Professional Documents
Culture Documents
للشيخ المام
حد بن علي بن عتيق
سبيل النجاة والفكاك
المند ل الذي أنزل على عبده الكتاب قيما بل اعوجاج ،وجعله عصنمة لنن
ت سك به وأعت مد عل يه ف الحتجاج ،وأوجب فيه مقاط عة أهل الشرك بإيضاح الشر عة
والنهاج ،وال صلة وال سلم على م مد الذي مزّق ال ظلم الشرك ب ا م عه من ال سراج،
وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا أهل الكفر وباينوهم من غي امتزاج.
أما بعد:
ثن كتبنت فن ذلك بعنض اليات الدالة علينه ،منع كلمات قليلة منن كلم بعنض
الحققي من أهل العلم والدين .وما كنت أظن أن من قرأ القرآن وآمن أنه كلم ال وأن
ال تعبدنا بالعمل به والقيام ،إل إذا سع ذلك أذعن له وانقاد ،وبادر إل السمع والطاعة
لكمه ،لقوله تعال{ :اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء قليل ما
تذكرون} ،وقال تعال{ :فل وربنك ل يؤمنون حتن يكموك فيمنا شجنر بينهنم ثن ل
يدوا ف أنف سهم حر جا م ا قض يت وي سلموا ت سليما} ،وقال تعال{ :فإ ما يأتين كم م ن
هدى فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى .ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا
ونشره يوم القيامة أعمى .قال رب ل حشرتن أعمى وقد كنت بصيا .قال كذلك أتتك
آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.
طائ فة منهم :ا ستحسنت العار ضة الاهلة الضالة ورضيت ها ،وإن ل تصرح بذلك،
فإنه ظاهر على وجوهها.
()2
سبيل النجاة والفكاك
ولول منا وقنع لؤلء ،لان كان العارض مسناويا لنن ياوبنه ،فلجنل ذلك كتنب
شيخ نا ع بد الرح ن بن ح سن ر سالة مفيدة ف الرد على هذه العارض ،ن قض في ها أقواله
نقضا بديعا ،وهي كافية ف الرد عليه ،فصار شيخنا ،هو إمام الطائفة الرادة لقوال أهل
الباطل ،النكرة لا ،وال ناصر دينه ومظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
كاتبن إن شاء ال تعال كلمات ،فيهنا بيان لشياء وقنع الغلط فيهنا مننٌ ثن إنن
ينتسنب إل السنلم ،بنل منن كثين منن ينتسنب إل العلم ،لقول ال تعال{ :إن الذينن
يكتمون ما أنزلنا من البينات والدى من بعد ما بيناه للناس ف الكتاب أولئك يلعنهم ال
ويلعن هم اللعنون} ،وقوله تعال{ :وإذ أ خذ ال ميثاق الذ ين أوتوا الكتاب ل تبيننه للناس
ول تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثنا قليل فبئس ما يشترون}.
منها :وجوب معاداة الكفار والشركي ومقاطعتهم ،ومنها :شيء ما يصي الرجل
به مرتدا ،ومن ها :ما يعذر الر جل به على مواف قة الشرك ي وإظهار الطا عة ل م ،ومن ها:
مسألة إظهار الدين ،ومنها :مسألة الستضعاف ،ومنها :وجوب الجرة ،وأنا باقية.
وأسأل ال تعال أن يعله مبنيا على الخلص ،وأن ينفع به من قرأه أو سعه طلبا
للنجاة واللص.
()3
سبيل النجاة والفكاك
فصل
اعلم أن ال سبحانه وتعال ،بعث ممد صلى ال عليه وسلم بالدى ود ين الق،
فبي للناس ما نزل إليهم ،فما من خي إل دلم عليه وعرفهم الطريق الوصلة إليه ،وما من
شر إل حذرهم منه وسد عليهم أبوابه الفضية إليه.
ومنن أعظنم ذلك أننه أخنبهم أن( :السنلم بدأ غريبا وسنيعود غريبنا كمنا بدأ)
وأخبهم بظهور الفت الت( :كقطع الليل الظلم ،يصبح الرجل فيها مؤمنا ويسي كافرا
وي سي كافرا وي صبح مؤم نا ،يبيع دي نه بعرض من الدن يا) فكان وقوع هذا ل ا و قع هو
وأمثاله ،من الدلة على أنه رسول ال.
ومان أخنب بنه :أن أمتنه تقاتنل الترك الكفار ،ووصنفهم بأنمن صنغار العيون ذلف
النوف ،كأن وجوههم الجان الطرقة .ومعن ذلف النوف :أنا قصار منبطحة.
والجان :ج ع مِ جن ،و هو الترس .أراد أ نه وجوه هم م ستديرة ناتئة وجنات ا .هذا
معن كلم البغوي ف شرح السنة.
قال رح ه ال تعال :فإن هذه الفت نة ال ت ابتلي ب ا ال سلمون مع هذا العدو الف سد
الارج عن شريعة السلم ،قد جرى فيها شب ٌه با جرى للمسلمي مع عدوهم على عهد
ن كتابنه ،وابتلى بانننبيه
رسنول ال صنلى ال علينه وسنلم فن الغازي التن أنزل ال فيه ا
والؤمني ،ما هو أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر ،وذكر ال كثيا ،إل يوم
()4
سبيل النجاة والفكاك
القيامة .فإن نصوص الكتاب والسنة ،اللذين ها دعوة ممد صلى ال عليه وسلم ،تتناول
عموم اللق بالعموم اللفظي والعنوي ،وبالعموم العنوي.
وعهود ال ف كتابه وسنته ،تتناول آخر هذه المة كما نالت أولا .وإنا قص ال
علينا قصص من قبلنا من المم ،ليكون عبة لنا فنشبّه حالنا بالم ،ونقيس أواخر المم
بأوائل ها .فيكون للمؤ من من ال ستأخرين ش به ب ا كان للمؤ من من ال ستقدمي ،ويكون
للكافر والنافق من الستأخرين شبه با كان للكافر والنافق من الستقدمي.
فأمرنا أن نعتب بأحوال الستقدمي علينا من هذه المة ومن قبلها ،وذكر ف غي
موضع ،أن سنته ف ذلك سنة مطّردة وعادة مستمرة فقال تعال{ :لئن ل ينتهي النافقون
والذين ف قلوبم مرض والرجفون ف الدينة لنغرينك بم ث ل ياورونك فيها إل قليل.
ملعوني أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيل .سنة ال ف الذين خلوا من قبل ولن تد لسنة ال
تبديل} ،وقال تعال{ :ولو قاتلكنم الذينن كفروا لولوا الدبار ثن ل يدون وليا ول
نصيا .سنة ال الت قد خلت من قبل ولن تد لسنة ال تبديل} وأخب سبحانه أن دأب
الكافرين من الستأخرين ،كدأب الكافرين من الستقدمي.
فينبغي للعقلء أن يعتبوا سنة ال وأيامه ف عباده ،ودأب المم وعاداتم ،لسيما
ف م ثل هذه الادثة العظيمة الت ط بق خبها ،وا ستطار ف جيع ديار السلمي شررها،
وأطلع فيها النفاق ناصية رأسه ،وكشر فيها الكفر عن أنيابه وأضراسه ،وكاد فيها عمود
الكتاب أن يتث ويترم ،وحبل اليان أن ينقطع ويصطلم ،وعقي دار الؤمني أن يل با
البوار ،وأن يزول هذا الدين باستيلء الفجرة التتار ،وظن النافقون والذين ف قلوبم مرض
أن{ :منا وعدننا ال ورسنوله إل غرورا} وأن لن ينقلب حزب ال ورسنوله إل أهليهنم
أبدا ،وزين ذلك ف قلوبم وظنوا ظن السوء وكانوا قوما بورا.
()5
سبيل النجاة والفكاك
ورفع با أقواما إل الدرجات العالية ،كما خفض با أقواما إل النازل الاوية وكفّر
ب ا عن آخر ين أعمال م الاطئة ،وحدث من أنواع البلوى ما جعل ها مت صرة من القيا مة
الكبى.
فإن الناس تفرقوا فيها ما بي شقي وسعيد ،كما يتفرقون كذلك ف اليوم الوعود،
ول ين فع النف عة الال صة إل اليان والع مل ال صال ،والب والتقوى ،وبل يت في ها ال سرائر،
وظهرت البا يا ال ت كا نت تكن ها الضمائر ،و تبي أن البهرج من القوال والعمال يون
صاحبه أحوج ما كان إليه ف الآل ،وذم سادته وكباءه من أطاعهم فأضلوه السبيل ،كما
حد ربه من صدق ف إيانه فاتذ مع الرسول سبيل .وبان صدق ما جاءت به الخبار
النبوية من الخبار با يكون ،وواطأتا قلوب الذين هم ف هذه المة مدثون أي :ملهمون
كما تواطأت عليها البشرات الت رآها الؤمنون.
حزب متهد ف نصرة الدين ،وآخر خاذل له ،وآخر خارج عن شريعة السلم.
وانقسنم الناس بين مأجور ومعذور ،وآخنر قند غره بال الغرور ،وكان بذا
المتحان تييزا من ال وتقسيما{ :ليجزي ال الصادقي بصدقهم ويعذب النافقي إن شاء
أو يتوب عليهم إن ال كان غفورا رحيما}.
()6
سبيل النجاة والفكاك
القسم الثالث :خارج عن شريعة السلم بظاهرة حزب الشرك ومناصحتهم .وقد
روى الطبان ،عن ابن عباس عن النب صلى ال عليه وسلم قال( :من أعان صاحب باطل
ليدحض بباطله حقا ،فقد برئت منه ذمة ال وذمة رسوله).
()7
سبيل النجاة والفكاك
فصل
وهذا أوان الشروع ف القصود:
فأمنا معاداة الكفار والشركين ،فاعلم أن ال سنبحانه وتعال أوجنب ذلك وأكند
إيابه ،وحرم موالتم وشدد فيها ،حت أنه ليس ف كتاب ال تعال حكم فيه من الدلة
أكثر ول أبي من هذا الكم ،بعد وجوب التوحيد وتري ضده قال ال تعال{ :وإذا قيل
لم ل تفسدوا ف الرض ،قالوا إنا نن مصلحون} قال ابن جرير رحه ال تعال :فأهل
النفاق مفسدون ف الرض بعصيتهم ربم ،وركوبم فيها ما ناهم عن ركوبه ،وتضييعهم
فرائضه ،وشكهم ف دينه الذي ل يقبل من أحد عمل إل بالتصديق به ،واليقان بقيقته
وكذبم الؤمني بدعواهم غي ما هم عليه مقيمون من الشك والتكذيب ،ومظاهرتم أهل
التكذيب بال وكتبه ورسله على أولياء ال ،إن وجدوا إل ذلك سبيل.
قال ا بن كث ي :وهذا الذي قاله ح سن ،فإن من الف ساد ف الرض اتاذ الؤمن ي
الكافرين أولياء كما قال تعال{ :والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إل تفعلوه تكن فتنة
ف الرض وف ساد كبي} فق طع الوالة ب ي الؤمن ي والكافر ين ك ما قال تعال { :يا أي ها
الذين آمنوا ل تتخذوا الكافرين أولياء من دون الؤمني}.
وقوله{ :إنان ننن مصنلحون} أي :نريند أن نداري بين الفريقين منن الؤمنين
والكافرين ،ونصلح مع هؤلء وهؤلء .يقول ال{ :أل إنم هم الفسدون} يقول :أل إن
هذا الذي يشهدونه ويزعمون أنه إصلح ،هو عي الفساد ،ولكن من جهلهم ل يشعرون
بكونه فسادا .اهن.
وهذا الذي ذكره ،قد وال سعناه ورأينا أهله ،فإنه إذا قيل لم :ما الامل لكم على
مالسة أهل الشر والفساد؟ قالوا :نريد أن نصلح أحوالنا ،ونستخرج دنيانا منهم ،ويكون
لنا يدٌ عندهم.
