Professional Documents
Culture Documents
معالم الثقافة الإسلامية (الحوار)
معالم الثقافة الإسلامية (الحوار)
• مفهوم الحوار
• الحوار في القرآن الكريم
• الحوار في السيرة النبوية
• األسس التي يقوم عليها الحوار وضوابطه
• آداب الحوار
• أنواع الحوار
مقدمة
• الحوار يش ّكل قيمة كبرى من القيّم التي جاء بها اإلسالم ،تناولته نصوص القرآن والسنة بصفته
لونًا من ألوان الخطاب العام التكليفي الذي يتجه إلى وشيجة اإلخاء اإلنساني.
• وقد احتل الحوار مكانة بارزة في الفكر اإلسالمي قدي ًما وحديثًا.
• وظهر اهتمام العلماء بالحوار من خالل البحث في أهميته وضوابطه وآدابه.
• وانعكس في تلك الثروة الهائلة من األدبيات والرسائل والكتب المختلفة التي تضمنت حوارات
ومناظرات واقعية فيما عرف فيما بعد بالفكر الجدلي والحواري في اإلسالم.
مفهوم الحوار
• تعريف الحوار في اللغة:
• الحوار والمحاورةهي :مراجعة المنطق والكالم في المخاطبة.
• والحوار :المجاوبة ،والتحاور :التجاوب ،فيقال :حاورته أي :راجعته الكالم.
• وعلWى هذا ذكWر الراغWب األصWفهاني :أWن المحاورة والحوار :هWي المرادة فWي الكالم ،ومنWه التحاور كمWا فWي قولWه
صي ٌر﴾( .المجادلة.)1: س َم ُع ت ََحا ُو َر ُك َما ِإنَّ هَّللا َ َ
س ِمي ٌع بَ ِ تعالىَ ﴿ :وهَّللا ُ يَ ْ
• تعريف الحوار في االصطالح
• تعددت تعريفات الحوار ،من أشملها:
• أWWن الحوار :حديWث بيWن طرفيWن أWWو أكثWر حول قضيWWة معينWة ،الهدف منهWا الوصWول إلWWى الحقيقWWة ،بعيداً عWن
الخصومة والتعصب بطريقة علمية إقناعية ،وال يُشترط فيها الحصول على نتائج فورية.
ألفاظ مقاربة للحوار
• -1الجدل.
• الجدل فWي اللغWة :هWو اللدد فWي الخصWومة والقدرة عليهWا ومنWه ُأخWذ الجدل المنطقWي ،الذي هWو القياس المؤلWف مWن المشهورات أWو المسWلّمات والغرض منWه
إلزام الخصWم وإفهام مWن هWو قاصWر عWن إدراك مقدمات الWبرهان .والمجادلWة والجدال المخاصWمة والخصWام .وقWد جادلWه مجادلWة وجدااًل أWي خاصWمه وغلبWه،
ومنهWا مقابلWة الحجWة بالحجة .والمجادلWة والمناظرة والمخاصWمة ،فالجدل والجدال يعنWي المفاوضWة علWى سWبيل المنازعWة وأصWله مWن جدلWت الحبWل أWي أحكمWت
فتله ومنه الجديل.
• والحوار والجدل يلتقيان في بعض الأمور ويفترقان في البعض الأخر.
• فهما يشتركان :في مراجعة الكالم وتداوله بين طرفين
• ويختلفان :في أن الجدل يتسم بطابع الغلبة والخصومة والشدة
• في حين أن الحوار يتسم باللين والهدوء.
• ومWن الطWبيعي أWن صWاحب الخصWومة شخWص يهدف إلWى االنتصWار لرأيWه مهمWا كان ذلWك الرأي .مWن هنWا جاء الجدل فWي القرآWن مذمو ًمWا إال فWي أربعWة مواضع.
ب( Wهود .)75-74:وقولWهَ :واَل عَ Wو َجا َء ْتهُ Wا ْلبُش َْرى يُ َجا ِدلُنَWا فِWي قَ ْو ِم Wلُو ٍطِ Wإنَّ ِإ ْب َرا ِهي َم Wلَ َحلِي ٌمَ Wأ َّواهٌُ Wمنِي ٌ
منهWا قولWه تعالWى :فَلَمَّا َذ َه َبَ Wع ْنِ Wإ ْب َرا ِهي َم Wال َّر ْو ُ
سنُ ( .العنكبوت.)46: ب ِإاَّل بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َت َُجا ِدلُوا َأ ْه َل ا ْل ِكتَا ِ
ين﴾ (النحل.)125: سبِيلِ ِه َو ُه َو َأ ْعلَ ُم بِا ْل ُم ْهتَ ِد َ
ض َّل َعن َ سنُ ِإنَّ َربَّ َك ُه َو َأ ْعلَ ُم بِ َمن َ • ومن ذلك أيضا ً قوله تعالىَ ﴿ :و َجا ِد ْلهُم بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َ
• -2المناظرة
• المناظرة في اللغة :مأخوذة من النظر وتقليب البصيرة إلدراك الشيء ورؤيته.
• والمناظرة المباحثة والمباراة في النظر واستحضار كل ما يراه ببصيرته.
• وفي االصطالح :النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهاراً للصواب.
• فهWي المحاورة بيWن فريقيWن حول موضوع لكWل منهمWا وجهWة نظWر فيWه تخالWف وجهWة نظWر الفريWق اآلخWر،
فهWو يحاول إثبات وجهWة نظره وإبطال وجهWة نظWر خصWمه مWع رغبتWه الصWادقة بظهور الحWق واالعتراف
به لدى ظهوره.
• فالمناظرة فرع من المحاورة ،والمحاورة :هي عرض لوجهتي نظر،
• بينمWا المناظرة محاجWة فيهWا غالWب ومغلوب بالحجWة والWبرهان والدليWل وبإفحام الخصWم فWي رأيWه ،وإبطال
حجتWه ،وهWي تعتمWد علWى قوة الحجWة بقدر مWا تعتمWد المحاورة علWى حضور البديهWة واإللمام بموضوع
الحوار.
