You are on page 1of 56

‫اململكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم العالي‬


‫اجلاععة اسإلماعية باملييةة املةورة‬
‫عمادة البحث العلمي‬
‫قسم الرتمجة‬

‫‪ -3‬أركان اإلسالم‬
‫►‬ ‫‪1‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم على من ال نيبّ بعده‪ ،‬نبيّنا حممّد بن عبد اهلل ‪ .‬وبعد‪-:‬‬

‫فإ ّن لةشر العلوم اسإلماعية أثراً عظيماً يف بيان حقيقة اسإلمام وتثبيت دعائم اليين والةهوض باألعّة ‪.‬‬
‫وهذا اهليف الةبيل هو عا تسعى اجلاععة اسإلماعية إىل حتقيقه عن طريق اليعوة والتعليم‪.‬‬
‫وإلهاعاً يف حتقيق ذلك قاعت عمادة البحث العلمي باجلاععة بالتخطيط واسإعياد لكثري عن املشاريع العلمية‬
‫اهلادفة‪ ،‬وعةها درالات رصيةة عن اسإلمام وحمالةه ونشرها حرصاً عةها على تزويي أبةاء األعّة اسإلماعية‬
‫بأوثق املعلوعات وأصحّها‪ ،‬عن اسإلمام وعقييته وتشريعاته‪.‬‬
‫وهذه اليرالة عن ( أركان اسإلمام ) هي أحي براعج العمادة العلمية‪ ،‬حيث وجّهت بعض أعضاء هيئة‬
‫التيريس باجلاععة للكتابة يف املوضوع ثمّ كلّفت اللجةة العلمية بالعمادة بيرالة عا كتبوه والتكمال الةقص‬
‫وإخراجه بالصورة املةالبة‪ ،‬عع احلرص على ربط القضايا العلمية بأدلّتها عن الكتاب والسةّة‪.‬‬
‫وحترص العمادة – عن خمال هذه اليرالة – إىل متكني أبةاء العامل اسإلماعي عن احلصول على العلوم الييةية‬
‫الةافعة؛ لذلك قاعت برتمجتها إىل اللغات العاملية ونشرها وتضميةها شبكة املعلوعات اليولية (اسإنرتنت)‪.‬‬
‫هذا ونسأل اهلل جلّ وعما أن جيزي حكوعة اململكة العربية السعودية خري اجلزاء وأوفاه على عا تقيّعه عن‬
‫جهود عظيمة خليعة اسإلمام ونشره والذود عن حياضه‪ ،‬وعلى عا تلقاه هذه اجلاععة عن دعم ورعاية عةها‪.‬‬
‫ونسأل اهلل تبارك وتعاىل أن يةفع بهذه اليرالة وأن يوفّق سإخراج بقيّة عشاريع العمادة العلمية مبةّه وكرعه‪،‬‬
‫كما نسأله تعاىل أن يوفّقةا مجيعاً ملا حيبّه ويرضاه‪ ،‬وأن جيعلةا عن دعاة اهليى وأنصار احلقّ‪.‬‬
‫وصلى اهلل وللّم وبارك على عبيه ورلوله نبيّةا حممّي وعلى آله وصحبه وللّم‪.‬‬

‫عمادة البحث العلمي‬


‫►‬ ‫‪2‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن األول‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله وأن محمدًا رسول الله‬

‫هاتان الشهادتان مها املدخل إىل اإلسالم‪ ،‬ومها ركنه األعظم‪ ،‬وال حيكم بإسالم شخص إال بالنطق‬
‫هبما والعمل مبقتضامها‪ ،‬وبذلك يصري الكافر مسلماً‪.‬‬

‫‪ .1‬معنى شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬


‫هو النطق هبا مع العلم مبعناها والعمل مبقتضاها باطناً وظاهراً‪ ،‬أما النطق هبا من غري معرفة مبعناها وال‬
‫عمل مبقتضاها فإنه غري نافع باإلمجاع‪ ،‬بل تكون حجة عليه‪ .‬ومعىن (ال إله إال اهلل) ال معبود حبق إال‬
‫اهلل وحده سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫وركنا هذه الكلمة (النفي واإلثبات) نفي اإلالهية عما سوى اهلل وإثباهتا له وحده ال شريك له‪ ،‬كما‬
‫تضمنت الكفر بالطاغوت –وهو كل ما عبد من دون اهلل تعاىل من بشر أو حجر أو شجر أو هوى‬
‫أو شهوة‪ -‬وبغضه والرباءة منه‪ ،‬فمن قاهلا ومل يكفر مبا يعبد من دون اهلل مل يأت هبذه الكلمة‪.‬‬
‫قال تعاىل‪َ { :‬وإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ال إِلَهَ إِلَا هُوَ الرَحْ َمنُ الرَحِيمُ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪]361:‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬ال ِإ ْكرَاهَ فِي الدِينِ قَدْ تَبََينَ الرُشْدُ ِمنَ اْلغَيِ فَ َمنْ يَ ْك ُفرْ بِالطَاغُوتِ وَيُ ْؤمِنْ بِاللَهِ َفقَدِ‬
‫اسْتَمْسَكَ بِاْل ُعرْوَةِ الْوُْثقَى ال اْن ِفصَامَ لَهَا وَاللَهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪]656:‬‬
‫ومعىن (اإلله) هو املألوه املعبود حبق‪ ،‬ومن اعتقد بأن اإلله هو اخلالق الرازق أو القادر على االختراع‬
‫زأن اإلميان بذلك وحده يكفي دون إفراد اهلل بالعبادة فإنه ال تنفعه (ال إله إال اهلل) يف الدنيا بالدخول‬
‫يف اإلسالم وال تنجيه من العذاب املقيم يف اآلخرة‪.‬‬
‫►‬ ‫‪3‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫خ ِرجُ اْلحَيَ مِ َن‬


‫قال تعاىل‪ُ { :‬قلْ َمنْ َيرْ ُزقُكُمْ ِمنَ السَمَاءِ وَالْأَرْضِ َأ َمنْ يَمْلِكُ السَمْعَ وَالْأَْبصَارَ َو َمنْ ُي ْ‬
‫خ ِرجُ الْمَِيتَ ِمنَ اْلحَيِ َو َمنْ يُدَِبرُ الَْأ ْمرَ فَسََيقُولُونَ اللَهُ َف ُقلْ َأفَال تََتقُونَ} [سورة يونس‪،‬‬ ‫الْمَِيتِ وَُي ْ‬
‫اآلية‪.]13:‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬وَلَِئنْ سَأَلْتَهُمْ َمنْ خََلقَهُمْ لََيقُوُلنَ اللَهُ فَأَنَى يُ ْؤفَكُونَ} [سورة الزخرف‪ ،‬اآلية‪.]78:‬‬

‫‪ .2‬شروط كلمة التوحيد‪.‬‬


‫العلم مبعناها –نفياً وإثباتاً‪ -‬املنايف للجهل؛ نفياً للعبادة عما سواه وإثباهتا له وحده ال‬ ‫‪-3‬‬
‫شريك له فال يستحقها غريه‪.‬‬
‫اليقني املنايف للشك‪ .‬وذلك بأن ينطق هبا عن يقني مطمئناً هبا قلبه موقناً مبدلوهلا يقيناً‬ ‫‪-6‬‬
‫جازماً‪.‬‬
‫القبول املنايف للرد‪ ،‬وذلك بأن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة ولسانه‪ ،‬فيصدق باألخبار‬ ‫‪-1‬‬
‫ويطيع األوامر وجيتنب النواهي وال يتعرض للنصوص بالرد و ال بالتأويل‪.‬‬
‫االنقياد املنايف للترك‪ ،‬وذلك بأن ينقاد ملا دلت عليه تلك الكلمة ظاهراً وباطناً‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الصدق املنايف للكذب‪ ،‬وذلك بأن يقوهلا العبد صادقاً من قلبه‪ ،‬يوافق قلبه لسانه وظاهره‬ ‫‪-5‬‬
‫باطنه‪.‬‬
‫فمن نطق بالشهادة بلسانه وأنكر مدلوهلا بقلبه فإنه ال ينفعه ذلك كحال املنافقني الذين يقولن‬
‫بألسنتهم ما ليس يف قلوهبم‪.‬‬
‫اإلخالص املنايف للشرك‪ ،‬وهو تصفية العبد للعمل بصاحل النية من مجيع شوائب الشرك‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫صنيَ لَهُ الدِينَ حَُنفَاءَ} [سورة البينة‪ ،‬اآلية‪.]5:‬‬
‫قال تعاىل‪َ { :‬ومَا ُأ ِمرُوا إِلَا لَِيعْبُدُوا اللَهَ ُمخِْل ِ‬
‫►‬ ‫‪4‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫احملبة املنافية للبغض‪ ،‬وذلك مبحبة هذه الكلمة وما تقتضيه ودلت عليه وحمبة أهلها امللتزمني‬ ‫‪-8‬‬
‫بشروطها وبغض ما ناقض ذلك؛ وعالمة ذلك تقدمي حماب اهلل وإن خالفت هواه وبغض ما يبغضه اهلل‬
‫وإن مال إليه هواه‪ ،‬ومواالة من واىل اهلل ورسوله ومعاداة من عادى اهلل ورسوله‪.‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬قَدْ كَاَنتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِْبرَاهِيمَ وَالَذِينَ َمعَهُ ِإذْ قَالُوا ِلقَوْمِهِمْ إِنَا ُبرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَا‬
‫َتعْبُدُونَ ِمنْ دُونِ اللَهِ َكفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اْلعَدَاوَةُ وَالَْب ْغضَاءُ أَبَداً حَتَى تُ ْؤمِنُوا بِاللَهِ وَحْدَهُ}‬
‫[سورة املمتحنة‪ ،‬اآلية‪.]4:‬‬
‫وقال تعاىل‪َ { :‬و ِمنَ النَاسِ َمنْ يََتخِذُ ِمنْ دُونِ اللَهِ أَنْدَاداً ُيحِبُونَهُمْ َكحُبِ اللَهِ وَالَذِينَ آمَنُوا أَشَدُ حُبّاً‬
‫لِلَهِ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪]365:‬‬
‫ومن قال (ال إله إال اهلل) بإخالص ويقني وخلص من الشرك األكرب واألصغر والبدع واملعاصي فإن له‬
‫اهلداية من الضالل يف الدنيا واألمن من العذاب وحترم عليه النار‪.‬‬
‫وجيب على العبد استكمال هذه الشروط‪ ،‬ومعىن استكماهلا اجتماعها يف العبد والتزامه هبا وال يلزم من‬
‫ذلك حفظها‪.‬‬
‫وهذه الكلمة العظيمة (ال إلله إال اهلل) هي توحيد األلوهية‪ ،‬وهو أهم أنواع التوحيد الذي وقع فيه‬
‫اخلالف بني األنبياء وأقوامهم‪ ،‬ولتحقيقه بعثت الرسل‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬وََلقَدْ بَعَثْنَا فِي ُكلِ ُأمَةٍ‬
‫رَسُوالً أَنِ اعْبُدُوا اللَهَ وَاجْتَنِبُوا الطَاغُوتَ} [سورة النحل‪ ،‬اآلية‪ ،]16:‬وقال تعاىل‪َ { :‬ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ‬
‫قَبْلِكَ ِمنْ رَسُولٍ إِلَا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَهُ ال إِلَهَ إِلَا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة األنبياء‪ ،‬اآلية‪ .]65:‬وإذا أطلق اسم‬
‫التوحيد ينصرف إليه‪.‬‬
‫تعريفه‪ :‬توحيد األلوهية هو اإلقرار بأن اهلل ذو األلوهية‬ ‫‪-‬‬
‫والعبودية على خلقه أمجعني وإلفراده بالعبادة وحده ال شريك له‪.‬‬
‫►‬ ‫‪5‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫أمساؤه‪ :‬مسي هذا التوحيد بتوحيد األلوهية أو اإلهلية ألنه مبين‬ ‫‪-‬‬
‫على إخالص التأله –وهو شدة احملبة‪ -‬هلل وحده‪ ،‬ويسمى مبا يلي‪:‬‬
‫توحيد العبادة أو العبودية ألنه مبين على إخالص العبادة هلل‬ ‫أ‪.‬‬
‫وحده‪.‬‬
‫ب‪ .‬توحيد اإلرادة‪ ،‬ألنه مبين على إرادة وجه اهلل باألعمال‪.‬‬
‫ج‪ .‬توحيد القصد‪ ،‬ألنه مبين على إخالص القصد املستلزم إلخالص‬
‫العبادة هلل وحده‪.‬‬
‫د‪ .‬توحيد الطلب‪ ،‬ألنه مبين على إخالص الطلب من اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ه‪ .‬توحيد العمل‪ ،‬ألنه مبين على إخالص األعمال هلل تعاىل‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬توحيد األلوهية فرض على العباد‪ ،‬ال يدخلون اإلسالم‬ ‫‪-‬‬
‫إال به‪ ،‬وال ينجون من النار إال باعتقاده والعمل مبقتضاه‪ ،‬وهو أول ما جيب‬
‫على املكلف اعتقاده والعمل به‪ ،‬وأول ما جيب البداءة به يف الدعوة والتعليم‬
‫خالفاً ملن اعتقد غري ذلك‪ ،‬ويدل على فرضيته األمر به يف الكتاب والسنة وأن‬
‫اهلل خلق اخللق وأنزل الكتب ألجله‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ُ{ :‬قلْ إِنَمَا ُأمِرْتُ أَنْ َأعْبُدَ اللَهَ وَال أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ َأ ْدعُو َوإِلَيْهِ مَآبِ}‬
‫جنَ وَالْأِْنسَ إِلَا‬‫[سورة الرعد‪ ،‬اآلية‪ ]16:‬وقال تعاىل‪َ { :‬ومَا خََل ْقتُ الْ ِ‬
‫لَِيعْبُدُونِ} [سورة الذريات‪ ،‬اآلية‪.]56:‬‬
‫وقال النيب ‪ ‬ملعاذ ‪(( :‬إنك تأيت قوماً من أهل الكتاب فليكن أول تدعوهم‬
‫إليه شهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهلل افترض‬
‫عليهم مخس صلوات يف كل ومي وليلة؛ فإنه هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن‬
‫►‬ ‫‪6‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫اهلل افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم‪ ))...‬احلديث‬
‫أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وهذا التوحيد هو أفضل األعمال على اإلطالق وأعظمها تكفرياً للذنوب‪ ،‬فقد‬
‫أخرج البخاري ومسلم من حديث عتبان ‪ ‬مرفوعاً ((فإن اهلل حرم على النار‬
‫من قال ال إلله إال اهلل يبتغي بذلك وجه اهلل))‬

‫و‪ .‬اتفاق الرسل على كلمة التوحيد‪:‬‬


‫اتفقت الرسل مجيعاً على دعوة أقوامهم إىل كلمة (ال إله إال اهلل) وختويفهم من‬
‫اإلعراض عنها كما بني القرآن الكرمي ذلك يف آيات كثرية‪ ،‬قال تعاىل‪َ { :‬ومَا أَرْسَلْنَا‬
‫ِمنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَهُ ال إِلَهَ إِلَا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة األنبياء‪،‬‬
‫اآلية‪ .]65:‬وقد ضرب رسول اهلل ‪ ‬مثال التفاق األنبياء يف الدعوة إليها؛ حيث بني‬
‫عليه الصالة والسالم أن األنبياء إخوة لعالت‪ ،‬أمهاهتم شىت ودينهم واحد‪ ،‬فاصل دين‬
‫األنبياء واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع كما أن األوالد قد خيتلفون يف‬
‫األمهات وأبوهم واحد‪.‬‬