وبعض هم :إذا ظن بال ظن ال سوء من أدالة أ هل البا طل ،ورأى من له ات صال ب م
وتو صل إلي هم ،أتذه صديقا ور ضي به جلي سا ،قائل بل سان حاله{ :ن شى أن ت صيبنا
دائرة} {أل إنم هم الفسدون ولكن ل يشعرون} ،وقال تعال{ :بشر النافقي بأن لم
()8
سبيل النجاة والفكاك
عذا با ألي ما .الذ ين يتخذون الكافر ين أولياء من دون الؤمن ي أيبتغون عند هم العزة فإن
العزة ل جيعا} ،إل قوله تعال{ :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا الكافرين أولياء من دون
الؤمني أتريدون أن تعلوا ل عليكم سلطانا مبينا}.
قال ابن كثي :ث وصفهم بأنم يتخذون الكافرين أولياء من دون الؤمني ،يعن أنم
معهم ف القيقة ،يوالونم ويسرون إليهم بالودة ،يقولون إذا خلوا بم :إنّا معكم ،إنا نن
مستهزئُون بالؤمني ف إظهارنا لم الوافقة ،قال ال تعال منكرا عليهم فيما سلكوه من
موالة الكافر ين{ :أيبتغون عند هم العزة} ث أ خب بأن العزة كل ها له وحده ل شر يك له
ولن جعلها له ،كما قال تعال ف الية الخرى{ :من كان يريد العزة فلله العزة جيعا}،
وقال تعال{ :ول العزة ولرسوله وللمؤمني}.
والقصنود منن هذا :التهيينج على طلب العزة منن جاننب ال تعال ،واللتجاء إل
عبودي ته ،والنتظام ف جلة عباده الؤمن ي ،الذ ين ل م الن صرة ف هذه الياة الدن يا ويوم
يقوم الشهاد.
ف ف تريها والنهي
قلت :فإذا كانت موالة الكافرين من أفعال النافقي ،فهذا كا ٍ
عنها.
وقال تعال{ :ترى كثيا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لم أنفسهم أن
سخط ال عليهم وف العذاب هم خالدون .ولو كانوا يؤمنون بال والنب وما أنزل إليه ما
اتذوهم أولياء ولكن كثيا منهم فاسقون}.
قال شيخ السلم رحه ال :فبي سبحانه وتعال أن اليان بال والنب مستلزم لعدم
وليتهم ،فثبوت وليتهم يوجب عدم اليان ،لن عدم اللزم يقتضي عدم اللزوم.
قلت :ر تب ال تعال على موالة الكافرين سخطه ،واللود ف العذاب ،وأخب أن
وليت هم ل ت صل إل م ن ل يس بؤ من ،وأ ما أ هل اليان بال وكتا به ور سوله ،فإن م ل
()9
سبيل النجاة والفكاك
يوالونم ،بل يعادونم ،كما أخب ال عن إبراهيم والذين معه من الرسلي ،كما يأت بيانه
إن شاء ال تعال.
وقال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء
بعض ومن يتولم منكم فإنه منهم إن ال ل يهدي القوم الظالي .فترى الذين ف قلوبم
مرض يسارعون فيهم يقولون نشى أن تصيبنا دائرة فعسى ال أن يأت بالفتح أو أمر من
عنده فيصبحوا على ما أسروا ف أنفسهم نادمي} فنهى سبحانه وتعال الؤمني أن يوالوا
اليهود والنصارى ،وذكر أن من تولهم فهو منهم ،أي من تول اليهود فهو يهودي ،ومن
تول النصارى فهو نصران.
ث أخب تعال :أن الذين ف قلوبم مرض أي :شك ف الدين وشبهة يسارعون ف
الكفار قائل ي{ :ن شى أن ت صيبنا دائرة} أي :إذا أنكرت علي هم موالة الكافر ين ،قالوا:
ن شى أن تكون الدول ُة ل م ف ال ستقبل فيت سلطوا علي نا ،فيأخذوا أموال نا ويشردو نا من
بلداننا .وهذا هو ظن السوء بال ،الذي قال ال فيه{ :الظآني بال ظن السوء عليهم دائرة
السوء وغضب ال عليهم ولعنهم وأعد لم جهنم وساءت مصيا}.
ولذا قال تعال ف الية{ :فعسى ال أن يأت بالفتح أو أمر من عنده} وعسى :من
ال واجب.
فالمد ل الذي أتى بالفتح ،فأصبح أهل الظنون الفاسدة على ما أسروا ف أنفسهم
نادمي.
وقال تعال { :يا أي ها الذ ين آمنوا ل تتخذوا الذ ين اتذوا دين كم هزوا ولع با من
الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا ال إن كنتم مؤمني} فنهى سبحانه
الؤمني عن موالة أهل الكتابي وغيهم من الكفار ،وبي أن موالتم تناف اليان.
()10
سبيل النجاة والفكاك
وقال تعال { :يا أي ها الذ ين آمنوا ل تتخذوا آباء كم وإخوان كم أولياء إن ا ستحبوا
الكفر على اليان ومن يتولم منكم فأولئك هو الظالون .قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم
وإخوانُ كم وأزواجُ كم وعشيتُ كم وأموال اقترفتمو ها وتارة تشون ك سادها وم ساكن
ترضونا أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأت ال بأمره وال ل
يهدي القوم الفاسقي}.
فنهى سبحانه وتعال الؤ من عن موالة أب يه وأخيه اللذين ها أقرب الناس إليه إذا
كان دينهما على غ ي اليان ،وب ي أن الذي يتول أباه وأخاه إذا كانا كافر ين فهو ظال،
فكينف بنن تول الكافرينن الذينن هنم أعداء له ولبائه ولديننه؟! بلى وال إننه لنن أظلم
الظالي.
ث بيّن تعال أن هذه الثمان ية ل تكون عذرا ف موالة الكافر ين ،فل يس ل حد أن
يوالي هم خوفا :على أب يه ،أو أخ يه ،أو بلده ،أو ماله ،أو مش حة بعشي ته ،أو ما فة على
زوجا ته ،فإن ال قد سد على اللق باب العتذار بذه الثمان ية ،وذلك أن ما من أ حد
يوال الشركي إل وهو يعتذر با أو ببعضها ،وقد بان أن هذا ليس بعذر.
فإن قيل :قد قال كثي من الفسرين :أن هذه الية نزلت ف شأن الهاد.
فالواب من وجهي:
أحده ا أن نقول :إذا كا نت هذه الثمان ية لي ست عذرا ف ترك الهاد الذي هو
فرض على الكفا ية ،فكون ا ل تكون عذرا ف ترك عداوة الشرك ي ومقاطعت هم ،بطر يق
الول.
الوجه الثان :أن الية نفسها دلت على ما ذكرناه ،كما دلت على الهاد ،فإنه
قال{ :أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله} فإن مبة ال ورسوله توجب إيثار
عداوة الشركين ومقاطعتهنم على هذه الثمانينة ،وتقديهنا عليهنا ،كمنا أن مبنة الهاد
توجب إيثاره عليها ،وبال التوفيق.
()11
سبيل النجاة والفكاك
وهذا إذا سنعه النصنف يكون عنده ظاهرا ،وأمنا منن أعمنى ال بصنيته بسنبب
تعصبه ،فكما قال تعال{ :إن الذين حقت عليهم كلمة ربك ل يؤمنون .ولو جاءتم كل
آية حت يروا العذاب الليم}.
وقال تعال{ :والذينن آمنوا ول يهاجروا منا لكنم منن وليتهنم منن شينء حتن
يهاجروا} ث قال{ :والذ ين كفروا بعض هم أولياء ب عض إل تفعلوه ت كن فت نة ف الرض
وفسناد كنبي} فأخنب أن الكفار إذا ل يوال بعضهنم بعضنا بأن ينحازوا عنن السنلمي،
ويقطع السلمون أيديهم منهم ،وإل وقعت الفتنة والفساد الكبي.
ف تبي أن موالة الؤ من للكا فر سبب الفتتان ف الد ين ،بترك واجبا ته ،وارتكاب
مرماته ،والروج عن شرائعه ،وسبب للفساد ف الديان والبدان والموال ،فأين هذا من
قول أهل الفساد والجون :أن موالة الشركي صلح وعافية وسلمة؟!
وقال تعال{ :ودوا لو تكفرون كمنا كفروا فتكونون سنواء فل تتخذوا منهنم
أولياء ،ح ت يهاجروا ف سبيل ال فإن تولوا فخذو هم واقتلو هم ح يث وجدتو هم ،ول
تتخذوا من هم ول يا ول ن صيا} فأ خب تعال عن الكفار :أن م يودون ك فر ال سلمي ك ما
كفّروهم ،ث نى أهل اليان عن موالتم حت تصل منهم الجرة بعد السلم.
وقال تعال { :يا أي ها الذ ين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدو كم أولياء تلقون إلي هم
بالودة وقد كفروا با جاءكم من الق يرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بال ربكم إن
كنتم خرجتم جهادا ف سبيلي وابتغاء مرضات تسرون إليهم بالودة وأنا أعلم با أخفيتم
و ما أعلن تم و من يفعله من كم ف قد ضل سواء ال سبيل .إن يثقفو كم يكونوا ل كم أعداء
ويب سطوا إلي كم أيدي هم وأل سنتهم بال سوء وودوا لو تكفرون .لن تنفع كم أرحام كم ول
أولدكم يوم القيامة يفصل بينكم وال با تعملون بصي .قد كانت لكم أسوة حسنة ف
إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم
وبدا بينننا وبينكنم العداوة والبغضاء أبدا حتن تؤمنوا بال وحده ،}...إل قوله{ :إنان
ينهاكم ال عن الذين قاتلوكم ف الدين و أخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم
أن تولوهم ومن يتولم فأولئك هم الظالون ،}...إل قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ل تتولوا
قوما غضب ال عليهم قد يئسوا من الخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور}.
وقد ثبت ف الصحاح :أن هذه السورة نزلت ف رجل من الصحابة ،لا كتب إل
أهل مكة يبهم بسي النب صلى ال عليه وسلم إليهم عام الفتح ،فأنزل ال هذه اليات
()12
سبيل النجاة والفكاك
بب هذا الكتاب ،وبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم علي بن أب طالب ف أثر الرأة
الت ذهبت بالكتاب ،فوجده ف عقيصة رأسها ،فجاء الرجل إل النب صلى ال عليه وسلم
يعتذر ويلف أنه ما شك ،ولكنه ليس له من يمي مَن وراءه من أهله بكة ،وأنه أراد هذا
يدا عند قريش ،وأستأذن بعض الصحابة ف قتله ،فقال النب صلى ال عليه وسلم( :وما
يدريك أن ال أطلع على أهل بدر ،فقال :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) فلول أن ذلك
الرجل كان من أهل بدر ،لقتل لجل هذا الكتاب.
ففني هذه السنورة منع سنبب نزولان ،منن الدلة على وجوب عداوة الكفار
ومقاطعتهم أدلة كثية:
فن هى تعال أ هل اليان عن اتاذ عدوه وعدو هم ول يا ،وهذا تي يج على عداوت م،
فإن عداوة العادي لربك باعثة وداعية إل عداوتك له.
ث قال{ :تلقون إليهم بالودة} وهذا كاف ف إبطال شبهة الشبهي ،فإنه إذا أنكر
علي هم موالة الشرك ي وموادت م قالوا :ل ي صدر م نا ذلك ،و هم مع ذلك يعينون أ هل
الباطل بأموالم ،ويذبون عنهم بألسنتهم ،ويكاتبونم بعورات السلمي.
فأ ين هذا من الكتاب الذي نزلت ف يه هذه ال سورة؟ و قد ساه ال إلقاء بالودة!،
وهذا ظاهر جدا.
ث قال{ :وقد كفروا با جاءكم من الق يرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بال
رب كم} فذ كر ما يد عو إل عداوت م :و هو كفر هم بال ق الذي جاء نا من ع ند ال،
وإخراجهم النب صلى ال عليه وسلم وأهل السلم ،لجل اليان بال.