الحوار في القرآن الكريم
لم ترد لفظة الحوار ومشتقاتها في القرآن الكريم إال في ثالثة مواضع: •
احبِ ِه َوهُ َو يُ َحا ِو ُرهُ َأنَا َأ ْكثَ ُر ِمنكَ َمااًل َوَأ َع ُّز نَفَ ًرا﴾ ( .الكهف)34: ص ِ ﴿ -1فَقَا َل لِ َ •
س َّواكَ َر ُجاًل ﴾( .الكهف)37: ب ثُ َّم ِمن ُّن ْطفَ ٍة ثُ َّم َاحبُهُ َوهُ َو يُ َحا ِو ُرهُ َأ َكفَ ْر َت بِالَّ ِذي َخلَقَ َك ِمن تُ َرا ٍص ِ ﴿ -2قَا َل لَهُ َ •
صWي ٌر﴾. سَ Wم ُع تَ َحا ُو َر ُك َمWا ِإنَّ هَّللا َ َ
سِ Wمي ٌع بَ ِ سِ Wم َع هَّللا ُ قَ ْو َل WالَّتِWي تُ َجا ِدلُ َك WفِWي َز ْو ِج َهWا َوتَ ْ
شتَ ِكWي ِإلَWى هَّللا ِ َوهَّللا ُ يَ ْ ﴿ - 3قَ ْد َ •
(المجادلة)1:
• قلWة اسWتعمال اللفظWة فWي القرآWن الكريWم ،ال ينصWرف بحال إلWى التقليWل مWن أهميWة أWو محوريWة الحوار فWي القرآWن
نموذجا تطبيقيًا باستمرار في المواقف القرآنية المتعددة.
ً الكريم ،فقد كانت قضية الحوار حاضرة بصفتها
• فالناظWWر فWWي القرآWWن الكريWWم يلحWWظ ثراء المادة الحواريWWة فWWي مختلWWف سWWوره مWWع تعدد موضوعاتهWWا ،وتش ّعWWب
مسWاراتها ،واختالف أهدافهWا وتعدد أطرافهWا ،األمر الذي يؤكWد تأصل اللغWة الحوارية في مكونات الخطاب القرآني،
وتغطيتها ألجزاء واسعة من هذا الكتاب العظيم.
أمثلة على الحوار في القرآن الكريم
• حوار هللا سبحانه وتعالى مع مالئكته حول خلق آدم عليه السالم في سورة البقرة.
• حوار إبراهيم عليه السالم مع ربه حين طلب منه أن يريه كيف يحي الموتى.
• حوار موسى عليه السالم مع ربه حين طلب من هللا سبحانه أن يسمح له برؤيته.
• حوار بين األنبياء وأقوامهم.
• حوار أصحاب الجنة.
• حوار داود عليه السالم مع الخصمين.
• حوار هللا سبحانه وتعالى مع إبليس.
الحوار في النبوية
• فWWي السWWيرة النبويWWة أمثلWWة حيWWة ،وأقوااًل تؤكWWد تَبنِّWWي منهWWج الحوار كطريWWق أمثWWل لطرح العقيدة
اإلسالمية الجديدة منذ بواكير الدعوة إلى اإلسالم في مكة.
• وقWWWد كانWWWت محاورات النWWWبي للمشركيWWWن علWWWى اختالف مواقفهWWWم وتوجهاتهWWWم إزاء الدعوة
اإلسالمية.
• ولWم يتوقWف الحوار بيWن الطرفيWن فWي أصWعب الفترات وأكثWر الفترات تأز ًمWا وتعقي ًدا ،ولWم يتخWل النWبي
عن سلوك سبيل الحوار في أكثر المواقف قوة وانتصا ًرا.
أمثلة الحوار في السنة النWبوية
• في فتح مكة كان أبو محذورة -كان صاحب صوت جميل -يستهزء بصوت بالل في األذان ،فلما
رفع صوته باألذان مستهزًئا سمعه رسول هللا فُأ ِمر به ف َمثُل بين يديه وهو يظن أنه مقتول
فمسح رسول هللا ناصيته وصدره بيده الشريفة .قال أبو محذورة( :فامتأل قلبي وهللا إيمانًا
ويقينًا ،فعلمت أنه رسول هللا) .فعلمه األذان وأمره أن يؤذن ألهل مكة ،فاستمر يؤذن لمدة ست
عشرة سنة ،ثم توارثت ذريته ذلك من بعده.
• وهناك أمثلة عديدة سنذكر بعضها في مواضع أخرى
أهميWة الحوار
• الحوار هو السبيل األسمى لضبط االختالف المذموم وتفعيل التعاون والتفاهم بين الناس.
• كما أنه ركيزة أساسية في الدعوة إلى هللا تعالى.
• بل إن القرآن الكريم ما هو إال حوار متواصل لبيان الحق من الباطل.
• والحوار ضروري الكتساب العلم وتناقل الخبرات والمعارف.
• وهو من أهم وسائل التفاهم وح ّل الخالفات واالنفتاح على اآلخر.
األسس التي يقوم عليها الحوار وضوابطه
• تنوع البشر واختالفهم
• اتباع العدل واإلنصاف
• التثبت
أوالً :تنوع الناس واختالفهم
• قرر اإلسWالم االختالف كحقيقWة إنسWانية طبيعيWة ،وتعامWل مWعهWا علWى هذا الأسWاس .قال تعالWى﴿ :يَWا َأ ُّي َهWا النَّا ُ
سِ Wإنَّا
يمَ Wخبِي ٌر﴾ ش ُعوبًWا َوقَبَاِئ َل Wلِتَ َعا َرفُوا ِإنَّ َأ ْك َر َمُ Wك ْمِ Wعن َد هَّللا ِ َأ ْتقَا ُك ْمِ Wإنَّ هَّللا َ َعلِ ٌَخلَ ْقنَا ُكWم ِّمWن َذ َك ٍر َوُأنثَWى َو َج َع ْلنَا ُك ْمُ W
(الحجرات ،)13:فاإلنسWWانية واحدة وقWWد ُخلقWWت مWWن نفWWس واحدة ،وهذه الوحدة ليسWWت وحدة فWWي األصWWل
فحسWب ،بWل فWي الهدف وهWو التعارف ،ذلWك أWن االختالف آيWة مWن آيات عظمWة Wهللا ،ومظهWر مWن مWظاهWر روعWة
سWنَ ِت ُك ْم َوَأ ْل َوا ِن ُك ْمِ Wإنَّ
فَ Wأ ْل ِ ضَ Wو ْ
اختِاَل ُ ت َواَأْل ْر ِ سَ Wما َوا ِ إبداعWه WفWي الخلق .يقول القرآWن الكريWمَ ﴿ :و ِم ْن Wآيَاتِ ِهَ Wخ ْل ُW
ق ال َّ
ين﴾ (الروم.)22: فِي َذلِكَ آَل يَا ٍ
ت لِّ ْل َعالِ ِم َ
• واختالف األلسن واللغات المشار إليه في اآلية ال يعني اختالف اللهجات كوسائل للتخاطب والتفاهم والحوار
فحسب ،بل ينصرف إلى ما تتضمنه تلك اللغات واالختالف في اللهجات مWن معاني وأفكار وتصورات.