‫‪ .3‬معنى شهادة أن محمد رسول الله‪.‬‬


‫معىن شهادة أن حممداً رسول اهلل هو طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخرب واجتناب ما‬ ‫أ‪.‬‬
‫هنى عنه وزجر وأن ال يعبد اهلل إال مبا شرع‪.‬‬
‫حتقيق شهادة أن حممداً رسول اهلل‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫►‬ ‫‪7‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫تتحقق شهادة أن حممداً رسول اهلل باإلميان واليقني التام بأن حممداً ‪ ‬عبد اهلل ورسوله‪ ،‬أرسله إىل‬
‫اجلن واإلنس كافة‪ ،‬وأنه خامت األنبياء والرسل‪ .‬وأنه ‪ ‬عبد مقرب عند اهلل ليس له من خصائص‬
‫األلوهية شيء‪ ،‬وإتباعه ‪ ‬وتعظيم أمره وهنيه ولزوم سنته قوال وعمالً واعتقاداً‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ُ{ :‬قلْ يَا أَيُهَا النَاسُ إِنِي رَسُولُ اللَهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪ ،]357:‬وقال‬
‫تعاىل‪َ { :‬ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَا كَافَةً لِلنَاسِ بَشِرياً وَنَذِيراً} [سورة سـبأ‪ ،‬اآلية‪ ،]67:‬وقال تعاىل‪{ :‬مَا كَانَ‬
‫ُمحَمَدٌ أَبَا أَحَدٍ ِمنْ رِجَالِكُمْ وَلَ ِكنْ رَسُولَ اللَهِ وَخَاتَمَ النَبِِينيَ} [سورة األحزاب‪ ،‬اآلية‪ ،]44:‬وقال‬
‫تعاىل‪ُ { :‬قلْ سُْبحَانَ رَبِي َهلْ كُْنتُ إِلَا بَشَراً رَسُوالً} [سورة اإلسراء‪ :‬من اآلية‪]31‬‬
‫ويشمل ذلك أموراً‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اإلقرار برسالته واعتقادها باطناً يف القلب‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬النطق بذلك واالعتراف به ظاهراً باللسان‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬املتابعة له بالعمل مبا جاء به من احلق والترك ملا هنى عنه من الباطل‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬فَآمِنُوا بِاللَهِ‬
‫وَرَسُولِهِ النَبِيِ الُْأمِيِ الَذِي يُ ْؤ ِمنُ بِاللَهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَِبعُوهُ َلعَلَكُمْ تَهْتَدُونَ} [سورة األعراف‪ :‬من‬
‫اآلية‪.]357‬‬
‫رابعاً‪ :‬تصديقه ‪ ‬يف كل ما أخرب به‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬حمبته أشد من حمبة النفس واملال والولد والوالد والناس أمجعني‪ ،‬ألنه رسول اهلل وأن حمبته من‬
‫حمبة اهلل ويف اهلل‪.‬‬
‫وحقيقة حمبته هي إتباعه بطاعة أوامره واجتناب نواهيه ونصرته ومواالته‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ُ { :‬قلْ إِنْ كُنْتُمْ ُتحِبُونَ اللَهَ فَاتَِبعُونِي ُيحْبِبْكُمُ اللَهُ وََي ْغ ِفرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [سورة آل عمران‪:‬‬
‫من اآلية‪ ]13‬وقال ‪(( :‬ال يؤمن أحدكم حىت أكون أحب إليه من والده وولده والناس أمجعني))‬
‫►‬ ‫‪8‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫صرُوهُ وَاتََبعُوا النُورَ الَذِي‬


‫متفق عليه من حديث أنس ‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬فَالَذِينَ آمَنُوا بِهِ َو َعزَرُوهُ وََن َ‬
‫أُْن ِزلَ َمعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْ ُمفِْلحُونَ} [سورة األعراف‪ :‬من اآلية‪]358‬‬
‫سادساً‪ :‬العمل بسنته وتقدمي قوله على قول كل أحد والتسليم له وحتكيم شرعه والرضا به‪.‬‬
‫جرَ بَيْنَهُمْ ثُمَ ال َيجِدُوا فِي أَْنفُسِهِمْ َحرَجاً‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬فَال وَرَبِكَ ال يُ ْؤمِنُونَ حَتَى ُيحَكِمُوكَ فِيمَا َش َ‬
‫مِمَا َقضَْيتَ وَيُسَلِمُوا تَسْلِيماً} [سورة النساء‪ ،‬اآلية‪]65:‬‬

‫‪ .4‬فضيلة الشهادتين‪.‬‬
‫لكلمة التوحيد فضل عظيم دلت عليه نصوص الكتاب والسنة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أهنا أول أركان اإلسالم وهي أصل الدين وأساس امللة‪ ،‬وهي أول ما يدخل به العبد اإلسالم‪،‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫وهبا قامت السماوات واألرض‪.‬‬
‫ب‪ .‬أهنا سبب حلقن الدم واملال‪ ،‬فمن قاهلا كانت سبباً يف حفظ دمه وماله‪.‬‬
‫ج‪ .‬أهنا أفضل األعمال على اإلطالق وأعظمها تكفرياً للذنوب‪ ،‬فهي سبب دخول اجلنة والنجاة‬
‫من النار‪ ،‬ولو وضعت السماوات السبع واألرضون السبع يف كفة وال إله إال اهلل يف كفة رجحت هبن‬
‫ال إله إال اهلل‪.‬‬
‫وروى مسلم عن عبادة مرفوعاً ((من شهد أن ال إله إال اهلل وأن حممداً عبده ورسوله حرّم اهلل عليه‬
‫النّار))‬

‫د‪ .‬أهنا قد اجتمع فيها الذكر والدعاء والثناء‪ ،‬واشتملت على دعاء العبادة ودعاء املسألة‪ ،‬وهي‬
‫أكثر األذكار وجوداً وأيسرها حصوالً‪ ،‬فهي الكلمة الطيبة‪ ،‬والعروة الوثقى‪ ،‬وكلمة اإلخالص‪ ،‬وهي‬
‫اليت قامت هبا السماوات واألرض‪ ،‬وألجلها خلق اخللق وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب‪ ،‬وشرعت‬
‫►‬ ‫‪9‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫ل تكميلها السنة والفرض‪ ،‬وألجلها جردت سيوف اجلهاد‪ ،‬فمن قاهلا وعمل هبا صدقاً وإخالصاً وقبوالً‬
‫وحمبة أدخله اجلنة على ما كان من العمل‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫►‬ ‫‪10‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن الثاني‪ :‬الصـــــــــــالة‬

‫تُعدُ الصالة أعظم العبادات شأناً وأوضحها برهاناً‪ ،‬أهتم هبا اإلسالم وأوالها أميا عناية‪ ،‬فبيّن فضـلها‬
‫ومنـزلتها بني العبادات‪ ،‬وأهنا صلة بني العبد وربه‪ ،‬يظهر هبا امتثال العبد أوامر ربّه‪.‬‬

‫‪ .1‬تعريفها‪:‬‬
‫صلِ عَلَيْهِمْ إِنَ صَالتَكَ سَ َكنٌ‬
‫لـغـة‪ :‬تطلق الصالة يف اللغة على الدعاء‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪{ :‬وَ َ‬ ‫‪-‬‬
‫لَهُمْ} [سورة التوبة‪ :‬من اآلية‪]341‬‬
‫واصطالحاً‪ :‬هي عبادة تشتمل على أقوال وأفعال خمصوصة تفتتح بالتكبري وختتتم بالتسليم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫واملراد باألقوال‪ :‬التكبري والقراءة والتسبيح والدعاء‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬
‫واملراد الفعال‪ :‬القيام والركوع والسجود واجللوس وحنو ذلك‪.‬‬

‫‪ .2‬أهميتها لدى األنبياء والرسل عليهم الصالة والسالم‪:‬‬


‫ُتعَدُ الصالة من العبادات اليت شرعت يف األديان السماوية السابقة لبعثة نبينا حممد ‪ .‬فهذا إبـراهيم‬
‫عليه الصالة والسالم يسأل ربه إقامتها هو وذريته {رَبِ ا ْجعَلْنِي ُمقِيمَ الصَالةِ َو ِمنْ ذُرِيَتِي} [سـورة‬
‫إبراهيم‪ :‬من اآلية‪ .]44‬وكان إمساعيل عليه الصالة والسالم يأمر أهله هبا { َوكَانَ يَ ْأ ُمرُ َأهْلَهُ بِالصَـالةِ‬
‫وَال َزكَاةِ} [سورة مرمي‪ :‬من اآلية‪.]55‬‬
‫وقال تعاىل خماطباً موسى عليه الصالة والسالم‪{ :‬إِنَنِي أَنَا اللَهُ ال إِلَهَ إِلَا أَنَا فَاعْبُدْنِي َوَأقِـمِ الصَـالةَ‬
‫لِ ِذ ْكرِي} [سورة طـه‪ ،‬اآلية‪ .]34:‬وأوصى اهلل هبا نبيه عيسى عليه الصالة والسالم يف قوله تعـاىل‪:‬‬
‫{وَ َجعَلَنِي مُبَارَكاً أَْينَ مَا كُْنتُ َوأَوْصَانِي بِالصَالةِ وَال َزكَاةِ مَا ُد ْمتُ حَيّاً} [سورة مرمي‪ ،‬اآلية‪.]13:‬‬
‫►‬ ‫‪11‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫وقد فرض اهلل تعاىل الصالة على نبينا حممد ‪ ‬يف السماء ليلة اإلسراء واملعـراج‪ ،‬وكانـت يف أول‬
‫فرضيتها مخسون صالة مث خففها اهلل سبحانه وتعاىل إىل مخس‪ ،‬فهي مخـس يف األداء ومخسـون يف‬
‫الثواب‪.‬‬
‫والصلوات اخلمس هي‪ :‬الفجر والظهر والعصر واملغرب والعشاء‪ ،‬واستقر األمر على ذلـك بإمجـاع‬
‫املسلمني‪.‬‬

‫‪ .3‬دليل مشروعيتها‪:‬‬
‫ثبت مشروعية الصالة بأدلة كثرية منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من الكتاب‪:‬‬
‫قوله تعاىل‪َ { :‬وَأقِيمُوا الصَالةَ وَآتُوا ال َزكَاةَ} [سورة البقرة‪ :‬من اآلية‪.]41‬‬
‫قوله تعاىل‪{ :‬إِنَ الصَالةَ كَاَنتْ عَلَى الْمُ ْؤمِِننيَ كِتَاباً مَ ْوقُوتاً} [سورة النساء‪ :‬من اآلية‪.]341‬‬
‫صنيَ لَهُ الدِينَ حَُنفَاءَ وَُيقِيمُوا الصَالةَ وَيُؤْتُـوا ال َزكَـاةَ}‬
‫قوله تعاىل‪َ { :‬ومَا ُأ ِمرُوا إِلَا لَِيعْبُدُوا اللَهَ ُمخِْل ِ‬
‫[سورة البينة‪ :‬من اآلية‪.]5‬‬
‫ثانياً‪ :‬من السنّة‪:‬‬
‫‪ -3‬حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬بين اإلسالم على مخس‪ ،‬شهادة أن‬
‫ال إله إال اهلل‪ ،‬وأن حممداً رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالة وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم رمضان" متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ -6‬حديث عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه وفيه أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬اإلسالم أن تشهد أن ال‬
‫إله إال اهلل وأن حممداً رسول اهلل ‪ ،--‬وتقيم الصالة وتؤيت الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان وحتج البيت إن‬
‫استطعت إليه سبيالً‪ "...‬رواه مسلم‪.‬‬
‫►‬ ‫‪12‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫‪ -1‬حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما أن النيب ‪ ‬بعث معاذاً إىل اليمن فقال‪ :‬ادعهم إىل شهادة‬
‫أن ال إله إال اهلل وأن حممداً رسول اهلل‪ ،‬فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهلل افترض عليهم مخـس‬
‫صلوات يف كل يوم وليلة‪ "...‬متفق عليه‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬اإلمجاع‪:‬‬
‫أمجع املسلمون على مشروعية الصلوات اخلمس وأهنا فـرض مـن فـروض‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫‪ .4‬الحكمة في مشروعيتها‪:‬‬
‫شرعت الصالة حلكم وأسرار ميكن اإلشارة إىل بعضها يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -3‬عبودية العبد هلل تعاىل‪ ،‬وأنه مملوك له سبحانه وتعاىل‪ ،‬فبهذه الصالة يشعر اإلنسان بالعبوديـة‬
‫ويبقى دائماً مرتبطاً خبالقه سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫‪ -6‬جتعل الصالة صاحبها قوي الصلة باهلل دائم الذكر له‪.‬‬
‫‪ -1‬تنهى الصالة صاحبها عن الفحشاء واملنكر‪ ،‬وهي من أسباب تطهري العبـد مـن الـذنوب‬
‫واخلطايا‪.‬‬
‫وقد دل على هذا حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬مثل الصلوات‬
‫كمثل هنر جار مير على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم مخس مرات" رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ُ -4‬تعَدُ الصالة طمأنينة للقلب وراحة للنفس وخملصة هلا من املصائب اليت تكدر صفوها؛ وهلـذا‬
‫كانت قرة عني لرسول اهلل ‪ ،‬وكان يفزع إليها إذا حزبه أمر‪ ،‬حىت كان يقول ‪" :‬يا بالل أرحنا‬
‫بالصالة" أخرجه أمحد‪.‬‬
‫►‬ ‫‪13‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫‪ .5‬من تجب عليه الصالة‪:‬‬


‫جتب الصالة على كل مسلم بالغ عاقل ذكراً كان أم أنثى‪ ،‬فال جتب على كافر مبعىن أن ال يطالب هبا‬
‫يف الدنيا‪ ،‬ألهنا ال تصح منه مع كفره‪ ،‬إال أنه يعاقب عليها يف اآلخرة؛ ألنه يتمكن من فعلها باإلسالم‬
‫ومل يفعلها‪ .‬دلّ على ذلك قوله تعاىل‪{ :‬مَا سَلَكَكُمْ فِي َس َقرَ‪ .‬قَالُوا لَمْ نَكُ ِمنَ الْ ُمصَِلنيَ‪ .‬وَلَـمْ نَـكُ‬
‫ضنيَ‪َ .‬وكُنَا نُكَذِبُ بِيَ ْومِ الدِينِ‪ .‬حَتَى أَتَانَا الَْي ِقنيُ} [سـورة‬
‫ُن ْطعِمُ الْمِسْ ِكنيَ‪َ .‬وكُنَا َنخُوضُ مَعَ اْلخَاِئ ِ‬
‫املدثر‪ ،‬اآليات‪]48-46 :‬‬
‫وال جتب على صيب؛ لفقده التكليف‪ ،‬وال على اجملنون كذلك‪ ،‬وال على احلائض والنفساء؛ إلسـقاط‬
‫الشرع عنهما بسبب احلدث املانع منها‪.‬‬
‫وجتب على ويل الصغري ذكراً كان أم أنثى أن يأمره بالصالة عند بلوغه سبع سنني ويضـربه عليهـا‬
‫لعشر‪ ،‬كما ورد يف احلديث حىت يعتاد على أدائها واحلرص عليها‪.‬‬

‫‪ .6‬حكم تارك الصالة‪:‬‬


‫من ترك الصالة فقد كفر كفراً خمرجاً عن امللة‪ ،‬وهو من املرتدين عن جممل اإلسالم؛ ألنه عصـى اهلل‬
‫بترك ما فرضه عليه‪ ،‬فيؤمر بالتوبة‪ ،‬فإن تاب ورجع بإقامتها وإال أصبح مرتداً عن اإلسالم فال جيـوز‬
‫غسله وتكفينه والصالة عليه ودفنه يف مقابر املسلمني؛ ألنه ليس واحداً منهم‪.‬‬

