You are on page 1of 275

‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.

com :‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين‬
‫الغلو والجفاء‬
‫تأليف‪ :‬الصادق بن محمد بن إبراهيم‬
‫أصل الكتاب‪:‬‬
‫أصل هذا الكتاب رسالة علمية تقدم بها الباحث إلى قسم العقيدة‬
‫بالجامعة السلمية بالمدينة النبوية لنيل درجة الماجستير‪ ،‬ونوقشت‬
‫الرسالة في عام )‪1415‬هـ( من قبل المشايخ أصحاب الفضيلة‪:‬‬
‫الدكتور‪ /‬علي بن عبد الرحمن الحذيفي‪ ،‬إمام وخطيب المسجد‬
‫النبوي‪ :‬مشرفًا‪.‬‬
‫الدكتور‪ /‬أحمد بن مرير العمري‪ :‬مناقشًا‪.‬‬
‫الدكتور‪ /‬محمد بن خليفة التميمي‪ :‬مناقشًا‪.‬‬
‫وأوصت اللجنة بإجازة الرسالة بتقدير ممتاز ولله الفضل والمّنة‪.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ب رّبنا ويرضى‪،‬‬ ‫الحمد ُ لله حمدا ً كثيرا ً طيبا ً مباركا ً فيه كما ُيح ّ‬
‫ن أقّر له برق‬
‫م ْ‬
‫ك له شهادة َ َ‬‫ده ل شري َ‬ ‫ه وح َ‬ ‫وأشهد ُ أن ل إله إل الل ُ‬
‫ة‪ ،‬واستعاذ َ به من شرِ الشيطان والهوى‪ .‬وأشهد ُ أن محمدا ً عب ُ‬
‫ده‬ ‫العبودي ِ‬
‫المصطفى‪ ،‬ونبّيه المجتبى‪ ،‬ورسوُله الصادقُ المصدوقُ الذي ل ينط ُ‬
‫ق‬
‫حى(( ]النجم‪.[4:‬‬ ‫ي ُيو َ‬ ‫ن هُوَ إ ِّل وَ ْ‬
‫ح ٌ‬ ‫عن الهوى ))إ ِ ْ‬
‫ة على‬ ‫حج ً‬
‫ة للعالمين‪ ،‬وحسرة ً على الكافرين‪ ،‬و ُ‬ ‫أرسله رحم ً‬
‫ح له صدَره‪ ،‬ووضعَ عنه وزَره‪ ،‬ورفعَ له ذكَره‪،‬‬ ‫العالمين أجمعين‪ .‬فشر َ‬
‫سم بحيات ِهِ في‬‫ف أمَره ُ ونهَيه‪ ،‬وأق َ‬‫ن خال َ‬
‫م ْ‬
‫ة والصغاَر على َ‬ ‫ذل َ‬ ‫وجع َ‬
‫ل ال ّ‬
‫ذكَر معه كما في التشهدِ‬ ‫ه باسمهِ فل ُيذكُر إل ُ‬ ‫ن‪ ،‬وقرن اسم َ‬ ‫كتابهِ المبي ِ‬
‫مه‪،‬‬
‫ض على العباد ِ طاعَته‪ ،‬ومحبَته‪ ،‬وتعظي َ‬ ‫ن‪ .‬وافتر َ‬‫ب والتأذي ِ‬ ‫خط ِ‬ ‫وال ُ‬
‫من‬‫ح لحد ٍ من أمتهِ إل ِ‬ ‫ق فلم يفت ْ‬ ‫وتوقيَره‪ ،‬وسد ّ إلى جنتهِ جميعَ الطر ِ‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫د‪،‬‬
‫ده عنه را ّ‬‫ل صلى الله عليه وسلم قائما ً بأمرِ ربهِ ل ير ّ‬ ‫ه‪ .‬فلم يز ْ‬‫طريق ِ‬
‫ه‬
‫دنيا برسالت ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫د‪ .‬إلى أن أشرق ِ‬ ‫ده عنه صا ّ‬‫مرا ً في مرضاِته ل يص ّ‬ ‫مش ّ‬
‫ُ‬
‫ت ربي‬ ‫ن اللهِ أفواجًا‪ .‬فصلوا ُ‬ ‫س في دي ِ‬ ‫ضياًء‪ ،‬وابتهاجًا‪ ،‬ودخ َ‬
‫ل النا ُ‬
‫مه عليه‪.‬‬‫وسل ُ‬
‫وبعد‪:‬‬
‫ن المم ِ في جميع‬ ‫ة وسطا ً بي َ‬ ‫ك وتعالى هذه الم َ‬ ‫ه تبار َ‬ ‫فقد جع َ‬
‫ل الل ُ‬
‫ث فيها خيرةَ‬ ‫ن بع َ‬ ‫ط في ذلك بأ ْ‬ ‫ب التوس ِ‬ ‫أمورِ دينها بما هيأ لها من أسبا ِ‬
‫ل‬
‫ط والعتدا ِ‬ ‫ب التوس ِ‬ ‫ل لها من أسبا ِ‬ ‫ل كتبهِ وأكم َ‬ ‫ل إليها أفض َ‬ ‫رسلهِ وأنز َ‬
‫ة‪:‬‬‫ج على المم ِ السابق ِ‬ ‫ج عليها ما را َ‬ ‫من أن يرو َ‬ ‫ما يجعُلها على بصيرةٍ ِ‬
‫ن‪،‬‬
‫ن والجافي َ‬ ‫ن الغالي َ‬ ‫ط بي َ‬ ‫ت‪ ،‬فالمسلمون وس ٌ‬ ‫ت‪ ،‬والنحرافا ِ‬ ‫من الضلل ِ‬
‫قصروا‬ ‫ه‪ ،‬ولم ي َ‬ ‫ن الل ِ‬ ‫ح اب َ‬ ‫ت النصارى الذين جعلوا المسي َ‬ ‫لم يغُلوا كما غل ِ‬
‫دروا رسوَلهم ح ّ‬
‫ق‬ ‫ل‪ ،‬بل ق ّ‬ ‫ت اليهود ُ الذين قتلوا النبياَء والرس َ‬ ‫صر ِ‬‫كما ق ّ‬
‫ظموه حقّ تعظيمه‪ ،‬بطاعتهِ فيما أمَر‪ ،‬وتصديقهِ فيما أخبَر‪،‬‬ ‫قدِره‪ ،‬وع ّ‬
‫ي في‬ ‫د‪ ،‬والسع ِ‬ ‫ل‪ ،‬والول ِ‬ ‫ل‪ ،‬واله ِ‬ ‫س‪ ،‬والما ِ‬ ‫وتقديم ِ محبتهِ على محبةِ النف ِ‬
‫ن خالفه وتحكيمه‬ ‫م ْ‬‫إظهارِ دينهِ وإعلء كلمتهِ ونصرِ ما جاَء به وجهاد ِ َ‬
‫وحده والتسليم لحكمه والرضا به إلى غير ذلك من أنواع التعظيم‬
‫المشروع الذي فهمه سلف هذه المة وعملوا به فصدق عليهم التحقق‬
‫بالوسطية التامة والخيرية الكاملة‪ .‬ثم بعد أن فتح الله تعالى البلد‬
‫وانتشر فيها السلم ودخل فيه من أهلها من كان متأثرا ً بمعتقدات تلك‬
‫ت نتيجة لذلك عدوى المم‬ ‫سَر ْ‬ ‫البلد أو دخل بنية التضليل والفساد ف َ‬
‫السابقةِ إلى هذه المة من الغلو في أنبيائها والتقصير في حقوقهم‬
‫ن كان قبَلكم‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن سن َ‬ ‫مصداقا ً لقوله صلى الله عليه وسلم‪} :‬لتتبع ّ‬
‫ب لتبعتموهم‪ .‬قلنا‪ :‬يا‬ ‫شبرا ً بشبرٍ ذراعا ً بذراٍع حتى لو دخلوا جحَر ض ّ‬
‫من؟{)‪ .(1‬قوله صلى الله عليه‬ ‫رسول اللهِ اليهود َ والنصارى؟ قال‪ :‬فَ َ‬
‫م غيُر أولئك)‪ (2‬فنشأ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م استنكاريّ والتقديُر‪ :‬فَ َ‬ ‫ن( استفها ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫وسلم‪) :‬فَ َ‬
‫ة‬
‫س حقوقه الواجب ِ‬ ‫دى إلى بخ ِ‬ ‫من الغلوِ فيه صلى الله عليه وسلم ما أ ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫ن وبيا ُ‬‫ل للنبياء السابقي َ‬ ‫من ذلك بنحو ما حص َ‬ ‫له على أمتهِ والذى ِ‬

‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬العتصام‪ ،‬ب‪ .‬قول النبي صلى الله عليه وســلم‪) :‬لتتبعــن ســنن مــن كــان قبلكــم( )‬
‫‪ (13/305‬مع الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬العلم )‪ (16/219‬مع النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(13/301‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(3‬‬
‫منها‪:‬‬ ‫بأموٍر‬
‫ده ل شري َ‬
‫ك‬ ‫ت أممهم بعبادةِ اللهِ وح َ‬ ‫ن النبياء أمر ْ‬ ‫المُر الول‪ :‬إ ّ‬
‫ل أجوِرهم من غيرِ أن‬ ‫ن الجرِ مث ُ‬ ‫م َ‬‫هم أطاعوهم كان للنبياء ِ‬ ‫ن ُ‬‫له فإ ْ‬
‫ن الله‬ ‫ن دو ِ‬
‫م ْ‬ ‫قص من أجورهم شيء‪ ،‬وإذا غلوا فيهم واتخذوهم أربابا ً ِ‬ ‫ين ْ‬
‫ل للنبياء بتوحيد ِ أممهم‬ ‫ص ُ‬‫ح الذي يح ُ‬ ‫ل الصال ِ‬ ‫ب العم ِ‬‫انقطعَ ثوا ُ‬
‫ن من‬ ‫م‪ ،‬وإن كان النبياُء سالمي َ‬ ‫ب اللي ُ‬‫ل للغلةِ العذا ُ‬ ‫وطاعِتهم‪ ،‬وحص َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ل لهم ِ‬ ‫ن يحص ُ‬ ‫ب الذي كا َ‬‫ن الجرِ والثوا ِ‬ ‫م ْ‬
‫وتوا عليهم ِ‬ ‫ب لكن ف ّ‬ ‫العذا ِ‬
‫دوا‬‫ل الذين وح ّ‬ ‫ف أتباِع الرس ِ‬‫مهم وطاعتهم الشيُء الكثيُر‪ ،‬بخل ِ‬ ‫توحيد ِ أم ِ‬
‫ه لهم الرسل فصاروا أولياء لله تعالى وحصل‬ ‫دوه كما شرع َت ْ ُ‬ ‫رّبهم وعب ُ‬
‫للرسول الذي دعاهم مثل أجورهم فكان هذا من التعظيم للرسل ما‬
‫ليس في طريق الغلة‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬إن أهل التوحيد والسنة يدعون دائما ً للرسل‬
‫فينتفعون بدعاء أممهم بخلف أهل الشرك والبدع فإنهم يكلفونهم‬
‫ديق رضي الله عنه الذي‬ ‫حوائجهم ويؤذونهم بسؤالهم ويعتبر بحال الص ّ‬
‫كان يعاون الرسول صلى الله عليه وسلم بماله ونفسه ول يكلفه شيئا ً‬
‫أين منزلته من منزلة من يسأله ويكلفه ول يسعى في تحصيل المنفعة‬
‫له صلى الله عليه وسلم؟!‬
‫المر الثالث‪ :‬إن أهل التوحيد والسنة يصدقون الرسل فيما‬
‫أخبروا ويطيعونهم فيما أمروا ويحفظون ما قالوا ويفهمونه ويعملون به‪،‬‬
‫وينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين‪،‬‬
‫ويجاهدون من خالف الرسل تقربا ً إلى الله تعالى طلبا ً للجزاء منه ل‬
‫من الرسل‪ ،‬وأما الغلة فل يميزون بين ما أمرت به الرسل ونهوا عنه‬
‫ول بين ما صح عنهم وما كذب عليهم ول يفهمون حقيقة مرادهم ول‬
‫ظمون لغراضهم الخاصة‪،‬‬ ‫يتحرون طاعتهم ومتابعتهم‪ ،‬بل هم مع ّ‬
‫ظمين غرضهم‬ ‫فالسدنة الذين عند قبور الرسل وقبور غيرهم من المعَ ّ‬
‫أكل أموال الناس بهم‪ ،‬والصادق منهم غرضه أنه إذا سألهم واستغاث‬
‫بهم في دفع شدة أو قضاء حاجة قضوها له فأي الفريقين أشد تعظيما ً‬
‫للرسول صلى الله عليه وسلم وإخوانه الرسل أولئك أو هؤلء؟‬

‫‪3‬‬
‫)( هذه المور مختصرة من كلم شــيخ الســلم ابــن تيميــة فــي رده علــى البكــري ص )‪-307‬‬
‫‪.(308‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫إلى غير ذلك من المور التي تبين أن التعظيم الحقيقي للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ل يكون إل ّ وفق ما أمر به الشارع الحكيم وكان على‬
‫فهم سلف هذه المة الذي به ُيقضى على الغلو والتقصير في حقه‬
‫صلى الله عليه وسلم فتتحقق للمة الوسطية التامة والخيرية الكاملة‪.‬‬
‫والله هو المسؤول أن يجعلني وإخواني المسلمين أجمعين من عباده‬
‫الذين هم بكتابه يهتدون وبرسوله يؤمنون وبه يقتدون وبحبل الله‬
‫يعتصمون ولولياء الله يوالون ولعدائه يعادون وفي سبيله يجاهدون‬
‫قي المغضوب عليهم والضالين يجتنبون وللسابقين الولين من‬ ‫ولطري َ‬
‫المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم بإحسان يتبعون‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫ص الله تبارك وتعالى نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم‬ ‫خ ّ‬
‫بالخصائص العظيمة‪ ،‬والمنح والعطايا الكريمة التي ليس لحد عليه فيها‬
‫ما كانت الخصائص النبوية‪ ،‬والفضائل‬ ‫مزيد ول يلحقه عبد من العبيد‪ .‬ول ّ‬
‫المحمدية من الموضوعات المحببة إلى النفوس؛ لتعلقها بالنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فقد استهوى الشيطان بها أقواما ً فأخرجهم بها عن حد‬
‫سنة‪ ،‬وبلغ بأقوام أن‬
‫التوسط والعتدال مما جاء في الكتاب وصحيح ال ّ‬
‫نسبوا إليه صلى الله عليه وسلم خصائص هي من جنس خصائص‬
‫دموا‬
‫صر بآخرين حتى ق ّ‬ ‫الربوبية واللهية مما يتبرأ منه سيد البرية‪ .‬وق ّ‬
‫مشايخهم وأئمتهم على سيد المرسلين فجعلوا لهم من الخصائص‬
‫والفضائل ما فاقوا به خصائص وفضائله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ما كان الناس في الخصائص النبوية ثلثة أطراف‪ ،‬طرفان‬
‫فل ّ‬
‫ووسط‪:‬‬
‫طرف غل‪ ،‬وطرف جفا‪ ،‬وطرف توسط؛ ولتعلقها بما يعتقده‬
‫المسلم في شخص الرسول الكريم صلوات ربي وسلمه عليه آثرت‬
‫الكتابة فيها فاستخرت الله تعالى واستعنت به على ذلك‪.‬‬
‫أهداف البحث وأسباب اختياري له‪:‬‬
‫‪ -1‬إبراز الخصائص النبوية الصحيحة التي تزيد المؤمنين إيمانا ً‬
‫ومحبة وتعظيما ً للرسول صلى الله عليه وسلم؛ وبإبراز الخصائص‬
‫الصحيحة تتكون ملكة عند المسلم تمكنه من التمييز بين الخصائص‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫التي فيها غلو والتي فيها جفاء‪.‬‬


‫‪ -2‬تصحيح العتقاد في الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ُنسب‬
‫‪ -3‬ذ ّ‬
‫إليه من خصائص مزعومة مكذوبة‪.‬‬
‫‪ -4‬إظهار الجفاة الحقيقيين للرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫وقد سرت في الكتابة فيه وفق الخطة التالية‪:‬‬
‫قسمت الموضوع إلى مقدمة ومدخل وثلثة أبواب وخاتمة ثم ذيلته‬
‫بالفهارس‪.‬‬
‫ما المقدمة فبينت فيها أهمية الموضوع وأسباب اختياري له‬‫أ ّ‬
‫ما‬
‫ما المدخل فعّرفت فيه بعنوان البحث‪ ،‬وأ ّ‬‫وأهداف البحث وخطته‪ .‬وأ ّ‬
‫البواب الثلثة فكانت على النحو التالي‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬الخصائص النبوية الصحيحة‪ .‬وفيه فصلن‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم على جميع‬
‫النبياء عليهم السلم وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم على‬
‫جميع النبياء عليهم السلم في الحياة الدنيا‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم على‬
‫جميع النبياء عليهم السلم في الحياة الخرة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته‬
‫وقد يشاركه فيها أنبياء آخرون‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‪.‬‬
‫وفيه فصلن‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫قبل وجوده‪ .‬وفيه أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بأنه أول النبيين في الخلق وأنه مرسل إلى جميع النبياء‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وأممهم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بأنه مخلوق من نور الله تعالى وأن الوجود كله مخلوق من‬
‫نوره صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بتوسل النبياء به قبل وجوده‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة باستفتاح أهل الكتاب بحقه قبل وجوده‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫في حياته البرزخية‪ .‬وفيه ثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫ن من زار قبره وجبت له شفاعته‪.‬‬
‫الغلة بأ ّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بأن من حج حجة السلم وزار قبره وغزا غزوة وصّلى عليه‬
‫في بيت المقدس لم يسأله الله تعالى فيما افترض عليه‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بمحو الذنوب وعلم ما في اللوح المحفوظ والقلوب‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بأنه إليه الملذ والمهرب في الشدائد والكرب‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫عند الغلة بأنه ُيجيب الدعاء وُترفع إليه أكف الضراعة‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫عند الغلة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة برؤيته بعد موته يقظة ل منامًا‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بتلقين مشايخ الصوفية الوراد وحضور حلق ذكرهم بعد موته‬
‫يقظة ل منامًا‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الجفاة‪.‬‬
‫وفيه فصلن‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ .‬وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم عند الفلسفة المنتسبين السلم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم عند القاديانية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تقديم الجفاة لوليائهم على سيد المرسلين‬
‫صلى الله عليه وسلم في الخصائص‪ .‬وفيه ثلثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬دعوى مشاركة أولياء الجفاة للنبياء في‬
‫خصائصهم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬خصائص لولياء الجفاة فاقت خصائص النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصائص لولياء الجفاة فارقت هدي النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫خاتمة البحث‪.‬‬
‫الفهارس‪.‬‬
‫منهجي في البحث‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬انتقيت الخصائص الصحيحة من كتب الخصائص والفضائل‬
‫والدلئل مع ذكر أدلتها من الكتاب وصحيح السنة‪ .‬وجعلت بعض‬
‫الضوابط لذلك وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يأتي النص صريحا ً في الدللة على الخصيصة كقوله تعالى‪:‬‬
‫ل الل ّهِ وَ َ‬ ‫َ َ‬
‫ن((‬
‫م الن ّب ِّيي َ‬
‫خات َ َ‬ ‫سو َ‬ ‫م وَل َك ِ ْ‬
‫ن َر ُ‬ ‫جال ِك ُ ْ‬
‫ن رِ َ‬
‫م ْ‬
‫حد ٍ ِ‬
‫مد ٌ أَبا أ َ‬
‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫ن ُ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫)) َ‬
‫]الحزاب‪ ،[40:‬وكقوله صلى الله عليه وسلم‪} :‬أعطيت خمسا ً لم‬
‫يعطهن أحد قبلي{‪ ،‬أو كقوله‪} :‬أنا سيد الناس يوم القيامة{ ونحو ذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يأتي النص عليها من أهل العلم‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ج‪ -‬أن تظهر الخصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم بمقارنة ما‬
‫جاء في شأنه وشأن النبياء الذين من قبله‪.‬‬
‫د‪ -‬وبما أن خصائص الباب الول صحيحة وثابتة للنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ول أحد من المسلمين يردها‪ ،‬لذا فقد خل هذا الباب من‬
‫الستطراد في المناقشة والتعليقات‪ ،‬وتم الكتفاء بعرضها والتعليق‬
‫عليها عند الحاجة بما يتناسب وأهداف الباب‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬جمعت الخصائص التي فيها غلو من كتب الغلة القديمة‬
‫والحديثة ووثقت النقل عنهم في الغالب بعدد من المراجع إل أن يكون‬
‫المنقول عنه من زعمائهم الذين به يقتدون‪ .‬وجعلت الضوابط التالية‬
‫لضافة الخصيصة لهم‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يأتي النص عليها في أنها خصوصية عندهم كما في إرسال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم إلى جميع النبياء وأممهم قبل أن يوجد‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يعتقدوا في الرسول صلى الله عليه وسلم عقائد هي من‬
‫جنس ما يعتقده المسلم في ربه عّز وج ّ‬
‫ل كمحو الذنوب وعلم الغيوب‬
‫وما بالقلوب‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يعتقدوا في الرسول كميه عقائد تؤدي إلى هدم الشريعة‬
‫عموما ً كتلقي الوراد منه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتوزيع الفضائل على‬
‫أئمة الغلة وأتباعهم يقظة ل مناما ً بعد موته صلى الله عليه وسلم بما‬
‫يتعارض مع الثابت من شريعته صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫د‪ -‬الستدلل بما نسب إلى المم السابقة فيما جاء في فضل النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بما لم يأت به شرعنا‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬نقلت الخصائص المزعومة لولياء الجفاة من كتب الطبقات‬
‫والمناقب المعتمدة عندهم‪ ،‬وجعلت في إضافة الخصيصة لهم الضوابط‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يجعلوا لوليائهم من المناقب والكرامات مثل معجزات‬
‫النبياء كإحياء الموتى‪ ،‬أو نزول موائد من السماء‪ ،‬أو جعل فضائل لهم‬
‫تفوق خصائص وفضائل النبي صلى الله عليه وسلم كصلة الفاتح التي‬
‫تعدل القرآن ستة آلف مرة عند التجانية‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يخصوا أولياءهم بخصائص تخالف هدي النبي صلى الله‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عليه وسلم كالصلة بمكة وهم في بيوتهم‪ ،‬أو صيام عدد من السنوات‬
‫من غير أكل أو شرب‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يردوا الثابت من خصائصه صلى الله عليه وسلم كرد اعتقاد‬
‫أنه خاتم النبياء بجعل النبوة باقية في الخلق إلى قيام الساعة‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬اتبعت المنهج التالي في نقد الخصائص التي فيها غلو‪:‬‬
‫أ‪ -‬أنقل أقوال علماء الجرح والتعديل في نقد أدلتهم من جهة‬
‫السند‪.‬‬
‫ث‬
‫ب‪ -‬عند نقل أقوال علماء الجرح والتعديل أراعي ترتيبهم من حي ُ‬
‫ث سنة الوفاة‪ .‬وربما قدمت‬ ‫التشدد والعتدال والتساهل ل من حي ُ‬
‫المتأخر على المتقدم عموما ً لمناسبة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أناقش أدلتهم مناقشة مستفيضة ُأبين ما فيها من المفاسد‬
‫العقدية أو المخالفة لنصوص الشرع الخرى‪ ،‬أو للثابت من الروايات‪.‬‬
‫وإذا كانت الخصوصية مستمدة من مصادر دخيلة على المسلمين فإني‬
‫أوضح ذلك عن طريق المقارنة بينها وبين تلك المصادر‪ .‬وغالبا ً ُأبين‬
‫الصحيح أو المشروع من الذي غلوا فيه إما في ثنايا الرد والمناقشة‬
‫وإما في ذيله‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬اتبعت في نقد الخصائص المزعومة لولياء الجفاة طريقة‬
‫العرض وذلك لشدة وضوح الكذب فيها وأنها دعاوي خالية من الدلة‪،‬‬
‫إل إذا اقتضى المقام التعليق‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬ذكرت من الخصائص الصحيحة‪ ،‬والتي فيها غلو‪ ،‬والتي‬
‫فيها جفاء ما يفي بمقصود البحث وأهدافه‪.‬‬
‫سابعا ً‪ :‬عزوت اليات إلى سورها مع ذكر رقم الية‪.‬‬
‫ثامنا ً‪ :‬إذا كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت‬
‫بالعزو لهما أو لحدهما‪ ،‬وإذا كان في غير الصحيحين ذكرت من صححه‬
‫أو حسنه‪.‬‬
‫تاسعا ً‪ :‬عند الحالة إلى مرجع أو مصدر فإني أذكر اسم المؤلف‬
‫واسم الكتاب والجزء والصفحة وأترك بقية المعلومات عن الكتاب‬
‫لفهرس المراجع‪ .‬وإذا تكرر المرجع أكثر من مرة ربما أذكر اسم‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الكتاب فقط دون المؤلف‪.‬‬


‫عاشرا ً‪ :‬إذا كان النقل عن كتب أعجمية أبحث أول ً عن ترجمة لها‬
‫فإذا لم أجد نقلت عنها بالواسطة‪ ،‬وكذا الكتب العربية غير المتوّفرة‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬ترجمت للصحابة عدا الخلفاء الربعة‪ ،‬ولبقية‬
‫العلم عدا الئمة الربعة وأصحاب الكتب الستة والمعاصرين منهم‪.‬‬
‫وترتيبهم في الفهرس على الشهرة‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬لم ألتزم تخريج النصوص ول الترجمة للعلم الذين‬
‫وردوا في كلم الغير‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬ذيلت البحث بفهارس تسهيل ً لمهمة القارىء وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬فهرس اليات القرآنية‪.‬‬
‫‪ -2‬فهرس الحاديث النبوية‪.‬‬
‫‪ -3‬فهرس العلم المترجمين‪.‬‬
‫‪ -4‬فهرس المراجع والمصادر‪.‬‬
‫‪ -5‬فهرس الموضوعات‪.‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬استخدمت بعض الرموز للختصار وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬رموز الكتب الستة ومسند المام أحمد كما في المعجم‬
‫المفهرس للفاظ الحديث )خ‪ :‬يعني أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬م‪:‬‬
‫مسلم‪ ،‬د‪ :‬أبو داود في سننه‪ ،‬ت‪ :‬الترمذي في جامعه‪ ،‬ن‪ :‬النسائي في‬
‫سننه‪ ،‬جه‪ :‬ابن ماجه في سننه‪ ،‬حم‪ :‬أحمد بن حنبل في مسنده(‪.‬‬
‫‪ -2‬التذكرة‪ :‬تذكرة الحفاظ‪.‬‬
‫‪ -3‬اللسان‪ :‬لسان الميزان‪.‬‬
‫‪ -4‬ط‪ .‬ك‪ :‬الطبقات الكبرى للشعراني‪.‬‬
‫‪ -5‬الشيخان‪ :‬البخاري ومسلم‪.‬‬
‫‪ -6‬شيخ السلم‪ :‬أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‪.‬‬
‫‪ -7‬القوم‪ :‬الغلة )للتنويع(‪.‬‬
‫‪ -8‬ت‪ :‬توفي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -9‬ص‪ :‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -15‬ص‪ .‬ن‪ :‬الصفحة نفسها‪ ،‬ط‪ :‬الطبعة‪ ،‬هـ‪ :‬هجرية‪ ،‬م‪ :‬ميلدية‪.‬‬
‫‪ -11‬ك‪ :‬كتاب‪.‬‬
‫‪ -12‬ب‪ :‬باب‪.‬‬
‫ومن بعد شكر الله تعالى على توفيقه لي بإتمام هذا البحث فإني‬
‫أتقدم بالشكر لشيخي وأستاذي فضيلة الدكتور‪ :‬علي بن عبد الرحمن‬
‫الحذيفي المشرف على الرسالة على توجيهه وإرشاده لي وتشجيعه‬
‫فجزاه الله عني خير الجزاء‪ ،‬وبارك في عمره وعلمه‪ .‬كما أشكر كل‬
‫من أبدى لي رأيا ً أو أسدى لي نصحا ً أو أعارني مرجعًا‪ .‬وأخص بالذكر‬
‫مه‪ ،‬وفضيلة الدكتور‪ :‬غالب بن علي‬ ‫ح َ‬
‫منهم فضيلة الدكتور‪ :‬مبارك َر َ‬
‫العواجي‪ ،‬وفضيلة الدكتور‪ :‬إبراهيم بن خلف التركي‪ ،‬وفضيلة الدكتور‪:‬‬
‫حيلي‪ ،‬فجزاهم الله عني كل خير‪ ،‬والشكر موصول‬ ‫إبراهيم بن عامر الر ّ‬
‫إلى جميع المشايخ والقائمين على أمر هذه الجامعة المباركة على‬
‫تعليمهم ورعايتهم لبناء المسلمين فجزاهم الله خير الجزاء‪.‬‬
‫المدخل إلى الموضوع‪:‬‬
‫وهو عبارة عن تعريف بمفردات العنوان‪.‬‬
‫الخصائص‪:‬‬
‫التعريف اللغوي‪:‬‬
‫صه خصا ً‬ ‫قال صاحب لسان العرب)‪) :(1‬خصه بالشيء ي ُ‬
‫خ ّ‬
‫صّية‪ ،‬والفتح أفصح واختصه‪ :‬أي أفرده دون غيره()‪.(2‬‬
‫خصو ِ‬ ‫صّية و ُ‬
‫صو ِ‬
‫خ ُ‬‫و َ‬
‫صه‪ :‬فضله()‪.(3‬‬ ‫)خ ّ‬
‫صْيصة‬
‫خ ِ‬
‫وفي المعجم الوسيط‪) :‬خصوصية الشيء خاصيته‪ ،‬وال َ‬
‫الصفة التي تميز الشيء وتحدده‪ ،‬والجمع خصائص()‪.(4‬‬
‫صْيصة يدور‬
‫خ ِ‬
‫فمن التعريفات اللغوية السابقة ُيستنتج أن معنى ال َ‬
‫‪1‬‬
‫)( هو‪ :‬محمد بن مكرم بن علــي النصـاري‪ ،‬جمـال الـدين‪ ،‬أبـو الفضـل‪ ،‬مــن تصـانيفه‪ :‬لسـان‬
‫العرب‪ .‬ت‪ :‬سنة ‪711‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة لبن حجر )‪ ،(5/31‬والعلم للزركلي )‪.(7/108‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ابن منظور‪ :‬لسان العرب )‪.(2/841‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الفيروز آبادي‪ :‬القاموس المحيط ص )‪.(796‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة )‪.(1/237‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫على التي‪:‬‬
‫‪ -1‬النفراد‪.‬‬
‫‪ -2‬الفضل‪.‬‬
‫‪ -3‬التميز‪.‬‬
‫التعريف بالخصائص النبوية‪:‬‬
‫بناء على الستنتاجات السابقة فالخصائص النبوية‪) :‬هي الفضائل‬
‫والمور التي انفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم وامتاز بها إما عن‬
‫ما عن سائر البشر(‪.‬‬ ‫إخوانه النبياء وإ ّ‬
‫أقسام الخصائص النبوية‪:‬‬
‫للخصائص النبوية قسمان رئيسان‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬خصائص تشريعية‪ :‬وهي ما اختص به النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم من التشريعات اللهية وهي على ضربين‪:‬‬
‫الضرب الول‪ :‬تشريعات اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫دون النبياء السابقين‪.‬‬
‫جعلت له مسجدا ً وطهورا ً وأحلت له الغنائم‬ ‫فمن ذلك‪ :‬أن الرض ُ‬
‫فعن جابربن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪ُ} :‬أعطيت خمسا ً لم ُيعطهن أحد قبلي‪ُ :‬نصرت بالرعب مسيرة‬
‫جعلت لي الرض مسجدا ً وطهورا ً فأيما رجل من أمتي أدركته‬ ‫شهر‪ ،‬و ُ‬
‫ل لحد ٍ قبلي‪ {...‬الحديث)‪.(1‬‬ ‫ل‪ ،‬وُأحلت لي الغنائم ولم تح ّ‬
‫الصلة فليص ّ‬
‫الضرب الثاني‪ :‬ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم دون‬
‫أمته وقد يشاركه فيها أنبياء آخرون فمن ذلك‪ :‬تزوجه صلى الله عليه‬
‫وسلم بأكثر من أربع نسوة فعن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم‪} :‬أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة‬
‫وله يومئذ تسع نسوة{)‪ (2‬وكان صلى الله عليه وسلم يصح عقد نكاحه‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫فسها ِللنبي إ َ‬
‫يأ ْ‬‫ن أَراد َ الن ّب ِ ّ‬
‫ِّ ّ ِ ْ‬ ‫ت نَ ْ َ َ‬‫ن وَهَب َ ْ‬ ‫بلفظ الهبة‪ .‬قال تعالى‪)) :‬إ ِ ْ‬
‫ن(( ]الحزاب‪ ،[50:‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫ة لَ َ‬
‫ك ِ‬ ‫ص ً‬
‫خال ِ َ‬
‫حَها َ‬
‫سَتنك ِ َ‬
‫يَ ْ‬
‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك التيمم )‪.(1/436‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬النكاح‪ ،‬من طاف على نسائه في غسل واحد )‪ (9/316‬مع الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فهذا القسم من الخصائص مجال الدراسة والتوسع فيه كتب الفقه‪.‬‬


‫القسم الثاني‪ :‬خصائص تفضيلية‪ :‬وهي الفضائل والتشريفات‬
‫التي كّرم الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم دون غيره‪ ،‬وهي أيضا ً على‬
‫ضربين‪:‬‬
‫الضرب الول‪ :‬ما اختص به صلى الله عليه وسلم دون غيره من‬
‫النبياء عليهم السلم‪ .‬وينقسم هذا الضرب إلى قسمين‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما اختص به صلى الله عليه وسلم دون غيره من النبياء‬
‫عليهم السلم في الحياة الدنيا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما اختص به صلى الله عليه وسلم دون غيره من النبياء‬
‫عليهم السلم في الحياة الخرة‪.‬‬
‫الضرب الثاني‪ :‬ما اختص به صلى الله عليه وسلم دون أمته وقد‬
‫يشاركه فيها أنبياء آخرون‪.‬‬
‫فهذا القسم من الخصائص ‪-‬الخصائص التفضيلية‪ -‬مجال البحث فيه‬
‫عقدي لوجود الفراط والتفريط فيه‪ ،‬وهذا القسم هو موضوع هذه‬
‫الدراسة التي ُيعنى بها هذا البحث‪.‬‬
‫مظان الخصائص‪:‬‬
‫للخصائص أربعة أنواع من المظان‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬كتب السنة النبوية‪ :‬كصحيحي البخاري ومسلم‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬كتب السيرة النبوية‪:‬‬
‫حيث توجد في كتب السيرة النبوية عموما ً وكتب دلئل النبوة‬
‫وأعلمها وكتب الشمائل والفضائل‪.‬‬
‫والسبب في ذكر الخصائص ضمن هذه الكتب هو وجود علقة‬
‫وثيقة بينها وبين تلك الكتب أو المصطلحات وإليك بيان هذه العلقة‪:‬‬
‫‪ -1‬كتب السيرة النبوية‪ :‬وهي الكتب التي ُتعنى بدراسة كل تلك‬
‫المصطلحات ولكنها تركز الهتمام بغزواته وسراياه صلى الله عليه‬
‫وسلم وتستقصي كل كبيرة وصغيرة في حياته صلى الله عليه وسلم‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫مراعية الترتيب الزمني‪ .‬والخصائص تعتبر من متممات السيرة النبوية‪.‬‬


‫‪ -2‬كتب دلئل النبوة وأعلمها‪ :‬وهي الكتب التي ُتعنى بإبراز ما يدل‬
‫على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم بذكر الدلة الحسية‬
‫كالمعجزات‪ ،‬والمعنوية كفضائل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه‪.‬‬
‫كما أن من المعجزات الحسية ما يكون من الخصائص كنبع الماء من‬
‫بين أصابعه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬كتب الشمائل‪ :‬هي الكتب التي ُتعنى بذكر صفاته صلى الله‬
‫خْلقية‪ .‬ومن الشمائل ما يعتبر من الخصائص‬
‫عليه وسلم الخُلقية وال َ‬
‫كطيب عرقه ولين ملمسه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -4‬كتب الفضائل‪ :‬وهي التي ُتعنى بذكر فضائله صلى الله عليه‬
‫جل خصائصه صلى الله عليه‬ ‫وسلم ومقارنتها مع بقية النبياء الخرين و ُ‬
‫وسلم التفضيلية توجد في هذه الكتب إل أن مصطلح الخصائص أعم‬
‫من الفضائل؛ لنه يشمل الخصائص التفضيلية والتشريعية معًا‪.‬‬
‫فمن التقسيمات السابقة لكتب الدلئل والشمائل والفضائل يتضح‬
‫لنا أن بينها وبين الخصائص عموما ً وخصوصا ً من وجه وتوضيح ذلك على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫بالنظر إلى مصطلح الخصائص مقارنا ً بجميع تلك المصطلحات نجد‬
‫أن الخصائص تدخل في الدلئل والشمائل والفضائل‪ ،‬فمن هذا الوجه‬
‫الخصائص أعم‪ .‬وبالنظر إلى مصطلح الخصائص مقارنا ً بكل واحد من‬
‫المصطلحات السابقة على حده نجد أن الخصائص جزء من ذلك‬
‫المصطلح فمن هذا الوجه الخصائص أخص‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬كتب الفقه‪:‬‬
‫وتذكر خصائصه صلى الله عليه وسلم عادة ضمن أبواب النكاح؛‬
‫لن أكثر خصائصه صلى الله عليه وسلم التشريعية تتعلق به‪ ،‬وُتذكر‬
‫الخصائص التفضيلية تبعا ً للتشريعية‪.‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬كتب أفردت للخصائص النبوية منها‪:‬‬
‫‪ -1‬بداية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم للعز‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫بن عبد السلم)‪ (1‬وهو كتاب صغير الحجم ركز فيه مؤلفه على‬
‫الخصائص التفضيلية‪ .‬مطبوع بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين اللباني‬
‫‪ -‬طبعة المكتب السلمي‪.‬‬
‫‪ -2‬غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم لبن‬
‫الملقن)‪ (2‬واعتنى المؤلف فيه بذكر الخصائص التشريعية الخاصة‬
‫بالواجبات والمحرمات والمباحات في حقه صلى الله عليه وسلم مع‬
‫ذكر بعض الفضائل‪ .‬طبع مؤخرا ً بتحقيق عبد الله بحر الدين – طبعة دار‬
‫البشائر السلمية‪ ،‬بيروت‪) .‬وهذا الكتاب عبارة عن رسالة علمية‬
‫"ماجستير" حقق في الجامعة السلمية بالمدينة النبوية عام ‪1389‬هـ(‪.‬‬
‫‪ -3‬الخصائص الكبرى أو كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب‬
‫للسيوطي)‪ .(3‬والكتاب حسب ظني لم ُيحقق تحقيقا ً علميا ً إلى الن‬
‫وإنما توجد طبعة عليها تعليقات للدكتور محمد خليل هراس‪.‬‬
‫وللسيوطي مختصر من الخصائص الكبرى سماه أنموذج اللبيب في‬
‫خصائص الحبيب‪ ،‬وهذا الخير شرحه محمد بن أحمد عبد الباري الهدل‬
‫في كتاب سماه فتح الكريم القريب في شرح أنموذج اللبيب‪.‬‬
‫فالسيوطي جمع في هذا الكتاب بالضافة إلى الخصائص التفضيلية‬
‫والتشريعية متعلقات السيرة النبوية الخرى‪.‬‬
‫المصطفى‪:‬‬
‫المصطفى اسم مفعول مشتق من الصفو‪ ،‬والصفو ضد الك َ َ‬
‫در‪،‬‬
‫وصفوة الشيء ما صفا منه‪ ،‬واصطفاه‪ :‬اختاره‪ ،‬والمصطفى هو‬
‫المختار)‪.(4‬‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫س إِ ّ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫سًل وَ ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ملئ ِك َةِ ُر ُ‬ ‫م َ‬ ‫صط َ ِ‬
‫في ِ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬الل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬
‫صيٌر(( ]الحج‪.[75:‬‬ ‫ميعٌ ب َ ِ‬
‫س ِ‬
‫َ‬
‫‪1‬‬
‫)( عز الدين عبد العزيــز بــن عبــد الســلم الســلمي الشــافعي الملقــب بســلطان العلمــاء‪ ،‬لــه‬
‫مصــنفات منهــا‪ :‬التفســير والقواعــد الكــبرى والصــغرى‪ ،‬ت ‪660‬هـــ‪ .‬انظــر‪ :‬طبقــات الشــافعية‬
‫للسنوي )‪،(2/197‬البداية والنهاية لبن كثير )‪.(13/248‬‬
‫‪2‬‬
‫)( عمر بن أبي الحسين علي أحمد المعروف بابن الملقن الشـافعي‪ .‬لـه شـرح علـى المنهـاج‬
‫وكتاب خصائص أفضل المخلوقين ت سنة ‪804‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬شذرات الذهب لبن العماد )‪.(9/71‬‬
‫‪3‬‬
‫)( جلل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي صاحب التصانيف الكثيرة منها‪ :‬التقان فــي‬
‫علــوم القــرآن‪ ،‬وألفيــة الحــديث‪ ،‬وتــدريب الــراوي وغيرهــا ت ‪911‬هـــ‪ .‬شــذرات الــذهب )‬
‫‪،(10/74‬العلم )‪.(3/301‬‬
‫‪4‬‬
‫)( انظر القاموس ص )‪.(1680‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قال ابن كثير‪) :‬يخبر تعالى أنه يختار من الملئكة رسل ً فيما يشاء‬
‫من شرعه وقدره ومن الناس لبلع رسالته()‪.(1‬‬
‫والمقصود بالمصطفى هنا هو رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم قوله‪} :‬إن الله اصطفى‬
‫كنانة من ولد إسماعيل‪ ،‬واصطفى قريشا ً من كنانة‪ ،‬واصطفى من‬
‫قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم{)‪.(2‬‬
‫الغلو‪:‬‬
‫قال صاحب القاموس‪) :‬غل في المر غلوا ً جاوز ح ّ‬
‫ده()‪.(3‬‬
‫والمقصود بالغلو هنا تجاوز الحد فيما يجب أن يعتقده المسلم في‬
‫حق الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫والغلو هنا أمر تختلف درجته من شخص لخر يدور بين الشرك‬
‫ل بحسب درجة غلوه‪ .‬وأكثر من‬ ‫والبدعة؛ لذا ُيحكم على الشخص أنه غا ٍ‬
‫يتصف بهذا النوع من الغلو هم الصوفية أصحاب الطرق ذات العهود‬
‫والمواثيق التي يلتزم بها أتباعها‪ .‬وأيضا ً يكثر في القبوريين الذين ل‬
‫ينتسبون إلى طرق معينة لكن غلوا في النبياء والصالحين عموما ً‬
‫وتعلقوا بهم وبقبورهم التعلق الذي ل يكون إل لله تعالى من الستغاثة‬
‫بهم في الشدائد وطلب كشف الضر منهم فيما ل يقدر عليه إل الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫الجفاء‪:‬‬
‫قال صاحب القاموس‪) :‬جفا جفاًء وتجافى‪ :‬لم يلزم مكانه‪ .‬ورجل‬
‫خُلق‪ :‬غليظ‪ .‬والجفاء نقيض الصلة()‪.(4‬‬
‫خلقة وال ُ‬
‫جافي ال ِ‬
‫والمقصود بالجفاء هنا رد ما ثبت للنبي صلى الله عليه وسلم من‬
‫الخصائص والفضائل أورد بعضها‪ .‬وفي هذا معنى الجفاء الذي يقطع‬
‫الصلة المتولدة في القلب من المحبة والتعظيم نتيجة اعتقاد عدم‬
‫ثبوت تلك الخصيصة للنبي صلى الله عليه وسلم أو جعل تلك الخصيصة‬
‫‪1‬‬
‫)( ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم )‪.(3/246‬‬
‫‪2‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬فضائل النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬باب فضل نسب النبي صلى الله عليــه وســلم )‬
‫‪.(15/36‬‬
‫‪3‬‬
‫)( القاموس المحيط ص )‪.(1700‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(1640‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫لعامة الناس‪.‬‬
‫وأيضا ً يدخل في معنى الجفاء ما جعله التباع لمشايخهم وأئمتهم‬
‫من الفضائل والمناقب ما لم يكن له صلى الله عليه وسلم فهذا من‬
‫الجفاء إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم فاق في فضله جميع النبياء‬
‫والمرسلين بل هو سيدهم وإمامهم فل شك أن تقديم غيره عليه صلى‬
‫الله عليه وسلم في الفضائل من أعظم الجفاء؛ لن بذلك التقديم‬
‫والتعظيم للغير تنشأ المحبة التي تفوق محبة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم التي ل يبقى منها إل الدعاءات التي ُيعبرون عنها بالموالد‬
‫والحتفالت‪ .‬ويدخل في الجفاء أيضا ً ترك التأسي به صلى الله عليه‬
‫وسلم في هديه والتأسي بغيره‪ .‬والجفاء في كل ذلك تختلف درجته‪،‬‬
‫فمنه ما يكون كفرا ً والعياذ بالله‪ ،‬ومنه ما هو دون ذلك‪ ،‬وأكثر من‬
‫يتصف بالجفاء هم الفلسفة المنتسبون إلى السلم ومدعو النبوة‬
‫عموما ً والصوفية‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الباب الول‪:‬‬
‫الخصائص النبوية الصحيحة‬
‫وفيه فصلن‪:‬‬
‫الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع النبياء‬
‫عليهم السلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته‪ ،‬وقد‬
‫يشاركه فيها أنبياء آخرون‪.‬‬
‫الفصل الول‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع‬
‫النبياء‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع النبياء‬
‫عليهم السلم في الحياة الدنيا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع النبياء‬
‫عليهم السلم في الحياة الخرة‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬خصسسائص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫دون جميع النبياء عليهم السلم في الحياة الدنيا‪:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن آيتسسه العظمسسى‬
‫في كتابه‪:‬‬
‫منّزل على رسوله المين؛ ليكون نذيرا ً‬ ‫القرآن كلم الله تعالى‪ ،‬ال ُ‬
‫َ‬
‫ماه الله تعالى نورا ً مبينا ً ))َيا أي َّها الّنا ُ‬
‫س قَد ْ‬ ‫للعالمين‪ ،‬وهو الذي س ّ‬
‫َ‬
‫مِبيًنا(( ]النساء‪ ،[174:‬وهو‬ ‫م وَأنَزل َْنا إ ِل َي ْك ُ ْ‬
‫م ُنوًرا ُ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫ها ٌ‬ ‫جاَءك ُ ْ‬
‫م ب ُْر َ‬ ‫َ‬
‫الوحي الذي أوحاه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فعن أبي‬
‫هريرة)‪ (1‬رضي الله عنه قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪} :‬ما من‬
‫‪1‬‬
‫)( صحابي‪ ،‬اختلف في اسمه إلى عشرة أقوال‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬مرجعها من جهة صــحة النقــل‬
‫عميــر‪ ،‬وعبــد اللــه‪ ،‬وعبــد الرحمــن‪ ،‬الولن محتملن فــي الجاهليــة والســلم‪ ،‬وعبــد‬
‫إلى ثلثــة‪ُ ،‬‬
‫ي‪ ،‬تــوفي‬ ‫ّ‬
‫ما اسم أبيه فعامر بن عبد ذي الشري بن طريف الدوس ّ‬ ‫الرحمن في السلم خاصة وأ ّ‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫النبياء نبي إل أعطي من اليات ما مثله آمن عليه البشر‪ ،‬وإنما كان‬
‫ي؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ً يوم‬
‫الذي أوتيته وحيا ً أوحاه الله إل ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫ص‬
‫القيامة{ متفق عليه واللفظ للبخاري لذا فالقرآن الكريم أخ ّ‬
‫معجزات المصطفى صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وفي هذا يقول الماوردي)‪ (2‬رحمه الله‪) :‬والقرآن أّول معجز دعا به‬
‫ص‬‫خ ّ‬‫محمد صلى الله عليه وسلم إلى نبوته‪ ،‬فصدع)‪ (3‬فيه برسالته‪ ،‬و ُ‬
‫بإعجازه من جميع رسله‪ ،‬وإن كان كلما ً ملفوظا ً وقول ً محفوظًا‪ ،‬لثلثة‬
‫ص إعجازه‪ ،‬وأظهر آياته‪:‬‬‫ن من أخ ّ‬‫أسباب صار به ّ‬
‫ن معجز كل رسول موافق للغلب من أحوال عصره‪،‬‬ ‫أحدها‪ :‬أ ّ‬
‫ن موسى عليه السلم حين ُبعث‬ ‫والشائع المنتشر من ناس دهره؛ ل ّ‬
‫ص من فلق البحر)‪ (4‬يبسًا‪ ،‬وقلب العصا حية‪ ،‬ما‬ ‫خ ّ‬ ‫في عصر السحرة ُ‬
‫ر‪ ،‬وُبعث عيسى عليه السلم في عصر‬ ‫لك ّ‬
‫ل كاف ٍ‬ ‫ر‪ ،‬وأذ ّ‬‫ل ساح ٍ‬ ‫بهر ك ّ‬
‫ب‪،‬‬
‫ل طبي ٍ‬ ‫ص من إبراء الزمنى)‪ ،(5‬وإحياء الموتى ما أدهش ك ّ‬ ‫خ ّ‬‫طب‪ ،‬ف ُ‬‫ال ّ‬
‫مد صلى الله عليه وسلم في عصر‬ ‫ما ُبعث مح ّ‬ ‫ب‪ ،‬ول ّ‬ ‫ل لبي ٍ‬‫وأذهل ك ّ‬
‫ص بالقرآن في إيجازه‪ ،‬وإعجازه بما عجز عنه‬ ‫خ ّ‬‫الفصاحة‪ ،‬والبلغة‪ُ ،‬‬
‫الفصحاء‪ ،‬وأذعن له البلغاء‪ ،‬وتبّلد فيه الشعراء؛ ليكون العجز فيه أقهر‪،‬‬
‫والتقصير فيه أظهر‪.‬‬
‫ن المعجز في كل قوم بحسب أفهامهم‪ ،‬وعلى قدر‬ ‫الثاني‪ :‬أ ّ‬
‫عقولهم وأذهانهم‪ ،‬وكان من قوم موسى وعيسى عليهما السلم بلدةٌ‬
‫ن‪ ،‬أو يستفاد‬ ‫ة؛ لّنه لم ينقل عنهم ما يدرون به من كلم مستحس ٍ‬ ‫وغباو ٌ‬
‫ر‪ ،‬وقالوا لنبيهم حين مّروا بقوم يعكفون على أصنام ٍ‬
‫من معنى مبتك ٍ‬

‫رضي الله عنه سنة سبٍع وخمسين‪ ،‬انظر الصابة في تمييز الصــحابة لبــن حجــر‪ ،‬ج )‪ (12‬رقــم‬
‫الترجمة )‪.(1180‬‬
‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬فضائل القرآن‪ ،‬ب‪ :‬كيف نزل الــوحي )‪ (9/3‬مــع الفتــح؛ م‪ :‬ك‪ .‬اليمــان‪ ،‬ب‪ :‬وجــوب‬
‫اليمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم )‪ (2/186‬مع النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصـري المـاوردي‪ ،‬شــيخ الشـافعية‪ ،‬صـاحب الحــاوي‬
‫الكبير والتصــانيف الكـثيرة فــي الصــول والفــروع والتفســير والحكـام السـلطانية وأدب الــدنيا‬
‫والدين‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪455‬هـ‪ .‬انظر طبقات الشافعية للسبكي )‪ ،(5/267‬والبداية والنهاية لبن كــثير‬
‫)‪.(11/85‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الصاع‪ :‬الشق‪ ،‬أي شقّ جماعتهم بكلمة التوحيد‪ ،‬انظر القاموس المحيط للفيروزآبــادي‪ ،‬ص‬
‫)‪.(951‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أي شقه‪ ،‬انظر القاموس المحيط ص )‪.(1186‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أصحاب العاهات المستديمة‪ .‬انظر‪ :‬القاموس المحيط ص )‪.(1553‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫صوا من‬
‫خ ّ‬‫ة(( ]العراف‪ ،[138:‬ف ُ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬
‫م آل ِهَ ٌ‬ ‫جَعل ل ََنا إ ِل ًَها ك َ َ‬
‫لهم‪)) :‬ا ْ‬
‫العجاز بما يصلون إليه ببداية حواسهم‪ ،‬والعرب أصح الّناس أفهامًا‪،‬‬
‫وأحدهم أذهانًا؛ قد ابتكروا من الفصاحة أبلغها‪ ،‬ومن المعاني أغربها‪،‬‬
‫صوا من معجزة القرآن بما تجول فيه أفهامهم‪،‬‬ ‫خ ّ‬ ‫ومن الداب أحسنها؛ ف ُ‬
‫وتصل إليه أذهانهم؛ فيدركوه بالفطنة دون البديهة‪ ،‬وبالّروية دون‬
‫مة مخصوصة بما يشاكل طبعها‪ ،‬ويوافق فهمها‪.‬‬ ‫المبادرة؛ لتكون كل أ ّ‬
‫ن معجزة القرآن أبقى على العصار‪ ،‬وأنشر في القطار‬
‫الثالث‪ :‬أ ّ‬
‫من معجزة يختص بحاضره ويندرس بانقراض عصره‪ ،‬وما دام إعجازه‬
‫أحج؛ فهو بالختصاص أحق()‪.(1‬‬
‫ن معجزة القرآن‬‫فما ذكره الماوردي رحمه الله كلم سديد‪ ،‬لك ّ‬
‫ن رسالته صلى الله عليه وسلم‬‫أوسع نطاقا ً من الفصاحة والبلغة؛ ل ّ‬
‫عامة للثقلين‪ ،‬إلى قيام الساعة‪.‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بتعهد اللسسه تعسسالى‬
‫بحفظ الكتاب المنزل عليه‪:‬‬
‫ص الله تعالى القرآن الكريم دون سائر الكتب السماوية الخرى‬ ‫خ ّ‬
‫ن(( ]الحجر‪:‬‬ ‫ظو َ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن ن َّزل َْنا الذ ّك َْر وَإ ِّنا ل َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫بالحفظ‪ .‬قال تعالى‪)) :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ْ‬
‫زيٌز * ل ي َأِتيهِ ال َْباط ِ ُ‬
‫ن ي َد َي ْهِ َول‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ب عَ ِ‬ ‫ه ل َك َِتا ٌ‬ ‫‪ ،[9‬وقال تعالى‪)) :‬وَإ ِن ّ ُ‬
‫ت‬
‫معَ ِ‬ ‫جت َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫ه(( ]فصلت‪ [42-41 :‬الية‪ ،‬وقال تعالى‪)) :‬قُ ْ َ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ل لئ ِ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫مث ْل ِهِ وَل َوْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ن بِ ِ‬
‫ن ل ي َأُتو َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ن ي َأُتوا ب ِ ِ‬ ‫ن ع ََلى أ ْ‬ ‫ج ّ‬‫س َوال ْ ِ‬ ‫لن ُ‬ ‫ا ِ‬
‫ما الكتب الخرى فقد وكل الله‬ ‫ض ظ َِهيًرا(( ]السراء‪ .[88:‬وأ ّ‬ ‫م ل ِب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ب َعْ ُ‬
‫َ‬
‫دى‬ ‫تعالى أمر حفظها إلى أهلها‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬إ ِّنا أنَزل َْنا الت ّوَْراة َ ِفيَها هُ ً‬
‫ونور يحك ُم بها النبيون ال ّذي َ‬
‫ما‬
‫حَباُر ب ِ َ‬‫ن َوال َ ْ‬ ‫دوا َوالّرّبان ِّيو َ‬ ‫ها ُ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬ ‫سل َ ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِّّ َ‬ ‫َُ ٌ َ ْ ُ َِ‬
‫داَء(( ]المائدة‪.[44:‬‬ ‫شه َ َ‬ ‫كاُنوا ع َل َي ْهِ ُ‬ ‫ب الل ّهِ وَ َ‬ ‫ن ك َِتا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ظوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح ِ‬‫ست ُ ْ‬‫ا ْ‬
‫يقول اللوسي)‪ (2‬رحمه الله‪) :‬بما استحفظوا( أي بالذي‬
‫استحفظوه من جهة النبيين وهو التوراة حيث سألوهم أن يحفظوها من‬