يW اختَلَفُو ْا َولَ ْوالَ َكلِ َمةٌَ W
سWبَقَتْ ِمWن َّربِّ َWك لَقُ ِ
ض َ سِ Wإالَّ ُأ َّمةًَ Wو ِ
اح َدةً Wفَ ْ • ومWنهWا مWا جاء فWي القرآWن الكريWمَ ﴿ :و َمWWا َكا َن Wالنَّا ُ
ون﴾ (يونس ،)19:أي أن اختالفاتهم على تعددها ال تلغي الوحدة الإنسانية فيمWا بينهم. بَ ْينَ ُه ْم فِي َما فِي ِه يَ ْختَلِفُ َ
• مWن هنا كان االختالف الفكري بين بني اإلنسان قدي ًمWا قِدم اإلنسان في هذه األرض ،ابتدأ مWعه حيث ابتدأ ينظر
إلى الكون فيشده بعظمته وتأخذه الحيرة في إدراك كنهه وحقيقته.
• ومWع حتمWيWة التنوع تكوينًWا وفطرة البWد مWن التأكيWد أWن هذا التنوع ال يعنWي بالضرورة التنافWر المطلWق أWو التضاد
المWؤدي إلWWى نفWWي الطرف اآلخWWر وإلغاء وجوده .وإنمWWا يعنWWي ضرورة االعتراف واإليمان بالتعدد والتنوع
لتحقيWق التفاعWل بيWن أشكال متنوعWة مWن الصWور واألفكار .فالتبايWن واالختالف والتنوع ليسWت عوامWل هدم بWل
هي في الحقيقة عوامل تحفيز فكري واستنفار ذهني تقوم على ركائزه حركة الحياة اإلنسانية المتفاعلة.
• ومWن الطWبيعي أWن ينتWج عWن هذا التفاعWل أWن تتالقWى األفكار أWو تتنازع وقWد تتصWارع كذلWك ،ومWن هنWا ينشWأ
الحوار والنقاش والجدال لعرض تلك األفكار وطرحها.
• وال يمWكWن أWن يخلWو بشWر مWن الحاجWة إلWى تلWك األولويات الذهنيWة فWي طرح أفكاره والتصWريح بتصWوراته بقطWع
النظWر عWن طبيعWة تلWك األفكار أWو كيفيWة عرضWه لهWا .فإثارة األفكار وتبادلهWا ومناقشتهWا موافقةً WأWو مخالفةً،W
ص WالمWواصWفات اإلنسWانية أم ٌر مرتكWز فWي الفطرة اإلنسWانية .مWن هنWا كان الWبيان واإلفصWاح عWن ذلWك كلWه مWن أخ ّ
التWي تميWز بهWا اإلنسWان عWن غيره مWن المخلوقات .فالحوار يتطلWب أوالً وقبWل كWل شيWء االعتراف بحتميWة
وجود االختالف بمعنى التنوع في الحياة اإلنسانية المطلقة.W
• وللتعرف علWى االختالف الممدوح والمذموم فقWد وضWع الشاطWبي رحمWه هللا ضابطًWا لمعرفWة ذلWك،
حيWث يقول رحمWه هللا فWي ذلWك ":فكWل مسWألة حدثWت فWي اإلسWالم فاختلWف الناس فيهWا ولWم يورث ذلWك
االختالف بينهWWم عداوة وال بغضاء وال فرقWWة علمنWا أنهWWا مWن مسWWائل اإلسWWالم وكWWل مسWWألة طرأWت
فأوجبWت العداوة والتنافWر والتنابWز والقطيعWة علمنWا أنهWا ليسWت مWن أمWر الديWن فWي شيWء وأنهWا التWي
عنWى رسWول هللا صWلى هللا عليWه وسWلم بتفسWير اآليWة وهWي قولWهِ﴿ :إنَّ الَّ ِذي َن Wفَ َّرقُو ْا ِدينَ ُه ْمَ Wو َكانُو ْا ِ
شيَ ًعWا
ش ْي ٍء( ﴾Wاألنعام .)159:فيجWب علWى كWل ذي ديWن وعقWل أWن يجتنبهWا ،ألWن اإلسWالم يدعWو ت ِم ْن ُه ْم WفِWي َ سَ W لَّ ْ
إلى األلفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خالف ذلك فخارج عن الدين" .وغالبا ً ما
يكون هذا النوع مWWن االختالف ،منبثقًWWا عWWن هوى النفWWس ،وعلWWى هذا فهWWو مذموم بكWWل أشكالWWه
ومختلWف صWوره ،لأWن حWظ الهوى فيWه غلWب الحرص علWى تحري الحق .والهوى ال يأتWي بخيWر فهWو
سWتَ ْكبَ ْرتُ ْم فَفَ ِريقا ً سWو ٌل بِ َمWا الَ تَ ْه َوى َأنفُ ُ
سُ Wك ُم ا ْ مطيWة الشيطان الWى الكفWر ،قال تعالWىَ ﴿ :أفَ ُكلَّ َمWا َجاء ُك ْمَ Wر ُ
ون﴾ (البقرة .)87:والهوى مدعاة لكل ظلم وبغي وتجاوز من قِبل الفرد على غيره َك َّذ ْبتُ ْم َوفَ ِريقا ً تَ ْقتُلُ َ
فكيف إن كان هذا الغير مخالفا ً له في رأي!.
