You are on page 1of 34

‫مجزوءة دعم التكوين األساس التربية اإلسالمية ف ‪1‬‬

‫مدخل العقيدة‬
‫أركان اإليمان و أثرها التربوي‬

‫‪ ‬الركن األول‪ :‬اإليمان باهلل و آثره‬


‫قال هللا تعالى ‪ ﴿:‬قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضالل مبين ﴾ [امللك‪:‬‬
‫‪.]92‬‬
‫واإليمان باهلل هو الركن األول من أركان اإليمان ‪:‬قال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أن تؤمن باهلل‪،‬‬
‫ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وتؤمن بالقدر خيره وشره»‪.‬‬
‫‪ .1‬معنى اإليمان في اللغة‪:‬‬
‫"اإليمان‪ :‬التصديق‪ ،‬وهو الذي جزم به "‪" ،‬آمنت باهلل إيمانا‪ :‬أسلمت له‪".‬‬
‫‪ .9‬معنى اإليمان في االصطالح‪:‬‬
‫هو التصديق الجازم‪ ،‬واإلقرار الكامل‪ ،‬واالعتراف التام ‪ -‬بوجود هللا تعالى وربوبيته وألوهيته‬
‫وأسمائه وصفاته‪ ،‬واستحقاقه وحده العبادة‪.‬‬
‫‪ .3‬معنى اإليمان عند املفسرين‪:‬‬
‫من أسباب السعادة في الدنيا واآلخرة ‪:‬اإليمان باهلل تعالى وحده‪ ،‬وتصديق رسوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم واإليمان بما جاء به؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬من عمل صالحا من ذكرأو أنثى وهومؤمن فلنحيينه حياة طيبة‬
‫ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ﴾ [النحل‪ ،]29 :‬وحقيقة اإليمان أن يعرف ربه ويبذل جهده‬
‫في معرفة أسمائه وصفاته‪ ،‬وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه‪ ،‬فكلما ازداد معرفة بربه‪ ،‬ازداد إيمانه‬
‫وكلما نقص‪ ،‬نقص‪ ،‬و أقرب طريق يوصله إلى ذلك تدبرصفاته وأسمائه من القرآن‪.‬‬
‫وقد بشرهللا تعالى أهل اإليمان به بأن لهم من ثواب هللا على طاعتهم إياه تضعيفا كثيرا‪ ،‬وذلك هو‬
‫الفضل الكبيرمن هللا لهم؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬وبشراملؤمنين بأن لهم من هللا فضال كبيرا ﴾ [األحزاب‪79 :‬‬
‫واإليمان باهلل سبحانه وتعالى ‪:‬هو التصديق الجازم بوجود هللا وربوبيته جل وعال‪ ،‬و اتصافه بكل‬
‫صفات الكمال‪ ،‬ونعوت الجالل‪ ،‬واستحقاقه وحده العبادة‪ ،‬واطمئنان القلب بذلك‪ ،‬والتزامه بأوامر‬
‫هللا تعالى‪ ،‬واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫ومن اإليمان باهلل اإليمان بوحدانيته وألوهيته وأسمائه وصفاته‪ ،‬وذلك باإلقرار بأنواع التوحيد‬
‫الثالثة‪ ،‬واعتقادها‪ ،‬والعمل بها‪ ،‬وهذه األنواع هي‪ :‬توحيد الربوبية‪ ،‬توحيد األلوهية‪ ،‬توحيد األسماء‬
‫والصفات‪.‬‬
‫واإليمان يزيد وينقص‪ ،‬يزيد بالطاعة وينقص باملعصية‪ ،‬والناس متفاوتون في الدين بتفاوت‬
‫اإليمان في قلوبهم‪ ،‬متفاضلون فيه‪ ،‬وكما يتفاوتون في مبلغ اإليمان في قلوبهم‪ ،‬فإنهم يتفاوتون أيضا في‬
‫أعمال اإليمان الظاهرة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .7‬اآلثارالتربوية لإليمان باهلل تعالى‪:‬‬
‫)‪1‬أن هللا يدفع عن املؤمنين جميع املكاره‪ ،‬وينجيهم من الشدائد؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬إن هللا يدافع عن‬
‫الذين آمنوا إن هللا ال يحب كل خوان كفور ﴾ [الحج‪.]33 :‬‬
‫)‪2‬اإليمان باهلل سبب لرفعة العبد في الدنيا واآلخرة؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬يرفع هللا الذين آمنوا منكم‬
‫والذين أوتوا العلم درجات وهللا بما تعملون خبير ﴾ [املجادلة‪.]11 :‬‬
‫)‪3‬البشارة بدخول الجنة للذين آمنوا باهلل؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫أن لهم جنات تجري من تحتها األنهار ﴾ [البقرة‪.]92 :‬‬
‫)‪4‬اإليمان باهلل سبب لالنتفاع باملواعظ والتذكير واآليات؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬وذكر فإن الذكرى تنفع‬
‫املؤمنين ﴾ [الذاريات‪.]22 :‬‬
‫)‪5‬اإليمان باهلل سبب للحياة الطيبة في الدنيا واآلخرة؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬من عمل صالحا من ذكر أو‬
‫أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ﴾ [النحل‪.]29 :‬‬
‫)‪6‬اإليمان باهلل خيرمعين على الصبر على أقدار هللا؛ قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬عجبا‬
‫ألمر املؤمن‪ ،‬إن أمره كله خير‪ ،‬وليس ذاك ألحد إال للمؤمن‪ ،‬إن أصابته سراء شكر‪ ،‬فكان خيرا له‪ ،‬وإن‬
‫أصابته ضراء‪ ،‬صبرفكان خيرا له» ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬الركن الثاني‪ :‬اإليمان باملالئكة و آثره‬
‫اإليمان باملالئكة هو الركن الثاني من أركان اإليمان؛ قال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬اإليمان أن‬
‫تؤمن باهلل ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬ولقائه‪ ،‬وتؤمن بالبعث اآلخر" ‪.‬‬
‫‪ .1‬معنى املالئكة لغة‪:‬‬
‫مالئكة‪ :‬مفرده ملك‪ ،‬وأصله مألك‪ ،‬ومألك‪ :‬الرسالة‪ ،‬وتصرفوا في لفظه‪ ،‬فقالوا‪ :‬ملك‪ ،‬وسميت‬
‫املالئكة مالئكة بالرسالة؛ ألنها رسل هللا بينه وبين أنبيائه‪.‬‬
‫‪ .9‬معنى املالئكة اصطالحا‪:‬‬
