You are on page 1of 39

‫ثانيًا‪ :‬العبادة في اإلسالم‬

‫• مفهومها‬
‫• أنواعها‬
‫• شروطها‬
‫• بناؤها على التيسير‬
‫مقارنة‬

‫• تنفيذ أوامر مع شعوره بألم المشقة مما يدفعه‬


‫طاعة العبد لسيده‬ ‫لكرهه لسيده وتمنيه زوال عبوديته ليتخلص‬
‫من هذه األوامر‬

‫• تنفيذ أوامره مع شعوره بالراحة والسعادة‬


‫طاعة العبد هلل ‪‬‬ ‫والحب هلل ‪ ‬الذي امره‬
‫مفهوم العبادة‬
‫• العبادة لغة‪:‬‬
‫• الطاعة والذل والخضوع‪ ،‬يقال‪” :‬تعبد فالن“ إذا تذلل وخضع‪ ،‬وهي التنسك‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ِ :‬إيَّا َك‬
‫نَ ْعبُ ُد َوِإيَّا َك نَ ْ‬
‫ستَ ِعينُ ‪ ‬الفاتحة ‪)04‬‬
‫• كما ورد في القرآن الكريم ما يفيد أن العبادة تعني‪ :‬الوالء‪ ،‬كما في قوله تعالى‪  :‬فَاد ُْخلِي فِي ِعبَا ِدي ‪،‬‬
‫أي‪ :‬في حزبي‪ ،‬وهو ما يفيد الوالء المطلق هلل تعالى‪ ،‬فالعبادة طاعة وتذلل وخضوع واستكانة ووالء‪.‬‬
‫• ويرى أبو األعلى المودودي استناداً إلى المفهوم اللغوي لمادة (عبد) أن مفهوم العبادة هو‪ :‬أن يذعن‬
‫المر ُء لعالء أحد وغلبته‪ ،‬ثم يتنازل له عن حريته واستقالله‪ ،‬ويترك إزاءه كل المقاومة والعصيان وينقاد‬
‫له انقياداً كامالً‪ ،‬وهذه هي حقيقة (العبدية) و(العبودية)‪ ،‬ولذلك فإن أول ما يتبادر إلى الذهن بمجرد سماع‬
‫تصو ر العبدية والعبودية‪ .‬ألن وظيفة العبد الحقيقية هي إطاعة سيده وامتثال‬
‫ُّ‬ ‫كلمة العبد والعبادة هو‬
‫أوامره وطاعته‪.‬‬
‫• العبادة اصطالحا ً‪:‬‬
‫• الشيخ السعدي في تفسيره‪ :‬اسم جامع لكل ما يحبه هللا ويرضاه من األقوال واألفعال الظاهرة والباطنة‪ ،‬وهو‬
‫تعريف شامل لجميع تصرفات اإلنسان وسلوكياته باعتبار أن كل فعل أو قول أو ترك يصدر من المكلف يصح أن‬
‫يكون عبادة بشرط استحضار النية وقصد الطاعة هلل تعالى‪ ،‬وأن يكون ذلك موافقا ً ألحكام الشرع‪.‬‬
‫• والمالحظ على هذا التعريف أنه لم يشر إلى عنصر مهم في العبادة وهو الحب والقناعة بالعمل الذي يقوم به‬
‫المكلف‪.‬‬
‫• شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى‪ :‬هي االستكانة والتذلل‪ ،‬وال يتحقق ذلك إال من خالل الحب‪ ،‬الذي يعني‬
‫القناعة والرضا بما يقدمه اإلنسان لربه من والء وطاعة‪ ،‬وهو ما يوضح الفرق بين التنفيذ والعبادة‪ ،‬فالطاعة‬
‫لوحدها من دون حب وال قناعة تنفيذ فقط وليس عبادة‪ ،‬أما الطاعة التي يرافقها الحب والرضا فهي العبادة‪ ،‬فقد‬
‫يُنفّذ اإلنسان أمراً وهو غير راغب فيه وغير مقتنع به لكنه ال يكون عابداً إال إذا نفذ وهو مقتنع ومحب وراض‬
‫عن سلوكه وتصرفاته‪.‬‬
‫• وفي هذا يرى ابن القيم رحمه هللا أنه ال تتم العبودية هلل إال بهذين األصلين "فمتى كان يُحب غير هللا لذاته أو‬
‫يلتفتُ إلى غير هللا بعينه‪ ،‬كان عبداً لما أحبه ورجاه بحسب حبه له ورجائه إياه‪.‬‬
‫• وبناء على ما تقدم فإن العبادة التي تعني امتثال أوامر هللا واجتناب نواهيه تنبني على أن مصدر تلقي‬
‫تلك األوامر المتعلقة بالعبادة هو الوحي والشرع‪ ،‬فليس ألحد غير هللا تعالى أن يشرع للعباد شعائر أو‬
‫ِّين َما لَ ْم يَْأ َذنْ بِ ِه هَّللا ُ َولَ ْواَل َكلِ َمةُ ا ْلفَ ْ‬
‫ص ِل‬ ‫ش َر ُعوا لَ ُه ْم ِم َن الد ِ‬ ‫شرائع‪،‬عمالً بقوله تعالى‪َ :‬أ ْم لَ ُه ْم ُ‬
‫ش َر َكا ُء َ‬
‫اب َألِي ٌم ‪‬الشورى (‪ ،)21‬إذ ال يحق ألحد من المخلوقين أن يشرع‬ ‫ين لَ ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫ض َي بَ ْينَهُ ْم وَِإنَّ الظَّالِ ِم َ‬
‫لَقُ ِ‬
‫للناس الشرائع أو يضع لهم األديان‪ ،‬ألن ذلك من اختصاص هللا تعالى الخالق لهذا الكائن والعارف بما‬
‫يف ا ْل َخبِير‪ ‬الملك (‪ ،)14‬وفي هذا يقول ابن تيمية‪ “ :‬فال يُعمل‬ ‫ق َو ُه َو اللَّ ِط ُ‬ ‫يحتاجه ‪َ‬أاَل يَ ْعلَ ُم َمنْ َخلَ َ‬
‫إال له‪ ،‬وال يُرجى إال هو‪ ،‬هو سبحانه الذي ابتدأك بخلقك واإلنعام عليك بنفس قدرته عليك ومشيئته‬
‫ورحمته من غير سبب منك أصالً‪ ،‬وما فعل بك ال يقدر عليه غيره‪ .‬ثم إذا احتجت إليه في جلب رزق‬
‫أو دفع ضرر‪ :‬فهو الذي يأتي بالرزق ال يأتي به غيره‪ ،‬وهو الذي يدفع الضرر ال يدفعه غيره “‪.‬‬
‫• وإذا كانت العبادة بإطارها الشرعي تستلزم وجود الحب مع الطاعة حتى تكون عبادة صحيحة‪ ،‬فإنها‬
‫إلى جانب ذلك يجب أن تشتمل على أصلين آخرين هما‪ :‬الرجاء والخوف‪،‬إ ذ ينبغي على المسلم أن‬
‫يجمع بين حالتي الخوف والرجاء حتى تكون عالقته باهلل تعالى متوازنة معتدلة‪ ،‬وهما في ذلك‬
‫كجناحي الطائر إذا استويا استطاع أن يتحرك ويطير‪ ،‬وإذا اختل أحدهما حيل بينه وبين ذلك‬
‫ون َر ْح َمتَهُ‬ ‫سيلَةَ َأيُّ ُه ْم َأ ْق َر ُ‬
‫ب َويَ ْر ُج َ‬ ‫ون ِإلَى َربِّ ِه ُم ا ْل َو ِ‬
‫ون يَ ْبتَ ُغ َ‬ ‫• وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى‪ُ :‬أولَِئ َك الَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْد ُع َ‬
‫ان َم ْح ُذو ًرا ‪ ‬اإلسراء (‪ ،)57‬وتفيد هذه اآلية أن عبادة هللا تعالى تتطلب مع الحب عنصرين‬ ‫ون َع َذابَهُ ِإنَّ َع َذ َ‬
‫اب َربِّكَ َك َ‬ ‫َويَ َخافُ َ‬
‫آخرين‪ ،‬هما‪ :‬الرجاء والخوف‪،‬ألن ابتغاء الوسيلة إليه وطلب القرب منه سبحانه وتعالى ال يتحقق إال بذلك ‪.‬‬
‫أما الرجاء فهو منزلة عظيمة من منازل العبودية يتضمن ذالً وخضوعاً‪ ،‬وهو الجانب الذوقي في العبادة عن طريق‬ ‫•‬
‫االستبشار بجود هللا تعالى وكرمه وحسن الظن باهلل تعالى‪ ،‬وأما الخوف فهو من تمام االعتراف بملكه وسلطانه‪ ،‬ونفاذ مشيئته‬
‫في خلقه‪ ،‬وقد أشار القرآن الكريم إلى ضرورة تحقيق هذه الموازنة بين الرجاء والخوف في العالقة باهلل تعالى‪ ،‬وذلك في قوله‬
‫اب اَأْللِي ُم ‪ ‬الحجر (‪ ،)50-49‬أي أن العباد ينبغي أن يكونوا ما‬
‫تعالى ‪ ‬نَبِّْئ ِعبَا ِدي َأنِّي َأنَا ا ْل َغفُو ُر ال َّر ِحي ُم َوَأنَّ َع َذابِي ُه َو ا ْل َع َذ ُ‬
‫بين الخوف والرجاء ليصح لهم سبيل االستقام ِة في اإليمان ؛ فإنه َمن غلب عليه رجاُؤه عطّله‪ ،‬و َمن غلب عليه خوفه أقنطه‪.‬‬
‫• ويتضح لنا من خالل ما تقدم أن الطاعة والتذلل والخضوع والحب والخوف من هللا تعالى والرجاء في كرمه‪،‬هي بمجموعها‬
‫مكونات العبادة وعناصرها األساسية‪ ،‬فالطاعة بدون حب قد تكون تنفيذاً بدون قناعة‪ ،‬والحب بدون طاعة وخضوع قد تكون‬
‫ادعاء وكذباً‪ ،‬وال ينشأ ذلك كله إال عن طريق الجمع بين الخوف من عذاب هللا تعالى والرجاء في رحمته‪ ،‬يقول هللا تعالى‪  :‬قُ ْل‬
‫ون هَّللا َ فَاتَّبِ ُعونِي يُ ْحبِ ْب ُك ُم هَّللا ُ َويَ ْغفِ ْر لَ ُك ْم ُذنُوبَ ُك ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم ‪ ‬آل عمران (‪ ،)31‬وروى أبو هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫ِإنْ ُك ْنتُ ْم تُ ِح ُّب َ‬
‫رسول هللا ‪” :‬إن هللا تعالى قال من عادى لي وليا ً فقد آذنته بالحرب‪ ‬وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه‪،‬‬