األمور التي يجب مراعاتها في االختالف بين النWاس
األمWر األول :أWن هللا عWز وجWل يتولWى حسWابهم علWى اختيارهWم يوم القيامWة ويفصWل بينهWم فWي هذا االختالف .كمWا قال •
تَ Wأِل ْع ِدلَWبَ Wوُأ ِم ْر ُ ت Wبِ َمWا َأن َز َل Wهَّللا ُ ِمWن ِكتَا ٍ تَ Wواَل تَتَّبِ ْعَ Wأ ْه َواء ُه ْمَ Wوقُ ْل Wآ َمن ُ سWتَقِ ْم َك َمWا ُأ ِم ْر َ عَ Wوا ْ تعالWى لرسWوله﴿ :فَلِ َذلِ َWك فَا ْد ُ
صي ُر﴾ (الشورى.)15: بَ ْينَ ُك ُم هَّللا ُ َربُّنَا َو َربُّ ُك ْم لَنَا َأ ْع َمالُنَا َولَ ُك ْم َأ ْع َمالُ ُك ْم اَل ُح َّجةَ بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ُم هَّللا ُ يَ ْج َم ُع بَ ْينَنَا وَِإلَ ْي ِه ا ْل َم ِ
سْ Wه َل ْب َنWسْ Wع ٍد َو َ سْ Wب َنَ W األمWر الثانWي :اعتقاد المسWلم بكرامWة اإلنسWان مWن حيWث هWو إنسWان .ع َ ْن Wا ْب ِنَ WأبِWي لَ ْيلَWى َأ َّن قَ ْي َ •
سWو َل هَّللا ِ َ م َّر ْWت بِ ِهَ Wجنَا َزةٌW ض Wفَقَااَل ِإنَّ ر ُ سWيَّ ِة فَ َم َّر ْWت بِ ِه َمWا َجنَا َزةٌ Wفَقَا َمWا فَقِي َل Wلَ ُه َمWا ِإنَّ َهWا ِم ْWن َأ ْه ِل Wاَأْل ْر ِ ف WكَانَWا بِا ْلقَا ِد ُِحنَ ْي ٍ
ستْ نَ ْفسا ً .رواه البخاري ي فَقَا َل َألَ ْي َفَقَا َم فَقِي َل ِإنَّهُ يَ ُهو ِد ٌّ
األمWر الثالWث :إيمان المسWلم بأWن عدل هللا لجميWع عباد هللا ،مسWلمين وغيWر مسWلمين ،وهWو أمWر ربانWي ال ينبغWي للمسWلم •
شنَآ ُWن قَ ْو ٍمَ WعلَWى َأالَّ سِ Wط َوالَ يَ ْج ِر َمنَّ ُك ْمَ W ش َه َداء بِا ْلقِ ْ إسWقاطه أWو إغفالWه ،قال تعالWى﴿ :يَWا َأيُّ َهWا الَّ ِذي َن Wآ َمنُو ْا ُكونُو ْا قَ َّوا ِمي َن Wهّلِل ِ ُ
ون﴾ (المائدة.)8: ب لِلتَّ ْق َوى َواتَّقُو ْا هّللا َ ِإنَّ هّللا َ َخبِي ٌر بِ َما تَ ْع َملُ َ تَ ْع ِدلُو ْا ا ْع ِدلُو ْا ُه َو َأ ْق َر ُ
سُ Wك ْم َأ ِو ا ْل َوالِ َد ْي ِنَ Wواَأل ْق َربِي َنِ Wإ ن يَ ُك ْWن ش َه َداء هّلِل ِ َولَ ْو َعلَWى َأنفُ ِ سِ Wط ُ وقال تعالWى﴿ :يَWا َأيُّ َهWا الَّ ِذي َن Wآ َمنُو ْا ُكونُو ْا قَ َّوا ِمي َن Wبِا ْلقِ ْ •
ونَ Wخبِي ًرا﴾ ان Wبِ َمWا تَ ْع َملُ َ ضو ْا فَِإنَّ هّللا َ َك َ َغنِيًّWا َأ ْو فَقَي ًرا فَاهّلل ُ َأ ْولَWى بِ ِه َمWا فَالَ تَتَّبِ ُعو ْا ا ْل َه َوى َأ ن تَ ْع ِدلُو ْا وَِإ ن تَ ْل ُوو ْا َأ ْو تُ ْع ِر ُ
(النساء.)135:
ثانيًا :إتبWاع اWلعدل واإلنصاف
• اإلنصWاف :هWو العدل فWي المعاملWة ،بأWن ال يأخWذ مWن صWاحبه مWن المنافWع إال مWا يعطيWه ،وال ينيلWه مWن المضار إال
كما ينيله.
• ولإلنصاف أنواع عديدة ،منها:
• أWن ينصWف المرء الناس فيقوم بإنصWاف الغيWر مWن نفسWه أWو ممWن يحWب ،حتWى لWو كان هذا الغيWر مخالفًWا لWه فWي
الرأي ،Wأو في الدين ،أو في المذهب ،أو غير ذلك مما يقتضي التحامل أو يكون مظنة الجور.
• وقWد كان مWن دالئWل سWماحة اإلسWالم وعظمWة مبادئWه أWن أقWر مبدأ إنصWاف العدو وتبرئWة سWاحته مWع مخالفتWه فWي
اس Wبِ َمWا َأ َر َ
اك Wهّللا ُ َوالَ تَ ُكWن الديWن ،كمWا جاء فWي سWبب نزول اآليWةِ﴿ :إنَّا َأن َز ْلنَWا ِإلَ ْي َك Wا ْل ِكت َ
َاب Wبِا ْل َحقِّ Wلِت َْح ُك َم Wبَ ْي َن Wالنَّ ِ
صWي ًما﴾ (النس'اء :)105:أWن طعمWة بWن أWبيرق سرق درعا ً فWي جراب Wفيه دقيق لقتادة بن النعمان وخبأها لِّ ْل َخآِئنِي َنَ Wخ ِ
عنWد يهودي ،فحلWف طعمWة قائالً( :مالWي بهWا مWن علWم) ،فاتبعوا أثWر الدقيWق إلWى دار اليهودي ،فقال اليهودي:
هم WرسWول هللا بالقضاء فWي المسWألة نزلWت اآليات الكريمWة تWبرئ إلي WطعمWة) رواه الترمذي ،فلمWا ّ (دفعهWا ّ
ساحة اليهودي وتنصفه.