‫خلق من خلق هللا تعالى‪ ،‬خلقهم هللا عز وجل من نور‪ ،‬عباد مكرمون‪ ،‬ال يعصون هللا ما أمرهم‬
‫ويفعلون ما يؤمرون‪ ،‬ال يوصفون بالذكورة وال باألنوثة‪ ،‬ال يأكلون وال يشربون‪ ،‬وال يملون وال يتعبون‪ ،‬وال‬
‫يتناكحون‪ ،‬وال يعلم عددهم إال هللا‪.‬‬
‫ويجب اإليمان الجازم بهم جميعا إجماال وتفصيال‪ ،‬وأما التفصيل فيجب اإليمان بمن سماه هللا‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وسلم منهم؛ كجبريل املوكل بالوحي‪ ،‬وميكائيل املوكل باملطر‪ ،‬وإسر افيل املوكل‬
‫بالنفخ في الصور‪ ،‬وملك املوت املوكل بقبض األرواح‪ ،‬ومالك خازن النار‪ ،‬ورضوان خازن الجنة‪ ،‬وملكي‬
‫القبرمنكرونكير‪.‬‬
‫ال يحص ي عددهم إال هللا عز وجل؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬وما يعلم جنود ربك إال هو ﴾ [املدثر‪،]31 :‬‬
‫واملالئكة عباد هللا اختارهم واصطفاهم‪ ،‬لهم مكانة عند ربهم‪ ،‬ال يعصون هللا ويفعلون ما يأمرون‪ ،‬فمن‬
‫عادى واحدا من املالئكة فقد عادى هللا وجميع املالئكة؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله‬
‫على قلبك بإذن هللا مصدقا ملا بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين *من كان عدوا هلل ومالئكته ورسله‬
‫وجبريل وميكال فإن هللا عدو للكافرين ﴾ [البقرة‪.]23 ،29 :‬‬
‫‪ .3‬أقسام املالئكة ‪:‬‬
‫)‪1‬املوكل بالوحي ‪:‬وهو الروح األمين جبريل عليه السالم‪.‬‬
‫)‪2‬املوكل بالقطروتصاريفه‪ :‬وهو ميكائيل عليه السالم‪.‬‬
‫)‪3‬املوكل بالصور‪ :‬وهو إسر افيل عليه السالم‪.‬‬
‫)‪4‬املوكل بقبض األرواح‪ :‬وهو ملك املوت وأعوانه‪.‬‬
‫)‪5‬املوكل بحفظ العبد في كل حاالته‪ :‬وهم املعقبات‪.‬‬
‫)‪6‬املوكل بحفظ عمل العبد من خيروشر‪ :‬وهم الكرام الكاتبون‪.‬‬
‫)‪7‬املوكلون بفتنة القبر‪ :‬منكرونكير‪.‬‬
‫)‪8‬املوكلون بالنطفة في الرحم‪.‬‬
‫)‪9‬حملة العرش‪.‬‬
‫)‪10‬مالئكة سياحون يتبعون مجالس الذكر‪.‬‬
‫)‪11‬املوكل بالجبال‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)‪12‬زوارالبيت املعمور‪.‬‬
‫)‪13‬مالئكة صفوف ال يفترون‪ ،‬وقيام ال يركعون‪ ،‬وركع وسجد ال يرفعون‪ ،‬ومنهم غيرذلك‪.‬‬
‫)‪14‬خزنة الجنة‪ :‬ومقدمهم رضوان عليه السالم‪.‬‬
‫)‪15‬خزنة جهنم ‪:‬وهم الزبانية‪ ،‬ورؤساؤهم تسعة عشر‪ ،‬ومقدمهم "مالك" عليه السالم‪.‬‬
‫‪ .7‬اآلثارالتربوية اإليمان باملالئكة‪:‬‬
‫)‪1‬اإليمان بأن كل شخص معه ملكان يكتبان عمله؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬ما يلفظ من قول إال لديه رقيب‬
‫عتيد ﴾ [ق‪ ،]13 :‬فليحذرالعبد أن يكتب امللكان عنه ما يسوؤه يوم القيامة‪.‬‬
‫)‪2‬املالئكة مخلوقات عظيمة‪ ،‬تدل على عظمة خالقها وقدرته سبحانه؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬جاعل‬
‫املالئكة رسال أولي أجنحة مثنى وثالث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن هللا على كل ش يء قدير ﴾ [فاطر‪:‬‬
‫‪.] 1‬‬
‫)‪3‬رحمة هللا تعالى بعباده؛ حيث وكل من هؤالء املالئكة من يقوم بحفظه ورعايته؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬له‬
‫معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر هللا ﴾ [الرعد‪.]11 :‬‬
‫)‪4‬خزنة جهنم غالظ شداد‪ ،‬فليحذر العبد من مخالفة أوامر هللا التي تكون سببا في دخوله النار‬
‫عياذا باهلل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬الركن الثالث‪ :‬اإليمان بالكتب و آثره‬
‫إن اإليمان بالكتب هو الركن الثالث من أركان اإليمان؛ فقد قال النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪»:‬اإليمان أن تؤمن باهلل ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬ولقائه‪ ،‬وتؤمن بالبعث اآلخر»‪.‬‬
‫‪ .1‬معنى الكتب لغة‪:‬‬
‫الكتب ‪:‬وهو جمعك بين الشيئين‪ ،‬والكتاب‪ :‬اسم ملا كتب مجموعا‪.‬‬
‫‪ .9‬معنى الكتب اصطالحا‪:‬‬
‫هي الكتب التي حوت كالم هللا تعالى‪.‬‬
‫ويقصد من اإليمان بها التصديق الجازم بأن جميع هذه الكتب منزلة من عند هللا عز وجل على‬
‫رسله إلى عباده‪ ،‬وأنها كالم هللا عز وجل تكلم بها حقيقة‪ ،‬وال يصح إيمان عبد إال باإليمان بجميع كتب‬
‫هللا تعالى‪ ،‬واإليمان بما في هذه الكتب من األوامر والنواهي‪ ،‬فنؤمن بما سمى هللا تعالى منها في كتابه من‬
‫التوراة املنزلة على موس ى عليه السالم‪ ،‬واإلنجيل املنزل على عيس ى عليه السالم‪ ،‬والزبور املنزل على داود‬
‫عليه السالم‪ ،‬وصحف إبراهيم عليه السالم‪ ،‬والقرآن الذي أنزل على نبينا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وجميع‬
‫ما في هذه الكتب يصدق بعضها بعضا‪ ،‬وحوت هذه الكتب الدعوة إلى عبادة هللا وحده وإلى حقوق هللا‬
‫وحقوق عباده‪ ،‬وإلى األخالق الفاضلة‪ ،‬واإليمان بالكتب إنما هولصالح الناس والخروج بهم من الظلمات‬
‫إلى النور‪.‬‬
‫أفضل هذه الكتب وأشرفها هو القرآن العظيم‪ ،‬املنزل على أفضل الرسل محمد عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬امتاز عن بقية الكتب بالبالغة والفصاحة إلى حد اإلعجاز‪ ،‬وقد تكفل هللا بحفظه من‬