‫‪1‬‬
‫)( الماوردي‪ :‬أعلم النبوة‪ ،‬ص )‪ ،(58-57‬وانظر بداية السول في تفضيل الرسول صــلى اللــه‬
‫عليه وسلم للعز بن عبد السلم ص )‪ ،(39‬وانظر علمات النبوة لحمد بن أبي بكــر البوصــيري‪،‬‬
‫ص )‪.(185‬‬
‫‪2‬‬
‫)( هو‪ :‬محمود بن عبد الله الحسيني اللوسي‪ ،‬أبو الثنــاء‪ ،‬مفســر ومحــدث وأديــب‪ ،‬مــن كتبــه‪:‬‬
‫روح المعاني في تفسير القرآن‪ .‬انظر‪ :‬العلم للزركلي )‪ ،(7/176‬ومعجم المــؤلفين لكحالــة )‬
‫‪.(12/175‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫التغيير والتبديل على الطلق‪ ،‬وقوله‪) :‬وكانوا عليه شهداء( عطف على‬
‫)استحفظوا( ومعنى )شهداء( رقباء يحمونه من أن يحوم حول حماه‬
‫التغيير والتبديل بوجه من الوجوه()‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن كتابه مشسستمل‬
‫ضل بالمفصل‪:‬‬ ‫على ما اشتملت عليه الكتب السابقة و ُ‬
‫ف ّ‬
‫لحديث واثلة بن السقع)‪ (2‬رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ُ} :‬أعطيت مكان التوراة السبع)‪ ،(3‬وُأعطيت مكان الّزبور‬
‫ُ‬
‫ضلت بالمفصل)‪.(7){(6‬‬‫المئين)‪ ،(4‬وأعطيت مكان النجيل المثاني)‪ ،(5‬وفُ ّ‬
‫قال الهيثمي)‪) :(8‬وفيه ليث بن أبي سليم وقد ضّعفه جماعة ويعتبر‬
‫بحديثه وبقية رجاله رجال الصحيح()‪ .(9‬وقال اللباني‪) :‬صحيح بمجموع‬
‫طرقه()‪.(10‬‬
‫اختصاص النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بخسسواتيم سسسورة‬
‫البقرة‪:‬‬
‫روى المام أحمد من حديث أبي ذر)‪ (11‬رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬إني أوتيتهما من كنز من بيت تحت‬
‫العرش ولم يؤتهما نبي قبلي{‪ .‬يعني اليتين من سورة البقرة‪.(12).‬‬

‫‪1‬‬
‫)( روح المعاني لللوسي )‪.(6/144‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ابن كعب بن عامر من بني ليث بن عبد مناة‪ ،‬صحابي‪ ،‬ت‪ .‬سنة ثلث وثمانين وقيــل خمــس‬
‫وثمانين‪ ،‬وهو آخر من مات بدمشق من الصحابة‪ .‬انظر الصابة )ج ‪ ،10‬رقم ‪.(9088‬‬
‫‪3‬‬
‫)( السبع الطوال هي من البقرة إلى التوبة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( هي السور التي بلغ عدد آياتها المائة أو قاربها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( هي السور التي بعد المئين إلى المفصل‪.‬‬
‫)( ويبدأ المفصل على الرجح من سورة )ق( إلى آخر السور القرَآنية‪ .‬انظر في ذلــك التقــان‬
‫‪6‬‬

‫في علوم القرَآن للسيوطي ص )‪.(180-179‬‬


‫‪7‬‬
‫)( حم‪.(4/107) :‬‬
‫‪8‬‬
‫)( هو‪ :‬نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي الحــافظ‪ ،‬مــن تصــانيفه مجمــع الــزوائد‬
‫ومنبع الفوائد‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪ 807‬هـ‪ .‬انظر شذرات الذهب لبن العماد )‪.(9/105‬‬
‫‪9‬‬
‫)( الهيثمي‪ :‬مجمع الزوائد )‪.(7/58‬‬
‫‪10‬‬
‫)( السلسلة الصحيحة لمحمد ناصر الدين اللباني )‪.(3/469‬‬
‫‪11‬‬
‫)( الغفاري‪ ،‬صحابي‪ ،‬اختلف في اسـمه والمشـهور أنـه جنـدب بـن جنـادة‪ ،‬ت‪ :‬بالربـذة سـنة‬
‫إحدى وثلثين‪ ،‬انظر الصابة ج )‪ ،11‬رقم ‪.(384‬‬
‫‪12‬‬
‫)( حم‪.(5/15) :‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قال اللباني‪) :‬صحيح على شرط مسلم()‪.(13‬‬


‫ن َرب ّهِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُأنزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫واليتان هما قوله تعالى‪)) :‬آ َ‬
‫فرقُ بي َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫سل ِهِ ل ن ُ َ ّ‬ ‫ملئ ِك َت ِهِ وَك ُت ُب ِهِ وَُر ُ‬ ‫ن ِبالل ّهِ وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫لآ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫مُنو َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫ف الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫صيُر * ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ك َرب َّنا وَإ ِل َي ْ َ‬ ‫فَران َ َ‬ ‫معَْنا وَأ َط َعَْنا غ ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫سل ِهِ وََقاُلوا َ‬ ‫ُر ُ‬
‫ن‬‫خذ َْنا إ ِ ْ‬ ‫ؤا ِ‬‫ت َرب َّنا ل ت ُ َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما اك ْت َ َ‬ ‫ت وَع َل َي َْها َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫سعََها ل ََها َ‬ ‫سا إ ِّل وُ ْ‬ ‫ف ً‬ ‫نَ ْ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ع ََلى ال ّ ِ‬ ‫مل ْت َ ُ‬‫ح َ‬ ‫ما َ‬ ‫صًرا ك َ َ‬ ‫ل ع َل َي َْنا إ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬‫خط َأَنا َرب َّنا َول ت َ ْ‬ ‫سيَنا أ َوْ أ َ ْ‬ ‫نَ ِ‬
‫َ‬
‫ت‬
‫مَنا أن ْ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫فْر ل ََنا َواْر َ‬ ‫ف ع َّنا َواغ ْ ِ‬ ‫ة ل ََنا ب ِهِ َواع ْ ُ‬ ‫طاقَ َ‬ ‫ما ل َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫قَب ْل َِنا َرب َّنا َول ت ُ َ‬
‫ح ّ‬
‫ن(( ]البقرة‪.[286-285 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬‫قوْم ِ ال ْ َ‬ ‫صْرَنا ع ََلى ال ْ َ‬ ‫ولَنا َفان ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫اختصاص النبي صسلى اللسه عليسه وسسلم بسأن فسي كتسابه‬
‫الناسخ والمنسوخ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مث ْل َِها أل َ ْ‬
‫م‬ ‫من َْها أوْ ِ‬
‫خي ْرٍ ِ‬
‫ت بِ َ‬
‫سَها ن َأ ِ‬
‫ن آي َةٍ أوْ ُنن ِ‬
‫م ْ‬‫خ ِ‬‫س ْ‬‫ما َنن َ‬ ‫قال تعالى‪َ )) :‬‬
‫ه ع ََلى ك ُ ّ‬ ‫تعل َ َ‬
‫ديٌر(( ]البقرة‪ [106:‬الية‪.‬‬ ‫يٍء قَ ِ‬‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫مأ ّ‬‫َْ ْ‬
‫قال ابن جرير)‪) :(2‬ما نغير من حكم آية فنبدله‪ ،‬أو نتركه فل نبدله‪،‬‬
‫نأت بخير لكم أيها المؤمنون حكما ً منها أو مثل حكمها في الخفة‬
‫والثقل والثواب والجر()‪.(3‬‬
‫وقال السيوطي‪) :‬وليس في سائر الكتب مثل ذلك؛ ولذا كان‬
‫ن سائر الكتب نزلت دفعة‬‫اليهود ينكرون النسخ‪ ،‬والسر في ذلك أ ّ‬
‫ن شرط الناسخ أن يتأخر‬
‫واحدة فل يتصور فيها الناسخ والمنسوخ‪ ،‬ل ّ‬
‫نزوله عن المنسوخ()‪.(4‬‬
‫اختصسساص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بكسسونه خسساتم‬
‫النبيين‪:‬‬
‫َ َ‬
‫ل الل ّهِ‬
‫سو َ‬ ‫م وَل َك ِ ْ‬
‫ن َر ُ‬ ‫جال ِك ُ ْ‬
‫ن رِ َ‬
‫م ْ‬
‫حد ٍ ِ‬
‫مد ٌ أَبا أ َ‬
‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫ن ُ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫قال تعالى‪َ )) :‬‬

‫‪13‬‬
‫)( السلسلة الصحيحة )‪.(3/471‬‬
‫‪2‬‬
‫)( محمد بن جرير بن يزيد المام أبو جعفر الطبري‪ُ ،‬ولد سنة أربــع وعشــرين ومــائتين‪ ،‬وكــان‬
‫عارفا ً بالقراءات كلها‪ ،‬بصيرا ً بالمعاني‪ ،‬فقيها ً فــي الحكــام‪ ،‬عالم ـا ً بالســنن وطرقهــا وصــحيحها‬
‫وسقيمها وناسخها ومنسوخها‪ ،‬عارفا ً بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم‪ ،‬عارفا ً بأيــام النــاس‬
‫وأخبارهم‪ .‬وله الكتاب المشهور في تاريخ المم والملوك‪ ،‬وكتاب في التفســير لــم ُيصــنف أحــد‬
‫مثله‪ ،‬وله غير ذلك مــن الكتــب‪ ،‬ت‪ .‬ســنة عشــر وثلثمــائة‪ ،‬انظــر‪ :‬ســير أعلم النبلء للــذهبي )‬
‫‪ ،(14/267‬والبداية والنهاية لبن كثير )‪.(11/156‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ابن جرير‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن )‪.(1/527‬‬
‫‪4‬‬
‫)( السيوطي‪ :‬الخصائص الكبرى )‪.(2/319‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ما(( ]الحزاب‪.[40:‬‬
‫يءٍ ع َِلي ً‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫ن وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫م الن ّب ِّيي َ‬
‫خات َ َ‬
‫وَ َ‬
‫قال ابن كثير)‪) :(1‬فهذه الية نص في أنه ل نبي بعده وإذا كان ل‬
‫نبي بعده فل رسول بطريق الولى والحرى؛ لن مقام الرسالة أخص‬
‫من مقام النبوة‪ ،‬فإن كل رسول نبي ول ينعكس()‪.(2‬‬
‫ص النبي صلى الله عليه وسلم على ختم النبوة به‪ ،‬وذلك‬ ‫بل قد ن ّ‬
‫في المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪} :‬مثلي ومثل النبياء من قبلي‪ ،‬كمثل رجل‬
‫بنى بيتا ً فأحسنه وأجمله إل موضع لبنة من زاوية‪ ،‬فجعل الناس‬
‫يطوفون به ويعجبون له ويقولون‪ :‬هل ّ وضعت هذه اللبنة؟! قال‪ :‬فأنا‬
‫اللبنة وأنا خاتم النبيين{)‪ (3‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫اختصسساص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بإرسسساله إلسسى‬
‫الثقلين‪:‬‬
‫وهذه من خصائصه الكبرى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حيث كان النبي‬
‫ل إ ِّل‬ ‫َ‬
‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬‫م ْ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫ما َ ))وَ َ‬ ‫صة‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وَ َ‬ ‫يرسل إلى قومه خا ّ‬
‫مةٍ إ ِّل‬ ‫ُ‬
‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫م(( ]إبراهيم‪ [4:‬وقال تعالى‪)) :‬وَإ ِ ْ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬‫مهِ ل ِي ُب َي ّ َ‬‫ن قَوْ ِ‬ ‫سا ِ‬‫ب ِل ِ َ‬
‫ما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد‬ ‫ذيٌر(( ]فاطر‪ ،[24:‬وأ ّ‬ ‫خل ِفيَها ن َ ِ‬
‫َ‬
‫ميًعا((‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل الل ّهِ إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫س إ ِّني َر ُ‬ ‫ل َيا أي َّها الّنا ُ‬ ‫قال الله له‪)) :‬قُ ْ‬
‫ُ‬ ‫ل ل ِل ّذي ُ‬
‫ن‬
‫مّيي َ‬‫ب َوال ّ‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫]العراف‪ [158:‬الية‪ ،‬وقال تعالى‪)) :‬وَقُ ْ‬
‫أ َأ َسل َمتم فَإ َ‬
‫ك ال َْبلغ ُ َوالل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما ع َل َي ْ َ‬ ‫وا فَإ ِن ّ َ‬ ‫ن ت َوَل ّ ْ‬
‫دوا وَإ ِ ْ‬ ‫موا فَ َ‬
‫قد ِ اهْت َ َ‬ ‫سل َ ُ‬‫نأ ْ‬ ‫ْ ْ ُ ْ ِ ْ‬
‫صيٌر ِبال ْعَِبادِ(( ]آل عمران‪.[20:‬‬ ‫بَ ِ‬
‫فنبينا صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الناس عامة‪ ،‬قال صلى‬
‫ُ‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬أعطيت خمسا ً لم ُيعطه ّ‬
‫ن أحد من الناس ‪-‬وذكر‬
‫صة وُبعثت إلى الناس عامة{‬
‫منها‪ -‬وكان النبي يرسل إلى قومه خا ّ‬
‫متفق عليه)‪.(4‬‬

‫‪1‬‬
‫)( إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي‪ ،‬اشتغل بالحديث علــى طريقــة الفقهــاء مطالعــة فــي‬
‫متونه ورجاله وجمع التفسير والتاريخ الذي سماه البداية والنهاية وغير ذلك مــن التصــانيف‪ .‬ت‪.‬‬
‫سنة ‪774‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة لبن حجر )‪.(1/373‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم )‪.(3/501‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬المنــاقب‪ ،‬ب‪ .‬خــاتم النــبيين صــلى اللــه عليــه وســلم )‪ ،(6/558‬مــع الفتــح؛ م‪ :‬ك‪.‬‬
‫الفضائل‪ ،‬ب‪ :‬ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين )‪ (15/51‬مع النووي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التيمم )‪ (1/436‬مع الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬المساجد ومواقيت الصلة )‪ (5/4‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وكما أنه صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الناس عامة فهو أيضا ً‬
‫ن ع ََلى ع َب ْد ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫فْرَقا َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي ن َّز َ‬ ‫مرسل إلى الجن قال تعالى‪)) :‬ت ََباَر َ‬
‫ذيًرا(( ]الفرقان‪ [1:‬حيث يدخل في العالمين عالم‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫ن ل ِل َْعال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ل ِي َ ُ‬
‫كو َ‬
‫الجن مع النس‪.‬‬
‫قال القرطبي)‪) :(1‬والمراد بالعالمين هنا النس والجن؛ لن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم كان رسول ً إليهما ونذيرا ً لهما()‪ .(2‬وقال تعالى‪:‬‬
‫حي إل َ َ‬ ‫))قُ ْ ُ‬
‫معَْنا قُْرآًنا ع َ َ‬
‫جًبا *‬ ‫قاُلوا إ ِّنا َ‬
‫س ِ‬ ‫ن فَ َ‬
‫ج ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫م َ‬‫فٌر ِ‬‫معَ ن َ َ‬
‫ست َ َ‬
‫ها ْ‬ ‫ي أن ّ ُ‬
‫ل أو ِ َ ِ ّ‬
‫َ‬
‫دا(( ]الجن‪.[2-1 :‬‬ ‫ح ً‬‫ك ب َِرب َّنا أ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫مّنا ب ِهِ وَل َ ْ‬
‫ن نُ ْ‬ ‫شد ِ َفآ َ‬‫دي إ َِلى الّر ْ‬
‫ي َهْ ِ‬
‫اختصاص النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بالنصسسر بسسالرعب‬
‫مسيرة شهر وجعلت له الرض مسسسجدا ً وطهسسورا ً وأحلسست لسسه‬
‫الغنائم‪:‬‬
‫عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ُ} :‬أعطيت خمسا ً لم ُيعطهن أحد قبلي‪ُ :‬نصرت بالرعب‬
‫جعلت لي الرض مسجدا ً وطهورا ً فأيما رجل من أمتي‬ ‫مسيرة شهر‪ ،‬و ُ‬
‫ل‪ ،‬وُأحلت لي الغنائم ولم تحل لحد ٍ قبلي‪،‬‬
‫أدركته الصلة فليص ّ‬
‫صة وُبعثت إلى‬ ‫ُ‬
‫وأعطيت الشفاعة‪ ،‬وكان النبي ُيبعث إلى قومه خا ّ‬
‫الناس عامة{)‪.(3‬‬
‫وروى المام أحمد بسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪:‬‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل‬ ‫}أ ّ‬
‫يصلي‪ ،‬فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه‪ ،‬حتى إذا صلى‬
‫ن أحد‬‫وانصرف إليهم‪ ،‬فقال لهم‪ :‬لقد أعطيت الليلة خمسًا‪ ،‬ما أعطيه ّ‬
‫قبلي‪- ...‬وذكر منها‪ -:‬وأحلت لي الغنائم آكلها‪ ،‬وكان من قبلي يعظمون‬
‫أكلها‪ ،‬كانوا يحرقونها‪ ،‬وجعلت لي الرض مساجد وطهورًا‪ ،‬أينما‬
‫من قبلي يعظمون ذلك‪ ،‬إنما‬ ‫أدركتني الصلة تمسحت وصليت وكان َ‬

‫‪1‬‬
‫)( محمد بن أحمد بن أبــي بكــر النصــاري القرطــبي المــالكي المفســر صـاحب جــامع أحكــام‬
‫القرآن‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪671‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الديباج المذهب لبن فرحون المالكي )‪.(2/308‬‬
‫‪2‬‬
‫)( القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن )‪.(13/4‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التيمم )‪ ،(1/436‬وانظــر‪ :‬بدايــة الســول ص )‪ ،(57‬وابــن الملقــن‪ :‬خصــائص أفضــل‬
‫المخلـــوقين ص )‪ ،(412-411‬والبوصـــيري‪ :‬علمـــات النبـــوة ص ) ‪ ،(196-195‬القســـطلني‪:‬‬
‫المواهب اللدنية )‪.(643-2/642‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم‪ {...‬الحديث)‪ .(1‬قال الهيثمي‪ :‬رواه‬


‫أحمد ورجاله ثقات)‪.(2‬‬
‫وقال أحمد شاكر‪ :‬صحيح السناد)‪.(3‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بيوم الجمعة‪:‬‬
‫أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬نحن الخرون الولون يوم القيامة‬
‫ونحن أول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وُأوتيناه من‬
‫بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق‪ ،‬فهذا يومهم الذي‬
‫اختلفوا فيه هدانا الله له قال‪ :‬يوم الجمعة فاليوم لنا وغدا ً لليهود وبعد‬
‫غد للنصارى{)‪ (4‬وهذا لفظ مسلم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫دى الل ّ ُ‬
‫قال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى‪)) :‬فَهَ َ‬
‫ه(( ]البقرة‪ [213:‬الية‪) :‬كان‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫حقّ ب ِإ ِذ ْن ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫خت َل َ ُ‬
‫فوا ِفيهِ ِ‬ ‫ما ا ْ‬
‫مُنوا ل ِ َ‬
‫آ َ‬
‫اختلفهم الذي خذلهم الله فيه‪ ،‬وهدى الذين آمنوا بمحمد لصابة يوم‬
‫الجمعة‪ ،‬ضلوا عنها وقد فرضت عليهم كالذي فرض علينا فجعلوها‬
‫السبت()‪.(5‬‬
‫ويعلق ابن حجر)‪ (6‬على هذا الختلف من اليهود بقوله‪ :‬وليس ذلك‬
‫ب‬‫خُلوا ال َْبا َ‬
‫بعجيب من مخالفتهم كما وقع لهم في قوله تعالى‪َ)) :‬واد ْ ُ‬
‫ة(( ]البقرة‪ [58 :‬وغير ذلك‪ ،‬كيف ل وهم القائلون‪:‬‬ ‫حط ّ ٌ‬‫دا وَُقوُلوا ِ‬ ‫ج ً‬‫س ّ‬
‫ُ‬
‫صي َْنا(( ]البقرة‪.[93 :‬‬
‫معَْنا وَع َ َ‬
‫س ِ‬‫)) َ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بنداء الله تعالى له‬
‫بأعّز أوصافه‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( حم‪ (12/26) :‬مع شرح أحمد شاكر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مجمع الزوائد )‪.(10/25‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مسند المام أحمد شرح أحمد شاكر )‪.(12/25‬‬
‫‪4‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الجمعة )‪ (144-6/143‬مع النووي؛ خ‪ :‬ك‪ .‬الجمعة‪ ،‬ب‪ .‬فرض الجمعــة )‪ (2/354‬مــع‬
‫الفتح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( انظر تفسير الطبري )‪.(2/351‬‬
‫‪6‬‬
‫)( حافظ عصره أحمــد بــن علــي بــن حجــر انتهــى إليــه معرفــة الرجــال وعلــل الحــديث‪ ،‬مــن‬
‫مصنفاته‪ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري وتغليق التعليق وصل به تعليقات البخــاري والصــابة‬
‫في تمييز الصحابة وتهذيب تهذيب الكمال وتقريب التهذيب وغير ذلك من المصنفات‪ ،‬ت‪ .‬ســنة‬
‫‪852‬هـ‪ .‬شذرات الذهب )‪.(9/395‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فناداه ربه بأحب أوصافه وأسنى كمالته‪ ،‬قال تعالى‪َ)) :‬يا أ َي َّها‬
‫سو ُ‬
‫ل(( ]المائدة‪.[41 :‬‬ ‫َ‬
‫ي(( ]النفال‪ ،[64 :‬و))َيا أي َّها الّر ُ‬
‫الن ّب ِ ّ‬
‫صيصة لم تثبت لغيره بل إن‬ ‫خ ِ‬ ‫قال العز بن عبد السلم‪) :‬وهذه ال َ‬
‫َ‬
‫ج َ‬
‫ك‬ ‫ت وََزوْ ُ‬ ‫ن أن ْ َ‬‫سك ُ ْ‬‫ما ْ‬ ‫كل ً منهم نودي باسمه فقال تعالى‪)) :‬وَقُل َْنا َيا آد َ ُ‬
‫مِتي‬‫م اذ ْك ُْر ن ِعْ َ‬
‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ة(( ]البقرة‪ ،[35:‬وقال تعالى‪َ)) :‬يا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬
‫َ‬
‫ه((‬ ‫سى إ ِّني أَنا الل ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ك(( ]المائدة‪ ،[110 :‬وقال تعالى‪َ)) :‬يا ُ‬ ‫ع َل َي ْ َ‬
‫مّنا(( ]هود‪،[48 :‬‬ ‫سلم ٍ ِ‬ ‫ط بِ َ‬ ‫ح اهْب ِ ْ‬‫]القصص‪ ،[30:‬وقال تعالى‪َ)) :‬يا ُنو ُ‬
‫ت الّرؤ َْيا(( ]الصافات‪.[105-104 :‬‬ ‫صد ّقْ َ‬
‫م * قَد ْ َ‬
‫هي ُ‬
‫وقال تعالى‪َ)) :‬يا إ ِب َْرا ِ‬
‫ول يخفى على أحد أن السيد إذا دعى أحد عبيده بأفضل ما وجد‬
‫فيه من الوصاف العلية والخلق السنية ودعا الخرين بأسمائهم‬
‫العلم ل يشعر بوصف من الوصاف ول بخلق من الخلق‪ ،‬إن منزلة‬
‫من دعاه بأفضل السماء والوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه‬
‫باسمه العلم()‪ .(1‬وأما اليات التي ورد فيها ذكر اسمه صلى الله عليه‬
‫مد ٌ أ ََبا‬‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫ن ُ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫وسلم إنما كان ذلك من باب الخبار كقوله تعالى‪َ )) :‬‬
‫َ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو ُ‬ ‫مد ٌ َر ُ‬‫ح ّ‬
‫م َ‬‫م(( ]الحزاب‪ ،[40 :‬وكقوله تعالى‪ُ )) :‬‬‫جال ِك ُ ْ‬‫ن رِ َ‬‫م ْ‬‫حد ٍ ِ‬ ‫أ َ‬
‫ه(( ]الفتح‪ [29:‬الية‪.‬‬ ‫معَ ُ‬‫ن َ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬
‫نهى الناس أن ينادوه باسمه العلم‪:‬‬
‫ضا((‬ ‫ضك ُ ْ‬
‫م ب َعْ ً‬ ‫م ك َد ُ َ‬
‫عاِء ب َعْ ِ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫سو ِ‬ ‫جعَُلوا د ُ َ‬
‫عاَء الّر ُ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬ل ت َ ْ‬
‫]النور‪.[63 :‬‬
‫فندبهم سبحانه وتعالى إلى تكنيته بالنبوة والرسالة تشريفا ً ورفعا ً‬
‫لمنزلته‪.‬‬
‫قال أبو نعيم الصبهاني)‪) :(2‬فخصه الله تعالى بهذه الفضيلة من‬
‫بين رسله وأنبيائه وأخبر سبحانه عن سائر المم أنهم كانوا يخاطبون‬
‫جَعل ل ََنا‬‫سى ا ْ‬‫مو َ‬‫رسلهم وأنبياءهم بأسمائهم كقول قوم موسى له‪َ)) :‬يا ُ‬
‫سى‬ ‫عي َ‬
‫ة(( ]العراف‪ ،[138:‬وقول قوم عيسى له‪َ)) :‬يا ِ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬
‫م آل ِهَ ٌ‬ ‫إ ِل ًَها ك َ َ‬
‫‪1‬‬
‫)( بداية السول ص )‪.(38‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الحافظ الكبير أحمد بن عبد الله الصبهاني‪ .‬له تصــانيف مشــهورة مثــل‪ :‬معرفــة الصــحابة‪،‬‬
‫وتاريــخ أصــبهان‪ ،‬ودلئل النبــوة‪ .‬ت‪ .‬ســنة ‪436‬هـــ‪ .‬انظــر‪ :‬تــذكرة الحفــاظ للــذهبي )‪-3/1092‬‬
‫‪.(1097‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫طيعُ َرب ّ َ‬
‫ك(( ]المائدة‪ ،[112 :‬وقول قوم هود له‪َ)) :‬يا‬ ‫ست َ ِ‬‫ل يَ ْ‬ ‫م هَ ْ‬ ‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫اب ْ َ‬
‫ة(( ]هود‪.(1)([53 :‬‬ ‫جئ ْت ََنا ب ِب َي ّن َ ٍ‬‫ما ِ‬ ‫هود ُ َ‬ ‫ُ‬
‫اختصسساص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بسسأن السسسماء‬
‫حرست بمبعثه‪:‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫مل ِئ َ ْ‬
‫ت‬ ‫ها ُ‬ ‫ماَء فَوَ َ‬
‫جد َْنا َ‬ ‫س َ‬
‫سَنا ال ّ‬‫م ْ‬ ‫قال تعالى حكاية عن الجن‪)) :‬وَأّنا ل َ َ‬
‫مِع‬ ‫ست َ ِ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫مِع فَ َ‬
‫س ْ‬
‫عد َ ِلل ّ‬
‫قا ِ‬‫م َ‬
‫من َْها َ‬ ‫شهًُبا * وَأ َّنا ك ُّنا ن َ ْ‬
‫قعُد ُ ِ‬ ‫دا وَ ُ‬
‫دي ً‬ ‫ش ِ‬ ‫سا َ‬ ‫حَر ً‬ ‫َ‬
‫دا(( ]الجن‪.[9-8 :‬‬ ‫ص ً‬
‫شَهاًبا َر َ‬‫ه ِ‬ ‫جد ْ ل َ ُ‬‫ن يَ ِ‬‫ال َ‬
‫قال القرطبي‪) :‬أي طلبنا خبرها كما جرت العادة‪) :‬فوجدناها( قد‬
‫ملئت حرسا ً شديدًا( أي حفظة‪ ،‬يعني الملئكة‪) .‬وشهبًا( جمع شهاب‪،‬‬
‫) ُ‬
‫وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عن استراق السمع()‪.(2‬‬
‫فحفظ الله كتابه ورحم عباده حتى ل يلتبس الحق عليهم بمبعثه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬
‫أقسم بحياته‪:‬‬
‫ن(( ]الحجر‪.[72:‬‬
‫مُهو َ‬ ‫سك َْرت ِهِ ْ‬
‫م ي َعْ َ‬ ‫م لَ ِ‬
‫في َ‬ ‫ك إ ِن ّهُ ْ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬ل َعَ ْ‬
‫مُر َ‬
‫قال ابن كثير‪) :‬أقسم تعالى بحياة نبيه صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬
‫وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريض()‪.(3‬‬
‫سم بحياته يدل‬
‫ق َ‬
‫م ْ‬
‫وقال العز بن عبد السلم‪) :‬والقسام بحياة ال ُ‬
‫سم بها‪ ،‬ولم يثبت هذا لغيره صلى‬‫ق ِ‬
‫م ْ‬
‫على شرف حياته وعزتها عند ال ُ‬
‫الله عليه وسلم()‪.(4‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن أدل ّسسه تعسسالى‬
‫تولى الدفاع عنه مما رماه به قومه‪:‬‬
‫كان النبياء السابقون عليهم السلم يتولون الدفاع عن أنفسهم‬
‫مما رماهم به المكذبون من أقوامهم من السفه والضلل‪ .‬قال تعالى‬
‫ك ِفي‬‫فيما أخبر عن قوم نوح عليه السلم أنهم قالوا له‪)) :‬إ ِّنا ل َن ََرا َ‬
‫‪1‬‬
‫)( دلئل النبوة ص )‪.(12‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تفسير القرطبي )‪ (10/9‬باختصار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تفسير ابن كثير )‪.(2/575‬‬
‫‪4‬‬
‫)( بداية السول ص )‪.(37‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن(( ]العراف‪ ،[60:‬فقال عليه السلم دفاعا ً عن نفسه‪َ)) :‬يا‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫َ‬
‫ة(( ]العراف‪ ،[61 :‬وقول قوم هود عليه السلم له‪:‬‬ ‫ضلل َ ٌ‬ ‫س ِبي َ‬ ‫قَوْم ِ ل َي ْ َ‬
‫ة(( ]العراف‪ ،[66:‬فقال نافيا ً عن نفسه ما‬ ‫فاهَ ٍ‬ ‫س َ‬‫ك ِفي َ‬ ‫))إ ِّنا ل َن ََرا َ‬
‫ة(( ]العراف‪ ،[67 :‬وأما نبينا‬ ‫فاهَ ٌ‬ ‫س َ‬ ‫س ِبي َ‬ ‫نسبوه إليه‪َ)) :‬يا قَوْم ِ ل َي ْ َ‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم فقد تولى ربه الرد عنه حين رماه‬
‫َ‬
‫ت‬
‫ما أن ْ َ‬ ‫المشركون بالجنون والضلل وقول الشعر‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬فَذ َك ّْر فَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مُنو ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ص ب ِهِ َري ْ َ‬ ‫عٌر ن َت ََرب ّ ُ‬
‫شا ِ‬‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬‫م يَ ُ‬ ‫ن*أ ْ‬ ‫جُنو ٍ‬
‫م ْ‬‫ن َول َ‬ ‫ك بِ َ‬
‫كاه ِ ٍ‬ ‫مةِ َرب ّ َ‬ ‫ب ِن ِعْ َ‬
‫ل تربصوا فَإني معك ُم من ال ْمتربصين * أ َم تأ ْمرهُم أ َحلمهم به َ َ‬
‫م‬
‫ذا أ ْ‬ ‫ْ َ ُ ُ ْ ْ ُ ُ ْ َِ‬ ‫ُ ََ ّ ِ َ‬ ‫َ َ ْ ِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫* قُ ْ َ َ ّ ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫مث ْل ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ث ِ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬‫ن * فَل ْي َأُتوا ب ِ َ‬ ‫ه َبل ل ي ُؤ ْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫قوّل َ ُ‬ ‫قوُلو َ‬
‫ن تَ َ‬ ‫م يَ ُ‬‫ن*أ ْ‬ ‫غو َ‬‫طا ُ‬ ‫م َ‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫هُ ْ‬
‫ن(( ]الطور‪.[34-29 :‬‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫ن َ‬ ‫إِ ْ‬
‫وفي هذا من التشريف لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما تحار‬
‫فيه العقول وتزداد به محبة الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬
‫دمه على جميع أنبيائه في الذكر في أغلب آيات القرآن‪:‬‬ ‫ق ّ‬
‫َ‬ ‫ك كَ َ‬ ‫َ‬
‫ن ب َعْد ِهِ‬‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ح َوالن ّب ِّيي َ‬ ‫حي َْنا إ ِلى ُنو ٍ‬ ‫ما أوْ َ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ َ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬إ ِّنا أوْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سى‬ ‫عي َ‬ ‫ط وَ ِ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫ب َوال ْ‬ ‫قو َ‬ ‫حاقَ وَي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫هي َ‬‫حي َْنا إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬‫وَأوْ َ‬
‫َ‬
‫سًل قَد ْ‬ ‫داوُد َ َزُبوًرا * وَُر ُ‬ ‫ن َوآت َي َْنا َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬
‫ن وَ ُ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ب وَُيون ُ َ‬ ‫وَأّيو َ‬
‫سى‬ ‫مو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ك وَك َل ّ َ‬ ‫م ع َل َي ْ َ‬ ‫صه ُ ْ‬‫ص ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫سًل ل َ ْ‬ ‫ل وَُر ُ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬‫ك ِ‬ ‫م ع َل َي ْ َ‬‫صَناهُ ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫قَ َ‬
‫ما(( ]النساء‪.[164-163 :‬‬ ‫ت َك ِْلي ً‬
‫ح‬‫ن ُنو ٍ‬ ‫م ْ‬‫ك وَ ِ‬ ‫من ْ َ‬
‫م وَ ِ‬ ‫ميَثاقَهُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن الن ّب ِّيي َ‬ ‫م َ‬ ‫خذ َْنا ِ‬ ‫وقال تعالى‪)) :‬وَإ ِذ ْ أ َ َ‬
‫ظا((‬ ‫ميَثاًقا غ َِلي ً‬ ‫م ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫خذ َْنا ِ‬ ‫م وَأ َ َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ِ‬ ‫عي َ‬ ‫سى وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫م وَ ُ‬‫هي َ‬
‫وَإ ِب َْرا ِ‬
‫]الحزاب‪.[7 :‬‬
‫قال ابن كثير‪) :‬فبدأ بالخاتم لشرفه صلوات الله عليه ثم رتبهم‬
‫بحسب وجودهم صلوات الله عليهم()‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بإمامة النبياء في‬
‫بيت المقدس‪:‬‬
‫لم تقتصر فضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة لخوانه‬
‫دمه عليهم في الذكر‪ ،‬بل قد جمع الله تعالى له جماعة‬
‫ق ّ‬
‫النبياء على ت َ َ‬
‫‪1‬‬
‫)( تفسير ابن كثير )‪.(3/478‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫منهم فصلى بهم إمامًا؛ تأكيدا ً لفضله وشرفه عليهم‪ ،‬أخرج مسلم من‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪} :‬لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي‪ ،‬فسألتني‬
‫عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربة ما كربت مثلها قط‪،‬‬
‫قال‪ :‬فرفعه الله لي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إل أنبأتهم به‪ ،‬وقد‬
‫رأيتني في جماعة من النبياء‪ ،‬فإذا موسى قائم يصلي فإذا رجل ضرب‬
‫جعد كأنه من رجال شنوءة وإذا عيسى ابن مريم عليه السلم قائم‬
‫يصلي أقرب الناس به شبها ً عروة بن مسعود الثقفي)‪ ،(1‬وإذا إبراهيم‬
‫عليه السلم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم يعني نفسه‪ ،‬فحانت‬
‫الصلة فأممتهم‪ ،‬فلما فرغت من الصلة قال قائل‪ :‬يا محمد! هذا مالك‬
‫صاحب النار فسلم عليه فالتفت إليه فبدأني بالسلم{)‪.(2‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بانشسسقاق القمسسر‬
‫آية له‪:‬‬
‫مُر(( ]القمر‪ .[1:‬أخرج‬ ‫شقّ ال ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫ة َوان ْ َ‬
‫ساع َ ُ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬اقْت ََرب َ ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫الشيخان من حديث ابن مسعود)‪ (3‬رضي الله عنه قال‪} :‬انشق القمر‬
‫على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين‪ ،‬فرقة فوق الجبل‪،‬‬
‫وفرقة دونه‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬اشهدوا{ واللفظ‬
‫للبخاري)‪.(4‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بسسأن مسسن معجزاتسسة‬
‫ما هو أظهر في العجاز من معجزات غيره‪:‬‬
‫كتفجير الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإنه أبلغ في‬
‫خرق العادة من تفجيره من الحجر؛ لن جنس الحجر مما يتفجر منه‬
‫ك‬‫صا َ‬
‫ب ب ِعَ َ‬ ‫قل َْنا ا ْ‬
‫ضرِ ْ‬ ‫مه ِ ف َ ُ‬
‫قو ْ ِ‬
‫سى ل ِ َ‬
‫مو َ‬
‫قى ُ‬
‫س َ‬
‫ست َ ْ‬
‫النهار قال تعالى‪)) :‬وَإ ِذ ِ ا ْ‬
‫شَرة َ ع َي ًْنا(( ]البقرة‪ [60:‬الية‪ .‬وقال تعالى‬ ‫ه اث ْن ََتا ع َ ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ت ِ‬
‫جَر ْ‬ ‫جَر َفان َ‬
‫ف َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح َ‬

‫‪1‬‬
‫معّتب الثقفي‪ ،‬صحابي من أهل الطائف‪ ،‬توفي في زمن النبي صـلى اللـه عليــه وسـلم‬
‫)( ابن ُ‬
‫وهو يدعو قومه للسلم‪ ،‬انظر الصابة )‪ ،(6/416‬رقم )‪.(5518‬‬
‫‪2‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬اليمان‪ ،‬ذكر المسيح عيسى ابن مريم وذكر الدجال )‪ (238-2/237‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الُهذلي أبو عبد الرحمن‪ ،‬صحابي مات بالمدينة سنة‬
‫اثنين وثلثين‪ .‬الصابة )‪ ،(6/214‬رقم )‪.(4945‬‬
‫‪4‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التفسير‪ ،‬ب‪ .‬قوله تعالى‪) :‬وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا( )‪ (8/617‬مع الفتــح؛‬
‫م‪ :‬ك‪ :‬صفة القيامة والجنة والنار‪ ،‬ب‪ .‬انشقاق القمر )‪ (17/144‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ة‬
‫جاَر ِ‬
‫ح َ‬‫كال ْ ِ‬
‫ي َ‬ ‫ك فَهِ َ‬‫ن ب َعْد ِ ذ َل ِ َ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ت قُُلوب ُك ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م قَ َ‬‫في شأن بني إسرائيل‪)) :‬ث ُ ّ‬
‫من َْها ل َ َ‬
‫ما‬ ‫ه ال َن َْهاُر وَإ ِ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫من ْ ُ‬
‫جُر ِ‬ ‫ف ّ‬
‫ما ي َت َ َ‬‫جاَرةِ ل َ َ‬‫ح َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سوَة ً وَإ ِ ّ‬‫شد ّ ق َ ْ‬ ‫أ َوْ أ َ َ‬
‫ماُء(( ]البقرة‪ [74 :‬الية‪ .‬وأما ما جاء في شأن‬ ‫ه ال ْ َ‬‫من ْ ُ‬
‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬‫ققُ فَي َ ْ‬ ‫ش ّ‬‫يَ ّ‬
‫نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أنس‬
‫بن مالك)‪ (1‬رضي الله عنه قال‪} :‬رأيت رسول الله صلى الله عليه‬
‫ي‬
‫ضوء فلم يجدوه فأت ِ َ‬ ‫وسلم وحانت صلة العصر فالتمس الناس الوَ ُ‬
‫ضوء فوضع رسول الله صلى الله‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَ ُ‬
‫عليه وسلم في ذلك الناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منه‪ .‬قال‪:‬‬
‫فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم{)‪،(2‬‬
‫واللفظ للبخاري‪ .‬وفي رواية لمسلم‪} :‬كانوا زهاء الثلثمائة{)‪ ،(3‬فكان‬
‫انفجار الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغَ في العجاز من‬
‫انفجار الماء من الحجر لموسى عليه السلم)‪.(4‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بحنين الجذع إليه‪:‬‬
‫أخرج البخاري من حديث ابن عمر)‪ (5‬رضي الله عنهما‪} :‬كان النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع‪ ،‬فلما اتخذ المنبر تحول إليه‪،‬‬
‫ن)‪ (6‬الجذع‪ ،‬فأتاه فمسح يده عليه{)‪.(7‬‬
‫فح ّ‬
‫قال العز بن عبد السلم‪) :‬ولم يثبت لواحد من النبياء مثل ذلك(‬
‫)‪.(8‬‬
‫اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بتسسسليم الحجسسر‬
‫عليه قبل البعثة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( ابن النضر النصاريّ الخزرجي أبو حمزة‪ ،‬خادم رسول اللــه صــلى اللــه عليــه وســلم‪ ،‬مــات‬
‫سنة تسعين‪ .‬الصابة )‪ ،(113-1/112‬رقم )‪.(275‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الوضوء‪ ،‬ب‪ .‬التماس الوضوء إذا حانت الصلة )‪ (1/271‬مع الفتــح؛ م‪ :‬ك‪ .‬الفضــائل‪،‬‬
‫ب‪ .‬معجزات النبي صلى الله عليه وسلم )‪ (15/39‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(15/39‬‬
‫‪4‬‬
‫)( انظر‪ :‬بداية السول ص )‪) .(41-40‬بتصرف(‪.‬‬
‫ي‪ ،‬صحابي‪ ،‬مات سنة ثلث وســبعين‪.‬‬
‫قرشي العدو ّ‬ ‫فيل ال ُ‬ ‫‪ ()5‬عبد الله بن عمر بن الخ ّ‬
‫طاب بن ن ُ َ‬
‫الصابة )‪ ،(173-6/167‬رقم )‪.(4825‬‬
‫‪6‬‬
‫)( الحنين‪ :‬الشوق وشدة البكاء‪ .‬الطاهر الزاوي‪ :‬ترتيب القاموس المحيط )‪.(1/729‬‬
‫‪7‬‬
‫)( ك‪ .‬المناقب‪ ،‬ح )‪ ،(6/601) ،(3583‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( بداية السول‪ ،‬ص )‪.(45-39‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أخرج مسلم من حديث جابر بن سمرة)‪ (1‬قال‪ :‬قال رسول الله‬


‫ي قبل‬‫صلى الله عليه وسلم‪} :‬إني لعرف حجرا ً بمكة كان يسلم عل ّ‬
‫أن ُأبعث إني لعرفه الن{)‪.(2‬‬
‫قال العز بن عبد السلم‪) :‬ولم يثبت لواحد من النبياء مثل ذلك(‬
‫)‪.(3‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسه وسسلم بسسأنه بعسث رحمسة‬
‫للعالمين‪:‬‬
‫َ‬
‫ن(( ]النبياء‪:‬‬ ‫مي َ‬‫ة ل ِل َْعال َ ِ‬
‫م ً‬ ‫ك إ ِّل َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫ما أْر َ‬‫قال الله تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫‪ ،[107‬وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قيل‪:‬‬
‫}ادع على المشركين‪ ،‬قال‪ :‬إني لم أبعث لّعانا ً وإنما ب ُِعثت رحمة{)‪،(4‬‬
‫وروى الطبري بسنده عن ابن عباس)‪ (5‬رضي الله عنه في تفسير قوله‬
‫َ‬
‫ن(( ]النبياء‪ ،[107:‬قال‪]] :‬من‬ ‫مي َ‬‫ة ل ِل َْعال َ ِ‬
‫م ً‬ ‫ك إ ِّل َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫ما أْر َ‬
‫تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫آمن بالله واليوم الخر كتب له الرحمة في الدنيا والخرة‪ ،‬ومن لم‬
‫يؤمن بالله ورسوله عوفي مما أصاب المم من الخسف والقذف[[)‪.(6‬‬
‫وفي بيان هذه الرحمة يقول القاضي عياض)‪) :(7‬للمؤمن رحمة‬
‫بالهداية‪ ،‬ورحمة للمنافقين بالمان من القتل‪ ،‬ورحمة للكافرين بتأخير‬
‫العذاب()‪ .(8‬قال أبو نعيم الصبهاني‪) :‬فأمن أعداؤه من العذاب مدة‬
‫م‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه ل ِي ُعَذ ّب َهُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫حياته عليه السلم فيهم وذلك قوله تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫م(( ]النفال‪ [33 :‬فلم يعذبهم مع استعجالهم إّياه تحقيقا ً لما‬ ‫َ‬
‫ت ِفيهِ ْ‬
‫وَأن ْ َ‬

‫‪1‬‬
‫جنادة العامري‪ ،‬وأمه خالدة بنت أبي وّقاص أخت سعد بن أبي وَقاص‪ ،‬صــحابي‪ ،‬تــوفي‬ ‫)( ابن ُ‬
‫سنة أربع وسبعين‪ ،‬الصابة )‪ ،(2/42‬رقم )‪.(1013‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ك‪ .‬الفضائل‪ ،‬ب‪ .‬نسب النبي صلى اللــه عليــه وســلم وتســليم الحجــر عليــه‪ (15/36 ) ،‬مــع‬
‫النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( بداية السول ص )‪.(40-39‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ك‪ .‬البر والصلة‪ ،‬ب‪ .‬من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه )‪ (16/150‬مع النووي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( عبد الله بن عّباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي‪ ،‬ابن عم رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬توفي بالطائف سنة ثمان وستين‪ ،‬الصابة )‪ ،(140-6/130‬رقم )‪.(4772‬‬
‫‪6‬‬
‫)( جامع البيان )‪.(9/83‬‬
‫لمة الحافظ‪ .‬له كتاب الشــفاء‬ ‫‪ ()7‬عياض بن موسى اليحصبي الُبستي المالكي‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬الع ّ‬
‫في التعريف بحقوق المصطفى‪ ،‬وترتيب المــدارك وتقريــب المســالك فــي ذكــر فقهــاء مــذهب‬
‫مالك وغير ذلك ت‪ .‬سنة ‪524‬هـ‪ .‬انظر الـديباج المـذهب لبـن فرحـون المـالكي ) ‪(2/46‬؛ سـير‬
‫أعلم النبلء )‪.(20/212‬‬
‫‪8‬‬
‫)( الشفاء )‪.(1/19‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫نعته به()‪.(1‬‬
‫ل بهم من العذاب‬ ‫ما المم الماضية فقد أخبرنا الله تعالى بما ح ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫جي َْناه ُ َوال ّ ِ‬‫قال تعالى في شأن نوح عليه السلم وقومه‪)) :‬فَك َذ ُّبوه ُ فَأن َ‬
‫َ‬
‫ن((‬‫مي َ‬ ‫ما ع َ ِ‬ ‫كاُنوا قَوْ ً‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا إ ِن ّهُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك وَأغ َْرقَْنا ال ّ ِ‬ ‫فل ْ ِ‬‫ه ِفي ال ْ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫َ‬
‫]العراف‪ ،[64:‬وقال تعالى في شأن هود عليه السلم وقومه‪:‬‬
‫َ‬
‫ما‬‫ن ك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا وَ َ‬ ‫ذي َ‬‫داب َِر ال ّ ِ‬‫مّنا وَقَط َعَْنا َ‬ ‫مة ٍ ِ‬ ‫ح َ‬‫ه ب َِر ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫جي َْناه ُ َوال ّ ِ‬ ‫))فَأن َ‬
‫ن(( ]العراف‪ ،[72:‬وقال تعالى في شأن صالح عليه‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كاُنوا ُ‬ ‫َ‬
‫ن * فَت َوَّلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫جاث ِ ِ‬‫م َ‬ ‫دارِه ِ ْ‬ ‫حوا ِفي َ‬ ‫ة فَأ ْ‬
‫صب َ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ج َ‬‫م الّر ْ‬ ‫خذ َت ْهُ ُ‬‫السلم وقومه‪)) :‬فَأ َ‬
‫ل يا قَوم ل َ َ َ‬
‫ن‬‫حّبو َ‬ ‫ن ل تُ ِ‬ ‫م وَل َك ِ ْ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ْ‬‫ة َرّبي وَن َ َ‬ ‫سال َ َ‬
‫م رِ َ‬ ‫قد ْ أب ْل َغْت ُك ُ ْ‬ ‫ْ ِ‬ ‫م وََقا َ َ‬ ‫ع َن ْهُ ْ‬
‫ن(( ]العراف‪.[79-78 :‬‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬‫الّنا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جي َْناه ُ وَأهْل َ ُ‬
‫ه‬ ‫وقال تعالى في شأن لوط عليه السلم وقومه‪)) :‬فَأن َ‬
‫مط ًَرا َفانظ ُْر ك َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫إّل ا َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫مط َْرَنا ع َل َي ْهِ ْ‬ ‫ن * وَأ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال َْغاب ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مَرأت َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ن(( ]العراف‪.[84-83 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫عاقِب َ ُ‬ ‫َ‬
‫فكان بذا صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة والنعمة‬
‫المسداة للعالمين‪.‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬
‫جمع له من مراتب الوحي مراتب عديدة‪:‬‬
‫الولى‪ :‬الرؤيا الصالحة‪ ،‬وكانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم‬
‫وكان ل يرى الرؤيا إل جاءت مثل فلق الصبح‪ ،‬أخرج البخاري من حديث‬
‫عائشة)‪ (2‬رضي الله عنها أنها قالت‪} :‬كان أول ما ُبدىء به رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم‪ ،‬فكان ل يرى رؤيا إل‬
‫جاءت مثل فلق الصبح{ الحديث)‪.(3‬‬
‫الثانية‪ :‬ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه‪،‬‬
‫أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة)‪ (4‬رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ن‬
‫ن روح القدس نفث في روعي أ ّ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬إ ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( دلئل النبوة ص )‪.(9‬‬
‫‪2‬‬
‫)( بنت أبي بكر الصــديق‪ ،‬أم المــؤمنين‪ ،‬تزوجهــا النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم بعــد المبعــث‬
‫بخمس سنين‪ ،‬ماتت سنة ثمان وخمسين ودفنت بالبقيع‪ ،‬الصابة )‪ ،(42-38) /13‬رقم )‪.(75‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التفسير سورة )اقرأ( )‪ ،(8/715‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫صدي بن عجلن بن الحارث الباهلي مشــهور بكنيتــه مــات ســنة ‪86‬هـــ‪ .‬الصــابة )‪،(5/133‬‬
‫)( ُ‬
‫رقم )‪.(4054‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫نفسا ً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها‪ ،‬فأجملوا في‬


‫ن‬
‫دكم استبطاُء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإ ّ‬
‫ن أح َ‬
‫الطلب‪ ،‬ول يحمل ّ‬
‫الله ل ُينال ما عنده إل بطاعته{)‪.(1‬‬
‫عفير بن معدان وهو ضعيف()‪.(2‬‬
‫قال الهيثمي‪) :‬فيه ُ‬
‫وقال شعيب الرنؤوط‪) :‬صحيح بشواهده()‪.(3‬‬
‫الثالثة‪ :‬أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجل ً‬
‫فيخاطبه‪ ،‬وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحيانًا‪ ،‬أخرج مسلم من‬
‫حديث عمر رضي الله عنه الطويل وفيه‪} :‬يا عمر أتدري من السائل؟‬
‫قال‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم{)‪.(4‬‬
‫الرابعة‪ :‬أنه كان يأتيه مثل صلصلة الجرس‪ ،‬أخرج البخاري من‬
‫ن الحارث بن هشام)‪ (5‬رضي الله عنه‬ ‫حديث عائشة رضي الله عنها أ ّ‬
‫سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪} :‬كيف يأتيك الوحي؟ فقال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أحيانا ً يأتيني مثل صلصلة الجرس‬
‫ي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال‪ {...‬الحديث)‪.(6‬‬ ‫وهو أشد ّ عل ّ‬
‫خلق عليها‪ ،‬أخرج‬ ‫الخامسة‪ :‬أنه كان يرى الملك في صورته التي ُ‬
‫سئل عن تفسير‬ ‫الشيخان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه لما ُ‬
‫َ‬ ‫كان َقاب قَوسي َ َ‬
‫حى إ َِلى ع َب ْد ِهِ َ‬
‫ما‬ ‫ن أوْ أد َْنى * فَأوْ َ‬
‫ْ َ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪)) :‬فَ َ َ‬
‫حى(( ]النجم‪ [10-9 :‬قال رضي الله عنه‪} :‬إنه رأى جبريل له‬ ‫َ‬
‫أوْ َ‬
‫ستمائة جناح{)‪ ،(7‬وأخرج البخاري من حديث أم المؤمنين عائشة رضي‬
‫ن محمدا ً رأى ربه فقد أعظم ولكن رأى‬ ‫الله عنها قالت‪} :‬من زعم أ ّ‬
‫خلقه سادا ً ما بين الفق{)‪.(8‬‬ ‫جبريل في صورته و َ‬