• فقWد أقWر القرآWن هذا المبدأ وعززتWه السWنة الفعليWة للنWبي ،فمWا كان لينصWر مسWل ًما علWى يهودي
لمجرد أنWه مسWلم ،فاالختالف فWي الديWن بWل والعداوة ال تمنWع المسWلم مWن إقامWة العدل واإلنصWاف
وتحقيقه وهذا أدب رفيع ال ينبغي أن تخلو ساحة الحوار منه مطلقا ً.
• وجاء نWWص القرآWWن الكريWWم صWWراحة آمراً المسWWلمين بالWWبر والقسWWط والعدل مطلقاً ،قال تعالWWى﴿ :اَل
يَ ْن َها ُك ُم Wهَّللا ُ َع ِن Wالَّ ِذي َن Wلَ ْم Wيُقَاتِلُو ُك ْم WفِWي ال ِّدي ِنَ Wولَ ْم Wيُ ْخ ِر ُجو ُكWم ِّمن ِديَا ِر ُك ْمَ Wأن تَبَ ُّرو ُه ْمَ Wوتُ ْق ِ
سWطُوا ِإلَ ْي ِه ْمِ Wإ َّن
ين﴾ الممتحن'ة ،)8:يقول الطWبري فWي تفسWير هذه اآليWة ":أولWى األقوال فWي ذلWك سِ Wط َ هَّللا َ يُ ِح ُّب Wا ْل ُم ْق ِ
بالصWواب قول مWن قال :عنWى بذلWك ال ينهاكWم هللا عWن الذيWن لWم يقاتلوكWم فWي الديWن مWن جميWع أصWناف
عمWبقولWWه﴿ :الذيWWن لWWم الملWWل واألديان أWWن تWWبروهم وتصWWلوهم وتقسWWطوا إليهم .إWWن هللا عWWز وجWWل ّ
يقاتلوكWم فWي الديWن ولWم يخرجوكWم مWن دياركWم﴾ جميWع مWن كان ذلWك صWفته فلWم يخصWص بWه بعضا ً دون
بعض .وال معنWى لقول مWن قال ذلWك منسWوخ ألWن بر المؤمWن ألهWل الحرب ممWن بينهWم وبينWه قرابWة
نسWب أWو ممWن ال قرابWة بينهWم وبينWه وال نسWب غيWر محرم وال منهWي عنWه إذا لWم يكWن فWي داللWة لWه أWو
ألهل الحرب على عورة ألهل االسالم أو تقوية لهم بكراع أو سالح."..
فموج ه ألولئWك الذيWن يؤمنون بعدم إمكانيWة التعايWش وضرورة إقصWاء مWن يخالفهWم حتWى تتحقWق لهWم الهيمنWة والسWيادة وهWم ّW • أمWا النهWي
فWي اآليWة كفار قريش .فقWد أرادوا القضاء علWى الدعوة الجديدة فWي مكWة وحالوا دون إيصWالها لغيرهWم ،وقاموا بإخراج المؤمنيWن بهWا
مWن ديارهWم وأموالهWم قال تعالWىِ﴿ :إنَّ َمWا يَ ْن َها ُك ُم Wهَّللا ُ َع ِن Wالَّ ِذي َن Wقَاتَلُو ُك ْم WفِWي الدِّي ِنَ Wوَأ ْخ َر ُجو ُكWم ِّمWن ِديَا ِر ُك ْمَ Wوظَا َه ُروا َعلَWى ِإ ْخ َرا ِج ُك ْمَ Wأ ن
ون﴾ - .سورة الممتحنة.9: تَ َولَّ ْوهُ ْم َو َمن يَتَ َولَّهُ ْم فَُأ ْولَِئ َك ُه ُم الظَّالِ ُم َ
• وإWن تضافWر النصWوص القرآنيWة علWى ذكWر السWمات اإليجابيWة التWي يتسWم بهWا بعWض المخالفيWن مWن يهود ونصWارى ،أكWبر دليWل علWى
ق َوبِ ِه Wيَ ْع ِدلُو َن ﴾Wاألعراف .)159:وقال هللا تعالWى: سWى ُأ َّمةٌ Wيَ ْهدُو َن Wبِا ْل َح ِّW إنصWاف اإلسWالم وعدالته .ومWن ذلWك قولWه تعالWىَ ﴿ :و ِمWن قوم ُمو َ
سُ Wك ْم َأ ِو ا ْل َوالِ َد ْي ِنَ Wواَأل ْق َربِي َن WإWن يَ ُك ْنَ Wغنِيًّا َأ ْو فَقِي ًرا فَاهَّلل ُ َأ ْولَWى بِ ِه َمWا
ش َه َدا َء Wهَّلِل ِ َولَ ْو َعلَWى َأنفُ ِ ﴿يَWا َأيُّ َهWا الَّ ِذي َن Wآ َمنُوا ُكونُوا قَ َّوا ِمي َن Wبِا ْلقِ ْ
سِ Wط ُ
فَال تَتَّبِ ُعوا ا ْل َه َوى َأن تَ ْع ِدلُوا﴾ (النساء.)8:
• وقWد يدفWع الهوى اإلنسWان لظلWم مخالفيWه قواًل أWو فعاًل ،بWل والتشهيWر بهWم ليصWرف الغيWر عنهم .إال أWن نصWوص الوحWي قرآنًWا وسWنة
سِ Wط َوال يَ ْج ِر َمنَّ ُك ْمW اجتثWت ذلWك التوجWه واعتWبرته ظل ًمWا ال يWبرره مسWوغ .قال تعالWى﴿ :يَWا َأيُّ َهWا الَّ ِذي َن Wآ َمنُوا ُكونُوا قَ َّوا ِمي َن Wهَّلِل ِ ُ
ش َه َدا َء Wبِا ْلقِ ْ
ون﴾ (المائدة.)8: ب لِلتَّ ْق َوى َواتَّقُوا هَّللا َ إنَّ هَّللا َ َخبِي ٌر بِ َما تَ ْع َملُ َ شنَآنُ قَ ْو ٍم َعلَى َأالَّ تَ ْع ِدلُوا ا ْع ِدلُوا ُه َو َأ ْق َر ُ َ
• والعدل واإلنصWاف منه ٌج WدقيWق يُمثّWل جميWع صWور القسWط والعدل مWع القريWب والبعيWد ،المخالWف والموافWق دون تمييWز بيWن مسWلم أWو
غيWر مسWلم بWل ينهWى عWن جميWع صWور الجور والظلWم مWع ك ِّل Wأحد .فمبدأ الظلWم مح ّرم بكWل حال ،فال يحWل ألحWد أWن يظلWم أحداً ،ولWو كان
كافراً.