‫وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪،‬فإذا أحببته‪،‬كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪،‬ويده التي يبطش‬
‫بها ورجله التي يمشي بها‪،‬ولئن سألني ألعطينه‪،‬ولئن استعاذني ألعيذنه‪.“ ‬‬
‫شمول العبادة‬
‫• بناء على ما تقدم في كون العبادة اسم جامع لكل ما يحبه هللا ويرضاه من األقوال واألعمال الباطنة‬
‫والظاهرة‪ ،‬فقد جعلها هللا تعالى الغاية األساسية التي خلق الخلق من أجلها‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬و َما َخلَ ْقتُ‬
‫ون ‪ ‬الذاريات (‪)57-56‬‬ ‫ق َو َما ُأ ِري ُد َأنْ يُ ْط ِع ُم ِ‬
‫ون ‪َ ‬ما ُأ ِري ُد ِم ْن ُه ْم ِمنْ ِر ْز ٍ‬ ‫ا ْل ِجنَّ َواِإْل ْن َ‬
‫س ِإاَّل لِيَ ْعبُ ُد ِ‬
‫• إ ن هذا المعن ى الشمول ي للعبادة يجعله ا قاعدة لبناء الدي ن م ن جه ة والحياة م ن جه ة أخرى‪ ،‬فه ي‬
‫الت ي تنظ م كيان اإلنس ان ظاهره وباطن ه‪ ،‬ع ن طري ق شموله ا لجمي ع أنواع التعب د الروح ي كح ب هللا‬
‫ورس وله وخشيت ه واإلناب ة إلي ه‪ ،‬والص بر لحكم ه والشك ر لنعم ه‪ ،‬والرض ا بقضائ ه والتوك ل علي ه‪،‬‬
‫والذك ر والتالوة واالس تغفار‪ ،‬وشموله ا لجمي ع األخالق والفضائ ل اإلنس انية كص دق الحدي ث وأداء‬
‫األمانة وبر الوالدين وصلة األرحام واإلحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل‪ ،‬وشمولها ألداء‬
‫الحقوق وإخالص العمل وطيب المعاملة‪.‬‬
‫ب َولَ ِكنَّ ا ْلبِ َّر َمنْ آ َم َن ِباهَّلل ِ‬
‫ق َوا ْل َم ْغ ِر ِ‬‫ش ِر ِ‬ ‫س ا ْل ِب َّر َأنْ تُ َولُّوا ُو ُجو َه ُك ْم قِبَ َل ا ْل َم ْ‬‫• قول هللا تعالى ‪‬لَ ْي َ‬
‫ين‬
‫سا ِك َ‬‫ين َوآتَى ا ْل َما َل َعلَى ُحبِّ ِه َذ ِوي ا ْلقُ ْربَى َوا ْليَتَا َمى َوا ْل َم َ‬ ‫َوا ْليَ ْو ِم اآْل ِخ ِر َوا ْل َماَل ِئ َك ِة َوا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب َوالنَّبِيِّ َ‬
‫ون بِ َع ْه ِد ِه ْم ِإ َذا َعا َه ُدوا‬‫صاَل ةَ َوآتَى ال َّز َكاةَ َوا ْل ُموفُ َ‬ ‫ب َوَأقَا َم ال َّ‬ ‫ين َوفِي ال ِّرقَا ِ‬ ‫ساِئلِ َ‬‫يل َوال َّ‬ ‫سب ِ ِ‬
‫َوا ْب َن ال َّ‬
‫ون‪ ‬البقرة‬ ‫ص َدقُوا َوُأولَِئ َك ُه ُم ا ْل ُمتَّقُ َ‬ ‫ين َ‬ ‫س ُأولَِئ َك الَّ ِذ َ‬ ‫ين ا ْلبَْأ ِ‬‫ض َّرا ِء َو ِح َ‬ ‫سا ِء َوال َّ‬ ‫ين فِي ا ْلبَْأ َ‬ ‫صابِ ِر َ‬‫َوال َّ‬
‫(‪)177‬‬
‫• وروي عن أبي ذر الغفاري ‪‬أن ناسا ً من أصحاب رسول هللا ‪ ‬قالوا له‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ذهب أهل‬
‫الدثور باألجور‪ ،‬يصلُّون كما نصلي‪ ،‬ويصومون كما نصوم‪ ،‬ويتصدقون بفضول أموالهم‪ .‬قال‪” :‬‬
‫أوليس قد جعل هللا لكم ما تصدّقون؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة‪ ،‬وكل تكبيرة صدقة‪ ،‬وكل تحميدة‬
‫صدقة‪ ،‬وكل تهليلة صدقة‪ ،‬وأمر بالمعروف صدقة‪ ،‬ونهي عن منكر صدقة‪ ،‬وفي بضع أحدكم‬
‫صدقة “‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال‪ ” :‬أرأيتم لو وضعها‬
‫في حرام‪ ،‬أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حالل كان له أجر “‪.‬‬
‫• وبناء على ذلك فإن كل عمل اجتماعي‪ ،‬أو سياسي‪ ،‬أو ثقافي‪ ،‬أو تربوي‪ ،‬أو فكري نافع يعد عبادة عند هللا تعالى‪ ،‬وبهذا تكون‬
‫حياة المسلم كلها عبادة متى ما أخلص النية وأحسن العمل‪:‬‬
‫• فمساعدة الزوج زوجه في أعمال البيت عبادة‬
‫• واللعب مع أطفاله عباده‬
‫• وإطعام أهله من الرزق الحالل عبادة‬
‫• وسيره إلى العمل ورجوعه منه عبادة‬
‫• ودراسته في الجامعة عبادة‬
‫• وإماطته األذى عن الطريق عبادة‬
‫• وتبسمه في وجه أخيه المسلم عبادة‬
‫• ونظافة بدنه عبادة‬
‫• ومسح دمعة المحزون‬
‫• وتخفيف كربة المكروب وتضميد جراح المنكوب‪ ،‬وسد رمق المحروم‪ ،‬وقضاء دين المدين‪ ،‬كل ذلك جزء من العبادة الشرعية‬
‫• عن أبي ذر الغفاري ‪ ‬قال ‪ :‬سألت رسول هللا ‪ :‬ماذا ينجي العبد من النار؟ قال‪ ” :‬اإليمان باهلل‬
‫“‪ .‬قلت‪ :‬يا نبي هللا ‪ ،‬مع اإليمان عمل؟ قال‪ ” :‬أن ترضخ مما خ ّولك هللا “‪ -‬تعطي مما ملكت‪ -‬قلت‪:‬‬
‫يا نبي هللا ‪ ،‬فإ ن كان فقيراً ال يجد ما يرضخ؟ قال‪ ” :‬يأم ر بالمعروف‪ ،‬وينهى عن المنكر “‪ .‬قلت‪:‬‬
‫فإن كان ال يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال‪ ” :‬فليُعن األخرق “‪ -‬الجاهل الذي‬
‫أرأيت إ ن كان ال يحس ن أ ن يص نع؟ قال‪ ” :‬فليُع ن مظلوما ً “‪.‬‬
‫َ‬ ‫ال يعرف ص نعة‪ -‬قل ت‪ :‬ي ا رس ول هللا ‪،‬‬
‫قلت‪ :‬يا نبي هللا‪ ،‬أرأيت إن كان ضعيفا ً ال يستطيع أن يعين مظلوماً؟ قال‪” :‬ماتريد أن تترك لصاحبك‬
‫من خير؟ ليُمسك أذاه عن الناس “‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول هللا ‪ ،‬أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة؟ قال‪ ” :‬ما‬
‫أخذت بيده حت ى تدخل ه الجن ة “ ص=حيح الترغي=ب‬ ‫ْ‬ ‫م ن مؤم ن يطل ب خص لة م ن هذه الخص ال إال‬
‫والترهيب‬
‫وبناء على ما تقدم فإن العبادة يمكن أن تشمل ما يأتي‬
‫• ‪ -1‬جميع األعمال الصالحة التي يقوم بها المسلم للتقرب إلى هللا تعالى أو لخدمة إخوانه ومجتمعه يمكن أن تتحول إلى عبادة‪ ،‬وذلك‬
‫س المى من الناس عليه صدقة كل يوم‬
‫بإصالح النية هلل تعالى وابتغاء مرضاته بذلك الفعل‪ .‬عن أبي هريرة ‪‬قال قال رسول هللا ‪ ” :‬كل ُ‬
‫تطلع فيه الشمس يعدل بين اثنين صدقة‪ ،‬ويعين الرجل في دابته فيحمله أو يرفع له عليها متاعه صدقة‪،‬والكلمة الطيبة صدقة وكل‬
‫خطوة يمشيها إلى الصالة صدقة ويميط األذى عن الطريق صدقة “‪ .‬متفق عليه‬
‫• ‪ -2‬جميع أعمال اإلنسان المتعلقة بأمور معاشه ورزقه وعمله تعد من باب العبادة‪ ،‬فقد روي أن الصحابة رضي هللا عنهم رأوا رجالً‬
‫فعجبوا من َجلَده ونشاطه فقالوا لو كان هذا في سبيل هللا‪ .‬فقال النبي ‪ ” :‬إن كان يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل هللا‪ ،‬وإن كان‬
‫يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل هللا‪ ،‬وإن كان خرج على نفسه يعفها فهو في سبيل هللا‪ ،‬وإن كان خرج ريا ًء ومفاخرة‬
‫فهو في سبيل الشيطان “‪ .‬رواه الطبراني في معجمه‬
‫• ‪ -3‬إن األعمال الغريزية التي يلبي فيها اإلنسان رغباته الفطرية وحتى الجنسية يمكن أن تكون عبادة بالنية الصالحة‪ ،‬وهو ما أشار إليه‬
‫حديث أبي ذر الغفاري ‪ ‬السابق ‪ ،‬وفيه‪ ” :‬وفي بضع أحدكم صدقة “‪.‬‬
‫• ‪ -4‬إن النية الصالحة تُ َح ّول جميع األعمال إلى عبادة وقربة هلل تعالى‪ ،‬عمالً بقوله ‪ ” :‬إنما األعمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل امرىء ما‬
‫نوى‪ “ ...‬رواه مسلم‪ ،‬بشرط أن يكون العمل مباحا ً في ذاته‪ ،‬أما إذا كان منهياً عنه فإن فاعله يأثم لقوله ‪ ” :‬إن هللا تعالى طيب وال يقبل‬
‫إال طيبا ً “ رواه مسلم ‪ ،‬وبشرط أن يؤدى العمل بإخالص وإتقان‪ ،‬عمالً بقوله ‪ ” :‬إنّ هللا كتب اإلحسان على كل شيء “ رواه مسلم‪.‬‬
‫أنواع العبادة‬

