ،إذ قالت عنا أننا نحطم الرموز ونطمسها ،وهم قد طمسوا وجرحوا أمة ألجل رجل
واحد فمن أوىل بها من مسبة؟ وال عجب ،فهذا حال من جعلوا املقدم فيهم سلفعا خراجة
والجة ،ونبذوا كتب السحب الثجاجة من علماء التابعني فمن تبعهم ،وقد ردوا قبلها إجماع
علماء أهل النقل يف حرمة الخروج عىل الظالم لكالم أبي حنيفة الرأي الذي أجمع علماء
الجرح والتعديل عىل تجريحه ،فهذا حال من ادعى -وهو الكذوب-العلم بالسنة واألثر ،فما
شمه وال شم -بحق-رائحة الدليل وبهاء النظر ،نعوذ بالله من الحور بعد الكور ،ومن
الضالل بعد الحق.
ُاألرضُبحراُفزادنيُ*ُإىلُحزنيُأنُابح َرُاملرشبُالعذبُُ
ا َ
وقدُعادُماء
وإني ماكنت أحبذ الحديث يف هذا األمر -والله -إال بعد أن عظمت فتنة القعد وإشهارهم
بني الصحب التناكر والتحاسد ،والتدابر والتباعد ،وحسبي ما قاله أبو زرعة الرازي" :كل
من لم يتكلم يف هذا الشأن عىل الديانة ،فإنما يعطب نفسه ،كل من كان بينه و بني إنسان
حقد أو بالء يجوز أن يذكره؟!؛ كان الثوري و مالك يتكلمون يف الشيوخ عىل الدين فنفذ
قولهم ،ومن لم يتكلم فيهم عىل غري الديانة يرجع األمر عليه" ،وأشهد الله أنه ليس بيني
ً
إنصافا إلبراهيم إمام املسلمني وبني صاحبهم تهمة وال خصومة شخصية ،وإنما تحدثت
بعد أن رموه بكل إفك وبهتان وكذب ظاهر البطالن ،وما أنا باملسلم إن تركت أخي يال ُك
عرضه ويستباح وبي قوة لإلجابة ،وإن كان من يرار األيرار كما يزعم الضالون.
َ
دون البغي َ
االقتصاد واالعتدَال مبناها َ
عىل َ "أصل السنَّة
ْ قا َل شيخ اإلسالم ابن تيمية:
()1
واالعتداء"
- 89 -
حق وبَاطل ،فالوَ اجب موافقتهم فيمَ ا قالُوه من َ
طائفة منها معهَ ا ٌّ َّ
"فإن كل وقال ابن القيم:
عليه بهذه الطريق فقد فتحَ له من العلم الحق ،ور ّد ماقالوه من البَاطل ،ومن فتحَ الله ِ ّ
()1
والدِّين كل باب ،ويرس عليه فيهمَ ا األسباب ،والله املستعَ ان"
تعمدت تجاوز ذكر كثري من األحداث والقصص ،لغنى املسلمني يف وقتنا هذا ُ وليُع َلم أني
ويردت النساء وهؤالء القع ُد والغالة قتلهم اللهعن الكالم والجدال وقد ت َكالبت علينا األمم ُ ّ
تعطيال ،وإني أخَش عىل من يفضحُ ً ِ
وأهله ويعطلون الجهَ اد َ
يخذلون عن نرصة الدين
َ
يكون من املعينني عىل دمائهم ،أعاذنا الله املسلمني وإن كانوا مبتدعة أو يلمح ألماكنهم أن
من ذلك.
طاب -ريض الله عنه -إىل النَّاس" :ع َلي ُكم أنفسكم ،ومن كتبَ أمري املؤمنني عم ٌر بن الخ َّ
()2
البالء" ُ
فيفشوا في ُكم َ استَوجب التغيري فغريوا عليه ،وال ّ
تعريوا أحدًا
الس َف ِر َقا َل :حَ َّدثَنَا عَ ْب ُد قال العقيَل :حَ َّدثَنَا ا ْلهَ يْث َ ُم بْ ُن َخ َل ٍف َقا َل :حَ َّدثَنَا أَبُو عُ بَيْ َد َة بْ ُن أ َ ِبي َّ
وَق ْد َرآ ُه أَبُو عُ بَيْ َد َة صالِحً ا َ ان عَ بْدًا َ ال َّل ِه بْ ُن مُحَ مَّ ِد ب ِْن َسا ِل ٍم َقا َلَ :س ِمعْ ُت ُر َشيْ َد ا ْل َخبَّا َز وَ َك َ
السن َّ ِة وَ َكا َنان ُس ْفيَا ُن مُجَ ِاو ًرا ِبهَ ا ِت ْلكِ ُّ ي َُقو ُلَ :خ َرجْ ُت مَ َع مَ َوْاليَ إِ َىل مَ َّك َة َفجَ اوَ َر َسنَتَ ِئ ٍذ وَ َك َ
ات يَوْ ٍم جَ ا َء إِن ْ َسا ٌن َف َقا َل ان ذَ َ َّث عَ ن ْ َك وَأ َنَا مَ عَ هَُ ،ف َلمَّ ا َك َ يش يَتَحَ د ُ مَ َوْاليَ يَ ُروحُ إ ِ َلي ِْه ِبا ْلعَ ِ ِّ
اف، طوَ ِ صال ٍِح َقا َل :وَ أَي َْن ُهمَ ا؟ َقا َلِ :يف ال َّ َان :يَا أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه َق ِد َم ا ْليَوْ َم حَ َس ٌن وَ عَ َِل ٌّ ابْن َ ْى َ ل ُِس ْفي َ
َقا َلَ :ف ِإذَا مَ َّرا َفأ َ ِرين ِِهمَ اَ ،قا َلَ :فمَ َّر أَحَ ُد ُهمَ ا َف َقا َلَ :هذَا عَ َِل ٌّ ث ُ َّم مَ َّر ْاْل َخ ُر َف َقا َلَ :هذَا حَ َس ٌن
صاحِ بُ َسي ٍْف َال يَمْ َأل ُ جَ َ
وْف ُه صاحِ بُ آخِ َرةٍ ،وَ أَمَّ ا ْاْل َخ ُر يَعْ نِي حَ َسنًا َف َ األوَّ ُل َف ََف َقا َلُ :س ْفيَا ُن أَمَّ ا ْ َ
ان ِم َن ا ْل َغ ِد مَ َىض ان مَ عَ نَا َفذَ َهبَ إ ِ َىل عَ َِل ي َفأ َ ْخ َرب َُهَ ،ف َلمَّ ا َك َ يشءٌَ ،قا َلَ :في َُقو ُم إ ِ َلي ِْه َر ُج ٌل ِممَّ ْن َك َ َ ْ
مَ َوْاليَ إ ِ َىل عَ َِل ي ي َُس ِّل ُم عَ َلي ِْه ،وَجَ ا َء ُس ْفيَا ُن ي َُس ِّل ُم عَ َلي ِْه َف َقا َل َل ُه عَ َِلٌّ :يَا أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه مَ ا حَ مَ َل َك عَ َىل
يش ي ُْؤ ِمنُكِ أ َ ْن تَبْلُ َغ َه ِذهِ ا ْل َكلِمَ ُة اب َْن أ َ ِبي جَ عْ َف ٍر َفيَبْعَ َث إ ِ َلي ِْه أ َ ْن ذَ َك ْر َت أَخِ ي أَمْ َس ِبمَ ا ذَ َك ْرتَهُ ،إ ِ ْ
وَهمَ ْت عَ يْنَاهُ". وَه َو ي َُقو ُل :أ َ ْستَ ْغفِ ُر ال َّلهََ ، َان ُظ ْر ُت إ ِ َىل ُس ْفي َ َفي َْقتُلُهَُ ،قا َلَ :فن َ َ
ُ
تاريخ الطربي ،الجزء/٤:ص٩٧: ()2
- 90 -
ولو لم يكن عندنا حُ جَّ ة للكالم يف هؤالء سوَى كال ُم املتأخرين لجبن َّا عن ذلك ،ولكنها آثَار
تنطق بيننا وعنهُم استربأنا ويف هؤالء الفرق إخواننا وأصحابنا ،غري أننا نقيم عليهم ُ التابعني
الحجة ابتغاء توبتهم.
األوزاعي أن يمد
ّ َقال أبو توبة :حدثنا أصحابنا أن ً
ثورا لقي األوزاعي فم ّد يده إليه ،فأبى
()1
يده إليه ،وقال" :يا ثَور ،لو كانت الدنيا لكانت املقاربة ،ولكنه الدِّين"
فصل
ِيث ا ْل َك َال َم ض مَ ْن َال ي َْفهَ ُم عَ َىل أ َ ْه ِل ا ْلحَ د ِ وَق ْد عَ ابَ بَعْ ُ الرتمذيّ -رحمه اللهَ :- يىس ِّ َقال أبو عِ َ
ال ِمنْهُ ُم ا ْلحَ َس ُن الرجَ ِ ني َق ْد تَ َك َّلمُوا ِيف ِّ ري وَ احِ ٍد ِم َن ْ َ
األئِمَّ ِة ِم َن التَّا ِبعِ َ وَق ْد وَجَ ْدنَا َغ ْ َال َ ، الرجَ ِ ِيف ِّ
يب ، ط ْل ِق ب ِْن حَ ِب ٍ َري ِيف َ اوُس ،تَ َك َّلمَ ا ِيف مَ عْ بَ ٍد ا ْلجُ هَ ن ِِّي ،وَ تَ َك َّل َم َسعِ ي ُد بْ ُن جُ ب ْ ٍ ط ٌ َرصيُّ ،وَ َ ا ْلب ْ ِ
األعْ وَ ِر ،وَ َه َكذَا ُر ِويَ عَ ْن أَيُّوبَ الشعْ ِب ُّي ِ ،يف ا ْلحَ ِار ِث ْ َ وَ تَ َك َّل َم إِب َْراهِ ي ُم الن َّ َخعِ ُّي ،وَ عَ ِام ٌر َّ
وْريِّ وَس ْفي َ
َان الث َّ ِ اج ُ ، وَشعْ ب ََة ب ِْن ا ْلحَ جَّ ِان التَّي ِْم ِّي ُ ، وَس َليْمَ َ وْن ُ ، الس ْخ ِتيَان ِِّي ،وَ عَ بْ ِد ال َّل ِه ب ِْن عَ ٍ َّ
وْزاعِ ِّي ،وَ عَ بْ ِد ال َّل ِه ب ِْن ا ْل ُمب ََاركِ ،وَ يَحْ يَى ب ِْن َسعِ ي ٍد ا ْل َق َّ ،وَمَ الِكِ ب ِْن أَن َ ٍس ،وَ ْ َ
األ َ
يعان ،وَ وَ ِك ِ ط ِ
ال الرجَ ِ الرحْ مَ ِن ب ِْن مَ هْ دِ يي ،وَ َغ ْ ِريهِ ْم ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْلعِ ْل ِم ،أَنَّهُ ْم تَ َك َّلمُوا ِيف ِّ اح ،وَ عَ بْ ِد َّ ب ِْن ا ْلجَ َّر ِ
ظ ُّن ِب ِه ْم أَنَّهُ ْم ني َال يُ َ وَضعَّ ُفوا َ ،وإِنَّمَ ا حَ مَ َلهُ ْم عَ َىل ذَ ِل َك عِ ن ْ َدنَا وَ ال َّل ُه أَعْ َل ُم الن َّ ِصيحَ ُة ِل ْلم ُْسل ِِم َ َ
ف َه ُؤَال ِء ِل َك ْي يُعْ َر ُفوا ، ضعْ َ اس أ َ ِو ا ْلغِ يب ََة ،إِنَّمَ ا أ َ َرادُوا عِ ن ْ َدنَا أ َ ْن يُبَيِّنُوا َطعْ َن عَ َىل الن َّ ِ أ َ َرادُوا ا ْل َ
ِيث ،وَ بَعْ َضهُ ْم ان ُمتَّهَ مً ا ِيف ا ْلحَ د ِ صاحِ بَ ِبدْعَ ٍة ،وَ بَعْ َضهُ ْم َك َ ضعِّ ُفوا َكا َن َ ِين ُ ِ َأل َّن بَعْ َض ا َّلذ َ
ين األئِمَّ ُة أ َ ْن يُبَيِّنُوا أَحْ وَ ا َلهُ ْم َش َف َق ًة عَ َىل ال ِّد ِ ط ٍإ َ ،فأ َ َرا َد َه ُؤَال ِء ْ َصحَ ابَ َغ ْف َل ٍة وَ َكث ْ َر ِة َخ َ َكانُوا أ َ ْ
ال . وق وَ ْ َ
األمْ وَ ِ الشهَ ا َد ِة ِيف ا ْلحُ ُق ِ ِّين أَحَ ُّق أ َ ْن يُتَثَب ََّت فِ يهَ ا ِم َن َّ الشهَ ا َد َة ِيف الد ِ وَ تَث ْ ِبيتًا ِ َأل َّن َّ
طا ُن ،حَ َّدثَنِي أ َ ِبي ،ربنِي مُحَ مَّ ُد بْ ُن إِ ْسمَ اعِ يل حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد ْب ُن يَحْ يَى ب ِْن َسعِ ي ٍد ا ْل َق َّ َقا َل :أ َ ْخ َ َ
الرجُ ِل تَ ُكو ُنَان ب َْن عُ يَيْن َ َة عَ ِن َّ وَشعْ ب ََة ،وَمَ ا ِل َك ب َْن أَن َ ٍس ُ ،
وَس ْفي َ وْريَّ ُ ، َقا َل َ :سأ َ ْل ُت ُس ْفي َ
َان الث َّ ِ
َني ؟ َقالُوا :ب َِّني.
ْ ()2 ف أ َ ْس ُك ُت ،أ َ ْو أ ُب ِّ ُ
ضعْ ٌ فِ ِيه تُهْ مَ ٌة ،أ َ ْو َ
- 91 -
تقبل ني مَ ن ْ طعن ِيف ُروَ اة حُ َّفاظ الحَ ديث َ
وال التَّمْ ييز بَ َ ني ال َّ "وال َف َ
رق ب َ وَقال اب ُن رجَ بَ :
طأ ِيف َفهم معَ اني الكتَاب والسنَّة وتأوَّ َل طأ مَ ن أخ َ روَ ايتُه منهُ م ومَ ن َال تقبَل ،وَ بَني تب ِيني خ َ
طأ فيه، يتمسك به ليُحذِّر من االقتدَاء به فيمَ ا أخ َ َّ وتمسك بمَ ا َال َّ عىل َغري تأويل ِهشيئًا منهَ ا َ
الرشعية نجد يف كت ِبهم املصنَّفة ِيف أنوَ اع العلُوم َّ
يضا .ولهَ ذَا ِ عىل جَ واز ذَلك أ ً َ
وقد أجمَ ع الع َلماء َ
ظرات ور ِّد وغري ذَلك ممْ تلئة باملنا َ واختالف العلمَ اء َ
َ ويروح الحَ ديث والفقه التفسري ُ ُ ِمن ْ
الصحابة والتَّابعني ومَ ن بعدَهم .و َلم والخلف من َّ السلف َ ف ْأقوَ اله من أئِمة َّ ْأقوال من تُ َضعَّ ُ
نقصا أهل العل ِم وال ادَّعَ ى فيه طعنًا عَ ىل مَ ن ر َّد عليه قو َله وال ذمَّ ا وال ً يرتُك ذ ِل َك أحَ د من ْ
العبارة فيُن َكر ع َليه
َ ال َّلهم َّإال أن يكون املصنِّف ممن يُفحش يف َ
الكالم ويُيس ُء األدَب يف
الرشعية واألدِ لة املعْ تربة .وسببُ إقامة للحجَ ج َّ
ً دون أصل ردِّه ومخا َلفته، فحاشته وإساءَته َ َ
رسول ُه ﷺبعث الله به ُ الحق الذي َِّ قصد إظهَ ارذ َلك أ َّن علمَ اء الدِّين ك ُّلهم مجمعُ ون عىل ْ
بأن اإلحا َ
طة بالعلم رتفون َّ وألن يكون الدِّين كله لله وأن ت ُكون كلمته هي العليَا ،وك ُّلهم معْ ُ ْ
وال َ
من ك ِّله من غري شذُوذ يشء منه ليْس هو مرتبة أحَ د منهُ م وال ادَّعاه أح ٌد من َ
املتقدمني َ
وفضلهم يقبَلُون الحَ ق ممَّ ن أوردَه علمهم َ
ِ املتَأخ ِّرين فلهذَا كان أئمّ ة الس َلف املجمَ ع عىل
ظهر يف َغري الحق إذا َ
ِّ ُوصون أصحَ ابهم وأتْبَاعهم بقبُول ع َليهم وإن َكان صغريًا وي ُ
()1
قولهم".