ث حذر تعال من موالتم ،بأنه يعلم السر و العلنية ،وهذا تديد شديد.
()13
سبيل النجاة والفكاك
ث قال{ :ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل} أي :من يتول أعداء ال ،ويلقي
إليهم بالودة ،ويسر إليهم ،فقد أخطأ الصراط الستقيم ،وخرج عن طريق الصواب.
ثن قال{ :إن يثقفوكنم يكونوا لكنم أعداءًا} فنبي أنمن إن قدروا على السنلم،
وا ستولوا عل يه :ساموه سوء العذاب ،وب سطوا إل يه أيدي هم وأل سنتهم بالضرب أو الق تل،
وبالكلم الغل يظ ،ولو كان يوالي هم ويكاتب هم ف حال بعده عن هم ،فإن م ل يرضون ع نه
وي سلمونه من شر هم ،ح ت يكون دي نه دين هم ،ولذا قال{ :وودوا لو تكفرون} وك ما
قال{ :ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى حت تتبع ملتهم}.
ث قال{ :لن تنفعكم أرحامكم ول أولدكم يوم القيامة} فبي أن كون الرجل له
أرحام وأولد عند الشركي ،ل يبيح له موالتم ،كما اعتذر هذا الرجل بأن له ف مكة
أرحاما وأولدا ،فلم يعذره ال تعال ،فإنه يب على النسان أن يكون ال ورسوله أحب
إليه ما سواها ،ول يصل اليان حت يكون الرسول أحب إل النسان من ولده ووالده
والناس أجعي.
فقوله{ :لن تنفعكنم أرحامكنم ول أولدكنم يوم القيامنة} أي :لن ينجوكنم منن
عذاب ال ،فكينف تقدمونمن على مراد ال؟ ،ولجلهنم توالون أعداء ال!! وال تعال
مطلع عليكم ،بصي بأقوالكم وأعمالكم ونيّاتكم.
ث بي أن هذا الذي دلم عليه من موالة الؤمني ،وناهم عنه من موالة الكافرين:
ليس هو أمرا لم وحدهم ،بل هو الصراط الستقيم الذي عليه جيع الرسلي فقال{ :قد
كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين معه} أي :من الرسلي {إذ قالوا لقومهم إنا
برءاء منكم وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا
حت تؤمنوا بال وحده}.
فقوله{ :قد كانت لكم أسوة حسنة} كقوله تعال{ :ث أوحينا إليك أن اتبع ملة
إبراهيم حنيفا}.
فأمرنا سبحانه وتعال أن نتأسى بإبراهيم الليل ومن معه من الرسلي ف قولم:
{إنا برءاء منكم} ،إل آخره ،وإذا كان واجبا على السلم أن يقول هذا لقومه الذين هو
بي أظهرهم ،فكونه واجبا للكفار البعدين عنه الخالفي له ف جيع المور ،أبي وأبي.
()14
سبيل النجاة والفكاك
وهاهنا نكتة بديعة ف قوله{ :إنا برءاء منكم وما تعبدون من دون ال} :وهي
أن ال تعال قدم الباءة من الشركي العابدين غي ال ،على الباءة من الوثان العبودة من
دون ال ،لن الول أ هم من الثا ن ،فإ نه قد ي تبأ من الوثان ول ي تبأ م ن عبد ها ،فل
يكون آتيا بالواجنب علينه ،وأمنا إذا تنبأ منن الشركين ،فإن هذا يسنتلزم الباءة منن
معبوداتم.
ثن قال{ :كفرننا بكنم وبدا بينننا وبينكنم العداوة والبغضاء أبدا} فقوله{ :وبدا}
أي :ظهنر وبان .وتأمنل تقدين العداوة على البغضاء ،لن الول أهنم منن الثانينة ،فإن
الن سان قد يب غض الشرك ي ول يعادي هم فل يكون آتيا بالوا جب عل يه ح ت ت صل م نه
العداوة والبغضاء ،ولبند أيضا منن أن تكون العداوة والبغضاء باديتين ،أي :ظاهرتين
بينتي.
واعلم انه وإن كانت البغضاء متعلقة بالقلب ،فإنا ل تنفع حت تظهر آثارها وتبي
علماتا ،ول تكون كذلك حت تقترن بالعداوة والقاطعة ،فحينئذ تكون العداوة والبغضاء
ظاهرتين ،وأمنا إذا وجدت الوالة والواصنلة ،فإن ذلك يدل على عدم البغضاء ،فعلينك
بتأ مل هذا الو ضع فإ نه يلو ع نك شبهات كثية ،ث قال{ :إن ا ينها كم ال عن الذ ين
قاتلوكم ف الدين ،وأخرجوكم من دياركم ،وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ،ومن
يتولمن فأولئك هنم الظالون} فذكنر سنبحانه وتعال أفعال تدعنو إل مقاطعتهنم ،وترك
موالتم ،وهي :أنم يقاتلون ف الدين ،أي :من أجله ،يعن أن الذي حلهم على قتالكم
ما أنتم عليه من الدين لعداوتم له ،وأيضا يرجون الؤمني من ديارهم ،ويعاونون على
إخراجهم ،فمن تولهم مع ذلك فهو من أظلم الظالي.
وف هذه الية :أعظم الدليل وأوضح البهان على أن موالتم مرمة منافية لليان،
وذلك أ نه قال{ :إن ا ينها كم ال} فج مع ب ي لف ظة :إن ا ،الفيدة للح صر ،وب ي الن هي
()15
سبيل النجاة والفكاك
الصريح ،وذكر الصال الثلث ،وضمي الصر وهو لفظة هم ث ذكر الظلم العرف بأداة
التعريف.
ث قال{ :يا أيها الذين آمنوا ل تتولوا قوما غضب ال عليهم قد يئسوا من الخرة
كما يئس الكفار من أصحاب القبور} فنهى سبحانه أهل اليان عن موالة الذين غضب
ال عليهم ،فل يسن من الؤمن ول يوز منه أن يوال من فعل ما يغضب ال تعال من
الكفر ،فإن موالته له تناف اليان بال تعال.
()16
سبيل النجاة والفكاك
فصل
وهاه نا أمور ي ب الت نبيه علي ها ،ويتع ي العتناء ب ا ،لي تم لفاعل ها مان بة د ين
الشركي:
وقد نى ال تعال عن اتباعها ،قال تعال{ :ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى
ح ت تت بع ملت هم قل إن هدى ال هو الدى ولئن أتب عت أهواء هم ب عد الذي جاءك من
العلم ما لك من ال من ول ول نصي}.
قال شيخ السلم :فانظر كيف قال ف الب {ملتهم} ،وقال ف النهي {أهواءهم}
لن القوم ل يرضون إل باتباع اللة مطل قا ،والز جر و قع عن اتباع أهوائ هم ف قل يل أو
كث ي ،وقال تعال لو سى وهارون{ :فا ستقيما ول تتبعان سبيل الذ ين ل يعلمون} ،وقال
موسى لخيه هارون{ :أخلفن ف قومي وأصلح ول تتبع سبيل الفسدين} ،وقال تعال:
{و من يشا قق الر سول من ب عد ما تبي له الدى ويت بع غ ي سبيل الؤمن ي نولّه ما تول
ونصله جهنم وساءت مصيا} ،وقال تعال{ :وأنزلنا إليك الكتاب بالق مصدقا لا بي
يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم با أنزل ال ول تتبع أهواءهم عما جاءك من
الق} ،إل قوله{ :ول تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل ال إليك}،
وقال تعال{ :ولقند آتيننا بنن إسنرائيل الكتاب والكنم والنبوة ورزقناهنم منن الطيبات
وفضلناهم على العالي .وآتيناهم بينات من المر فما اختلفوا إل من بعد ما جاءهم العلم
بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يتلفون .ث جعلناك على شريعة
من ال مر فاتبع ها ول تت بع أهواء الذ ين ل يعلمون .إن م لن يغنوا ع نك من ال شيئا وإن
الظالي بعضهم أولياء بعض وال ول التقي}.
()17
سبيل النجاة والفكاك
قلت :فإذا كان اتباع أهواء جيع الكفار وسلوك ما يبونه منهيا عنه ومنوعا منه،
فهذا هو الطلوب ،وما ذاك إل خوفا من إتباعهم ف أصل دينهم الباطل.
وقال تعال{ :وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من
العلم ما لك من ال من ول ول واق} فأ خب سبحانه :أ نه أنزل كتا به حك ما عرب يا ،ث
توعده على اتباع أهواء الكفار بذا الوعيند الشديند .وقال تعال{ :ول تتبنع أهواء الذينن
كذبوا بآيات نا والذ ين ل يؤمنون بالخرة و هم برب م يعدلون} ،إل غ ي ذلك من اليات
الدالة على وجوب ترك أهواء الكافرين ،وتري اتباعها ،وأنه من أعظم القوادح ف الدين.
فإذا كان منن أطاع الحبار وهنم العلماء ،والرهبان وهنم العبّاد فن ذلك ،فقند
اتذهم أربابا من دون ال ،فمن أطاع الهال والفساق ف تري ما أحل ال ،أو تليل ما
حرم ال فقد اتذهم أربابا من دون ال ،بل ذلك أول وأحرى.
()18
سبيل النجاة والفكاك
و قد ن ى ال عن ذلك ،فقال تعال{ :ول تركنوا إل الذ ين ظلموا فتم سكم النار
و ما ل كم من دون ال من أولياء ث ل تن صرون} فن هى سبحانه وتعال عن الركون إل
الظلمة ،وتوعد على ذلك بسيس النار وعدم النصر ،والشرك هو أعظم أنواع الظلم ،كما
قال تعال{ :إن الشرك لظلم عظيم} فمن ركن إل أهل الشرك ،أي :مال إليهم أو رضي
بشيء من أعمالم ،فإنه مستحق لن يعذبه ال بالنار ،وأن يذله ف الدنيا والخرة.
وقال تعال{ :ولول أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليل إذا لذقناك ضعف
الياة وض عف المات ث ل ت د لك علي نا ن صيا} فأ خب سبحانه وتعال :أ نه لول ت ثبيته
لرسوله صلى ال عليه وسلم ،لركن إل الشركي شيئا قليل ،وأنه لو ركن إليهم لذاقه
عذاب الدن يا والخرة مضاع فا ،ول كن ال ثب ته فلم ير كن إلي هم ،بل عادا هم وق طع ال يد
منهم.
ولكن إذا كان الطاب للنب صلى ال عليه وسلم مع عصمته ،فغيه أول بلحوق
هذا الوعيد به.
قال ال تعال{ :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حادّ ال ورسوله
ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانم أو عشيتم}.
قال شيخ السلم :فأخب سبحانه وتعال أنه ل يوجد مؤمن يواد كافرا ،فمن واد
الكفار فليس بؤمن .اهن.
قلت :فإذا كان ال تعال قند نفنى اليان عمنن واد أباه وأخاه وعشيتنه إذا كانوا
مادّين ال ورسوله ،فمن واد الكفار البعدين عنه ،فهو أول بأن ل يكون مؤمنا.
لن ا تورث نوع مودة وم بة وموالة ف البا طن ،ك ما أن الح بة ف البا طن تورث
الشابة ف الظاهر.
()19
سبيل النجاة والفكاك
فإذا كانت الشابة ف أمور دنيوية تورث الحبة والوالة لم ،فكيف بالشابة ف
أمور دين ية؟! فإن إفضاء ها إل نوع من الوالة أك ثر وأ شد ،هذا كلم ش يخ ال سلم ا بن
تيمية.
()20
سبيل النجاة والفكاك
قال ش يخ ال سلم :وإ سناده ج يد ،وأ قل أحواله أن يقت ضي تر ي التش به ب م ،وإن
كان ظاهره يقتضي كفر التشبه بم ،كما ف قوله تعال{ :ومن يتولم منكم فإنه منهم}.