‫التحريف والتبديل؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬إنا نحن نزلنا الذكرو إنا له لحافظون ﴾ [الحجر‪.]2 :‬‬
‫‪ .3‬اآلثارالتربوية لإليمان بالكتب‪:‬‬
‫)‪1‬إثبات صفة الكالم هلل تعالى‪ ،‬وأن ما في هذه الكتب هو كالم هللا حقيقة‪.‬‬
‫)‪2‬جميع هذه الكتب اشتملت على الدعوة إلى توحيد هللا و إفراده بالعبادة‪.‬‬
‫)‪3‬فضل القرآن الكريم على سائر الكتب املنزلة؛ قال عليه الصالة والسالم ‪»:‬خيركم من تعلم‬
‫القرآن وعلمه»‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ‬الركن الرابع‪ :‬اإليمان بالرسل و أثره‬
‫اإليمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان اإليمان؛ قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اإليمان أن‬
‫تؤمن باهلل ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬ولقائه‪ ،‬وتؤمن بالبعث اآلخر»‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف النبي والرسول‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬تعريف النبي لغة‪ :‬املخبر‪ ،‬مشتق من النبأ وهو الخبر‪ ،‬فالنبي ُمخبر عن هللا تعالى‪ .‬أو مشتق من‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫فالنبي أشرف الخلق وأرفعهم منزلة‪.‬‬ ‫الن ْب َوة وهي ما ارتفع من األرض‪،‬‬
‫ّ‬
‫وخصه بتبليغ الوحي إليه‪.‬‬ ‫حر‪ ،‬ذكر‪ ،‬اختاره هللا‬‫النبي اصطالحا ‪:‬فهو إنسان ّ‬
‫‪ -‬تعريف ّ‬
‫‪ -‬تعريف الرسول لغة ‪:‬املتابع ألخبارمن أرسله‪.‬‬
‫‪ -‬تعريف الرسول اصطالحا ‪:‬فهو إنسان حر ذكر‪ّ ،‬نبأه هللا تعالى بشرع‪ ،‬وأمره بتبليغه إلى قوم‬
‫مخالفين‪.‬‬
‫‪ .9‬الفرق بينهما فإن الرسول أخص من النبي‪ ،‬فكل رسو ٍل نبي‪ ،‬وليس كل نبي رسوال‪ ،‬فالرسول يؤمر‬
‫بتبليغ الشرع إلى من خالف دين هللا‪ ،‬أو ال يعلم دين هللا‪ ،‬وأما النبي فيبعث بالدعوة لشرع من قبله‪.‬‬
‫‪ .3‬أهمية إرسال الرسل‬
‫إن إرسال الرسل من أعظم نعم هللا على خلقه؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال ﴾‬
‫[اإلسراء‪ ،]12 :‬من عدل هللا ورحمته أنه ال يعذب عبده حتى تقام عليه الحجة‪ ،‬أرسل إليهم الرسل‬
‫مبشرين ومنذرين‪ ،‬ليهدوهم إلى صراط هللا تعالى املستقيم‪ ،‬ويبينوا لهم كيف يعبدون هللا وحده‪ ،‬والرسل‬
‫دعوتهم واحدة‪ ،‬وهي الدعوة إلى التوحيد وإلى دين اإلسالم وهو دين جميع الرسل‪.‬‬
‫ال يصح إيمان العبد إال بإيمانه بجميع رسل هللا عليهم السالم‪ ،‬فمن كفر بواحد منهم‪ ،‬فقد كفر‬
‫باهلل تعالى وبجميع الرسل؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬إن الذين يكفرون باهلل ورسله ويريدون أن يفرقوا بين هللا ورسله‬
‫ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيال *أولئك هم الكافرون حقا‬
‫وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ﴾ [النساء‪" ،]121 ،121 :‬ومعنى التفريق بين هللا ورسله أنهم ينكرون صدق‬
‫بعض الرسل الذين أرسلهم هللا‪ ،‬ويعترفون بصدق بعض الرسل دون بعض‪ ،‬ويزعمون أنهم يؤمنون‬
‫باهلل‪".‬‬
‫و أفضل الرسل وخاتمهم هو محمد صلى هللا عليه وسلم؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬ما كان محمد أبا أحد من‬
‫رجالكم ولكن رسول هللا وخاتم النبيئين ﴾ [األحزاب‪ ،]71 :‬أرسله هللا تعالى إلى جميع الناس الجن‬
‫واإلنس‪ ،‬العرب والعجم‪ ،‬وجميع الرسل السابقين نسخت شرائعهم بشريعة النبي صلى هللا عليه وسلم؛‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم ‪»:‬والذي نفس محمد بيده‪ ،‬ال يسمع بي أحد من هذه األمة يهودي وال نصراني‪،‬‬
‫ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به‪ ،‬إال كان من أصحاب النار»‪.‬‬
‫‪ .7‬اآلثارالتربوية لإليمان بالرسل‪:‬‬
‫)‪1‬رحمة هللا تعالى وعنايته بعباده؛ حيث أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين‪ ،‬وليهديهم إلى‬
‫صراط هللا املستقيم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)‪ 2‬اإليمان بأن النبي صلى هللا عليه وسلم أفضل الرسل وخاتمهم‪ ،‬وشريعته ناسخة لجميع‬
‫الرساالت السابقة‪.‬‬
‫)‪3‬من أطاع رسل هللا عليهم السالم سعد في الدنيا‪ ،‬وفازبالنجاة من عذاب هللا في اآلخرة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ ‬الركن الخامس‪ :‬اإليمان باليوم اآلخرو أثره‬
‫اإليمان باليوم اآلخر هو الركن الخامس من أركان اإليمان‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أن تؤمن‬
‫باهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وتؤمن بالقدرخيره وشره»‪.‬‬
‫‪ .1‬معنى اليوم اآلخرفي اللغة‪:‬‬
‫اليوم‪" :‬الوقت والحين"‪" ،‬آخر‪ :‬األخير‪ ،‬واآلخر بالفتح‪ :‬الواحد"‪" ،‬وما لم يكن له ثالث فما فوق‬
‫ذلك قيل‪ :‬األول واآلخر‪".‬‬
‫‪ .9‬معنى اليوم اآلخراصطالحا‪:‬‬
‫اليوم اآلخر ‪:‬هو يوم القيامة‪ ،‬وهو اليوم الذي يقوم فيه الناس لرب العاملين للجزاء والحساب‪.‬‬
‫فاإليمان باليوم اآلخرأحد أركان اإليمان الستة التي ال يصح إيمان العبد بدونها‪ ،‬وهوما يكون بعد‬
‫املوت مما أخبر به هللا تعالى في كتابه‪ ،‬أو أخبر به رسوله صلى هللا عليه وسلم من أهوال املوت‪ ،‬والقبر‬
‫واملوقف‪ ،‬والجنة والنار‪.‬‬
‫وكثيرا ما يقرن هللا تعالى اإليمان به باإليمان باليوم اآلخر؛ ألن اإليمان باليوم اآلخريحمل اإلنسان‬
‫إلى االمتثال ألوامرهللا‪ ،‬وبمعرفة ما يكون في اليوم اآلخرمن الجنة والناروالحساب والجزاء ‪ -‬يجعل العبد‬
‫دائما مستعدا لهذا اليوم باألعمال الصالحة‪ ،‬طمعا في الجنة وخوفا من النار‪.‬‬
‫فمن لم يؤمن باليوم اآلخر عاش في غفلة‪ ،‬ولم يبال بأي عمل يعمله؛ ألنه ال يرجو ثوابا وال يخاف‬
‫عقابا‪ ،‬ويأخذه املوت على حين غفلة‪ ،‬فيتحسرويندم ولكن بعد فوات األوان؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬حتى إذا جاء‬
‫أحدهم املوت قال رب ارجعون ﴾ [املؤمنون‪.]22 :‬‬
‫فالداراآلخرة هي الدارالحقيقية‪ ،‬وهي الحياة الدائمة‪ ،‬فهذه الدنيا ستنقض ي ال محالة‪.‬‬
‫‪ .3‬اآلثارالتربوية لإليمان باليوم اآلخر‪:‬‬
‫)‪1‬اإليمان باليوم اآلخر له األثر البالغ في حياة اإلنسان‪ ،‬ير اقب هللا في أفعاله‪ ،‬ويسعى جاهدا في‬
‫كل عمل يقربه من هللا تعالى طمعا في ثوابه ودخول جنته‪.‬‬
‫)‪2‬اإليمان باليوم اآلخر يجعل العبد راضيا مطمئنا‪ ،‬ال يخاف إال هللا؛ ألنه يعلم أن هذه الدنيا‬
‫زائلة‪ ،‬وأن الجزاء والحياة األبدية ليست هنا‪.‬‬
‫)‪3‬تسلية للمؤمن عما يفوته في الدنيا ملا يرجوه من الخلف وحسن العاقبة في اآلخرة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ ‬الركن السادس‪ :‬اإليمان بالقدرو أثره‬
‫اإليمان بالقدر هو الركن السادس من أركان اإليمان؛ قال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أن تؤمن باهلل‪،‬‬
‫ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وتؤمن بالقدر خيره وشره»‪.‬‬
‫‪ .1‬معنى القدرفي اللغة‪:‬‬
‫القدر ‪:‬القضاء والحكم‪ ،‬وتدبيراألمر‪ ،‬ومقدارالش يء‪.‬‬
‫‪ .9‬معنى القدرفي االصطالح‪:‬‬
‫ما سبق به العلم وجرى به القلم مما هو كائن إلى األبد‪ ،‬وأن هللا تعالى قدر مقادير الخالئق‪ ،‬وما‬
‫يكون من األشياء قبل أن تكون في األزل‪ ،‬وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده تعالى‪ ،‬وعلى‬
‫الصفة التي يريدها سبحانه‪.‬‬
‫‪ .3‬معنى القدرعند املفسرين‪:‬‬
‫ال يصح إيمان العبد إال بإيمانه بالقدر خيره وشره‪ ،‬واإليمان بالقدر هو أن يؤمن العبد أن هللا عز‬
‫وجل خلق األشياء كلها‪ ،‬وقدرها وكتبها قبل أن يخلق السماوات واألرض بخمسين ألف سنة‪ ،‬عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم قال ‪« :‬كتب هللا مقادير الخالئق قبل أن يخلق السماوات واألرض بخمسين ألف‬
‫سنة‪ ،‬قال‪ :‬وعرشه على املاء»‪.‬‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬القدرسرمن أسرارهللا‪ ،‬لم يطلع هللا عليه أحدا‪ ،‬ال ملكا مقربا‪ ،‬وال نبيا مرسال‪،‬‬
‫إال ما أوحاه هللا عزوجل إلى رسله‪ ،‬أو وقع فعلم به الناس؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬إن هللا عنده علم الساعة وينزل‬
‫الغيث ويعلم ما في األرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن هللا عليم‬
‫خبير ﴾ [لقمان‪.]37 :‬‬
‫وهللا تعالى أعلم بما الناس عاملون‪ ،‬فهو خالقهم وخالق أعمالهم‪ ،‬و أنعم عليهم بالعقل‪ ،‬و آتاهم‬
‫من اإلرادات والقدرة التي تقع بها أعمالهم‪ ،‬وبعث إليهم الرسل مبشرين ومنذرين‪ ،‬أمرهم ونهاهم‪ ،‬ورهبهم‬
‫ورغبهم‪ ،‬وجعل عليهم حفظة كاتبين يكتبون أعمالهم‪ ،‬فيترتب جزاؤهم على عملهم الو اقع بإرادتهم‬
‫وقدرتهم‪ ،‬فمن أحسن فله الثواب‪ ،‬ومن أساء استحق العقاب‪ ،‬وال يظلم ربك أحدا‪.‬‬
‫واألسباب تنفع‪ ،‬إذا لم يعارضها القضاء والقدر‪ ،‬فإذا جاء القضاء والقدر‪ ،‬تالش ى كل سبب‪،‬‬
‫وبطلت كل وسيلة‪ ،‬ظنها اإلنسان تنجيه‪.‬‬
‫واإليمان بالقدرله أربعة أركان‪ ،‬يجب اإليمان بها جميعا‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫األول ‪:‬اإليمان بعلم هللا تعالى‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬اإليمان بكتابة هللا في اللوح املحفوظ لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫الثالث ‪:‬اإليمان بمشيئة هللا النافذة وقدرته التامة‪.‬‬
‫الرابع ‪:‬خلقه تبارك وتعالى لكل موجود‪ ،‬وال شريك له في خلقه‪.‬‬
‫‪ .7‬اآلثارالتربوية لإليمان بالقدر‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫)‪1‬اإليمان بالقدريجعل اإلنسان راضيا مطمئنا‪ ،‬فلن يصيبه إال ما كتب هللا له؛ قال تعالى ‪ ﴿:‬قل‬
‫لن يصيبنا إال ما كتب هللا لنا هو موالنا وعلى هللا فليتوكل املؤمنون ﴾ [التوبة‪.]21 :‬‬
‫)‪2‬ال يندم وال يتحسرعلى ما فاته من رزق في الدنيا‪ ،‬وال يفرح وال يتفاخر بما أعطاه هللا عز وجل؛‬
‫ألن هللا تعالى هو الذي قض ى وقدر‪.‬‬
‫)‪3‬تعلق القلب باهلل عزوجل وحده؛ ألن هللا تعالى بيده الضروالنفع‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مجزوءة دعم التكوين األساس التربية اإلسالمية ف ‪1‬‬
‫مدخل االستجابة‬

‫شرح حديث مراتب الدين‬


‫نص الحديث‬
‫نحن جلوس ع ْند رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫• عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه قال‪ :‬بيْنما ْ‬
‫وسلم ذات يوم‪ ،‬إ ْذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب‪ ،‬شديد سواد الش ْعر‪ ،‬ال يرى عليه أثر‬
‫السفر‪ ،‬وال ي ْعرفه منا أحد‪ ،‬حتى جلس إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فأ ْسند ر ْكبتيه إلى‬
‫أخبرني عن ْاإل ْسالم‪ ،‬فقال رسول هللا‬ ‫ر ْكبتيه‪ ،‬ووضع كفيه على فخذيه‪ ،‬وقال‪ :‬يا محمد‪ْ ،‬‬
‫أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محمدًا رسول هللا‪ ،‬وتقيم‬ ‫أن ت ْشهد ْ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪ْ « :‬اإل ْسالم‪ْ :‬‬
‫بيال»‪ ،‬قال‪:‬‬‫الصالة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وتحج ْالبيْت إن ا ْستط ْعت إليْه س ً‬
‫برني عن ْاإليمان‪ ،‬قال‪ْ « :‬‬
‫أن تؤْ من باهلل‪،‬‬ ‫صد ْقت‪ ،‬فعجبْنا له ي ْسأله ويصدقه! قال‪ْ :‬‬
‫فأخ ْ‬
‫بالقدر خيْره وشره»‪ ،‬قال‪ :‬صد ْقت‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وال ْيوم ْاْلخر‪ ،‬وتؤْ من ْ‬
‫ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ْ ،‬‬
‫تكن تراه فإنه يراك»‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فإن ل ْم ْ‬
‫أن ت ْعبد هللا كأنك تراه‪ْ ،‬‬ ‫برني عن ْاإل ْحسان‪ ،‬قال‪ْ « :‬‬ ‫ْ‬
‫فأخ ْ‬
‫فأخبرني ْ‬
‫عن‬ ‫برني عن الساعة‪ ،‬قال‪« :‬ما ْالم ْسؤول ع ْنها بأعْلم من السائل»‪ ،‬قال‪ْ :‬‬ ‫ْ‬
‫فأخ ْ‬
‫وأن ترى ْالحفاة ْالعراة ْالعالة رعاء الشاء يتطاولون في‬‫أن تلد ْاألمة ربتها‪ْ ،‬‬ ‫أماراتها‪ ،‬قال‪ْ « :‬‬
‫ْالب ْنيان»‪ ،‬ثم ا ْنطلق فلبثْت مليًا‪ ،‬ثم قال‪« :‬يا عمر‪ ،‬أت ْدري من السائل؟»‪ْ ،‬قلت‪ :‬هللا ورسوله‬
‫أعْلم‪ ،‬قال‪« :‬فإنه جبْريل أتاك ْم يعلمك ْم ْأمر دينك ْم» رواه مسلم‪.‬‬
‫فضل الحديث ومكانته‬

‫• قال ابن رجب‪“ :‬وهو حديث عظيم يشتمل على شرح الدين‬
‫كله‪ ،‬ولهذا قال النبي صلى هللا عليه وسلم في آخره‪“ :‬هذا‬
‫جبريل أتاكم يعلمكم دينكم”‪ ،‬بعد أن شرح درجة اإلسالم‬
‫ودرجة اإليمان ودرجة اإلحسان‪ ،‬فجعل ذلك كله دينا ً‬
‫فضل الحديث ومكانته‬
‫• ويكفي في فضل هذا الحديث وجاللته حتى اشتهر بحديث‬
‫جبريل؛ أن النبي صلى هللا عليه وسلم ومعه الصحابة رضوان‬
‫هللا عليهم تلقوا الحديث وأخذوا ما فيه من العلوم مباشرة من‬
‫جبريل عليه السالم‪ ،‬أمين الوحي‪ ،‬وهو من وصفه هللا تعالى في‬
‫الكتاب العزيز‪﴿ :‬الروح ْاألمين﴾ [الشعراء‪.]193 :‬‬
‫فضل الحديث ومكانته‬

‫•راوي الحديث هو عمر بن الخطاب‬


‫ما الفرق بين اإلسالم واإليمان؟‬

‫• هذا الحديث يقتضي وجود الفرق بين اإلسالم واإليمان؛ ألن‬


‫حبريل عليه السالم سأل عنهما سؤالين‪ ،‬وأجيب عنهما بجوابين‪،‬‬
‫وفسر له اإلسالم بأعمال الجوارح كالصالة والزكاة والحج‪،‬‬
‫وفسر اإليمان بعمل القلب وهو التصديق‪ ،‬ولو كانا واح ًدا لكان‬
‫السؤال والجواب عن أحدهما كافيا عن السؤال عن اْلخر‪.‬‬
‫ما الفرق بين اإلسالم واإليمان؟‬
‫يطلق اإليمان علي اإلسالم من باب التوسع كما في حديث وفد عبد‬ ‫• قد ْ‬
‫القيس‪ ،‬فإنه أمرهم باإليمان ثم قال‪“ :‬أت ْدرون ما اإليمان”؟ قالوا‪ :‬هللا‬
‫أن ال إله إال هللا وأن محمدًا رسول هللا”‪.‬‬‫ورسوله أعلم‪ .‬قال‪“ :‬شهادة ْ‬
‫[متفق عليه]‪ .‬فقدة جاء اإليمان مغلبا هنا واإلسالم مظهره‪ .‬وقد يطلق‬
‫اإلسالم ويدخل فيه اإلسالم واإليمان معا‪ ،‬قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫﴿إن الدين ع ْند هللا ْاإل ْسالم ﴾ [آل عمران‪.]19 :‬‬
‫• القاعدة هي‪ :‬أن لفظ اإلسالم واإليمان من األلفاظ التي إذا جمع‬
‫بينها في الذكر فرق بينها في المعنى‪ ،‬وقد اجتمعا في الحديث‪،‬‬
‫فجاء التفريق بين معنيهما‪ ،‬وإذا أفرد أحدهما عن اْلخر شمل‬
‫المعنيين جميعا ً‪ :‬األمور الظاهرة والباطنة‪ ،‬ومن مجيء اإلسالم‬
‫﴿ومن يبْتغ غيْر ْاإل ْسالم دينًا ْ‬
‫فلن ي ْقبل‬ ‫ْ‬ ‫مفردا ً قول هللا عز وجل‪:‬‬
‫م ْنه وهو في ْاْلخرة من ْالخاسرين ﴾ [آل عمران‪.]85 :‬‬
‫اشراط الساعة‬

‫• سأل جبريل عن أشراط الساعة بقوله‪( :‬فأخبرني عن‬


‫أماراتها)‪ .‬يعني‪ :‬عن عالماتها التي تدل على‬
‫اقترابها‪ .‬وقد ذكر النبي صلى هللا عليه وسلم للساعة‬
‫عالمتين‪:‬‬
‫العالمة األولى‪:‬‬
‫• «أن تلد األمة ربتها»‪ ،‬والمراد بربتها‪ :‬سيدتها ومالكتها‪ ،‬وهذه‬
‫إشارة إلى فتح البالد‪ ،‬وكثرة جلب الرقيق حتى تكثر السراري‪،‬‬
‫ويكثر أوالدهن‪ ،‬فتكون األم رقيقة لسيدها‪ ،‬وأوالده منه بمنزلته‪،‬‬
‫فإن ولد السيد بمنزلة السيد‪ ،‬فيصير ولد األمة بمنزلة ربها‬
‫وسيدها‪.‬‬
‫العالمة الثانية‪:‬‬
‫• «أن ترى الحفاة العراة العالة»‪ .‬والمراد بالعالة‪ :‬الفقراء‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬
‫{ووجدك عائال فأغنى}‪ .‬وقوله‪« :‬رعاء الشاء يتطاولون في البنيان»‪.‬‬
‫هكذا في حديث عمر‪ ،‬والمراد أن أسافل الناس يصيرون رؤساءهم‪،‬‬
‫وتكثر أموالهم حتى يتباهون بطول البنيان وزخرفته وإتقانه‪.‬‬
‫• وهناك أشراط أخرى للساعة جاء فيها أحاديث صحيحة ثابتة‪.‬‬
‫خالصات‬
‫• وفي هذا الحديث من الفوائد‪:‬‬
‫• دليل على مراتب الدين وهي اإلسالم وااليمان واإلحسان‬
‫• إلقاء المسائل على الطلبة ليمتحنهم؛ كما ألقى النبي عليه الصالة والسالم المسألة على عمر رضي هللا عنه‪.‬‬
‫• وفي هذا دليل على أن السائل إذا سأل عن شيء ي ْعلمه من أجل أن ينتفع اآلخرون فإنه يكون معلما لهم‬
‫• وفي الحديث‪ :‬بيان أركان اإلسالم الخمسة‪.‬‬
‫• وفيه‪ :‬بيان أركان اإليمان الستة‪.‬‬
‫• وفيه‪ :‬بيان بعض آداب طالب العلم من التواضع وغيره‪.‬‬
‫• وفيه‪ :‬دلي ٌل على بركة العلم‪ ،‬وأن العلم ينتفع به السائل والمجيب‪.‬‬
‫• وفيه‪ :‬بيان حسن أدب الصحابة مع رسول هللا ﷺ‪.‬‬
‫• وفيه‪ :‬بيان أحوال نزول جبريل عليه السالم على النبي ﷺ‪.‬‬
‫• وفيه‪ :‬استحباب التجمل لحضور مجالس العلم‪.‬‬
‫عالقة اإليمان باإلسالم ‪:‬‬
‫• ال شك أن اإلسالم الصحيح الكامل‪ ،‬المرغوب فيه شرعا هو الذي يتكون من األمور الثالثة األساسية التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬العقيدة‪ ،‬وهي اإليمان القلبي الجازم بأمور اإليمان السنة السابقة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬العيادة‪ ،‬من صالة وزكاة وصيام وحج‪ ،‬وما إليها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬المعاملة المبنية على أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الخاضعة لضوابطها‪.‬‬
‫• وال شك كذلك أن اإليمان الكامل المطلوب شرعا‪ ،‬هو الذي يتكون المحاور الثالثة التالية ‪:‬‬
‫• أ ‪ -‬اإليمان القلبي الجازم بأمور اإليمان‪.‬‬
‫• ب ‪ -‬التعبير عما في القلب باللسان‪ ،‬وهو النطق بالشهادتين‪.‬‬
‫• ج ‪ -‬القيام بما يستلزمه اإليمان‪ ،‬ويقتضيه من أداء الفرائض‪ ،‬واجتناب المعاصي والمحرمات‪.‬‬
‫وهذا ما يقصده كثير من أهل السنة والجماعة عندما يقولون‪" :‬اإليمان هو التصديق بالجنان والنطق باللسان‪ ،‬والعمل‬
‫باألركان"‪.‬‬
‫وبهذا المعنى يكون اإليمان واإلسالم وجهين لعملة واحدة‪ ،‬واسمين لمسمى واحد‪ ،‬وتكون العالقة بينهما عالقة‬
‫ترادف‪ ،‬ويكون كل مسلم مؤمنا‪ ،‬وكل مؤمن مسلما‬
‫لكن قد يطلق اإليمان‪ ،‬ويراد به الجانب الخفي في اإلسالم وهو عمل القلب‪ ،‬الذي ال يطلع عليه إال هللا عز وجل‪ ،‬ويعبر‬
‫عنه عادة بالعقيدة‪ ،‬وقد يطلق اإلسالم ويراد به الجانب البارز في اإلسالم‪ ،‬الذي يظهر للناس‪ ،‬وتنبني عليه‬
‫الصفات الواجبة والمستحيلة‬
‫والجائزة‬
‫أوال‪ :‬الصفات الواجبة هلل تعالى‪:‬‬

‫الصفات‪ :‬يه لك حلية حيىل هبا اليشء ولك نعت ينعت به‪،‬‬

‫والواجبة‪ :‬الالزمة والثابتة هل س بحانه‪ ،‬والصفات الواجبة تعترب‬


‫أصال لغريها من الصفات‪ ،‬ويه طريق معرفة هللا س بحانه‪.‬‬
‫تنقسم الصفات الواجبة هلل اىل أربعة أنواع‪:‬‬
‫أ – الصفة النفسية‪:‬‬

‫ويه الوجود اذلايت هلل اذلي ال يقبل العدم ال أزال وال أبد‪.‬‬
‫ب – الصفات السلبية‪:‬‬

‫ويه تدل عىل سلب ما ال يليق ابهلل س بحانه وأصولها مخسة‪:‬‬


‫‪ .1‬القدم‪ :‬عبارة عن سلب العدم السابق عىل الوجود‪.‬‬
‫‪ .2‬البقاء‪ :‬عبارة عن سلب العدم الالحق للوجود‪.‬‬
‫‪ .3‬خمالفة هللا للحوادث‪ :‬أي خمالفة ذاته وصفاته وأفعاهل للحوادث (اخمللوقات)‪.‬‬
‫‪ .4‬الغىن املطلق‪ :‬أي قيامه تعاىل بنفسه‪ ،‬وعدم افتقاره اىل حمل …‬
‫‪ .5‬الوحدانية‪ :‬أي أنه تعاىل ال نظري هل يف ذاته أو صفاته أو أفعاهل‪.‬‬
‫ج – صفات المعاني‪:‬‬

‫ويه لك صفة قامئة مبوصوف توجب هل حكام‪ ،‬ويه س بع صفات‪:‬‬


‫احلياة‪ :‬صفة تتيح ملن قامت به أن يتصف ابالدراك‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫العمل‪ :‬صفة ينكشف به املعلوم عىل ما هو به انكشافا ال حيمتل النقيض‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫االرادة‪ :‬صفة يتأىت هبا ختصيص املمكن ببعض ما جيوز عليه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫القدرة‪ :‬صفة يتأىت هبا اجياد املمكن واعدامه عىل وفق االرادة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الالكم‪ :‬املعىن القامئ ابذلات املعرب عنه ابلعبارات اخملتلفات …‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫السمع‪ :‬صفة ينكشف هبا لك موجود عىل ما هو به انكشافا يباين سواه رضورة‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫البرص‪ :‬صفة ينكشف هبا لك موجود انكشافا خمالفا النكشاف السمع والعمل‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫د – الصفات المعنوية‪:‬‬
‫ويه تش تق من صفات املعاين لدلالةل عىل قياهما بذاته س بحانه‪ ،‬فاتصافه تعاىل بصفات املعاين يس تلزم كونه‪:‬‬
‫حيا‪،‬‬
‫عاملا‪،‬‬
‫مريدا‪،‬‬
‫قادرا‪،‬‬
‫متلكام‪،‬‬
‫مسيعا‪،‬‬
‫بصريا‪،‬‬
‫وعكس هذا حصيح‪ ،‬فهذان النوعان متالزمان يدل أحدهام عىل الخر والعكس‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصفات المستحيلة في حق هللا تعالى‪:‬‬

‫ويه اليت يس تحيل عقال اتصاف هللا هبا‬


‫لهنا منافية ملا ثبت هلل نقال وعقال من صفات واجبة تناسب عظمته‪ ،‬وحتدد‬
‫انطالقا من لك صفة واجبة بتعيني ضدها وذكل اكلتايل‪:‬‬
‫أما الصفات المعنوية فأضدادها واضحة من أضداد صفات المعاني كما سبق‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصفات الجائزة في حقه تعالى ‪:‬‬

‫ك َ َْيلُ ُ َق َما ي َ َشا َُء َو َََْي َت َُار *‬


‫يقول تعاىل يف سورة القصص الآية ‪َ *68‬و َرب ُّ ََ‬
‫ويدخل هذا النوع من الصفات االلهية يف صفات الفعال اليت يه أثر قدرة هللا وارادته‪ ،‬حبيث‬
‫جيوز يف حقه تعاىل فعل لك ممكن أو تركه يف العدم‬
‫• فال جيب عليه فعهل وال يس تحيل عليه تركه‪،‬‬
‫• بل يفعل ما أراد ويرتك ما أراد‪،‬‬
‫اكخللق والرزق واالماتة واالحياء والثواب والعقاب‪ ،‬وفعل الصالح والصلح للخلق‪ ،‬ومثل ذكل‬
‫مما يناسب أن يعترب صفة جائزة يف حقه تعاىل‪.‬‬
‫خالصة‬
‫‪‬اذاَعلمناَأنَالصفاتَالواجبةَيهَماَيرتتبَعىلَعدهماَنقص‪.‬‬
‫‪ ‬وأنَالصفاتَاملس تحيةلَيهَيفَالهنايةَضدها‪.‬‬
‫‪ ‬فانَالصفاتَاجلائزةَالَيرتتبَعىلَوجودهاَأوَعدهماَنقصَهللَتعاىلَلنهَعزَوجلَ[الَيسألَعامَيفعلَومهَيسألوت]‪.‬‬
‫‪‬فتضييقَالرزقَعىلَفالنَالَيعتربَنقصية يفَحقَهللاَتباركَوتعاىلَبلَالتضييقَيفَالرزقَوالتوسعةَمنَاببَالابتالء‪.‬‬
‫‪‬فالَعالقةَللعطاءَالقليلَأوَالكثريَابلرضاَوالسخطَبلَهوَامتحانَللعباد‪.‬‬
‫‪ ‬يشكرَاملؤمنَعىلَالرساءَويصربَعىلَالرضاء‪.‬‬
‫‪‬انَمجيعَأفعالَهللاَتباركَوتعاىلَيهَصفاتهَاجلائزة‪ .‬ختضعَلالرادة الرابنيةَاملطلقةَاليتَالَيدركَالانسانَكهنها‪َ،‬وليسَ‬
‫للمؤمنَاالَأنَيزنهَهللاَتعاىلَعنَمجيعَالنقائصَوأنَينسبَاليهَلكَصفاتَالكامل‬
‫رابعا‪:‬ضوابط البحث في صفات هللا تعالى‪:‬‬

‫‪ ‬الاحرتاز من اخلوض يف كيفية الصفات‪.‬‬


‫‪ ‬الاحرتاز من الوقوع يف التجس مي‪.‬‬
‫‪ ‬تزنيه عن مشاهبة اخللق‪،‬‬
‫س َ َِكثْ ِ َِهل َْ‬
‫َشءَ َوه ََُو ال َّس ِمي َُع الْ َب ِص َُري» الشورى الآية ‪.11‬‬ ‫قال تعاىل «لَيْ َ َ‬

You might also like