ِ
ُ
وقلت مسهر
ٍ ُ
سمعت أبَا الهروي َقال :ثَنا أبو ُزرعَ ة:
ِ وَ عَ ن ابن أبي حاتم بإسنَاده َ
إىل ش ْكر
أترى ذلك من الغِ يبة؟ َق َ
ال:ال. لهَ :
- 92 -
الضعفاء؛ حَ َّدثَنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن إ ِ ْسمَ اعِ ي َل َقا َل :حَ َّدثَنَا ا ْلحَ َس ُن ْب ُن عَ َِل ي َقا َل :حَ َّدثَنَا َ وقال َ
العقيَل يف
يع َشيْئًا ِم ْن أَمْ ِر ا ْلفِ تَ ِن َف َقا َل :ذَا َك َاط عَ ْن وَ ِك ٍ ف ب ِْن أ َ ْسب ٍ ُوس َالْضا ُء َقا َل :حَ َكي ُْت ِلي ُ صال ٍِح َّ َّ أَبُو َ
ون َه ِذهِ غِ يب ٌَة؟ اف أ َ ْن تَ ُك َ ف :أَمَ ا تَ َخ ُ ُوس َي ُْش ِب ُه أ ُ ْستَاذَ ُه يَعْ نِي ا ْلحَ َس َن ب َْن حُ ي يَي َقا َل ْتُ :ق ْل ُت ِلي ُ
اس أ َ ْن يَعْ مَ لُوا ِبمَ ا أَحْ َدثُوا َف َقا َلِ :ل َم يَا أَحْ مَ ُق ،أَنَا َخ ْريٌ لِهَ ُؤَال ِء ِم ْن أُمَّ هَ ات ِِه ْم وَ آبَائ ِِهمْ ،أَنَا أَن ْ ِهي الن َّ َ
ْض عَ َلي ِْهمْ.ان أ َ َ َّاه ْم َك َ ط َر ُوْزا ُر ُهمْ ،وَمَ ْن أ َ ْ
َفتَ ِبعَ تْهُ ْم أ َ َ
وكال العصبتني –القعد والغالة -يف هذا الباب عىل ضالل يعجب املسلم منه ،فلو تكلمنا
فيما أخطأ فيه شيخنا أبو همام البنعَل أو عمر القحطاني-تقبلهم الله ، -قالت القعد :هذا
طعن بهم وما أنتم بأعلم منهم ،والحق أنهم ليسوا بشيوخ لهم ،بل هم أعداء لهم ،مخالفون
لهم يف األصول والفروع.
ربنَا مُحَ مَّ ُد بْ ُن عَ َِل ي َ ،قا َل :حَ َّدثَنَا أَبُو بَ ْك ٍر األَث ْ َر ُم َ ،قا َل َ :س ِمعْ ُت أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه قال الخالل :وَ أ َ ْخ َ َ
ِين جَ ا َء عَ ِن الن َّ ِب ِّي ﷺ أَنَّهُ ْم ِيف ا ْلجَ ن َّ ِة َ ،ف َقا َل أَبُو ان َ ،فذَ َك ُروا َّ
الشهَ ا َد َة ِل َّلذ َ َاب عَ َّف َ وَ نَحْ ُن عَ َىل ب ِ
ري ٍة ،وَاحْ تُجَّ عَ َلي ِْه ظ ا ْل َقوْ َل عَ َىل مَ ْن َل ْم ي َْشهَ ْد ،وَ احْ تَجَّ ِبأ َ ْشيَا َء َك ِث َ عَ بْ ِد ال َّل ِه :نَعَ ْم ن َ ْشهَ ُد ،وَ َغلَّ َ
يث ،وَ احْ تُجَّ عَ لَي ِْه ِب َقوْ ِل عَ بْ ِد
األحَ ادِ َ ف َه ِذهِ َ ِبأ َ ْشيَا َء َف َغ ِضبَ حَ تَّى َقا َل ِ :صبْيَا ٌن نَحْ ُن َلي َْس نَعْ ِر ُ
()1
يث.األحَ ادِ ِالرحْ مَ ِن بْ ُن مَ هْ دِ يي مَ ْن ُه َو ؟ أ َيْ مَ َع َه ِذهِ َ الرحْ مَ ِن ب ِْن مَ هْ دِ يي َ ،ف َقا َل ،عَ بْ ُد َّ َّ
"وقال محَ مَّ د ب ُن َزيد املستَمْ َل َسأ َل أحم َد رجُ ٌل َفقال أكتُب كتبَ الرأي؟ َقال
قا َل اب ُن القيِّمَ :
ابن املبارك َقد كتبَها فقا َل له أحم ٌد اب ُن
إن َ السائل َّ تفعل ع َليك بالحَ ديث واْلثار َ
فقال له َّ َال ْ
()2
نأخذ الع ْل َم من َفوق".
السماء إنمَ ا أمرنا أن ُ ينزل من َّ
املبارك ل ْم ِ
- 93 -
ني ،وَ ذَ َك َر إِب َْراهِ يْم بن أ َ ِبي ال َّليْث ،فذكر منه َشيْئًا لم وَس ِمعْ ُت يَحْ يَى بن مَ عِ ْ ٍ قال ابن محرزَ :
ِف إليه وَ يَ ْكتُبُ عَ نْهُ؟ َف َقا َل :لو اختلف فق ْل ُت َلهُ :يا أَبَا َز َك ِريَّا إن أَحْ مَ د بن حَ نْبَل ي َْختَل ُ
أحفظهُ .
()1
ان إال َكذَّابًا. صور بن ا ْل ُمعْ تَ ِمر ما َك َ إليه ثمانون كلهم مثل مَ ن ْ ُ
قال ابن أبي َخيثمة حَ َّدثَنا أَحْ مَ ُد بْ ُن يُون ُ َسَ ،قا َل :حَ َّدثَنَا ابن أبي ذئب ،عَ ِن ُّ
الز ْه ِريّ َ ،قا َل :ما
()2
رأيت قومً ا أشب َه بالنصارى من السائبة. أهل مَ َّكة ،وال ُ عرى اإلسالم من ْ َ
أنقض ل َ رأيت قوما
قال تقي الدين ابن تيمية رحمه الله" :وإذا قيل لهذا املستهدي املسرتشد :أنت أعلم أم
اإلمام الفالني ؟ كانت هذه معارضة فاسدة ؛ ألن اإلمام الفالني قد خالفه يف هذه املسألة
من هو نظريه من األئمة ولست أعلم من هذا وال هذا ولكن نسبة هؤالء إىل األئمة كنسبة أبي
بكر وعمر وعثمان وعَل وابن مسعود وأبي ومعاذ ونحوهم إىل األئمة وغريهم فكما أن هؤالء
الصحابة بعضهم لبعض أكفاء يف موارد النزاع ؛ وإذا تنازعوا يف يشء ردوا ما تنازعوا فيه
إىل الله والرسول وإن كان بعضهم قد يكون أعلم يف مواضع أخر :فكذلك موارد النزاع بني
األئمة وقد ترك الناس قول عمر وابن مسعود يف مسألة تيمم الجنب وأخذوا بقول من هو
دونهما كأبي موَس األشعري وغريه ملا احتج بالكتاب والسنة وتركوا قول عمر يف دية
األصابع وأخذوا بقول معاوية ملا كان معه من السنة أن النبي ﷺ قال " :هذه وهذه سواء
" .وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس يف املتعة فقال له :قال أبو بكر وعمر فقال ابن
عباس :يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله ﷺ وتقولون قال
أبو بكر وعمر ؟ .وكذلك ابن عمر ملا سألوه عنها فأمر بها فعارضوا بقول عمر فتبني لهم
أن عمر لم يرد ما يقولونه فألحوا عليه فقال لهم :أمر رسول الله ﷺ أحق أن يتبع أم أمر
عمر ؟ مع علم الناس أن أبا بكر وعمر أعلم ممن هو فوق ابن عمر وابن عباس .ولو فتح
هذا الباب لوجب أن يعرض عن أمر الله ورسوله ويبقى كل إمام يف أتباعه بمنزلة النبي
ﷺ يف أمته وهذا تبديل للدين يشبه ما عاب الله به النصارى يف قوله { :اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله واملسيح ابن مريم وما أمروا إال ليعبدوا إلها واحدا ال إله إال
()3
هو سبحانه عما يرشكون } والله سبحانه وتعاىل أعلم والحمد لله وحده"
- 94 -
ومن ذلك مخالفة شيخنا أبي همام إجماع السلف يف مس املحدث للمصحف وترجيحه كالم
أهل الظاهر .قال البنعَل -تقبله الله" :-يقول -يريد السائل :-يف مسألة مس املصحف
للمحدث أو الجنب ،والخالف يف ذلك.فنقول :لقد اختلف أهل العلم رحمهم الله يف مس
املصحف ملن كان عىل حدث أصغر أو أكرب ،فذهب جمهور العلماء ومنهم األئمة األربعة إىل
تحريم ذلك ،وذهب البعض إىل جواز ذلك وهم الظاهرية كابن حزم ومن قال بقوله وهو
الراجح بإذن الله تعاىل ،غري أنه لقول الجمهور هيبة ومكانة وقوة ،وهو قوله تعاىل{ :ال
يمسه إال املطهرون} ،ويرد عليهم بأن الله تعاىل قال املطهرون ولم يقل املتطهرون ،واملراد
بذلك اللوح املحفوظ وال يمسه إال املالئكة املتطهرون ،فإن قيل املصحف فاملسلم املوحد
ليس بنجس بل يف كل أحواله طاهر ،قال تعاىل{ :إنما املرشكون نجس} ،فاملسلم طاهر
ويجوز له مس املصحف ولكن كما أسلفنا فهذا القول لم يقل به إال الظاهرية وبعض
األئمة ،فإشهار هذا القول قد يؤدي ملفسدة".
َ
الذين تدو ُر عليهم الفتوىٰ -و عىل ٰ أصحابهم- األمصـار
ِ قـال ابن عب ِد الرب" ّ:أجم َع فقها ُء
طاه ُر".يمس ُه َّإال ال َّ َ
املصحف ال ُّ َّ
أن
وروى األثرم والدارقطني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن
النبي ﷺ كتب إىل أهل اليمن كتابا وكان فيه ال يمس القران إال طاهر.
ثم تجد هؤالء القعد ينكرون عىل اإلمام ونوابه مسائل لهم فيها سلف وحجة من كالم علماء
أهل النقل والعلم بالحديث -خالفا ملا قام به الشيخ تركي ومثله الشيخ عمر القحطاني
وهو كثري -مع أن سرية العلماء يف نصح والتهم واإلنكار عليهم مخالفة لطريقتهم يف اإلنكار
عىل العلماء ،وانظر رسالة أبي الفضل إسحق العلثي إىل ابن الجوزي ثم انظر كالم من
تكلم منهم مع الوالة تجد فرقا كبريا ،والقعد يأنفون من تخطئة شيوخهم ،ولو قال قائل:
"كاد شيخكم الفالني الدين لـمّ ا أثنى عىل املبتدعة" لهموا به ولوثبوا عليه ،وإن كنا نقول،
أن من طلب العلم بعد معرفته باملنهج عالة عىل البنعَل ،كما أن كل مسلم أسلم بسبب
أعمال الفرقان أو هاجر فهو عالة عليه رحمهما الله وغفر لهما.
- 95 -
ومما يقارب هذه الحوادث ويدانيها ،ويناسبها ويضاهيها ،إكفار الغالة أهل السنة لذكرهم
محاسن شيوخنا بسجون الجزيرة ومن قتل بالدولة ،مع أن الغالة ما عرفوا اإلسالم إال عن
طريق هؤالء ،وال أدري ماكان القعد والغالة سيقولون البن معني ملا غضب من كالم إمام
الشام الفزاري أبي إسحاق يف وكيع ،وأحمد يف الكرابييس بسبب وضعه عىل األعمش وغريه
وتتبع زالتهم.
فصلُ
ربنَا أَبُو َب ْك ٍر ا ْلمَ ُّروذِيُّ َ ،قا َلَ :س ِمعْ ُت أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه ،ي َُقو ُل :إ ِ َّن َقوْ مً ا يَ ْكتُب َ
ُون الخالل ،أ َ ْخ َ ََّ روى
وَق ْد حَ َكوْ ا عَ ن ْ َك أَن َّ َك ُق ْل ُت :أَنَا َال أُن ْ ِك ُر أ َ ْن
ول ال َّل ِه ﷺ َ ، اب َر ُس ِ صحَ ِ الردِ يئَ َة ِيف أ َ ْيث َّ األحَ ادِ َ َه ِذهِ ْ َ
وَقا َل" : يث يَعْ ِر ُفهَ اَ ،ف َغ ِضبَ وَ أَن ْ َك َر ُه إِن ْ َك ًارا َشدِ يدًاَ ، ِيث يَ ْكتُبُ َه ِذهِ ْ َ
األحَ ادِ َ صاحِ بُ حَ د ٍ ون َ يَ ُك َ
اب مُحَ مَّ دٍ صحَ ِ ْف ِيف أ َ ْاس َ َألن ْ َك ْرتُهَُ ،كي َ ان َهذَا ِيف أ َ ْفنَا ِء الن َّ َِاط ٌل ،مَ عَ اذَ ال َّل ِه ،أَنَا َال أُن ْ ِك ُر َهذَاَ ،ل ْو َك َ
ب ِ
يث "ُ ،ق ْل ُت ِ َأل ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِهَ :فمَ ْن عَ َر ْفتَ ُه يَ ْكتُبُ َهذِهِ وَقا َل :أَنَا َل ُم أ َ ْكتُبْ َهذِهِ ْ َ
األحَ ادِ َ ﷺَ ،
الردِ يئَ ِة يث َّ األحَ ادِ ِ صاحِ بُ َهذِهِ ْ َ الردِ يئَ َة وَ يَجْ مَ عُ هَ ا أَيُهْ جَ ُر؟ َقا َل« :نَعَ مْ ،ي َْستَأْهِ ُل َ يث َّ األحَ ادِ َ َْ
صال ٍِحَ ،ف ُق ْل ُت َلهُ :تُحَ د ُ
ِّث ِبهَ ذِهِ الرحْ مَ ِن بْ ُن َ وَقا َل أَبُو عَ بْ ِد ال َّل ِه :جَ ا َءنِي عَ بْ ُد َّ الرجْ َم» َ ، َّ
- 96 -
َّث ِبهَ ا ُف َال ٌن ،وَ أَنَا أ َ ْر ُف ُق ِب ِهُ ،
وَه َو يَحْ تَجُّ ، َّث ِبهَ ا ُف َال ٌن ،وَحَ د َ
يث؟ َفجَ عَ َل ي َُقو ُلَ :ق ْد حَ د َ األحَ ادِ ِ َْ
ض ُت عَ ن ْ ُه وَ َل ْم أ ُ َك ِّلمْ هُ".