وهو نظي ما سنذكره عن عبد ال بن عمرو ،أنه قال :من بن بأرض الشركي،
وصنع نيوزهم ومهرجانم ،وتشبه بم حت يوت حشر معهم يوم القيامة .وقد ثبت عن
عائشة ،أنا كرهت الختصار ف الصلة ،وقالت :ل تشبهوا باليهود.
وروى البيهقي بإسناد صحيح ،عن عمرو بن دينار ،قال :قال :عمر بن الطاب:
ل تعلموا رطاننة العاجنم ،ول تدخلوا على الشركين فن كنائسنهم يوم عيدهنم ،فإن
السخطة تنل عليهم.
وروى بإسناد صحيح ،عن أب أسامة حدثنا عوف ،عن أب الغية عن عبد ال بن
عمرو ،قال :من ب ن ببلد العا جم ،ف صنع نيوز هم ومهرجان م ،وتش به ب م ح ت يوت
وهو كذلك ،حُشر معهم يوم القيامة.
فهذا ع مر ن ى عن تعلم ل سانم ،و عن مرد دخول الكني سة علي هم يوم عيد هم،
فك يف بف عل ب عض أفعال م؟ أو ف عل ما هو من مقتضيات دين هم؟! ألي ست موافقت هم ف
الع مل أع ظم من الواف قة ف الل غة؟ أول يس ع مل ب عض أعمال عيد هم أع ظم من مرد
الدخول عليهم ف عيدهم؟!
()21
سبيل النجاة والفكاك
وإذا كان السخط ينل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم ،فمن يشركهم ف العمل
أو بعضه ،أليس قد تعرض إل العقوبة.
وعن عمرو بن ميمون الودي ،قال :قال عمر رضي ال عنه :كان أهل الاهلية ل
يفيضون من ج ع ح ت تطلع الش مس ،ويقولون :أشرق ثبي كي ما نغ ي ،فخالف هم ال نب
صلى ال عليه وسلم ،وأفاض قبل طلوع الشمس.
وقند روي فن هذا الدينث فيمنا أظننه أننه قال( :خالف هديننا هدي الشركين)
وكذلك كانوا يفيضون من عرفات ق بل غروب الش مس ،فخالف هم ال نب صلى ال عل يه
وسلم بالفاضة بعد الغروب.
وروى اللل ،عن م مد بن سيين :أن حذي فة أ تى بيتا ،فرأى ف يه شيئا من زِي
العجم ،فخرج ،وقال :من تشبه بقوم فهو منهم .وقال علي بن أب صال السواق :كنا ف
ولي مة ،فجاء أح د بن حن بل ،فل ما د خل ن ظر إل كر سي ف الدار عل يه ف ضة ،فخرج،
فلحقه صاحب الدار ،فنفض يده ف وجهه وقال :زي الجوس ،زي الجوس!!
وعن قيس بن أب حازم ،قال :دخل أبو بكر ،على امرأة من أحس يقال لا :زينب
فرآ ها ل تتكلم ،فقال :ما ل ا ل تتكلم؟ فقالوا :ح جت م صمتة ،فقال ل ا :تكل مي ،فإن
()22
سبيل النجاة والفكاك
هذا ل يل ،هذا من عمل الاهلية ،فتكلمت ،فقالت :من أنت؟ قال :امرء من الهاجرين،
قالت :أي الهاجرين؟ قال :من قريش ،قالت :من أي قريش؟ قال :إن كِ لسؤول ،أنا أبو
بكنر ،فقالت :منا بقاؤننا على هذا المنر الصنال الذي جاء ال بنه بعند الاهلينة؟ قال:
بقاؤكم عليه ما استقامت لكم أئمتكم ،قالت :وما الئمة؟ قال :أما كان لقومك رؤساء
وأشراف يأمرونمن فيطيعونمن؟ ،قالت :بلى ،قال :فهنم أولئك على الناس ،رواه البخاري
ف صحيحه.
فأخب أبو بكر رضي ال عنه :أن الصمت الطلق ل يل ،وعقب ذلك بقوله :هذا
من عمل الاهلية ،قاصدا بذلك عيب هذا العمل وذمه ،وتعقيب الكم بالوصف دليل
على أن الوصف علّة فدل على أن كونه من عمل الاهلية وصف يوجب النهي عنه والنع
منه.
وقد كتب عمر بن الطاب رضي ال تعال عنه ،إل السلمي القيمي ببلد فارس:
إياكم وزي أهل الشرك.
وروى أحد بن حنبل ف السند :أن عمر بن الطاب رضي ال عنه كان بالابية،
فذكر فتح بيت القدس ،قال حاد بن سلمة :فحدثن أبو سنان ،عن عبيد بن آدم ،قال
سعت عمر رضي ال عنه يقول لكعب ،أين ترى أن أصلي ،قال :إن أخذت عن صليت
خلف الصنخرة ،فكاننت القدس كلهنا بين يدينك ،فقال عمنر رض ال عننه ،ضاهينت
اليهود!! ل ،ول كن أ صلي ح يث صلى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ،فتقدم إل القبلة
فصلى ،ث جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة ف ردائه ،وكنس الناس.
فعاب رضي ال عنه على كعب مضاهاة اليهودية ،أي :مشابتها ف مرد استقبال
ال صخرة ،ل ا ف يه من مشاب ة من يعتقد ها قبلة باق ية وإن كان ال سلم ل يق صد أن ي صلي
إليها.
وقد كان لعمر رضي ال عنه ف هذا الباب من السياسات الحكمة ،ما هي مناسبة
لسائر سيته الرضية ،فإنه رضي ال عنه هو الذي استحالت ذَنوبُ السلم ف يده غربا،
فلم يفرِ عبقريٌ فريه ،حت صدر الناس بعطن ،فأعز السلم وأذل الكفر وأهله وأقام شعار
()23
سبيل النجاة والفكاك
الد ين النيف ،وم نع من كل أمر ف يه تذرع إل نقض عُرى السلم ،مطيعا ف ذلك ل
ولرسوله ،وقافا عند كتاب ال ،متثل لسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،متذيا حذو
صاحبه ،مشاورا ف أموره للسابقي الولي ،حت أن العمدة ف الشرط على أهل الكتاب
على شروطه ،وحت منع من استعمال كافر أو ائتمانه على المة وإعزازه بعد إذ أذله ال
وحت روي أنه حرق الكتب العجمية ،وهو الذي منع أهل البدع أن ينبغوا وألزمهم ثوب
الصغار.
وروى اللل عن عكر مة ،عن ا بن عباس :ا نه سأل ر جل أأحت قن؟ ،قال :ل ت بد
العورة ،ول ت ست ب سنة الشركي .فقوله :ل ت ست ب سنة الشركي عام ،وروى أ بو داود
عن أنس :أنه دخل عليه غلم وله قرنان أو قصتان ،فقال :احلقوا هذين أو قصوها ،فإن
هذا زي اليهود.
علل الن هي عنه ما بأن ذلك زي اليهود ،وتعل يل الن هي بعلة يو جب أن تكون العلة
مكروهة ،مطلوبا عدمها ،نقل ذلك شيخ السلم.
وقال أيضا ،عند قوله صلى ال عليه وسلم( :هل با عيد من أعياد الاهلية) :وهذا
ن ي شد يد عن أن يف عل ش يء من أعياد الاهل ية على أي و جه كان ،وأعياد الكفار من
الكتابي ي والمي ي ف د ين ال سلم من ج نس وا حد ،ك ما أن ك فر الطائفت ي سواء ف
التحر ي ،وإن كان بع ضه أ شد تري ا من ب عض ،وإذا كان الشارع قد ح سم مادة أعياد
أهل الوثان خشية أن يتدنس السلم بشيء من أمر الكفار الذين يئس الشيطان أن يقيم
أمر هم ف جزيرة العرب ،فالش يه من تدنسه بأوضار الكتابي ي الباقي أ شد ،والن هي ع نه
أوكد.
فليس بعد حرصه على أمته ونصحه لم غاية صلى ال عليه وسلم ،وكل ذلك من
فضل ال عليه وعلى الناس ،ولكن أكثر الناس ل يعلمون.
()24
سبيل النجاة والفكاك
قلت :فإذا كانت مبالغته صلى ال عليه وسلم ف أمر أمته بخالفة الكفار ،إنا هي
خو فا من أن تكون مشابت هم ف الدي الظا هر ،مؤد ية وجارّة إل الواف قة والوالة ،ف ما
بال كثي من يدّعي السلم قد وقع ف الحذور بعينه ،وهم مع ذلك يسبون أنم يسنون
صنعا؟!!
وروى أبو داود ف سننه وغيه من حديث هشيم ،أخبنا أبو بشر ،عن أب عمي
بن أنس ،عن عمومة له من النصار ،قال :اهتم النب صلى ال عليه وسلم للصلة ،وكيف
ي مع الناس ل ا ،فذكروا له شبور اليهود ،فلم يعج به ذلك ،وقال ( :هو من أ مر اليهود)،
وقال( :فذكروا له الناقوس ،فقال( :هو من أمر النصارى )...الديث.
قال ف القاموس :شبور كتنور .البوق الذي ينفخ فيه ويزمر .اهن.
والغرض :أننه صنلى ال علينه وسنلم لان كره بوق اليهود النفوخ بالفنم وناقوس
النصارى الضروب باليد ،علل هذا بأنه من أمر اليهود ،وعلل هذا بأنه من أمر النصارى،
لن ذكر الوصف عقيب الكم يدل على أنه علة له ،وهذا يقتضي نيه عما هو من أمر
اليهود والنصارى ،ويقتضي كراهة هذا النوع من الصوات مطلقا ف غي الصلة أيضا،
لنه من أمر اليهود والنصارى.
فإن النصنارى كانوا ،يضربون بالنواقينس فن أوقات متعددة غين أوقات عباداتمن،
وإنا شعار الدين النيف الذان التضمن للعلن بذكر ال سبحانه ،الذي به تفتح أبواب
السماء وترب الشياطي ،وتنل الرحة ،وقد أبتُلي كثي من هذه المة من اللوك وغيهم
بذا الشعار اليهودي والنصنران ،وهذه الشابةن لليهود والنصنارى وللعاجنم منن الروم
والفرس ،ل ا غل بت على ملوك الشرق هي وأمثال ا ،م ا خالفوا به هدي ال سلمي ودخلوا
في ما كر هه ال ور سوله ،سلط ال علي هم الترك الكافرون الوعود بقتال م ،ح ت فعلوا ف
العباد والبلد ما ل يرِ ف دولة ال سلم مثله ،وذلك ت صديق قوله صلى ال عل يه و سلم:
(لتركب سنن من كان قبلكم) .انتهى من القتضاء.
وك ما و قع من العقو بة على مال فة هدي ال سلمي بت سليط الترك الكفار على ما
ذكره ش يخ ال سلم ،و قع نظيه ف هذه الزمان ،فإن النت سبي إل ال سلم ل ا سلكوا
كثيا من هدي اليهود والنصارى وأهل الاهلية الشركي والعاجم أعداء الدين وتشبهوا
بم ف كثي من المور سلط عليه الترك الكافرون الارجون عن شرائع السلم.
()25
سبيل النجاة والفكاك
فجرى على السلم من عظيمة ،وأمور كبية حت أنم يذلون الرئيس ،ويتهنون
الشينخ الكنبي ،ول يرحون العاجنز ،ول الضعينف فأفسندوا الديان ،وخربوا البلدان،
وأهانوا البدان ،وذلك بك مة الديان عقو بة على الظلم والع صيان ،وال ال ستعان وعل يه
التكلن.
