You are on page 1of 44

‫الخألقا النبوية‬

‫في الصراعات السياسية والعسكرية‬

‫تأليف‬
‫محمد مسعد ياقوت‬

‫‪www.nabialrahma.com‬‬

‫مخطط البحث‬

‫‪1‬‬
‫المبحث الول ‪ :‬الحوار ل الصدام‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حرصه على نشر السلم‬
‫المبحث الثالث ‪:‬رحمته للخصوم والعداء‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬رحمته للسرى‬
‫المبحث الخامس ‪ :‬رحمته لقتلى العدو‬
‫المبحث السادس ‪ :‬رحمته لهأل الذمة‬
‫المبحث السابع‪ :‬قيم حضارية في غزوة بدر الكبرى ] نموذججا[‬

‫ممحد مسعد ياقوت‬


‫كاتب وداعية إسلمي من مصر‬
‫الشمرف العام على موقع نب الرحة‬
‫‪www.nabialrahma.com‬‬
‫البيد اللكتون ‪yakoote@gmail.com :‬‬
‫الدونة الشمخصية ‪yakut.blogspot.com :‬‬
‫جوال ‪(002)0104420539‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث الول‬
‫الحوار ل الصدام‬
‫المطلب الول ‪ :‬الحوار مظهر من مظاهأر الرحمة ‪:‬‬
‫إن تقدي لغة الوار‪ 1‬على أسلوب الصدام‪ ،‬حقننا للدماء وتغليب العقل على العنف‪ ،‬يعد من مظاهر‬
‫الرحة ف شخصية النب‪ ، ‬الذي ضرب الثمل العلى ف ميدان الوار والتفاوض‪ ،‬كمحا ضرب الثمل‬
‫العلى ف القتال والزود عن حياض الدين والوطن‪.‬‬

‫إنن السلم هو دين الوار والعتاف بالخآر‪ ،‬وهو شريعة تطوير القواسم الشمتكة بي النسان‬
‫وأخآيه النسان‪ ،‬وإياد النسبّل الكفيلة بتحقيق ذلك با يساعد على العيش بسلم وأمن وطمحأنينة‪،‬‬
‫ويفظ النسان من أن ييا حياة البعاد والقصاء ونكران الخآر‪ .‬لذا أمر السلم بالوار والندعوة‬
‫بالت هي أحسن‪ ،‬وسلوك الساليب السنة ‪ ،‬والنطرق السليمحة ف ماطبّة الخآر‪ .‬قال تعال‪  :‬اددعع‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫ضنل لعن‬ ‫ك لبادللدكلمحلة لوالدلمحدولعظللة ادلللسنللة لولجاد دعلم لبالنلت هلي ألدحلسعن إلنن لربن ل‬
‫ك عهلو ألدعلعم ل لبن ل‬ ‫ل لسلبّيلل لربن ل‬‫لل‬
‫إل‬
‫لسلبّيللله لوعهلو ألدعلعم لبالدعمحدهتللديلن ‪. 2 ‬‬

‫على هذه السس يرسي القرآن الكري قواعد الوار ف السلم على أساس الكمحة والوعظة‬
‫السنة والدال بالت هي أحسن ‪ ،‬إنه منهج حضاري متكامل ف ترسيخ مبّادئ الوار بي الشمعوب‬
‫والمم ‪ " .‬ومن اللحظ على التعبّي القرآن العجز ف الية ‪ :‬أنه اكتفى ف الوعظة بأن‬
‫تكون)حسنة(‪ ،‬ولكنه ل يكتف ف الدال إل أن يكون بالت هي) أحسن(‪ .‬لن الوعظة ـ غالبّان ـ‬
‫تكون مع الوافقي‪ ،‬أما الدال فيكون ـ عادة ـ مع الخالفي؛ن لذا وجب أن يكون بالت هي أحسن‬
‫‪ .‬على معن أنه لو كانت هناك للجدال والوار طريقتان‪ :‬طريقة حسنة وجيدة ‪ ،‬وطريقة أحسن منها‬
‫وأجود‪ ،‬كان السلم الداعية مأموران أن ياور مالفيه بالطريقة الت هي أحسن وأجود "‪.3‬‬
‫ب إللن لبالنلت لهلي ألدحلسعن إللن النلذيلن ظللعمحواد لمدنـعهدم‬ ‫ولذلك قال ال تعال أيضا ‪  :‬ولل علتالدلعواد ألدهل الدلكلتا ل‬
‫ل ل‬ ‫ل‬
‫ي عأنلزلل إللدليـلنا لوعأنلزلل إللديعكدم لوإللـلعهلنا لوإللـلعهعكدم لوالحدد لولدنعن لهع عمدسللعمحولن [ ]العنكبّوت‪:‬‬ ‫ل ل‬
‫لوعقولعلواد آلمننا بالنذ ل‬
‫‪[46‬فالوار مكن لنن هناك قواسم مشمتكة ‪ ،‬وهناك مال للنتفاهم والنتقارب ‪ ،‬وهي اليإان با عأنزل‬
‫على السلمحي وغيهم ‪ ،‬فالصدر واحد وهو ال ‪ .‬فليتعارفوا وليعرفوا بعضهم ‪ ،‬ومن ث فليتقاربوا‬
‫وليتعاونوا على ما هو صال لم جيعا‪ .‬فالقرآن يعطينا أسلوب بدء النلقاء والوار ‪ ،‬وكيف نستغنل‬
‫نقط النتلقي بي التحاورين ‪.‬فيبّني الصول الت يإكن النتفاق عليها ويرنكز على ذلك فيقول ‪ :‬قعدل‬
‫ل لكللمحةة لسلوآةء بلدـيـنلـلنا لوبلدـيـنلعكدم أللن نلـدعبّعلد إللن اللنهل لولل نعدشملرلك بلله لشديئْان لولل يلـتنلخلذ‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬
‫يلألدهلل الدكلتاب تلـلعالدواد إ لل‬
‫‪ 1‬للباحث دراسإة تحت عنوان‪ :‬حوار الحضارات ‪ :‬الموجود والمفقود والمنشود‪ ،‬ومقالة تحت عنوان‪ :‬دور السإلما‬
‫في مشروع حوار الحضارات‪ ،‬مجلة المجتمع‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،1677‬بتاريخ ‪.19/11/2005‬‬
‫‪ 2‬سإورة النحل ‪ :‬الية ‪ ،125‬وانظر‪ :‬يوسإف القرضاوي ‪ :‬خطابنا السإلمي في عصر العولمة‪ ،‬ص ‪40‬‬
‫‪ 3‬انظر‪ :‬يوسإف القرضاوي ‪ :‬خطابنا السإلمي في عصر العولمة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪41‬‬

‫‪3‬‬
‫ضلنا بلـدعضان ألدرلبابان نمن عدولن اللنله فللإن تلـلولندواد فلـعقولعواد ادشلهعدواد بلألننا عمدسللعمحولن [ ]عمحران‪ [ 64:‬ويبّني‬
‫بلـدع ع‬
‫السلم نوع العلقة الت يب أن تسود السلمحي وغيهم ‪ ..‬إننا علقة النتعاون والحسان والنب‬
‫ل‬
‫والعدل ‪ .‬فهذا هو الوار الضاري والعلقة السامية ‪ ،‬قال تعال‪  :‬لن يلـدنـلهاعكعم اللنهع لعلن النذيلن للد‬
‫لل‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ي ‪]‬‬ ‫ب الدعمحدقسط ل‬‫يـعلقاتعلوعكدم لف النديلن لوللد عيدلرعجوعكدم نمن دليالرعكدم لأن تلـبّلـنروعهدم لوتعـدقسطعلواد إلديهدم إنن اللنهل عي ن‬
‫المحتحنة‪[8 :‬‬
‫" وتلك القاعدة ف معاملة غي السلمحي هي أعدل القواعد الت تتفق مع طبّيعة هذا الدين ووجهته‬
‫ونظرته إل الياة النسانية‪ ،‬بل نظرته الكلية لذا الوجود"‪.4‬‬
‫ومن ث يتبّي للبّاحث مدى الرحة الواسعة الت منحها السلم ورسول السلم‪ ،‬للبّشمر الخالفي‬
‫للسلم‪ ،‬فقرر أن الشمرع أن التعامل يكون بالوار‪ ،‬والدعوة السنة‪ ،‬والدال بالت هي أحسن‪،‬‬
‫ويصخ السلم أهل الكتاب بذا الفضل‪ ،‬فهم أهل كتاب‪ ،‬وأخآوة ف النسانية‪ ،‬فالسلم ل ينهانا‬
‫أن نب ونسن إل اليهود والنصارى ما داموا ل يقاتلون السلمحي ف الدين ول يرجوا السلمحي من‬
‫ل لكللمحةة لسلوآةء بلدـيـنلـلنا لوبلدـيـنلعكدم" ‪.‬‬ ‫ل‬
‫ديارهم‪ ،‬ونداء السلم دائنمحا لهل الكتاب أن "تلـلعالدواد إ لل‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬السلم يرفض المركزية الحضارية ‪:‬‬

‫ونعتقد مع ذلك أن السلم كدين وحضارة عندما يدعو إل الوار مع الخآر‪ ..‬ينكر )الركزية‬
‫الضارية( الت تريد العال حضارة واحدة مهيمحنة ومتحكمحة ف النأاط والتكتلت الضارية الخآرى‪،‬‬
‫فالسلم يريد العال )منتدى حضارات( متعدد الطراف‪ ،‬يريد السلعم لذه الضارات التعددة أن‬
‫تتفاعل وتتساند؛ن ف كل ما هو مشمتك إنسان عام ‪ .‬وإذا كان السلم دينان عاليان وخآات الديان‪،‬‬
‫فإنه ف روح دعوته وجوهر رسالته ل يرمي إل )الركزية الدينية( الت تب العال على التمحسك بدين‬
‫واحد‪ ..‬إنه ينكر هذا القسر عندما يرى ف تعددية الشمرائع الدينية سنة من سنن ال تعال ف الكون‪،‬‬
‫قال تعال‪  :‬للعكنل لجلعدللنا لمنعكدم لشدرلعةن لولمدنـلهاجان لولدو لشآَءل اللنهع للللعلعكدم أعنمةن لوالحلدةن لولـللكن لنيلدبّـلعلوعكدم لف‬
‫جيعان فلـيعـنلبّنئْععكم ل لبا عكنتعدم لفيله لتدتلللعفولن‪] ‬الائدة‪:‬‬‫ت إللل ال مرلجععكم لل‬
‫ليـلرا ل ل د ع د‬
‫مآَ آلتاعكم لفاستبّلعقوا ا ل‬
‫لد‬ ‫دل‬ ‫ل‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ي[ ]هود‪ :‬الية ‪118‬‬ ‫س أعنمةن لواحلدنة لولل يلـلزاعلولن عمدتللف ل‬
‫ك للللعلل الننا ل‬ ‫‪. [48‬وقال أيضنا‪  :‬لولدو لشآَءل لربن ل‬
‫‪.5‬‬

‫إن دعوة النب ‪ ‬إل الوار مع باقي الدول والضارات تنبّع من رؤيته ف التعامل مع غي السلمحي‬
‫الذين يؤمنون برسالتهم السمحاوية‪ ،‬فعقيدة السلم ل تكتمحل إل إذا آمن بالرسل جيعنا‪ :‬قال تعال‪:‬‬

‫‪ 4‬سإيد قطب ‪ :‬في ظللا القرآن ‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪3544‬‬


‫‪ 5‬انظر ‪ :‬حسن عزوزي‪ :‬السإلما وترسإيخ ثقافة الحوار الحضاري‪ ،‬مجلة البلغا‪ ،‬يناير ‪2007‬‬

‫‪4‬‬
‫ل لل ل لل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫لل ل‬ ‫ل‬
‫" آلملن النرعسوعل لبآَ أعندلزلل إللديه من نربنه لوالدعمحدؤمعنولن عكنل آلملن لباللنه لولملَئلكته لوعكتعبّله لوعرعسله لل نـعلفنرعق بلـ د ل‬
‫ي‬
‫ل‬ ‫ة‬
‫صيع" ] البّقرة ‪ :‬الية ‪[285‬‬ ‫ك الدمح ل‬ ‫ل‬ ‫أللحد نمن نرعسلله لولقالعواد للسدعلنا لوألطلدعلنا غعدفلرانل ل‬
‫ك لربـنلنا لوإلدي ل ل‬
‫لقد حل نب الرحة‪ ‬وأتبّاعه قيم السلم العليا ومثمله السامية وأخآذوا ف نشمرها ف كل أرجاء‬
‫الدنيا‪ ،‬دون إجبّار الناس عليها‪ ،‬وبدأت عمحلية التفاعل بي الضارة السلمية والضارات الوربية‬
‫والصرية والفارسية والندية‪ .‬فلم يلغ السلم الضارة الصرية إنأا جودها‪ ،‬ول يلغ السلم حضارة‬
‫الند إنأا هذبا ‪ ،‬ونقى الضارات من خآبّيث العقائد والفكار‪ ،‬وجلى الطيب النافع من الوروثات‬
‫والثمقافات القديإة ‪.‬‬
‫ومع مرور الزمن وانصرام القرون نتجت حضارة إسلمية جديدة أسهمحت ف إنضاجها مكونات‬
‫حضارات الشمعوب والمم الت دخآلت ف السلم‪ ،‬فاغتنت الضارة السلمية بكل ذلك عن طريق‬
‫الوار والتفاعل‪ ،‬وكانت هي بدورها فيمحا بعد عندما استيقظت أوروبا من سبّاتا وأخآذت تستعد‬
‫للنهوض مكونان حضاريان ذا بال أمند الضارة الوروبية الغربية با تزخآر به من علوم وقيم وعطاء‬
‫حضاري متنوع‪.6‬‬
‫الشميء نفسه يإكن قوله عن الضارة الغربية الت ل تظهر فجأة‪ ،‬بل تكونت خآلل قرون كثمية‬
‫حت بلغت أوجها ف عصرنا الاضر وذلك نتيجة التفاعل الضاري مع حضارات أخآرى هيلينية‬
‫ورومانية وغيها‪ ،‬وبفعل التاكم التاريي وعمحليات متفاعلة من التأثر والتأثي خآلل التاريخ النسان‬
‫الديث‪ .‬إن أكب دليل على أن الضارة السلمية ل تسع ف أي وقت من الوقات إل التصادم‬
‫مع الضارة الغربية‪ ،‬هو أن العرب والسلمحي ل يضعوا ف أي زمن من الزمان صوب أهدافهم‬
‫القضاء على خآصوصيات الضارة الغربية وهويتها الضارية‪. 7‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬نماذج عملية من سيرة النبي‪: ‬‬
‫إليك هذه النمحاذج الطيبّة من سية النب ‪ ،‬والت تبّي كيف كان النب ياور الضارات والمم‬
‫الخآرى‪ ،‬يدعوها إل كلمحة سواء ‪.‬‬
‫فبّعدما عقد النب ‪‬هدنة بينه وبي مشمركي مكة الذين حاربوه على مدار ثانية عشمر عامان ـ أو أكثمر‬
‫ـ‪ ،‬استغل النب ‪‬هذه الدنة ف مراسلة زعمحاء وأمراء وملوك العال ‪..‬للحوار والتواصل والتعريف بدعوة‬
‫السلم‪ ..‬مركزان ف خآطاباته على قيم السلم وحرية العتقاد‪ ،‬نرى ذلك جليان ف متوى هذه الرسائل‬
‫‪..‬‬
‫هذا‪ ،‬ولنتأمل أحد هذه النمحاذج الشمرقة‪ ،‬ولتكن رسالة النب ‪ ‬إل اللك القوقس ‪ ..‬فكتــب النبّــي ‪‬‬
‫إل عجلرديج بـن لمتت اللقب باللقدولقس ملك مصر والسكندرية‪ ،‬رسالة نصها‪:‬‬
‫ع‬

‫‪ 6‬انظر ‪ :‬حسن عزوزي‪ :‬السإلما وترسإيخ ثقافة الحوار الحضاري‪ ،‬مجلة البلغا‪ ،‬يناير ‪2007‬‬
‫‪ 7‬انظر ‪ :‬حسن عزوزي‪ :‬السإلما وترسإيخ ثقافة الحوار الحضاري‪ ،‬مجلة البلغا‪ ،‬يناير ‪2007‬‬

‫‪5‬‬
‫"بسم ال الرحن الرحيم ‪ ..‬من ممحد عبّد ال ورسوله إل القوقس عظيم القبّط‪ ..‬سلم على من‬
‫اتبّع الدى‪ ،‬أما بعد‪ :‬فإن أدعوك بدعاية السلم‪ ،‬أسلم تسلم‪ ،‬وأسلم يؤتك ال أجرك مرتي‪ ،‬فإن‬
‫ب تلـلعالدواد إللل لكللمحةة لسلواء بلدـيـنلـلنا لوبلدـيـنلعكدم أللت نلـدعبّعلد إللت‬
‫توليت فإن عليك إث أهل القبّــط‪ ،‬يا ألدهل الدلكلتا ل‬
‫ل ل‬
‫ضلنا بلـدعضان ألدرلبانبا ممن عدولن اللنله فللإن تلـلولتدواد فلـعقولعواد ادشلهعدواد بلألتنا‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫اللنهل لولل نعدشملرلك بله لشدينئْا لولل يلـتخلذ بلـدع ع‬
‫عمدسللعمحولن‪.8"‬‬

‫واخآتار لمحل هذا الطاب الصحاب التحدث حاطب بن أب بلـدلتلـلعة ‪.‬‬

‫وجــدير بنــا أن نــذكر كلم حــاطب ‪ ‬للمحقــوقس حــت يعــرف الغــرب أن هــذه البّعــوث كــانت تعــرف‬
‫هدفها جيدان كمحا أنا بلغت حدان من الفقه والصافة يستحق العجاب البّالغ‪.‬‬

‫قــال حــاطب‪ :‬إن هــذا النــب دعــا النــاس‪ ،‬فكــان أشــدهم عليــه قريــش‪ ،‬وأعــداهم لــه اليهــود‪ ،‬وأقربــم منــه‬
‫النصارى‪ ،‬ولعمحري ما بشمارة موسى بعيسى إل كبّشمارة عيسى بحمحد‪ ،‬وما دعاؤنا إياك إل القــرآن إل‬
‫كدعائك أهل التوراة إل النإيل ‪..‬وكل نب أدرك قومان فهم أمته‪ ،‬فحق عليهم أن يطيعوه‪ ،‬وأنــت مــن‬
‫أدرك هذا النب‪ ،‬ولسنا ننهاك عن دين السيح ولكننا نأمرك به!‬

‫فقال القوقس‪ :‬إن قد نظرت ف أمر هذا النب‪ ،‬فوجدته ل يأمر بزهود فيه‪ .‬ول ينهي عن مرغوب‬
‫فيه‪ ،‬ول أجده بالساحر الضال‪ ،‬ول الكاهن الكاذب‪ ،‬ووجدت معه آية النبّوة بإخآراج البء‬
‫والخآبّار بالنجوي‪ ،‬وسأنظر‪.‬‬

‫وأخآذ كتاب النب ‪ ،‬فجعله ف عحمق من عاج‪ ،‬وخآتم عليه‪ ،‬ودفعه إل جارية له‪ ،‬ث دعا كاتبّان له‬
‫يكتب بالعربية‪ ،‬فكتب إل النب ‪: ‬‬

‫"بسم ال الرحن الرحيم‪ .‬لمحد بن عبّد ال من القوقس عظيم القبّط‪ ،‬سلم عليك‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فقد‬
‫قرأت كتابك‪ ،‬وفهمحت ما ذكرت فيه‪ ،‬وما تدعو إليه‪ ،‬وقد علمحت أن نبّيان بقي‪ ،‬وكنت أظن أنه يرج‬
‫بالشمام‪ ،‬وقد أكرمت رسولك‪ ،‬وبعثمت إليك باريتي‪ ،‬لمحا مكان ف القبّط عظيم‪ ،‬وبكسوة‪ ،‬وأهديت‬
‫بغلة لتكبّها‪ ،‬والسلم عليك"‪.9‬‬

‫‪ 8‬انظر‪:‬البيهقي ‪ :‬دلئال النبوة‪ ،‬ج ‪ ،5‬ص ‪ ،4‬وما بعدها ‪ ،‬باب ما جاء في كتاب النبي صلى ا عليه وسإلم إلى‬
‫المقوقس‪.‬‬
‫‪ 9‬انظر ‪ :‬المصدر السابق‬

‫‪6‬‬
‫ول يزد على هذا ول يسلم‪ ،‬فتزوج رسول ال ‪‬مارية‪ ،‬فأنإبّت له طفل ـ ساه إبراهيم‪ ،‬تقديران وتشمريفان‬
‫لب النبّياء ـ عليه السلم ـ ‪ ،‬أما سيين‪ ،‬فقد تزوجها الشماعر حسان بن ثابت ‪.‬‬

‫"تلك عمثمدل لرسائله إل رجالت النصرانية ومواقفهم منها‪ .‬وقد ساق النب كذلك مبّعوثيه إل رؤساء‬
‫الوسية يدعونم إل ال‪ ،‬ويدثونم عن الدين الذي لو تبّعوه نقلهم من الغي إل الرشاد‪ ..‬وقد‬
‫تفاوتت ردودهم‪ ،‬بي العنف واللطف واليإان والكفر"‪..10‬‬

‫و النب ‪ ‬بذلك أول من نادى بالوار بي الضارات والدول‪ ،‬ف سبّيل نشمر قيم سامية ‪ ..‬ومارس‬
‫هذا الوار كمحا رأيت بستوى عال من الدب وحسن اللق واحتام الرأي الخآر‪.‬‬

‫ولقد أرسل الرسول ‪ ‬الكثمي من الرسل والسفراء – يدعوهم إل السلم ‪ -‬ولتحقيق مثمل هذا الوار‬
‫بينه وبي المم والضارات الخآرى وملوك وزعمحاء العال ‪:‬‬
‫)‪ (1‬فبّعث الصحاب الفاضل دحية بن خآليفة الكلب – وكان أنينقا وسينمحا ‪ ،-‬إل قيصر ملك‬
‫الرومان‪ ،‬واسه هرقل‪.‬‬
‫)‪ (2‬وبعث الصحاب الناضل عبّد ال بن حذافة السهمحي – وكان راسخ الفكر واليإان متحدنثا‬
‫بلينغا ‪ -‬إل كسرى ابرويز بن هرمز‪ ،‬ملك الفرس‪.‬‬
‫)‪ (3‬وبعث الصحاب الليل عمحرو بن أمية الضمحري – وكان لبّنقا ذكنيا‪ ،-‬إل النجاشي ملك البّشمة‪،‬‬
‫ب‬‫ب مدعي النبّوة الشمهور ‪ ،‬برسالة‪ ،‬ولكتلب إلديله بللكلتا ة‬ ‫ث بعثمه النب‪ ‬مرة أخآرى إل مسديللمحةل الدلكنذا ل‬
‫ل ل‬ ‫عل ل‬
‫ل‬
‫ب بدلن الدلعنوالم أللخآي النزبلـ دلي فلـلدم يعدسلدم ‪.‬‬
‫آلخآر لملع السائل ل‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫)‪ (4‬وبعث ‪ -‬لف لذي الدلقدعلدةل لسنلةل للثاةن ‪ -‬الصحاب القائد عمحرو بن العاص – داهية العرب ‪-‬؛ن إل‬
‫ي ‪ ،‬ملكي عمحان‪.‬‬ ‫جيـلفةر ولعدبّلد اللنله ابدـلن العلدنلدى ادللدزلديـن د ل‬
‫د‬ ‫لد ل‬
‫)‪ (5‬وبعث الصحاب الليل سليط بن عمحرو إل هوذة ابن علي‪ ،‬اللك على اليمحامة‪ ،‬وإل ثامة بن‬
‫أثال‪ ،‬النفيي‪.‬‬
‫ك الدبّلدحلريدلن‪.‬‬‫ضرلمي إلل الدمحدنلذلر بلن ساوى الدعبّلدي ملل ل‬
‫ع د ل ل لد ن ل‬ ‫)‪ (6‬وبعث الصحاب الليل الدلعللءل بدلن ادلل د ل ن‬
‫)‪ (7‬وبعث الصحاب الليل شجاع بن وهب السدي‪ ،‬من أسد خآزيإة‪ ،‬إل الارث ابن أب شر‬
‫الغسان‪ ،‬وابن عمحه جبّلة بن اليهم‪ ،‬ملكي البّلقاء من عمحال دمشمق للرومان‪.‬‬
‫ل ة ل‬ ‫)‪ (8‬وبعث الصحاب الليل الدمحهالجر بن أللب أعميةل الدمحخزولمي إلل ا د ل‬
‫لالرث بدلن لعدبّد عكللل ادلدمح للي ن‬
‫ي أحد‬ ‫ل‬ ‫لن ل د ع ن‬ ‫عل ل دل‬
‫زعمحاء اليمحن‪ ،‬وقال ‪ :‬سأنظر ‪.‬‬