َف َرأَيْتُ ُه بَعْ ُد َفأَعْ َر ْ
وَسأ َ َل ُه عَ ِن
ني َقا َل :ثَنَا َب ْك ُر ْب ُن مُحَ مَّ دٍ ،عَ ْن أ َ ِب ِيه ،عَ ْن أ َ ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِهَ ، وَ َكتَبَ إ ِ َيل َّ أَحْ مَ ُد ْب ُن ا ْل َ
حُس ْ ِ
يه َكمَ ا َس ِمعْ تُهُ؟ يشءٌ ،ي َُقو ُل :أ َ ْر ِو ِ
ول ال َّل ِه ﷺ َ ْ اب َر ُس ِ صحَ ِ ِيث فِ ِيه عَ َىل أ َ ْ
الرجُ ِل ي َْر ِوي ا ْلحَ د َ َّ
يشءٌَ ،قا َل: ول ال َّل ِه ﷺ َ ْ اب َر ُس ِ صحَ ِ الرجُ ُل حَ دِيثًا فِ ِيه عَ َىل أ َ ْ َقا َل " :مَ ا يُعْ ِجبُنِي أ َ ْن ي َْر ِويَ َّ
()1
يشءٌ". ول ال َّل ِه ﷺ َ ْ اب َر ُس ِ صحَ ِ يث ِممَّ ا فِ ِيه عَ َىل أ َ ْ ْضبُ عَ َىل َغ ْ ِ
ري حَ دِ ٍ َوإِنِّي َ ُأل ْ ِ
الرصيحة ُهو من ًهذا البَاب -الكذب -يَرويها املنقول ِمن ا َملطاعن َّ َقا َل ابن تَيمية" :وَ أكث ُر ُ
هشام بن محمَ د بنبن يحيَى ومثل َ مخنف لُوط ِ
ٍ الكذَّابُون ا َملع ُر ُ
وفون بال َكذب ِمث َل :أ ِبي
استشهد هذَا الرافيضُّ بمَ ا صنَّفه َ
هشام الكلبي ْ السائب الكلبي وأمثالهمَ ا من الكذَّابني ولهَ ذا َ
يروي عَ ن أبيه وعَ ن أبي ُمخنف َ
وكالهما مرتُوك شيعي ٌّْ ِيف ذَلك وه َو من أكذَب النَّاس وه َو
()2
كذَّاب"
ُ
ُ
ُ
ُ
ُ
ُ
ُ
- 97 -
بابُُ
ُذكرُاألسبَابُالتيُنقمواُبهاُعىلُالخليفةُالبغداديّ ُوَ عُمَُّالهُ
ِف ِ
- 98 -
بابُ ِِفُاجْ تِهَ ادِ ُا ْلحَ اكِ ِمُ
اىل " : -وليس من الناس أحد بعد رسول الله ﷺ إال وقد أخذ َقا َل َّ
الشافِ عِ ُّي َ -رحِ مَ ُه ال َّل ُه تَعَ َ
من قوله وترك لقول غريه من أصحاب رسول الله ﷺ وال يجوز يف قول النبي ﷺ أن يرد
لقول أحد غريه فإن قال قائل فاذكر يل يف هذا ما يدل عىل ما وصفت فيه قيل له :ما وصفت
يف هذا الباب وغريه متفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام املسلمني واملقدم يف املنزلة
والفضل وقدم الصحبة والورع والثقة والثبت واملبتدئ بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه؛
ألن قوله حكم يلزم حتى كان يقيض بني املهاجرين واألنصار أن الدية للعاقلة وال ترث املرأة
من دية زوجها شيئا حتى أخربه ،أو كتب إليه (الضحاك بن سفيان أن النبي ﷺ كتب إليه
أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها) فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقيض
أن يف اإلبهام خمس عرشة والوسطى واملسبحة عرشا عرشا ويف التي تَل الخنرص تسعا ويف
الخنرص ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي ﷺ (ويف كل أصبع
مما هنالك عرش من اإلبل) فرتك الناس قول عمر وصاروا إىل كتاب النبي ﷺ ففعلوا يف ترك
أمر عمر ألمر النبي ﷺ فعل عمر يف فعل نفسه يف أنه ترك فعل نفسه ألمر النبي ﷺ وذلك
الذي ،أوجب الله عز وجل عليه وعليهم وعىل جميع خلقه.
[قال الشافعي] :ويف هذا داللة عىل أن حاكمهم كان يحكم برأيه فيما لرسول الله ﷺ فيه
سنة لم يعلمها ولم يعلمها أكثرهم وذلك يدل عىل أن علم خاص األحكام خاص كما وصفت
ال عام كعام جمل الفرائض.
[قال الشافعي] :وقسم أبو بكر حتى لقي الله عز وجل فسوى بني الحر والعبد ولم يفضل
بني أحد بسابقة وال نسب ،ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة ،ثم قسم
عَل فألغى العبيد وسوى بني الناس وهذا أعظم ما يَل الخلفاء وأعمه وأواله أن ال يختلفوا
فيه وإنما جعل الله عز وجل يف املال ثالثة أقسام :قسم الفيء ،وقسم الغنيمة ،وقسم
الصدقة فاختلف األئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر وال عمر وال عَل ويف
هذا داللة عىل أنهم يسلمون لحاكمهم ،وإن كان رأيهم خالف رأيه ،وإن كان حاكمهم قد
()1
يحكم بخالف آرائهم"
- 99 -
والخوارج الذين خرجوا عىل الصحابة كانت لهم نفس حجج هؤالء.
فاستصحب حجج أبي محمد التقية وما نسبه لبعضهم ،وانظر كيف نسب الشيعة لصحابة
رسول الله ما نسبه هؤالء ملن زعموا أنهم أصحابهم! وال شك يف كذب الشيعة وتدليسهم
لعنهم الله.
قال شيخ اإلسالم-":الرد عىل قول الرافيض أن عثمان -ريض الله عنه -وىل من ال يصلح
ون َهذَا ب ِ
َاط ًال، َصلُحُ ِل ْل ِوَالي َ ِة .إِمَّ ا أ َ ْن يَ ُك َ ان َّ
وَىل مَ ْن َال ي ْ يض :إ ِ َّن عُ ثْمَ َ للوالية وَحِ ين َ ِئ ٍذ َف َقوْ ُل َّ
الرافِ ِ ِّ
ان مُجْ تَ ِه ًدا ِيف َصلُحُ ِيف ن َ ْف ِس ْ َ
األمْ ِرَ ،ل ِكن َّ ُه َك َ ون َّ
وَىل مَ ْن َال ي ْ َصلُحُ َ .وإِمَّ ا أ َ ْن يَ ُك َ
وَ َل ْم يُوَ ِّل إ ِ َّال مَ ْن ي ْ
وَهذَا َال ي َْقدَحُ فِ ِيه".
ظنُّهَُ ، طأ َ َ َصلُحُ وَ أ َ ْخ َ
ان ي ْظ َّن أَن َّ ُه َك َ
ذَ ِل َكَ ،ف َ
"فأ َ َرا َد الن َّ ِب ُّي -ﷺ -أ َ ْن ي ُْر ِس َل إِلَي ِْه ْم جَ ي ًْشا، ذكر قصة الوليد بن عقبةَ : إىل أن قال بعد ِ
اس ٌق ِبنَبَ ٍإ َفتَبَيَّنُوا أ َ ْن تُ ِصيبُوا َقوْ مً ا ِبجَ هَ ا َل ٍة َفأَن ْ َز َل ال َّل ُه تَعَ َ
اىل{ :يَاأَيُّهَ ا ا َّلذ َ
ِين آمَ نُوا إ ِ ْن جَ ا َء ُك ْم َف ِ
ور ُة الْحُ جُ َر ِ
ات6 : (ُ )1س َ
( )2منهاج السنة 238/ 6
( )3البداية والنهاية 184/7بترصف
( )4منهاج السنة
( )5اإلصابة ( )348/4
(128-127/27 )1
( )2بحار األنوار 539/ 32 :و 313/ 33
( )3منهاج السنة 196 /
قال ابن تيمية[" :فصل كالم الرافيض أن عمر كان يأخذ بالرأي والحدس والظن] فصل
قال الرافيض " :وقال بالرأي والحدس والظن ".والجواب :أن القول بالرأي لم يختص به
عمر -ريض الله عنه ،بل عَل كان من أقولهم بالرأي ،وكذلك أبو بكر وعثمان وزيد وابن
مسعود وغريهم من الصحابة -ريض الله عنهم -كانوا يقولون بالرأي ،وكان رأي عَل يف
دماء أهل القبلة ونحوه من األمور العظائم.كما يف سنن أبي داود وغريه عن الحسن ،عن
قيس بن عباد قال :قلت لعَل :أخربنا عن مسريك هذا ،أعهد عهده إليك رسول الله -ﷺ -
فتأمل مشابهة هؤالء القعد ملن خرج عىل عثمان -ريض الله عنه.-
"عىل فرض صحتها" ،فها َك كالما كثريا لصحابة رسول الله ﷺ خرية أهل األرض ،فهال
أنكر القعد عليهم أيضا؟ وأنَّى لهم ذلك.
قال محب الدين" :فقال قائل من األنصار :أنا جذيلها املحكك وعذيقها املرجب ،منا أمري
ومنكم أمري قال :فكثر اللغط وارتفعت األصوات حتى خشينا الخالف فقلت :ابسط يدك يا
أبا بكر ،فبسط يده فبايعته وبايعه املهاجرون ثم بايعه األنصار ،ونزونا عىل سعد بن عبادة
فقال قائل منهم :قتلتم سعد بن عبادة قال :فقلت :قتل الله سعد بن عبادة قال مالك:
فأخربني ابن شهاب عن عروة بن الزبري أن الرجلني اللذين لقياهما عويم بن ساعدة ومعن
بن عدي قال ابن شهاب :وأخربني سعيد بن املسيب أن الذي قال :أنا جذيلها املحكك
()1
وعذيقها املرجب الحباب بن املنذر ،أخرجاه".
وقال" :زاغ أن ينقض عليه القريش فقال عمر :ال ينبغي هذا األمر وال يصلح إال لرجل من
قريش ،ولن ترَض العرب إال به ولن تعرف اإلمارة إال له ،والله ما يخالفنا أحد إال
قتلناه.فقام حباب بن املنذر السلمي فقال :منا أمري ومنكم أمري ،أنا جذيلها املحكك وعذيقها
املرجب ،وقد دفت علينا دافة أرادوا أن يختزلونا من أصلنا ويحضنونا من األمر ،وإن شئتم
كررناها جذعة.قال :فكثر القول حتى كاد أن يكون بينهم يف السقيفة حرب ،وتوعد بعضهم
بعضا ثم تراد املسلمون وعصم الله لهم دينهم ،فرجعوا بقول حسن فسلموا األمر وأغضبوا ً
الشيطان ،فوثب عمر وأخذ بيد أبي بكر وقام أسيد بن الحضري أخو بني عبد األشهل وبشري
بن سعد يسبقان ليبايعا فسبقهما عمر وبايعاه معً ا ،ووثب أهل السقيفة يبتدرون البيعة
وسعد بن عبادة مضطجع يوعك ،فازدحم الناس عىل بيعة أبي بكر فقال قائل من األنصار:
()2
اتقوا سعد بن عبادة وال تطئوه فقال عمر :اقتلوه قتله الله ،وقال عمر ذلك بغضب"
وقال" :قال ابن شهاب :وغضب رجال من املهاجرين يف بيعة أبي بكر ،منهم عَل بن أبي
طالب والزبري فدخال بيت فاطمة معهما السالح ،فجاءهما عمر بن الخطاب يف عصابة من
وانظر إىل الصحابة -رضوان الله عليهم -وكلهم أجلة مغفور لهم إن شاء الله ،ومع ذلك
حصل من بعضهم تعصب ،فكيف يالم من هو دونهم؟
قال" :وهذا ال يقدح فيما تقدم ذكره من دعوى اإلجماع بل نقول :خالف الواحد مع ظهور
()2 ً
خالفا ينتقض به اإلجماع ،والله أعلم". العناد والحمية الجاهلية ال يعد
والشاهد قوله :ظهور الحمية الجاهلية ،يريد بذلك سعد بن عبادة -ريض الله عنه.-
قال" :فإن قيل :قوله -يريد عليا -فاستبددتم به علينا ،يشعر بأن املراد بالحق املشاورة
واملراجعة واالشرتاك يف الرأي ،وأنه إنما نقم انفرادهم دونهم ،وأنهم لو أيركوه معهم يف
()3
الرأي لتابعهم عليه"
وفيما تقدم فائدة عظيمة :أن الصحابة الذين تنازعوا كلهم من أهل السابقة يف اإلسالم
متأخرا أو بعد فتح مكة ،وعىل ذلك
ً والهجرة والجهاد ،ولم ينازعهم شخص أسلم أو هاجر
قس حالة الدولة ،فكيف ينازع من هاجر بعد فتح املوصل والرقة وإعالن الخالفة من سبقه
باإلسالم والجهاد والهجرة ب 15سنة!
َار إِال عَ َىل النُّجْ عَ ِة ،وَال اسَ ،ف َقا َل:إ ِ َّن ا ْلحِ جَ ا َز َلي َْس َل ُك ْم ِبد ٍ "وَقا َم عُ مَ ُر َرحِ مَ ُه ال َّل ُه ِيف الن َّ ِقالَ :
األ ْر ِض الَّ ِتي ون عَ ْن مَ وْ عُ و ِد ال َّل ِه! ِسريُوا ِيف َ اج ُر َ ط َّرا ُء ا ْلمُهَ ِي َْقوَى عَ َلي ِْه أ َ ْهلُ ُه إِال ِبذَ ِل َك ،أَي َْن ال ُّ
ظ ِه ٌرِّين ُك ِّل ِه*» ،وَ ال َّل ُه ُم ْ ظ ِه َر ُه عَ َىل الد ُِوهاَ ،ف ِإن َّ ُه َقا َلِ « :ليُ ْاب أ َ ْن يُو ِرث َ ُكم َ وَ عَ َد ُك ُم ال َّل َه ِيف ا ْل ِكتَ ِ
ان أَوَّ ُل ُمنْتَد ٍَب ون! َف َك َ الصالِحُ َ األمَ ِم أَي َْن عِ بَا ُد ال َّل ِه َّ
يث ُ ارص ُه ،وَ مُوَ ِّيل أ َ ْه َل ُه مَ وَ ِار َ
دِ ينَهُ ،وَ مُعِ ٌّز ن َ ِ َ
أَبُو عُ َبيْ ِد ْب ُن مَ ْسعُ ودٍ ،ث ُ َّم ثنى سعد بن عبيد -او سليط ابن َقي ٍْسَ -ف َلمَّ ا اجْ تَمَ َع ذَ ِل َك ا ْل َبعْ ُث،
ص ِار َقا َل :ال وَ ال َّل ِه ال أ َ ْفعَ ُل ،إ ِ َّن ين وَ َ
األن ْ َ اج ِر َ ني ِم َن ا ْلمُهَ ِ السا ِبقِ َ قِ ي َل لِعُ مَ َر :أَمِّ ْر عَ َلي ِْه ْم َرجُ ال ِم َن َّ
َ
قولهمُ:ماهذهُالدولةُالتيُالُيكتبُاإلمامُفيهاُعقيدته
فقلت :يا سبحان الله ،قد وقعتم يف الشيخ الفرقان وهو قد امتحن َّ
املوىل بيشء مندوب إليه
وله فيه سلف ،فسموا لنا رجالكم ،من الذي امتحن اإلمام يف منهجه وعقيدته؟ ومع ذلك
نقول ،أن كتابة عقيدة والصدع بها عىل املنابر ،عمل به بعض امللوك قديمً ا.
السلف ليحمل الناس عليها فكتبها له الكرجي القصابومن ذلك أمر القادر بكتابة عقيدة َّ
وسميت العقيدة القادرية وذلك قبل توليه الخالفة.