ولكنن منن رحةن ال تعال أن القن ل يزول ،ويأبن ال إل إظهار دينن الرسنول:
{يريدون أن يطفئوا نور ال بأفواه هم ويأ ب ال إل أن ي تم نوره ولو كره الكافرون .هو
الذي أر سل ر سوله بالدى ود ين ال ق ليظهره على الد ين كله ولو كره الشركون} فإذا
م ص ال أ هل اليان وانت هى ما عاقب هم به على الع صيان ،وش خت أنوف أ هل الف ساد
والكفران ،وظنوا أن الدولة لم ف غابر الزمان ،أظهر ال عليهم شس السلم واليان،
فمزقهم با ف أقرب أوان ،وشردهم إل أقصى البلدان ،قال ابن القيم رحه ال تعال:
وقال أيضا:
وقال شينخ السنلم فن الكلم على شروط أهنل الذمنة :وذلك يقتضني إجاع
ال سلمي على التمي يز عن الكفار ظاهرا ،وترك التش به ب م ،ول قد كان أمراء العدل م ثل
العمرين وغيهم يبالغون ف تقيق ذلك با يتم به القصود.
وقد روى أبو الشيخ الصبهان ،أن عمر رضي ال عنه كتب :أن ل تكاتبوا أهل
الذمة فتجري بينكم وبينهم الودة ،ول تكنوهم ،وأذلوهم ،ول تظلموهم.
ث قال :ومن جلة الشروط :ما يعود بإخفاء منكرات دينهم ،وترك إظهارها ،ومنها
ما يعود بإخفاء شعار دين هم ،فات فق ع مر ر ضي ال ع نه وال سلمون م عه و سائر العلماء
بعد هم ومن وف قه ال عز و جل ،من ولة ال مر :على منع هم من أن يظهروا ف ال سلم
شيئا ما يتصون به ،مبالغة ف أن ل يظهر ف دار السلم خصائص الشركي.
()26
سبيل النجاة والفكاك
ومنها ما يعود بترك إكرامهم ،وإلزامهم الصغار الذي شرعه ال تعال ،ومن العلوم
أن تعظيم أعيادهم ونوها بالوافقة فيها نوع من إكرامهم ،فإنم يفرحون بذلك ،ويسرون
به ،كما يغتمون بإهال أمر دينهم الباطل.
قال ش يخ ال سلم أيضا :وقال تعال{ :إن الذ ين فرقوا دين هم وكانوا شي عا ل ست
منهنم فن شينء} ومعلوم أن الكفار فرقوا دينهنم وكانوا شيعنا ،كمنا قال تعال{ :ول
تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا} وقد قال لنبيه{ :لست منهم ف شيء} وذلك يقتضي
تبؤه منهم ف جيع الشياء.
و من تا بع غيه ف ب عض أموره ،ف هو م نه ف ذلك ال مر ،لن قول القائل :أ نا من
هذا ،وهذا من .أي :أنا من نوعه ،وهو من نوعي ،لن الشخصي ل يتحدان إل بالنوع،
كما ف قوله{ :بعضهم من بعض} ،وقوله عليه السلم لعلي( :أنت من وأنا منك).
وقول القائل :ل ست من هذا ف ش يء .أي :أ نا م تبئ من ج يع أموره .وإذا كان
ال قد برأ رسوله من جيع أمورهم ،فمن كان متابعا للرسول صلى ال عليه وسلم حقيقة
كان متبئا كتبئه ،ومن كان موافقا لم كان مالفا للرسول صلى ال عليه وسلم بقدر
موافقته لم ،فإن الشخصي الختلفي من كل وجه ،كلما شابت أحدها خالفت الخر.
وقال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} ،وقال تعال:
{أل تر إل الذ ين تولوا قو ما غ ضب ال علي هم ما هم من كم ول من هم} يع يب بذلك
النافقي الذين تولوا اليهود ،إل قوله{ :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوآدون من
حآد ال ورسنوله} ،إل آخنر السنورة ،وقال تعال{ :إن الذينن آمنوا وهاجروا وجاهدوا
بأموال م وأنف سهم ف سبيل ال والذ ين آووا ون صروا أولئك بعض هم أولياء ب عض} ،إل
آخر السورة.
فع قد سبحانه وتعال :الوالة ب ي الهاجر ين والن صار ،وب ي من آ من من بعد هم
وهاجر وجاهد إل يوم القيامة.
والهاجر من هجر ما نى ال عنه ،والهاد باق إل يوم القيامة ،وقال تعال{ :إنا
ولي كم ال ور سوله والذ ين آمنوا} اليت ي ،ونظائر هذا ف غ ي مو ضع من القرآن ،يأ مر
()27
سبيل النجاة والفكاك
سبحانه بوالة الؤمني حقا الذين هم حزبه وجنده ،ويب أن هؤلء ل يوالون الكافرين،
ول يوادنم ،والوالة والوادة :وإن كانت متعلقة بالقلب ،لكن الخالفة ف الظاهر ،أعون
على مقاطعة الكافرين ومباينتهم.
مشاركتهم ف الظاهر ،وإن ل تكن ذريعة ،أو سببا قريبا أو بعيدا إل نوع ما من
الوالة والوادة :فلينس فيهنا مصنلحة القاطعنة والبايننة ،منع أنان تدعنو إل نوع منا منن
الواصنلة ،كمنا توجبنه الطبيعنة ،وتدل علينه العادة ،ولذا كان السنلف رضني ال عنهنم
يستدلون بذه اليات ،على ترك الستعانة بم ف الوليات.
وكما دل عليه معن الكتاب ،جاءت سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وسنة
خلفائه الراشدين الت أجع الفقهاء عليها بخالفتهم وترك التشبه بم.
ففي الصحيحي ،عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه
و سلم( :إن اليهود والن صارى ل ي صبغون فخالفو هم) أ مر بخالفت هم ،وذلك يقت ضي أن
يكون ج نس مالفت هم أمرا مق صودا للشارع ،ل نه إن كان ال مر ب نس الخال فة ح صل
القصود ،وإن كان المر بخالفة ف تغيي الشعر فقط فهو لجل ما فيه من الخالفة.
فالخالفنة :إمنا علة مفردة ،أو علة أخرى ،أو بعنض علة ،وعلى التقديرات تكون
مأمورا با ،مطلوبة من الشارع.
وقال تعال{ :والذينن ل يشهدون الزور} قال الضحاك :الزور ،عيند الشركين.
رواه أ بو الش يخ بإ سناده ،وبإ سناده ع نه الزور :كلم الشرك .وبإ سناده عن ا بن مرة :ل
يالؤون أهل الشرك على شركهم ،ول يالطونم.
وبإسناده عن عطاء بن يسار قال :قال عمر( :إياكم ورطانة العاجم ،وأن تدخلوا
على الشركي يوم عيدهم ف كنائسهم).
()28
سبيل النجاة والفكاك
وقول هؤلء التابع ي :إ نه أعياد الكفار .ل يس مال فا لقول بعض هم :إ نه الشرك ،أو
صنم كان ف الاهل ية .ولقول بعض هم :إ نه مالس ال نا .وقول بعض هم :إ نه الغناء .لن
عادة ال سلف ف تف سيهم هكذا ،يذ كر الر جل نو عا من أنواع ال سمى ،لا جة ال ستمع
إليه ،أو لينبه به على النس.
ووجه تفسي التابعي :أن الزور :هو الح سّن الموّه ،حت يظهر بلف ما هو عليه
فن القيقنة .ولذا فسنره السنلف :تارة بان يظهنر حسننه لشبهنة ،أو لشهوة .فإن الشرك
ونوه :يظهر حسنه للشبهة ،والغناء ونوه :يظهر حسنه للشهوة.
وأما أعياد الشركي :فجمعت الشبهة والشهوة ،وهي باطلة ،إذ ل منفعة فيها ف
الد ين ،و ما في ها من اللذة العاجلة فعاقبت ها الل ،ف صارت زورا ،وشهود ها :حضور ها.
وإذا كان ال قند مدح ترك شهودهنا الذي هنو مرد الضور برؤينة أو سناع ،فكينف
بالوافقة با يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور ل مرد شهوده؟!!
واعلم أنا لو ل نعلم من موافقتهم إل ما قد أفضت إل هذه القبائح ،لكان عملنا با
وافقت الطباع عليه ،واستدللنا بأصول الشريعة :يوجب النهي عن هذه الذريعة ،فكيف
و قد رأي نا من النكرات ال ت أف ضت إلي ها الشاب ة ،م ا قد يو جب الروج عن ال سلم
بالكلية!!
وسر هذا :أن الشابة تفضي إل كفر أو معصية غالبا ،أو تفضي إليهما ف الملة،
وما أفضى إل ذلك كان مرما.
فهذا بعض ما جاء من الدلة ف النهي عن مشابة الشركي والكفار ،ولكن رحم
ال من تن به لل سر الذي سيق الكلم لجله و هو :أن الشاب ة ف الدي الظا هر ،إن ا ن ي
عنها ،لنا تورث نوع مودة وموالة ف الباطن ،وتفضي أيضا إل كفر أو معصية ،وهذا
هو السبب ف تريها والنهي عنها .فإذا علمت ذلك ،وتبي ما وقع فيه كثي من الناس أو
أكثرهم من موالة الكفار والشركي ،الت إنا ني عن هذه المور خوفا من الوقوع فيها
تبي لك أن م وقعوا ف ن فس الحذور ،وتو سطوا مفازة الهل كة .وال الادي إل سواء
الصراط.
()29
سبيل النجاة والفكاك
فصل
ف ذكر جوابات عن إيرادات أوردها بعض السلمي على أولد شيخ
السلم ممد بن عبد الوهاب رحهم ال تعال وعفا عنهم
فمكن ذلك :مكا قولككم فك رجكل دخكل هذا الديكن وأحبكه ،ولككن ل يعادي
الشركي ،أو عاداهم ول يكفرهم ،أو قال :أنا مسلم ولكن ما اقدر أكفر أهل ل إله
إل ال ،ولو ل يعرفوا معناها؟! ورجل دخل هذا الدين وأحبه ،ولكن يقول :ل أتعرض
القباب وأعلم أنا ل تضر ول تنفع ولكن ل أتعرضها.
الواب:
أن الرجل ل يكون مسلما إل إذا عرف التوحيد ،ودان به ،وعمل بوجبه ،وصدق
الرسول صلى ال عليه وسلم فيما أخب به ،وأطاعه فيما نى عنه وأمر به ،وآمن به وبا
جاء به.
()30
سبيل النجاة والفكاك
ف من قال ل أعادي الشرك ي أو عادا هم ول يكفر هم ،أو قال :ل أتعرض أ هل ل
إله إل ال ،ولو فعلوا الكفر والشرك ،وعادوا دين ال ،أو قال :ل أتعرض القباب ،فهذا ل
يكون مسلما ،بل هو من قال ال فيهم{ :ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون
أن يتخذوا بي ذلك سبيل .أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}.
وال سبحانه وتعال :أو جب معاداة الشرك ي ومنابذت م ،وتكفي هم ،فقال{ :ل
تدن قومنا يؤمنون بال واليوم الخنر يوآدون منن حآد ال ورسنوله ولو كانوا آباءهنم أو
أبناء هم أو إخوان م أو عشيت م} ،وقال تعال{ :و من يتول م من كم فإ نه من هم إن ال ل
يهدي القوم الظالين} ،وقال تعال{ :ينا أيهنا الذينن آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكنم
أولياء تلقون إليهم بالودة وقد كفروا با جاءكم من الق يرجون الرسول} اليات وال
أعلم .نقل من :جواب الشيخ حسي بن الشيخ ممد بن عبد الوهاب وأخيه عبد ال.
وف أجوبة أخرى :ما قولكم ف الوالة والعاداة ،هل هي من معن ل إله إل ال،
أو من لوازمها؟
الواب:
أن يقال :ال أعلم ،حسنب السنلم أن يعلم أن ال افترض علينه عداوة الشركين،
وعدم موالتم ،وأوجب عليه مبة الؤمني وموالتم ،وأخب أن ذلك من شروط اليان.
ونفى اليان عمن يواد من حآد ال ورسوله ،ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانم أو
عشيتم ،وأما كون ذلك من معن ل إله إل ال ،أو من لوازمها :فلم يكلفنا ال بالبحث
عن ذلك ،وإنا كلفنا بعرفة أن ال فرض ذلك وأوجبه ،وأوجب العمل به .فهذا الفرض
والتم الذي ل شك فيه.
()31
سبيل النجاة والفكاك
فهذا بعنض الدلة الدالة على وجوب مقاطعنة الكفار والشركين ،وهني السنألة
الول.
وأ ما ال سألة الثان ية و هي :الشياء ال ت ي صي ب ا ال سلم مرتدا .فأحد ها :الشرك
بال تعال :و هو أن ي عل ل ندا من ملوقا ته ،يدعوه ك ما يد عو ال ،ويا فه ك ما ياف
ال ،أو يتوكل عليه كما يتوكل على ال ،أو يصرف له شيئا من عبادة ال.
فإذا فعل ذلك :كفر ،وخرج من السلم ،وإن صام النهار وقام الليل ،والدليل على
ذلك قوله تعال{ :وإذا مس النسان ضر دعا ربه منيبا إليه ث إذا خوّله نعمة منه نسي ما
كان يد عو إل يه من ق بل وج عل ل أنداد لي ضل عن سبيله قل ت تع بكفرك قليل إ نك من
أصحاب النار}وقوله تعال{ :ومن يدعوا مع ال إلا آخر ل برهان له به فإنا حسابه عند
ربه إنه ل يفلح الكافرون} وغي ذلك من اليات الدالة :على أن من أشرك مع ال تعال
ف عبادته ملوقا من الخلوقي ،فقد كفر وخرج من السلم وحبطت أعماله ،كما قال
تعال{ :ولو أشركوا لبط عنهم ما كانوا يعملون}.
الثا ن :إظهار الطا عة والواف قة للمشرك ي على دين هم والدل يل ،قوله تعال{:إن
الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبي لم الدى الشيطان سول لم وأملى لم .ذلك
بأنم قالوا للذين كرهوا ما نزل ال سنطيعكم ف بعض المر وال يعلم إسرارهم .فكيف
إذا توفتهم اللئكة يضربون وجوههم وأدبارهم .ذلك بأنم اتبعوا ما أسخط ال وكرهوا
رضوانه فأحبط أعمالم}.
وذكر الفقيه سليمان بن الشيخ عبد ال بن الشيخ ممد بن عبد الوهاب ف هذه
السألة ،عشرين آية من كتاب ال ،وحديثا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،استدل
ب ا على أن ال سلم إذا أظ هر الطا عة والواف قة للمشرك ي من غ ي إكراه ،إ نه يكون بذلك
مرتدا خارجا من السلم ،وإن كان يشهد أن ل إله إل ال ،ويفعل الركان المسة ،فإن
ذلك ل ينفعه.
()32
سبيل النجاة والفكاك
ففيه بيان لا يكثر وقوعه من ينتسب إل السلم ف إظهار الوافقة للمشركي خوفا
من هم ،وي ظن أ نه ل يك فر إذا كان قل به كار ها ،إل أن قال :الثال ثة ،أن الذي يك فر به
السلم ،ليس هو عقيدة القلب خاصة ،فإن هؤلء الذين ذكرهم ال ،ل يريدوا منه صلى
ال عل يه و سلم تغي ي عقيد ته ،ك ما تقدم ،بل إذا أطاع ال سلم من أشار إل يه بوافقت هم،
ل جل ماله ،أو بلده ،أو أهله ،مع كو نه يعرف كفر هم ويبغض هم ،فهذا كا فر ،إل من
أكره.
إل أن قال رحه ال :ولكن رحم ال من تنبه لسر الكلم ،وهو العن الذي نزلت
ف يه هذه اليات من كون ال سلم يوافق هم ف ش يء من دين هم الظا هر ،مع كون القلب
بلف ذلك ،فإن هذا هو الذي أرادوا من النب صلى ال عليه وسلم فافهمه فهما حسنا،
لعلك تعرف شيئا من دين إبراهيم عليه السلم ،الذي بادأ أباه وقومه بالعداوة عنده.
وقال ف سورة الك هف :التا سعة :ال سألة العظي مة الشكلة على أك ثر الناس أ نه إذا
وافقهم بلسانه مع كونه مؤمنا حقا ،كارها لوافقتهم ،فقد كذب ف قوله ل إله إل ال،
واتذ إلي اثني .وما أكثر الهل بذه ،والت قبلها.
العاشرة :أننه لو يصندر منهنم أعنن موافقنة الاكنم فيمنا أراد منن ظاهرهنم ،منع
كراهتهم لذلك ،فهو قوله{ :شططا} والشطط :الكفر.
واعلم أن إظهار الوافقة والطاعة للمشركي ،له أحوال ستأت ف السألة الثالثة ،إن
شاء ال تعال.
المر الثالث :ما يصي السلم به مرتدا ،موالة الشركي ،والدليل قوله تعال{ :يا
أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعض ومن يتولم منكم فإنه منهم إن
ال ل يهدي القوم الظالين} ،وقوله تعال{ :ل يتخنذ الؤمنون الكافرينن أولياء منن دون
الؤمني ومن يفعل ذلك فليس من ال ف شيء}.
فذكر ف الية الول :أن من تول اليهود والنصارى فهو منهم ،وظاهرها أن من
تولهم .فهو كافر مثلهم .ذكر معناه شيخ السلم ابن تيمية رحه ال تعال.
وتقدم قول عبد ال بن عتبة عند قوله{ :ومن يتولم منكم فإنه منهم} ليتق أحكم
أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو ل يشعر.
()33
سبيل النجاة والفكاك
وقال ابن جرير ف قوله تعال{ :فليس من ال ف شيء} يعن :فقد برئ من ال،
وبرئ ال منه ،لرتداده عن دينه.
وأمنا قوله{ :إل أن تتقوا منهنم تقاة} فهني كقوله{ :إل منن أكره} و سيأت بيان
ذلك ،إن شاء ال تعال.
ال مر الرا بع :اللوس ع ند الشرك ي ف مالس شرك هم ،من غ ي إنكار ،والدل يل
قوله تعال{ :وقد نزل عليكم ف الكتاب أن إذا سعتم آيات ال يكفر با ويستهزأ با فل
تقعدوا معهنم حتن يوضوا فن حدينث غيه إنكنم إذا مثلهنم إن ال جامنع النافقين
والكافرين ف جهنم جيعا}.
وف أجوبة آل الشيخ رحهم ال تعال لا سئلوا عن هذه الية وعن قوله صلى
ال عليه وسلم( :من جامع الشرك وسكن معه فإنه مثله)؟
وبذه الية ونوها ،استدل العلماء على أن الراضي بالذنب كفاعله ،فإن أدعى أنه
يكره ذلك بقلبه ل يقبل منه ،لن الكم بالظاهر ،وهو قد أظهر الكفر ،فيكون كافرا.
ولذا لا وقعت الردة ،وأدعى أناس أنم كرهوا ذلك ،ل يقبل منهم الصحابة ذلك
بل جعلوهم كلهم مرتدين ،إل من أنكر بلسانه.
وكذلك قوله ف الد يث( :من جا مع الشرك و سكن م عه فإ نه مثله) على ظاهره:
وهو أن الذي يدعي السلم ،ويكون مع الشركي ف الجتماع والنصرة ،والنل معهم
بيث يعده الشركون منهم ،فهو كافر مثلهم وإن أدعى السلم ،إل إن كان يظهر دينه،
ول يتول الشركي .اهن.
قلت :ويأت ماطبة خالد لجاعة ،وفيه :يا ماعة! تركت اليوم ما كنت عليه أمس،
وكان رضاك بأمر هذا الكذاب ،وسكوتك عنه إقرارا له .إل آخره.
()34
سبيل النجاة والفكاك
وتقدم قول عبد ال ابن عمر :من بن ببلد الشركي ،فصنع نيوزهم ومهرجانم،
وتشبه بم حت يوت ،حشر معهم يوم القيامة.
المنر الامنس :السنتهزاء بال ،أو بكتابنه ،أو برسنوله والدلينل على ذلك ،قوله
تعال { :قل أبال وآيا ته ور سوله كن تم ت ستهزئون .ل تعتذروا قد كفر ت ب عد إيان كم إن
نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي}.
أحدها :الستهزاء الصريح؛ كالذي نزلت الية فيه ،وهو قولم :ما رأينا مثل
قرائنا هؤلء أرغب بطونا ،ول أكذب ألسنا ،ول أجب عند اللقاء .ونو ذلك من أقوال
ال ستهزئي ،كقول بعض هم :دين كم هذا د ين حا مض .وقول ال خر دين كم حرق .وقول
الخر إذا رأى المرين بالعروف أو الناهي عن النكر جاءكم أهل الديك .بالكاف بدل
النون ،وقول الخر إذا رأى طلبة العلم :هؤلء الطلبة بسكون اللم وما أشبه ذلك ،ما ل
يصى إل بكلفة ما هو أعظم من قول الذين نزلت فيهم الية.
النوع الثا ن :غ ي ال صريح؛ و هو الب حر الذي ل ساحل له ،م ثل الر مز بالع ي،
وإخراج الل سان و مد الش فة ،والغ مز بال يد ع ند تلوة كتاب ال أو سنة ر سوله صلى ال
عليه وسلم ،أو عند المر بالعروف والنهي عن النكر.
المر السادس :ظهور الكراهة والغضب عند الدعوة إل ال ،وتلوة آياته ،والمر
بالعروف والن هي عن الن كر ،والدل يل على ذلك قول ال تعال{ :وإذ تتلى علي هم آيات نا
بينات تعرف ف وجوه الذين كفروا النكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل
أفأنبئ كم ب شر من ذل كم النار وعد ها ال الذ ين كفروا وبئس ال صي} فذ كر ك فر هذا
الصنف ف أول الية وآخرها.
ال مر ال سابع :كراهة ما أنزل ال على رسوله من الكتاب والكمة ،والدل يل قول
ال تعال{ :ذلك بأنم كرهوا ما أنزل ال فأحبط أعمالم}.
()35
سبيل النجاة والفكاك
ال مر الثا من :عدم القرار ب ا دلت عل يه آيات القرآن ،والحاد يث ،والجادلة ف
ذلك ،والدلينل على ذلك قوله ال تعال{ :منا يادل فن آيات ال إل الذينن كفروا فل
يغررك تقلبهم ف البلد}.
المر التاسع :جحد شيء من كتاب ال ،ولو آية أو بعضها ،أو شيئا ما جاء عن
ال نب صنلى ال علينه و سلم ،والدل يل على ذلك قول ال تعال{ :إن الذ ين يكفرون بال
ور سله ويريدون أن يفرقوا ب ي ال ور سله ويقولون نؤ من بب عض ونك فر بب عض ويريدون
أن يتخذوا ب ي ذلك سبيل .أولئك هم الكافرون ح قا وأعتد نا للكافر ين عذا با مهي نا}
وهذا أخص من الذي قبله.
المر العاشر :العراض عن تعلم دين ال والغفلة عن ذلك والدليل قول ال تعال:
{والذين كفروا عما أنذروا معرضون}.
ال مر الادي ع شر :كرا هة إقا مة الد ين والجتماع عل يه .والدل يل على ذلك قول
ال تعال{ :شرع ل كم من الد ين ما و صى به نوحا والذي أوحي نا إل يك و ما و صينا به
إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه كب على الشركي ما تدعوهم
إل يه ال ي تب إل يه من يشاء ويهدي إل يه من ين يب} فذ كر أ نه ل يكره إقا مة الد ين إل
مشرك ،وقد تبي أن من أشرك بال فهو كافر.
ال مر الثا ن ع شر :ال سحر تعل مه وتعلي مه ،والع مل بوج به والدل يل على ذلك قوله
تعال{ :وما يعلمان من أحد حت يقول إنا نن فتنة فل تكفر}.
المنر الثالث عشنر :إنكار البعنث ،والدلينل على ذلك قوله تعال{ :وإن تعجنب
فعجنب قولمن أئذا كننا ترابنا أئننا لفني خلق جديند أولئك الذينن كفروا بربمن وأولئك
الغلل ف أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.
المر الرابع عشر :التحاكم إل غي كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم،
قال ابن كثي :كما كان أهل الاهلية يكمون به من الهالت والضللت ،وكما يكم
به التتار من السياسات الأخوذة عن جنكزخان ،الذي وضع لم كتابا مموعا من أحكام
اقتبسها من شرائع شت ،فصار ف بنيه شرعا يقدمونه على الكم بالكتاب والسنة .ومن
فعل ذلك فهو كافر يب قتاله ،حت يرجع إل حكم ال ورسوله ،فل يكم سواه ف قليل
ول كثي ،قال تعال{ :أفحكم الاهلية يبغون ومن أحسن من ال حكما لقوم يؤمنون}.
()36
سبيل النجاة والفكاك
قال شيخ السلم ابن تيمية :ول ريب أن من ل يعتقد وجوب الكم با أنزل ال
على رسوله ،فهو كافر ،فمن استحل أن يكم بي الناس با يراه هو عدل من غي اتباع
لا أنزل ال ،فهو كافر ،فإنه ما من أمة إل وهي تأمر بالكم بالعدل ،وقد يكون العدل ف
دينها ما رآه أكابرهم ،بل كثي من النتسبي إل السلم يكمون بعاداتم الت ل ينلا ال
كسنوالف البادينة ،وكأوامنر الطاعين ،ويرون أن هذا هنو الذي ينبغني الكنم بنه دون
الكتاب والسنة.
وهذا هنو الكفنر ،فإن كثيا منن الناس أسنلموا ،ولكنن منع هذا ل يكمون إل
بالعادات الارية الت يأمر با الطاعون.
فهؤلء إذا عرفوا أننه ل يوز لمن الكنم إل بان أنزل ال ،فلم يلتزموا ذلك بنل
ا ستحلوا أن يكموا بلف ما أنزل ال ،ف هم كفار .انت هى .من (منهاج ال سنة النبو ية)
ذكره عند قوله سبحانه وتعال{ :ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} فرحه
ال وعفا عنه.
فهذه بعض الواضع الت دل القرآن عليها ،وإن كان قد يقال :إن بعضها يغن عن
بعنض ،أو يندرج فينه .فذكرهنا على هذا الوجنه أوضنح ،وأمنا كلم العلماء رحهنم ال
فكثي جدا ،وقد ذكر صاحب القناع أشياء كثية ف باب حكم الرتد وهو الذي يكفر
بعد إسلمه وقد لصت منه مواضع يسية.
ف من ذلك ،قوله :قال الش يخ :أو كان مبغ ضا لر سوله أو ل ا جاء به ،ك فر اتفا قا.
ومن ها قوله :أو ج عل بي نه وب ي ال و سائط يتو كل علي هم وي سألم ك فر إجا عا .ومن ها
قوله :أو وجد منه امتهان للقرآن ،أي :فيكفر بذلك .ومنها قوله :أو سخر بوعد ال ،أو
بوعيده ،أي :فيك فر بذلك .ومن ها قوله :أو ل يك فر من دان بغ ي ال سلم ،أو شك ف
كفر هم ،أي :فيك فر بذلك .ومن ها قوله :قال الش يخ :و من ا ستحل الشي شة ك فر بل
نزاع.
()37
سبيل النجاة والفكاك
قلت :و من ا ستحل موالة الشرك ي ومظاهرت م وإعانت هم على ال سلمي ،فكفره
أعظم من كفر هذا ،لن تري ذلك آكد وأشد من تري الشيشة.
ومن ها قوله :من سب ال صحابة أو أحدا من هم ،واقترن ب سبه دعوى أن عل يا إله أو
نب وأن جبائيل غلط ،فل شك ف كفر هذا ،بل ل شك ف كفر من توقف ف تكفيه.
ومنها قوله :أو زعم أن للقرآن تأويلت باطنة تسقط العمال الشروعة ،ونو ذلك ،فل
خلف ف كفر هؤلء ،ومنها قوله :أو زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول ال صلى ال
عليه وسلم إل نفرا قليل ل يبلغون إل بضعة عشر ،أو أنم فسقوا ،فل ريب أيضا ف كفر
قائل ذلك ،بل من شك ف كفره فهو كافر .انتهى ملخصا ،وعزاه للصارم السلول.
قلت :فإذا كان من ج حد مدلول آ ية (ك فر) ول تنف عه الشهادتان ،ول النت ساب
إل ال سلم ،ف ما ال ظن ب ن ج حد مدلول ثلث ي آ ية أو أربع ي آ ية! أفل يكون كافرا ل
تنفعه الشهادتان ول ادعاء السلم! بلى وال ،بلى وال.
ومنها قوله :أو جحد حل البز واللحم والاء ،أي :فيكفر بذلك ،ومنها قوله :أو
أحل الزنا ونوه ،أي :فيكفر بذلك.
قلت :ومن أحل الركون إل الكافرين ،وموادة الشركي فهو أعظم كفرا من أحل
الزنا بأضعاف مضاعفة.
()38
سبيل النجاة والفكاك
وأما هذه المور الت تقع ف هذه الزمان من النتسبي إل السلم ،بل من كثي
من ينتسب إل العلم فهي من قواصم الظهور ،وأكثرها أعظم وأفحش من كثي ما ذكره
العلماء منن الكفرات ،ولول ظهور الهنل وخفاء العلم وغلبنة الهواء لان كان أكثرهنا
متاجا لن ينبه عليه.
()39
سبيل النجاة والفكاك
فصل
ما يعذر به الرجل على موافقة الشركي
وأما السألة الثالثة :وهي ما يعذر الرجل به على موافقة الشركي ،وإظهار الطاعة
لم ،فاعلم أن إظهار الوافقة للمشركي ،له ثلث حالت:
الال الول:
أن يوافق هم ف الظا هر والبا طن فينقاد ل م بظاهره ،وي يل إلي هم ويواد هم بباط نه،
فهذا كافر خارج من السلم ،سواء كان مكرها على ذلك أو ل يكن وهو من قال ال
فيه{ :ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من ال ولم عذاب عظيم}.
الال الثان:
أن يوافق هم وي يل إلي هم ف البا طن ،مع مالف ته ل م ف الظا هر ،فهذا كا فر أي ضا،
ولكن إذا عمل بالسلم ظاهرا عصم ماله ودمه ،وهو النافق.
الال الثالث:
أحدهاك :أن يفعنل ذلك لكوننه فن سنلطانم ،منع ضربمن أو تقييدهنم له ،أو
يتهددو نه بالق تل ،فيقولون له :إ ما أن توافق نا وتظهر النقياد ل نا ،وإل قتلناك .فإ نه والالة
هذه يوز له موافقت هم ف الظا هر مع كون قل به مطمئن باليان ،ك ما جرى لعمار ح ي
أنزل ال تعال{ :إل منن أكره وقلبنه مطمئن باليان} وكمنا قال تعال{ :إل أن تتقوا
منهم تقاة} فإن اليتي متفقتي ،كما نبه على ذلك ابن كثي ف تفسي آية آل عمران.
()40
سبيل النجاة والفكاك
و هو م ن قال ال ف يه{ :ذلك بأن م ا ستحبوا الياة الدن يا على الخرة وأن ال ل يهدي
القوم الكافرين} فأخب أنه ل يملهم على الكفر الهل بالق أو بغضه ،ول مبة الباطل،
وإنا هو أن لم حظا من حظوظ الدنيا ،فآثروه على الدين .هذا معن كلم شيخ السلم
ممد بن عبد الوهاب رحه ال تعال وعفا عنه.
وأما ما يعتقده كثيا من الناس عذرا ،فإنه من تزيي الشيطان وتسويله ،وذلك أن
بعضهم إذا خوفه أولياء الشيطان خوفا ل حقيقة له ،ظن أنه يوز له بذلك إظهار الوافقة
للمشركي ،والنقياد لم.
قال شيخ السلم :تأملت الذاهب ،فوجدت الكراه يتلف باختلف الكره عليه.
فليس الكراه العتب ف كلمة الكفر ،كالكراه العتب ف البة ونوها ،فإن أحد قد نص
ف غي موضع على أن الكراه على الك فر ل يكون إل بالتعذ يب من ضرب أو قيد ،ول
يكون الكلم إكراها .وقد نص على أن الرأة لو وهبت زوجها صداقها بسكنه ،فلها أن
تر جع ،بناءا على أن ا ل ت ب إل إذا خا فت أن يطلق ها ،أو يسيء عشرت ا .فج عل خوف
الطلق أو سوء العشرة ،إكراها .ولفظه ف موضع آخر :لنه أكرهها ،ومثل هذا ل يكون
إكرا ها على الك فر ،فإن ال سي إن خشي من الكفار أن ل يزوجوه وأن يولوا بي نه وبي
امرأته ،ل يبح له التكلم بكلمة الكفر .اهن.
والقصود م نه :أن الكراه على كل مة الك فر ل يكون إل بالتعذيب :من ضرب أو
قيد ،وإن الكلم ل يكون إكراها ،وكذلك الوف من أن يول الكفار بينه وبي زوجته،
ليكون إكراها .فإذا علمت ذلك وعرفت ما وقع من كثي من الناس ،تبي لك قول النب
صلى ال عليه وسلم( :بدأ السلم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ) وقد عاد غريبا ،وأغرب
منه من يعرفه على القيقة ،وبال التوفيق.
()41
سبيل النجاة والفكاك
فصل
مسألة إظهار الدين
وأما السألة الرابعة :وهي مسألة إظهار الدين ،فإن كثيا من الناس ،قد ظن أنه إذا
قدر على أن يتل فظ بالشهادت ي ،وأن ي صلي ال صلوات ،ول يرد عن ال ساجد ،ف قد أظ هر
دي نه وإن كان مع ذلك ب ي الشرك ي ،أو ف أما كن الرتد ين .و قد غلطوا ف ذلك أق بح
الغلط.
فاعلم أن الكفنر له أنواع وأقسنام تتعدد بتعدد الكفرات ،وقند تقدم بعنض ذلك،
وكل طائفة من طوائف الكفر فل بد أن يشتهر عندها نوع منه ،ول يكون السلم مظهرا
لدينه ،حت يالف كل طائفة با اشتهر عندها ،ويصرح لا بعداوته ،والباءة منه ،فمن
كان كفره بالشرك ،فإظهار الدين عنده التصريح بالتوحيد ،أو النهي عن الشرك والتحذير
م نه ،و من كان كفره ب حد الر سالة ،فإظهار الد ين عنده الت صريح بأن ممدا ر سول ال
صلى ال عل يه و سلم ،والدعوة إل اتبا عه .و من كان كفره بترك ال صلة ،فإظهار الد ين
عنده ف عل ال صلة ،وال مر ب ا ،و من كان كفره بوالة الشرك ي والدخول ف طاعت هم،
فإظهار الدين عنده التصريح بعداوته ،والباءة منه ومن الشركي.
فأمر ال تعال نبيه صلى ال عليه وسلم أن يقول لم{ :يا أيها الناس} ،إل آخره،
أي :إذا شككتم ف الدين الذي أنا عليه ،فدينكم الذي أنتم عليه أنا برئ منه ،وقد أمرن
رب أن أكون من الؤمني الذين هم أعداؤكم ،ونان أن أكون من الشركي الذين هم
أولياؤكم.
()42
سبيل النجاة والفكاك
وقال تعال{ :قنل ينا أيهنا الكافرون .ل أعبند منا تعبدون .ول أنتنم عابدون منا
أعبد} ،إل آخر السورة.
فأمر ال رسوله صلى ال عليه وسلم أن يقول للكفار :دينكم الذي انتم عليه ،أنا
برئ منه ،ودين الذي أنا عليه أنتم برآء منه .والراد :التصريح لم بأنم على الكفر ،وأنه
برئ منهم ومن دينهم.
فمن كان متبعا للنب صلى ال عليه وسلم ،فعليه أن يقول ذلك ،ول يكون مظهرا
لدينه إل بذلك ،ولذا لا عمل الصحابة بذلك ،وآذاهم الشركون ،أمرهم النب صلى ال
عل يه و سلم بالجرة إل الب شة ،ولو و جد ل م رخ صة ف ال سكوت عن الشرك ي ،ل ا
أمرهم بذلك إل بلد الغربة.
وف السية :أن خالد بن الوليد ،لا وصل إل العرض ف مسيه إل أهل اليمامة ،لا
ارتدوا قدم مائتن فارس ،وقال :منن أصنبتم منن الناس فخذوه .فأخذوا ماعنة ،فن ثلثنة
وعشرين رجل من قومه ،فلما وصل إل خالد ،قال له :يا خالد ،لقد علمت أن قدمت
إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فبايعته على السلم ،وأنا اليوم على ما كنت عليه
أمس .فإن يك كذابا قد خرج فينا فإن ال يقول{ :ول تزو وازرة وزر أخرى} فقال :يا
ماعة ،تركت اليوم ما كنت عليه أمس ،وكان رضاك بأمر هذا الكذاب وسكوتك عنه
وأنت أعز أهل اليمامة ،وقد بلغك مسيي إقرارا له ورضاء با جاء به ،فهل أبديت عذرا،
وتكل مت في من تكلم! ،ف قد تكلم ثا مة فرد وأن كر ،وتكلم اليشكري ،فإن قلت :أخاف
قومي ،فهل عمدت إلّ ،أو بعثت إل رسول ،فقال :إن رأيت يا ابن الغية أن تعفو عن
هذا كله!! ،فقال :قد عفوت عن دمك ،ولكن ف نفسي حرج من تركك! اهن.
و سيأت ف ذ كر الجرة ،قول أولد الش يخ :إن الر جل إذا كان ف بلد ك فر وكان
يقدر على إظهار دينه عندهم ،ويتبأ منهم وما هم عليه ،ويظهروا لم كفرهم وعداوته
لم ،ول يفتنونه عن دينه لجل عشيته أو ماله ،فهذا ل يكم بكفره ...إل آخره.
والقصود منه :أن الرجل ل يكون مظهرا لدينه حت يتبأ من أهل الكفر الذي هو
بي أظهرهم ،ويصرح لم :بأنم كفار ،وأنه عدو لم ،فإن ل يصل ذلك ل يكن إظهار
الدين حاصل.
()43
سبيل النجاة والفكاك
فصل
مسألة الستضعاف
وأما السألة الامسة :وهي مسألة الستضعاف ،فإن كثيا من الناس ،بل أكثر من
ينتسب إل العلم ف هذه الزمان ،غلطوا ف معن الستضعاف ،وما هو الراد به ،وقد بي
ال ذلك ف كتابه بيانا شافيا فقال{ :وما لكم ل تقاتلون ف سبيل ال والستضعفي من
الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظال أهلها وأجعل لنا
من لدنك وليا وأجعل لنا من لدنك نصيا}.
فبي تعال مقالتهم الدالة على أنم ل يقيموا متارين للمقام ،وذلك أنم يدعون ال
أن يرجهم ،فدل على حرصهم على الروج وأنه متعذر عليهم.
ويدل على ذلك :وصنفهم أهنل القر ية بالظلم ،و سؤالم ربمن أن ي عل ل م ول يا
يتولهم ويتولونه ،وأن يعل لم ناصرا ينصرهم على أعدائهم الذين هم بي أظهرهم.
وقال تعال{ :إل الستضغفي من الرجال والنساء والولدان ل يستطيعون حيلة ول
يهتدون سبيل} فذكر ف هذه الية حالم الت هم عليها وهي أنم ل يستطيعون حيلة.
قال ابن كثي :ول يقدرون على التخلص من أيدي الشركي ،ولو قدروا ما عرفوا
يسلكون الطريق ،ولذا قال{ :ل يستطيعون حيلة} قال عكرمة :يعن نوضا إل الدينة.
{ول يهتدون سبيل} قال ماهد وعكرمة :يعن طريقا .اهن.
()44
سبيل النجاة والفكاك
وأما إذا كان يقدر على الروج من بلد الشركي ،ول ينعه من ذلك إل الشحة
بوطنه ،أو عشيته أو ماله أو غي ذلك ،فإن ال تعال ل يعذر من تعذر بذلك وساه ظالا
لنفسنه ،فقال{ :إن الذينن توفاهنم اللئكنة ظالين أنفسنهم قالوا فينم كنتنم قالوا كننا
مستضعفي ف الرض قالوا أل تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم
وساءت مصيا}.
وقال ابنن كثين رحهن ال تعال :فهذه الينة عامنة فن كنل منن أقام بين ظهرانن
الشرك ي ،و هو قادر على الجرة ول يس متمك نا من إقا مة الد ين ،ف هو مرت كب حرا ما
بالجاع وبنص الية ،حيث يقول{ :إن الذين توفاهم اللئكة ظالي أنفسهم} أي :بترك
الجرة {قالوا فيم كنتم} أي :ل مكثتم هاهنا وتركتم الجرة {قالوا كنا مستضعفي ف
الرض} أي :ل نقدر على الروج منن البلد ،ول الذهاب فن الرض {قالوا أل تكنن
أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيا}.
وروى أبو داود عن سرة بن جندب مرفوعا( :من جامع الشرك وسكن معه فإنه
مثله).
وقال السدي :لا أسر العباس وعقيل ونوفل ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم
للعباس( :أفد نفسك وأبن أخيك) قال :يا رسول ال أل نصلي قبلتك ،ونشهد شهادتك،
قال ( :يا عباس إن كم خا صمتم فخ صمتم) ث تل هذه ال ية{ :أل ت كن أرض ال وا سعة
فتهاجروا فيها} .رواه ابن أب حات اهن.
()45
سبيل النجاة والفكاك
فصل
وجوب الجرة
وأما السألة السادسة :وهي وجب الجرة وأنا باقية ،فالدليل عليه قول النب صلى
ال عليه وسلم( :ل تنقطع الجرة حت تنقطع التوبة ول تنقطع التوبة حت تطلع الشمس
من مغربا) روه أحد وأبو داود.
وقال تعال{ :إن الذ ين توفا هم اللئ كة ظال ي أنف سهم قالوا ف يم كن تم قالوا ك نا
مستضعفي ف الرض قالوا أل تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم
وساءت مصيا}.
و ف أجو بة آل الش يخ ل ا سئلوا :هل يوز للن سان أن ي سافر إل بلد الكفار،
لجل التجارة ،أم ل؟
()46
سبيل النجاة والفكاك
الواب:
إن كان يقدر على إظهار دينه ،ول يوال الشركي ،جاز له ذلك ،فقد سافر بعض
الصحابة كأب بكر رضي ال عنه ،وغيه فلم ينكر ذلك النب صلى ال عليه وسلم،كما
رواه أحد ف مسنده وغيه.
وإن كان ل يقدر على إظهار ديننه ،ول على عدم موالتمن ،ل يزن السنفر له إل
ديار هم ،ك ما نص على ذلك العلماء ،وعل يه ت مل الحاد يث ال ت تدل على الن هي عن
ذلك .ولن ال تعال أوجب على النسان العمل بالتوحيد ،وفرض عليه عداوة الشركي،
فما كان ذريعة وسبب إل إسقاط ذلك ل يز.
وأيضا فقد يره ذلك إل موافقتهم وإرضائهم كما هو الواقع لكثي من يسافر إل
بلدان الشركي من فساق السلمي.
السألة الثانية :هل يوز للنسان أن يلس ف بلد الكفار ،وشعائر الشرك ظاهرة
لجل التجارة أم ل؟
السكألة الثالثكة :هكل يفرق بيك الدة القريبكة مثكل شهكر أو شهريكن وبيك الدة
البعيدة؟
الواب:
أ نه ل فرق ب ي الدة القري بة والبعيدة ،ف كل بلد ل يقدر على إظهار دي نه في ها ول
على عدم موالة الشركين ل يوز له القام فيهنا ول يومنا واحدا ،إذا كان يقدر على
الروج منها .اهن.
وف أجوبة أخرى :وما قولكم ف رجل دخل هذا الدين وأحبه ويب من دخل
ف يه ،ويب غض الشرك وأهله ول كن أ هل بلده ي صرحون بعداوة أ هل ال سلم ويقاتلون
()47
سبيل النجاة والفكاك
أهله ،ويعتذر بأن ترك الوطن ول يهاجر عنهم بذه العذار ،فهل يكون مسلما هذا أم
كافرا؟
الواب:
أمنا الرجنل الذي عرف التوحيند وآمنن بنه وأحبنه وأحنب أهله ،وعرف الشرك
وأبغضه وأبغض أهله ،ولكن أهل بلده على الكفر والشرك ،ول يهاجر فهذا فيه تفصيل:
فإن كان يقدر على إظهار دينه عندهم ،ويتبأ منهم وما هم عليه من الدين ،ويظهر لم
كفر هم وعداو ته ل م ،ول يفتنو نه عن دي نه ل جل عشي ته أو ماله أو غ ي ذلك فهذا ل
ي كم بكفره ،ولك نه إذا قدر على الجرة ول يها جر ومات ب ي أظ هر الشركي ،فنخاف
أن يكون قد د خل ف أ هل هذه ال ية{ :إن الذ ين توفا هم اللئ كة ظال ي أنف سهم} فلم
يعذر ال إل من ل ي ستطع حيلة ،ول يهتدي سبيل ،ول كن قل أن يو جد اليوم من هو
كذلك ،بل الغالب أن الشركي ل يدعونه بي أظهرهم بل إما قتلوه وإما أخرجوه.
وأما من ليس له عذر ف ترك الجرة وجلس بي أظهرهم وأظهر لم أنه منهم وأن
دين هم حق ود ين ال سلم با طل فهذا كا فر مر تد ،ولو عرف الد ين بقل به ل نه ين عه عن
الجرة مبة الدنيا على الخرة ،وتكلم بكلم الكفر من غي إكراه فدخل ف قوله{ :ولكن
من شرح بالكفر صدرا} اليات.
ول سئلوا عن أهل بلد بلغتهم هذه الدعوة وبعضهم يقول :هذا المر حق ،ول
غيّر منككر ول أمكر بعروف ،وينككر على الوحديكن إذا قالوا :تبأنكا مكن ديكن الباء
والجداد ،والذي يقول :هذا أمر زين ل يكنه يقوله جهارا.
أجابوا:
()48
سبيل النجاة والفكاك
عليه الجرة ،إذا ل يكن من عذر ال فإن ل يهاجر فحكمه حكمهم ف القتل وأخذ الال.
اهن.
ومنهنا أن السنلم إذا ل يقدر على إظهار ديننه ،وجبنت علينه الجرة ،وقند تقدم
أيضا ،ومن ها صفة إظهار الد ين ،وهو أن يصرح للكفار بكفر هم وعداوته ل م ،ول ا هم
علينه منن الدينن ،وتقدم أيضا ومنهنا :بيان أننه إذا فعنل ذلك أعنن صنرح لمن بكفرهنم
وعداوته لم فإنم ل يتركونه بي أظهرهم ،بل إما قتلوه وإما أخرجوه.
قلت :وقند أخنب ال بذلك عنن جينع الكفار ،فقال تعال{ :وقال الذينن كفروا
لر سلهم لنخرجن كم من أرض نا أو لتعودن ف ملت نا فأو حى إلي هم رب م لنهل كن الظال ي.
ولنسكننكم الرض من بعدهم ذلك لن خاف مقامي وخاف وعيد} ،وقال تعال إخبارا
عن قوم شعيب{ :قال الل الذ ين ا ستكبوا من قومه لنخرجنك يا شع يب والذ ين آمنوا
معك من قريتنا أو لتعودن ف ملتنا قال أولو كنا كارهي}.
وقال تعال إخبارا عن أ صحاب الك هف{ :إن م إن يظهروا علي كم يرجو كم أو
يعيدوكم ف ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} ،وقوله{ :يرجوكم} أي :يقتلوكم بالرجم.
()49