‫‪1‬‬
‫)( )‪.(10/26-27‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مجمع الزوائد )‪.(4/72‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر حاشية زاد المعاد لبن القيم )‪.(1/79‬‬
‫‪4‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬اليمان )‪ (160-1/159‬مع النووي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أبو عبد الرحمن القرشي المخزومي أخو أبي جهل وابن عم خالد بن الوليد أسلم يوم الفتح‬
‫وحسن إسلمه‪ ،‬قيل مات في طاعون عمواس وقيل في يوم اليرموك‪ .‬انظر‪ :‬الصابة )‪،(2/45‬‬
‫رقم )‪.(1022‬‬
‫‪6‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬بدء الوحي )‪ (1/18‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬بدء الخلق )‪ (6/313‬مع الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬اليمان‪ .‬ب‪ .‬السراء )‪ (2/214‬مع النووي‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬بدء الخلق )‪.(6/313‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫السادسة‪ :‬ما أوحاه الله إليه وهو فوق السموات ليلة المعراج‪.‬‬
‫السابعة‪ :‬كلم الله منه إليه بل واسطة ملك كلما كّلم الله تعالى‬
‫موسى بن عمران عليه السلم‪ ،‬أخرج مسلم من حديث أنس بن مالك‬
‫الطويل وفيه‪...} :‬ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان‬
‫الفيلة وإذا ثمرها كالقلل‪ ،‬فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ما‬
‫ي ما‬
‫أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى الله إل ّ‬
‫أوحى‪ {...‬الحديث)‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم بأخسسذ الميثسساق لسسه‬
‫من جميع النبياء باليمان به ونصرته‪:‬‬
‫ب‬‫ن ك َِتا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما آت َي ْت ُك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ميَثاقَ الن ّب ِّيي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬وَإ ِذ ْ أ َ َ‬
‫ل‬‫ه َقا َ‬ ‫ن ب ِهِ وَل َت َن ْ ُ‬
‫صُرن ّ ُ‬ ‫م ل َت ُؤ ْ ِ‬
‫من ُ ّ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫ما َ‬‫صد ّقٌ ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاَءك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫مة ٍ ث ُ ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫َ‬ ‫ري َقاُلوا أ َقَْرْرَنا َقا َ‬ ‫م وَأ َ َ‬ ‫ََ‬
‫معَك ُ ْ‬
‫م‬ ‫دوا وَأَنا َ‬ ‫شه َ ُ‬ ‫ل َفا ْ‬ ‫ص ِ‬
‫م إِ ْ‬ ‫م ع ََلى ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫أأقَْرْرت ُ ْ‬
‫ن(( ]آل عمران‪.[81:‬‬ ‫دي َ‬ ‫شاه ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫قال ابن كثير‪) :‬يقول تعالى مهما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم‬
‫جاءكم رسول بعد هذا كله‪ ،‬فعليكم اليمان به ونصرته‪ ،‬وإذا كان هذا‬
‫الميثاق شامل ً لكل منهم تضمن أخذه لمحمد صلى الله عليه وسلم من‬
‫جميعهم‪ ،‬وهذه خصوصية ليست لحد ٍ منهم سواه()‪.(2‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم بسسأن أهسسل الكتسساب‬
‫لهم علم به‪:‬‬
‫ه‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫سو َ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬ال ّ ِ‬
‫دون َ ُ‬
‫ج ُ‬ ‫ذي ي َ ِ‬ ‫م ّ‬‫ي ال ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ن ي َت ّب ُِعو َ‬‫ذي َ‬
‫ل(( ]العراف‪[157 :‬الية‪ ،‬وقال‬ ‫جي ِ‬ ‫لن ِ‬‫م ِفي الت ّوَْراةِ َوا ِ‬ ‫عن ْد َهُ ْ‬‫مك ُْتوًبا ِ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫ل إ ِّني َر ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫م َيا ب َِني إ ِ ْ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫تعالى‪)) :‬وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫ْ‬
‫دي‬ ‫ن ب َعْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل ي َأِتي ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫شًرا ب َِر ُ‬ ‫مب َ ّ‬‫ن الت ّوَْراةِ وَ ُ‬ ‫م َ‬‫ن ي َد َيّ ِ‬ ‫صد ًّقا ل ِ َ‬
‫ما ب َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫إ ِل َي ْك ُ ْ‬
‫ت َقاُلوا هَ َ‬ ‫اس م َ‬
‫ن(( ]الصف‪.[6:‬‬ ‫مِبي ٌ‬‫حٌر ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م ِبال ْب َي َّنا ِ‬
‫جاَءهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫مد ُ فَل َ ّ‬ ‫ح َ‬‫هأ ْ‬ ‫ْ ُ ُ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه أميا ً ل يقسسرأ‬
‫ول يكتب‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬اليمان‪ ،‬ب‪ .‬السراء برسول الله صلى الله عليه وسلم )‪ (2/214‬مع النووي؛ وانظــر‬
‫زاد المعاد لبن القيم )‪.(1/79‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ص )‪.(286‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ي(( ]العراف‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫سو َ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬ال ّ ِ‬


‫م ّ‬
‫ي ال ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ن ي َت ّب ُِعو َ‬
‫ذي َ‬
‫خط ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ب َول ت َ ُ‬
‫ن ك َِتا ٍ‬ ‫ن قَب ْل ِهِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ت َت ُْلوا ِ‬‫ما ك ُن ْ َ‬‫‪ [157‬الية‪ .‬وقال تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫ن(( ]العنكبوت‪.[48:‬‬ ‫مب ْط ُِلو َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫مين ِ َ‬
‫ك إِ ً‬
‫ذا لْرَتا َ‬ ‫ب ِي َ ِ‬
‫وأخرج الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال‪} :‬إّنا‬
‫مّية ل نكتب ول نحسب‪ ،‬الشهر هكذا يعني مرة تسعة وعشرين‬ ‫أمة أ ِ‬
‫ومرة ثلثين{)‪.(1‬‬
‫قال ابن حجر‪) :‬المراد بقوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬إّنا( أي‬
‫العرب‪ ،‬وقيل أراد نفسه‪ ،‬وقيل أمية بلفظ النسب إلى الم أراد أمة‬
‫العرب؛ لنها ل تكتب‪ ،‬أو منسوب إلى المهات أي أنهم إلى أصل ولدة‬
‫أمهم‪ ،‬قوله‪) :‬ل نكتب ول نحسب( المراد أهل السلم الذين بحضرته‬
‫عند تلك المقالة وهو محمول على أكثرهم أو المراد نفسه وقيل للعرب‬
‫ث ِفي‬ ‫ن الكتابة كانت فيهم عزيزة قال تعالى‪)) :‬هُوَ ال ّ ِ‬
‫ذي ب َعَ َ‬ ‫أميون؛ ل ّ‬
‫م(( ]الجمعة‪.(2)([1 :‬‬ ‫سول ً ِ‬ ‫ُ‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫ن َر ُ‬
‫مّيي َ‬
‫ال ّ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أوتسسي مفاتيسسح‬
‫خزائن الرض‪:‬‬
‫أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ُ} :‬بعثت بجوامع الكلم‪ ،‬وُنصرت بالرعب‪،‬‬
‫وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الرض فوضعت في يدي‪ .‬قال أبو‬
‫هريرة‪ :‬فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها{)‪.(3‬‬
‫قال النووي)‪) :(4‬قوله )تنتثلونها( يعني تستخرجون ما فيها‪ ،‬يعني‬
‫خزائن الرض وما فتح الله على المسلمين من الدنيا()‪.(5‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬

‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الصوم‪ ،‬ب‪ .‬قوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬ل نكتب ول نحســب( )‪ (4/126‬مــع الفتــح؛‬
‫م‪ :‬ك‪ .‬الصيام‪ ،‬ب‪ .‬وجوب صيام رمضان برؤية الهلل )‪ (7/192‬مع النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(4/127‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ك‪ .‬المساجد )‪ (5/5‬مع النووي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( يحيى بن شرف الحزامي النووي الشافعي محيي الدين أبو زكريا‪ ،‬محرر المذهب الشافعي‬
‫وكبير الفقهاء في زمانه‪ .‬من مصنفاته‪ :‬شرح مسلم وشرح المهذب والروضة والمنهاج وتهــذيب‬
‫السماء واللغات ورياض الصالحين والذكار‪ .‬ت‪ .‬سنة ‪676‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬طبقات الشافعية للسنوي‬
‫)‪ ،(2/476‬والبداية والنهاية )‪.(13/294‬‬
‫‪5‬‬
‫)( شرح النووي على مسلم )‪.(5/5‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫جمع له بين القبلتين‪:‬‬


‫م ال ِّتي‬ ‫ن قِب ْل َت ِهِ ُ‬‫م عَ ْ‬ ‫ما وَّلهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫فَهاُء ِ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫سي َ ُ‬ ‫قال تعالى‪َ )) :‬‬
‫ط‬
‫صَرا ٍ‬ ‫شاُء إ َِلى ِ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ب ي َهْ ِ‬ ‫مغْرِ ُ‬ ‫شرِقُ َوال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ل ِل ّهِ ال ْ َ‬ ‫كاُنوا ع َل َي َْها قُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫طا ل ِت َ ُ‬ ‫س ً‬ ‫ك جعل ْناك ُ ُ‬
‫س‬
‫داَء ع َلى الّنا ِ‬ ‫شه َ َ‬ ‫كوُنوا ُ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫م ً‬‫مأ ّ‬ ‫قيم ٍ * وَك َذ َل ِ َ َ َ َ ْ‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ت ع َل َي َْها إ ِّل ل ِن َعْل َ َ‬
‫م‬ ‫كن َ‬‫ة ال ِّتي ُ‬ ‫قب ْل َ َ‬‫جعَل َْنا ال ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫دا وَ َ‬ ‫شِهي ً‬ ‫م َ‬ ‫ل ع َل َي ْك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫كو َ‬ ‫وَي َ ُ‬
‫ت ل َك َِبيَرة ً إ ِّل ع ََلى‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قب َي ْهِ وَإ ِ ْ‬ ‫ب ع ََلى ع َ ِ‬ ‫قل ِ ُ‬‫ن َين َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬‫ل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِعُ الّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫س ل ََرُءو ٌ‬ ‫ه ِبالّنا ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مان َك ُ ْ‬ ‫ضيعَ ِإي َ‬ ‫ه ل ِي ُ ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫دى الل ّ ُ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫م(( ]البقرة‪.[143:‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫َر ِ‬
‫ل‬‫ها فَوَ ّ‬ ‫ضا َ‬‫ة ت َْر َ‬‫ك قِب ْل َ ً‬ ‫ماِء فَل َن ُوَل ّي َن ّ َ‬ ‫س َ‬‫ك ِفي ال ّ‬ ‫جه ِ َ‬ ‫ب وَ ْ‬ ‫قل ّ َ‬‫))قَد ْ ن ََرى ت َ َ‬
‫د(( ]البقرة‪.[144-142:‬‬ ‫ج ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شط َْر ال ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫جه َ َ‬ ‫وَ ْ‬
‫قال ابن كثير‪) :‬وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة‪ ،‬وحاصل‬
‫المر أنه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باستقبال‬
‫الصخرة من بيت المقدس فكان بمكة يصلي بين الركنين وهو مستقبل‬
‫صخرة بيت المقدس فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجمع بينهما فأمره‬
‫الله بالتوجه إلى بيت المقدس‪ ،‬قاله ابن عباس والجمهور‪ ...‬قال‪:‬‬
‫والمقصود أن التوجه إلى بيت المقدس كان بعد مقدمه صلى الله عليه‬
‫وسلم إلى المدينة واستمر على ذلك بضعة أشهر وكان يكثر الدعاء‬
‫والبتهال أن يوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم فأجيب إلى ذلك(‬
‫)‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬
‫أح ّ‬
‫ل له مكة ساعة من نهار‪:‬‬
‫أخرج مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة‪} :‬ل هجرة ولكن‬
‫ن هذا‬
‫جهاد ونية‪ ،‬وإذا استنفرتم فانفروا{‪ ،‬وقال يوم الفتح فتح مكة‪} :‬إ ّ‬
‫البلد حرمه الله يوم خلق السموات والرض فهو حرام بحرمة الله إلى‬
‫يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لحد قبلي ولم يحل لي إل ساعة‬
‫من نهار{ الحديث)‪.(2‬‬

‫‪1‬‬
‫)( تفسير القرآن العظيم )‪.(1/195‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ك‪ .‬الحج‪ ،‬ب‪ .‬تحريم مكة )‪ (126-9/123‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن السدجال ل‬
‫اختصاص النسبي صسلى اللسه عليسسه وسسسلم بسأ ّ‬
‫يدخل بلدتيه‪:‬‬
‫أخرج مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫دجال إل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬ليس من بلد إل سيطؤه ال ّ‬
‫مكة والمدينة‪ ،‬وليس نقب)‪ (1‬من أنقابها إل عليه الملئكة صافين‬
‫تحرسها فينزل بالسبخة فترجف المدينة ثلث رجفات يخرج إليه كل‬
‫كافر ومنافق{)‪.(2‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن الطسساعون ل‬
‫يدخل مدينته‪:‬‬
‫أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬على المدينة ملئكة ل يدخلها‬
‫الطاعون ول الدجال{)‪.(3‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم بسسأن الصسسلة فسسي‬
‫مسجده أفضل من ألف صلة‪:‬‬
‫ن امرأة اشتكت‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال‪} :‬إ ّ‬
‫ن في بيت المقدس‪،‬‬ ‫ن فلصلي ّ‬ ‫ن شفاني الله لخرج ّ‬
‫شكوى فقالت إ ْ‬
‫فبرأت ثم تجهزت تريد الخروج‪ ،‬فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم تسلم عليها فأخبرتها ذلك فقالت‪ :‬اجلسي فكلي ما صنعت‬
‫وصل في مسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم فإني سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬صلة فيه أفضل من ألف صلة‬
‫فيما سواه من المساجد إل مسجد الكعبة{)‪.(4‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بسسأن مسسا بيسسن بيتسسه‬
‫ن منبره على حوضه‪:‬‬ ‫ومنبره روضة من رياض الجنة وأ ّ‬
‫أخرج الشيخان من حديث عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪} :‬ما بين بيتي ومنبري روضة‬
‫أ ّ‬

‫‪1‬‬
‫)( الطريق في الجبل‪ ،‬انظر ترتيب القاموس )‪.(4/421‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ك‪ .‬الفتن وأشراط الساعة )‪ (18/85‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ك‪ .‬الفتن‪ ،‬ب‪ .‬ل يدخل المدينة الدجال )‪ (13/101‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الحج‪ ،‬ب‪ .‬فضل الصلة بمسجد مكة والمدينة )‪ (167-9/166‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫من رياض الجنة{)‪ .(1‬وفي رواية للبخاري‪} :‬ومنبري على حوضي{)‪.(2‬‬


‫قال ابن حجر في قوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬روضة من رياض‬
‫الجنة(‪) :‬أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة والسعادة بما‬
‫يحصل من ملزمة حلق الذكر ل سيما في عهده صلى الله عليه وسلم‬
‫فيكون تشبيها ً بغير أداة‪ ،‬أو أن المعنى أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة‬
‫فيكون مجازًا‪ ،‬أو هو على ظاهره وأن المراد أنه روضة حقيقة بأن ُينقل‬
‫ذلك الموضع في الخرة إلى الجنة(‪ .‬هذه محصلة ما أّوله أهل العلم‬
‫في هذا الحديث‪ ،‬وهي على ترتيبها في القوة‪ .‬وأما قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬ومنبري على حوضي( أي ُينقل يوم القيامة فينصب على‬
‫الحوض‪ ،‬قال الكثر المراد منبره بعينه الذي قال فيه هذه المقالة وهو‬
‫فوقه‪ ،‬وقيل المراد المنبر الذي يوضع له يوم القيامة()‪.(3‬‬
‫المبحث الثاني خصسسائص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫دون جميع النبياء عليهم السلم في الحياة الخرة‪:‬‬
‫اختصسساص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بسسأنه أول مسسن‬
‫تنشسسق عنسسه الرض وبإعطسسائه لسسواء الحمسسد وأول مسسن يسسدخل‬
‫الجنة يوم القيامة‪:‬‬
‫روى المام أحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪} :‬إني لول من تنشق الرض‬
‫عن جمجمتي يوم القيامة ول فخر‪ ،‬وأعطى لواء الحمد ول فخر‪ ،‬وأنا‬
‫سيد الناس يوم القيامة ول فخر‪ ،‬وأنا أول من يدخل الجنة ول فخر‪،‬‬
‫وإني آتي باب الجنة فآخذ بحلقها فيقولون من هذا فأقول أنا محمد‬
‫فيفتحون لي فأدخل فإذا الجبار مستقبلي فأسجد له فيقول‪ :‬ارفع‬
‫رأسك يا محمد‪ ،‬وتكلم ُيسمع منك‪ {...‬الحديث)‪.(4‬‬
‫قال اللباني‪) :‬سنده جيد ورجاله رجال الشيخين()‪.(5‬‬
‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬فضل الصلة في مسجد مكة والمدينة‪ ،‬ب‪ .‬فضل ما بين القــبر والمنــبر )‪ (3/70‬مــع‬
‫الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬الحج‪ ،‬ب‪ .‬فضل ما بين قبره ومنبره )‪ (9/161‬مع النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المصدر السابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(9/161‬‬
‫‪4‬‬
‫)( حم‪ ،(3/144) :‬وانظر بداية السول ص )‪ ،(34‬والمواهب اللدنية بالمنح المحمدية )‪-2/700‬‬
‫‪.(701‬‬
‫‪5‬‬
‫)( السلسلة الصحيحة )‪.(4/100‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأن اللسسه تعسسالى‬


‫يبعثه يوم القيامة مقاما ً محمودًا‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫مد صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وَ ِ‬ ‫قال الله تعالى لصفيه وخليله مح ّ‬
‫َ‬ ‫ة لَ َ‬
‫جد ْ ب ِهِ َنافِل َ ً‬
‫دا((‬
‫مو ً‬
‫ح ُ‬
‫م ْ‬
‫ما َ‬
‫قا ً‬
‫م َ‬ ‫ك َرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫ن ي َب ْعَث َ َ‬
‫سى أ ْ‬
‫ك عَ َ‬ ‫الل ّي ْ ِ‬
‫ل فَت َهَ ّ‬
‫]السراء‪ .[79:‬أخرج البخاري رحمه الله في تفسير هذه الية من‬
‫حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه يقول‪} :‬إن الناس يصيرون يوم‬
‫القيامة جثا)‪ (1‬كل أمة تتبع نبيها‪ ،‬يقولون‪ :‬يا فلن اشفع‪ ،‬حتى تنتهي‬
‫الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فذلك يوم يبعثه الله المقام‬
‫المحمود{)‪ .(2‬وأخرج أيضا ً من حديث ابن عمر‪} :‬إن الشمس تدنو يوم‬
‫القيامة حتى يبلغ العرق نصف الذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم‬
‫بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم{)‪ .(3‬ثم ذكر البخاري رحمه‬
‫الله طريقا ً آخر فيه زيادة‪} :‬فيشفع ليقضى بين الخلق فيمشي حتى‬
‫يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاما ً محمودا ً يحمده أهل الجمع‬
‫كلهم{)‪.(4‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سسسيد ولسسد آدم‬
‫يوم القيامة ويفتح الله عليه من المحامد مسسا ل يفتحسسه علسسى‬
‫غيره وأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪:‬‬
‫أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ُ} :‬أتي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع ‪-‬وكانت‬
‫تعجبه‪ -‬فنهس منها نهسة ثم قال‪ :‬أنا سيد الناس يوم القيامة‪ ،‬وهل‬
‫تدرون مم ذلك؟ يجمع الناس ‪-‬الولين والخرين‪ -‬في صعيد واحد‬
‫يسمعهم الداعي‪ ،‬وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم‬
‫والكرب ما ل يطيقون ول يحتملون‪ ،‬فيقول الناس‪ :‬أل ترون ما قد‬
‫بلغكم؟ أل تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس‬
‫لبعض‪ :‬عليكم بَآدم‪ ،‬فيأتون آدم عليه السلم فيقولون له‪ :‬أنت أبو‬
‫البشر‪ ،‬خلقك الله بيده‪ ،‬ونفخ فيك من روحه‪ ،‬وأمر الملئكة فسجدوا‬
‫لك‪ ،‬اشفع لنا إلى ربك‪ ،‬أل ترى ما نحن فيه؟ أل ترى ما قد بلغنا؟‬
‫‪1‬‬
‫ث هو الذي يجلس على ركبتيه‪ .‬فتح الباري )‪.(8/450‬‬
‫)( جمع جا ٍ‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التفسير ب‪) .‬عسى أن يبعثك ربك مقاما ً محمودًا( )‪ (8/399‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المصدر السابق ك الزكاة ب من سأل الناس تكثرا ً )‪.(3/338‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المصدر السابق نفسه‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فيقول آدم‪ :‬إن ربي قد غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ولن‬
‫يغضب بعده مثله‪ ،‬وأنه نهاني عن الشجرة فعصيته‪ ،‬نفسي نفسي‬
‫نفسي اذهبوا إلى غيري‪ ،‬اذهبوا إلى نوح‪ .‬فيأتون نوحا ً فيقولون‪ :‬يا نوح‬
‫ماك الله عبدا ً شكورًا‪،‬‬
‫إنك أنت أول الرسل إلى أهل الرض‪ ،‬وقد س ّ‬
‫شفع لنا إلى ربك‪ ،‬أل ترى ما نحن فيه؟ فيقول‪ :‬إن ربي قد غضب‬ ‫ا ْ‬
‫اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله‪ ،‬وأنه قد كانت‬
‫لي دعوة دعوتها على قومي‪ ،‬نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري‪ ،‬اذهبوا‬
‫إلى إبراهيم‪ .‬فيأتون إبراهيم‪ ،‬فيقولون‪ :‬يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله‬
‫من أهل الرض‪ ،‬اشفع لنا إلى ربك‪ ،‬أل ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول‬
‫لهم‪ :‬إن ربي قد غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله‪ ،‬ولن يغضب‬
‫بعده مثله‪ ،‬وإني قد كنت كذبت ثلث كذبات ‪-‬فذكرهن أبو حيان في‬
‫الحديث‪ -‬نفسي نفسي نفسي‪ ،‬اذهبوا إلى غيري‪ ،‬اذهبوا إلى موسى‪.‬‬
‫فيأتون موسى فيقولون‪ :‬أنت رسول الله‪ ،‬فضلك الله برسالته وبكلمه‬
‫على الناس‪ ،‬اشفع إلى ربك‪ ،‬أل ترى ما نحن فيه؟ فيقول‪ :‬إن ربي قد‬
‫غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله‪ ،‬ولن يغضب بعده مثله‪ ،‬وإني قد‬
‫قتلت نفسا ً لم أومر بقتلها‪ ،‬نفسي نفسي نفسي‪ ،‬اذهبوا إلى غيري‪،‬‬
‫اذهبوا إلى عيسى‪ .‬فيأتون عيسى فيقولون‪ :‬يا عيسى‪ ،‬أنت رسول الله‬
‫وكلمته ألقاها إلى مريم‪ ،‬وروح منه‪ ،‬وكلمت الناس في المهد‪ ،‬اشفع‬
‫لنا‪ ،‬أل ترى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى‪ :‬إن ربي قد غضب اليوم غضبا ً‬
‫لم يغضب قبله مثله‪ ،‬ولن يغضب بعده مثله ‪-‬ولم يذكر ذنبًا‪ -‬اذهبوا إلى‬
‫غيري‪ ،‬اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬فيأتون محمدا ً صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬فيقولون‪ :‬يا محمد أنت رسول الله‪ ،‬وخاتم النبياء‪،‬‬
‫وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر‪ ،‬اشفع لنا إلى ربك‪ ،‬أل ترى‬
‫ل‪ ،‬ثم‬ ‫إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق‪ ،‬فآتي العرش فأقع ساجدا ً لربي عّز وج ّ‬
‫ي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا ً لم يفتحه على أحد‬ ‫يفتح الله عل ّ‬
‫شفع‪ ،‬فأرفع‬ ‫ل ُتعطه‪ ،‬واشفع ت ُ َ‬ ‫قبلي‪ .‬ثم يقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬ارفع رأسك‪ ،‬س ْ‬
‫ب‪ .‬فيقال‪ :‬يا محمد أدخل من‬ ‫ب‪ ،‬أمتي يا ر ّ‬
‫رأسي فأقول‪ :‬أمتي يا ر ّ‬
‫أمتك من ل حساب عليهم من الباب اليمن من أبواب الجنة‪ ،‬وهم‬
‫م قال‪ :‬والذي نفسي بيده‬ ‫شركاء للناس فيما سوى ذلك من البواب‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫ن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما‬ ‫إ ّ‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫صرى)‪.(2){(1‬‬
‫بين مكة وب ُ ْ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم بسسأنه أول شسسفيع‬
‫في الجنة وأول من يقرع بابها‪:‬‬
‫روى مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا‬
‫أكثر النبياء تابعا ً{)‪ .(3‬وفي لفظ آخر‪} :‬أنا أكثر النبياء تابعا ً يوم القيامة‬
‫وأول من يقرع باب الجنة{)‪ .(4‬ولنفس الصحابي رضي الله عنه أخرج‬
‫مسلم قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬آتي باب الجنة‬
‫يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن‪ :‬من أنت؟ فأقول‪ :‬محمد‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫بك أمرت ل أفتح لحد قبلك{)‪.(5‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بسسأنه أكسسثر النبيسساء‬
‫تابعا ً يوم القيامة ويدخل من أمته الجنسسة سسسبعون ألف سا ً بغيسسر‬
‫حساب‪:‬‬
‫أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ي من اليات‬ ‫ُ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪} :‬ما من النبياء نبي إل أعط ِ َ‬
‫ي‪ ،‬فأرجو‬ ‫ما مثله آمن عليه البشر‪ ،‬وأما الذي أوتيته وحيا ً أوحاه الله إل ّ‬
‫أن أكون أكثرهم تابعا ً يوم القيامة{)‪ .(6‬وأخرج أيضا ً من حديث عمران‬
‫)‪(7‬‬
‫رضت‬ ‫بن حصين وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬ع ُ ِ‬
‫ي المم‪ ،‬فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط والنبي ليس معه‬ ‫عل ّ‬
‫أحد حتى ُرفِعَ لي سواد عظيم قلت‪ :‬ما هذا؟! أمتي هذه؟ قيل هذا‬
‫موسى وقومه‪ ،‬قيل انظر إلى الفق فإذا سواد عظيم قد مل الفق‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫م‬
‫‪1‬‬
‫مان ودمشق‪ ،‬وهي اليوم آثــار‬ ‫صرى مدينة حوران‪ ،‬وهي في منتصف المسافة بين ع ّ‬ ‫)( كانت ب ُ ْ‬
‫صــرى داخــل‬ ‫قرب مدينة "درعة" لما التي احتلت مكانهــا حــتى ظــن بعــض النــاس أنهــا هــي وب ُ ْ‬
‫الحدود السورية على مقربة من الحدود الردنية‪ .‬انظر‪ :‬معجم المعالم الجغرافيــة فــي الســيرة‬
‫النبوية لعاتق البلدي ص )‪.(44-43‬‬
‫ً‬ ‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التفسير‪ ،‬ب‪) .‬ذرية من حملنــا مــع نــوح إنــه كــان عبــدأ شــكورا( ) ‪ (396-8/395‬مــع‬
‫الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬اليمان‪ ،‬ب‪ .‬الشفاعة )‪ (69-3/65‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مسلم بشرح النووي ك اليمان ب الشفاعة )‪.(3/73‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(3/73‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(3/73‬‬
‫‪6‬‬
‫)( تقدم تخريجه ص )‪.(35‬‬
‫‪7‬‬
‫)( هو‪ :‬عمران بن حصين بن عبيد بــن خلــف الخزاعــي‪ ،‬صــحابي‪ ،‬ت‪ .‬ســنة ‪ 52‬هـــ‪ .‬الصــابة )‬
‫‪ (156-7/155‬رقم )‪.(6003‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قيل انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء فإذا سواد قد مل الفق قيل‬
‫هذه أمتك ويدخل الجّنة من هؤلء سبعون ألفا ً بغير حساب‪{..‬‬
‫الحديث)‪.(1‬‬
‫وفي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضا ً قال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪} :‬يدخل من أمتي‬
‫زمرة هم سبعون ألفا ً تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر‪ .‬قال أبو‬
‫جر نمرة عليه فقال‪ :‬يا‬ ‫كاشة بن محصن السدي ي ُ‬ ‫هريرة‪ :‬فقام ع ُ ّ‬
‫رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬اللهم اجعله منهم‪ .‬ثم قام رجل آخر من النصار فقال‪ :‬يا رسول‬
‫الله ادع الله أن يجعلني منهم‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫عكاشة{)‪.(2‬‬ ‫سبقك بها ُ‬
‫قال العز بن عبد السلم‪) :‬من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫يدخل إلى الجنة من أمته سبعون ألفا ً بغير حساب ولم يثبت ذلك لغيره‬
‫صلى الله عليه وسلم{)‪.(3‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة أمته علسسى‬
‫المم يوم القيامة‪:‬‬
‫عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ُ} :‬يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له‪ :‬هل بّلغت الرسالة؟‬
‫فيقول نعم‪ .‬فُتسأل أمته‪ :‬هل بّلغكم؟ فيقولون‪ :‬ما جاءنا من نذير‪.‬‬
‫فيقول‪ :‬من شهودك؟ فيقول‪ :‬محمد وأمته‪ ،‬فيجاء بكم فتشهدون‪ ،‬ثم‬
‫س ً‬ ‫ك جعل ْناك ُ ُ‬
‫طا((‬ ‫ة وَ َ‬ ‫م ً‬‫مأ ّ‬ ‫قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وَك َذ َل ِ َ َ َ َ ْ‬
‫دا((‬
‫شِهي ً‬‫م َ‬‫ل ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫سو ُ‬‫ن الّر ُ‬
‫كو َ‬ ‫س وَي َ ُ‬ ‫َ‬
‫داَء ع َلى الّنا ِ‬ ‫ل‪)) :‬ل ِت َ ُ‬
‫كوُنوا ُ‬
‫شه َ َ‬ ‫قال عد ً‬
‫]البقرة‪.(4){[143 :‬‬
‫قال العز بن عبد السلم‪) :‬نّزل الله تعالى أمته منزل العدول من‬
‫الحكام‪ ،‬فإن الله تعالى إذا حكم بين العباد فجحدت المم بتبليغ‬

‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الطب‪ ،‬ب‪ .‬من اكتوى أو كوى نفسه )‪ (10/155‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ك‪ .‬اليمان ب‪ .‬دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب )‪ (89-3/88‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( بداية السول ص )‪.(52‬‬
‫‪4‬‬
‫)( وانظر‪ :‬خ‪ :‬ك‪ .‬العتصام بالكتاب والسنة ب‪) .‬وكذلك جعلنـاكم أمـة وسـطًا( )‪ (13/316‬مـع‬
‫الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الرسالة أحضر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيشهدون على الناس‬
‫بأن رسلهم أبلغتهم‪ ،‬وهذه الخصيصة لم تثبت لحد من النبياء()‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بالشسسهادة علسسى‬
‫أمته بإبلغ الرسالة‪:‬‬
‫ذيًرا *‬ ‫مب َ ّ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شًرا وَن َ ِ‬ ‫دا وَ ُ‬
‫شاه ِ ً‬ ‫ي إ ِّنا أْر َ‬
‫قال تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها الن ّب ِ ّ‬
‫مِنيًرا(( ]الحزاب‪.[46:‬‬ ‫جا ُ‬‫سَرا ً‬ ‫عًيا إ َِلى الل ّهِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ وَ ِ‬
‫دا ِ‬
‫وَ َ‬
‫قال القاضي عياض‪) :‬وهي ‪-‬أي الشهادة لنفسه‪ -‬من خصائصه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬هذا بالضافة إلى ما تضمنته الية من ضروب‬
‫المدح والثناء حيث جعله الله مبشرا ً لهل طاعته ونذيرا ً لهل معصيته‬
‫وداعيا ً إلى توحيده وعبادته وسراجا ً منيرا ً ُيهتدى به إلى الحق()‪.(2‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أول من يجوز‬
‫الصراط من الرسل بأمته‪:‬‬
‫أخرج البخاري من حديث أبي هريرة الطويل وفيه‪ُ ...} :‬يحشر‬
‫الناس يوم القيامة فيقول‪ :‬من كان يعبد شيئا ً فليتبع‪ :‬فمنهم من يتبع‬
‫الشمس‪ ،‬ومنهم من يتبع القمر‪ ،‬ومنهم من يتبع الطواغيت‪ ،‬وتبقى هذه‬
‫المة فيها منافقوها فيأتيهم الله فيقول‪ :‬أنا ربكم‪ ،‬فيقولون‪ :‬هذا مكاننا‬
‫حتى يأتينا ربنا‪ ،‬فإذا جاء ربنا عرفناه‪ ،‬فيأتيهم الله فيقول‪ :‬أنا ربكم‪،‬‬
‫فيقولون‪ :‬أنت ربنا‪ ،‬فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم‬
‫فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته‪.(3){...‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الوسيلة‪:‬‬
‫أخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪} :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما‬
‫ي صلة صّلى الله عليه بها‬
‫ي فإنه من صّلى عل ّ‬‫يقول ثم صلوا عل ّ‬
‫عشرًا‪ ،‬ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل لعبد‬
‫من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو‪ ،‬فمن سأل لي الوسيلة حّلت له‬

‫‪1‬‬
‫)( بداية السول ص )‪ ،(69‬وانظر‪ :‬خصائص أفضل المخلوقين ص )‪.(403‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الشفاء )‪.(30-1/29‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الذان ب‪ .‬فضل السجود )‪ (293-2/292‬مع الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الشفاعة{)‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائه الكوثر‪:‬‬
‫ك ال ْك َوْث ََر(( ]الكوثر‪ .[1:‬روى‬ ‫قال سبحانه وتعالى‪)) :‬إ ِّنا أ َع ْط َي َْنا َ‬
‫ن عائشة رضي الله‬ ‫المام البخاري رحمه الله في تفسير هذه الية‪) :‬أ ّ‬
‫تعالى عنها سألها أبو عبيدة)‪ (2‬عن قوله تعالى‪)) :‬إ ِّنا أ َع ْط َي َْنا َ‬
‫ك ال ْك َوْث ََر((‬
‫]الكوثر‪ [1:‬قالت‪} :‬هو نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم شاطئاه‬
‫عليه در مجوف آنيته كعدد النجوم{)‪.(3‬‬
‫قال ابن حجر‪) :‬الكوثر فوعل من الكثرة سمي بها النهر لكثرة‬
‫مائه وآنيته وعظم قدره وخيره‪ ،‬وهذا هو أحد القوال في معنى الكوثر‬
‫أنه نهر في الجنة يؤيده حديث أنس رضي الله عنه قال‪} :‬لما عرج‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال‪ :‬أتيت على نهر حافتاه‬
‫قباب اللؤلؤ مجوف‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هذا يا جبريل؟ قال‪ :‬هذا الكوثر{‪ .‬وهو‬
‫قول عائشة رضي الله عنها وغيرها من الصحابة‪.‬‬
‫والقول الثاني في معنى الكوثر أنه الخير الكثير‪ ،‬روى المام‬
‫البخاري في صحيحه تفسير ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في‬
‫الكوثر‪]] :‬هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه[[‪ .‬وهو قول ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما وسعيد بن جبير‪ .‬والقول الثالث‪ :‬أن المراد بالكوثر‬
‫الحوض وذلك لحديث المختار بن فلفل عن أنس بن مالك وفيه قوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪} :‬أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فإنه نهر وعدنيه ربي عّز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه‬
‫أمتي يوم القيامة‪ {...‬الحديث‪ .‬هذه أشهر القوال في معنى الكوثر‪.‬‬
‫فأولها بالصواب القول الول؛ وذلك لن الدلة نص في معناه‪ ،‬بخلف‬
‫قول ابن عباس رضي الله عنهما‪ ،‬فإنه وإن كان ل يخالف المعنى الول‬
‫إل ّ أنه عام‪ ،‬والحاديث أثبتت التخصيص بالنهر‪ .‬وأما القول الثالث فإن‬
‫أصحابه أخذوا عجز الحديث وتركوا صدره الذي فيه‪} :‬أتدرون ما‬
‫ما جاء في صحيح‬ ‫الكوثر؟‪ ...‬قال‪ :‬فإنه نهر وعدنيه ربي عّز وجل{‪ ،‬ول ِ َ‬

‫‪1‬‬
‫)( ك الصلة ب‪ .‬استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه )‪.(4/85‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ابن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬فتح الباري )‪.(8/732‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التفسير ب‪ .‬سورة‪) :‬إنا أعطيناك الكوئر( )‪.(8/731‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫مسلم في الحوض‪} :‬يشخب فيه ميزابان من الجنة{)‪ .(1‬وغاية ما يقال‬


‫على الحوض كوثر لكونه يمد منه()‪.(2‬‬
‫الفصل الثسساني‪ :‬خصسسائص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم دون أمته وقد يشاركه فيها النبياء أو بعضهم‪:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمتسسه بوجسسوب‬
‫محبته‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م وَأْزَوا ُ‬ ‫وان ُك ُ ْ‬
‫خ َ‬‫م وَإ ِ ْ‬ ‫م وَأب َْناؤ ُك ُ ْ‬ ‫ن آَباؤ ُك ُ ْ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ساك ِ ُ‬‫م َ‬ ‫ها وَ َ‬‫ساد َ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫شو ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫جاَرة ٌ ت َ ْ‬ ‫ها وَت ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل اقْت ََرفْت ُ ُ‬ ‫وا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫شيَرت ُك ُ ْ‬
‫وَع َ ِ‬
‫َ‬
‫حّتى‬‫صوا َ‬ ‫سِبيل ِهِ فَت ََرب ّ ُ‬ ‫جَهاد ٍ ِفي َ‬ ‫سول ِهِ وَ ِ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬‫م ِ‬ ‫ب إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ضوْن ََها أ َ‬‫ت َْر َ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن(( ]التوبة‪..[24:‬‬ ‫قي َ‬ ‫س ِ‬
‫فا ِ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫مرِهِ َوالل ّ ُ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫ي الل ّ ُ‬‫ي َأت ِ َ‬
‫قال القرطبي‪) :‬وفي الية دليل على وجوب حب الله ورسوله()‪.(3‬‬
‫وأخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب‬
‫إليه من والده وولده{‪ .‬وزاد مسلم‪} :‬والناس أجمعين{)‪.(4‬‬
‫قال ابن حجر في تعليقه على ترجمة الباب‪) :‬باب حب الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم من اليمان(‪ .‬قال‪) :‬اللم فيه للعهد‪ ،‬والمراد‬
‫سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرينة قوله‪) :‬حتى أكون‬
‫ن الحبية مختصة‬‫أحب(‪ ،‬وإن كانت محبة جميع الرسل من اليمان‪ ،‬لك ّ‬
‫بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم()‪.(5‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأن اللسسه‬
‫تعالى عصمه من الناس‪:‬‬
‫ن لَ ْ‬
‫م‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك وَإ ِ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ك ِ‬ ‫ما ُأنزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ل ب َل ّغْ َ‬‫سو ُ‬ ‫َ‬
‫قال الله تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها الّر ُ‬
‫س(( ]المائدة‪.[67:‬‬ ‫ن الّنا ِ‬‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬‫ص ُ‬ ‫ه َوالل ّ ُ‬
‫ه ي َعْ ِ‬ ‫سال َت َ ُ‬ ‫ما ب َل ّغْ َ‬
‫ت رِ َ‬ ‫ل فَ َ‬
‫فعَ ْ‬
‫تَ ْ‬
‫قال القرطبي‪) :‬قيل معناه أظهر التبليغ؛ لنه كان في أول السلم‬
‫‪1‬‬
‫)( ك‪ .‬الفضائل‪ ،‬ب‪ .‬حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفته )‪.(15/62‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر فتح الباري )‪.(732-8/731‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الجامع لحكام القرآن )‪.(8/62‬‬
‫‪4‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬اليمان‪ ،‬ب‪ .‬حب الرسول صلى الله عليه وسلم مـن اليمــان )‪ (1/58‬مـع الفتــح‪ .‬م‪.‬‬
‫ك‪ .‬اليمان‪ ،‬ب‪ .‬وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم )‪ (2/15‬مع النووي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(1/58‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يخفيه خوفا ً من المشركين()‪ ،(1‬ثم أمر بإظهاره في هذه الية‪ ،‬وأعلمه‬


‫الله أنه يعصمه من الناس()‪.(2‬‬
‫وأخرج الشيخان من حديث جابر بن عبد الله)‪ (3‬رضي الله عنهما‬
‫قال‪} :‬غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة)‪ (4‬قَِبل نجد‪،‬‬
‫دركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد ٍ في الِعضاة)‪ ،(5‬فنزل‬ ‫فأ ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعّلق سيفه بغصن من‬
‫أغصانها‪ ،‬وتفّرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر‪ ،‬قال‪ :‬فقال‬
‫ن رجل ً)‪ (6‬أتاني وأنا نائم‪ ،‬فأخذ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬إ ّ‬
‫السيف‪ ،‬فاستيقظت وهو قائم على رأسي فلم أشعر إل والسيف‬
‫صْلتا ً)‪ (7‬في يده‪ ،‬فقال لي‪ :‬من يمنعك مني؟ قال‪ :‬قلت الله‪ ،‬ثم قال‬ ‫َ‬
‫)‪(9‬‬ ‫)‪(8‬‬
‫في الثانية‪ :‬من يمنعك مني؟ قلت‪ :‬الله‪ .‬قال‪ :‬فشام السيف ‪{...‬‬
‫الحديث واللفظ لمسلم‪.‬‬
‫ن الله‬‫قال ابن حجر‪) :‬ويؤخذ من مراجعة العرابي له في الكلم أ ّ‬
‫سبحانه وتعالى يمنع نبيه صلى الله عليه وسلم منه‪ ،‬وإل فما أحوجه‬
‫إلى مراجعته مع احتياجه إلى الحظوة عند قومه بقتله‪ ،‬وفي قول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في جوابه )الله( أي يمنعني منك إشارة إلى‬
‫ذلك()‪.(10‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمتسسه بإسسسلم‬
‫قرينه‪:‬‬
‫أخرج مسلم من حديث عبد الله بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪1‬‬
‫)( أي على أصحابه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الجامع لحكام القرآن )‪.(16/157‬‬
‫‪3‬‬
‫)( هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام النصاري‪ ،‬صحابي ت‪ .‬سنة ‪74‬هـ‪ .‬الصــابة )‪(2/45‬‬
‫رقم )‪.(1022‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ذات الرقاع‪ ،‬انظر خ‪ :‬ك‪ .‬المغازي‪ ،‬ب‪ .‬غزوة ذات الرقاع )‪ (7/426‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( كل شجرة ذات شوك‪ .‬شرح النووي على مسلم )‪.(15/44‬‬
‫‪6‬‬
‫)( هو غورث بن الحارث‪ ،‬انظر البخاري المصدر السابق‪.‬‬
‫ل‪ ،‬النووي المصدر السابق )‪.(15/45‬‬ ‫‪ ()7‬مسلو ً‬
‫‪8‬‬
‫)( شام السيف‪ :‬إذا سّله وإذا أغمده والمراد هنا أغمده‪ ،‬النووي المصدر السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬المغازي‪ ،‬ب‪ .‬غزوة ذات الرقاع )‪ (7/426‬مع الفتح؛ م‪ .‬ك‪ .‬الفضائل‪ ،‬ب‪ .‬توكله علــى‬
‫الله وعصمة الله تعالى له من الناس )‪ (45-15/44‬مع النووي‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(7/427‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫صلى الله عليه وسلم‪} :‬ما منكم من أحد إل وقد وكل به قرينه من‬
‫الجن‪ ،‬قالوا‪ :‬وإياك يا رسول الله؟ قال‪ :‬وإياي‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ن الله أعانني عليه‬
‫فأسلم فل يأمرني إل بخير{)‪.(1‬‬
‫قال النووي‪) :‬فأسلم برفع الميم وفتحها‪ ،‬وهما روايتان مشهورتان‪،‬‬
‫ن‬
‫فمن رفع قال‪ :‬معناه أسلم أنا من شره وفتنته‪ .‬ومن فتح قال‪ :‬إ ّ‬
‫القرين أسلم من السلم‪ ،‬وصار مؤمنا ً ل يأمرني إل ّ بخير‪ .‬واختلفوا في‬
‫الرجح منهما‪ ،‬فقال الخطابي‪ :‬الصحيح المختار الرفع‪ ،‬ورجح القاضي‬
‫عياض الفتح‪ ،‬وهو المختار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬فل يأمرني إل‬
‫بخير( واختلفوا في رواية الفتح‪ ،‬فقيل أسلم بمعنى استسلم وانقاد وقد‬
‫جاء هكذا في غير صحيح مسلم )فاستسلم( وقيل‪ :‬معناه صار مسلما ً‬
‫مؤمنا ً وهذا هو الظاهر()‪.(2‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأن من رآه في‬
‫المنام فقد رآه حقا ً)‪ (3‬ول يتمثل الشيطان به‪:‬‬
‫أخرج البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬من رآني في المنام فقد رآني فإ ّ‬
‫الشيطان ل يتمثل بي‪ ،‬ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا ً من‬
‫النبوة{)‪ .(4‬ولمسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬من رآني في المنام فقد رآني ول‬
‫يتمثل الشيطان بي{)‪ .(5‬وزاد البخاري من رواية أبي هريرة أيضًا‪} :‬ول‬
‫ي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من‬‫يتمثل الشيطان صورتي‪ ،‬ومن كذب عل ّ‬
‫ن الرؤيا تكون في‬ ‫النار{)‪ .(6‬نصت هذه الحاديث المتفق عليها على أ ّ‬
‫المنام ل كما يزعم الصوفية من دعوى رؤيته صلى الله عليه وسلم‬

‫‪1‬‬
‫)( ك‪ .‬القيامة والجنة والنار‪ ،‬ب‪ .‬تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنــة النــاس )‪ (17/158‬مــع‬
‫النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( شرح النووي على مسلم )‪.(17/158‬‬
‫‪3‬‬
‫ن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنــام )علــى‬ ‫)( ل ب ُد ّ هنا من تنبيه مهم جدًا‪ ،‬وهو أ ّ‬
‫صفته المعروفة( فقد رآه حقًا‪ ،‬وأن الشيطان ل يتمثل بــه‪ ،‬ولكــن قــد يتمثــل الشــيطان بصــورة‬
‫رجل ما ويدعي أنه النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فمتى رؤى بغير صفاته فهو شيطان‪ ،‬وهذا أمــر‬
‫يغفل عنه كثير من الناس‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ك‪ .‬العبير‪ ،‬ب‪ .‬من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام )‪ (12/383‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ك‪ .‬الرؤيا )‪ (15/24‬مع النووي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ك‪ .‬الدب‪ ،‬ب‪ .‬من سمي بأسماء النبياء )‪ (578-10/577‬مع الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يقظة ل مناما ً والتلقي منه)‪.(1‬‬


‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأن مسسن‬
‫كذب عليه متعمدا ً مختلف في كفره‪:‬‬
‫أخرج الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه قال‪} :‬إنه ليمنعني‬
‫مد‬ ‫أن أحدثكم حديثا ً كثيرا ً أ ّ‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬من تع ّ‬
‫ي كذبا ً فليتبوأ مقعده من النار{)‪ .(2‬وروى البخاري من حديث عبد‬ ‫عل ّ‬
‫الله بن الزبير عن أبيه قال‪ :‬قلت للزبير‪} :‬إني ل أسمعك تحدث عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلن وفلن؟ قال‪ :‬أما إني‬
‫ي فليتبوأ مقعده من النار{‬
‫لم أفارقه ولكن سمعته يقول‪ :‬من كذب عل ّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ف وثمانين صحابيًا‪.‬‬ ‫قال ابن كثير‪ُ) :‬روي هذا الحديث من طريق ني ٍ‬
‫وصّرح بتواتره ابن الصلح والنووي‪ ،‬وغيرهما من حفاظ الحديث‪ ،‬وهو‬
‫الحق؛ فلهذا أجمع العلماء على كفر من كذب متعمدا ً مستجيزا ً لذلك‪.‬‬
‫واختلفوا في المتعمد فقال الشيخ أبو محمد)‪ :(4‬يكفر أيضًا‪ ،‬وخالفه‬
‫الجمهور‪ .‬ثم لو تاب فهل تقبل روايته؟ على قولين‪ :‬فأحمد بن حنبل‬
‫وابن معين وأبو بكر الحميدي قالوا‪ :‬ل تقبل؟ لقوله صلى الله عليه‬
‫ي فليتبوأ‬
‫ي ليس ككذب على أحد‪ ،‬من كذب عل ّ‬ ‫ن كذبا عل ّ‬‫وسلم‪} :‬إ ّ‬
‫ن من كذب على غيره فقد أثم‬ ‫مقعده من النار{)‪ ،(5‬وقالوا‪ :‬ومعلوم أ ّ‬
‫وفسق‪ ،‬وكذلك الكذب عليه‪ ،‬لكن من تاب من الكذب على غيره يقبل‬
‫بالجماع‪ ،‬فينبغي أن ل تقبل رواية من كذب عليه؛ فرقا ً بين الكذب‬
‫ن‬
‫عليه والكذب على غيره‪ ،‬وأما الجمهور فقالوا‪ :‬تقبل روايته؛ ل ّ‬
‫قصارى ذلك أنه كفر‪ ،‬ومن تاب من الكفر ُقبلت توبته وروايته‪ ،‬وهذا هو‬
‫الصحيح()‪.(6‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم دون أمتسسه بسسأنه ل‬
‫يحل لحد أن يرفع صوته فوق صوته صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( انظر تفاصيل هذه الدعوى والرد عليها ص )‪.(207‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬العلم )‪ (1/251‬مع الفتح؛ م‪ .‬المقدمة‪ 66/‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/205‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الجويني والد إمام الحرمين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الجنائز‪ ،‬ب‪ .‬ما يكره من النياحة على الميت )‪ (3/160‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم )باختصار( )‪.(298-296‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫صو ْ ِ‬ ‫م فَوْقَ َ‬ ‫وات َك ُ ْ‬ ‫مُنوا ل ت َْرفَُعوا أ ْ‬
‫ص َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قال تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫قول ك َجهر بعضك ُم ل ِبعض أ َن تحب َ َ‬
‫مال ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ط أع ْ َ‬ ‫ه ِبال ْ َ ْ ِ َ ْ ِ َ ْ ِ ْ َ ْ ٍ ْ َ ْ َ‬ ‫جهَُروا ل َ ُ‬ ‫ي َول ت َ ْ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ُ‬
‫ل الل ّهِ أوْل َئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫سو ِ‬ ‫عن ْد َ َر ُ‬
‫م ِ‬ ‫وات َهُ ْ‬‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ضو َ‬ ‫ن ي َغُ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫شعُُرو َ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫وَأن ْت ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫م * إِ ّ‬ ‫ظي ٌ‬‫جٌر ع َ ِ‬ ‫فَرة ٌ وَأ ْ‬ ‫مغْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وى ل َهُ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫م ِللت ّ ْ‬ ‫ه قُُلوب َهُ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ح َ‬ ‫مت َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن(( ]الحجرات‪.[4-2 :‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫م ل ي َعْ ِ‬ ‫ت أك ْث َُرهُ ْ‬ ‫جَرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن وََراِء ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫دون َ َ‬ ‫ي َُنا ُ‬
‫قال القرطبي‪) :‬معنى اليات المر بتعظيم رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وتوقيره‪ ،‬وخفض الصوت بحضرته‪ ،‬وعند مخاطبته‪ ،‬أي إذا‬
‫نطق ونطقتم فعليكم أل ّ تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه صوته‪،‬‬
‫وأن تغضوا منها بحيث يكون كلمه غالبا ً لكلمكم‪ ،‬وجهره باهرا ً‬
‫لجهركم؛ حتى تكون مزيته عليكم لئحة وسابقته واضحة()‪.(1‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأنه تنام‬
‫عينه ول ينام قلبه‪:‬‬
‫روى البخاري من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل‬
‫عائشة رضي الله عنها‪} :‬كيف كانت صلة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم في رمضان؟ قالت‪ :‬ما كان يزيد في رمضان ول غيره على‬
‫ن‪،‬‬
‫ن وطوله ّ‬ ‫حسنه ّ‬‫إحدى عشرة ركعة‪ ،‬يصلي أربع ركعات فل تسأل عن ُ‬
‫ن‪ ،‬ثم يصلي ثلثًا‪ .‬فقلت‪ :‬يا‬
‫ن وطوله ّ‬ ‫ثم أربعا ً فل تسأل عن ُ‬
‫حسنه ّ‬
‫رسول الله تنام قبل أن توتر؟ قال‪ :‬تنام عيني ول ينام قلبي{)‪.(2‬‬
‫وفي رواية أنس بن مالك‪} :‬والنبي نائمة عيناه ول ينام قلبه وكذلك‬
‫النبياء تنام أعينهم ول تنام قلوبهم{)‪.(3‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأنه يرى‬
‫من وراء ظهره كما يرى أمامه‪:‬‬
‫ن النبي‬‫أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪} :‬أتموا الركوع والسجود‪ ،‬فوالله إني أراكم‬
‫من بعد ظهري‪ ،‬إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم{)‪ (4‬واللفظ لمسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫)( الجامع لحكام القرآن )‪.(16/202‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬المناقب‪ ،‬ب‪ .‬كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ول ينــام قلبــه )‪ (6/579‬مــع‬
‫الفتح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المصدر السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الذان‪ ،‬ب‪ .‬إقبال المام على الناس عند تسوية الصفوف ) ‪ (2/258‬مع الفتح؛ م‪ :‬ك‪.‬‬
‫المساجد‪ ،‬ب‪ .‬تحريم سبق المام بركوع أو سجود )‪ (4/150‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ولمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪} :‬صلى بنا‬
‫م انصرف‪ ،‬فقال‪ :‬يا فلن أل‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ً ث ّ‬
‫تحسن صلتك؟ أل ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي‪ ،‬فإنما يصلي‬
‫لنفسه‪ ،‬إني والله لبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي{)‪.(1‬‬
‫قال النووي‪) :‬قال العلماء‪ :‬معناه أن الله تعالى خلق له صلى الله‬
‫عليه وسلم إدراكا ً في قفاه يبصر به من ورائه‪ ،‬وقد انخرقت العادة له‬
‫صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذا وليس يمنع من هذا عقل ول شرع‪،‬‬
‫بل ورد الشرع بظاهره فوجب القول به()‪.(2‬‬
‫اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم دون أمتسسه بسسأنه‬
‫يسمع ما ل يسمعه الناس‪:‬‬
‫عن أبي ذر رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫طت‬‫ن السماء أ ّ‬ ‫وسلم‪} :‬إني أرى ما ل ترون وأسمع ما ل تسمعون‪ ،‬إ ّ‬
‫ط‪ ،‬ما فيها موضع أربع أصابع إل ّ وملك واضع جبهته‬ ‫وحق لها أن تئ ّ‬
‫ساجدا ً لله‪ .‬والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرًا‪ ،‬وما‬
‫صُعدات تجأرون إلى‬ ‫ذتم بالنساء على الفرشات‪ ،‬ولخرجتم إلى ال ّ‬ ‫تلذ ّ ْ‬
‫الله{ رواه أحمد)‪ ،(3‬والترمذي)‪ ،(4‬وابن ماجة)‪ (5‬واللفظ له‪.‬‬
‫قال اللباني‪) :‬حديث حسن()‪.(6‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم دون أمتسسه بطيسسب‬
‫عرقه وريحه ولين مسه‪:‬‬
‫روى مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪} :‬دخل‬
‫علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا‪ ،‬فَعَ ِ‬
‫)‪(7‬‬
‫رق‪ ،‬وجاءت أمي‬
‫بقارورة فجعلت تسلت العرق)‪ (8‬فيها فاستيقظ النبي صلى الله عليه‬
‫‪1‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(4/149‬‬
‫‪2‬‬
‫)( شرح النووي على مسلم )‪.(4/149‬‬
‫‪3‬‬
‫)( حم‪.(128-5/127) :‬‬
‫‪4‬‬
‫)( في جامعه )‪ (4/556‬ح )‪.(231‬‬
‫‪5‬‬
‫)( في سننه )‪ (2/1402‬ح )‪ ،(4195‬وقــال اللبــاني‪ :‬حــديث حســن‪ ،‬انظــر صــحيح ابــن ماجــة‬
‫لللباني )‪ (408-2/407‬ح )‪.(3387‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(2/408‬‬
‫‪7‬‬
‫)( أي نام القيلولة‪ ،‬شرح النووي )‪.(15/86‬‬
‫‪8‬‬
‫)( أي تتمسحه وتتبعه بالمسح‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫م سليم ما هذا الذي تصنعين؟! قالت‪ :‬هذا عرقك‬