ثم حمل الناس عليها وأمر بقراءتها وامتثل أمره وسار عىل نهجه محمود بن سبكتكني
الذي كان يحكم أكثر بالد املرشق والهند وزاد عليه باألمر بلعن املبتدعة حتى لُعنت
األشعرية .ثم جرى بعد ذلك يف خالفة القائم ويف مملكة السالجقة طغرل بك وذويه لعن
()2
املبتدعة عىل املنابر فلعنت األشاعرة ،ثم جرى ذلك سنة .٤٦٠
جاء يف سري األعالم" :وامتثل ابن سبكتكني أمر القادر ،فبث السنة بممالكه ،وتهدد بقتل
الرافضة واإلسماعيلية والقرامطة ،واملشبهة والجهمية واملعتزلة ،ولعنوا عىل املنابر".
يقول ابن تيمية يف نقض املنطق " :ولهذا اهتم كثري من امللوك والعلماء بأمر اإلسالم وجهاد
أعدائه حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغريهم عىل املنابر ،حتى لعنوا كل طائفة
(445/ 3 )1
( )2انظر يرح أصول االعتقاد لاللكائي ، 723/4ذم الكالم للهروي ،املنتظم البن الجوزي ،سري أعالم النبالء ،
تاريخ ابن كثري ،تلبيس الجهمية 331/2والتسعينية 1001والدرء 252/6والصفدية 162/2والفتاوى
15/4البن تيمية
قال املقريزي يف الخطط ":فلما ملك السلطان امللك النارص صالح الدين يوسف بن أيوب
املاراني عىل هذا
ّ ديار مرص ،كان هو وقاضيه صدر الدين عبد امللك بن عيىس بن درباس
املذهب ،قد نشآ عليه منذ كانا يف خدمة السلطان امللك العادل نور الدين محمود بن زنكي
بدمشق ،وحفظ صالح الدين يف صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو املعايل مسعود بن
محمد بن مسعود النيسابوريّ ،وصار يحفظها صغار أوالده ،فلذلك عقدوا الخنارص وشدّوا
البنان عىل مذهب األشعريّ ،وحملوا يف أيام دولتهم كافة الناس عىل التزامه ،فتمادى الحال
عىل ذلك جميع أيام امللوك من بني أيوب ،ثم يف أيام مواليهم امللوك من األتراك ،واتفق مع
ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجاالت املغرب إىل العراق ،وأخذ عن أبي
حامد الغزايل ّ مذهب األشعريّ ،فلما عاد إىل بالد املغرب وقام يف املصامدة يفقههم ويعلمهم،
القييس،
ّ وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّ تهم ،ثم مات فخلفه بعد موته عبد املؤمن بن عَل ّ
وتلقب بأمري املؤمنني ،وغلب عىل ممالك املغرب هو وأوالده من بعد مدّة سنني ،وتسموا
باملوحدين ،فلذلك صارت دولة املوحدين ببالد املغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن
تومرت ،إذ هو عندهم اإلمام املعلوم ،املهديّ املعصوم ،فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خالئق
ال يحصيها ّإال الله خالقها سبحانه وتعاىل ،كما هو معروف يف كتب التاريخ ،فكان هذا هو
السبب يف اشتهار مذهب األشعريّ وانتشاره يف أمصار اإلسالم ،بحيث نيس غريه من
املذاهب ،وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفهّ ،إال أن يكون مذهب الحنابلة أتباع اإلمام
أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ريض الله عنه ،فإنهم كانوا عىل ما كان عليه السلف،
- 112 -
ال يرون تأويل ما ورد من الصفات ،إىل أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة ،اشتهر
تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحكم بن عبد السالم بن تيمية
بدمشق وأعمالها ّ
اني ،فتصدّى لالنتصار ملذهب السلف وبالغ يف الر ّد عىل مذهب األشاعرة ،وصدعالحر ّ
ّ
بالنكري عليهم وعىل الرافضة ،وعىل الصوفية"
وهذا كثري يف هؤالء املبتدعة ،والحاكم قد يَجتهد ألجل مصلحة ُمتوهمة ومع ذلك ال يُنكر كل
خريه ،كما ال يرمى بالجهل املركب.
ُون حَ تَّى يَعْ َلمُوا ني ُه َو عُ ُقوب ٌَة َلهُ مَْ ،ف َال يُعَ َاقب َ "ف َل ْو َقا َل َقا ِئ ٌل :قِ تَا ُل ا ْلم ُْسل ِِم َ قال تقي الدينَ :
ُون أ َ َّن َلهُ ْم ذَنْبًا،
ِين َقاتَ َلهُ ْم عَ َِل ٌّ] َل ْم يَ ُكونُوا يَعْ َلم َ صحَ ابُ مُعَ ِاوي ََة [ا َّلذ َ ْ ِاإليجَ ابَ وَ التَّحْ ِريمَ ،وَ أ َ ْ
ُون أَن َّ ُه ذَنْبٌ َ ،وإ ِ ْن َكانُوا ُمذْ ِن ِب َ
ني َف ِإ َّن َغاي ََة مَ ا ي َُقا ُل :إِنَّهُ ْم َف َل ْم يَجُ ْز لِعَ َِل ي قِ تَالُهُ ْم عَ َىل مَ ا َال يَعْ َلم َ
ُون أَن َّ ُه ي َِجبُ عَ َلي ِْه ْم
اجب ََةَ ،لك َِّن َك ِثريًا ِمنْهُ ْم -أ َ ْو أ َ ْكث َ َر ُه ْم َ -ل ْم يَ ُكونُوا يَعْ َلم َ طاعَ َة ا ْلوَ ِ
تَ َر ُكوا ال َّ
ْفوبَ ،ف َكي َ ات وَ التَّأ ْ ِو َيال ِت مَ ا يَمْ ن َ ُع عِ ْلمَ هُ ْم ِبا ْلوُجُ ِ
الشبَهَ ِ ان َلهُ ْم ِم َن ُّ طاعَ ُة عَ َِل ي وَ ُمتَابَعَ تُهُ ،بَ ْل َك َ َ
صومً ا؟ َل ْم يَ ُك ْن ِمث ْ ُل ان مَ عْ ُ اجبًا ،أ َ ْو َفعَ َل مُحَ َّرمً ا مَ َع َكوْ ن ِِه َك َ جَ ا َز قِ تَا ُل مَ ْن َل ْم يَعْ َل ْم أَن َّ ُه تَ َر َك وَ ِ
ْف يَ ُكو ُن ذَ ِل َك َقدْحً ا ِيف إِمَ امَ ِة عُ مَ َر؟ َ!ال ِسيَّمَ ا وَ ا ْلقِ تَا ُل عَ َىل تَ ْركِ َهذَا َقدْحً ا ِيف إِمَ امَ ِة عَ َِليَ ،ف َكي َ
ص َلحَ ُة اج ِب ،وَ ا ْلمَ ْ ال أ َ َق َّل ِم ْن مَ ْف َس َد ِة تَ ْركِ ذَ ِل َك ا ْلوَ ِ
ُرش ُع إِذَا َكان َ ْت مَ ْف َس َد ُة ا ْلقِ تَ ِ اج ِب إِنَّمَ ا ي ْ َ
ا ْلوَ ِ
ص َلحَ ِة ِب َ ْ
رتك ِِه. ال أَعْ َ
ظ َم ِم َن ا ْلمَ ْ ِبا ْلقِ تَ ِ
صيَا ُن النَّا ِس طلُوب ََة ،بَ ْل َزا َد ِبذَ ِل َك عِ ْ طاعَ َة ا ْلمَ ْص ِل ال َّ وَ َل ْم يَ ُك ِن ْ َ
األمْ ُر َكذَ ِل َك؛ َف ِإ َّن ا ْلقِ تَا َل َل ْم يُحَ ِّ
وَقاتَ َل ُه َك ِثريٌ ِم ْن أُمَ َرا ِء جَ ي ِْش ِه ،وَ أ َ ْكث َ ُر ُه ْم
وَخ َرجَ عَ َلي ِْه َخوَ ِارجُ ِم ْن عَ ْس َك ِرهِ َ ، صا ُه َ لِعَ َِلي ،حَ تَّى عَ َ
.ف ِإ ْن قِ ي َل :عَ َِل ٌّ ال َ ط َو َع َل ُه ِمنْهُ ْم بَعْ َد ا ْلقِ تَ ِال أ َ ْ
ط َل ًقا ،وَ َكانُوا َقبْ َل ا ْلقِ تَ ِ ني َل ُه ُم ْ َل ْم يَ ُكونُوا م ُِطيعِ َ
َاس ِة ا ْلعَ امَّ ِة ا ْل ُك ِّلي َِّة أَحْ وَجُ ِمن ْ ُه إ ِ َىل مَ عْ ِر َف ِة األمْ ِر إ ِ َىل مَ عْ ِر َف ِة ْ َ
األحْ َكا ِم ِيف ِّ
السي َ وَيل ُّ ْ َ
فتأمل قوله :وَ ِ
َْ
األحْ َكا ِم ِيف ا ْلحُ دُو ِد ا ْلجُ ْز ِئيَّة
ً
جهال مركبًا لخفاء بعض املسائل الجُ زئية الخفية ً
جاهال وكيف جعلت الخوارج الخليفة
عليه ،ورسول الله ﷺ قال" :أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إال الحدود".
وقال الثوري :ليس يكاد يفلت من الخطأ أحد ،إذا كان الغالب عىل الرجل الحفظ فهو حافظ
وإن غلط ،وإن كان الغالب عليه الغلظ ترك" ،فهل يغلب عىل أبي بكر القريش الظلم والغلو
والبدعة والفقر ،أم غلب عىل دولته التوحيد والعدل والعفة ،وإلن قالوا األوىل فلنأتني بشهادة
ِ
نفسه من رسائله التي كل شيخ من شيوخهم يقول بخالف مقالتهم ،بل بكالم هذا الديري
كتبها حال عيشه بالدولة.
وقال سعيد بن املسيب :ليس من يريف وال عالم وال ذي فضل إال َّ وفيه عيب ولكن من
الناس من الينبغي أن تُذكر عيوبه ،فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.
أيضا أن من كثرتقال ابن القيم يف مفتاح دار السعادة" :من قواعد الرشع والحكمة ً
حسناته وع ُ
ظمت وكان له يف اإلسالم تأثري ظاهر فإنه يحتمل له ما ال يحتمل لغريه ،ويعفى
عنه ماال يعفى عن غريه ،فإن املعصية خبث ،واملاء إذا بلغ قلتني لم يحمل الخبث ،بخالف
املاء القليل فإنه ال يحمل أدنى خبث ،ومن هذا قول النبي ﷺ لعمر :وما يدريك لعل الله
اطلع عىل أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .وهذا هو املانع له ﷺ من قتل من
جس عليه وعىل املسلمني وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم فأخرب ﷺ أنه شهد بدرا ،فدل
عىل أن مقتىض عقوبته قائم لكن منع من ترتب أثره عليه ماله من املشهد العظيم ،فوقعت
عن ابن عباس ريض الله عنه عن النبي ﷺ قال" :من سرت عورة أخيه املسلم سرت الله
عورته يوم القيامة ،ومن كشف عورة أخيه املسلم كشف الله عورته ،حتى يفضحه بها يف
بيته" رواه ابن ماجه ،وجاء بلفظ آخر يف الصحيحني.
األسلمي ريض الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ" :يَا مَ عْ َ َ
رش مَ ْن آمَ َن ِبل َِسان ِِه، ّ وعن أبي ب َْرزة
وْرات ِِه ْم ْخ ِل ْ ِاإليمَ ا ُن َق ْلبَهَُ :ال تَ ْغتَابُوا ا ْلم ُْس ِل ِم َ
ني ،وَ َال تَتَّ ِبعُ وا عَ وْ َرات ِِهمَْ ،ف ِإن َّ ُه مَ ِن اتَّبَ َع عَ َ وَ َل ْم يَد ُ
وْرتَ ُه ي َْف َضحْ ُه ِيف َبيْت ِِه" رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وْرتَهُ ،وَ مَ ْن يَتَّ ِب ِع ال َّل ُه عَ َ
يَتَّ ِبع ال َّل ُه عَ َ
ص َّىليض ال َّلـ ُه عَ نْهُ مَ ا َقا َل" :مَ َّر الن َّ ِب ُّي َ َّاسَ ،ر ِ َ وقد كان ﷺ يكتفي بالبيان العام ،عَ ْن ابن عب ٍ
ان َال ري ،أَمَّ ا أَحَ د ُُهمَ ا َف َك ََان ِيف َك ِب ٍ ين َف َقا َل" :إِنِّهُ مَ ا َليُعَ ذَّب ِ
َان ،وَمَ ا يُعَ ذَّب ِ ال َّلـ ُه عَ َلي ِْه َس َّل َم ِب َق ْرب ِ
ِص َفني َف َغ َر َز طب ًَة َف َش َّقهَ ا ن ْ ان يَمْ ِيش ِبالن َّ ِميمَ ِةَ ،فأ َ َخذَ جَ ريد ًة ِر ْ ي َْستَ ِرتُ ِم َن ا ْلبَوْ ِل ،وَ أَمَّ ا َ
اْلخ ُر َف َك َ
ف عَ نْهُ مَ ا مَ ا َلـ ْم ِيف ُك ِّل َق ْ ٍرب وَ احِ َد ًةَ .ف َقالُوا :لِـ َم َفعَ ْل َت َهذَا يَا َر ُسو َل الله؟َ .ف َقا َلَ :لعَ َّل ُه ي َُخ ِّف ُ
يَيْب ََسا"ُ .متَّ َف ٌق عَ َلي ِْه.
قال ابن رجب" :وكان السلف يكرهون األمر باملعروف والنهي عن املنكر عىل هذا الوجه
ويحبون أن يكون رسا ً فيما بني اْلمر واملأمور فإن هذا من عالمات النصح فإن الناصح
ليس له غرض يف إشاعة عيوب من ينصح له وإنما غرضه إزالة املفسدة التي وقع فيها .