‫‪ 10‬محمد الغزالي ‪ :‬فقه السيرة‪ ،‬ص ‪.274‬‬

‫‪7‬‬
‫)‪ (9‬وبعث العلمة الفقيه معاذ بن جبّل إل جلة اليمحن‪ ،‬داعيان إل السلم‪ ،‬فأسلم جيع ملوكهم‪،‬‬
‫كذى الكلع وذي ظليم وذي زرود وذي مران وغيهم‪.‬‬
‫ي لولذي لعدمحةرو‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬
‫ث الصحاب الليل لجلريلر بدلن لعدبّد اللنه الدبّللجلني‪ ،‬إلل ذي الدلكللع ادلدمح للي ن‬ ‫)‪ (10‬لوبلـلع ل‬
‫ف لرعسوعل اللنله ‪ ‬لولجلريدر لعدنلدعهدم‪.‬‬ ‫ل ل‬
‫ها إلل ادلدسللم فلألدسللمحا لوتعـعو نل‬ ‫يلددععو عل‬
‫ث لولمدسعروةح لونـعلعديةم بللن‬ ‫ث الصحاب الليل عياش بن أللب رلبيعةل الدمحخزولمي برسالة إلل ادلالر ل‬ ‫)‪ (11‬لوبلـلع ل‬
‫ل‬ ‫لن ل د ل ل ل ل د ع ن‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫لعدبّد عكللةل زعمحاء من د‬
‫حيلـلر ‪.‬‬
‫صلر لبللعالن فلألدسللم‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ث إلل فلـدرلولة بدلن لعدمحةرو ادلعلذامني يلددععوهع إلل ادللدسللم ‪.‬ولكالن فلـدرلوةع لعامنل للقدي ل‬ ‫)‪ (12‬لوبلـلع ل‬
‫حادر‬ ‫ولكتب إلل النلب ‪ ‬بللإسلللمله وبـعث إليله هلدية مع مسعولد بلن سعةد ولهي بـغلةد شهبّاء وفلـر ل‬
‫س لو ل‬ ‫ل ل ل ل د ل نن ل ل ل د ع د ل د ل ل ل د ل د ل ع ل ل د‬ ‫د‬ ‫نن‬ ‫للل‬
‫ب لللمحدسععولد بدلن لسدعةد اثدـنل ل دت لعدشملرلة‬ ‫ل‬ ‫ث ألثدـوانبا وقلـلبّاء لمدن عسدنعدةس عملو ة ل ل ل‬
‫ص بالنذلهب فلـلقبّلل ‪ ‬لهديـنتلهع لولوله ل‬ ‫ن‬ ‫لوبلـلع ل ل ل ن‬
‫عأوقلينةن لونلنشما‪. 11‬‬
‫وأسلم سائر اللوك والمراء الذين ذكرنا ‪ ،‬وأسلم قومهم‪ ،‬حاشا قيصر والقومقس وهذوة وكسرى‬
‫والارث بن أب شر ‪ ..‬وتأخآر إسلم ثامة بن أثال‪ ،‬ث أسلم متاران بعد ذلك‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬أحدث الرسول ‪ ‬هذا الوار البّناء بي أمة السلم والمم الخآرى ف شت بقاع العال ‪..‬‬
‫وتواصل مع قيادات ورموز العال آن ذاك‪ ..‬فمحنهم من تاوب وتناقش‪ ،‬ومنهم من تعامل مع رسل‬
‫النب بوقاحة‪ ،‬كمحا فعل كسرى ‪..‬‬
‫وهذا مظهر فريد من مظاهر الرحة ف شخصية النب ‪ ،‬فقد قدم الوار على الصدام ف تعامله مع‬
‫المم الخآرى لسيمحا الخالفة للسلم‪ ،‬وراسل النب ‪ ‬زعمحاء وأمراء وملوك العال؛ن برسائل على‬
‫مستوى عال من التحضر والذوق الرفيع‪ ،‬لتعريفهم بدعوة السلم وغايته‪ .‬فحقن الدماء وأعلى من‬
‫شأن الوار والتبّادل العلمحي والثمقاف ‪ ،‬حت استفادت أوربا من الضارة السلمية ف بناء النهضة‬
‫العلمحية الوربية الديثمة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫حرصه على نشر السلم‬
‫لمحد‪ ‬الفضل العظم ف نشمر السلم ف ربوع الزيرة العربية‪ ،‬الت عاشت عدة قرون ف حروب‬
‫طاحنة ومعارك على أتفه السبّاب‪ ،‬وكثمرت حروب "الفجار" الت انتهك أصحابا حرمة البّلد الرام‪.‬‬

‫‪ 11‬انظر‪ :‬هذه البعوث في كتب السيرة ‪ :‬ابن حزما ‪ :‬جوامع السيرة ‪ ،30 ،29‬وابن هشاما ‪،25 /4‬وابن سإعد ‪-2 / 1‬‬
‫‪ ،15‬و محمد بن حبيب البغدادي ‪:‬المحبر ‪ ، 75‬وابن سإيد الناس‪ :‬عيون الثر ‪ ،270 - 260 /2‬وابن كثير ‪ :‬السيرة‬
‫النبوية ‪ ،262 /4‬والمتاع ‪ 307‬وتهذيب النووي ‪ ،1/30‬وابن القيم ‪ :‬زاد المعاد ‪ .116 /1‬وانظر صور ونصوص‬
‫رسإائال النبي إلى الملوك في كتاب محمد حميد ا ‪ :‬الوثائاق السياسإية ص ‪ 135‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وف هذا البّحث نبّي من خآلل شهادات علمحاء الغرب والواقف والحداث؛ن هذا الظهر من مظاهر‬
‫الرحة ف شخصية ممحد ‪:‬‬
‫المطلب الول ‪ :‬محمد‪ ‬رجل السلم‪:12‬‬
‫يقول الفكر هنري ماسيه ‪:‬‬
‫" إذا بثمنا عن ممحد ]‪[‬إجاليان نإده ذا مزاج عصب‪ ،13‬و فكر‪ ،‬دائم التفكي‪ ،‬ونفس باطنها حزن‬
‫‪ ،‬وأما مداركه فهي تثمل شخصان يعتقد بإله واحد ‪ ،‬وبوجود حياة أخآرى ‪ ،‬ويتصف بالرحة الالصة ‪،‬‬
‫والزم ف الرأي والعتقاد ‪ ،‬ويضاف إليه أنه رجل حكومة ‪ ،‬وأحيانان رجل سياسة وحرب ‪ ،‬ولكنه ل‬
‫يكن ثائران بل كان مسالان "‪. 14‬‬
‫ووصف جورج بروك‪ 15‬السلم بأنه ‪ " :‬دين السلم والبّة بي البّشمر "‪.16‬‬
‫وقال عنه الفكر اليرلندي برناردشو‪ " :‬إنه دين التعاون والسلم والعدالة ف ظل شريعة مكمحة ل‬
‫تدع أمران من أمور الدنيا إل رسته ووزنته بيزان ل يطئ أبدان"‪. 17‬‬
‫إن إقرار السلم ف منطة الزيرة العربية الذي حققه ممحد ‪ ‬يعد بق مظهران مهمحان من مظاهر الرحة‪،‬‬
‫فقد شهدت الزيرة العربية ف عهد ممحد ‪ ‬عدة معاهدات سلمحية‪ ،‬ما يبّي فضل رسول ال ‪ ‬ف‬
‫نشمر ثقافة السلم بي العرب بعد قرون طويلة من الاهلية والروب الهلية‪ ،‬وفضله ف حقن الدماء‬
‫وحفظ العراض والقدسات‪ ،‬الت كانت منتهكة ف عصور الاهلية ‪ ..‬ول تدث أي حروب أهلية‬
‫– ف الزيرة العربية ‪ -‬بعد ظهور ممحد ‪ ‬وتسلمحه زمام قيادة العرب ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نموذج في حادث بناء الكعبة ‪:‬‬
‫لا بلغ ممحد ‪ ‬من عمحره الامسة والثملثي – أي قبّل بعثمتة بمحس سني ‪ ،-‬تعرضت الكعبّة للهدم‬
‫‪ ،‬بسبّب سيل عرم اندر إل البّيت الرام‪ ،‬فأوشكت الكعبّة منه على النيار‪ ،‬فاضطرت قريش إل‬
‫صا على مكانتها‪ ،‬فعمحدت قريش إل بنائها‪ ،‬فلمحا تنازع القرشيون فيمحا بينهم من‬
‫تديد بنائها حر ن‬
‫الذي يضع الجر السود ف مكانه ‪ ،‬واخآتلفوا فيمحن يإتاز بشمرف وضعه ف مكانه‪ ،‬واستمحر النزاع‬
‫أربع ليال أو خنسا‪ ،‬واشتد حت كاد يتحول إل حرب ضروس ف أرض الرم‪ ،‬إل أن أبا أمية بن‬
‫الغية الخزومى عرض عليهم أن يتكمحوا فيمحا شجر بينهم أول داخآل عليهم من باب السجد‪،18‬‬

‫ضا‪ ،‬فكان رائادا في ميدان القتالا‬


‫‪ 12‬أرجو أل نفهم من ذلك أن رسإولا ا رجل سإلما وفقط‪ ،‬بل كان رجل حرب أي ض‬
‫والبأس ورائادا في ميدان الصلح والسلما ‪.‬‬
‫‪ 13‬هذه الجملة نرفضها‪ ،‬بل كان سإيدنا محمد ‪-‬صلى ا عليه وسإلم ‪-‬هادىء الطبع‪ ،‬لين العريكة ‪.‬‬
‫‪ 14‬هنري ماسإيه ‪ :‬السإلما ‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ 15‬عضو البرلمان البريطاني‬
‫‪ 16‬مجلة العالم السإلمي العدد ‪ ، 7‬السنة الخامسة ‪.‬‬
‫‪ 17‬مجلة الذكرى عدد ‪ ، 7‬دورة ‪ 1‬ص ‪22‬‬
‫‪ 18‬ابن سإيد الناس‪ :‬عيون الثر ‪75 \1‬‬

‫‪9‬‬
‫فارتضوه‪ ،‬وشاء ال أن يكون ذلك ممحد ‪ ، ‬فلمحا رأوه قالوا‪ :‬هذا المي‪ ،19‬قد رضينا به هذا‬
‫ممحد‪ ،20‬فلمحا انتهى إليهم‪ ،‬وأخآبوه الب طلب رداء فوضع الجر وسطه وطلب من رؤساء القبّائل‬
‫التنازعي أن يإسكوا جينعا بأطراف الرداء‪ ،‬وأمرهم أن يرفعوه‪ ،‬حت إذا أوصلوه إل موضعه أخآذه بيده‬
‫فوضعه ف مكانه‪..21‬‬
‫وهذا حل حكيم من رجل حكيم تراضت قريش بكمحه‪.‬‬

‫ولقــد راح الفكــرون والعلمحــاء‪ ،‬يعلقــون علــى هــذا الــادث بتعليقــات مليئْــة بالتقــدير والعجــاب لــذه‬
‫الشمـعلة العبّقريـة الـت تـاول فـ حـرص شديد دائـم علـى تقيق المـن والسـلم بيـ الناس ‪ ،‬وعـن نإـاح‬
‫ممحد ‪ ‬من تفهم الوقف بسرعة عظيمحة‪ ،‬والتوسل بذه اليلة البيئْة وإرضاء زعمحاء قريش جيعنا‪..‬‬
‫فقــد اســتعت هــذه الادثــة انتبّــاه البّــاحث اللــان أغســطينوس مـوللر ) ‪-1148‬ـ ‪ ،(1894‬فتوقــف‬
‫عن ــدها مليـ ـان ‪ ،‬فـ ـ كت ــابه "الس ــلم "‪ ،‬وتع ــرض لسياســة الن ــب ‪ ‬فـ ـ ه ــذا الق ــام وأن ــه "أده ــش قريشمـ ـان‬
‫بسياسته الرشيدة "‪.22‬‬
‫كمحا توقف الب هنري لمنس عند هذه الادثة فقال ‪:‬‬
‫" لا اخآتلفت قريش ف قضية بناء الكعبّة ‪ ،‬وأي فخذ منها يب أن يعهد إليه بوضع الجر السود‬
‫ف مكانه ‪ ،‬وكادوا يقتتلون ‪ ،‬فاتفقوا على أن يعهدوا بذلك إل ممحد بن عبّد ال الاشي]‪ ،[‬قائلي‬
‫‪ :‬هذا هو المي ! "‪. 23‬‬
‫ولقـد ربــط الستشمــرق "أرثـر جيلمحـان" بيـ هـذه الادثـة الـت منعـت اقتتـال القبّائـل العربيـة‪ ،‬وبيـ الرحلـة‬
‫التالية لبّدء البّعثمة والوحي ‪ ،‬والت تشمكل مقدمة الدعوة السلمية‪ ،‬بقوله ‪:‬‬
‫" ل بد أن يكون ممحد ]‪[‬قد تأثر بإعجاب القوم وتقديرهم العظيم بذه الفكرة الت بسطت السلم‬
‫بي متلف القبّائل ‪ ،‬وليستبّعد أن يكون ممحد]‪ [‬قد أخآذ يس بنفسه أنه من طينة أرقى من‬
‫معاصريه ‪ ،‬وأنه يفوقهم جيعان ذكاءن وعبّقرية ‪ ،‬وأن ال قد اخآتاره لمر عظيم ‪. 24"! ..‬‬

‫‪ 19‬الحاكم ‪ :‬المستدرك‪ 628 \ 1 ،‬من حديث عبد ا بن السائاب‪ ،‬برقم ‪1683‬‬


‫‪ 20‬الطبري‪ :‬تاريخ المم والملوك ‪ ،526\1‬وابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪303\2 ،‬‬
‫‪ 21‬انظر في هذه الحادثة أيضضا‪ :‬محمد بن يوسإف الصالحي ‪ :‬سإبل الهدى والرشاد‪ ،171 \2 ،‬وابن الجوزي ‪ :‬صفة‬
‫الصفوة‪77 \1،‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬محمد شريف الشيباني‪ :‬الرسإولا في الدراسإات السإتشراقية المنصفة‪ ،‬ص ‪.23 ،22‬‬
‫‪ 23‬هنري لمنس ‪ :‬عهد السإلما ‪ ،‬ص ‪65‬‬
‫‪ 24‬ارثر جيلمان ‪ :‬الشرق ‪ ،‬ص ‪117‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬نماذج المعاهأدات مع القبائل المجاورة للمدينة ‪:‬‬
‫فلقد عقد النب – صلى ال عليه وسلم – ف العام الثمان من الجرة‪ -‬العاهدات مع القبّائل الاورة‬
‫للمحدينة ل سيمحا تلك القبّائل الت كانت على الطريق التجاري الؤدي إل الشمام‪ ،‬وذلك من أجل أربعة‬
‫أهداف ‪:‬‬
‫الدف الول ‪ :‬تييد هذه القبّائل ف قضية الصراع بي السلمحي والشمركي‪ ،‬وأل يكونوا يندا مع الشمركي‬
‫على السلمحي ‪.‬‬
‫الدف الثمان ‪ :‬تأمي الدود الارجية للدولة ‪.‬‬
‫الدف الثمالث ‪ :‬اعتاف هذه القبّائل بدولة السلمحي‬
‫الدف الرابع ‪ :‬تيئْة هذه القبّائل لقبّول السلم‪ ،‬والدخآول فيه ‪.‬‬
‫نماذج لهذه المعاهأدات ‪:‬‬
‫أولج ‪ :‬ةمعواعدععةة بعنني ع‬
‫ضممعرعة‬
‫لوعهدم بلطددن لمدن كللنانلةل لولكالن نصخ وثيقة الدعمحلوالدلعلة على النحو التال ‪:‬‬
‫ضدمحلرلة ‪ ،‬فللإ ـنعهدم آلمعنولن لعللى ألدملوالللدم‬ ‫لل‬ ‫ة‬ ‫"بلسلم اللنله الردحلن الرلحيلم ‪ .‬هلذا كللتا ل‬
‫ب مدن عملنمحد لرعسولل اللنه لبّللن ل‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫نل ن‬ ‫د‬
‫ل ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫ب إلذا‬
‫صوفلةن لوإنن النن ن‬ ‫صلر لعللى لمدن لرالمعهدم ‪-‬إل ألدن عليالربعوا لف ديلن اللنه ‪ -‬لما بلنل لدبدر ع‬ ‫لوألندـعفسلهدم لوألنن لعدم النن د‬
‫‪25‬‬

‫صعر لعللى لمدن بلـنر لمدنـعهدم لواتنـلقى ‪. 26".‬‬ ‫لل‬ ‫دعاهم للنلصلرهل ألجابوه‪ ،‬عليلهم بللذلل ل ل ل‬
‫ك ذنمةع اللنه لوذنمةع لرعسوله‪ ،‬لولعدم النن د‬
‫لل عد د ل ع ع لد د ل‬
‫وكانت هذه العاهدة عقب أول غزوة للنب وهي البواء أو ودان )ف صفر ‪2‬هـ ‪ -‬أغسطس ‪ 623‬هـ (‬
‫كمحا عقد النب معاهدة مع بللن عمددللةج‪ 27‬ف ) جادي الول ‪2‬هـ‪ -‬نوفمحب ‪ 623‬م( ‪ ،‬وكانت على نفس‬
‫النحو من وثيقة بن ضمحرة ‪.‬‬
‫ثانجيا ‪ :‬ةمعواعدععةة جهينة ‪:‬‬
‫وهذه القبّيلة تسكن منطقة العيصخ على ساحل البّحر الحر‪ ،‬وكان نصخ هذه العاهدة ‪:‬‬
‫"إنم آمنون على أنفسهم وأموالم‪ ،‬وإن لم النصر على من ظلمحهم أو حاربم إل ف الدين والهل‪،‬‬
‫ولهل باديتهم من بر منهم واتقى ما لاضرتم"‪.28‬‬
‫وقد دلت هذه الوثائق على مقتضيات أخآلقية سامية‪ ،‬فنرى فيها الرسول القائد السمحح – صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬يوادع هذه القبّائل على النصرة التبّادلة ف العروف‪ ،‬ويضمحن لم النب المن والمان على‬
‫الموال والنفس‪ ،‬ويظهر لم النب أخآلق الحسان والصلة ‪..‬‬

‫‪ 25‬دللة على تأبيد هذا العقد‪ ،‬وفيه جواز تأبيد المعاهدات بين المسلمين وغير المسلمين مالم يكن في هذه‬
‫المعاهدات ما يخالف الشرع ‪.‬‬
‫‪ 26‬السهيلي ‪ :‬الروض النف ‪38 /3‬‬
‫‪ 27‬ابن سإيد الناس ‪ :‬عيون الثر ‪300 / 1‬‬
‫‪ 28‬انظر‪ :‬محمد حميد ا‪ :‬مجموعة الوثائاق السياسإية‪ ،‬ص ‪ .62‬وانظر إلى المزيد والمزيد من هذه المعاهدات في‬
‫هذا الكتاب الفريد‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬نموذج في معركة الحزاب ‪:‬‬
‫ومن الواقف الت تدل على حرص ممحد ‪ ‬على السلم‪ ،‬ما حدث ف معركة الحزاب )ف شوال ‪5‬‬
‫هـ\ مارس ‪627‬م( ‪ ،‬حيث حاصر الشمركون الدينة النورة‪ ،‬فلمحا اشتد على السلمحي الصار و‬
‫البّلء بعث رسول ال ‪ ،‬إل عيينة بن حصن والارث بن عوف الرى‪ ،‬وها قائدا غطفان ـ ف‬
‫جيش الحزاب ـ وعرض عليهمحا النب ‪ ‬ثلث ثار الدينة‪ ،‬على أن يرجعا بن معهمحا عنه وعن‬
‫أصحابه‪ ،‬فأحضر النب ‪ ‬الصحيفة والدواة‪ ،‬وأحضر عثممحان بن عفان فأعطاه الصحيفة‪ ،‬وهو يريد أن‬
‫يكتب الصلح بينهمحا‪ ،‬وعبّاد بن بشمر قائم على رأس النب ‪ ،‬مقنع ف الديد‪ ..‬ول تقع الشمهادة ول‬
‫عزيإة الصلح‪ ،‬إل الراوضة‪.‬فلمحا أراد رسول ال ‪ ‬أن يفعل ذلك بعث إل سعد بن عبّادة وسعد بن‬
‫معاذ فذكر لمحا ذلك‪ ،‬واستشمارها فيه‪. 29‬‬
‫فرفضا هذه الفكرة‪..‬‬
‫ونزل النب ‪ ‬على رأي المحاعة‪ ،‬فلم يتم هذا الصلح!‬
‫ولكن الشمهاد ف هذا الوقف‪ ،‬هو حرص النب الدائم ف تنب الل العسكري‪ ،‬قدر المكان‪ ..‬وميله‬
‫الدائم نو الل السلمحي ‪.‬‬
‫المطلب الخامس ‪ :‬نموذج معاهأدة الحديبية‪:‬‬
‫لول مرة تشمهد الزيرة العربية تلك العاهدة المحدية الت نادى با النب ‪ ‬وأبرمها ف ذي القعدة سنة‬
‫ست من الجرة )مارس ‪ 628‬م( ‪ ،‬وهي معاهدة صلح الديبّية‪.‬‬
‫رغم ما كان من بنود محفة بالسلمحي ف هذا الصلح ‪..‬‬
‫وإن التأمل لحداث صلح الديبّية يتبّي له إصرار النب ‪ ‬على تقيق السلم‪ ،‬وأنه ‪ ‬كان دائمحان‬
‫ينح للسلم إن هيئْت له أسبّاب إقامة السلم ف أي وقت‪..‬‬
‫فعندما قصد رسول ‪ ‬العمحرة مع أصحابه‪ ،‬ف العام السادس من الجرة‪ ،‬أبت قريش أن تسمحح للنب‬
‫وأصحابه بإداء عبّادة العمحرة‪ ،‬وهذا الفعل من القريشميي يعد جريإة كبى ف عرف العرب‪ ،‬إذ كيف‬
‫عيصد عن البّيت الرام من جاء معظمحان له !!‬
‫وعرفت قريش ضيق الوقف‪ ،‬فأسرعت إل بعث عسلهديل بن عمحرو – متحدنثا رسنيا لا ‪ -‬للتفاوض مع‬
‫النب ‪ ‬حول عقد الصلح‪ ،‬وأكدت له أن يكون ف شروط الصلح ‪ :‬أن يرجع عن مكة عامه هذا‬
‫دون عمحرة‪ ،‬ففي ذلك – كمحا يرى القرشيون ‪ -‬جرح لشماعر الشمركي بعدما انتصر عليهم السلمحون‬
‫ف معركة بدر انتصانرا ساحنقا ‪ ،‬وحت ل تتحدث العرب أن ممحندا ‪ ‬دخآل مكة وأدى العمحرة رغنمحا‬
‫عن الشمركي ‪.-‬‬
‫‪29‬‬
‫انظر‪ :‬ابن كثير ‪ :‬السيرة النبوية ‪ ،201 / 3‬ومحمد بن يوسإف الصالحي‪ :‬سإبل الهدى والرشاد ‪376 / 4‬‬

‫‪12‬‬
‫فأتاه سهيل بن عمحرو‪ ،‬فلمحا رآه ‪ ‬قال‪" :‬قد سهل لكم أمركم‪ ،‬أراد القوم الصلح حي بعثموا هذا‬
‫ل‪ ،‬ث اتفقا على قواعد الصلح‪ ،‬وهي هذه‪: 31‬‬ ‫‪30‬‬
‫الرجل" ‪ ،‬فجاء سهيل فتكلم طوي ن‬
‫البند الول ‪ :‬الرسول ‪‬يرجع من عامه هذا‪ ،‬فل يدخآل مكة‪ ،‬وإذا كان العام القابل دخآلها‬
‫السلمحون فأقاموا با ثلثنا‪ ،‬معهم سلح الراكب‪ ،‬السيوف ف العقعرب‪ ،‬ول يتعرض لم بأي نوع من‬
‫أنواع التعرض‪.‬‬
‫البند الثاني ‪ :‬وضع الرب بي الطرفي عشمر سني‪ ،‬يأمن فيها الناس‪ ،‬ويكف بعضهم عن بعض‪.‬‬
‫البند الثالث ‪ :‬من أحب أن يدخآل ف عقد ممحد ‪ ‬وعهده دخآل فيه‪ ،‬ومن أحب أن يدخآل ف‬
‫عقد قريش وعهدهم دخآل فيه‪ ،‬وتعتب القبّيلة الت تنضم إل أي الفريقي جزءان من ذلك الفريق‪ ،‬فأي‬
‫عدوان تتعرض له أي من هذه القبّائل يعتب عدوانان على ذلك الفريق‪.‬‬
‫البند الرابع‪ :‬من أت ممحدان ‪ ‬من قريش من غي إذن وليه ـ أي هاربان منهم ـ رده عليهم‪ ،‬ومن جاء‬
‫قريشمان من مع ممحد‪ ‬ـ أي هاربان منه ـ ل يرد عليهن!‬

‫ث عدعي علي بن أب طالب ليكتب مسودة العاهدة‪ ،‬وكره سهيل بن عمحرو ـ مبّعوث القريشميي ـ أن‬
‫يكتب ف صدر الوثيقة " ممحد رسول ال " وأب علني بن أب طالب‪ ،‬وهو كاتب الوثيقة ‪ ،‬أن‬
‫يإحو بيده " رسول ال " ‪ ،‬فمححا النب‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬هذه الصفة بيده الكريإة‪ ،‬وأمر‬
‫الكاتب أن يكتب " ممحد بن عبّد ال "‪. 32‬وهذا الوقف يدل على ساحته ف التفاوض‪ ..‬ث تت‬
‫كتابة الوثيقة ‪ ،‬ولا ت الصلح دخآلت قبّيلة خآزاعة ف عهد رسول ال وكانوا حليف بن هاشم منذ‬
‫عهد عبّد الطلب‪ ، ،‬فكان دخآولم ف هذا العهد تأكيدان لذلك اللف القدي ـ ودخآلت قبّيلة بنو‬
‫‪33 .‬بكر ف عهد قريش‬

‫المطلب السادس‪ :‬نموذج الصلح مع أهأل خأيبر ‪:‬‬


‫لا استسلم يهود خآيب ) ف الرم ‪ 7‬هـ ‪ /‬مايو ‪ ،(628‬ف ناية معركة رسول ال معهم صالهم صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ، -‬وأعطاهم الرض ‪ ،‬يلـدعلمحعلوا فيها لويلـدزلرععولها‪ ،‬لولعدم لشطدعر لما ليدعرعج لمدنـلها‪. 34‬‬
‫وف هذه الصالة ‪ -‬بذا الشمكل ‪ -‬رحة وعفو كبّيين بأهل خآيب ‪..‬‬

‫‪ 30‬صحيح ـ رواه البيهقي في السنن الكبرى ) ‪ ،(220 \9‬وهو في الرواء)‪.(57 \1‬‬


‫‪ 31‬انظر‪ :‬السهيلي ‪ :‬الروض النف ‪،48 \4‬وابن هشاما\ ‪ ،316‬وابن كثير‪ :‬السيرة النبوية ‪.320 \3‬‬
‫‪ 32‬انظر‪ :‬ابن حزما‪ :‬جوامع السيرة ‪. 209 / 1‬‬
‫‪ 33‬انظر‪ :‬محمد بن يوسإف الصالحي سإبل الهدى والرشاد ‪.52 \5‬‬
‫‪ 34‬صحيح البخاري ‪(3917) -‬‬

‫‪13‬‬
‫فهم ف القيقة يستحقون العدام ! فهم قد خآانوا النب ‪ ‬وغدروا وتالفوا مع مشمركي قريش سنرا‪،‬‬
‫وأصبّحت قيادات خآيب والفصائل اليهودية الخآرى عمحلء وجواسيس لشمركي مكة وغطفان ‪..‬كل‬
‫هذا إل جانب أنم السبّب الرئيسي ف تزيب جيوش الحزب‪ ،‬من كل حدب وصوب‪..‬‬

‫صتلى اللتهع لعلديله لولسلتلم – حيث أهدت لللرعسولل اللتله‬


‫ولا أقدمت امرأة منهم على ماولة اغتيال النب ‪ -‬ل‬
‫صتلى اللتهع لعلديله لولسلتلم ‪-‬لشاةد لفيلها عسمم‪ ..35‬وعتوف اثر هذه الاولة الفاشلة أحد الصحابة ‪ ..‬ل ينقلب‬
‫‪-‬ل‬
‫رسول ال – صلى ال عليه وسلم – على أهل خآيب ول يعمحل فيهم القتل – كمحا يفعل بعض الزعمحاء‬
‫ف مثمل هذه الواقف – إنأا أثبّت الصلح وأقر العهد ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫رحمته للخصوم والعداء‬

‫المطلب الول ‪ :‬لماذا القتال ؟‬


‫هاجر السلمحون من مكة إل الدينة ]ف يوليه ‪622‬م [‪ 36‬فرانرا بدينهم ولبّناء متمحع إسلمي جديد‬
‫آمن‪ ،‬ولتكون الدينة مقنرا للدعوة السلمية تنطلق منها البّعوث والرسل إل شت بقاع الرض تبّلغ‬
‫رسالت ال إل العال ‪..‬‬
‫وبالفعل نإح السلمحون ف تأسيس أول دولة إسلمية ‪ ،‬وأخآذ رسول ال يعقد الحلف والعقود مع‬
‫القبّائل والمحاعات على الصعيدين الداخآلي والارجي للمحدينة ‪ ،‬وأصبّح للمحسلمحي لول مرة كيان‬
‫معتف به من هذه القبّائل ‪..‬‬
‫وف كل يوم يزداد فيه التقدم السلمي عقب الجرة‪ ،‬يزداد معه حنق الوثنيي وغيظهم على السلمحي‪.‬‬
‫وأصبّح السلمحون ف حاجة ماسة للتسلح والدفاع عن أنفسهم ولمحاية عقيدتم ودولتهم ‪ ،‬وبالفعل نزل‬
‫النصخ القرآن ييز للمحسلمحي الدفاع عن أنفسهم بالسلح‪ ،‬إضافة جواز مطاردة الصال الادية والتجارية‬
‫لقريش‪ ،‬من أجل استداد الموال والقوق الت استلبّتها قريش من السلمحي الستضعفي عند هجرتم‪.‬‬
‫صلرلهدم للقلديدر {]الج ‪.[39 :‬‬ ‫ل‬ ‫ل لل‬
‫قال ال تعال ‪} :‬أعذلن للتذيلن يـعلقاتلـعلولن بلألنـتعهدم ظعلعمحوا لوإلتن اللتهل لعللى نل د‬
‫وكان الذن بالقتال واستداد القوق بالقوة‪ ،‬لعدة اعتبّارات شرعية ومنطقية وجيهة‪:‬‬

‫‪ 35‬صحيح البخاري ‪(3918) -‬‬


‫‪ 36‬رالف لنتون ‪ :‬شجرة الحضارة‪.1/341 ،‬‬

‫‪14‬‬
‫ل‪ :‬مصادرة أموال المسلمين وعقاراتهم ‪:‬‬
‫أو ج‬
‫عندما هاجر السلمحون من مكة إل الدينة‪ ،‬أصبّحوا ف ضيق من العيش‪ ،‬حيث صادر كفار مكة أموال‬
‫وعقارات وتارات السلمحي‪ ،‬وقام الشمركون بتوزيع هذه الموال بي صناديد مكة ظلنمحا وسحنتا !‬
‫وكانت تارة قريش تر بالدينة ف الذهاب وف العودة حال رحلتها الصيفية إل الشمام ‪ .‬وكانت بالنسبّة‬
‫للمحسلمحي فرصة ذهبّية لستداد بعض حقوقهم ‪.‬‬
‫ثانجيا‪ :‬إعلنا الحرب على الدولة السلمية الناشئة‪:‬‬
‫بادر زعمحاء مكة ف إعلن الرب على السلمحي‪ ،‬والسعي بشمت الطرق لحداث حرب أهلية داخآل‬
‫الدينة‪ ،‬فأرسلوا إل عمحيلهم عبّد ال بن أب بن سلول‪ -‬وكان إذ ذاك مشمرنكا بصفته رئيس الدينة قبّل‬
‫الجرة‪ ،‬فقد كاد الوس والزرج أن يعلوه ملنكا عليهم‪ ،‬لول هجرة النب كتبّوا إل ابن سلول ومن خآلفه‬
‫من النافقي ف كلمحات تنم عن شدة النق والغيظ على السلمحي ‪:‬‬
‫صالحبّلـلنا ! لوإلتنا نـعدقلسعم لباللتله للتعـلقاتللعنتهع ألدو لتعدخلرعجنتهع ألدو لنللسليتن إللديعكدم بلألدجلعللنا لحتت نلـدقتعلل‬
‫"إلنتعكدم آلويدـتعدم ل‬
‫عملقاتللتلعكدم لونلدستللبّيلح نللساءلعكدم"‪..‬‬
‫ل‬ ‫لل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ك‬‫ب ‪ ،‬فلـلتمحا بلـللغ لذل ل‬ ‫ل‬
‫ب لولمدن لكالن لملعهع مدن لعبّللدة ادللدولثان ادجتللمحععوا لقلتالل النتل م‬ ‫ك لعدبّلد اللتله بدلن أعلب‬ ‫فلـلتمحا بلـللغ لذل ل‬
‫ت تللكيعدعكدم بلألدكثملـلر ل تما تعلريعدولن ألدن‬ ‫ل‬ ‫النتلب ‪ ،‬للقيـهم فلـلقالل ‪ " :‬للقدد بـللغ ولعيعد قعـري ة ل‬
‫ش مدنعكدم الدلمحلبّاللغ ! لما لكانل د‬ ‫لد‬ ‫ل ل‬ ‫ت لع د‬
‫تللكيعدوا بلله ألندـعفسعكم‪ ،‬تعلريعدولن ألدن تعـلقاتللعوا لأبـلناءعكم وإلخآوانلعكم ؟ ! "‪..‬فلـلتمحا للسعوا لذلل ل ل‬
‫ب تلـلفترقعوا ‪.‬‬‫ك مدن النتل م‬
‫‪37‬‬
‫ع‬ ‫د ل د ل دل د‬ ‫ل د‬
‫وهنا تظهر عظمحة القائد الكيم الرب – صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬حيث قضى على هذه الفتنة ف‬
‫مهدها‪ ،‬وضرب على وتر العزة القبّلية‪ ،‬فقد كان يدرك أغوار النفس البّشمرية الت يتعامل معها‪ ،‬ولذلك‬
‫كان خآطابه مؤثنرا ف نفوس مشمركي أهل يثمرب‪.38‬‬
‫وكان من أخآلقه – صلى ال عليه وسلم – أن تعصب لوحدة الصف ول يتعصب لصحابه الهاجرين‬
‫دون النصار‪ ،‬أو السلمحي دون الشمركي الدنيي‪ ،‬إنأا ضرب ركز ف خآطابه على مصلحة الدينة ‪ -‬با‬
‫فيها من طوائف وعقائد ‪ -‬ضد أعدائها من الارج ‪..‬‬
‫ثالجثا‪ :‬تهديد أمن المسلمين ‪:‬‬
‫وهو اعتبّار آخآر شرعي للذن بالقتال لسيمحا للدفاع عن حياة الواطن سواء داخآل الدولة السلمية أو‬
‫خآارجها ‪ ،‬ونستدل على ذلك بادث ماولة منع الصحاب الليل سعد بن معاذ من أداء العمحرة‪:‬‬
‫صلدينقا للعلميتةل بدلن‬ ‫ة‬ ‫ل‬
‫ث لعدن لسدعد بدلن عملعاذ ألنتهع لقالل لكالن ل‬ ‫فعن لعدبّلد اللتله بدلن لمدسععوةد ‪ -‬لرلضلي اللتهع لعدنهع ‪ -‬لحتد ل‬
‫ف لولكالن أعلميتةع إللذا لمتر لبالدلمحلدينللة نلـلزلل لعللى لسدعةد‪ ،‬لولكالن لسدعدد إللذا لمتر لبلتكةل نلـلزلل لعللى أعلميتةل فلـلتمحا قللدلم لرعسوعل‬
‫لخآل ة‬

‫‪ 37‬سإنن أبي داود‪ ،‬باب في خبر النضير‪ ،‬حديث ‪ ،2610‬وصححه اللباني في صحيح وضعيف سإنن أبي داود‪.‬‬
‫‪ 38‬انظر‪ :‬على محمد الصلبي ‪ :‬السيرة النبوية‪364 \1 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫اللتله الدلمحلدينلةل اندطلللق لسدعدد عمدعتللمحنرا فلـنلـلزلل لعللى أعلميتةل لبلتكةل‪ ،‬فلـلقالل للعلميتةل ‪ :‬اندظعدر لل لسالعةل لخآدللوةة للعملي ألدن‬
‫ل‬ ‫ت ‪ ..‬فللخرج بلله قللريبّا لمن نل د ل‬ ‫ف لبالدبّـي ل‬
‫صدفلوالن لمدن لهلذا‬ ‫صف النتـلهالر‪ ،‬فلـلقيلـعهلمحا ألعبو لجدهةل فلـلقالل ‪ :‬ليا أللبا ل‬ ‫ن د‬ ‫لل‬ ‫ألعطو ل ل د‬
‫ف لبلتكةل آلمننا لوقلدد أللويدـتعدم ال ص‬
‫صلبّالة‪ ،‬لولزلعدمحتعدم‬ ‫ك؟؟ فلـلقالل ‪ :‬لهلذا لسدعدد ‪ .‬فلـلقالل لهع ألعبو لجدهةل ‪ :‬أللل أللرالك تلعطو ع‬ ‫لملع ل‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫ك لسالنمحا!! فلـلقالل لهع‬ ‫ت إللل ألدهل ل‬ ‫صدفلوالن لما لرلجدع ل‬ ‫ك لملع أللب ل‬ ‫صعرونلـعهدم لوتعلعيعنونلـعهدم ! أللما لواللتله لدولل ألنت ل‬‫ألنتعكدم تلـدن ع‬
‫ك لعللى‬ ‫ك لمدنهع‪ ،‬طللريلق ل‬ ‫ك لما عهلو أللشصد لعلدي ل‬ ‫صدوتلهع لعلديله ‪ -‬أللما لواللتله لئْلدن لمنلـدعتللن لهلذا لللدمنلـلعنت ل‬ ‫لسدعدد ‪ -‬لولرفللع ل‬
‫الدلمحلدينللة ‪.39‬‬
‫تدل هذه الادثة على أن أبا جهل يعتب سعد بن معاذ من أهل الرب بالنسبّة إل الشمركي ف مكة‪،40‬‬
‫ك لملع أللب‬ ‫ولول أنه دخآل ف جوار زعيم من زعمحائها لهدر دمه‪ ،‬تأمل قول أب جهل لسعد ‪ " :‬لدولل ألنت ل‬
‫ك لساللنمحا" ! فلم يكن أحد من السلمحي وإن كانوا معتمحرين أو حجاج‬ ‫ل‬
‫ت إللل ألدهل ل‬ ‫صدفلوالن لما لرلجدع ل‬ ‫ل‬
‫يستطيع أن يدخآل مكة حانجا أو معتمحنرا أو نو ذلك‪ ،‬إل ف جوار زعيم من الزعمحاء الوثنيي كمحا‬
‫رأيت ‪.‬‬
‫وهكذا يتبّدى للمحتبّصر أن السجد الرام تت احتلل فعلي‪ ،‬وإهانة واقعة‪ ،‬وعتو بني من قبّل هؤلء‬
‫الذين جعلوا من أنفسهم أوصياء على السجد الرام‪ ،‬وما هم ‪ .‬قال ال تعال }لولما لعدم أللت يـعلعمذبلـعهعم‬
‫صصدولن لعلن الدلمحدسلجلد ادلللرالم لولما لكانعواد ألدولللياءهع إلدن ألدوللليآَعؤهع إللت الدعمحتـعقولن لولـلكتن ألدكثملـلرعهدم لل يلـدعلعمحولن‬ ‫اللنهع لوعهدم يل ع‬
‫{النفال ‪34‬‬
‫"إنم ليسوا أولياء هذا البّيت ول أصحابه ‪ .‬إنم أعداء هذا البّيت وغاصبّوه! إن بيت ال الرام ليس‬
‫تركة يرثها اللف عن السلف ‪ .‬إنه بيت ال يرثه أولياء ال التقون ل "‪.41‬‬
‫ضا – من كلم سعد – على أن السلمحي ف هذا الوقت ل يتعرضوا ولو لرة‬ ‫ويدل هذا الادث أي ن‬
‫واحدة لقوافل مكة التجارية‪ ،‬وأن الدولة السلمية ف هذا الوقت ل تعامل أهل مكة الشمركي معاملة‬
‫أهل الرب‪ .‬ومعن هذا أن اليدي المحسكة بزمام المور ف مكة هي الت بادرت بالعدوان‪ ،‬وأعلنت‬
‫الرب على دولة السلم‪ ،‬وهددت الجاج والعتمحرين من السلمحي‪ ،‬واعتبت السلمحي أهل حرب ل‬
‫يدخآلون مكة إل بصك أمان أو بصفة مستأمني‪. 42‬‬
‫فكان بعد كل هذا أن يدافع الشمعب السلم عن عقيدته وأرضه ودولته ونبّيه ‪..‬‬

‫تنبيه هأام ‪:‬‬

‫‪ 39‬صحيح البخاري‪ ،‬باب ذكر النبي صلى ا عليه وسإلم تمقن يلققتتلل ببدر‪ ،‬ح ‪. 3656‬‬
‫‪ 40‬انظر‪ :‬محمد خير هيكل‪ :‬الجهاد والقتالا ‪ ،3/476‬وعلى محمد الصلبي‪ :‬السيرة النبوية‪،1/364 ،‬‬
‫‪ 41‬سإيد قطب ‪ :‬في ظللا القرآن‪ ،‬سإورة النفالا‪ ،‬الية ‪.34‬‬
‫‪ 42‬انظر‪ :‬محمد خير هيكل‪ :‬الجهاد والقتالا ‪ ،3/476‬وعلى محمد الصلبي‪ :‬السيرة النبوية‪1/364 ،‬‬

‫‪16‬‬
‫ل يفهم من ذلك أن الهاد ف السلم لدفع العدوان فقط‪ ،‬أو أن الهاد هو نوع واحد أو مرحلة‬
‫واحدة ‪ ..‬كل ! فالهاد مراحل وأقسام ‪ ،‬فقد كان الهاد ف بداية الدعوة‪ ،‬مقتصران على الدعوة‬
‫السلمحية مع الصمحود ف سبّيلها للمححن و الشمدائد‪ ،‬ث شرع ال جانبّها ‪ -‬مع بدء الجرة‪ -‬القتال‬
‫الدفاعى‪ ،‬أى رد كل قوة بثملها‪ ،‬ث شرع بعد ذلك قتال كل من وقف عقبّة ف طريق إقامة التمحع‬
‫السلمى‪ ،‬على أن ل يقبّل من اللحدة و الوثنيي و الشمركي إل السلم وذلك لعدم إمكان‬
‫النسجام بي التمحع السلمى الصحيح وما هم عليه من اللاد و الوثنية‪ ،‬أما أهل الكتاب فيكفى‬
‫خآضوعهم للمحجتمحع السلمى وانضوائهم ف دولته على أن يدفعوا للدولة ما يسمحى ) الزية (‬
‫مكان ما يدفعه السلمحون من الزكاة‪ .‬وعند هذه الرحلة الخآية استقر حكم الهاد ف االسلم‪ ،‬وهذا‬
‫هو واجب السلمحي ف كل عصر إذا توافرت لديهم القوة و العدة اللزمة ‪ .‬وعن هذه الرحلة يقول ال‬
‫تعال ‪ ":‬قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلمحوا أن ال مع التقي " ] التوبة‬
‫‪ ،[123‬وعنها أيضان يقول الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ": -‬أمرت أن أقاتل الناس حت يقولوا ل‬
‫إله إل ال فمحن قال ل إله إل ال عصم من ماله ونفسه إل بقه وحسابه على ال "‪.43‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬محمد ‪ ‬القائد الرحيم ‪:‬‬
‫يتحدث البّاحث "وليم موير" عن معاملة النب ‪ ‬أعداءه تلك العاملة الت اتسمحت بالرحة والعفو‪،‬‬
‫حي فتحه مكة )ف رمضان ‪8‬هـ‪ /‬يناير ‪ 630‬م( ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬
‫"عامل حت ألد أعدائه بكل كرم وسخاء حت مع أهل مكة ‪ ،‬وهم الذين ناصبّوه العداء سني طوالن‬
‫‪ ،‬وامتنعوا من الدخآول ف طاعته ‪ ،‬كمحا ظهر حلمحه وصفحه ف حالت الظفر والنتصار ‪ ،‬وقد دانت‬
‫لطاعته القبّائل الت كانت من قبّل أكثمر مناجزة وعداء له "‪. 44‬‬
‫كذلك يقول واشنجتون إيرفنج‪":45‬كانت تصرفات الرسول ]‪ [‬ف ]أعقاب فتح[ مكة تدل على أنه‬
‫نب مرسل ل على أنه قائد مظفر‪ .‬فقد أبدى رحة وشفقة على مواطنيه برغم أنه أصبّح ف مركز‬
‫قوي‪ .‬ولكنه تنوج نإاحه وانتصاره بالرحة والعفو"‪.46‬‬
‫فهو الفاتح الرحيم‪ ،‬بالق والعدل‪ ،‬ل الغازي الطاغية أو الظال‪..‬‬
‫"وف إمكان الرء أن يتخيل العاملة الت كان يدر بفاتح دنيوي النزعة أن يعاملهم با‪ .‬ولكن صفح‬
‫الرسول ‪ ‬كان ل يعرف حدودان ‪ .‬فقد غفر لم ثلثة عشمر عامان من الضطهاد والتآَمر "‪ .. 47‬وهم‬
‫الذين عذبوه وعذبوا أصحابه وهتجروه وهنجروه أصحابه‪ ،‬وقتلوا منهم نفران ليس بالعديد القليل ‪..‬‬

‫‪ 43‬محمد سإعيد رمضان البوطي ‪ :‬فقه السيرة ‪ ،126‬والحديث متفق عليه ‪.‬‬
‫‪ 44‬وليم موير ‪ :‬حياة محمد‪88 ،‬‬
‫‪ 45‬واشنجتون إيرفنج ‪ :‬مستشرق أمريكي‪ ،‬أولى اهتماضما كبيضرا لتاريخ المسلمين في الندلس‪ .‬من آثاره‪) :‬سإيرة‬
‫النبي العربي( مذيلة بخاتمة لقواعد السإلما ومصادرها الدينية )‪ ،(1849‬و)فتح غرناطة( )‪ ،(1859‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ 46‬واشنجتون إيرفنج‪ :‬حياة محمد ‪ ،‬ص ‪72‬‬
‫‪ 47‬مولنا محمد علي‪ :‬حياة محمد و سإيرته‪ ،‬ص ‪.270-269‬‬

‫‪17‬‬
‫يقول "جان باغوت غلوب" معقبّان " وهكذا ت فتح مكة دون إراقة دماء إل حد كبّي ‪ ...‬إل أنه‬
‫اكتسب قلوب المحيع با أظهره من رحة وعفو ف يوم انتصاره "‪. 48‬‬
‫ه ــذا‪ ،‬ويق ــول الستشم ــرق إمي ــل درمنغ ــم متح ــدثان ع ــن الفات ــح والقائ ــد الرحي ــم نبّين ــا ممح ــد ‪ ‬فـ ـ ح ــال‬
‫انتصاراته ‪:‬‬
‫"فقد برهن ]ممحد ‪ [‬ف انتصـاره النهـائي‪ ،‬علـى عظمحـة نفسـية؛ن ق تل أن يوجـد لـا مثمـال فـ التاريـخ؛ن إذ‬
‫أمر جنوده أن يعفوا عن الضعفاء والسني والطفــال والنســاء‪ ،‬وحــذرهم أن يهــدموا الـبّيوت‪ ،‬أو يسـلبّوا‬
‫التجار‪ ،‬أو أن يقطعـوا الشـجار الثممحـرة‪ ،‬وأمرهـم أل يـردوا السـيوف إل فـ حال الضـرورة القـاهرة‪ ،‬بـل‬
‫رأيناه يؤنب بعض قواده ويصلح أخآطاءهم إصلحان ماديان ويقول لم‪ :‬إن نفسـان واحـدة خآيـ مـن أكـثمر‬
‫الفتوح ثراء ! "‪. 49‬‬
‫"وهكـ ــذا ظهـ ــر الرسـ ــول ‪ ‬الـ ــذي كـ ــان رحـ ــة للعـ ــالي‪ ،‬وحـ ــرر النسـ ــانية مـ ــن أصـ ــفاد الهـ ــل والرافـ ــة‬
‫والفساد"‪ .. 50‬بل ظهر كمحا وصفه الفكر البّلجيكي هنري ماسيه ‪":‬يتصف بالرحـة الالصـة"‪ .51‬تلـك‬
‫الرحــة الالصــة الــت غلبّــت دوم ـان – كمحــا ي ـبّي مارســيل ب ـوازار – علــى أحــاديث النــب ‪ ‬وس ـيته‪ ،‬فل‬
‫"تنف ــك الح ــاديث الشمـ ـريفة والس ــية النبّوي ــة تص ــور فـ ـ الذه ــان ك ــرم الرس ــول وتواض ــعه‪ ،‬كمح ــا تص ــور‬
‫اســتقامته ونقــاءه ولطفــه وحلمحــه ‪ .‬وكمحــا يظهــره التاريــخ قائــدان عظيمح ـان ملــء قلبّــه الرأفــة‪ ،‬يصــوره كــذلك‬
‫رجل دولة صريان قوي الشمكيمحة )ديإقراطينا(‪. 52"..‬‬
‫وفوق أخآلق الرحة الت تلق با النب ‪ ‬لا انتصر على أعدائه وتكـن منهــم‪ ،‬فـ العـارك والفتوحـات‪،‬‬
‫ن ـراه أيض ـان رحيمح ـان بجرمي ـ وأعــداء – داخآــل الدولــة ‪ -‬أمض ـوا حيــاتم ف ـ دس الفت ـ بي ـ الســلمحي‪،‬‬
‫والعمحل الدائب من أجل هدم الدين والدولة‪ ،‬فضلن عن عمحالة هــؤلء الرميـ لعــداء السـلمحي خآـارج‬
‫حدود الدولة ‪..‬‬
‫يقول "مولنا ممحد على" ‪:‬‬
‫"وســاحة الرســول ]‪ [‬نــو أعــدائه يعــز نظيهــا فـ ـ تاريــخ العــال ‪ .‬فقــد كــان عبّــد الـ ـ بــن أبـ ـ عــدوان‬
‫للســلم ‪ ،‬وكــان ينفــق أيــامه وليــاليه فـ ـ وضــع الطــط ليقــاع الذى بالــدين الديــد‪ ،‬مرضـ ـان الكييـ ـ‬
‫واليهود تريضان موصولن على سحق السلمحي ‪ .‬ومـع ذلـك فيـوم تـوف عبّـد الـ دعـا الرسـول]‪ [‬ربـه أن‬
‫يغفر له ‪ ،‬بل لقد قدم رداءه إل أهله كي يكفنوه به"‪. 53‬‬
‫إن نب الرحة ‪ ‬ل ينتقم ف أيإا يوم من اليام من امرىء أساء إليه! صــحيح أنــه أنــزل العقوبــة ببّعــض‬
‫‪ 48‬جان باغوت غلوب ‪ :‬الفتوحات العربية الكبرى ‪ ،‬ص ‪.157-156‬‬
‫‪ 49‬انظر‪ :‬بشرى زخاري ميخائايل ‪ :‬محمد رسإولا ا هكذا بشرت به الناجيل‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ 50‬مولنا محمد علي ‪ :‬حياة محمد و سإيرته ‪.282 ،‬‬
‫‪ 51‬هنري ماسإيه ‪ :‬السإلما ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 52‬مارسإيل بوزار ‪ :‬إنسانية السإلما ‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 53‬مولنا محمد علي‪ :‬حياة محمد و سإيرته ‪ ،‬ص ‪.270-269‬‬

‫‪18‬‬
‫أعــدائه ف ـ أح ـوال نــادرة جــدنا‪ ،‬وف ـ ف ـتات جــد متبّاعــدة ‪ .‬ولكــن تلــك الــالت كــانت تنطــوى كلهــا‬
‫على خآيانات بشمعة قام با أناس ل يعد الصفح يدي ف تقويإهم وإصلحهم ‪ .‬والـق أن تــرك أمثمـال‬
‫هـ ــؤلء الرميـ ـ سـ ــالي غـ ــانأي كـ ــان خآليقـ ـان بـ ــه أل يظـ ــن البّعـ ــض أنـ ــه استحسـ ــن الذى والفسـ ــاد ‪..‬‬
‫والرســول ‪‬ل ـ يلج ـان إل ـ العقوبــة قــط حيثممحــا كــان ثــة مــال لنجــاح سياســة الصــفح ك ـرادع إن ل ـ نقــل‬
‫كإجراء إصلحي‪.54‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬هأدي محمد في المعارك ‪:‬‬
‫شرع نب الرحة لمته آداب سامية وضوابط حاكمحـة علـى سـلوك القاتـل السـلم‪ ،‬تـوجب عليـه مالفتهـا‬
‫عقوبات زاجرة قي الدنيا والخآرة‪.55‬‬
‫فل يستخدم ف الهاد ف سبّيل ال إل الوسائل الشمروعة والساليب النزيهة‪ ،‬فعـن صــفوان بـن عسـال‬
‫قال ‪:‬بعثمنا رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف سرية فقال‪ " :‬سيوا باسم الـ وفـ سـبّيل الـ‪ ،‬قـاتلوا‬
‫من كفر بال ‪ ،‬ول تثملوا‪ ،‬ول تغدروا‪ ،‬ول تغلوا‪ ،‬ول تقتلوا وليدا‪. 56"..‬‬
‫صبّلـلر الدبّلـلهالئم‪. 57‬‬ ‫ل‬
‫صتلى اللتهع لعلديه لولسلتلم‪ -‬نلـلهى ألدن تع د‬
‫وعن أنس أن النب ‪ -‬ل‬
‫‪58‬‬
‫وقال جابر ‪ :‬نى رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أن يقتل شيء من الدواب صبا‬
‫وعن حنظلة الكاتب قال ‪:‬‬
‫غزونــا مــع رســول ال ـ ‪-‬صــلى ال ـ عليــه وســلم‪ -‬فمحررنــا علــى ام ـرأة مقتولــة قــد اجتمحــع عليهــا النــاس‪،‬‬
‫فأفرجوا له فقال‪ " :‬ما كانت هذه تقاتل فيمحن يقاتل !"‬
‫ث قال لرجـل ‪ " :‬انطلـق إلـ خآالد بـن الوليـد فقـل لـه إن رسـول الـ ‪-‬صـلى الـ عليـه وسـلم‪ -‬يأمرك‬
‫يقول‪ :‬ل تقتلن ذرية ول عسيفا‪. 60".. 59‬‬
‫وقال – ذات يوم ف معركة مستنكنرا على بعض أصحابه ‪: -‬‬
‫" ما بال قوم جاوزهم القتل اليوم حت قتلوا الذرية !" ‪.‬‬
‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول ال ‪:‬إنأا هم أولد الشمركي !‬
‫فقال ‪" :‬أل إن خآياركم أبناء الشمركي ‪. "..‬‬

‫‪ 54‬انظر‪ :‬مولنا محمد علي‪ :‬حياة محمد و سإيرته ‪ ،‬ص ‪.270-269‬‬


‫‪ 55‬أنجوغو أمبكي صمب ‪ :‬أروع القيم الحضارية في سإيرة سإيد البرية‪ ،‬ص ‪ 40‬وما بعدها‬
‫‪ 56‬رواه ابن ماجة )‪ ( 2857‬و الطبراني في المعجم الكبير ج ‪ 8‬ص ‪ ، 70‬وصححه اللباني في صحيح‬
‫وضعيف سإنن ابن ماجة ‪.‬‬
‫‪ 57‬صحيح – رواه البخاري ‪ ،(5089) -‬ومسلم )‪(3616‬‬
‫‪ 58‬صحيح – رواه مسلم )‪(3620‬‬
‫‪ 59‬العسيف ‪ :‬الجير المستهان به‬
‫‪60‬‬
‫حسن ‪ -‬رواه ابن ماجة )‪ ،(2842‬و الحاكم ) ‪ ،( 122 / 2‬وهو في السلسلة الصحيحة برقم ) ‪( 701‬‬

‫‪19‬‬
‫ث قال ‪ " :‬أل ل تقتلوا ذرية ‪ ،‬أل ل تقتلوا ذرية !! كل نسمحة تولد على الفطرة حت يهب‬
‫عنها لسانا فأبواها يهودانا و ينصرانا "‪. 61‬‬
‫وعن ييح بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إل الشمام فخرج يإشمي مــع يزيــد بـن أبـ سـفيان‬
‫وكان أمي ربع من تلك الرباع ‪ ،‬فقال أبو بكر له ‪:‬‬
‫"إنك ستجد قونما زعمحوا أنم حبّسوا أنفسهم ل‪ ،‬فذرهم وما زعمحـوا أنــم حبّسـوا أنفســهم لــه " ‪..‬‬
‫وأوصــاه قــائلن ‪ " :‬وإنـ ـ موصــيك بعشمــر ‪ :‬ل تقتلــن امـ ـرأة‪ ،‬ول صـ ـبّيا‪ ،‬ول كـ ـبّيا هرمــا‪ ،62‬ول تقطعــن‬
‫شــجرا مثممحـرا‪ ،‬ول تربــن عــامرا ‪ ،‬ول تعقــرن شــاة ‪ ،‬ول بعيا إل لأكلــة‪ ،‬ول ترقــن نل ] وفـ روايــة ‪:‬‬
‫‪64‬‬
‫نل ول تفرقنه[ ول تغرقنه ول تغلل‪ 63‬ول تبج "‬
‫عن عمحر بن الطاب ‪ ،‬أنه قال ‪ " :‬اتقوا ال ف الفلحي ‪ ،‬ول تقتلوهم إل أن ينصبّوا لكم‬
‫الرب"‪.65‬‬
‫وهذه النصوص وغيها من دستور العسكرية السلمية الت وضعها رسول ال ‪ ‬تشمتمحل على الصــول‬
‫الخآلقية للحرب‪ ،‬وهذه جلتها‪:66‬‬
‫‪ -1‬الخآلص والتجــرد للهــداف القيقيــة للحــرب وتــرك مــا يــالف ذلــك مــن غلــول وغــدر وثــأر‬
‫وانتقام‪.‬‬
‫‪ -2‬الافظة على البّيئْة واجتناب الفساد ف الرض بتحريق الشجار وقتل اليوانات لغي ضرورة‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم التعرض لغي القاتلي من النساء والصبّيان والشميوخ‪.‬‬
‫‪ -4‬الســمحاحة الدينيــة واحـتام مقدســات الخآريــن‪ ،‬بعــدم قتــل الرهبّــان والقسيســي مــا لـ يقــاتلوا أو‬
‫يعينوا على القتال‪ ،‬وعدم التعرض كذلك لبّيعهم وكنائسهم بسوء‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬فرية العنف ونشر السلم بالسيف ‪:‬‬


‫ومن العجيب أن بعض الاقدين ألصقوا بحمحد ‪ ‬تمحة القسوة والعنف ‪ ،‬ونشمر دعوة ال بالسيف!‬
‫والق أن رجالت العلم والفكر ف أوربا قد ردوا على هذا الزعم‪ ،‬وفندوه ‪..‬‬

‫أولج ‪ :‬رد العلمة لويس سيديو ‪:‬‬


‫‪ 61‬صحيح ‪ -‬رواه أحمد ) ‪ ( 435 / 3‬و الدارمي ) ‪ ،( 223 / 2‬وهو في السلسلة الصحيحة )‪(402‬‬
‫‪ 62‬الهرما ‪ :‬الذي بلغ أقصى الكبر‬
‫‪ 63‬الغلولا ‪ :‬الخيانة والسرقة‬
‫‪64‬‬
‫مالك ) ‪ ،(858‬وابن أبي شيبة ج ‪ 7‬ص ‪ ، 645‬وعبد الرزاق )‪(9375‬‬
‫‪ 65‬معرفة السنن والثار للبيهقي ‪(5645) -‬‬
‫‪ 66‬أنجوغو أمبكي صمب ‪ :‬أروع القيم الحضارية في سإيرة سإيد البرية‪ ،‬ص ‪ 40‬وما بعدها‬

‫‪20‬‬
‫وكــان مــن أبــرز الــدافعي والظهريــن بطلن مــا نفثمتــه أقلم الاقــدين ‪ ،‬الــؤرخ الفرنســي العلمــة لــويس‬
‫سيديو حيث قال‪:‬‬
‫"من التجن على حقائق التاريخ ما كان من عزو بعض العكنتاب إل ممحد ]‪ [‬القســوة‪ ...‬فقـد نسـي‬
‫هؤلء أن ممحدان ]‪ [‬ل يأل جهدان ف إلغاء عادة الثمأر الوروثة الكريهة الت كانت ذات حظوة لــدى‬
‫العرب‪ ،‬كحظوة البّارزات بأوروبة فيمحا مضى ‪ .‬وكأن أولئْك العكنتاب ل يقـرأوا آيـات القـرآن الت قضـى‬
‫ممحد ]‪] [‬با[ على عادة الوأد الفظيعة ‪ .‬وكـأنم لـ يفكـروا فـ العفـو الكريـ الذي أنعـم بـه علـى ألـد‬
‫أعــدائه بعــد فتــح مكــة‪ ،‬ول فـ ـ الرحــة الــت حبّــا بــا ‪ ،‬كـ ـثميان مــن القبّائــل عنــد مارســة قواعــد الــرب‬
‫الشمــاقة‪ ...‬وكــأنم ل ـ يعلمح ـوا أن ممحــدان ]‪ [‬ل ـ يســئ اســتعمحال مــا اتفــق لــه مــن الســلطان العظيــم ‪،‬‬
‫قضــاء لشمــهوة القســوة الدنيئْــة ‪ ،‬وأنــه ل ـ يــأل جهــدان ‪-‬فـ الغــالب ‪ -‬فـ تقــوي مــن يــور مــن أصــحابه‪،‬‬
‫والكــل يعلــم أنــه رفــض ‪ -‬بعــد غــزوة بـدر‪ -‬رأي عمحــر بــن الطــاب فـ قتـل الســرى ‪ ،‬وأنــه عنــدما حـل‬
‫وقت مازاة بن قريظة تــرك الكـم فـ مصـيهم لليفهــم القــدي سـعد بـن معــاذ ‪ ،‬وأنــه صــفح عــن قاتـل‬
‫عمحه حزة ‪ ،‬وأنه ل يرفض ‪-‬قط ‪ -‬ما طلب إليه من اللطف والسمحاح"‪. 67‬‬
‫ثانجيا‪ :‬رد الدكتورة كارين أرمسترونج‬
‫تقول البّاحثمة البيطانية كارين أرمستونج ف مقدمة كتابا )سية النب ممحد(‪" :‬من الطأ أن نظــن أن‬
‫الســلم ديــن يتســم بــالعنف أو بالتعصــب ف ـ جــوهره‪ ،‬علــى نــو مــا يقــول بــه البّعــض أحيان ـنا‪ ،‬بــل إن‬
‫السلم دين عالي‪ ،‬ول يتصف بأي سات عدوانية شرقية أو معادية للغرب ‪. 68".‬‬
‫و تـبّي أن السـبّب فـ إلقــاء هــذه التهمحــة علــى النــب ‪‬مــن قبّــل بعــض الغربييــ‪ ،‬إنأــا هــو بسـبّب أحقــاد‬
‫قديإة‪ ،‬فتقول‪:‬‬
‫"إننا ف الغرب باجة إل أن نملصخ أنفسنا من بعض أحقادنا القديإة‪ ،‬ولعل شخصان مثمل ممحد ]‪[‬‬
‫يكون مناسبّان للبّدء ! فقد كان رجلن متدفق الشماعر‪ ..‬وقد أسس دينان وموروثان حضاريان ل يكن‬
‫السيف دعامته‪ ،‬برغم السطورة الغربية‪ ،‬ودينان اسه السلم؛ن ذلك اللفظ ذو الدللة على السلم‬
‫والوفاق !! "‪. 69‬‬
‫ثالجثا‪ :‬رد الكاتب اللماني ديسونا‬
‫يقــول الفكــر "ديســون‪" :‬مــن الطــأ أن يصــدق الــرء مــا يــرموج لــه البّعــض مــن أن الســيف كــان البّشمــر‬
‫الول فـ تقــدم الســلم وتبّســطه‪ ،‬ذلــك أن السـبّب الول ف ـ انتشمــار الســلم يعــود إلـ هــذه الخآــوة‬
‫الدينيــة الفريــدة‪ ،‬وإل ـ هــذه اليــاة الديــدة الجتمحاعيــة الــت دعــا إليهــا ومتكــن لــا‪ ،‬ث ـ إل ـ هــذه اليــاة‬

‫‪ 67‬لويس سإيديو‪ ،‬بتصرف ‪) :‬نقل عن كتاب السإلما بين النصاف و الجحود ‪ ،‬ص ‪.(134‬‬
‫‪ 68‬كارين أرمسترونج ‪ :‬سإيرة النبي محمد ص ‪19‬‬
‫‪ 69‬كارين أرمسترونج ‪ :‬سإيرة النبي محمد‪ ،‬ص ‪.393‬‬

‫‪21‬‬
‫الشمريفة الطاهرة الت راح يياها ممحد ]‪ [‬وخآلفاؤه مـن بعــده‪ ،‬والـت بلغـت مـن العفـة والتضـحية حـدان‬
‫جعل السلم قوة عظيمحة ل عتغلب"‪. 70‬‬
‫رابجعا‪ :‬رد المفكر الهولندي دوزي‪:‬‬
‫يقول "دوزي" ‪ ،‬مبّيننا ومؤكندا أن النب ‪ ‬ل يب أحندا على اعتناق السلم ‪ ..‬فيقول ف كلمحات‬
‫مددة جازمة ‪:‬‬
‫"ل عيفرض فرضان على أحد !!"‪..71‬‬
‫فلم يثمبّت ولو ف مرة واحدة ف تاريخ عهد النب‪ ‬أن أجب أي إنسان على اعتناق السلم ولو‬
‫بالضغط النفسي‪ ،‬فضلن عن استخدام العنف أو السيف‪.‬‬
‫سا‪ :‬رد المؤرخ الكبير جوستاف لوبونا‪:‬‬ ‫خأام ج‬
‫يقول جوستاف لوبون ‪:‬‬
‫"ل ينتشمر السلم بالسيف‪ ،‬بل انتشمر بالدعوة وحدها‪ ،‬وبالدعوة وحدها اعتنقته الشمعوب الت قهرت‬
‫العرب مؤخآران كالتك والغول‪ ،‬وبلغ القرآن من النتشمار ف الند الت ل يكن العرب فيها غي عابري‬
‫سبّيل‪ ..‬ول يكن السلم أقل انتشماران ف الصي الت ل يفتح العرب أي جزء منها قط"‪.. 72‬‬
‫ب الغلوبي أحراران ف أديانم"‪. 73‬‬
‫ويقول‪" :‬إن القوة ل تكن عاملن ف انتشمار السلم‪ ،‬فقد ترك العر ع‬
‫سادجسا‪ :‬رد الكاتبة اليطالية لورافيشيا فاغليري‪:‬‬
‫وتبّي لورافيشميا فاغليي أن" السلم ليبّيح امتشماق السام‪ 74‬إلن دفاعان عن النفس ‪ ،‬وهو يرم‬
‫العدوان تريإان صرينا‪ ...‬وأباحت الشمريعة القتال للمحسلمحي دفاعان عن حرية الضمحي لقرار السلم‪،‬‬
‫واستتاب المن والنظام"‪.75‬‬
‫كمحا حدث ف معارك عديدة‪ ،‬كمحعركة بدر )‪ 17‬رمضان ‪2‬هـ‪13/‬مارس ‪624‬م(‪ ،‬ومعركة عأحد‬
‫) شوال ‪3‬هـ‪/‬إبريل ‪ 624‬م(‪ ،‬ومعركة الحزاب ) شوال ‪ 5‬هـ\ مارس ‪627‬م( ‪ ..‬فكلها معارك‬
‫دفاعية‪ ،‬أقل ما يقال فيها أنا معارك دفاع عن النفس ‪.‬‬
‫أو كمحا حدث ف معارك أخآرى‪ ،‬كمحعركة قينقاع )السبّت ‪ 15‬شوال ‪2‬هـ ‪ 9/‬إبريل ‪ ،624‬ومعركة‬
‫النضي )ربيع الول ‪ 4‬هـ‪/‬غسطس ‪ 625‬م( ومعركة قريظة)ذي القعدة ‪ 5‬هـ‪/‬إبريل ‪ 627‬م(‪ ،‬ومعركة‬
‫خآيب )الرم سنة ‪ 7‬هـ ‪/‬مايو ‪ ..(628‬فهي معارك جائت نتيجة للخيانة‪ ،‬والتحالف ضد السلمحي‪،‬‬
‫ونقض العهود‪ ،‬وماولت عديدة لغتيال النب ‪.‬‬

‫‪ 70‬ديسون ‪ :‬محمد بن عبد ا‪59 ،‬‬


‫‪ 71‬دوزي‪ :‬ملحق وتكملة القواميس العربية‪ ،‬مقدمة الكتاب‬
‫‪72‬جوسإتاف لوبون ‪ :‬حضارة العرب‪ ،‬ص ص ‪129-128‬‬
‫‪ 73‬جوسإتاف لوبون ‪ :‬حضارة العرب‪ ،‬ص ‪127‬‬
‫‪ 74‬السيف‪.‬‬
‫‪ 75‬لورافيشيا فاغليري ‪ :‬دفاع عن السإلما ‪12 ، 11‬‬

‫‪22‬‬
‫سابجعا‪ :‬رد العلمة توماس كارليل‬
‫وحسـبّنا رد تومــاس كارليــل علــى تلــك الفريــة الــت تــذهب إلـ أن ممحــدان ‪‬لـ ينشمــر دعــوته إل بــد‬
‫السيف ‪،‬فقال ‪:‬‬
‫"إن اتــام ممحــد ]‪ [‬بالتعويــل علــى الســيف فـ ـ حــل النــاس علــى الســتجابة لــدعوته؛ن ســخف غيـ ـ‬
‫مفهوم!!"‪ ..76‬ويقول مفصلن ‪..‬‬
‫"لقد قيل كثميان ف شأن نشمر ممحد]‪ [‬دينه بالسيف ‪ ،‬فإذا جعل الناس ذلــك دليلن علــى كــذبه]‪، [‬‬
‫فذلك أشد ما أخآطأوا وجاروا ‪ ،‬فهم يقولون ما كان الدين لينتشمر لول السيف ‪ ،‬ولكن ما هــو الــذي‬
‫أوجــد الســيف ؟ هــو قــوة ذلــك الــدين ‪ ،‬وأنــه حــق ‪ .‬والـرأي الديــد أول مــا ينشمــأ يكــون فـ رأس رجــل‬
‫واحــد ‪ ،‬فالــذي يعتقــده هــو فــرد‪ -‬فــرد ضــد العــال أجــع‪ ،-‬فــإذا تنــاول هــذا الفــرد ســيفان وقــام فـ وجــه‬
‫الــدنيا فقلمحــا وال ـ يضــيع ! وأرى ‪ -‬علــى العمحــوم‪ -‬أن الــق ينشمــر نفســه بأيــة طريقــة حس ـبّمحا تقتضــيه‬
‫الال‪ ،‬أو ل تروا أن النصرانية كانت ل تأنف أن تستخدم السيف أحياننا‪ ،‬وحسبّكم ما فعل شــارلان‬
‫بقبّائــل السكســون ! وأنــا ل أحفــل إذا كــان انتشمــار الــق بالســيف أم باللســان أو بأيــة آلــة أخآــرى ‪،‬‬
‫فلندع القائق تنشمر سلطانا بالطابة أو بالصحافة أو بالنار ‪ ،‬لندعها تكافح وتاهد بأيديها وأرجلها‬
‫وأظافرهــا فإنــا لـن لتــزم إل مــا كــان يسـتحق أن يعهــزم ‪ ،‬وليــس فـ طاقتهــا قــط أن تقضــي علــى مــا هــو‬
‫خآي منها ‪ ،‬بل ما هو أحط وأدن "‪ .. 77‬فإنا حرب ل حكم فيهـا إل لـ الـذي أرسـل الرســل ذاتـا‬
‫‪ ،‬ونعم الكم ما أعدله وما أقسطه‪ ،‬إذا كان من عند الالق !‬
‫المطلب الخامس ‪ :‬فرية حول القتل الجماعي ليهود بني قريظة ‪:‬‬
‫معروف لدى كتب التاريخ أن يهود قريظة كانوا فصيل من فصائل الدينة النورة ‪.‬‬
‫ومعــروف أنــه بجــرد قــدوم النــب ‪ ‬الدينــة عقــد بينــه وبيـ اليهــود الوجــودين بــا معاهــدة تنظــم الشمــأن‬
‫العام الداخآلي والارجي للمحدينة‪ .‬وكان من بنود هذه العاهدة‪:‬‬
‫‪ -1‬التزام كل أبناء الدينة با فيهم السلمحي واليهــود بالعايشمـة السـلمحية فيمحـا بينهمحـا وعــدم اعتـداء أي‬
‫فريق منهمحا على الخآر ‪.‬‬
‫‪ -2‬الدفاع الشمتك عن الدينة ضد أي اعتداء خآارجي على الدينة ‪.‬‬

‫وحدث ف شوال ‪ 5‬هـ \ مارس ‪627‬م ‪ ..‬أن مر السلمحون بظروف قاسية عندما تمحعت أكب قوة‬
‫معادية للمحسلمحي ف ذلك الوقت للقضاء عليهم داخآل الدينة‪ ،‬وأحاطت جيوش التحالف الشمركة‬
‫بالدينة ف عشمرة آلف مقاتل‪ ،‬من مشمركي قريش وأشجع وغطفان وبن سليم وأسد وفزارة ‪ ..‬على‬
‫حي ل يزد عدد السلمحي على ثلثة آلف مقاتل‪ ،‬وكان التوقع أن ينضم يهود بن قريظة إل‬
‫‪ 76‬انظر ‪ :‬عباس محمود العقاد ‪ :‬حقائاق السإلما وأباطيل خصومه‪227 :‬‬
‫‪ 77‬توماس كارليل‪ :‬البطالا ‪ ،‬ص ‪76‬‬

‫‪23‬‬
‫صفوف السلمحي ضد القوات التلة لدود الدينة‪ ،‬بناء على نصوص العاهدة البمة بي الفريقي‪..‬‬
‫لكن الذي حدث هو عكس هذا‪ ،‬فقد فوجئ السلمحون ببّن قريظة يونم ف أخآطر أوقات منتهم‪،‬‬
‫ول يرعوا للجوار حقنا‪ ،‬ول للعهود حرمة‪ ،‬بل كانوا يسعون من وراء انضمحامهم هذا إل صفوف‬
‫القوات الغازية التعجيل بالقضاء على السلمحي ودولتهم الناشئْة !‬

‫أحدثت هذه اليانة زلزالن عنينفا ف نفوس السلمحي‪ ،‬وجرنحا عمحينقا ف وجدانم‪ ،‬ل سيمحا بعد إعلن‬
‫قريظة – جهانرا نانرا ‪ -‬النضمحام إل صفوف الغزاة ‪..‬لدرجة أن الرسول ‪ ‬حرص أول المر على‬
‫كتمحان الب على الشمعب لـا كان يشمى من وقعه على نفوس النود‪ .‬وبجرد أن انتهى إل سعه ‪‬‬
‫النبّأ أرسل وفدان دبلوماسنيا مكونان من القادة الفاضل سعد بن معاذ)قائد الوس(‪ ،‬وسعد بن عبّادة‬
‫)قائد الزرج(‪ ،‬وعبّد ال بن رواحة‪ ،‬وخآوات بن جبّي‪ -‬رضوان ال تعال عليهم ‪ -‬لينذكروا القوم با‬
‫بينهم وبي السلمحي من عقود وعهود‪ ،‬ويذروهم مغبّة ما هم مقدمون عليه‪ ،‬ولكن دون جدوى!‬

‫وبعد أن ول الشمركون التلون وحلفاؤهم الدبار‪ ،‬يمحلون معهم الزيإة والخآفاق‪ ،‬وفشملت ماولتم‬
‫لقتحام الدينة النيعة ‪ .‬رجع القاتلون السلمحون إل بيوتم بالدينة يستيون من هذه الغمحة‪،‬‬
‫ل‪.‬‬
‫ويلتقطون أنفاسهم بعد فزع وقلق نفسي مريع دام شهنرا كام ن‬

‫ويبّدو أن بعض الصحابة ظن أن الوضوع انتهى إل ذلك الد ! لكن أيتك الائنون العمحلء‬
‫الناكثمون للعهود دون ماسبّة ؟ فنادى النب ‪ ‬ف السلمحي "أل ‪ ..‬ل يصلي أحد العصر إل ف بن‬
‫قريظة !"‪ ،78‬فسار اليش السلمي إل فصيل الفتنة واليانة‪ ،‬وتبّعهم النب ‪ - ‬القائد العام ‪ -‬بعد‬
‫أن استخلف على الدينة – نائنبّا عنه –عبّد ال بن أم مكتوم‪ ،‬وحاصر السلمحون بن قريظة شهران‬
‫تقرينبّا‪ ،‬ولـا طال عليهم الصار‪ ..‬ورفض النب ‪ ‬إل أن يستسلمحوا دون قيد أو شرط‪ ،‬واستسلم بنو‬
‫قريظة‪ ،‬ونزلوا على حكم رسول ال ‪ ، ‬فوكل ‪ ‬الكم فيهم إل سعد بن معاذ– قائد الوس‬
‫‪ .. -‬وف اخآتيار سعد دللة على حكمحة النب ‪ ‬وعبعد نظره‪ ،‬وإدراكه لنفسيات يهود قريظة ‪ ،‬لن‬
‫سعندا كان حليف بن قريظة ف الاهلية‪ ،‬وقد ارتاح اليهود لذا الخآتيار‪ ،‬وظنوا أن الرجل قد‬
‫يابيهم ف حكمحه‪ ،‬لكن سعدان نظر إل الوقف من جيع جوانبّه‪ .‬وقدره تقدير من عاش أحداثه‬
‫وظروفه‪.‬‬

‫‪ 78‬انظر‪ :‬ابن سإيد الناس ‪ :‬عيون الثر ‪50\2‬‬

‫‪24‬‬
‫وبعد أن أخآذ سعد ‪ ‬الواثيق على الطرفي أن يرضى كل منهمحا بكمحه‪ .‬أعلن حكمحه بالعدام على‬
‫ل‪" :‬فللإنن ألدحعكعم لفيلهدم ألدن يـعدقتللل النرلجاعل لوتعدسلب النذنرينةع لوتعـدقلسلم الدملواعل "‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫الونة‪ ،‬قائ ن‬
‫ت "‪.. 79‬‬ ‫‪‬مؤيندا هذا الكم ‪ " :‬للقدد حلكمحت لفيلهم لبدكلم اللنله لمن فلـولق سبّلع لساوا ة‬
‫د د لد ل ل‬ ‫ل د ل د ع‬
‫فسيقوا إل خآنادق ف الدينة‪ ،‬عفقتل رجالم عوسب نساؤهم وذراريهم‪ .‬ولقى بنو قريظة هذا الصي على‬
‫هذه اليانة‪.‬‬

‫وهنا يلو للبّعض أن يتطاولوا على تصرف النب ‪ ‬ومعاملته لبّن قريظة‪ ،‬ويعتبوا أن العدام‬
‫المحاعي الذي ت لؤلء الناس يتسم بالقسوة والوحشمية والجرام‪ ...‬ال ‪..‬‬

‫ونرد على مثمل هذه الراء ونقول ‪:‬‬

‫ل‪ :‬ماذا لو أن نتيجة غزوة الحزاب تت حسبّنمحا كان يطط لا بنو قريظة وأحزابم؟ أل تكن‬ ‫أو ج‬
‫هي البادة التامة للمحسلمحي أجعي‪ .‬على أن اليهود ل يقلدموا على هذا العمحل السيس إل بعد أن‬
‫تكون لديهم ما يشمبّه اليقي بأنم‪ -‬بساعدة الشمركي‪ -‬سوف يقومون بتدمي الكيان السلمي‬
‫ل‪ ،‬واستئْصال شأفة السلمحي استئْصالن كليان – كمحا ورد ف كتبّهم إذا ظهروا على شعب‬
‫تدميان كام ن‬
‫من الشمعوب ‪ -‬ولذا ل يتددوا ف الغدر بلفائهم السلمحي وعلى تلك الصورة البّشمعة‪.80‬‬

‫لقد جاء ف سفر التثمنية ‪" :‬حي تقتب من مدينة لكي تاربا استدعها للصلح‪ ،‬فإن أجابتك‬
‫وفتحت لك؛ن فكل الشمعب الوجود فيها يكون لك للتسخي ويستعبّد لك‪ ،‬وإن ل تسالك‪ ..‬بل‬
‫عمحلت معك حربان فحاصرها‪ ،‬وإذا دفعها الرب إلك إل يدك فاضرب جيع ذكورها بد السيف‪،‬‬
‫وأما النساء والطفال والبّهائم وكل ما ف الدينة كل غنيمحتها فتغتنمحها لنفسك‪ ،‬وتأكل غنيمحة‬
‫أعدائك الت أعطاك الرب إلك "‪. 81‬‬

‫ويعلق "مولنـا ممحـد علـي"‪ ،‬علـى هــذا النـصخ بقـوله‪" :‬وهكــذا حكــم سـعد وفنقــا للشمـريعة الوســوية بقتــل‬
‫ذكور بن قريظة وبسب نسائهم وأطفالم وبصـادرة متلكـاتم‪ ..‬ومهمحـا بدت هـذه العقوبـة قاسـية‪ ،‬فقـد‬
‫كــانت علــى درجــة الضـ ـبّط للعقوبــة الــت كــان اليهــود ينزلونــا‪ -‬تبّعـ ـان لتشمـ ـريع كتــابم‪ -‬بــالغلوبي مــن‬
‫أعــدائهم‪ ،‬فــأي اع ـتاض علــى قســوة هــذه العقوبــة هــو ف ـ الواقــع انتقــاد ل شــعوري للشم ـريعة الوســوية‪،‬‬
‫وتسليم بأن شريعة أكثمر إنسانية يـب أن تـل ملهـا‪ ،‬وأيإـا مقارنـة بالشمـريعة السـلمية فـ هـذا الصـدد‬

‫‪ 79‬ابن القيم ‪ :‬زاد المعاد ‪ ،3/117‬و ابن سإيد الناس ‪ :‬عيون الثر ‪ ،54 /2‬وابن هشاما ‪2/240‬‬
‫‪ 80‬انظر‪ :‬جمعة علي الخولي‪ :‬معاملة الرسإولا صلى ا عليه وسإلم لبني قريظة‪ ،‬والرد على ما يثار حولها من‬
‫شبهات‪ ،‬مجلة جامعة الماما محمد بن سإعود‪ ،‬العدد ‪،57‬‬
‫‪ 81‬سإفر التثنية – الصحاح العشرون ‪.18 :10‬‬

‫‪25‬‬
‫خآليق با أن تكشمف‪ -‬ف وضوح بالغ‪ -‬أي قانون رفيق عطوف رحيم قدمه السلم إل الناس"‪.82‬‬
‫ثانيجا‪ :‬أن اليهود – ل سيمحا يهود قريظة ‪ -‬ل يلقوا من السلمحي طيلة السنوات الــت تلــت العاهــدة إل‬
‫كل بر ووفاء‪ ،‬ومعاملة حسنة طيبّة‪ ،‬كمحا شهدوا أنفسهم بذلك‪ ،‬فعندما ذهـب حيـي بـن أخآطـب –‬
‫أكب زعمحاء اليهود ‪ -‬إل كعـب بن أسـد القرظـي زعيـم قريظة يغريـه بنقض العهـد مـع النـب ‪ ‬قـال‪" :‬‬
‫لودليك ليا عحيلني !! فللددعلن لولما أللنا لعلديله‪ ،‬فللإنن للدـ أللر لمـدن عملنمحـةد إنل لصـددنقا لولوفلـاءن " ‪ ..83‬لكنـه لـ يــزل بــه‬
‫حت أقنعه باليانة ونقض العهد‪.‬‬
‫ثالجثا ‪ :‬أن قانون أي دولة الن يكم بالعدام على من يون وطنه ويقيم اتصالت مع العدو أو‬
‫يتجسس لسابه‪ ،‬و لو درس الذين يطعنون ف حكم سعد على بن قريظة القواني العاصرة دراسة‬
‫نافذة وطبّقوها على قضية بن قريظة لرأوا أن قواني العصر الديث والدول التقدمة ل تتلف ف‬
‫شيء عمحا أصدره سعد بن معاذ‪. .84‬‬
‫فيهود قريظة خآانوا العقد‪ ،‬وتآَمروا وانضمحوا إل أعداء الدولة السلمية وأوقعوا السلمحي بي شقي‬
‫الرحى ف الدينة مكتوين بنار الشمركي من جهة واعتداء اليهود ف ساعة النة من جهة ثانية فاقتفوا‬
‫بذلك الغدر أربع جرائم‪:‬‬
‫أ ‪ -‬رفع السلح ضد سلطان الدينة مع الجنب العتدي التل‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تسهيل دخآول العدو للبّلد ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التجسس لصال تالف الشمركي‪.‬‬
‫د‪ -‬دس الفت والشماركة ف الرب العلمية النفسية على الشمعب السلم‪.‬‬
‫إذا هو ) القصاص العادل(‪ 85‬الذي أصاب بن قريظة على خآيانتهم ‪..‬‬
‫ومعظم قواني العقوبات العصرية تعل العدام عقوبة كل جريإة من الرائم الربع‪ ،‬وتسمحى أي جريإة‬
‫من هذه الرائم باسم اليانة العظمحى!‬
‫رابجعا ‪ :‬قد يقال‪ :‬كان من المحكن أن يعامل النب ‪ ‬يهود بن قريظة كمحا يعامل القائد النتصر رجال‬
‫جيــش عــدوه الــذي انــزم ألمــامه واستســلم‪ ،‬أو يعــاملهم كمحــا عامــل يهــود بنـ ـ النضــي وبنـ ـ قينقــاع‪..‬‬
‫والـواب علــى ذلــك أن بنـ قريظــة لـ يكونـوا أســرى حــرب حــت يإيــل بــم إلـ الشمــفقة‪ ،‬ولـ يكونـوا فـ‬
‫حالــة حــرب مــع الســلمحي‪ ،‬وإنأــا كــانوا جيانــا متحــالفي يشمــكلون مــع الســلمحي وحــدة وطنيــة ملزمــة‬
‫بالــدفاع الشمــتك عــن الدينــة ضــد أي عــدوان‪ ،‬لكنهــم ظهــروا أخآطــر مــن العــداء‪ ،‬إذ يـ ـبّيتون لنــاس‬
‫يأمنونم ويصونم بقوق الار‪ ،‬وواجبّات الذمام‪ ،‬فكانوا بثمابة الائن التآَمر التواطئ مــع العـدو علـى‬

‫‪ 82‬مولنا محمد علي ‪ :‬حياة محمد ورسإالته ص ‪175‬‬


‫‪ 83‬الروض النف ‪ ،422 /3‬ابن سإيد الناس ‪ ،38 \2‬وابن كثير ‪ :‬البداية والنهاية ‪4/103‬‬
‫‪ 84‬انظر‪ :‬محمد رجب البيومي ‪ ،‬مجلة الحج العدد ‪ 12‬السنة ‪.88‬‬
‫‪ 85‬محمود شيت خطاب ‪ :‬الرسإولا القائاد‪259 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫أمت ــه ووطن ــه فـ ـ حال ــة ال ــرب القائمح ــة وه ــذه خآيان ــة عظمح ــى لي ــس ل ــا فـ ـ جي ــع الشمـ ـرائع إل الع ــدام‬
‫السريع‪ ..‬وموقفهم هنا يتلف اخآتلنفا واضنحا عـن موقــف بنـ قينقـاع وبنـ النضــي‪ ،‬فـالولون قـد أبــدوا‬
‫البّغضاء من أفواههم وأشاعوا الرعب والشمكوك ورأوا ف الدعاية الغرضة سلنحا ل يفــل‪ ..‬وبنـوا النضــي‬
‫ائتمحروا على قتل الرسول ‪ ،‬وتالفوا مـع بعـض النـافقي علـى النـاجزة دون أن تتيح لـم الفرصـة طرينقـا‬
‫يصلون منه إل التنفيذ‪ ،‬وهؤلء وأولئْك لأهون خآطنبّا من الذين سلوا السيوف ووقفوا ف صــفوف العــدو‬
‫وأوقعـ ـوا اللـ ــع فـ ـ قلـ ــوب ييـ ــط بـ ــا الـ ــروع مـ ــن كـ ــل ناحيـ ــة‪ ،‬فتعـ ــادل الكفـ ــتي بينهمحـ ــا طيـ ــش ل يقـ ــره‬
‫إنصاف‪. 86‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫رحمته‪ ‬للسرى‬
‫ف الوقت الذي كانت فيه الروب الاهلية ل تعرف أبسط قواعد أخآلقيات الرب‪ ،‬ظهر النب‪‬‬
‫ببّادئه العسكرية‪ ،‬ليشمرع للعالي تصونرا شاملن لقوق السرى ف السلم‪.‬‬
‫وف هذا العصر الديث الذي شنرعت فيه النظمحات الدولية بنوندا نظرية – غي مفعلة وغي مطبّقة –‬
‫لقوق السرى‪ ،‬كاتفاقيات جنيف بشمأن أسرى الرب ف معاملة أسرى الرب ورعايتهم جسديان‬
‫ونفسينا‪.‬و نرى رسولنا ‪ ‬يشمرع قبّلهم بئْات السني حقونقا شاملة وجامعة للسرى‪ ،‬أضف إل ذلك‬
‫أن النب ‪ ‬ل يعل هذه القوق بنوندا نظرية بعيدة عن واقع الروب – كمحا هو الال ف عصرنا ‪،-‬‬
‫بل جعلها منهنجا عمحلنيا وطبّقها بنفسه ف غزواته وطبّقها تلميذه ف السرايا والعارك السلمية ‪..‬‬
‫وف إكرامه ‪ ‬للسرى‪ ،‬مظهر فريد من مظاهر الرحة‪ ،‬ف وقت كانت تستبّاح فيه الرمات‬
‫والعراض ‪..‬‬
‫"وكثميان ما أطلق ]‪ [‬سراح السرى ف ساحة بالغة ‪ ،‬رغم أن عددهم بلغ ف بعض الحيان ستة‬
‫آلف أسي"‪. 87‬‬
‫يقول سيديو ‪" :‬والكل يعلم أنه]‪ [‬رفض ‪-‬بعد غزوة بدر‪ -‬رأي عمحر بن الطاب ف قتل‬
‫السرى‪ ...‬وأنه صفح عن قاتل عمحه حزة ‪ ،‬وأنه ل يرفض ‪ -‬قط ‪-‬ما طلب إليه من اللطف‬
‫والسمحاح"‪.88‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬نماذج في معركة بدر )‪ 17‬رمضانا ‪2‬هأـ‪13/‬مارس ‪624‬م(‪:‬‬

‫‪ 86‬انظر‪ :‬جمعة علي الخولي‪ :‬معاملة الرسإولا صلى ا عليه وسإلم لبني قريظة‪ ،‬والرد على ما يثار حولها من‬
‫شبهات‪ ،‬مجلة جامعة الماما محمد بن سإعود‪ ،‬العدد ‪ ،57‬وانظر‪ :‬محمد رجب البيومي‪ ،‬مجلة الحج العدد ‪ 12‬السنة‬
‫‪.88‬‬
‫‪ 87‬مولنا محمد علي ‪ :‬حياة محمد و سإيرته ‪ ،‬ص ‪269‬‬
‫‪ 88‬لويس سإيديو‪) :‬نقل عن كتاب السإلما بين النصاف و الجحود ‪ ،‬ص ‪.(134‬‬

‫‪27‬‬
‫لقد استشمار النب ‪‬وزرائه ف أسارى بدر فأشار عليه أبو بكر ‪ ‬أن يأخآذ منهم فدية ‪ ،‬فهم بنو‬
‫العم والعفو عنهم أحسن‪ ،‬ولعل ال أن يهديهم إل السلم‪ .‬وقال عمحر ‪ : ‬ل وال ما أرى الذي‬
‫رأى أبو بكر ولكن أرى أن تكننا فنضرب أعناقهم فإن هؤلء أئمحة الكفر وصناديدها!!‬
‫فهوي النب ‪ ‬ما قال أبو بكر‪ ،‬ول يهو ما قال عمحر‪ .‬فلمحا كان من الغد أقبّل عمحر فإذا رسول ال‬
‫‪ ‬يبّكى هو وأبو بكر فقال‪ :‬يا رسول ال! من أي شئ تبّكي أنت وصاحبّك فإن وجدت بكاء‬
‫بكيت وإن ل أجد بكاء تبّاكيت لبّكائكمحا؟ فقال رسول ال ‪" :‬أبكي للذي عرض على أصحابك‬
‫من أخآذهم الفداء ! لقد عرض علي عذابم أدن من هذه الشمجرة !" وأنزل ال تعال قوله‪  :‬لما‬
‫ض‪.89‬‬‫ب لأن يلعكولن لهع ألدسلرى لحتت يـعثمدلخلن لف اللدر ل‬ ‫ل‬
‫لكالن لنلل ب‬
‫وقد تكلم العلمحاء ف أي الرأيي كان أصوب فرجحت طائفة قول عمحر لذا الديث ورجحت طائفة‬
‫قول أب بكر لستقرار المر عليه وموافقته الكتاب الذي سبّق من ال بإحلل ذلك لم ولوافقته‬
‫الرحة الت غلبّت الغضب‪ ،‬ولتشمبّيه النب ‪ ‬له ف ذلك بإبراهيم وعيسى‪ ،‬وتشمبّيهه لعمحر بنوح‬
‫وموسى‪ ،‬ولصول الي العظيم الذي حصل بإسلم أكثمر أولئْك السرى‪ ،‬ولروج من خآرج من‬
‫أصلبم من السلمحي‪ ،‬ولصول القوة الت حصلت للمحسلمحي بالفداء ولوافقة رسول ال ‪ ‬لب بكر‬
‫أولن ولوافقة ال له آخآران حيث استقر المر على رأيه ولكمحال نظر الصديق فإنه رأى ما يستقر عليه‬
‫حكم ال آخآران وغلب جانب الرحة على جانب العقوبة‪..90‬‬
‫وحي أقبّل بالسارى – بعد بدر ‪ -‬فرقهم النب‪ ‬بي أصحابه وقال ‪:‬‬
‫"استوصوا بم خآيان"‪.. 91‬‬
‫وبذه التوصية النبّوية الرفيعة‪ ،‬تقق ف هذا اليل السلمي الفضيل قول ال تعال‪:‬‬
‫‪‬لويعطدعلعمحولن الطتلعالم لعللى عحبّمله لمدسلكيننا لويللتينمحا لوأللسنيا ‪. 92‬‬
‫وهذا أبو عزيز بن عمحي أخآو مصعب بن عمحي يدثنا عمحا رأى‪ .‬قال‪ :‬كنت ف السرى يوم بدر‪، 93‬‬
‫ي ألقدـبّلـلعوا لب لمدن‬ ‫ل‬
‫صالر ح ل‬
‫ة ل‬
‫ت لف لردهط مدن ادللند ل‬
‫‪94‬‬
‫خآيـنرا" ‪ .‬وعكدن ع‬ ‫صوا لبادلعلسالرى ل د‬ ‫فقال رسول ال ‪ ":‬ادستلـدو ع‬
‫ل لل ل ل‬
‫صنلى اللنهع‬ ‫صولن لبادلعدبّلز لوأللكلعوا التندمحلر للوصينة لرعسول اللنه ل‬ ‫بلددةر فللكانعوا إلذا قلندعموا لغلداءلعهدم لولعلشماءلعهدم لخآ ن‬
‫لعلديله لولسلنلم إنياعهدم بللنا ‪ ،‬لما تلـلقعع لف يللد لرعجةل لمدنـعهدم كلدسلرةع عخآدبّةز إنل نلـلفلحلن للبا ‪ .‬لقالل فلألدستلدحيللي فلألعرندلها‬
‫لعللى أللحلدلهدم فلـيلـعرندلها لعلني ما ليإلنسلها ‪. 95‬‬

‫‪ 89‬سإورة النفالا‪:‬الية ‪67‬‬


‫‪ 90‬ابن القيم ‪ :‬زاد المعاد ‪99 \ 3 ،‬‬
‫‪ 91‬ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪307 \3 ،‬‬
‫‪ 92‬سإورة النسان‪:‬الية ‪8‬‬
‫‪ 93‬أياما كان على غير السإلما‪ ،‬وكان في جيش المشركين‪.‬‬
‫‪ 94‬ابن هشاما )‪ / 1‬ص ‪(644‬‬
‫‪ 95‬ابن هشاما ) ‪ / 1‬ص ‪ ،(644‬وابن سإيد الناس ‪ :‬عيون الثر ‪393\1‬‬

‫‪28‬‬
‫ويقول جابر بن عبّدال رضي ال عنه‪" :‬لا كان يوم بدر عأت بالعبّاس ول يكن عليه ثوب‪ ،‬فنظر النب‬
‫‪96‬‬
‫‪ ‬له قمحيصان فوجدوا قمحيصخ عبّدال بن عأب يقدر عليه فكساه النب ‪ ‬إياه"‬
‫ص بدعن النرلبيلع يدثنا قال‪ :‬كنت ف رهط من النصار ‪ - 97‬جزاهم ال خآنيا ‪ ،-‬كنا‬ ‫وهذا ألعبو الدلعا ل‬
‫إذا تعشمينا أو تغدينا آثرون بالبّز وأكلوا التمحر‪ ،‬والبّز معهم قليل‪ ،‬والتمحر زادهم‪ ،‬حت إن الرجل‬
‫ل‪ ،‬وكان الوليد بن الوليد بن الغية يقول مثمل ذلك ويزيد‪ :‬وكانوا‬‫لتقع ف يده كسرة فيدفعها إ ت‬
‫يمحلوننا ويإشمون‪.98‬‬
‫ص بدعن النرلبيلع ف السارى‪ ،‬وخآت رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬وزوج ابنته‬ ‫وقد كان ألعبو الدلعا ل‬
‫صنمحةل ‪ ،‬فلمحا بعثمت قريش فداء السرى بعثمت زينب بنت رسول ال ‪-‬صلى‬ ‫ل‬
‫ش بدعن ال ن‬
‫زينب‪ ،‬أسره خآلرا ع‬
‫ال عليه وسلم ‪-‬ف فداء أب العاص وأخآيه عمحرو بن الربيع بقلدة لمها خآدية‪ ،‬فلمحا رآها رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم رق لا رقة شديدة‪ ،‬وقال‪ " :‬إن رأيتم أن تطلقوا لا أسيها وتردوا عليها‬
‫مالا فافعلوا "‪ ،‬فقالوا‪ :‬نعم يا رسول ال‪ ،‬فأطلقوه وردوا عليها الذي لا‪.99‬‬

‫للق الكري الذي غرسه العلم الكبّي ممحد ‪ ‬ف أصحابه وجنده وشعبّه‪ ،‬قد أثر ف إسراع‬ ‫كان هذا ا ع‬
‫ممحوعة من كباء السرى وأشرافهم إل السلم‪ ،‬فأسلم أبو عزيز عقب معركة بدر‪ ،‬عبعيد وصول‬
‫السرى إل الدينة‪ ،‬وتنفيذ وصية ‪ ، ‬وأسلم معه السائب بن عبّيد‪.‬‬
‫وعاد السرى إل بلدهم وأهليهم يتحدثون عن ممحد ‪ ‬ومكارم أخآلقه‪ ،‬وعن مبّته وساحته‪ ،‬وعن‬
‫دعوته وما فيها من الب والتقوى والصلح والي‪.100‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نموذج معركة بني المصطلق )شعبانا ‪ 5‬هأـ ‪/‬يناير ‪ 627‬م(‬

‫لقد أطلق السلمحون من ف أيديهم من أسرى بن الصطلق – بعد معركة مع بن الصطلق أعداء‬
‫الرسول‪ ، ‬وذلك أن عجلويدلرلية بنت الارث سيد بن الصطلق وقعت ف سهم ثابت ابن قيس‪،‬‬
‫فكاتبّها‪ ،‬فـأدي عنها رسول ال ‪ ‬وتزوجهـا‪ ،‬فأعـتق السلـمحون بسبّـب هـذا التزويـج مـائـة أهـل بيـت‬
‫مـن بنـي الصطلق قـد أسلمحـوا‪ ،‬وقـالـوا‪ :‬أصهـار رسول ال ‪ .101‬حيث كره السلمحون أن يأسروا‬
‫أصهار رسول ال ! قالت عائشمة ‪ :‬فمحا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها‪.102‬‬

‫‪ 96‬البخاري )‪ (2846‬وانظر‪ :‬ابن حجر العسقلني‪ -‬فتح الباري ‪144 /6‬‬


‫‪ 97‬قبل إسإلمه‪ ،‬أياما كان في جيش قريش‪ ،‬وأسإره الصحابه في معركة بدر ‪.‬‬
‫‪ 98‬انظر‪ :‬الواقدي‪ :‬المغازي ‪.1/119‬‬
‫‪ 99‬سإبل الهدى والرشاد ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪(71‬‬
‫‪ 100‬انظر‪ :‬علي محمد الصلبي ‪ :‬السيرة النبوية‪42\2 ،‬‬
‫‪ 101‬ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪159 \4 ،‬‬
‫‪ 102‬ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪159 \4 ،‬‬

‫‪29‬‬
‫واستكثمر الصحابة على أنفسهم أن يتمحلكوا أصهار نبّيهم وقائدهم ‪ ،‬وحيال هذا العتق المحاعي‪،‬‬
‫وإزاء هذه الريية الفذة‪ ،‬دخآلت القبّيلة كلها ف دين ال‪ .‬إن مرد هذا الدث التاريي وسبّبّه البّعيد‪،‬‬
‫هو حب الصحابة للنب ‪ ،‬وتكريإهم إياه‪ ،‬وإكبّارهم شخصه العظيم‪ ،103‬وتأسيهم بأخآلق قائدهم‬
‫ف معاملة السرى‪ ،‬والت عهدوها من معلمحهم ف حروب سابقة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬نموذج معركة حنين) ‪ 10‬شوال ‪ 8‬هأـ‪ 30/‬يناير ‪ 630‬م(‬


‫يقول "جان باغوت غلوب"‪:‬‬
‫ل‪ ،‬حت أنم كسبّوا غنائم كثمية بي أعداد‬
‫"وكان انتصار السلمحي ]على هوازن[ ف حني كام ن‬
‫وفية من البل والغنم ‪ ،‬كمحا أسروا عددان ضخمحان من السرى معظمحهم من نساء هوازن وأطفالا ‪،‬‬
‫وعندما عاد النب ]‪ [‬عن الطائف دون أن يتمحكن من فتحها شرع يقسم الغنائم والسلب بي‬
‫رجاله ‪ .‬ووصل إليه وفد من هوازن الهزومة الغلوبة على أمرها يرجوه إطلق سراح النسوة والطفال‬
‫من السرى‪ ،‬وسرعان ما لب النب ]‪ [‬الطلب با عرف عنه من دماثة و تسامح ‪ ،‬فلقد كان ينشمد‬
‫من جديد ف ذروة انتصاره أن يكسب الناس أكثمر من نشمدانه عقابم وقصاصهم"‪. 104‬‬
‫لقد تأثر مالك بن عوف زعيم هوازن الهزومة بذا العفو الكري واللق العظيم من ممحد ‪ ،‬بعدما‬
‫أطلق له كل السرى من قومه‪..‬‬
‫فجادت قريته لدح النب ‪ ، ‬فأخآذ ينشمد فاصلن من الشمعر‪ ،‬يشمكر فيه رسول ال ‪‬‬
‫فقال مالك ‪:‬‬
‫س ةكلنةهةم بننمثمنل ةمعحنمند‬ ‫š ‪šŠ¤1‬نفي الننا ن‬ ‫عما إمنا عرأعميتْ عوعل عسنممعتْ بننمثملننه‬
‫شأم يةمخبنمرك ععنما نفي غع ـدد‬ ‫š ššعوعمعتى تع ع‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫Šš‬
‫أعموعفى عوأعمععطى لملعجنزينل إعذا اةمجتةد ع‬
‫ي‬
‫ب ةكنل ةمعه ـننند‬
‫ضمر ن‬
‫ي عو ع‬ ‫سممعهنر ن‬ ‫ن‬
‫š šبال ن‬
‫Šš‬
‫Šš‬
‫صند‬ ‫ط المهباءةن‪ 106‬عخأاندر ‪ 107‬ن‬ ‫ث عععلى أعمشعبالننه‬
‫في عممر ع‬ ‫š šعومس ع ع ع ع‬
‫‪4‬‬
‫ر‬ ‫فععكأعنهة لعمي ر‬
‫‪šŠ ¤‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬نماذج أخأرى‪:‬‬
‫أولج ‪ :‬عفوه عن ثمانين أسيجرا في الحديبية ‪:‬‬

‫‪ 103‬انظر‪ :‬علي محمد الصلبي ‪ :‬السيرة النبوية‪184\2 ،‬‬


‫‪ 104‬جان باغوت غلوب ‪ :‬الفتوحات العربية الكبرى‪ ،‬ص ‪.158 -157‬‬
‫‪ 105‬عردت‪ :‬اشتدت وضربت‪ ،‬القاموس المحيط )‪.(1/313‬‬
‫‪ 106‬الهباءة‪ :‬غبار الحرب‪ ,‬مختار الصحاح‪ ،‬ص ‪.689‬‬
‫‪107‬الخادر‪ :‬المقيم في عرينه‪ ،‬والخدر سإتر يمد للجارية من ناحية البيت‪.‬‬
‫‪ 108‬انظر‪ :‬ابن هشاما ‪ :‬السيرة النبوية )‪ ،.(4/144‬والبيهقي ‪ :‬دلئال النبوة ) ‪،(270 /5‬برقم ‪ ،5440‬وعلي محمد‬
‫الصلبي ‪ :‬السيرة النبوية‪ ،‬ص ‪،406 ،405‬‬

‫‪30‬‬
‫هبّط عليه‪ ‬ف صلح الديبّية )ف ذي القعدة ‪ 6‬هـ‪ /‬مارس ‪ 628‬م( ‪ ،‬ثانون متسلحون‪ ،‬من جبّل‬
‫التنعيم‪ ،109‬يريدون قتله‪ ،‬فأسرهم‪ ،‬ث متن عليهم‪.110‬‬
‫ثانجيا ‪ :‬عفوه عن ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة‬
‫عأسر ثامة بن أثال سيد بن حنيفة‪ ،‬وسيد اليمحامة‪ ،‬فربطه الصحابة بسارية بالسجد النبّوي‪ .111‬وإنأا‬
‫عربط بسجد بناه أكرم اللق‪ ،‬مطلق العان السي‪ ،‬خآي من أكرم العزيز إذا ذل‪ ،‬والغريب إذا ضل ‪.‬‬
‫فلـلقالل النب ‪ - ‬لصحابه ‪" :-‬ألطدللعقوا علثالمةل " ‪..‬‬
‫ل‬ ‫لل‬ ‫لفاندطللق إللل لندةل قللري ة ل‬
‫ب مدن الدلمحدسجد ‪ ،‬لفادغتللسلل عثت لدلخآلل الدلمحدسجلد فلـلقالل‪ :‬ألدشلهعد ألدن لل إللهل إلتل اللتهع‬ ‫ل‬
‫ل ‪112‬‬
‫لوألتن عملتمحندا لرعسوعل اللته ‪.‬‬
‫فلقد هزته الخآلق المحدية هنزا عنينفا‪ ،‬فطفق يهتف بأخآلق ممحد‪ ،‬ويقول ‪:‬‬
‫ل!! لواللتله لما‬ ‫ب الدعوعجوهل إل لت‬
‫ك أللح ت‬ ‫ك‪ ،‬فلـلقدد أل د‬
‫صبّللح لودجعه ل‬ ‫ل لمدن لودجله ل‬ ‫ض إل لت‬‫ض لودجهد لأبدـغل ل‬ ‫"لما لكالن لعللى ادللدر ل‬
‫ل ة‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫لكالن لمن لديةن لأبـغلض إل لت ل‬
‫ض‬‫ل !! لواللته لما لكالن مدن بلـلد لأبدـغل ع‬ ‫ب المديلن إل لت‬‫ك أللح ت‬ ‫صبّللح دينع ل‬ ‫ك‪ ،‬فلأل د‬ ‫ل لمدن دينل ل‬ ‫د ل‬ ‫د‬
‫ب الدبّللللد إل لت‬ ‫صبّللح بلـلعدلك أللح ت‬ ‫إل لت ل ل‬
‫ل مدن بلـلدلك‪ ،‬فلأل د‬
‫‪113‬‬
‫ل !! " ‪..‬‬
‫بل ويتجم ثامة هذا الب عمحلنيا ‪..‬فيبّغض ف ال ويقاطع ف ال‪ ،‬فلمحا فلـلتمحا قللدلم لمتكةل لقالل لهع لقائلدل‬
‫ت ؟؟!‬ ‫صبّلـدو ل‬
‫‪ :‬ل‬
‫صتلى اللتهع لعلديله لولسلتلم ‪ ،-‬لولل لواللتله لل يلأدلتيعكدم لمدن‬ ‫ة ل ل‬ ‫ل‬
‫ت لملع عملتمحد لرعسول اللته ‪ -‬ل‬ ‫لقالل‪ " :‬لل لولكدن ألدسلدمح ع‬
‫صتلى اللتهع لعلديله لولسلتلم‪. ! 114" -‬‬ ‫ل‬ ‫ل ة‬ ‫ل‬
‫ب‪ -‬ل‬ ‫الديللمحالمة لحبّتةع حدنطلة لحتت يلأدذللن فيلها النتل ص‬
‫ثالجثا‪ :‬ل تجمعوا عليهم حر هأذا اليوم وحر السلحا ‪:‬‬
‫رأى الرسول أسارى بن قريظة موقوفي ف قيظ النهار تت الشممحس فأمر من يقومون براستهم‬
‫ل‪" :‬ل تمحعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلح‪ ..‬قيلوهم حت يبدوا"‪ ،‬وقد سئْل المام مالك ‪-‬‬
‫قائ ن‬
‫‪115‬‬
‫ل‪" :‬ما سعت بذلك"‬ ‫يرحه ال‪" :‬أيعذب السي إن رجي أن يدل على عورة العدو؟" فأجاب قائ ن‬
‫وبذلك يرم السلم تعذيب السرى‪ ،‬ويرفض إهانتهم‪ ،‬ويقرر عدم إهالم‪ ..‬كمحا ل يوز تعذيب‬
‫السي‪ ،‬ول إهانته للحصول على معلومات عسكرية منه‪..‬‬
‫رابجعا ‪ :‬كسوة ونفقة لسيرة ‪:‬‬

‫‪ 109‬جبل التنعيم ‪ :‬موضع بمكة في الحل‪ ،‬وهو الن مدينة صناعية بالمملكة العربية السعودية‪ .‬انظر‪:‬معجم البلدان‬
‫‪ ،49\2‬ومعجم معالم الحجاز ‪44\2‬‬
‫‪ 110‬انظر‪ :‬ابن القيم ‪ :‬زاد المعاد )‪(99 \ 3‬‬
‫‪ 111‬انظر‪ :‬ابن القيم ‪ :‬زاد المعاد )‪(99 \ 3‬‬
‫‪ 112‬صحيح – رواه البخاري )‪ (442‬عن أبي هريرة‬
‫‪ 113‬صحيح – رواه البخاري )‪ ،(4024‬ومسلم ) ‪ ( 3310‬عن أبي هريرة‬
‫‪ 114‬صحيح – رواه البخاري )‪ ،(4024‬ومسلم ) ‪ ( 3310‬عن أبي هريرة‬
‫‪ 115‬انظر‪ :‬وهبة الزحيلي ‪ :‬آثار الحرب‪ ،‬ص‪.(414) :‬‬

‫‪31‬‬
‫وأعطى رسول ال كسوة ونفقة لبنة حات الطائي عندما وقعت أسية ف أيدي السلمحي‪ ،‬بل حلها‬
‫حت خآرجت مع بعض أناس من قومها‪.116‬‬
‫سا ‪ :‬عفوه عن مشركين قاتلوا يوم الفتح ‪:‬‬ ‫خأام ج‬
‫وأطلق يوم فتح مكة )رمضان ‪8‬هـ‪ /‬يناير ‪ 630‬م ( جاعة من قريش فكان يقال لم ‪ :‬الطلقاء‪.117‬‬
‫فهذه نأاذج‪ ،‬تبّي لك مدى رحة النب ‪ ‬للسرى‪ ،‬وهذه الواقف وغيها تكشمف الستار عن‬
‫شخصية بلغت من السمحو والرفعة مبّلنغا بعيندا‪ ،‬شخصية ترك الفئْدة نوها بفيض عارم من الرحة‬
‫والعفو والاذبية ‪.‬‬
‫المبحث الخامس‬
‫رحمته لقتلى العدو‬

‫المطلب الول ‪ :‬مواراة جيف قتلى العدو في بدر‪:‬‬


‫فلمحا انتصر النب – صلى ال عليه وسلم – على الشمركي ف معركة بدر نصران ساحنقا‪ ،‬وعقتل ف‬
‫هذه الوقعة سبّعون من صناديد الوثنية‪ ،‬ل يأمر النب – صلى ال عليه وسلم – بالتمحثميل بثمث‬
‫القتلى أو إهانتها‪ ،‬بل أمر رسول ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بدفن هذه الثمث ف بئْر من آبار بدر‬
‫القديإة ‪..‬‬
‫وقد ورد أنه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وقف على القتلى فقال – يعاتبّهم ف حرقة ‪» : -‬بئْس عشمية‬
‫النب كنتم لنبّيكم‪ ،‬كذبتمحون وصدقن الناس‪ ،‬وخآذلتمحون ونصرن الناس‪ ،‬وأخآرجتمحون وآوان‬
‫الناس«‪. 118‬‬
‫ل‪» :‬يا عتبّة بن ربيعة‪ ،‬ويا شيبّة بن ربيعة‪ ،‬ويا فلن‪ ،‬ويا فلن‪ ،‬هل‬
‫ونادى عليهم وهم ف البّئْر قائ ن‬
‫وجدت ما وعدكم ربكم حنقا فإن وجدت ما وعدن رب حنقا« فقال عمحر بن الطاب‪ :‬يا رسول ال!‬
‫ما تاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال‪» :‬والذي نفسي بيده ما أنتم بأسع لا أقول منهم‪ ،‬ولكنهم ل‬
‫يستطيعون الواب« ‪. 119‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬جثة نوفل بن عبد ال !‬
‫لا حاول نوفل بن عبّد ال – لعنه ال – اقتحام الندق الذي صنعه السلمحون لتحصي الدينة من‬
‫حصار التحالف الوثن – ف غزو الحزاب ‪ -‬ومات مقتولن ف الندق‪ ،‬عندما أصر على اقتحامه‬

‫‪ 116‬ممدوح إبراهيم الطنطاوي ‪ :‬أخلقيات الحرب في السإلما‪ ،‬مجلة الجندي المسلم ‪ :‬العسكرية السإلمية العدد‬
‫‪112‬‬
‫ف أتقيدديتهلقم تعنلكقم"‪ ،‬برقم ‪.،1808‬‬
‫‪ 117‬انظر‪ :‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب قوله تعالى ‪ " :‬توهلتو الفدذي تك ف‬
‫وابن القيم ‪ :‬زاد المعاد ) ‪. ( 59 \ 5‬‬
‫‪ 118‬ابن القيم ‪ :‬زاد المعاد )‪.(3/187‬‬
‫قريش‪.‬‬ ‫‪ 119‬البخاري )‪ (7/234‬كتاب المغازي‪ ،‬باب دعاء النبي صلى ا عليه وسإلم على كفار‬

‫‪32‬‬
‫ف فرقة من الشمركي‪ ،‬سأل الشمركون السلمحي جثمته بال يعطونه السلمحي‪ ،‬فأرسل الشمركون إل النب‪:‬‬
‫أن أرسل إلينا بسده ونعطيك اثن عشمر ألفان‪ ..120‬فتعفف رسول ال عن هذا الال البّيث‪ ،‬وناهم‬
‫ل ‪121‬‬ ‫ل‬
‫ليلفلة لخآلبّي ع‬
‫ث المديلة"‬ ‫ث ا دل‬
‫عن ذلك وكرهه !! وقال‪ " :‬اددفلـععوا إللديلهدم جيلفتلـعهدم فللإنتهع لخآلبّي ع‬
‫وف رواية قال‪ " :‬ول نأنعكم أن تدفنوه‪ ،‬ول أرب لنا ف ديته"‪ .122‬فلم يقبّل منهم شينئْا‪ ،‬وخآلى بينهم‬
‫وبينه ‪..‬‬
‫وف رواية ‪ :‬عن عن عكرمة أن نوفلن تردى به فرسه يوم الندق فعقتل فبّعث أبو سفيان إل النب‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بديته مائة من البل فأب النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬وقال ‪" :‬خآذوه فإنه‬
‫خآبّيث الدية خآبّيث الثمة"‪..123‬‬
‫‪124‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬هو لكم ‪ ،‬ل نأكل ثن الوتى "‬
‫وإنأا كره هذا لئْل ينسب إل السلمحي ما ل يليق بكارم الخآلق‪ ،‬فقد كان عليه السلم يقول‪:‬‬
‫بعثمت لتم مكارم الخآلق‪.125‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬جثة عمرو بن ود ‪:‬‬
‫وبالثمل ف نفس الغزوة‪ ،‬حدث مع عمحرو بن ود – طاغية العرب ‪ ، -‬عندما قتله علي – رضي ال‬
‫عنه – ف مبّارزة عنيفة‪ ..‬وذكر ابن إسحاق أن الشمركي بعثموا إل رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬يشمتون جيفة عمحرو بعشمرة آلف‪ ،‬فقال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪:-‬‬
‫"هو لكم ول نأكل ثن الوتى"‪.126‬‬
‫ولا أقبّل علي – رضي ال عنه ‪ -‬بعد قتله لعمحرو بن عبّد ود على رسول ال ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬وهو متهلل‪ ،‬قال له عمحر بن الطاب رضي ال عنه‪ :‬هل سلبّته درعه‪ ،‬فإنه ليس ف العرب‬
‫درع خآي منها؟ قال‪ :‬إن حي ضربته استقبّلن بسوءته فاستحييت يا ابن عمحي أن أسلبّه‪.127‬‬

‫المبحث السادس‬
‫رحمته لهأل الذمة‬
‫المطلب الول ‪ :‬من هأم أهأل الذمة وما موقف الدولة السلمية منهم ؟‬
‫‪120‬علي بن برهان الدين الحلبي‪ :‬السيرة الحلبية ‪2/628‬‬
‫ي ) ‪ ( 1715‬والقصة منتشرة في كتب السيرة‪.‬‬ ‫‪ 121‬رواه أحمد )‪ ،( 2442 (،(2230‬والتتقردمدذ ي‬
‫‪ 122‬علي بن برهان الدين الحلبي‪ :‬السيرة الحلبية ‪2/628‬‬
‫‪ 123‬رواه ابن أبي شيبة )‪ ، (36824‬المتقي الهندي ‪ :‬كنز العمالا ) ‪ ،( 30102‬ورواه الفزاري في السير ) ‪، (10‬‬
‫ولم أقف على صحة الحديث ‪.‬‬
‫‪ 124‬رواه البيهقي في دلئال النبوة )‪ ،(1320‬ولم أقف على سإنده ‪.‬‬
‫‪ 125‬السرخسي ‪ :‬شرح كتاب السير الكبير ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(448‬‬
‫‪ 126‬علي بن برهان الدين الحلبي‪ :‬السيرة الحلبية ‪628 /2‬‬
‫‪ 127‬رواه البيهقي في دلئال النبوة )‪ ،(1320‬وانظر‪ :‬علي بن برهان الدين الحلبي‪ :‬السيرة الحلبية ‪628 /2‬‬

‫‪33‬‬
‫أهل الذمة هم القليات من أهل الكتاب دخآل الدولة السلمية ‪..‬‬
‫يقول أدوار بروي‪:‬‬
‫ضا من أهل الكتاب‪ ،‬حق لم أن يتمحتعوا بالتساهل وأن ل يضاموا‪.‬‬ ‫"فاليهود والنصارى الذين هم أي ن‬
‫وكان لبند من وقوف هذا الوقف نفسه من الزرادشتية والبّوذية والصابئْة‪ ..‬وغيها من اللل والنحل‬
‫الخآرى‪ .‬والطلوب من هؤلء السكان أن يظهروا الولء للسلم ويعتفوا بسيادته وسلطانه‪ ،‬وأن يؤدوا‬
‫له الرسوم التتبّة على أهل الذمة تأديتها‪ ..‬وف نطاق هذه التحفظات الت ل يكن لتؤثر كثمنيا على‬
‫الياة العادية‪ ،‬تتع الزميون] ف السلم[ بكافة حرياتم"‪.128‬‬
‫ويقول ‪ :‬مونتكومري وات‪:‬‬
‫"إن تعامل السلمحي كان متلنفا تاه اليهود والسيحيي والزرادشتيي وغيهم من اعتبت دياناتم‬
‫شقيقة للسلم‪ ،‬رغم الدعوى القائلة بأن التبّاع العاصرين لتلك الديانات قد ابتعدوا عن جوهرها‪.‬‬
‫ومهمحا كان المر فقد كان بالمكان قبّولم نونعا من اللفاء للمحسلمحي ف معظم القطار الت‬
‫فتحتها العرب‪ .‬لذلك فإن غرض الهاد ل يكن يهدف إل تويل أولئْك السكان نو السلم بقدر‬
‫ما كان يهدف إل اعتافهم بالكم السلمي وبنزلة أناس يمحيهم السلم‪ .‬وبعامة فإنم )أهل‬
‫الذمة(" ‪. 129‬‬
‫" وكانت الطائفة الذمية ممحوعة من الناس تعتنق ديانة واحدة لا استقللا الداخآلي برعاية رئيس دين‬
‫كالبّطريك أو الراب‪ ،‬وكان على كل فرد من أفراد المحوعة الذمية دفع ضريبّة شخصية إل الاكم‬
‫السلم ‪ ...‬وكانت تلك الضرائب أحياننا أقل وطأة من الضرائب الت كانت تدفع للحكام السابقي‪.‬‬
‫وكانت حايتهم بصورة فعالة بالنسبّة للدولة السلمية تثمل كلمحة شرف تلتزم با الدولة‬
‫وتنفذها"‪. 130‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬شهادات علماء الغرب ‪:‬‬
‫ل‪ :‬حرية أهأل الذمة في العتقاد ‪:‬‬
‫أو ج‬
‫يقول "روم لندو" ‪:‬‬
‫ضا‪ ،‬اعتف‬ ‫"على نقيض المباطورية النصرانية الت حاولت أن تفرض السيحية على جيع رعاياها فر ن‬
‫العرب بالقليات الدينية وقبّلوا بوجودها‪ .‬كان النصارى واليهود والزرادشتيون يعرفون عندهم بـ )أهل‬
‫الذمة(‪ ،‬أو الشمعوب التمحتعة بالمحاية‪ .‬لقد ضمحنت حرية العبّادة لم من طريق الزية‪ ..‬الت أمست‬
‫تدفع بدلن من الدمة العسكرية‪ .‬وكانت هذه الضريبّة مضانفا إليها الراج‪ ،‬أقل ف ممحوعها من‬

‫‪ 128‬أدوار بروي‪ :‬تاريخ الحضارات العاما ‪116 / 3 ،‬‬


‫‪ 129‬مونتكومري وات‪ :‬تأثير السإلما على أوروبا في العصور الوسإطى ‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫‪ 130‬مونتكومري وات ‪ :‬تأثير السإلما على أوروبا في العصور الوسإطى ‪ ،‬ص ‪. 14 – 13‬‬

‫‪34‬‬
‫الضرائب الت كانت مفروضة ف ظل الكم البّيزنطي‪ .‬كانت كل فرقة من الفرق الت تعامل كمحنلة‪،‬‬
‫أي كطائفة نصف مستقلة استقللن ذاتنيا ضمحن الدولة‪ .‬وكانت كل منلة تضع لرئيسها الدين"‪.131‬‬
‫ثانجيا‪ :‬حرية أهأل الذمة في ممارسة الشعائر ‪:‬‬
‫يقول ول ديورانت‪:‬‬
‫"‪ ..‬كان أهل الذمة السيحيون‪ ،‬والزردشتيون‪ ،‬واليهود‪ ،‬والصابئْون يستمحتعون ف عهد اللفة الموية‬
‫بدرجة من التسامح ل نإد نظنيا لا ف السيحية ف هذه اليام‪ .‬فلقد كانوا أحرانرا ف مارسة شعائر‬
‫دينهم‪ ،‬واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم‪ ..‬وكانوا يتمحتعون بكم ذات يضعون فيه لزعمحائهم وقضاتم‬
‫وقوانينهم"‪..132‬‬
‫ويقول" آدم متز"‬
‫"كانت حياة الذمي عند أب حنيفة وابن حنبّل تكافئ حياة السلم‪ ،‬ودية السلم‪ ،‬وهي مسألة مهمحة‬
‫جندا من حيث البّدأ‪ ..‬ول تكن الكومة السلمية تتدخآل ف الشمعائر الدينية لهل الذمة‪ ،‬بل كان‬
‫يبّلغ من بعض اللفاء أن يض مواكبّهم وأعيادهم ويأمر بصيانتهم‪ ..‬وكذلك ازدهرت الديرة‬
‫بدوء‪.133"..‬‬
‫ثالجثا‪ :‬رعاية المسلمونا لهأل الذمة‪:‬‬
‫يقول آرثر ستانلي تريتون‪: 134‬‬
‫"ولا تدان أجل )عمحر بن الطاب( أوصى من بعده وهو على فراش الوت بقوله‪) :‬أوصي الليفة من‬
‫بعدي بأهل الذمة خآنيا‪ ،‬وأن يوف لم بعهدهم‪ ،‬وأن يقاتل من ورائهم‪ ،‬وأل يكلفهم فوق طاقتهم(‬
‫وف الخآبّار النصرانية شهادة تؤيد هذا القول‪ ،‬وهي شهادة )عيثمويابه( الذي تول كرسي البّطريركية‬
‫من سنة ‪ 647‬إل ‪657‬م إذ كتب يقول‪) :‬إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العال‬
‫يعاملوننا كمحا تعرفون‪ ،‬أنم ليسوا بأعداء للنصرانية بل يإتدحون منلتنا ويوقرون قسيسينا وقنديسينا‪،‬‬
‫ويإدون يد العونة إل كنائسنا وأديرتنا(‪ .‬والظاهر أن التفاق الذي ت بي )عيثمويابه( وبي العرب كان‬
‫صخ على وجوب حايتهم من أعدائهم‪ ،‬وأل يمحلوا قسنرا على الرب من‬ ‫من صال النصارى‪ ،‬فقد ن ن‬
‫أجل العرب‪ ،‬وأل يؤذوا من أجل الحتفاظ بعاداتم ومارسة شعائرهم‪ ،‬وأل تزيد الزية البّاة من‬
‫الفقي على أربعة دراهم‪ ،‬وأن يؤخآذ من التاجر والغن اثنا عشمر درها‪ ،‬وإذا كانت أمة نصرانية ف‬

‫‪ 131‬روما لندو‪:‬السإلما والعرب ‪ ،‬ص ‪119‬‬


‫‪ 132‬ولا ديورانت ‪ :‬قصة الحضارة ‪. 131 – 130 / 3 ،‬‬
‫‪133‬آدما متز‪ :‬الحضارة السإلمية في القرن الرابع ‪. 70 – 69 / 1 ،‬‬
‫‪ 134‬آرثر سإتانلي تريتون ‪ :‬ولد عاما ‪ 1881‬عين مساعد أسإتاذ للعربية في أدنبرا )‪ (1911‬وكلسإكو )‪(1919‬‬
‫وأسإتاذ في عليكرة في الهند )‪ (1921‬ومدرسإة الدراسإات الشرقية والفريقية بلندن )‪(47-38-1931‬من آثاره‪:‬‬
‫)الخلفاء ورعاياهم من غير المسلمين( )‪) ،(1930‬علم الكلما في السإلما( )‪) ،(1947‬السإلما إيمان وشعائار( )‬
‫‪) ،(1950‬مواد في التربية السإلمية( )‪.(1957‬‬

‫‪35‬‬
‫خآدمة مسلم فإنه ل يق لسيدها أن يبها على ترك دينها أو إهال صلتا والتخلي عن‬
‫صيامها‪.135".‬‬
‫رابجعا‪ :‬الستعانة بهم في أجهزة الدولة ‪:‬‬
‫يقول آدم متز‪:‬‬
‫"ومن المور الت نعجب لا كثمرة عدد العمحال والتصنرفي غي السلمحي ف الدولة السلمية"‪.. 136‬‬
‫وقد كان عمحر بن الطاب ‪ ‬يستخدمهم ف كتابة الدواوين والتجة‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬وصايا النبي ‪ ‬بأهأل الذمة والتحذير من إيذائهم‪:‬‬
‫ل‪ :‬حرمة قتل الذمي بغير حق ‪:‬‬ ‫أو ج‬
‫لعدن لعدبّلد اللتله بدلن لعدمحةرو‪:‬‬
‫ل ل ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ب ‪‬لقالل ‪ " :‬لمدن قلـتللل نلـدفنسا عملعالهندا للد يللردح لرائلحةل ادللنتة لوإلتن لريللها لعيولجعد مدن لمسلية ألدربلع ل‬
‫ي‬ ‫لعدن النتل م‬
‫لعانما"‪.137‬‬
‫ثانجيا‪ :‬حرمة قذف الذمي ‪:‬‬
‫ف لذمييا عحتد‪ 138‬لهع يلـدولم الدلقليالملة بللسياةط لمدن لناةر" قيل لللمحدكعحوةل‪ :‬لما أللشصد لما‬ ‫لقالل لرعسوعل اللتله ‪: ‬لمدن قللذ ل‬
‫يـعلقاعل‪ ،‬لقالل‪ :‬يـعلقاعل لعه‪:‬ليا ابدلن الدلكالفر‪139‬ل‪.‬‬
‫ثالجثا‪ :‬تحريم ظلمه ‪:‬‬
‫عن عبّد ال بن جراد ‪ ،‬أن رسول ال ‪ ‬قال ‪ ":‬من ظلم ذمنيا مؤديان الزية‪ 140‬مقنرا بذلته ‪ ،‬فأنا‬
‫خآصمحه يوم القيامة "‪. 141‬‬
‫وف ذلك يقول يقول كولدتسيهر‪: 142‬‬
‫"فظلم أهل الذمة‪ ،‬وهم أولئْك التمحون بمحى السلم من غي السلمحي‪ ،‬كان يكم عليه بالعصية‬
‫وتعدي الشمريعة‪ .‬ففي بعض الرات عامل حاكم إقليم لبّنان الشمعب بقسوة عندما ثار ضد ظلم أحد‬
‫عمحال الضرائب‪ ،‬فحكم عليه با قاله الرسول ]‪) :[‬من ظلم معاهندا‪ ،‬وكلفه فوق طاقته فأنا حجيجه‬
‫يوم القيامة(‪ .‬وف عصر أحدث من هذا ما رواه بورتر ‪ Porter‬ف كتابه )خس سني ف دمشمق(‬
‫‪ 135‬آرثر سإتانلي تريتون ‪ :‬أهل الذمة في السإلما ‪ ،‬ص ‪159 – 158‬‬
‫‪ 136‬آدما متز ‪ :‬الحضارة السإلمية في القرن الرابع ‪. 87 / 1‬‬
‫‪ 137‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬برقم ‪ ،6403‬باب تباب إدقثدم تمقن قتتتتل دذتم يضيا بدتغقيدر لجقرمما‬
‫‪ 138‬لحد ‪ :‬أقيم عليه الحد والعقوبة‬
‫‪ 139‬المعجم الكبير للطبراني )ج ‪ / 15‬ص ‪ ،(434‬مسند الشاميين للطبراني )ج ‪ / 9‬ص ‪(316‬‬
‫‪ 140‬الجزية ‪ :‬هي عبارة عن اشتراك مالي يدفعه المعاهد أو الذمي من غير المسلمين‪ ،‬وهي مقابل إقامتهم في‬
‫الدولة السإلمية وحمايتها لهم‪.‬‬
‫‪ 141‬أبو نعيم الصبهاني ‪ :‬معرفة الصحابة )ج ‪ / 11‬ص ‪(339‬‬
‫‪ 142‬كولد تسيهر )‪1921-1850‬ما( ‪ :‬عين أسإتاضذا محاضضرا في كلية العلوما بجامعة بودابست )‪ (1873‬ثم أسإتاذ‬
‫كرسإي )‪ .(1906‬من آثاره‪ :‬كتاب )العقيدة والشريعة في السإلما( )باريس ‪ ،(1920‬و)درس في السإلما( في‬
‫جزأين كبيرين‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫من أنه رأى بالقرب من بصرى )بيت اليهود( وحكى أنه كان ف هذا الوضع مسجد هدمه عمحر ]‬
‫‪ [‬لن الاكم قد اغتصبّه من يهودي ليبّن عليه هذا السجد!"‪.143‬‬

‫المبحث السابع‬
‫قيم حضارية في غزوة بدر ] نموذججا[‬

‫كثمية هي تلك القيم الضارية الت ظهرت ف غزوة بدر]المحعة ‪ 17‬رمضان ‪2‬هـ ‪13 -‬مارس‬
‫‪624‬م[كأحداث رئيسية ف هذه العركة‪..‬تلك العركة الت ل تكن ف حسبّان جيش السلمحي الذين‬
‫خآرجوا لطاردة ثفقة تارية لقريش قادمة من الشمام يقودها أبو سفيان بن حرب‪ ،‬كمححاولة جديدة‬
‫لستداد بعض أموال السلمحي الت صادرتا قريش !‬
‫ولكن قضى ال أمنرا غي الذي أراده السلمحون‪ ،‬فقد استطاع أبو سفيان أن يفلت بالقافلة‪ ،‬بعدما‬
‫أرسل ال مكة من يب قريشمان بالب غي الذي أراده السلمحون‪ ،‬فغضب الشمركون ف مكة‪ ،‬فتجهزوا‬
‫سراعنا‪ ،‬وخآرجوا ف ألف مقاتل ‪ ..‬أما أبو سفيان فقد أرسل إل قيادات مكة ‪ ،‬من يبهم بأن القافلة‬
‫قد نإت‪ ،‬وأنه ل داعي للقتال‪ ،‬وحينئْذ رفض أبو جهل إل الواجهة العسكرية‪..‬‬
‫وفيمحا يلي نقف – سرينعا ‪ -‬على بعض القيم الضارية الستفادة من هذه الغزوة ‪:‬‬
‫المطلب الول ‪ :‬ل نستعين بمشرك على مشرك ‪:‬‬
‫لا خآرج رسول ال ‪ ، ‬إل بدر‪ ،‬أدركه خآبّيب بن إساف‪ ،‬وكان ذا بأس ونإدة ول يكن أسلم‪ ،‬ولكنه‬
‫خآرج منجدنا لقومه من الزرج طالبّنا للغنيمحة‪ ،‬وكانت عتذكر منه جرأة وشجاعة‪ ،‬ففرح أصحاب النب ‪‬‬
‫حي رأوه‪ ،‬فلمحا أدركه قال‪ :‬جئْت لتبّعك وأصيب معك‪ ،‬فقال له النب ‪ "‬أتؤمن بال ورسوله؟ " قال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬قال‪" :‬فارجع فلن نستعي بشمرك" " فلم يزل خآبّيب يلح على النب‪ ،‬والنب يرفض‪ ،‬حت أسلم‬
‫ل‬
‫ك ‪ ،‬لولقالل ‪ " :‬انطلق"‪.. 144‬‬‫خآبّيب‪ ،‬فلعسنر لرعسوعل اللنله ‪ ‬بللذل ل‬
‫ث‪ ،‬يطلب القتال مع السلمحي وقد كان مشمرنكا‪،‬‬‫وعلى النقيض من هذا الوقف‪ ،‬جاء أبو قلـيس بن عمر ة‬
‫د ع د ع لن‬
‫فلمحا رفض السلم‪ ،‬رده لرعسوعل اللنله ‪ ‬وللرلجلع الرجل إلل الدينة‪ ،‬وأسلم بعد ذلك ‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫نرى القائد السلمي ف هذا الوقف‪ ،‬يرفض أشد الرفض أن يستعي بشمرك على قتال مشمرك‪ ،‬وأقل ما‬
‫نـعلعنون به هذا الوقف الضاري التكرر ف السية الغراء‪ ،‬هو عنوان الرب الشمريفة النظيفة‪ ،‬الت تكون‬