• واألمWWر يقتضWWي مجاهدة النفWWس ،والتغلWWب علWWى األهواء والنوازع الضيقWWة ،والتحرر مWWن كWWل أشكال التعصWWب األعمWWى للذات أWWو
ألفكارها وقناعاتها المسبقة.
ثالث :اWلتثبت
• مWن األسWس المهمWة فWي إجراء الحوار التثبWت ،مWع حمWل الكالم علWى ظاهره وعدم التعرض للنوايWا
والبواطWن ،واإلسWالم ديWن يقوم علWى البناء علWى ظواهWر اآلخريWن ال التتبWع لمWا يخفون أWو البحWث فWي
نياتهم.
تِ Wم ْWن ُج َه ْينَةَW صWبَّ ْحنَا ا ْل ُح َرقَا ِسِ Wريَّ ٍة فَ َ
سWو ُل هَّللا ِ فِWي َ سWا َمةَ ْب ِنَ Wز ْي ٍد رضWي هللا عنهمWا قَا َل Wبَ َعثَنَWا َر ُ • ع ْWن ُأ َ
سو ُل سي ِمنْ َذلِ َك ،فَ َذ َك ْرتُهُ لِلنَّ ِب ِّي ،فَقَا َل َر ُ فََأ ْد َر ْكتُ َر ُجاًل ،فَقَا َل :اَل ِإلَهَ ِإاَّل هَّللا ُ ،فَطَ َع ْنتُهُ ،فَ َوقَ َع فِي نَ ْف ِ
ح .قَا َلَ" :WأفَاَلسWاَل ِ سWو َل هَّللا ِ ِإنَّ َمWا قَالَ َهWا َخ ْوفًWا ِم ْWن ال ِّ ت :يَWا َر ُ هَّللا ِ َ " :أقَا َل Wاَل ِإلَهَِ Wإاَّل هَّللا ُ َوقَتَ ْلتَهُW؟!" قَا َل :Wقُ ْل ُW
سWلَ ْمتُ يَ ْو َمِئ ٍذ .قَا َل:W ت َأنِّWي َأ ْ ي َحتَّى تَ َمنَّ ْي ُWتَ Wع ْن Wقَ ْلبِ ِهَ Wحتَّى تَ ْعلَ َمَ Wأقَالَ َهWا َأ ْم Wاَل " ،فَ َمWا َزا َل Wيُ َك ِّر ُر َهWا َعلَ َّ شقَ ْق َ
َ
سا َمةَ -قَا َل :قَا َل َر ُج ٌلَ :ألَ ْم يَقُ ْل هَّللا ُ: سلِ ًما َحتَّى يَ ْقتُلَهُ ُذو ا ْلبُطَ ْي ِن -يَ ْعنِي ُأ َ سْ Wع ٌدَ :وَأنَا َوهَّللا ِ اَل َأ ْقتُ ُل ُم ْ فَقَا َل َ
تWسْ Wع ٌد :قَ ْد قَاتَ ْلنَWا َحتَّى اَل تَ ُكو َن Wفِ ْتنَةٌَ Wوَأ ْن َ وقَاتِلُو ُه ْمَ Wحتَّى اَل تَ ُكو َن Wفِ ْتنَةٌَ Wويَ ُكو َن Wالدِّي ُنُ Wكلُّهُ Wهَّلِل ِ ؟! فَقَا َلَ W
ون فِ ْتنَةٌ" .رواه مسلم. ون َأنْ تُقَاتِلُوا َحتَّى تَ ُك ُ ص َحابُكَ تُ ِري ُد َ َوَأ ْ
آداب الحواWر
• -1استعمال أفضل أساليب الحوار
• -2بناء الحوار على العلم.
• -3اإلنصات واالستماع الجيد.