‫وسلم فقال‪ :‬يا أ ّ‬
‫نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب{)‪.(1‬‬
‫وروى له أيضا ً قوله‪} :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر‬
‫ت ديباجة ول‬
‫فأ ول مسس ُ‬‫ه اللؤُلؤ)‪ (3‬إذا مشى تك ّ‬
‫ن ع ََرقَ ُ‬
‫اللون)‪ (2‬كأ ّ‬
‫ت‬
‫ف رسول الله صلى الله عليه وسلم ول شمم ُ‬ ‫حريرة ألين من ك ّ‬
‫مسكة ول عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم{‬
‫)‪.(4‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بتفضيل‬
‫نسائه على سائر النساء‪:‬‬
‫ْ‬
‫ف‬
‫ضاع َ ْ‬ ‫مب َي ّن َةٍ ي ُ َ‬
‫شة ٍ ُ‬ ‫ح َ‬‫فا ِ‬ ‫من ْك ُ ّ‬
‫ن بِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ن ي َأ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ي َ‬ ‫ساَء الن ّب ِ ّ‬ ‫قال تعالى‪َ)) :‬يا ن ِ َ‬
‫ن ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫من ْك ُ ّ‬
‫ت ِ‬ ‫قن ُ ْ‬‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬‫سيًرا * وَ َ‬ ‫ك ع ََلى الل ّهِ ي َ ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫كا َ‬‫ن وَ َ‬ ‫في ْ ِ‬
‫ضعْ َ‬
‫ب ِ‬ ‫ذا ُ‬‫ل ََها ال ْعَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما((‬ ‫ري ً‬ ‫ن وَأع ْت َد َْنا ل ََها رِْزًقا ك َ ِ‬ ‫مّرت َي ْ ِ‬
‫ها َ‬‫جَر َ‬‫حا ن ُؤ ْت َِها أ ْ‬‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫م ْ‬‫سول ِهِ وَت َعْ َ‬ ‫وََر ُ‬
‫]الحزاب‪.[31-30:‬‬
‫يقول ابن كثير‪) :‬يقول تعالى واعظا ً نساء النبي صلى الله عليه‬
‫ن تحت‬ ‫وسلم اللتي اخترن الله ورسوله والدار الخرة‪ ،‬واستقّر أمره ّ‬
‫ن‬
‫ن بحكمه ّ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬فناسب أن يخبره ّ‬
‫ن من يأت منهن بفاحشة مبينة‪ .‬قال‬ ‫ن دون سائر النساء بأ ّ‬ ‫وتخصيصه ّ‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما‪]] :‬النشوز وسوء الخلق[[‪ ،‬وعلى كل تقدير‬
‫ك‬‫ي إ ِل َي ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫قد ْ ُأو ِ‬
‫فهو شرط والشرط ل يقتضي الوقوع كقوله تعالى‪)) :‬وَل َ َ‬
‫ك(( ]الزمر‪.[65:‬‬ ‫مل ُ َ‬ ‫حب َط َ ّ‬
‫ن عَ َ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫شَرك ْ َ‬ ‫ك ل َئ ِ ْ‬
‫ن قَب ْل ِ َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫وَإ َِلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن‬
‫ن رفيعة ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منه ّ‬ ‫ما كانت محلته ّ‬ ‫فل ّ‬
‫ْ‬
‫ت‬‫ن ي َأ ِ‬‫م ْ‬
‫ن الرفيع؛ ولهذا قال تعالى‪َ )) :‬‬ ‫ن وحجابه ّ‬ ‫مغلظا ً صيانة لجنابه ّ‬
‫ن(( ]الحزاب‪ .[30 :‬قال‬ ‫في ْ ِ‬
‫ضعْ َ‬
‫ب ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ف ل ََها ال ْعَ َ‬
‫ضاع َ ْ‬‫مب َي ّن َةٍ ي ُ َ‬ ‫ح َ‬
‫شة ٍ ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫من ْك ُ ّ‬
‫ن بِ َ‬ ‫ِ‬
‫مالك عن زيد بن أسلم‪ :‬أي في الدنيا والخرة‪ .‬ثم ذكر سبحانه وتعالى‬
‫ن(( ]الحزاب‪ [31 :‬أي تطع‬ ‫من ْك ُ ّ‬
‫ت ِ‬ ‫قن ُ ْ‬‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬‫عدله وفضله في قوله‪)) :‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مّرت َي ْ ِ‬‫ها َ‬ ‫جَر َ‬‫الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وتستجب ))ن ُؤ ْت َِها أ ْ‬
‫‪1‬‬
‫)( ك‪ .‬الفضائل‪ ،‬ب‪ .‬طيب عرقه صلى الله عليه وسلم )‪ (87-15/86‬مع النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( هو البيض المستنير‪ ،‬وهو أحسن اللوان‪ ،‬شرح النووي )‪.(15/86‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أي في الصفاء والبياض‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الفضائل‪ ،‬ب‪ .‬طيب ريحه صلى الله عليه وسلم )‪ (15/86‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫َ‬
‫ن في منازل‬‫ما(( ]الحزاب‪ [31:‬أي في الجنة‪ ،‬فإنه ّ‬ ‫وَأع ْت َد َْنا ل ََها رِْزًقا ك َ ِ‬
‫ري ً‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى عليين فوق منازل جميع‬
‫الخلئق في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش()‪.(1‬‬
‫اختصاص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم دون أمتسسه بسسأن‬
‫ن محرمات على غيره أبدًا‪:‬‬ ‫أزواجه اللتي توفي عنه ّ‬
‫َ‬ ‫كان ل َك ُ َ‬
‫حوا‬‫ن ت َن ْك ِ ُ‬‫ل الل ّهِ َول أ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫ن ت ُؤ ْ ُ‬
‫ذوا َر ُ‬ ‫مأ ْ‬‫ْ‬ ‫ما َ َ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫ه(( ]الحزاب‪ [53 :‬الية‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن ب َعْد ِ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ج ُ‬‫أْزَوا َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ي أوَْلى ِبال ْ ُ‬
‫ن أمهات المؤمنين لقوله تعالى‪)) :‬الن ّب ِ ّ‬ ‫ولنه ّ‬
‫م‪] ((..‬الحزاب‪ [6:‬الية قال ابن الملقن‪) :‬أي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫مَهات ُهُ ْ‬‫هأ ّ‬‫ج ُ‬‫م وَأْزَوا ُ‬ ‫سه ِ ْ‬‫ف ِ‬
‫ن لما في‬ ‫مثل أمهاتهم في وجوب احترامهن‪ ،‬وطاعتهن وتحريم نكاحه ّ‬
‫ن لغيره من النقص لمنصبه()‪(2‬صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫إحلله ّ‬
‫اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم دون أمتسسه بسسأنه‬
‫يوعك في مرضه كما يوعك الرجلن من أمته‪:‬‬
‫أخرج الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫}دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك)‪ (3‬فقلت‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ ،‬إنك توعك وعكا ً شديدًا! قال‪ :‬أجل‪ ،‬إني أوعك كما يوعك‬
‫ن لك أجرين‪ .‬قال‪ :‬أجل‪ ،‬ذلك كذلك‪ ،‬ما من‬ ‫رجلن منكم‪ .‬قلت‪ :‬ذلك بأ ّ‬
‫فر الله بها سيئاته‪ ،‬كما تح ُ‬
‫ط‬ ‫مسلم يصيبه أذى ‪-‬شوكة فما فوقها‪ -‬إل ّ ك ّ‬
‫الشجرة ورقها{)‪ .(4‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫وأخرج أيضا ً من حديث عائشة رضي الله عنها قالت‪} :‬ما رأيت‬
‫أحدا ً أشد ّ عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم{)‪.(5‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بتخييسسره‬
‫قبل قبضه بين الدنيا والخرة‪:‬‬
‫أخرج الشيخان من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‬
‫‪1‬‬
‫)( تفسير القرآن العظيم )‪.(3/490‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خصائص أفضل المخلوقين ص )‪.(344-343‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الوعك‪ :‬الحمى‪ ،‬وقيل تعبها‪ ،‬وقيل إرعادها الموعوك وتحريكها إياه فتح الباري )‪.(10/111‬‬
‫‪4‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬المرضى‪ ،‬ب‪ .‬أشد الناس بلًء النبياء )‪ (10/111‬من الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬البر والصــلة‪ ،‬ب‪.‬‬
‫ثواب المؤمن فيما يصيبه )‪ (16/127‬مع النووي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬المرضى‪ ،‬ب‪ .‬شدة المرض )‪ (10/110‬مع الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قالت‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪} :‬ما من نبي‬
‫يمرض إل ّ خّير بين الدنيا والخرة‪ .‬وكان في شكواه الذي قبض فيه‬
‫حة)‪ (1‬شديدة‪ ،‬فسمعته يقول‪ :‬مع الذين أنعم الله عليهم من‬ ‫أخذته ب ّ‬
‫النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪ ،‬فعلمت أنه خّير{)‪ (2‬واللفظ‬
‫للبخاري‪.‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم دون أمتسسه بسسدفنه‬
‫في المكان الذي قبض فيه‪:‬‬
‫أخرج الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت‪} :‬لما قبض‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه فقال أبو بكر‪:‬‬
‫سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ً ما نسيته قال‪ :‬ما‬
‫قبض الله نبيا ً إل ّ في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه‪ .‬فدفنوه في‬
‫موضع فراشه{)‪.(3‬‬
‫قال اللباني‪) :‬صحيح()‪.(4‬‬
‫اختصاص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم دون أمتسسه بسسأن‬
‫الرض ل تأكل جسده وعرض صلة أمته عليه في قبره‪:‬‬
‫أخرج النسائي من حديث أوس بن أوس)‪ (5‬عن النبي صلى الله‬
‫ن أفضل أيامكم يوم الجمعة‪ ،‬فيه خلق آدم عليه‬ ‫عليه وسلم قال‪} :‬إ ّ‬
‫ي من‬
‫السلم وفيه قبض‪ ،‬وفيه النفخة‪ ،‬وفيه الصعقة‪ .‬فأكثروا عل ّ‬
‫ي‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول الله وكيف ت ُْعرض‬
‫ن صلتكم معروضة عل ّ‬ ‫الصلة‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن الله عز وجل قد‬‫صلُتنا عليك وقد أرمت؟ أي يقولون قد بليت‪ .‬قال‪ :‬إ ّ‬
‫حّرم على الرض أن تأكل أجساد النبياء عليهم السلم{)‪ .(6‬قال ابن‬
‫كثير‪) :‬وقد صححه بعض الئمة()‪.(7‬‬

‫‪1‬‬
‫)( غلظ في الصوت‪ ،‬شرح النووي على مسلم )‪.(15/208‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التفسير‪ ،‬ب‪) .‬فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين( )‪ (8/255‬مع الفتــح؛ م‪:‬‬
‫ك‪ .‬فضائل الصحابة‪ ،‬ب‪ .‬فضل عائشة رضي الله عنها )‪ (209-15/208‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ت‪ :‬أبواب الجنائز باب آخر )‪ ،(2/139‬وانظر صحيح الترمذي لللباني )‪.(1/298‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المصدر السابق‪ ،‬وانظر أحكام الجنائز لللباني ص )‪.(138-137‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الثقفي روى له أصحاب السنن الربعة من رواية الشاميين عنه‪ .‬لــم ي ُــذكر لــه تاريــخ وفــاة‪،‬‬
‫انظر الصابة )‪ ،(1/127‬رقم )‪(313‬؛ الستيعاب لبن عبد البر )‪ (1/223‬بهامش الصابة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ن‪ :‬ب‪ .‬إكثار الصلة على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة )‪.(3/75‬‬
‫‪7‬‬
‫)( الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ص )‪.(315‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الباب الثاني‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫وفيه فصلن‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة قبل‬
‫وجوده‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة في‬
‫حياته البرزخية‪.‬‬
‫الفصسسل الول‪ :‬خصسسائص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم عند الغلة قبل وجوده‪:‬‬
‫وفيه أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأنه أول النبيين في الخلق وأنه مرسل إلى النبياء وأممهم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأنه مخلوق من نور الله تعالى وأن الوجود كله مخلوق من نوره صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بتوسل النبياء به قبل وجوده‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫باستفتاح أهل الكتاب بحقه قبل وجوده‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اختصاص النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عند الغلة بأنه أول النبيين في الخلق وأنه مرسل إلى جميع‬
‫النبياء وأممهم‪:‬‬
‫خلق قبل النبياء‪،‬‬
‫يعتقد أئمة الغلة أن النبي صلى الله عليه وسلم ُ‬
‫وأّنه ُنبي منذ ذلك الوقت‪ ،‬وأنه مرسل إلى جميع النبياء وأممهم‪ ،‬فممن‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫سبكي)‪ ،(2‬والسيوطي)‪،(3‬‬ ‫)‪(1‬‬


‫قال بذلك منهم‪ :‬ابن عربي ‪ ،‬وأبو الحسن ال ُ‬
‫ومحمد بن عبد الباري الهدل)‪ .(4‬واستدلوا لذلك بالدلة التية‪:‬‬
‫الول‪ :‬أخرج أبو نعيم في الدلئل بسنده من رواية أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى‪)) :‬وَإ ِذ ْ‬
‫ن ُنوح(( ]الحزاب‪ [7 :‬الية‪.‬‬
‫م ْ‬ ‫من ْ َ‬
‫ك وَ ِ‬ ‫ميَثاقَهُ ْ‬
‫م وَ ِ‬ ‫ن ِ‬
‫ن الن ّب ِّيي َ‬
‫م َ‬ ‫أَ َ‬
‫خذ َْنا ِ‬
‫قال‪} :‬كنت أول النبياء في الخلق وآخرهم في البعث{)‪.(5‬‬
‫معل ً بالعلل التية‪:‬‬
‫وبالنظر إلى سند هذا الحديث نجده ُ‬
‫أول ً‪ :‬عنعنة الحسن البصري‪ ،‬وهو في المرتبة الثالثة من مراتب‬
‫المدلسين)‪.(6‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬عنعنة قتادة بن دعامة السدوسي‪ ،‬وهو مشهور بالتدليس)‪.(7‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬في سنده سعيد بن بشير‪ :‬قال فيه يحيى بن معين)‪) :(8‬ليس‬
‫بشيء()‪.(9‬‬
‫وقال النسائي‪) :‬ضعيف()‪.(10‬‬
‫وقال البخاري‪) :‬يتكلمون في حفظه()‪.(11‬‬
‫وقال ابن حّبان)‪) :(12‬كان رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن‬

‫‪1‬‬
‫)( الفتوحات المكية )‪ ،(135-1/134‬دار صادر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫سبكي‪ :‬التعظيم والمّنة نقل ً عن الخصائص الكبرى للسيوطي )‪.(9-1/8‬‬
‫)( ال ّ‬
‫‪3‬‬
‫)( الخصائص الكبرى )‪.(1/7‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الهدل‪ :‬شرح أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب للسيوطي ص )‪.(19‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الصبهاني‪ :‬دلئل النبوة ص )‪.(12-11‬‬
‫‪6‬‬
‫)( وهي مرتبـة مـن أكـثر مـن التـدليس فلـم يحتــج الئمــة مـن أحـاديثهم إل بمـا صـرحوا فيـه‬
‫بالسماع‪ ،‬ومنهم من رد حديثهم مطلقًا‪ ،‬ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي‪ .‬انظر‪ :‬ابــن حجــر‪:‬‬
‫تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ص )‪.(56) ،(23‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(102‬‬
‫‪8‬‬
‫)( المام الفرد سيد الحفاظ يحيــى بــن معيــن المــري مــولهم البغــدادي‪ ،‬أبــو زكريــا ت‪ .‬ســنة‬
‫‪233‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬تذكرة الحفاظ )‪.(4/419‬‬
‫‪9‬‬
‫)( يحيى بن معين وكتابه التاريخ )‪.(2/196‬‬
‫‪10‬‬
‫)( الضعفاء والمتروكون ص )‪.(120‬‬
‫‪11‬‬
‫)( التاريخ الكبير )‪.(3/465‬‬
‫‪ ()12‬المام الحافظ الع ّ‬
‫لمة أبو حاتم محمد بن حّبان الُبستي‪ ،‬صاحب التصانيف‪ :‬صـّنف المســند‬
‫الصحيح والتاريخ وكتاب الضعفاء‪ ،‬مات سنة ‪354‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪.(922-3/920‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قتادة ما ل ُيتابع عليه‪ ،‬وعن عمرو بن دينار ما ليس من حديثه()‪.(1‬‬


‫وقال الذهبي)‪ (2‬وابن حجر‪) :‬قال محمد بن نمير‪ :‬سعيد بن بشير‬
‫يروي عن قتادة المنكرات()‪.(3‬‬
‫وأورد الذهبي في ترجمة سعيد بن بشير هذا الحديث‪} :‬كنت أول‬
‫النبيين في الخلق‪ {..‬وقال‪ :‬هذا من غرائبه()‪.(4‬‬
‫وعليه فالحديث ضعيف ل تقوم به حجة‪ .‬وممن قال بضعفه‬
‫اللباني)‪.(5‬‬
‫دليلهم الثاني‪:‬‬
‫حديث ميسرة الفجر رضي الله عنه قال‪ :‬قلت‪} :‬يا رسول الله‬
‫كتبت نبيًا؟ قال‪ :‬وآدم عليه السلم بين الروح والجسد{)‪ ،(6‬وحديث‬ ‫متى ُ‬
‫العرباض بن سارية قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬إني‬
‫عبد الله لخاتم النبيين‪ ،‬وآدم عليه السلم لمنجدل في طينته‪{..‬‬
‫الحديث)‪ .(7‬هذان الحديثان ل يدلن على مراد القوم‪ ،‬بل يدلن على‬
‫ب نبيا ً وآدم بين الروح والجسد‪،‬‬
‫الكتابة أي أنه صلى الله عليه وسلم ك ُت ِ َ‬
‫وقد جاء في الحديث الول التصريح بذلك وهو موافق لحديث ابن‬
‫مسعود رضي الله عنه في الصحيحين قال‪ :‬حدثنا رسول الله صلى الله‬
‫ن أحدكم ُيجمع في بطن‬ ‫عليه وسلم وهو الصادق المصدوق‪ ،‬قال‪} :‬إ ّ‬
‫م يكون مضغة مثل ذلك‪،‬‬ ‫م يكون علقة مثل ذلك‪ ،‬ث ّ‬ ‫أمه أربعين يومًا‪ ،‬ث ّ‬
‫م يبعث الله ملكا ً ُيؤمر بأربع كلمات ويقال له‪ :‬اكتب عمله‪ ،‬ورزقه‪،‬‬ ‫ث ّ‬
‫م ُينفخ فيه الروح‪ {...‬الحديث)‪ .(8‬فقد ثبت في‬ ‫وسعيد أو شقي‪ ،‬ث ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( كتاب المجروحين )‪.(1/315‬‬
‫‪2‬‬
‫)( محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الصل ثم الدمشقي شمس الــدين الــذهبي‪.‬‬
‫مهر في فن الحديث وجمع التصانيف المفيدة الكثيرة حتى كان أكثر أهل عصره تصــنيفا ً وجمــع‬
‫تاريخ السلم فأربى فيه على من تقدم بتحرير أخبار المحدثين خصوصًا‪ .‬ت‪ .‬سنة ‪748‬هـ‪ .‬انظر‬
‫الدرر الكامنة لبن حجر )‪.(3/336‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الذهبي‪ :‬ميزان العتدال )‪ ،(2/129‬ابن حجر‪ :‬تهذيب التهذيب )‪.(4/9‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ميزان العتدال )‪.(2/129‬‬
‫‪5‬‬
‫)( السلسلة الضعيفة )‪.(2/115‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مسند المام أحمد )‪.(5/59‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المسند )‪.(4/127‬‬
‫‪8‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬بـدء الخلــق‪ ،‬ب‪ .‬ذكــر الملئكـة )‪ (6/303‬مـع الفتــح؛ م‪ :‬ك‪ .‬القــدر‪ ،‬ب‪ ،‬كيفيـة خلـق‬
‫الدمي في بطن أمه )‪ (192-16/190‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن كتابة العمل‪ ،‬والرزق‪ ،‬والسعادة أو الشقاوة تكون قبل نفخ‬


‫الحديث أ ّ‬
‫الروح في الجنين‪.‬‬
‫قال شيخ السلم)‪) :(1‬فناسب هذا أنه بين خلق آدم عليه السلم‬
‫ونفخ الروح فيه ُتكتب أحواله‪ ،‬ومن أعظمها كتابة سيد ولده صلى الله‬
‫عليه وسلم()‪ .(2‬وعليه فإنما يدل الحديثان السابقان على أنه صلى الله‬
‫كتب نبيا ً وآدم عليه السلم ما زال بين الروح والجسد‪ .‬إل‬‫عليه وسلم ُ‬
‫أن القوم أبوا إل ّ أن يلووا أعناق النصوص لّيا؛ لكي تتفق مع أهوائهم‬
‫فأتوا بأمور حّيرت عقوَلهم قبل الخرين‪.‬‬
‫ن ب ِهِ‬ ‫مّنة في‪)) :‬ل َت ُؤ ْ ِ‬
‫من ُ ّ‬ ‫سبكي)‪ (3‬في كتابه التعظيم وال ِ‬
‫يقول ال ّ‬
‫ه(( ]آل عمران‪) [81 :‬في هذه الية من التنويه بالنبي صلى‬ ‫وَل َت َن ْ ُ‬
‫صُرن ّ ُ‬
‫الله عليه وسلم وتعظيم قدره العلي ما ل يخفى‪ ،‬وفيه مع ذلك أنه على‬
‫تقدير مجيئه صلى الله عليه وسلم في زمانهم)‪ (4‬يكون المر مرسل ً‬
‫إليهم؛ فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وتكون النبياء وأممهم كلهم من أمته‪ ،‬ويكون قوله‪ُ} :‬بعثت‬
‫إلى الناس كافة{ ل يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة‪ ،‬بل‬
‫يتناول من قبلهم أيضًا‪ ،‬ويتبين بذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫ن من فسره بعلم الله بأنه‬ ‫}كنت نبيا ً وآدم بين الروح والجسد{‪ .‬وأ ّ‬
‫ن علم الله محيط بجميع‬ ‫سيصير نبيا ً لم يصل إلى هذا المعنى؛ ل ّ‬
‫الشياء‪ ،‬ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة في ذلك الوقت‬
‫أمر ينبغي أن يفهم منه أنه أمر ثابت له في ذلك الوقت؛ ولهذا رأى آدم‬
‫اسمه مكتوبا ً على العرش )محمد رسول الله( فل ب ُد ّ أن يكون ذلك‬

‫‪ ()1‬الشيخ المام الع ّ‬


‫لمة الحــافظ الناقــد الفقيــه المجتهــد المفســر البــارع شــيخ الســلم علــم‬
‫الّزهاد‪ ،‬ونادرة العصر تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليــم الحّرانــي‪ ،‬أحــد العلم‪ :‬كــان‬
‫من بحور العلم‪ ،‬ومن الذكياء المعدودين‪ ،‬والّزهاد الفراد‪ ،‬والشجعان الكبــار والكرمــاء الجــواد‪،‬‬
‫أثنى عليه الموافق والمخالف‪ ،‬وسارت بتصانيفه الّركبان‪ ،‬توفي سنة ‪728‬هـ‪ .‬انظــر‪ :‬التــذكرة )‬
‫‪ ،(1497-4/1496‬وذيل طبقات الحنابلة لبن رجب )‪ ،(4/387‬والبداية والنهاية )‪.(11/141‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الرد على البكري‪ ،‬ص )‪.(9‬‬
‫‪3‬‬
‫سبكي المصــري الشــافعي الصــوفي الشــعري‪ .‬ولــي‬ ‫)( أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن ال ّ‬
‫القضاء بدمشق نحوا ً من سبع عشرة سنة‪ ،‬ثم نزل عن ذلك لولده تاج الدين عبد الوهاب‪ ،‬وقــد‬
‫سمع الحديث في شــبيبته بــديار مصــر‪ ،‬ورحــل إلــى الشــام‪ ،‬وقــرأ بنفســه وكتــب‪ ،‬وخـّرج‪ ،‬ولــه‬
‫تصانيف فيما يمس العقيدة يجب الحذر منه‪ ،‬وكان كثير التلوة‪ ،‬قال عنــه تلميــذه جمــال الــدين‬
‫السنوي صاحب طبقات الشافعية )إل أنه ُيعاب عليه حرصه علــى جمــع الوظــائف لــه ولهلــه(‪.‬‬
‫توفي سنة ‪756‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬طبقات الشافعية للسنوي )‪ ،(2/76‬والبداية والنهاية )‪.(14/264‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أي النبياء وأممهم‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫معنى ثابت في ذلك الوقت‪ ،‬وإذا كان المراد بذلك مجرد العلم بما‬
‫سيصير في المستقبل لم يكن له خصوصية بأنه نبي وآدم بين الروح‬
‫وتهم في ذلك الوقت وقبله‪ ،‬فل‬ ‫ن جميع النبياء يعلم الله نب ُ‬
‫والجسد؛ ل ّ‬
‫ب ُد ّ من خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لجلها أخبر بهذا الخبر‬
‫إعلما ً لمته‪ ،‬ليعرفوا قدره عند الله تعالى فيحصل لهم الخير بذلك‪.‬‬
‫ن النبوة وصف ل ب ُد ّ‬ ‫فإن قلت أريد أن أعرف ذلك القدر الزائد‪ .‬فإ ّ‬
‫أن يكون الموصوف بها موجودًا‪ ،‬وإنما يكون بعد الربعين سنة أيضا ً‬
‫فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله‪ ،‬وإن صح ذلك فغيره‬
‫ن الله خلق الرواح قبل الجساد‪ ،‬فقد تكون‬ ‫ت‪ :‬قد جاء أ ّ‬
‫كذلك؟! قل ُ‬
‫الشارة بقوله كنت نبيا ً إلى روحه الشريفة‪ ،‬أو إلى حقيقته والحقائق‬
‫تقصر عقولنا عن معرفتها‪ ،‬وإنما يعلمها خالقها‪ ،‬ومن أمده الله بنور‬
‫إلهي‪ ،‬ثم إن تلك الحقائق يؤتي الله كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت‬
‫الذي يشاء‪ ،‬فحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون من قبل خلق‬
‫آدم‪ ،‬آتاه الله ذلك الوصف بأن خلقها متهيئة لذلك‪ ،‬وأفاض عليها من‬
‫ذلك الوقت فصار نبيًا‪ ،‬وكتب اسمه على العرش‪ ،‬وأخبر عنه بالرسالة‬
‫ليعلم ملئكته وغيرهم كرامته عنده‪ ،‬فحقيقته موجودة من ذلك الوقت‬
‫وإن تأخر جسده الشريف المتصف بها‪ ،‬واتصاف حقيقته بالوصاف‬
‫الشريفة المفاضة من الحضرة اللهية‪ .‬وإنما يتأخر البعث والتبليغ وكل‬
‫ماله من جهة الله تعالى‪ ،‬ومن جهة تأهل ذاته الشريفة وحقيقته معجل‬
‫ل تأخير فيه‪ ،‬وكذلك استنباؤه‪ ،‬وإيتاؤه الكتاب والحكم والنبوة‪ ،‬وإنما‬
‫المتأخر تكونه وتنقله إلى أن ظهر صلى الله عليه وسلم‪ .‬وغيره من‬
‫أهل الكرامة قد تكون إفاضة الله تعالى له تلك الكرامة بعد وجوده‬
‫بمدة كما يشاء الله تعالى‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬فعرفنا بالخبر الصحيح حصول‬
‫ذلك الكمال من قبل خلق آدم لنبينا صلى الله عليه وسلم من ربه‬
‫سبحانه‪ ،‬وأنه أعطاه النبوة من ذلك الوقت ثم أخذ المواثيق له على‬
‫النبياء‪ ،‬ليعلموا أنه المقدم عليهم‪ ،‬وأنه نبيهم ورسولهم()‪.(1‬‬
‫أقول وبالله التوفيق‪:‬‬
‫سبكي كل ما قاله على التقدير والحتمال وأطلق‬ ‫أول ً‪ :‬بنى ال ّ‬
‫م فّرع من تلك التقديرات والحتمالت أمورا ً‬
‫صل ث ّ‬‫لخياله العنان فأ ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( السبكي‪ :‬التعظيم والمنة نقل ً عن الخصائص الكبرى للسيوطي )‪.(10-1/8‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫جعلها من المسلمات‪ ،‬والحقائق الثابتات الواضحات‪ ،‬ويظهر ذلك جليا ً‬


‫في قوله‪) :‬إنه على تقدير مجيئه صلى الله عليه وسلم في زمانهم‪...‬‬
‫يكون المر مرسل ً إليهم( فمفهوم كلم ال ّ‬
‫سبكي أنه إذا لم يأت النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في زمانهم ل يكون مرسل ً إليهم وهذا هو الواقع‬
‫الذي هدم كل ما بناه السبكي‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬استدل السبكي بحديث‪} :‬كنت نبيا ً وآدم بين الروح‬
‫والجسد{ وكرر الستدلل بلفظة )كنت( في أكثر من موضع والصواب‬
‫ما في رواية ميسرة الفجر ) ُ‬
‫كتبت(‪.‬‬
‫ما العتراض الذي أورده السبكي على ما قاله )فإن النبوة‬ ‫ثالثا ً‪ :‬وأ ّ‬
‫وصف ل ب ُد ّ أن يكون الموصوف بها موجودًا‪ .(...‬فيقال فيه‪ :‬ل ُيشترط‬
‫للموصوف بالنبوة أن يكون موجودا ً قبل زمان وجوده؛ لّنه ل يترتب‬
‫على هذا الوصف أحكام كما يترتب عليها بعد وجوده‪ .‬وأما السبكي فقد‬
‫رتب على هذا الوصف أحكاما ً منها‪ :‬إرسال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫إلى النبياء وأممهم قبل أن يوجد صلى الله عليه وسلم؛ لذا احتاج‬
‫السبكي أن يتكلف إيجاد معنى يقبله العقل الصحيح كيف يكون مرسل ً‬
‫إليهم مع تأخر وجوده صلى الله عليه وسلم عنهم؟ فقال مرة‪) :‬فقد‬
‫تكون الشارة بقوله كنت نبيا ً إلى روحه الشريفة( أو )إلى حقيقته صلى‬
‫الله عليه وسلم والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها( واستدل للول‬
‫بحديث‪} :‬إن الله خلق الرواح قبل الجساد‪ ،{..‬وهذا الحديث حكم‬
‫)‪(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫ما الثاني فقد أحال‬‫عليه ابن حجر الهيتمي بأنه باطل ل أصل له ‪ .‬وأ ّ‬
‫فيه إلى أمر تقصر العقول عن معرفته‪ ،‬وهي الحيدة حجة المفاليس‬
‫الذين عجزوا عن التيان بدليل سمعي وعقلي صحيح‪.‬‬
‫والسبكي مقلد في هذا الفهم لشيخه الكبر وكبريته الحمر‬
‫فيلسوف القوم ابن عربي)‪ (3‬الذي أورد في فتوحاته المكية‪ :‬دليلهم‬
‫الثالث‪} :‬كنت نبيا ً وآدم بين الماء والطين{)‪.(4‬‬
‫‪1‬‬
‫)( أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي فقيه بــاحث‪ ،‬مولــده فــي محلــة أبــي الهيتــم مــن‬
‫إقليم الغربية بمصر‪ ،‬وهو معروف بتأثره بالسبكي ودفاعه عن القوم‪ ،‬له مصنفات منها الجــوهر‬
‫المنظم في زيارة قــبر النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم والفتــاوى الحديثيــة ت‪974 .‬هـــ‪ .‬العلم‬
‫للزركلي )‪.(1/234‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الهيتمي‪ :‬الفتاوى الحديثية ص )‪.(119‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر ترجمته وبيان مذهبه في المبحث التالي ص )‪.(114‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الفتوحات المكية )‪ ،(135-1/134‬دار صادر‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يقول ابن عربي في تعليقه على ما أورد‪ُ) :‬يريد على علم بذلك‬
‫فأخبره بمرتبته وهو روح قبل إيجاد الجسام النسانية(‪.‬‬
‫ما خلق الله الرواح المحصورة المدّبرة‬ ‫ومثل ذلك قوله‪) :‬إنه ل ّ‬
‫للجسام بالزمان عند وجود حركة الفلك‪ ،‬لتعيين المدة المعلومة عند‬
‫الله‪ ،‬وكان عند أول خلق الزمان بحركته خلق الروح المدّبرة)‪ (1‬روح‬
‫م صدرت الرواح عند الحركات فكان لها‬ ‫محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ث ّ‬
‫شره بها وآدم‬ ‫وجود في عالم دون عالم الشهادة وأعلمه الله بنبوته‪ ،‬وب ّ‬
‫لم يكن إل ّ كما قال‪) :‬بين الماء والطين(‪ ،‬وانتهى الزمان بالسم الباطن‬
‫في حق محمد صلى الله عليه وسلم إلى وجود اسمه وارتباط الروح به‬
‫انتقل حكم الزمان في جريانه إلى السم الظاهر فظهر محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم بذاته جسما ً وروحًا()‪.(2‬‬
‫هذا الحديث الذي ذكره ابن عربي ولم يذكر له إسنادا ً قال فيه ابن‬
‫تيمية‪ :‬في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والفتاوى الحديثية ت‬
‫جّهال‬‫‪9740‬هـ‪ .‬العلم للزركلي )‪) (1/234‬يروي كثير من ال ُ‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪} :‬كنت‬ ‫والتحادية)‪ ،(3‬وغيرهم من أ ّ‬
‫نبيا ً وآدم بين الماء والطين{ فهذا مما ل أصل له من نقل ول عقل‪،‬‬
‫ن آدم عليه السلم‬ ‫ن أحدا ً من المحدثين لم يذكره‪ ،‬ومعناه باطل‪ :‬فإ ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫ن الطين ماء وتراب‪ ،‬وإنما كان بين‬ ‫لم يكن بين الماء والطين قط؛ فإ ّ‬
‫ن النبي صلى الله عليه‬ ‫م هؤلء الضلل يتوهمون أ ّ‬ ‫الروح والجسد‪ ،‬ث ّ‬
‫خلقت قبل الذوات‪ ،‬ويستشهدون‬ ‫ن ذاته ُ‬‫وسلم كان حينئذ ٍ موجودًا‪ ،‬وأ ّ‬
‫على ذلك بأحاديث مفتراة()‪ .(4‬ومن جملة هذه الحاديث المفتراة‬
‫الحديث المنسوب إلى جابر رضي الله عنه‪} :‬إن الله خلق قبل الشياء‬
‫نور نبيك من نوره‪.{...‬‬
‫يقول شارح أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب‪) :‬ومعنى كونه‬
‫صلى الله عليه وسلم )أولهم خلقًا( أنه جعله حقيقة تقصر عقولنا عن‬
‫‪1‬‬
‫)( وهذه الروح ُتسمى عند الفلسفة القدماء بالعقل الول الذي صدر عن الله تعــالى بزعمهــم‬
‫عن طريق نظرية فيض الموجودات عن الواحد‪ ،‬ثم صدرت عــن هــذا العقــل بقيــة الموجــودات‪،‬‬
‫انظر تفاصيل ذلك في المبحث التالي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/143‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الذين قــالوا باتحـاد ذات العبــد بــذات الــرب تعــالى فتصــير ذاتـا ً واحـدة‪ .‬انظـر‪ :‬الجرجــاني‪:‬‬
‫التعريفات ص )‪(9-8‬؛ د‪ .‬الحفني‪ :‬معجم مصطلحات الصوفية ص )‪.(9‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الرد على البكري ص )‪.(9-8‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫معرفتها‪ ،‬وأفاض عليه النبوة من ذلك الوقت‪ ..‬إلى قوله‪ :‬وشاهد ذلك‬
‫ن الله خلق قبل الشياء نور نبيك‬
‫حديث عبد الرزاق بسنده عن جابر }أ ّ‬
‫من نوره‪.(1){...‬‬
‫والكلم على هذا الحديث ومناقشتهم فيه هو موضوع المبحث‬
‫التالي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عند الغلة بأنه مخلوق من نور اللسسه تعسالى وأن الوجسسود كلسسه‬
‫مخلوق من نوره صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫يعتقد الغلة أن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور‪ ،‬وأن‬
‫ل وعل‪.‬‬‫هذا النور مخلوق من نور الله ج ّ‬
‫فممن قال بذلك منهم‪ :‬ابن عربي الحاتمي)‪ (2‬وعبد الكريم‬
‫الجيلي)‪ (3‬وأبو الحسن بن عبد الله البكري)‪ (4‬والبريلوي)‪ ،(5‬ومحمد‬
‫عثمان عبده البرهاني)‪ (6‬وغيرهم‪.‬‬
‫ومناقشة هؤلء الغلة فيما يعتقدونه في مطلبين‪:‬‬
‫الول‪ :‬ذكر دليلهم والكلم عليه من جهة الثبوت‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬المفاسد العقدية المترتبة عليه‪.‬‬
‫المطلسسب الول‪ :‬ذكسسر دليلهسسم والكلم عليسسه مسسن جهسسة‬
‫الثبوت‪:‬‬
‫استدل الغلة بالحديث المنسوب إلى جابر بن عبد الله النصاري‬
‫رضي الله عنهما في مواضع متفرقة من كتبهم‪ ،‬ولكن أشمل رواية لهذا‬
‫الحديث وجدتها عند شيخ الطريقة البرهانية في كتابه تبرئة الذمة حيث‬

‫‪1‬‬
‫)( محمد عبد الباري الهدل؛ فتح الكريم القريب ص )‪.(19‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الفتوحات المكية )‪ (1/119‬دار صادر‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( النسان الكامل )‪.(2/46‬‬
‫‪4‬‬
‫)( البكري‪ :‬النوار ومصباح السرور والفكار وذكر نور محمد المصــطفى المختــار ص )‪ (4‬ومــا‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أحمد رضا الــبريلوي‪ ،‬مؤســس الطريقــة البريلويــة بباكســتان‪ .‬انظــر‪ :‬رســالة )صــلة صــفا(‬
‫المندرجة في مجموعة رسائل )‪ ،(1/33‬نقل ً عــن البريلويــة عقــائد وتاريــخ لحســان إلهــي ص )‬
‫‪.(17‬‬
‫‪6‬‬
‫)( شيخ الطريقة الُبرهانية الدسوقية الشاذلية بالسودان ومصر‪ ،‬انظر‪ :‬تبرئة الذمة له ص )‪.(9‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يقول‪) :‬روى عبد الرزاق)‪ (1‬بسنده في كتابه )جنة الخلد( عن جابر بن‬
‫عبد الله النصاري قال‪ :‬قلت‪} :‬يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني‬
‫عن أول شيء خلقه الله قبل الشياء؟ قال‪ :‬يا جابر إن الله خلق قبل‬
‫الشياء نور نبيك من نوره‪ ،‬فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء‬
‫الله تعالى‪ ،‬ولم يكن في ذلك الوقت لوح ول قلم ول جنة ول نار‪ ،‬ول‬
‫ملك ول سماء ول أرض ول شمس ول قمر ول جن ول إنس‪ ،‬فلما أراد‬
‫سم ذلك النور أربعة أجزاء‪ :‬فخلق من الجزء‬ ‫الله أن يخلق الخلق قَ ّ‬
‫الول القلم‪ ،‬ومن الثاني اللوح‪ ،‬ومن الثالث العرش‪ ،‬ثم قسم الجزء‬
‫الرابع أربعة أجزاء‪ :‬فخلق من الجزء الول حملة العرش‪ ،‬ومن الثاني‬
‫الكرسي‪ ،‬ومن الثالث باقي الملئكة‪ ،‬ثم قسم الجزء الرابع أربعة‬
‫أجزاء‪ :‬فخلق من الجزء الول السموات‪ ،‬ومن الجزء الثاني الراضين‪،‬‬
‫ومن الثالث الجنة والنار‪ ،‬ثم قسم الجزء الرابع إلى أربعة أجزاء‪ :‬فخلق‬
‫من الجزء الول نور أبصار المؤمنين‪ ،‬ومن الثاني نور قلوبهم‪ ،‬وهي‬
‫المعرفة بالله‪ ،‬ومن الثالث نور أنسهم‪ ،‬وهو التوحيد ل إله إل الله محمد‬
‫رسول الله‪ .‬ثم نظر إليه فترشح النور عرقًا‪ ،‬فتقطرت منه مائة ألف‬
‫قطرة وعشرين ألفا ً وأربعة آلف قطرة‪ ،‬فخلق الله من كل قطرة روح‬
‫نبي رسول‪ ،‬ثم تنفست أرواح النبياء فخلق الله من أنفاسهم أرواح‬
‫الولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫فالعرش والكرسي من نوري‪ ،‬والكروبيون من نوري‪ ،‬والروحانيون من‬
‫نوري‪ ،‬والجنة وما فيها من النعيم من نوري والشمس والكواكب من‬
‫نوري‪ ،‬والعقل والعلم والتوفيق من نوري‪ ،‬وأرواح النبياء والرسل من‬
‫نوري‪ ،‬والسعداء والصالحون من نتائج نوري‪ ،‬ثم خلق الله آدم من‬
‫الرض وّركب فيه النور وهو الجزء الرابع‪ ،‬ثم انتقل منه إلى شيث وكان‬
‫ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبد الله ومنه إلى‬
‫وجه أمي آمنة ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم‬
‫النبيين وقائد الغر المحجلين‪ .‬هكذا بدأ خلق نبيك يا جابر{‪ .‬حديث‬
‫صحيح()‪.(2‬‬
‫أقول وبالله التوفيق‪:‬‬
‫لقد حاولت أن أسير في بحثي هذا في نقد الروايات الحديثية على‬
‫‪1‬‬
‫مام الصنعاني‪.‬‬
‫)( ابن ه ّ‬
‫‪2‬‬
‫)( تبرئة الذمة ص )‪.(10-9‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫منهج المحدثين قدر الجهد‪ ،‬والطاقة‪ :‬فأذكر أقوال أهل العلم في نقد‬
‫ما الحديث موضوع الدراسة فكل الذين ذكروه لم‬ ‫السند ثم المتن‪ .‬أ ّ‬
‫يذكروا له سندًا‪ ،‬وإنما اكتفوا بنسبته إلى عبد الرزاق الصنعاني فقط‬
‫دون ذكر السند ول الكتاب الذي ورد فيه‪ ،‬عدا شيخ الطريقة البرهانية‬
‫فقد أحال إلى كتاب )جنة الخلد( ونسبه إلى عبد الرزاق‪ ،‬وقد بحثت‬
‫عن هذا الكتاب لعلي أطلع على سند الحديث‪ ،‬ولكن دون جدوى فلم‬
‫أعثر له على أثر‪ ،‬بل لم أقف على من نسب الكتاب لعبد الرزاق‪،‬‬
‫وكذلك بحثت في كتب عبد الرزاق الخرى فلم أجد له أثرًا‪ ،‬وقد بحث‬
‫غيري أيضا ً عن هذا الحديث المزعوم فلم يعثر عليه‪.‬‬
‫داب الحمش‪) :‬نسبه العجلوني إلى عبد الرزاق وقد كنت‬‫يقول ع ّ‬
‫أرجح أنه في تفسيره لنني اجتهدت فلم أقف عليه في المصنف‪ ...‬إلى‬
‫أن قال‪ :‬ثم ترجح عندي أنه من غرائب ابن عربي وابن حمويه‬
‫والبكري()‪ .(1‬بل قد شهد شاهد من القوم على براءة عبد الرزاق من‬
‫هذا الحديث‪.‬‬
‫يقول عبد الله بن الصديق الغماري)‪ (2‬معلقا ً على قول السيوطي‬
‫في الحاوي على هذا الحديث‪) :‬إنه غير ثابت( )وهو تساهل قبيح بل‬
‫س صوفي‪ ...‬إلى أن قال‪:‬‬ ‫ف ٌ‬‫الحديث ظاهر الوضع‪ ،‬واضح النكارة‪ ،‬وفيه ن َ َ‬
‫والعجب أن السيوطي عزاه إلى عبد الرزاق‪ ،‬مع أنه ل يوجد في‬
‫)مصنفه( ول )تفسيره( ول )جامعه( وأعجب من هذا أن بعض‬
‫دق هذا العزو المخطىء‪ ،‬فّركب له إسنادا ً من عبد الرزاق‬ ‫الشناقطة ص ّ‬
‫إلى جابر‪ ،‬ويعلم الله أن هذا كله ل أصل له‪ .‬فجابر رضي الله عنه بريء‬
‫من رواية هذا الحديث‪ ،‬وعبد الرزاق لم يسمع به‪ ،‬وأول من شّهر هذا‬
‫الحديث ابن عربي الحاتمي‪ ،‬فل أدري عمن تلقاه وهو ثقة)‪ ،(3‬فل ب ُد ّ أن‬
‫أحد المتصوفة المتزهدين وضعه‪ ،‬ومثل هذا الحديث ما روي من طريق‬
‫أهل البيت عن علي عليه السلم مرفوعًا‪} :‬كنت نورا ً بين يدي ربي‬
‫قبل أن ُيخلق آدم بأربعة عشر ألف عام{ وحديث‪} :‬لولك ما خلقت‬
‫الفلك{ وكتب المولد النبوي ملى بهذه الموضوعات‪ ،‬وأصبحت عقيدة‬
‫‪1‬‬
‫)( النور المحمدي بين هدى الكتاب المبين وغلو الغالين ص )‪.(46‬‬
‫‪ ()2‬له مشاركات في علوم الحديث‪ ،‬قال عنه محمد بن علوي المالكي‪) :‬الع ّ‬
‫لمة الفقيه محــدث‬
‫المغرب‪ ،‬بل محدث الدنيا(‪ .‬انظر‪ :‬مفاهيم يجب أن ُتصحح ص )‪.(19‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ثقة عند الصوفية فقط‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫راسخة في أذهان العامة()‪.(1‬‬


‫ومما يشهد على وضع الحديث أن الغلة لم يعزوه لغير عبد الرزاق‬
‫مما يؤكد خلو دواوين السنة المعتبرة عند عامة المسلمين منه‬
‫كالصحاح والسنن والمسانيد‪ ،‬ومن القرائن التي يعرف بها الوضع في‬
‫الحديث أن ل يتداوله علماء الحديث‪.‬‬
‫المطلب الثسساني‪ :‬المفاسسسد العقديسسة المترتبسسة علسسى هسسذا‬
‫الحديث‪:‬‬
‫خلق من‬
‫المفسدة الولى‪ :‬اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم ُ‬
‫نور‪.‬‬
‫وهذا باطل من وجهين‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬إن في إثبات هذا المعنى الذي زعموه نفيا ً لبشرية‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم التي أمره الله تعالى أن يعلنها في‬
‫سول ً((‬ ‫شًرا َر ُ‬ ‫ت إ ِّل ب َ َ‬‫كن ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن َرّبي هَ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ل ُ‬ ‫المل‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫]السراء‪ .[93:‬والبشر مخلوقون من تراب ل من نور قال تعالى‪:‬‬
‫قك ُم من تراب ث ُم إ َ َ‬ ‫َ‬
‫ن(( ]الروم‪:‬‬ ‫شُرو َ‬ ‫شٌر َتنت َ ِ‬ ‫م بَ َ‬ ‫ذا أن ْت ُ ْ‬ ‫خل َ َ ْ ِ ْ ُ َ ٍ ّ ِ‬ ‫ن َ‬‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬
‫م ْ‬ ‫))وَ ِ‬
‫جعَل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م َ‬ ‫ن ن ُط ْ َ‬
‫فة ٍ ث ُ ّ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ب ثُ ّ‬‫ن ت َُرا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫قك ُ ْ‬‫خل َ َ‬‫ه َ‬ ‫‪ ،[20‬وقال تعالى‪َ)) :‬والل ّ ُ‬
‫لم ُ‬ ‫َ‬
‫ه‪] ((..‬فاطر‪ [11 :‬الية‪،‬‬ ‫م ِ‬‫ضعُ إ ِّل ب ِعِل ْ ِ‬‫ن أن َْثى َول ت َ َ‬ ‫م ُ ِ ْ‬
‫ح ِ‬‫ما ت َ ْ‬
‫جا وَ َ‬‫أْزَوا ً‬
‫ب العزة والجلل يخبرنا أن رسوله‬ ‫واليات كثيرة في هذا المعنى‪ .‬فر ّ‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم بشر‪ ،‬وأن البشر مخلوقون من تراب‪،‬‬
‫فهذا خبر عام يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من بني آدم‬
‫عليه السلم‪ .‬فتخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه خلق من‬
‫ما الحديث المنسوب إلى عبد‬ ‫نور يحتاج إلى مخصص‪ ،‬ول مخصص‪ .‬وأ ّ‬
‫ل؛ لنه ليس حديثا ً صحيحًا؛ لما سبق‬ ‫الرزاق فل يجوز التخصيص به أص ً‬
‫ذكره)‪.(2‬‬
‫خلق منه‬‫خلق مما ي ُ‬
‫قال ابن تيمية‪) :‬والنبي صلى الله عليه وسلم ُ‬
‫البشر‪ ،‬ولم ُيخلق أحد من البشر من نور‪ ،‬بل قد ثبت في الصحيح عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪} :‬إن الله خلق الملئكة من نور‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫)( ملحق عن قصيدة الــبردة كتبــه عبــد اللــه الصــديق الغمــاري بــذيل كتــاب البوصــيري مــادح‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ .‬ص )‪ (75‬تأليف‪ :‬عبد العال الحمامصي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر‪ :‬ص )‪.(95‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وخلق إبليس من نار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف لكم{‪ ،‬وليس تفضيل بعض‬
‫المخلوقات على بعض باعتبار ما خلقت منه فقط‪ ،‬بل قد يخلق المؤمن‬
‫من كافر والكافر من مؤمن‪ ،‬كابن نوح منه‪ ،‬وكإبراهيم من آزر‪ ،‬وآدم‬
‫واه ونفخ فيه من روحه وأسجد له الملئكة‬ ‫خلقه الله من طين‪ ،‬فلما س ّ‬
‫وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء وبأن خلقه بيديه‪ ،‬وبغير ذلك)‪.(1‬‬
‫فهو وصالحو ذريته أفضل من الملئكة وإن كان هؤلء مخلوقين من‬
‫طين وهؤلء من نور()‪.(2‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬إن الذين قالوا بخلق النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر‪ ،‬ل‬ ‫من نور‪ ،‬غفلوا عن الية من أ ّ‬
‫قدرة له إل قدرة البشر‪ ،‬وإنما يؤيده الله تعالى بالوحي‪ ،‬وبنصره كيف‬
‫ما طلب منه المشركون أمورا ً ليست في‬ ‫يشاء ربنا ويرضى‪ .‬وذلك ل ّ‬
‫قدرة البشر على سبيل التعجيز‪ ،‬أمره ربه جل وعل أن يقول‪)) :‬قُ ْ‬
‫ل‬
‫سوًل(( ]السراء‪ [93:‬وإنما الله وحده‬
‫شًرا َر ُ‬‫ت إ ِل ّ ب َ َ‬ ‫ل ُ‬
‫كن ُ‬ ‫ن َرّبي هَ ْ‬
‫حا َ‬
‫سب ْ َ‬
‫ُ‬
‫هو المتصرف في جميع المور إن شاء أتاكم بما سألتم عنه وإن شاء‬
‫منع‪ ،‬وهذا دليل واضح على أن ما جاء به صلى الله عليه وسلم من‬
‫آيات بينات‪ ،‬ودلئل واضحات ليست في قدرة البشر إنما هو أمر من‬
‫عند الله جل وعل‪.‬‬
‫المفسدة العقدية الثانية‪ :‬اعتقاد أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم مخلوق من نور الله تعالى‪.‬‬
‫جاء في حديث جابر المزعوم‪} :‬أن الله تعالى خلق نور نبيه من‬
‫نوره{‪.‬‬
‫َ‬
‫ذا‬ ‫ن ن َت َك َل ّ َ‬
‫م ب ِهَ َ‬ ‫ن ل ََنا أ ْ‬ ‫ما ي َ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫موه ُ قُل ْت ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫معْت ُ ُ‬ ‫ول إ ِذ ْ َ‬
‫س ِ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬وَل َ ْ‬
‫م(( ]النور‪ [16:‬نزلت هذه الية الكريمة في‬ ‫ظي ٌ‬‫ن عَ ِ‬ ‫ذا ب ُهَْتا ٌ‬ ‫حان َ َ‬
‫ك هَ َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ُ‬
‫ما تعاطى بعضهم حادثة الفك على سبيل الحكاية ولم‬ ‫عتاب المؤمنين ل ّ‬
‫ينكروا ذلك وينزهوا الله تعالى أن يحدث مثل هذا من زوج نبيه صلى‬
‫الله عليه وسلم وأن يحكموا على هذه المقالة بأنها بهتان)‪ .(3‬فيجب‬
‫على كل مسلم أن ُينّزه الله تبارك وتعالى مما نسبه إليه هؤلء الغلة‬

