‫مكارم األخالق‬

‫أعداد ‪:‬‬
‫أ ‪/‬عبد المحسن محمد‬
 ‫حـسـن الـخـلـق‬
‫الض َّرا ِء‬
‫الس َّرا ِء َو َّ‬‫ون ِفي َّ‬ ‫ين ُي ْن ِف ُق َ‬ ‫قال تعالى ‪ (:‬ال َّ ِذ َ‬
‫َّاس َو َّ ُ‬
‫اهَّلل ُي ِح ُّب‬ ‫ين َعنِ الن ِ‬‫ين الْ َغ ْي َظ َوالْ َعا ِف َ‬‫اظ ِم َ‬‫َوالْ َك ِ‬
‫الْ ُم ْح ِس ِن َ‬
‫ين )‬
‫ين ُه ْم ِفي‬ ‫وقال تعالى ( َق ْد َأ ْفلَ َح الْ ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ُون (‪ )1‬ال َّ ِذ َ‬
‫ون‬
‫ِض َ‬ ‫ين ُه ْم َعنِ اللَّ ْغ ِو ُم ْعر ُ‬ ‫ون (‪َ )2‬وال َّ ِذ َ‬ ‫اش ُع َ‬ ‫َص َاَل ِت ِه ْم َخ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫فإن األخالق في اإلسالم لها عظيم شأنها عالية‬
‫مكانتها‪ ،‬ولذلك دعا المسلمين إلى التحلي بها‬
‫وتنميتها في نفوسهم‪ ،‬وهي أحد األصول األربعة‬
‫التي يقوم عليها دين اإلسالم وهي ‪ :‬اإليمان‬
‫واألخالق‪ ،‬والعبادات‪ ،‬والمعامالت‪ ،‬ولذا نالت العناية‬
‫الفائقة الكبرى والمنزلة العالية الرفيعة في كتاب اهلل‬
‫عز وجل وسنة رسوله ‪.‬‬
‫بل إن األخالق الكريمة تدعو إليها الفطر السليمة‪،‬‬
‫والعقالء يجمعون على أن الصدق والوفاء بالعهد‬
‫والجود والصبر والشجاعة وبذل المعروف أخالق فاضلة‬
‫يستحق صاحبها التكريم والثناء‪ ،‬وأن الكذب والغدر‬
‫والجبن والبخل أخالق سيئة يذم صاحبها‪.‬‬
‫والدعوة إلى توحيد اهلل عز وجل وإخالص العمل له‬
‫وإلى دينه تحتاج إلى األخالق الحميدة‪ ،‬والصفات‬
 ‫الحسنة‪ ،‬ويصعب توفر تلك األخالق فيمن يفقد‬
‫اإليمان والتقوى‪ ،‬ورسول اهلل ‪ ‬وأصحابه رضي‬
‫اهلل عنهم أجمعين أفضل من دعا إلى اهلل تعالى‬
‫بأخالقهم اإلسالمية الحميدة وصفاتهم الحسنة ‪.‬‬
‫و عن عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ (:‬ما كان أحد‬
‫أحسن خلقا من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ما دعاه‬
‫أحد من أصحابه وال من أهل بيته إال قال ‪ :‬لبيك‬

‫فلذلك أنزل اهلل عز وجل ‪ ( :‬وإنك لعلى خلق‬

‫عظيم )‬
‫ولذا فيجب علينا أن نقتدي بالنبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في كل شؤونه ومن ذلك حسن الخلق ‪.‬‬
‫عن النواس بن سمعان ‪ ،‬أنه سأل رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬عن البر فقال ‪ « :‬حسن الخلق » ‪ ،‬فقال‬
‫‪ :‬ما اإلثم ؟ قال ‪ « :‬ما حاك في نفسك وكرهت أن‬
‫يعلمه الناس »‬
‫عن عبد اهلل بن عمرو قال ‪ :‬لم يكن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فاحشا وال متفحشا ‪ ،‬وكان يقول ‪« :‬‬
‫خياركم أحسنكم أخالقا »‬
 ‫عن أم الدرداء قالت ‪ :‬قام أبو الدرداء ليلة يصلي ‪،‬‬
‫فجعل يبكي ويقول ‪ :‬اللهم أحسنت خلقي فحسن‬
‫خلقي ‪ ،‬حتى أصبح ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا أبا الدرداء ‪ ،‬ما كان‬
‫دعاؤك منذ الليلة إال في حسن الخلق ؟ فقال ‪ :‬يا أم‬
‫الدرداء ‪ ،‬إن العبد المسلم يحسن خلقه ‪ ،‬حتى يدخله‬
‫حسن خلقه الجنة ‪ ،‬ويسيء خلقه ‪ ،‬حتى يدخله سوء‬