‫‪ .7‬شروطها‪:‬‬
‫‪ -3‬اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -6‬العقل‪.‬‬
‫‪ -1‬التمييز‪.‬‬
‫►‬ ‫‪14‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫‪ -4‬دخول الوقت‪.‬‬
‫‪ -5‬النيّة‪.‬‬
‫‪ -6‬استقبال القبلة‪.‬‬
‫‪ -8‬ستر العورة‪ .‬وعورة الرجل من السرة إىل الركبة‪ ،‬أما املرأة فكلها عورة إال وجهها وكفيهـا يف‬
‫الصالة‪.‬‬
‫‪ -7‬إزالة النجاسة عن ثوب املصلي وبدنه واملكان الذي يصلي فيه‪.‬‬
‫‪ -3‬رفع احلدث‪ ،‬ويشمل‪ :‬الوضوء والغسل من اجلنابة‪.‬‬
‫‪ .8‬أوقاتها‪:‬‬
‫الظهر‪ :‬وقتها‪ :‬من زوال الشمس –أي احنرافها عن منتصف السماء ناحية الغروب‪ -‬إىل أن‬ ‫‪-3‬‬
‫يصري ظل كلّ شيء مثله‪.‬‬
‫العصر‪ :‬ووقتها‪ :‬من خروج وقت الظهر إىل أن يصري ظل الشيء مثليه‪ ،‬وهو بداية وقـت‬ ‫‪-6‬‬
‫اصفرار الشمس‪.‬‬
‫املغرب‪ :‬ووقتها‪ :‬من غروب الشمس إىل أن يغيب الشفق األمحر‪ ،‬وهو احلمرة اليت تعقـب‬ ‫‪-1‬‬
‫غروب اليت تعقب غروب الشمس‪.‬‬
‫العشاء‪ :‬ووقتها‪ :‬يدخل خبروج وقت املغرب إىل نصف الليل‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الفجر‪ :‬ووقتها‪ :‬من ظهور الفجر الثاين ما مل تطلع الشمس‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫والدليل على ذلك حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬وقت الظهر إذا‬
‫زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما مل حيضر العصر‪ ،‬ووقت صالة املغرب ما مل يغب الشفق‪،‬‬
‫ووقت صالة العشاء إىل نصف الليل األوسط‪ ،‬ووقت صالة الصبح من طلوع الفجر مـا مل تطلـع‬
‫الشمس‪ ،‬فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصالة‪ "..‬احلديث‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫►‬ ‫‪15‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫‪ .9‬عدد ركعاتها‪:‬‬
‫عدد ركعات الصلوات املفروضة مجيعها سبع عشرة ركعة على النحو التايل‪:‬‬
‫الظهر‪ :‬أربع ركعات‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫العصر‪ :‬أربع ركعات‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫املغرب‪ :‬ثالث ركعات‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العشاء‪ :‬أربع ركعات‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الفجر‪ :‬ركعتان‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫فمن زاد يف عدد ركعات هذه الصلوات أو نقص منها فصالته باطلة إن تعمّد‪ ،‬وإن كان سهواً تدارك‬
‫ذلك بسجود السهو‪.‬‬
‫وهذا يف غري صالة املسافر‪ ،‬حيث يستحب له قصر الرباعية إىل ركعتني‪ ،‬وجيب على املسلم أن يصلي‬
‫هذه الصلوات اخلمس يف وقتها احملدد هلا إال لعذر شرعي كالنوم والنسيان والسفر‪ ،‬فمن نام عن صالة‬
‫أو نسيها فليصلها إذا ذكرها‪.‬‬

‫‪ .11‬فرائضها‪:‬‬
‫►‬ ‫‪16‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫القيام مع القدرة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬


‫تكبرية اإلحرام‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫قراءة الفاحتة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الركوع‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الرفع منه‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫السجود على األعضاء السبعة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫اجللوس عنه‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫التشهد األخري‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اجللوس له‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الطمأنينة يف هذه األركان‪.‬‬ ‫‪-34‬‬
‫الترتيب بني هذه األركان‪.‬‬ ‫‪-33‬‬
‫السالم‪.‬‬ ‫‪-36‬‬

‫‪ .11‬واجباتها‪:‬‬
‫واجبات الصالة مثانية‪-:‬‬
‫األول‪ :‬مجيع تكبريات االنتقال يف الصالة عدا تكبرية اإلحرام‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬قول‪(( :‬مسع اهلل ملن محده)) فهذا التسميع واجب يف حق اإلمام واملنفرد‪ ،‬أما املأموم فال يقوله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬قول‪(( :‬ربنا ولك احلمد)) فهذا التحميد واجب على اجلميع‪ ،‬اإلمام واملأموم واملنفرد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬قول‪(( :‬سبحان ريب العظيم)) يف ركوع‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬قول‪(( :‬سبحان ريب األعلى)) يف السجود‪.‬‬
‫►‬ ‫‪17‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫السادس‪ :‬قول‪(( :‬رب غفر يل)) بني السجدتني‪.‬‬


‫السابع‪ :‬التشهد األول‪ ،‬وهو أن يقول‪(( :‬التحيّات هلل والصلوات الطيبات‪ ،‬السالم عليكم أيها الـنيب‬
‫ورمحة اهلل وبركاته‪ ،‬السالم علينا وعلى عباد اهلل الصاحلني‪ ،‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأشهد أن حممداً‬
‫عبده ورسوله)) أو حنو ذلك مما ورد‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬اجللوس للتشهد األول‪.‬‬
‫وكل من ترك واجباً منها عمداً بطلت صالته‪ ،‬ومن تركه جهالً أو سهواً فإنه يسجد للسهو‪.‬‬

‫‪ .12‬صالته الجماعة‪:‬‬
‫على الرجل املسلم أن يصلي الصلوات اخلمس مع مجاعة املسلمني يف املسجد لينال رضـا اهلل تعـاىل‬
‫واألجر منه سبحانه‪.‬‬
‫وصالة اجلماعة تفضل على صالة الفرد سبعاً وعشرون درجة‪ ،‬ففي حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬صالة اجلماعة أفضل من صالة الفذ بسبع وعشرين درجة" متفق عليه‪.‬‬
‫أما املرأة املسلمة فصالهتا يف بيتها أفضل من صالهتا مع اجلماعة‪.‬‬

‫‪ .13‬مبطالتها‪:‬‬
‫تبطل الصالة بأحد األمور االتية‪:‬‬
‫األكل والشرب عمداً؛ إلمجاع العلماء على أن من أكل أو شرب عامداً‬ ‫‪-3‬‬
‫فإن عليه اإلعادة‪.‬‬
‫الكالم عمداً يف غري مصلحة الصالة ملا رواه زيد بن أرقم ‪ ‬قل‪" :‬كنا‬ ‫‪-6‬‬
‫نتكلم يف الصالة‪ ،‬يكلم الرجل منا صاحبه وهو إىل جنبه يف الصالة حىت نزلت { َوقُومُوا‬
‫►‬ ‫‪18‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫لِلَهِ قَانِِتنيَ} [سورة البقرة‪ :‬من اآلية‪ ]617‬فأمرنا بالسكوت وهنينا عن الكالم" رواه‬
‫البخاري ومسلم‪ ،‬وكذلك لإلمجاع على أن من تكلم يف صالته عامداً وهو ال يريد‬
‫إصالح صالته فإن صالته فاسدة‪.‬‬
‫العمل الكثري عمداً‪ ،‬وضابط العمل الكثري (هو ما خييل للناظر إىل املصلي‬ ‫‪-1‬‬
‫أنه ليس يف صالة)‪.‬‬
‫ترك ركن أو شرط عمداً بدون عذر كالصالة بغري طهارة أو الصالة لغري‬ ‫‪-4‬‬
‫القبلة؛ ملا روى البخاري ومسلم أن النيب ‪ ‬قال لألعرايب الذي مل حيسن صالته‪" :‬ارجع‬
‫فصل فإنك مل تصلّ"‬
‫الضحك يف الصالة؛ وذلك لإلمجاع على بطالن الصالة بالضحك‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪.14‬أوقات النهي عن الصالة‪:‬‬


‫بعد صالة الفجر حىت ترتفع الشمس‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫عند استواء الشمس‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫بعد صالة العصر حىت تغرب الشمس‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وقد دلّ على كراهة الصالة يف هذه األوقات حديث عقبة بن عامر ‪ ،‬قال‪" :‬ثالث ساعات كـان‬
‫رسول اهلل ‪ ‬ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقرب فيهن موتانا‪ ،‬حني تطلع الشمس بازغة حىت ترتفـع‪،‬‬
‫وحني يقوم قائم الظهرية حىت متيل الشمس‪ ،‬وحني تضَف الشمس للغروب حىت تغرب" رواه مسلم‪.‬‬
‫وحلديث أيب سعيد ‪ ‬أن النيب ‪ ‬قال‪" :‬ال صالة بعد صالة العصر حىت تغرب الشمس‪ ،‬وال صـالة‬
‫بعد صالة الفجر حىت تطلع الشمس" متفق عليه‪.‬‬
‫►‬ ‫‪19‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫‪ .15‬إجمال صفة الصالة‪:‬‬


‫جيب على املسلم اإلقتداء برسول اهلل ‪ ،‬ومن ذلك صفة الصالة لقوله ‪" ‬صلوا كمـا رأيتمـوين‬
‫أصلي" رواه البخاري‪.‬‬
‫وكان ‪ ‬إذا قام إىل الصالة ووقف بني يدي اهلل تبارك وتعاىل عقد نيّة الصالة بقلبه‪ ،‬ومل يؤثر عنه أنه‬
‫نطق هبا‪ ،‬وكبّر قائالً (اهلل أكرب)‪ ،‬ورفع يديه مع هذا التكبري حذو منكبيه‪ ،‬وأحياناً كان يرفعهما حـىت‬
‫يبلغ هبما شحمة أذنيه‪ ،‬ووضع ميناه على يسراه فوق صدره‪ ،‬واستفتح بدعاء من أدعيـة االسـتفتاح‬
‫ومنها‪( :‬سبحانك اللهم وحبمدك‪ ،‬تبارك امسك‪ ،‬وتعاىل جَدُك‪ ،‬وال إله غريك)‪ ،‬مث قرأ سورة الفاحتـة‬
‫وسورة‪ ،‬مث كبّر رافعاً يديه‪ ،‬وركع‪ ،‬ومدّ ظهره يف ركوعه حىت لو وضع قدح ماء فوق ظهره ‪ ‬مـا‬
‫انسكب‪ ،‬قائالً ‪4‬سبحان ريب العظيم) ثالثاً‪ ،‬مث رفع رأسه قائالً ‪4‬مسع اهلل ملن محده‪ ،‬ربنا ولك احلمد)‬
‫رافعاً يديه أيضاً‪ ،‬حىت يستوي قائماً‪ ،‬مث كبّر وسجد‪ ،‬فإذا سجد جايف –أي باعد‪ -‬ما بني يديه وجنبيه‬
‫حىت يبدو بياض إبطيه‪ ،‬ومكّن جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأطراف قدميه حىت تصيب األرض‪ ،‬قائالً‬
‫‪4‬سبحان ريب األعلى) ثالثاً‪ ،‬مث كرب وجلس مفترشاً أي جالساً على القدم اليسرى‪ ،‬ناصـبا القـدم‬
‫اليمىن‪ ،‬موجهاً أطراف أصابعها جتاه القبلة قائالً يف هذا اجللوس (رب اغفـر يل وارمحـين واجـربين‬
‫وارفعين واهدين وعافين وارفعين)‪ ،‬مث كرب وسجد‪ ،‬مث للركعة الثانية‪.‬‬
‫وهكذا فعل ‪ ‬يف كل ركعة‪ ،‬فإذا جلس بعد ركعتني للتشهد األول قال‪( :‬التحيات هلل والصـلوات‬
‫والطيبات‪ ،‬السالم عليك أيها النيب ورمحة اهلل وبركاته‪ ،‬السالم علينا وعلى عباد اهلل الصاحلني‪ ،‬أشـهد‬
‫أن ال إله إال اهلل وأشهد أن حممداً عبده ورسوله) إىل آخر التشهد‪ ،‬مث يقوم مكرباً رافعًا يديه إذا استوى‬
‫قائماً‪ ،‬وهو املوضع الرابع يف الصالة الذي كان يرفع فيها يديه‪ ،‬فإذا جلس للتشهد األخـري وهـو يف‬
‫الثالثة من صالته املغرب أو الرابعة من الظهر والعصر والعشاء جلس متوركاً أي جلس على مقعدتـه‬
‫اليسرى‪ ،‬وأخرج قدمه اليسرى من حتت ساقه اليمىن‪ ،‬ونصب القدم اليمىن مستقبالً هبا القبلة‪ ،‬ومجـع‬
‫►‬ ‫‪20‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫أصابع كفه تاركاً السبّابة لإلشارة أو التحريك ملقياً ببصره إليها‪ ،‬فإذا فرغ من تشهده سلّم عن ميينه‬
‫وعن مشاله قائالً (السالم عليكم ورمحة اهلل‪ ،‬السالم عليكم ورمحة اهلل) حىت يبدو بياض خديه ‪.‬‬
‫وقد بينت هذه الصفة يف عدة أحاديث عن رسول اهلل ‪.‬‬
‫هذه بعض أحكام الصالة اليت عليها يتوقف صالح العمل‪ ،‬فإن صلحت صلح سائر عمله‪ ،‬وإن فسدت‬
‫فسد سائر عمله‪ ،‬وهي أول ما حياسب عليه العبد يوم القيامة‪ ،‬فإن أداها كاملة فاز برضا اهلل تعـاىل‪،‬‬
‫وإن نقص منها شيئاً هلك‪ ،‬والصالة ناهية عن الفحشاء واملنكر فهي عالج للنفس البشرية من نوازع‬
‫الشر حىت تصفو من الرذائل‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫►‬ ‫‪21‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن الثالث‪ :‬الزكاة‬


‫‪ .1‬تعريفها‪:‬‬
‫الزكاة لغة‪ :‬هي النماء والزيادة‪ ،‬وتطلق على املدح والتطهري والصالح‪ ،‬وسُمِيَ املخرج زكاة‬ ‫‪-‬‬
‫ألنه يزيد به املال بالربكة ويطهر املرء باملغفرة‪.‬‬
‫واصطالحاً‪ :‬هي حقّ واجب يف مال خاص لطائفة خمصوصة يف وقت خمصوص‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ .2‬مكانتها في اإلسالم‪:‬‬
‫الزكاة أحد أركان اإلسالم اخلمسة‪ ،‬وهي قرينة الصالة يف مواضع كثرية من كتاب اهلل‪ ،‬من ذلك قوله‬
‫تعاىل‪َ { :‬وَأقِيمُوا الصَالةَ وَآتُوا ال َزكَاةَ} [سورة البقرة‪ :‬من اآلية‪ ]41‬وقوله تعاىل‪{ :‬وَُيقِيمُوا الصَـالةَ‬
‫وَيُؤْتُوا ال َزكَاةَ} [سورة البينة‪ :‬من اآلية‪ ]5‬وقال ‪( :‬بين اإلسالم على مخس‪ )...‬وذكر منها ((إيتـاء‬
‫الزكاة)) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫وشرع اهلل الزكاة تطهرياً لنفوس البشرية من الشح والبخل والطمع ومواسـاة للفقـراء واملسـاكني‬
‫واحملتاجني‪ ،‬وتطهرياً للمال وتنميته وإخالل الربكة فيه‪ ،‬ووقايته من اآلفات والفساد‪ ،‬وإقامة املصـاحل‬
‫العامة اليت تتوقف عليها حياة األمة وسعادهتا‪ ،‬وقد ذكر اهلل تعاىل احلكمة من أخذ الزكاة يف كتابـه‬
‫حيث قال‪{ :‬خُذْ ِمنْ َأمْوَالِهِمْ صَ َدقَةً ُتطَ ِه ُرهُمْ وَُت َزكِيهِمْ بِهَا} [سورة التوبة‪ :‬من اآلية‪]341‬‬

‫‪ .3‬حكمها‪:‬‬
‫الزكاة فرض واجب على كل مسلم ملك نصباً من مال بشروطه‪ ،‬حىت الصيب واجملنون خيرج عنـهما‬
‫وليهما‪ ،‬ومن جحد وجوهبا وهو عامل عامد فقد كفر‪ ،‬ومن منعها خبالً وهتاوناً يعترب بـذلك فاسـقاً‬
‫ومرتكباًَ لكبرية عظيمة من كبائر الذنوب‪ ،‬وهو حتت مشيئة اهلل إن مات على ذلك‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬إِنَ‬
‫►‬ ‫‪22‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫شرَكَ بِهِ وََي ْغ ِفرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِ َمنْ يَشَاءُ} [سورة النساء‪ :‬من اآلية‪ ]47‬وتؤخذ منـه‬ ‫اللَهَ ال َي ْغ ِفرُ أَنْ يُ ْ‬
‫الزكاة ويعزر الرتكابه حمرّماً‪.‬‬
‫وقد توعد اهلل تبارك وتعاىل مانع الزكاة بقوله‪{ :‬وَالَذِينَ يَكْنِزُونَ ال َذ َهبَ وَاْل ِفضَةَ وَال يُْن ِفقُونَهَـا فِـي‬
‫ش ْرهُمْ ِبعَذَابٍ أَلِيمٍ‪ .‬يَ ْومَ ُيحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَمَ فَتُكْوَى بِهَـا جِبَـاهُهُمْ وَجُنُـوبُهُمْ‬
‫سَبِيلِ اللَهِ فَبَ ِ‬
‫وَظُهُو ُرهُمْ هَذَا مَا كََنزْتُمْ الْنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكِْنزُونَ} [سورة التوبة‪ ،‬من اآلية‪ 14:‬واآلية‪]15‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪(( :‬ما من صاحب كزن ال يؤدي زكاته إال أمحي عليه يف‬
‫نار جهنم‪ ،‬فيجعل صفائح‪ ،‬فيكوى هبا جنباه وجبنيه حىت حيكم اهلل بني عباده يف يوم كـان مقـداره‬
‫مخسني ألف سنة مث يرى سبيله إما إىل اجلنة وإما إىل النار‪ ))...‬احلديث متفق عليه وهذا لفظ مسلم‪.‬‬