اWستعما WألWفWضلأWساWWليباWWلحوار 1-
• يتضWح هذا األسWاس جليا ً مWن مواقWف النWبي العديدة فWي سWيرته مWع مخالفيه .فقWد وسWع نWبي هللا برحابWة فكره وسWعة
تصWدره ،محاوريWه ومخالفيWه علWى اختالف مشاربهم .ومWن ذلWك مWا دار بينWه وبيWن عدي بWن حاتWم قبWل إسWالمه ،حيWث قال :أتَ ْي ُW
تِ Wإلَ ْيه َِ ،Wأ َخ َذت Wبِ َغ ْي ِر َأ َما ٍنَ Wواَل ِكتَاب ٍ ،Wفَلَمَّا ُدفِ ْع ُ ي ْب ُنَ Wحاتِ ٍمَ -Wو ِجْئ ُ سِ Wج ِد ،فَقَا َل Wا ْلقَ ْوم َُ :Wه َذا َع ِد ُّW سِ WفWي ا ْل َم ْ سWو َل هَّللا ِ َ و ُه َو َجا ِل ٌ َر ُ
صWبِ ٌّي َم َع َهWا ،فَقَااَل ِ :إنَّ لَنَWا ِإلَ ْي َكW ِبيَ ِديَ -وقَ ْد َكا َن Wقَا َل Wقَ ْب َلَ Wذ ِل َكِ" :WإنِّWي َأَل ْر ُWج و َأ ْن Wيَ ْج َع َل Wهَّللا ُ يَ َدهُِ WفWي يَ ِدي" .قَا َل :Wفَقَام ،فَلَ ِقيَ ْتهُ Wا ْم َرَأةٌَ Wو َ
سَ Wعلَ ْي َهWا َو َجلَ ْ
سWتُ سWا َدةً ،فَ َجلَ َ اجتَ ُه َمWا ،ثُمَّ َأ َخ َذ بِيَ ِدي َحتَّى َأتَWى ِبWي َدا َره ،ُWفََأ ْلقَ ْت Wلَهُ Wا ْل َولِي َدةُِ Wو َ ضWى َح َ اجة ،ًWفَقَا َمَ Wم َع ُه َمWاَ ،حتَّى قَ َ َح َ
ت :اَل .قَا َل :Wثُ َّم سَ Wوى هَّللا ِ؟!" قَا َل :Wقُ ْل ُW بَ ْي َن Wيَ َد ْيهِ ،Wفَ َح ِم َد هَّللا َ َوَأ ْثنَWى َعلَ ْيهِ ،Wثُ َّم قَا َلَ " :WمWا يُ ِف ُّر َWك َأ ْWن تَقُو َل Wاَل ِإلَهَِ Wإاَّل هَّللا ُ؟ فَ َه ْل Wتَ ْعلَ ُمِ Wم ْWن ِإلَ ٍهِ W
وبW ض ٌ ن ا ْليَ ُهو َد َم ْغ ُ ش ْيًئا َأ ْكبَ ُر ِم ْن Wهَّللا ِ؟!" قَال َ :Wقُ ْلت : ُWاَل .قَال َ " :Wفَِإ َّ ن َ سWا َعةً ،ثُمَّ قَال َِ" :Wإنَّ َمWا تَ ِف ُّر َأ ْن Wتَقُو َل Wهَّللا ُ َأ ْكبَ ُرَ ،وتَ ْعلَ ُمَ Wأ َّتَ َكلَّ َمَ W
سطَ فَ َر ًحا ."..رواه الترمذي سلِ ًما .قَا َل :فَ َرَأ ْيتُ َو ْج َههُ تَبَ َّ ضاَّل ٌل" .قَا َل :قُ ْلتُ :فَِإنِّي ِجْئتُ ُم ْ صا َرى ُ َعلَ ْي ِه ْمَ ،وِإنَّ النَّ َ
• وينبغWي للمحاور أWن يكون رفيقًWا مWع محاو ِره ومجا ِدلWه ،فيحرص عنWد المحاورة والمجادلWة علWى ترك الغضWب ،فال يغضWب علWى
المتخاطWب معWه ،وال يرفWع صWوته علWى سWبيل الغضWب والحدة ،فقWد جاء رجWل للنWبي فقال :أوصWني .قال« :ال تغضWب» .فردَّد
مراراً ،قال« :ال تغضب".
• وكان النWبي عليWه الصWالة والسWالم أكثWر الناس رحمWة ورأفWة بمخالفيWه وحرصWه علWى منWح الطرف المقابWل الوقWت الكافWي
لمراجعة الذات والقناعة بما يقدم عليه.
-2بناء الحوار Wعلى العلم
طالب الكفا َر والمنكرين للحقائق بتقديم الدليل والبرهان على ما يدَّعون .يقول هللا تعالىَ ﴿ :هاَأنتُ ْم َهُؤالء َح َ
اج ْجتُ ْم ِفي َما َ • وهذا نهج رائده القرآن الذي
س Wلَ ُكWم بِ ِهِ Wع ْل ٌمَ Wوهّللا ُ يَ ْعلَ ُمَ Wوَأنتُ ْم Wالَ تَ ْعلَ ُمو َن( ﴾Wآ'ل عمران .)66:والتزام العلWم يسWع الناس جمي ًعWا ،وإWن اإلدالء بالحجWج لَ ُكWم بِ ِهِ Wعل ٌم Wفَلِ َم Wتُ َح ُّ
آجو َنِ Wفي َمWا لَ ْي َ
والWبراهين يسWتميل العقول والقلوب ،ويفتWح األبصWار والبصWائر علWى الحWق المWبين ،أمWا الجدال بالباطWل فمضيعWة للوقWت وإزدراء بالعقWل ومجافاة
س َمن يُ َجا ِد ُل فِي هَّللا ِ بِ َغ ْي ِر ِع ْل ٍم َواَل هُ ًدى َواَل ِكتَا ٍ
ب ُّمنِي ٍر﴾ (الحج.)8: ﴿و ِم َن النَّا ِ للحكمةَ : ،
• وتضافرت النصWوص القرآنيWة بمطالبWة المخالفيWن بتقديWم الWبراهين علWى دعواهWم ،مؤسWسة بذلWك قاعدة مWن أهWم قواعWد وضوابWط الحوار السWليم
معيارا للقبول وال ّرد فWي كWل شيWء سWواء فWي األفكار والمعتقدات ،أWو
ً والتفكيWر العلمWي الهادف .واهتمام القرآWن الكريWم بالدليWل والWبرهان و جعلWه
األحكام والمبادئ أمWر واضWح ال يحتاج إلWى كثيWر بيان واسWتدالل .ومWن خالل نظرة سWريعة إلWى اآليات المباركWة التWي تشتمWل علWى كلمات " الWبرهان"
و"السلطان" و"الحجة " نجد أن القرآن يدعو دائما ً إلى إقامة الدليل والبرهان كأساس لقبول األمور و ّردها.