‫خلقه النار ‪ ،‬والعبد المسلم يغفر له وهو نائم ‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫يا أبا الدرداء ‪ ،‬كيف يغفر له وهو نائم ؟ قال ‪ :‬يقوم‬
‫أخوه من الليل فيجتهد فيدعو اهلل عز وجل فيستجيب‬
‫له ‪ ،‬ويدعو ألخيه فيستجيب له فيه‬
‫اخ ِت َيا ُر الْ َف َضا ِئ ِل‬
‫ق ْ‬ ‫ال الْ َحا ِف ُظ ا ْب ُن َح َج ٍر ‪ُ :‬ح ْس ُن الْ ُخلُ ِ‬ ‫َق َ‬
‫َو َت ْر ُك ال َّر َذا ِئ ِل ‪.‬‬
‫ال َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫َو َع ْن َأبِي الدرداء ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪َ -‬ق َ‬
‫ا َ َّهَّللِ ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫ق)‬ ‫َان َأ ْث َق ُل ِم ْن ُح ْسنِ اَلْ ُخلُ ِ‬
‫( َما ِم ْن َش ْي ٍء ِفي اَلْ ِميز ِ‬
‫َأ ْخ َر َج ُه َأ ُبو َدا ُو َد‪,‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬سئل رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة‬
‫؟ قال‪ :‬تقوى اهلل وحسن الخلق ‪ )....‬رواه الترمذي‬
‫وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
 ‫ق َب ْذ ُل الْ َم ْع ُر ِ‬
‫وف‬ ‫يق ُة ُح ْسنِ الْ ُخلُ ِ‬ ‫ال الْ َح َس ُن الْ َب ْصر ُِّي َح ِق َ‬ ‫َق َ‬
‫اأْل َذى َو َط َاَل َق ُة الْ َو ْج ِه ‪.‬‬‫ف َْ‬ ‫‪َ ،‬و َك ُّ‬
‫وقال الجنيد‪ :‬أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن‬
‫قل عمله وعلمه‪ ،‬الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق‬
‫‪.‬‬
‫وسئل بعض العلماء عن عالمات حسن الخلق فقال‪ :‬هو‬
‫أن يكون كثير الحياء قليل األذى كثير الصالح صدوق‬
‫اللسان‪ ،‬قليل الكالم كثير العمل‬
‫ال لعاناً وال سباباً وال نماماً وال مغتاباً وال عجوالً وال‬
‫حقودا ً‬
‫يحب في اهلل ويبغض في اهلل ويرضى في اهلل ويغضب‬
‫في اهلل فهذا هو حسن الخلق‪.‬‬
‫ض َأ ْه ِل الْ ِعلْ ِم ‪ُ :‬ح ْس ُن‬ ‫ال َب ْع ُ‬ ‫ب ‪َ :‬ق َ‬ ‫ال الْ َحا ِف ُظ ا ْب ُن َر َج ٍ‬ ‫َق َ‬
‫إاَّل‬ ‫ظ ِ َّهَّلِلِ ‪َ ،‬وإِ ْظ َها ُر َّ‬
‫الط َاَل َق ِة َوالْب ِْش ِر َّ‬ ‫ق َك ْظ ُم الْ َغ ْي ِ‬ ‫الْ ُخلُ ِ‬
‫إاَّل ت َْأ ِدي ًبا َأ ْو‬
‫ين َّ‬‫لِلْ ُم ْب َت ِد ِع َوالْ َفا ِج ِر ‪َ ،‬والْ َع ْف ُو َع ْن الزَّال ِّ َ‬
‫اه ٍد َّ‬
‫إاَّل‬ ‫اأْل َذى َع ْن ُك ِّل ُم ْسل ِ ٍم َأ ْو ُم َع َ‬ ‫ف َْ‬ ‫إ َقا َم َة َح ٍّد ‪َ ،‬و َك ُّ‬
‫ت َْغيِي َر ُمن َْك ٍر‬
‫س‬ ‫ض الْ ُعلَ َما ِء ‪َ :‬ي ْن َب ِغي ِفي َم ْن ت ُْؤ َث ُر ُص ْح َبتُ ُه َخ ْم ُ‬ ‫ال َب ْع ُ‬ ‫َق َ‬
‫ِخ َصالٍ ‪:‬‬
‫ق ‪َ ،‬و َاَل ُم ْب َت ِد ٍع‬ ‫اس ٍ‬ ‫ق ‪َ ،‬غ ْي َر َف ِ‬ ‫ون َعا ِق ًاًل ‪َ :‬ح َس َن الْ ُخلُ ِ‬ ‫َأ ْن َي ُك َ‬
‫ِيص َعلَى ُّ‬
‫الد ْن َيا ‪،‬‬ ‫‪َ ،‬و َاَل َحر ٍ‬
 ‫فلذلك يكون حسن الخلق له تأثير قوي جدا في‬
‫الصحبة ‪.‬‬
‫عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما قال ( لم يكن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فاحشا وال متفحشا وكان يقول إن‬