‫‪ .4‬شروط وجوبها‬
‫شروط وجوب الزكاة مخسة‪:‬‬
‫األول‪ :‬اإلسالم‪ ،‬فال جيب على كافر‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬احلرية‪ ،‬فال جيب يف مال العبد عند أكثر أهل العلم‪ ،‬وكذا املكاتب ألنه‬
‫عبد ما بقي عليه درهم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ملك النصاب‪ ،‬فإن نقص املال عن النصاب فال زكاة فيه‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬متام امللك‪ ،‬فال زكاة يف دين الكتابة وال يف حصة املضارب من الربح‬
‫قبل القسمة‪ ،‬وال يف الدين على معسر حىت يقبضه‪ .‬وال زكاة يف األموال‬
‫املوقوفة على سبيل اخلري والرب كاجملاهدين واملساجد واملساكني وحنو ذلك‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬احلول‪ ،‬فال زكاة يف مال حىت حيول عليه احلول‪ ،‬إال يف اخلارج من‬
‫األرض من احلبوب والثمار الزكوية‪ ،‬فإن زكاهتا حني حصادها وقطافها‪ ،‬لقوله‬
‫►‬ ‫‪23‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫تعاىل‪{ :‬وَآتُوا َحقَهُ يَ ْومَ َحصَادِهِ} [سورة األنعام‪ :‬من اآلية‪ ]343‬واملعادن‬
‫والركاز حكمها يف ذلك حكم اخلارج من األرض‪ ،‬ألنه مال مستفاد من‬
‫األرض‪.‬‬
‫ونتاج السائمة وربح التجارة حوله حول أصله‪ ،‬يضمه إىل ما عنده ويزكيه إذا بلغ‬
‫نصاباً‪.‬‬
‫وال يشترط يف الزكاة البلوغ وال العقل‪ ،‬فتجب يف مال الصيب واجملنون عند أكثر أهل العلم‪.‬‬

‫‪ .5‬األموال الزكوية‪:‬‬
‫جتب الزكاة يف مخسة أجناس من األموال‪:‬‬
‫األول‪ :‬األمثان من الذهب والفضة‪ ،‬وكذلك ما يقوم مقامهما من العمالت الورقية‬
‫املتداولة‪.‬‬
‫ومقدار الزكاة فيها ربع العشر‪ ،‬وهو ما يساوي (‪5‬ر‪ .)%6‬وال جتب الزكاة فيها حىت‬
‫حيول عليها احلول وتبلغ نصاباً‪.‬‬
‫ومقدار نصاب الذهب عشرون مثقاال‪ ،‬ووزن املثقال يساوي (‪65‬ر‪ )4‬جراماً‪ ،‬فيكون‬
‫نصاب الذهب (‪ )75‬جراماً‪.‬‬
‫ومقدار نصاب الفضة مائتا درهم‪ ،‬ووزن الدرهم يساوي (‪385‬ر‪ )6‬جراماً‪ ،‬فيكون‬
‫نصاب الفضة (‪ )535‬جراماً‪.‬‬
‫وأما األوراق النقدية املعاصرة فمقدار نصاهبا أن تساوى قيمتها –حني حوالن احلول‬
‫ووقت إخراج الزكاة‪ -‬قيمة (‪ )75‬جراماً من الذهب أو (‪ )535‬جراماً من الفضة‪ ،‬لذلك‬
‫خيتلف نصاهبا حبسب قوهتا الشرائية بالنسبة إىل مقدار النصاب من الذهب أو الفضة‪ ،‬فإذا‬
‫►‬ ‫‪24‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫كان ما ميلكه من العمالت النقدية يستطيع أن يشتري به أحد املقدارين السابقني من‬
‫الذهب أو الفضة أو يزيد –وجبت فيه الزكاة‪ ،‬بصرف النظر عن اختالف مسمياهتا‪-‬‬
‫رياالت أو دينارات أو فرنكات أو دوالرات أو غري ذلك‪ ،‬وبصرف النظر عن صفتها‬
‫عمالت ورقية أو معدنية أو غري ذلك‪ ،‬ومن املعلوم أن أسعار العمالت ختتلف من وقت‬
‫آلخر‪ ،‬فعلى املزكي أن ينظر إىل قيمتها عند وجوب الزكاة فيها وهو وقت حوالن احلول‬
‫على ما بيده فيها‪.‬‬
‫وأما ما زاد على النصاب من األمثان فتخرج منه الزكاة حبسبه‪ .‬ودليل ذلك حديث علي‬
‫‪ ‬عنه قال‪ :‬قال‪ :‬رسول اهلل ‪(( :‬إذا كانت لك مائتان درهم وحال عليها احلول ففيها‬
‫مخسة دراهم‪ ،‬وليس عليك شيء حىت يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها احلول ففيها‬
‫نصف دينار‪ ،‬فما زاد فبحساب ذلك‪ ،‬وليس يف مال زكاة حىت حيول عليه احلول)) رواه‬
‫أبو داود وهو حديث حسن‪.‬‬
‫واحللي إن كان معداً لالدخار والكراء فتجب فيه الزكاة بال خالف‪ ،‬أما إن كان معداً‬
‫لالستعمال فالراجح من قويل أهل العلم وجوب الزكاة فيه‪ ،‬وذلك لعموم النصوص الواردة‬
‫يف وجوب زكاة الذهب والفضة‪ ،‬وملا رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن عمر بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده رضي اهلل عنهم ((أن امرأة أتت النيب ‪ ‬ومعها ابنة هلا ويف يدي‬
‫بنتها مسكتان غليظتان من ذهب‪ ،‬فقال هلا‪ :‬أتعطني زكاة هذا؟ قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪" :‬أيسرك‬
‫أن يسورك اهلل هبما يوم القيامة سوارين من نار" فخلعتهما وألقتهما إىل النيب ‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫مها هلل ولرسوله)) وملا روى أبو داود وغريه عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪(( :‬دخل على‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فرأى يف يدي فتخات من ورق فقال‪ :‬ما هذا يا عائشة؟ فقلت‪ :‬صنعتهن‬
‫►‬ ‫‪25‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫أتزين لك يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬أتؤدين زكاهتم؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬أو ما شاء اهلل‪ ،‬قال‪ :‬هو حسبك‬
‫من النار))‬

‫وأما املعادن واملصوغات غري الذهبية –كاجلواهر والآللئ‪ -‬فال زكاة فيها عند أحد من‬
‫أهل العلم‪ ،‬إال أن تكون للتجارة فتزكى زكاة عروض التجارة‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬هبيمة األنعام‪.‬‬


‫وهي افبل والبقر والغنم‪ ،‬وجتب فيها الزكاة إذا كانت سائمة –وهي اليت ترعى أكثر‬
‫احلول؛ ألن لألكثر حكم الكل‪ ،‬والدليل قوله ‪(( ‬يف كل إبل سائمة صدقة)) رواه أمحد‬
‫وأبو داود والنسائي‪ ،‬وقوله ‪(( ‬يف صدقة الغنم يف سائمتها)) رواه البخاري‪ -‬وبلغت‬
‫نصاباً وحال عليها احلول‪.‬‬

‫ونصاب هبيمة األنعام كما يلي‪:‬‬


‫مقدار النصاب‬
‫املقدار الواجب‬ ‫النوع‬
‫إىل‬ ‫من‬
‫شاة‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬
‫شاتان‬ ‫‪34‬‬ ‫‪34‬‬
‫ثالث شياه‬ ‫‪33‬‬ ‫‪35‬‬
‫اإلبل‬
‫أربع شياه‬ ‫‪64‬‬ ‫‪64‬‬
‫بنت خماض هلا سنة‬ ‫‪15‬‬ ‫‪65‬‬
‫بنت لبون هلا سنتان‬ ‫‪45‬‬ ‫‪16‬‬
‫►‬ ‫‪26‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫حقة هلا ثالث سنني‬ ‫‪64‬‬ ‫‪46‬‬


‫جذعة هلا أربع سنني‬ ‫‪85‬‬ ‫‪63‬‬
‫بنتا لبون‬ ‫‪34‬‬ ‫‪86‬‬
‫حقتان‬ ‫‪364‬‬ ‫‪33‬‬
‫يف كل أربعني بنت لبون ويف كل مخسني‬
‫كل ما زاد على ‪364‬‬
‫حقة عند مجهور أهل العلم‪.‬‬
‫تبيع أو تبيعة‪ ،‬هلما سنة‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬
‫مسنة‪ ،‬هلا سنتان‬ ‫‪53‬‬ ‫‪44‬‬
‫تبيعان‬ ‫‪63‬‬ ‫‪64‬‬ ‫البقر‬
‫تبيع ومسنة‬ ‫‪83‬‬ ‫‪84‬‬
‫كل ما زاد على ‪ 83‬يف كل ثالثني تبيع ويف كل أربعني مسنة‬
‫شاة‬ ‫‪364‬‬ ‫‪44‬‬
‫شاتان‬ ‫‪644‬‬ ‫‪363‬‬
‫الغنم‬
‫ثالث شياه‬ ‫‪144‬‬ ‫‪643‬‬
‫كل ما زاد على ‪ 144‬يف كل مائة شاة‬
‫والدليل على ذلك حديث أنس رضي اهلل عنه أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب ملا وجهه‬
‫إىل البحرين‪ :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ،‬هذه فريضة الصدقة اليت فرض رسول اهلل ‪ ‬على‬
‫املسلمني واليت أمر اهلل هبا رسوله‪ ،‬فمن سُئِلها من املسلمني على وجهها فليعطها ومن سئل‬
‫فوقها فال يعط‪ ،‬يف أربع وعشرون من اإلبل فما دوهنا من الغنم من كل مخس شاة‪ ،‬فإذا‬
‫►‬ ‫‪27‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫بلغت ستا وثالثني إىل مخس وأربعني ففيها بنت لبون أنثى‪ ،‬فإذا بلغت ستاً وأربعني إىل‬
‫ستني ففيها حقة‪ ،‬طروقة اجلمل‪ ،‬فإذا بلغت واحدة وستني إىل مخس وسبعني ففيها جذعة‪،‬‬
‫فإذا بلغت –يعين ستاً وسبعني‪ -‬إىل تسعني ففيها بنتا لبون‪ ،‬فإذا بلغت إحدى وتسعني إىل‬
‫عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا اجلمل‪ ،‬فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعني‬
‫بنت لبون ويف كل مخسني حقة‪ ،‬ومن مل يكن معه إال أربع من اإلبل فليس فيها صدقة إال‬
‫أن يشاء رهبا‪ ،‬فإذا بلغت مخساً من اإلبل ففيها شاة‪ ،‬ويف صدقة الغنم يف سائمتها إذا‬
‫كانت أربعني إىل عشرين ومائة شاة‪ ،‬فإذا زادت على عشرين ومائة إىل مائتني شاتان‪ ،‬فإذا‬
‫زادت على ثالمثائة ففي كل مائة شاة‪ ،‬فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعني شاةً‬
‫شاة واحدة فليس فيها صدقة إال أن يشاء رهبا)) احلديث رواه البخاري‪ ،‬وحلديث معاذ بن‬
‫جبل ‪(( ‬أن النيب ‪ ‬بعثه إىل اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثالثني بقرة تبيعاً أو تبيعة‪،‬‬
‫ويف كل أربعني مسنة)) رواه أمحد وأصحاب السنن‪.‬‬
‫ونتاج السائمة يضم إىل ما عنده من أصله إذا بلغ نصاباً‪ ،‬وإن مل يبلغ األصل نصاباً إال به‬
‫اعترب به احلول من حني بلوغ النصاب‪.‬‬
‫وإن أعدت هبيمة األنعام للتجارة فتزكى زكاة عروض التجارة‪ ،‬وإن أعدت لالستعمال أو‬
‫للتنمية فليس فيها زكاة‪ ،‬حلديث أيب هريرة ‪(( ‬ليس على املسلم يف عبده وال فرسه‬
‫صدقة)) أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬الزروع والثمار‪.‬‬


‫وجتب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً عند اجلمهور‪ ،‬والنصاب عندهم مخسة أوسق؛ لقوله ‪‬‬
‫((ليس فيما دون مخسة أوسق صدقة)) متفق عليه‪ ،‬والوسق ستون صاعاً‪.‬‬
‫►‬ ‫‪28‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫فمقدار النصاب ثالمثائة صاع‪ .‬وزنة النصاب بالرب اجليد ما يقارب (‪744‬ر‪ )656‬كيلو‬
‫جرام‪.‬‬
‫وال يشترط يف املزروع والثمار حوالن احلول‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬وَآتُوا َحقَهُ يَ ْومَ َحصَادِهِ}‬
‫[سورة األنعام‪ :‬من اآلية‪]343‬‬
‫واملقدار الواجب فيها العشر فيما سُقي بال كلفة‪ ،‬ونصب العشر فيما سُقي مبؤنة‪ ،‬لقوله ‪‬‬
‫((فيما سقت السماء واألهنار والعيون أو كان عثرياً العشر‪ ،‬وفيما سُقي بالسواين أو النضح‬
‫نصف العشر)) أخرجه البخاري‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬عروض التجارة‪.‬‬


‫وهي ماأعده املسلم للتجارة من أيِ صنف كان‪ ،‬وهو أعم أموال الزكاة وأمشلها‪ ،‬وجتب‬
‫فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً‪ ،‬واملعترب يف ذلك أن تبلغ قيمتها نصاب الذهب والفضة‪- ،‬‬
‫عشرون ديناراً وهو ما يساوي (‪ )75‬جراماً من الذهب أو مائتا درهم وهو ما يساوي‬
‫(‪ )535‬جراماً من الفضة‪ -‬فتقوّم عروض التجارة إذا حال عليها احلول باألحظ للفقراء‬
‫من الذهب والفضة‪ ،‬وال تعترب فيها قيمة الشراء‪ ،‬بل املعترب قيمتها أثناء إخراج الزكاة بعد‬
‫متام احلول‪.‬‬
‫واملقدار الواجب فيها ربع العشر من كامل القيمة‪ ،‬وربح التجارة يضم إىل ما عنده من‬
‫أصله إذا بلغ نصاباً وال ينتظر به حوالً جديداً‪ ،‬أما إذا مل يبلغ األصل نصاباً إال مع الربح‬
‫فيعترب بدء احلول من حني وقت بلوغ النصاب‪.‬‬