‫ومالية‬
‫قلبية‬
‫بدنية‬
‫مالية‬
‫قولية‬
‫بدنية‬
‫العبادات القلبية‬
‫• هي العبادات التي تؤدى بالقلب‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫• اإليمان باهلل تعالى وتوحيده‬
‫• واإلخالص والتوكل عليه‬
‫• والتفكر في ملكوت السموات واألرض‬
‫• وااللتجاء له وتفويض األمور إليه في السراء والضراء‬
‫• والشكر على النعم‬
‫• والصبر على البالء‪،‬بما يفيده معنى اإليمان بالقضاء والقدر‬
‫• واالمتناع عن الصفات السيئة مثل الكبر‪ ،‬والحسد والرياء‪ ،‬والعجب‪ ،‬والغفلة‪ ،‬والنفاق‪ ،‬والقنوط من رحمة‬
‫هللا‪.‬‬
‫العبادات القولية‬
‫• وهي التي تؤدى باللسان‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫• ذكر هللا تعالى * تالوة القرآن‬
‫* الدعاء‬ ‫• التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل‬
‫* رد السالم‬ ‫• الصالة على النبي ‪‬‬
‫* تعليم الجاهل‪ ،‬وإرشاد الضال‬ ‫• األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫• أداء الشهادة المتعينة * صدق الحديث‬
‫* االمتناع عن القذف وسب المسلم‬ ‫• االمتناع عن الفحش في الكالم‬
‫‪.‬وا المتناع عنا لكذبوشهادة ا لزور *‬
‫العبادات البدنية‬
‫• وهي العبادات التي تؤدى بسائر الجوارح مما سوى القلب واللسان‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫* المشي إلى الجمعة والجماعات‬ ‫• الصالة والصيام والوضوء والتيمم‬
‫* تناول الطعام والشراب لتقوية الجسد على القيام بالطاعات‬ ‫• حضور مجالس العلم‬
‫* الوفاء بالعهد‬ ‫• إغاثة الملهوف‬
‫• حسن معاملة االخرين * طالقة الوجه‬
‫* صلة األرحام‬ ‫• االعتدال في السلوك‬
‫• وغيرها من العبادات البدنية األخرى‪.‬‬
‫العبادات المالية‬

‫• وهي العبادات التي تؤدى بالمال‪ ،‬وتشمل‪:‬‬


‫• الزكاة والصدقة‬
‫• النفقة على الزوجة والوالدين واألوالد واألقارب‬
‫• الهدايا والهبات‬
‫• والنذور‬
‫• وجميع التبرعات المالية األخرى‪.‬‬
‫العبادات البدنية والمالية‬

‫• وهي العبادات التي تتطلب في أدائها جهداً بدنيا ً ونفقة مالية‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫• الحج والعمرة‬
‫• الجهاد‬
‫• بر الوالدين‬
‫• إكرام الضيف‬
‫• اإلحسان إلى الجار‬
‫• وغيرها من العبادات المختلطة بين البدن والمال‪.‬‬
‫• كالحج‬
‫عمري‬
‫الحاج‬
‫ّ‬ ‫• كصيام رمضان‪ ،‬وعاشوراء‪ ،‬وست من شوال‪ ،‬ويوم عرفة لغير‬
‫سنوي‬
‫• كصيام األيام البيض‬
‫شهري‬
‫• كصالة الجمعة‪ ،‬وصوم االثنين والخميس‬
‫أسبوعي‬
‫• وهي التي يتم أداؤها كل يوم‪ ،‬كالصالة والدعاء والذكر‬
‫يومي‬
‫• عقيدة التوحيد التي يجب أن ال ينفك المسلم عنها‬
‫على مدار الساعة‬
‫ومجمل هذه العبادات‬
‫خالصة‬

‫األمر الذي يجعل العبادة صيغة من صيغ التواصل مع الخالق سبحانه‬


‫وتعالى‪ ،‬بحيث أنه كلما طغت شهوات الدنيا وملذاتها وشغل اإلنسان‬
‫فيها‪ ،‬يأتي نوع من أنواع العبادة ليرده إلى هللا تعالى‪ ،‬ويذكره بحسن‬
‫العالقة معه سبحانه‬
‫وهي بذلك تعد برنامجا ً عمليا ً لتصحيح حياة اإلنسان وتوجيهه نحو أمر هللا‬
‫وحكمه‪.‬‬
‫شروط العبادة‬

‫إخالص النية‬
‫الشرع‬
‫العزيمة‬‫موافقة‬
‫صدق‬
‫إخالص النية‬
‫• أن يكون مراد العبد من عبادته رضا هللا تعالى والدار اآلخرة‪،‬عمالً بقوله تعالى‪َ  :‬و َما ُأ ِم ُروا ِإاَّل لِيَ ْعبُ ُدوا هَّللا َ‬
‫ِّين ‪‬البينة (‪ ،)5‬ألن عدم اإلخالص في النية يجعل العمل نوعا ً من أنواع الشرك‪ ،‬يقول هللا تعالى‪:‬‬ ‫ين لَهُ الد َ‬‫ص َ‬‫ُم ْخلِ ِ‬
‫ش ِركْ ِب ِعبَا َد ِة َربِّ ِه َأ َح ًدا ‪ ‬الكهف (‪.)110‬‬ ‫ان يَ ْر ُجو لِقَا َء َربِّ ِه فَ ْليَ ْع َم ْل َع َماًل َ‬
‫صالِ ًحا َواَل يُ ْ‬ ‫‪‬فَ َمنْ َك َ‬
‫• والنية يراد بها القصد واإلرادة‪ ،‬والعزم على فعل العبادة تقربًا إلى هللا تعالى‪ .‬ومحلها القلب‪.‬‬
‫• وقد اعتبر القرآن الكريم أن اإلنسان إذا أراد بعبادته اآلخرة وقصد رضا هللا تعالى عن طريق إخالص النية له نال‬
‫س ْعيُ ُه ْم‬
‫ان َ‬‫س ْعيَ َها َو ُه َو ُمْؤ ِمنٌ فَُأولَِئ َك َك َ‬ ‫الثواب والجزاء الحسن‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬و َمنْ َأ َرا َد اآْل ِخ َرةَ َو َ‬
‫س َعى لَ َها َ‬
‫ش ُكو ًرا‪ ،‬وعن عمر بن الخطاب ‪ ‬قال قال رسول هللا ‪ ” :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى‪،‬‬ ‫َم ْ‬
‫فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوله فهجرته إلى هللا ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها‬
‫فهجرته إلى ما هاجر إليه “ رواه مسلم‪ ،‬وعن أبي هريرة ‪ ‬قال سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪ ” :‬قال هللا تبارك‬
‫وش ْركه “ رواه مسلم‪.‬‬ ‫وتعالى‪ :‬أنا أغنى الشركاء عن الشرك‪ ،‬من عمل عمالً أشرك فيه غيري تركته ِ‬
‫• ومن هنا كانت النية الحد الفاصل الذي يميز أعمال العبادة التي يقصد بها المرء التقرب إلى هللا تعالى عن األعمال‬
‫العادية األخرى المرتبطة بشؤون الدنيا‪.‬‬
‫• ومن عجيب رحمة هللا تعالى وكرمه مع عباده أن العبد يحصل على األجر بناء على نيته الصالحة‪،‬‬
‫حتى ولو لم يتح له القيام بالعمل التعبدي لعذر أو طارئ طرأ عليه‪ ،‬من ذلك قوله ‪ ” :‬إذا مرض العبد‬
‫أو سافر كتب هللا له من العمل ما كان يعمله مقيما ً صحيحا ً “ رواه البخاري‬
‫• فإذا كان المسلم يقوم الليل أو يصوم التطوع أو يصل الرحم فمرض أو سافر ولم يستطع القيام بذلك‬
‫كتب له أجر تلك العبادات والطاعات كما لو كان يفعله من قبل‪ ،‬وهذا من رحمة هللا على عباده بسبب‬
‫صدق النية وإخالصها‪ .‬كما ورد عن النبي ‪ ‬وهو في غزوة تبوك‪ ” :‬إن بالمدينة أقواما ً ما قطعنا واديا ً‬
‫وال وطئنا موطئا ً يغيظ الكفار‪،‬وال أنفقنا نفقة وال أصابتنا مخمصة إال أشركونا في ذلك وهم بالمدينة “‪،‬‬
‫ش ِركوا بحسن النية “ رواه البخاري‬ ‫فقيل له‪ :‬كيف ذلك يا رسول هللا؟ قال‪ ” :‬حبسهم العذر ف َ‬
‫صدق العزيمة‬
‫• وتعني أن يبذل اإلنسان جهده في تصديق القول بالعمل وترك التكاسل والتهاون في الطاعة‬
‫• ويتم ذلك من خالل امتثال أوامر هللا تعالى وترك نواهيه بعزيمة وهمة عالية تمثل الصدق مع هللا تعالى ولزوم تقواه واالستقامة‬
‫اس تَقَا ُموا تَتَنَ َّز ُل َعلَ ْي ِه ُم ا ْل َماَل ِئ َكةُ َأاَّل تَ َخافُوا َواَل تَ ْح َزنُوا‬
‫ين قَالُوا َربُّنَ ا هَّللا ُ ثُ َّم ْ‬‫عل ى ما يحب ه ويرضاه‪،‬ع مالً بقوله تعالى‪ِ  :‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫س ُك ْم َولَ ُك ْم فِي َه ا َم ا‬ ‫شتَهِي َأ ْنفُ ُ‬ ‫اة ال ُّد ْنيَ ا َوفِي اآْل ِخ َر ِة َولَ ُك ْم فِي َه ا َم ا تَ ْ‬ ‫ون نَ ْح ُن َأ ْولِيَاُؤ ُك ْم فِي ا ْل َحيَ ِ‬ ‫َوَأ ْب ِ‬
‫ش ُروا بِا ْل َجنَّ ِة الَّتِي ُك ْنتُ ْم تُو َع ُد َ‬
‫ون ‪‬فصلت (‪)31‬‬ ‫تَ َّد ُع َ‬
‫رسوخ اإليمان في‬ ‫ِ‬ ‫• إن صدق العزيمة في العبادة تعني الاستقامةَ على الحق واالستمرار على الطريق الصحيح‪ ،‬مما يدل على‬
‫قلب ه‪،‬أم ا المتذب ِذب ف ي طاعت ه وعبادت ه‪،‬بحي ث يستقيم يوما ً وينحرف يوماً‪ ،‬ويصلح يوما ً ويفسد يوماً‪ ،‬فإ ن ذل ك دلي ل عل ى عدم‬
‫ض ْت َغ ْزلَ َه ا ِم ْن بَ ْع ِد قُ َّو ٍة َأ ْن َكاثًا ‪‬‬ ‫رسوخ اإليمان في قلبه وعدم استقراره وثبوته‪ ،‬ولذلك يقول هللا تعالى‪َ  :‬واَل تَ ُكونُوا َكالَّتِي نَقَ َ‬
‫النحل (‪.)92‬‬
‫• وفي هذا المجال حث النبي ‪‬أمته على المبادرة والمسابقة إلى األعمال الصالحة؛ إذ يقول عليه الصالة والسالم‪ ” :‬لو يعلم‬
‫الناس ما في النداء والصف األول‪،‬ثم لم يجدوا إال أن يستهموا عليه الستهموا‪ .‬ولو يعلمون ما في التهجير الستبقوا إليه‪ .‬ولو‬
‫ق ورتِّل‪ ،‬كما‬
‫يعلمون ما في العتمة والصبح ألتوهما ولو حبوا“ رواه البخاري ومسلم‪ ،‬ويقول ‪” :‬يقال لصاحب القرآن‪ :‬اقرأ وار َ‬
‫كنت ترتل في دار الدنيا‪ ،‬فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها “ رواه أبو داود والترمذي‬
‫• وال بد من اإلشارة هنا إلى أن هذا العزم على طلب اآلخرة ال يعني النهي عن الكسب الدنيوي وتحصيل المتاع‬
‫المباح؛ ب ل ه و يأم ر بذل ك ويؤك د علي ه ويوجب ه‪ ،‬لكن ه ينه ى الناس أ ن تكون الدني ا ه ي ك ل شي ء ف ي حياته م‪،‬‬
‫ولذلك يحتاج المسلم إلى قوة في اإلرادة وصدق في العزيمة للوقوف أمام شهواتها وإغراءاتها وجاذبيتها‪ ،‬من‬
‫أجل الثبات ضد هذه المغريات والثبات أمام عوامل االنحراف‪ ،‬وكذلك الثبات أمام عوامل التثبيط والفتور‪.‬‬
‫• وق د حذر الن بي ‪ ‬م ن التباط ؤ ع ن المس ابقة إل ى الطاعات‪ ،‬فقال‪ ” :‬احضروا ِّ‬
‫الذ ْك ر‪ ،‬وادنوا م ن اإلمام‪ ،‬فإ ن‬
‫الرجل ال يزال يتباعد حتى يُ َّ‬
‫ؤخر في الجنة وإن دخله“ رواه أبو داود‬
‫• كم ا علَّ م أمت ه اإللحاح ف ي الدعاء؛ فأم ر أ ن يس أل الداع ي رب ه بعظائ م األمور وأكابره ا‪ ،‬وال يس تكثر شيئا ً عل ى‬
‫ربه‪ ،‬فقال ‪ ” :‬إذا سأل أحدكم فليُ ْكثِر‪ ،‬فإنما يسأل ربه “ رواه اب=ن حبان‪ ،‬وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫تفج ر‬
‫هللا ‪ ” :‬إذا سألتم هللا فاسألوه الفردوس‪ ،‬فإنه أوسط الجنة‪ ،‬وأعلى الجنة‪ ،‬وفوقه عرش الرحمن‪،‬ومنه َّ‬
‫أنهار الجن ة “ رواه البخاري‪ ،‬وع ن ربيع ة ب ن كع ب ‪ ‬قال كن ت أخدم الن بي ‪ ،‬فقل ت ل ه يوما ً‪ :‬ي ا رس ول هللا ‪،‬‬
‫أسألك أن تدعو لي أن ينجيني من النار ويدخلني الجنة‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ ” :‬إني فاعل‪ ،‬فأعنِّ ي على نفسك‬
‫بكثرة السجود “ رواه مس=لم‪ ،‬وقد أثرت هذه التربية إيجابا ً على صحابة النبي ‪ ‬في صنع نفوس متميزة تحمل‬
‫العزيمة والهمة العالية في حياتهم على مستوى الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫موافقة الشرع‬
‫• ويعني ذلك أن ال يُعبد هللاُ إال بما شرع في كتابه أو سنة نبيه‪ ،‬وأن تكون العبادات موافقة ألحكام الشريعة‪ ،‬فال يقبل هللا‬
‫تعالى أي قربة أو عبادة تخالف شريعة هللا‪ ،‬ألن التقرب إنما يكون بما شرع هللا عز وجل‪ ،‬ألن أي عبادة مخالفة لذلك فهي‬
‫بدعة لم يأذن هللا بها‪ ،‬وعليه فهي مردودة على من أحدثها وابتدعها‪ ،‬عمالً بقوله تعالى‪  :‬فَ َمنْ َك َ‬
‫ان يَ ْر ُجو لِقَا َء َربِّ ِه‬
‫ش ِركْ بِ ِعبَا َد ِة َربِّ ِه َأ َح ًدا ‪ ‬الكهف (‪)110‬‬ ‫فَ ْليَ ْع َم ْل َع َماًل َ‬
‫صالِ ًحا َواَل يُ ْ‬
‫نص من القرآن أو السنة‪ ،‬وذلك في قوله ‪ ” :‬من أحدث‬ ‫• وقد حذر النبي ‪ ‬من الزيادة في الدين أو إحداث عبادة لم يَ ِرد بها ٌ‬
‫في أمرنا هذا ما ليس منه فهو َر ٌّد “ رواه البخاري‪ ،‬وفي قوله‪ ” :‬إن خير الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد ‪،‬‬
‫وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة “ رواه البخاري‪.‬‬
‫• واألصل في ذلك أن العبادة في اإلسالم توقيفية‪ ،‬ال يجوز مخالفة النص فيها‪ ،‬بعكس المعاملة والسلوك الدنيوي الذي‬
‫يدعو اإلسالم أتباعه إلى اإلبداع واالختراع والتطوير فيه‪ ،‬ألنه نوع من أنواع تنمية العمارة الشرعية للكون‪ ،‬وفي هذا‬
‫يقول الشاطبي‪ :‬إن‪ ‬البدع ال تدخل في العادات‪ ،‬فكل ما اخترع من الطرق ولم يقصد به التعبد فقد خرج عن هذه التسمية‪،‬‬
‫كالمغارم الملزمة على األموال وغيرها على نسبة مخصوصة وقدر مخصوص مما يشبه فرض الزكوات ولم يكن إليها‬
‫ضرورة سابقاً‪ ،‬وكذلك اتخاذ المناخل‪ ،‬وغسل اليد باالشنان‪ ،‬وما أشبه ذلك من األمور التي لم تكن قبل‪ ،‬فإنها ال تسمى‬
‫بدعا‪.‬‬
‫• ومن هنا يجب أن تؤدى العبادة بالصورة التي شرعها هللا وبالكيفية التي ارتضاها‪ ،‬وال يصح أن‬
‫تبنى على األهواء والظنون‪ .‬يقول ابن تيمية رحمه هللا‪ (:‬ودين اإلسالم مبني على أصلين‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫• تحقيق شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا‪ ،‬وأول ذلك أن ال نجعل مع هللا إلها ً آخر‪ ،‬فال‬
‫تحب مخلوقا ً كما تحب هللا‪ ،‬وال ترجوه كما ترجو هللا‪ ،‬وال تخشاه كما تخشى هللا‪،‬‬
‫• أما األصل الثاني فهو أن نعبده بما شرع على ألسنة رسله ‪ ،.....‬فمن دعا المخلوقين من الموتى‬
‫والغائبين واستغاث بهم مع أن هذا أمر لم يأمر به هللا وال رسوله أمر إيجاب وال استحباب‪ ،‬كان‬
‫مبتدعا ً في الدين مشركا ً برب العالمين‪ ،‬مبتدعا ً بدعة ما أنزل هللا بها من سلطان)‪.‬‬
‫تفصيل موافقة العبادة ألحكام الشريعة‬
‫• ‪ -1‬موافقة العبادة ألحكام الشريعة في جنسها‪:‬‬
‫• فكل إنسان يتعبد هللا تعالى بعبادة ليس لها أصل في الشريعة فهي عبادة مردودة‪ ،‬فلو ضحى المسلم بفرس مثالً لم يجزئه ذلك‬
‫ولم تصح أضحيته‪ ،‬ألن جنس األضحية ال بد أن يكون من بهيمة األنعام من اإلبل أو البقر أو الغنم‪.‬‬
‫• ‪ -2‬موافقة العبادة ألحكام الشريعة في قدرها‪:‬‬
‫• فلو صلى المسلم الظهر خمس ركعات أو ست ركعات لم تصح صالته ولم يسقط الفرض عنه‪ ،‬ألنها مخالفة لما ورد في‬
‫الشرع من كون عدد ركعات الظهر أربعا ً‪.‬‬
‫• ‪ -3‬موافقة العبادة ألحكام الشريعة في زمانها‪:‬‬
‫• فإذا صلى الفجر قبل طلوع الفجر أو الظهر قبل الزوال بدافع التبكير بالعبادة والحرص عليها لم تصح صالته ولم يسقط‬
‫الفرض عنه ووجب عليه إعادة الصالة‪.‬‬
‫• ‪ -4‬موافقة العبادة ألحكام الشريعة في مكانها‪:‬‬
‫• فلو وقف الحاج في يوم عرفة بمزدلفة أو منى لم يصح وقوفه ولم يصح حجه‪ ،‬لعدم موافقة العبادة للشرع في مكانها‬
‫أمور استحدثت وال تعتبر بدعة ضالة‬
‫• أداء صالة التراويح جماعة‪ ،‬قول عمر ‪ ” :‬نعم البدعة هذه “‪.‬‬
‫• عدد ركعات صالة التراويح‪ ،‬ألنه لم يرد عدد معين ال يمكن تجاوزه‪.‬‬
‫• جمع القرآن الكريم في عهد ابي الصديق ‪ ‬خشية ضياعه بعد استشهاد عدد كبير من الحفظة‪ ،‬ثم‬
‫جمعه في مصحف واحد في عهد عثمان بن عفان ‪ ‬خشية اختالف قراءته‪.‬‬
‫بناء العبادة على اليسر ورفع الحرج‬
‫• يقصد بهذه الخاصية‪ :‬رفع الحرج عن المكلف في المشقة التي ال يقدر عليها‪ ،‬أو المشقة التي يطيقها ولكنها خارجة‬
‫عل ى المعتاد لم ا فيه ا م ن تكلي ف خارج ع ن المأمور ب ه‪ ،‬والت ي توق ع ص احبها ف ي الضج ر م ن العبادة وتفوّت علي ه‬
‫مصالحه ومنافعه في الدين والدنيا‪،‬مثل‪:‬‬
‫• دوام قيام الليل أو معظمه‬
‫• الوصال في الصوم‬
‫• إهمال النفس واألهل بحجة التفرغ للعبادة‬
‫• ألن جميع األحكام الشرعية من عبادات ومعامالت وأنكحة وكفارات مرتبطة باالستطاعة التي يقدر عليها المكلف‪،‬‬
‫عمالً بقوله تعالى‪  :‬فَاتَّقُوا هَّللا َ َم ا ْ‬
‫اس تَ َ‬
‫ط ْعتُ ْم ‪ ‬التغاب=ن (‪ ،)16‬أما المشقة الطبيعية التي يطيقها اإلنسان ويقدر على‬
‫أدائها فهذه مرتبطة بسائر األحكام الشرعية في مجال العبادات والمعامالت‪ ،‬وهي ال تنفك عن التكليف وال تتخلص‬
‫منه‪ ،‬ألن التكليف ال يعد تكليفا ً إال إذا انطوى على ما فيه ال َكلَفة الشرعية والمشقة الالزمة‪ .‬وفي هذا يقول النبي ‪:‬‬
‫” إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم‪ ،‬وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه “‪ .‬رواه الشيخان‬
‫أدلة رفع الحرج من القرآن الكريم‬
‫ج َولَ ِك ْن يُ ِري ُد لِيُطَ ِّه َر ُك ْم َولِيُتِ َّم نِ ْع َمتَهُ َعلَ ْي ُك ْم لَ َعلَّ ُكم ْ‬ ‫• قول ه تعال ى‪َ  :‬م ا يُ ِري ُد هَّللا ُ ِليَ ْج َع َل َعلَ ْي ُك ْم ِم ْن َح َر ٍ‬
‫يم ُه َو‬ ‫ج ِملَّةَ َأبِي ُك ْم ِإ ْب َرا ِه َ‬ ‫ِّين ِم ْن َح َر ٍ‬ ‫ون ‪ ‬المائ=ة (‪ ،)6‬وقوله تعالى‪َ  :‬و َم ا َج َع َل َعلَ ْي ُك ْم فِي الد ِ‬ ‫ش ُك ُر َ‬ ‫تَ ْ‬
‫س َر‪‬‬ ‫س َر َواَل يُ ِري ُد بِ ُك ُم ا ْل ُع ْ‬ ‫ين ِم ْن قَ ْبل ُ ‪ ‬الح=ج (‪ ،)78‬وقوله تعالى‪  :‬يُ ِري ُد هَّللا ُ بِ ُك ُم ا ْليُ ْ‬ ‫س َّما ُك ُم ا ْل ُم ْ‬
‫س لِ ِم َ‬ ‫َ‬
‫ض ِعيفًا ‪ ‬النس=اء (‪ ،)28‬وتعد‬ ‫ان َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق اِإْل ْن َ‬ ‫ف َع ْن ُك ْم َو ُخلِ َ‬ ‫البقرة (‪ ،)185‬وقوله تعالى‪  :‬يُ ِري ُد هَّللا ُ َأ ْن يُ َخفِّ َ‬
‫هذه اآليات أص الً من أصول الدين في تقرير مبدأ التيسير ورفع الحرج عن المكلفين‪ ،‬فكل من عجز‬
‫عن شيء من العزيمة انتقل إلى الرخصة فيتم العدول عنه إلى فعل آخر أقل كلفة‪ ،‬أو يتم العدول عنه‬
‫س َر ‪ ،‬يقرر القرآن‬ ‫س َر َواَل يُ ِري ُد بِ ُك ُم ا ْل ُع ْ‬ ‫إلى بدل هو غرم وكفارة‪ .‬وفي قوله تعالى‪  :‬يُ ِري ُد هَّللا ُ بِ ُك ُم ا ْليُ ْ‬
‫الكريم مبدأ التخفيف والرحمة التي أراده هللا لعباده بتشريعه األحكام‪ ،‬فاليسر كل ما يجهد النفس وال‬
‫يض ر الجس م‪ ،‬أم ا العس ر فه و م ا يجه د النف س ويض ر الجس م‪ ،‬وف ي هذا نف ي الحرج الذي يؤدي إل ى‬
‫الضرر‪،‬واآلية وإن كانت في شأن الرخص في الصيام إال أن المراد منها العموم‪.‬‬
‫أدلته من السنة الشريفة‬
‫• عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪” :‬إن الدين يسر‪ ،‬ولن يشاد الدين أحد إال غلبه‪ ،‬فسددوا وقاربوا‪ ،‬وأبشروا‪،‬‬
‫واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة “‪ ،‬رواه البخاري‪ ،‬وفي حديث آخر قال ‪ ” :‬إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا‬
‫معسرين “‪ ،‬رواه أبو داود‪ ،‬وعن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬صلى النبي ‪ ‬ذات ليلة من رمضان فصلى الناس بصالته‪،‬‬
‫ثم صلى القابلة فكثر الناس‪ ،‬ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم‪ ،‬فلما أصبح قال‪ ” :‬قد رأيت الذي‬
‫صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إال أني خشيت أن تفرض عليكم “‪ ،‬وفي رواية“ ” فتعجزوا عنها “‪ ،‬وعن أبي قتادة‬
‫‪‬عن النبي ‪‬قال‪ ” :‬إني ألقوم إلى الصالة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتج ّوز كراهية أن أشق على أ ّمه “‬
‫رواه مسلم‪ ،‬وعن أبي مسعود األنصاري ‪ ‬قال‪ :‬جاء رجل إلى رسول هللا ‪ ‬فقال‪ :‬إني أتأخر عن صالة الصبح من أجل‬
‫فالن مما يطيل بنا‪ .‬يقول راوي الحديث فما رأيت النبي ‪‬غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذ‪ ،‬فقال‪ ” :‬أيها الناس إن‬
‫والضعيف وذا الحاجة “ رواه البخاري‪.‬‬
‫َ‬ ‫منكم منفرين‪ ،‬فأيكم أ ّم الناس فليوجز‪ ،‬فإن وراءه الكبي َر‬
‫• وتدل هذه األحاديث والتوجيهات وغيرها في نفس المعنى إلى أن النبي ‪ ‬يوجه أمته في عبادتهم إلى الرفق واألخذ‬
‫باأليسر ومراعاة أحوال الناس وعدم المشقة عليهم‪.‬‬
‫•‬
‫• ومن األدلة على أن العبادة في اإلسالم مبنية على اليسر ورفع الحرج عن المكلفين ومنع التبتل‬
‫واالنقطاع عن الدنيا قصة الثالثة ما روي عن أنس بن مالك ‪  ‬يقول‪ :‬جاء ثالثة رهط إلى بيوت‬
‫النبي ‪ ‬يسألون عن عبادته‪ ،‬فلما أخبروا كأنهم تقالّوها‪ -‬شعروا بأنها قليلة‪ ،‬فقال‪ :‬اين نحن من‬
‫الن بي ‪ ‬وق د غف ر م ا تقدم م ن ذنب ه وم ا تأخ ر‪ ،‬قال أحده م‪ :‬أنم ا أن ا فإن ي أص لي اللي ل أب ًدا‪ ،‬وقال‬
‫االخر‪ :‬أنا أصوم الدهر وال أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فال أتزوج أب ًدا‪ ،‬فجاء رسول هللا ‪‬‬
‫فقال‪ ” :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما وهللا إني لخشاكم هلل وأتقاكم له‪ ،‬لكني أصوم وأفطر وأصلي‬
‫وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس مني “‪ .‬رواه البخاري‬
‫• فإذا أراد اإلنس ان أ ن يتبت ل وينقط ع ع ن ك ل شأن م ن شئون الدني ا‪ ،‬فيقوم اللي ل ويص وم النهار‬
‫ويعتزل النس اء‪ ،‬بداف ع التعب د والنس ك‪ ،‬أل ن اإلس الم يعلم ه أ ن ذل ك مناف لفطرت ه‪ ،‬ومغاي ر لدين ه‪،‬‬
‫فهذا رس ول هللا ‪ ‬وه و أخش ى الناس هلل وأتقاه م ل ه كان يص وم ويفط ر ويقوم وينام ويتزوج‬
‫النساء‪ ،‬وأن من حاول الخروج عن هديه فليس له شرف االنتساب إليه‪.‬‬
‫• والمتابع لألحكام الشرعية يجد أن أغلب األحكام التي شرعت على أساس العزيمة والتكليف يقابلها‬
‫تشريع على أساس الرخصة والتخفيف‪ ،‬فالعزيمة تقابلها الرخصة‪ ،‬والرخصة تقابلها العزيمة‪ ،‬مما‬
‫يعني أن الرخص في هذا الدين أصل من أصول التشريع ومنهج من مناهجه‪ ،‬فالعزيمة هي‪:‬‬
‫• م ا شرع ه هللا أص الة وابتداء م ن األحكام العام ة الت ي ال تخت ص بحال دون حال وال بمكل ف دون‬
‫مكلف‪ ،‬وتمثل تشريع األحكام في الحاالت االعتيادية‪ ،‬وتشمل أغلب األحكام التي شرعها هللا تعالى‬
‫وفيها كلفة ومشقة‪.‬‬

