You are on page 1of 11

‫‪5‬‬ ‫أن ـواع الش ـرك‬

‫أنواع الشرك‬

‫احلمد هلل رب العادلُت‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل خامت‬


‫النبيُت‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله إىل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن معركة التوحيد مع الشرك قددية منذ زمن نوح ‪‬‬
‫حينما دعا قومو إىل عبادة اهلل وحده‪ ،‬وترك عبادة األصنام؛ مث جاءت‬
‫الرسل من بعد ن وح يدعون قومهم إىل عبادة اهلل وحده‪ ،‬وترك ما‬
‫يعبدون من دونو من اآلذلة اليت ال تستحق العبادة‪ ،‬وظل األمر كذلك‬
‫حىت جاء نيب اذلدى ‪ ‬الذي كان يُعرف عند العرب قبل البعثة بـ‬
‫(الصادق األمُت)‪ ،‬فدعاىم إىل عبادة اهلل وتوحيده؛ فقالوا‪( :‬ساحر‬
‫كذاب) ‪.‬‬
‫ىذا ىو موقف الرسل مج ًيعا من الدعوة إىل التوحيد ونبذ الشرك‪،‬‬
‫وىذا ىو موقف أقوامهم منهم‪ ،‬وىكذا احلال مع من سار على‬
‫ىديهم‪.‬‬
‫ودلا كان الشرك ىو أعظم داء يُبتلى اإلنسان بو‪ ،‬وىو عكس‬
‫مٍت إىل من يراىا‬
‫التوحيد؛ فقد شرعت يف كتابة ىذه الرسالة نصيحة ي‬
‫من ادلسلمُت حىت يعرفوا الشرك ليجتنبوه؛ حيث يقول ربنا عز وجل‪:‬‬
‫ك لِ َم ْن يَ َ‬
‫شاءُ َوَم ْن‬ ‫‪‬إِ َّن اللَّ َو ََل يَـ ْغ ِف ُر أَ ْن يُ ْش َر َك بِ ِو َويَـ ْغ ِف ُر َما ُدو َن َذلِ َ‬
‫يُ ْش ِر ْك بِاللَّ ِو فَـ َق ِد افْـتَـ َرى إِثْ ًما َع ِظ ًيما‪[ ‬النساء‪ ،]48 :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّار َوَما‬ ‫‪‬إِنَّوُ َم ْن يُ ْش ِر ْك بِاللَّو فَـ َق ْد َح َّرَم اللَّ ُو َعلَ ْيو ال َ‬
‫ْجنَّةَ َوَمأ َْواهُ الن ُ‬
‫صا ٍر‪[ ‬ادلائدة‪.]72 :‬‬ ‫لِلظَّالِ ِم ِ‬
‫ين م ْن أَنْ َ‬ ‫َ‬
‫والشرك – أخي ادلسلم – ىو أعظم ذنب عصي اهلل بو؛ ولذا‬
‫َّ ِ‬
‫فإن من مات عليو ُخليد يف نار جهنم‪ .‬قال تعاىل‪ :‬إِ َّن الذ َ‬
‫ين َك َف ُروا‬
‫أن ـواع الش ـرك‬ ‫‪6‬‬

‫ين فِ َيها أُولَئِ َ‬ ‫اب والْم ْش ِركِين فِي نَا ِر جهن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ُى ْم‬ ‫َّم َخالد َ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫م ْن أَ ْى ِل الْكتَ ِ َ ُ‬
‫َش ُّر الْبَ ِريَِّة‪[ ‬البينة‪.]6 :‬‬
‫تعريف الشرك‪ :‬ىو االعتقاد بأن هلل شري ًكا يف ذاتو‪ ،‬أو يف‬
‫صفاتو‪ ،‬أو يف أُلوىيتو‪ ،‬أو يف عبادتو‪ ،‬أو يف ملكو‪ .‬ولذا يكون الشرك‬
‫دتاما كما أن الكفر ضد اإلديان‪.‬‬
‫ضد التوحيد ً‬