‫اخلامس‪ :‬املعادن والركاز‬


‫►‬ ‫‪29‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫املعادن‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫هي كل ما خرج من األرض مما خيلق فيها من غريها مما له قيمة وليس نباتاً‪ .‬مثل الـذهب والفضـة‬
‫واحلديد والنحاس والياقوت والنفط وغريها وجتب فيها الزكاة لعموم قوله تعاىل‪{ :‬يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا‬
‫أَْن ِفقُوا ِمنْ طَيِبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ َومِمَا أَ ْخرَجْنَا لَكُمْ ِمنَ الْأَرْضِ} [سورة البقرة‪ :‬من اآلية‪ ]668‬وال ريب‬
‫أن املعادن مما أخرجه اهلل تعاىل من األرض‪.‬‬
‫وذهب مجهور أهل العلم إىل اعتبار بلوغه النصاب لوجوب الزكاة فيه‪ .‬وإىل أن الواجب فيـه ربـع‬
‫العشر‪ ،‬قياساً على قدر الواجب يف زكاة النقدين‪.‬‬
‫وال يشترك له حوالن احلول‪ ،‬وجيب فيه الزكاة حني تناوله‪.‬‬
‫الركاز‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫أما الركاز فهو ما وجد يف األرض من دفائن اجلاهلية‪ ،‬أو دفائن من تقدم من الكفار وإن مل يكونـوا‬
‫جاهلية‪ ،‬يف دار إسالم أو دار حرب أو دار عهد‪ .‬وكان عليه أو على بعضه عالمة كفر كأمسائهم أو‬
‫مساء ملوكهم أو صورهم أو صلبهم أو صدر أصنامهم فقط‪.‬‬
‫فأما إن كان عليه أو على بعضه عالمة املسلمني كاسم النيب ‪ ‬أو أحد من خلفاء املسلمني أو آية من‬
‫القرآن الكرمي فهو لقطة‪ ،‬وإن مل تكن عليه عالمة كاألواين واحللي والسبائك فهو لقطة‪ ،‬ال ميلـك إال‬
‫بعد التعريف‪ ،‬ألنه مال مسلم مل يعلم زوال ملكه عنه‪.‬‬
‫وجتب الزكاة يف الركاز‪ ،‬وجيب فيه اخلمس؛ حلديث أيب هريرة ‪ ‬أن رسـول اهلل ‪ ‬قـال‪(( :‬ويف‬
‫الركاز اخلمس))‪.‬‬
‫وجتب الزكاة يف قليله وكثريه عند مجهور أهل العلم‪ ،‬ومصرفه عندهم مصرف الفيء‪ ،‬وباقي الركـاز‬
‫لواجده عند مجيع أهل العلم‪ ،‬لفعل عمر ‪ ‬حيث دفع باقي الركاز لواجده‪.‬‬
‫►‬ ‫‪30‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫‪ .6‬مصارف الزكاة‪:‬‬
‫أهل الزكاة الذين جيوز صرفها إليهم مثانية‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الفقراء‪ :‬وهم الذين ال جيدون شيئاً من املعيشة‪ ،‬أو جيدون بعض كفايتهم منها‪ ،‬فهؤالء يعطـون‬
‫كفايتهم من الزكاة لعام كامل‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬املساكني‪ :‬وهو الذين جيدون نصف كفايتهم أو أكثرها‪ ،‬وهو هبذا املعىن أحسن حاالً من الفقراء‬
‫فهؤالء يعطون متام كفايتهم لعام كامل‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬العاملون عليها‪ :‬وهم العمال الذين يقومون جبمع الزكاة من أصحاهبا‪ ،‬وحيفظوهنا‪ ،‬ويوزعوهنـا‬
‫على مستحقيها بأمر اإلمام‪ ،‬فهؤالء يعطون من الزكاة قدر أجرة عملهم‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬املؤلفة قلوهبم‪ :‬وهم قسمان‪ :‬كفار‪ ،‬ومسلمون‪.‬‬
‫فالكافر يعطى من الزكاة إذا رُجيَ إسالمه‪ .‬أو حصل بإعطائه كف شره عن املسلمني‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬
‫واملسلم يعطى من الزكاة لتقوية إسالمه‪ ،‬أو رجاء إسالم نظريه‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫خامساً‪ :‬الرقاب‪ :‬وهم العبيد األرقاء املكاتبون الذين ال جيدون وفاء‪ ،‬فيعطى املكاتب ما يقدر به على‬
‫العتق والتخلص من الرق‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬الغارمون‪ :‬وهم املدنيون‪ ،‬وهم نوعان‪ :‬عارم لنفسه‪ ،‬وعارم لغريه‪.‬‬
‫فالعارم لنفسه‪ :‬هو الذي عليه دين حتمله حلاجة نفسه وال يقدر على تسديده‪ ،‬فيعطى‬ ‫‪-‬‬
‫من الزكاة ما يسدد به دينه‪.‬‬
‫والغارم لغريه‪ :‬هو من حتمل دينا إلصالح ذات البني‪ ،‬فيعطى من الزكاة ما يعينه على‬ ‫‪-‬‬
‫محالته وإن كان غنياً‪.‬‬
‫►‬ ‫‪31‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫سابعاً‪ :‬يف سبيل اهلل‪ :‬واملراد به عند اإلطالق‪ :‬اجلهاد‪ ،‬فيعطى من الزكاة اجملاهدون املتوعون الـذين ال‬
‫رواتب هلم من بيت املال‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬ابن السبيل‪ :‬هو املسافر املنقطع يف سفره‪ ،‬الذي ال جيد من النفقة ما يوصله إىل بلده‪ ،‬فيعطى من‬
‫الزكاة ما ميكنه من الرجوع إىل بلده‪.‬‬
‫وذكر اهلل تعاىل هذه األصناف يف قوله‪{ :‬إِنَمَا الصَ َدقَاتُ لِ ْل ُف َقرَاءِ وَالْمَسَا ِكنيِ وَاْلعَامِِلنيَ عَلَيْهَا وَالْمُؤََلفَةِ‬
‫قُلُوبُهُمْ َوفِي ال ِرقَابِ وَاْلغَا ِر ِمنيَ َوفِي سَبِيلِ اللَهِ وَاْبنِ السَبِيلِ َفرِيضَةً ِمنَ اللَهِ وَاللَهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة‬
‫التوبة‪]64:‬‬

‫‪ .7‬زكاة الفطر‬
‫أ‪ .‬حكمة مشروعيتها‪:‬‬
‫شرعت زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكني وإغناء هلم عن السـؤال يـوم‬
‫العيد‪ ،‬حلديث ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪(( :‬فرض رسول اهلل ‪ ‬زكاة الفطر طهرة للصائم مـن‬
‫اللغو والرفث وطعمة للمساكني) رواه أبو داود وابن ماجه‪.‬‬
‫ب‪ .‬حكمها‪:‬‬
‫هي فرض واجب على كل مسلم ومسلمة وكبري وصغرين حرّ وعبد حلديث ابن عمر رضي اهلل عنهما‬
‫قال‪(( :‬فرض رسول اهلل ‪ ‬زكاة الفطر من رمضان صاعاً من متر أو صاعاً من شعري على العبد واحلرّ‪،‬‬
‫والذكر واألنثى‪ ،‬والصغري والكبري من املسلمني‪ ،‬وأمر هبا أن تؤدى قبل خروج النـاس إىل الصـالة))‬

‫متفق عليه‪ .‬ويستحب إخراجها عن اجلنني‪.‬‬


‫وجيب أن خيرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجه أو قريب‪ ،‬وال جتب إال على من فضل عـن‬
‫قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته‪.‬‬
‫►‬ ‫‪32‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫مقدارها‪:‬‬ ‫ج‪.‬‬
‫املقدرا الواجب فيها صاع من غالب قوت البلد من برأ وشعري أو متر أو زبيب أو أقط أو أرز أو ذرة‪،‬‬
‫والصاع يعادل ما يقارب (‪386‬ر‪ )6‬كيلو جرام تقريباً‪.‬‬
‫وال جيوز إخراج القيمة فيها عند مجهور أهل العلم‪ ،‬ألن ذلك خالف ما أمر به الرسول ‪ ،‬وألنـه‬
‫خمالف لعمل الصحابة رضي اهلل عنهم‪.‬‬

‫وقت إخراجها‪:‬‬ ‫د‪.‬‬


‫هلا وقتان؛ وقت جواز قبل العيد بيوم أو يومني‪ ،‬ووقت فضيلة من طلوع فجر يوم العيد إىل قبيل أداء‬
‫صالة العيد‪ ،‬ألمره ‪ ‬وسلم هبا قبل خروج الناس إىل الصالة‪ ،‬وال جيوز تأخريها عن صالة العيد‪ ،‬فإن‬
‫أخرها فهي صدقة من الصدقات ويأمث يف هذا التاخري‪.‬‬
‫مصرفها‪:‬‬ ‫ه‪.‬‬
‫تصرف زكاة الفطر للفقراء واملساكني‪ ،‬ألهنم أوىل هبا من غريهم‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫►‬ ‫‪33‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن الرابع‪ :‬صيام شهر رمضان‬


‫‪ .1‬تعريفه‪:‬‬
‫الصيام لغة‪ :‬اإلمساك مطلقاً‪.‬‬
‫وشرعاً‪ :‬هو إمساك عن املفطرات من طلوع الفجر الثاين إىل غروب الشمس‪.‬‬

‫‪ .2‬حكمه‪:‬‬
‫صيام شهر رمضان أحد أركان اإلسالم ومبانيه العظام؛ لقوله تعاىل {يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ‬
‫الصِيَامُ كَمَا كُِتبَ عَلَى الَذِينَ ِمنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَكُمْ تََتقُونَ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،]371:‬وملا روى ابن‬
‫عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬بين اإلسالم على مخس‪ :‬شهادة أن ال إله إال اهلل وأن‬
‫حممداً رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج بيت اهلل" متفق عليه‪.‬‬
‫وفرض صيام رمضان على األمة اإلسالمية يف السنة الثانية من اهلجرة‪.‬‬

‫‪ .3‬فضله وحكمة مشروعيته‪:‬‬


‫شهر رمضان موسم عظيم لطاعة اهلل عزّ وجلّ‪ ،‬وبلوغه نعمة كبرية‪ ،‬وفضل من اهلل الكرمي‪ ،‬مينّ به على‬
‫من يشاء من عباده‪ ،‬لتزداد حسناهتم‪ ،‬وترفع درجاهتم‪ ،‬وحتمى سيئاهتم‪ ،‬وتقوى صلتهم خبالقهم جلّ‬
‫وعال‪ ،‬ليكتب هلم األجر العظيم‪ ،‬والثواب اجلزيل‪ ،‬وينالوا رضاه‪ ،‬ومتتلئ قلوهبم خبشيته وتقواه‪.‬‬
‫ومما ورد يف فضله‪:‬‬
‫قوله تبارك وتعاىل‪{ :‬شَهْرُ َر َمضَانَ الَذِي أُْن ِزلَ فِيهِ اْل ُقرْآنُ هُدىً لِلنَاسِ وَبَيِنَاتٍ‬ ‫أ‪.‬‬
‫ِمنَ الْ ُهدَى وَاْل ُف ْرقَانِ فَ َمنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَ ْهرَ فَلَْيصُمْهُ َو َمنْ كَانَ َمرِيضاً أَوْ عَلَى َس َفرٍ َفعِدَةٌ ِمنْ أَيَامٍ أُخَرَ‬
‫►‬ ‫‪34‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫سرَ وَلِتُكْمِلُوا اْلعِدَةَ وَلِتُكَِبرُوا اللَهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَكُمْ‬


‫سرَ وَال ُيرِيدُ بِكُ ُم اْلعُ ْ‬
‫ُيرِيدُ اللَهُ بِكُمُ الْيُ ْ‬
‫تَشْ ُكرُونَ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪]375:‬‬
‫ما روى أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬من صام رمضان‬ ‫ب‪.‬‬
‫إمياناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه‪.‬‬
‫وعنه رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ..." :‬يضاعف احلسنة عشر أمثاهلا‬ ‫ج‪.‬‬
‫إىل سبعمائة ضعف‪ ،‬قال اهلل عزّ وجلّ‪ :‬إال الصوم‪ ،‬فإنه يل وأنا أجزي به‪ ،‬يدع شهوته وطعامه من‬
‫أجلي‪ ،‬للصائم فرحتان‪ ،‬فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه‪ ،‬وخللوف فيه أطيب عند اهلل من ريح‬
‫املسك" رواه البخاري ومسلم واللفظ له‪.‬‬
‫أن دعاء الصائم مستجاب‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪ ،‬للصائم عند فطره دعوة‬ ‫د‪.‬‬
‫ال ترد" رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫لذلك ينبغي للمسلم أن حيرص على اغتنام وقت إفطاره بسؤال ربه ودعائه‬
‫عسى أن يوافق نفحة من نفحات الباري جلّ وعال‪ ،‬لتحصل له السعادة يف‬
‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫أن اهلل خصص للصائمني باباً من أبواب اجلنة‪ ،‬ال يدخل منه إال الصائمون‪،‬‬ ‫ه‪.‬‬
‫إكراماً هلم‪ ،‬ومتييزاً هلم عن غريهم‪ .‬فعن سهل بن سعد رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال‪ :‬رسول اهلل ‪" :‬إن يف‬
‫اجلنة باباً يقال له "الريان" فإذا كان يوم القيامة قيل‪ :‬أين الصائمون‪ ،‬فإذا دخلوا أغلق عليهم فلم يدخل‬
‫منه أحد" متفق عليه‪.‬‬
‫أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة‪ ،‬فعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص رضي‬ ‫و‪.‬‬
‫اهلل عنهم قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة‪ ،‬يقول الصيام أي رب‬
‫►‬ ‫‪35‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫منفعته من الطعام والشهوة فشفعين فيه‪ ،‬ويقول القرآن‪ :‬منفعته النوم بالليل فشفعين فيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فيشفعان" رواه أمحد‪.‬‬
‫أن الصيام ُيعَوِد املسلم على الصرب والتحمّل واجلَلَد‪ ،‬فهو حيمله على ترك‬ ‫ز‪.‬‬
‫حمبوباته وشهوراته وكُبح مجاح النفس فيه مشقة عظيمة‪.‬‬

‫‪ .4‬شروط وجوبه‪:‬‬
‫أمجع العلماء على أن الصيام جيب على املسلم البالغ العاقل الصحيح املقيم‪ ،‬وجيب على املرأة إذا كانت‬
‫طاهرة من احليض والنفاس‪.‬‬

‫‪ .5‬آدابه‪:‬‬
‫اجتناب الصائم الغيبة والنميمة‪ ،‬وغريمها مما حرّم اهلل تعاىل‪ ،‬فعلى املسلم أن يكف لسانه‬ ‫أ‪.‬‬
‫عن احملرمات‪ ،‬وحيفظه عن الوقوع يف أعراض اآلخرين‪ .‬قال عليه الصالة والسالم‪" :‬من مل يدع قول‬
‫الزور والعمل به فليس هلل حاجة يف أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري‪.‬‬
‫أن ال يدع طعام السحور‪ ،‬فهو يعني الصائم على صومه‪ ،‬فيقطع هناره مرتاحاً ويؤدي‬ ‫ب‪.‬‬
‫عمله بنشاط وحيوية‪ ،‬وقد حثّ عليه النيب ‪ ‬بقوله‪" :‬السحور أكلة بركة‪ ،‬فال تدعوه‪ ،‬ولو أن خيرج‬
‫أحدكم جرعة من ماء فإن اهلل عزّ وجلّ ومالئكته يصلون على املتسحرين" رواه أمحد‪.‬‬
‫أن يعجل الفطر بعد حتقيقه من غروب الشمس‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪" :‬ال يزال‬ ‫ج‪.‬‬
‫الناس خبري ما عجلوا الفطر" متفق عليه‪.‬‬
‫►‬ ‫‪36‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫أن حيرص على اإلفطار على الرطب أو التمر‪ ،‬ألن ذلك من السنّة‪ ،‬قال أنس رضي اهلل‬ ‫د‪.‬‬
‫عنه‪ :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يفطر قبل أن يصلي على رطبات‪ ،‬فإن مل تكن رطبات فتمرات‪ ،‬فإن مل تكن‬
‫حسا حسوات من ماء" رواه أبو داود‪.‬‬
‫اإلكثار من قراءة القرآن‪ ،‬وذكر اهلل تعاىل‪ ،‬ومحده والثناء عليه‪ ،‬والصدقة واإلحسان‬ ‫ه‪.‬‬
‫وكثرة النوافل وغري ذلك من األعمال الصاحلة؛ ملا روى ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬كان رسول‬
‫اهلل ‪ ‬أجود النّاس باخلري‪ ،‬وكان أجود ما يكون يف رمضان حني يلقاه جربيل‪ ،‬وكان جربيل يلقاه يف‬
‫كل ليلة من رمضان‪ ،‬فيدارسه القرآن‪ ،‬فلرسول اهلل ‪ ‬حني يلقاه جربيل أجود باخلري من الريح‬
‫املرسلة" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪ .6‬مفسداته‪:‬‬
‫األكل والشرب عمداً خالل النهار‪ ،‬وكذلك سائر املفطرات‪ ،‬كاإلبر املغذية أو تناول األدوية عن‬
‫طريق الفم فإهنا يف حكم الطعام والشراب‪ ،‬أما إخراج دم قليل كالذي يستخرج للتحليل فهذا ال يؤثر‬
‫على الصيام‪.‬‬
‫اجلماع يف هنار رمضان‪ ،‬فإنه يفسد صومه‪ ،‬وعليه التوبة إىل اهلل تعاىل النتهاك حرمة الشهر‪ ،‬ويقضي‬
‫هذا اليوم الذي جامع فيه‪ ،‬وعليه الكفارة‪ ،‬وهي‪ :‬عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل‬
‫يستطع أطعم ستني مسكيناً‪ ،‬لكل مسكني نصف صاع من بر أو غريه مما يكون طعاماً يف عادة أهل‬
‫البلد؛ حلديث أيب هريرة رضي اهلل عنه قال بينما حنن جلوس عند النيب ‪ ‬إذ جاء رجل‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل هلكت‪ ،‬قال ما لك؟ قال‪ :‬وقفت على امرأيت وأنا صائم‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ :‬هل جتد‬
‫رقبة تعتقها؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعني؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فهل جتد إطعام‬
‫ستني مسكيناً؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فمكث النيب ‪ ،‬فبينما حنن على ذلك ُأيتَ النيب ‪ ‬ب َفرَق فيه متر –‬
‫►‬ ‫‪37‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫وال َفرَق املكتل‪ ،-‬قال‪ :‬أين السائل؟ فقال‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪ :‬خذ هذا فتصدق به‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬على أفقر مين‬
‫يا رسول اهلل‪ ،‬فواهلل ما بني البتيها –يريد احلرتني‪ -‬أهل بيت أفقر من أهل بييت‪ ،‬فضحك النيب ‪ ‬حىت‬
‫بدت أنيابه‪ ،‬مث قال‪ :‬أطعمه أهلك" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫إنزال املين بتقبيل أو مباشرة أو استمناء أو تكرار الفطر‪ ،‬فإذا أنزل الصائم املين بسبب من هذه السباب‬
‫فسد صومه وعليه القضاء‪ ،‬وميسك بقية اليوم وال كفّارة عليه‪ ،‬وعليه التوبة والندم واالستغفار‪،‬‬
‫واالبتعاد عن كل ما يثري شهوته‪ ،‬أما لو كان نائماً فاحتلم وهو صائم وأنزل فإن ذلك ال يؤثر على‬
‫صيامه وال شيء عليه‪ ،‬لكن عليه االغتسال‪.‬‬
‫التقيؤ عمداً‪ ،‬بإخراج ما يف املعدة عن طريق الفم‪ ،‬أما إن خرج بغري اختياره فال يؤثر على صيامه‪ ،‬قال‬
‫النيب ‪" :‬من ذرعه القيء فليس عليه قضاء‪ ،‬ومن استقاء عمداً فليقض" رواه أبو داود والترمذي‪.‬‬
‫خروج دم احليض أو النفاس سواء خرج أول النهار أو آخره ولو قبيل غروب الشمس‪.‬‬
‫واألوىل للصائم ترك احلجامة لئال يتعرض إلبطال صيامه‪ ،‬واألوىل له عدم استخراج الدم للتربع به إال‬
‫لضرورة إسعاف مريض وحنوه‪ ،‬وأما خروج الدم بالرعاف أو السعال أو جرح أو خلع الضرس وحنوه‬
‫فال يؤثر ذلك على صيامه‪.‬‬

‫‪ .7‬أحكام عامة‪:‬‬
‫جيب صيام رمضان برؤية اهلالل‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَ ْهرَ فَلَْيصُمْهُ} [سورة البقرة‪ :‬من‬
‫اآلية‪ ]375‬ويكفي لثبوت رؤية اهلالل شهادة مسلم عدل‪ ،‬ملا روى ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪:‬‬
‫تراءى النّاس اهلالل فأخربت رسول اهلل ‪ ‬أين رأيته فصام وأمر النّاس بصيامه‪ ،‬رواه أبو داود‬
‫والدارمي وغريمها‪.‬‬
‫►‬ ‫‪38‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫ويُجعل أمر الصيام يف كل دولة إىل ويل األمر العام للدولة‪ ،‬فإن حكم بالصيام أو عدمه وجبت طاعته‪،‬‬
‫فإن مل يكن ويل األمر مسلماً يُعمل مبا حيكم به جملس املركز اإلسالمي ‪-‬أو حنوه‪ -‬يف البالد حمافظة‬
‫على الوحدة اإلسالمية‪.‬‬
‫وجيوز االستعانة بآالت الرصد يف رؤية اهلالل‪ ،‬وال جيوز االعتماد على احلسابات الفلكية ورؤية‬
‫النجوم يف إثبات بدء شهر رمضان أو الفطر وإمنا يعتمد على الرؤية‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬فَ َمنْ شَهِدَ‬
‫مِنْكُمُ الشَ ْهرَ فَلَْيصُمْهُ} [سورة البقرة‪ :‬من اآلية‪ ،]375‬ومن شهد رمضان من املكلفني وجب عليه أن‬
‫يصوم سواء طال النهار أو قصر‪.‬‬
‫والعربة يف بدء صيام رمضان يف كل بلد برؤية اهلالل يف مطلعها على أرجح قويل أهل العلم‪ ،‬التفاق‬
‫العلماء على أن مطالع األهلة خمتلفة‪ ،‬وذلك مما علم بالضرورة لقوله ‪" :‬صوموا لرؤيته وافطروا‬
‫لرؤيته فإن غُمَ عليكم فأكملوا شعبان ثالثني يوماً" أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫جيب على الصائم أن ينوي الصيام من الليل‪ ،‬لقوله ‪" :‬إمنا األعمال بالنيّات‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما‬
‫نوى" متفق عليه‪ .‬ولقوله ‪" :‬من مل جيمع الصيام قبل الفجر فال صيام له" أخرجه أمحد وأبو داود‬
‫والترمذي والنسائي من حديث حفصة رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫ال حيل ألحد ترك الصيام واإلفطار أثناء الشهر إال إذا كان معذوراً كأن يكون مريضاً أو مسافراً أو‬
‫امرأة حائضاً أو َنفِساً أو حامالً أو مرضعاً‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬فَ َمنْ كَانَ مِنْكُمْ َمرِيضاً أَوْ عَلَى َس َفرٍ َفعِدَةٌ ِمنْ‬
‫أَيَامٍ أُخَر} [سورة البقرة‪ :‬من اآلية‪ ،]374‬فاملريض الذي يشق عليه الصيام ويصعب عليه االمتناع عن‬
‫املفطرات ويتضرر منه جيوز له أن يفطر يف رمضان مث يقضي فيما بعد عدد األيام اليت أفطرها‪.‬‬
‫واحلامل واملرضع إذا خافتا على نفسيهما فقط أفطرتا وعليهما القضاء بإمجاع العلماء‪ ،‬ألهنما مبزنلة‬
‫املريض اخلائف على نفسه‪.‬‬
‫►‬ ‫‪39‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫وأما إذا خافتا على نفسيهما وولديهما أو ولديهما فقط أفطرتا وعليهما القضاء حلديث أنس مرفوعاً‪:‬‬
‫"إن اهلل وضع عن املسافر نصف الصالة والصوم‪ ،‬وعن احلبلى واملرضع" رواه النسائي وابن خزمية وهو‬
‫حديث حسن‪.‬‬
‫وأما الشيخ الكبري واملرأة العجوز فريخص هلما الفطر إذا كان الصيام جيهدمها ويشقّ عليهما مشقة‬
‫شديدة‪ ،‬وعليهما أن يطعما عن كل يوم مسكيناً‪ ،‬ملا روى البخاري عن عطاء أنه مسع ابن عباس رضي‬
‫اهلل عنهما يقرأ‪َ {" :‬وعَلَى الَذِينَ ُيطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ َطعَامُ مِسْ ِكنيٍ} قال ابن عباس‪ :‬ليست منسوخة هي‬
‫للشيخ الكبري واملرأة الكبرية ال يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً"‪.‬‬
‫السفر من األعذار املبيحة لإلفطار‪ ،‬حلديث أنس ‪" :‬كنا نسافر مع النيب ‪ ،‬فلم يعب الصائم على‬
‫املفطر وال املفطر على الصائم" متفق عليه‪.‬‬
‫►‬ ‫‪40‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫►‬ ‫‪41‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن الخامس‪ :‬الحـــج‬

‫‪ .1‬تعريفه‪:‬‬
‫احلج يف اللغة‪ :‬القصد‪ ،‬يقال حج إلينا فالن أي قصدنا وقدم إلينا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويف الشرع‪ :‬هو القصد إىل مكة ألداء النسك بصفة خمصوصة يف وقت خمصوص وبشـروط‬ ‫‪-‬‬
‫خمصوصة‪.‬‬

‫‪ .2‬حكمه‪:‬‬
‫قد أمجعت األمة على وجوب احلج على املستطيع مرة واحدة يف العمر‪ ،‬وعلى كونه أحد األركـان‬
‫اخلمسة اليت بىن عليها اإلسالم؛ قال اهلل تعاىل‪{ :‬وَلِ َّلهِ عَّلَى الّنَاسِ حِّجُ الْبَ ْيتِ َمنِ اسْتَطَاعَ إِلَ ْيهِ سَبِيالً‬
‫َو َمنْ َكفَرَ َفإِّنَ ال َّلهَ غَّنِّيٌ َعنِ اْلعَالَمِنيَ} [آل عمران‪ :‬من اآلية‪ ]38‬وقال رسول اهلل ‪" :‬بين اإلسالم‬
‫على مخس‪ ،‬شهادة أن ال إله إال اهلل وأن حممداً رسول اهلل وإقام الصالة وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‬
‫وحج بيت اهلل" متفق عليه‪ .‬وقال ‪ ‬يف حجة الوداع‪" :‬يا أيها الناس إن اهلل فرض عليكم حج البيت‬
‫فحجوا" رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ .3‬فضله والحكمة من مشروعيته‪:‬‬


‫قد جاء يف فضل احلج نصوص كثرية منها قوله تعاىل‪َ { :‬وَأذِنْ فِي النَاسِ بِاْلحَجِ يَأْتُوكَ رِجَاالً َوعَلَـى‬
‫ُكلِ ضَا ِمرٍ يَأِْتنيَ ِمنْ ُكلِ فَجٍ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَ ْذ ُكرُوا اسْمَ اللَهِ فِي أَيَامٍ َمعْلُومَاتٍ عَلَى مَـا‬
‫رَ َزقَهُمْ ِمنْ بَهِيمَةِ الْأَْنعَامِ} [سورة احلج‪ ،‬اآليتان ‪ .]67،68‬ويشتمل احلج على منافع عظيمة للمسلمني‬
‫أمجعني‪ ،‬دنيوية وأخروية‪ ،‬ففيه جتتمع عبادات متنوعة كالطواف بالكعبة والسعي بني الصفا واملـروة‬
‫►‬ ‫‪42‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫والوقوف بعرفة ومىن ومزدلفة ورمي اجلمار واملبيت مبىن وذبح اهلدي وحلق شعر الرأس وكثرة ذكر‬
‫اهلل تقرباً إىل اهلل وتذليالً له وإنابة إليه؛ لذلك كان احلج من أعظم أسباب تكفري الـذنوب ودخـول‬
‫اجلنة‪.‬‬
‫فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ ":‬مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬من حج هذا البيت فلم يرفث ومل يفسق رجع‬
‫من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وعنه أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬العمرة إىل العمرة كفارة ملا بينهما واحلج املربور ليس له جزاء إال اجلنة"‬
‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وعنه ‪ ‬قال‪" :‬سئل رسول اهلل ‪ ‬أي األعمال أفضل؟ قال‪" :‬إميان باهلل ورسوله‪ .‬قيل‪ :‬مث ماذا؟ قال‪:‬‬
‫جهاد يف سبيل اهلل‪ .‬قيل‪ :‬مث ماذا؟ قال حج مربور" متفق عليه‪.‬‬
‫وعن عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال‪" :‬قال رسول اهلل ‪ :‬تابعوا بني احلج والعمرة فإهنما ينفيان الفقر‬
‫والذنوب كما ينفي الكري خبث احلديد والذهب والفضة‪ ،‬وليس للحجة املربورة ثواب إال اجلنة" رواه‬
‫الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫ومن منافع احلج التقاء املسلمني من كل فج عميق ببعضهم يف بقعة هي أحب البقاع إىل اهلل وتعارفهم‬
‫وتعاوهنم على الرب والتقوى وتساويهم يف األقوال واألذكار واألعمال‪ ،‬وهذا فيه تربية هلم على الوحدة‬
‫واالجتماع على العقيدة والعبادة واهلدف والوسيلة‪ ،‬وباجتماعهم هذا حيصل بينهم التعارف والتقارب‬
‫وسؤال بعضهم عن البعض اآلخر مصداقاً لقوله تعاىل‪{ :‬يَا أَيُهَا النَاسُ إِنَا خََلقْنَاكُمْ ِمنْ َذ َكرٍ َوأُنْثَى‬
‫ك َرمَكُمْ عِنْدَ اللَهِ أَْتقَاكُمْ إِنَ اللَهَ عَلِيمٌ خَِبريٌ} [سورة احلجرات‪،‬‬‫وَ َجعَلْنَاكُمْ ُشعُوباً َوقَبَاِئلَ لَِتعَا َرفُوا إِنَ َأ ْ‬
‫اآلية‪]31‬‬

‫‪ .4‬شروط وجوبه‪:‬‬
‫►‬ ‫‪43‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫ال خالف بني أهل العلم أن احلج جيب بشروط مخسة‪ ،‬هي‪ :‬اإلسالم والعقل والبلوغ‬ ‫أ‪.‬‬
‫واحلرية واالستطاعة‪.‬‬
‫وأما املرأة فيشترط لوجوبه عليها وجود احملرم يف السفر إىل احلج‪ ،‬لقوله ‪ ‬يف حديث أيب هريرة ‪‬‬
‫"ال حيل المرأة تؤمن باهلل واليوم اآلخر تسافر مسرية يوم إال ومعها ذو حمرم" متفق عليه‪.‬‬
‫وقد قسّم الفقهاء هذه الشروط إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫األول‪ :‬منها ما هو شرط للوجوب والصحة‪ ،‬وهو اإلسالم والعقل‪ ،‬فال حج على الكافر واجملنون‪ ،‬وال‬
‫يصح منهما‪ ،‬ألهنما ليسا من أهل العبادات‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬منها ما هو شرط للوجوب واإلجزاء وهو البلوغ واحلرية‪ ،‬وليسا بشرط للصحة‪ ،‬فلو حج‬
‫الصيب واململوك صح حجهما ومل جيزئهما عن حجة اإلسالم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ومنها ما هو شرط للوجوب فقط وهو االستطاعة‪ .‬فلو حج غري املستطيع مبشقة‪ ،‬وسار بغري‬
‫زاد وال راحلة كان حجه صحيحاً‪.‬‬
‫حكم النيابة يف احلج‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫ال خالف بني أهل العلم أن من مات قبل أن يتمكن من األداء سقط عنه الفرض‪ .‬أما من مات بعد‬
‫التمكن فهل يسقط عنه احلج باملوت أو ال؟‬
‫الصحيح إن شاء اهلل تعاىل أنه ال يسقط عن امليت‪ ،‬ويلزم الورثة أن حيجوا عنه من ماله‪ ،‬أوصى بذلك‬
‫أو مل يوص‪ ،‬فهو واجب استقر عليه كالدين سواء بسواء؛ حلديث ابن عباس رضي اهلل عنهما أن امرأة‬
‫نذرت أن حتج فماتت‪ ،‬فأتى أخوها النيب ‪ ‬فسأله عن ذلك فقال‪" :‬أرأيت لو كان على أحتك دين‬
‫أكنت قاضيه؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فاقضوا اهلل فهو أحق بالوفاء" رواه النسائي‪.‬‬
‫من مل حيج عن نفسه هل حيج عن غريه؟‬ ‫ج‪.‬‬
‫►‬ ‫‪44‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الصحيح أنه ال حيج عن غريه ما مل حيج عن نفسه أوالً‪ ،‬للحديث املشهور أن النيب ‪ ‬مسع رج ً‬
‫ال‬
‫يقول‪ :‬لبيك عن شربمة‪ ،‬قال‪ :‬من شربمة؟ قال‪ :‬أخ يل أو قريب يل‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪:‬‬
‫حجت عن نفسك؟ قال ال‪ .‬قال‪ :‬حج عن نفسك مث حج عن شربمة" رواه أمحد وأبو داود وابن ماجه‬
‫والبيهقي وصححه‪.‬‬
‫والصحيح أنه تصحّ النيابة يف احلج العاجز غري القادر؛ حلديث الفضل بن عباس رضي اهلل عنهما وفيه‬
‫أن امرأة من خثعم قالت‪ :‬يا رسول اهلل إن فريضة اهلل على عباده يف احلج أدركت أيب شيخاً كبرياً ال‬
‫يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال‪ :‬نعم" وذلك يف حجة الوداع‪ .‬متفق عليه واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫هل وجوب احلج على الفور أم على التراخي؟‬ ‫د‪.‬‬
‫الراحج من أقوال أهل العلم إن شاء اهلل تعاىل أنه جيب على الفور مىت توفرت شروط وجوبه؛ لعموم‬
‫قوله تعاىل‪{ :‬وَلِلَهِ عَلَى النَاسِ حِجُ الْبَْيتِ َمنِ اسَْتطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيالً}[سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪ ]38:‬وقوله‬
‫تعاىل‪َ { :‬وأَتِمُوا اْلحَجَ وَاْلعُ ْمرَةَ لِلَهِ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ]336:‬وقد جاء يف احلديث عن ابن عباس‬
‫رضي اهلل عنهما قوله ‪" ‬تعجلوا إىل احلج‪ ،‬يعين الفريضة‪ ،‬فإن أحدكم ال يدري ما يعرض له" رواه‬
‫أبو داود وأمحد واحلاكم وصححه‪.‬‬

‫‪ .5‬أركان الحج‪:‬‬
‫أركان احلج أربعة‪ :‬أ‪ .‬اإلحرام‬
‫ب‪ .‬الوقوف بعرفة‬
‫ج‪ .‬طواف الزيارة‬
‫د‪ .‬السعي بني الصفا واملروة‪.‬‬
‫فهذه األركان ال يتم احلج بدوهنا‪.‬‬
‫►‬ ‫‪45‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن األول‪ :‬اإلحرام‬


‫تعريفه‪ :‬هو نية الدخول يف النسك‪.‬‬
‫مواقيته‪ :‬مواقيت االحرام باحلج نوعان‪ :‬زمانية‪ ،‬ومكانية‪.‬‬
‫‪ -‬املواقيت الزمانية‪ :‬هي أشهر احلج اليت قال اهلل تعاىل فيها‪{ :‬اْلحَجُ أَشْ ُهرٌ َمعْلُومَاتٌ} [سورة البقرة‪،‬‬
‫اآلية‪ ]338:‬وهي‪ :‬شوال وذو القعدة وذو احلجة‪.‬‬
‫‪ -‬املواقيت املكانية‪ :‬هي احلدود اليت ال جيوز للحاج أن يتعداها إىل مكة بدون إحرام‪ ،‬وهي مخسة‪:‬‬
‫األول‪( :‬ذو احلليفة) وتسمى اآلن "آبار علي" وهي ميقات أهل املدينة‪ .‬وتبعد عن مكة (‪ )116‬كلم‬
‫أي (‪ )664‬ميال‪.‬‬
‫الثاين‪( :‬اجلحفة) وهي قرية بينها وبني البحر األمحر (‪ )34‬كلم‪ ،‬وتبعد عن مكة (‪ )374‬كلم أي‬
‫(‪ )364‬ميال‪ ،‬وهي ميقات أهل مصر والشام واملغرب ومن وراءهم من أهل األندلس والروم‬
‫والتكرور‪ .‬وحيرم الناس اآلن من (رابغ) ألهنا مبحاذاهتا بقليل‪.‬‬
‫الثالث‪( :‬يَلَمْلَم) ويسمى اآلن (السعدية) وهو جبل من جبال هتامة‪ .‬ويبعد عن مكة (‪ )86‬كلم أي‬
‫(‪ )47‬ميال‪ ،‬وهو ميقات أهل اليمن‪ ،‬وأهل جاوه واهلند والصني‪.‬‬
‫الرابع‪َ( :‬قرْن املنازل) ويسمى اآلن "السيل الكبري" ويبعد عن مكة (‪ )86‬كلم أي (‪ )47‬ميال‪ ،‬وهو‬
‫ميقات أهل جند والطائف‪.‬‬
‫اخلامس‪( :‬ذات عرق) ويسمى اآلن (الضَريبة)‪ ،‬ومسي بذلك ألن فيه عرقاً‪ ،‬وهو اجلبل الصغري‪ ،‬ويبعد‬
‫عن مكة (‪ )86‬كلم أي (‪ )47‬ميال‪ ،‬وهو ميقات أهل املشرق والعراق وإيران‪.‬‬
‫وهذه املواقيت املكانية هي احلدود اليت ال جيوز للحاج أو املعتمر أن يتعداها إىل مكة بدون إحرام‪.‬‬
‫وقد بينها رسول اهلل ‪ ‬كما يف حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪" :‬وقت رسول اهلل ‪ ‬ألهل‬
‫املدينة ذا احلليفة‪ ،‬وألهل الشام اجلحفة‪ ،‬وألهل جند قرن املنازل‪ ،‬وألهل اليمن يلملم‪ ،‬هن هلن وملن أتى‬
‫►‬ ‫‪46‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫عليهن من غري أهلهن مم أراد احلج أو العمرة‪ ،‬ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ‪ ،‬حىت أهل مكة‬
‫من مكة" متفق عليه‪.‬‬
‫وملسلم من حديث جابر ‪" :--‬مهل أهل العراق ذات عرق" ومن مل مير يف طريقه مبيقات من تلك‬
‫املواقيت فإنه حيرم إذا علم أنه حاذى أقرهبا منه‪ ،‬وكذلك من ركب طائرة فإنه حيرم إذا حاذى أحد‬
‫هذه املواقيت من اجلو‪ ،‬وال جيوز له تأخري اإلحرام إىل أن يهبط يف مطار جدة كما يفعله بعض‬
‫احلجاج‪ ،‬فإن جدة ليست ميقاتاً إال ألهلها‪ ،‬أو من نوى احلج أو العمرة منه‪ ،‬فمن أحرم من غريهم‬
‫فقد ترك واجباً وهو اإلحرام من امليقات فيكون عليه فدية‪.‬‬
‫وكذا من تعدى امليقات بدون إحرام فإنه عليه أن يرجع إليه‪ ،‬فإن مل يرجع فأحرم من دونه فعليه فدية‪،‬‬
‫بأن يذبح شاة‪ ،‬أو يأخذ سبع بدنة أو سبع بقرة‪ ،‬ويوزع ذلك على مساكني احلرم‪ ،‬وال يأكل منه‬
‫شيئاً‪.‬‬
‫صفته‪ :‬يستحب قبل اإلحرام التهيؤ له‪ ،‬باالغتسال‪ ،‬والتنظيف وأخذ ما يشرع أخذه من الشعر‬
‫والتطيب يف بدنه‪ ،‬وأن يتجرد الذَكرُ من املخيط‪ ،‬ويلبس إزاراً ورداءً أبيضني نظيفني‪.‬‬
‫واألصح أنه ليس لإلحرام صالة ختصه‪ ،‬لكن إن صادف وقت فريضة أحرم بعدها‪ ،‬ألن النيب ‪ ‬أهلّ‬
‫دبر الصالة مث خيري أن حيرم مبا شاء من األنساك الثالثة‪ ،‬وهي التمتع‪ ،‬والقران واإلفراد‪.‬‬
‫‪ -‬والتمتع‪ :‬أن حيرم بالعمرة يف أشهر احلج‪ ،‬ويفرغ منها‪ ،‬مث حيرم باحلج يف عامه‪.‬‬
‫‪ -‬والقران‪ :‬أن حيرم بالعمرة واحلج معاً‪ ،‬أو حيرم بالعمرة مث يدخل عليها احلج قبل شروعه يف طوافها‪،‬‬
‫فينوي العمرة واحلج من امليقات‪ ،‬أو قبل الشروع يف طواف العمرة‪ ،‬ويطوف هلما ويسعى‪.‬‬
‫‪ -‬واإلفراد‪ :‬أن حيرم باحلج فقط من امليقات‪ ،‬ويبقى على إحرامه حىت يؤدي أعمال احلج‪.‬‬
‫وعلى املتمتع والقارن فدية إن مل يكن من حاضري املسجد احلرام‪.‬‬
‫واختلف يف أي هذه األنساك أفضل‪ ،‬والذي عليه بعض كبار احملققني من أهل العلم أنه التمتع‪.‬‬
‫►‬ ‫‪47‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫مث إذا أحرم بأحد هذه األنساك لىب عقب إحرامه‪ ،‬فيقول‪" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال شريك لك‬
‫لبيك‪ ،‬إن احلمد والنعمة لك وامللك ال شريك لك"‪.‬‬
‫ويكثر من التلبية‪ ،‬ويرفع الرجل هبا صوته‪.‬‬
‫محظوراته‪ :‬وهي ما يحرم على المحرم فعله بسبب اإلحرام‪ ،‬وهي تسعة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬إزالة الشعر من مجيع بدنه حبلق أو غريه‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬وَال َتحِْلقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَى يَبْلُ َغ‬
‫الْهَدْيُ َمحِلَهُ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪]336:‬‬
‫الثاين ‪ :‬تقليم األظفار؛ ألنه حيصل به الرفاهية‪ ،‬فأشبه إزالة الشعر إالّ من عذر فيباح عند العذر‬
‫كاحللق‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تغطية الرأس؛ لنهيه ‪ ‬احملرم عن لبس العمائم‪ ،‬وقوله يف احملرم الذي وقصته راحلته‪" :‬وال‬
‫ختمر رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس –رضي اهلل‬
‫عنهما‪ .-‬وكان ابن عمر يقول‪ :‬إحرام الرجل يف رأسه وإحرام املرأة يف وجهها" رواه البيهقي بإسناد‬
‫جيد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬لبس الذَكرِ املخيطَ يف بدنه واخلفني؛ ملا روى عبد اهلل بن عمر –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬سئل‬
‫رسول اهلل ‪ ‬ما يلبس احملرم؟ قال‪" :‬ال يلبس احملرم القميص وال العمامة وال الربانس وال السراويل وال‬
‫ثوباً مسّه ورس وال زعفران‪ ،‬وال اخلفني إال أن ال جيد نعلني فليقطعهما حىت يكونا أسفل من الكعبني"‬
‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬الطيب؛ "ألن النيب ‪ ‬أمر رجال يف حديث صفوان بن يعلى بن أمية بغسل الطيب" رواه‬
‫البخاري ومسلم‪ ،‬وقال يف احملرم الذي وقصته ناقته‪" :‬ال حتنطوه‪ "...‬رواه البخاري ومسلم من حديث‬
‫ابن عباس‪ ،‬وملسلم‪" :‬وال متسوه بطيب"‪.‬‬
‫فيحرم على احملرم بعد إحرامه تطييب بدنه أو شيئاً منه‪ ،‬حلديث ابن عمر السابق‪.‬‬
‫►‬ ‫‪48‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫السادس‪ :‬قتل صيد الَبرِ؛ لقوله تعاىل‪{ :‬يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا ال َتقْتُلُوا الصَيْدَ َوأَنْتُمْ ُح ُرمٌ} [سورة املائدة‪،‬‬
‫اآلية‪ .]35:‬وحيرم اصطياده ولو مل يقتله أو جيرحه لقوله تعاىل‪{ :‬وَ ُح ِرمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِ مَا ُدمْتُمْ‬
‫ُحرُماً} [سورة املائدة‪ ،‬اآلية‪.]36:‬‬
‫السابع‪ :‬عقد النكاح‪ ،‬فال يتزوج احملرم وال يزوج غريه بوالية وال وكالة؛ حلديث عثمان ‪ ‬مرفوعاً‪:‬‬
‫ال يَنكح احملرم وال يُنكَحُ وال خيطب" رواه مسلم‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬اجلماع يف الفرج؛ لقوله تعاىل‪{ :‬فَمَنْ َفرَضَ فِي ِهنَ اْلحَجَ فَال َرَفثَ} [سورة البقرة‪،‬‬
‫اآلية‪ .]338:‬قال ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬هو اجلماع‪ ،‬بدليل قوله تعاىل‪{ :‬أُ ِحلَ لَكُمْ لَيْلَةَ‬
‫الصِيَامِ ال َرَفثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ .]378:‬يعين اجلماع‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬املباشرة فيما دون الفرج لشهوة بوطء أو بقبلة أو ملس وكذا نظرة لشهوة؛ ألنه وسيلة إىل‬
‫الوطء احملرم فكان حراماً‪.‬‬
‫واملرأة كالرجل يف ذلك وختالفه يف أشياء‪ ،‬فاملرأة إحرامها يف وجهها فيحرم عليها تغطيته بربقع أو‬
‫نقاب أو غريه‪ ،‬وحيرم عليها لبس قفازين حلديث ابن عمر –رضي اهلل عنهما‪ -‬مرفوعاً وفيه‪" :‬وال‬
‫تنتقب املرأة احملرمة وال تلبس القفازين" رواه البخاري‪ .‬وقال ابن عمر –رضي اهلل عنهما‪" :-‬إحرام‬
‫املرأة يف وجهها" رواه البيهقي بإسناد جيد‪ .‬وملا روي عن عائشة –رضي اهلل عنها‪ -‬أهنا قالت‪" :‬كان‬
‫الركبان ميرون بنا وحنن مع رسول اهلل ‪ ‬حمرمات‪ ،‬فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلباهبا من رأسها‬
‫على وجهها‪ ،‬فإذا جاوزنا كشفناه" رواه أبو داود وابن ماجه وأمحد وسنده حسن‪.‬‬
‫وحيرم عليها ماحيرم على الرجل من إزالة الشعر وتقليم األظفار وقتل الصيد وحنوها لدخوهلا يف عموم‬
‫اخلطاب‪ ،‬إال لبس املخيط واخلفني وتغطية رأسها‪.‬‬
‫الركن الثاين‪ :‬الوقوف بعرفة؛ لقوله ‪" ‬احلج عرفة" رواه أمحد وأصحاب السنن‪.‬‬
‫الركن الثالث‪ :‬طواف اإلفاضة لقوله تعاىل‪{ :‬وَلَْيطَ َوفُوا بِالْبَْيتِ اْلعَتِيقِ} [سورة احلج‪ ،‬اآلية‪.]63:‬‬
‫►‬ ‫‪49‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫الركن الرابع‪ :‬السعي؛ لقوله ‪" ‬اسعوا فإن اهلل كتب عليكم السعي" رواه اإلمام أمحد والبيهقي‪.‬‬

‫‪ .6‬واجباته‪ :‬واجبات احلج سبعة‪:‬‬


‫اإلحرام من امليقات‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الوقوف بعرفة إىل غروب الشمس ملن وقف هناراً‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املبيت مبزدلفة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫املبيت مبىن ليايل أيام التشريق‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫رمي اجلمرات‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫احللق أو التقصري‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫طواف الوداع‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪ .7‬صفته‪:‬‬
‫يسن ملن أراد احلج أن يغتسل كما يغتسل للجنابة ويتطيب يف بدنه كرأسه وحليته ويلبس إزاراً ورداء‬
‫أبيضني واملرأة تلبس ما شاءت من الثياب بشرط أن ال تتربّج بزينة‪.‬‬
‫مث إذا تى امليقات صلى الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها فإن مل يكن وقت فريضة صـلى‬
‫ركعتني بنية سنة الوضوء ال بنية سنة اإلحرام؛ ألنه مل يثبت عن البين ‪ ‬أن لإلحرام سنة‪.‬‬
‫إذا فرغ من الصالة نوى الدخول يف النسك‪ ،‬فإن كان متمتعاً قال‪( :‬لبيك اللهم عمـرة) وإن كـان‬
‫مفرداً قال‪( :‬لبيك اللهم حجاً) وإن كان قارناً قال‪( :‬لبيك اللهم حجاً يف عمرة) يرفع الرجل صـوته‬
‫بذلك وختفيه املرأة ويسن له اإلكثار من التلبية‪.‬‬
‫►‬ ‫‪50‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫إذا وصل مكة ابتدأ بالطواف ويبدأ من احلجر األسود وجيعل البيت عن يساره‪ ،‬ويقصد احلجر األسود‬
‫فيقبله أو يستلمه أي ميسه بيده اليمىن إن تيسر بدون مزامحة وإال أشار إليه وكبّر‪ ،‬ويقول‪( :‬اللهم إمياناً‬
‫بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك وإتباعاً لسنة نبيك ‪ ،‬ويطوف سبعاً‪ ،‬وإذا مر بالركن اليمـاين‬
‫استلمه بدون تقبيل‪.‬‬
‫ومن سنن الطواف الرمل ‪-‬وهو اإلسراع يف اخلطا مع تقارهبا‪ -‬للرجل يف األشواط الثالثـة األوىل يف‬
‫طواف القدوم حلديث ابن عمر املتفق عليه كان رسول اهلل ‪ ‬إذا طاف الطواف األول خب ثالثـاً‬
‫ومشى أربعاً‪.‬‬
‫ومن سنن الطواف االضطباع –وهو أن جيعل رداءه حتت إبطه اليمىن‪ ،‬وخيالف بني طرفيه فوق كتفه‬
‫اليسرى حلديث ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪" :-‬اضطبع رسول اهلل ‪ ‬هو وأصحابه ورملوا ثالثـة‬
‫أشواط"‪ .‬واالضطباع سنة يف أشواط الطواف السبعة فقط وليس سنة قبله وال بعده‪.‬‬
‫ويدعو يف طوافه مبا أحبّ خبشوع وحضور قلب ويقول بني الركن اليماين واحلجر األسود‪{( :‬رَبَنَـا‬
‫آتِنَا فِي الدُنْيَا حَسَنَةً َوفِي الْآ ِخرَةِ حَسَنَةً َوقِنَا عَذَابَ النَارِ}) [سورة البقرة‪ ،‬اآليـة‪ .]643:‬والتقييـد‬
‫بدعاء معني لكل شوط ليس له أصل من سنة رسول اهلل ‪ ‬وإمنا هو بدعة‪.‬‬
‫والطواف ثالثة أنواع‪ :‬اإلفاضة‪ ،‬والقدوم‪ ،‬والوداع‪ .‬واألول ركن‪ ،‬والثاين سنة والثالث واجب علـى‬
‫الراجح‪.‬‬
‫إذا انتهى من الطواف صلى ركعتني خلف مقام إبراهيم ولو بعد عنه يقرأ يف األوىل {ُقلْ يَـا أَيُهَـا‬
‫الْكَاِفرُونَ} ويف الثانية {ُقلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ} ويسن ختفيف هاتني الركعتني كما جاءت به السنة‪.‬‬
‫مث يسعى بني الصفا واملروة سبعة أشواط‪ ،‬يبدأ بالصفا وخيتم باملروة‪ .‬والسنة أن يقرأ إذا أقبـل علـى‬
‫صفَا وَالْ َمرْوَةَ ِمنْ َشعَاِئرِ اللَهِ فَ َمنْ حَجَ الْبَْيتَ أَوِ اعْتَ َمرَ فَال جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ َيطَوَفَ بِهِمَـا‬
‫الصفا {إِنَ ال َ‬
‫َو َمنْ َتطَوَعَ خَيْراً فَإِنَ اللَهَ شَا ِكرٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ .]357:‬أبدأ مبا بدأ اهلل به‪.‬‬
‫►‬ ‫‪51‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫مث يرقى على الصفا ويستقبل القبلة رافعاً يديه فيوحد اهلل ويكربه وحيمده‪ ،‬ويقـول‪( :‬اهلل أكـرب‪ ،‬اهلل‬
‫أكرب‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك وله احلمد حيي ومييت وهو على كل شيء‬
‫قدير‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده أجنز وعده ونصر عبده وهزم األحزاب وحده) مث يدعو مبا شاء من خـريي‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬ويكرر هذا الدعاء ثالث مرات‪.‬‬
‫مث يزنل متجهاً إىل املروة‪ ،‬ويسن للرجل أن يسعى بني العلمني األخضرين سعياً شديداً‪ ،‬إن تيسر له ومل‬
‫يؤذ أحداً‪ ،‬فإذا وصل املروة صعد عليها واستقبل القبلة ورفع يديه وقال مثل ما قال على الصفا‪.‬‬
‫وإن دعا يف السعي بقوله‪( :‬رب اغفر وارحم إنك أنت األعز األكرم) فال بأس لثبوت ذلك عن ابن‬
‫عمر وابن مسعود –رضي اهلل عنهم‪.-‬‬
‫ويستحبّ أن يكون متطهراً‪ ،‬ولو سعى على غري طهارة أجزأه ذلك‪ ،‬ولو سعت احلائض أجزأها‪ ،‬ألن‬
‫الطهارة ليست شرطاً يف السعي‪.‬‬
‫فإذا أمت سعيه قصر من شعر رأسه إن كان متمتعاً‪ ،‬ويعمه بالتقصري‪ ،‬واملرأة تقصر منه قدر أمنلة –وهو‬
‫رأس اإلصبع‪ ،-‬وإن كان قارناً أو مفرداً بقي على إحرامه حىت حيل يوم النحر بعد رمي مجرة العقبة‪.‬‬
‫فإذا كان اليوم الثامن من ذي احلجة "يوم التروية" أحرم املتمتع باحلج ضحىً من مسكنه وكذلك من‬
‫أراد احلج من أهل مكة‪ ،‬يفعل عند إحرام ما فعله من االغتسال والتنظيف وغريمهـا‪ ،‬وال يسـن أن‬
‫يذهب إىل املسجد احلرام لإلحرام‪ ،‬ألن ذلك مل يرد عن النيب ‪ ‬وال أمر به أصحابه فيما نعلم‪ ،‬ففـي‬
‫الصحيحني من حديث جابر بن عبد اهلل –رضي اهلل عنه‪ -‬أن النيب ‪ ‬قال هلم‪" :‬أقيموا حالالً حىت إذا‬
‫كان يوم التروية فأهلوا باحلج‪ "...‬احلديث‪ ،‬وملسلم عنه –رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬أمرنا رسول اهلل ‪ ‬ملا‬
‫أهللنا أن حنرم إذا توجهنا إىل مىن فأهللنا من األبطح"‪ .‬ويقول املتمتع عند إهالله‪( :‬لبيك حجاً)‪.‬‬
‫ويستحب أن خيرج إىل مىن فيصلي هبا الظهر والعصر واملغرب والعشاء قصراً من غري مجع‪ ،‬ويستحب‬
‫له أن يبيت فيها ليلة عرفة‪ ،‬حلديث جابر عند مسلم‪.‬‬
‫►‬ ‫‪52‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫إذا طلعت مشس يوم عرفة (التاسع من ذي احلجة) سار إىل عرفة واستحب له الزنول بنمرة إىل الزوال‬
‫إن تيسر له ذلك لفعله ‪ ،‬وإن مل يتيسر فال حرج عليه أن يزنل بعرفة‪ ،‬ويصلي –بعد زوال الشمس‪-‬‬
‫الظهر والعصر ركعتني ركعتني جيمع بينهما‪ .‬مث يزنل إىل املوقف بعرفة‪ ،‬واألفضل أن جيعل جبل الرمحة‬
‫بينه وبني القبلة إن تيسر له ذلك‪ ،‬وإال استقبل القبلة وإن مل يستقبل اجلبل‪ ،‬ويستحب التفرغ لذكر اهلل‬
‫واالجتهاد يف الضراعة والدعاء وقراءة القرآن رافعاً يديه حلديث أسامة رضي اهلل عنه قـال‪ :‬كنـت‬
‫رديف النيب ‪ ‬بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول خطامها بإحدى يديه‬
‫وهو رافع يده األخرى" رواه النسائي‪ .‬ويف صحيح مسلم‪" :‬مل يزل واقفاً يدعو حىت غابت الشـمس‬
‫وذهبت الصفرة"‪.‬‬
‫والدعاء يوم عرفة خري الدعاء‪ .‬قال النيب ‪" :‬خري الدعاء دعاء يوم عرفة‪ ،‬وخري ما قلت أنا والنبيون‬
‫من قبلي‪( :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له له امللك وله احلمد وهو على كل شـيء قـدير)" رواه‬
‫مسلم‪ .‬وعليه أن يظهر االفتقار واحلاجة واالنكسار هلل‪ ،‬وال يفوِت هذه الفرصة العظيمة‪ ،‬قال ‪" :‬ما‬
‫من يوم أكثر من أن يعتق اهلل فيه عبداً من النار من يوم عرفة‪ ،‬وإنه ليدنو مث يباهي هبم املالئكة‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫ما أراد هؤالء" رواه مسلم‪.‬‬
‫والوقوف بعرفة ركن‪ ،‬والواجب الوقوف إىل غروب الشمس‪ ،‬والواجب على احلاج أن يتأكد مـن‬
‫حدود عرفة‪ ،‬فإن كثرياً من احلجاج يتساهلون فيقفون خارجها وهؤالء ال حج هلم‪.‬‬
‫فإذا غربت الشمس سار إىل مزدلفة بسكينة ووقار لقوله عليه الصالة والسالم‪" :‬أيها الناس السـكينة‬
‫السكينة" رواه مسلم‪ .‬فإذا وصلها صلى هبا املغرب والعشاء فيصلي املغرب ثالثاً والعشاء ركعتني مجع‬
‫تأخري‪ ،‬والسنة للحاج أال يصليها إال هبا اقتداء برسول اهلل ‪ ‬إال إذا خاف خروج وقـت العشـاء‬
‫صالمها يف أي مكان‪.‬‬
‫►‬ ‫‪53‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫ويبيت مبزدلفة وال حيي الليل بصالة وال غريها ألن النيب ‪ ‬مل يفعل ذلك؛ ملا رواه مسلم من حديث‬
‫جابر بن عبد اهلل ‪ --‬أن النيب ‪ ‬أتى املزدلفة فصلى هبا املغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتني ومل‬
‫يسبح بينهما شيئاً مث اضطجع حىت طلع الفجر"‪.‬‬
‫وجيوز ألهل األعذار والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة إىل مىن بعد منتصف الليل ومغيب القمر لرمـي‬
‫مجرة العقبة‪ ،‬وأما من ليس ضعيفاً وال تابعاً لضعيف فإنه يبقى مبزدلفة حىت يطلع الفجر‪ .‬ومـا يفعلـه‬
‫كثري من الناس اليوم من املسابقة إىل الرمي يف أول الليل ألجل الراحة خمالف هلدي النيب ‪.‬‬
‫وإذا صلى احلاج الفجر مبزدلفة وقف عند املشعر احلرام واستقبل القبلة ويدعو اهلل ويكثر من الـدعاء‬
‫ويرفع يديه حىت يسفر جداً‪ ،‬وحيثما وقف من مزدلفة أجزأه ذلك؛ لقول ‪" :‬وقفت ها هنا ومجـع‬
‫كلها موقف" رواه مسلم‪ .‬و"مجع" هي مزدلفة‪.‬‬
‫مث ينصرف احلجاج إىل مىن قبل طلوع الشمس يوم النحر فريمون مجرة العقبة ‪-‬وهي اجلمرة الكربى‬
‫اليت تلي مكة‪ -‬بسبع حصيات‪ ،‬كل حصاة أكرب من احلمص قليال‪ ،‬وأمجع العلماء على أنه جيوز رميها‬
‫من كل مكان‪ ،‬واألفضل أن جيعل الكعبة عن يساره ومن عن ميينه‪ ،‬حلديث ابن مسعود رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫"أنه انتهى إىل اجلمرة الكربى فجعل البيت عن يساره ومىن عن ميينه ورمى بسبع‪ ،‬وقال‪ :‬هكذا رمى‬
‫الذي أنزل عليه سورة البقرة" متفق عليه‪ .‬وال جيوز الرمي حبصاة كبرية وال باخلفـاف وال بالنعـال‪.‬‬
‫ويقطع احلاج التلبية عند رميه مجرة العقبة‪.‬‬
‫والسنة أن يُقدِم احلاج الرمي‪ ،‬مث النحر بذبح اهلدي إن كان متمتعاً أو قارناً‪ ،‬مث احللـق أو التقصـري‪،‬‬
‫واحللق أفضل للرجل؛ ألن النيب ‪ ‬دعا بالرمحة واملغفرة للمحلقني ثالث مرات وللمقصـرين مـرة‬
‫واحدة كما رواه البخاري ومسلم‪ .‬مث يذهب احلاج إىل البيت ليطوف طواف اإلفاضة‪.‬‬
‫►‬ ‫‪54‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫وهذا هو السنة حلديث جابر بن عبد اهلل ‪ ‬الذي رواه مسلم وفيه‪" :‬أن النيب ‪ ‬أتى اجلمرة اليت عند‬
‫الشجرة فرماها بسبع حصيات يكرب مع كل حصاة منها‪ ،‬مثل حصي احلذف‪ ،‬رمى من بطن الوادي مث‬
‫انصرف إىل املنحر فنحر مث ركب رسول اهلل ‪ ‬فأفاض إىل البيت فصلى مبكة الظهر"‪.‬‬
‫ومن قدّم بعض هذه األنساك األربعة على بعض ال شيء عليه‪ ،‬ملا رواه الشيخان من حديث عبـد اهلل‬
‫بن عمرو ‪ ‬يف حجة الوداع‪ :‬وقف رسول اهلل ‪ ‬والناس يسألونه‪ ،‬قال‪" :‬فما سئل رسـول اهلل ‪‬‬
‫يومئذ عن شيء قُدِم أو أُخِر إال قال‪" :‬افعل وال حرج"‪.‬‬
‫وإذا طاف احلاج بالبيت فإن كان متمتعاً أتى بالسعي بعد الطواف ألن سعيه األول كان للعمرة فيلزمه‬
‫السعي للحج‪ ،‬وإن كان مفرداً أو مقارناً فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم مل يعد السـعي مـرة‬
‫أخرى‪ ،‬لقول جابر ‪" :‬مل يطف النيب ‪ ‬وال أصحابه بني الصفا واملروة إال طوافاً واحـداً طوافـه‬
‫األول" رواه مسلم‪.‬‬
‫تعد أيام التشريق (احلادي عشر والثاين عشر والثالث عشر من ذي احلجة) أيام رمي ملن مل يتعجـل‪،‬‬
‫وأما من تعجل فريمي يومي احلادي عشر والثاين عشر لقوله تعاىل‪{ :‬وَا ْذ ُكرُوا اللَهَ فِي أَيَامٍ َمعْدُودَاتٍ‬
‫جلَ فِي يَ ْومَْينِ فَال إِثْمَ عَلَيْهِ َو َمنْ تَأَ َخرَ فَال إِثْمَ عَلَيْهِ لِ َمنِ اَتقَى} [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]641:‬‬
‫فَ َمنْ َت َع َ‬
‫ويبتدئ احلاج برمي اجلمرة األوىل (الصغرى) –وهي اليت تلي مسجد اخليف‪ -‬بسبع حصـيات‪ ،‬مث‬
‫الوسطى بسبع حصيات‪ ،‬مث مجرة العقبة بسبع حصيات‪ ،‬يكرب مع كل حصاة‪ ،‬والسنة أن يعقب بعـد‬
‫اجلمرة األوىل (الصغرى) مستقبل القبلة وجيعلها عن يساره ويدعو طويال‪ ،‬ويقف بعد اجلمرة الثانيـة‬
‫مستقبل القبلة وجيعلها عن ميينه ويدعو طويال‪ ،‬أما مجرة العقبة فال يقف بعدها‪.‬‬
‫ويبتدئ وقت الرمي بعد الزوال حلديث ابن عمر –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪" :‬كنا نتحيّن فإذا زالـت‬
‫الشمس رمينا" رواه البخاري‪.‬‬
‫►‬ ‫‪55‬‬ ‫◄‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أركان اإلسالم‬

‫وأمجع العلماء على أن آخر وقت الرمي يف أيام التشريق هو غروب مشس اليوم الثالث عشر مـن ذي‬
‫احلجة‪ .‬ومن غربت عليه مشس ذلك اليوم ومل يرم ال يرمي بعد ذلك وإمنا عليه دم‪.‬‬
‫يبيت احلاج مبىن ليايل التشريق‪ ،‬احلادي عشر والثاين عشر‪ ،‬وإن غربت عليه الشمس من اليوم الثـاين‬
‫عشر ومل خيرج من مىن لزمه التأخري مبىن واملبيت هبا ورمي اجلمار يف اليوم الثالث عشر‪.‬‬
‫إذا أراد احلاج اخلروج من مكة فال خيرج حىت يطوف طواف الوداع‪ ،‬إذ هو من واجبات احلج عنـد‬
‫مجهور أهل العلم‪ ،‬إال أنه يسقط عن احلائض حلديث ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫اهلل ‪" :‬ال تنفرَنَ أحدٌ حىت يكون آخر عهده بالبيت" ويف رواية‪" :‬إال أنه خفف عن املرأة احلائض"‬
‫رواه مالك وأصله يف صحيح مسلم‪.‬‬
‫وأكثر العلماء على أن طواف اإلفاضة يكفي عن الوداع ملن أخره إىل وقت سفره‪.‬‬
‫يستحب ملن رجع من احلج أن يقول ما رواه البخاري عن ابن عمر –رضي اهلل عنهما‪ -‬أن النيب ‪‬‬
‫كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكرب على شرف من األرض مث يقول‪" :‬ال إله إال اهلل وحده ال‬
‫شريك له‪ ،‬له امللك‪ ،‬وله احلمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ ،‬آيبون تائبون عابدون لربنـا حامـدون‪،‬‬
‫صدق اهلل وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وهزم األحزاب وحده"‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

You might also like