• ويقتضWي هذا االلتزام التجرد مWن الهوى وعدم الوقوع تحWت سWلطانه ،فال يميWل المحا ِور عWن المنهWج العلمWي إلثبات مWا يوافWق رغبتWه وهواه .كمWا
يقتضWي ذلWك أال يتكلWم اإلنسWان إال بعلWم ،فال يقول شيئا ً إال وهWو يعلWم مسWتنده ،ويعرف دليلWه ،لئال يكون ممWن يتكلWم فWي أمور ال يعرف الحWق فيها ،وال
سُئواًل ﴾ (اإلسراء.)36: ص َر َوا ْلفَُؤا َد ُك ُّل ُأولَِئ َك َك َ
ان َع ْنهُ َم ْ س ْم َع َوا ْلبَ َ
س لَ َك بِ ِه ِع ْل ٌم ِإنَّ ال َّ
يسندها إلى علم صحيح ،قال – سبحانه – ﴿ َواَل تَ ْقفُ َما لَ ْي َ
﴿و ْيلَ ُك ْم اَل تَ ْفتَ ُروا َعلَى
صا إذا كان ذلك فيما يتعلWق بشرع هللا ودينWه ،فإWن القول على هللا – جل وعال – بغير علWم من أعظم الذنوب وأكبرهWاَ : • وخصو ً
اب َم ِن ا ْفتَ َرى﴾ (طه.)61: س ِحتَ ُك ْم بِ َع َذا ٍ
ب َوقَ ْد َخ َ هَّللا ِ َك ِذبًا فَيُ ْ
اإلنصات واالستماع الجيد
• القدرة علWى االسWتماع هWي األداة الرئيسWية للوصWول إلWى تفاهWم وتواصWل مثمWر بيWن الناس خاصWة فWي مواقWف الخالف والصWراع وفWي تخفيWف الميول العدوانيWة فWي لحظات التوتWر
واالنفعال العنيف.
• ومن فوائد اإلنصات في الحوار :مشاركة اآلخرين وف ْه ُم وجهة نظرهم وتقديرها والتعبير عن الذات وتأكيدها.
• ويالحWظ أن االستماع الجيد إلى اآلخرين ليس بالضرورة ينتهي إلى التأثير الكامل عليهم إال أنه يزيد من أواصر التقارب الروحي والعاطفي بين الناس..فليس كثرة الكالم دلياًل على
قوة الشخصWية وال قوة التأثيWر بWل ربمWا – أWو فWي الغالWب – تنتهWي كثرة الكالم إلWى مWا ال يحمWد عقباه مWن النتائج..فإWن الكالم الكثيWر يع ّرض صWاحبه إلWى الوقوع فWي األخطاء الكثيرة،
والدخول فWي مجاالت بعضهWا هامشيWة قWد تضWر وال تنفWع مضافا ً إلWى أWن الملWل الناجWم منWه ربمWا ينزل بمسWتوى الحديWث إلWى مصWاف الحديWث العادي والكلمات فاقدة القيمWة أWو الشعارات
التي تفتقد إلى المزيد من الواقعية..
• ويتضWح ذلWك جليا ً مWن خالل مواقWف النWبي عليWه الصWالة والسWالم المتواصWلة مWع مخالفيه .فقWد كان عليWه الصWالة والسWالم يحسWن االسWتماع إليهWم مهمWا بلغWت سWفاهة طرح الطرف
المقابWل أWو غلظWة أسWلوبه وجفاوته .يروى أWن عتبWة بWن ربيعWة وكان سWيدًا قال يوما ً وهWو جالWس فWي نادي قريWش والنWبي عليWه الصWالة والسWالم جالWس فWي المسWجد وحده يWا معشWر
قريWش أال أقوم إلWى محمWد فأكلمWه وأعرض عليWه أمو ًرا لعلWه يقبWل بعضهWا فنعطيWه أيهWا شاء ويكWف عنWا ،فقام عتبWة حتWى جلWس إلWى رسWول هللا فقال يWا بWن أخWي إنWك منWا حيWث قWد علمWت
مWن السWلطة فWي العشيرة والمكان فWي النسWب وإنWك قWد أتيWت قومWك بأمWر عظيWم فرقWت بWه جماعتهWم وسWفهت بWه أحالمهWم و ِعبWت بWه آلهتهWم ودينهWم وكفرت بWه مWن مضWى مWن آبائهم.
ت إنمWا تريWد بمWا جئWت بWه مWن هذا األمWر مااًل جمعنWا فاسWمع منWي أعرض عليWك أموراً تنظWر فيهWا لعلWك تقبWل منّWا بعضها .فقال لWه رسWول هللا قWل :يWا أبWا الوليWد أسWمع .قال يWا ابWن أخWي إWن كن َW
لWك مWن أموالنWا حتWى تكون أكثرنWا مااًل وإWن كنWت تريWد بWه شرفًWا سWودناك علينWا حتWى ال نقطWع أم ًرا دونWك وإWن كنWت تريWد ُمل ًكWا ملكنّاك علينWا وإWن كان هذا الذي يأتيWك رئيا ً ال تسWتطيع رده
مWن نفسWك طلبنWا لWك الطWب وبذلنWا فيWه أموالنWا حنWى نبرئWك منWه فإنWه ربمWا غلWب التابWع علWى الرجWل حتWى يداوى منWه أWو كمWا قال له .حتWى إذا فرغ عتبWة ورسWول هللا يسWمع منWه قال أقWد
َشي ًرا َونَ ِذي ًرا صWلَتْ آيَاتُهُ Wق ُ ْرآنًWا َع َربِيًّWا لِّقَ ْو ٍم Wيَ ْعلَ ُم َ
ون .ب ِ َاب Wف ُ ِّ
يمِ .كت ٌ يلِّ Wم َن Wال َّر ْح َم ِن Wال َّر ِح ِ
فرغWت يWا أبWا الوليWد قال نعWم قال فاسWمع منWي قال أفعل .قال بسWم هللا الرحمWن الرحيWم﴿ :حم .تَن ِز ٌ
ون﴾ (فصلت.)5-1: اب فَا ْع َم ْل ِإنَّنَا َعا ِملُ َونَ .وقَالُوا قُلُوبُنَا فِي َأ ِكنَّ ٍة ِّم َّما تَ ْدعُونَا ِإلَ ْي ِه َوفِي آ َذانِنَا َو ْق ٌر َو ِمن بَ ْينِنَا َوبَ ْينِ َك ِح َج ٌ ض َأ ْكثَ ُرهُ ْم فَ ُه ْم اَل يَ ْ
س َم ُع َ فََأ ْع َر َ
• ومضWى رسWول هللا فيهWا يقرؤهWا عليWه فلمWا سWمعها عتبWة أنصWت لهWا وألقWى يديWه خلWف ظهره معتمداً عليهWا يسWتمع منWه ثWم انتهWى رسWول هللا إلWى السWجدة منهWا فسWجد ثWم قال قWد سWمعت يWا
أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك.