You are on page 1of 78

‫حكم الدين في من تطاول‬

‫على النبيين والمرسلين‬

‫إعداد د‪ .‬صلحا الصاوي‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫حكم الدين في من تطاول على النبيين والمرسلين‬
‫مقدمة‬
‫إن الحمد ل‪،‬هل نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره‪،‬هل ونعوذ بال من شرور‬
‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪،‬هل من يهده ال فهو المهتد‪،‬هل ومن يضلل فلن تجد له‬
‫ولييا مرشددا‪،‬هل أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪،‬هل وأشهد أن محمددا عبده‬
‫ورسوله‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫فما أكثر هذه السهام التي تتصُووبَّ إلى كبد السلم في هذه اليام! لقد‬
‫سقطت دولته‪،‬هل وتشرذمت أمته‪،‬هل واستعلن بعداوته من كان مستخفديا‪،‬هل وسلقه‬
‫بألسنة حداد من كان متملدقا‪،‬هل وتداعى خصُومه عليه من كل حدبَّ‪،‬هل وتقاسموا‬
‫بأوثانهم ليبيتنه وأهله‪،‬هل وسخرت في هذه المواجهة أجهزة جبارة‪،‬هل وتأنففقت في‬
‫سبيلها أموال طائلة‪،‬هل مستبيحين في ذلك كل ما تفتقت عنه قريحة الشيطان من‬
‫بغي وعربدة!‬

‫لقد أعلنت قوى الكفر العالمية حربها على السلم‪،‬هل وقدمته لشعوبها على‬
‫أنه الخطر المقبل الذي يهلك الحرث والنسل‪،‬هل ويدمر كل منجزات الحضارة‪،‬هل‬
‫ويغرق البشرية في طوفان من الدماء!‬

‫فانبرى صُنائعهم في بلدنا يتجاوبون مع هذه النغمة الموتورة الحانقة‪،‬هل‬


‫متجردين من كل حريجة دينية أو خلقية‪،‬هل فجاءوا من القوارع والداوهي في‬
‫حربهم لدينهم وأمتهم بما لم تبلغه أحلم أوليائهم في ديار الكفر‪،‬هل فال‬
‫المستعان!‬

‫‪2‬‬
‫لقد رأينا من هؤلء ممنن يشن الغارة على تاريخ المسلمين وسيرة سادات‬
‫أولياء ال من الصُحابة والتابعين‪،‬هل ويتلقطون شواذ الخبار ومنكر الثار‬
‫ليملؤوا بها الدنيا ضجيدجا وجلبة‪،‬هل وليقدموا من خللها تاريخ السلم باعتباره‬
‫صُحيفة سوابق تشهد عليه وعلى أتباعه بالدانة وسوء السمعة!‬

‫لقد رأينا من هؤلء من ينزع القداسة عن القرآن كل القرآن والسنة كل السنة‬


‫بجملة من الغالطات والمهاترات هي إلى هذيان السكارى أقربَّ منها إلى‬
‫منطق العقلء!‬

‫لقد رأينا من هؤلء من يستعلن برفض شرائع السلم جملة وعلى الغيبَّ‬
‫ويشنون الغارة على صُلحيتها للتطبيق في صُلفة لم يبلغ معشارها‬
‫المحاربون من أبناء الملل الخرى‪.‬‬

‫وأخي دار رأينا فمن هؤلء ممن يهتك حرمة رسل ال‪،‬هل ويطلق لسانه فيهم بالسبَّ‬
‫والزراء‪،‬هل ناقلين في ذلك أحاديث الفك التي يروج لها الموتورون من‬
‫المستشرقين‪،‬هل ضاربين عرض الحائط ببدهيات الكتابَّ والسنة وما استقر‬
‫تقديسه في ضمير المة! وكأنما يعضون بالنواجذ على مكان لهم في غمرات‬
‫جهنم‪،‬هل ل يقبلون أن ينازعهم فيه أحد‪،‬هل أو أن ينتزعه منهم أحد!‬

‫ونظ دار لشيوع هذا المر الخير‪،‬هل ومظاهرة قوى الكفر لكل من تولى كبره‬
‫من المسلمين تحت دعاوى حرية الرأي والتعبير والمعتقد‪،‬هل فقد مست الحاجة‬
‫إلى بيان حكم الدين في تطاول على النبيين والمرسلين‪،‬هل إقامةد للحجة إواب اردء‬
‫للذمة‪،‬هل وزوددا عن حياض الدين‪،‬هل وانتصُا دار لحرمة النبياء والمرسلين‪،‬هل وقطدعا‬
‫لدابر الزنادقة والمنافقين‪،‬هل وال من وراء القصُد‪.‬‬

‫تكييف واحد وعقوبة واحدة‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫بَّ الرسول × إل تكييف واحد؛ وهو الردة عن السلم‪،‬هل‬ ‫ليس لجريمة س ب‬
‫وليس لها في أحكام الدنيا إل عقوبة واحدة؛ وهي القتل‪،‬هل فإن كفر الشاتم‬
‫لرسول ال × واعتبار ذلك من الردة المغلظة‪،‬هل والكفر المزيد الذي يتحتم معه‬
‫وجوبَّ قتل الشاتم مما استفاضت به الدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية‬
‫المطهرة‪،‬هل وانعقد عليه إجماع المسلمين في مختلف العصُار والمصُار‪،‬هل‬
‫وقبل أن نشرع في ذكر الدلة على ذلك‪،‬هل نوطئ لذلك بمقدمة تتضمن التعريف‬
‫بالسبَّ‪،‬هل والفرق بينه وبين مجرد الردة‪،‬هل ثم نردف ذلك بطائفة من مقالت أهل‬
‫العلم الناطقة بهذه الحقيقة‪.‬‬

‫حقيقة السب والفرق بينه وبين الردة المحضة‪:‬‬


‫ل يخفى أن هذا الحكم؛ وهو كفر سابَّ الرسول × ووجوبَّ قتله‪،‬هل قد نيط‬
‫في الكتابَّ والسنة باسم أذى ال ورسوله‪،‬هل كما نيط في بعض الحاديث‬
‫والمأثورات باسم الشتم والسبَّ‪.‬‬

‫والسم إذا لم يكن له حد في اللغة؛ كاسم الرض والسماء والبحر والشمس‬


‫والقمر‪،‬هل ول في الشرع؛ كاسم الصُلة والزكاة والحج واليمان والكفر‪،‬هل فإنه‬
‫يرجع في حده إلى العرف؛ كالقبض والحرز والبيع والرهن ونحوها‪،‬هل فيجبَّ أن‬
‫يرجع في الذى والسبَّ والشتم إلى العرف‪.‬‬

‫صُا أو عيدبا أو طعدنا ونحو ذلك فهو من‬ ‫فما عوده أهتل العرف سيبا وانتقا د‬
‫السبَّ‪،‬هل وما لم يكن كذلك فهو كفر به‪،‬هل فيكون كف دار ليس بسبَّ‪،‬هل تحكم صُاحبه‬
‫حكم المرتد إن كان مظه دار له‪،‬هل إوال فهو زندقة‪.‬‬

‫والمعتبر أن يكون سيبا وأذى للنبي‪ -‬عليه الصُلة والسلم‪ -‬إوان لم يكن‬
‫سيبا وأدذى لغيره‪،‬هل وعلى هذا فيتحرر القول بأن كل ما لو قيل لغير النبي‪ -‬عليه‬

‫‪4‬‬
‫بَّ تعزي داز أو حيدا بوجه من الوجوه‪،‬هل فإنه من بابَّ سبَّ‬
‫الصُلة والسلم‪ -‬أمنومج م‬
‫النبي × كالقذف واللعن وغيرهما مما اتفق في العرف على اعتباره من قبيل‬
‫الزراء والسبَّ‪.‬‬

‫وأما ما يختص بالقمندحْ في النبوة فإن لم يتضمن إل مجرد عدم التصُديق‬


‫بنبوته فهو كفر محض‪،‬هل إوان كان فيه استخفاف واستهانة مع عدم التصُديق‬
‫فهو من السبَّ‪.‬‬

‫ثم ما ثبت أنه ليس بسبَّ فإن استمر به صُاحبه فهو زنديق‪،‬هل حكمه حكم‬
‫الزنديق‪،‬هل إوال فهو مرتد محض‪،‬هل واستقصُاء النواع والفرق بينهما ليس هذا‬
‫موضعه‪.‬‬

‫ب والطعن‪ ،‬أو كان يهزل‬


‫ب يقصد الس ب‬
‫ب كفر‪ ،‬سواءء كان السا ب‬
‫الس ب‬
‫ويمزحا‪:‬‬

‫ول فرق في هذا التكييف بين أن يقصُد شتم النبي × أو ل يقصُد شتمه‪،‬هل‬
‫ولكن المقصُود شيء آخر محصُمل الشتم تبدعا له‪،‬هل أو ل يقصُد شيدئا من ذلك؛‬
‫بل يهزل ويمزحْ أو يفعل غير ذلك‪.‬‬

‫فهذا كله يشترك في هذا الحكم إذا كان القول نفتسه سيبا‪،‬هل فإن الرجل يتكلم‬
‫بالكلمة من سخط ال تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت‪،‬هل يهوي بها في النار‬
‫أبعد مما بين المشرق والمغربَّ‪،‬هل ومن قال ما هو سبَّ وتنقص له‪،‬هل فقد آذى ال‬
‫ورسوله‪،‬هل وهو مأخوذ بما يؤذي به الناس من القول الذي هو في نفسه أذى‪،‬هل‬
‫إوان لم يقصُد أذاهم‪،‬هل ألم تسمع إلى الذين قالوا‪ :‬إنما كنا نخوض ونلعبَّ‪،‬هل فقال‬
‫ستأمهلزسئوأن* لأ تأمعتألذسروا قأمد أكفأمرتسمم أبمعأد‬ ‫ل وآَيالتله ور ل‬
‫ل‬
‫ال تعالى‪ + :‬ألبا أ أ أ أ س‬
‫سوله سكمنتسمم تأ م‬
‫لإيأمالنسكمم" ]التوبة‪،65 :‬هل ‪،[66‬هل وهذا مثل من يغضبَّ فيذكر له حديث عن‬

‫‪5‬‬
‫النبي‪ -‬عليه الصُلة والسلم‪ -‬أو حكم من حكمه أو تيندعى إلى سنته‪،‬هل فيلعن‬
‫ويقبح ونحو ذلك‪،‬هل وقد قال تعالى‪+ :‬فألأ أوأربأك لأ سيمؤلمسنوأن أحبتى سيأحبكسموأك لفيأما‬
‫سلليءما"‬
‫سلبسموا تأ م‬ ‫شأجأر أبميأنسهمم ثسبم لأ أيلجسدوا لفي أمنفسلسلهمم أحأرءجا بمبما قأ أ‬
‫ضميأت أوسي أ‬ ‫أ‬
‫]النساء‪،[65 :‬هل فأقسم سبحانه بنفسه أنهم ل يؤمنون حتى يحكموه‪،‬هل ثم ل يجدوا‬
‫في نفوسهم حردجا من حكمه‪،‬هل فمن شاجر غيره في حكم فوجد حردجا في صُدره‬
‫لذكر رسول ال × حتى أفحش في منطقه فهو كافر بنص التنزيل‪،‬هل ول يعذر‬
‫بأن مقصُوده رد الخصُم‪،‬هل فإن الرجل ل يؤمن حتى يكون ال ورسوله أحبَّ إليه‬
‫مما سواهما‪،‬هل وحتى يكون الرسوتل أح و‬
‫بَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين‪.‬‬

‫من مقالت أهل العلم في كفر الساب وتحتم قتله‪:‬‬


‫* قال المام أحمد في رواية عبد ال وأبي طالبَّ‪ :‬من شتم النبي‪ -‬عليه‬
‫الصُلة والسلم‪ -‬قتل؛ وذلك أنه إذا شتم فقد ارتد عن السلم‪،‬هل ول يشتم مسلم‬
‫النبي‪ -‬عليه الصُلة والسلم‪.‬‬

‫* وقال القاضي عياض‪ :‬جميعت من سبَّ النبي × أو عابه أو ألحق به‬


‫صُملة من خصُاله أو عورض به أو شبهه‬
‫صُا في نفسه أو نسبه أو دينه أو مخ ن‬
‫نق د‬
‫بشيء على طريق السبَّ له والزراء عليه أو البغض منه والعيبَّ له فهو سا ب‬
‫بَّ‬
‫له‪،‬هل والحكم فيه حكم السابَّ‪ :‬يقتل‪،‬هل ول تستثن فصُلد من فصُول هذا البابَّ عن‬
‫هذا المقصُد‪،‬هل ول تمتر فيه‪،‬هل تصُريدحا كان أو تلويدحا‪،‬هل وكذلك من لعنه‪،‬هل أو تمنى‬
‫مضرة له‪،‬هل أو دعا عليه‪،‬هل أو نسبَّ إليه ما ل يليق بمنصُبه على طريق الذم‪،‬هل أو‬
‫ف من الكلم وتهنجر ومنكر من القول وزور‪،‬هل أو‬ ‫عيبه في جهته العزيزة بسنخ ف‬
‫ت‬
‫عويره بشيء مما يجري من البلء والمحنة عليه‪،‬هل أو غمضه ببعض العوارض‬

‫‪6‬‬
‫البشرية الجائزة والمعهود لديه‪،‬هل قال‪ :‬وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى‬
‫من لدن أصُحابه‪،‬هل وهلم جيرا‪.‬‬

‫* وقال ابن القاسم عن مالك‪ :‬ممنن سبَّ النبي × قتل‪،‬هل ولم يستتبَّ‪،‬هل قال‬
‫ابن القاسم‪ :‬أو شتمه‪،‬هل أو عابه‪،‬هل أو تنقصُه‪،‬هل فإنه يقتل كالزنديق‪،‬هل وقد فرض ال‬
‫توقيره‪.‬‬

‫وكذلك قال مالك في رواية المدنيين عنه‪ :‬من سبَّ رسول ال × أو شتمه‬
‫أو عابه أو تنقصُه قتل‪،‬هل مسلدما كان أو كافدرا‪،‬هل ول يستتابَّ‪.‬‬

‫* وروى ابن وهبَّ عن مالك‪ :‬من قال‪ :‬إن رداء النبي × وروى تبنرمده‬
‫)وسخ( وأراد به معنيبه تقتل‪.‬‬

‫ض المالكية إجماع العلماء على أن ممنن دعا على نبي من‬


‫* وروى بع ت‬
‫النبياء بالويل أو بشيء من المكروه أنه يقتل بل استتابة‪.‬‬

‫* وقال القاضي عياض‪ :‬أجمعت المة على قتل متنقصُه من المسلمين‬


‫وسابه‪،‬هل وكذلك حكى غير واحد الجماع على قتله وتكفيره‪.‬‬

‫* وذكر القاضي عياض أنجومبةم مجمامعفة من فقهاء المالكية المشاهير‬


‫بالقتل بل استتابة في قضايا متعددة أنفتى في كل قضية بعضهم‪:‬‬

‫‪ -‬منها‪ :‬رجل سمع قودما يتذاكرون صُفة النبي × إذ ممور بهم رجل قبيح‬
‫الوجه واللحية‪،‬هل فقال‪ :‬تريدون تعرفون صُفته؟ هذا المار في خلقه ولحيته!‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬رجل قال النبي × أسود!‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬رجل قيل له‪ :‬ل‪،‬هل وحق رسول ال‪،‬هل فقال‪ :‬فعل ال برسول ال‬
‫كذا وكذا! ثم قيل له‪ :‬ما تقول يا عدو ال؟ فقال أشد من كلمه الول‪،‬هل ثم قال‪:‬‬
‫إنما أردت برسول ال العقربَّ! قالوا‪ :‬لن اودعاء التأويل في لفظ صُراحْ ل‬

‫‪7‬‬
‫يقبل؛ لنه امتهان‪،‬هل وهو غير تمعبزر لرسول ال × ول تمموبقر له‪،‬هل فوجبت إباحة‬
‫دمه‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬تمتمفممقه كان يستخف بالنبي × ويسميه في أثناء مناظرته‪ :‬اليتيم‬
‫وختن حيدرة‪،‬هل ويزعم أن زهده لم يكن قصُددا‪،‬هل ولو قممدمر على الطيبات لكلها‪،‬هل‬
‫وأشباه هذا‪.‬‬

‫قال‪ :‬فهذا البابَّ كله مما معوده العلماء سيبا وتنق د‬


‫صُا‪،‬هل يجبَّ قتل قائله‪،‬هل ولم‬
‫يختلف في ذلك متقدمهم ومتأخرهم‪،‬هل إوان اختلفوا في سببَّ حكم قتله‪.‬‬
‫* وكذلك قال أبو حنيفة وأصُحابه فيمن تنقصُه أو برئ منه‪،‬هل أو كذبه‪ :‬إنه‬
‫مرتد‪.‬‬
‫* وكذلك قال أصُحابَّ الشافعي‪ :‬كل من تعورض لرسول ال × بما فيه‬
‫استهانة فهو كالسبَّ الصُريح‪،‬هل فإن الستهانة بالنبي × كفر‪.‬‬
‫‪ -‬قال المام إسحاق بن راهويه أحد الئمة العلم‪ :‬أجمع المسلمون‬
‫بَّ ال‪،‬هل أو سبَّ النبي ×‪،‬هل أو دفع شيدئا مما أنزل ال‪ -‬عز‬ ‫على أن من س و‬
‫وجل‪ -‬أو قتل نبييا من النبياء‪ :‬أنه كافر بذلك‪،‬هل إوان كان مق يار بكل ما أنزل‬
‫ال‪.‬‬
‫‪ -‬قال الخطابي‪ :‬ل أعلم أحددا من المسلمين اختلف في وجوبَّ قتله‪.‬‬
‫‪ -‬وقال محمد بن سحنون‪ :‬أجمع العلماء على أن شاتم النبي ×‬
‫والمتنقص له كافر‪،‬هل والوعيد جاء عليه بعذابَّ ال له‪،‬هل وحكمه عند المة القتل‪،‬هل‬
‫ومن شك في كفره وعذابه كفر‪.‬‬
‫فقد اتفقت نصُوص العلماء من جميع الطوائف على أن التنقص له كفر‬
‫مبيح للدم‪،‬هل إوان كانوا في استتابته على خلف‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الدلة على كفر الساب وتحتم قتله‬
‫أوءل‪ :‬الدلة من القرآَن الكريم‪:‬‬
‫الدليل الول‪ :‬إن إيذاء رسول ال × محادة ل ورسوله‪ ،‬والمحادة كفر‬
‫وموجبة للقتل‪:‬‬

‫قال تعالى‪+ :‬أولممنسهسم البلذيأن سيمؤسذوأن البنلببي أوأيسقوسلوأن سهأو أسسذنن سقمل أسسذسن أخميرر‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫سوأل‬ ‫لبسكمم سيمؤلمسن لبال أوسيمؤلمسن لملسممؤلمنيأن أوأرمحأمنة لبلبذيأن آَأمسنوا ممنسكمم أوالبذيأن سيمؤسذوأن أر س‬
‫ضوهس‬ ‫ق أأن سيمر س‬‫سولسسه أأح ب‬ ‫ل لأسكمم للسيمر س‬
‫ضوسكمم أوالس أوأر س‬
‫ل لأهم عأذاب ألليم*يمحللسفوأن لبا ل‬
‫ا سم أ ن ن أ‬
‫ل‬
‫سولأسه فأ أبن لأسه أناأر أجأهبنأم‬ ‫لل‬ ‫ل‬
‫لإن أكاسنوا سممؤلمنيأن* ألأمم أيمعلأسموا أبنسه أمن سيأحادد الأ أوأر س‬
‫ي املأعلظيسم"]التوبة‪.[63 -61 :‬‬ ‫ل ل‬ ‫ل ل‬
‫أخالءدا فيأها أذلأك املخمز س‬
‫* أما أن اليذاء محادة ل ورسوله فيدل عليه‪:‬‬
‫‪ -‬أنه لو لم يكن المؤذون لرسول ال × من المحادين لم يحسن أن‬
‫يوعدوا بأن للمحاد نار جهنم؛ لنه يمكن حينئذ أن يقال‪ :‬قد علموا أن للمحاد‬
‫نار جهنم‪،‬هل لكنهم لم يحادوا‪،‬هل إوانما آذوا‪،‬هل فل يكون في الية وعيد لهم‪،‬هل فعلم أن‬
‫هذا الفعل لبد أن يندرج في عموم المحادة ليكون وعيد المحاد وعيددا له ويلتئم‬
‫الكلم‪.‬‬

‫‪ -‬وما رواه الحاكم في صُحيحه بإسناد صُحيح عن ابن عباس أن رسول‬


‫ال × »كان في ظل حجرة من حجره‪،‬هل وعنده نفر من المسلمين‪،‬هل فقال‪» :‬إنه‬
‫سيأتيكم إنسان ينظر بعين شيطان‪،‬هل فإذا أتاكم فل تكلموه‪،‬هل فجاء رجل أزرق‪.‬‬
‫فدعاه رسول ال × فقال‪ :‬علم تشتمني أنت وفلن وفلن‪،‬هل فانطلق الرجل‬
‫ل أجلميءعا‬
‫فدعاهم فحلفوا بال واعتذروا له«‪،‬هل فأنزل ال تعالى‪+ :‬يوم يمبعثسهم ا ل‬
‫أم أ أ أ س س‬
‫شميرء ألأ إلبنسهمم سهسم‬ ‫سسبوأن أبنسهمم أعألى أ‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫فأأيمحلسفوأن لأسه أكأما أيمحلسفوأن لأسكمم أوأيمح أ‬
‫بل‬ ‫ل‬
‫املأكاذسبوأن" ]المجادلة‪،[18 :‬هل ثم قال بعد ذلك‪+ :‬إلبن الذيأن سيأحابدوأن الأ‬
‫سولأسه" ]المجادلة‪،[20 :‬هل فعلم أن هذا داخل في المحادة«‪.‬‬
‫أوأر س‬
‫‪ -‬وأما أن المحادة توجبَّ الكفر والقتل فيدل عليه‪:‬‬
‫سولأسه سأولألئأك لفي الأذبليأن"‬ ‫ل‬
‫قوله تعالى‪+ :‬إلبن البذيأن سيأحابدوأن الأ أوأر س‬
‫]المجادلة‪،[20 :‬هل والذل أبلغ من الذليل‪،‬هل ول يكون أذل حتى يخاف على نفسه‬
‫وماله إن أظهر المحادة؛ لنه إن كان دمه وماله معصُودما ل يستباحْ فليس‬
‫بأذل‪،‬هل فإن الذل هو الذي ليس له قوة يمتنع بها ممن أراده بسوء‪،‬هل فإذا كان له‬
‫من المسلمين عهد يجبَّ عليهم به نصُره ومنعه فليس بأذل‪،‬هل فثبت أن المحاد‬
‫ل ورسوله ليس له عهد يعصُمه‪،‬هل والمؤذي للنبي × محاد‪،‬هل فالمؤذي للنبي ×‬
‫ليس له عهد يعصُم دمه‪.‬‬
‫سولأسه سكلبتسوا أكأما سكلبأت البلذيأن لمن‬ ‫ل‬
‫وقوله تعالى‪+ :‬إلبن البذيأن سيأحابدوأن الأ أوأر س‬
‫قأمبلللهمم" ]المجادلة‪،[5 :‬هل والكبت هو الذلل والخزي والهلك‪،‬هل فالمحاد‬
‫ظا وحزدنا هالك‪،‬هل وهذا يتم إذا خاف إن أظهر المحادة‬ ‫مكبوت مخزي ممتلء غي د‬
‫أن يقتل‪،‬هل إوال فمن أمكنه إظهار المحادة وهو آمن على دمه وماله فليس‬
‫بمكبوت بل مسرور جذلن؛ لنه قال‪+ :‬سكلبتسوا أكأما سكلبأت البلذيأن لمن قأمبلللهمم"‬
‫]المجادلة‪،[5 :‬هل والذين من قبلهم ممن حاد الرسل وحاد رسول ال إنما كبته ال‬
‫بأن أهلكه بعذابَّ من عنده أو بأيدي المؤمنين‪.‬‬
‫فالمحادون مكبوتون بموتهم بغيظهم لخوفهم أنهم إن أظهروا ما في قلوبهم‬
‫تقفتلوا‪،‬هل فيجبَّ أن يكون كل محاد كذلك‪،‬هل والمؤمن ل يكبت كما كبت مكذبو‬
‫الرسل قط‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫خالدا فيها‪،‬هل ولم يقل "هي جزاؤه"‪،‬هل وبين‬
‫‪ -‬أنه أخبر أن للمحاد نار جهنم د‬
‫الكلمين فرق‪،‬هل بل المحادة هي المعاداة والمشاقة‪،‬هل وذلك كفر ومحاربة‪،‬هل فهو‬
‫أغلظ من مجرد الكفر‪،‬هل فيكون المؤذي ل ورسوله × كافدرا‪،‬هل عدويا ل ورسوله‪،‬هل‬
‫ومحاربدا ل ورسوله؛ لن المحاداة اشتقاقها من المباينة بأن يصُير كل منها‬
‫في حد كما قيل المشاقة أن يصُير كل منها في شق‪،‬هل فهما جميدعا بمعنى‬
‫المقاطعة والمفاصُلة‪،‬هل وذلك يقتضي انقطاع الحبل الذي بين أهل العهد إذا‬
‫ضا‪،‬هل فل حبل لمحاد ال ورسوله‪.‬‬‫حاد بعضهم بع د‬
‫وقد جعل القرآن جزاء المشاقة القتل والتعذيبَّ في الدنيا‪،‬هل قال تعالى‪:‬‬
‫* أذللأك لب أبنهم أ ب‬
‫ضلربسوا لممنسهمم سكبل أبأنارن أ‬ ‫ضلربسوا فأمو أ‬
‫ق المعأنا ل‬
‫شاقوا الأ‬ ‫سم‬ ‫ق أوا م‬ ‫‪+‬أفا م‬
‫سوألهت" ]النفال‪،12 :‬هل ‪ [13‬فأمر بقتلهم لجل مشاقتهم ومحادتهم‪،‬هل فكل‬ ‫أوأر س‬
‫من حاد وشاق يجبَّ أن يفعل به ذلك لوجود العلة‪.‬‬

‫وفي الحديث أن رجلد كان يسبَّ النبي × فقال‪» :‬من يكفيني عدوي«‪،‬هل‬
‫وهذا ظاهر‪،‬هل وحينئذ فيكون كاف دار حلل الدم لقوله تعالى‪+ :‬إلبن البلذيأن سيأحابدوأن‬
‫سولأسه سأولألئأك لفي الأذبليأن"‪.‬‬
‫الأ أوأر س‬
‫الدليل الثاني‪ :‬نفى اليمان عمن يواد من حاد ال ورسوله فكيف‬
‫بالمحاد نفسه؟‬

‫ل أواملأيمولم الألخلر سيأوابدوأن أممن أحابد‬


‫قال تعالى‪+ :‬لأ تألجسد قأوما يمؤلمسنوأن لبا ل‬
‫مء س‬
‫سولأسه‪ "...‬الية ]المجادلة‪.[22 :‬‬ ‫الأ أوأر س‬
‫وجه الدللة‪ :‬أنه إذا كان من يواد المحاد ليس بمؤمن فكيف بالمحاد‬
‫نفسه؟ وقد قيل إن من سببَّ نزولها أن أبا قحافة شتم النبي × فأراد الصُديق‬
‫قتله‪،‬هل أو أن عبد ال بن أتمبيي تنقص النبي × فاستأذن ابنه عبتد ال النبوي ×‬
‫في قتله لذلك‪،‬هل فثبت أن المحاد كافر حلل الدم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ضا فقد قطع ال الموالة بين المؤمنين وبين المحادين ل ورسوله‬ ‫وأي د‬
‫ل أواملأيمولم الألخلر‬
‫والمعادين ل ورسوله فقال تعالى‪+ :‬لأ تألجسد قأوما يمؤلمسنوأن لبا ل‬
‫مء س‬
‫سولأسه‪ "...‬الية ]المجادلة‪،[22 :‬هل وقال تعالى‪+ :‬أيا‬ ‫سيأوابدوأن أممن أحابد الأ أوأر س‬
‫أبيأها البلذيأن آَأمنسوا لأ تأتبلخسذوا أعسدبوي أوأعسدبوسكمم أمولأياأء تسملسقوأن إللأميلهمم لباملأمأوبدلة‪"...‬‬
‫الية ]الممتحنة‪،[1 :‬هل فعلم أنهم ليسوا من المؤمنين‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬ما نصت عليه اليات من أن الستهزاء بال وآَياته‬


‫ورسوله كفر‪.‬‬

‫سوأرةن تسأنبسئسهمم لبأما لفي سقسلولبلهم‬ ‫ل‬


‫قال تعالى‪+ :‬أيمحأذسر املسمأنافسقوأن أأن تسأنبزأل أعلأميلهمم س‬
‫ل‬
‫س أملتأسهمم لأأيسقولسبن إلبنأما سكبنا‬
‫ستأمهلزسئوا إلبن الأ سممخلرنج بما تأمحأذسروأن* أولأئمن أ‬ ‫سقلل ا م‬
‫ستأمهلزسئوأن* لأ تأمعتألذسروا قأمد‬ ‫ل وآَيالتله ور ل‬
‫سوله سكمنتسمم تأ م‬
‫ل‬
‫ب سقمل ألبا أ أ أ أ س‬ ‫ض أوأنملأع س‬ ‫أنسخو س‬
‫طالئفأءة لب أبنسهمم أكانسوا‬
‫طالئفأرة بممنسكمم سنأعبذمب أ‬
‫ف أعن أ‬ ‫أكفأمرتسمم أبمعأد لإيأمالنسكمم لإن بنمع س‬
‫سممجلرلميأن" ]التوبة‪.[66 -64 :‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬أن هذا نص في أن الستهزاء بال وآياته وبرسوله كفر‪،‬هل‬


‫فالسبَّ المقصُود بطريق الولى‪،‬هل وقد دلت هذه الية أن كل من تنوقص رسول‬
‫ال × جايدا أو هازلد فقد كفر‪.‬‬

‫وقد روى عن رجال من أهل العلم منهم‪ -‬ابن عمر ومحمد بن كعبَّ وزيد‬
‫بن أسلم وقتادة‪ -‬دخل حديث بعضهم في بعض‪،‬هل أنه قال رجل من المنافقين‬
‫في غزوة تبوك‪ :‬ما رأيت مثل قرائنا هؤلء أرغبَّ بطودنا‪،‬هل ول أكذبَّ ألسدنا‪،‬هل ول‬
‫أجبن عند اللقاء‪ .‬يعني رسول ال × وأصُحابه القراء‪،‬هل فقال له عوف بن‬
‫مالك‪ :‬كذبت ولكنك منافق‪،‬هل لخبرن رسول ال × فذهبَّ عوف إلى رسول ال‬
‫× وقد ارتحل وركبَّ ناقته فقال‪ :‬يا رسول ال إنما كنا نلعبَّ ونتحدث حديث‬

‫‪12‬‬
‫الركبَّ نقطع به عناء الطريق‪ .‬قال ابن عمر‪ :‬كأني أنظر إليه متعلدقا بنسعة‬
‫ناقة رسول ال × إوان الحجارة لتنكبَّ رجليه وهو يقول‪ :‬إنما كنا نخوض‬
‫ل وآَيالتله ور ل‬
‫ل‬
‫سوله سكمنتسمم تأ م‬
‫ستأمهلزسئوأن" ما‬ ‫ونلعبَّ‪،‬هل فيقول له رسول ال ×‪ + :‬ألبا أ أ أ أ س‬
‫يلتفت إليه ول يزيده عليه‪.‬‬

‫وقال مجاهد‪ :‬قال رجل من المنافقين‪ :‬يحدثنا محمد أن ناقة فلن بوادي‬
‫كذا وكذا وما يدريه بالغيبَّ؟ فأنزل ال‪ -‬عز وجل‪ -‬هذه الية‪.‬‬

‫وقال معمر بن قتادة‪ :‬بينما النبي × في غزوة تبوك وركبَّ من المنافقين‬


‫يسيرون بين يديه فقالوا‪ :‬أيظن هذا أن يفتح قصُور الروم وحصُونها؟! فأطلع‬
‫ال نبيه × على ما قالوا‪،‬هل فقال‪» :‬علوي بهؤلء النفر«‪،‬هل فدعا بهم فقال‪ :‬أقلتم‬
‫كذا وكذا؟ فحلفوا ما كنا إل نخوض ونلعبَّ‪.‬‬

‫وقال معمر‪ :‬قال الكلبي‪ :‬كان رجل منهم لم يماثلهم في الحديث يسير‬
‫طالئفأءة" ]التوبة‪،[66 :‬هل‬
‫طالئفأرة بممنسكمم سنأعبذمب أ‬ ‫عائدبا لهم فنزلت‪+ :‬لإن بنمع س‬
‫ف أعن أ‬
‫فتسبمي طائفة وهو واحد‪.‬‬

‫فهؤلء لما تنقصُوا النبي × حيث عابوه والعلماء من أصُحابه‪،‬هل واستهانوا‬


‫بخبره أخبر ال بأنهم كفروا بذلك‪،‬هل إوان قالوه استهزاء‪،‬هل فكيف بما هو أغلظ من‬
‫ذلك؟ إوانما لم يقم الحد عليهم؛ لكون جهاد المنافقين لم يكن قد أمر به إذ ذاك‪،‬هل‬
‫بل كان مأمودار بأن يدع أذاهم؛ ولنه كان له أن يعفو عمن تنقصُه وآذاه‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬ما دل عليه القرآَن من أن من عابه × فهو منافق‪:‬‬


‫صأدأقالت" ]التوبة‪ .[158 :‬وقال‬
‫قال تعالى‪+ :‬أولممنسهم بمن أيمللمسزأك لفي ال ب‬
‫تعالى‪+ :‬أولممنسهسم البلذيأن سيمؤسذوأن البنلببي"‪ ...‬الية ]التوبة‪.[61 :‬‬

‫‪13‬‬
‫واللمز‪ :‬العيبَّ والطعن‪ .‬قال مجاهد‪ :‬يتهمك ويزريك‪،‬هل وقال عطاء‪:‬‬
‫يغتابك‪.‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬وذلك يدل على أن كل من لمزه أو آذاه كان منهم؛ لن‬
‫)الذين( و)من( اسمان موصُولن وهما من صُيغ العموم‪،‬هل والية إوان كانت‬
‫نزلت بسببَّ لمز قوم إوايذاء آخرين‪،‬هل فحكمهما عام كسائر اليات اللواتي نزلن‬
‫على أسبابَّ‪،‬هل وليس بين الناس خلف نعلمه أنها تعم الشخص الذي نزلت‬
‫بسببه‪،‬هل ومن كان حاله كحاله‪.‬‬

‫ضا فإن كونه منهم حكم متعلق بلفظ مشتق من اللمز والذى وهو‬ ‫وأي د‬
‫مناسبَّ لكونه منهم‪،‬هل فيكون ما منه الشتقاق هو علة لذلك الحكم‪،‬هل فيجبَّ‬
‫اطراده‪.‬‬

‫ضا فإن ال‪ -‬سبحانه‪ -‬إوان كان قد علم منهم النفاق قبل هذا القول‪،‬هل‬ ‫وأي د‬
‫لكن لم يعلم نبيه بكل من لم يظهر نفاقه‪،‬هل بل قال ‪+‬أولمبممن أحمولأسكم بمأن المع أارلب‬
‫ق لأ تأمعلأسمسهمم أنمحسن أنمعلأسمسهمم"‬ ‫سمأنالفسقوأن أولممن أمهلل املأملديأنلة أمأرسدوا أعألى البنأفا ل‬
‫]التوبة‪،[101 :‬هل ثم إنه سبحان وتعالى ابتلى الناس بأمور تميز بين المؤمنين‬
‫والمنافقين كما قال سبحانه‪+ :‬أولأأيمعلأأمبن الس البلذيأن آَأمنسوا أولأأيمعلأأمبن املسمأنالفلقيأن"‬
‫]العنكبوت‪.[11 :‬‬

‫وقال تعالي‪+ :‬أما أكاأن الس للأيأذأر املسممؤلملنيأن أعألى أما أمنتسمم أعلأميله أحبتى أيلميأز‬
‫املأخلبيأث لمأن الططبيلب" ]آل عمران‪،[179 :‬هل وذلك لن اليمان والنفاق أصُله في‬
‫القلبَّ‪،‬هل إوانما الذي يظهر من القول والفعل فرع له ودليل عليه‪.‬‬

‫فإذا ظهر من الرجل شيء من ذلك ترتبَّ الحكم عليه‪،‬هل فلما أخبر سبحانه‬
‫أن الذين يلمزون النبي × والذين يؤذونه من المنافقين‪،‬هل ثبت أن ذلك دليل‬
‫على النفاق وفرع له‪،‬هل ومعلوم أنه إذا حصُل فرع الشيء ودليله حصُل أصُله‬

‫‪14‬‬
‫المدلول عليه‪،‬هل فثبت أنه حينما وجد ذلك كان صُاحبه منافدقا؛ سواء كان منافدقا‬
‫قبل هذا القول‪،‬هل أو حدث له النفاق بهذا القول‪.‬‬

‫وقد نطق القرآن بكفر المنافقين في غير موضع‪،‬هل وجعلهم أسوأ حالد من‬
‫الكافرين‪،‬هل وأنهم في الدرك السفل من النار‪،‬هل وأنهم يوم القيامة يقولون للذين‬
‫س لمن بنولرسكمم" ]الية[ إلى قوله تعالى‪+ :‬أفاملأيموأم لأ‬‫آمنوا‪+ :‬انظسسروأنا أنمقتألب م‬
‫سيمؤأخسذ لممنسكمم لفمدأينة أولأ لمأن البلذيأن أكفأسروا"‪،‬هل وأمر نبيه في آخر المر بأن ل‬
‫يصُلي على أحد منهم‪،‬هل وأخذ أنه لن يغفر لهم‪،‬هل وأمره بجهادهم‪،‬هل وأخبر أنهم إن‬
‫لم ينتهوا ليغرين ال نبيه بهم حتى يقتلوا في كل موضع‪.‬‬

‫الدليل الخامس‪ :‬ما دلت عليه اليات من أن العراض عن حكم الرسول‬


‫إوارادة التحاكم إلى غيره كفر ونفاق فكيف بسبه وتنقصه؟!‬

‫الدليل‪ :‬قال تعالى‪+ :‬فألأ أوأربأك لأ سيمؤلمسنوأن أحبتى سيأحبكسموأك لفيأما أ‬


‫شأجأر‬
‫سلليءما" ]النساء‪:‬‬‫سلبسموا تأ م‬ ‫أبميأنسهمم ثسبم لأ أيلجسدوا لفي أمنفسلسلهمم أحأرءجا بمبما قأ أ‬
‫ضميأت أوسي أ‬
‫‪.[65‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬أنه أقسم سبحانه بنفسه المقدسة أنهم ل يؤمنون حتى‬
‫تيمحبكتموه في الخصُومات التي بينهم‪،‬هل ثم ل يجدون في أنفسهم ضيدقا من حكمه‪،‬هل‬
‫بل يسلموا لحكمه ظاه دار وباطدنا‪ .‬وقال قبل ذلك‪ + :‬ألأمم تأأر إلألى البلذيأن أيمزسعسموأن‬
‫أبنسهمم آَأمنسوا لبأما أسمنلزأل إللأميأك أوأما أسمنلزأل لمن قأمبللأك سيلريسدوأن أأن أيتأأحاأكسموا إلألى‬
‫ضلألء أبلعيءدا*‬‫ضلبسهمم أ‬ ‫طاسن أأن ي ل‬
‫س‬ ‫طاسغولت أوقأمد أسلمسروا أأن أيمكفسسروا لبله أوسيلريسد ال ب‬
‫شمي أ‬ ‫ال ب‬
‫لل‬ ‫ل‬
‫صبدوأن‬ ‫سولل أرأميأت املسمأنافقيأن أي س‬
‫أ إولاأذا قيأل لأسهمم تأأعالأموا إلألى أما أمنأزأل الس أ إولاألى البر س‬
‫صسدوءدا" ]النساء‪ .[61 -60 :‬فبين سبحانه أن من دعي إلى التحاكم‬ ‫أعمنأك س‬
‫إلى كتابَّ ال وسنة رسوله فصُد عن رسول رسوله كان منافدقا‪،‬هل فكيف بالنقص‬
‫والسبَّ ونحوه؟‬

‫‪15‬‬
‫طمعأنا ثسبم أيتأأوبلى فألري ن‬‫سولل أوأ أ‬ ‫ل‬
‫ق‬ ‫وقال سبحانه‪+ :‬أوأيسقوسلوأن آَأمبنا لبال أولبالبر س‬
‫سولله للأيمحسكأم‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬
‫بممنسهم بمن أبمعد أذلأك أوأما سأولأئأك لباملسممؤلمنيأن* أ إولاأذا سدسعوا إلألى ال أوأر س‬
‫ق أيأمتسوا إللأميله سممذلعلنيأن*‬‫ضوأن* أ إولان أيسكن لبسهسم املأح ب‬ ‫أبميأنسهمم إلأذا فألري ن‬
‫ق بممنسهم بممعلر س‬
‫سولسسه أبمل‬‫ف الس أعلأميلهمم أوأر س‬ ‫ض ألم امرأتابسوا أمم أيأخاسفوأن أأن أيلحي أ‬ ‫ألفي سقسلولبلهم بمأر ن‬
‫سولله‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫سأولأئأك سهسم الظالسموأن* إلبنأما أكاأن قأموأل املسممؤلمنيأن إلأذا سدسعوا إلألى ال أوأر س‬
‫ل‬
‫طمعأنا" ]النور‪.[51 -47 :‬‬ ‫سلممعأنا أوأ أ‬
‫لأيمحسكأم أبميأنسهمم أأن أيسقولسوا أ‬
‫ل‬

‫وجه الدللة‪ :‬مبوين سبحانه أن من تولى عن طاعة الرسول وأعرض عن‬


‫حكمه فهو من المنافقين‪،‬هل وليس بمؤمن‪،‬هل وأن المؤمن هو الذي يقول‪» :‬سمعنا‬
‫وأطعنا«‪،‬هل فإذا كان النفاق يثبت ويزول اليمان بمجرد العراض عن حكم‬
‫الرسول إوارادة التحاكم إلى غيره‪،‬هل مع أن هذا ترك محض وقد يكون سببه قوة‬
‫الشهوة‪ .‬فكيف بالنقص والسبَّ ونحوه؟‬

‫ويؤيد ذلك ما روي من أن رجلين اختصُما إلى النبي × فقضى للتمفحق‬


‫على المبطل‪،‬هل فقال المقضي عليه‪ :‬ل أرضى‪،‬هل فقال صُاحبه‪ :‬فماذا تريد؟!‬
‫قال‪ :‬أن نذهبَّ إلى أبي بكر الصُديق‪،‬هل فذهبا إليه‪،‬هل فقال الذي قضي له‪ :‬قد‬
‫اختصُمنا إلى النبي × فقضى لي عليه‪،‬هل فقال أبو بكر‪ :‬فأنتما على ما قضى‬
‫به النبي × فأبى صُاحبه أن يرضى‪،‬هل وقال‪ :‬نأتي عمر بن الخطابَّ‪،‬هل فقال‬
‫المقضي له‪ :‬قد اختصُمنا إلى النبي × فقضى لي عليه‪،‬هل فأبى أن يرضى‪،‬هل ثم‬
‫أتينا أبا بكر الصُديق فقال‪ :‬أنتما على ما قضى به النبي×‪،‬هل فأبى أن يرضى‬
‫فسأله عمر فقال كذلك‪،‬هل فدخل عمر منزله فخرج والسيف في يده قد سله‪،‬هل‬
‫فضربَّ به رأس الذي أبى أن يرضى‪،‬هل فقتله‪،‬هل فأنزل ال تبارك وتعالى‪+ :‬فألأ‬
‫أوأربأك لأ سيمؤلمسنوأن أحبتى سيأحبكسموأك لفيأما أ‬
‫شأجأر أبميأنسهمم" ]النساء‪ [65 :‬وهذا‬
‫المرسل له شاهد من وجه آخر يصُلح للاعتبار‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫الدليل السادس‪ :‬ما دلت عليه اليات من أن من آَذى الرسول × فقد‬
‫آَذى ال تعالى وهو كفر بل نزاع‪:‬‬

‫سولأسه لأأعأنسهسم الس لفي البدمنأيا أوالألخأرلة‬ ‫ل‬


‫قال تعالى‪+ :‬إلبن البذيأن سيمؤسذوأن الأ أوأر س‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫سبسوا‬ ‫أوأأعبد لأسهمم أعأذاءبا بملهيءنا* أوالبذيأن سيمؤسذوأن املسممؤلمنيأن أواملسممؤلمأنات لبأغميلر أما امكتأ أ‬
‫فأقألد امحتأأملسوا سبمهأتاءنا أ إولاثمءما بملبيءنا" ]الحزابَّ‪،57 :‬هل ‪.[58‬‬

‫ودللتها من وجوه‪:‬‬
‫* الوجه الول‪ :‬أنه قرن أذاه بأذاه‪،‬هل كما قرن طاعته بطاعته‪،‬هل فمن آذاه‬
‫فقد آذى ال تعالى‪ :‬وقد جاء ذلك منصُوصُدا عليه‪،‬هل ومن آذى ال فهو كافر‬
‫حلل الدم‪.‬‬

‫يبين ذلك أن ال تعالى جعل محبة ال ورسوله إوارضاء ال ورسوله‬


‫وطاعة ال ورسوله شيدئا واحددا‪،‬هل فقد قال تعالى‪+ :‬سقمل لإن أكاأن آَأباسؤسكمم أوأمبأناسؤسكمم‬
‫ساأدأها‬ ‫شموأن أك أ‬ ‫أ إولامخأواسنسكمم أوأمزأواسجسكمم أوأعلشيأرتسسكمم أوأممأوانل امقتأأرمفتسسموأها أولتأجاأرةن تأمخ أ‬
‫سولله" ]التوبة‪،[24 :‬هل وقال تعالى‪:‬‬ ‫ل‬
‫ب إللأميسكم بمأن ال أوأر س‬ ‫ضموأنأها أأح ب‬‫سالكسن تأمر أ‬ ‫أوأم أ‬
‫سوأل" ]آل عمران‪ [132 :‬في مواضع متعددة‪،‬هل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫‪ +‬أطيسعوا الأ أوأطيسعوا البر س‬
‫ق أمن سيمرضوه" ]التوبة‪ [62 :‬فووحد الضمير‪.‬‬ ‫سولسسه أأح ب‬ ‫وقال تعالى‪+ :‬أوالأ أوأر س‬
‫وجعل شقاق ال ورسوله‪،‬هل ومحادة ال ورسوله وأذى ال ورسوله ومعصُية‬
‫شالق ل‬
‫ق‬ ‫سولأسه أوأمن سي أ‬ ‫ال ورسوله شيدئا واحد‪،‬هل فقال‪+ :‬أذللأك لب أبنهم أ ب‬
‫شاقوا الأ أوأر س‬ ‫سم‬
‫ل‬
‫سولأسه" ]النفال‪ [13 :‬وقال‪+ :‬إلبن البذيأن سيأحابدوأن الأ أوأر س‬
‫سولأسه"‬ ‫الأ أوأر س‬
‫سولأسه" الية ]النساء‪.[14 :‬‬ ‫]المجادلة‪،[20 :‬هل وقال‪+ :‬أوأمن أيمع ل‬
‫ص الأ أوأر س‬
‫وفي هذا وغيره بيان لتلزم الحقين‪،‬هل وأن جهة حرمة ال ورسوله جهة‬
‫واحدة‪،‬هل فمن آذى الرسول فقد آذى ال‪،‬هل ومن أطاعه فقد أطاع ال؛ لن المة‬
‫‪17‬‬
‫ل يصُلون ما بينهم وبين ربهم إل بواسطة الرسول‪،‬هل وليس لحد منهم طريق‬
‫غيره ول سببَّ سواه‪،‬هل وقد أقامه ال تعالى مقام نفسه في أمره ونهيه إواخباره‬
‫وبيانه‪،‬هل فل يجوز أن تيمفورق بين ال ورسوله في شيء من هذه المور‪.‬‬

‫* الوجه الثاني‪ :‬أنه فرق بين من آذى ال والرسول وبين من آذى‬


‫مبينا‪،‬هل وجعل‬
‫بهتانا إواثمدا د‬
‫المؤمنين والمؤمنات‪،‬هل فجعل على هذا أنه قد احتمل د‬
‫على ذلك اللعنة في الدنيا والخرة‪،‬هل وأعد له العذابَّ المهين‪،‬هل ومعلوم أن أذى‬
‫المؤمنين قد يكون من كبائر الثم‪،‬هل وفيه الجلد‪،‬هل وليس فوق ذلك إل الكفر‬
‫والقتل‪.‬‬

‫* الوجه الثالث‪ :‬أنه ذكر أنه لعنهم في الدنيا والخرة‪،‬هل وأعد لهم عذابدا‬
‫مهيدنا‪،‬هل واللعن‪ :‬الإبعاد عن الرحمة‪،‬هل ومن طرده عن رحمته في الدنيا والخرة ل‬
‫يكون إل كافدرا‪،‬هل فإن المؤمن يقربَّ إليها بعض الوقات‪ ,‬ول يكون مباحْ الدم؛‬
‫لن حقن الدم رحمة عظيمة من ال فل يثبت في حقه‪.‬‬

‫ض‬ ‫ويؤيد ذلك قوله تعالى‪+ :‬لألئن لبمم أينتأله املسمأنالفسقوأن أوالبلذيأن لفي سقسلولبلهم بمأر ن‬
‫أواملسممرلجسفوأن لفي املأملديأنلة لأسنمغلرأيبنأك لبلهمم ثسبم لأ سيأجالوسروأنأك لفيأها إللب أقلليلء*‬
‫أمملسعولنيأن أميأنأما ثسلقفسوا أسلخسذوا أوقستبلسوا تأمقلتيلء" ]الحزابَّ‪،60 :‬هل ‪ [61‬فإن أخذهم‬
‫وتقتيلهم‪ -‬وال أعلم‪ -‬بيان صُفة لعنهم‪،‬هل وذكر لحكمه فل موضع له من‬
‫الإعرابَّ‪،‬هل وليس بحال ثانية؛ لنهم إذا جاوروه ملعونين ولم يظهر أثر لعنهم‬
‫في الدنيا لم يكن في ذلك وعيد لهم‪،‬هل بل تلك اللعنة ثابتة قبل هذا الوعيد وبعده‪،‬هل‬
‫عدوها‪،‬هل فيثبت في‬ ‫فل بد أن يكون هذا الأخذ والتقتيل من آثار اللعنة التي تو ف‬
‫حق من لعنه ال في الدنيا والخرة‪،‬هل ويؤيد ذلك قوله تعالى‪ + :‬ألأمم تأأر إلألى‬
‫طاسغولت أوأيسقوسلوأن لللبلذيأن‬ ‫صيءبا بمأن امللكأتالب سيمؤلمسنوأن لبامللجمبلت وال ب‬
‫أ‬
‫البلذيأن سأوتسوا أن ل‬
‫سلبيلء* سأولألئأك البلذيأن لأأعأنسهسم الس أوأمن أيملأعلن‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫أكفأسروا أهسؤلأء أمهأدى مأن البذيأن آَأمنسوا أ‬

‫‪18‬‬
‫ال أفألن تألجأد لأسه أن ل‬
‫صي ءار"‪،‬هل ولو كان معصُوم الدم لوجبَّ على المسلمين نصُره‬ ‫س‬
‫ولكان له نصُير‪.‬‬

‫يوضح ذلك أنه قد نزل في شأن ابن الأشرف‪،‬هل وكان من لعنته أن تقفتل؛‬
‫لنه كان يؤذى ال ورسوله‪.‬‬

‫شبهة ورود لعن من ل يجوز تكفيره ول قتله‪:‬‬


‫واعلم أنه ل يرد على هذا أنه قد لعن من ل يجوز قتله‪،‬هل وذلك لوجوه‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن هذا قيل فيه‪+ :‬لعنه ال في الدنيا والخرة"‪،‬هل فبين أنه‬
‫سبحانه أقصُاه عن رحمته في الدارين‪،‬هل وسائر الملعونين إنما قيل فيهم‪:‬‬
‫ل"‪،‬هل أو ‪+‬عليه لعنة ال"‪،‬هل وذلك يحصُل بإقصُائه عن الرحمة في‬ ‫‪+‬لبعأنسة ا ل‬
‫م‬
‫وقت من الوقات‪،‬هل وفرق بين من لعنه ال أو عليه لعنة مؤبدة عامة‪،‬هل ومن‬
‫لعنه لعندا مطلدقا‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن سائر الذين لعنهم ال في كتابه‪ -‬مثل الذين يكتمون ما أنزل‬
‫عوجا‪،‬هل‬
‫ال من الكتابَّ‪،‬هل ومثل الظالمين الذين يصُدون عن سبيل ال ويبغونها د‬
‫ومثل من يقتل مؤمدنا متعمددا‪ -‬إما كاف دار أو مباحْ الدم‪،‬هل بخلف بعض من لعن‬
‫في السنة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن هذه الصُيغة خبر عن لعنة ال له؛ ولهذا عطف عليه‪:‬‬
‫‪+‬أوأأعبد لأسهمم أعأذاءبا بملهيءنا"‪،‬هل وعامة الملعونين الذين ل يقتلون أو ل يكفرون‬
‫إنما تلعنوا بصُيغة الدعاء مثل قوله‪ -‬صُلى ال عليه وسلم‪» :‬لعن ال من‬
‫غير منار الرض‪ ،‬ولعن ال السارق‪ ،‬ولعن ال آَكل الربا ومؤكله«‪،‬هل ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫صأنالت‬ ‫ل‬
‫لكن الذي يرد على هذا قوله تعالى‪+ :‬إلبن البذيأن أيمرسموأن املسممح أ‬
‫ب أعلظينم" ]النور‪[23 :‬‬ ‫ل‬ ‫ل ل ل‬ ‫ل ل‬
‫املأغافلأت املسممؤلمأنات لسعنسوا في البدمنأيا أوالأخأرلة أولأسهمم أعأذا ن‬
‫فإن في هذه الية ذكر لعنتهم في الدنيا والخرة مع أن مجرد القذف ليس بكفر‬
‫ول يبيح الدم‪.‬‬

‫والجوابَّ عن هذه الية من طريقين‪ :‬مجمل ومفصُل‪:‬‬


‫أما المجمل‪ :‬فهو أن قذف المؤمن المجرد هو نوع من أذاه‪،‬هل إواذا كان كذدبا‬
‫فهو بهتان عظيم‪.‬‬

‫سلممعتسسموهس سقملستم بما أيسكوسن لأأنا أأن بنتأأكلبأم لبأهأذا‬ ‫كما قال سبحانه‪+ :‬أولأمولأ إلمذ أ‬
‫سمبأحاأنأك أهأذا سبمهأتانن أعلظينم" ]النور‪،[16 :‬هل والقرآن قد نص على الفرق بين‬ ‫س‬
‫بل‬
‫أذى ال ورسوله وبين أذى المؤمنين‪،‬هل فقال تعالى‪+ :‬إلبن الذيأن سيمؤسذوأن الأ‬
‫سولأسه لأأعأنسهسم الس لفي البدمنأيا أوالألخأرلة أوأأعبد لأسهمم أعأذاءبا بملهيءنا* أوالبلذيأن سيمؤسذوأن‬ ‫أوأر س‬
‫سبسوا فأقألد امحتأأملسوا سبمهأتاءنا أ إولاثمءما بملبيءنا"‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫املسممؤلمنيأن أواملسممؤلمأنات لبأغميلر أما امكتأ أ‬
‫]الحزابَّ‪،57 :‬هل ‪،[58‬هل فل يجوز أن يكون مجرد أذى المؤمنين بغير حق‬
‫موجدبا للعنة ال في الدنيا والخرة وللعذابَّ المهين؛ إذ لو كان كذلك لم يفرق‬
‫بين أذى ال ورسوله وبين أذى المؤمنين‪،‬هل ولم يخصُص مؤذي ال ورسوله‬
‫بهتانا إواثمدا مبيندا‪،‬هل‬
‫باللعنة المذكورة‪،‬هل ويجعل جزاء مؤذي المؤمنين أنه احتمل د‬
‫كما قال في موضع آخر‪+ :‬أوأمن أيمكلسمب أخلطيأئءة أمو إلثمءما ثسبم أيمرلم لبله أبلريءئا فأقألد‬
‫امحتأأمأل سبمهأتاءنا أ إولاثمءما بملبيءنا" ]النساء‪.[112 :‬‬

‫وأما الجوابَّ المفصُول فمن ثلثة أوجه‪:‬‬


‫الوجه الول‪ :‬أن هذه الية في أزواج النبي × في قول كثير من أهل‬
‫العلم‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫فقد روي أن ابن عباس فسر سورة النور‪،‬هل فلما أتى على هذه الية‪+ :‬إلبن‬
‫صأنالت املأغالفلألت املسممؤلمأنالت" إلى آخر الية ]النور‪[23 :‬‬ ‫ل‬
‫البذيأن أيمرسموأن املسممح أ‬
‫قال‪ :‬هذه في شأن عائشة وأزواج النبي × خاصُة‪،‬هل وهي مبهمة ليس فيها‬
‫توبة‪،‬هل ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل ال له توبة‪،‬هل ثم قرأ‪+ :‬أوالبلذيأن أيمرسموأن‬
‫شأهأداأء" إلى قوله‪+ :‬إللب البلذيأن أتابسوا لمن أبمعلد‬
‫صأنالت ثسبم لأمم أيأمتسوا لب أمرأبأعلة س‬
‫املسممح أ‬
‫صلأسحوا" ]النور‪،4 :‬هل ‪ [5‬فجعل لهؤلء توبة‪،‬هل ولم يجعل لولئك توبة‪،‬هل‬ ‫ل‬
‫أذلأك أوأ م‬
‫قال‪ :‬فهموم رجل أن يقوم فيقبل رأسه من حسن ما فسر!‬

‫فقد بوين ابن عباس أن هذه الية إنما نزلت فيمن يقذف عائشة وأمهات‬
‫المؤمنين‪،‬هل لما في قذفهن من الطعن على رسوله × وعيبه‪،‬هل فإن قذف المرأة‬
‫أذى لزوجها كما هو أذى لبنها‪.‬‬

‫وروى أحمد بإسناده عن أبي الجوزاء في هذه الية‪+ :‬إلبن البلذيأن أيمرسموأن‬
‫صأنالت املأغالفلألت املسممؤلمأنالت لسلعنسوا لفي البدمنأيا أوالألخأرلة" ]النور‪ [23 :‬قال‪:‬‬
‫املسممح أ‬
‫هذه لمهات المؤمنين خاصُة‪.‬‬

‫ووجه هذا ما تقدم من أن لعنة ال في الدنيا والخرة ل تستوجبَّ بمجرد‬


‫صأنالت املأغالفلألت املسممؤلمأنالت" لتعريف‬
‫القذف‪،‬هل فتكون اللم في قوله‪+ :‬املسممح أ‬
‫المعهود‪،‬هل والمعهود هنا أزواج النبي × لن الكلم في قصُة الفك ووقوع من‬
‫وقع في أم المؤمنين عائشة‪،‬هل أو قصُر اللفظ العام على سببه للدليل الذي‬
‫يوجبَّ ذلك‪.‬‬

‫ويؤيد هذا القول أن ال‪ -‬سبحانه‪ -‬رتبَّ هذا الوعيد على قذف محصُنات‬
‫صأنالت ثسبم لأمم‬ ‫ل‬
‫غافلت مؤمنات‪،‬هل وقال في أول السورة‪،‬هل ‪+‬أوالبذيأن أيمرسموأن املسممح أ‬
‫شأهأداأء أفامجللسدوسهمم ثأأمالنيأن أجملأدةء" ]النور‪ [4 :‬الية‪،‬هل فرتبَّ الجلد‬
‫أيأمتسوا لب أمرأبأعلة س‬

‫‪21‬‬
‫ورد الشهادة والفسق على مجرد قذف المحصُنات‪،‬هل فلبد أن تكون المحصُنات‬
‫الغافلت المؤمنات لهن مزية على مجرد المحصُنات‪،‬هل وذلك ‪ -‬وال أعلم ‪-‬‬
‫لن أزواج النبي × مشهود لهن باليمان لنهن أمهات المؤمنين‪،‬هل وهن أزواج‬
‫نبيه في الدنيا والخرة‪،‬هل وعوام المسلمات إنما يعلم منهن في الغالبَّ ظاهر‬
‫اليمان‪.‬‬

‫ضا موافقة لتلك الية؛‬


‫واعلم أنه على هذا القول تكون هذه الية حجة أي د‬
‫لنه لما كان رمي أمهات المؤمنين أذى للنبي × فلعن صُاحبه في الدنيا‬
‫والخرة‪،‬هل ولهذا قال ابن عباس‪» :‬ليس فيها توبة«؛ لن مؤذي النبي × ل‬
‫تقبل توبته إذا تابَّ من القذف حتى يسلم إسلدما جديددا‪،‬هل وعلى هذا فرميهن‬
‫نفاق مبيح للدم إذا قصُد به أذى النبي ×‪،‬هل أو آذاهن بعد العلم بأنهن أزواجه‬
‫في الخرة‪،‬هل فإنه ما لعنت امرأة نبي قط‪.‬‬

‫ومما يدل على أن قذفهن أذى للنبي × ما خرجاه في الصُحيحين في‬


‫حديث الفك عن عائشة قالت‪ :‬فقام رسول ال × فاستعذر من عبد ال بن‬
‫أبي ابن سلول قالت‪ :‬فقال رسول ال × وهو على المنبر‪» :‬يا معشر‬
‫المسلمين‪ ،‬من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟! فوال ما‬
‫علمت على أهلي إل خيءرا‪ ،‬ولقد ذكروا رجلء ما علمت عليه إل خيءرا‪ ،‬وما كان‬
‫يدخل على أهلي إل معي«‪،‬هل فقام سعد بن معاذ النصُاري فقال‪» :‬أنا أعذرك‬
‫منه يا رسول ال‪،‬هل إن كان من الوس ضربنا عنقه‪،‬هل إوان كان من إخواننا من‬
‫الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك«‪.‬‬

‫فقوله‪» :‬من يعذرني«؛ أي من ينصُفني ويقيم عذري إذا انتصُفت منه لما‬
‫بلغني من أذاه في أهل بيتي"! فثبت أنه × قد تأذى بذلك تأذديا استعذر منه‪،‬هل‬

‫‪22‬‬
‫وقال المؤمنون الذين لم تأخذهم حمية‪» :‬مرنا نضربَّ أعناقهم‪،‬هل فإنا نعذرك إذا‬
‫أمرتنا بضربَّ أعناقهم« ولم ينكر النبي × على سعد استئماره في ضربَّ‬
‫أعناقهم‪،‬هل وقوله إنك معذور إذا فعلت ذلك‪.‬‬

‫شبهة أن بعض من تخوضوا في حادثة الفك لم يقتلوا ولم يرموا بنفاق‪:‬‬


‫بقي أن يقال‪ :‬فقد كان من أهل الفك مسطح وحسان وحمنة‪،‬هل ولم يرموا‬
‫بنفاق‪،‬هل ولم يقتل النبي × أحد بذلك السببَّ‪،‬هل بل قد اختلف في جلدهم!‬

‫وجوابه‪ :‬أن هؤلء لم يقصُدوا أذى النبي ×‪ ،‬ولم يظهر منهم دليل على‬
‫آذاه‪،‬هل بخلف ابن أبي الذي إنما كان قصُده أذاه‪،‬هل ولم يكن إذ ذاك قد ثبت عندهم‬
‫أن أزواجه في الدنيا هن أزواج له في الخرة‪،‬هل وكان وقوع ذلك من أزواجه ممكدنا‬
‫في العقل‪،‬هل ولذلك توقف النبي × في القصُة‪،‬هل حتى استشار علييا وزيددا‪،‬هل وحتى‬
‫سأل بريرة‪،‬هل فلم يحكم بنفاق من لم يقصُد أذى النبي × لمكان أن يطلق المرأة‬
‫المقذوفة‪،‬هل فأما بعد أن ثبت أنهن أزواجه في الخرة وأنهن أمهات المؤمنين‬
‫فقذفهن أذى له بكل حال‪،‬هل ول يجوز ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬أن تقع منهن فاحشة؛ لن في‬
‫ذلك جواز أن يقيم الرسول × مع امرأة بغي‪،‬هل وأن تكون أم المؤمنين موسومة‬
‫بذلك‪،‬هل وهذا باطل‪،‬هل ولهذا قال سبحانه‪+ :‬أيلعظسسكسم الس أأن تأسعوسدوا لللممثللله أأبءدا لإن‬
‫سكمنستم بممؤلملنيأن" ]النور‪.[17 :‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن الية عامة‪،‬هل قال الضحاك‪ :‬قوله تعالى‪+ :‬إلبن البلذيأن‬
‫صأنالت املأغالفلألت املسممؤلمأنالت"‪،‬هل يعني به أزواج النبي × خاصُة‪،‬هل‬
‫أيمرسموأن املسممح أ‬
‫ويقول آخرون‪ :‬يعني أزواج المؤمنين عامة‪.‬‬
‫وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن‪ :‬قذف المحصُنات من الموجبات‪،‬هل ثم ق أر‪:‬‬
‫صأنالت" ‪ -‬الية وهذا قول كثير من الناس‪،‬هل ووجهه‬ ‫ل‬
‫‪+‬لإبن البذيأن أيمرسموأن املسممح أ‬

‫‪23‬‬
‫ظاهر الخطابَّ فإنه عام‪،‬هل فيجبَّ إجراؤه على عمومه؛ إذ ل موجبَّ لخصُوصُه‬
‫صُا بنفس السببَّ بالتفاق؛ لن حكم غير عائشة من أزواج‬ ‫وليس هو مخت ي‬
‫النبي × داخل في العموم‪،‬هل وليس هو من السببَّ‪،‬هل ولنه لفظ جمع والسببَّ في‬
‫واحدة‪،‬هل ولن قصُر عمومات القرآن على أسبابَّ نزولها باطل‪،‬هل فإن عامة‬
‫اليات نزلت بأسبابَّ اقتضت ذلك‪،‬هل وعلم أن شيدئا منها لم يقصُر على سببه‪.‬‬
‫والفرق بين اليتين أنه في أول السورة ذكر العقوبات المشروعة على أيدي‬
‫المكلفين من الجلد ورد الشهادة والتنسيق‪،‬هل وهنا ذكر العقوبة الواقعة من ال‬
‫سبحانه وهي اللعنة في الدارين والعذابَّ العظيم‪.‬‬
‫وروي عن النبي × من غير وجه وعن أصُحابه أن قذف المحصُنات من‬
‫الكبائر‪،‬هل وفي لفظ في الصُحيح‪" :‬قذف المحصُنات الغافلت المؤمنات"‪،‬هل‬
‫صأنالت املأغالفلألت‬ ‫ل‬
‫وكان بعضهم يتأوول على ذلك قوله‪+ :‬إلبن البذيأن أيمرسموأن املسممح أ‬
‫املسممؤلمأنالت" ]النور‪ [23 :‬ثم اختلف هؤلء‪:‬‬
‫‪ -‬فقال أبو حمزة الثمالي‪ :‬بلغنا أنها نزلت في مشركي أهل مكة‪،‬هل فكانت‬
‫المرأة إذا خرجت إلى رسول ال × إلى المدينة مهاجرة‪،‬هل قذفها المشركون من‬
‫أهل مكة وقالوا إنما خرجت تفجر‪.‬‬
‫فعلى هذا يكون فيمن قذف المؤمنات قذدفا يصُدهن به عن اليمان‪،‬هل ويقصُد‬
‫بذلك ذم المؤمنين لينفر الناس عن السلم كما فعل كعبَّ بن الشرف‪،‬هل وعلى هذا‬
‫فمن فعل ذلك فهو كافر‪،‬هل وهو بمنزلة من سبَّ النبي ×‪.‬‬

‫ومنهم من أجراها على ظاهرها وعمومها؛ لن سببَّ نزولها قذف عائشة‪،‬هل‬


‫وكان فيمن قذفها مؤمن ومنافق وسببَّ النزول لبد أن يندرج في العموم؛ ولنه‬
‫ل موجبَّ لتخصُيصُها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫والجوابَّ على هذا التقدير أنه سبحانه قال هنا‪+ :‬لسلعنسوا لفي البدمنأيا‬
‫أوالألخأرلة" ]النور‪ [33 :‬على بناء الفعل للمفعول ولم يسم اللعن‪،‬هل وقال هناك‪:‬‬
‫‪+‬لأأعأنسهسم الس لفي البدمنأيا أوالألخأرلة" ]الحزابَّ‪،[57 :‬هل إواذا لم يسم الفاعل جاز أن‬
‫يلعنهم غير ال من الملئكة والناس‪،‬هل وجاز أن يلعنهم ال في وقت ويلعنهم‬
‫بعض خلقه في وقت‪،‬هل وجاز أن يتولى ال لعنة بعضهم وهو من كان قذفه‬
‫طعدنا في الدين‪،‬هل ويتولى خلقه لعنة الخرين‪،‬هل إواذا كان اللعن مخلودقا فلعنته قد‬
‫تكون بمعنى الدعاء عليهم‪،‬هل وقد تكون بمعنى أنهم يبعدون عن رحمة ال‪.‬‬

‫فهذا مما يلعن به القاذف‪،‬هل ومما يلعن به أن تيجلد وأن تترد شهادته وتيفموسق‪،‬هل‬
‫فإنه عقوبة له إواقصُاء له عن مواطن المن والقبول وهي من رحمة ال‪،‬هل وهذا‬
‫بخلف من أخبر ال أنه لعنه في الدنيا والخرة‪،‬هل فإن لعنة ال توجبَّ زوال‬
‫النصُر عنه من كل وجه‪،‬هل وبعده عن أسبابَّ الرحمة في الدارين‪.‬‬

‫ومما يؤيد الفرق أنه قال هنا‪+ :‬أوأأعبد لأسهمم أعأذاءبا بملهيءنا"‪،‬هل ولم يجئ إعداد‬
‫ب بملهينن"‬ ‫ل‬
‫العذابَّ المهين في القرآن إل في حق الكفار فقط ‪+‬أولملأكافلريأن أعأذا ن‬
‫]البقرة‪،[90 :‬هل ‪+‬أو أمعتأمدأنا للملأكالفلريأن أعأذاءبا بملهيءنا" ]النساء‪.[37 :‬‬

‫ب بمأن‬ ‫ل‬
‫وأما العذابَّ العظيم فقد جاء وعيددا للمؤمنين في قوله‪ + :‬لأمولأ كأتا ن‬
‫ب أعلظينم" ]النفال‪،[68 :‬هل وقوله‪+ :‬أولأمولأ‬ ‫ق لأم ب ل‬
‫سسكمم فيأما أأخمذتسمم أعأذا ن‬ ‫سأب أ أ‬ ‫ال أ‬
‫ل‬
‫سسكم لفيما أفأ م ل ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫فأ م ل‬
‫ب‬ ‫ضتسمم فيه أعأذا ن‬ ‫ضسل ال أعلأميسكمم أوأرمحأمتسسه في البدمنأيا أوالأخأرة لأأم ب م أ‬
‫ي لفيِ الددنُّمنكياَ كولكههمم‬ ‫ل‬ ‫أعلظينم"]النور‪،[14 :‬هل وفي القاتل المحاربَّ‪+ :‬كذلل ك‬
‫ك لكههمم خمز ي‬
‫ل‬ ‫ل ل‬
‫ب ال لهه كعلكميله كولككعنكهه‬ ‫ل‬
‫ب كعظييم" ]المائدة‪،[23 :‬هل وفي القاتل‪+ :‬كوغكض ك‬ ‫فيِ املخكرة كعكذا ي‬
‫ل‬
‫كوأككعلد لكهه كعكذابباَ كعلظيبماَ" ]النساء‪،[93 :‬هل وقوله‪+ :‬أولأ تأتبلخسذوا أميأماأنسكمم أدأخلء أبميأنسكمم‬
‫ل‬
‫ب‬‫سلبيلل ال أولأسكمم أعأذا ن‬ ‫صأددتبمم أعن أ‬‫سوأء لبأما أ‬‫فأتألزبل قأأدنم أبمعأد ثسسبولتأها أوتأسذوقسوا ال ب‬
‫أعلظينم"]النحل‪،[94 :‬هل وقد قال سبحانه‪+ :‬أوأمن سيلهلن الس فأأما لأسه لمن بممكلررم"‬

‫‪25‬‬
‫]الحج‪[18 :‬؛ وذلك لن الهانة إذلل وتحقير وخزي‪،‬هل وذلك قدر زائد على ألم‬
‫العذابَّ؛ فقد يعذبَّ الرجل الكريم ول يهان‪.‬‬

‫فلما قال في هذه الية‪+ :‬أوأأعبد لأسهمم أعأذاءبا بملهيءنا" علم أنه من جنس‬
‫ب‬‫العذابَّ الذي توعد به الكفار والمنافقين‪،‬هل ولما قال هناك‪+ :‬أولأهمم أعأذا ن‬
‫ضتسمم لفيله‬‫سسكمم لفيأما أفأ م‬
‫أعلظينم" جاز أن يكون من جنس العذابَّ في قوله‪+ :‬لأأم ب‬
‫ب أعلظينم"‪.‬‬
‫أعأذا ن‬
‫عد للكافرين فإن جهنم لهم خلقت؛‬ ‫من ناحية أخرى فإن العذابَّ إنما تأ ف‬
‫لنهم لبد أن يدخلوها وما هم منها بمخرجين‪،‬هل بخلف أهل الوعيد من‬
‫المسلمين فقد ل يدخلونها إذا غفر لهم‪،‬هل إواذا دخلوها خرجوا منها ولو بعد حين‪.‬‬

‫الدليل السابع‪ :‬رفع الصوت فوق صوت النبي × سيخشى على صاحبه‬
‫الكفر‪ ،‬فأولى أن يكون الذى المقصود المتعمد كفءرا‪:‬‬
‫صوُاتكهكم فكنوُكق صوُ ل‬
‫ت النلبلييِ كولك‬ ‫ل‬
‫قال تعالى‪+ :‬كياَ أكيدنكهاَ الذيكن آكمهنوُا لك تكنمرفكنهعوُا أك م ك م م ك م‬
‫ط أكمعكماَلههكمم كوأكنُّمنتهمم لك تكمشعههروكنَ"‬ ‫ضهكمم للبكنمع ض‬
‫ض كأنَ تكمحبك ك‬ ‫تكمجكهروا لكهه بلاَلمكقوُلل ككجمهلر بنمع ل‬
‫ك ك‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫]الحجرات‪.[2 :‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬أن ال سبحانه نهاهم عن رفع أصُواتهم فوق صُوته‪،‬هل وعن‬
‫الجهر له كجهر بعضهم لبعض؛ لن هذا الرفع والجهر قد يفضي إلى حبوط‬
‫العمل وصُاحبه ل يشعر‪،‬هل فإنه علل نهيهم عن الجهر وتركهم له بطلبَّ سلمة‬
‫العمل عن الحبوط‪،‬هل والعمل يحبط بالكفر‪،‬هل قال سبحانه‪+ :‬كوكمن يكنمرتكلدمد لممنهكمم كعن‬
‫ت أكمعكماَلهههمم" ]البقرة‪،[217 :‬هل وقال تعالى‪:‬‬ ‫ك كحبلطك م‬ ‫ت كوههكوُ ككاَفلير فكهأولكئل ك‬‫لدينلله فكنيكهم م‬
‫ط كعكملههه" ]المائدة‪.[5 :‬‬‫﴿كوكمن يكمكهفمر لباَلليكماَلنَ فكنكقمد كحبل ك‬

‫‪26‬‬
‫فإذا ثبت أن رفع الصُوت فوق صُوت النبي والجهر له بالقول يخاف منه‬
‫أن يكفر صُاحبه وهو ل يشعر ويحبط عمله بذلك‪،‬هل وأنه مظنة لذلك وسببَّ‬
‫فيه‪،‬هل فمن المعلوم أن ذلك لما ينبغي له من التعزيز والتوقير والتشريف‬
‫والتعظيم والكرام والجلل‪،‬هل ولما أن رفع الصُوت قد يشتمل على أذى له‪،‬هل‬
‫واستخفاف به‪،‬هل إوان لم يقصُد الرافع ذلك‪،‬هل فإذا كان الذى والستخفاف الذي‬
‫يحصُل في سوء الدبَّ من غير قصُد صُاحبه يكون كفدرا؛ فالذى‬
‫والستخفاف المقصُود المتعمد كفر بطريق الولى‪.‬‬

‫الدليل الثامن‪ :‬تحذير المخالف عن أمر الرسول × من الكفر والشرك‬


‫لما يتضمنه ذلك من الستخفاف فالشاتم له أولى بذلك‪:‬‬

‫ضاَ قكمد يكنمعلكهم‬


‫ضهكمم بكنمع ب‬‫قال تعالى‪+ :‬لك تكمجعهلوُا هدكعاَء اللرسوُلل ب منيننكهكم ككهدكعاَلء بنمع ل‬
‫ك‬ ‫ك ه ك م‬ ‫ك‬
‫س لهلوُكنَ لمنهكمم للكوُابذا فكنمليكمحكذر ا ذيكن يهكخاَلهفوُكنَ كعمن أكممره كأنَ تهصيبكنههمم مفتننكةي أكمو‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫لل‬
‫اله ا ذيكن يكنتك ك‬
‫ب أكللييم" ]النور‪ [63 :‬أمر من خالف أمره أن يحذر الفتنة‪،‬هل والفتنة‪:‬‬ ‫صيبكنههمم كعكذا ي‬‫يل‬
‫ه‬
‫الردة والكفر‪،‬هل قال سبحانه‪+ :‬كوكقاَتلهلوُههمم كحلتىَّ لك تكهكوُكنَ لف متننكةي" ]البقرة‪،[193 :‬هل‬
‫ت كعلكميلهم يممن‬ ‫وقال‪+ :‬كوالملف متننكةه أكمكبكنهر لمكن المكقمتلل" ]البقرة‪،[217 :‬هل وقال‪+ :‬كولكموُ هدلخلك م‬
‫أكقمكطاَلركهاَ ثهلم هسئلهلوُا الملف متننكةك لكتكنموُكهاَ" ]الحزابَّ‪.[14 :‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬أن المخالف عن أمره قد حذر من الكفر والشرك أو من‬


‫العذابَّ الليم‪،‬هل ومعلوم أن إفضاءه إلى العذابَّ هو مجرد فعل المعصُية‪،‬هل‬
‫فإفضاؤه إلى الكفر إنما هو لما قد يقترن به من استخفاف بحق المر كما فعل‬
‫إبليس‪،‬هل فكيف لما هو أغلظ من ذلك كالسبَّ والنتقاص ونحوه؟!‬

‫قال المام أحمد في رواية الفضل بن زياد‪،‬هل نظرت في المصُحف فوجدت‬


‫طاعة الرسول × في ثلثة وثلثين موضدعا ثم جعل يتلو‪+ :‬فكنمليكمحكذلر اللذيكن‬

‫‪27‬‬
‫صيبكنههمم ل مفتننكةي" ]النور‪،[63 :‬هل الية‪،‬هل وجعل يكررها ويقول‪:‬‬ ‫يكخاَللهفوُكنَ كعن أكمملرهل كأنَ ته ل‬
‫م‬ ‫ه‬
‫وما الفتنة؟ الشرك‪،‬هل لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ‬
‫ك لك يهنمؤلمهنوُكنَ كحلتىَّ يهكحيكهموُكك‬
‫فيزيغ قلبه فيهلكه‪،‬هل وجعل يتلو هذه الية‪+ :‬فكلك كوكربي ك‬
‫لفيكماَ كشكجكر بك منيننكنههمم" ]النساء‪.[65 :‬‬

‫الدليل التاسع‪ :‬ما دل عليه القرآَن من حرمة التزوج بأمهات المؤمنين‬


‫لما يتضمنه من إيذاء النبي × وانتهاك حرمته‪ ،‬وقد دلت السنة على أن‬
‫من فعل ذلك سقتل‪ ،‬فالشاتم أولى‪:‬‬
‫ل ولك كأنَ تكنمنلكحوُا أكمزواجه لمن بنعلدهل‬
‫ل‬
‫ه ك ك ه كم‬ ‫قال تعالى‪+ :‬كوكماَ ككاَكنَ لكهكمم كأنَ تمؤهذوا كرهسوُكل ا ك‬
‫ل كعلظيبماَ" ]الحزابَّ‪.[53 :‬‬ ‫أكببدا إللنَ كذللهكم ككاَكنَ لعمنكد ا ل‬
‫م‬ ‫ك‬
‫وجه الدللة‪ :‬أنه قد حورم على المة أن تنكح أزواجه من بعده؛ لن ذلك‬
‫يؤذيه‪،‬هل وجعله عظيدما عند ال تعظيدما لحرمته‪،‬هل وقد ذكر أن هذه الية نزلت لما‬
‫قال بعض الناس‪ :‬لو قد توفي رسول ال × تزوجت عائشة‪،‬هل ثم إن من نكح‬
‫أزواجه أو س ارريه فإن عقوبته القتل‪،‬هل جزاء بما انتهك من حرمته‪،‬هل فالشاتم له‬
‫أولى‪.‬‬

‫ومن الدلة على قتل من انتهك حرمته × بنكاحْ إحدى أزواجه أو س ارريه‬
‫ما رواه مسلم في صُحيحه عن أنس أن رجلد كان يتهم بأم ولد النبي ×‪،‬هل فقال‬
‫رسول ال × لعلي‪» :‬اذهب فاضرب عنقه« فأتاه علي‪،‬هل فإذا هو في ركن‬
‫يتبرد‪،‬هل فقال له علي‪ :‬اخرج‪،‬هل فناوله يده‪،‬هل فأخرجه‪،‬هل فإذا هو مجبوبَّ ليس له‬
‫ذكر‪،‬هل فكف علي‪،‬هل ثم أتى النبي × فقال‪ :‬يا رسول ال‪،‬هل إنه لمجبوبَّ‪،‬هل ما له‬
‫ذكر‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫فهذا الرجل أمر النبي × بضربَّ عنقه لما قد استحل من حرمته‪،‬هل ولم‬
‫يأمر بإقامة حد الزنا؛ لن إقامة حد الزنا ليس هو ضربَّ الرقبة‪،‬هل بل إن كان‬
‫محصُدنا ترجم‪،‬هل إوان كان غير محصُن تجفلد‪،‬هل ول يقام عليه الحد إل بأربعة شهداء‬
‫أو بالقرار المعتبر‪،‬هل فلما أمر النبي × بضربَّ عنقه من غير تفصُيل مبنيمن أن‬
‫يكون محصُدنا أو غير محصُن تعفلم أن قتله لما انتهكه من حرمته‪،‬هل ولعله قد‬
‫شهد عنده شاهدان أنهما رأياه يباشر هذه المرأة‪،‬هل أو شهدا بنحو ذلك‪،‬هل فأمر‬
‫بقتله‪،‬هل فلما تبين أنه كان مجبودبا علم أن المفسدة مأمونة منه‪،‬هل أو أنه بعث علييا‬
‫ليرى القصُة‪،‬هل فإن كان ما بلغه عنه حيقا قتله‪.‬‬

‫وما روي من أن النبي × تزوج قمنيملة بنت قمنيس بن معدي كربَّ أخت‬
‫الشعث‪،‬هل ومات قبل أن يدخل بها‪،‬هل وقبل أن تقدم عليه‪،‬هل وقيل‪ :‬إنه خويمرها بين‬
‫أن يضربَّ عليها الحجابَّ وتحرم على المؤمنين‪،‬هل وبين أن يطلقها فتنكح من‬
‫شاءت‪،‬هل فاختارت النكاحْ‪،‬هل قالوا‪ :‬فلما مات النبي × تزوجها عكرمة بن أبي‬
‫جهل بحضرموت‪،‬هل فبلغ أبا بكر‪،‬هل فقال‪ :‬لقد هممت أن أحرق عليهما بيتهما‪،‬هل‬
‫فقال عمر‪ :‬ما هي من أمهات المؤمنين‪،‬هل ول دخل بها‪،‬هل ول ضربَّ عليها‬
‫الحجابَّ‪،‬هل وقيل‪ :‬إنها ارتدت‪،‬هل فاحتج عمر على أبي بكر أنها ليست من أزواج‬
‫النبي × بارتدادها‪.‬‬

‫فوجه الدللة‪ :‬أن الصُبديق ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬عزم على تحريقها وتحريق‬
‫من تزوجها‪،‬هل لما رأى أنها من أزواج النبي ×‪،‬هل حتى ناظره عمر أنها ليست‬
‫من أزواجه فكف عنها)‪ (1‬لذلك‪،‬هل فعلم أنهم كانوا يرون قتل من استحل حرمة‬
‫رسول ال ×‪.‬‬

‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫ثانءيا‪ :‬أدلة السنة على كفر المسلم بالسب وتحتم قتله‪:‬‬
‫الدليل الول‪ :‬قصُة ابن أبي سرحْ‪،‬هل وهي مما اتفق عليه أهل العلم‬
‫واستفاضت عندهم استفاضة تستغني عن رواية الحاد كذلك‪،‬هل وذلك أثبت‬
‫وأقوى مما رواه الواحد العدل‪،‬هل فنذكرها مشروحة ليتبين وجه الدللة منها‪:‬‬

‫عن مصُعبَّ بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال‪ :‬لما كان يوم فتح‬
‫مكة‪،‬هل اختبأ عبد ال بن سعد بن أبي سرحْ عند عثمان بن عفان‪،‬هل فجاء به حتى‬
‫أوقفه على النبي ×‪،‬هل فقال‪ :‬يا رسول ال‪،‬هل بايع عبد ال‪،‬هل فرفع رأسه فنظر إليه‬
‫ثلدثا‪،‬هل كل ذلك يأبى‪،‬هل فبايعه بعد ثلث‪،‬هل ثم أقبل على أصُحابه فقال‪» :‬أما كان‬
‫فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآَني كففت يدي عن بيعته فيقتله«‪،‬هل‬
‫فقالوا‪ :‬ما ندري يا رسول ال ما في نفسك‪،‬هل أل أومأت إلينا بعينك‪،‬هل قال‪» :‬إنه‬
‫ل ينبغي لنبي أن تكون له خائنة العين« )رواه أبو داود بإسناد صُحيح(‪.‬‬

‫وقال ابن إسحاق في رواية إبراهيم بن سعد عنه‪ :‬حدثني بعض علمائنا أن‬
‫ابن أبي سرحْ رجع إلى قريش فقال‪ :‬وال لو أشاء لقلت كما يقول محمد‪،‬هل‬
‫وجئت بمثل ما يأتي به‪،‬هل إوانه ليقول الشيء وأصُرفه إلى شيء فيقول‪ :‬أصُبت‪،‬هل‬
‫ل ككلذبباَ أكمو كقاَكل هأولحكيِ إللكليِ كولكمم‬
‫ففيه أنزل ال تعالى‪+ :‬ومن أكظملكم لململن افمنتكنرىَ كعكلىَّ ا ل‬
‫ك‬ ‫كك م ه‬
‫هيوُكح إللكميله كشميِءي" ]النعام‪،[93 :‬هل فلذلك أمر رسول ال × بقتله‪.‬‬

‫وجه الدللة من قصة ابن أبي سرحا‪ :‬أن عبد ال بن سعد بن أبي سرحْ‬
‫افترى على النبي × أنه كان يتمم له الوحي ويكتبَّ له ما يريد فيوافقه عليه‪،‬هل‬
‫وأنه يصُرفه حيث شاء ويغبير ما أمره به من الوحي‪،‬هل فتيفقدره على ذلك‪،‬هل وزعم أنه‬
‫ستينزل مثل ما أنزل ال إذ كان قد أوحي إليه في زعمه كما أوحي إلى رسول‬

‫‪30‬‬
‫ال × وهذا الطعن قدر زائد على مجرد الكفر به‪،‬هل والردة في الدين‪،‬هل وهو من‬
‫أنواع السبَّ‪.‬‬

‫فلما تمكن النبي × من ابن أبي سرحْ أهدر دمه‪،‬هل لما طعن في النبوة‬
‫وافترى عليه الكذبَّ مع أنه قد آمن جميع أهل مكة الذين قاتلوه وحاربوه أشد‬
‫المحاربة‪،‬هل ومع أن السنة في المرتد أنه ل تيقتل حتى تيستتابَّ إما وجودبا أو‬
‫استحبادبا‪.‬‬

‫وفي ذلك دليل على أن جرم الطاعن على الرسول × السابَّ له أعظم‬
‫جردما من المرتد‪.‬‬

‫ثم إن إباحة النبي × دمه بعد مجيئه تائدبا مسلدما وقوله‪» :‬هل قتلتموه«‪،‬‬
‫ثم عفوه عنه بعد ذلك دليل على أن النبي × كان له أن يقتله وأن يعفو عنه‬
‫ويعصُم دمه‪،‬هل وهو دليل على أن له × أن يقتل من مسوبه إوان تابَّ وعاد إلى‬
‫السلم‪.‬‬

‫سنة ال في النتصار لنبيه × ممن افترى عليه إذا لم يقم عليه الحد‪:‬‬
‫وكذلك ما افترى عليه كاتبَّ آخر مثل هذه الفرية إل وفضحه ال وعاقبه‬
‫عقوبة خارجة عن العادة لكل أحد افترى‪،‬هل إذ كان مثل هذا يوجبَّ في القلوبَّ‬
‫المريضة ريدبا بأن يقول القائل‪ :‬كاتبه أعلم الناس بباطنه وبحقيقة أمره‪،‬هل وقد‬
‫أخبر عنه بما أخبر‪،‬هل فمن نصُر ال لرسوله أن أظهر فيه آية تبين بها أنه‬
‫تمنفتمفر‪.‬‬

‫روى البخاري في صُحيحه عن أنس قال‪ :‬كان رجل نصُراني فأسلم‪،‬هل وق أر‬
‫البقرة وآل عمران‪،‬هل وكان يكتبَّ للنبي ×‪،‬هل فعاد نصُرانييا‪،‬هل فكان يقول‪ :‬ل يدري‬
‫محمد إل ما كتبت له‪،‬هل فأماته ال فدفنوه فأصُبح وقد لفظته الرض‪،‬هل فقالوا‪:‬‬
‫‪31‬‬
‫هذا فعل محمد وأصُحابه‪ :‬نبشوا عن صُاحبنا فألقوه‪،‬هل فحفروا في الرض ما‬
‫استطاعوا‪،‬هل فأصُبح قد لفظته‪،‬هل فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه‪.‬‬

‫ورواه مسلم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال‪ :‬كان‬


‫منا رجل من بني النجار قد ق أر البقرة وآل عمران‪،‬هل وكان يكتبَّ للنبي ×‪،‬هل‬
‫فانطلق هاردبا حتى لحق بأهل الكتابَّ‪،‬هل قال‪ :‬فرفعوه‪،‬هل قالوا‪ :‬هذا كان يكتبَّ‬
‫لمحمد‪،‬هل فأعجبوا به‪،‬هل فما لبث أن قصُم ال عنقه‪،‬هل فحفروا له فواروه‪،‬هل فأصُبحت‬
‫الرض قد نبذته على وجهها فتركوه منبودذا‪.‬‬

‫فهذا الملعون الذي افترى على النبي × أنه ما كان يدري إل ما كتبَّ له‪،‬هل‬
‫قصُمه ال وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن م اردرا‪،‬هل وهذا أمر خارج‬
‫عن العادة‪،‬هل يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله وأنه كان كاذدبا؛ إذ‬
‫كان عامة الموتى ل يصُيبهم مثل هذا‪،‬هل وأن هذا الجرم أعظم من مجرد‬
‫الرتداد‪،‬هل إذ كان عامة المرتدين يموتون ول يصُيبهم مثل هذا‪،‬هل إوان ال منتقم‬
‫لرسوله × ممن طعن عليه وسبه‪،‬هل ومظهر لدينه ولكذبَّ الكاذبَّ‪،‬هل إذ لم يمكن‬
‫الناس أن يقيموا عليه الحد‪.‬‬

‫ونظير هذا ما رواه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما‬
‫جربوه مرات متعددة في حصُر الحصُون والمدائن التي بالسواحل الشامية‪،‬هل لما‬
‫حاصُر المسلمون فيها بني الصُفر‪،‬هل قالوا‪ :‬كنا نحن نحصُر الحصُن أو‬
‫المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نيأس إذ تعرض أهله‬
‫لسبَّ رسول ال × والوقيعة في عرضه‪،‬هل فسرعان ما يتيسر لنا فتحه‪،‬هل ول‬
‫يتأخر إل يودما أو يومين أو نحو ذلك‪،‬هل ثم يفتح المكان عنوة‪،‬هل ويكون فيهم‬
‫ملحمة عظيمة‪،‬هل قالوا‪ :‬حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح؛ إذا سمعناهم يقعون‬
‫ظا عليهم بما قالوه فيه‪.‬‬
‫فيه مع امتلء القلوبَّ غي د‬

‫‪32‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬قصة ابن خطل‪:‬‬
‫ففي الصُحيحين من حديث الزهري عن أنس أن النبي × دخل مكة عام‬
‫الفتح‪،‬هل وعلى رأسه المغفر‪،‬هل فلما نزعه جاء رجل فقال‪ :‬ابن خطل متعلق بأستار‬
‫الكعبة‪،‬هل فقال‪» :‬اقتلوه«‪،‬هل وهذا مما استفاض نقله بين أهل العلم واتفقوا عليه‬
‫أن رسول ال × أهدر دم ابن خطل يوم الفتح فيمن أهدره‪،‬هل وأنه قتل‪.‬‬

‫وقد ذكر الواقدي أن ابن خطل أقبل من أعلى مكة مدجدجا في الحديد‪،‬هل ثم‬
‫خرج حتى انتهى إلى الخندمة‪،‬هل فرأى خيل المسلمين ورأى القتال‪،‬هل ودخله رعبَّ‬
‫حتى ما يستمسك من الرعدة حتى انتهى إلى الكعبة فنزل عن فرسه وطرحْ‬
‫سلحه فأتى البيت فدخل بين أستاره‪.‬‬

‫وقد كان جرمه أن رسول ال × استعمله على الصُدقة وأصُحبه رجل‬


‫يخدمه‪،‬هل فغضبَّ على رفيقه لكونه لم يصُنع له طعادما أمره بصُنعه‪،‬هل فقتله‪،‬هل ثم‬
‫خاف أن يقتل فارتد واستاق إبل الصُدقة‪،‬هل إوانه كان يقول الشعر يهجو به‬
‫رسول ال × ويأمر جاريتيه أن تغنيا به‪،‬هل فهذا له ثلث جرائم مبيحة للدم‪:‬‬
‫قتل النفس‪،‬هل والردة‪،‬هل والهجاء‪.‬‬

‫وذكر ابن المسيبَّ أن أبا برزة أتاه وهو متعلق بأستار الكعبة فبقر بطنه‪،‬هل‬
‫وكذلك روى الواقدي عن أبي برزة قال‪ :‬في نزلت هذه الية‪+ :‬لك أهقملسهم بلكهكذا‬
‫املبكنلكلد‬

‫ت لحلل بلكهكذا املبكنلكلد" ]البلد‪،1 :‬هل ‪،[2‬هل أخرجت عبد ال بن خطل وهو‬
‫* كوأكنُّ ك‬
‫متعلق بأستار الكعبة فضربت عنقه بين الركن والمقام‪.‬‬

‫وجه الدللة من قصة ابن خطل‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫أنه لم يقتل لقتل النفس؛ لن أكثر ما يجبَّ على من قتل ثم ارتد أن يقتل‬
‫قوددا‪،‬هل والمقتول من خزاعة له أولياء‪،‬هل فكان حكمه لو قتل قوددا أن يسلم إلى‬
‫أولياء المقتول‪،‬هل فإما أن يقتلوا أو يعفوا أو يأخذوا الدية‪.‬‬

‫ولم يقتل لمجرد الردة؛ لن المرتد يستتابَّ‪،‬هل إواذا استنظر أنظر‪،‬هل وهذا ابن‬
‫خطل قد فر إلى البيت‪،‬هل عائدذا به‪،‬هل طالدبا المان‪،‬هل تاردكا للقتال‪،‬هل ملقديا للسلحْ‪،‬هل‬
‫حتى نظر في أمره‪،‬هل وقد أمر النبي × بعد علمه بذلك كله أن يقتل‪،‬هل وليس هذا‬
‫سنة من يقتل من مجرد الردة‪.‬‬

‫فثبت أن هذا التغليظ في قتله إنما كان لجل السبَّ والهجاء‪،‬هل وأن السابَّ‬
‫إوان ارتد فليس بمنزلة المرتد المحض بقتل قبل الستتابة ول يؤخر قتله‪،‬هل وذلك‬
‫دليل على جواز قتله بعد التوبة‪،‬هل وقد استدل بقصُة ابن خطل طائفة من‬
‫الفقهاء على أن من سبَّ النبي من المسلمين يقتل إوان أسلم حيدا‪.‬‬

‫واعترض عليهم بأن ابن خطل كان حربييا فقتل لذلك‪،‬هل وصُوابه أنه كان‬
‫مرتيدا بل خلف بين أهل العلم بالسير‪،‬هل فعلم أن من ارتد وسبَّ يقتل بل‬
‫استتابة بخلف من ارتد فقط‪،‬هل يؤيده أن النبي × آمن عام الفتح جميع‬
‫المحاربين إل ذوي جرائم مخصُوصُة‪،‬هل وكان ممن أهدر دمه دون غيره‪،‬هل فعلم‬
‫أنه لم يقتل لمجرد الكفر والحرابَّ‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬ما صح من أمره × بقتل من كذب عليه كذءبا يشينه‪:‬‬


‫‪ -‬فقد روى البغوي عن أبي بريدة عن أبيه أن النبي × بلغه أن رجلد قال‬
‫لقوم‪ :‬إن النبي × أمرني أن أحكم فيكم برأيي وفي أموالكم بكذا وكذا‪،‬هل وكان‬
‫قد خطبَّ امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه‪،‬هل ثم ذهبَّ حتى نزل على‬
‫المرأة فبعث القوم إلى رسول ال × فقال‪» :‬كذبَّ عدو ال!«‪،‬هل ثم أرسل رجلد‬

‫‪34‬‬
‫فقال‪» :‬إن وجدته حييا فاقتله‪،‬هل إوان أنت وجدته ميدتا فحرقه بالنار«‪،‬هل فانطلق‬
‫فوجده قد لدغ فمات‪،‬هل فحرقه بالنار‪،‬هل فعند ذلك قال رسول ال ×‪» :‬من كذب‬
‫علي متعمءدا فليتبوأ مقعده من النار«‪.‬‬

‫‪ -‬وقد رواه أبو أحمد بن عدي في كتابه الكامل بإسناده من حديث ابن‬
‫بريدة عن أبيه قال‪ :‬كان حي من بني ليث من المدينة على ميلين‪،‬هل وكان رجل‬
‫قد خطبَّ منهم من الجاهلية فلم يزوجوه‪،‬هل فأتاهم وعليه حلة فقال‪ :‬إن رسول‬
‫ال × كساني هذه الحلة‪،‬هل وأمرني أن أحكم في أموالكم ودمائكم‪،‬هل ثم انطلق‬
‫فنزل على تلك المرأة التي كان يحبها‪،‬هل فأرسل القوم إلى رسول ال ×‪،‬هل فقال‪:‬‬
‫»كذب عدو ال«‪،‬هل ثم أرسل رجلد فقال‪» :‬إن وجدته حييا‪ ،‬وما أراك تجده‬
‫حييا‪ ،‬فاضرب عنقه‪ ،‬إوان وجدته ميءتا فاحرقه بالنار«‪،‬هل قال‪ :‬فذلك قول رسول‬
‫ال ×‪» :‬من كذب علي متعمءدا فليتبوأ مقعده من النار«‪،‬هل وهذا إسناد‬
‫صُحيح على شرط الصُحيح ل نعلم له علة‪.‬‬

‫‪ -‬وقد روى أبو بكر بن مردويه من حديث الوازع عن أبي سلمة عن‬
‫أسامة قال‪ :‬قال رسول ال ×‪» :‬من يقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من‬
‫النار«‪،‬هل وذلك أنه بعث رجلد فكذبَّ عليه فوجد ميدتا وانشق بطنه ولم تقبله‬
‫الرض!‬

‫وروى أن رجلد كذبَّ عليه‪،‬هل فبعث علييا والزبير إليه ليقتله‪.‬‬


‫وجه الدللة‪:‬‬
‫للناس في هذا الحديث قولن‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬الخذ بالظاهر في قتل من تعمد الكذبَّ على رسول ال ×‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ومن هؤلء من قال‪ :‬يكفر بذلك‪،‬هل قاله جماعة منهم أبو أحمد الجوثي‪،‬هل‬
‫حتى قال ابن عقيل عن شيخه أبي العقيل الهمداني‪ :‬مبتدعة السلم‬
‫والكاذبون والواضعون للحديث أشد من الملحدين‪،‬هل قصُدوا إفساد الدين من‬
‫خارج‪،‬هل وهؤلء قصُدوا إفساده من داخل‪،‬هل فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله‪،‬هل‬
‫والملحدون كالمحاضرين من خارج‪،‬هل فالدخلء يفتحون الحصُن فهم شر على‬
‫السلم من غير الملبسين له‪.‬‬
‫ووجه هذا القول‪:‬‬
‫‪ -‬أن الكذبَّ عليه كذبَّ على ال‪،‬هل ومن تعمد الكذبَّ على ال فهو كافر‬
‫حلل الدم‪،‬هل فكذلك من تعمد الكذبَّ على رسوله‪.‬‬
‫‪ -‬أن الكذبَّ عليه بمنزلة التكذيبَّ له‪،‬هل وتكذيبه كفر بل نزاع‪.‬‬
‫‪ -‬أن تعمد الكذبَّ على رسول ال استهزاء به واستخفاف‪،‬هل فإن من كذبَّ‬
‫على من يجبَّ تعظيمه فإنه مستخف به مستهين بحقه‪،‬هل وذلك كفر‪.‬‬
‫‪ -‬أن الكاذبَّ عليه لبد أن يشينه بالكذبَّ عليه وينقصُه بذلك‪،‬هل ومن‬
‫انتقص الرسول فقد كفر‪.‬‬
‫واعلم أن هذا القول في غاية القوة كما تراه‪،‬هل لكن يتوجه أن يفرق بين الذي‬
‫يكذبَّ عليه مشافهة وبين الذي يكذبَّ عليه بواسطة مثل أن يقول‪ :‬حدثني‬
‫فلن بن فلن عنه بكذا‪،‬هل فهذا إنما كذبَّ على ذلك الرجل‪،‬هل ونسبَّ إليه ذلك‬
‫الحديث عليه بواسطة مثل أن يقول‪ :‬حدثني فلن بن فلن عنه بكذا‪،‬هل فهذا‬
‫إنما كذبَّ على ذلك الرجل‪،‬هل ونسبَّ إليه ذلك الحديث‪،‬هل فأما إن قال‪» :‬هذا‬
‫الحديث صُحيح« أو ثبت عنه أنه قال ذلك عالدما بأنه كذبَّ فهذا قد كذبَّ‬
‫عليه‪،‬هل أما إذا افتراه ورواه رواية ساذجة ففيه نظر‪،‬هل لسيما والصُحابة عدول‬
‫بتعديل ال لهم‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫فالكذبَّ لو وقع من أحد ممن يدخل فيهم لعظم ضرره في الدين‪،‬هل فأراد‬
‫النبي × قتل من كذبَّ عليه وعجل عقوبته؛ ليكون ذلك عاصُدما من أن يدخل‬
‫في العدول من ليس منهم من المنافقين ونحوهم‪.‬‬

‫وأما من روى حديدثا يعلم أنه كذبَّ‪،‬هل فهذا حرام كما صُح عنه أنه قال‪ :‬من‬
‫روى عني حديدثا يعلم أنه كذبَّ فهو أحد الكاذبين‪،‬هل لكن ل يكفر إل أن ينضم‬
‫إلى روايته ما يوجبَّ الكفر؛ لنه صُادق في أن شيخه حدث به‪،‬هل لكن لعلمه‬
‫بأن شيخه كذبَّ فيه لم تكن تحل له الرواية‪،‬هل فصُار بمنزلة أن يشهد على إق ارره‬
‫أو شهادة أو عقد‪،‬هل وهو يعلم أن ذلك باطل‪،‬هل فإن هذه الشهادة حرام‪،‬هل لكنه ليس‬
‫بشاهد زور‪.‬‬

‫وعلى هذا القول فمن سبه فهو أولى بالقتل ممن كذبَّ عليه‪،‬هل فإن الكاذبَّ‬
‫عليه قد زاد في الدين ما ليس منه‪،‬هل وهذا قد طعن في الدين بالكلية‪،‬هل وحينئذ‬
‫فالنبي × قد أمر بقتل الذي كذبَّ عليه من غير استتابة‪،‬هل فكذلك السابَّ له‬
‫أولى‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬أن الكاذبَّ عليه تغلظ عقوبته‪،‬هل لكن ل يكفر ول يجوز قتله؛‬
‫لن موجبات الكفر والقتل معلومة‪،‬هل وليس هذا فيها‪،‬هل فل يجوز أن يثبت ما ل‬
‫أصُل له‪،‬هل ومن قال هذا فلبد أن يقيد قوله بأنه لم يكن الكذبَّ عليه متضمدنا‬
‫لعيبَّ ظاهر‪،‬هل فأما إن أخبر أنه سمعه يقول كلدما يدل على نقصُه وعيبه دللة‬
‫ظاهرة مثل عرق الخيل ونحوه من الترهات‪،‬هل فهذا مستهزئ استه ازدء ظاهدرا‪،‬هل ول‬
‫ريبَّ أنه كافر حلل الدم‪.‬‬

‫وقد أجابَّ من ذهبَّ إلى هذا القول عن الحديث بأن النبي × علم أنه‬
‫كان منافدقا فقتله لذلك‪،‬هل ل للكذبَّ‪،‬هل وهو ليس بشيء‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬لن النبي × لم يكن من سنته أن يقتل أحددا من المنافقين الذين أخبر‬
‫الثقة عنهم بالنفاق أو الذين نزل القرآن بنفاقهم‪،‬هل فكيف يقتل رجلد بمجرد علمه‬
‫بنفاقه؟ ومن ناحية أخرى فإنه سومى مخلدقا من المنافقين لحذيفة وغيره‪،‬هل ولم يقتل‬
‫ضا فالسبَّ المذكور في الحديث إنما هو كذبه على النبي ×‬
‫منهم أحددا‪،‬هل وأي د‬
‫كذدبا له فيه غرض وعليه رتبَّ القتل‪،‬هل فإن الرجل إنما قصُد بالكذبَّ نيل‬
‫شهوته‪،‬هل ومثل هذا قد يصُدر من الفساق كما يصُدر من الكفار‪.‬‬

‫ضا فإما أن يكون نفاقه لهذه الكذبة أو لسببَّ ماض‪ :‬فإن كان لهذه‬
‫‪ -‬وأي د‬
‫فقد ثبت أن الكذبَّ عليه نفاق والمنافق كافر‪.‬‬

‫إواذا كان النفاق متقددما وهو المقتضي للقتل ل غيره‪،‬هل فعلم يؤخر المر‬
‫بقتله إلى هذا الحين؟! وعلم لم يؤاخذه تعالى بذلك النفاق حتى فعل ما فعل؟!‬

‫ضا فإن القوم أخبروا رسول ال × بقوله‪،‬هل فقال‪» :‬كذب عدو ال«‪،‬هل‬ ‫‪ -‬وأي د‬
‫ثم أمر بقتله إن وجده حييا‪،‬هل ثم قال‪» :‬أراك تجده حييا« لعلمه × بأن ذنبه‬
‫يوجبَّ تعجيل العقوبة‪.‬‬

‫‪ -‬والنبي × إذا أمر بالقتل أو غيره من العقوبات والكفارات عقبَّ فعل‬


‫وصُف له صُالح لترتبَّ ذلك الجزاء عليه كان ذلك الفعل هو المقتضي لذلك‬
‫الجزاء ل غيره‪،‬هل كما أن العرابي لما وصُف له الجماع في رمضان أمره‬
‫بالكفارة‪،‬هل ولما أقر عنده ماعز والغامدية وغيرهما بالزنا أمر بالرجم‪،‬هل وهذا مما‬
‫ل خلف فيه بين الناس نعلمه‪،‬هل نعم قد يختلفون في نفس الوجبَّ هل هو‬
‫مجموع تلك الوصُاف أو بعضها‪،‬هل وهو نوع من تنقيح المناط‪،‬هل فأما أن يجعل‬
‫ذلك الفعل عديم التأثير والموجبَّ لتلك العقوبة غيره الذي لم يذكر فهذا فاسد‬
‫بالضرورة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫لكن يمكن أن يقال فيه ما هو أقربَّ من هذا؛ وهو أن هذا الرجل كذبَّ‬
‫على النبي × كذدبا يتضمن انتقاصُه وعيبه؛ لنه زعم أن النبي × حوكمه في‬
‫دمائهم وأموالهم‪،‬هل وأذن له أن يبيت حيث شاء من بيوتهم‪،‬هل ومقصُوده بذلك أن‬
‫يبيت عند تلك المرأة ليفجر بها‪،‬هل ول يمكنهم النكار عليه إذا كان محبكدما في‬
‫الدماء والموال‪.‬‬

‫ومعلوم أن النبي × ل يحلل الحرام‪،‬هل ومن زعم أنه أحل المحرمات من‬
‫الدماء والموال والفواحش فقد انتقصُه وعابه‪،‬هل ونسبَّ النبي × إلى أنه يأذن‬
‫له أن يبيت عند امرأة أجنبية خالديا بها‪،‬هل وأنه يحكم بما شاء في قوم مسلمين‪،‬هل‬
‫وهذا طعن على النبي × وعيبَّ له‪،‬هل وعلى هذا التقدير فقد أمر بقتل من عابه‬
‫وطعن عليه من غير استتابة‪،‬هل وهو المقصُود في هذا الم كان‪،‬هل فثبت أن‬
‫الحديث نص في قتل الطاعن عليه من غير استتابة على كل القولين‪.‬‬

‫ومما يؤيد القول الثاني أن القوم لو ظهر لهم أن هذا الكلم سبَّ وطعن‬
‫لبادروا إلى النكار عليه‪،‬هل ويمكن أن يقال‪ :‬رابهم أمره‪،‬هل فتوقفوا حتى استبينوا‬
‫ذلك من النبي × لما تعارض وجوبَّ طاعة الرسول وعظم ما أتاهم به هذا‬
‫اللعين‪،‬هل ومن نصُر القول الول قال‪ :‬كل كذبَّ عليه فإنه متضمن للطعن عليه‬
‫كما تقدم‪.‬‬

‫ثم إن هذا الرجل لم يذكر في الحديث أنه قصُد الطعن والزراء؛ إوانما‬
‫قصُد تحصُيل شهوته بالكذبَّ عليه‪،‬هل وهذا شأن كل من تعومد الكذبَّ عليه‪،‬هل فإنه‬
‫إنما يقصُد تحصُيل غرض له إن لم يقصُد الستهزاء به‪،‬هل والغراض في‬
‫الغالبَّ إما مال أو شرف‪،‬هل كما أن المسيء إنما يقصُد إذا لم يقصُد مجرد‬
‫الضلل إما الرياسة بنفاذ المر وحصُول التعظيم‪،‬هل أو تحصُيل الشهوات‬

‫‪39‬‬
‫الظاهرة‪،‬هل وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر‪،‬هل كفر بذلك‪،‬هل إوان لم يقصُد أن‬
‫يكون كاف دار إذا ل يقصُد الكفر أحد إل ما شاء ال‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬ما دلت عليه الحاديث من كفر من آَذى رسول ال ×‬


‫ومشروعية قتله‪:‬‬

‫ومن هذه الحاديث‪:‬‬


‫* حديث العرابي الذي قال للنبي × لما أعطاه‪ :‬ما أحسنت وما‬
‫أجملت‪،‬هل فأراد المسلمون قتله‪،‬هل ثم قال النبي ×‪) :‬لو تركتكم حين قال الرجل ما‬
‫قال فقتلتموه دخل النار(‪.‬‬

‫ووجه الدللة‪ :‬أن هذا الحديث يدل على أن من آذاه إذا قتل دخل النار‬
‫وذلك دليل على كفره وجواز قتله‪،‬هل إوال كان يكون شهيددا‪،‬هل وكان قاتله من أهل‬
‫النار‪،‬هل إوانما عفا عنه النبي × ثم استرضاه بعد ذلك حتى رضي‪،‬هل لنه كان له‬
‫أن يعفو عمن آذاه‪.‬‬

‫* ومن هذا البابَّ أن الرجل الذي قال له لما قسم الغنائم‪ :‬إن هذه لقسمة‬
‫ما أريد بها وجه ال‪ .‬فقال عمر‪ :‬دعني يا رسول ال فأقتل هذا المنافق‪،‬هل فقال‪:‬‬
‫)معاذ ال أن يتحدث الناس أني أقتل أصُحابي( ‪.‬‬

‫ثم أخبر أنه يخرج من ضئضئه أقوام يقرءون القرآن ل يجاوز حناجرهم‪،‬هل‬
‫وذكر حديث الخوارج‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫ووجه الدللة‪ :‬أن النبي × لم يمنع عمر من قتله إل لئل يتحدث الناس‬
‫أن محمددا يقتل أصُحابه‪،‬هل ولم يمنعه كونه في نفسه معصُودما‪،‬هل كما قال في‬
‫حديث حاطبَّ بن أبي بلتعة‪،‬هل فإنه لما قال‪ :‬ما فعلت ذلك كف دار ول رغبة عن‬

‫‪40‬‬
‫ديني ول رضا بالكفر بعد السلم‪،‬هل فقال النبي ×‪» :‬إنه قد صدقكم«‪،‬هل فقال‬
‫عمر‪ :‬دعني أضربَّ عنق هذا المنافق‪،‬هل فقال‪» :‬إنه شهد بدءرا‪ ،‬وما يدريك‬
‫لعل ال اطلع على أهل بدر فقال‪ :‬اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم«‪ .‬فبين‬
‫× أنه باق على إيمانه‪،‬هل وأنه صُدر منه ما يغفر له به الذنوبَّ‪،‬هل فعلم أن دمه‬
‫معصُوم‪،‬هل وهنا علل بمفسدة زالت‪.‬‬

‫فعلم أن قتل مثل هذا القائل إذا أمنت هذه المفسدة جائز‪،‬هل وكذلك لما أمنت‬
‫هذه المفسدة أنزل ال تعالى قوله‪+ :‬كجاَلهلد المهكلفاَكر كوالمهمكناَفللقيكن كوامغلهمظ كعلكميلهمم"‬
‫]التوبة‪،[73 :‬هل بعد أن كان قال له‪+ :‬كولك تهلطلع المككاَفللريكن كوالمهمكناَفللقيكن كوكد م‬
‫ع أككذاههمم"‬
‫]الحزابَّ‪،[48 :‬هل قال زيد بن أسلم قوله‪+ :‬كجاَلهلد المهكلفاَكر كوالمهمكناَفللقيكن" نسخت ما‬
‫كان قبلها‪.‬‬

‫* ومما يشبه هذا أن عبد ال بن أبي لما قال‪+ :‬لكلئن لركجمعكناَ إلكلىَّ المكملدينكلة‬
‫لكيهمخلركجلن الكعدز لم مننكهاَ الكذلل" ]المنافقون‪،[80 :‬هل وقال‪+ :‬لك تهنمنلفهقوُا كعكلىَّ كممن لعنكد‬
‫ضوُا" ]المنافقون‪،[7 :‬هل استأمر عمر في قتله‪،‬هل فقال‪» :‬إذن‬ ‫رسوُلل ا ل‬
‫ل كحلتىَّ يكن مننكف د‬ ‫كه‬
‫ترعد له أنوف كثيرة بالمدينة«‪،‬هل وقال‪» :‬ل يتحدث الناس أن محمءدا يقتل‬
‫أصحابه«‪،‬هل والقصُة مشهورة وهي في الصُحيحين‪.‬‬

‫ووجه الدللة‪ :‬أن من آذى النبي × بمثل هذا الكلم جاز قتله كذلك مع‬
‫القدرة‪،‬هل إنما ترك النبي × قتله؛ لما خيف في قتله من نفور الناس عن السلم‬
‫لما كان ضعيدفا‪.‬‬

‫* ومن هذا البابَّ‪ :‬أن النبي × لما قال‪» :‬من يعذرني في رجل بلغني‬
‫أذاه في أهلي؟«‪،‬هل قال له سعد بن معاذ‪ :‬أنا أعذرك‪،‬هل إن كان من الوس‬
‫ضربت عنقه‪ .‬والقصُة مشهورة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وجه الدللة‪ :‬فلما لم ينكر ذلك عليه‪،‬هل دل على أن من آذي النبي ×‬
‫وتنقصُه يجوز ضربَّ عنقه‪،‬هل والفرق بين ابن أبي وغيره ممن تكلم في شأن‬
‫عائشة أنه كان يقصُد بالكلم فيها عيبَّ رسول ال × والطعن عليه‪،‬هل إوالحاق‬
‫العار به ويتكلم بكلم ينتقصُه به‪،‬هل فلذلك قالوا نقتله‪،‬هل بخلف حسان ومسطح‬
‫وحمنة فإنهم لم يقصُدوا ذلك‪،‬هل ولم يتكلموا بما يدل على ذلك؛ ولهذا إنما‬
‫استعذر النبي × من ابن أبي دون غيره‪،‬هل ولجله خطبَّ الناس حتى كاد‬
‫الحيان يقتتلون‪.‬‬

‫الدليل الخامس‪ :‬ما دلت عليه السنة من كفر من طعن على رسول ال‬
‫× ومشروعية قتله‪:‬‬

‫ومن الحاديث الواردة في ذلك‪:‬‬


‫* ما روي عن الشعبي قال‪ :‬لما فتح رسول ال × مكة دعا بمال العزى‬
‫فنثره بين يديه‪،‬هل ثم دعا رجلد قد سماه فأعطاه منها‪،‬هل ثم دعا أبا سفيان بن حربَّ‬
‫طا من قريش‬
‫فأعطاه منها‪،‬هل ثم دعا سعد بن حريث فأعطاه منها‪،‬هل ثم دعا ره د‬
‫فأعطاهم‪،‬هل وجعل يعطي الرجل القطعة من الذهبَّ فيها خمسون مثقالد‬
‫وسبعون مثقالد ونحو ذلك‪،‬هل فقام رجل فقال‪ :‬إنك لبصُير حيث تضع التبر! ثم‬
‫قام الثانية فقال مثل ذلك‪،‬هل فأعرض عنه النبي × ثم قام الثالثة فقال‪ :‬إنك‬
‫ل! قال‪» :‬ويحك‪ ،‬إءذا ل يعدل أحد بعدي«‪ .‬ثم دعا نبي‬ ‫لتحكم وما نرى عد د‬
‫ال × أبا بكر فقال‪» :‬اذهب فاقتله«‪،‬هل فذهبَّ فلم يجده‪،‬هل فقال‪» :‬لو قتلته‬
‫لرجوت أن يكون أولهم وآَخرهم«‪.‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬فهذا الحديث نص في قتل هذا الطاعن على رسول ال ×‬


‫من غير استتابة‪،‬هل وليست هي قصُة قسم غنائم حنين‪،‬هل ول قسم التبر الذي بعث‬

‫‪42‬‬
‫به علي من اليمن‪،‬هل بل هذه القصُة قبل ذلك في قسم مال العزى‪،‬هل وكان هدم‬
‫العزى قبل الفتح في أواخر شهر رمضان سنة ثمان‪،‬هل وغنائم حنين قسمت بعد‬
‫ذلك بالجعرانة في ذي القعدة‪،‬هل وحديث علي في سنة عشر‪.‬‬

‫وهذا الحديث مرسل‪،‬هل ومخرجه عن مجالد‪،‬هل وفيه لين‪،‬هل لكن له ما يؤيد‬


‫معناه‪،‬هل فإنه قد تقدم أن عمر قتل الرجل الذي لم يرض بحكم النبي × ونزل‬
‫القرآن بإق ارره على ذلك‪،‬هل وجرمه أسهل من جرم هذا‪.‬‬

‫ضا فإن في الصُحيحين عن أبي سعيد عن النبي × في حديث‬ ‫* وأي د‬


‫الذي لمزه في قسمة الذهيبة التي أرسل بها علي من اليمن وقال‪» :‬يا رسول‬
‫ضلئ أهأذا قأومن يمتلسسوأن لكتاب ا ل‬
‫ل‬ ‫ضمئ ل‬ ‫ال‪،‬هل اتق ال« أنه قال‪» :‬إلبنأه يمخرج لممن ل‬
‫أ‬ ‫م أ‬ ‫أ سس‬
‫سمهلم لممن البرلمبيلة‬ ‫ق ال ب‬‫أرطءبا أل سيأجالوسز أحأنالجأرسهمم أيممسرسقوأن لممن البديلن كأما يمر س‬
‫سللم أوأيأدسعوأن أمهأل الأموأثالن لألئمن أمدأرمكتسسهمم لأمقتسلأبنسهمم قأمتأل أعارد«‪.‬‬
‫أيمقتسسلوأن أمهأل الل م أ‬

‫وجه الدللة‪ :‬أن هذا الحديث وأمثاله دليل على أن النبي × أمر بقتل‬
‫طائفة هذا الرجل العائبَّ عليه‪،‬هل وأخبر أن في قتلهم أج دار لمن قتلهم‪،‬هل وقال‪:‬‬
‫»لألئمن أمدأرمكتسسهمم لأمقتسلأبنسهمم قأمتأل أعارد«‪،‬هل وذكر أنهم شر الخلق والخليقة‪.‬‬

‫وفيما رواه الترمذي وغيره عن أبي أمامة أنه قال‪» :‬هم شر قتلى تحت‬
‫أديم السماء‪ ،‬خير قتلى من قتلوه«‪.‬‬

‫وعلى كل حال فمن كان يعتقد أن النبي × جائر في قسمه‪،‬هل وهو يقول‬
‫إنه يفعلها بأمر ال فهو مكذبَّ له‪.‬‬

‫ومن زعم أنه يجور في حكم أو قسمة فقد زعم أنه جائر‪،‬هل وأن اتباعه ل‬
‫يجبَّ‪،‬هل وهو مناقض لما تضمنته الرسالة من أمانته ووجوبَّ طاعته‪،‬هل وزوال‬
‫الحرج عن الجنس من قضائه بقوله وفعله‪،‬هل فإنه قد بلغ عن ال أنه أوجبَّ‬
‫طاعته والنقياد لحكمه‪،‬هل وأنه ل يحيف على أحد‪،‬هل فمن طعن في هذا فقد طعن‬

‫‪43‬‬
‫في تبليغه‪،‬هل وذلك طعن في الرسالة‪،‬هل وبهذا تبين صُحة رواية من روى الحديث‪:‬‬
‫»ومن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل«؛ لن هذا‬
‫الطاعن يقول‪ :‬إنه رسول ال‪،‬هل إوانه يجبَّ عليه تصُديقه وطاعته‪،‬هل فإذا قال‪ :‬إنه‬
‫لم يعدل‪،‬هل فلقد لزم أنه صُدق غير عدل ول أمين‪،‬هل ومن اتبع مثل ذلك فهو‬
‫خائبَّ خاسر‪،‬هل كما وصُفهم ال بأنهم من الخسرين أعمالد إوان حسبوا أنهم‬
‫يحسنون صُندعا‪،‬هل ولنه من لم يؤتمن على المال لم يؤتمن على ما هو أعظم‬
‫منه‪،‬هل ولهذا قال ×‪» :‬أل تأمنوني وأنا أمين من في السماء! يأتيني خبر‬
‫السماء صباءحا ومساء«‪.‬‬

‫وقوله ×‪» :‬شر الخلق والخليقة«‪،‬هل وقوله‪» :‬شر قتلى تحت أديم‬
‫السماء« نص في أنهم من المنافقين؛ لن المنافقين أسوأ حالد من الكفار‪،‬هل‬
‫ت" ]التوبة‪[58 :‬‬ ‫كما ذكر أن قوله تعالى‪+ :‬كولم مننههم لمن يكنمللمهزكك لفيِ ال ل‬
‫صكدكقاَ ل‬
‫نزلت فيهم‪.‬‬

‫وكذلك في حديث أبي أمامة أن قوله تعالى‪+ :‬أكمككفمرتهمم بكنمعكد لإيكماَنُّلهكمم" ]آل‬
‫عمران‪ [106 :‬نزلت فيهم‪،‬هل هذا مما ل خلف فيه إذا صُرحوا بالطعن في‬
‫الرسول والعيبَّ له كفعل أولئك اللمزين له‪.‬‬

‫فإذا ثبت بهذه الحاديث الصُحيحة أنه × أمر بقتل من كان من جنس‬
‫هذا الرجل الذي لمزه أينما لقوا‪،‬هل أخبر أنهم شر الخليقة‪،‬هل وثبت أنهم من‬
‫المنافقين‪،‬هل كان ذلك دليلد على صُحة معنى حديث الشعبي في استحقاق‬
‫أصُلهم للقتل‪.‬‬

‫لماذا نهى النبي × عن قتل ذلك اللمز؟‬


‫بقي أن يقال‪ :‬لماذا نهى رسول ال × عن قتل ذلك اللمز رغم أمره بقتل‬
‫طائفته‪،‬هل إواخباره أنهم شر الخليقة‪،‬هل وأنهم شر قتلى تحت أديم السماء؟ فنقول‪:‬‬
‫‪44‬‬
‫حديث الشعبي هو أول ظهور هؤلء كما تقدم‪،‬هل فالشبه‪ -‬وال أعلم‪ -‬أن‬
‫يكون قد أمر بقتله أولد طمدعا في انقطاع أمرهم‪،‬هل إوان كان قد كان يعفو عن‬
‫أكثر المنافقين؛ لنه خاف من هذا انتشار الفساد من بعده على المة‪،‬هل ولهذا‬
‫قال‪» :‬لو قتلته لرجوت أن يكون أولهم وآَخرهم«‪،‬هل وكان ما يحصُل من‬
‫المصُلحة أعظم مما يخاف من نفور الناس لقتله‪،‬هل فلما لم يوجد وتعذر قتله‬
‫ومع النبي × بما أوحاه ال إليه من العلم ما فضله ال به فكأنه علم أنه لبد‬
‫من خروجهم‪،‬هل وأنه ل مطمع في استئصُالهم‪،‬هل وكما أنه علم الدجال خارج ل‬
‫محالة نهى عمر عن قتل ابن صُياد‪ .‬وقال‪» :‬إن يكنه فلن تسلط عليه‪ ،‬إوان‬
‫ل يكنه فل خير لك في قتله«‪،‬هل فكان هذا مما أوجبَّ نهيه بعد ذلك عن قتل‬
‫ذي الخويصُرة لما لمزه في غنائم حنين‪،‬هل وكذلك لما قال عمر‪» :‬ائذن لي‬
‫فأضربَّ عنقه«‪،‬هل قال‪» :‬دعه‪ ،‬فإن له أصحاءبا يحقر أحدكم صلته مع‬
‫صلتهم وصيامه مع صيامهم‪ ،‬يمرقون من الدين كما يمرق السهم من‬
‫الرمية« إلى قوله‪» :‬يخرجون على حين فرقة من الناس«‪،‬هل فأمر بتركه‬
‫لجل أن له أصُحادبا خارجين بعد ذلك‪،‬هل فظهر أن علمه بأنهم لبد أن يخرجوا‬
‫منعه من أن يقتل أحددا فيتحدث الناس بأن محمددا يقتل أصُحابه الذين يصُلون‬
‫معه‪،‬هل وتنفر بذلك عن السلم قلوبَّ كثيرة من غير مصُلحة تغمر هذه‬
‫المفسدة‪،‬هل هذا مع أنه كان له أن يعفو عمن آذاه مطلدقا بأبي هو وأمي ×‪.‬‬

‫وبهذا تبين سببَّ كونه في بعض الحديث يعلل بأنه يصُلي‪،‬هل وفي بعضه‬
‫بأن ل يتحدث الناس أن محمددا يقتل أصُحابه وفي بعضه بأن له أصُحادبا‬
‫سيخرجون‪،‬هل وسيأتي‪ -‬إن شاء ال تعالي‪ -‬ذكر بعض هذه الحاديث إوان كان‬
‫ضا‪.‬‬
‫هذا الموضع خليدقا بها أي د‬

‫‪45‬‬
‫فثبت أن كل من لمز النبي × في حكمه أو قسمه فإنه يجبَّ قتله‪،‬هل كما‬
‫أمر به × في حياته وعند موته‪،‬هل وأنه إنما عفا عن ذلك اللمز في حياته كما‬
‫قد كان يعفو عمن يؤذيه من المنافقين‪،‬هل لما علم أنهم خارجون في المة ل‬
‫محالة‪،‬هل وأن ليس في قتل ذلك الرجل كثير فائدة‪،‬هل بل فيه من المفسدة ما في‬
‫قتل سائر المنافقين أو أشد‪.‬‬

‫الفرق بين اللمز الدال على النفاق والكفر وبين مراجعة بعض الصحابة‬
‫للرسول ×‪:‬‬

‫قد يرد في هذا المقام أن يقال‪ :‬ما الفرق بين قول هؤلء اللمزين في كونه‬
‫نفادقا موجدبا للكفر‪،‬هل وفحبل الودفم حتى صُار جنس هذا القاتل شر الخلق‪،‬هل وبين ما‬
‫ذكر من ممنوفجدة قريش والنصُار؟‬

‫ففي حديث أبي سعيد الصُحيح أن النبي × لما قسم الذهيبة بين أربعة‬
‫غضبت قريش والنصُار‪،‬هل وقالوا‪ :‬تعطيه صُناديد أهل نجد وتدعنا؟ فقال‪:‬‬
‫»إنما أتألفهم«‪،‬هل فأقبل رجل غائر العينين‪،‬هل وذكر حديث اللمز‪.‬‬

‫وروي مسلم موجدة النصُار في غنائم حنين‪،‬هل فعن أنس بن مالك أن نادسا‬
‫من النصُار قالوا يوم حنين‪ -‬حين أفاء ال على رسوله من أموال هوازن ما‬
‫أفاء‪،‬هل فطفق رسول ال × يعطي رجالد من قريش المائة من البل‪ -‬قالوا‪:‬‬
‫يغفر ال لرسوله × يعطي رجالد من قريش ويتركنا وسيوفنا تقطر من‬
‫دمائهم؟!‬

‫وفي رواية‪ :‬لما فتحت مكة قسم الغنائم في قريش‪،‬هل فقالت النصُار‪ :‬إن‬
‫هذا لهو العجبَّ! إن سيوفنا تقطر من دمائهم‪،‬هل إوان غنائمنا ترد عليهم!‬

‫‪46‬‬
‫طى الغنائمم‬ ‫وفي رواية‪ :‬فقال النصُار‪ :‬إذا كانت الشدة فنحن ندعى وتيع م‬
‫غيترنا!‪،‬هل قال أنس‪ :‬فحدثت رسول ال × ذلك من قولهم‪،‬هل فأرسل إلى النصُار‬
‫فجمعهم في قبة من أدم‪،‬هل ولم يدع معهم غيرهم‪،‬هل فلما اجتمعوا جاءهم رسول ×‬
‫فقال‪» :‬ما حديث بلغني عنكم؟« فقال له فقهاء النصُار‪ :‬أما ذوو رأينا يا‬
‫رسول ال فلم يقولوا شيدئا‪،‬هل وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا‪ :‬يغفر ال‬
‫لرسول ال × يعطي قريدشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ فقال رسول ال‬
‫×‪» :‬فإني أعطي رجالء حديثي عهد بكفر أتألفهم‪ ،‬أفل ترضون أن يذهب‬
‫الناس بالموال وترجعون إلى رجالكم برسول ال؟ ما تنقبلون به خي ءار مما‬
‫ينقبلون به«‪،‬هل قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪،‬هل قد رضينا‪،‬هل قال‪» :‬فإنكم ستجدون‬
‫بعدي أأثرة‪ ،‬فاصبروا حتى تلقوا ال ورسوله«‪،‬هل قالوا‪ :‬سنصُبر‪.‬‬

‫فلم يكن في كلم أحد من المؤمنين من قريش والنصُار وغيرهم تجوير‬


‫لرسول ال × ول تجويز ذلك عليه‪،‬هل ول اتهام له أنه حابى في القسمة لهوى‬
‫النفس وطلبَّ الملك‪،‬هل ول نسبة له إلى أنه لم يرد بالقسمة وجه ال تعالى‪،‬هل ونحو‬
‫ذلك مما جاء مثله في كلم المنافقين‪.‬‬

‫ل‪،‬هل بل قد‬
‫وذوو الرأي من القبيلتين‪ -‬وهم الجمهور‪ -‬لم يتكلموا بشيء أصُ د‬
‫رضوا ما آتاهم ال ورسوله‪،‬هل وقالوا‪ :‬حسبنا ال‪،‬هل سيؤتينا ال من فضله ورسوله‪،‬هل‬
‫كما قالت فقهاء النصُار‪» :‬أما ذوو رأينا فلم يقولوا شيدئا«‪.‬‬

‫وأما الذين تكلموا من أحداث السنان ونحوهم ف أروا أن النبي × إنما يقسم‬
‫المال لمصُالح السلم‪،‬هل ول يضعه في محل إل لن وضعه فيه أولى من‬
‫وضعه في غيره‪،‬هل هذا مما ل يشكون فيه‪،‬هل وكان العلم بجهة المصُلحة قد ينال‬
‫بالوحي وقد ينال بالجتهاد‪،‬هل ولم يكونوا علموا أن ذلك مما فعله النبي ×‬
‫وقال‪» :‬إنه بوحي من ال«‪،‬هل فإن من كره ذلك أو اعترض عليه بعد أن يقول‬
‫ذلك فهو كافر مكذبَّ‪،‬هل وجوزوا أن يكون قسمه اجتهاددا‪،‬هل وكانوا يراجعونه في‬
‫‪47‬‬
‫الجتهاد في المور الدنيوية المتعلقة بمصُالح الدين‪،‬هل وهو بابَّ يجوز له‬
‫العمل فيه باجتهاده باتفاق المة‪.‬‬

‫وربما سألوه عن المر‪،‬هل ل لمراجعته فيه؛ لكن ليتثبتوا وجهه‪،‬هل ويتفقهوا في‬
‫سننه‪،‬هل ويعلموا علته‪،‬هل وكانت المراجعة المشهورة منهم ل تعدو هذين الوجهين‪:‬‬

‫‪ -‬إما لتكميل نظره × في ذلك إن كان من المور السياسية التي‬


‫للجتهاد فيها مساغ‪.‬‬
‫‪ -‬أو ليتبين لهم وجه ذلك إذا ذكر‪،‬هل ويزدادوا علدما إوايمادنا‪،‬هل وينفتح لهم‬
‫طريق التفقه فيه‪.‬‬
‫ل‪،‬هل قال‪ :‬رسول ال‪،‬هل‬ ‫فمن ذلك مراجعة الحبابَّ بن المنذر لما نزل ببدر منز د‬
‫أهذا المنزل الذي نزلته‪،‬هل أهو منزل أنزلكه ال‪،‬هل فليس لنا أن نتعداه‪،‬هل أم هو‬
‫الرأي والحربَّ والمكيدة؟ فقال‪» :‬بل هو الرأي والحرب والمكيدة«‪،‬هل فقال‪ :‬ليس‬
‫هذا بمنزل قتال‪،‬هل فقبل رسول ال × رأيه وتحول إلى غيره‪.‬‬
‫ضا لما عزم على أن يصُالح غطفان عام الخندق على نصُف‬ ‫وكذلك أي د‬
‫تمر المدينة‪،‬هل ثم جاء سعد بن معاذ في طائفة من النصُار فقال‪ :‬يا رسول‬
‫ال‪،‬هل بأبي أنت وأمي! هذا الذي تعطيهم أشيء من ال أمرك فسمع وطاعة ل‬
‫ورسوله‪،‬هل أم شيء من قبل رأيك؟ قال‪» :‬ل بل من قبل رأيي‪ ،‬إني رأيت القوم‬
‫أعطوا الموال فجمعوا لكم ما رأيتم من القبائل‪ ،‬إوانما أنتم قبيل واحد‪ ،‬فأردت‬
‫أن أدفع بعضهم ونعطيهم شيءئا وننصب لبعض‪ ،‬اشترى بذلك ما قد نزل‬
‫معشر النصار«‪،‬هل فقال سعد‪ :‬وال يا رسول ال لقد كنا في الشرك وما‬
‫يطمعون منا في أخذ النصُف‪،‬هل أو كما قال‪،‬هل وفي رواية‪ :‬ما يأكلون من تمرة إل‬
‫بشرى أو قرى‪،‬هل فكيف اليوم وال معنا وأنت بين أظهرنا؟! ل نعطيهم‪،‬هل ول‬
‫كرامة لهم! ثم تناول الصُحيفة فتفل فيها ثم رمى بها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫وما كان من قبل الرأي والظن في الدنيا فقد قال × لما سئل عن التلقيح‪:‬‬
‫»ما أظن يغني ذلك شيءئا‪ ،‬إنما ظننت‪ :‬فل تؤاخذوني بالظن‪ ،‬ولكن إذا‬
‫حدثتكم عن ال بشيء فخذوا به‪ ،‬فإني لن أكذب على ال« )رواه مسلم(‪،‬هل‬
‫وفي حديث آخر‪» :‬أنتم أعلم بشئون دنياكم‪ ،‬فما كان من أمر دينكم‬
‫فإلبي«‪.‬‬

‫طا‬
‫ومن هذا البابَّ حديث سعيد بن أبي وقاص قال‪ :‬أعطى رسول ال ره د‬
‫وأنا جالس‪،‬هل فترك رجلد منهم هو أعجبهم إلي فقمت فقلت له‪ :‬يا رسول ال‬
‫أعطيت فلدنا وفلدنا‪،‬هل وتركت فلدنا وفلدنا وهو مؤمن‪،‬هل فقال‪» :‬أو مسلم«‬
‫ذكر ذلك سعد له ثلدثا‪،‬هل وأجابه بمثل ذلك‪،‬هل ثم قال‪» :‬إني لعطي الرجل وغيره‬
‫أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه« )متفق عليه(‪.‬‬

‫فإنما سأله رضي ال عنه ليذكر النبي × بذلك الرجل لعله يرى أنه ممن‬
‫ينبغي إعطاؤه‪،‬هل أو ليتبين لسعد وجه تركه مع إعطائه من هو دونه‪،‬هل فأجابه‬
‫النبي × عن المقدمتين‪،‬هل فقال‪ :‬إن العطاء ليس لمجرد اليمان‪،‬هل بل أعطي‬
‫وأمنع والذي أترك أحبَّ إلي من الذي أعطيه؛ لن الذي أعطيه لو لم أعطه‬
‫لكفر‪،‬هل فأعطيه لحفظ عليه إيمانه‪،‬هل ول أدخله في زمرة من يعبد ال على‬
‫حرف‪،‬هل والذي أمنعه معه من اليقين واليمان ما يغنيه عن الدنيا‪،‬هل وهو أحبَّ‬
‫إلي وعندي أفضل‪،‬هل وهو يعتصُم بحبل ال تعالى ورسوله‪،‬هل ويعتاض بنصُيبه‬
‫من الدين عن نصُيبه من الدنيا‪،‬هل كما اعتاض أبو بكر وغيره‪،‬هل وكما اعتاض‬
‫النصُار حين ذهبَّ الطلقاء وأهل نجد بالشاة والبعير وانطلقوا هم برسول ال‬
‫×‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ثم لو كان العطاء لمجرد اليمان فمن أين لك أن هذا مؤمن؟ بل يجوز أن‬
‫يكون مسلدما‪،‬هل إوان لم يدخل اليمان في قلبه! فإن النبي × أعلم من سعد‬
‫بتمييز المؤمن من غيره حيث أمكن التمييز‪.‬‬

‫ضا ما ذكره ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث‬


‫‪ -‬ومن ذلك أي د‬
‫أن قائلد قال‪ :‬يا رسول ال‪،‬هل أعطيت عيينة بن حصُن والقرع بن حابس مائة‪،‬هل‬
‫وتركت جعيل بن سراقة الضمري‪،‬هل فقال رسول ال ×‪» :‬أما والذي نفسي‬
‫بيده لجعيل بن سراقة خير من طلع الرض كلها مثل عيينة والقرع‪ ،‬ولكني‬
‫تألفتهما على إسلمهما‪ ،‬ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلمه«‪.‬‬

‫وقد ذكر بعض أهل المغازي في حديث النصُار‪ :‬وددنا أن نعلم من أين‬
‫هذا‪،‬هل إوان كان من قبل ال صُبرنا‪،‬هل إوان كان من رأي رسول ال × استعتبناه‪.‬‬

‫فبهذا تبين أن من وجد منهم جوز أن يكون القسم وقع باجتهاده في‬
‫المصُلحة‪،‬هل فأحبَّ أن يعلم الوجه الذي تأعفطمي به غيره وتمفنع هو مع فضله على‬
‫غيره في اليمان والجهاد وغير ذلك‪.‬‬

‫وهذا في بادئ الرأي هو الموجبَّ للعطاء‪،‬هل وأن النبي × يعطيه كما‬


‫أعطى غيره‪،‬هل وهذا معنى قولهم‪» :‬استعتبناه«؛ أي طلبنا منه أن يعتبنا‪،‬هل أي‬
‫يزيل عتبنا‪ :‬إما ببيان الوجه الذي أعطى غيرنا أو بإعطائنا‪،‬هل وقد قال ×‪:‬‬
‫»ما أحد أحب إليه العذر من ال‪ ،‬ومن أجل ذلك بعث الرسل مبشرين‬
‫ومنذرين«‪،‬هل فأحبَّ النبي × أن يعذروه فيما فعل فبوين لهم ذلك‪،‬هل فلما تبين لهم‬
‫المر بكوا حتى أخضلوا لحاهم‪،‬هل ورضوا حق الرضاء‪،‬هل والكلم المحكي عنهم‬
‫يدل على أنهم أروا القسمة وقعت اجتهاددا‪،‬هل وأنهم أحق بالمال من غيرهم‪،‬هل‬
‫فتعجبوا من إعطاء غيرهم‪،‬هل وأرادوا أن يعلموا هل هو وحي؟ أو اجتهاد يتعين‬

‫‪50‬‬
‫اتباعه لنه المصُلحة؟ أو اجتهاد يمكن النبي × أن يأخذه بغيره إذا رأى أنه‬
‫أصُلح؟‬

‫وأما قول بعض قريش والنصُار في الذهبية التي بعث بها علي من‬
‫ضا‪،‬هل إنما سألوه‬
‫اليمن‪ :‬أيعطي صُناديد أهل نجد ويدعنا؟ فمن هذا البابَّ أي د‬
‫على هذا الوجه‪.‬‬

‫وهاهنا جوابان آخران‪:‬‬


‫الجواب الول‪ :‬أن بعض القائلين قد كان منافدقا يجوز قتله‪،‬هل مثل الذي‬
‫سمعه ابن مسعود يقول في غنائم حنين‪ :‬إن هذه القسمة ما أريد بها وجه ال‪،‬هل‬
‫وكان في ضمن قريش والنصُار منافقون كثيرون‪،‬هل فما ذكر من كلمة ل‬
‫مخرج لها‪،‬هل فإنما صُدرت من منافق‪.‬‬

‫الجواب الثاني‪ :‬أن العتراض قد يكون ذندبا ومعصُية يخاف على صُاحبه‬
‫ك لفيِ المكحيق بكنمعكدكماَ تكنبكنيلكن"‬
‫النفاق‪،‬هل إوان لم يكن منافدقا‪،‬هل مثل قوله تعالى‪+ :‬يهكجاَلدهلوُنُّك ك‬
‫]النفال‪،[6 :‬هل ومثل مراجعتهم له في فسخ الحج إلى عمرة‪،‬هل إوابطائهم عن‬
‫الحل‪،‬هل وكذلك كراهتهم للحل عام للحديبية‪،‬هل وكراهتهم للصُلح‪،‬هل ومراجعة من‬
‫راجع منهم‪،‬هل فإن من فعل ذلك فقد أذنبَّ ذندبا كان عليه أن يستغفر ال منه‪،‬هل‬
‫كما أن الذين رفعوا أصُواتهم فوق صُوته أذنبوا ذندبا تابوا منه‪،‬هل وقد قال تعالى‪:‬‬
‫ل لكموُ يهلطيعههكمم لفيِ ككلثيضر يمكن المملر لككعنلتدمم" ]الحجرات‪:‬‬
‫‪+‬وامعلكموُا أكلنَ لفيهكم رسوُكل ا ل‬
‫م كه‬ ‫ك ه‬
‫‪.[7‬‬

‫قال سهل بن حنيف‪ :‬اتهموا الرأي على الدين‪،‬هل فلقد رأيتني يوم أبي جندل‬
‫ولو أستطيع أن أرد أمر رسول ال × لفعلت‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫فهذه أمور صُدرت عن شهوة وعجلة‪،‬هل ل عن شك في الدين‪،‬هل كما صُدر‬
‫ص يجبَّ على صُاحبها أن‬‫بَّ ومعا ف‬
‫عن حاطبَّ التجسس لقريش‪،‬هل مع أنها ذنو ب‬
‫يتوبَّ‪،‬هل وهي بمنزلة عصُيان أمر النبي ×‪.‬‬

‫ومما يدخل في هذا حديث أبي هريرة في فتح مكة قال‪ :‬فقال رسول ال‬
‫×‪» :‬من دخل دار أبي سفيان فهو آَمن‪ ،‬ومن ألقى السلحا فهو آَمن‪،‬‬
‫ومن أغلق بابه فهو آَمن«‪،‬هل فقالت النصُار‪ :‬أما الرجل فقد أدركته رغبة في‬
‫قرابته ورأفة بعشيرته‪.‬‬

‫قال أبو هريرة‪ :‬وجاء الوحي‪،‬هل وكان إذا جاء ل يخفى علينا‪،‬هل فإذا جاء ليس‬
‫أحد منا يرفع طرفه إلى رسول ال × حتى ينقضي الوحي‪.‬‬

‫قال رسول ال ×‪» :‬يا معشر النصار«‪،‬هل قالوا‪ :‬لبيك يا رسول ال‪،‬هل قال‪:‬‬
‫»قلتم‪ :‬أما الرجل فأدركته رغبة في قرابته ورأفة بعشيرته؟« قالوا‪ :‬قد كان‬
‫ذلك‪،‬هل قال‪» :‬كل‪ ،‬إني عبد ال ورسوله‪ ،‬هاجرت إلى ال إواليكم‪ ،‬المحيا‬
‫محياكم‪ ،‬والممات مماتكم«‪،‬هل فأقبلوا إليه يبكون ويقولون‪ :‬وال ما قلنا إل لضن‬
‫بال ورسوله‪،‬هل فقال رسول ال ×‪» :‬إن ال ورسوله يصدقناكم ويعذرانكم«‬
‫)رواه مسلم(‪.‬‬

‫وذلك أن النصُار لما أروا النبي × قد آمن أهل مكة وأقرهم على دمائهم‬
‫وأموالهم مع دخوله عليهم عنوة وقهدرا‪،‬هل وتمكنه من قتلهم وأخذ أموالهم لو شاء‪،‬هل‬
‫خافوا أن النبي × يريد أن يستوطن مكة ويستبطن قريدشا؛ لن البلد بلده‬
‫والعشيرة عشيرته‪،‬هل وأن يكون نزاع النفس إلى الوطن والهل يوجبَّ انصُرافه‬
‫عنهم‪،‬هل فقال من قال منهم ذلك‪،‬هل ولم يقله الفقهاء وأولو اللبابَّ الذين يعلمون‬
‫أنه لم يكن له سبيل إلى استيطان مكة‪،‬هل فقالوا ذلك‪،‬هل ل طعدنا ول عيدبا‪،‬هل ولكن‬

‫‪52‬‬
‫ضينا بال ورسوله‪،‬هل وال ورسوله قد صُدقاهم‪،‬هل إنما حملهم على ذلك الضن بال‬
‫ورسوله‪،‬هل ومعمذمراهم فيما قالوا لما أروا وسمعوا‪،‬هل ولن مفارقة الرسول شديد على‬
‫مثل أولئك المؤمنين الذين هم شعار‪،‬هل وغيرهم دثار‪،‬هل والكلمة التي تخرج عن‬
‫محبة وتعظيم وتشريف وتكريم تغفر لصُاحبها‪،‬هل بل يحمد عليها‪،‬هل إوان كان‬
‫مثلها لو صُدر بدون ذلك استحق صُاحبها النكال‪.‬‬

‫وكذلك الفعل‪،‬هل أل ترى أن النبي × لما قال لبي بكر حين أراد أن يتأخر‬
‫عن موقفه في الصُلة لما أحس بالنبي ×‪» :‬مكانك«‪،‬هل فتأخر أبوبكر‪،‬هل فقال‬
‫له النبي ×‪» :‬ما منعك أن تثبت مكانك وقد أمرتك«‪،‬هل فقال‪ :‬ما كان لبن‬
‫أبي قحافة أن يتقدم بين يدي النبي ×‪.‬‬

‫وكذلك أبو أيوبَّ النصُاري‪،‬هل لما استأذن النبي × في أن ينتقل إلى السفل‬
‫وأن يصُعد رسول ال × إلى العلو‪ ,‬وشق عليه أن يسكن فوق رسول ال ×‬
‫بالمكث في مكانه‪،‬هل وذكر له أن سكناه أسفل أرفق به من أجل دخول الناس‬
‫عليه‪،‬هل فامتنع أبو أيوبَّ من ذلك أددبا مع النبي × وتوقي دار له‪،‬هل فكلمه النصُار‬
‫‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬من هذا البابَّ‪.‬‬

‫خلصة هذه المسألة‪:‬‬


‫وبالجملة فالكلمات في هذا البابَّ ثلثة أقسام‪:‬‬
‫* أحدها‪ :‬ما هو كفر‪،‬هل مثل قوله‪ :‬إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه ال‪.‬‬
‫* الثاني‪ :‬ما هو ذنبَّ ومعصُية يخاف على صُاحبه أن يحبط عمله‪،‬هل‬
‫مثل رفع الصُوت فوق صُوته‪،‬هل ومثل مراجعة من راجعه عام الحديبية بعد ثباته‬
‫على الصُلح‪،‬هل ومجادلة من جادله يوم بدر بعد ما تبين له الحق‪،‬هل وهذا كله‬
‫يدخل في المخالفة عن أمره‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫* الثالث‪ :‬ما ليس من ذلك‪،‬هل بل يحمد عليه صُاحبه أو ل يحمد‪،‬هل كقول‬
‫عمر‪ :‬ما بالنا نقصُر الصُلة وقد أمنا؟ وكقول عائشة‪ :‬ألم يقل ال‪+ :‬فكأكلماَ كممن‬
‫هأوتلكيِ كلكتاَبكهه بليكلمينلله" ]الحاقة‪،[19 :‬هل وكقول حفصُة‪ :‬ألم يقل ال‪ + :‬كوإمنَ لمنهكمم إللكل‬
‫كوالرهدكهاَ " ]مريم‪،[71 :‬هل وكمراجعة سعد في صُلح غطفان على نصُف تمر‬
‫المدينة‪،‬هل ومثل مراجعتهم له لما أمرهم بكسر النية التي فيها لحوم الحمر‪،‬هل‬
‫فقالوا‪ :‬أول نغسلها‪،‬هل فقال‪ :‬اغسلوها‪،‬هل وكذلك رد عمر لبي هريرة لما خرج‬
‫مبش دار ومراجعة النبي × في ذلك‪،‬هل وكذلك مراجعته له لما أذن لهم في نحر‬
‫الظهر في بعض المغازي‪،‬هل وطلبه منه أن يجمع الزواد ويدعو ال‪،‬هل ففعل ما‬
‫أشار به عمر‪،‬هل ونحو ذلك مما فيه سؤال عن إشكال ليبين لهم أو عرض‬
‫لمصُلحة قد يفعلها الرسول ×‪.‬‬

‫مشروعية قتل المرأة بالسب ذمية كانت أو معاهدة أو حربية أو مسلمة‬


‫دليل على تحتم قتل الساب في جميع الحوال‪:‬‬

‫ل يخفى أن تعمد قتل المرأة لمجرد الكفر الصُلي ل يجوز بالجماع‪،‬هل وقد‬
‫استفاضت بذلك السنة عن رسول ال × ففي الصُحيحين عن ابن عمر قال‪:‬‬
‫وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول ال × فنهى رسول ال × عن‬
‫قتل النساء والصُبيان‪.‬‬

‫إل أن المرأة إذا سبت النبي × وطعنت عليه‪،‬هل فقد دلت السنة الصُحيحة‬
‫على مشروعية قتلها؛ سواء كانت من أهل الملة أو من أهل الذمة أو من أهل‬
‫الحربَّ‪،‬هل فإن من هجا الرسول × أو سبه جاز قتله بكل حال‪.‬‬

‫ومن الدلة على مشروعية قتل المرأة السابة ما يلي‪:‬‬

‫‪54‬‬
‫الدليل الول‪ :‬قصة العمى الذي قتل اليهودية التي كانت تقع في النبي‬
‫× فأطل النبي × دمها‪:‬‬

‫ما رواه الشعبي عن علي أن يهودية كانت تشتم النبي × وتقع فيه‪،‬هل‬
‫فخنقها رجل حتى ماتت‪،‬هل فأطل رسول ال × دمها‪،‬هل وهكذا رواه أبو داود في‬
‫سننه وابن بطة في سننه‪،‬هل وهو من جملة ما استدل به المام أحمد في رواية‬
‫ابنه عبد ال وقال‪ :‬ثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال‪ :‬كان رجل من‬
‫المسلمين ‪-‬أعني أعمى‪ -‬يأوي إلى امرأة يهودية‪،‬هل فكانت تطعمه وتحسن إليه‪،‬هل‬
‫فكانت ل تزال تشتم النبي × وتؤذيه‪،‬هل فلما كان ليلة من الليالي خنقها فماتت‪،‬هل‬
‫فلما أصُبح ذكر ذلك للنبي × فنشد الناس في أمرها‪،‬هل فقام العمى فذكر‬
‫أمرها‪،‬هل فأطل)‪ (2‬النبي × دمها‪.‬‬

‫درجة الحديث‪ :‬هذا الحديث جيد‪،‬هل فإن الشعبي رأى علييا‪،‬هل وروى عنه‬
‫حديث شراحة الهمداني‪،‬هل وكان على عهد علي قد ناهز العشرين سنة‪،‬هل وهو‬
‫ل‪،‬هل ثم إن كان فيه إرسال لن‬
‫كوفي‪،‬هل فقد ثبت لقاؤه‪،‬هل فيكون الحديث متصُ د‬
‫الشعبي يبعد سماعه من علي فهو حجة وفادقا؛ لن الشعبي عندهم صُحيح‬
‫المراسيل‪،‬هل ل يعرفون له مرسلد إل صُحيدحا‪،‬هل ثم هو من أعلم الناس بحديث‬
‫علي وأعلمهم بثقات أصُحابه‪،‬هل وله شاهد حديث ابن عباس الذي يأتي؛ فإن‬
‫القصُة إما أن تكون واحدة أو يكون المعنى واحد‪،‬هل وقد عمل به عوام أهل‬
‫العلم‪،‬هل وجاء ما يوافقه عن أصُحابَّ النبي × ومثل هذا المرسل لم يتردد‬
‫الفقهاء في الحتجاج به‪.‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬وهذا الحديث نص في جواز قتلها؛ لجل شتم النبي ×‪،‬هل‬
‫ودليل على قتل الرجل الذمي‪،‬هل وقتل المسلم والمسلمة إذا سوبا بطريق الولى؛‬

‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫لن هذه المرأة كانت موادعة مهادنة‪،‬هل لن النبي × لما قدم المدينة وادع‬
‫جميع اليهود الذين كانوا بها موادعة مطلقة‪،‬هل ولم يضربَّ عليهم جزية‪،‬هل وهذا‬
‫مشروع عند أهل العلم بمنزلة المتواتر بينهم‪،‬هل حتى قال الشافعي‪ :‬لم أعلم‬
‫مخالدفا من أهل العلم بالسير أن رسول ال × لما نزل المدينة وادع اليهود‬
‫كافة على غير جزية‪،‬هل وهو كما قال الشافعي‪.‬‬

‫وفي هذا الحديث ما يبين أنها كانت ذمية من وجهين‪:‬‬


‫* أحدهما‪ :‬أنه قال إن يهودية كانت تشتم النبي × فخنقها رجل‪،‬هل فأطل‬
‫النبي دمها‪،‬هل فرتبَّ علي ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬إبطال الدم على الشتم بحرف‬
‫الفاء‪،‬هل فعلم أنه الموجبَّ لبطال دمها؛ لن تعليق الحكم بالوصُف المناسبَّ‬
‫بحرف الفاء يدل على العلية‪،‬هل إوان كان هذا في لفظ الصُحابي‪.‬‬

‫ومما يوضح ذلك أن النبي × لما ذكر له أنها قتلت نشد الناس في‬
‫أمرها‪،‬هل فلما ذكر له ذنبها أبطل دمها‪،‬هل وهو × إذا حكم بأمر عقبَّ حكاية‬
‫حكيت له دل ذلك على أن ذلك المحكى هو الموجبَّ لذلك الحكم؛ لنه حكم‬
‫حادث‪،‬هل فلبد له من سببَّ حادث‪،‬هل ول سببَّ إل ما حكي له‪،‬هل وهو مناسبَّ‬
‫فتجبَّ الضافة إليه‪.‬‬

‫* الوجه الثاني‪ :‬أن نشد النبي × الناس في أمرها ثم إبطال دمها دليل‬
‫على أنها كانت معصُومة‪،‬هل وأن دمها كان قد انعقد سببَّ ضمانه‪،‬هل وكان‬
‫مضمودنا لو لم يبطله النبي × لنها لو كانت حربية لم ينشد الناس فيها‪،‬هل ولم‬
‫يحتج إلى أن يبطل دمها ويهدره؛ لن البطال والهدار ل يكون إل لدم قد‬
‫انعقد له سببَّ الضمان‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫فإذا كان النبي × قد عاهد المعاهدين اليهود عهددا بغير ضربَّ جزية‬
‫عليهم‪،‬هل ثم إنه أهدر دم يهودية منهم لجل سبَّ النبي × فأن يهدر دم يهودية‬
‫من اليهود الذين ضربت عليهم الجزية والتزموا أحكام الملة لجل ذلك أولى‬
‫وأحرى‪،‬هل ولو لم يكن قتلها جائ داز لمبوين للرجل قبح ما فعل‪،‬هل فإنه قد قال ×‪:‬‬
‫سا معاهدة بغير حق لم يرحا رائحة الجنة«‪،‬هل ولوجبَّ ضمانها أو‬
‫»من قتل نف ء‬
‫الكفارة ‪-‬كفارة قتل المعصُوم‪ -‬فلما أهدر دمها علم أنه كان مبادحا‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬قصة العمى الذي قتل أم ولده التي كانت تقع في رسول‬
‫ال × فأهدر رسول ال × دمها‪:‬‬

‫ما روى إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن عثمان الشحام عن عكرمة‬


‫عن ابن عباس ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي ×‬
‫وتقع فيه‪،‬هل فينهاها فل تنتهي‪،‬هل ويزجرها فل تنزجر‪ :‬فلما كان ذات ليلة جعلت‬
‫فوضعه في بطنها واتكأ عليها‬ ‫)‪(3‬‬
‫تقع في النبي × وتشتمه‪،‬هل فأخذ المغول‬
‫فقتلها‪،‬هل فلما أصُبح ذكر ذلك للنبي × فجمع الناس فقال‪» :‬أنشد رجلء فعل‬
‫ما فعل لي عليه حق إل قام«‪،‬هل قال‪ :‬فقال العمى يتخطى الناس وهو‬
‫يتدلدل‪،‬هل حتى قعد بين يدي النبي × فقال‪ :‬يا رسول ال‪،‬هل أنا صُاحبها‪،‬هل كانت‬
‫تشتمك وتقع فيك‪،‬هل فأنهاها فل تنتهي‪،‬هل وأزجرها فل تنزجر‪،‬هل ولي منها ابنان مثل‬
‫اللؤلؤتين‪،‬هل وكانت بي رفيقة‪،‬هل فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك‪،‬هل‬
‫فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليه حتى قتلتها‪،‬هل فقال النبي ×‪:‬‬
‫»أل اشهدوا أن دمها هدر« )رواه النسائي وأبو داود(‪.‬‬

‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫‪57‬‬
‫وهذه القصُة يحتمل أن تكون هي الولى‪،‬هل ويدل عليه كلم المام أحمد؛‬
‫لنه قيل له في رواية عبد ال‪ :‬في قتل الذمي إذا سبَّ أحاديث؟ قال‪ :‬نعم‪،‬هل‬
‫منها حديث العمى الذي قتل المرأة‪،‬هل قال‪ :‬سمعها تشتم النبي × ثم روى عنه‬
‫عبد ال كل الحديثين‪،‬هل ويكون قد خنقها وبعج بطنها بالمغول‪،‬هل أو يكون كيفية‬
‫القتل غير محفوظ في إحدى الروايتين‪.‬‬

‫ويؤيد ذلك أن وقوع قصُتين مثل هذه لعميين كل منهما كانت المرأة‬
‫تحسن إليه وتكرر الشتم‪،‬هل وكلهما قتلها وحده‪،‬هل وكلهما نشد الرسول × فيها‬
‫الناس‪،‬هل بعيد في العادة‪،‬هل ويمكن أن تكون هذه القصُة غير تامة‪.‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬وهذه المرأة إما أن تكون زوجة لهذا الرجل أو مملوكة‪،‬هل‬
‫وعلى التقديرين فلو لم يكن قتلها جائ داز لبين النبي × له أن قتلها كان محردما‪،‬هل‬
‫وأن دمها كان معصُودما‪،‬هل ولوجبَّ عليه الكفارة بقتل المعصُوم‪،‬هل والدية إن لم‬
‫تكن مملوكة له‪،‬هل فلما قال‪» :‬اشهدوا أن دمها هدر« والهدر الذي ل يضمن‬
‫بقود ول دية ول كفارة‪،‬هل علم أنه كان مبادحا مع كونها ذمية‪،‬هل فعلم أن السبَّ أباحْ‬
‫دمها‪،‬هل لسيما والنبي × إنما أهدر دمها عقبَّ إخباره بأنها قتلت لجل السبَّ‪،‬هل‬
‫فعلم أنه الموجبَّ لذلك‪،‬هل والقصُة ظاهرة الدللة في ذلك‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬قصة العصماء بنت مروان التي ندب النبي × إلى قتلها‬
‫بسبب هجائها له‪:‬‬

‫ما روي عن ابن عباس من قصُة العصُماء بنت مروان قال‪ :‬هجت امرأة‬
‫من خطمة النبي × فقال‪» :‬من لي بها؟«‪،‬هل فقال رجل من قومها‪ :‬أنا يا‬
‫رسول ال‪،‬هل فنهض فقتلها‪،‬هل فأخبر النبي × فقال‪» :‬ل ينتطح فيها عنزان«‪،‬هل‬
‫وقد ذكر بعض أصُحابَّ المغازي وغيرهم قصُتها مبسوطة‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫قال الواقدي‪ :‬حدثني عبد ال بن الحارث بن الفضل عن أبيه أن عصُماء‬
‫بنت مروان من بني أمية بن زيد كانت تحت يزيد بن زيد بن حصُن الخطمي‪،‬هل‬
‫وكانت تؤذي النبي × وتعيبَّ السلم‪،‬هل وتحرض على النبي × وقال عمير‬
‫بن عدي الخطمي حين بلغه قولها وتحريضها‪ :‬اللهم إن لك علوي نذ دار لئن‬
‫رددت رسول ال × إلى المدينة لقتلنها‪،‬هل ورسول ال × ببدر‪،‬هل فلما رجع‬
‫رسول ال × من بدر جاء عمير في جوف الليل حتى دخل عليها في بيتها‬
‫وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صُدرها‪،‬هل فحسها بيده فوجد‬
‫الصُبي ترضعه‪،‬هل فنحاه عنها‪،‬هل ثم وضع سيفه على صُدرها‪،‬هل حتى أنفذه من‬
‫ظهرها‪،‬هل ثم خرج حتى صُلى الصُبح مع النبي × فلما انصُرف × نظر إلى‬
‫عمير فقال‪ :‬أقتلت بنت مروان؟ قال‪ :‬نعم‪،‬هل بأبي أنت يا رسول ال‪،‬هل وخشي أن‬
‫يكون عمير افتات على رسول ال × بقتلها‪،‬هل فقال‪ :‬هل علي شيء يا رسول‬
‫ال؟ قال‪» :‬ل ينتطح فيها عنزان«‪،‬هل فإن أول ما سمعت هذه الكلمة من‬
‫رسول ال × قال عمير‪ :‬فالتفت النبي × إلى من حوله فقال‪» :‬إذا أحببتم‬
‫أن تنظروا إلى رجل نصر ال ورسوله بالغيب فانظروا إلى عمير بن عدي«‪،‬هل‬
‫فقال عمر بن الخطابَّ‪ :‬انظروا إلى هذا العمى الذي تسرى في طاعة ال‪،‬هل‬
‫فقال‪» :‬ل تقل العمى‪،‬هل ولكنه البصُير!«‪.‬‬

‫فلما رجع عمير من عند رسول ال × وجد بنيها في جماعة يدفنونها‪،‬هل‬


‫فأقبلوا إليه حين رأوه مقبلد من المدينة‪،‬هل فقالوا‪ :‬يا عمير‪،‬هل أنت قتلتها؟ فقال‪:‬‬
‫نعم‪،‬هل فكيدوني جميدعا ثم ل تنظرون! والذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما‬
‫قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم‪،‬هل فيومئذ ظهر السلم في بني‬
‫خطمة‪،‬هل وكان منهم رجال يستخفون بالسلم خودفا من قومهم‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫وجه الدللة‪ :‬ووجه الدللة أن هذه المرأة لم تقتل إل لمجرد أذى النبي ×‬
‫وهجوه‪،‬هل وهذا مببين في قول ابن عباس‪» :‬هجت امرأة من بني خطمة النبي ×‬
‫فقال‪» :‬من لي بها؟«‪،‬هل فعلم أنما ندبَّ إليها لجل هجوها‪،‬هل وكذلك في الحديث‬
‫الخر‪» :‬فقال عمير حين بلغه قولها وتحريضها‪ :‬اللهم إن لك علوي نذ دار لئن‬
‫رددت رسول ال × إلى المدينة لقتلنها« ‪،‬هل وفي الحديث لما قال له قومه‪:‬‬
‫»أنت قتلتها؟«‪،‬هل قال‪» :‬نعم‪،‬هل فكيدوني جميدعا ثم ل تنظرون! فوالذي نفسي‬
‫بيده لو قلتم جميدعا ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم« فهذه‬
‫مقدمة‪.‬‬

‫لم تقتل لتحريضها على القتال بل لمجرد السب‪:‬‬


‫ومقدمة أخرى أن شعرها ليس فيه تحريض على قتال النبي × حتى‬
‫يقال‪ :‬التحريض على القتال قتال‪،‬هل إوانما فيه تحريض على ترك دينه وذم له‬
‫ولمن اتبعه‪،‬هل وأقصُى غاية ذلك أن ل يدخل في السلم من لم يكن دخل‪،‬هل أو‬
‫أن يخرج عنه من دخل فيه‪،‬هل وهذا شأن كل سابَّ‪.‬‬

‫يبين ذلك أنها هجته بالمدينة‪،‬هل وقد أسلم أكثر قبائلها‪،‬هل وصُار المسلم بها‬
‫أعز من الكافر‪،‬هل ومعلوم أن السابَّ في مثل هذه الحال ل يقصُد أن يقاتل‬
‫الرسول وأصُحابه إوانما يقصُد إغاظتهم وأن ل يتابعوا‪.‬‬

‫ضا‪،‬هل فإنها لم تكن تطمع في التحريض على القتال‪،‬هل فإنه ل خلف بين‬
‫وأي د‬
‫أهل العلم بالسير أن جميع قبائل الوس والخزرج لم يكن فيهم من يقاتل النبي‬
‫× بيد ول لسان‪،‬هل ول كان أحد بالمدينة يتمكن من إظهار ذلك‪،‬هل إوانما غاية‬
‫الكافر أو المنافق منهم أن يثبط الناس عن اتباعه‪،‬هل أو أن يعين على رجوعه‬
‫من المدينة إلى مكة‪،‬هل ونحو ذلك مما فيه تخذيل عنه وحض على الكفر به‪،‬هل ل‬

‫‪60‬‬
‫على قتاله‪،‬هل على أن الهجاء إن كان من نوع القتال فيجبَّ انتقاض العهد به‪،‬هل‬
‫ويقتل به الذمي‪،‬هل فإنه إذا قاتل انتقض عهده لن العهد اقتضى الكف عن‬
‫القتال‪،‬هل فإذا قاتل بيد أو لسان فقد فعل ما يناقض العهد وليس بعد القتال غاية‬
‫في نكث العهد‪.‬‬

‫إذا تبين ذلك فمن المعلوم من سيرة النبي × الظاهر علمه عند كل من له‬
‫علم بالسيرة أنه × لما قدم المدينة لم يحاربَّ أحددا من أهل المدينة‪،‬هل بل‬
‫صُا بطون الوس والخزرج‪،‬هل فإنه كان يسالمهم‬
‫وادعهم‪،‬هل حتى اليهود‪،‬هل خصُو د‬
‫ويتألفهم بكل وجه‪،‬هل وكان الناس إذ قدمها على طبقات‪ :‬منهم المؤمن وهم‬
‫الكثرون‪،‬هل ومنهم الباقي على دينه‪،‬هل وهو متروك ل تيحافربَّ ول تيحامربَّ‪،‬هل وهو‬
‫والمؤمنون من قبيلته وحلفائهم أهل سلم‪،‬هل ل أهل حربَّ‪،‬هل حتى حلفاء النصُار‬
‫أقرهم النبي × على حلفهم‪،‬هل فإذا كان النبي × قد أقرهم كانت هذه المرأة من‬
‫المعاهدين‪،‬هل ثم إنه مع هذا ندبَّ الناس إلى قتل المرأة التي هجته‪،‬هل وقال فيمن‬
‫قتلها‪» :‬إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر ال ورسوله بالغيب فانظروا‬
‫إلى هذا«‪،‬هل فثبت بذلك أن هجاءه وذمه موجبَّ للقتل غير الكفر‪،‬هل وثبت أن‬
‫السابَّ يجبَّ قتله‪،‬هل إوان كان من الحلفاء والمعاهدين‪.‬‬

‫فإذا كان قد أمر بقتل هذه المرأة فإما أن يقال‪» :‬هجاؤها قتال«‪،‬هل فهذا‬
‫يفيدنا أن هجاء الذمي قتال‪،‬هل فينقض العهد‪،‬هل ويبيح الدم‪،‬هل أو يقال‪» :‬ليس‬
‫بقتال«‪،‬هل وهو الظهر‪،‬هل لما قدمناه من أنه لم يكن فيه تحريض على القتال‪،‬هل ول‬
‫كان لها رأي في الحربَّ‪،‬هل فيكون السبَّ جناية مضرة بالمسلمين غير القتال‬
‫موجبة للقتل بمنزلة قطع الطريق عليهم‪،‬هل ونحو ذلك يفيد أن السبَّ موجبَّ‬
‫للقتل لوجوه‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫الوجه الول‪ :‬أنه لو لم يكن موجدبا للقتل لما جاز قتل المرأة‪،‬هل إوان كانت‬
‫حربية؛ لن الحربية إذا لم تقاتل بيد ول لسان لم يجز قتلها إل بجناية موجبة‬
‫للقتل‪،‬هل وهذا ما أحسبَّ فيه مخالدفا‪،‬هل لسيما عند من يرى قتالها بمنزلة قتال‬
‫الصُائل‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن هذه السابة كانت من المعاهدين ممن هو أحسن حالد‬
‫من المعاهدين في ذلك الوقت‪،‬هل فلو لم يكن السبَّ موجدبا لدمها لما قتلت‪،‬هل ولما‬
‫جاز قتلها؛ ولهذا خاف الذي قتلها أن تتولد فتنة حتى قال النبي ×‪» :‬ل‬
‫ينتطح فيها عنزان« مع أن انتطاحهما إنما هو كالتشام‪،‬هل فبين × أنه ل‬
‫يتحرك لذلك قليل من الفتن ول كثير؛ رحمة من ال بالمؤمنين‪،‬هل ونصُ دار لرسوله‬
‫ودينه‪،‬هل فلو لم يكن هناك ما يحذر معه قتل هذه لول الهجاء لما خيف هذا‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن الحديث مصُرحْ بأنها إنما قتلت لجل ما ذكرته من‬
‫الهجاء‪،‬هل وأن سائر قومها تركوا إذ لم يهجوا‪،‬هل وأنهم لو هجوا لفعل بهم كما فعل‬
‫بها‪،‬هل فظهر بذلك أن الهجاء موجبَّ بنفسه للقتل‪،‬هل سواء كان الهاجي حربييا أو‬
‫مسلدما أو معاهددا‪،‬هل حتى يجوز أن يقتل لجله من ل يقتله بدونه‪.‬‬

‫الوجه الرابع‪ :‬أن المسلمين كانوا ممنوعين قبل الهجرة وفي أوائل الهجرة‬
‫من البتداء بالقتال‪،‬هل وكان قتل الكفار حينئذ محردما‪،‬هل وهو من قتل النفس بغير‬
‫حق كما قال تعالى‪+ :‬أكلكمم تكنكر إلكلىَّ اللذيكن لقيكل لكههمم هكدفوُا أكيملديكهكمم" إلى قوله‪:‬‬
‫ب كعلكميلههم الملقكتاَهل" ]النساء‪،[77 :‬هل ولهذا أول ما أنزل من القرآن فيه‬ ‫ل‬
‫‪+‬فكنلكلماَ هكت ك‬
‫نزل بالباحة لقوله‪+ :‬أهلذكنَ للللذيكن يهنكقاَتكنهلوُكنَ" ]الحج‪،[39 :‬هل ثم إنه لم يقاتل أحددا‬
‫من أهل المدينة‪،‬هل ولم يأمر بقتل أحد من رءوسهم الذين كانوا يجمعونهم على‬
‫الكفر ول من غيرهم‪،‬هل واليات التي نزلت إذ ذاك إنما تأمر بقتال الذين‬
‫أخرجوهم وقاتلوهم‪،‬هل ونحو ذلك‪،‬هل وظاهر هذا أنه لم يؤذن لهم إذ ذاك في ابتداء‬

‫‪62‬‬
‫قتل الكافرين من أهل المدينة‪،‬هل إواذ أمر بقتل هذه المرأة التي هجت‪،‬هل ولم يؤذن‬
‫له في قتل قبيلتها الكافرين‪،‬هل علم أن السبَّ موجبَّ للقتل‪،‬هل إوان كان هناك ما‬
‫يمنع لول السببَّ كالعهد والنوثة ومنع قتل الكافر الممسك أو عدم إباحته‪،‬هل‬
‫وهذا وجه حسن دقيق‪.‬‬

‫فإذا قتل المرأة التي هجت من هؤلء وليسوا عنده محاربين بحيث يجوز‬
‫قتالهم مطلدقا كان قتل المرأة التي تهجوه من أهل الذمة بهذه المثابة أولى؛ لن‬
‫هذه قد عاهدناها على أن ل تسبَّ‪،‬هل وعلى أن تكون صُاغرة‪،‬هل وتلك لم نعاهدها‬
‫على شيء‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬قصة القينتين اللتين كانت تغنيان بهجاء النبي × فأهدر‬
‫دمها لذلك‪:‬‬

‫قال موسى بن عقبة في مغازيه عن الزهري‪ :‬وأمرهم رسول ال × أن‬


‫يكفوا أيديهم فل يقاتلوا أحددا إل من قاتلهم‪،‬هل وأمر بقتل أربعة نفر‪،‬هل قال‪ :‬وأمر‬
‫بقتل قينتين لبن خطل تغنيان بهجاء رسول ال × ثم قال‪ :‬وقتلت إحدى‬
‫القينتين وكمنت الخرى حتى استؤمن لها‪،‬هل وكذلك ذكر محمد بن عائذ القرشي‬
‫في مغازيه‪.‬‬

‫وحديث القينتين مما اتفق عليه علماء السير واستفاض نقله استفاضة‬
‫يستغنى بها عن رواية الواحد‪.‬‬

‫وجه الدللة‪ :‬أن تعمد قتل المرأة لمجرد الكفر الصُلي ل يجوز‬
‫بالجماع‪،‬هل وقد استفاضت بذلك السنة عن رسول ال × كما سبق‪،‬هل وهؤلء‬
‫النسوة كن معصُومات بأنوثة‪،‬هل ثم إن النبي × أمر بقتلهن لمجرد كونهن كن‬
‫يهجينه‪،‬هل وهن في دار حربَّ‪،‬هل فعلم أن من هجاه وسبه جاز قتله بكل حال‪.‬‬

‫ومما يؤكد ذلك وجوه‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫الوجه الول‪ :‬أن هؤلء النسوة كن من أهل الحربَّ‪،‬هل وقد آذين النبي ×‬
‫في دار الحربَّ‪،‬هل ثم قتلهن بمجرد السبَّ كما نطقت به الحاديث‪،‬هل فقتل المرأة‬
‫الذمية بذلك أولى وأحرى كالمسلمة؛ لن الذمية بيننا وبينها من العهد ما‬
‫يكفيها عن إظهار السبَّ‪،‬هل ويوجبَّ عليها التزام الصُغار‪،‬هل ولهذا تؤخذ بما‬
‫تصُيبَّ به المسلم من دم أو مال أو عرض‪،‬هل والحربية ل تؤخذ بشيء من ذلك‪.‬‬

‫فإذا جاز قتل المرأة لنها سبت الرسول وهي حربية تستبيح ذلك من غير‬
‫مانع‪،‬هل فقتل الذمية الممنوعة من ذلك بالعهد أولى‪.‬‬

‫ول يقال‪ :‬عصُمة الذمي أوكد لنه مضمون والحربي غير مضمون؛ لنا‬
‫ضا ضامن لدم المسلم والحربي غير ضامن‪،‬هل فهو ضامن‬ ‫نقول‪ :‬الذمي أي د‬
‫مضمون؛ لن العهد الذي بيننا اقتضى ذلك‪،‬هل وأما الحربية فل عهد بيننا وبينها‬
‫يقتضي ذلك‪،‬هل فليس كون الذمي مضمودنا يجبَّ علينا حفظه بالذي يهون عليه‬
‫ما ينتهكه من عرض الرسول × بل ذلك أغلظ لجرمه‪،‬هل وأولى بأن يؤاخذ بما‬
‫يؤذينا به‪،‬هل ول نعلم شيدئا تقتل به المرأة الحربية قصُددا إل وقتل الذمية به أولى‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن هؤلء النسوة لم يقاتلن عام الفتح‪،‬هل بل كن متذللت‬


‫مستسلمات‪،‬هل والهجاء إن كان من جنس القتال فقد كان موجوددا قبل ذلك‪،‬هل‬
‫والمرأة ل يجوز قتلها في غزوة هي فيها مستسلمة لكونها قد قاتلت قبل ذلك‪،‬هل‬
‫فعلم أن السبَّ بنفسه هو المبيح لدمائهن‪،‬هل ل كونهن قاتلن‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن النبي × آمن جميع أهل مكة إل أن يقاتلوا‪،‬هل مع كونهم‬
‫قد حاربوه وقتلوا أصُحابه ونقضوا العهد الذي بينهم وبينه‪،‬هل ثم إنه أهدر دماء‬
‫هؤلء النسوة فيمن استثناه إوان لم يقاتلن لكونهن كن يؤذينه‪،‬هل فثبت أن جرم‬
‫المؤذي لرسول ال × بالسبَّ ونحوه أغلظ من جرم القتال وغيره‪،‬هل وأنه يقتل‬
‫في الحال التي نهى فيها عن قتال من قتل وقاتل‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن القينتين كانتا أمتين مأمورتين بالهجاء‪،‬هل وقتل المة أبعد‬
‫من قتل الحرة‪،‬هل فإن النبي × نهى عن قتل العسيف وكونها مأمورة بالهجاء‬
‫أخف لجرمها حيث لم تقصُده ابتداء‪،‬هل ثم مع هذا أمر بقتلهما‪،‬هل فعلم أن السبَّ‬
‫أغلظ الموجبات للقتل‪.‬‬

‫الوجه الخامس‪ :‬أن هؤلء النسوة إما أن يكن قتلن بالهجاء؛ لنهن فعلنه‬
‫مع العهد الذي كان بين النبي × وبين أهل مكة‪،‬هل فيكون من جنس هجاء‬
‫الذمي‪،‬هل أو قتلن لمجرد الهجاء مع عدم العهد‪،‬هل فإذا كان الول فهو المطلوبَّ‪،‬هل‬
‫إوان كان الثاني فإذا جاز أن تقتل السابة التي ل عهد بيننا وبينها يمنعها‪،‬هل فقتل‬
‫الممنوعة بالعهد أولى؛ لن مجرد كفر المرأة وكونها من أهل الحربَّ ل يبيح‬
‫دمها بالتفاق على ما تقدم‪،‬هل لسيما والسبَّ لم يكن بمنزلة القتال على ما تقدم‪.‬‬

‫خطأ من قيد تكفير الساب بالستحلل‪:‬‬


‫ذهبَّ بعض المنتسبين إلى العلم أن سابَّ الرسول × ل يكفر إل‬
‫بالستحلل‪،‬هل قال القاضي أبو يعلي في »المعتمد«‪ :‬من سبَّ ال أو سبَّ‬
‫رسوله فإنه يكفر‪،‬هل سواء استحل سبه أو لم يستحله‪،‬هل فإن قال‪» :‬لم أستحل‬
‫ذلك« لم يقبل منه في ظاهر الحكم رواية واحدة‪،‬هل وكان مرتددا؛ لن الظاهر‬
‫خلف ما أخبر‪،‬هل لنه ل غرض له في سبَّ ال وسبَّ رسوله إل أنه غير‬
‫معتقد لعبادته غير مصُدق بما جاء به النبي ‪-‬عليه الصُلة والسلم‪ -‬ويفارق‬
‫الشاربَّ والقاتل والسارق إذا قال‪» :‬أنا غير مستحل لذلك« أنه يصُدق في‬
‫ضا في فعل هذه الشياء مع اعتقاد تحريمها وهو ما يتعجل‬
‫الحكم؛ لن له غر د‬
‫من اللذة‪،‬هل قال‪ :‬إواذا حكمنا بكفره فإنما نحكم به في ظاهر من الحكم‪،‬هل فأما في‬

‫‪65‬‬
‫الباطن فإن كان صُاددقا فيما قال فهو مسلم‪،‬هل قلنا في الزنديق ل تقبل توبته في‬
‫ظاهر الحكم‪.‬‬

‫وذكر القاضي عن الفقهاء أن سابَّ النبي ‪-‬عليه الصُلة والسلم‪ -‬إن‬


‫كان مستحلد كفر‪،‬هل إوان لم يكن مستحلد فسق‪،‬هل ولم يكفر كسابَّ الصُحابة‪،‬هل‬
‫وهذا نظير ما يحكى أن بعض الفقهاء من أهل العراق أفتى هارون أمير‬
‫المؤمنين فيمن سبَّ النبي ‪-‬عليه الصُلة والسلم‪ -‬أن يجلده‪،‬هل حتى أنكر ذلك‬
‫مالك ورد هذه الفتيا مالك‪،‬هل وهو نظير ما حكاه أبو محمد بن حزم أن بعض‬
‫الناس لم يكفر المستخف به‪.‬‬

‫وقد ذكر القاضي عياض بعد أن رد هذه الحكاية عن بعض فقهاء العراق‬
‫والخلف الذي ذكره ابن حزم بما نقله من الجماع عن غير واحد‪،‬هل وحمل‬
‫الحكاية على أن أولئك لم يكونوا ممن يوثق بفتواه لميل الهوى به‪،‬هل أو أن‬
‫الفتوى كانت في كلمة اختلف في كونها سيبا‪،‬هل أو كانت فيمن تابَّ‪،‬هل وذكر أن‬
‫السابَّ إذا أقر بالسبَّ ولم يتبَّ منه قتل كفدرا؛ لن قوله إما صُريح كفر‬
‫كالتكذيبَّ ونحوه‪،‬هل أو هو من كلمات الستهزاء والذم‪،‬هل فاعترافه بها وترك توبته‬
‫ضا‪،‬هل قال‪ :‬فهذا كافر بل خلف‪.‬‬
‫منها دليل على استحلله لذلك‪،‬هل وهو كفر أي د‬
‫وقال في موضع آخر‪ :‬إن من قتله بل استتابة فهو لم يره ردة‪،‬هل إوانما‬
‫يوجبَّ القتل فيه حيدا‪،‬هل إوانما نقول ذلك مع إنكاره ما شهد عليه به أو إظهاره‬
‫القلع عنه والتوبة‪،‬هل ونقتله حيدا كالزنديق إذا تابَّ‪،‬هل قال‪ :‬ونحن إوان أثبتنا له‬
‫حكم الكافر في القتل فل نقطع عليه بذلك لق ارره بالتوحيد إوانكاره ما شهد به‬
‫عليه‪،‬هل أو زعمه أن ذلك كان منه ذهولد ومعصُية‪،‬هل وأنه مقلع عن ذلك نادم‬
‫عليه‪،‬هل قال‪ :‬وأما من علم أنه سبه معتقددا لستحلله فل شك في كفره بذلك‪،‬هل‬

‫‪66‬‬
‫وكذلك إن كان سبه في نفسه كف دار كتكذيبه أو تكفيره ونحوه‪،‬هل فهذا ما ل إشكال‬
‫فيه‪،‬هل وكذلك من لم يظهر التوبة واعترف بما شهد به وصُمم عليه فهو كافر‬
‫ضا تثبيت منه بأن‬
‫بقوله واستحلله هتك حرمة ال أو حرمة نبيه‪،‬هل وهذا أي د‬
‫السبَّ يكفر به لجل استحلله له إذا لم يكن في نفسه تكذيدبا صُريدحا‪.‬‬

‫وهذا موضع لبد من تحريمه‪،‬هل ويجبَّ أن يعلم أن القول بأن كفر السابَّ‬
‫في نفس المر إنما هو لستحلله السبَّ زلة منكرة وهفوة عظيمة‪.‬‬

‫ويرحم ال القاضي أبا يعلي! قد ذكر في غير موضع ما يناقض ما قاله‬


‫هنا‪،‬هل إوانما وقع من وقع في هذه المهواة بما تلقوه من كلم طائفة من متأخري‬
‫المتكلمين وهم الجهمية الناث في أن اليمان هو مجرد التصُديق الذي في‬
‫القلبَّ إوان لم يقتربَّ به قول اللسان‪،‬هل ولم يقتض عملد في القلبَّ ول في‬
‫الجوارحْ‪.‬‬

‫وصُرحْ القاضي هنا‪،‬هل قال عقبَّ أن ذكر ما حكيناه عنه‪ :‬وعلى هذا لو قال‬
‫الكافر‪» :‬أنا معتقد بقلبي معرفة ال وتوحيده‪،‬هل لكني ل آتي بالشهادتين كما ل‬
‫آتي غيرها من العبادات كسلد« لم تيحمكم بإسلمه في الظاهر‪،‬هل ويحكم به‬
‫باطدنا!‬

‫قال‪ :‬وقول المام أحمد »من قال إن المعرفة تنفع في القلبَّ من غير أن‬
‫يتلفظ بها فهو جهمي« محمول على أحد وجهين‪ :‬أحدهما أنه جهمي في‬
‫ظاهر الحكم‪،‬هل والثاني‪ :‬على أنه يمتنع من الشهادتين عناددا؛ لنه احتج أحمد‬
‫في ذلك بأن إبليس عرف ربه بقلبه ولم يكن مؤمدنا‪،‬هل ومعلوم أن إبليس اعتقد‬
‫أنه ل يلزم امتثال أمره تعالى بالسجود لدم‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫وقد ذكر القاضي في غير موضع أنه ل يكون مؤمدنا حتى يصُدق بلسانه‬
‫مع القدرة وبقلبه‪،‬هل وأن اليمان قول وعمل‪،‬هل كما هو مذهبَّ الئمة كلهم‪ :‬مالك‪،‬هل‬
‫وسفيان‪،‬هل والوزاعي‪،‬هل والليث‪،‬هل والشافعي‪،‬هل وأحمد‪،‬هل إواسحاق‪،‬هل ومن قبلهم وبعدهم‬
‫من أعيان المة‪.‬‬

‫وليس الغرض في هذا المقام استيفاء الكلم في الصُل‪،‬هل إنما الغرض أن‬
‫نذكر منه ما يخص هذه المسألة‪،‬هل وذلك من وجوه‪:‬‬

‫الوجه الول‪ :‬أن الحكاية المذكورة عن الفقهاء أنه إن كان مستحلد كفر‪،‬هل‬
‫إوال فل ليس لها أصُل‪،‬هل إوانما نقلها القاضي من كتبَّ بعض المتكلمين الذين‬
‫نقلوها عن الفقهاء‪،‬هل وهؤلء نقلوا قول الفقهاء بما ظنوه جارديا على أصُولهم ‪،‬هل أو‬
‫ل‪،‬هل وقد حكينا‬
‫قد سمعوه من بعض المنتسبين إلى الفقه ممن ل يعد قوله قو د‬
‫نصُوص أئمة الفقهاء وحكاية إجماعهم عمن هو أعلم الناس بمذاهبهم‪،‬هل فل‬
‫يظن ظان أن في المسألة خلدفا يجعل المسألة من مسائل الخلف والجتهاد‪،‬هل‬
‫إوانما ذلك غلط ل يستطيع أحد أن يحكي عن واحد من الفقهاء أئمة الفتوى‬
‫هذا التفضيل البتة‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن الكفر إذا كان هو الستحلل فإنما معناه اعتقاد أن‬
‫السبَّ حلل‪،‬هل فإنه لما اعتقد أن ما حرمه ال تعالى حلل كفر‪،‬هل ول ريبَّ أن‬
‫من اعتقد في المحرمات المعلوم تحريمها أنها حلل كفر‪،‬هل لكن ل فرق في‬
‫ذلك بين سبَّ النبي × وبين قذف المؤمنين والكذبَّ عليهم والغيبة لهم إلى‬
‫غير ذلك من القوال التي علم أن ال حرمها‪،‬هل فإنه من فعل شيدئا من ذلك‬
‫مستحلد كفر‪،‬هل مع أنه ل يجوز أن يقال من قذف مسلدما أو اغتابه كفر‪،‬هل ويعني‬
‫بذلك إذا استحله‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن اعتقاد حل السبَّ كفر‪،‬هل سواء اقتربَّ به وجود السبَّ أو‬
‫لم يقترن‪،‬هل فإذا ل أثر للسبَّ في التكفير وجوددا أو عددما‪،‬هل إوانما المؤثر هو‬
‫العتقاد‪،‬هل وهو خلف ما أجمع عليه العلماء‪.‬‬

‫الوجه الرابع‪ :‬أنه إذا كان المكفر هو اعتقاد الحل فليس في السبَّ ما يدل‬
‫على أن السابَّ مستحل فيجبَّ أل يكفر‪،‬هل لسيما إذا قال‪» :‬أنا أعتقد أن هذا‬
‫ظا وسفدها‪،‬هل أو عبدثا أو لعدبا«‪،‬هل كما قال المنافقون‪+ :‬إلنُّلكماَ‬
‫حرام‪،‬هل إوانما أقول غي د‬
‫ب" ]التوبة‪،[65 :‬هل وكما إذا قال‪» :‬إنما قذفت هذا وكذبت‬ ‫ض كونُّكنملكع ه‬
‫هكلناَ نُّكهخوُ ه‬
‫عليه لعدبا وعبدثا«‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬ل يكونون كفادرا‪،‬هل فهو خلف نص القرآن‪،‬هل إوان قيل‪ :‬يكونون‬
‫كفادرا‪،‬هل فهو تكفير بغير موجبَّ إذا لم يجعل نفس السبَّ مكفدرا‪،‬هل وقول القائل‪ :‬أنا‬
‫ل أصُدقه في هذا ل يستقيم‪،‬هل فإن التكفير ل يكون بأمر محتمل‪،‬هل فإذا كان قد‬
‫قال‪ :‬أنا أعتقد أن ذلك ذنبَّ ومعصُية وأنا أفعله؛ فكيف يكفر إن لم يكن ذلك‬
‫كفدرا؟ ولهذا قال سبحانه وتعالى‪+ :‬لك تكنمعتكلذهروا قكمد كككفمرتهمم بكنمعكد لإيكماَنُّلهكمم" ]التوبة‪:‬‬
‫‪،[66‬هل ولم يقل‪ :‬قد كذبتم في قولكم إنما كنا نخوض ونلعبَّ‪،‬هل فلم يكذبهم في‬
‫هذا العذر كما كذبهم في سائر ما أظهروه من العذر الذي يوجبَّ براءتهم من‬
‫الكفر لو كانوا صُادقين‪،‬هل بل بويمن أنهم كفروا بعد إيمانهم بهذا الخوض واللعبَّ‪.‬‬

‫إواذا تبين أن مذهبَّ سلف المة ومن اتبعهم من الخلق أن هذه المقالة في‬
‫نفسها كفر استحلها صُاحبها أو لم يستحلها‪،‬هل فالدليل على ذلك جميع ما قدمناه‬
‫في المسألة الولى من الدليل على كفر السابَّ‪.‬‬

‫منشأ الشبهة التي أوجبت هذا الوهم‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫ومنشأ هذه الشبهة التي أوجبت هذا الوهم من المتكلمين ومن حذا حذوهم‬
‫من الفقهاء أنهم أروا أن اليمان هو تصُديق الرسول فيما أخبر به‪،‬هل و أروا أن‬
‫اعتقاد صُدقه ل ينافي السبَّ والشتم بالذات‪،‬هل كما أن اعتقاد إيجابَّ طاعته ل‬
‫ينافي معصُيته‪،‬هل فإن النسان قد يهين من يعتقد وجوبَّ إكرامه‪،‬هل كما يترك ما‬
‫يعتقد وجوبَّ فعله‪،‬هل ويفعل ما يعتقد وجوبَّ تركه‪.‬‬
‫ثم أروا أن المة قد كوفرت السابَّ‪،‬هل فقالوا‪ :‬إنما كفر لنه سبه دليل على أنه‬
‫لم يعتقد أنه حرام‪،‬هل واعتقاد حله تكذيبَّ للرسول‪،‬هل فكفر بهذا التكذيبَّ ل بتلك‬
‫الهانة‪،‬هل إوانما الهانة دليل على التكذيبَّ‪،‬هل فإذا فرض أنه في نفس المر ليس‬
‫بمكذبَّ كان في نفس المر مؤمدنا‪،‬هل إوان كان حكم الظاهر إنما يجري عليه بما‬
‫أظهره‪،‬هل فهذا مأخذ المرجئة ومعتضديهم‪،‬هل وهم الذين يقولون‪ :‬اليمان هو‬
‫العتقاد والقول‪،‬هل وغلتهم وهم الكرامية الذين يقولون‪ :‬مجرد القول إوان عرى‬
‫عن العتقاد!‬
‫وأما الجهمية الذين يقولون‪» :‬هو مجرد المعرفة والتصُديق بالقلبَّ فقط‬
‫إوان لم يتكلم بلسانه« فلهم مأخذ آخر‪،‬هل وهو أنه قد يقول بلسانه ما ليس في‬
‫قلبه‪،‬هل فإذا كان في قلبه التعظيم والتوقير للرسول لم يقدحْ إظهار خلف ذلك‬
‫بلسانه في الباطن‪،‬هل كما ل ينفع المنافق إظهاره خلف ما في قلبه في الباطن‪.‬‬
‫بطلن مذهب المرجئة في تقييد تكفير الساب بالستحلل‪:‬‬
‫وجوابَّ الشبهة الولى وهي ما ذهبت إليه المرجئة من أن اليمان هو‬
‫العتقاد بالقول من وجوه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬تصديق القلب يستلزم تعظيم الرسول إواجلله ومحبته‪:‬‬
‫فاليمان إوان كان أصُله تصُديق القلبَّ‪،‬هل فلذلك التصُديق لبد أن يوجبَّ‬
‫حالد من القلبَّ وعمل له؛ وهو تعظيم الرسول إواجلله ومحبته‪،‬هل وذلك أمر‬

‫‪70‬‬
‫لزم كالتألم والتنعم عند الحساس بالمؤلم والمنعم‪،‬هل وكالنفرة والشهوة عند‬
‫الشعور بالملئم والمنافي‪،‬هل فإذا لم تحصُل هذه الحال والعمل في القلبَّ لم ينفع‬
‫ذلك التصُديق ولم يغن شيدئا‪،‬هل إوانما يمتنع حصُوله إذا عارضه معارض من‬
‫حسد الرسول والتكبر عليه أو الهمال له إواعراض القلبَّ عنه‪،‬هل ونحو ذلك‪،‬هل‬
‫كما أن إدراك الملئم والمنافي يوجبَّ اللذة واللم إل أن يعارضه معارض‪،‬هل‬
‫ومتى حصُل المعارض كان وجود ذلك التصُديق كعدمه‪،‬هل كما يكون وجود ذلك‬
‫كعدمه؛ بل يكون ذلك المعارض موجدبا لعدم المعلول الذي هو حال في‬
‫القلبَّ‪،‬هل وهذا هو الموجبَّ لكفر ممنن محمسد النبياء أو تكبر عليهم‪،‬هل أو كره فراق‬
‫اللف والعادة‪،‬هل مع علمه بأنهم صُادقون‪،‬هل وكفرهم أغلظ من كفر الجهال‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن اليمان تصديق بالخبر وانقياد للمر‪:‬‬


‫فاليمان إوان كان يتضمن التصُديق فليس هو مجرد التصُديق‪،‬هل إوانما هو‬
‫القرار والطمأنينة؛ وذلك لن التصُديق إنما يعرض للخبر فقط‪،‬هل فأما المر‬
‫فليس فيه تصُديق من حيث هو أمر‪،‬هل وكلم ال خبر وأمر‪،‬هل فالخبر يستوجبَّ‬
‫تصُديق المخبر‪،‬هل والمر يستوجبَّ النقياد له والستسلم‪،‬هل وهو عمل في‬
‫القلب لجماسعه الخضوع والنقياد للمر‪ ،‬إوان لم يفعل المأمور به‪،‬هل فإذا قوبل‬
‫الخبر بالتصُديق‪،‬هل والمر بالنقياد‪،‬هل فقد حصُل أصُل اليمان في القلبَّ‪،‬هل وهو‬
‫الطمأنينة والقرار‪،‬هل فإن اشتقاقه من المن الذي هو القرار والطمأنينة‪،‬هل وذلك‬
‫إنما يحصُل إذا استقر في القلبَّ التصُديق والنقياد‪.‬‬

‫إواذا كان كذلك فالسبَّ إهانة واستخفاف‪،‬هل والنقياد للمر إكرام إواعزاز‪،‬هل‬
‫ومحال أن يهين القلبَّ من قد انقاد له وخضع واستسلم أو يستخف به‪،‬هل فإذا‬
‫حصُل في القلبَّ استخفاف واستهانة امتنع أن يكون فيه انقياد أو استسلم‪،‬هل‬

‫‪71‬‬
‫فل يكون فيه إيمان‪،‬هل وهذا هو بعينه كفر إبليس‪،‬هل فإنه سمع أمر ال فلم يكذبَّ‬
‫ل‪،‬هل ولكن لم ينقد للمر‪،‬هل ولم يخضع له‪،‬هل واستكبر عن الطاعة فصُار كافدرا‪.‬‬‫رسو د‬

‫وهذا موضع زاغ فيه خلق من الخلف تخيل لهم أن اليمان ليس في‬
‫الصُل إل التصُديق‪،‬هل ثم يرون مثل إبليس وفرعون ممن لم يصُدر عنه تكذيبَّ‬
‫أو صُدر عنه تكذيبَّ باللسان ل بالقلبَّ وكفره من أغلظ الكفر فيتحيرون‪،‬هل ولو‬
‫أنهم هدوا لما هدي إليه السلف الصُالح لعلموا أن اليمان قول وعمل‪،‬هل أعني‬
‫في الصُل قولد في القلبَّ وعملد في القلبَّ‪،‬هل فإن اليمان بحسبَّ كلم ال‬
‫ورسالته‪،‬هل وكلم ال ورسالته يتضمن أخباره وأوامره فيصُدق القلبَّ أخباره‬
‫تصُديدقا يوجبَّ حالد في القلبَّ بحسبَّ المصُدق به‪،‬هل والتصُديق هو من نوع‬
‫العلم والقول‪،‬هل وينقاد لمره ويستسلم‪،‬هل وهذا النقياد والستسلم هو من نوع‬
‫الرادة والعمل‪،‬هل ول يكون مؤمدنا إل بمجموع المرين‪،‬هل فمتى ترك النقياد كان‬
‫مستكب دار فصُار في الكافرين إوان كان مصُددقا‪،‬هل فالكفر أعم من التكذيبَّ‪ :‬يكون‬
‫ل‪،‬هل ويكون استكبا دار وظلدما‪،‬هل ولهذا لم يوصُف إبليس إل بالكفر‬
‫تكذيدبا وجه د‬
‫والستكبار دون التكذيبَّ؛ ولهذا كان كفر من يعلم مثل اليهود ونحوهم من‬
‫جنس كفر إبليس‪،‬هل وكان كفر من يجهل مثل النصُارى ونحوهم ضللد وهو‬
‫الجهل‪،‬هل أل ترى أن نف دار من اليهود جاءوا إلى النبي × وسألوه عن أشياء‬
‫فأخبرهم‪،‬هل فقالوا‪» :‬نشهد أنك نبي«‪،‬هل ولم يتبعوه‪،‬هل وكذلك هرقل وغيره‪،‬هل فلم‬
‫ينفعهم هذا العلم وهذا التصُديق؟ أل ترى أن من صُدق الرسول بأن ما جاء به‬
‫هو رسالة ال وقد تضمنت خب دار وأمدرا‪،‬هل فإنه يحتاج إلى مقام ثان‪،‬هل وهو تصُديقه‬
‫خبر ال وانقياده لمر ال‪،‬هل فإذا قال‪» :‬أشهد أن ل إله إل ال« فهذه الشهادة‬
‫تتضمن تصُديق خبره والنقياد لمر ال‪،‬هل فإذا قال‪» :‬وأشهد أن محمددا رسول‬
‫ال« تضمنت تصُديق الرسل فيما جاء به من عند ال‪،‬هل فبمجموع هاتين‬

‫‪72‬‬
‫الشهادتين يتم القرار‪،‬هل فلما كان التصُديق لبد منه في كل الشهادتين ‪ -‬وهو‬
‫الذي يتلقى الرسالة بالقبول ‪ -‬ظن من ظن أنه أصُل لجميع اليمان‪،‬هل ومغمفمل‬
‫عن أن الصُل الخر لبد منه وهو النقياد‪،‬هل إوال فقد يصُدق الرسل ظاه دار‬
‫وباطدنا ثم يمتنع من النقياد للمر؛ إذ غايته في تصُديق الرسل أن يكون‬
‫بمنزلة من سمع الرسالة من ال ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬كإبليس‪،‬هل وهذا ما بيين لك‬
‫أن الستهزاء بال أو برسوله ينافي النقياد له؛ لنه قد بلغ عن ال أنه أمر‬
‫بطاعته‪،‬هل فصُار النقياد له من تصُديقه في خبره‪،‬هل فمن لم ميننقمند لمره فهو إما‬
‫مكذبَّ له‪،‬هل أو ممتنع عن النقياد لربه‪،‬هل وكلهما كفر صُريح‪،‬هل ومن استخف به‬
‫واسته أز بقلبه امتنع أن يكون منقاددا لمره‪،‬هل فإن النقياد إجلل إواكرام‬
‫والستخفاف إهانة إواذلل‪،‬هل وهذان ضدان‪،‬هل فمتى حصُل في القلبَّ أحدهما‬
‫انتفى الخر‪،‬هل فعلم أن الستخفاف والستهانة به ينافي اليمان منافاة الضد‬
‫للضد‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن الستحلل قد يكون مرده إلى خلل في التصديق أو‬
‫إلى خلل في النقياد‪:‬‬

‫ذلك أن العبد إذا فعل الذنبَّ مع اعتقاد أن ال حرمه عليه‪،‬هل واعتقاده‬


‫انقياده ل فيما حرمه وأوجبه فهذا ليس بكافر‪،‬هل فأما إن اعتقد أن ال لم يحرمه‪،‬هل‬
‫أو أنه حرمه‪،‬هل لكن امتنع من قبول هذا التحريم‪،‬هل وأبى أن يذعن ل وينقاد‪،‬هل فهو‬
‫إما جاحد أو معاند؛ ولهذا قالوا‪ :‬من عصُى ال مستكب دار كإبليس كفر‬
‫بالتفاق‪،‬هل ومن عصُى مشتهديا لم يكفر عن أهل السنة والجماعة‪،‬هل إوانما يكفر‬
‫الخوارج‪،‬هل فإن العاصُي المستكبر إوان كان مصُددقا بأن ال ربه فإن معاندته له‬
‫ومحادته تنافي هذا التصُديق‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫وبيان هذا أن من فعل المحارم مستحلد لها فهو كافر بالتفاق‪،‬هل فإنه ما‬
‫آمن بالقرآن من استحل محارمه‪،‬هل كذلك لو استحلها من غير فعل‪،‬هل والستحلل‬
‫اعتقاد أن ال لم يحرمها‪،‬هل وتارة بعدم اعتقاد أن ال حرمها‪،‬هل وهذا يكون لخلل‬
‫ضا غير‬‫في اليمان بالربوبية‪،‬هل ولخلل في اليمان بالرسالة‪،‬هل ويكون جحددا مح د‬
‫مبني على مقدمة‪.‬‬

‫وتارة يعلم أن ال حرمها ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه ال‪،‬هل ثم يمتنع‬
‫عن التزام هذا التحريم‪،‬هل ويعاند المحرم‪،‬هل فهذا أشد كف دار ممن قبله‪،‬هل وقد يكون هذا‬
‫مع علمه أن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه ال وعذبه‪،‬هل ثم إن هذا المتناع‬
‫والباء إما لخلل في اعتقاده حكمة المر وقدرته فيعود هذا إلى عدم التصُديق‬
‫بصُفة من صُفاته‪،‬هل وقد يكون مع العلم بجميع ما يصُدق به تمرددا أو اتبادعا‬
‫لغرض النفس‪،‬هل وحقيقته كفر؛ هذا لنه يعترف ل ورسوله بكل ما أخبر به‪،‬هل‬
‫ويصُدق بكل ما يصُدق به المؤمنون‪،‬هل لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم‬
‫موافقته لمراده ومشتهاه‪،‬هل ويقول‪ :‬أنا ل أقر بذلك ول ألتزمه‪،‬هل وأبغض هذا الحق‬
‫وأنفر منه‪،‬هل فهذا نوع غير النوع الول‪،‬هل وتكفير هذا معلوم بالضطرار من دين‬
‫السلم‪،‬هل والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع‪،‬هل بل عقوبته أشد‪،‬هل وفي مثله‬
‫س كعكذابباَ يكنموُكم الملقكياَكملة كعاَلليم لكمم يكن مننكفمعهه ال لهه بللعململهف« وهو إبليس ومن‬
‫قيل‪» :‬أككشدد اللناَ ل‬
‫سلك سبيله‪.‬‬

‫وبهذا يظهر الفرق بين العاصُي‪،‬هل فإنه يعتقد وجوبَّ ذلك الفعل عليه‬
‫ويجبَّ أن يفعله‪،‬هل ولكن الشهوة والنفرة منعته من الموافقة‪،‬هل فقد أتى من اليمان‬
‫بالتصُديق والخضوع والنقياد‪،‬هل وذلك قول وعمل‪،‬هل لكن لم يكمل العمل‪.‬‬

‫وأما إهانة الرجل من يعتقد وجوبَّ كرامته كالوالدين ونحوهما؛ فلنه لم‬
‫طا في إيمانه‪،‬هل إوانما أهان ممنن إكرامه شرط‬
‫يهن من كان النقياد له والكرام شر د‬

‫‪74‬‬
‫بَّ ال والرسول إنما كفر فيه؛ لنه ل يكون مؤمدنا‬ ‫في بره وطاعته وتقواه‪،‬هل وجان ت‬
‫حتى يصُدق تصُديدقا يقتضي الخضوع والنقياد‪،‬هل فحيث لم يقتضه لم يكن ذلك‬
‫التصُديق إيمادنا‪،‬هل بل كان وجوده ش يار من عدمه‪،‬هل فإن ممن تخفلق له حياة إوادراك‪،‬هل‬
‫ولم يرزق إل العذابَّ كان فمنقتد تلك الحياة والدراك أحبَّ إليه من حياة ليس‬
‫فيها إل اللم‪.‬‬

‫إواذا كان التصُديق ثمرته صُلحْ حاله وحصُول النعم له واللذة في الدنيا‬
‫والخرة‪،‬هل فلم يحصُل معه إل فساد حاله والبؤس واللم في الدنيا والخرة‪،‬هل كان‬
‫أن ل يوجد أحبَّ إليه من أن يوجد‪.‬‬

‫بطلن مقالة الجهمية في هذه القضية‪:‬‬


‫وأما ما زعمه الجهمية من أن اليمان مجرد المعرفة والتصُديق‪،‬هل إوان لم‬
‫يتكلم بلسانه‪،‬هل فجوابه من ثلثة أوجه‪:‬‬

‫الوجه الول‪ :‬ما يستلزمه من أن من تكلم بالكفر من غير إكراه يجوز‬


‫أن يكون مؤمءنا‪:‬‬

‫ذلك أن مقتضى هذه الدعوى أن من تكلم بالتكذيبَّ والجحد وسائر أنواع‬


‫الكفر من غير إكراه على ذلك‪،‬هل فإنه يجوز أن يكون مع ذلك في نفس المر‬
‫مؤمدنا‪،‬هل ومن جووز هذا فقد خلع ربقة السلم من عنقه‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن من لم يتكلم باليمان بلسانه من غير عذر لم ينفعه‬


‫ما في قلبه من المعرفة‪:‬‬

‫فالذي عليه الجماعة أن من لم يتكلم باليمان بلسانه من غير عذر لم‬


‫ينفعه ما في قلبه من المعرفة‪،‬هل وأن القول من القادر عليه شرط في صُحة‬

‫‪75‬‬
‫اليمان‪،‬هل حتى اختلفوا في تكفير من قال‪ :‬إن المعرفة تنفع من غير عمل‬
‫الجوارحْ‪،‬هل وليس هذا موضع تقرير هذا‪.‬‬

‫وما ذكره القاضي ‪-‬رحمه ال‪ -‬من التأويل لكلم المام أحمد فقد ذكر هو‬
‫وغيره خلف ذلك في غير موضع‪،‬هل وكذلك ما دل عليه كلم القاضي عياض‪،‬هل‬
‫فإن مالدكا وسائر الفقهاء من التابعين ومن بعدهم ‪-‬إل من ينسبَّ إلى بدعة‪-‬‬
‫قالوا‪ :‬اليمان قول وعمل‪،‬هل ومبنسطت هذا له مكان غير هذا‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن القول الذي ينافي اليمان يبطله‪:‬‬


‫ذلك أن من قال‪» :‬إن اليمان مجرد معرفة القلبَّ من غير احتياج إلى‬
‫النطق باللسان« يقول‪ :‬ل يفتقر اليمان في نفس المر إلى القول الذي يوافقه‬
‫باللسان‪،‬هل ل يقول إن القول الذي ينافي اليمان ل يبطله‪،‬هل فإن القول قولن‪:‬‬
‫قول يوافق تلك المعرفة‪،‬هل وقول يخالفها‪،‬هل فهبَّ أن القول الموافق ل يشترط‪،‬هل لكن‬
‫القول المخالف ينافيها‪.‬‬

‫فمن قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة‪،‬هل عامددا لها‪،‬هل عالدما بأنها كلمة‬
‫كفر‪،‬هل فإنه يكفر بذلك ظاه دار وباطدنا‪.‬‬

‫ول يجوز أن يقال‪ :‬إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمدنا‪،‬هل ومن قال ذلك‬
‫ل لمن بكنمعلد إيكماَنُّلله إللل كممن أهمكلركه‬
‫فقد مرق من السلم‪،‬هل قال سبحانه‪+ :‬من كككفر بلاَ ل‬
‫ك‬ ‫ك‬
‫ضب يمن ا ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫ل كولكههمم‬ ‫صمدبرا فكنكعلكميلهمم غك ك ي ك‬ ‫كوقكنملبههه همطمكمئلن لباَلليكماَنَ كولككن لمن كشكركح لباَلمهكمفلر ك‬
‫ب كعلظييم" ]النحل‪.[106 :‬‬ ‫كعكذا ي‬
‫ومعلوم أنه لم يرد بالكفر هنا اعتقاد القلبَّ فقط؛ لن ذلك ل تيكمره الرجل‬
‫عليه‪،‬هل وهو قد استثنى من أكره‪،‬هل ولم يرد من قال واعتقد؛ لنه استثنى التمنكمره‪،‬هل‬
‫وهو ل يكره على العقد والقول‪،‬هل إوانما يكره على القول فقط‪،‬هل فعلم أنه أراد من‬

‫‪76‬‬
‫تلكم بكلمة الكفر فعليه غضبَّ من ال وله عذابَّ عظيم‪،‬هل وأنه كافر بذلك إل‬
‫من أكره وهو مطمئن باليمان‪،‬هل ولكن من شرحْ بالكفر صُد دار من المكرهين‬
‫ضا‪،‬هل فصُار من تكلم بالكفر كاف دار إل من أكره‪،‬هل فقال بلسانه كلمة‬ ‫فإنه كاف دار أي د‬
‫الكفر وقلبه مطمئن باليمان‪،‬هل وقال تعالى‪+ :‬لك تكنمعتكلذهروا قكمد كككفمرتهمم بكنمعكد‬
‫لإيكماَنُّلهكمم" ]التوبة‪،[66 :‬هل فبين أنهم كفار بالقول مع أنهم لم يعتقدوا صُحته‪.‬‬

‫وهذا بابَّ واسع‪،‬هل والفقه فيه ما تقدم من أن التصُديق بالقلبَّ يمنع إرادة‬
‫التكلم إوارادة فعل فيه استهانة واستخفاف‪،‬هل كما أنه يوجبَّ المحبة والتعظيم‪،‬هل‬
‫واقتضاؤه وجود هذا وعدم هذا أمر جرت به سنة ال في مخلوقاته‪،‬هل كاقتضاء‬
‫إدراك الموافق للذة إوادراك المخالف لللم‪،‬هل فإذا تعفدمم المعلوم كان مستلزدما لعدم‬
‫العلة‪،‬هل إواذا وجد الضد كان مستلزدما لعدم التصُديق النافع ولعدم النقياد‬
‫والستسلم؛ فلذلك كان كافدرا‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫كلمة أخيرة‪:‬‬
‫بعد هذه الجولة مع الدلة ومقالت أهل العلم نخلص إلى ما بدأنا به‬
‫حديثنا في هذه النازلة؛ وهو أن جريمة سبَّ الرسول × ليس لها إل تكييف‬
‫واحد؛ وهو الردة المغلظة والكفر المزيد‪،‬هل وأنه يتعين قتل فاعلها نكالد له وزج دار‬
‫لغيره‪،‬هل وأن هذا هو الحكم المتعين الذي ل يحل العدول عنه عند القدرة عليه‬
‫لما تقدم من الدلة‪،‬هل مع عدم الخلل بمقتضيات العدالة من التحقيق العادل‪،‬هل‬
‫وحق المتهم في الدفاع عن نفسه‪،‬هل فإذا لم يتيسر إقامة هذا الحكم لسببَّ أو‬
‫لخر كان السعي في تشديد العقوبة بحسبَّ المكان سعديا موافدقا لمقصُود‬
‫الشارع بناء على أن مبنى الشريعة تحصُيل المصُالح وتكميلها وتعطيل‬
‫المفاسد وتقليلها‪،‬هل ووفدقا لقاعدة‪ :‬الميسور ل يسقط بالمعسور‪،‬هل وما ل يدرك كله‬
‫ل يترك جله‪ .‬وال تعالى أعلى وأعلم‪.‬‬

‫‪78‬‬

You might also like