‫• أما الرخصة فهي‪:‬‬


‫• م ا شرع ه هللا م ن األحكام تخفيفا ً عل ى المكل ف ف ي حاالت خاص ة تقتض ي هذا التخفي ف وتمث ل‬
‫التشريع في الحاالت االستثنائية أو الخاصة التي ترتبط باألعذار الطارئة أو الدائمة‪ ،‬بحيث يتغير‬
‫الحكم من المشقة والصعوبة إلى السهولة واليسر لعذر شرعي يقتضي ذلك التخفيف‪.‬‬
‫أنواع الرخص‬

‫الضرورة‬
‫العقود‬
‫الواجب‬‫عند‬
‫بعض‬ ‫المحظورات‬
‫ترك‬ ‫إباحة إباحة‬
‫تصحيح‬
‫إباحة المحظورات عند الضرورة‬
‫• مثال ذلك‪:‬‬
‫• الترخيص في التلفظ بكلمة الكفر وقلبه مطمئن باإليمان لقوله تعالى‪ِ :‬إاَّل َمنْ ُأ ْك ِرهَ َوقَ ْلبُهُ ُم ْط َمِئ ٌّن‬
‫ان ‪ ‬النحل (‪)106‬‬‫بِاِإْل ي َم ِ‬
‫• ويرى بعض الفقهاء أن األخذ بالعزيمة في حال التلفظ بالكفر هو األولى لما في ذلك من إظهار‬
‫الثبات على الحق وإغاظة الكفار‪.‬‬
‫• الترخيص بتناول المح ّرم عند الضرورة لقوله تعالى‪  :‬إنما ح ّر َم عليكم الميتة ولحم الخنزير وما‬
‫اضطُر غير ٍ‬
‫باغ وال عا ٍد فال إثم عليه إن هللا غفور رحيم ‪ ‬البقرة ( ‪)173‬‬ ‫اهل به لغير هللا فمن ْ‬
‫• وحكم هذا النوع وجوب العمل بالرخصة إذا تعينت طريقا ً لدفع الضرر عن النفس‪ ،‬ولكن إن أخذ‬
‫بالرخصة فمشروع‪.‬‬
‫إباحة ترك الواجب‬
‫• وذلك عند وجود العذر الذي يجعل أداءه شاقا ً على المكلف‬
‫• مثال ذلك‪:‬‬
‫• إباحة الفطر في نهار رمضان للمريض أو المسافر‪ ،‬وذلك ألن كالً منهما متلبس بعذر يجعل أداء ما كلف به شاقا ً عليه‪ ،‬إذ لو لم‬
‫تشرع تلك الرخصة لوقع المكلف في حرج وضيق‬
‫• ومث ل قص ر الص الة الرباعي ة وتأديته ا ركعتي ن بدالً م ن أرب ع للمس افر تخفيف ا علي ه ودفعا ً للمشق ة‪،‬عمالً بقول ه تعال ى‪  :‬وَِإ َذا‬
‫الصاَل ِة ِإنْ ِخ ْفتُ ْم َأنْ يَ ْفتِنَ ُك ُم الَّ ِذ َ‬
‫ين َكفَ ُروا ِإنَّ ا ْل َكافِ ِر َ‬
‫ين َكانُوا لَ ُك ْم َع ُد ًّوا ُمبِينًا‬ ‫اح َأ ْن تَ ْق ُ‬
‫ص ُروا ِم َن َّ‬ ‫س َعلَ ْي ُك ْم ُجنَ ٌ‬ ‫ض َر ْبتُ ْم فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض فَلَ ْي َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬النساء (‪.)101‬‬
‫• ‪ ‬وحكم هذا النوع أن األخذ بالرخصة أفضل من العمل بالعزيمة‪ ،‬لدرء المفسدة ودفع الضرر الذي يحصل جراء األخذ بالعزيمة‪.‬‬
‫• ويدل على ذلك أن رسول هللا ‪ ‬خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام‪ ،‬حتى إذا بلغ كراع الغميم وصام الناس معه‪ ،‬فقيل‬
‫له‪ :‬إن الناس قد شق عليهم الصوم‪ ،‬وإن الناس ينظرون فيما فعلت‪ ،‬فدعا بقدح من ماء فشربه والناس ينظرون إليه‪ ،‬فأفطر‬
‫بعضه م‪ ،‬وظ ل البع ض اآلخ ر ص ائما ً‪ ،‬فقي ل للن بي ‪ :‬إ ن بع ض الناس ق د ص ام‪ ،‬فقال علي ه الص الة والس الم‪ ” :‬أولئ ك العص اة‪،‬‬
‫أولئك العصاة “ رواه مس=لم‪ .‬والضابط في ذلك قوله ‪ ” :‬إن هللا يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه “ رواه اب=ن‬
‫حبان‪.‬‬
‫تصحيح بعض العقود االستثنائية‬
‫• تلك العقود التي لم تتوفر فيها الشروط العامة النعقاد العقد وصحته‪ ،‬ولكن جرت بها معامالت‬
‫الناس وصارت من حاجاتهم‬
‫• وحكم هذا النوع‪ :‬هو مشروعية األخذ بها‪ ،‬ألنه يؤدي إلى رفع الحرج والمشقة عن الناس‬
‫لحاجتهم لتلك المعامالت التي ال تخلو منها حياتهم العملية‬
‫• كال َّ‬
‫سلَم‪ ،‬واالستصناع‪ ،‬واإلجارة‬
‫• فهذه العقود لو طبقت عليها الشروط العامة لصحة العقود ال تصح‪ ،‬لكنها شرعت استثن ً‬
‫اء من‬
‫القاعدة‪ ،‬تخفيفا ً عن الناس ورفعا للحرج‪.‬‬
‫أسباب األخذ بالرخص‬
‫المرض‬

‫اإلكراه‬ ‫السفر‬

‫النسيان‬ ‫الخطأ‬
‫• تأخير الجمع في الصلوات‬ ‫تأخير‬
‫• تأخير صيام رمضان بسبب العذر‬
‫• كتقديم صالة العصر إلى الظهر‪ ،‬وصالة العشاء إلى المغرب في السفر‬ ‫تقديم‬
‫• وكتقديم الزكاة على حولها‬
‫• كقصر الصالة الرباعية للمسافر‬
‫تنقيص‬
‫• كإسقاط العبادات باألعذار‪ ،‬مثل الجمعة والحج والجهاد‬
‫تخفيف إسقاط‬
‫أنواع التخفيف‬

You might also like