وأما إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله قال الله تعاىل ﴿ :إ ِ َّن ا َّلذ َ
ِين يُحِ ب َ
ُّون
ِين آمَ نُوا َلهُ ْم عَ ذَابٌ أَلِي ٌم ِيف ال ُّدنْيَا وَ ْاْلخِ َر ِة وَ ال َّل ُه يَعْ َل ُم وَ أَن ْتُ ْم ال تَعْ َلم َ
ُون أ َ ْن تَ ِشي َع ا ْل َفاحِ َش ُة ِيف ا َّلذ َ
﴾ ()1؛ واألحاديث يف فضل الرس كثري ٌة جدَّا ،وقال بعض العلماء ملن يأمر باملعروف" :واجتهد
أحق يشء بالسرت :العورة" ؛ فلهذا أن تسرت العصاة فإن ظهور عوراتهم وهن يف اإلسالم ُّ
كان إشاعة الفاحشة مقرتنة بالتعيري وهما من خصال الفجار ألن الفاجر ال غرض له يف
زوال املفاسد وال يف اجتناب املؤمن للنقائص واملعايب إنما غرضه يف مجرد إشاعة العيب يف
أخيه املؤمن وهتك عرضه فهو يعيد ذلك ويبديه ومقصوده تنقص أخيه املؤمن يف إظهار
فغرضه بذلك إزالة عيب ُ عيوبه ومساويه للناس ليُدخل عليه الْضر يف الدنيا؛ وأما الناصح
أخيه املؤمن واجتنابه له وبذلك وصف الله تعاىل رسوله ﷺ فقالَ ﴿ :ل َق ْد جَ ا َء ُك ْم َر ُسو ٌل
()2
ف َرحِ ي ٌم ﴾ ني َر ُؤو ٌ ِم ْن أَن ْ ُف ِس ُك ْم عَ ِزي ٌز عَ َلي ِْه مَ ا عَ ِنتُّ ْم حَ ِر ٌ
يص عَ َليْ ُك ْم ِبا ْلم ُْؤ ِم ِن َ
ِين مَ عَ ُه أ َ ِشدَّا ُء عَ َىل الْ ُك َّف ِار ُرحَ مَ ا ُءووصف بذلك أصحابه فقال ﴿ :مُحَ مَّ ٌد َر ُسو ُل ال َّل ِه وَ ا َّلذ َ
اه ْم ِيف وُجُ وهِ ِه ْم ِم ْن أَث َ ِر ضوَ انا ً ِسيمَ ُ وَر ْون َف ْضالً ِم َن ال َّل ِه ِ اه ْم ُر َّكعا ً ُسجَّ دا ً يَبْتَ ُغ َ بَيْنَهُ ْم تَ َر ُ
ظ طأ َ ُه َف َآز َر ُه َف ْ
استَ ْغ َل َ يل َك َز ْر ٍع أ َ ْخ َرجَ َش ْ األن ْ ِج ِوْرا ِة وَمَ ثَلُهُ ْم ِيف ْ ِ السجُ و ِد ذَ ِل َك مَ ثَلُهُ ْم ِيف التَّ َُّ
ات صالِحَ ِ ِين آمَ نُوا وَ عَ ِملُوا ال َّ ظ ِب ِه ُم ا ْل ُك َّفا َر وَ عَ َد ال َّل ُه الَّذ َ
الز َّرا َع ِليَغِ ي َ
استَوَى عَ َىل ُسوق ِِه يُعْ ِجبُ ُّ َف ْ
ِمنْهُ ْم مَ ْغفِ َر ًة وَ أَجْ را ً عَ ِظيما ً ﴾ (.)3ووصف املؤمنني بالصرب والتوايص باملرحمة؛ وأما الحامل
للفاجر عىل إشاعة السوء وهتكه فهو القوة والغلظة ومحبته إيذاء أخيه املؤمن وإدخال
الْضر عليه وهذه صفة الشيطان الذي يزيِّن لبني آدم الكفر والفسوق والعصيان ليصريوا
( )1النور19:
( )2التوبة128:
( )3الفتح29:
رسيُّ ُيَومَُذَبائِحُالق ِ
ربانُ ُذاُضحَّ ىُ ِبجَ ع ٍدُخالِدُُ*ُ َ
الق ِ َ جلَِ
وأل ِ
َ
ُليسُخلي َلهُُ*ُكالُوَالُموىسُالكليمُالدَّاني إذُقا َلُإبراهيم
ُ*ُللهُدر َكُمنُأخيُق ُِ
ربانُ ُّ ُالضحِ ي ََّةُك ُّلُصاحِ ِبُسن َّ ٍة
َش َك َر َّ
وقال" :فلما اشتهر أمره يف املسلمني طلبه خالد بن عبدالله القرسي وكان أمريا عىل العراق
حتى ظفر به فخطب الناس يف يوم األضحى وكان آخر ما قال يف خطبته ايها الناس ضحوا
تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يكلم موَس تكليما
ولم يتخذ إبراهيم خليال تعاىل الله عما يقول الجعد علوا كبريا ثم نزل فذبحه يف أصل املنرب
()4
فكان ضحية"
( )1فاطر6:
( )2األعراف :من اْلية27
( )3الفرق بني النصيحة والتعيري
( )4الصواعق املرسلة 1071/3
ِ
لرعيته بالكفاالت واجتماعهم حوله تحت وال شك أن الشيخ أبا بكر البغدادي قد أحسن
حكم يرع الله وجهاده لكل أمم الكفر ومحاسنه كثرية ،فلو وقع يف ظل ٍم وجور ،فأحب
للمسلم أن يغفر له ويسامحه ،وهذا كان دأب السلف رحمهم الله.
الفضيل بن عياض -رحمه الله“ :-ما رأيت أزهد من رجل من أهل خراسان ،جلس إيل ّقال ُ
يف املسجد ،ثم قام ليطوف فرسقت دنانري كانت معه ،فجعل يبكي ،فقلت :أعىل الدنانري
تبكي؟ فقال :ال ،ولكن مثلتني وإياه بني يدي الله -عز وجل -فأيرف عقَل عىل إدحاض
حجته فبكيت رحمة له".
قال ابن املربد يف كتاب أدب الدعاء" :فهذا رحم الظالم ،وممن رحم الظالم ً -
أيضا -أشياء
كثرية؛ كما روي عن بعضهم :أنه خطفت عمامته ،فبقي يعدو خلفه ويقول :أبرأت ذمتك
منها ،فقل :قبلت ،فقيل له ،فقال :مني يأخذه حالال.
وجرى ْلخر مثل هذا ،فقيل له :فقال :ألن هذا منكر ،فإذا أبرأته منهاُ ،
أزلت املنكر.
وممن علم ظامله ،وقدر عليه ،ولم يؤاخذه ،ما جرى لشيخنا الشيخ زين الدين ابن الحبال
الحنبَل :أنه كان يف بعض بساتني الشام هو وأخوه ،فجاء ،فلقيهما أناس ،فعروهم ،وأخذوا
ما عليهما ،ثم عرف واحدا منهم ،ولم يقل له شيئا واحدًا ،وأخربني هو بهذا الخرب.قلت له:
عرفته؟ قال :نعم ،هو يف املجزرة ،قلت له :وما قلت له؟ قال :قلت له :تُب إىل الله تعاىل ،وال
وعرفته ،قلت له :من هو؟ ،قال :ما كنت ألهتكه ،وما أظنه دعا عليه ،بل دعا له.تعدَّ ،
قال :وال يدع عىل الظالم ،والصرب عن الدعاء عليه أوىل ،كما يف قصة اإلمام أحمد ملا ْضب،
فقيل له :أال تدعوا عليهم؟ فقال :ليس بصابر من دعا عىل ظالم.وقد ُروي عن النبي ﷺ،
ِ
حديث عائشة ريض الله عنها: أنه نهى عن سب السارق ،والدعاء عليه.وخ َّرج أبو داود ،من
( )1قال الشيخ سليمان بن سحمان -رحمه الله -يف كتابه " تنبيه ذوي األلباب السليمة "( ص ) 143-137
ردًا عىل الزيدي املعرتض عىل شيخ اإلسالم محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله -
ٌ
خالفة وله الحق يف الذهاب إىل كل بقعة يحكمها من وهذا الكالم غريب يف الحقيقة ،إذ أنها
الفلبني إىل افريقية ،دون الحديث عن مصلحة الجماعة ومفسدة الفرقة التي ال تهم هؤالء
الخوارج ،لكن يقال لهم ،ما تقولون يف هذه األخبار التي حصلت للصحابة ريض الله عنهم؟
قال محب الدين " :عن ابن عباس ،أن عمر بن الخطاب خرج إىل الشام ،حتى إذا كان
برسغ ،لقيه أمراء األجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه ،فأخربوه أن الوباء قد وقع
بالشام ،قال ابن عباس :فقال عمر :ادع يل املهاجرين األولني ،فدعوتهم ،فاستشارهم
وأخربهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا ،فقال بعضهم :خرجت ألمر فال نرى أن ترجع
عنه ،وقال بعضهم :معك بقية الناس وأصحاب رسول الله ﷺ ،وال نرى أن تقدمهم عىل
هذا الوباء ،فقال :ارتفعوا عني ،ثم قال :ادع يل األنصار فدعوتهم ،فاستشارهم فسلكوا
سبيل املهاجرين واختلفوا كاختالفهم ،فقال :ارتفعوا عني ،ثم قال :ادع يل من كان هاهنا
من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح ،فدعوتهم ،فلم يختلف عليه رجالن ،وقالوا :نرى أن
ترجع بالناس وال تقدمهم عىل هذا الوباء ،فنادى عمر يف الناس إني مصبح عىل ظهر،
فأصبحوا عليه ،فقال أبو عبيدة بن الجراح :أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر :لو غريك قالها
يا أبا عبيدة وكان عمر يكره خالفه نفر من قدر الله إىل قدر الله ،أرأيت لو كان لك إبل
فهبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة ،واألخرى جدبة ،أليس إن رعيت الخصبة رعيتها
بقدر الله ،وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ،قال :نعم.قال :فجاء عبد الرحمن بن عوف،
وكان متغيبا يف بعض حاجته ،فقال :إن عندي من هذا علما ،سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«إذا سمعتم به بأرض فال تقدموا عليه ،وإذا وقع بأرض وأنتم بها فال تخرجوا فرارا منه»
قال :فحمد الله عمر بن الخطاب ثم انرصف ،ويف رواية :فسار حتى أتى املدينة فقال :هذا
()1
املحل وهذا املنزل إن شاء الله تعاىل ،أخرجاه.
العلني ،ويربطون األمر بقصة إنكار عبادة وأبي ذرّ كثريا ما يتحدث الناس عن اإلنكار
ريض الله عنهما عىل عثمان ريض الله عنه ،والحقِ يقة أنه ليس فيه ما ذهبوا إليه.
ان ي ََق ُع بَيْن َ ُه وَ ب ْ َ
َني ات ِبهَ ا ل َِسب َِب مَ ا َك َ الربَذَ َة وَ مَ َ "فا ْلجَ وَ ابُ :أ َ َّن أَبَا َذ ير َس َك َن َّ قال تقي الدينَ :
الز ْه َد ان ِم ْن مَ ذْ َه ِب ِه أ َ َّن ُّ
صالِحً ا َزاهِ دًا ،وَ َك َ ان َرجُ ًال َ اسَ ،ف ِإ َّن أَبَا ذَ ير َ -ر ِ َ
يض ال َّل ُه عَ ن ْ ُه َ -ك َ الن َّ ِ
اض ًال عَ ْن حَ اجَ ت ِِه َفهُ َو َكن ْ ٌز يُ ْكوَى ِب ِه ِيف الن َّ ِار" [ ]...وَ َلمَّ ا اجبٌ ،وَ أ َ َّن مَ ا أَمْ َس َك ُه ْ ِاإلن ْ َسا ُن َف ِ وَ ِ
ف مَ ًاال ،جَ عَ َل أَبُو َذ ير َذ ِل َك ِم َن ا ْل َكن ْ ِز ا َّلذِي يُعَ َاقبُ عَ َلي ِْه، ف َ
وَخ َّل َ الرحْ مَ ِن بْ ُن عَ وْ ٍ
وُيف َ عَ بْ ُد َّ تُ ِّ
ان َق ْد َ
وَق َع بَيْن َ ُه ْضبَ ُه أَبُو ذَ ير ،وَ َك َانَ ،ف َ َ َخ َل َكعْ بٌ وَ وَ َاف َق عُ ثْمَ َ اظ ُر ُه ِيف ذَ ِل َك ،حَ تَّى د َ وَ عُ ثْمَ ا ُن يُن َ ِ
الصحَ اب َِة َل ُه مَ ا ٌل عَ َىل عَ هْ ِد ان َغ ْريُ وَ احِ ٍد ِم َن َّ وَق ْد َك َ السب َِب [َ ]... الشا ِم ِبهَ ذَا ََّني مُعَ ِاوي ََة ِب َّ وَ ب ْ َ
ان ان َغ ْريُ وَ احِ ٍد ِم َن ْ َ
األن ْ ِبيَا ِء َل ُه مَ ا ٌل.وَ َك َ ين .وَ َك َ اج ِر َص ِار ،بَ ْل وَ ِم َن ا ْلمُهَ ِ الن َّ ِب ِّي -ﷺ ِ ،-م َن ْ َ
األن ْ َ
ُوج ِب ال َّل ُه عَ َلي ِْهمْ ،وَ يَذُمُّ هُ ْم عَ َىل مَ ا لَ ْم يَذُمُّ هُ ُم ال َّل ُهاس مَ ا َل ْم ي ِ ُوجبَ عَ َىل الن َّ ِ أَبُو ذَ ٌّر ي ُِري ُد أ َ ْن ي ِ
ِين ِم ْن يض ال َّل ُه عَ ن ْ ُه َ -ك َسائ ِِر ا ْلمُجْ تَ ِهد َ طاعَ ِت ِه َ -ر ِ َ عَ َلي ِْه ،مَ َع أَن َّ ُه مُجْ تَ ِه ٌد ِيف ذَ ِل َكُ ،مثَابٌ عَ َىل َ
ني وَهذَا ِم ْن أ َ ْسب ِ
َاب ا ْلفِ تَ ِن بَ ْ َ اتَ . اه ْم عَ ِن ا ْل ُمبَاحَ ِ وَس َع أَبُو ذَ ير ِيف ْ ِاإلن ْ َك ِار حَ تَّى نَهَ ُ أَمْ ثَال ِِه[ ]..وَ تَ َّ
ض ِم َن ان مَ َع أ َ ِبي ذَ ير َغ َر ٌ السب َِب ،وَ َل ْم يَ ُك ْن لِعُ ثْمَ َ ان اعْ ت َِزا ُل أ َ ِبي ذَ ير لِهَ ذَا َّ نيَ .ف َك َ طائ َِفتَ ْ ِ ال َّ
()1
اض". َْ
األ ْغ َر ِ
وأبو ذر ريض الله عنه هو القائل" :يا أمري املؤمنني ،افتح الباب ،ال تحسبني من قوم
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" ،وال أدري لم سيقولها ريض الله عنه إال أن
جرسا يعرب من خالله الخوارج ،ولقد مر به خوارج الكوفة فقالوا له:
ً العلني
ّ يكون اإلنكار
يا أبا ذر ،فعل بك هذا الرجل وفعل ،فهل أنت ناصب لك راية فنكملك برجال ما شئت؟
فقال :يا أهل اإلسالم ،ال تعرضوا عَل ذاكم وال تذلوا السلطان ،فإنه من أذل السلطان ،فال
توبة له ،والله لو صلبني عىل أطول خشبة أو حبل ،لسمعت وصربت ورأيت أن ذلك خري
يل".
أسباب الخروج عىل عثمان ،أن منها الرخاء الذي أورث األمة البطر ،قال الحسن ِ وقد قيل يف
البرصي رحمه الله" :أدركت عثمان عىل ما نقموا عليه ،قلما يأتي عىل الناس يوم إال وهم
يقتسمون فيه خريًا ،فيقال لهم :يا معرش املسلمني ،اغدوا عىل أعطياتكم .فيأخذونها وافرة،
ثم يقال لهم :يا معرش املسلمني ،اغدوا عىل أرزاقكم .فيأخذونها وافرة ،ثم يقال لهم :اغدوا
عىل السمن والعسل .األعطيات جارية ،واألرزاق دائرة والعدو منفي ،وذات البني حسن،
والخري كثري ،وما مؤمن يخاف مؤمنًا ،من لقيه فهو أخوه من كان ،ألفته ونصيحته ومودته،
قد عهد إليهم أنها ستكون أثرة ،فإذا كانت أن يصربوا ...ولو أنهم صربوا حني رأوها
لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والرزق والخري الكثري ،قالوا :ال والله ما نصابرها .فو الله
ما ردوا وال سلموا ،واألخرى كان السيف مغمدًا عن أهل اإلسالم ما عىل األرض مؤمن يخاف
سيفا ،حتى سلوه عىل أنفسهم ،فوالله ما زال مسلوال ً إىل يوم الناس أن يسل مؤمن عليه ً
هذا ،وأيم الله إني ألراه ً
سيفا مسلوال ً إىل يوم القيامة".
ودولة الخالفة قد عاش رعيتها يف رخاء كبري ،وحصل ألهل الجهاد من الغنى مالم يحلموا
سابقا ملا كانوا مطاردين يف السجون والصحاري إال من شذ عنهم ،وقيل أن االختالف ً به
بني طبع عثمان وطبع عمر لعب دورا كبريا ،إذ كان عمر شديدا وعثمان حليما ،لذلك قال
عبد الله بن عمر :والله لقد نقموا عىل عثمان أشياء لو فعلها عمر ما تكلم منهم أحد.
وأنا أقول :قد نقموا عىل البغدادي أشياء لو فعلها أسامة بن الدن أو الزرقاوي ما تكلم منهم
أحد.
وروى أبو بكر بن اسماعيل عن أبيه عن عامر بن سعد قال :كان أول من اجرتأ عىل عثمان
باملنطق السيئ جبلة بن عمرو الساعدي ،مر به عثمان وهو جالس يف ندى قومه ويف يد
جبلة جامعة ،فلما مر عثمان سلم فرد القوم ،فقال جبلة" :ل َم تردون عىل رجل فعل كذا
وكذا!!" قال :ثم أقبل عىل عثمان فقال" :والله ألطرحن هذه الجامعة يف عنقك أو لترتكن
بطانتك هذه" .قال عثمان" :أي بطانة! فوالله اني ألتخري الناس" ،فقال" :مروان تخريته!
ومعاوية تخريته! وعبد الله بن عامر بن ُكريز تخريته! وعبد الله بن سعد تخريته! منهم من
نزل القرآن بدمه ،وأباح رسول الله دمه".
وجاء يف تاريخ اإلسالم (: )2قال أبو األشهب عن الحسن قال :لقد رأيتهم تحاصبوا يف املسجد
حتى ما أبرص السماء وإن رجال رفع مصحفه من حجرات النبي ﷺ ثم نادى :ألم تعلموا
أن محمدا قد برئ ممن فرقوا دينهم وكانوا شيعا وقال سالم :سمعت الحسن قال :خرج
عثمان يوم الجمعة فقام إليه رجل فقال :أسألك كتاب الله فقال :ويحك أليس معك كتاب
الله ! قال :ثم جاء رجل آخر فنهاه وقام آخر وآخر حتى كثروا ثم تحاصبوا حتى لم أر
أدم السماء وروى برش بن شغاف عن عبد الله بن سالم قال :بينما عثمان يخطب فقام
رجل فنال منه فوذأته فاتذأ فقال رجل :ال يمنعك مكان ابن سالم أن تسب نعثال فإنه من
شيعته فقال له :لقد قلت القول العظيم يف الخليفة من بعد نوح وذأته :زجرته وقمعته
وقالوا لعثمان " نعثال " تشبها له برجل مرصي اسمه نعثل كان طويل اللحية والنعثل :
الذكر من الضباع وكان عمر يشبه بنوح يف الشدة.
قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن بن عون عن محمد بن سريين قال
أيرف عليهم عثمان من القرص فقال ائتوني برجل أتاليه كتاب الله فأتوه بصعصعة بن
صوحان وكان شابا فقال أما وجدتم أحدا تأتوني به غري هذا الشاب قال فتكلم صعصعة
بكالم فقال له عثمان اتل فقال أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله عىل نرصهم لقدير
فقال كذبت ليست لك وال ألصحابك ولكنها يل وألصحابي ثم تال عثمان أذن للذين يقاتلون
()4
بأنهم ظلموا وإن الله عىل نرصهم لقدير حتى بلغ وإىل الله عاقبة األمور.
وقد نسبت لألشرت النخعي رسالة لعثمان جاء فيها" :من مالك بن الحارث إىل الخليفة
املبتىل الخاطئ الحائد عن سنة نبيه النابذ لحكم القرآن وراء ظهره .أما بعد فقد قرأنا
كتابك؛ فإن ُه نفسك وعمالك عن الظلم والعدوان وتسيري الصالحني ،نسمح لك بطاعتنا.
وزعمت إنا قد ظلمنا أنفسنا ،وذلك ظنك الذي أرداك فأراك الجور عدال ً والباطل حقا .وأما
محبتنا فان تنزع وتتوب وتستغفر الله من تجنيك عىل خيارنا ،وتسيريك صلحاءنا،
وإخراجك إيانا من ديارنا ،وتوليتك األحداث علينا ،وأن تويل مرصنا عبد الله بن قيس أبا
موَس األشعري وحذيفة ،فقد رضيناهما .واحبس عنا وليدك وسعيدك ومن يدعوك إليه
الهوى من أهل بيتك إن شاء الله والسالم".
وقال ابن سبأ :إن عثمان أخذ األمر بغري حق و هذا ويص الرسول ﷺ ،فانهضوا يف هذا
األمر فحركوه ،و ابدؤوا بالطعن يف أمرائكم و أظهروا األمر باملعروف و النهي عن املنكر
ان استفسد ِيف األمصار تستميلوا الناس ،و ادعوهم إىل هذا األمر فبث دعاته ،وكاتب من َك َ
وكاتبوه ،ودعوا ِيف الرس إ ِ َىل مَ ا عَ َلي ِْه رأيهم ،وأظهروا األمر باملعروف والنهي عن املنكر،
وجعلوا يكتبون إ ِ َىل األمصار بكتب يضعونها ِيف عيوب والتهم ،ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذَ ِل َك،
(99 / 5 )2
مكن الله لها يف أرضه الواسعة ،خ َرج منها أشباه الرجال وال َّملا ابتُليَت دولة الخالفة التي ّ
الكفر التي
ِ رجال من ط َغام األحالم وعقول ربَّات الحجال ،و ّملا استقر بهم املقام بأرض
هربوا إليها بدينه ُم املزعوم ،بعدما لفظتهم دار الطهر واإلسالم كما ترفض األنفس السوية
صيحة باطل ،وكفروا بكل خري كفران الجارية بالعشري ،أما بعضهم فقد َ املجذوم ،صاحوا
كان يُبْطن الكفر والتجهم والبدع فلما استيأس من إظهار ما يبطن خرجَ ُم َّدعيًا أنه ال ح َّق
اليوم وال سنّة ،فذهب ينتظر مخلصه وال مهديّ فيهم ،وآخرون عُ رفوا بالجبن وحُ ب املال
فلمَّ ا ق َّلت النعم ولم تدم خذلوا الدولة اإلسالمية وخذَّلوا املسلمني عن الغزو ،وقالوا هذا أوان
حمار ُة القيظ الذي ال انرصا َم له! ُديِّثوا بالصغار ،وما علموا أن املال ظل
َّ ُقـ ير ُ
وَصـ ير ،بل
زائل وعارية مسرتجعة.
فقالوا" :إن هذه الدولة قد ْضبها الله ،فسبيت نسائها وقتل رجالها".
ِ
الشماتة أهلك الله صاحب هذه املقالة وأهلك من لم ينكرها وسخم وجهه ملا أظهر فيها من
بالحرائر الالتي ما رضني إال بالعفاف والسرت ،هو والله العجب ،قد زعم أنه املؤمن الوحيد
وىل ُدبره وخرجساداته بعد إذ َّ
ِ وما هو إال للنفاق أقرب ،صار يبحث ويُنقب عن عثرات
ذليال حقريًا تلقاء ديار األتراك واملرتدين ال يف عري وال يف نفري ،وما ُ
اكرتث لهذا وال لكالم ً
ألعراض ونسا ِء املوحدين
ِ أمثاله يف ثُب َِّت األقدام عِ ظام الها ّم ُرجَّ ِح َ
األحالم ،لكن األمر قد وصل
َ
يشمت بهم الصعافقة من األعراب القعدة املارقة وَ أمثالهم من املرتدين والله املستعان. أن
وكال ُم إبراهيم القريش ظاهر ،وسلس تفهمه السامة والعامة ،فأين أتى عىل ِ
ذكر منهاج
العدناني ونسب منهاج النبوة لكرس
ّ ُ
الشيخ املجاهد أبو محمد النبوة؟ وإنما ذكرها وزيره
القيود وإزالة الحدود وقتل الرافضة أذناب اليهود.
بكر البغدادي -حفظه الله وأصلحه ووفق ُه" :-قد أمرنا الله تبارك قال أمري املؤمنني أبو ٍ
اختص به سبحانه وجعله َّ وتعاىل بالجهاد وفرضه علينا ولم يكلفنا النرص أو يطالبنا به ،بل
أيضا بالسالمة ،قال تعاىل{ :ومن يقاتل يف سبيل الله فيُقتل أو يَغلب من عنده ،وما وعدنا ً
أجرا عظيمً ا} ،وقال تعاىل{ :ويتخذ منكم شهداء} ،لذا فإن القتل فينا أو فسوف نؤتيه ً
فضال وكرا ً
مة من الله ً وإرصارا وصربًا ،وال نع ُّد القتل إال
ً ً
عزيمة االبتالء ال يزيدنا إال يقينًا و
عزوجل يختص به من يشاء من عباده".
وقال" :ونذكركم بأوىل أولوياتكم دائمً ا؛ أال وهو فكاك أرسى املسلمني يف كل مكان ،وجعل
الحراس يف
َّ جزاريهم من القضاة واملحققني ،وجالوزتهم من مطاردة ومالحقة وتصفية َّ
رأس قائمة األهداف" (.)1
ولعمري مارأيت شخصا ينصح رعيته وجنده كإبراهيم ،وليت شعري ،أين ذك َر أن الدولة
فضال عن أن ينسب الظلم واملعايص لها ،بل كل كالمه يحرص ما أمكن ً عىل منهاج النبوة،
فيه عىل اتباع سنة رسول الله ﷺ ،إبرا ًء لذمته.
وأما ذكر منهاج النبوة ،فقد ذُكر خالل غزوة بيجي حني سفك املسلمون دماء الروافض يف
قتل ألنجس خلق يوم من أيام الله ،فنسبت تلك الغزوة إىل منهاج النبوة ملا كان فيها من ٍ
الله من الرافضة القاذفني لعرض أم املؤمنني ،ثم قول شيخنا أبي محمد العدناني تقبله
الله" :يا جنود الدولة اإلسالمية ،إنها الخالفة بإذن الله؛ فإن أردتموها عىل منهاج النبوة إن
شاء الله؛ فإياكم والظلم ،إياكم والعجب والغرور ،اخلصوا نياتكم لله تعاىل ،وجددوها
دائما ،وأكثروا من التوبة واالستغفار وقول ال حول وال قوة إال بالله ،تربؤوا من حولكم
وقوتكم إىل حول الله وقوته".
فقط لتعرفوا أن عبد الدينار هذا متذبذب مُتق ِّلب الدين له وال منهَ ج وإنما يسري وفق هواه
الخاصة ويقفز من خندق لخندق عىل حسب ما تقتضيه املصلحة فهي خالفة َّ ومصالحه
نبوية عندما تغدق عليه األموال وهي دولة ظاملة عندما ينضب املخزون ،وهذا دأب املنافقني
املتذبذبني يف كل زمن فهم ال يستطيعون تحمل البالء مجرد ما تتعقد األمور ويعظم الخطب
وينزل التمحيص ينقلبون عىل أعقابهم ألنهم ال يستطيعون البقاء يف الجانب املبتىل " َف َ َ
رتى
ِين ِيف ُقلُو ِب ِهم مَّ َر ٌ
ض ي َُس ِارعُ َ
ون فِ ِيه ْم " ا َّلذ َ
ويف هذا الكال ِم أبلغ الر ِّد عىل حجة هؤالء املبتدعة ،فلو أن الدولة نسبت ظلمها ملنهاج النبوة
أخف من ادعاء الشخص النبوة بل الربوبية ،فبطال ُن ذلك ظاهر من جهة السمع ،أي ّ وهو
فكيف بأن يعذب الله العامة بذنب الخاصة وما قرص العامة يف اإلنكار عىل َ الكتاب والسنة،
الخاصة ،بل العلماء عىل أن اإلنكار يسقط عند الخوف من سيف السلطان كما يف األحكام
السلطانية واألمر باملعروف ألبي يعىل القايض واألمر باملعروف والنهي عن املنكر للخالل
يف املروي عن اإلمام أحمد ،أفيقال بعد هذا أن علماء أهل النقل قد عطلوا أحكام الله وداهنوا
الظلمة؟ كما يقول هؤالء القعد عن املجاهدين وشيوخهم وطلبة العلم فيهم.
ٌ
تمحيص للصف وهذا ال ينكره وأما ما ح َّل باملسلمني املوحِّ دين بدولة اإلسالمَ ،ف ِ
فيه ما هو
إال مكابر ،ولو لم يكن من أبني الداللة عليه ِسوى خروج هؤالء القعد واملعتزلة وغريهم من
لكفى به تمحيصا وقرة عني للمؤمننيِ ،
وفيه ما هو عائ ٌد لعصيان الجند أمريهم املبتدعة َ
وجبن بعضهم ،وفيه ما هو استدراج ألهل الكفر حتى يظهروا ما يبطنونه كما يحصل يف
ديار الردة ،وفيه ما هو سبب بدعة أو ظلم أو معايص ،وهذه يكفرها الله تعاىل عن عباده
عرب البالء الذي يحل بهم فمتى كفرت عنهم خطاياهم وصربوا نزل النرص إن شاء الله ،إذ
الذنوب مطلقا من جميع املؤمنني هي سبب العذاب ،لكن العقوبة بها يف اْلخرة يف جهنم
تندفع بنحو عرشة أسباب ذكرها شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه الله يف منهاج السنة النبوية،
قال رحمه الله:
ني عَ ِن الن َّ ِب ِّي ﷺ أَن َّ ُه َقا َل« " :مَ ث َ ُل ا ْلم ُْؤ ِم ِن مَ ث َ ُل ا ْل َخامَ ِة ِم َن َّ
الز ْر ِع تُ َفيِّئُهَ ا الصحِ يحَ ْ ِ وَيف َّ ِ
ال ِّريَاحُ ،تُ َقوِّ مُهَ ا تَ َار ًة وَ تُ ِميلُهَ ا أ ُ ْخ َرى .وَمَ ث َ ُل ا ْل ُمنَافِ ِق َكمَ ث َ ِل َشجَ َر ِة ْ َ
األ ْر َزةَِ ،ال تَ َزا ُل ثَا ِبتَ ًة عَ َىل
ون ان ْ ِجعَ ُ
افهَ ا مَ َّر ًة وَ احِ َد ًة»". صلِهَ ا ،حَ تَّى يَ ُك َ أَ ْ
الصحَ اب َُة ِ -ر ْ
ضوَ ا ُن ال َّل ِه عَ َليْ ِه ْم ريةٍ] وَ َّ وَه َذا ا ْلمَ عْ نَى ُمتَوَ ا ِت ٌر عَ ِن الن َّ ِب ِّي -ﷺ [ِ -يف أَحَ ادِ َ
يث َك ِث َ َ
ص َل ْت ِيف صائ ِِب ا َّلتِي حَ َ رت َك ٍةَ ،كا ْلمَ َ صائِبَ م ُْش َ َ اص ِة ،وَ ابْتُلُوا ِبمَ َ صائ ِِب ا ْل َخ َّ َ -كانُوا يُبْتَ َلوْ َن ِبا ْلمَ َ
وَهذَا أ ُ ِصيبَ األحْ يَا ُء أ ُ ِصيبُوا ِبأ َ ْهل ِ
ِيه ْم وَ أ َ َق ِار ِب ِه ْمَ ، ا ْلفِ تَ ِن ،وَ َل ْو َل ْم يَ ُك ْن إ ِ َّال أ َ َّن َك ِثريًا ِمنْهُ ْم ُق ِتلُوا ،وَ ْ َ
وَهذَا أ ُ ِصيبَ ِبذَ َه ِ
اب ِوَاليَت ِِه وَ عِ ِّزهِ .. وَهذَا أ ُ ِصيبَ ِب ِج َراحَ ت ِِهَ ، ِيف مَ ال ِِهَ ،
الصحَ اب َِةَ ،ف َكيْ َ
ف ني ِم ْن َغ ْ ِ
ري َّ ري ذَ ِل َكَ ،فهَ ِذهِ ُك ُّلهَ ا ِممَّ ا يُ َك ِّف ُر ال َّل ُه ِبهَ ا ذُنُوبَ ا ْلم ُْؤ ِم ِن َ
إ ِ َىل َغ ْ ِ
الصحَ اب َُة؟ َ
وَهذَا ِممَّ ا َال بُ َّد ِمنْهُ. َّ
ني عَ ْن عُ بَا َد َةَ ،قا َلَ :قا َل َر ُسو ُل ال َّل ِه -ﷺ « " :-بَا ِيعُ ونِي عَ َىل أ َ ْن َال الصحِ يحَ ْ ِ "وَيف َّ قالِ :
َني أَيْدِي ُك ْم وَ أ َ ْرجُ ِل ُكمْ ،وَ َالان تَ ْف َرتُون َ ُه ب ْ َ رس ُقواْ َ ، رش ُكوا ِبال َّل ِه َشيْئًاَ ، تُ ْ ِ
وَال تَأتُوا ِببُهْ تَ ٍ وَال تَ ْزن ُوا َ
وَال تَ ْ ِ
صابَ ِم ْن َذ ِل َك َشيْئًا َفعُ وقِبَ ِب ِه وَىف ِمن ْ ُك ْم َفأَجْ ُر ُه عَ َىل ال َّل ِه ،وَمَ ْن أ َ َ
وفَ ،فمَ ْن َّ صونِي ِيف مَ عْ ُر ٍ تَعْ ُ
[م ْن َذ ِل َك] َشيْئًا َف َس َرت َُه ال َّل ُه عَ َلي ِْهَ ،فأَمْ ُر ُه إ ِ َىل ال َّل ِه ،إ ِ ْن صابَ ِ ِيف ال ُّدنْيَا َفهُ َو َك َّف َار ٌة َلهُ ،وَمَ ْن أ َ َ
َرشري فِ عْ ِل ب َ ٍ السمَ ِاوي َُّة ا َّلتِي تَجْ ِري ِب َغ ْ ِ صائِبُ َّ َشا َء عَ ذَّبَهَُ ،وإ ِ ْن َشا َء َغ َف َر َل ُه»"َ .ف ِإذَا َكان َ ِت ا ْلمَ َ
وْىلَ ،كمَ ا ي ُِصيبُ األ َيق ْ َ
ط ِر ِ ظا ِل ِم ِب َطايَاَ ،فمَ ا يَجْ ِري ِم ْن أ َ َذى ا ْل َخ ْل ِق وَ ا ْلمَ َ ِممَّ ا يُ َك ِّف ُر ال َّل ُه ِبهَ ا ا ْل َخ َ
ظلُو َماألن ْ ِبيَا َء ِم ْن أ َ َذى مَ ْن يُ َكذِّبُهُ مْ ،وَ َكمَ ا ي ُِصيبُ ا ْلمَ ْ ِين ِم ْن أ َ َذى ا ْل ُك َّف ِار ،وَ َكمَ ا ي ُِصيبُ ْ َ ا ْلمُجَ اهِ د َ
()1 ِم ْن أ َ َذى ال َّ
ظا ِل ِم.
ومن األسباب كذلك ،ما أشار له شيخ اإلسالم رحمه الله وهو سبب مهم جدًّا ،بل إني أزعم
أنه أهمها ،كما يف مجموع الفتاوى(:)2
ني وَ أ َ ْه َلُرش ِك َط ا ْلم ْ ِ الر َّد ِة مَ ا أَوْجَ بَ تَ ْسلِي َ اق وَ ِّ إىل ْ ِاإل ْس َال ِم فِ ِيه ِم ْن الن ِّ َف ِ
ان َك ِثريٌ ِممَّ ْن يَنْتَ ِسبُ َ "وَ َك َ
األدِ َّل ِة ال َّل ْف ِظي َِّة عَ َىلطعَ ُن ِيف د ََال َل ِة ْ َ نيَ .فتَ ِج ُد أَبَا عَ بْ ِد ال َّل ِه َّ
الر ِازيَّ يَ ْ اب عَ َىل ِب َالدِ ا ْلم ُْسل ِِم َ ا ْل ِكتَ ِ
الزنْد ََق ِة َكمَ ا َق َّدمْ نَاهُ .ث ُ َّم يَعْ تَ ِم ُد فِ يمَ ا أ َ َق َّران ُهمَ ا م َُقدِّمَ تَا َّ وَهذَ ِ
األ ْخب َِار ِل ْلعِ ْل ِمَ . وَيف َإفا َد ِة ْ َ ني ِ ا ْليَقِ ِ
ات َات وَ ا ْلمُحَ َّرمَ ِ ين ْ ِاإل ْس َال ِم ِمث ْ ُل ا ْلعِ بَاد ِ ض ِط َر ِار ِم ْن دِ ِ ور ْ ِاإل ْس َال ِم عَ َىل مَ ا عُ ِل َم ِب ِاال ْ ِب ِه ِم ْن أ ُ ُم ِ
يث -يَجْ عَ ُل ا ْلعِ ْل َم األحَ ادِ ِ ري وَ ْ َاس ِط َال ِع عَ َىل التَّ َف ِ
األجْ َسادِ -بَعْ َد ِاال ِّ اإل ْق َرا ُر ِبمَعَ ادِ ْ َ
ظاهِ َر ِة وَ َكذَ ِل َك ْ ِ ال َّ
وَال يُقِ ُّر ْإق َرا َر ا ْلحُ ن َ َفا ِء ني َ ط ُل تَعْ ِطي َل ا ْل َف َال ِس َف ِة؛ َّ
الصا ِب ِئ َ ريةٍ؛ َف َال يُعَ ِّ ِبذَ ِل َك م ُْستَ َفادًا ِم ْن أُم ٍ
ُور َك ِث َ
ان ي َُقو ُل ِبعَ دَا َلت ِِه ْم فِ يمَ ا ن َ َقلُو ُه وَ ِبعِ ْل ِم ِه ْم ِيف الصحَ اب َُة " َوإ ِ ْن َك َ ني .وَ َكذَ ِل َك " َّ ا ْلعُ َلمَ ا ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِن َ
اضوا فِ ِيه إذْ َل ْم يَ ِج ْد ات ا ْل َف َال ِس َف ِة وَ مَ ا َخ ُ اضعَ :أَنَّهُ ْم َل ْم يَعْ َلمُوا ُشبُهَ ِ ا ْلجُ مْ َل ِة َلك ِْن ي َْزعُ ُم ِيف مَ وَ ِ
الر ِّد عَ َىل مَ ْن َزعَ مَ. . . ورا عَ نْهُ ْم التَّ َك ُّل َم ِبلُ َغ ِة ا ْل َف َال ِس َف ِة وَ يَجْ عَ ُل َهذَا حُ جَّ ًة َل ُه ِيف َّ مَ أْث ُ ً
ني ِيف ا ْلعِ ْل ِم وَ أ َ ْ
ظ َل ِم ِه ْم ِم ْن َه ُؤَال ِء ا ْل ُمتَ َك ِّلمَ ِة وَ َكذَ ِل َك َهذِهِ ا ْلمَ َق َاال ُت َال تَ ِجد َُها َّإال عِ ن ْ َد أَجْ هَ ِل ا ْل ُمتَ َك ِّل ِم َ
ري ِم ْن ا ْلعُ َلمَ ا ِء وَ ا ْل ُمتَأَمِّ َرةِ :أ َنَالصحَ اب َِة " ِمث ْ ُل َقوْ ِل َك ِث ٍ واملتفلسفة وَ ا ْل ُمتَ َشيِّعَ ِة واالتحادية ِيف " ا َّ
قلت :فانظر كيف جعل صاحب الكتاب من خالفه يف املسألة إما جاهال أو مغاليا ،وأن حرق
ٌ
مخالف ملنهج املحققني ،واملحققون عند السني أعالم السلف وعلماء أهل النقل. كتب هؤالء
وقد قال الفضيل بن عياض" :من أتاه رجل فشاوره فدله عىل مبتدع فقد غش اإلسالم".
وملا قدم سفيان الثوري البرصة سأل عن الربيع بن صبيح قال :أي شئ مذهبه ؟ قالوا :ما
مذهبه إال السنة ،قال :ما بطانته؟ قالوا :أهل القدر ،قال :هو قدري.
وقال عمرو بن قيس املالئي " :إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة فارجه ،وإذا
رأيته مع أهل البدع فايئس منه ،فإن الشاب عىل أول نشوئه"(.)1
قال الربذعي يف سؤاالته ألبي زرعة :شهدت أبا زرعة سئل عن ،الحارث املحاسبي ،وكتبه؟
فقلت للسائل :إياك ،وهذه الكتب ،هذه كتب بدع ،وضالالت ،عليك باألثر ،فإنك تجد فيه ما
يغني عن هذه الكتب .قيل له :يف هذه الكتب عربة ،قال" :من لم يكن له يف كتاب الله عربة،
فليس له يف هذه الكتب عربة ،بلغكم أن مالك بن أنس ،وسفيان الثوري ،واألوزاعي ،واألئمة
املتقدمني صنفوا هذه الكتب يف الخطرات ،والوساوس ،وهذه األشياء ،هؤالء قوم خالفوا أهل
العلم فأتونا مرة بالحارث املحاسبي ،ومرة بعبد الرحيم الذبيَل ومرة بحاتم األصم ،ومرة
بشقيق البلخي ،ثم قال" :ما أرسع الناس إىل البدع".
قال إسحاق بن راهويه :وكتب أهل البدع التي فيها إرجاء؛ أو قدر؛ أو رأي جهم أو بدعة :
ترمى أو تحرق.
فتأمل يف قوله" :فيها ارجاء ..او رأي" ،فبمجرد مخالفة واحدة ترمى وتحرق ! فكيف
بتفاسري وكتب كلها ضالالت وزندقة؟"
قال اإلمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -يف رسائله الشخصية ":وأما عبارة الشيخ
التي لبسوا بها عليك ،فهي أغلظ من هذا كله ،ولو نقول بها لكفرنا كثريا ً من املشاهري
عني ال يكفر إال إذا قامت عليه الحجة .فإذا كان املعني بأعيانهم؛ فإنه رصح فيها بأن ا ُمل َّ
يكفر إذا قامت عليه الحجة ،فمن املعلوم أن قيامها ليس معناه أن يفهم كالم الله ورسوله
مثل فهم أبي بكر -ريض الله عنه ،-بل إذا بلغه كالم الله ورسوله ،وخال من يشء يعذر به،
فهو كافر ،كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قول الله {:وَ جَ عَ ْلنَا عَ َىل
ُقلُو ِب ِه ْم أ َ ِكن َّ ًة أ َ ْن ي َْف َقهُ و ُه }
ون} .وإذا كان كالم الشيخ ليسِين ال يَعْ قِ لُ َ
الص ُّم ا ْلبُ ْك ُم ا َّلذ َ وقوله {:إ ِ َّن َ َّ
ير الدَّوَ ابِّ عِ ن ْ َد ال َّل ِه ُّ
يف الرشك والردة ،بل يف املسائل الجزئيات ،سواء كانت من األصول أو الفروع ،ومعلوم أنهم
يذكرون يف كتبهم يف مسائل الصفات أو مسألة القرآن أو مسألة االستواء أو غري ذلك مذهب
وقال العالمة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ كما يف مجموعة الرسائل واملسائل وهو يتكلم
عن األشعرية ":وقد حكى ابن القيم -رحمه الله -عن خمسمائة إمام من أئمة اإلسالم،
ومفاتيه العظام أنهم ّ
كفروا من أنكر االستواء ،وزعم أنه بمعنى االستيالء ،ومن جملتهم
إمامك الشافعي -رحمه الله ،-وجملة من أشياخه كمالك وعبد الرحمن بن مهدي
قال عبد الله بن أحمد يف السنة( -)2حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد قال :
سمعت محمد بن مصعب العابد ،يقول « :من زعم أنك ال تتكلم وال ترى يف اْلخرة فهو
كافر بوجهك ال يعرفك ،أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سماوات ليس كما يقول أعداء
الله الزنادقة »
اىل ن َ ْف َس ُه ِيف ِكتَا ِب ِه وَ عَ َىل ل َِسا ِن
ف ال َّل ُه تَعَ َ وَص َ قال شيخ اإلسالم كما يف مجموع الفتاوى َ ":ق ْد َ
ري ٍة حَ تَّى َقا َل بَعْ ُض َات َك ِث ََر ُسولِ ِه " ِبا ْلعُ لُ ِّو وَ ِاال ْستِوَ ا ِء عَ َىل ا ْلعَ ْر ِش وَا ْل َفوْقِ ي َِّة " ِيف ِكتَا ِب ِه ِيف آي ٍ
ال عَ َىل
اىل عَ ٍِيل " أ َ ْو أ َ ْزيَ ُد :تَ ُد ُّل عَ َىل أ َ َّن ال َّل َه تَعَ َ آن " أ َ ْل ُ
ف َدل ٍ الشافِ عِ ِّي ِ :يف ا ْل ُق ْر ِاب َّ صحَ ِ أ َ َكا ِب ِر أ َ ْ
()3
وْق عِ بَادِ هِ " ا ْل َخ ْل ِق وَ أَن َّ ُه َف َ
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف االستقامة ":مثل هذا من املؤمنني إن استفرغ وسعه يف طلب
الحق فإن الله يغفر له خطأه وإن حصل منه نوع تقصري فهو ذنب ال يجب ان يبلغ الكفر
وإن كان يطلق القول بأن هذا الكالم كفر كما أطلق السلف الكفر عىل من قال ببعض
مقاالت الجهمية مثل القول بخلق القرآن أو إنكار الرؤية أو نحو ذلك مما هو دون إنكار
علو الله عىل الخلق وأنه فوق العرش فإن تكفري صاحب هذه املقالة كان عندهم من أظهر
األمور فإن التكفري املطلق مثل الوعيد املطلق ال يستلزم تكفري الشخص املعني حتى تقوم
()4
عليه الحجة التي تكفر تاركها".
والحجة يف املسائل الظاهرة البلوغ ،والعلو ثابت بالفطرة والعقل وامليثاق والسمع ،وما من
أحد من هؤالء إال وقد بلغه النص ،بل تجدهم يرشحون أحاديث رسول الله ﷺ
ويعارضونها ،وهذا أكرب العناد.
قلت فانظر كيف أنه ينقل إجماع السلف عىل إثبات العلو ثم يختار كالم دهاقنة األشاعرة،
وهذا عني ما تحدث عنه الشيخ محمد يف رسائله رحمه الله ،والعجب أن فالنا قد نصحَ
بتفسري القرطبي هذا يف رسالة "املراجع العلمية العامة" وهي موجهة للعوام وطلبة العلم
البسطاء ،والطامة الكربى أن قال يف البداية" :هذه بعض املراجع العلمية والكتب املنهجية
القديمة والجديدة ،والتي تعني املسلم وترسم له الطريق الصحيحة ملعرفة مذهب أهل الحق
والسنة والجماعة ،"....فأين مذهب أهل السنة يف غالب ما نصح به والله املستعان ،ونقض
كالمه هذا بكالم بعده غريب نبه له فقال" :إن ذكر بعض الرسائل والكتب ال يعني سالمة
منهج أصحابها "...وقال" :كما أن بعض هذه الكتب ال تخلو من أغالط علمية وأخطاء
منهجية نتيجة لسوء معتقد مؤلفها أو لغفله منه."....
وغري ذلك من الكالم الذي أقل ما يقال فيه أنه تهافت ،فكيف تعني املسلم وترسم له الطريق
الصحيحة ملعرفة مذهب أهل الحق والسنة والجماعة كتبٌ مؤلفوها لهم مناهج منحرفة
واعتقادات ضالة؟ ولله األمر من قبل ومن بعد.
قال ابن تيمية يف الحموية ":وهذه التأويالت املوجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر
التأويالت التي ذكرها أبو بكر بن فورك يف كتاب «التأويالت» وذكرها أبو عبد الله محمد
بن عمر الرازي يف كتابه الذي سماه «تأسيس التقديس» ويوجد كثري منها يف كالم خلق
كثري غري هؤالء مثل أبي عَل الجبّائي ،وعبد الجبار بن أحمد الهمذاني ،وأبي الحسني
البرصي ،وأبي الوفاء بن عقيل ،وأبي حامد الغزايل وغريهم ،هي بعينها التأويالت التي
ذكرها برش املرييس التي ذكرها يف كتابه ،وإن كان قد يوجد يف كالم بعض هؤالء رد التأويل
وإبطاله ً
أيضا ولهم كالم حسن يف أشياء .فإنما بيَّنت أن عني تأويالتهم هي عني تأويالت
املرييس ،ويدل عىل ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد األئمة املشاهري
فانظر كيف أن املرييس املتقدم ذكره قد كان متأوال ولم يعذره السلف.
والسنَّة
قال السبكي األشعري يف معيد النعم ومبيد النقم :ورأيي فيمن أعرض عن الكتاب ُّ
واشتغ َل بمقاالت ابن سينا ومن نحا نحوه ،وترك قول املسلمني :قال أبو بكر ،وقال عمر
ريض ال َّله تعاىل عنهما وقال الشافعي ،وقال أبو حنيفة ،وقال األشعريّ ،وقال القايض أبو
بكر ،إىل قوله :قال الشيخ الرئيس يعني ابن سينا ،وقال خواجا نصري ،ونحو ذلك ،أن
يْضب بالسياط ،ويُطاف به يف األسواق ،ويُنادى عليه :هذا جزاء من ترك الكتاب والسنَّة:
واشتغ َل بأباطيل املبتدعني.
شعارا -من ال َّله تعاىل إذا قرأ قوله تعاىل:
ً أو ما يستحي من يتَّخذ أقوال ابن سينا وتعظيمه
ين عَ َىل أ َ ْن ن ُ َسوِّيَ بَنَانَهُ}ويذكر إنكار ابن سينا {أَيَحْ َسبُ ْ ِاإلن ْ َسا ُن أ َ َّل ْن نَجْ مَ َع عِ َ
ظامَ ُه ب ََىل َقادِ ِر َ
وجمع العظام". ِ لحرش األجساد،
فكيف بمن يرتك الكتاب والسنة بفهم السلف ويشتغل بأباطيل األشاعرة ،أوما يستحي من
يذب عن السبكي وأقرانه من األشاعرة ويعظمهم ويؤذي من ضللهم من الله تعاىل إذا قرأ"
{الرحمن عىل العرش استوى}{ ،ثم استوى عىل العرش} ،ويذكر إنكار ابن حجر والسبكي
والعز لعلو الله واستوائه عىل العرش".
بل صاحب اإلعالم قد نسب النهي عن مطالعة كتب املبتدعة وحرقها ملنهج الجهلة ،وهذا
َّ
يظن ظان أن هذه السبكي القبوري الذي ذَبّ عنه يف كتابه قد كان أقرب للصواب ،وال
اق َ ،قا َل صا ٍم ا ْلعُ ْك َ ِربيُّ َ ،قا َل :ثَنَا حَ نْبَ ُل بْ ُن إ ِ ْسحَ َ صمَ ُة بْ ُن عِ َ ربنِي عِ ْ قال ابو بكر الخالل :أ َ ْخ َ َ
وْم ِه َقبْ َل أ َ ْن يُبْعَ َث ؟ َف َقا َل : ين َق ِ ان عَ َىل دِ ِ ُ :ق ْل ُت َأل ِبي عَ بْ ِد ال َّل ِه " :مَ ْن َزعَ َم أ َ َّن الن َّ ِب َّي ﷺ َك َ
ِصاحِ ِب َه ِذهِ ا ْلمَ َقا َل ِة تَ َخذُّ َر َكالمَ ُه ،وَال يُجَ ا َل ُس ُ ،ق ْل ُت َل ُه :إ ِ َّن جَ َارن َا َهذَا َقوْ ُل ُسو ٍء ،يَنْبَغِ ي ل َ
يش ٍء أَب َْقى إِذَا َزعَ َم أ َ َّن َر ُسو َل َّاس ي َُقو ُل َه ِذهِ ا ْلمَ َقا َل ُة ؟ َف َقا َل َ :قاتَ َل ُه ال َّل ُه ،أَيُّ َ ْ النَّاقِ َد أَبُو ا ْلعَ ب ِ
يىس ، َرش ِب ِه عِ َوَقا َل ال َّل ُه عَ َّز وَ جَ َّل وَ ب َّ َ
صنَا َم َ ، ُون َ
األ ْ وَه ْم يَعْ بُد َ ين َقوْ ِم ِه ُ ان عَ َىل دِ ِ ال َّل ِه ﷺ َك َ
ني تَ َزوَّجَ هَ ا الن َّ ِب ُّي ﷺ ِيف وَزعَ َم أ َ َّن َخدِيجَ َة َكان َ ْت عَ َىل ذَ ِل َك حِ َ اس ُم ُه أَحْ مَ ُد ُ ،ق ْل ُت َل ُه َ : َف َقا َل ْ :
ا ْلجَ اهِ ِلي َِّة َ ،ف َقا َل :أَمَّ ا َخدِيجَ ُة َفال أ َ ُقو ُل َشيْئًا َ ،ق ْد َكان َ ْت أَوَّ َل مَ ْن آمَ َن ِب ِه ِم َن الن ِّ َسا ِء ،ث ُ َّم مَ اذَا
ان ال َّل ِه ،صحَ ابُ ا ْل َكال ِم ،مَ ْن أَحَ بَّ ا ْل َكال َم َل ْم يُ ْفلِحْ ُ ،سبْحَ َ اس ِم َن ا ْل َكال ِم َ ،ه ُؤال ِء أ َ ْ ِّث الن َّ ُ يُحَ د ُ
ظ ُه ،وَ ذَ َك َر أُمَّ ُه حَ يْ ُث ظ َم ذَ ِل َك وَ احْ تَجَّ ِيف ذَ ِل َك ِب َكال ٍم َل ْم أَحْ َف ْ استْعَ َ ان ال َّل ِه لِهَ ذَا ا ْل َقوْ ِل ،وَ َ ُسبْحَ َ
طهَّ ًرا ِم َن طاهِ ًرا ُم َ ان َ وَقبْ َل أ َ ْن يُبْعَ َث َك ََت َرأ َ ْت َهذَا َ ورا ،أ َ َف َلي َْس َهذَا عِ نْدَمَ ا وَ َلد ْ َت َرأ َ ْت ن ُ ً وَ َلد ْ
صحَ ابَ ا ْل َكال ِم ،ال ص ِب ،ث ُ َّم َقا َل :احْ َذ ُروا أ َ ْ ان ال يَأ ْ ُك ُل مَ ا ذُ ِبـحَ عَ َىل الن ُّ ُ ان ،أ َ َو َلي َْس َك َ َ
األوْ ث َ ِ
ري".يَئُو ُل أَمْ ُر ُه ْم إ ِ َىل َخ ْ ٍ
ووُجد من جعل العلم بقدرة الله وأنه سميع بصري من املسائل الظاهرة التي قد يعذر فيها
بعضهم ،والسلف عىل أنها من أصول دين املرء ،قال ابن خزيمة رحمه الله" :بَابُ إِثْب ِ
َات
ف ن َ ْف َسهَُ :س ِمي ٌع ب َِصريٌ ،وَ مَ ْن َك َ
ان مَ عْ بُود ُُه وَالر ْؤي َِة ِل َّل ِه جَ َّل وَعَ َال الَّذِي ُه َو َكمَ ا َ
وَص َ السمْ ِع ُّ َّ
ري ،يَعْ بُ ُد َغ ْريَ ا ْل َخال ِِق ا ْلب َِار ِئ ،ا َّلذِي ُه َو ِس ِمي ٌع
يع ا ْلب َِص ِ ريَ ،فهُ َو َكافِ ٌر ِبال َّل ِه َّ
الس ِم ِ يع ب َِص ٍ َغ ْريَ َس ِم ٍ
ب َِصريٌ".
الرحْ مَ ِن أَبَاهُ ،وَ تَوْ ِب َ
يخ ُه إ ِيَّا ُه ِيل َّطب ََة َخل ُِخا َ وقال" :وَ تَ َدبَّ ُروا أَيُّهَ ا ا ْلعُ َلمَ اءُ ،وَ م ُْقتَ ِب ُسوا ا ْلعِ ْلمَ ،م َ
ط َال َن مَ ذْ َه ِب يق َخالِقِ نَا جَ َّل وَ عَ َالِ ،صحَّ َة مَ ذْ َه ِبنَا ،وَ بُ ْ ان يَعْ بُدُ ،تَعْ قِ لُوا ِبتَوْفِ ِ لِعِ بَا َد ِت ِه مَ ْن َك َ
- 152 -
وَس َال ُم ُه عَ َلي ِْهَ ِ ،أل ِب ِيهِ { :ل َم تَعْ بُ ُد
ات ال َّل ِه َ ص َلوَ ُالرحْ مَ ِن َط َل ِة َقا َل َخلِي ُل َّ ُخالِفِ ينَا ِم َن ا ْلجَ هْ ِمي َِّة ا ْلمُعَ ِّم َ
ال يَا ذَ ِوي ا ْلحِ جَ ا ،أ َ ْن ي َُقو َل ْرص وَ َال ي ُْغنِي عَ ن ْ َك َشيْئًا} ( )1أ َ َف َلي َْس ِم َن امل ِحَ ِ وَال يُب ِ ُ مَ ا َال ي َْسمَ ُع َ
ْرص} ( ، )2وَ يَعِ يبُ ُه ِبعِ بَا َد ِة مَ ا َال ي َْسمَ ُع، وَال يُب ِ ُالرحْ مَ ِن ِ َأل ِب ِيه َآز َرِ { :ل َم تَعْ بُ ُد مَ ا َال ي َْسمَ ُع ََخلِي ُل َّ
صنَا ِم ا َّلتِي هِ َي ِم َن ا ْلمَ وْ تَا ِنَ ،ال ْرصَ ،ك ْ َ
األ ْ وَال يُب ِ ُ ْرص ،ث ُ َّم يَدْعُ و ُه إ ِ َىل عِ بَا َد ِة مَ ْن َال ي َْسمَ عَُ ،
وَال يُب ِ ُ َ
الس ِمي ُع ا ْلب َِصريُ َكمَ ا ي َِص ُف ُه َه ُؤَال ِء ا ْلجُ هَّ ا ُل ْف يَ ُكو ُن َربُّنَا ا ْل َخال ُِق ا ْلب َِارئ ُ َّ ان أَي ًْضاَ ،ف َكي َ ِم َن ا ْلحَ يَوَ ِ
صنَا ِم ان وَ ْ َ
األ ْ ريَ ،فهُ َو َكعَ ا ِب ِد ْ َ
األوْ ث َ ِ وَال ب َِص ٍ يعَ ،ري َس ِم ٍ ط َل ُة؟ ،عَ َّز َربُّنَا وَ جَ َّل عَ ْن أ َ ْن يَ ُك َ
ون َغ ْ َ ا ْلمُعَ ِّ
()3 ْرص ،أ َ ْو َكعَ ا ِب ِد ْ َ
األنْعَ ا ِم" وَال يُب ِ ُ َال ي َْسمَ ُع َ
وقال املروزي يف تعظيم قدر الصالة" :الجهل بالله كفر يف كل حال قبل الخرب وبعد الخرب".
ومصطلحات األصل والالزم هذه ما سمعناها من السلف األولني ،وإنما أُدخلت بسبب
اهتمام أهل البدع بعلوم الكالم ،وكل مسلم يعلم آفة هذه املصطلحات والفتن التي جرت
عىل دولة اإلسالم.
وبعض من ذبَّ عنهم صاحب كتاب اإلعالم ،هم علماء عند غالب ُخصومنا ،قد صنفوا يف
إباحة الرشك ،والتعطيل ،وتكفري املسلمني إلثباتهم صفات الله تعاىل ،وما استشهد الديري
يف كتابه الركيك إال بكالمهم ،بينما حجتنا عليه كانت من كالم علماء أهل النقل ،ولوال علماء
الحديث ،لتفرقت الجماعة ،ولخرجنا كفارا يْضب بعضنا رقاب بعض ،فتأمل يف فضل علم
السلف عىل الخلف ،تجد أعظم الخري يف اتباعهم ،وأكرب الرش يف مخالفتهم.
قال أبو حاتم الرازي يف ترجمة (يوسف بن خالد السمتي) " :أنكرت قول يحيى بن معني
فيه :إنه زنديق ،حتى حمل إيل كتاب قد وضعه يف التجهم بابا بابا ،ينكر امليزان يف القيامة،
فعلمت أن يحيى بن معني كان ال يتكلم إال عىل بصرية وفهم"
وبالجملة فالكالم يف هذه املسألة قد يطول جدا ،والناس فيه بني غايل وجايف ،ومذهب أهل
السنة قد تقدم ذكره ،وهؤالء وأهل الرأي فيهم من يطعن يف داللة األدلة اللفظية عىل اليقني
ويف إفادة األخبار للعلم .وهذان هما مقدمتا الزندقة كما ذكر شيخ االسالم ،ومع ذاك
يُستشهد بأقوالهم عند أقوام ،ويُجعل عمدة يف أبواب كثرية ،بل من القضاة من كان يقيض
بمذهب أبي حنيفة ،وهذا خالف ما عليه السلف.
قال يوسف ابن عبد الهادي يف بحر الدم _ وقد تويف بعد الخطيب بزمن طويل _ ":النعمان
بن ثابت بن زوطا ،االمام أبو حنيفة :قال أحمد يف رواية إبراهيم بن هانئ :اترك رأي أبي
حنيفة وأصحابه.
ُوأخريا ا ُفإن القارئ لهذا الكتاب سيَخلص إىل أن هذا الديريَ أبا محمد املُفسد الكذاب،
مُتقوَّ ل عىل الله بغري علم ،قد كذب عىل الله وعىل رسوله ﷺ ِبر ِّد ما صحَّ وتواتر عنه من
أحاديث لم يجرؤ أحد من العلماء عىل تضعيفها يف سابق األزمنة ،ناهيك عن كذبه عىل
الصحابة الكرام والسلف األعالم وبرته لنصوصهم بال حياء وال خجل ظان ًّا لسفاهته أن لن
يكتشف أحد ذلك ،و غري كذبه وافرتائه عىل مشايخ الدولة اإلسالمية وخليفتها وقادتها
كالمه من خارجيات كتكفري املسلمني بغري مُكفر وإهدارِ وجنودها وظلمه لهم ،وما فاح من
الدماء بغري حق ،واستحالل رسقة أموال املسلمني وَ اإلفتاء بذلك ،فهو فاحش اللسان لعّ ان
ظ مبتذل ال يحفظ ألحد حقا وال يقيل ملسلم عثرة. طعّ ان كالمه ف ٌّ
كارها للكتابة لوال أن اضطررت لها اضطرا ًرا بسبب كالم هؤالء الخوارج ً وليُعلم أني كنت
القعد ،مخافة أن يغرت بكالمهم إخواننا وأخواتنا ،أو ي ُفتنوا بهم ،وييأسوا من الدولة وخريها،
ويصدقوا ما جاء يف كالم هؤالء املفرتين ،ويف ظل غياب كالم علمائنا -فرج الله عنهم،-
وإني قد حذفت فصوال ً من الكتاب واستعجلني بعض إخواني لنرشه لعدم جواز تأخري
البيان عن وقت الحاجة ،ما كان يف كتابي هذا من صواب فمن الله وحده ،وما كان فيه من
الخطأ فمني ومن الشيطان ،ورحم الله من عقل عن الله ،ورجع عن القول الذي يخالف
الكتاب والسنة ،وقال بقول علماء الحديث :وهو قول املهاجرين واألنصار ،وتر َك مذهب
اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيمُ ،كن يل وإلخواني املجاهدين وألخواتنا
جارا من الطواغيت وأحزابهم وأشياعهم أن يفرطوا علينا أو يطغوا ،عز جاركاألسريات ً
وجل ثناؤك وال إله غريك.
اللهم رب جربيل وميكائيل وإرسافيل ومنزل التوراة واإلنجيل والقرآن ،ادرأ عن إخواننا
املجاهدين وأخواتنا األسريات ير الكفرة واملرتدين.
اللهم انرصهم ،اللهم افتح عليهم ،اللهم احفظهم وأصلح أحوالهم وأصلح أمري املؤمنني
واهده للحق.
اللهم فك أرس إخواننا وأخواتنا ،واحفظ شيوخنا ،وفرج عنهم.