‫من خياركم أحسنكم أخالقا )‬
‫وقال الحسن البصري ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪" -‬معالي‬
‫األخالق للمؤمن‪ ،‬قوة في لين وحزم في دين وإيمان‬
‫في يقين وحرص على العلم واقتصاد في النفقة‪،‬‬
‫وبذل في السعة وقناعة في الفاقة ‪ ،‬ورحمة للمجهود‬
‫وإعطاء في كرم وبر في استقامة "‬
‫ويقول ابن حبان ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪" : -‬الواجب على‬
‫العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق‪ ،‬وترك‬
‫سوء الخلق‪ ،‬ألن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما‬
‫تذيب الشمس الجليد‪ ،‬وإن الخلق السيء يفسد العمل‬
‫كما يفسد الخل العسل‪ ،‬وقد تكون في الرجل أخالق‬
‫كثيرة صالحة كلها‪ ،‬وخلق سيئ‪ ،‬فيفسد الخلق السيئ‬
‫األخالق الصالحة كلها"‬
‫وقد يتصور بعض الناس أن حسن الخلق محصور في‬
‫الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة فقط‪ ،‬والحقيقة أن‬
‫حسن الخلق أوسع من ذلك فهو يعني إضافة إلى‬
‫الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ‪ ،‬التواضع وعدم‬
 ‫التكبر ولين الجانب‪ ،‬ورحمة الصغير واحترام الكبير ‪،‬‬
‫ودوام البشر وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة وإصالح‬
‫ذات البين والتواضع والصبر والحلم والصدق وغير ذلك‬
‫من األخالق الحسنة واألفعال الحميدة التي حث عليها‬
‫اإلسالم ورغب فيها‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل تعالى وهو‬
‫يتكلم عن منهج السلف في األخالق والسلوك "يأمرون‬
‫بالصبر عند البالء ‪ ،‬والشكر عند الرخاء‪ ،‬والرضا بمر‬
‫القضاء‪ ،‬ويدعون إلى مكارم األخالق ومحاسن األعمال "‬
‫أسباب االنحراف عن األخالق اإلسالمية‬
‫ليس للمسلم أفضل من التحلي باألخالق اإلسالمية‬
‫الفاضلة‪ ،‬بعيدا ً عن األفكار الخاطئة التي يروجها بعض‬
‫من يدعي العلم الديني‪ ،‬أو يقررها بعض من يريدون‬
‫الشهرة‪ ،‬بهدف بلبلة أفكار النشء والشباب وبعده عن‬
‫تعاليم اإلسالم‪.‬‬
‫في هذا الزمان انحرف كثير من الناس عن األخالق‬
‫الفاضلة التي دعى إليها اإلسالم‪ ،‬فظهر االنحالل في‬
‫جميع أمور الحياة (اجتماعية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬وسياسية‪،‬‬
‫وأخالقية) فنرى سرقة واختالساً‪ ،‬وإهدارا ً للمال العام‪،‬‬
‫ال للفضيلة‪ ،‬وإعالنات عن متع‬ ‫وذبحاً لألخالق‪ ،‬وقت ً‬
‫محرمة‪ ،‬وتقليدا ً أعمى ألهل الشرك والضالل‪ ،‬وسهرات‬
 ‫شيطانية‪ ،‬وتطرفاً عن الدين‪ ،‬وتفككاً في األسر‪،‬‬
‫وضياعاً لحقوق الزوجية ‪ ...‬الخ‪... .‬‬
‫فما هي األسباب التي أدت إلى انحراف كثير من‬
‫الناس عن أخالق اإلسالم الفاضلة المستمدة‬
‫من كتاب اهلل تعالى وسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم؟‬
‫وهذه األسباب تتجلى فيما يلي‪:‬‬
‫السبب األول‪ :‬البعد عن اهلل تعالى‪:‬‬
‫وهذا أهم األسباب‪ ،‬حيث بعد كثير من الناس عن اهلل‪،‬‬