‫‪ 143‬كولدتسيهر‪ :‬العقيدة والشريعة في السإلما ‪ ،‬ص ‪47-46‬‬


‫‪ 144‬ابن سعد )ج ‪ / 3‬ص ‪(535‬‬
‫‪ 145‬الواقدي )ج ‪ / 1‬ص ‪(48‬‬

‫‪37‬‬
‫من أجل العقائد والثمل‪ ،‬ل من أجل القهر والظفر بالغان ‪ ..‬ففي هذا الوقف دللة على أن الرب ف‬
‫السلم ل تكون إل من أجل العقيدة‪ ،‬فل يصح إذن – إذا كنا نقاتل من أجل العقيدة – أن نستعي‬
‫بأعداء هذه العقيدة ف الرب ‪..‬‬
‫وتيل معي شعور اليش الشمرك‪ ،‬عندما تأتيه أنبّاء رفض القائد السلمي الستعانة عليهم بغي‬
‫السلمحي‪ ..‬بيد أن الروب الاهلية ف الاضي والاضر يستعي فيها الصم على خآصمحه بشمت اللل‬
‫والنحل‪ ،‬الصالة والطالة‪ ،‬الهم أن يظفر الصم بصمحه‪ ،‬فينهب ويسلب ويغدر ‪ ..‬دون اللتفات إل‬
‫قيم أو مثمل !‬
‫أما القيادة السلمية الكريإة ترسخ هذا الصل الصيل ف أخآلقيات الروب‪ ،‬بيث عتظهر عقيدتا‬
‫السمححة‪ ،‬وتستمحيل نفوس النود الذين جاءوا لرب السلمحي‪ ،‬ناهيك عن البّعد العلمي‪ ،‬الذي‬
‫يسحب القائد السلمي بساطه من تت خآصمحه‪ ،‬الذي جاء بطنرا ورئاء الناس‪ ،‬فيظهر الصم الشمرك‬
‫أمام الرأي العام العالي والقليمحي بظهر التعجرف ‪ ..‬أما اليش السلمي فيظهر بظهر جيش الي ‪،‬‬
‫الذي يتم العقيدة ‪ ،‬إل الدرجة الت يرفض فيها أن يستعي ف قتاله بن يالف عقيدته!‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مشاركة القائد جنوده في الصعاب‪:‬‬


‫عن عبّد ال بن مسعود ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬كنا يوم بدر‪ ،‬كل ثلثة على بعي‪ ،‬فكان أبو لبّابة‬
‫وعلي بن أب طالب زميلي رسول ال ‪ ‬قال ‪ :‬فكانت إذا جاءت عقبّة رسول ال ‪ ‬قال ‪ :‬نن نأشمي‬
‫‪146‬‬
‫عنك قال ‪ " :‬ما أنتمحا بأقوى من وما أنا بأغن عن الجر منكمحا "‬
‫فالقائد الصال هو من يشمارك جنوده الصعاب‪ ،‬ويفزهم على القليل والكثمي من الصالات‪ ،‬ليكون‬
‫قدوة طيبّة أخآلقية لنوده ف النشمط والكره‪ ،‬وليس القائد بالذي يتخلف عن جيشمه رهنبّا من الوقف أو‬
‫يتلذذ بصنوف النعيم الدنيوي وجنده يكابد الر والقر‪.‬‬

‫المطلب الثالث الشورى ‪:‬‬


‫ففي وداي لذفللرالن بلغ النب نإاة القافلة وتأكد من حتمحية الواجهة العسكرية مع العدو‪ ..‬فاستشمار الناس‬
‫ووضعهم أمام الوضع الراهن إما ملقاة العدو وإما الروب إل الدينة ‪ ..‬فقال لنوده ‪ " :‬أللشيعوا لعلني‬
‫س"‪ ،‬ول زال يكررها عليهم‪ ،‬فيقوم الواحد تلو الخآر ويدلو بدلوه‪ ،‬فقام أبو بكر فقال وأحسن‬ ‫لأيـنلها الننا ع‬
‫‪ .‬ث قام عمحر فقال وأحسن ‪ .‬ث قام الدلمحدقلداعد بدعن لعدمحةرو فقال وأحسن‪ ..‬حت قام القيادي النصاري‬
‫البّارز سعد بن معاذ‪ ،‬فحسم نتيجة الشمورى لصال الل العسكري ‪.‬‬

‫‪ 146‬ابن هشمام ) ‪ ( 389 /2‬وحسنه اللبّان ف تقيق فقه السية ‪167‬‬

‫‪38‬‬
‫فهذا هو التمحع السلمي‪ ،‬الذي يعتب الشمورى ركننا من أركانه‪ ،‬وأصلن ف بنيانه‪ ..‬ف أيام كانت أوربا‬
‫تت حكم وراثي كنسي مستبّد‪ ،‬يقيد النود بالسلسل – ف العارك – حت ل يفروا‪ .‬ل قيمحة عندهم‬
‫لرأي‪ ،‬ول وزن ‪ -‬ف تصوراتم – لفكر !‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬النهي عن استجلب المعلومات بالعنف ‪:‬‬


‫وهذا مظهر آخآر من الظاهر الضارية ف السية‪ ،‬فقد حذر رسولنا ‪ ‬من انتزاع العلومات بالقوة من‬
‫ث النب ‪ ‬لعللني بدلن أللب طالب لف مفرزة إلل لمالء بلددةر ف مهمحة استخبّاراتية‬ ‫الناس‪ ،‬ففي ليلة العركة لبلع ل‬
‫ل‬ ‫لل‬
‫صنلي‪ ،‬فقال‬ ‫ها ‪ ،‬لولرعسوعل اللنه ‪ ‬يع ل‬ ‫لمحع العلومات‪ ،‬فوجدوا غلمي يستقيان للمحشمركي‪ ،‬فلأتلـدوا بلمحا فللسألعلو عل‬
‫ش ‪ .‬فطفق الصحابة يضربوها‪ ،‬حت اضطر الغلمان لتغيي أقوالمحا ‪ .‬فلمحا أت رسول ال‬ ‫‪ :‬لدنعن عسلقاةع قعـلريد ة‬
‫صلته؛ن قال لمحا مستنكنرا ‪" :‬والذي نفسي بيده إنكم لتضربونمحا إذا صدقا و تتكونمحا إذا كذبا ‪ ..‬إلذا‬
‫ش"‪. 147‬‬ ‫صلدلقا ‪ ،‬لولاللنله إنـعهلمحا للعقلريد ل‬
‫ها ؟ ! ‪ ،‬ل‬‫ها‪ ،‬لوإللذا لكلذلباعكدم تلـلردكتععمحو عل‬
‫ضلربدـتععمحو عل‬
‫صلدلقاعكدم ل‬
‫ل‬
‫هكذا كانت معاملة القيادة السلمية لن وقع ف قبّض الخابرات السلمية للستجواب‪ ،‬فنهى القائد‬
‫عن تعذيب الستجلوب‪ ،‬أو انتزاع العلومات منه بالقوة‪ ،‬فسبّق اتفاقية جينيف الثمالثمة لعام ‪ 1949‬الت‬
‫تظر إجبّار السي على الدلء بعلومات سوى معلومات تتيح التعرف عليه مثمل اسه وتاريخ ميلده‬
‫ورتبّته العسكرية‪ ، ،‬وجنرم رسول ال كل أعمحال التعذيب أو اليذاء أوالضغط النفسي والسدي الت‬
‫تارس على السي ليفصح عن معلومات حربية ‪.‬‬
‫وثة تقدم إسلمي على هذه التفاقات الخآية‪ ،‬فرسول ال قد طبّق هذه التعاليم الت تتم حقوق‬
‫السي‪ ،‬بيد أن دول الغرب ف العصر الديث ل تعي اهتمحانما لذه التفاقات ول تتمها‪ ،‬والدليل على‬
‫ذلك ما يفعله النود المريكيون ف الشمعب العراقي والفغان ‪ ..‬وما يفعله الصهاينة ف الشمعب‬
‫الفلسطين‪.‬‬

‫المطلب الخامس ‪ :‬احترام آراء الجنود‪:‬‬


‫فلمحا ترك رسول ال إل موقع العركة‪ ،‬نزل باليش عند أدن بئْر من آبار بدر من اليش السلمي‪،‬‬
‫وهنا قام ادلعلبّاب بدلن الدعمحدنلذلر وأشار على النب بوقع آخآر أفضل من هذا الوقع‪ ،‬وهو عند أقرب ماء من‬
‫العدو‪ ،‬فلـلقالل له لرعسوعل اللنله ‪ - ‬مشمجنعا ‪ ": -‬للقدد أللشدرت لبالنرأدلي"‪.148‬وبادر النب بتنفيذ ما أشار به‬
‫البّاب ‪ ،‬ول يستبّد برأيه رغم أنه القائد العلى‪ ،‬وعليه ينزل الوحي من السمحاء!‬

‫‪ 147‬ابن هشمام )ج ‪ / 1‬ص ‪(616‬‬


‫‪ 148‬ابن هشمام ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(620‬‬

‫‪39‬‬
‫إن هذه الواقف لتبّي كيف تكون العلقة بي القائد وجنوده‪ ،‬إنا علقة تتم الراء الناضجة وتشمجع‬
‫الفكار الصاعدة ‪.‬‬

‫المطلب السادس ‪ :‬العدل بين القائد والجندي ‪:‬‬


‫قلمحا نرى ف تاريخ الروب صورة تعب عن العدل بيت القادة والنود‪ ،‬فالتاريخ النسان حافل بصور‬
‫استبّداد القادة العسكريي وظلمحهم للجنود‪ ..‬أما ممحد فنراه ف أرض العركة يقف أمام جندي من‬
‫جنوده لنيقتصخ الندي منه ‪ ..‬أما الندي فهو للسلوالد بدلن لغلزينةل‪ ،‬لا ادستلـدنلتل من الصف‪ ،‬غمحزه النب غمحزة‬
‫خآفيفة ف بلطدنلله ‪ -‬بالسهم الذي ل نصل له ‪ -‬وقال ‪ " :‬ادستللو ليا لسنواعد !" ‪ ..‬قال ‪ :‬يا رسول ال !‬
‫أوجعتن ! وقد بعثمك ال بالق والعدل؛ن فلألقلددلن ! فكشمف رسول اللنله ‪ ‬لعدن بلطدنلله‪ ،‬لولقالل ‪" :‬‬
‫ادستللقدد" ‪ ..‬لفادعتلـنلـلقهع فلـلقبّنلل بلطدنلهع ! فلـلقالل النب ‪ " : ‬لما لحلللك لعللى لهلذا ليا لسنواعد ؟ " ‪ ،‬قال ‪ :‬حضر ما‬
‫ت أن يكون آخآر العهد بك أن يإس جلدي جلدك ! فدعا له رسول ال بي‬ ‫ترى‪ ،‬فلأللردد ع‬
‫‪149‬‬

‫المطلب السابع ‪ :‬الحوار قبل الصدام ‪:‬‬


‫أراد النب أن يستنفذ كل وسائل الصلح والسلم قبّل أن يوض العركة‪ ،‬فمحا عأرسل إل رحة للعالي‪،‬‬
‫فأراد أن يبّادر ببّادرة للسلم ليجع اليشمان إل ديارها‪ ،‬فعتحقن الدماء‪ ،‬أو ليقيم الجة على الشمركي‪،‬‬
‫ش‪ ،‬وقد كان سفيهم ف‬ ‫فلمحا نـللزلل اليش الوثن أرض بدر ألرسل رسوعل اللنله ‪ ‬ععمحر بدن ادللنطا ل‬
‫ب إلل قعـلريد ة‬ ‫لل ل‬ ‫دل ل لع‬
‫الاهلية‪ ،‬فنصحهم عمحر بالرجوع إل ديارهم حقننا للدماء ‪ ..‬فتلقفها لحلكيعم بدعن لحلزاةم أحد عقلء‬
‫ف ‪ .‬فقال أبو‬ ‫صل‬ ‫الشمركي‪ ،‬فقال‪ :‬قد عر ل‬
‫صعرولن عليه بعد ما عرض من النن د‬ ‫صنفا‪ ،‬لفاقدـبّلـعلوهع‪ ،‬وال ل تـعدن ل‬
‫ضن د‬
‫لل ل‬
‫جهل ‪ :‬وال ل نرجع بعد أن أمكننا ال منهم ‪ .‬فانظر حرص الرسول على حقن الدماء وحرص أب‬
‫‪150‬‬

‫جهل على سفك الدماء‪ ،‬وانظر إل هذه القيمحة الضارية الت يسجلها نب الرحة ف هذه العركة ‪:‬‬
‫الوار قبّل الصدام ‪.‬‬

‫المطلب الثامن ‪ :‬الوفاء مع المشركين ‪:‬‬


‫ي لحييا عثت لكلتلمحلن لف لهعؤلللء النتدتـلن للتلـلردكتعـعهدم‬
‫فقد قال النتلب ف أعلسالرى بدر‪ " :‬لدو لكالن الدعمحطدعلعم بدعن لعلد ب‬
‫لهع"‪!! 151‬‬

‫‪ 149‬ابن هشمام ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ ،(626‬وصححه اللبّان ف السلسلة الصحيحة‪2835 ،‬‬


‫‪ 150‬الواقدي ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(62‬‬
‫‪ 151‬البخاري‪ ،‬ح‪2906 :‬‬

‫‪40‬‬
‫وذلك لن الطعم قد أدخآل النب ‪ ‬ف جواره فور رجوعه من الطائف إل مكة‪ ،‬وف الوقت الذي تلى‬
‫فيه الناس عن حاية النب خآونفا من بطش أب جهل‪ ،‬قال الطعم ‪" :‬يا معشمر قريش‪ ،‬إن قد أجرت‬
‫ممحندا فل يهجه أحد منكم " ‪ ..‬وقد حفظ النب ‪ ‬للمحطعم هذا الصنيع وهذه الشمهامة ‪.‬‬
‫ث ابدلن أللسةد فللل يلـدقتعـدلهع‪ ،‬لولمدن‬ ‫وقال الننلب ‪ ‬ف هذا اليوم أيضا‪" :‬من للقي ألبا الدبّخ لتي بن لهلشمالم بلن ادلالر ل‬
‫د ل‬ ‫ن ل د ل ل ل دل ن دل‬ ‫ن‬
‫ب‪ ،‬فللل يلـدقتعـدلهع‪ ،‬فللإنهع إنلنأا أعدخآلرلج عمدستلدكلرنها ‪ ".‬وقد كان العبّاس ف مكة‬
‫‪152‬‬ ‫للقي الدلعنبّاس بدن لعدبّد الدمحطنل ل‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫ع‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫ي فقد كان أكف‬ ‫بثمابة قلم الخابرات للدولة السلمية‪ ،‬وقد كان مسلنمحا يكتم إيإانه ‪ ..‬أما أبو الدبّلدخ للت ن‬
‫الشمركي عن السلمحي‪ ،‬بل ساند السلمحي ف منتهم أيام اعتقالم ف اللشمعب‪ ،‬وكان من سعى ف نقض‬
‫صحيفة القاطعة الظالة‪ ،‬ومن ث كانت له يد على السلمحي‪ ،‬فأرد النب يوم بدر أن يكرمه‪ .‬فالقيادة‬
‫السلمية تفظ المحيل لصحاب الشمهامة وإن كانوا من فسطاط الشمركي ‪.‬‬

‫المطلب التاسع ‪ :‬حفظ العهود ‪:‬‬


‫قال حذيفة بن اليمحان‪ :‬ما منعنا أن نشمهد بدنرا إل أن وأب أقبّلنا نريد رسول ال ‪ ‬فأخآذنا كفار قريش‬
‫فقالوا‪ :‬إنكم تريدون ممحندا‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما نريده إنأا نريد الدينة‪ ،‬فأخآذوا علينا عهد ال وميثماقه لتصين إل‬
‫الدينة ول تقاتلوا مع ممحد ‪ ، ‬لا جاوزناهم أتينا رسول ال ‪ ‬فذكرنا له ما قالوا وما قلنا لم فيمحا ترى؟‬
‫قال‪" :‬نستعي ال عليهم ونفي بعهدهم"‪. !! 153‬‬
‫وهذا الوقف من رسول ال يعد من مفاخآر أخآلقيات الروب ف تاريخ النسانية‪ ،‬فلم ير الؤرخآون ف‬
‫تاريخ الروب قاطبّة موقنفا يناظر هذا الوقف البّهر‪ ،‬ذلك الوقف الذي نرى فيه القيادة السلمية تتم‬
‫العهود والعقود لقصى درجة‪ ،‬حت العهود الت أخآذها الشمركون على ضعفاء السلمحي أيام الضهاد‪،‬‬
‫رغم ما يعلو هذه العقود من شبّه الكراه ‪.‬‬

‫المطلب العاشر ‪ :‬النهي عن المثلة بالسير ‪:‬‬


‫ب لللرعسولل اللنله ‪ :‬ليا لرعسولل‬ ‫لا عأسر سهيل بن عمحرو أحد صناديد مكة فيمحن عأسر‪ ،‬قال ععمحر بدن ادللنطا ل‬
‫لل ل‬
‫اللنله‪ ،‬لددعلن ألندلزدع ثلنلين ل دت سهيل بن عمحرو‪ ،‬لويلددلعع لللسانلهع فل يقوم عليك خآطينبّا ف موطن أبندا ! وقد كان‬
‫خآطينبّا مفونها‪ ،‬يهجو السلم‪ .‬فلقالل لرعسوعل اللنله ‪ - ‬ف ساحة وسو ‪ " :-‬ل أعلمثمنعل بلله‪ ،‬فلـيعلمحثمنعل اللنهع لب‬
‫ت نلبّلنيا !!"‪ .154‬فلم يإثمل به كمحا يإثمل المحجيون ف قتلى وأسرى اليش الهزوم‪ ،‬وسن بذلك سنة‬ ‫لوإلدن عكدن ع‬
‫حسنة ف الروب‪ ،‬ويبّقى له الفضل والسبّق ف تري إهانة السرى أو إيذائهم ‪.‬‬

‫‪ 152‬ابن سعد ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪(10‬‬


‫‪ 153‬انظر‪ :‬الستدرك للحاكم )‪ ،( 4896‬صحيح السناد وأقره الذهب‬
‫‪ 154‬ابن هشمام ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(649‬‬

‫‪41‬‬
‫هكذا كان نب الرحة ف ميدان القتال ‪ ،‬ل يستعي بشمرك على مشمرك‪ ،‬يشمارك جنوده ‪ ،‬ويستشميهم‪،‬‬
‫ويعدل بينهم‪ ،‬ويتم آرائهم‪ ،‬وياور أعدائه‪ ،‬ويكون وفنيا كرنيإا لهل الفضل منهم‪ ،‬ويكرم االسرى‪،‬‬
‫وينهى عن إيذائهم‬

‫‪42‬‬
‫الكاتب في سطور‬
‫ممحد مسعد ياقوت – كاتب وداعية إسلمي مقيم ف مصر ‪.‬‬
‫الشمرف العام على موقع نب الرحة‬
‫‪www.nabialrahma.com‬‬
‫البيد اللكتون ‪yakoote@gmail.com :‬‬
‫الدونة الشمخصية ‪yakut.blogspot.com :‬‬
‫جوال ‪(002)0104420539‬‬
‫العمال التي قام بها‪:‬‬
‫‪ -‬باحث متفرغ لعداد مشمروع علمحي ف مؤسسة أحد باء الدين الثمقافية‪.‬‬
‫‪ -‬يكتب ف العديد من اللت العربية والسلمية كمحجلة التمحع الكويتية‪ ،‬وملة العرفة السعودية‪،‬‬
‫وملة الرسالة الصرية‪ ،‬وملة آراء حول الليج الماراتية‪ ،‬ويكتب ف شبّكة إسلم أون لين ‪ .‬نت‪.‬‬
‫‪ -‬قدم سلسلة حلقات عن الثمقافة العلمحية وأزمة البّحث العلمحي‪ ،‬ف القناة السادسة الصرية‬
‫‪ -‬أعد سلسلة حلقات عن أخآلقيات الرب ف السلم‪ .‬ف قناة المة الفضائية ‪.‬‬
‫‪ -‬يإارس الطابة الدينية ف مساجد مصر ‪.‬‬
‫‪ -‬ألقى العديد من الاضرات الفكرية والثمقافية ف العديد من الافل‪.‬‬
‫المؤلفات ‪:‬‬
‫‪ -‬الخآتلط وأثره على التحصيل العلمحي والبتكار‪ -‬رؤية شرعية ‪ ، -‬البّحث الفائز بائزة موقع الرأة "‬
‫لا أون لين" للثمقافة و البداع ‪ ،‬عام ‪2004‬‬
‫‪ -‬حوار الضارات ‪ :‬الوجود والفقود والنشمود‪ ،‬بث مقدم إل منظمحة الكتاب الفريقيي والسيويي ‪،‬‬
‫أغسطس ‪2005‬م ـ ‪.‬‬
‫‪ -‬هروب النخب العلمحية ‪ ،‬بي واقع النزيف وسبّل العلج ‪ :‬بث مقدم إل الؤتر العالي العاشر للندوة‬
‫العالية للشمبّاب السلمي‪ " ،‬الشمبّاب وبناء الستقبّل" ‪.‬‬
‫‪ -‬صفات رجل الب‪ ،‬ل يطبّع بعد ‪.‬‬
‫‪-‬عناية الكتاب والسنة بالسجد القصى البّارك ‪ ،‬ل يطبّع بعد ‪.‬‬
‫‪ -‬حق النصرة للشمعب الفلسطين مادنيا ومعنونيا‪ ،‬ل يطبّع بعد ‪.‬‬
‫‪ -‬التجديد والددون ف السلم‪ ،‬ل يطبّع بعد ‪.‬‬
‫‪ -‬الرقائق والواطر ‪ ،‬تت العداد‬
‫‪ -‬الوار ف السية النبّوية ‪ ،‬تت العداد‪.‬‬
‫‪ -‬مشماركة الشمبّاب العرب ف العمحل السياسي – بي الواقع والأمول ‪ ،‬تت العداد‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬قيم حضارية ف السية النبّوية‪ ،‬كتاب إلكتون‪.‬‬
‫‪ -‬قصصخ قصية منشمورة ف اللت الواقع ] بار أحرنوت – سجي رأي – السكن الشمعب – على‬
‫الطريقة الفيدرالية –السجينة – طوابي النهضة – ملحمحة شاعر [‬
‫‪-‬صنائع العروف‪ ،‬ثلثون بانبا من أبواب الي‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار النشمر للجامعات‪2007 ،‬‬
‫‪ -‬أزمة البّحث العلمحي ف مصر والوطن العرب‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار النشمر للجامعات‪ ،‬الطبّعة الول‪ ،‬يناير‬
‫‪2007‬م‬

‫‪www.nabialrahma.com‬‬

‫‪44‬‬

You might also like