‫أنواع الشرك‬

‫ندا يعبده كعبادتو ويطيعو‬ ‫أوَلً‪ -‬الشرك األكبر‪ :‬ىو أن جيعل هلل ً‬
‫كطاعتو؛ فادلراد بو ىنا الشرك مبعناه اخلاص‪ ،‬وىو النوع الذي يوجب‬
‫اخللود يف النار‪ ،‬واخلروج عن ملة اإلسالم‪.‬‬
‫ومن أنواعو والعياذ باهلل‪:‬‬
‫‪ -1‬شرك الدعاء‪ :‬وىو دعاء غَت اهلل من األنبياء واألولياء‪،‬‬
‫ع ِم ْن‬
‫لطلب رزق أو شفاء مرض أو غَت ذلك لقولو تعاىل‪َ  :‬وََل تَ ْد ُ‬
‫ِِ‬ ‫ْت فَِإنَّ َ ِ‬ ‫ون اللَّ ِو َما ََل يَـ ْنـ َف ُع َ‬
‫ُد ِ‬
‫ك إِذًا م َن الظَّالم َ‬
‫ين‪‬‬ ‫ض ُّر َك فَِإ ْن فَـ َعل َ‬
‫ك َوََل يَ ُ‬
‫[يونس‪ ،]106 :‬والظادلُت‪ :‬ادلشركُت‪.‬‬
‫‪ -2‬شرك النية وإرادة القصد‪ :‬ىو أن ينوي ويريد ويقصد العبد‬
‫بعملو مجلةً وتفصيالً غَت اهلل‪ ،‬وىو شرك يف االعتقاد؛ لقولو تعاىل‪:‬‬
‫ف إِلَْي ِه ْم أَ ْع َمالَ ُه ْم فِ َيها َو ُى ْم‬‫الدنْـيَا َوِزينَتَـ َها نُـ َو ِّ‬ ‫‪َ ‬م ْن َكا َن يُ ِري ُد ال َ‬
‫ْحيَاةَ ُّ‬
‫َّار َو َحبِ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِيها ََل يـب َخسو َن * أُولَئِ َ َّ ِ‬
‫ط‬ ‫س لَ ُه ْم في ْاْلَخ َرة إََِّل الن ُ‬ ‫ين لَْي َ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫صنَـ ُعوا فِ َيها َوبَاط ٌل َما َكانُوا يَـ ْع َملُو َن‪[ ‬ىود‪.]16 ،15 :‬‬ ‫ِ‬
‫َما َ‬
‫‪ -3‬شرك المحبة‪ :‬وذلك بأن حيب مع اهلل غَته كمحبتو هلل أو‬
‫أشد أو أقل‪ .‬وألن احملبة مستلزمة لغاية الذل واخلضوع؛ كما قال‬
‫‪7‬‬ ‫أن ـواع الش ـرك‬

‫ادا يُ ِحبُّونَـ ُه ْم َك ُح ِّ‬ ‫َّخ ُذ ِمن ُد ِ‬


‫ون اللَّ ِو أَنْ َد ً‬ ‫َّاس من يـت ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ْ‬ ‫تعاىل‪َ  :‬وم َن الن ِ َ ْ َ‬
‫ين آ ََمنُوا أَ َش ُّد ُحبِّا لِلَّ ِو‪[ ‬البقرة‪.]165 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫اللَّو َوالذ َ‬
‫‪ -4‬شرك الطاعة‪ :‬ىو مساواة غَت اهلل باهلل يف تشريع احلكم‪ ،‬إذ‬
‫ْم إََِّل لِلَّ ِو‪ ‬ومثل ذلك‬ ‫ْحك ُ‬
‫ِ‬
‫احلكم ىو حق من حقوقو تعاىل‪ :‬إِن ال ُ‬
‫الذين يطيعون علماءىم ومشاخيهم يف ادلعصية مع استحالل ذلك‪،‬‬
‫ون اللَّ ِو‪[ ‬التوبة‪:‬‬ ‫َحبارُىم ورْىبانَـ ُهم أَربابا ِمن ُد ِ‬
‫قال تعاىل‪ :‬اتَّ َخ ُذوا أ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ َْ ً ْ‬
‫‪ ،]31‬وقد فسرىا النيب ‪ ‬يف حديث عدي بن حامت يف «سنن‬
‫الًتمذي»‪ :‬بطاعتهم يف حتليل احلرام وحترمي احلالل‪ .‬فمن ادعى أن‬
‫ألحد حق التشريع فقد كفر مبا أُنزل من عند اهلل‪ .‬قال تعاىل‪َ  :‬وَم ْن‬
‫ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َن‪[ ‬ادلائدة‪ ،]44 :‬فال‬ ‫لَ ْم يَ ْح ُك ْم بِ َما أَنْـ َز َل اللَّوُ فَأُولَئِ َ‬
‫أمر وال هني إال هلل وحده‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬أَََل لَ ُو الْ َخل ُ‬
‫ْق َو ْاأل َْم ُر‪‬‬
‫[األعراف‪ ]54 :‬وأشار إىل ذلك بقولو‪ :‬أَََل لَوُ‪ ‬وعليو فال جيوز‬
‫نسبتو لغَته‪ ،‬ومن نسبو لغَته كان مشرًكا باهلل الشرك األكرب ادلخرج‬
‫من ملة اإلسالم‪.‬‬
‫وكما أنو تعاىل ىو خالق اخللق ومربيهم بالنعم فهو صاحب احلق‬
‫يف أن حيكم يف مجيع تصرفاهتم‪ ،‬والصانع أعلم مبا يصلح صنعتو‪ ،‬وأما‬
‫غَته فإنو سللوق وىو أجهل من أن يعرف خفايا نفسو فضالً أن‬
‫مجيعا؛ فالتشريعات الوضعية باطلة وال جيوز التحاكم‬ ‫يصلح اخللق ً‬
‫اىلِيَّ ِة‬
‫إليها‪ ،‬فال شرع إال هلل وال حكم لسواه قال تعاىل‪ :‬أَفَحكْم الْج ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫ْما لَِق ْوٍم يُوقِنُو َن‪[ ‬ادلائدة‪.]50 :‬‬ ‫ِ‬ ‫يـبـغُو َن ومن أَح ِ‬
‫س ُن م َن اللَّو ُحك ً‬ ‫ََ ْ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫حكما بأحكام اجلاىلية‪ ،‬وأوضح سبحانو‬ ‫فجعل احلكم بغَت ما أنزل ً‬
‫وتعاىل أنو ال أفضل وال أجل من حكمو دلن آمن بو‪.‬‬
‫‪ -5‬شرك الحلول‪ :‬وىو االعتقاد بأن اهلل حل يف سللوقات‪،‬‬
‫أن ـواع الش ـرك‬ ‫‪8‬‬

‫وىذه عقيدة ابن عريب الصويف ومن تبعو يف ضاللتو‪ .‬ومن أقواذلم‬
‫قاتلهم اهلل‪:‬‬
‫ـب ف ــي كنيس ــة‬ ‫ومــا الكلــب والخنزيــر إَل إلهنــا وم ــا اال إَل راى ـ ٌ‬
‫‪ -6‬شرك التصرف‪ :‬ىو االعتقاد بقدرة األنبياء والصاحلُت‬
‫واألولياء على التصرف يف الكون‪ .‬وليس ىناك ما دينع من أن نذكر‬
‫الصاحلُت والرسل مبا يستحقونو من فضائل‪ ،‬ولكن احملظور ىو أن‬
‫صلعل ذلم شيئًا من حقوق اهلل اخلاصة بو‪ ،‬من القدرة والتصرف والضر‬
‫والنفع مع اهلل تعاىل‪ .‬وىذه من الشرك يف الربوبية‪ ،‬وحىت كفار قريش‬
‫سيَـ ُقولُو َن اللَّ ُو‪‬‬‫مل يقعوا هبذا الشرك‪ .‬قال تعاىل‪َ  :‬وَم ْن يُ َدبِّـ ُر ْاأل َْم َر فَ َ‬
‫[يونس‪.]31 :‬‬
‫‪ -7‬شرك الخوف‪ :‬ىو االعتقاد بأن غَت اهلل تعاىل يضر وينفع‪،‬‬
‫أو التسوية بُت اهلل تعاىل وغَته يف اخلشية‪ ،‬كاخلوف من تصرف بعض‬
‫األموات يف األحياء‪ ،‬أو خوف عملي يؤدي إىل ترك الواجبات‪ .‬أما‬
‫اخلوف الطبيعي‪ :‬كاخلوف من احليوان ادلفًتس والظامل وغَتىا فجائز‬
‫شرعا‪ .‬وقد وصف اهلل نبيو موسى ‪ ‬باخلوف فقال‪ :‬فَ َخ َر َج ِم ْنـ َها‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫ب‪[ ‬القصص‪.]21 :‬‬ ‫َخائ ًفا يَـتَـ َرقَّ ُ‬
‫وعكس ىذا اخلوف‪ :‬ىو خوف الواجب‪ ،‬وىو اخلوف من اهلل‬
‫غاية اخلوف ومنتهاه‪.‬‬
‫‪ -8‬شرك التوكل‪ :‬والتوكل ىو تفويض األمر إىل اهلل واالعتماد‬
‫ْح ِّي الَّ ِذي ََل‬ ‫عليو يف حتصيل ادلطالب‪ .‬قال تعاىل‪َ  :‬وتَـ َوَّك ْل َعلَى ال َ‬
‫وت‪[ ‬الفرقان‪ ]58 :‬هبذا ال جيوز أن يكون التوكل على غَت اهلل‪.‬‬ ‫يَ ُم ُ‬
‫ومن التوكل الشركي‪ :‬االعتماد بالقلب على غَت اهلل فيما ال يقدر عليو‬
‫إال اهلل‪ ،‬أو االعتقاد بأن ادلخلوق ديكن لو أن يرزق ادلخلوق‪ ،‬أو أن‬
‫‪9‬‬ ‫أن ـواع الش ـرك‬

‫دينع عنو الرزق‪.‬‬


‫وقبل أن ننتقل من الكالم عن الشرك األكرب جيب أن تعلم بأن‬
‫جدا يقول هبا القائل وىو ال يعلم أنو‬ ‫ىناك بعض األمور وىي خطَتة ً‬
‫يشرك باهلل‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬نسبة الشفاء للطبيب أو الدواء‪.‬‬
‫‪ -2‬نسبة التوفيق يف الدين أو الدنيا إيل ذكاء العبد أو تعبو‬
‫واجتهاده‪.‬‬
‫‪ -3‬االعتقاد بأن للمخلوق حق سن القوانُت وتشريعها‪.‬‬
‫‪ -4‬االعتقاد بأن مسبب ادلوت حادثة السيارة أو خطأ يف‬
‫العالج ولوال ذلك ما حدث ادلوت‪ .‬وغَتىا من األمور الشركية‬
‫فلنحذر منها!‬
‫ثانيًا‪ -‬الشرك األصغر‪ :‬وىو ال خيرج صاحبو من ادللة‪ ،‬وال ينايف‬
‫أصل التوحيد ولكنو ينايف كمالو‪ .‬والشرك األصغر ىو‪ :‬كل وسيلة إىل‬
‫الشرك األكرب‪ ،‬وىو من أكرب الكبائر‪ ،‬ولو أنواع كثَتة‪ ،‬وديكن حصرىا‬
‫حبسب زللها فيما يلي‪:‬‬
‫قويل‪ :‬وىو ما كان باللسان‪ :‬كاحللف بغَت اهلل‪ ،‬وقول «ما شاء‬ ‫* ّ‬
‫اهلل وشئت»‪ ،‬وقول‪« :‬قاضي القضاة»‪ ،‬والتعبيد لغَت اهلل؛ كعبد النيب‬
‫تعظيما لغَت اهلل‪.‬‬
‫وعبد احلسُت وغَتىا‪ .‬فهذا يعترب ً‬
‫فعلي‪ :‬كالتطَت‪ :‬وىو امتناع ادلسلم عن فعل شيء بسبب‬ ‫* ّ‬
‫التشاؤم من شيء كان قد رآه أو مسعو؛ كالتشاؤم من بعض احليوانات‬
‫أو الطيور أو األيام‪ ،‬وكذلك إتيان الكاىن وتصديقو ‪،‬واالستعانة على‬
‫كشف السارق وضلوه بالعرافُت‪ ،‬ومنو تصديق ادلن يجمُت والرحالُت‬
‫وغَتىم من ادلشعوذين‪.‬‬
‫أن ـواع الش ـرك‬ ‫‪10‬‬

‫قليب‪ :‬كالرياء والسمعة وإرادة الدنيا ببعض األعمال‪.‬‬ ‫* ّ‬


‫والرياء أربعة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون قصده بالعمل ىو اجلزاء عليو يف الدنيا‪ ،‬وليس‬
‫طلب اآلخرة؛ فهذا يعطى نصيبو يف الدنيا وليس لو يف اآلخرة‬
‫نصيب‪ ،‬وىذا الشرك األكرب‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يقصد بعملو الناس؛ فهذا من الرياء باألعمال والسمعة‬
‫باألقوال‪ ،‬وىو شرك أصغر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يقصد بالعمل الصاحل ادلال‪ ،‬كأن حيج دلال يأخذه‪ ،‬أو‬
‫لزوجة يريدىا‪ ،‬أو جياىد من أجل الغنيمة‪ ،‬أو يتعلم من أجل‬
‫ادلنصب‪.‬‬
‫سللصا هلل فيو‪ ،‬لكنو قد وقع يف‬ ‫‪ -4‬أن يكون العمل الصاحل ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إفساده‪ ،‬كما قال تعاىل‪ :‬إِنَّ َما يَـتَـ َقبَّ ُل اللَّوُ م َن ال ُْمتَّق َ‬
‫ين‪[ ‬ادلائدة‪:‬‬
‫‪ ] 27‬فهذا ال ينفعو عملو يف اآلخرة‪ .‬فسبب فساد األعمال ىو‬
‫وجود الكفر والشرك اللذان يضدان اإلديان والتوحيد‪ ،‬فال إديان وال‬
‫توحيد إال بعمل خالص موافق دلا جاء بو الرسول ‪.‬‬
‫أن كل أنواع الشرك األصغر ديكن أن تنقلب‬ ‫واعلم أخي ادلسلم‪َّ :‬‬
‫إىل ش رك أكرب‪ ،‬وذلك إذا صحبها اعتقاد قليب وىو تعظيم غَت اهلل‬
‫كتعظيمو‪ ،‬واهلل ادلستعان‪.‬‬
‫ثالثًا‪ -‬الشرك الخفي‪ :‬وقد فسره ابن عباس رضي اهلل عنهما‬
‫بقول الرجل لصاحبو‪ :‬ما شاء اهلل وشئت‪ .‬ومثلو‪ :‬لوال اهلل وفالن‪.‬‬
‫والصحيح أن نقول‪( :‬لوال اهلل مث فالن‪ ،‬وما شاء اهلل مث شئت)‪،‬‬
‫وكذلك خطأ من يقول توكلت على اهلل وعليك‪ .‬والصحيح‪( :‬توكلت‬
‫على اهلل مث عليك)؛ ألن حرف الواو يساوي بُت اهلل والشخص وىذا‬
‫‪11‬‬ ‫أن ـواع الش ـرك‬

‫من الشرك‪ ،‬أما كلمة «مثَّ» فتفيد الًتتيب‪.‬‬


‫وكفارة الشرك األصغر واخلفي‪ :‬حديث النيب ‪« :‬اللهم إنا نعوذ‬
‫بك أن نشرك بك شيئًا نعلمو‪ ،‬ونستغفرك لما َل نعلمو» [صحيح‪:‬‬
‫والعزى‬
‫رواه أمحد]‪ .‬وقال ‪« :‬من حلف فقال في حلفو‪ :‬بالالت َّ‬
‫فليقل‪َ :‬ل إلو إَل اال‪ ،‬ومن قال لصاحبو‪ :‬تعالى أقامرك‬
‫فليتصدق» [متفق عليو]‪.‬‬
‫كشف األثرية عن بعض األعمال الشركية‬
‫أن األعمال الشركية ال حصر ذلا‪ ،‬رأيت أنو من الالزم كشف‬ ‫ومبا َّ‬
‫بعضها شلا ىو منتشر بُت الناس‪ ،‬وقد ختفى على كثَتىم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬السحر والشعوذة‪ :‬ىو عزائم ورقى وعقد تؤثر يف القلوب‬
‫واألبدان‪ ،‬فتمرض وتقتل وتفرق بُت ادلرء وزوجو‪ ،‬وحكم الساحر‪:‬‬
‫كافر خارج عن ملة اإلسالم‪ ،‬والسحر كفر سلرج من ملة اإلسالم‪.‬‬
‫والعياذ باهلل‪.‬‬
‫‪ -2‬الكهانة‪ :‬ىي طلب العلم بادلستقبل واإلخبار عما يف‬
‫الضمَت‪ ،‬فالكاىن مدع للعلم بالغيب‪ ،‬والغيب ال يعلمو إال اهلل‪.‬‬
‫كفرا أكرب الدعائو علم الغيب‪ ،‬ومن أتاه مصدقًا‬ ‫والكاىن كافر باهلل ً‬
‫كفرا أكرب‪.‬‬
‫كفر ً‬
‫أنو يعلم الغيب َ‬
‫‪ -3‬النشرة‪ :‬ىل حل السحر عن ادلسحور وىي نوعان‪ :‬األول‪:‬‬
‫حل السحر عن ادلسحور بسحر مثلو‪ ،‬وىو زلرم فهو كفر أصغر‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬حل السحر باألدعية والرقى ادلباحة من القرآن والسنة فهذا‬
‫جائز‪.‬‬
‫‪ -4‬التنجيم‪ :‬ىو االستدالل بالنجوم واألحوال الفلكية على‬
‫احلوادث األرضية‪ ،‬بأن جتعل أسبابًا مؤثرة ذلا؛ فإن اعتقد أهنا الفاعلة‬
‫أن ـواع الش ـرك‬ ‫‪12‬‬

‫رجا عن ملة اإلسالم؛ ألن احلكمة‬ ‫أو ادلؤثرة‪ ،‬فهو مشرك شرًكا أكرب سل ً‬
‫من خلق النجوم أهنا زينة للسماء الدنيا وعالمات يهتدي هبا ادلسافر‪،‬‬
‫ورجوم للشياطُت‪ ،‬كما أخربنا تعاىل يف كتابو الكرمي‪ .‬وإن اعتقد أهنا‬
‫مقارنة للحوادث األرضية ال تفارقها فهو مشرك شرًكا أصغر ينايف‬
‫كمال التوحيد‪.‬‬
‫‪ -5‬التمائم‪ :‬وىي ما يعلق على األعناق وغَتىا جللب نفع أو‬
‫دفع ضر‪ .‬سواء كانت من القرآن أو اخليوط أو اخلرز أو احلصى‬
‫وضلوىا‪.‬‬
‫والتمائم نوعان‪:‬‬
‫شرعا‪ ،‬فمن كان‬‫النوع األول‪ :‬ما كان من غَت القرآن‪ ،‬وىي زلرمة ً‬
‫يعتقد أهنا فاعلة أو مؤثرة فهو مشرك شرًكا أكَت‪ .‬وإمنا حرمت التمائم‬
‫دلا فيها من تعلق القلب بغَت اهلل والتوكل على غَته‪ ،‬وفتح باب‬
‫االعتقادات الفاسدة حول األشياء ادلؤدية إىل الشرك األكرب‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬ما كان من القرآن‪ :‬وقد اختلف فيو السلف على‬
‫حرمو‪ .‬واحلق فيما يظهر مع‬ ‫قولُت‪ :‬فمنهم من أجازه‪ ،‬ومنهم من َّ‬
‫احمليرم‪ ،‬لعموم األدلة يف تسمية التمائم شرًكا؛ فلم نفرق بُت ما كان من‬
‫القرآن وبُت ما كان من غَته‪ ،‬وإجازهتا فتح للباب أمام النوع ادلتفق‬
‫على حترديو‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪ -6‬الرقى‪ :‬مجع رقية‪ ،‬وىي العوذة اليت يرقى هبا ادلريض‪ ،‬فالرقية‬
‫ىي ما يقرأ على ادلريض سواء كانت من القرآن أو األدعية النبوية‪.‬‬
‫ومن شروط الرقية ادلباحة‪ :‬أن تكون باللسان العريب‪ ،‬ومفهومة ادلعٌت‪،‬‬
‫وأال تشتمل على شيء غَت مباح‪ ،‬كاالستعانة بغَت اهلل‪ ،‬وأن يعتمد‬
‫عليها‪ ،‬وجيب أن يعتقد أهنا ال تؤثر بذاهتا بل بإذن اهلل القدير‪ .‬فإن‬
‫‪13‬‬ ‫أن ـواع الش ـرك‬

‫اختل شرط من تلك الشروط فهي رقية زلرمة‬


‫‪ -7‬لبس الحلقة والخيط ونحوىا لرفع البالء أو دفعو‪ :‬الضر‬
‫والنفع بيد اهلل جل وعال؛ ألنو ىو القادر عليو دون سواه‪ ،‬ومن اعتقد‬
‫بأن شيئًا من ىذا يدفع الضر أو جيلب النفع فقد أشرك شرًكا أكرب‪،‬‬
‫وأما ما اعتقد مقارنتو وعدم انفكاكو عن النفع والضر فهو شرك‬
‫أصغر‪.‬‬
‫وأخيرا نقول‪ :‬إن مظاىر الشرك منتشرة يف العامل اإلسالمي –‬ ‫ً‬
‫واهلل ادلستعان – وىي السبب الرئيسي يف مصائب ادلسلمُت وما‬
‫يالقونو من الفنت واحملن والزالزل واحلروب وغَتىا من أنواع العذاب‬
‫اليت صبها اهلل على ادلسلمُت بسبب إعراضهم عن التوحيد وظهور‬
‫الشرك يف عقيدهتم وسلوكهم‪ ،‬والدليل على ذلك ما نراه يف أكثر بالد‬
‫ادلسلمُت من مظاىر الشرك ادلتنوعة اليت حيسبها الكثَت من ادلسلمُت‬
‫علما بأن اإلسالم جاء ليحطم‬ ‫من اإلسالم‪ ،‬ولذلك مل ينكروىا‪ً ،‬‬
‫مظاىر الشرك وادلظاىر اليت تؤدي إليو‪ ،‬ومن ىذه ادلظاىر‪ :‬دعاء غَت‬
‫اهلل تعاىل يف الشدائد والرخاء‪ ،‬ودفن األولياء والصاحلُت يف ادلساجد‪،‬‬
‫والنذر ذلم‪ ،‬والذبح عند قبورىم‪ ،‬والطواف حوذلم‪ ،‬والصالة على‬
‫قبورىم‪ ،‬وشد الرحال إىل قبورىم للتربك هبا‪ ،‬ومن أعظم الشرك الذي‬
‫ابتلي ادلسلمون بو يف ىذا القرن احلكم بغَت ما أنزل اهلل‪ ،‬كاحلكم‬
‫بالقوانُت الوضعية‪ ،‬والًتاضي بو وعدم إنكاره‪ ،‬والتعامل مع الربا باسم‬
‫الفائدة‪ ،‬وغَتىا من ادلظاىر الشركية‪.‬‬
‫نسأل اهلل تعاىل أن يطهر رلتمعاتنا من درك الشرك‪ .‬واحملرمات‬
‫ويهدي قومنا إىل سبيل الرشاد‪.‬‬
‫أن ـواع الش ـرك‬ ‫‪14‬‬

‫****‬

You might also like