‫وعن تعاليمه واتباع أوامره‪،‬‬
‫واالبتعاد عن نواهيه‪ ،‬واقترب من الشيطان فانحرفت‬
‫أخالقه وصار إنساناً شيطانياً‪.‬‬
‫وما أحرى العبد من أن يتمثل كلمات اهلل ويقتدي‬
‫بآياته‪ ،‬فاهلل مالك كل شيء ومليكه‪،‬‬
‫وإن كل ما سوى اهلل مخلوق له‪ ،‬وأنه سبحانه أوجب‬
‫على نفسه الرحمة‬
‫َب َر ُّب ُك ْم َعلَى ن َْف ِس ِه ال َّر ْح َم َة " فكيف‬
‫قال تعالى " َكت َ‬
‫ال يرحم من خلقه فسواه فعدله "‬
‫السبب الثاني‪ :‬اتباع الهوى‪:‬‬
‫أعظم مشكلة تواجه اإلنسان في حياته اتباع الهوى‪،‬‬
‫وإذا غلب الهوى على النفس أظلم القلب‪ ،‬وجنح‬
 ‫العقل‪ ،‬فال يسمع اإلنسان كلمة الحق‪ ،‬وال يرى إال‬
‫األباطيل واألشباح المفزعة التي تجعله في حياته‬
‫تعساً شقياً‪.‬‬
‫إن الهوى عدو العلم والحق‪ ،‬إذ يقود صاحبه الرتكاب‬
‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬وصاحب الهوى ظالم‬
‫لنفسه فقد حرمها نعمة اإليمان‪ ،‬وحجبها عن نور‬
‫المعرفة‪ ،‬فعاش حياة الخوف والفزع‪ ،‬وشحن بالحقد‬
‫والحسد‪ ،‬وأغواه الشيطان فضل عن سواء السبيل "‬
‫اهَّللِ إِ َّن َّ‬
‫اهَّللَ ال‬ ‫" َو َم ْن َأ َض ُّل ِم َّمنِ ا َّت َب َع َه َوا ُه ب َِغ ْي ِر ُه ًدى ِّم َن َّ‬
‫ين " و‬ ‫الظال ِ ِم َ‬ ‫َي ْه ِدي الْ َق ْو َم َّ‬
‫ين َظلَ ُموا َأ ْه َو ُ‬
‫اءهم ب َِغ ْي ِر ِعلْ ٍم َف َمن‬ ‫" َب ِل ا َّت َب َع ال َّ ِذ َ‬
‫ِين "‬
‫َّاصر َ‬ ‫َي ْه ِدي َم ْن َأ َض َّل َّ ُ‬
‫اهَّلل َو َما لَ ُهم ِّمن ن ِ‬
‫إن أصحاب الهوى يعيشون جل حياتهم في قلق‬
‫مزمن وخوف دائم‪ ،‬وإن تظاهروا بالسعادة‪ ،‬فإن‬
‫الحقيقة أن بواطنهم يخيم عليها التعاسة والشقاء‬
‫الدائم‬
‫ويختلف عباد الهوى في ضاللهم‪ ،‬فمنهم من يزعم‬
‫العلم وما يتبع إال الظن‪ ،‬ومنهم من يتوهم الهدى‬
‫وما يعبد إال الشيطان‪ ،‬ومنهم من يخيل إليه الباطل‬
‫ال‪ ،‬وال يكفي أصحاب الهوى عن‬ ‫حقاً والحق باط ً‬
‫التعريض بالمؤمنين‪ ،‬فأمانيهم أن يضلوهم عن‬
‫طريق الحق‪ ،‬فإن لم يستطيعوا كادوا لهم‪ ،‬وسلطوا‬
‫عليهم المفسدين لظلمهم والنيل منهم‬
‫وقد أمرنا اهلل تعالى بعدم االلتفات إلى أهل‬
‫الهوى‪ ،‬وعدم اتباعهم‪ ،‬أو طاعتهم فيما يقولونه‬
‫ُط ْع َم ْن َأ ْغ َفلْنَا َقلْ َب ُه‬
‫ويفعلونه‪ ،‬يقول تعالى‪َ :‬وال ت ِ‬
‫ان َأ ْم ُر ُه ُف ُر ًطا [‬
‫َعن ِذ ْك ِرنَا َوا َّت َب َع َه َوا ُه َو َك َ‬
‫اءه ْم "‬‫اس َت ِق ْم َك َما ُأ ِم ْر َت َوال َت َّتب ِْع َأ ْه َو ُ‬ ‫و " َو ْ‬
‫إن الزمان ال يخلو من أهل الهوى كما أنه ال يخلو‬
‫من أهل الحق‪ ،‬وأهل الهوى هم المنحرفون الضالون‬
‫عن الطريق المستقيم ال أخالق لهم وال فضيلة‪،‬‬
‫وأهل الحق هم أهل اإليمان والتقوى واألخالق‬
‫الفاضلة‪.‬‬

‫‪ -1‬األخالق الحسنة من أسباب دخول الجنة‪:‬‬

‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬أنا زعيم ببيت في‬
‫ًّ‬
‫محقا‪ ،‬وببيت‬ ‫ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان‬
‫مازحا‪،‬‬
‫ً‬ ‫في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان‬
‫وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه‬
‫عن أبي هريرة رضي اهلل عنه‪(( :‬سئل رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة‬
‫فقال‪ :‬تقوى اهلل وحسن الخلق‪ ،‬وسئل عن أكثر ما‬
 ‫يدخل الناس النار فقال‪ :‬الفم والفرج ))‬
‫‪ -2‬األخالق الحسنة سبب في محبة اهلل لعبده‪:‬‬
‫وقد ذكر اهلل تعالى محبته لمن يتخلق باألخالق‬
‫الحسنة‪ ،‬والتي منها الصبر واإلحسان والعدل وغير‬
‫ِيل اهّللِهّ َوالَ‬
‫ذلك‪ ،‬فقد قال اهلل تعالى‪َ :‬و َأن ِف ُقوا ْ ِفي َسب ِ‬
‫ّهلُ َك ِة َو َأ ْح ِس ُن َوا ْ إِ َّن اهّللَهّ ُي ِح ُّب‬ ‫ُتلْ ُقوا ْ ب َِأ ْي ِد ُ‬
‫يك ْم إِلَى ال َت ْ‬
‫ين [البقرة‪]195 :‬‬ ‫الْ ُم ْح ِس ِن َ‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬أحب عباد اهلل إلى اهلل‬
‫خلقا ))‬ ‫أحسنهم ً‬
‫‪ -3‬األخالق الحسنة من أسباب محبة الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪:‬‬
‫إلي‬
‫((إن من أحبكم َّ‬ ‫َّ‬ ‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫مجلسا يوم القيامة أحاسنكم‬ ‫ً‬ ‫وأقربكم مني‬
‫‪ -4‬مكارم األخالق أثقل شيء في الميزان يوم‬
‫القيامة‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬ما من شيء في الميزان‬
‫أثقل من حسن الخلق ))‬
‫‪ -5‬األخالق الحسنة تضاعف األجر والثواب‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬إن الرجل ليدرك بحسن‬
‫خلقه درجات قائم الليل صائم النهار ))‬
‫((إن المسلم المسدد‬ ‫َّ‬ ‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
 ‫وجل لكرم‬ ‫َّ‬ ‫ليدرك درجة الصوام القوام بآيات اهلل ع َّز‬
‫ضريبته وحسن خلقه ))‬
‫‪ -6‬األخالق الحسنة من خير أعمال العباد‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬يا أبا ذ ّ ٍر‪ ،‬أال أدلك على‬
‫خصلتين هما أخف على الظهر‪ ،‬وأثقل في الميزان من‬
‫غيرهما؟ قال‪ :‬بلى يا رسول اهلل‪ .‬قال‪ :‬عليك بحسن‬
‫الخلق‪ ،‬وطول الصمت‪ ،‬فو الذي نفس محمد بيده‪ ،‬ما‬
‫عمل الخالئق بمثلهما))‬
‫‪ -7‬األخالق الحسنة تزيد في األعمار وت َُع ّ ِمر الديار‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬حسن الخلق وحسن الجوار‬
‫يعمران الديار ويزيدان في األعمار )‬
‫‪ -8‬األخالق الحسنة عالمة على كمال اإليمان‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬أن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪(( :‬أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم ً‬
‫خلقا‪،‬‬
‫وخياركم خياركم لنسائهم ))‬
‫وفي الختام أسال اهلل سبحانه أن يجعل هذا البحث‬
‫خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به من قرأه ‪ ،‬وأن‬
‫يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يحسن أخالقنا ‪ ،‬إنه‬
‫سميع مجيب ‪ .‬وصلى اهلل وصلى سلم وبارك على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