‫‪1‬‬
‫)( أي من الفضائل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مجموع الفتاوى )‪.(95-11/94‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر‪ :‬الجامع لحكام القرآن للقرطبي )‪.(12/136‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫من خلق نبيه صلى الله عليه وسلم من نوره سبحانه‪ .‬وإنما جاؤوا به‬
‫ن ع ََلى‬ ‫فت َُرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ما ظ َ ّ‬ ‫افتراًء للكذب على الله‪ ،‬قال سبحانه‪)) :‬وَ َ‬
‫َ‬
‫مل‬ ‫ن أك ْث ََرهُ ْ‬ ‫س وَل َك ِ ّ‬ ‫ل ع َلى الّنا ِ‬
‫ض ٍ َ‬ ‫ذو فَ ْ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مة ِ إ ِ ّ‬ ‫قَيا َ‬‫م ال ْ ِ‬ ‫ب ي َوْ َ‬ ‫الل ّهِ ال ْك َذ ِ َ‬
‫بل‬ ‫ن ع ََلى الل ّهِ ال ْك َذ ِ َ‬ ‫فت َُرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫ن(( ]يونس‪ ،[60:‬وقال‪)) :‬إ ِ ّ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه هُوَ ال ْغَن ِ ّ‬
‫ي‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫دا ُ‬ ‫ه وَل َ ً‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬ ‫ن(( ]يونس‪ ،[69:‬وقال‪َ)) :‬قاُلوا ات ّ َ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫سل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ن ب ِهَ َ‬ ‫طا ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عن ْد َك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض إِ ْ‬
‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ن(( ]يونس‪ [68:‬فالمسلم ل ينسب شيئا ً‬ ‫مو َ‬ ‫ما ل ت َعْل َ ُ‬ ‫ن ع ََلى الل ّهِ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫أ َت َ ُ‬
‫إلى الله تعالى أو إلى رسوله صلى الله عليه وسلم إل وعنده فيه من‬
‫الله برهان‪ ،‬وقد ذم الله تعالى أقواما ً نسبوا إليه القول والفعل من غير‬
‫قوُلوا ل ِما تص ُ َ‬
‫ب‬‫م ال ْك َذ ِ َ‬ ‫سن َت ُك ُ ُ‬ ‫ف أل ْ ِ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫برهان منه سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪َ)) :‬ول ت َ ُ‬
‫ن ع ََلى‬ ‫فت َُرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫فت َُروا ع ََلى الل ّهِ ال ْك َذ ِ َ‬ ‫م ل ِت َ ْ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل وَهَ َ‬ ‫حل ٌ‬ ‫ذا َ‬ ‫هَ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن(( ]النحل‪ ،[116:‬وقال تعالى‪َ )) :‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫ب ل يُ ْ‬ ‫الل ّهِ ال ْك َذ ِ َ‬
‫ن ع ََلى الل ّهِ‬ ‫فت َُرو َ‬ ‫فُروا ي َ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حام ٍ وَل َك ِ ّ‬ ‫صيل َةٍ َول َ‬ ‫سائ ِب َةٍ َول وَ ِ‬ ‫حيَرةٍ َول َ‬ ‫بَ ِ‬
‫َ‬
‫ن(( ]المائدة‪.[103:‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫م ل ي َعْ ِ‬ ‫ب وَأك ْث َُرهُ ْ‬ ‫ال ْك َذ ِ َ‬
‫عل ْم ٍ َول‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬
‫م ب ِهِ ِ‬ ‫أل يعي هؤلء الغلة ما يخرج من رؤوسهم )) َ‬
‫ن إ ِّل ك َذ ًِبا(( ]الكهف‪.[5:‬‬ ‫خرج م َ‬
‫قوُلو َ‬
‫ن يَ ُ‬
‫م إِ ْ‬ ‫ن أفْ َ‬
‫واه ِهِ ْ‬ ‫ة تَ ْ ُ ُ ِ ْ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬
‫م ً‬ ‫م ك َب َُر ْ‬
‫ِلَبائ ِهِ ْ‬
‫ويترتب على اعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور‬
‫الله تعالى‪ :‬القول بوحدة الوجود والتحاد بالله تعالى‪.‬‬
‫خلق من نور الله‬
‫فالنبي صلى الله عليه وسلم عند أئمة الصوفية ُ‬
‫خلق من نور النبي صلى الله عليه وسلم بقية المخلوقات‪.‬‬ ‫تعالى‪ ،‬ثم ُ‬
‫وهذا الذي ذهبوا إليه من خلق العالم أو صدوره عن ذات الله تعالى هو‬
‫الشق الول الذي يفسر لنا ما ذهب إليه هؤلء الغلة من القول بوحدة‬
‫الوجود)‪ ،(1‬والفناء)‪ (2‬أو التحاد بالله تعالى‪.‬‬
‫يقول عارفهم ابن عربي‪) :‬فلما أراد ‪-‬الله‪ -‬وجود العالم وبدأه على‬
‫حد علمه ما علمه بنفسه انفعل عن تلك الرادة المقدسة بضرب تجل‬
‫من تجليات التنزيه إلى الحقيقة الكلية‪ ،‬انفعل عنها حقيقة ُتسمى الهباء‬
‫‪1‬‬
‫عرفـت وحـدة الوجـود فـي التاريـخ‬‫ن اللـه تعـالى والعـالم حقيقـة واحـدة‪ .‬و ُ‬
‫)( مذهب يقول‪ :‬إ ّ‬
‫القديم‪ ،‬والمتوسط‪ ،‬وأوضح ما تكون عند الرواقيين وأفلوطين من اليونان‪ ،‬وعند ابن عربي بين‬
‫المسلمين‪ ،‬ولها مؤيدون في التاريخ الحديث‪ .‬انظر‪ :‬المعجم الفلسفي ص )‪.(212‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تبديل الصفات البشرية بالصفات اللهية دون الذات‪ ،‬كلما ارتفعت صفة قــامت صــفة إلهيــة‬
‫مقامها‪ .‬انظر معجم المصطلحات الصوفية ص )‪.(207‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وهي بمنزلة طرح البناء الجص ليفتح فيها ما شاء من الشكال والصور‪،‬‬
‫وهذا أول موجود في العالم‪ ...‬ثم إنه سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك‬
‫الهباء‪ ...‬فلم يكن أقرب إليه قبول ً في ذلك الهباء إل حقيقة محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم المسماة بالعقل)‪ ،(1‬فكان سيد العالم بأسره وأول‬
‫ظاهر في الوجود‪ ،‬فكان وجوده من ذلك النور اللهي()‪.(2‬‬
‫ويقول عارفهم عبد الكريم الجيلي‪) :‬ولما خلق الله تعالى العالم‬
‫جميعه من نور محمد صلى الله عليه وسلم كان المحل المخلوق منه‬
‫إسرافيل قلب محمد صلى الله عليه وسلم()‪ .(3‬ويقول أيضًا‪ ...) :‬ثم إن‬
‫العقل الول المنسوب إلى محمد صلى الله عليه وسلم خلق الله‬
‫جبريل عليه السلم منه في الزل‪ ،‬فكان محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫أبا جبريل وأصل ً لجميع العالم()‪.(4‬‬
‫وقال أيضًا‪) :‬اعلم أن الله تعالى لما خلق النفس المحمدية من‬
‫ذاته‪ ،‬وذات الحق جامعة للضدين‪ ،‬خلق الملئكة العالين من حيث‬
‫صفات الجمال والنور والهدى من نفس محمد صلى الله عليه وسلم(‬
‫)‪.(5‬‬
‫خل ْقُ العال َم ِ أو صدوره عن ذات الله تعالى هو الشق الول الذي‬
‫فَ َ‬
‫يفسر لنا ما ذهب إليه هؤلء الغلة من القول بوحدة الوجود أو التحاد‬
‫بالله تعالى‪ ،‬وبيان ذلك يكون بعد إثبات أن ما ذهبوا إليه لم يكن وليد‬
‫أفكارهم‪ ،‬وإنما كان مستمدا ً من مصادر فلسفية قديمة تأثروا بها‬
‫ونقلوها إلى المسلمين‪ ،‬وما زال تأثيرها إلى وقتنا الحاضر‪.‬‬
‫المصدر الهرمسي‪:‬‬
‫ظهرت هذه الفلسفة في القرن الثاني الميلدي في السكندرية‪،‬‬
‫وتنسب إلى هرمس السكندري)‪ .(6‬وآراء هذه الفلسفة مبسوطة في‬
‫كتب مصرية‪ ،‬ويونانية ل يعرف تاريخها‪ ،‬ول أصلها على وجه اليقين‬

‫‪1‬‬
‫)( قارن ص )‪.(233‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الفتوحات المكية )‪ (1/911‬دار صادر‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( النسان الكامل )‪.(2/26‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/27‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/61‬‬
‫‪6‬‬
‫)( يطلق اليونانيون اسمه على الله المصري )تحوت(‪ .‬المعجم الفلسفي ص )‪.(307‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫والدقة)‪.(1‬‬
‫يقول الدكتور نجيب بلدي‪) :‬فكتابات هذه الفلسفة مزيج من‬
‫الفلطونية‪ ،‬والحكمة المصرية‪ ،‬وبعض الساطير اليونانية وبعض‬
‫أجزائها في الفلك والتنجيم(؛ ولذلك ُيعتقد )أن كّتاب هذه الفلسفة كانوا‬
‫إما كهنة مصريين أتقنوا اليونانية أو يونانيين متمصريين تعلموا صياغة‬
‫آرائهم في قالب مصري شرقي()‪.(2‬‬
‫ويقول الدكتور إبراهيم هلل‪) :‬فالتجاه الذي تسير فيه الهرمسية‬
‫هو اتجاه القرن الميلدي الثاني كله‪ ،‬وهو العودة إلى القديم‪ ،‬والستعانة‬
‫بالسحر والتنجيم والكيمياء في الوصول إلى المعرفة أو الكشف()‪.(3‬‬
‫فنجدهم يعتقدون أنهم إخوة للهواء‪ ،‬والشمس‪ ،‬والقمر‪ ،‬وأنهم‬
‫انفصلوا عنهم‪ ،‬وأن السماء منبع وجودهم‪ .‬فنجد في المؤلفات‬
‫الهرمسية قولهم‪) :‬أيتها السماء منبع وجودنا‪ ،‬أيها الثير‪ ،‬أيها الهواء‪...‬‬
‫أيها النور الذي ل ينطفىء للشمس والقمر‪ ،‬أيها الخوة الشقاء‪ ،‬أنتم‬
‫انفصلنا عنهم‪ ،‬وتحملنا البؤس والشقاء بانفصالنا عنهم‪ ،‬وبالحلول في‬
‫هذه الثياب الرذلة‪ .‬إننا نناشدكم ما الثم الذي ارتكبناه؟ ما هذا الثم‬
‫الذي استحق عذابنا الحاضر()‪.(4‬‬
‫يقول الدكتور نجيب بلدي‪) :‬فيصفون ميلد إنسان سماوي كامل‬
‫مشابه من جميع الوجوه لبيه السماوي‪ ،‬ومتمتع بجميع مزايا الله(‪ .‬ثم‬
‫نجد تلميذ الهرامسة يؤمن بتلك السطورة‪ ،‬ويتعرف عندئذ عدم تعرض‬
‫النفس للنحلل وخلودها()‪.(5‬‬
‫يقول الدكتور هلل‪) :‬ومن هنا رأينا هرمس يعمل على الوصول‬
‫إلى الطبيعة الكامل أو )النا( الجزء السماوي المكمل لروحه الذي‬
‫انفصل عنه ونزل إلى الرض()‪ .(6‬يقول الهرامسة‪) :‬اعمل على أن‬

‫‪1‬‬
‫)( انظر‪ :‬المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تمهيــد لدراســة تاريــخ مدرســة الســكندرية وفلســفتها للــدكتور نجيــب بلــدي ص )‪ ،(89‬دار‬
‫المعارف سنة ‪1962‬م‪ ،‬نقل ً عن نظرية المعرفة الشراقية ص )‪.(16‬‬
‫‪3‬‬
‫)( نظرية المعرفة الشراقية وأثرها في النظرة إلى النبوة )‪.(1/16‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المؤلفات الهرمسية نشر وترجمة فستوجير‪ ،‬طبعــة بــاريس ســنة ‪1945‬م‪ .‬انظــر‪ :‬الــدكتور‬
‫هلل‪ ،‬نظرية المعرفة الشراقية )‪.(1/19‬‬
‫‪5‬‬
‫)( تمهيد لدراسة تاريخ السكندرية ص )‪ ،(101‬نقل ً عن المرجع السابق‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( نظرية المعرفة الشراقية )‪.(1/19‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫تصبح أكبر فأكبر حتى يصبح مقدارك ل متناهيًا‪ ،‬وذلك بقفزة تحررك من‬
‫جميع الحدود المكانية والزمانية‪ ،‬واعتبر أن ل شيء ممتنع عليك‪ .‬اجمع‬
‫في نفسك تأثرات جميع الكائنات‪ :‬النار والماء‪ ،‬واليابس والرطب‪،‬‬
‫تصور أنك في كل مكان على الرض‪ ،‬وعلى البحر وفي السماء‪ ...‬تمثل‬
‫الله في كل شيء وفي كل وقت‪ ،‬حتى في اللحظة التي ل تتوقعه‬
‫عندها‪ ...‬فل يوجد شيء إل كان هو()‪.(1‬‬
‫ونجد أن ابن سبعين)‪ (2‬من الذين تأثروا بالفكر الهرمسي وعمل‬
‫على نشره في أوساط المسلمين‪ .‬حيث يقول في مقدمة كتابه ب ُد ّ‬
‫العارف‪) :‬أما بعد فقد استخرت الله العظيم على إفشاء الحكمة التي‬
‫رمزها هرامسة الدهور الولية()‪.(3‬‬
‫سئلت عن الموجودات كم هي‬ ‫ويقول في ترتيب الموجودات‪) :‬إذا ُ‬
‫وكيف ترتبت عن الول الحق وما هو المتقدم منها والمتأخر‪ ،‬فقل له‬
‫الموجودات نوعان‪ :‬كليات وجزئيات‪ ،‬فالكليات منها تسعة مراتب‬
‫كتسعة آحاد‪ ،‬أولها الله عز وجل فاعل الكل وخالق كل شيء ثم العقل‬
‫الكلي‪ ،‬ثم النفس ثم الطبيعة ثم الهيولى ثم الجسم المطلق ثم الفلك‬
‫ثم الركان ثم المولدات فهذه الكليات‪ .‬وأنت تنزل بالتحليل من العلى‬
‫إلى النقص فالنقص‪ .‬والجزئيات تبتدىء من أنقص الحالت ثم ترتقي‬
‫أول ً فأول ً إلى أرفعها وأعظمها‪ .‬مثال ذلك‪ :‬أن تنتقل من الجماد إلى‬
‫النامي إلى الحساس إلى العاقل إلى الحليم إلى النبي إلى الملك إلى‬
‫الله سبحانه()‪.(4‬‬
‫ويقول‪) :‬ل تكتمل للسعيد سعادته ول جوهره إل بأن يعقل السبب‬
‫الول الذي منه انبعثت الموجودات‪ .‬إل أنه كل موجود يتعدى مرتبة ما‬
‫من مرتبته ل يمكنه أن يعقلها إل أن يعقل ما بينه وبينها من الموجودات‬
‫التالية له بالمرتبة‪ ،‬ويرى أن الموجود الثاني ل يحتاج في تكميل جوهره‬
‫إلى واسطة‪ ،‬والموجود الثالث ل يعقل عن الول إل بتوسط الثاني‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫)( تمهيد لتاريخ السكندرية ص )‪ (114‬نقل ً عن المرجع السابق )‪.(1/114‬‬
‫‪2‬‬
‫)( عبد الحق بن إبراهيم بن محمــد الرقــوطي‪ .‬نســبة إلــى رقوطــة بلــدة قريبــة مــن مرســية‪،‬‬
‫الصوفي‪ ،‬ولد سنة ‪614‬هـ‪ ،‬واشتغل بعلم الوائل والفلسفة‪ ،‬توفي ســنة ‪669‬هـــ‪ .‬انظــر البدايــة‬
‫والنهاية )‪.(13/273‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ص )‪ ،(29‬ط‪ .‬سنة ‪1978‬م‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(112‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وكذلك كل موجود من هذه الموجودات الناطقة يحتاج إلى أن يعقل ما‬


‫فوقه وما دونه ولذلك احتاج في كمال تجوهره إلى أن يعقل جميع‬
‫الموجودات كلها على التمام‪ .‬والعلة في ذلك أن مرتبته من الوجود‬
‫الفائض عن السبب الول يلي آخر المراتب()‪.(1‬‬
‫ويقول في الصوفي‪) :‬الصوفي هو الَعاِلم بالله العارف به الواصل‬
‫لغاية النسان السعيد على الطلق()‪.(2‬‬
‫يقول الدكتور إبراهيم هلل‪) :‬كما أن بعض العقائد الهرمسية‬
‫الخاصة بالكون‪ ،‬مثل العقيدة الساسية التي تتناول التوافق بين الكون‬
‫الصغير )النسان( والكون الكبير )العالم(‪ ،‬يمكن أن نراها كثيرا ً في‬
‫الكتابات الصوفية عن الكون وخاصة تلك التي كتبها )ابن عربي( مثل‬
‫فصوص الحكم‪ ،‬وبعض فصول كتاب الفتوحات المكية‪ .‬وعموما ً فقد‬
‫تجمعت العقائد الهرمسية الكونية في المعتقدات الصوفية بواسطة‬
‫)ابن عربي(‪ ،‬وهذا ظاهر في كتاباته وكتابات معظم ممثلي هذه‬
‫المدرسة البارزين مثل )صدر الدين القنوي‪ ،‬عبد الكريم الجيلي‪ ،‬وابن‬
‫توركاه الصفهاني‪ ،‬وابن أبي جهور()‪ .(3‬وُيمّثل لهذه العقائد المشتركة‬
‫بين الهرامسة والمتصوفة بقوله‪) :‬ووحدة الوجود التي ظهرت عند‬
‫متفلسفي الصوفية لها أصولها في هذه الفلسفة الهرمسية كذلك()‪،(4‬‬
‫ن وجودي يصبح النسان فيه الوجود كله‪...‬‬ ‫فغاية التصوف عندهم‪) :‬تقار ٌ‬
‫ووجود يحمل جواهر الموجودات المختلفة معًا‪ ...‬هذه هي المساواة‬
‫بالله عندئذ ل نبقى نحن‪ ،‬بل نصبح هو هو()‪.(5‬‬
‫ويقول الدكتور النشار عن الكتابات الهرمسية وأثرها في العالم‬
‫السلمي‪) :‬وقد انتشرت هذه الكتابات في العالم السلمي‪ ،‬وأثرت‬
‫أثرا ً بالغا ً في كثيرين من المفكرين السلميين‪ ...‬وفي كتب الكثيرين‬
‫من صوفية السلم المتفلسفة()‪.(6‬‬
‫المصدر الفلوطيني‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(125‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(124‬‬
‫‪3‬‬
‫)( د‪ .‬إبراهيم هلل‪ :‬نظرية المعرفة الشراقية )‪.(1/28‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/30‬‬
‫‪5‬‬
‫)( تمهيد لتاريخ مدرسة السكندرية ص )‪ ،(113‬نقل ً عن المرجع السابق )‪.(1/30‬‬
‫‪6‬‬
‫)( د‪ .‬علي سامي النثار‪ :‬نشأة الفكر الفلسفي في السلم )‪.(180-1/179‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ظهرت هذه الفلسفة في القرن الثالث الميلدي عن طريق كتابات‬


‫فيلسوفها أفلوطين)‪ (1‬الذي أسس مدرسة فلسفية نسبت إليه‪ ،‬وفي‬
‫الغالب تسمى بالفلطونية المحدثة)‪ (2‬نسبة لفلطون‪.‬‬
‫ويعلل الدكتور إبراهيم بن خلف التركي سبب هذه النسبة‬
‫لفلطون بقوله‪) :‬سميت هذه المدرسة الفلسفية بالفلطونية الحديثة‬
‫جددت أفكاره‪ ،‬ومزجت مع غيرها فأصبحت‬ ‫نسبة لفلطون؛ حيث ُ‬
‫حديثة بالنسبة لفكاره القديمة()‪.(3‬‬
‫فبجانب تجديد هذه المدرسة لفكار أفلطون فقد كانت امتدادا ً‬
‫لفلسفة الهرامسة التي كانت في القرن الذي قبل قرنها خاصة إذا‬
‫علمنا أن مؤسسها ولد ونشأ في السكندرية منشأ الفلسفة الهرمسية‪.‬‬
‫والذي يهمنا من دراسة فلسفة أفلوطين هو نظرته إلى الوجود وأنه‬
‫صادر )فائض( عن الول ‪-‬الله تعالى‪ -‬التي كان لها تأثير كبير على أئمة‬
‫الطرق الصوفية الذين ينشدون الوصول أو الفناء بذات الله تعالى‪.‬‬
‫يقول الدكتور النشار عن أثر الفلطونية المحدثة في العالم‬
‫السلمي‪) :‬وهي أكثر المذاهب أثرا ً في العالم السلمي‪ ...‬فقد نقلت‬
‫آثار الفلطونية المحدثة على أوسع صورة()‪.(4‬‬
‫نظرية الفيض الفلطونية‪:‬‬
‫يقول أفلوطين في تقرير فلسفته‪) :‬الواحد المحض هو علة الشياء‬
‫كلها‪ ،‬وليس كشيء من الشياء‪ ،‬بل هو بدء الشيء‪ ،‬وليس هو الشياء‪،‬‬
‫بل الشياء كلها فيه‪ ،‬وليس هو في شيء من الشياء( وذلك أن الشياء‬
‫كلها إنما انبجست منه‪ ،‬وبه ثباتها وقوامها وإليه مرجعها()‪.(5‬‬
‫‪1‬‬
‫)( ولد في ليقوبوليس من أعمال مصر الوسطى سنة ‪205‬م‪ ،‬وقصد السكندرية للدراسة‪ ،‬ثــم‬
‫جعــل عنــوانه‬
‫جــزء مــن كتــابه الّتســاعات إلــى اللغــة الســريانية و ُ‬
‫روما وهو في الربعيــن‪ُ .‬نقــل ُ‬
‫)أثولوجيا أرسطاطاليس(‪ ،‬وُنقل إلى العربية بهذا العنوان فيما ُنقــل مــن الكتــب الفلســفية فــي‬
‫العصر العباسي‪ .‬مات سنة ‪270‬م‪ .‬انظر‪ :‬د‪ .‬يوسف كــرم‪ :‬تاريــخ الفلســفة اليونانيــة ص )‪-286‬‬
‫‪.(297‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مذهب أفلوطين وأتباعه‪ ،‬وأساسه القول‪ :‬بالواحــد الــذي صـدرت عنــه الكــثرة‪ .‬وفيـه نزعــة‬
‫صوفية تمزج الفلسفة بالدين مع العتداد بأفلطون خاصة‪ .‬انظر‪ :‬المعجم الفلسفي ص )‪.(18‬‬
‫‪3‬‬
‫)( د‪ .‬إبراهيم بن خلف التركي‪ :‬التصوف وتأثره بالنصرانية والفلسفات القديمة‪ ،‬ص )‪.(373‬‬
‫‪4‬‬
‫)( د‪ .‬النشار‪ :‬نشأة الفكر الفلسفي في السلم )‪.(1/179‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أفلوطين‪ :‬أثولوجيا أرسطاطاليس ص )‪ (134‬الميمر العاشر‪ ،‬نقله إلى العربية عبد المسيح‬
‫بن عبد الله بن ناعمة الحمصي‪ ،‬وأصــلحه لحمــد بــن المعتصــم بــالله‪ :‬أبــو يوســف بــن يعقــوب‬
‫الكندي‪ ،‬وهو مطبوع ضمن كتاب أفلوطين عند العرب للدكتور عبــد الرحمــن بــدوي مــن ص )‪3‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ويقول أيضًا‪) :‬وإن كانت الشياء كلها إنما انبجست منه‪ ،‬فإن الهوية‬
‫الولى‪ ،‬أعني هوية العقل‪ ،‬هي التي انبجست منه أول ً بغير توسط‪ ،‬ثم‬
‫انبجست منه جميع هويات الشياء التي في العالم العلى والعالم‬
‫السفل بتوسط هوية العقل والعالم العقلي()‪.(1‬‬
‫فلما قرر أفلوطين أن جميع العالم إنما انبجس )صدر( عن الله‬
‫تعالى مبدىء الشياء التي من ضمنها النفس البشرية وكذلك بقية‬
‫المخلوقات‪ .‬تاقت نفسه إلى موطنها الول وهي ذات الرب جل وعل‪،‬‬
‫وعمل جاهدا ً للوصول إليها‪ .‬حيث يقول‪) :‬إني ربما خلوت بنفسي‪،‬‬
‫وخلعت بدني جانبًا‪ ،‬وصرت كأني جوهر بل بدن فأكون داخل ً في ذاتي‪،‬‬
‫راجعا ً إليها‪ ،‬خارجا ً عن سائر الشياء‪ ،‬فأكون العلم والمعلوم جميعًا‪،‬‬
‫فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء والضياء ما أبقى له متعجبا ً بهتًا‪،‬‬
‫فأعلم أني جزء من أجزاء العالم الشريف الفاضل اللهي ذو الحياة‬
‫الفعالة‪ .‬فلما أيقنت بذلك ترقيت بذاتي من ذلك العالم إلى العالم‬
‫اللهي‪ ...‬إلى قوله‪) :‬فتذكرت عند ذلك أرقليطوس)‪ (2‬فإنه أمر بالطلب‬
‫والبحث عن جوهر النفس والحرص على الصعود إلى ذلك العالم‬
‫الشريف العلى‪ ،‬وقال‪ :‬فل ينبغي لحد أن يفتر عن الطلب والحرص‬
‫في الرتفاع إلى ذلك العالم‪ ،‬وإن تعب ونصب‪ ،‬فإن أمامه الراحة التي‬
‫ل تعب بعدها ول نصب()‪.(3‬‬
‫يقول الدكتور التفتازاني‪) :‬ويصطنع ابن سبعين في تفسيره للوجود‬
‫نظرية في الفيض تشبه نظرية أفلوطين السكندري في فيض‬
‫الموجودات عن الواحد والتي يفيض كل منها عن الوجود السابق عليه‬
‫ويتصل به اتصال المعلول بعلته()‪.(4‬‬
‫ويقول الدكتور عفيفي في تعليقاته على الفصوص‪) :‬شرح ‪-‬أي ابن‬
‫عربي ‪ -‬فيضان الوجود عن الواحد الحق‪ ...‬وهذا بالضبط ما يقوله‬

‫بعد التصدير إلى صفحة ‪ (164‬من الكتاب‪ ،‬طبعة وكالة المطبوعات ‪ -‬الكويت‪ ،‬ط‪ .‬الثالثة لســنة‬
‫‪1977‬م‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لم أجد له ترجمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أفلوطين‪ :‬أثولوجيا أرسطاطاليس‪ ،‬الميمر الول ص )‪.(23-22‬‬
‫‪4‬‬
‫)( د‪ .‬أبو الوفا التفتازاني‪ :‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية‪ ،‬ص )‪.(251‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أفلوطين في فيوضاته ولكن بلغة أخرى()‪.(1‬‬


‫ويقول المستشرق الفرنسي جولد تسهير‪) :‬نفذت تعاليم‬
‫الفلطونية الحديثة إلى نطاق الحياة العقلية في السلم‪ ،‬وُيعد ّ هذا‬
‫الحادث ذا أهمية حاسمة من جهة التصوف السلمي‪ ،‬فهذا التيار‬
‫الفلسفي ‪-‬الفلطونية الحديثة‪ -‬قد أوجد أساسا ً فلسفيا ً واعتقاديا ً ُبنيت‬
‫عليه تقاليد الزهد وطقوسه‪ :‬فالزاهد المتصوف الذي نبذ الدنيا‬
‫واحتقرها‪ ،‬وسما بروحه إلى الكائن العلى‪ ،‬والملذ الوحد يجد ما ُيثّبت‬
‫وي نزعته الروحية اللهية التي‬ ‫يقينه بمنهج حياته الذي نهجه‪ ،‬وما يق ّ‬
‫اتجه إليها في مذهب الفيض عند أفلوطين ونظريته في وحدة الوجود(‬
‫)‪ .(2‬ويقول نيكسلون عن أثر الفيوضات الفلوطينية على التصوف‪:‬‬
‫)فالنور المحمدي عندهم ‪-‬أي الصوفية‪ -‬هو الروح اللهي الذي نفخ الله‬
‫ده أول‬ ‫منه في آدم أو هو شيء أشبه بالعقل الذي قال به أفلوطين وع ّ‬
‫الفيوضات التي صدرت عن الواحد الحق()‪.(3‬‬
‫المصدر الهندي‪:‬‬
‫ُتعتبر الفلسفة الهندية من المصادر التي ل يقتصر تأثيرها على‬
‫جزئية معينة من جزئيات التصوف في العالم السلمي‪ ،‬بل شمل‬
‫تأثيرها العديد من تعاليم التصوف؛ لذا يعتبر البعض أنه ل يمكن دراسة‬
‫ما يسمى بالتصوف السلمي إل من خلل دراسة التصوف الهندي‪.‬‬
‫يقول الفاخوري ود‪ .‬الجّر‪) :‬ل يمكن دراسة التصوف إل على ضوء‬
‫التصوف الهندي‪.(4)(..‬‬
‫والفلسفة الهندية وإن كانت من أقدم الفلسفات إل أن وصولها‬
‫إلى ديار المسلمين في نظر البعض كان متأخرًا‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬النشار‪) :‬والمذاهب الخيرة التي عرفها المسلمون هي‬
‫مذاهب الهنود‪ .‬اتصل المسلمون بها عن طريق البصرة سواء من‬
‫فارس أو من الهند‪ ...‬ثم نقلت آراؤهم عن طريق كتبهم من الفارسية‬
‫‪1‬‬
‫)( ابن عربي‪ :‬فصوص الحكم )‪.(2/110‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أجناس جولد تسهير‪ :‬العقيدة والشـريعة فـي السـلم ص )‪ (153‬ترجمـة د‪ .‬محمـد يوسـف‬
‫وآخرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( رينولــد نيكســلون‪ :‬فــي التصــوف الســلمي وتــاريخه ص )‪ (159‬نقل ً عــن التصــوف وتـأثره‬
‫بالنصرانية ص )‪.(397‬‬
‫‪4‬‬
‫)( حنا الفاخوري ود‪ .‬خليل الجر‪ :‬تاريخ الفلسفة العربية ص )‪.(31‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ومن السنسكريتية()‪ .(1‬وجل المذاهب الهندية تنقل عن أسفارهم‬


‫)الوبانيشاد( وهي الكتب الدينية القديمة عندهم‪.‬‬
‫يقول الدكتور إبراهيم التركي عنها‪) :‬ولها أهمية قصوى في الفكر‬
‫الفلسفي الهندي()‪ ،(2‬وأيضا ً لها أهميتها عند أئمة الصوفية )إذ هي‬
‫أسرار ومشاهدات كبار الصوفية الذين يسعون لتحقيق غايتهم وهي‬
‫الخلص التام من تناسخ الرواح عن طريق التحاد بالله()‪.(3‬‬
‫حيث جاء في الوبانيشاد في مخاطبة الله‪) :‬أنت رجل أنت امرأة‪،‬‬
‫وأنت الفتيان‪ ،‬وأنت الفتيات‪ ،‬وأنت الشيخ المترنح فوق عصاه‪ ،‬قد‬
‫وجدت وجهك متجه إلى كل صوب‪ ،‬أنت النحلة الزرقاء‪ ،‬أنت الببغاء‬
‫ذات العين الحمراء‪ ،‬أنت السحاب العاصف والبحور والفصول‪ ،‬أنت ل‬
‫بدء لك ول نهاية‪ ،‬وعنك انبثقت جميع العوالم()‪.(4‬‬
‫نتيجة‪:‬‬
‫فثبت من خلل تلك النصوص المتقدمة بما ل يدع مجال ً للشك أن‬
‫عقيدة القوم في النبي صلى الله عليه وسلم أنه مخلوق من نور الله‬
‫تعالى وأن بقية المخلوقات مخلوقة من نور النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم مستفادة من نظرية الفيض الفلوطينية وغيرها من الفلسفات‬
‫الخرى القديمة‪ ،‬وأنها ليست وليدة أفكارهم؛ وعليه فهذا التأثر بتلك‬
‫الفلسفات يفسر لنا سّر قولهم بوحدة الوجود والفناء أو التحاد بالله‬
‫صل عند أئمة القوم أنهم مخلوقون من النور‬ ‫ما تأ ّ‬
‫تعالى؛ وذلك ل ّ‬
‫المحمدي وأن النور المحمدي مخلوق من نور الله تعالى وأنهم بذلك‬
‫جزء من الذات اللهية وكذا جميع المخلوقات نتج عن ذلك قولهم‪:‬‬
‫وما الكلب والخنزير إل إلهنا وما الله إل راهب في كنيسة)‪.(5‬‬
‫وهي وحدة الوجود المطلقة التي ينعقون بها‪ .‬وأما قولهم بالفناء أو‬
‫ما‬
‫التحاد بالله تعالى فإنه نتيجة بدهية لنظرية الفيض المتقدمة؛ وذلك ل ّ‬

‫‪1‬‬
‫)( د‪ .‬النشار‪ :‬نشأة الفكر الفلسفي في السلم )‪.(225-1/219‬‬
‫‪2‬‬
‫)( د‪ .‬إبراهيم التركي‪ :‬التصوف وتأثره بالنصرانية والفلسفات القديمة ص )‪.(296‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق‪ :‬ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( نقل ً عن تاريخ الفلسفة العربية ص )‪.(31‬‬
‫‪5‬‬
‫)( انظر النفحات القدسية لمحمد بهاء الدين البيطار )‪ ،(1/338‬ط‪1314-‬هـ نقل ً عــن خطــاب‬
‫مفتوح إلى شيخ مشايخ الطرق الصوفية لعبد الرحمن الوكيل ص )‪.(44‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فاضت جميع الموجودات عن الله تعالى‪ ،‬وأن الله تعالى بزعمهم هو‬
‫ن وتشتاق إلى‬ ‫أصلها وموطنها الول الذي صدرت عنه كان لها أن تح ّ‬
‫حب‬ ‫عرف هذا النوع من الشوق عند القوم بال ُ‬
‫ذلك الموطن‪ .‬وقد ُ‬
‫اللهي‪ ،‬وهو مسلك لبعضهم للتحاد بذات الرب سبحانه وتعالى‪ ،‬وفريق‬
‫منهم سلك مسلكا ً آخر وهو مسلك التطهر والتخلص من كثافة البدن‬
‫عن طريق المجاهدات والرياضات بالجوع والسهر وغير ذلك)‪ (1‬؛ لتكون‬
‫نفسه متهيئة لذلك الموطن‪.‬‬
‫فلما فنوا في ذات الله تعالى بزعمهم صدرت عنهم نتيجة لذلك‬
‫الشطحات)‪ (2‬من دعوى اللهية والربوبية‪ ،‬وغير ذلك من عظائم المور‪.‬‬
‫والنماذج التالية لقوال أئمتهم توضح ذلك‪:‬‬
‫أبو يزيد البسطامي)‪:(3‬‬
‫يقول أبو يزيد‪) :‬أوفى صفة للعارف أن تجري فيه صفات الحق‪،‬‬
‫ويجري فيه من جنس الربوبية()‪.(4‬‬

‫‪1‬‬
‫)( انظر ص )‪.(243‬‬
‫‪2‬‬
‫)( يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي‪ :‬الشطح تعبير عما تشعر به النفس حينما تصبح لول مــرة‬
‫ن الله هي وهي هو‪ .‬ويقوم إذن علــى عتبــة التحــاد‪ .‬ويــأتي نتيجــة‬ ‫في حضرة اللوهية‪ ،‬فتدرك أ ّ‬
‫وجد عنيف ل يستطيع صاحبه كتمانه‪ ..‬وهذا هو الصل في تحريم ما يجري في النفس إبان هذه‬
‫الحال‪ ،‬لكن هل في وسعه أل ّ يذيع‪ .‬انظر‪ :‬شطحات الصوفية ص )‪ - 9‬وما بعدها(‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى البسطامي شيخ الصوفية‪ ،‬كان جده مجوسيا ً ثم أسلم‪.‬‬
‫قال الذهبي‪ :‬كان له نبأ عجيب وحال غريب‪ ،‬ونكت مليحة‪ ،‬وجــاء عنــه أشــياء مشــكلة ل مســاغ‬
‫جبــة إل‬
‫شكر مثل‪ :‬سبحاني‪ ،‬وما في ال ُ‬ ‫لها‪ ،‬الشأن في ثبوتها عنه أو قالها في حالة الدهشة أو ال ُ‬
‫ذكر للبســطامي أيض ـا ً ل مســاغ لــه؛‬ ‫الله‪ ،‬إذ ظاهرها إلحاد ا‪ .‬هـ‪ .‬قلت‪ :‬ومثل هذا العتذار الذي ُ‬
‫ن الدنيا في عصره ملى بالصالحين الـذين ُيحبـون اللـه ورسـوله صـلى اللـه عليـه وسـلم فل‬ ‫ل ّ‬
‫يصــدر مثــل هــذا اللحــاد إل مــن غلة الصــوفية‪ .‬يقــول د‪ .‬عبــد الرحمــن بــدوي‪) :‬فليــس لولئك‬
‫سكر وما ينتج عنه من شطحيات بأنه هذيان ل يؤخــذ بــه الصــوفي ول ُيلم‬ ‫الخصوم أن يتهموا ال ّ‬
‫عليه‪ .‬إنما هو عين الحق في نظر الصوفي الحق( انظر‪ :‬شطحات الصوفية ص ) ‪ .(18‬توفي أبو‬
‫يزيد سنة ‪261‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ابن خلكان‪ :‬وفيات العيــان )‪ ،(2/531‬الــذهبي‪ :‬الســير )‪،(89-13/86‬‬
‫ميزان العتدال )‪.(347-2/346‬‬
‫‪4‬‬
‫)( النور من كلمات أبي طيفور‪ :‬ص )‪ ،(156‬ضمن شــطحات الصــوفية للــدكتور عبــد الرحمــن‬
‫بدوي‪ ،‬يقول الدكتور‪ُ :‬ينسب الكتاب للسهلجي‪ ،‬ونبهنا أستاذنا ماسينيون إلــى مخطــوط بفرنســا‬
‫ورد فيه )كتاب النور )للســهلكي( فــي كلمــات البســطامي(‪ .‬انظــر الشــطحات ص )‪،48‬ـ ‪.(52‬‬
‫ن صاحب الكتاب هو أبو الفضل الفلكي‪ ،‬ذكر ذلك شيخ السلم ابن تيمية ونســب‬ ‫والذي يظهر أ َ‬
‫الكتاب المذكور إليه حيث يقول‪) :‬وقد جمع أبو الفضل الفلكي كتابا ً مــن كلم أبــي يزيــد ســماه‬
‫حســين بــن‬ ‫النور من كلم طيفور(‪ .‬مجموع الفتاوى )‪ .(13/257‬وأبو الفضل هذا هو‪ :‬علي بن ال ُ‬
‫مرًا‪ ،‬توفي ســنة ‪427‬هـــ‪.‬‬ ‫ن جده كان بارعا ً في الفلك‪ ،‬وكان صوفيا ً مش ّ‬ ‫عرف بالفلكي؛ ل ّ‬ ‫أحمد‪ُ ،‬‬
‫انظر الذهبي‪ :‬السير )‪.(17/552‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن العارف في‬ ‫ويقول‪) :‬عجبت ممن عرف الله كيف يعبده؟!()‪ (1‬؛ ل ّ‬
‫نظر البسطامي هو الذي تجري فيه صفات الحق تبارك وتعالى بما في‬
‫ذلك صفات اللوهية‪ ،‬والربوبية عن طريق الفناء‪ ،‬أو التحاد فُيصبح هذا‬
‫جزءا ً من الذات اللهية؛ لذا ظهر تعجب البسطامي كيف يعبد‬ ‫العارف ُ‬
‫ه!‪ .‬تعالى الله عن قوله علوا ً كبيرًا‪ ،‬بل زعم البسطامي أنه هو‬ ‫ه الل َ‬
‫الل ُ‬
‫ما دقّ عليه رجل الباب قال له أبو يزيد‪ :‬من تطلب؟ قال‬ ‫الله وذلك )ل ّ‬
‫مْر ويحك فليس في الدار غير الله()‪.(2‬‬ ‫أبا يزيد‪ ،‬قال أبو يزيد‪ُ :‬‬
‫سّبح‬
‫فلما تحقق عند البسطامي أنه هو الله كان من البدهي أن ي ُ َ‬
‫سبحاني ما أعظم شأني!! حسبي‬ ‫سبحاني ُ‬‫باسم نفسه حيث يقول‪ُ ) :‬‬
‫)‪(3‬‬
‫من نفسي حسبي(‬
‫سبحاني أنا ربي العلى()‪.(4‬‬ ‫ويقول أيضًا‪ُ ) :‬‬
‫سبحاني ُ‬
‫سئل عن التصوف فقال‪) :‬صفة الحق يلبسها العبد()‪.(5‬‬
‫و ُ‬
‫الحلج)‪:(6‬‬
‫ن السماء التسعة والتسعين تصير أوصافا ً للعبد(‬ ‫يقول الح ّ‬
‫لج‪) :‬إ ّ‬
‫)‪.(7‬‬
‫ويقول‪:‬‬
‫سّر سنا لهوته الثاقب‬ ‫ن أظهر ناسوته‬‫م ْ‬
‫سبحان َ‬ ‫ُ‬
‫في صورة الكل الشارب‬ ‫م بدا لخلقه ظاهرا ً‬
‫ث ّ‬

‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(109‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(84‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(101‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(79‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(110‬‬
‫لج مشــعبذا ً‬
‫حسين بن منصور بن محمي الفارسي الصوفي‪ ،‬كان جده مجوسيًا‪ ،‬وكان الح ّ‬ ‫‪6‬‬
‫)( ال ُ‬
‫دعي عند أصحابه أن اللهية حّلت فيه‪،‬‬ ‫محتال ً مقداما ً جسورا ً على السلطين مرتكبا ً للعظائم‪ ،‬وي ّ‬
‫ور فيها أفكاره الصوفية وراض نفسه على التصــوف‬ ‫قصد إلى الصين والهند في رحلة طويلة ط ّ‬
‫الهندي‪ُ .‬قتل على زندقته بحكــم مجلــس القضــاء فــي زمــن الخليفــة المقتــدر بــالله جعفــر بــن‬
‫المعتضد أحمد بن المير محمد سنة ‪359‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬السير )‪ ،(353-14/313‬والبداية والنهايــة )‬
‫‪ ،(154-11/141‬ومقدمة ديوانه ص )‪.(16‬‬
‫لج‪ :‬الطواسين ص )‪.(126‬‬ ‫‪ ()7‬الح ّ‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(8‬‬
‫كلحظة الحاجب بالحاجب‬ ‫ه‬ ‫حتى لقد عاينه خل ُ‬
‫ق ُ‬
‫وقال‪) :‬ل فرق بيني وبين ربي إل ّ في صفتين‪ ،‬وجودنا منه وقوامنا‬
‫)‪(2‬‬
‫به(‬
‫وقال‪:‬‬
‫ابتسم الموموق للوامق‬ ‫اتحد المعشوق بالعاشق‬
‫)‪(3‬‬
‫فامتحقا في عالم الماحق‬ ‫اشترك الشكلن في حالة‬
‫وقال‪:‬‬
‫فهل ظاهر في الكون إل ّ‬ ‫أنا عين الله في الشياء‬
‫)‪(4‬‬
‫عيننا‬
‫وقال‪:‬‬
‫سبحاني‬
‫سبحانك ُ‬
‫ف ُ‬ ‫أنا أنت بل شك‬
‫وعصيانك عصياني‬ ‫وتوحيدك توحيدي‬
‫)‪(5‬‬
‫وغفرانك غفراني‬ ‫وإسخاطك إسخاطي‬
‫والنهاية المتوقعة التي وصل إليها الحلج ما صّرح بها في قوله‪:‬‬
‫ي وعند المسلمين‬
‫عل ّ‬ ‫ت بدين الله والكفر واجب‬
‫كفر ُ‬
‫)‪(6‬‬
‫قبيح‬
‫ب‬ ‫ويستطيع القارىء الن أن يعرف لماذا قال الح ّ‬
‫لج‪) :‬والكفر واج ٌ‬
‫لج السبب الذي‬‫ي(‪ .‬بل وُيصر على ذلك الكفر حتى ُقتل‪ .‬وُيبين الح ّ‬
‫عل ّ‬
‫ت مع إبليس وفرعون في‬ ‫جعله ُيصر على ذلك الكفر بقوله‪) :‬تناظر ُ‬
‫)‪(7‬‬
‫ت سقط عني اسم الفتوة‪ ،‬وقال‬ ‫الفتوة ‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬إن سجد ُ‬
‫ت من منزلة الفتوة‪ ،‬وقلت أنا‪ :‬إن‬ ‫فرعون‪ :‬إن آمنت برسوله سقط ُ‬
‫‪8‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(130‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(198‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ديوان الحلج‪ ،‬ص )‪.(72‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(184‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(82‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق )ص ‪.(39‬‬
‫‪7‬‬
‫قشيري في معناها عند القوم أكثر من عشرين قول ً بعضها يدور حول المروءة‪ .‬انظر‬
‫)( ذكر ال ُ‬
‫الرسالة القشيرية ص )‪ 390‬وما بعدها(‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ت من بساط الفتوة‪ ...‬فصاحبي‬ ‫ت عن قولي ودعواي سقط ُ‬ ‫رجع ُ‬


‫هدد بالنار وما رجع عن دعواه‪،‬‬
‫وأستاذي إبليس وفرعون‪ ،‬وإبليس ُ‬
‫وفرعون أغرق في اليم وما رجع عن دعواه ولم ُيقر بالواسطة البتة‪.‬‬
‫ت عن دعواي()‪.(1‬‬ ‫ت أو ُقطعت يداي ورجلي ما رجع ُ‬ ‫صلب ُ‬ ‫وإن ُقتل ُ‬
‫ت أو ُ‬
‫نعوذ بالله من الخذلن‪.‬‬
‫ابن الفارض)‪:(2‬‬
‫مقتطفات من تائيته المسماة بـ)نظم السلوك(‪:‬‬
‫غدا همه إيثار تأثير‬ ‫حز بالول ميراث أرفع عارف‬ ‫و ُ‬
‫ة‬
‫م ِ‬‫ه ّ‬
‫ِ‬
‫بوصل على أعلى المجرة‬ ‫وته ساحبا ً أذيال عاشق‬
‫ت‬‫جّر ِ‬ ‫ُ‬
‫إلى فئة في غيره‬ ‫حد‬‫جل في فنون التحاد ول ت ِ‬
‫و ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫ت‬
‫العمر أفن ِ‬
‫به وروحي ترقت للمبادي‬ ‫فذا نفسه ر ّ‬
‫قت إلى ما بدت‬
‫العلية‬
‫ب وصل عنه‬
‫حجا َ‬ ‫وباب تخطي اتصالي بحيث ل‬
‫)‪(4‬‬
‫ت‬
‫روحي ترق ِ‬
‫ولم أنس‬ ‫حكم مظهري‬‫لهوت عن ُ‬‫ولم أله بال ّ‬
‫بالناسوت مظهر حكمتي‬
‫عزيز بي حريص‬ ‫وقد جاءني مني رسول عليه ما عنت‬
‫‪1‬‬
‫)( الطواسين‪ ،‬ص )‪.(52-50‬‬
‫‪2‬‬
‫)( عمر بن علي بن مرشد الحموي‪ ،‬ثم المصري‪ ،‬صاحب التحــاد الــذي مل بــه تــائيته‪ ،‬وحامــل‬
‫لواء الشعر‪ .‬قال الذهبي‪ :‬فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح التحاد الذي ل حيلة في وجــوده‬
‫فما في العالم زندقــة ول ضــلل اللهــم ألهمنــا التقــوى وأعــذنا مــن الهــوى‪ ،‬فيــا أئمــة الــدين أل‬
‫تغضبون للــه؟! ول حــول ول قــوة إل ّ بــالله‪ .‬انظــر‪ :‬الــذهبي‪ :‬الســير )‪ ،(369-22/368‬والعــبر )‬
‫‪ .(3/213‬وقال عنه ابن حجر‪ :‬وفي قصائده من هذا النمط فيما يتعلق بالتحاد شيء كثير‪ .‬وقــد‬
‫ت شيخنا المام سراج الدين البلقيني عــن ابــن العربــي ‪-‬الحــاتمي‪ -‬فبــادر بــأنه كــافر‪،‬‬ ‫ت سأل ُ‬
‫كن ُ‬
‫فسألته عن ابن الفارض فقال‪ :‬ل ُأحب أن أتكلم فيه‪ ،‬قلت‪ :‬فما الفرق بينهمــا والموضــع واحــد‪.‬‬
‫ي بعد إنشاد عدة أبيات بقــوله‪ :‬هــذا كفــر هــذا كفــر‪ .‬أ‪ .‬هـ ـ انظــر‪:‬‬ ‫وأنشدته من التائية فقطع عل ّ‬
‫لسان الميزان )‪.(4/318‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ديوان ابن الفارض‪ ،‬ص )‪.(41-40‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(49‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ة‬
‫لرأف ِ‬
‫ي‬
‫بآياتي عل ّ‬ ‫ي رسول ً كنت مني مرسل ً وذاتي‬
‫إل ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫استدلت‬
‫ت ويمضي‬
‫بني ُ‬ ‫ول ندّ في الدارين يقضي بنقض ما‬
‫حكم إمرتي‬
‫أمُرهُ ُ‬
‫للتساوي‬ ‫ول ضدّ في الكونين والخلق ما ترى بهم‬
‫خْلقتي‬
‫من تفاوت ِ‬
‫ت أني‬
‫فحقق ُ‬ ‫ت الساجدين لمظهري‬
‫ي شهد ُ‬
‫وف ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫كنت آدم سجدتي‬
‫شهود ولم ُتعهد عهود‬ ‫ولولي لم يوجد وجود ولم يكن‬
‫بذمتي‬
‫مرادي ُ‬
‫كل نفس‬ ‫ع ُ‬
‫وطو ُ‬ ‫ي إل من حياتي حياته‬
‫فل ح ّ‬
‫مريدة‬
‫ول سميع سواي من جميع‬ ‫ول ناطق غيري ول ناظر‬
‫الخليقتي‬
‫فما بار بالنجيل‬ ‫وإن نار بالتنزيل محراب مسجد‬
‫هيكل بيعة‬
‫يناجي بها الحبار في كل‬ ‫وأسفار توراة الكليم لقومه‬
‫ليلة‬
‫فل وجه للنكار‬ ‫د)‪ (3‬عاكف‬‫وإن خّر للحجار في الب ّ‬
‫بالعصبية‬
‫كما جاء في‬ ‫وإن عبد النار المجوس وما انطفت‬
‫الخبار في ألف حجة‬
‫سواي وإن لم‬ ‫فما قصدوا غيري وإن كان قصدهم‬

‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(55‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(51‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الجمع ب ِد َد َة ٌ وأْبداد‪ :‬بيت الصنم‪ ،‬انظر القاموس المحيط ص )‪.(340‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫يظهروا عقد نية‬
‫ابن عربي)‪:(2‬‬
‫يقول ابن عربي‪) :‬ومن عرف ما قررناه في العداد‪ ،‬وأن نفيها‬
‫عين إثباتها‪ ،‬علم أن الحق المنزه هو الخلق المشبه‪ ،‬وإن كان قد تميز‬
‫الخلق من الخالق‪ .‬فالمر الخالق المخلوق‪ ،‬والمر المخلوق الخالق‪.‬‬
‫كل ذلك عين واحدة‪ ،‬بل هو العين الواحدة‪ ،‬وهو العيون الكثيرة‪.‬‬
‫ت افْعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫))فانظر ماذا ترى َقا َ‬
‫مُر(( ]الصافات‪ ،[102:‬والولد‬ ‫ما ت ُؤ ْ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل َيا أب َ ِ‬
‫م((‬‫ظي ٍ‬ ‫ح عَ ِ‬ ‫عين أبيه‪ ،‬فما رأى يذبح سوى نفسه‪)) .‬وَفَد َي َْناه ُ ب ِذ ِب ْ ٍ‬
‫]الصافات‪ [107:‬فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان‪ .‬وظهر‬
‫جَها((‬ ‫خل َقَ ِ‬
‫من َْها َزوْ َ‬ ‫بصورة ولد‪ :‬ل‪ ،‬بل بحكم ولد من هو عين الوالد ))وَ َ‬
‫]النساء‪ [1 :‬فما نكح سوى نفسه()‪ .(3‬ويقول‪) :‬فإن ثبت أن الوجود‬
‫للحق ل لك‪ ،‬فالحكم لك بل شك في وجود الحق‪ .‬وإن ثبت أنك‬
‫الموجود فالحكم لك بل شك‪ .‬وإن كان الحاكم الحق‪ ،‬فليس له إل‬
‫إفاضة الوجود عليك‪ ،‬والحكم لك عليك‪ .‬فل تحمد إل نفسك ول تذم إل‬
‫نفسك‪ ،‬وما يبقى للحق إل حمد إفاضة الوجود‪ ،‬لن ذلك له ل لك‪ .‬ثم‬
‫أنشأ يقول‪:‬‬
‫ويعبدني وأعبده‬ ‫فيحمدني وأحمده‬
‫وفي العيان أجحده‬ ‫ففي حال أقر به‬
‫)‪(4‬‬
‫وأعرفه فاشهده‬ ‫فيعرفني وأنكره‬
‫ويقول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( ديوان ابن الفارض ص )‪.(67-66‬‬
‫‪2‬‬
‫دة‪ ،‬وكــان‬ ‫)( محيي الدين محمد بن علي بن أحمد الطائي الحاتمي المرسي‪ .‬ســكن الــروم م ـ ّ‬
‫ذكيا ً كثير العلم‪ ،‬من أردإ تواليفه كتاب الفصوص فإن كان ل كفر فيه فما في الدنيا كفر‪ .‬تــوفي‬
‫سنة ‪638‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الذهبي‪ :‬السير )‪ .(49-23/48‬ويقول الــدكتور أبــو العل عفيفــي‪ :‬فقــد قــرر‬
‫‪-‬أي ابن عربي‪ -‬مذهب وحدة الوجود فــي صــورته النهائيــة‪ ،‬ووضــع لــه مصــطلحا ً صــوفيا ً كــامل ً‬
‫استمده من كــل مصــدر وســعه أن يســتمد منــه كــالقرآن‪ ،‬والحــديث‪ ،‬وعلــم الكلم‪ ،‬والفلســفة‬
‫المشائية‪ ،‬والفلسفة الفلطونيــة الحديثــة‪ ،‬والغنوصــية المســيحية‪ ،‬والرواقيــة‪ ،‬وفلســفة فليــون‬
‫اليهودي‪ ،‬كما انتفع بمصــطلحات الســماعلية الباطنيــة‪ ،‬والقرامطــة‪ ،‬وإخــوان الصــفا‪ ،‬وفلســفة‬
‫السلم المتقدمين عليه‪ ،‬ولكنه صبغ هذه المصطلحات جميعها بصــبغته الخاصــة‪ ،‬وأعطــي لكــل‬
‫منها معنى جديدا ً يتفق مع روح مذهبه العام في وحــدة الوجــود(‪ .‬انظــر‪ :‬مقدمــة تحقيــق كتــاب‬
‫فصوص الحكم للدكتور أبو العل عفيفي )‪.(1/7‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الفصوص )‪.(1/78‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ‪ ،1‬ص )‪.(83‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫من المكلف‬
‫يا ليت شعري َ‬ ‫ب حق والعبد حق‬
‫الر ّ‬
‫ى يكلف‬
‫ب أن ّ‬
‫أو قلت ر ّ‬ ‫ت عبدٌ فذاك ميت‬
‫إن قل َ‬
‫عبد الكريم الجيلي)‪:(1‬‬
‫صله أسلفه السابقون من عقيدة وحدة الوجود‬
‫يقرر الجيلي ما أ ّ‬
‫والتحاد بالله تعالى‪.‬‬
‫يقول في ذلك‪) :‬إذا تجلى الله على عبد من عبيده في اسم من‬
‫أسمائه‪ ،‬اصطلم)‪ (2‬العبد تحت أنوار ذلك السم‪ ،‬فمتى ناديت الحق‬
‫بذلك السم أجابك العبد‪ ،‬لوقوع ذلك السم عليه‪ ،‬فأول مشهد من‬
‫تجليات السماء‪ :‬أن يتجلى الله لعبده في اسمه الموجود فيطلق هذا‬
‫السم على العبد‪ ...‬وأعلى منه تجليه في اسمه الله‪ ،‬فيصطلم العبد‬
‫لهذا التجلي ويندك جبله‪ ،‬فيناديه الحق على طور حقيقته‪ :‬إنه أنا الله‪،‬‬
‫هنالك يمحو الله اسم العبد ويثبت له اسم الله‪ .‬فإن قلت يا الله أجابك‬
‫هذا العبد لبيك وسعديك‪ ،‬فإن ارتقى وقواه الله وأبقاه بعد فنائه كان‬
‫ل‪ :‬يا محمد أجابك الله لبيك‬‫الله مجيبا ً لمن دعا هذا العبد‪ .‬فإن قلت مث ً‬
‫وسعديك()‪.(3‬‬
‫ويرى الجيلي أنه من الواصلين الذين وصلوا إلى الذات العلية‬
‫وفنوا فيها وعليه فقد صور له شيطانه أنه هو رب العزة والجلل تعالى‬
‫الله عن ذلك علوا ً كبيرًا‪ .‬فمن جرأته على الله تعالى التي قرر فيها‬
‫مذهبه وحدة الوجود والتحاد بالله قوله‪:‬‬
‫سواي فأرجو‬ ‫لي الملك في الدارين لم أر فيهما‬
‫فضله أو فأخشاه‬
‫جمال جلل الكل ما‬ ‫حزت أنواع الكمال وإنني‬
‫وقد ُ‬
‫أنا إل هو‬
‫‪1‬‬
‫)( هو عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم الجيلي‪ ،‬ابن سبط الشيخ عبد القادر الجيلني من‬
‫كبار الصوفية‪ .‬قــال عنــه شــيخ الطريقــة الُبرهانيــة‪) :‬هــو مــن أكــابر العــارفين‪ ،‬وأئمــة الصــوفية‬
‫المحققين السالكين على نهج الشيخ الكبر سيدنا محيي الدين( أي في اللحــاد والقــول بوحــدة‬
‫الوجود‪ ،‬صاحب "النسان الكامل" وكل كتبه مليئة بــالكفر واللحــاد نســأل اللــه الســلمة منهــا‪:‬‬
‫مراتب الوجود‪ ،‬شرح مشكلت الفتوحات المكية‪ ،‬النــاموس العظــم والقــاموس القــدم‪ .‬مــات‬
‫سنة ‪ 832‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬محمد عثمان عبــده البرهــاني‪ :‬تــبرئة الذمــة ص )‪ ،(36‬الزركلــي‪ ،‬العلم )‬
‫‪.(51-4/50‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الصطلم‪ :‬هو الوله الغالب على القلب‪ .‬انظر د‪ .‬الحفني‪ :‬معجم مصطلحات الصوفية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الجيلي‪ :‬النسان الكامل )‪.(1/59‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وحيوانه مع إنسه‬ ‫فمهما ترى من معدن ونباته‬


‫وسجاياه‬
‫ومن شجر أو شاهق‬ ‫ومهما ترى من أبحر وقفاره‬
‫طال أعله‬
‫أنا المتجلي في‬ ‫فإني ذاك الكل والكل مشهدي‬
‫حقيقته ل هو‬
‫جميع الورى اسم وذاتي‬ ‫وإني رب للنام وسيد‬
‫مسماه‬
‫لي الغيب‬ ‫لي الملك والملكوت نسجي وصنعتي‬
‫والجبروت مني منشاه)‪.(1‬‬
‫وعبد الكريم الجيلي هذا الذي ادعى الربوبية كما ادعاها أسلفه‪:‬‬
‫فرعون والبسطامي يرى‪) :‬أن الكفار عموما ً والمجوس واليهود‬
‫والنصارى وغيرهم من الملل والطوائف عابدون لله تعالى كما ينبغي‬
‫أن يعبد(‪ ،‬ويعلل لذلك بقوله‪) :‬لن الله تعالى أظهر في هذه الملل‬
‫حقائق أسمائه وصفاته فتجلى في جميعها بذاته فعبدته جميع هذه‬
‫الطوائف()‪.(2‬‬
‫ويفصل في كيفية تلك العبادة بقوله‪) :‬فأما الكفار فإنهم عبدوه‬
‫بالذات؛ لنه لما كان الحق سبحانه وتعالى حقيقة الوجود بأسره‪،‬‬
‫والكفار من جملة الوجود‪ ،‬وهو حقيقتهم فكفروا أن يكون لهم رب‪ ،‬لنه‬
‫تعالى حقيقتهم ول رب له بل هو الرب المطلق‪ ،‬فعبدوه من حيث ما‬
‫تقتضيه ذواتهم التي هو عينها‪ ،‬ثم من عبد منهم الوثن فلسر وجوده‬
‫سبحانه بكماله بل طول‪ ،‬ول مزج في كل فرد من أفراد ذرات الوجود‪،‬‬
‫فكان تعالى حقيقة تلك الوثان التي يعبدونها‪ ،‬فما عبدوا إل الله()‪.(3‬‬
‫ويرى الجيلي أن أفلطون اليوناني الفيلسوف قد وصل مرتبة لم‬
‫يصل إليها إل آحاد الولياء‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬ولقد اجتمعت بأفلطون الذي يعدونه أهل الظاهر‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(32-1/31‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/122‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫كافرًا‪ ،‬فرأيته وقد مل العالم الغيبي نورا ً وبهجة‪ ،‬ورأيت له مكانة لم‬
‫أرها إل لحاد الولياء فقلت له‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬أنا قطب الزمان وواحد‬
‫الوان()‪.(1‬‬
‫دعي الربوبية للعبد‬
‫فمن النماذج السابقة للغلة تبين أن بعضهم ي ّ‬
‫دعي بقاء النبوة بطريق غير مباشر‪ ،‬ولكن ظهر في هذا‬ ‫والبعض الخر ي ّ‬
‫العصر من جمع بين مقام الربوبية والنبوة للعبد في أغرب نظرية لم‬
‫يتوصل إليها فلسفة الدهور الولية ول من اقتفى أثرهم من أئمة‬
‫الصوفية جاء بها وأظهرها في أوساط المسلمين‪:‬‬
‫الخميني وشيوخه‪:‬‬
‫يقول الخميني‪) :‬قال شيخ مشايخنا أغا محمد رضا القمشة في‬
‫المعمولة لتحقيق السفار الربعة ما ملخصه‪ :‬اعلم أن السفر هو‬
‫الحركة من الموطن إلى المقصد بطي المنازل وهو صوري مستغن‬
‫عن البيان ومعنوي وهو أربعة‪ :‬الول‪ :‬السفر من الخلق إلى الحق برفع‬
‫حجب الظلمانية والنورانية التي بينه وبين حقيقته التي معه أزل ً وأبدا ً‬‫ال ُ‬
‫وأصولها ثلثة‪ :‬وهي الحجب الظلمانية والنورانية والعقلية والروحية‪ ،‬أي‬
‫بالترقي من المقامات الثلثة برفع الحجب‪ ،‬فإذا رفع الحجب يشاهد‬
‫السالك جمال الدين الحق وفنى عن ذاته وهو مقام الفناء وفيه السر‬
‫الخفي والخفى فينتهي سفره الول ويصير وجوده وجودا ً حقانيا ً‬
‫ويعرض له المحو ويصدر عنه الشطح فُيحكم بكفره فإن تداركته العناية‬
‫اللهية يزول المحو فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية‪ ،‬ثم عند النتهاء‬
‫من السفر الول يأخذ في السفر الثاني وهو السفر من الحق إلى‬
‫الحق بالحق وإنما يكون بالحق لنه صار وليًا‪ ،‬وجوده وجودا ً حقانيا ً‬
‫فيأخذ بالسلوك من الذات إلى الكمالت حتى يعلم السماء كلها إل ما‬
‫استأثره عنده فتصير وليته تامة وتفنى ذاته وصفاته في ذات الحق‬
‫وصفاته وفيه يحصل الفناء عن الفنائية الذي هو المقام الخفى وتتم‬
‫دائرة الولية وينتهي السفر الثاني ويأخذ في السفر الثالث وهو من‬
‫الحق إلى الخلق ويسلك في هذا الموقف مراتب الفعال ويحصل له‬
‫الصحو التام ويبقى بإبقاء الله ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت‬
‫والناسوت ويحصل له حظ من النبوة وليس نبوة التشريع وحينئذ ٍ ينتهي‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/52‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع وهو من الخلق إلى الخلق بالحق‬
‫فيشاهد الخلئق وآثارها ولوازمها فيعلم مضارها ومنافعها ويعلم كيفية‬
‫رجوعها إلى الله فيكون نبيا ً بنبوة التشريع()‪.(1‬‬
‫فمن خلل هذا العرض الموجز لهذه النماذج لئمة الصوفية‬
‫والشيعة المامية أهل الطريق الموصل إلى عبادة الله من خلل دين‬
‫الفلسفة الغابرين الذي هو غاية عارفيهم الذين أتعبوا أنفسهم‬
‫بالمجاهدات وأنواع الرياضات للوصول إلى مقام الفناء أو التحاد بالله‬
‫تعالى الذي يوصل صاحبه إلى نار جهنم والعياذ بالله‪.‬‬
‫يقول ابن تيمية في تصور مذهب أصحاب وحدة الوجود والتحاد‬
‫بالله تعالى‪) :‬إن تصور مذهب هؤلء كاف في بيان فساده‪ ،‬ول يحتاج مع‬
‫حسن التصور إلى أي دليل آخر()‪.(2‬‬
‫ويغلب على ظني أن جمهور الصوفية والشيعة المامية لو علموا‬
‫حقيقة مذاهب أئمتهم مع المقارنة بهدي سيد المرسلين صلى الله عليه‬
‫وسلم لنفروا منها غاية النفور ومجتها قلوبهم واتبعوا طريق النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم الموصل إلى رضوان الله تعالى وجنته‪ ،‬على فهم‬
‫سلف المة الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫المفسدة العقدية الثالثة‪ :‬اعتقاد أن النبي صلى الله عليه‬
‫خلق قبل العرش‪:‬‬
‫وسلم ُ‬
‫جاء في هذا الحديث المنسوب إلى جابر رضي الله عنه‪} :‬أن الله‬
‫تعالى خلق نور نبيه صلى الله عليه وسلم قبل الشياء{‪.‬‬
‫هذه المسألة لم يتطرق لها السلف الصالح حتى يدرجوها ضمن‬
‫إطار المناقشة في ما هو أول المخلوقات؟ إذ إن كل النقاش الذي كان‬
‫بينهم كان حول أولية العرش أو القلم‪.‬‬
‫وقول جمهور السلف رحمهم الله‪ :‬إن العرش خلق قبل القلم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪) :‬ذهب كثير من السلف والخلف إلى أن العرش‬
‫متقدم على القلم واللوح مستدلين بحديث عمران بن حصين قال‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( مصباح الهداية إلى الخلفة والولية لية الله الخميني ص )‪.(149-148‬‬
‫‪2‬‬
‫)( حقيقة مذهب التحاديين لبن تيمية ص )‪.(4‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫}إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال‪:‬‬
‫اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا‪ :‬بشرتنا فأعطنا‪ ،‬فدخل ناس من أهل‬
‫اليمن فقال‪ :‬اقبلوا البشرى أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم‪ ،‬قالوا‬
‫قبلنا‪ ،‬جئناك لنتفقه في الدين‪ ،‬ولنسألك عن أول هذا المر ما كان‪،‬‬
‫قال‪ :‬كان الله ولم يكن شيء قبله‪ ،‬وكان عرشه على الماء ثم خلق‬
‫السموات والرض‪ ،‬وكتب في الذكر كل شيء‪ ،‬ثم أتاني رجل فقال‪ :‬يا‬
‫عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت‪ ،‬فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع‬
‫دونها‪ ،‬وأيم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم{)‪ .(1‬وحملوا قوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬أول ما خلق الله القلم فقال له‪ :‬اكتب‪ .‬فقال‪ :‬وما‬
‫أكتب؟ قال‪ :‬اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة{)‪ .(2‬على هذا الخلق‬
‫َ‬
‫ة‬
‫ست ّ ِ‬
‫ض ِفي ِ‬ ‫ت َوالْر َ‬
‫وا ِ‬
‫م َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬
‫س َ‬ ‫المذكور في قوله تعالى‪)) :‬وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ماِء(( ]هود‪.(3)([7 :‬‬ ‫ه ع ََلى ال ْ َ‬ ‫ن ع َْر ُ‬
‫ش ُ‬ ‫أ َّيام ٍ وَ َ‬
‫كا َ‬
‫ونقل حكاية مذهب الجمهور أيضا ً بن كثير في تاريخه)‪ .(4‬قال‪:‬‬
‫)ويدل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ‪-‬ثم ذكر السند‪-‬‬
‫إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪} :‬كتب الله مقادير الخلئق قبل أن‬
‫يخلق السموات والرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء{‬
‫)‪.(5‬‬
‫قال ابن كثير‪) :‬قالوا‪ :‬فهذا التقدير هو كتابته بقلم المقادير وقد دل‬
‫هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت أن تقديم العرش على‬
‫القلم الذي كتب به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير ويحمل حديث‬
‫القلم على أنه أول المخلوقات من هذا العالم()‪.(6‬‬
‫وقال ابن أبي العز الحنفي)‪) :(7‬فأخبر صلى الله عليه وسلم أن‬

‫‪1‬‬
‫)( البخاري‪ :‬ك‪ .‬التوحيد‪ ،‬ب‪ .‬وكان عرشه على الماء )‪ (13/403‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( جامع الترمذي )‪ .(4/205‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح غريب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مجموع الفتاوى )‪ (2/275‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( البداية والنهاية )‪.(1/7‬‬
‫‪5‬‬
‫)( م‪ .‬ك‪ .‬القدر )‪ (16/203‬مع شرح النووي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( البداية والنهاية لبن كثير )‪.(1/7‬‬
‫‪7‬‬
‫)( محمد بن علء الدين بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي ولــي قضــاء الشــام ثــم مصــر‪،‬‬
‫ت‪ .‬سنة ‪792‬هـ‪ .‬ابن العماد‪ :‬شذرات الذهب )‪.(8/557‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫تقدير هذا العالم المخلوق في ستة أيام كان قبل خلقه بخمسين ألف‬
‫سنة وأن عرش الرب تعالى كان حينئذ على الماء()‪.(1‬‬
‫فثبت أن أهل العلم لم يتعرضوا لولية خلق النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لعدم وجود الدليل الصحيح الذي يدل على ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عند الغلة بتوسل النبياء به قبل وجوده‪:‬‬
‫يعتقد كثير من الغلة أن النبياء عليهم السلم توسلوا بحق وجاه‬
‫خلق‪.‬‬‫وذات المصطفى صلى الله عليه وسلم الشريفة قبل أن ي ُ ْ‬
‫ما‬
‫ما ضعيفة ل يحتج بها‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ما موضوعة‪ ،‬وإ ّ‬‫ويوردون في ذلك أحاديث إ ّ‬
‫صحيحة لكنها ل تدل على المراد أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫فمن تلك الحاديث ما أورده السبكي في شفاء السقام مستدل ً به‬
‫على ما ذهب إليه من القول بتوسل النبياء عليهم السلم بحق نبينا‬
‫صلى الله عليه وسلم قبل أن ُيخلق‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫)يدل على ذلك آثار عن النبياء الماضين صلوات الله وسلمه‬
‫عليهم أجمعين‪ ،‬اقتصرنا منها على ما تبين لنا صحته وهو ما رواه‬
‫الحاكم في المستدرك()‪ ...(2‬ثم ساق السند إلى عمر بن الخطاب‬
‫ما‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬ل ّ‬
‫ما غفرت لي‪،‬‬ ‫ب أسألك بحق محمد ٍ ل ّ‬
‫اقترف آدم الخطيئة قال‪ :‬يا ر ّ‬
‫ما‬
‫ب لنك ل ّ‬ ‫فقال الله‪ :‬يا آدم وكيف عرفت محمدا ً ولم أخلقه؟ قال‪ :‬يا ر ّ‬
‫ي من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم‬ ‫خلقتني بيدك‪ ،‬ونفخت ف ّ‬
‫ت أنك لم ُتضف‬ ‫العرش مكتوبا ً ل إله إل الله محمد رسول الله‪ .‬فعلم ُ‬
‫ب‬‫ب الخلق إليك‪ .‬فقال الله‪ :‬صدقت يا آدم إّنه لح ّ‬ ‫إلى اسمك إل ّ أح ّ‬
‫ي‪ ،‬ادعني بحقه فقد غفرت لك‪ ،‬ولول محمد ما خلقتك{‪ .‬قال‬ ‫الخلق إل ّ‬
‫الحاكم بعد روايته للحديث‪) :‬هذا حديث صحيح السناد‪ ،‬وهو أول حديث‬
‫ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم()‪.(3‬‬
‫هذا النص من الهمية بمكان وذلك للتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( شرح العقيدة الطحاوية لعلي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي )‪.(1/113‬‬
‫‪2‬‬
‫)( شفاء السقام في زيارة خير النام‪ .‬ص )‪.(162-161‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المستدرك )‪.(2/615‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -‬لمكانة السبكي الحديثية عند القوم؛ ولنه أكثر القوم خوضا ً في‬
‫ن خاض في‬ ‫م ْ‬ ‫نج ّ‬
‫ل َ‬ ‫مسائل التوسل والستغاثة بالنبياء والصالحين؛ وأ ّ‬
‫هذه المسائل من القوم عالة عليه)‪.(1‬‬
‫‪ -‬ولرواج ذلك على الناس‪.‬‬
‫‪ -‬ولقول السبكي‪) :‬اقتصرنا منها على ما تبين لنا صحته(‪ .‬فمفهوم‬
‫كلمه أن غير ما ذكره ضعيف عنده؛ وعليه يسقط الستدلل بجميع‬
‫الثار الخرى التي جاءت في هذا المعنى‪ ،‬وبالتالي سأقتصر على بحث‬
‫ما صححه فقط وهو حديث الحاكم الذي أورده‪ .‬وذلك من خلل النقاط‬
‫التية‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث وتصحيح الحاكم‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬مخالفة ألفاظ الحديث للعديد من نصوص الشرع الخرى‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬المفاسد العقدية المترتبة عليه‪.‬‬
‫النقطة الولى‪ :‬أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث وتصحيح‬
‫الحاكم‪.‬‬
‫وفيها مسألتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬الكلم على تصحيح الحاكم‪.‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث‪.‬‬
‫بالنظر إلى سند الحديث نجد فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‬
‫ضّعفه كل من‪ :‬النسائي)‪ ،(2‬والدارقطني)‪ ،(3‬والعقيلي)‪ ،(4‬والبيهقي)‪.(5‬‬
‫‪1‬‬
‫)( انظر‪ :‬ابن حجر الهيتمي‪ :‬الجوهر المنظم ص )‪ ،(8‬أحمد زينــي دحلن‪ :‬الــدرر الســنية‪ ،‬ص )‬
‫‪ ،(10‬يوســف النبهــاني‪ :‬شــواهد الحــق‪ ،‬ص )‪ ،(139‬محمــد علــوي المــالكي‪ :‬مفــاهيم يجــب أن‬
‫تصحح‪ ،‬ص )‪ ،(46‬راشد بن إبراهيم المريخي‪ :‬إعلم النبيل‪ ،‬ص )‪ (24‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الضعفاء والمتروكون للنسائي‪ ،‬ص )‪.(158‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المام شيخ السلم حافظ الزمان أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد صاحب السنن‪ ،‬انتهــى‬
‫إليه علم الثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع المعرفة وصحة العتقاد‪ .‬توفي سنة ‪385‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬التذكرة )‪ .(995-3/991‬وانظر‪ :‬الضعفاء والمتروكون للدارقطني‪ .‬ص )‪.(336‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الحافظ المام أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي‪ ،‬صاحب كتاب الضعفاء الكــبير‪.‬‬
‫توفي سنة ‪322‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪ ،(834-3/833‬الضعفاء الكبير للعقيلي )‪.(2/331‬‬
‫حسين بن علي الـبيهقي الشـافعي‪،‬‬ ‫‪ ()5‬المام الحافظ الع ّ‬
‫لمة شيخ خراسان أبو بكر أحمد بن ال ُ‬
‫صاحب التصانيف منها‪ :‬السماء والصفات‪ ،‬والسنن الكــبير‪ ،‬ودلئل النبــوة وغيرهــا‪ ،‬تــوفي ســنة‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫جدًا()‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫ي‬
‫وقال فيه البخاري‪) :‬ضّعفه عل ّ‬
‫وقال ابن حّبان‪) :‬كان ممن يقلب الخبار وهو ل يعلم حتى ك َُثر ذلك‬
‫في روايته من رفع المراسيل‪ ،‬وإسناد الموقوف فاستحق الترك()‪.(3‬‬
‫بل قال الحاكم نفسه عنه‪) :‬وروي عن أبيه أحاديث موضوعة ل‬
‫ن الحمل فيها عليه()‪.(4‬‬
‫يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أ ّ‬
‫فكون الحاكم يتهم عبد الرحمن بن زيد بالوضع‪ ،‬ثم يصف روايته‬
‫للحديث موضوع الدراسة بالصحة هو الذي جعل ابن حجر يتعجب من‬
‫صنيعه‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬ومن عجيب ما وقع للحاكم أنه أخرج لعبد الرحمن بن‬
‫زيد بن أسلم وقال بعد روايته‪ :‬هذا صحيح السناد وأول حديث ذكرته‬
‫لعبد الرحمن مع أنه قال في كتابه الذي جمعه عن الضعفاء‪ :‬عبد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة ‪-‬ثم ذكر قول‬
‫الحاكم السابق‪ -‬قال‪ :‬فكان هذا من عجائب ما وقع له من التساهل‬
‫والغفلة()‪.(5‬‬
‫محصلة الحكم على الحديث‪:‬‬
‫قال ابن تيمية‪) :‬ليس له أصل()‪.(6‬‬
‫وحكم عليه الذهبي بـ)الوضع()‪ ،(7‬و)البطلن()‪..(8‬‬
‫وممن حكم عليه بالوضع من المعاصرين‪ :‬محمد ناصر الدين‬
‫اللباني)‪.(9‬‬

‫‪458‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪ ،(1134-3/1132‬وطبقات الشافعية للسنوي ) ‪ ،(1/198‬ودلئل النبوة‬


‫للبيهقي )‪.(5/489‬‬
‫‪1‬‬
‫)( يعني علي بن المديني‪ ،‬حافظ العصر‪ ،‬وقدوة أرباب هذا الشأن‪ ،‬أبو الحســن علــي بــن عبــد‬
‫الله ابن جعفر المديني‪ ،‬توفي سنة ‪234‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪.(429-2/428‬‬
‫‪2‬‬
‫)( البخاري‪ :‬الضعفاء الصغير‪ ،‬ص )‪.(456‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ابن حّبان‪ :‬كتاب المجروحين )‪.(2/57‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الحاكم النيسابوري‪ :‬المدخل إلى الصحيح‪ ،‬ص )‪.(154‬‬
‫‪5‬‬
‫)( النكت )‪.(319-1/317‬‬
‫‪6‬‬
‫)( الرد على البكري ص )‪.(10-9‬‬
‫‪7‬‬
‫)( التلخيص )‪.(2/615‬‬
‫‪8‬‬
‫)( ميزان العتدال )‪.(2/504‬‬
‫‪9‬‬
‫)( السلسلة الضعيفة )‪.(1/38‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬الكلم على تصحيح الحاكم‪:‬‬


‫ل يخفى على طلبة العلم إمامة الحاكم النيسابوري)‪ (1‬في علم‬
‫الحديث‪ ،‬وما له من تصانيف عديدة في ذلك‪ ،‬منها المستدرك على‬
‫الصحيحين‪ ،‬الذي قال في شأنه‪) :‬وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث‬
‫رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما‪ ،‬وهذا‬
‫شرط الصحيح عند كافة فقهاء السلم أن الزيادة في السانيد والمتون‬
‫من الثقات مقبولة()‪ .(2‬إل ّ أنه رحمه الله توسع في شرطه‪ ،‬وتساهل‬
‫في حكمه على أحاديث بالصحة وهي على غير ذلك‪.‬‬
‫قال عنه ابن الصلح)‪) :(3‬وهو واسع الخطو في شرط الصحيح‪،‬‬
‫متساهل في القضاء به()‪.(4‬‬
‫ما التي يصححها دون‬ ‫وهذا فيما ينص الحاكم أنه على شرطهما‪ ،‬أ ّ‬
‫حكم فيها على الحديث‬‫أن يذكر أنها على شرط الشيخين‪ ،‬أو أحدهما في ُ ْ‬
‫بحسب حاله‪ :‬من الحسن‪ ،‬أو الصحة‪ ،‬أو الضعف)‪.(5‬‬
‫وقد ذكر ابن حجر مثل هذا النوع من الحاديث في القسم الثالث‬
‫من تقسيمه لحاديث المستدرك‪ :‬وهو الذي اشتمل على أحاديث يكون‬
‫إسنادها مما لم يحتج به الشيخان ل في الحتجاج ول في المتابعات‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬وقد أكثر منه)‪ (6‬الحاكم فيخرج أحاديث عن خلق‬
‫عي أنها على شرط واحد‬ ‫ليسوا في الكتابين ويصححهما‪ ،‬لكن ل يد ّ ِ‬
‫دعى ذلك على سبيل الوهم‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬ومن هنا‬ ‫منهما‪ ،‬وربما ا ّ‬
‫ل أن تجد في هذا القسم حديثا ً‬ ‫دخلت الفة كثيرا ً فيما صححه‪ ،‬وق ّ‬

‫‪1‬‬
‫ي‪،‬‬
‫)( المام‪ ،‬الحافظ‪ ،‬الكبير محمد بن عبد اللــه بــن محمــد بــن حمــدويه‪ ،‬أبــو عبــد اللــه الضــب ّ‬
‫وُيعرف بابن البّيع‪ ،‬كان من أهل الحفظ والحديث‪ ،‬صّنف الكتب الكبار والصغار منها‪ :‬المستدرك‬
‫علـى الصـحيحين‪ ،‬وعلـوم الحـديث‪ ،‬والكليـل‪ ،‬وتاريـخ نيسـابور‪ ،‬والمـدخل إلـى علـم الصـحيح‪،‬‬
‫فاظ للذهبي )‪ ،(1045-3/1039‬والبداية والنهاية )‬ ‫ح ّ‬
‫وغيرها‪ ،‬توفي سنة ‪405‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬تذكرة ال ُ‬
‫‪.(11/379‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المستدرك )‪.(3/2‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تقــي الــدين أبــو عمــرو عثمــان بــن عبــد الرحمــن المــام العلمــة‪ ،‬مفــتي الشــام ومحــدثها‬
‫الشهرزوري‪ .‬كان دّينًا‪ ،‬ورعًا‪ ،‬زاهدًا‪ ،‬ناسكا ً على طريقة السلف الصالح‪ ،‬وقد ص ـّنف كتب ـا ً كــثيرة‬
‫مفيدة في علوم الحديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬توفي سنة ‪643‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬البداية والنهاية )‪.(180-13/179‬‬
‫‪4‬‬
‫)( مقدمة ابن الصلح‪ ،‬ص )‪.(18‬‬
‫‪5‬‬
‫)( انظر‪ :‬التقييد واليضاح شرح مقدمة ابن الصلح للعراقي‪ ،‬ص )‪.(18‬‬
‫‪6‬‬
‫)( أي من القسم الثالث‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يلتحق بدرجة الصحيح فضل ً عن أن يرتفع إلى درجة الشيخين()‪.(1‬‬


‫وقال عنه في اللسان‪) :‬إمام صدوق ولكنه يصحح في مستدركه‬
‫أحاديث ساقطة فيكثر من ذلك فما أدري هل خفيت عليه؟! فما هو‬
‫ممن يجهل ذلك‪ ،‬وإن علم فهو خيانة عظيمة‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬والحاكم‬
‫م خطرا ً وأكبُر ذكرا ً من أن ُيذكر في الضعفاء لكن قيل‬
‫ل قدرا ً وأعظ ُ‬
‫أج ّ‬
‫في العتذار عنه أنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره‪،‬‬
‫وذكر بعضهم أنه حصل له تغيير وغفلة في آخر عمره‪ ،‬ويدل على أنه‬
‫ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع من‬
‫الحتجاج بهم‪ ،‬ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها‪ ،‬ومن‬
‫ذلك أنه أخرج حديثا ً لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ .(2)(...‬وعبد الرحمن‬
‫بن زيد هذا هو الذي عليه مدار سند الحديث موضوع الدراسة‪ ،‬قد مّر‬
‫بنا قول الحاكم فيه وتعليق ابن حجر عليه عند ذكر أقوال علماء الجرح‬
‫والتعديل في بيان حال عبد الرحمن‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية‪) :‬ولهذا كان أهل العلم ل يعتمدون على مجرد‬
‫تصحيح الحاكم‪ ،‬وإن كان غالب ما يصححه فهو صحيح‪ ،‬لكن هو في‬
‫الصحيحين بمنزلة الثقة الذي يكثر غلطه‪ ،‬وإن كان الصواب أغلب عليه‪.‬‬
‫وليس فيمن يصحح الحديث أضعف من تصحيحه()‪.(3‬‬
‫لذا فل يعتمد على تصحيح الحاكم وحده‪.‬‬
‫وعليه يسقط الحتجاج بالحديث سندا ً ومتنًا‪ ،‬ويدل على ذلك‬
‫مخالفته للثابت من نصوص الشرع‪:‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬مخالفة ألفاظ الحديث للعديد من نصوص‬
‫الشرع‪:‬‬
‫وتتجلى تلك المخالفة في التي‪:‬‬
‫ما غفرت لي{‪ .‬وهو‬ ‫ب أسألك بحق محمد ل ّ‬ ‫ل‪ :‬لفظ‪} :‬يا ر ّ‬ ‫أو ً‬
‫مخالف لظاهر القرآن‪ ،‬قال تعالى في شأن آدم عليه السلم‪)) :‬فَت َل َ ّ‬
‫قى‬
‫م(( ]البقرة‪.[37:‬‬ ‫حي ُ‬
‫ب الّر ِ‬‫وا ُ‬ ‫ب ع َل َي ْهِ إ ِن ّ ُ‬
‫ه هُوَ الت ّ ّ‬ ‫ت فََتا َ‬ ‫ن َرب ّهِ ك َل ِ َ‬
‫ما ٍ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬
‫آد َ ُ‬

‫‪1‬‬
‫)( ابن حجر‪ :‬النكت على كتاب ابن الصلح‪ ،‬ص )‪.(318-317‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لسان الميزان )‪ ،(5/233‬وانظر‪ :‬تدريب الراوي للسيوطي )‪.(1/106‬‬
‫‪3‬‬
‫)( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة‪ ،‬ص )‪.(175‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قال ابن جرير‪) :‬اختلف أهل التأويل في أعيان الكلمات التي تلقاها‬
‫آدم من ربه(‪.‬‬
‫ب أسألك‬
‫ن حديث‪} :‬يا ر ّ‬
‫‪ -‬ثم ذكر سبعة أقوال لم يذكر من بينه ّ‬
‫بحق محمد لما غفرت لي{‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهذه القوال التي حكيناها عمن حكيناه عنه‪ ،‬وإن كانت‬
‫قى آدم‬ ‫ل ثناؤه ل ّ‬ ‫ن الله ج ّ‬ ‫ن معانيها متفقة في أ ّ‬ ‫مختلفة اللفاظ فإ ّ‬
‫ن‬
‫ن وتاب بقيله وعمله به ّ‬ ‫ن وعمل به ّ‬ ‫ن آدم من رّبه فقبله ّ‬ ‫قاهُ ّ‬ ‫كلمات‪ ،‬فتل ّ‬
‫إلى الله من خطيئته معترفا ً بذنبه‪ ،‬متنصل ً إلى ربه من خطيئته‪ ...‬إلى‬
‫ن آدم من‬ ‫قاهُ ّ‬ ‫ن الكلمات التي تل ّ‬ ‫قوله‪ :‬والذي عليه كتاب الله تعالى‪ ،‬أ ّ‬
‫مَنا‬ ‫فْر ل ََنا وَت َْر َ‬
‫ح ْ‬ ‫م ت َغْ ِ‬‫ن لَ ْ‬
‫سَنا وَإ ِ ْ‬
‫ف َ‬ ‫مَنا َأن ُ‬
‫ن قوله تعالى‪َ)) :‬رب َّنا ظ َل َ ْ‬ ‫ربه ه ّ‬
‫ن(( ]العراف‪.[23:‬‬ ‫ري َ‬
‫س ِ‬
‫خا ِ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫ل َن َ ُ‬
‫كون َ ّ‬
‫ثم أفادنا رحمه الله بقوله‪) :‬وهذا الذي أخبر الله عن آدم من قيله‬
‫قاه إياه فقاله تائبا ً إليه من خطيئته تعريف منه جل ذكره جميع‬
‫الذي ل ّ‬
‫المخاطبين بكتابه بكيفية التوبة إليه من الذنوب()‪.(1‬‬
‫ب أسألك بحق‬ ‫قال ابن تيمية‪) :‬فلو كان آدم قد قال هذا ‪}-‬يا ر ّ‬
‫ما غفرت لي{ ‪ -‬لكانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم أحق‬ ‫محمد ل ّ‬
‫به منه‪ ،‬بل لكان النبياء من ذريته أحق به منه‪ ،‬وقد علم كل عالم‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته به‪ ،‬ول نقل عن أحد‬ ‫بالثار أ ّ‬
‫من الصحابة الخيار‪ ،‬ول نقله أحد من العلماء البرار‪ ،‬فعلم أنه من‬
‫أكاذيب أهل الوضع والختلق‪ ،‬الذين وضعوا من الحاديث أكثر مما‬
‫ن الله فّرق بين الحق والباطل بأهل‬ ‫بأيدي المسلمين من الصحيح‪ ،‬لك ّ‬
‫النقد العارفين بالنقل علماء الجرح والتعديل()‪.(2‬‬
‫وقال في موضع آخر‪) :‬ومثل هذا ل يجوز أن ُتبنى عليه الشريعة‪،‬‬
‫ن هذا من جنس‬ ‫ول يحتج به في الدين باتفاق المسلمين‪ ،‬فإ ّ‬
‫السرائيليات ونحوها والتي ل يعلم صحتها إل ّ بنقل ثابت عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وهذه لو نقلها مثل كعب الحبار‪ ،‬ووهب بن منبه‪،‬‬
‫وأمثالهما ممن ينقل أخبار المبتدأ وقصص المتقدمين عن أهل الكتاب‬
‫جز أن يحتج بها في دين المسلمين باتفاق المسلمين‪ ،‬فكيف إذا‬ ‫لم ي ُ‬
‫‪1‬‬
‫)( جامع البيان )‪.(283-1/280‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الرد على البكري ص )‪.(11-9‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫نقلها من ل ينقلها ل عن أهل الكتاب ول عن ثقات علماء المسلمين‪ ،‬بل‬


‫ينقلها عمن هو عند المسلمين مجروح ضعيف ل يحتج بحديثه‪،‬‬
‫واضطرب اضطرابا ً يعرف به أنه لم يحفظ ذلك()‪.(1‬‬
‫ثانيًا‪ :‬لفظ‪} :‬لول محمد ما خلقتك{)‪ (2‬ومخالفة هذه العبارة لصريح‬
‫ن((‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫دو ِ‬ ‫لن َ‬
‫ن َوا ِ‬ ‫ت ال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬
‫القرآن واضحة قال الله تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫]الذاريات‪.[56:‬‬
‫قال الماوردي‪ :‬فيها تأويلت‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬إل ليقروا لي بالعبودية‪ ،‬قاله ابن عباس‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إل لمرهم وأنهاهم‪ ،‬قاله مجاهد)‪.(3‬‬
‫الثالث‪ :‬إل لجبلهم على الشقاء والسعادة‪ ،‬قاله زيد بن أسلم)‪.(4‬‬
‫الرابع‪ :‬إل للعبادة وهو الظاهر)‪.(5‬‬
‫قال الشوكاني)‪) :(6‬ول ّ‬
‫ن خلقهم للعبادة مما ُينشط الرسول للتذكير‬
‫وُينشطهم للجابة()‪.(7‬‬
‫وبالرجوع إلى عدد ٍ من مصادر التفسير المعتمدة عند عامة‬
‫المسلمين)‪.(8‬‬
‫سر هذه الية بحديث‪} :‬لول محمد ما خلقتك{‬ ‫لم أقف على من ف ّ‬
‫ولو بقول مرجوح‪ ،‬ولو كان الحديث معتمدا ً عند أهل العلم لكان أولى‬

‫‪1‬‬
‫)( انظر المصدر السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن ما قبلها يحتاج إلى شيء من البسط‪.‬‬ ‫)( قدمت هذه العبارة على التي قبلها؛ ل َ‬
‫‪3‬‬
‫)( المام أبو الحجاج مجاهد بــن جــبر المخزومــي مــولهم المقرىــء المفســر الحــافظ‪ .‬ســمع‬
‫عائشة‪ ،‬وأبا هريرة‪ ،‬وعبد الله بن عمر‪ ،‬وابن عّباس ولزمه مدة‪ ،‬وقرأ عليه القــرآن‪ ،‬وكــان أحــد‬
‫أوعية العلم‪ ،‬توفي سنة ‪103‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة‪.(1/92) :‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المام أبو عبد الله العمري المدني الفقيه‪ ،‬روى عن موله عبد الله بن عمر‪ ،‬وجابر بن عبــد‬
‫الله وأنس وغيرهم‪ .‬له تفسير يرويه عنه ولده‪ .‬تــوفي ســنة ‪136‬هـــ‪ .‬انظــر‪ :‬التــذكرة )‪-1/132‬‬
‫‪.(133‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الماوردي‪ :‬النكت والعيون )‪.(375-5/374‬‬
‫‪6‬‬
‫)( محمد بن علي بن محمــد الشــوكاني مــن كبــار علمــاء اليمــن‪ ،‬مــن كتبــه‪ :‬فتــح القــدير فــي‬
‫التفسير‪ ،‬ونيل الوطار‪ ،‬والبدر الطالع بمحاسن ما بعد القرن السابع‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪1250‬هـ‪ .‬العلم‬
‫للزركلي )‪.(6/298‬‬
‫‪7‬‬
‫)( فتح القدير )‪.(5/89‬‬
‫‪8‬‬
‫)( انظر‪ :‬الطبري‪ ،‬جامع البيان )‪ (476-11/475‬القرطبي‪ .‬الجــامع لحكــام القــرآن )‪،(18/37‬‬
‫ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم )‪.(4/238‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ما ُيفسر به كتاب الله تعالى‪.‬‬


‫ثالثا ً‪ :‬لفظ‪} :‬ادعني بحقه فقد غفرت لك{‪.‬‬
‫ن قبلنا‪ ،‬وهو شرع لنا‪ :‬أقول في‬
‫م ْ‬
‫من شرع َ‬ ‫فلو قيل إن هذا ِ‬
‫الجواب عن ذلك‪ :‬هذا المر ل يثبت إل ّ بطريقين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يأتينا الخبر عن الله تعالى في كتابه أو على لسان‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يخبرنا الله تعالى عن ذلك ول صح‬
‫عن رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عن طريق أهل الكتاب‪ ،‬وهو طريق مظلم‪ ،‬فقد أخبرنا‬
‫م‬‫ضه ِ ْ‬‫ق ِ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫الله تعالى عن تحريفهم وتبديلهم لكتبهم قال تعالى‪)) :‬فَب ِ َ‬
‫ه‬
‫ضعِ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ن ال ْك َل ِ َ‬ ‫حّرُفو َ‬ ‫ة يُ َ‬ ‫م َقا ِ‬
‫سي َ ً‬ ‫جعَل َْنا قُُلوب َهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ل َعَّناهُ ْ‬ ‫ميَثاقَهُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ه(( ]المائدة‪ [13 :‬الية‪.‬‬ ‫ما ذ ُك ُّروا ب ِ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ظا ِ‬‫ح ّ‬ ‫سوا َ‬ ‫وَن َ ُ‬
‫خذ َ الل ّه ميَثاقَ ال ّذي ُ‬ ‫وقال تعالى‪)) :‬وَإ ِذ ْ أ َ َ‬
‫س‬
‫ه ِللّنا ِ‬ ‫ب ل َت ُب َي ّن ُن ّ ُ‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ ِ‬
‫ما‬ ‫س َ‬ ‫مًنا قَِليًل فَب ِئ ْ َ‬ ‫شت ََرْوا ب ِهِ ث َ َ‬
‫م َوا ْ‬ ‫ذوه ُ وََراَء ظ ُُهورِه ِ ْ‬ ‫ه فَن َب َ ُ‬
‫مون َ ُ‬‫َول ت َك ْت ُ ُ‬
‫ن(( ]آل عمران‪ .[187:‬وهو أمر أظهر من أن يستدل عليه‪.‬‬ ‫شت َُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫وعليه فل تدخل هذه المسألة تحت الصل المختلف فيه‪) :‬هل‬
‫شرع من قبلناشرع لنا؟(‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪) :‬وهذا إنما هو فيما ثبت أنه شرع لمن قبلنا من نقل‬
‫ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أو ما تواتر عنهم ل كما يروى على‬
‫هذا الوجه()‪.(1‬‬
‫وقال المدي)‪) :(2‬اختلفوا في النبي صلى الله عليه وسلم وأمته‪،‬‬
‫قل عن أصحاب أبي‬ ‫بعد البعث هل هم متعبدون بشرع من تقدم؟ فن ُ ِ‬
‫حنيفة‪ ،‬وعن أحمد في إحدى الروايتين‪ ،‬وعن بعض أصحاب الشافعي‪:‬‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متعبدا ً بما صح من شرائع من قبلنا‬
‫بطريق الوحي إليه‪ ،‬ل من جهة كتبهم المبدلة ونقل أربابها()‪.(3‬‬
‫‪1‬‬
‫)( قاعدة جليلة ص )‪.(176‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد التغلبي‪ ،‬الشــيخ ســيف الــدين المــدي‪ ،‬كــان حســن‬
‫الخلق‪ ،‬سليم الصدر‪ ،‬كثير البكاء‪ ،‬رقيق القلب‪ ،‬وقــد تكلمــوا فيــه بأشــياء اللــه أعلــم بصــحتها‪،‬‬
‫والذي يغلب عليه الظن أنه ليس لغالبهــا صـحة‪ ،‬لــه مصـنفات منهــا‪ :‬أبكـار الفكـار فــي الكلم‪،‬‬
‫أحكام الحكام في الصول‪ .‬توفي سنة ‪631‬هـــ‪ .‬انظــر‪ :‬طبقــات الشــافعية للســنوي ) ‪،(1/137‬‬
‫والبداية والنهاية )‪.(13/151‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الحكام في أصول الحكام )‪.(2/123‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وهذا فيما لم يؤمر به صلى الله عليه وسلم أو ينه عنه أو يأت ما‬
‫ينسخه‪.‬‬
‫وفي هذا يقول الدكتور عبد الرحمن الدرويش‪) :‬فيجب تقييد قاعدة‬
‫الحتجاج بشرع من قبلنا بما ورد في شرعنا أنه شرع لمن قبلنا مما‬
‫قصه الله أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم وليس في شرعنا ما‬
‫ينسخه أو يقره شرعا ً لنا()‪.(1‬‬
‫فإذا ً تبين أن دليلهم الذي استدلوا به ل تقوم به حجة لضعفه‪،‬‬
‫فاعلم أن نفرا ً من القوم)‪ (2‬قد ذكروا بعض الثار مستدلين بها على أن‬
‫ذلك النوع من التوسل قد جاء في شرعنا ما يدل عليه فمن ذلك‪:‬‬
‫حديث فاطمة بنت أسد)‪ (3‬رضي الله عنها وفيه‪} :‬اغفر لمي فاطمة‬
‫بنت أسد ووسع مدخلها بحق نبيك والنبياء من قبلي{‪.‬‬
‫هذا الحديث رواه الطبراني)‪ (4‬في الكبير)‪ (5‬بسنده إلى أنس بن‬
‫مالك رضي الله عنه‪ ،‬ومن طريقه أبو نعيم في الحلية)‪.(6‬‬
‫ورواه الحاكم)‪ (7‬بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه‬
‫وليس فيه لفظ‪} :‬بحق نبيك والنبياء الذين من قبلي{‪ .‬ورواه ابن عبد‬

‫‪1‬‬
‫)( الشرائع السابقة ومدى حجيتها في الشريعة السلمية ص )‪.(262‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر دحلن‪ :‬الدرر السنية‪ .‬ص )‪ ،(7‬محمد زاهــد الكــوثري‪ .‬مقــالت الكــوثري‪ ،‬ص )‪،(467‬‬
‫محمد عثمان عبده البرهاني‪ :‬تبرئة الذمة‪ .‬ص )‪ ،(266‬محمد علوي المالكي‪ :‬مفــاهيم يجــب أن‬
‫تصحح‪ ،‬ص )‪.(65‬‬
‫‪3‬‬
‫)( فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف الهاشمية‪ ،‬والدة علي وإخــوته رضــي اللــه عنهــم‪،‬‬
‫أسلمت وهاجرت‪ .‬توفيت بالمدينة‪ .‬انظر‪ :‬الصابة )‪ ،(13/77‬رقم )‪.(828‬‬
‫‪ ()4‬المام الحافظ الع ّ‬
‫لمة أبو القاسم ســليمان بــن أحمــد اللخمــي الطــبراني مســند الــدنيا لــه‬
‫المعجم الكبير والمتوسط والصغير وغير ذلك ت‪ .‬سنة ‪360‬هـ‪ .‬تذكرة الحفاظ )‪.(3/912‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المعجم الكبير )‪.(24/351‬‬
‫‪6‬‬
‫)( حلية الولياء )‪.(3/121‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المستدرك )‪.(3/108‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫البر)‪ (1‬في الستيعاب)‪ (2‬وابن الثير)‪ (3‬في أسد الغابة)‪ (4‬من حديث ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما وليس فيه ذلك اللفظ المخالف‪.‬‬
‫فظهر بهذا مخالفة رواية أنس بن مالك المتقدمة لرواية علي بن‬
‫أبي طالب وابن عباس رضي الله عن الجميع‪ ،‬ل سيما إذا علمنا أن‬
‫رواية أنس بن مالك رضي الله عنه تفرد بها راوٍ ضعيف‪.‬‬
‫قال أبو نعيم بعد ذكر رواية أنس رضي الله عنه‪) :‬غريب من‬
‫حديث عاصم والثوري‪ ،‬لم نكتبه إل ّ من حديث روح بن صلح تفرد به(‬
‫)‪.(5‬‬
‫وقال الهيثمي‪) :‬لم يروه عن عاصم إل سفيان تفرد به روح بن‬
‫صلح()‪.(6‬‬
‫وروح بن صلح هذا‪:‬‬
‫قال عنه الدارقطني‪) :‬ضعيف في الحديث()‪.(7‬‬
‫وقال ابن عدي)‪) :(8‬في بعض حديثه ن ْ‬
‫كرة()‪.(9‬‬
‫وقال الهيثمي‪) :‬وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف()‪.(10‬‬
‫وعلق اللباني على عبارة الهيثمي بقوله‪) :‬ولكن قد ضّعفه من‬
‫قوله أرجح من قولهما لمرين‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المام‪ ،‬شيخ السلم‪ ،‬حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد الله بــن محمــد بــن عبــد الــبر‬
‫القرطبي‪ ،‬له تصانيف منها‪ :‬التمهيد‪ ،‬الســتذكار وهــو مختصــر للتمهيــد‪ ،‬الســتيعاب فــي معرفــة‬
‫الصحاب‪ ،‬والكافي على مذهب المام مالــك‪ .‬تــوفي ســنة ‪463‬هـــ‪ .‬انظــر‪ :‬التــذكرة )‪-3/1128‬‬
‫‪.(1130‬‬
‫‪2‬‬
‫)( )‪.(4/1891‬‬
‫لمة عز الدين أبو الحسن علي بن عبــد الكريــم الجــزري‪ ،‬المعــروف بــابن الثيــر‪،‬‬‫‪ ()3‬المام الع ّ‬
‫مصنف كتاب أسد الغابة في أسماء الصحابة‪ ،‬وكتاب الكامل في التاريــخ‪ ،‬تــوفي ســنة ‪630‬هـــ‪.‬‬
‫انظر البداية والنهاية )‪.(13/149‬‬
‫‪4‬‬
‫)( )‪.(7/217‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الحلية )‪.(3/121‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مجمع البحرين في زوائد المعجمين )‪.(6/362‬‬
‫‪7‬‬
‫ت تضعيف الدارقطني لروح مــن اللســان؛ لنــي لــم أجــد لــه‬ ‫)( لسان الميزان )‪) .(2/446‬نقل ُ‬
‫ترجمة في الضعفاء للدارقطني(‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫جرجاني‪ ،‬صاحب الكامــل فــي الضــعفاء‪.‬‬ ‫)( المام الحافظ الكبير أبو أحمد عبد الله بن عدي ال ُ‬
‫توفي سنة ‪365‬هـ‪ .‬انظر التذكرة )‪.(942-3/940‬‬
‫‪9‬‬
‫)( الكامل في الضعفاء )‪.(3/1005‬‬
‫‪10‬‬
‫)( مجمع الزوائد )‪.(9/257‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الول‪ :‬أنه جرح‪ ،‬والجرح مقدم على التعديل بشرطه‪.‬‬


‫الخر‪ :‬أن ابن حبان متساهل في التوثيق‪ ،‬فإنه كثيرا ً ما يوثق‬
‫المجهولين حتى الذين يصرح هو نفسه أنه ل يدري من هو ول من‬
‫أبوه‪ ...‬ومثله في التساهل الحاكم كما ل يخفى على المتضلع بعلم‬
‫التراجم والرجال‪ ،‬فقولهما عند التعارض ل يقام له وزن حتى لو كان‬
‫الجرح مبهما ً لم يذكر سببه فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلح‬
‫هذا‪ .‬فأنت ترى أئمة الجرح والتعديل قد اتفقت عباراتهم على تضعيف‬
‫هذا الرجل وبينوا أن السبب رواياته المناكير‪ ،‬فمثله إذا انفرد بحديث‬
‫يكون منكرا ً ل يحتج به‪ ،‬فل يغتر بعد هذا بتوثيق من سبق ذكره إل‬
‫جاهل أو مغرض()‪ .(1‬وعليه فالحديث ضعيف)‪.(2‬‬
‫دليلهم الثاني‪ :‬حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‪} :‬من خرج‬
‫من بيته إلى الصلة فقال‪ :‬اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك‬
‫وأسألك بحق ممشاي هذا‪ {...‬وله طريقان‪:‬‬
‫في عمل اليوم والليلة)‪،(5‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫الول‪ :‬رواه ابن ماجة)‪ ،(3‬وابن السني‬
‫وأحمد)‪ (6‬مرفوعًا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيه عطية العوفي ضّعفه كل من‪ :‬يحيى بن معين)‪،(7‬‬
‫والنسائي)‪ ،(8‬وأحمد بن حنبل)‪ ،(9‬وأبو داود السجستاني)‪.(10‬‬
‫وقال الذهبي‪) :‬مجمع على تضعيفه()‪.(11‬‬
‫وقال ابن حبان‪) :‬سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث‪ ،‬فلما مات‬
‫‪1‬‬
‫)( السلســلة الضــعيفة )‪ ،(33-1/32‬وانظــر تحفــة القــارىء فــي الــرد علــى الغمــاري لحمــاد‬
‫النصاري‪ .‬ص )‪ (45‬ضمن مقالت مجلة الجامعة السلمية بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر‪ :‬السلسلة الضعيفة )‪.(1/33‬‬
‫‪3‬‬
‫)( جه )‪.(1/256‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الحافظ المام الثقة أبو بكر أحمد بن إسحاق الدينوري ُيعرف بــابن ال ُ‬
‫شــني‪ ،‬صــاحب كتــاب‬
‫عمل اليوم والليلة‪ ،‬وراوي سنن النسائي‪ ،‬مات ‪364‬هـ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ص )‪.(42‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المسند )‪ - 3/21‬المكتب السلمي‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( انظر‪ :‬الضعفاء للعقيلي )‪) .(2/359‬لم أجد ترجمة عطية في تاريخ ابن معين المطبوع(‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( النسائي‪ :‬الضعفاء والمتروكون ص )‪.(185‬‬
‫‪9‬‬
‫)( أحمد بن حنبل‪ :‬العلل ومعرفة الرجال )‪.(1/198‬‬
‫‪10‬‬
‫)( سؤالت أبي عبيدة الجري أبا داود في الجرح والتعديل ص )‪.(105‬‬
‫‪11‬‬
‫)( المغني في الضعفاء للذهبي )‪.(2/436‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ل ُيجالس الكلبي)‪ ،(1‬ويحضر قصصه‪ ،‬فإذا قال الكلبي‪ :‬قال‬ ‫جعَ َ‬


‫أبو سعيد َ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا‪ ،‬يحفظه‪ ،‬وكّناه أبا سعيد‪ ،‬ويروي‬
‫عنه‪ ،‬فإذا قيل له من حدثك بهذا؟ فيقول‪ :‬حدثني أبو سعيد‪ ،‬فيتوهمون‬
‫أنه يريد أبا سعيد الخدري‪ ،‬وإنما أراد الكلبي‪ .‬فل يحل الحتجاج به‪ ،‬ول‬
‫كتابة حديثه إل على جهة التعجب()‪.(2‬‬
‫وقال ابن حجر‪) :‬ضعيف الحفظ مشهور بالتدليس القبيح()‪.(3‬‬
‫وفيه أيضا ً فضيل بن مرزوق‪:‬‬
‫قال عنه ابن أبي حاتم)‪) :(4‬سألت أبي)‪ (5‬عن فضيل بن مرزوق‬
‫فقال‪ :‬هو صدوق صالح الحديث يهم كثيرا ً يكتب حديثه‪ ،‬قل ُ‬
‫ت‪ :‬يحتج به؟‬
‫قال‪ :‬ل)‪.(6‬‬
‫وقال ابن حبان‪) :‬منكر الحديث جدًا‪ ،‬كان ممن يخطىء كثيرا ً على‬
‫الثقات‪ ،‬ويروي عن عطية الموضوعات‪ ،‬وعن الثقات الشياء‬
‫المستقيمة؛ فاشتبه أمره‪ ،‬والذي عندي أن كل ما روي عن عطية من‬
‫المناكير ُيلزق ذلك كله بعطية ويبرأ فضيل منها‪ ،‬وفيما وافق الثقات من‬
‫الروايات عن الثبات يكون محتجا ً به‪ ،‬وفيما انفرد على الثقات ما لم‬
‫ُيتابع عليه ُيتنكب عنها في الحتجاج()‪.(7‬‬
‫ضّعف()‪.(8‬‬
‫وقال الذهبي‪) :‬روى عن عطية و ُ‬
‫وقال ابن حجر‪) :‬صدوق يهم وُرمي بالتشيع()‪.(9‬‬
‫وأما الطريق الثاني‪ :‬فرواه ابن السني من حديث بلل بن رباح‬
‫‪1‬‬
‫سابة المفسر‪ ،‬متهــم بالكــذب‪،‬‬
‫)( هو‪ :‬محمد بن السائب بن بشير الكلبي‪ ،‬أبو نصر الكوفي‪ ،‬الن ّ‬
‫ورمي بالرفض‪ ،‬مات سنة ‪146‬هـ‪ .‬انظر التقريب )‪.(2/163‬‬
‫‪2‬‬
‫)( كتاب المجروحين لبن حبان )‪.(2/176‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ابن حجر‪ :‬تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس‪ .‬ص )‪.(130‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المام الحافظ الناقد شيخ السلم أبو محمد عبــد الرحمــن ابــن الحــافظ الكــبير أبــي حــاتم‬
‫الرازي‪ ،‬له كتاب الجرح والتعديل‪ ،‬وكتاب في التفسير‪ ،‬ومصنف كبير فــي الــرد علــى الجهميــة‪،‬‬
‫توفي سنة ‪327‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪.(831-3/829‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المام الحـافظ الكـبير محمـد بـن إدريـس بـن المنـذر الحنظلـي‪ ،‬أحـد العلم‪ .‬تـوفي سـنة‬
‫‪277‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪.(569-2/567‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ابن أبي حاتم‪ :‬الجرح والتعديل )‪.(7/75‬‬
‫‪7‬‬
‫)( ابن حّبان‪ :‬كتاب المجروحين )‪.(2/259‬‬
‫‪8‬‬
‫)( ميزان العتدال )‪.(3/363‬‬
‫‪9‬‬
‫)( ابن حجر‪ :‬التقريب )‪.(2/113‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ول يصلح للستشهاد‪ ،‬لن فيه‪:‬‬ ‫رضي الله عنه‬
‫الوازع بن نافع العقيلي‪ :‬قال عنه النسائي‪) :‬متروك الحديث()‪.(2‬‬
‫وقال البخاري‪) :‬منكر الحديث()‪.(3‬‬
‫وكان أبو حاتم الرازي يأمر بالضرب على أحاديثه)‪.(4‬‬
‫فهذه حال من عليه مدار الحديث وهم ما بين مجمع على تضعيفه‬
‫ومن ل يحتج به وما بين متروك منكر الحديث‪ .‬بجانب هذا عنعنة عطية‬
‫العوفي وهو مشهور بالتدليس القبيح‪ .‬فواحدة من هذه العلل تكفي لرد‬
‫دليلهم فكيف بها إذا اجتمعت‪.‬‬
‫وممن قال بضعف هذا الحديث الشيخ اللباني)‪.(5‬‬
‫هذه هي أهم أدلة القوم في التوسل بحق وجاه وذات النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم)‪ ،(6‬وبالرجوع لهل هذا الشأن من جهابذة الحديث‬
‫وصيارفته علماء الجرح والتعديل ظهر جليا ً أ ّ‬
‫ن أدلتهم ل يبنى على مثلها‬
‫ما يعتقده المسلم ويرجو أن يلقى به ربه في يوم ل ينفع فيه مال ول‬
‫بنون إل من أتى الله بقلب سليم‪.‬‬
‫ما‬
‫النقطة الثالثة‪ :‬المفاسد العقدية المترتبة على حديث‪} :‬ل ّ‬
‫اقترف آدم الخطيئة{‪ .‬المفسدة الولى‪ :‬ظهور البدع)‪ (7‬وتفشيها في‬
‫أوساط المسلمين‪ ،‬وعبادة الله بغير ما شرع‪ ،‬فالتوسل بالحق والجاه‬
‫والذات أمر محدث مبتدع لم يأذدن الله تعالى به‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪) :‬ومن سأل الله تعالى بالمخلوقين أو أقسم‬

‫‪1‬‬
‫)( الحبشي‪ ،‬مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬مات بالشام سنة ‪20‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الصابة )‬
‫‪ ،(274-1/273‬رقم )‪.(732‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الضعفاء والمتروكون‪ ،‬ص )‪.(231‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الضعفاء الصغير‪ ،‬ص )‪.(495‬‬
‫‪4‬‬
‫)( انظر‪ :‬الجرح والتعديل )‪.(40-9/39‬‬
‫‪5‬‬
‫)( السلسلة الضعيفة )‪.(1/34‬‬
‫‪6‬‬
‫)( لهم أدلة أخرى لم أتطرق إليها خشية الطالة‪ ،‬ولشباع الكلم عليها في كتب أخرى‪ ،‬انظــر‪:‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة‪ ،‬السهسواني‪ :‬صيانة النسان عن وسوسة الشيخ‬
‫ســليمان بــن ســحمان النجــدي‪ :‬الصــواعق المرســلة الشــهابية علــى ال ّ‬
‫شــبه الداحضــة‬ ‫دحلن‪ُ ،‬‬
‫الشامية‪ ،‬اللباني‪ :‬التوسل‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( البدعة هي‪ :‬طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية ُيقصد بالسلوك عليها المبالغة فــي‬
‫التعبد لله سبحانه وتعالى‪ .‬الشاطبي‪ :‬العتصام )‪.(1/37‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عليه بالمخلوقين كان مبتدعا ً بدعة ما أنزل الله بها من سلطان()‪.(1‬‬


‫ن صاحبها يتقرب بها إلى الله‬ ‫فالبدعة من أسو! أبواب الضلل؛ ل ّ‬
‫تعالى ويحسب أنه على شيء حتى إذا جاء يوم القيامة لم يجده شيئًا‪،‬‬
‫منع من ورود حوض المصطفى صلى‬ ‫وفوجىء بأن أعماله ردت عليه و ُ‬
‫الله عليه وسلم القائل‪} :‬أيها الناس إني لكم فرط)‪ (2‬على الحوض‬
‫م‬
‫ب البعير الضال‪ ،‬فأقول‪ :‬في َ‬ ‫ب)‪ (3‬عّني كما ي ُذ َ ّ‬
‫ن أحدكم في ُذ َ ّ‬
‫فإّياي ل يأتي ّ‬
‫هذا؟! فيقال‪ :‬إنك ل تدري ما أحدثوا بعدك‪ .‬فأقول سحقا ً{)‪ (4‬رواه‬
‫مسلم)‪ .(5‬والقائل‪} :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد{‬
‫متفق عليه)‪ .(6‬وفي رواية لمسلم‪} :‬من عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد{)‪.(7‬‬
‫قال النووي‪) :‬قال أهل العربية الرد هنا بمعنى المردود‪ ،‬ومعناه فهو‬
‫باطل غير معتد به‪ ،‬وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد السلم‪،‬‬
‫مهِ صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإنه صريح في رد كل‬ ‫وهو من جوامع ك َل ِ ِ‬
‫البدع والمخترعات‪ ،‬وفي الرواية الثانية زيادة‪ :‬وهي أنه قد يعاند بعض‬
‫سبق إليها‪ ،‬فإذا احتج بالرواية الولى يقول‪ :‬أنا ما‬
‫الفاعلين في بدعة ُ‬
‫أحدثت شيئًا‪ .‬فُيحتج عليه بالثانية التي فيها التصريح برد كل المحدثات‬
‫سبق بإحداثها‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬وهذا مما ينبغي‬ ‫سواًء أحدثها الفاعل أو ُ‬
‫حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الستدلل به()‪.(8‬‬
‫فرد العمال والمنع من ورود الحوض أخف أضرار البدع‪ ،‬بل هي‬
‫أولى خطوات الشيطان‪ ،‬وحبائله التي يسوق بها أهل الغلو للوقوع في‬
‫الشرك الكبر المخرج من الملة‪ ،‬ويتبين هذا من خلل المفسدة التالية‪.‬‬
‫المفسدة الثانية‪ :‬الحديث وسيلة وذريعة للشرك الكبر‪.‬‬
‫فالمتأمل للدلة السابقة التي ساقها القوم في التوسل بالحق‬
‫‪1‬‬
‫)( قاعدة جليلة‪ .‬ص )‪.(243‬‬
‫‪2‬‬
‫)( سابق ومتقدم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ُيمنع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( بعدًا‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ك‪ .‬الفضائل‪ ،‬ب‪ :‬حوض نبينا صلى الله عليه وسلم )‪ (15/56‬مع النووي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الصلح )‪ (5/351‬مع الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬القضية )‪.(16-12/15‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المصدر السابق‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( النووي‪ :‬شرح مسلم )‪.(12/16‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫والجاه والذات يجد أثر خطوات عدو الله إبليس فيها ظاهرة‪ ،‬حيث‬
‫يجدهم يقولون بجواز التوسل بحق النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫الخطوة الولى‪ ،‬ثم توسعوا في التي تليها وقالوا بجوازه بالنبياء من‬
‫ل عليهم السلم‪ ،‬ثم توسعوا في الخطوة التي تليها التي فتحوا فيها‬ ‫قب ُ‬
‫الباب على مصراعيه وقالوا بجواز التوسل بكل عبد مؤمن كما في‬
‫استدللهم بحديث‪} :‬اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك{‪ ،‬قال‬
‫دحلن‪) :‬فإن فيه التوسل بكل عبد مؤمن()‪.(1‬‬
‫ثم في عصور تفشي الجهل لدى المسلمين ساغ لعدو الله إبليس‬
‫أن يخطو بهم خطوته الخيرة التي أوقعت الكثير منهم في هوة الشرك‬
‫الكبر؛ وذلك بأن بين لهم أن المقصود بالتوسل بحق النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم والصالحين هو الستغاثة بهم في قضاء الحاجات وكشف‬
‫الضر والكربات من شفاء السقام فيما عجز عن طبه النام وغفران‬
‫ب العزة والجلل‪ .‬فها هو‬
‫الذنوب والثام التي هي من خصائص ر ّ‬
‫شاعرهم لم يفهم من التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم إل أن‬
‫يمد يده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفي ابنه الذي لم يجد له‬
‫حيلة في الشفاء‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫أفديك لو ولد بوالده‬ ‫ي طال بك السقام فليتني‬
‫أُبن ّ‬
‫ُ‬
‫فدي‬
‫مدّ إلى ابن آمنة يدي‬
‫لكن أ ُ‬ ‫ي ما بيدي لمثلك حيلة‬
‫أُبن ّ‬
‫عني وعنك عريض‬ ‫إن ضاق بي وبك الخناق لم يضق‬
‫جاه محمد‬
‫لوله ما كان الوجود‬ ‫ذاك الغياث المستغاث الذي به‬
‫بموجد)‪.(2‬‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫فاشفني أنت مقصد‬ ‫يا رسول الله إني ضعيف‬
‫للشفاء‬

‫‪1‬‬
‫)( الدرر السنية‪ ،‬ص )‪.(7‬‬
‫‪2‬‬
‫)( القائل عبد الرحيم البرعي‪ :‬ديوان عبد الرحيم البرعي مع شرحه‪ ،‬ص )‪.(176‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(3‬‬
‫يا رسول الله إن لم تغثني فإلى من ترى يكون التجائي‬
‫وقال َاخر‪:‬‬
‫يا معاذي يا مقصدي يا‬ ‫يا ملذي يا منجدي يا منائي‬
‫رجائي‬
‫يا خفيري يا عدتي يا‬ ‫يا نصيري يا عمدتي يا مجيري‬
‫شفائي‬
‫عند ربي واعطف وجد‬ ‫أدرك أدرك أغث يا شفيعي‬
‫بالرضاء)‪.(2‬‬
‫وقال الُبرعي)‪:(3‬‬
‫أنا من ذنوبي في‬ ‫يا صاحب القبر المنير بيثرب‬
‫أشد وثاقي‬
‫)‪(4‬‬
‫ن عليه بالطلق‬
‫أفل تم ّ‬ ‫ناداك من ُبرع أسيُر ذنوبه‬
‫وقال أيضًا‪:‬‬
‫يا منتهى أملي وغاية‬ ‫يا صاحب القبر المنير بيثرب‬
‫مطلبي‬
‫وإليه من كل الحوادث‬ ‫يا من به في النائبات توسلي‬
‫مهربي‬
‫)‪(5‬‬
‫و متصعب‬
‫ولحل عقد ملت ٍ‬ ‫يا من نرجيه لكشف عظيمة‬
‫فهذه البيات نزر يسير يوضح الخطوة التي وصل إليها القوم من‬
‫جعل‬ ‫فهم التوسل بحق‪ ،‬وجاه‪ ،‬وذات النبي صلى الله عليه وسلم الذي ُ‬
‫شريكا ً مع الله تعالى)‪ (6‬حتى في خصائص الربوبية‪ .‬المر الذي لم يبلغه‬
‫‪3‬‬
‫)( القائل شمس الدين النواجي المصري‪ .‬انظر شواهد الحق للنبهاني ص )‪.(352‬‬
‫‪2‬‬
‫)( القائل محمد الجمالي الحلبي‪ ،‬انظر شواهد الحق‪ ،‬ص )‪.(355‬‬
‫‪3‬‬
‫)( عبد الرحيم بن أحمد بن علي الُبرعي الهاجري اليمــاني‪ ،‬شــاعر صــوفي‪ .‬مــن آثــاره ديــوان‬
‫شعر في المدائح النبوية‪ .‬انظر‪ :‬ملحق البدر الطالع للشوكاني ص )‪.(120‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ديوان البرعي مع شرحه ص )‪.(79-78‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المصدر السابق‪ ،‬ص )‪.(63‬‬
‫‪6‬‬
‫)( لم يتضح ما المقصود بالشرك لدى كثير من الناس‪ ،‬حيث يظنون أن الشرك هــو أن تســجد‬
‫أو تركع لغير الله تعالى‪ ،‬أو تظن أن غير الله خلقــك أو رزقــك‪ .‬وهــو مفهــوم قاصــر دون شــك(‬
‫فالشرك مأخوذ من الشتراك في شيء ما من تجارة ونحــوه فُيجعــل لكــل شــريك نصــيبه مــن‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫مشركو قريش من قبل الذين‪ :‬قال الله تعالى فيهم‪)) :‬فَإ ِ َ‬


‫ذا َرك ُِبوا ِفي‬
‫م‬
‫ذا هُ ْ‬‫م إ َِلى ال ْب َّر إ ِ َ‬
‫جاهُ ْ‬ ‫ن فَل َ ّ‬
‫ما ن َ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫صي َ‬
‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫وا الل ّ َ‬
‫ه ُ‬ ‫ك د َع َ ُ‬‫فل ْ ِ‬
‫ال ْ ُ‬
‫ن(( ]العنكبوت‪.[65:‬‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫ففي حالة الشدة نسي المشركون آلهتهم ولجأوا إلى الله الواحد‬
‫القهار وأما هؤلء القوم فعند الشدة ل يعرفون الله تعالى فحالهم كما‬
‫قال شاعرهم‪:‬‬
‫فإلى من ترى يكون‬ ‫يا رسول الله إن لم تغثني‬
‫التجائي‬
‫إلى غير ذلك من الشواهد والدلة التي توضح ما وصل إليه القوم‬
‫من الغلو في جعل خصائص للرسول صلى الله عليه وسلم هي من‬
‫خصائص الربوبية كما سيأتي بيانه في موضعه من هذا البحث إن شاء‬
‫الله تعالى)‪.(1‬‬
‫ولم تقف خطوات عدو الله إبليس عند إفهام أتباعه أن هذا النوع‬
‫من التوسل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وسع المر ليشمل‬
‫غيره صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال صاحب مآثر الشاذلية‪) :‬قال الشيخ أبو عبد الله الشاطبي‪:‬‬
‫كنت أترضى عن الشيخ ‪-‬يعني أبا الحسن الشاذلي‪ -‬في كل ليلة كذا‬
‫مرة‪ ،‬وأسأل الله به في جميع حوائجي‪ ،‬فأجد القبول في ذلك‪ ،‬فرأيت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬فقلت له يا سيدي يا رسول الله إني‬
‫أترضى عن الشيخ أبي الحسن في كل ليلة بعد صلتي عليك‪ ،‬وأسأل‬
‫الله تعالى به في حوائجي أفترى في ذلك شيئا ً إذا تعديت؟ فقال لي‪:‬‬
‫أبو الحسن‪ ،‬ولدي حسا ً ومعنى‪ ،‬والولد جزء من الوالد‪ ،‬فمن تمسك‬
‫بالجزء فقد تمسك بالكل‪ ،‬وإذا سألت الله بأبي الحسن فقد سألته بي‬
‫صلى الله عليه وسلم()‪.(2‬‬
‫صلوا في نفوس مريديهم جواز طلب قضاء‬
‫ثم هؤلء القوم بعد أن أ ّ‬
‫ث ُيجعــل للــه تعــالى الصــلة والصــيام والزكــاة ونحــوه‪،‬‬ ‫الربح‪ .‬فكذلك الشرك مع الله تعالى حي ُ‬
‫وُيجعــل لغيــره تعــالى مــن النبيــاء‪ ،‬والوليــاء والصــنام نصــيبا ً مــن العبــاد‪ :‬كالــدعاء‪ ،‬والتضــرع‪،‬‬
‫والستغاثة وطلب كشف الضــر فيمــا ل يقــدر عليــه إل ّ اللــه تعــالى‪ ،‬هــذا بالضــافة إلــى جهلهــم‬
‫ن مثل هذه المور عبادة لله تعالى انظر ص )‪ 144‬وما بعدها(‪.‬‬ ‫بحقيقة العبادة‪ .‬ولثبات أ ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( انظر ص )‪ (174‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أحمد بن عباد الشافعي‪ :‬المفاخر العلية في المآثر الشاذلية‪ ،‬ص )‪.(24‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الحاجات التي يعجز عن مثلها البشر بحق االنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ثم من النبي صلى الله عليه وسلم فّرعوا منه جواز طلب ذلك بحق‬
‫مشايخهم والقسام على الله بهم‪ ،‬ثم جندوا الجنود وأرسلوا الرسائل‬
‫في القرى والمصار لدعوة الناس إلى ذكر مشايخهم عند طلب‬
‫الحاجات والملمات‪.‬‬
‫يقول صاحب المآثر الشاذلية‪) :‬ومن مكاتبات أبي العباس المرسي‬
‫من السكندرية إلى بعض أصحابه قوله‪ :‬وكان يقول ‪-‬يعني أبا الحسن‬
‫الشاذلي‪ -‬إذا عرضت لك حاجة إلى الله فأقسم عليه بي‪ ،‬قال‪ :‬فكنت‬
‫والله ل أذكره في شدة إل انفرجت‪ ،‬ول أمر صعب إل هان‪ ،‬وأنت يا‬
‫أخي إذا كنت في شدة فأقسم على الله به‪ ،‬وقد نصحتك والله يعلم‬
‫والسلم()‪.(1‬‬
‫ومثل هذا كثير من كتبهم التي يؤلفونها في مناقب مشايخهم)‪.(2‬‬
‫والمقصود هنا أن ما وصل إليه هؤلء القوم من تدريج الشيطان‬
‫لهم للوقوع في الشرك الكبر قريب الشبه لما وقع فيه قوم نوح عليه‬
‫السلم بتدريج الشيطان لهم عبر خطواته‪ ،‬وأوحاه لهم من دقيق مكره‬
‫وخبثه لعنه الله‪ .‬حيث جاء في صحيح البخاري بسنده إلى ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما قال‪]] :‬صارت الوثان التي كانت في قوم نوح في‬
‫العرب بعد‪ .‬أما ود ّ فكانت لكلب)‪ (3‬بدومة الجندل)‪ (4‬وأما سواع فكانت‬
‫لهذيل)‪ (5‬وأما يغوث فكانت لمراد)‪ ،(6‬ثم لبني غطيف)‪ (7‬بالجرف عند‬

‫‪1‬‬
‫)( المفاخر العلية ص )‪.(24‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر‪ :‬الشعراني‪ :‬الطبقات الكبرى )‪ (129 ،128 ،123 ،2/94) ،(1/117‬ابن ضيف الله‪:‬‬
‫الطبقات ص )‪ ،(274-273) ،(199-198‬المناوي‪ :‬الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية‬
‫)‪ ،(1/242‬النبهاني‪ :‬جامع كرامات الولياء )‪.(609 ،445 ،439 ،437 ،274 ،1/270‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ابن وبرة‪ :‬بطن من ُقضاعة القحطانية‪ ،‬كانوا ينزلون دومة الجندل وتبوك وأطــراف الشــام‪.‬‬
‫انظر رضا كحالة‪ :‬معجم قبائل العرب )‪.(3/991‬‬
‫‪4‬‬
‫)( قرية من قرى الجــوف‪ ،‬والجــوف منطقــة زراعيــة شـمال تيمــاء‪ .‬ويربطهــا بكـل مــن تيمــاء‬
‫والمدينة المنورة طرف معبدة‪ .‬عاتق البلدي‪ :‬معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبويــة ص‬
‫)‪.(128-127‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ابن مدركة‪ :‬بطن من مدركة بن إليس من العدنانيــة‪ ،‬كــانت ديــارهم بالســروات‪ ،‬وســراتهم‬
‫متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف‪ .‬المرجع السابق )‪.(3/1213‬‬
‫‪6‬‬
‫ذحج من كهلن من القحطانيـة‪ ،‬كـانت بلدهــم إلـى جـانب زبيـد مــن‬ ‫)( ابن مذحج‪ :‬بطن من م ْ‬
‫اليمن‪ .‬المرجع السابق )‪.(3/1066‬‬
‫‪7‬‬
‫)( ابن عبد الله بن ناجية بن مراد‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري )‪.(8/668‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫سبأ‪ ،‬وأما يعوق فكانت لهمدان)‪ (1‬وأما نسر فكانت لحمير لل ذي‬
‫الكلع)‪ .(2‬أسماء رجال صالحين من قوم نوح‪ ،‬فلما هلكوا أوحى‬
‫الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون‬
‫عليها أنصابا ً وسموها بأسمائهم‪ ،‬ففعلوا فلم تعبد ‪-‬حتى إذا هلك أولئك‬
‫سخ العلم عبدت[[)‪.(3‬‬ ‫وتن ّ‬
‫ق‬
‫ث وَي َُعو َ‬
‫عا َول ي َُغو َ‬
‫وا ً‬
‫س َ‬ ‫سهيلي)‪ (4‬في قوله تعالى‪)) :‬وَ ّ‬
‫دا َول ُ‬ ‫قال ال ّ‬
‫ل أسماء لقوم‬ ‫سًرا(( ]نوح‪ [23:‬الية‪) :‬هذه أسماء أصنام كانت قب ُ‬ ‫وَن َ ْ‬
‫صالحين يقال إن يغوث هو ابن شيث بن آدم وكذلك سواع كان بعده‪،‬‬
‫وكانوا يتبركون بهم وبدعائهم‪ ،‬فكلما مات منهم أحد مثلوا صورته‬
‫وتمسحوا بها إلى زمن مهليل فعبدوها من حينئذ بتدريج الشيطان لهم(‬
‫)‪.(5‬‬
‫بقي أن يعلم القارىء الكريم أن كون أحاديث التوسل بحق‪ ،‬وجاه‪،‬‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ضعيفة ل يعني أن ليس له جاه عند ربه‬
‫عز وجل‪ ،‬ول ينفي التوسل المشروع الذي جاء به الشرع الحنيف‪.‬‬
‫فجاهه صلى الله عليه وسلم أعظم الجاه بل ل يبلغ أحد من الخلق ما‬
‫بلغه صلى الله عليه وسلم من الجاه عند ربه جل وعل‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪) :‬وجاهه عند الله تعالى أعظم من جاه‬
‫جميع النبياء والمرسلين‪ ،‬وقد أخبر سبحانه وتعالى عن موسى وعيسى‬
‫َ‬
‫مُنوا‬
‫نآ َ‬
‫ذي َ‬‫عليهما السلم أنهما وجيهان عند الله تعالى‪ .‬فقال‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫عن ْد َ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن ِ‬ ‫ما َقاُلوا وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫م ّ‬ ‫سى فَب َّرأه ُ الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ن آذ َْوا ُ‬
‫مو َ‬ ‫كال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫كوُنوا َ‬
‫ل تَ ُ‬
‫جيًها(( ]الحزاب‪.[69:‬‬ ‫وَ ِ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬ ‫ك ب ِك َل ِ َ‬
‫مة ٍ ِ‬ ‫شُر ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ي ُب َ ّ‬ ‫م إِ ّ‬
‫مْري َ ُ‬
‫ة َيا َ‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫وقال تعالى‪)) :‬إ ِذ ْ َقال َ ِ‬

‫‪1‬‬
‫ســلة‪ .‬كــانت ديــارهم‬
‫)( بطن من كهلن‪ ،‬من القحطانية وهم بنو همدان بن مالك بن زيد بن أوْ ِ‬
‫باليمن قبل السلم‪ ،‬فلما جاء السلم تفرقوا فمنهم من نزل الكوفة ومصــر ومنهــم مــن بقــي‪.‬‬
‫معجم قبائل العرب )‪.(3/1225‬‬
‫‪2‬‬
‫)( من حمير‪ ،‬من القحطانية‪ ،‬وهم بنو شرحبيل بن حمير‪ .‬انظر‪ :‬المرجع السابق )‪.(3/990‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ك‪ .‬التفسير‪ ،‬ب‪) .‬ودا ً ول سواعا ً ول يغوث ويعوق( )‪ ،(8/667‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪ ()4‬الحافظ الع ّ‬
‫لمة البارع أبو القاسم عبــد الرحمــن بــن عبــد اللــه الندلســي الضــرير‪ ،‬صــاحب‬
‫الروض النف في السيرة النبوية‪ ،‬والعلم بما ُأبهم في القرآن من العلم‪ ،‬وغيرها‪ .‬توفي ســنة‬
‫‪581‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التذكرة )‪.(1349-4/1348‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي‪ :‬التعريف والعلم فيما أبهم مــن الســماء والعلم‪ ،‬ص )‬
‫‪.(135‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن‬
‫م َ‬
‫خَرةِ وَ ِ‬
‫جيًها ِفي الد ّن َْيا َوال ِ‬
‫م وَ ِ‬
‫مْري َ َ‬
‫ن َ‬
‫سى اب ْ ُ‬
‫عي َ‬
‫ح ِ‬
‫سي ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫م ُ‬
‫س ُ‬ ‫ا ْ‬
‫ن(( ]آل عمران‪.[45:‬‬ ‫قّرِبي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫فإذا كان موسى وعيسى وجيهين عند الله عز وجل فكيف بسيد‬
‫ولد آدم‪ ،‬صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الولون والخرون‪،‬‬
‫وصاحب الكوثر والحوض المورود‪ ،...‬وهو صاحب الشفاعة يوم القيامة‬
‫حيث يتأخر عنها آدم وأولو العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم أجمعين‪ ،‬وهو إمام النبياء إذا اجتمعوا‬
‫وخطيبهم إذا وفدوا ذو الجاه العظيم صلى الله عليه وسلم()‪.(1‬‬
‫ص الله تعالى به‬ ‫وقد ذكرت في الباب الول طرفا ً صالحا ً م ّ‬
‫ما خ ّ‬
‫ما يبين جاهه صلى الله عليه وسلم‬ ‫نبيه صلى الله عليه وسلم م ّ‬
‫ومكانته عند الله جل وعل‪.‬‬
‫التوسل المشروع‪:‬‬
‫يكون التوسل المشروع بأمور منها‪ :‬اليمان بالله ورسله ومحبة‬
‫الله ورسله‪ ،‬وفي هذا يقول شيخ السلم‪) :‬وإذا تكلمنا فيما يستحقه‬
‫الله تبارك وتعالى من التوحيد‪ ،‬بّينا أن النبياء عليهم السلم وغيرهم‬
‫من المخلوقين ل يستحقون ما يستحق الله تبارك وتعالى من‬
‫الخصائص‪ ،‬فل ُيشرك بهم‪ ،‬ول ُيتوكل عليهم‪ ،‬ول ُيستغاث بهم كما‬
‫ُيستغاث بالله‪ ،‬ول ُيقسم على الله بهم‪ ،‬ول ُيتوسل بذواتهم‪ ،‬وإنما‬
‫ُيتوسل باليمان بهم‪ ،‬وبمحبتهم‪ ،‬وطاعتهم‪ ،‬وموالتهم‪ ،‬وتعزيرهم‪،‬‬
‫وتوقيرهم‪ ،‬ومعاداة من عاداهم‪ ،‬وطاعتهم فيما أمروا‪ ،‬وتصديقهم فيما‬
‫أخبروا‪ ،‬وتحليل ما حّللوه‪ ،‬وتحريم ما حّرموه‪ ،‬والتوسل بذلك على‬
‫أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن ُيتوسل بذلك إلى إجابة الدعاء‪ ،‬وإعطاء السؤال‬
‫كحديث الثلثة الذين آووا إلى الغار‪ ،‬فإنهم توسلوا إلى الله تعالى‬
‫دعاءهم‪ ،‬وُيفرج كربتهم‪.‬‬ ‫بأعمالهم؛ ليجيب ُ‬
‫والثاني‪ :‬التوسل بذلك‪ ،‬لحصول ثواب الله تعالى‪ ،‬وجنته‪ ،‬ورضوانه؛‬
‫فإن العمال الصالحة التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم هي‬
‫الوسيلة التامة إلى سعادة الدنيا والخرة‪ :‬ومثل هذا كقوله تعالى‪َ)) :‬رب َّنا‬

‫‪1‬‬
‫)( قاعدة جليلة‪ ،‬ص )‪.(254-252‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فْر ل ََنا‬ ‫إننا سمعنا مناديا ينادي ل ِليما َ‬


‫مّنا َرب َّنا َفاغ ْ ِ‬
‫َفآ َ‬ ‫مُنوا ب َِرب ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫نآ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫َِّ َ ِ ْ َ ُ َ ًِ َُ ِ‬
‫عمران‪.[193:‬‬ ‫معَ ال َب َْراِر(( ]آل‬ ‫سي َّئات َِنا وَت َوَفَّنا َ‬ ‫ذ ُُنوب ََنا وَك َ ّ‬
‫فْر ع َّنا َ‬
‫ن‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫دموا ذكر اليمان قبل الدعاء‪ ،‬وقوله تعالى‪)) :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫فإنهم ق ّ‬
‫َ‬
‫خي ُْر‬‫ت َ‬ ‫مَنا وَأن ْ َ‬ ‫فْر ل ََنا َواْر َ‬
‫ح ْ‬ ‫مّنا َفاغ ْ ِ‬ ‫قوُلو َ‬
‫ن َرب َّنا آ َ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫ريقٌ ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫ن(( ]المؤمنون‪ ،[109:‬وكذلك التوسل بدعاء النبي صلى الله‬ ‫مي َ‬
‫ح ِ‬
‫الّرا ِ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وشفاعته فإنه يكون على وجهين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن ُيطلب منه الدعاء‪ ،‬والشفاعة‪ .‬فيدعو‪ ،‬ويشفع كما كان‬
‫ُيطلب منه في حياته‪ ،‬وكما ُيطلب منه يوم القيامة‪ ،‬فيطلبون منه‬
‫الشفاعة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون التوسل مع ذلك بأن يسأل الله تعالى بشفاعته‬
‫ودعائه كما في حديث العمى فإنه طلب منه صلى الله عليه وسلم‬
‫الدعاء والشفاعة‪ ،‬فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وشفع فيه‪،‬‬
‫وأمره صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يقبل شفاعته صلى الله‬
‫عليه وسلم()‪.(1‬‬
‫)‪(2‬‬
‫سهيلي‬‫وأختم هذا المبحث بأبيات شعرية ُنسبت لبي القاسم ال ّ‬
‫ُتبين كيف ُيتوسل إلى الله تعالى عند نزول الشدائد والعظائم‪ ،‬يقول‬
‫فيها‪:‬‬
‫عدّ لكل‬
‫م َ‬
‫أنت ال ُ‬ ‫يا من يرى ما في الضمير ويسمع‬
‫ما ُيتوقع‬
‫يا من إليه المشتكى والمفزع‬ ‫جى للشدائد كلها‬
‫يا من ُير ّ‬
‫امنن فإن الخير عندك‬ ‫يا من خزائن ملكه في قول كن‬
‫أجمع‬
‫فبالفتقار إليك‬ ‫ما لي سوى فقري إليك وسيلة‬
‫فقري أدفع‬
‫ت فأي باب‬
‫فلئن ُردد ُ‬ ‫ما لي سوى قرعي لبابك حيلة‬
‫أقرع‬

‫‪1‬‬
‫)( قاعدة جليلة ص )‪.(241-240‬‬
‫‪2‬‬
‫)( التعريف والعلم‪ :‬مقدمة الناشر ص )‪.(2‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫إن كان فضلك عن‬ ‫ومن الذي أدعو وأهتف باسمه‬


‫فقيرك ُيمنع‬
‫والفضل أجزل‬ ‫حاشا لمجدك أن ُتقّنط عاصيا ً‬
‫والمواهب أوسع‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عند الغلة باستفتاح أهل الكتاب بحقه قبل وجوده‪:‬‬
‫ما كان توسل النبياء السابقين بحق النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ل ّ‬
‫جائزا ً عند القوم‪ ،‬كان توسل أو استفتاح)‪ (1‬أممهم بحق النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم جائزا ً عندهم من باب أولى وأحرى‪ .‬فقد أورد السيوطي‬
‫في الخصائص الكبرى للنبي صلى الله عليه وسلم حديثا ً يبين استفتاح‬
‫أهل الكتاب بحق النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ُيخلق)‪.(2‬‬
‫هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك)‪ (3‬موقوفا ً على ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪]] :‬كانت يهود خيبر تقاتل غطفان‪ ،‬فكلما‬
‫ت يهود خيبر‪ .‬فعاذت بهذا الدعاء‪ ،‬اللهم إنا نسألك بحق‬ ‫التقوا هزم ْ‬
‫محمد النبي المي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إل ّ نصرتنا‬
‫عليهم‪ ،‬قال‪ :‬فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان‪ ،‬فلما‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫بعث الله النبي صلى الله عليه وسم كفروا به‪ ،‬فأنزل الله‪)) :‬وَ َ‬
‫كاُنوا ِ‬
‫فُروا(( ]البقرة‪ [89 :‬الية‪ .‬قال الحاكم بعد‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ن ع ََلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫حو َ‬‫فت ِ ُ‬
‫ست َ ْ‬ ‫قَب ْ ُ‬
‫ل يَ ْ‬
‫إخراجه للحديث‪) :‬أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير وهو غريب‬
‫من حديثه()‪(4‬والكلم على هذا الحديث في نقطتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬مخالفته للثابت من الروايات‪.‬‬
‫النقطة الولى‪ :‬أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث‪.‬‬
‫بالنظر إلى سند الحديث نجد فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( الستنصار‪ ،‬انظر‪ :‬القاموس المحيط للفيروزآبادي‪ .‬ص )‪.(298‬‬
‫‪2‬‬
‫)( )‪.(2/39-40‬‬
‫‪3‬‬
‫)( )‪.(2/263‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المستدرك )‪.(2/263‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قال فيه يحيى بن معين‪) :‬ك ّ‬


‫ذاب()‪.(5‬‬
‫وقال النسائي‪) :‬متروك الحديث()‪.(2‬‬
‫وقال البخاري‪) :‬منكر الحديث()‪.(3‬‬
‫وقال الدارقطني‪) :‬وأبوه أيضا ً متروك()‪.(4‬‬
‫وقال ابن حبان‪) :‬كان ممن يضع الحديث‪ ،‬ل يحل كتابة حديثه إل ّ‬
‫على جهة العتبار()‪.(5‬‬
‫وعلق الذهبي على قول الحاكم‪) :‬أدت الضرورة إلى إخراجه(‬
‫بقوله‪) :‬ل ضرورة في ذلك فعبد الملك متروك هالك()‪.(6‬‬
‫قال ابن حجر‪) :‬المحفوظ عن ابن عباس ما تقدم)‪ ،(7‬وأما هذا‬
‫الطريق بهذا اللفظ أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق عبد‬
‫الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عنه)‪ ،(8‬واعتذر عن‬
‫إخراجه فقال‪ :‬غريب من حديثه أدت الضرورة إلى إخراجه في‬
‫التفسير‪ .‬قلت‪ :‬وأي ضرورة تحوج إلى إخراج حديث من يقول فيه‬
‫يحيى بن معين كذاب في المستدرك على البخاري ومسلم‪ ،‬ما هذا إل‬
‫اعتذار ساقط()‪ ،(9‬وحكم السيوطي نفسه بضعف هذه الرواية)‪.(10‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬مخالفة رواية عبد الملك بن هارون للثابت من الروايات‪:‬‬
‫الرواية الولى‪ :‬وهي المحفوظة عن ابن عباس رضي الله عنهما والتي‬
‫أشار إليها الحافظ ابن حجر قريبا ً رواها الطبري بسنده إلى ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬إن يهود كانوا يستفتحون على الوس والخزرج‬
‫برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه‪ ،‬فلما بعثه الله من العرب‬
‫كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه‪ ،‬فقال لهم معاذ بن جبل وبشر‬
‫‪5‬‬
‫)( يحيى بن معين وكتابه التاريخ )‪.(2/376‬‬
‫‪2‬‬
‫)( النسائي‪ :‬الضعفاء والمتروكون‪ .‬ص )‪.(70‬‬
‫‪3‬‬
‫)( البخاري‪ :‬التاريخ الكبير للبخاري )‪.(5/436‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الضعفاء والمتروكون للدارقطني ص )‪.(289‬‬
‫‪5‬‬
‫)( كتاب المجروحين )‪.(2/133‬‬
‫‪6‬‬
‫)( الذهبي‪ :‬التلخيص )‪.(2/263‬‬
‫‪7‬‬
‫)( انظر‪ :‬الرواية المشار إليها بعد عدة أسطر‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( أي عن ابن عباس رضي الله عنهما‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫)( العجاب في بيان السباب لبن حجر العسقلني‪ ،‬ص )‪.(64‬‬
‫‪10‬‬
‫)( السيوطي‪ :‬لباب النقول في أسباب النزول ص )‪.(21‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫بن البراء بن معرور أخو بني سلمة‪ :‬يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا‬
‫فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن أهل‬
‫شرك‪ ،‬وتخبروننا أنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته‪ ،‬فقال سلم بن مشكم‬
‫أخو بني النضير‪ :‬ما جاءنا بشيء نعرفه‪ ،‬وما هو بالذي كنا نذكر لكم‬
‫عن ْدِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫م ك َِتا ٌ‬ ‫جاَءهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأنزل الله جل ثناؤه في ذلك من قولهم‪)) :‬وَل َ ّ‬
‫فُروا فَل َ ّ‬
‫ما‬ ‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬ ‫ن ع ََلى ال ّ ِ‬ ‫حو َ‬ ‫ست َفْت ِ ُ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫معَهُ ْ‬ ‫ما َ‬‫صد ّقٌ ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫الل ّهِ ُ‬
‫ن(( ]البقرة‪.(1)[89:‬‬ ‫ري َ‬‫كافِ ِ‬ ‫ة الل ّهِ ع ََلى ال ْ َ‬ ‫فُروا ب ِهِ فَل َعْن َ ُ‬ ‫ما ع ََرُفوا ك َ َ‬ ‫م َ‬ ‫جاَءهُ ْ‬ ‫َ‬
‫الرواية الثانية‪ :‬وهي رواية محمد بن إسحاق إمام المغازي قال‪) :‬حدثني‬
‫عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه‪ ،‬قالوا‪ :‬إن مما دعانا إلى‬
‫السلم مع رحمة الله وهداه لنا لما كنا نسمع من رجال يهود وكنا أهل‬
‫شرك أصحاب أوثان‪ ،‬وكانوا أهل كتاب عندهم علم وليس عندنا‪ .‬وكانت‬
‫ل تزال بيننا وبينهم شرور‪ ،‬فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا‪ :‬إنه قد‬
‫تقارب زمان نبي ُيبعث الن نقاتلكم معه قتل عاد وإرم‪ ،‬فكنا كثيرا ً ما‬
‫نسمع ذلك منهم‪ ،‬فلما بعث الله رسوله محمدا ً صلى الله عليه وسلم‬
‫أجبناه حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به‪ ،‬فبادرناهم إليه‪،‬‬
‫فآمنا به‪ ،‬وكفروا به‪ .‬ففينا وفيهم نزل هؤلء اليات من البقرة‪)) :‬وَل َ ّ‬
‫ما‬
‫ن‬‫حو َ‬ ‫فت ِ ُ‬
‫ست َ ْ‬‫ل يَ ْ‬‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫معَهُ ْ‬‫ما َ‬‫صد ّقٌ ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫عن ْد ِ الل ّهِ ُ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ب ِ‬ ‫م ك َِتا ٌ‬ ‫جاَءهُ ْ‬ ‫َ‬
‫ة الل ّهِ ع ََلى‬ ‫ما ع ََرُفوا ك َفَُروا ب ِهِ فَل َعْن َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫جاَءهُ ْ‬ ‫ما َ‬‫فُروا فَل َ ّ‬ ‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬ ‫ع ََلى ال ّ ِ‬
‫ن(( ]البقرة‪.(2)[89:‬‬ ‫ري َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫كافِ ِ‬
‫فمحمد بن إسحاق قال عنه ابن حجر‪ :‬إمام المغازي صدوق‬
‫ُيدلس)‪.(3‬‬
‫وقد صرح في هذه الرواية بالتحديث‪.‬‬
‫وأما عاصم بن عمر بن قتادة‪ :‬فهو الوسي النصاري ثقة عالم‬
‫بالمغازي)‪.(4‬‬
‫هذا وقد ذكر الطبري خمسة عشر حديثا ً في سبب نزول قوله‬
‫ن كَ َ‬
‫فُروا(( الية ولم يذكر‬ ‫ن ع ََلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫حو َ‬
‫فت ِ ُ‬
‫ست َ ْ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫كاُنوا ِ‬
‫‪1‬‬
‫)( تفسير الطبري )‪ ،(1/325‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تفسير الطبري‪ .‬المصدر السابق‪ .‬ص‪ .‬ن؛ وانظر ابن هشام‪ :‬السيرة النبويـة )‪ ،(1/225‬ابـن‬
‫كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم )‪ ،(1/129‬السيوطي‪ :‬لباب النقول ص )‪.(21‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تقريب التهذيب‪ ،‬ص )‪.(467‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص )‪.(286‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫صد َّر برواية ابن إسحاق‬
‫من بينهن رواية عبد الملك بن هارون‪ .‬بل قد َ‬
‫سن إسنادها مقبل بن هادي الوادعي)‪.(2‬‬
‫التي ح ّ‬
‫أوجه مخالفة رواية عبد الملك بن هارون للروايات الثابتة‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬مخالفتها للمحفوظ من رواية ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما‪ ،‬وأن أقل درجات رواية عبد الملك الضعف‪ ،‬وأما رواية ابن‬
‫حسن‪.‬‬ ‫إسحاق فأقل درجاتها ال ُ‬
‫الوجه الثاني‪ :‬جاء في رواية عبد الملك أن يهود خيبر كانت‬
‫تقاتل غطفان والصحيح ما جاء في المحفوظ من رواية ابن عباس من‬
‫أن اليهود هم بنو النضير وبنو قريظة وهم من يهود المدينة‪ ،‬وأن‬
‫مشركي العرب هم الوس والخزرج‪ .‬ل سيما إذا علمنا أن راوي حديث‬
‫ابن إسحاق هو عاصم بن عمر الوسي النصاري وقد نص على أن الية‬
‫نزلت فيهم وحدثه بذلك رجال من قومه‪ ،‬وعاصم بن عمر ثقة عالم‬
‫بالمغازي‪.‬‬
‫قال ابن تيمية في صدد تعليقه على رواية عبد الملك في سبب‬
‫نزول الية‪) :‬إنما نزلت باتفاق أهل التفسير والسير في اليهود‬
‫المجاورين للمدينة كبني قينقاع وقريظة والنضير وهم الذين كانوا‬
‫يحالفون الوس والخزرج‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬فكيف يقال نزلت في يهود‬
‫خيبر وغطفان؟ فإن هذا من كذاب جاهل لم ُيحسن كيف يكذب‪ .‬ومما‬
‫يبين ذلك أنه ذكر انتصار اليهود على غطفان لما دعوا بهذا الدعاء‪ ،‬وهذا‬
‫مما لم ينقله أحد غير هذا الكذاب‪ ،‬ولو كان هذا مما وقع لكان مما‬
‫تتوفر دواعي الصادقين على نقله()‪.(3‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬جاء في رواية عبد الملك بن هارون أن يهود كانوا‬
‫يسألون الله بحق النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬وهذا ما لم يرد في‬
‫المحفوظ من رواية ابن عباس رضي الله عنهما ول في رواية ابن‬
‫إسحاق المتفق على قبولها‪.‬‬
‫هذا وقد ذكر الطبري روايات كثيرة عن أهل العلم ُتبين ما المراد‬
‫باستفتاح اليهود برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء في الية‬
‫‪1‬‬
‫)( الطبري‪ :‬التفسير )‪.(1/225‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الوادعي‪ :‬الصحيح المسند في أسباب النزول‪ ،‬ص )‪.(14‬‬
‫‪3‬‬
‫)( قاعدة جليلة‪ ،‬ص )‪.(228‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫هذا بعضها‪:‬‬ ‫الكريمة‬
‫الولى‪ :‬قال الطبري‪ :‬قال ابن أبي نجيح عن الزدي في استفتاح‬
‫اليهود‪) :‬كانوا يقولون‪ :‬اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس‬
‫يستفتحودن يستنصرون به على الناس()‪.(2‬‬
‫الثانية‪ :‬وقال‪ :‬قال أبو العالية‪) :‬كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى‬
‫الله عليه وسلم على مشركي العرب يقولون‪ :‬اللهم ابعث هذا النبي‬
‫الذي نجده مكتوبا ً عندنا حتى يعذب المشركين ويقتلهم فلما بعث الله‬
‫محمدا ً ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدا ً للعرب وهم يعلمون أنه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم()‪.(3‬‬
‫دي‪) :‬كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم‪،‬‬
‫س ّ‬
‫الثالثة‪ :‬وقال‪) :‬قال ال ّ‬
‫وكانوا يجدون محمدا ً صلى الله عليه وسلم في التوراة‪ ،‬ويسألون الله‬
‫أن يبعثه فيقاتلوا معه العرب‪ ،‬فلما جاءهم محمد كفروا به حين لم يكن‬
‫من بني إسرائيل()‪.(4‬‬
‫فهذه الروايات ُتبين بيانا ً واضحا ً أن المقصود باستفتاح أهل الكتاب‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم هو سؤالهم الله تعالى أن يبعث نبيه‬
‫محمدا ً حتى يقاتلوا معه مشركي العرب‪ ،‬ل السؤال والستنصار بحقه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة في حياته البرزخية‪:‬‬
‫وفيه ثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأن من زار قبره وجبت له شفاعته‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأن من حج حجة السلم وزار قبره وغزا غزوة وصلى عليه في بيت‬
‫المقدس لم يسأله الله تعالى فيما افترض عليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)( إضافة إلى بيان رواية ابن عباس رضي الله عنهما ورواية ابن إسحاق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الطبري‪ :‬جامع البيان )‪.(1/326‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بمحو الذنوب وعلم ما في اللوح المحفوظ والقلوب‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأنه إليه الملذ والمهرب في الشدائد والكرب‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بأنه يجيب الدعاء وترفع إليه أكف الضراعة‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أوليائهم‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة برؤيته بعد موته يقظة ل منامًا‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بتلقين مشايخ الصوفية الوراد وحضور حلق ذكرهم بعد موته‬
‫يقظة ل منامًا‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عند الغلة بأن من زار قبره وجبت له شفاعته‪:‬‬
‫دأب أهل الغلو في كل ما غلوا فيه بالدندنة حول أمر يوهم العامة‬
‫ة‬
‫ة‪ ،‬أو واهي ِ‬‫ما موضوع ٍ‬‫أنه مشروع‪ ،‬ويحاولون الستدلل على ذلك بأدلةٍ إ ّ‬
‫ل يعتمد عليها‪ ،‬أو ل تدل على مرادهم‪ ،‬ثم يجعلون ذلك المر الذي غلوا ً‬
‫فيه أصل ً ُيفّرعون عليه التفريعات الكثيرة‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬الغلو في قبره‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حيث يعتقد الغلة بأن من زار قبر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وجبت له شفاعته‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫وابن حجر الهيتمي‬ ‫فممن شّهر القول بذلك منهم‪ :‬السبكي‬
‫واستدلوا على ذلك بالتي‪:‬‬
‫أول ً‪} :‬من زار قبري وجبت له شفاعتي{ رواه الدارقطني)‪،(3‬‬
‫والبيهقي)‪.(4‬‬
‫‪1‬‬
‫)( شفاء السقام ص )‪.(2/14‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم‪ ،‬ص )‪.(9‬‬
‫‪3‬‬
‫)( سنن الدارقطني )‪.(2/278‬‬
‫‪4‬‬
‫)( شعب اليمان )‪.(3/490‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ثانيا ً‪} :‬من زار قبري حّلت له شفاعتي{ رواه البّزار)‪.(1‬‬


‫أما دليلهم الول‪ :‬ففيه موسى بن هلل العبدي‪:‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪) :‬سألت أبي عنه فقال‪ :‬مجهول()‪.(2‬‬
‫وقال العقيلي‪) :‬ل يصح حديثه ول يتابع عليه()‪.(3‬‬
‫وقال ابن عبد الهادي)‪) :(4‬مجهول الحال()‪.(5‬‬
‫وقال ابن حجر‪) :‬صويلح الحديث‪ ...‬ثم قال‪ :‬وأنكر ما عنده حديثه‬
‫عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا‪} :‬من زار قبري‬
‫وجبت له شفاعتي{)‪.(6‬‬
‫واختلف في رواية موسى بن هلل هل هي عن عبد الله بن عمر‬
‫العمري الضعيف أم عن أخيه عبيد الله العمري الثقة‪ .‬زعم السبكي أن‬
‫روايته عن عبيد الله المصغر الثقة أرجح ويحتمل أن يكون الحديث عن‬
‫عبيد الله وعبد الله جميعا ً ويكون موسى سمع منهما)‪.(7‬‬
‫وقد جانب السبكي الصواب فيما ذهب إليه‪ :‬والصواب أن رواية‬
‫موسى بن هلل عن عبد الله المكبر‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪) :‬قال ابن خزيمة في صحيحه في باب زيارة قبر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم إن ثبت الخبر فإن في القلب منه)‪ (8‬ثم‬

‫)( الحافظ الع ّ‬ ‫‪1‬‬


‫لمة أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري صاحب المســند الكــبير‪ .‬ت‪.‬‬
‫سنة ‪192‬هـ‪ .‬التذكرة )‪ .(2/653‬وانظر‪ :‬مختصـر زوائد مسـند الـبزار علـى الكتـب السـتة لبـن‬
‫حجر العسقلني )‪.(1/481‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ابن أبي حاتم‪ :‬الجرح والتعديل )‪.(8/166‬‬
‫‪3‬‬
‫)( العقيلي‪ :‬الضعفاء )‪.(4/170‬‬
‫‪4‬‬
‫)( محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن يوسف بن قدامة المقدسي الحنبلي‪ ،‬أحد‬
‫الذكياء مهر في الحديث ومعرفة الرجال والعلل والعربية‪ ،‬له من التصانيف‪ :‬تنقيح التحقيق في‬
‫أحاديث التعليق والحكام الكبرى والمحرر في الحكام وغير ذلك‪ .‬انظر‪ :‬ذيــل طبقــات الحنابلــة‬
‫لبن رجب )‪ ،(4/436‬والدرر الكامنة لبن حجر )‪.(3/331‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ابن عبد الهادي‪ :‬الصارم المنكي في الرد على السبكي ص )‪.(32‬‬
‫‪6‬‬
‫)( لسان الميزان )‪.(6/134‬‬
‫‪7‬‬
‫)( شفاء السقام‪ ،‬ص )‪.(8‬‬
‫‪8‬‬
‫)( هنا محذوف تقديره‪ :‬شيئًا‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫رواه)‪ (1‬عن الحمسي)‪ (2‬كما تقدم)‪ (3‬وعن عبد الله بن محمد الوراق‬
‫عن موسى بن هلل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي‬
‫الله عنه به وقال بعده)‪ :(4‬أنا أبرأ من عهدته‪ ،‬هذا الخبر من رواية‬
‫الحمسي أشبه لن عبيد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروي هذا‬
‫المنكر‪ ،‬فإن كان موسى بن هلل لم يغلط في من فوق العمرين فشبه‬
‫أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر‪ ،‬فأما من حديث عبيد الله بن‬
‫عمر فإني ل أشك أنه ليس من حديثه)‪.(5‬‬
‫قال ابن حجر‪) :‬هذه عبارته بحروفها‪ ،‬وعبد الله بن عمر العمري‬
‫بالتكبير ضعيف الحديث وأخوه عبيد الله بن عمر بالتصغير ثقة حافظ‬
‫جليل‪ ،‬ومع ما تقدم من عبارة ابن خزيمة وكشفه لعلة هذا الخبر ل‬
‫يحسن أن يقال أخرجه ابن خزيمة في صحيحه إل مع البيان()‪.(6‬‬
‫ومما يقطع النزاع أن رواية موسى بن هلل عن عبد الله ل عن‬
‫عبيد الله ما ذكره الدولبي في الكنى قال‪) :‬حدثنا علي بن معبد بن‬
‫نوح قال حدثنا موسى بن هلل قال حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد‬
‫الرحمن أخو عبيد الله عن نافع عن ابن عمر‪ ..‬ثم ذكر الحديث()‪.((7‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر معلقا ً على عبارة الدولبي‪) :‬فهذا قاطع‬
‫للنزاع من أنه عن المكبر ل عن المصغر فإن المكبر هو الذي يكنى أبا‬
‫عبد الرحمن وقد أخرج الدولبي هذا الحديث في من يكنى أبا عبد‬
‫الرحمن()‪ .(8‬وعليه فقد ثبت أن رواية موسى بن هلل كانت عن عبد‬
‫الله بن عمر العمري الذي قال فيه‪ :‬البخاري‪) :‬كان يحيى بن سعيد‬
‫يضعفه()‪.(9‬‬

‫‪1‬‬
‫)( أي ابن خزيمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( محمد بن إسماعيل الحمسي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أي ذكره قريبا ً في اللسان في ترجمة موسى بن هلل نفسها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أي ابن خزيمة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( نقلت عبارة ابن خزيمة من اللسان وذلك لنقصــان النســخة المطبوعــة‪ ،‬قــال محققهــا بعــد‬
‫ذكره باب إباحة العمرة قبل الحج‪) :‬انتهت المخطوطــة أدعــو اللــه أن يمــن علينــا بنســخة لهــذا‬
‫الكتاب كاملة غير ناقصة(‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( لسان الميزان )‪.(6/135‬‬
‫‪7‬‬
‫)( الدولبي‪ :‬الكنى والسماء )‪.(2/64‬‬
‫‪8‬‬
‫)( لسان الميزان )‪.(6/135‬‬
‫‪9‬‬
‫)( البخاري‪ :‬التاريخ الصغير‪ ،‬ص )‪.(452‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫والنسائي‪) :‬ليس بالقوي()‪.(1‬‬


‫وابن حبان‪) :‬كان ممن غلب عليه الصلح والعبادة حتى غفل عن‬
‫حش‬‫ضبط الخبار وجودة الحفظ للثار فرفع المناكير في روايته فلما ف ُ‬
‫خطؤه استحق الترك()‪.(2‬‬
‫الحكم على الحديث‪:‬‬
‫قال البيهقي‪) :‬سواًء قال)‪ (3‬عبيد الله أو عبد الله فهو منكر عن‬
‫نافع عن ابن عمر لم يأت به غيره()‪.(4‬‬
‫وقال النووي معلقا ً على إيراد الشيرازي)‪ (5‬للحديث موضوع‬
‫الدراسة‪) :‬وأما حديث ابن عمر فرواه البزار والدارقطني والبيهقي‬
‫بإسنادين ضعيفين()‪ .(6‬وقال ابن عبد الهادي‪) :‬حديث منكر عند أئمة هذا‬
‫الشأن ضعيف السناد عندهم ل يقوم بمثله حجة ول يعتمد على مثله‬
‫في الحتجاج)‪ .(7‬ومر بنا قريبا ً إنكار ابن خزيمة وابن حجر لهذا‬
‫الحديث)‪.(8‬‬
‫وأما دليلهم الثاني‪ :‬الذي رواه البزار ففيه عبد الله بن إبراهيم‪:‬‬
‫قال فيه البزار عقيب الحديث‪) :‬عبد الله بن إبراهيم لم يتابع على‬
‫هذا()‪.(9‬‬
‫وقال العقيلي‪) :‬كان يغلب على حديثه الوهم()‪.(10‬‬
‫وقال ابن حبان‪) :‬كان ممن يأتي على الثقات بالمقلوبات وعن‬
‫الضعفاء بالملزقات()‪.(11‬‬
‫‪1‬‬
‫)( النسائي‪ :‬الضعفاء والمتروكون‪ .‬ص )‪.(140‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ابن حبان‪ :‬كتاب المجروحين )‪.(2/7‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أي موسى بن هلل العبدي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( البيهقي‪ :‬شعب اليمان )‪.(3/490‬‬
‫‪5‬‬
‫)( إبراهيم بن علي بن يوسـف أبـو إسـحاق الشـافعي صـاحب المهـذب فـي الفقـه الشـافعي‬
‫والتنبيه واللمع وغيرها ت‪ .‬سنة ‪446‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬طبقات الشافعية للسنوي )‪.(2/83‬‬
‫‪6‬‬
‫)( النووي‪ :‬المجموع شرح المهذب )‪.(8/272‬‬
‫‪7‬‬
‫)( الصارم المنكي في الرد على السبكي لبن عبد الهادي‪ ،‬ص )‪.(30‬‬
‫‪8‬‬
‫)( ص )‪.(157‬‬
‫‪9‬‬
‫)( ابن حجر‪ ،‬مختصر زوائد البزار )‪.(1/481‬‬
‫‪10‬‬
‫)( العقيلي‪ :‬الضعفاء )‪.(2/233‬‬
‫‪11‬‬
‫)( المجروحين )‪.(2/37‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وقال ابن حجر‪) :‬متروك()‪.(1‬‬


‫أقوال العلماء‬ ‫)‪(2‬‬
‫وفي الحديث أيضا ً عبد الرحمن بن زيد تقدمت‬
‫في ضعفه‪.‬‬
‫الحكم على الحديث‪:‬‬
‫تقدم قول النووي بضعفه)‪.(3‬‬
‫وقال ابن عبد الهادي‪) :‬حديث ضعيف منكر ساقط السناد()‪.(4‬‬
‫وبالنظر إلى متن الحديثين نجد‪:‬‬
‫حصول الشفاعة بل وجوبها لمن زار قبره صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ن حصول الثواب على عبادةٍ ما أمر توقيفي ل يؤخذ إل‬ ‫وهذا لم يثبت؛ ل ّ‬
‫سّنة نبيه صلى الله عليه وسلم‬‫من كتاب الله تعالى أو الصحيح من ُ‬
‫على فهم السلف الصالح‪ ،‬وقد بين أهل العلم بالحديث أن مثل تلك‬
‫الروايات ل يعتمد عليها في أخذ الحكام الشرعية‪ ،‬وقد أغنانا الله من‬
‫فضله عن تلك الروايات الضعيفة بما صح عن رسوله الكريم صلوات‬
‫ربي وسلمه عليه مما يبين ويوضح لنا كيف نحظى بشفاعته صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫أنه قال‪ :‬قيل‪} :‬يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬لقد ظننت يا أبا هريرة أن ل‬
‫يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على‬
‫الحديث‪ .‬أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال‪ :‬ل إله إل الله‬
‫خالصا ً من قلبه‪ ،‬أو نفسه{)‪ ،(5‬ومن ذلك أيضا ً قوله صلى الله عليه‬
‫ي فإنه‬‫وسلم‪} :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عل ّ‬
‫من صلى علي صلة صلى الله عليه بها عشرًا‪ ،‬ثم سلوا الله لي‬
‫الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل لعبد من عباد الله وأرجو أن‬
‫أكون أنا هو‪ ،‬فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي{)‪ .(6‬وغير ذلك‬
‫‪1‬‬
‫)( تقريب التهذيب )‪.(1/400‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر ص )‪.(124‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ص )‪.(158‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ابن عبد الهادي‪ :‬الصارم المنكي ص )‪.(56‬‬
‫‪5‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬العلو‪ ،‬باب‪ .‬الحرص على الحديث )‪ (1/193‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( تقدم تخريجه‪ ،‬ص )‪.(65‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫من الحاديث التي تبين أسباب الحصول على شفاعته صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فإذا علمنا هذا فقد يرد تساؤل لماذا يتشبث الغلة بمثل تلك‬
‫الحاديث الواهية وينافحون عنها؟! أيستدلون بها ظنا ً منهم أن أحدا ً من‬
‫المسلمين ينكر زيارة مسجده عليه الصلة والسلم المتضمنة لزيارة‬
‫قبره الشريف وقبري صاحبيه وأهل البقيع وغير ذلك من الماكن التي‬
‫تشرع للزائر إذا قدم مدينته صلى الله عليه وسلم؟! وبالرجوع إلى‬
‫كتب أهل العلم‪ ،‬وكتب الغلة تبين لي أن الغلة لم يهتدوا إلى التفريق‬
‫بين الحث والترغيب في زيارة القبور مطلقا ً وبين السفر إليها بشد‬
‫الرحال‪ ،‬فالول أمر مستحب دلت عليه السنة ففي مسلم وغيره قول‬
‫كر الموت{‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ..} :‬فزوروا القبور فإنها ُتذ ّ‬
‫)‪ (1‬الحديث‪ .‬والثاني منهي عنه للنهي عن شد الرحال لغير المساجد‬
‫شد ّ الرحال إل إلى ثلثة مساجد‪:‬‬ ‫الثلثة في الحديث المتفق عليه‪} :‬ل ت ُ َ‬
‫مسجدي هذا‪ ،‬والمسجد الحرام‪ ،‬والمسجد القصى‪ (2){...‬واللفظ‬
‫لمسلم)‪ .(3‬وفي هذا المعنى يقول ابن عبد الهادي‪) :‬والسفر إلى زيارة‬
‫القبور مسألة وزيارتها من غير سفر مسألة أخرى‪ ،‬ومن خلط هذه‬
‫المسألة بهذه المسألة وجعلها مسألة واحدة وحكم عليها بحكم واحد‬
‫رم‬‫ح ِ‬ ‫وأخذ في التشنيع على من فرق بينهما وبالغ في التنفير عنه فقد ُ‬
‫التوفيق وحاد عن سواء الطريق()‪ .(4‬وهذا الذي قاله ابن عبد الهادي هو‬
‫ملخص ما قاله ابن تيمية في مسألة الزيارة المشهورة التي افترى‬
‫عليه فيها الغلة الكذب‪ ،‬وزعموا أن الشيخ يمنع زيارة القبور مطلقا ً أو‬
‫زيارة قبره صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال الشيخ اللباني‪) :‬يظن كثير من الناس أن شيخ السلم ابن‬
‫تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع زيارة قبره صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وهذا كذب وافتراء وليست أول فرية على ابن تيمية رحمه الله‬
‫تعالى‪ ،‬وكل من له اطلع في كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية‬

‫‪1‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الجنائز )‪ (7/46‬مع النووي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الصوم‪ ،‬ب‪ .‬صوم يوم النحر )‪ (241-4/240‬مــع الفتــح‪ ،‬م‪ :‬ك‪ .‬الحــج )‪(106-9/105‬‬
‫مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر تفاصيل أكثر حول هذا الحديث‪ :‬الرد على الخنائي لبن تيمية ص )‪.(43‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الصارم المنكي‪ ،‬ص )‪.(27‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫زيارة قبره صلى الله عليه وسلم واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من‬
‫المخالفات والبدع‪ ،‬مثل شد الرحل والسفر إليها لعموم قوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪} :‬ل تشد الرحل إل إلى ثلثة مساجد{‪ .‬والمستثنى منه‬
‫ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد‬
‫للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا ً أو قبرا ً أو غير ذلك‪ ،‬بدليل ما‬
‫رواه أبو هريرة قال‪) :‬في حديث له(‪} :‬فلقيت بصرة بن أبي بصرة‬
‫الغفاري فقال‪ :‬من أين أقبلت؟ فقلت‪ :‬من الطور‪ ،‬فقال‪ :‬لو أدركتك‬
‫قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول‪ :‬ل تعمل المطي إل إلى ثلثة مساجد{ الحديث أخرجه‬
‫أحمد وغيره بسند صحيح‪.‬‬
‫فهذا دليل على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه‪ ،‬ويؤيده‬
‫أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما‪ ،‬فهم سلف ابن‬
‫تيمية في هذه المسألة‪ ،‬فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح‬
‫رضي الله عنهم)‪.(1‬‬
‫ولم يكتف الغلة بمثل تلك الفرية فحسب على شيخ السلم‪ ،‬بل‬
‫شنعوا عليه غاية التشنيع وتحاملوا عليه غاية التحامل فرأيت أن أذكر‬
‫هنا بعض أوجه هذا التحامل ثم دفاع تلميذ الشيخ عنه بما عرفوه من‬
‫عقيدة شيخهم‪ ،‬ورأى شيخ السلم فيما نسب إليه؛ وذلك نصرة للحق‬
‫وأهله؛ وحتى ل ُيحرم العامة من الستفادة من هذا العالم الرباني ل‬
‫ل كتاباته كانت في العقيدة‪ .‬علما ً بأن كتب المتحاملين‬
‫ج ّ‬
‫سيما وأن ُ‬
‫عليه القدامى ما زالت إلى الن تطبع وتنشر بالضافة إلى المتحاملين‬
‫الجدد)‪.(2‬‬
‫فمن أقوال المتحاملين عليه رحمه الله‪ -1 :‬قول السبكي‪) :‬ضمنت‬
‫هذا الكتاب الرد على من زعم أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة وأن‬
‫السفر إليها بدعة غير مشروعة‪ ،‬وهذه المقالة أظهر فسادا ً من أن يرد‬
‫عليها العلماء‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬وكنت سميت هذا الكتاب )شن الغارة‬
‫على من أنكر سفر الزيارة()‪.(3‬‬
‫‪1‬‬
‫)( السلسلة الضعيفة )‪.(1/64‬‬
‫‪2‬‬
‫)( النبهاني فــي كتــابه المســمى شـواهد الحــق‪ ،‬والكــوثري فــي مقـالته‪ ،‬وعبــد اللــه الصــديق‬
‫الغماري في كتابه المسمى الرد المحكم المتين‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( شفاء السقام‪ ،‬ص )‪.(2‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -2‬قول ابن حجر الهيتمي بعد أن نقل الجماع على مشروعية‬


‫الزيارة والسفر إليها قال‪) :‬فإن قلت كيف تحكي الجماع السابق على‬
‫مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها وابن تيمية من متأخري الحنابلة‬
‫منكر لمشروعية ذلك كله كما رآه السبكي في خطه وأطال ‪-‬أعني ابن‬
‫تيمية‪ -‬في الستدلل لذلك بما تمجه السماع وتنفر عنه الطباع‪ ،‬بل‬
‫زعم حرمة السفر إليها إجماعا ً وأنه ل تقصر فيه الصلة وأن جميع‬
‫الحاديث الواردة فيها موضوعة وتبعه من تأخر عنه من أهل مذهبه؟‬
‫قلت ‪-‬أي ابن حجر الهيتمي‪ -‬من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو ي ُعَوّ ُ‬
‫ل‬
‫في شيء من أمور الدين عليه وهل هو إل كما قال جماعة من الئمة‬
‫الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار‬
‫سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعز بن جماعة‪) :‬عبد أضله الله‬
‫وأغواه وألبسه رداء الخزي وأرداه وبوأه من قوة الفتراء والكذب ما‬
‫أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان(‪ .(4)(...‬وغيرهما‪.‬‬
‫فانتدب بعض تلمذة شيخ السلم الذين عرفوا مذهب شيخهم في‬
‫هذه المسألة وغيرها فأبرأوا ذمتهم بقول الحق الذي يعرفونه‪ ،‬ومن‬
‫هؤلء ابن كثير المفسر والمؤرخ المشهور‪ .‬حيث يقول‪) :‬دخل القاضي‬
‫جمال الدين بن جملة وناصر الدين مشد الوقاف‪ ،‬وسأله ‪-‬يعني ابن‬
‫تيمية‪ -‬عن مضمون قوله في مسألة الزيارة‪ ،‬فكتب ذلك في درج وكتب‬
‫تحته قاضي الشافعية بدمشق‪ :‬قابلت الجواب عن هذا السؤال‬
‫حز جعله زيارة قبر‬ ‫م َ‬
‫المكتوب على خط ابن تيمية إلى أن قال‪) :‬وإنما ال َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وقبور النبياء صلوات الله وسلمه عليهم‬
‫معصية بالجماع مقطوعا ً بها(‪ ،‬فانظر الن هذا التحريف على شيخ‬
‫السلم‪ ،‬فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور النبياء‬
‫والصالحين‪ ،‬وإنما ذكر قولين في شد الرحل والسفر إلى مجرد زيارة‬
‫القبور‪ ،‬وزيارة القبور من غير شد رحل إليها مسألة‪ ،‬وشد الرحل‬
‫لمجرد الزيارة مسألة أخرى‪ ،‬والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شد‬
‫رحل‪ ،‬بل يستحبها ويندب إليها‪ ،‬وكتبه ومناسكه تشهد بذلك‪ ،‬ولم‬
‫يتعرض إلى هذه الزيارة في هذا الوجه في الفتيا‪ ،‬ول قال إنها معصية‪،‬‬
‫ول حكى الجماع على المنع منها ول هو جاهل قول الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪} :‬زوروا القبور فإنها تذكركم الخرة{ والله سبحانه وتعالى‬
‫‪4‬‬
‫)( الهيتمي‪ :‬الجوهر المنظم‪ ،‬ص )‪.(13‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬
‫موا أ ّ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سي َعْل َ ُ‬
‫ل يخفى عليه شيء ول يخفى عليه خافية‪)) ،‬وَ َ‬
‫ن(( ]الشعراء‪.(1)[227:‬‬
‫قل ُِبو َ‬ ‫قل َ ٍ‬
‫ب َين َ‬ ‫من َ‬
‫ُ‬
‫وقال ابن عبد الهادي في مقدمة الصارم المنكي‪) :‬قبل الشروع‬
‫في الكلم مع هذا المعترض ‪-‬يعني السبكي الكبير‪ -‬أن شيخ السلم‬
‫رحمه الله لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شيء من‬
‫ض عليها ومناسكه‬
‫كتبه ولم ينه عنه ولم يكرهها بل استحبها وح ّ‬
‫ومصنفاته طافحة بذكر استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وسائر القبور()‪.((2‬‬
‫رأي شيخ السلم فيما نسب إليه‪:‬‬
‫لم يكن شيخ السلم رحمه الله يأبه لمثل تلك التشنيعات التي‬
‫)‪(3‬‬
‫ُرمي بها لول أن بعض أصحابه أرسل إليه جزءا ً صنفه بعض القضاة‬
‫في مسألة السفر إلى غير المساجد الثلثة وأقسم عليه بالله أن يكتب‬
‫ردا ً ليظهر للناس جهل مثل هؤلء الذين يتكلمون في الدين بغير‬
‫علم)‪.(4‬‬
‫قال شيخ السلم‪) :‬قال المعترض)‪) :(5‬أما بعد فإن العبد لما وقف‬
‫على الكلم المنسوب لبن تيمية المنقول عن نسخة فتياه ظهر لي‬
‫‪-‬من صريح ذلك القول وفحواه‪ -‬مقصده السيئ ومغزاه‪ ،‬وهو تحريم‬
‫زيارة قبور النبياء وسائر القبور والسفر إليها ودعواه أن ذلك معصية‬
‫محرمة مجمع عليها(‪ .‬فيقال‪ :‬هذا الكلم مع قلته فيه من الكذب الباطل‬
‫جّهال‬ ‫والفتراء ما ي ُل ْ ِ‬
‫حقُ صاحبه بالكذابين المردودي الشهادة‪ ،‬أو ال ُ‬
‫البالغين في نقض الفهم والبلدة‪ .‬وكان ينبغي له أن يحكي لفظ‬
‫المجيب بعينه ويبين ما فيه من الفساد وإن ذ َك ََر معناه فليسلك سبيل‬
‫الهدى والسداد‪ .‬فأما أن يذكر عنه ما ليس فيه ول يذكر ما فيه فهذا‬
‫خروج عن الصدق والعدل إلى الكذب والظلم‪ .‬وذلك أن الجواب ليس‬

‫‪1‬‬
‫)( البداية والنهاية )‪.(14/129‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الصارم المنكي‪ ،‬ص )‪.(24‬‬
‫‪3‬‬
‫)( محمد بن أبي بكر الخنائي المالكي القاضي ت‪ .‬سنة ‪750‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الــديباج المــذهب فــي‬
‫معرفة علماء المذهب لبن فرحون المالكي )‪ ،(2/321‬الدرر الكامنة في أعيــان المــائة الثامنــة‬
‫لبن حجر )‪.(3/407‬‬
‫‪4‬‬
‫)( انظر ابن تيمية الرد على الخنائي ص )‪.(10-8‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الخنائي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فيه تحريم زيارة القبور ألبتة‪ ،‬ل قبور النبياء والصالحين‪ ،‬ول غيرهم‪ ،‬ول‬
‫كان السؤال عن هذا وإنما فيه الجواب عن السفر إلى القبور وذ َك ْ ِ‬
‫ر‬
‫قولي العلماء في ذلك‪.‬‬
‫ت كتبه وفتاويه مشحونة باستحباب زيارة القبور‬ ‫والمجيب قد ع ُرِفَ ْ‬
‫وفي جميع مناسكه يذكر استحباب زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد‬
‫ويذكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مسجده والدب‬
‫في ذلك وما قاله العلماء‪ ،‬وفي نفس الجواب قد ذكر ذلك ولم يذكر‬
‫قط أن زيارة القبور معصية ول حكاه عن أحد بل كان يعتقد حين كتب‬
‫هذا الجواب أن زيارة القبور مستحبة بالجماع ثم رأى بعد ذلك فيها‬
‫نزاعا ً هو نزاع مرجوح والصحيح أنها مستحبة()‪ ...(1‬إلى أن قال رحمه‬
‫الله تعالى‪) :‬والمقصود هنا أن ما حكاه عن المجيب أنه ُيحّرم زيارة‬
‫قبور النبياء‪ ،‬وزيارة القبور كذب ب َّين على المجيب ليس في الجواب‬
‫وإنما فيه السفر خاصة‪ ،‬وكلم المجيب فيما ل يحصيه إل الله يبين كذب‬
‫النقل وأنه يستحب زيارة قبور المؤمنين عموما ً فضل ً عن الصالحين‬
‫والنبياء‪ .‬وبل نفس السفر الذي ذكر فيه قولين لم يذكر أنه يختار أحد‬
‫القولين بل ذكر حجة هؤلء وهؤلء فكيف يجوز أن ُيحكى عنه أنه حّرم‬
‫زيارة قبور النبياء والصالحين وسائر القبور وأنه ادعى أن ذلك معصية‬
‫محرمة مجمع عليها؟! ثم من المعلوم لكل من قرأ شيئا ً من العلم ما‬
‫في كتب العلماء من إباحة زيارة القبور للرجال أو استحباب ذلك‪ ،‬وذكر‬
‫النزاع في زيارتها للنساء‪ .‬هذا موجود في الكتب الصغار والكبار وقد‬
‫رىء عليه مرات ل يحصيها إل الله وليس هذا مما‬ ‫قرأه المجيب وقُ ِ‬
‫يخفى على آحاد الطلبة الذين يحضرون عنده‪ .‬فكيف يحكي إجماع‬
‫المسلمين على أن زيارة قبور النبياء وسائر القبور معصية محرمة؟!‬
‫حكي له ذلك عن آحاد الطلبة لم‬ ‫ولو كان لهذا القاضي نوع عقل و ُ‬
‫يصدقه وقال‪ :‬هل في السلم من ينتسب إلى أدنى علم يقول إن زيارة‬
‫القبور معصية محرمة مجمع عليها؟ فهل في السلم شخص يحكي‬
‫الجماع على تحريم زيارة القبور مطلقًا؟ وإذا كان هذا ما يعلم انتفاؤه‬
‫عن جميع المسلمين كان انتفاؤه عن المجيب أولى)‪ (2‬ثم ذكر رحمه‬
‫الله نص السؤال والجواب فليراجع‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫)( الرد على الخنائي‪ ،‬ص )‪.(17-16‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص )‪.(34-33‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬


‫عند الغلة بأن من حج حجة السلم وزار قسسبره وغسسزا غسسزوة‬
‫صّلى عليه في بيت المقدس لسسم يسسسأله اللسسه تعسسالى فيمسسا‬
‫و َ‬
‫افترض عليه‪:‬‬
‫هذه خطوة أخرى من خطوات عدو الله إبليس حسنها وزّينها‬
‫للقوم يدعوهم فيها للتنصل والنسلخ من دين الله وشرائعه وفرائضه‪.‬‬
‫فقد أورد السبكي في شفائه من رواية أبي الفتح محمد بن‬
‫الحسين الزدي في الثاني من فوائده بسنده إلى ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما مرفوعا ً قال‪} :‬من حج حجة السلم وزار قبري وغزا غزوة‬
‫ي في بيت المقدس لم يسأله الله عز وجل فيما افترض‬ ‫وصلى عل ّ‬
‫عليه{)‪ (1‬مستدل ً بذلك على فضل زيارة القبر النبوي الشريف‬
‫وتعظيمه‪.‬‬
‫وهذا الحديث موضوع باطل ل شك في بطلنه ويتبين هذا من‬
‫خلل‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف سنده‪.‬‬
‫‪ -‬المفاسد العظيمة المترتبة على متنه‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬سند الحديث‪ :‬وفيه‪ :‬بدر بن عبد الله المصيصي مجهول‬
‫الحال‪.‬‬
‫قال الذهبي الذي لم يذكر في ترجمته إل سطرا ً واحدًا‪) :‬روى خبرا ً‬
‫ل()‪ .(2‬وعلق ابن حجر على قول الذهبي بقوله‪) :‬والخبر المذكور‬ ‫باط ً‬
‫أخرجه أبو الفتح الزدي في الثامن من فوائده‪ ...‬ثم ذكر نص الحديث‬
‫المستدل به()‪.(3‬‬
‫وقال عنه ابن عبد الهادي‪) :‬لم يعرف بثقة ول عدالة ول أمانة()‪.(4‬‬
‫بل قال السبكي نفسه عنه بعد إيراده للحديث‪) :‬ما علمت من‬

‫‪1‬‬
‫)( شفاء السقام‪ ،‬ص )‪.(34‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ميزان العتدال )‪.(2/4‬‬
‫‪3‬‬
‫)( لسان الميزان )‪.(2/4‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الصارم المنكي‪ ،‬ص )‪.(224‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫حاله شيئًا()‪ .(1‬وفي السند أيضا ً أبو الفتح محمد بن الحسين الزدي‬
‫الموصلي‪.‬‬
‫قال فيه الخطيب البغدادي)‪) :(2‬في حديثه غرائب ومناكير(‪.‬‬
‫وقال أيضًا‪) :‬حدثني أبو النجيب الرموي قال‪ :‬رأيت أهل الموصل‬
‫يوهنون أبا الفتح الزدي جدا ً ول يعدونه شيئًا(‪.‬‬
‫وقال‪) :‬حدثني محمد بن صدقة الموصلي أن أبا الفتح قدم بغداد‬
‫على المير ‪-‬يعني ابن بويه‪ -‬فوضع له حديثًا‪) :‬أن جبريل كان ينزل على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في صورته‪ .‬قال فأجازه وأعطاه دراهم‬
‫كثيرة(‪.‬‬
‫وقال أيضًا‪) :‬سألت أبا بكر البرقاني عن أبي الفتح الزدي‪ :‬فأشار‬
‫إلى أنه كان ضعيفا ً وقال‪ :‬رأيته في جامع المدينة وأصحاب الحديث ل‬
‫يرفعون به رأسا ً ويتجنبونه()‪.(3‬‬
‫وقال الجوزي)‪) :(4‬كان حافظا ً ولكن في حديثه مناكير وكانوا‬
‫يضعفونه()‪.(5‬‬
‫وذكر تضعيف الزدي كل من‪ :‬الذهبي)‪ ،(6‬وابن حجر)‪ ،(7‬وابن‬
‫كثير)‪.(8‬‬
‫وقد ذكره ابن عراق في سلسلته التي ذكرها في أسماء الوضاعين‬
‫والكذابين ومن كان يسرق الحاديث ويقلب الخبار ومن اتهم بالكذب‬

‫‪1‬‬
‫)( شفاء السقام‪ ،‬ص )‪.(34‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي الشافعي‪ ،‬أحـد مشـاهير الحفـاظ‪ ،‬كــان بحـرا ً فــي‬
‫الرواية والدراية‪ .‬من تصانيفه تاريخ بغداد‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪463‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬طبقات الشافعية للســنوي )‬
‫‪ ،(1/201‬البداية والنهاية )‪.(6/108‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر الخطيب البغدادي‪ :‬تاريخ بغداد )‪.(2/244‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المام الحافظ عالم العراق وواعظ الفاق جمــال الــدين أبــو الفــرج عبـد الرحمــن بــن أبـي‬
‫الحسن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بــن محمــد بــن أبــي بكــر الصــديق القرشــي‪ ،‬صــاحب‬
‫التصانيف السائرة في سائر الفنون منها‪ :‬المغني في علوم القرآن‪ ،‬وزاد المسير في التفســير‪،‬‬
‫والموضوعات‪ ،‬والضعفاء‪ ،‬وغيرها ت‪ .‬سنة ‪597‬هـ‪ ،‬تذكرة الحفاظ )‪.(4/1342‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ابن الجوزي‪ :‬الضعفاء والمتروكين )‪.(3/53‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ميزان العتدال )‪.(3/523‬‬
‫‪7‬‬
‫)( لسان الميزان )‪.(11/139‬‬
‫‪8‬‬
‫)( البداية والنهاية )‪.(11/323‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫والوضع‪ .‬وقال عنه‪) :‬متهم بالوضع()‪.(1‬‬


‫الحكم على الحديث‪:‬‬
‫قال الذهبي إنه‪) :‬خبر باطل(‪.‬‬
‫وقال ابن عبد الهادي‪) :‬هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم بل شك ول ريب عند أهل المعرفة بالحديث()‪.(2‬‬
‫يقول أحمد النجمي‪) :‬وعلمات الوضع بادية في قوله‪) :‬لم يسأله‬
‫الله فيما افترض عليه( فإن سؤال العباد في الخرة عما افترض عليهم‬
‫ومحاسبتهم على ذلك من المور القطعية الثابتة بصريح القرآن وصحيح‬
‫ك ل َنسأ َل َنه َ‬
‫ما‬
‫ن * عَ ّ‬
‫مِعي َ‬
‫ج َ‬
‫مأ ْ‬‫السنة‪ ،‬قال تعالى وهو أصدق قائل‪)) :‬فَوََرب ّ َ َ ْ ّ ُ ْ‬
‫ن(( ]الحجر‪ .[93-92 :‬ففي هذه الية أخبر الله عز وجل‬ ‫مُلو َ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا ي َعْ َ‬
‫بأن السؤال حاصل لجميع الناس وأكد هذا الخبر بثلثة مؤكدات هي‪:‬‬
‫القسم واللم والنون التوكيدية ثم أكد الضمير )بأجمعين( ليدل على‬
‫استيعاب السؤال لجميع المكلفين(‪ ،‬وغير ذلك من اليات‪ .‬وأما السنة‬
‫ما رواه أصحاب السنن‪} :‬أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلته‪،‬‬
‫فإن وجدت تامة كتبت تامة وإن كان انتقص منها شيء قال‪ :‬انظروا‬
‫مل له ما ضّيع من فريضة من تطوعه‪ ،‬ثم‬ ‫هل تجدون له من تطوع ُيك ّ‬
‫سائر العمال تجري على حسب ذلك{)‪ (4)(3‬واللفظ للنسائي‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬المفاسد العظيمة المترتبة على الحديث‪:‬‬
‫ود السبكي بهذا الحديث كتابه ل أدري هل تأمل متن الحديث‬
‫ما س ّ‬
‫ل ّ‬
‫جيدا ً وعرف ما يلزم منه من لوازم تنقض عرى السلم عروة عروة أم‬
‫غلب عليه الهوى حتى أصمه وأعمى بصره وبصيرته عن تدبر ما يلزم‬
‫من ذلك الحديث‪.‬‬
‫‪ -‬هل يعتقد السبكي ومن شايعه‪ :‬أن من حج حجة السلم وزار‬
‫قبره عليه الصلة والسلم وغزا غزوة وصلى في بيت المقدس جاز له‬

‫‪1‬‬
‫)( ابن عراق‪ :‬تنزيه الشريعة المرفوعة عن الحاديث الشنيعة الموضوعة )‪.(1/103‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الصارم المنكي‪ ،‬ص )‪.(222‬‬
‫‪3‬‬
‫)( رواه الترمذي في جامعه )‪ (2/269‬ح )‪(413‬؛ وابن ماجة فــي ســننه )‪ (1/458‬ح )‪،(1425‬‬
‫وصحيح ابن ماجة لللباني )‪.(1/240‬‬
‫‪4‬‬
‫)( انظر أوضح الشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة للشيخ أحمد يحيى النجمي‬
‫ص )‪.(155‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أن يعبد غير الله تعالى؟! وأنه إذا عبد غير الله ل يسأله الله عما‬
‫افترض عليه من التوحيد محتجا ً بهذا الحديث‪ ،‬والله سبحانه هو القائل‬
‫ن قَب ْل ِ َ‬
‫ك‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ك وَإ َِلى ال ّ ِ‬‫ي إ ِل َي ْ َ‬
‫ح َ‬‫قد ْ ُأو ِ‬‫لنبيه صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وَل َ َ‬
‫ه َفاع ْب ُد ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬
‫ن * بَ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬
‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬‫ك وَل َت َ ُ‬
‫مل ُ َ‬ ‫حب َط َ ّ‬
‫ن عَ َ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬‫شَرك ْ َ‬‫ن أَ ْ‬‫ل َئ ِ ْ‬
‫ن(( ]الزمر‪.[66-65:‬‬ ‫ري َ‬‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬‫وَك ُ ْ‬
‫‪ -‬هل يعتقد السبكي ومن شايعه‪ :‬أن من أتى بتلك العمال جاز له‬
‫ترك الصلة والزكاة؟! وهما مما افترض على العبد وقد جاء في شأن‬
‫الصلة‪} :‬إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر{)‪.(1‬‬
‫‪ -‬هل يعتقد السبكي ومن شايعه‪ :‬أن من أتى بتلك العمال ح ّ‬
‫ل له‬
‫شرب الخمر ونكاح المهات والخوات والبنات؟! لنه يزعم أن الله ل‬
‫يسأله عما افترض عليه من اجتناب محارمه مما هو معلوم من الدين‬
‫بالضرورة‪ .‬وغير ذلك من اللوازم الفاسدة التي من اعتقدها خرج عن‬
‫دائرة السلم والمسلمين‪ .‬نعوذ بالله من الخذلن‪.‬‬
‫حجاج القبور‪:‬‬
‫أصناف ُ‬
‫الصنف الول‪ :‬قوم يقصدون القبور من أجل قضاء الحاجات‪،‬‬
‫وطلب الدعاء من الموات‪ ،‬فمنهم من يسأل المقبور شفاء السقام‪،‬‬
‫ومنهم من يطلبه رد غائبه‪ ،‬أو إنجاح ولده‪ ،‬ومنهم من يطلب منه إنزال‬
‫المطار والحصول على الذرية وغير ما ذكر‪ ،‬وقد شاهدت بعض ذلك‬
‫بنفسي بل هو مشاهد في جميع أرجاء العالم السلمي ول ينكر ذلك إل‬
‫مكابر‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم‪) :‬وهؤلء الذين يحجون إلى القبور يقصدون ما‬
‫يقصده المشركون الذين يقصدون بعبادة المخلوق ما يقصده العابدون‬
‫ده قضاء حاجته وإجابة سؤاله‪ .‬يقول‪) :‬هؤلء‬ ‫لله وحده‪ .‬منهم من َقص ُ‬
‫أقرب إلى الله مني فأنا أتوسل بهم فهم يتوسطون لي في قضاء‬
‫حاجتي كما يتوسط خواص الملك لمن يكون بعيدا ً عنهم‪ ،‬وقد ينذر لهم‬
‫أو يأتي بقربات بل نذر ويتقربون إليهم بما ينذرونه ويهدونه إلى قبورهم‬
‫كما يتقرب المسلمون بما يتقربون به إلى الله من الصدقات والضحايا‪،‬‬
‫وكما يهدون إلى مكة أنواع الهدي‪ .‬ومنهم من يجعل لصاحب القبر‬
‫نصيبا ً من ماله أو بعض ماله‪ ،‬أو يجعل ولده كما كان المشركون‬
‫‪1‬‬
‫)( رواه ابن ماجة في سننه )‪ (1/342‬ح )‪ ،(1079‬وانظر صحيح ابن ماجة )‪.(1/177‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يفعلون بآلهتهم‪ ،‬ومنهم من يسيب لهم السوائب فل ُيذبح ول يركب ما‬


‫يسيب لهم من بقر وغيرها كما كان المشركون يسيبون لطواغيتهم‪،‬‬
‫فهذا صنف()‪ .(1‬الصنف الثاني‪ :‬قال رحمه الله‪) :‬وصنف ثان يحجون إلى‬
‫قبورهم ِلما عندهم من المحبة للميت والشوق إليه أو التعظيم‬
‫والخضوع له‪ ،‬فيجعلون السفر إلى قبره أو إلى صورته الممثلة تقوم‬
‫مقام السفر إلى نفسه لو كان حيًا‪ ،‬ويجدون بذلك أنسا ً في قلوبهم‬
‫وطمأنينة وراحة كما يحصل لكثير من المحبين إذا رأى قبر محبوبه‪،‬‬
‫وكما يحصل للقريب أو الصديق إذا رأى قبر قريبه وصديقه‪ ،‬لكن ذلك‬
‫حب وتعظيم ديني فهو أعظم تأثيرا ً في النفوس‪ ،‬ولهذا يجد كل قوم‬
‫عند قبر من يحبونه ويعظمونه ما ل يجدونه عند قبر غيره وإن كان‬
‫أفضل‪.‬‬
‫وكثير من أتباع المشايخ والئمة يجدون عند قبور مشايخهم‬
‫وأئمتهم ما ل يجدونه عند قبور النبياء ل نبينا صلى الله عليه وسلم ول‬
‫غيره وذلك‪ ،‬لن الوجد الذي يجدونه ليس سببه نفس فضيلة المزور بل‬
‫سببه ما قام بنفوسهم من حبه وتعظيمه وإن كان هو ل يستحق ذلك‪...‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬وكذلك عباد العجل‪ ،‬قال الله تعالى‪)) :‬وَأ ُ ْ‬
‫شرُِبوا ِفي‬
‫م(( ]البقرة‪ [93 :‬أي حب العجل هذا قول‬ ‫ل ب ِك ُ ْ‬
‫فرِه ِ ْ‬ ‫م ال ْعِ ْ‬
‫ج َ‬ ‫قُُلوب ِهِ ُ‬
‫الكثرين‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬وهذا الجنس من الزيارة ليس مما شرعه‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ل إباحة ول ندبا ً ول استحبه أحد من أئمة‬
‫الدين بل هم متفقون على النهي عن هذا الجنس كله()‪ .(2‬وبهذا يتبين‬
‫أن قول دحلن‪) :‬وأما تخيل المانعين المحرومين من بركاته أن منع‬
‫التوسل والزيارة من المحافظة على التوحيد وأن التوسل والزيارة مما‬
‫يؤدي إلى الشرك فهو تخيل فاسد باطل()‪ ،(3‬من المكابرة والمعاندة‬
‫بالباطل‪ .‬فهو يعلم أنه ل أحد يمنع التوسل الصحيح المشروع ول‬
‫الزيارة الخالية من البدع والمخالفات الشرعية وإنما الممنوع بناء‬
‫العقائد على الحاديث الضعيفة والموضوعة والمنامات واستحسانات‬
‫الرجال وغير ذلك مما يخالف صريح القرآن وصحيح السنة وإجماع‬
‫سلف المة‪ ،‬وهذا من المحافظة على التوحيد دون شك‪ .‬وكلم دحلن‬
‫‪1‬‬
‫)( الرد على الخنائي‪ ،‬ص )‪.(91-90‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الرد على الخنائي‪ ،‬ص )‪ (94-91‬باختصار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الدرر السنية‪ ،‬ص )‪.(18‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫هذا مستفاد من كلم سلفه السبكي الذي يقول‪) :‬فإن قلت الفرق أيضا ً‬
‫أن غيره ل يخشى فيه محذور وقبره صلى الله عليه وسلم يخشى‬
‫الفراط في تعظيمه أن يعبد‪ .‬قلت‪ :‬هذا كلم تقشعر منه الجلود ولول‬
‫خشية اغترار الجهال به لما ذكرته فإن فيه تركا ً لما دلت عليه الدلة‬
‫الشرعية بالراء الفاسدة الخيالية وكيف يقدم على تخصيص قوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬زوروا القبور{)‪ ،(1‬وعلى ترك قوله‪} :‬من زار قبري‬
‫وجبت له شفاعتي{)‪ ،(2‬وعلى مخالفة إجماع السلف)‪ (3‬والخلف بمثل‬
‫هذا الخيال الذي ل يشهد به كتاب ول سنة‪ ...‬إلى قوله وجوب المبالغة‬
‫في تعظيمه وتوقيره صلى الله عليه وسلم()‪ .(4‬وقد أجاب عن ذلك ابن‬
‫عبد الهادي بكلم رصين كشف به تلعب المتلعبين قال‪) :‬والجواب أن‬
‫يقال ل يخفى ما في هذا الكلم من التلبيس والتمويه والغلو والتخليط‬
‫والقول بغير علم والمناقشة على جميع ذلك تفضي إلى التطويل ولكن‬
‫التنبيه على البعض كاف لمن وفقه الله‪ .‬قوله‪) :‬فإن قلت الفرق أيضا ً‬
‫أن غيره ل يخشى فيه محذور‪ ...‬الخ( سؤال ل تخفى صحته وقوته على‬
‫أهل العلم واليمان‪ .‬وقوله في جوابه‪) :‬هذا كلم تقشعر منه الجلود‪...‬‬
‫دعوا إلى عبادة‬ ‫إلخ(‪ .‬فيقال نعم تقشعر منه جلود ع ُّباد ِ القبور الذين إذا ُ‬
‫الله وحده وأن ل يشرك به ول يتخذ من دونه وثن يعبد اشمأزت قلوبهم‬
‫واقشعرت جلودهم واكفهرت وجوههم ول يخفى أن هذا نوع مشابهة‬
‫ش َ‬
‫نل‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت قُُلو ُ‬ ‫حد َه ُ ا ْ َ‬
‫مأّز ْ‬ ‫ذا ذ ُك َِر الل ّ ُ‬
‫ه وَ ْ‬ ‫للذين قال الله فيهم‪)) :‬وَإ ِ َ‬
‫ة(( ]الزمر‪.[54 :‬‬ ‫خَر ِ‬
‫ن ِبال ِ‬ ‫ي ُؤ ْ ِ‬
‫مُنو َ‬
‫ثم يقال‪ :‬أما جلود أهل التوحيد المتبعين للرسول العاِلمين‬
‫بمقاصده الموافقين له فيما أحبه ورغب فيه وكرهه وحذر منه فإنها ل‬
‫تقشعر من هذا الفرق بل تزيد قلوبهم وجلودهم طمأنينة وسكينة وهم‬
‫يستبشرون‪ ،‬وأما الذين في قلوبهم مرض فل تزيدهم قواعد التوحيد‬
‫وأدلته وحقائقه وأسراره إل رجسا ً إلى رجسهم‪ ،‬وإذا سلك التوحيد في‬
‫قلوبهم دفعته قلوبهم وأنكرته ظنا ً منهم أنه تنقص وهضم للكابر وإزراء‬

‫‪1‬‬
‫)( هذا الحديث ل دليل له فيما ذهب إليه وإنما يدل على الزيارة المشروعة ل الممنوعة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تقدم تخريج هذا الحديث ص )‪ (155‬وبيان أقوال أهل العلم في ضعفه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أما السلف فإجماعهم على الزيارة الشرعية ل البدعية وأمــا الخلــف فــإن خــالف إجمــاعهم‬
‫السلف فل يلتفت إليهم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( شفاء السقام ص )‪.(86-85‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫بهم وحط لهم عن مراتبهم وأتباع هؤلء ضعفاء العقول وهم أتباع كل‬
‫ناعق يميلون مع كل صائح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن‬
‫وثيق‪ ،‬وأما أهل العلم واليمان فإنما تقشعر جلودهم من مخالفة‬
‫الرسول فيما أمر ومن ترك قبول قوله فيما أخبر ومن قولى القائل‬
‫وإقراره بأن اليقين ل يستفاد بقوله صلى الله عليه وسلم وأنه يجب‬
‫تقديم عقول الرجال وآرائهم على قوله صلى الله عليه وسلم إذا‬
‫خالفها وأنه يجب أو يشرع الحج إلى قبره ويجعل من أعظم العياد‬
‫ويحتج بفعل العوام والطغام على أن هذا من دينه صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ويقدم هديهم على هدى المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم‬
‫بإحسان ويستحل تكفير من نهى عن أسباب الشرك والبدع ودعا إلى‬
‫ما كان عليه خيار المة وساداتها ويستحل عقوبته وينسب إلى التنقص‬
‫والزراء‪ .‬فهذا وأمثاله تقشعر منه جلود أهل العلم واليمان()‪ .(1‬إلى‬
‫قوله‪) :‬وقوله إن المبالغة في تعظيمه واجبة(‪ .‬أيريد بها المبالغة بحسب‬
‫ما يراه كل أحد تعظيما ً حتى الحج إلى قبره والسجود له والطواف به‬
‫واعتقاد أنه يعلم الغيب وأنه يعطي ويمنع ويملك لمن استغاث به من‬
‫دون الله الضر والنفع وأنه يقضي حوائج السائلين ويفرج كروب‬
‫المكروبين وأنه يشفع فيمن يشاء ويدخل الجنة من يشاء؟ فدعوى‬
‫وجوب المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك وانسلخ من جملة‬
‫الدين‪ ،‬أم يريد بها التعظيم الذي لشرعه الله ورسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم من وجوب محبته وطاعته ومعرفة حقوقه وتصديق أخباره‬
‫وتقديم كلمه على كلم غيره ومخالفة غيره لموافقته ولوازم ذلك؟‬
‫فهذا التعظيم ل يتم اليمان إل به ولكن هذا المعترض وأضرابه عن ذلك‬
‫بمعزل()‪ .(2‬والمباحث التالية ُتبين لنا ما الذي فهمه الغلة من تعظيم‬
‫الرسول عليه أفضل الصلة وأزكى التسليم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عنسسد الغلة بمحسسو السسذنوب وعلسسم مسسا فسسي اللسسوح المحفسسوظ‬
‫والقلوب‪:‬‬
‫ص الغلة الرسول صلى الله عليه وسلم بخصائص هي من جنس‬ ‫خ ّ‬
‫ب العزة والجلل من غير علم ول هدى ول كتاب منير‪،‬‬
‫خصائص ر ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( انظر الصارم المنكي ص )‪) (459-457‬مختصرًا(‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص )‪.(464‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن مريد يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ً‬ ‫يتبعون كل شيطا ٍ‬
‫شبه؛ لُيخرجوا بها من قل‬ ‫بالتلبيس‪ ،‬والتدليس‪ ،‬وإلقاء الوساوس‪ ،‬وال ّ‬
‫نصيبه من العلوم وقامت حقائق اليمان في قلبه مقام الرسوم‪ ،‬من‬
‫ن‬‫طي َ‬
‫شَيا ِ‬‫ي ع َد ُّوا َ‬ ‫ل ن َب ِ ّ‬ ‫جعَل َْنا ل ِك ُ ّ‬‫ك َ‬ ‫النور إلى الظلمات قال تعالى‪)) :‬وَك َذ َل ِ َ‬
‫ل غ ُُروًرا وَل َوْ َ‬
‫شاَء‬ ‫ف ال ْ َ‬
‫قو ْ ِ‬ ‫خُر َ‬ ‫ض ُز ْ‬ ‫ضه ُ ْ َ‬
‫م إ ِلى ب َعْ ٍ‬ ‫حي ب َعْ ُ‬ ‫ن ُيو ِ‬ ‫ج ّ‬‫س َوال ْ ِ‬ ‫لن ِ‬ ‫ا ِ‬
‫َ‬
‫نل‬ ‫ذي َ‬‫صَغى إ ِل َي ْهِ أفْئ ِد َة ُ ال ّ ِ‬ ‫ن * وَل ِت َ ْ‬ ‫فت َُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫م وَ َ‬ ‫ما فَعَُلوه ُ فَذ َْرهُ ْ‬ ‫ك َ‬‫َرب ّ َ‬
‫ن(( ]النعام‪-112 :‬‬ ‫قت َرُِفو َ‬ ‫م ْ‬‫م ُ‬‫ما هُ ْ‬ ‫قت َرُِفوا َ‬‫ضوْه ُ وَل ِي َ ْ‬‫خَرةِ وَل ِي َْر َ‬ ‫ن ِبال ِ‬ ‫مُنو َ‬‫ي ُؤ ْ ِ‬
‫‪.[113‬‬
‫ن‬ ‫ن إ ِّل الظ ّ ّ‬
‫ن وَإ ِ ْ‬ ‫جوه ُ ل ََنا إ ِ ْ‬
‫ن ت َت ّب ُِعو َ‬ ‫عل ْم ٍ فَت ُ ْ‬
‫خرِ ُ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫عن ْد َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ل ِ‬‫وقال‪)) :‬هَ ْ‬
‫ن(( ]النعام‪.[148:‬‬ ‫م إ ِّل ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫صو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫أن ْت ُ ْ‬
‫يظنون ظنا ً كاذبا ً خاطئا ً أن بإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم تلك‬
‫الخصائص يكون تعظيمه وتوقيره وتبجيله‪ ،‬وجهلوا أو تجاهلوا حقيقة )ل‬
‫إله إل الله( التي قامت عليها دعوته وجهاده صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ففتحوا لنفسهم بابا ً إلى الجحيم بدعوى المحبة والتعظيم‪ .‬ويتجلى ذلك‬
‫الغلو في كتب المولد والمدائح النبوية‪ ،‬وقد أجرى الله سبحانه وتعالى‬
‫ذر من مثل تلك الكتب لما فيها من‬ ‫الحق على لسان أحد علمائهم فح ّ‬
‫غلو ومبالغات في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يقول عبد‬
‫الله الصديق الغماري‪) :‬فما يوجد في كتب المولد النبوي وقصة‬
‫المعراج من مبالغات وغلو ل أساس له من الواقع يجب أن تحرق لئل‬
‫يحرق أصحابها وقارؤها في نار جهنم نسأل الله السلم والعافية()‪.(1‬‬
‫والنماذج الشعرية التالية توضح ما جعله الغلة للرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم من خصائص هي من جنس خصائص الربوبية واللهية‪:‬‬
‫يقول الُبرعي‪:‬‬
‫أنا من ذنوبي في‬ ‫يا صاحب القبر المنير بيثرب‬
‫أشد وثاقي‬
‫أفل تمن عليه بالطلق‬ ‫ناداك من برع أسير ذنوبه‬
‫سبل المهالك صحبة‬ ‫ت ظهري بالكبائر سالكا ً‬
‫أثقل ُ‬

‫‪1‬‬
‫)( ملحق عن قصيدة البردة لعبد الله بن الصــديق الغمــاري‪ ،‬ص )‪ (77‬بــذيل كتــاب البوصــيري‬
‫مادح الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الفساق‬
‫يا وافيا ً بالعهد‬ ‫ونقضت عهدا ً قد تقادم عهده‬
‫والميثاق‬
‫وافسح له عن ضيق‬ ‫فاعطف على عبد الرحيم برحمة‬
‫)‪(1‬‬
‫كل خناق‬
‫قال النبهاني‪ :‬قال أبو المواهب البكــري مخاطبـا ً النــبي صــلى اللــه‬
‫عليه وسلم‪:‬‬
‫ضاق بي المذهب‬ ‫أقلني عثرة ع ُ‬
‫ظمت فإني‬
‫منه ل أسلب‬ ‫وخلصني وخصصني بسر‬
‫وإل من له أذهب‬ ‫أغث يا سيدي لهفي‬
‫ش ول تتعب‬
‫فل تخ َ‬ ‫وقل لي أنت في جاهي‬
‫)‪(2‬‬
‫فمن تنصره ل يغلب‬ ‫بك استنصرت فانصرني‬
‫صيري)‪:(3‬‬
‫ويقول الُبو ِ‬
‫ومن علومك علم‬ ‫فإن من جودك الدنيا وضرتها‬
‫)‪(4‬‬
‫اللوح والقلم‬
‫ويقول النبهاني‪:‬‬
‫أنت أدرى بما حواه‬ ‫سيدي أبا البتول أغثني‬
‫)‪(5‬‬
‫الضمير‬
‫ص الغلة النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بمحسسو السسذنوب‬
‫خ ّ‬
‫وغفرانها‪:‬‬
‫وهذا ل يكون إل لله جل وعل حيث أخبر سبحانه وتعالى أنه غافر‬
‫ديدِ‬ ‫ب َ‬
‫ش ِ‬ ‫ب وََقاب ِ ِ‬
‫ل الت ّوْ ِ‬ ‫الذنب وقابل التوب قال تعالى‪َ )) :‬‬
‫غافِرِ الذ ّن ْ ِ‬
‫‪1‬‬
‫)( ديوان البرعي ص )‪ (79-78‬مع الشرح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( شواهد الحق للنبهاني ص )‪.(377‬‬
‫‪3‬‬
‫)( محمد سعيد بن حماد الصنهاجي الُبوصيري المصري‪ ،‬شاعر له ديوان شــعر وأشــهر شــعره‬
‫بردة المديح والهمزية ت‪ .‬سنة ‪696‬هـ‪ .‬العلم )‪.(6/139‬‬
‫‪4‬‬
‫)( البوصيري‪ُ :‬بردة المديح ص )‪.(35‬‬
‫‪5‬‬
‫)( شواهد الحق ص )‪.(363‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫صيُر(( ]غافر‪ ،[3:‬وأخبر سبحانه‬ ‫م ِ‬ ‫ه إ ِّل هُوَ إ ِل َي ْهِ ال ْ َ‬ ‫ل ل إ ِل َ َ‬ ‫ب ِذي الط ّوْ ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ال ْعِ َ‬
‫وتعالى أنه خبير بصير بذنوب عباده قال تعالى‪)) :‬وك َ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫م أهْل َك َْنا ِ‬ ‫َ ْ‬
‫صيًرا(( ]السراء‪:‬‬ ‫خِبيًرا ب َ ِ‬ ‫عَباد ِهِ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ك ب ِذ ُُنو ِ‬ ‫فى ب َِرب ّ َ‬ ‫ح وَك َ َ‬ ‫ن ب َعْد ِ ُنو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫قُرو ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪ ،[17‬وأخبرنا جلت عظمته وتقدست أسماؤه بأنه يغفر الذنوب جميعًا‪،‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫سَرُفوا ع ََلى أ َن ْ ُ‬ ‫نأ ْ‬
‫عبادي ال ّذي َ‬
‫ل َيا ِ َ ِ َ ِ َ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫م(( ]الزمر‪:‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫ه هُوَ ال ْغَ ُ‬ ‫ميًعا إ ِن ّ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فُر الذ ُّنو َ‬ ‫ه ي َغْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مةِ الل ّهِ إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫‪ ،[53‬بل إن الله تعالى أمر نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم أن‬
‫يستغفر من ذنبه‪ ،‬قال تعالى‪َ)) :‬فاع ْل َ َ‬
‫فْر ل ِذ َن ْب ِ َ‬
‫ك‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫ه َوا ْ‬ ‫ه إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫ْ‬
‫م(( ]محمد‪،[19:‬‬ ‫واك ُ ْ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫قل ّب َك ُ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬‫ت َوالل ّ ُ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫وَل ِل ْ ُ‬
‫مد ِ‬ ‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫فْر ل ِذ َن ْب ِ َ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫حقّ َوا ْ‬ ‫ن وَع ْد َ الل ّهِ َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬ ‫وقال تعالى‪َ)) :‬فا ْ‬
‫كاِر(( ]غافر‪ [55:‬وقد غفر الله تعالى لنبينا صلى الله‬ ‫ي َوال ِب ْ َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ك ِبال ْعَ ِ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ما‬
‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫فَر ل َ َ‬ ‫عليه وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬ل ِي َغْ ِ‬
‫ما((‬ ‫صَرا ً‬ ‫ك وَي َهْد ِي َ َ‬ ‫ه ع َل َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن ذ َن ْب ِ َ‬
‫قي ً‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫مت َ ُ‬‫م ن ِعْ َ‬ ‫خَر وَي ُت ِ ّ‬ ‫ما ت َأ ّ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫تَ َ‬
‫]الفتح‪ [2:‬وأخبر سبحانه وتعالى أنه ل أحد يغفر الذنوب سواه قال‬
‫ه‬‫م ذ َك َُروا الل ّ َ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫موا أ َن ْ ُ‬ ‫ة أوْ ظ َل َ ُ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا فَعَُلوا َفا ِ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى‪َ)) :‬وال ّ ِ‬
‫ه(( ]آل عمران‪[135 :‬‬ ‫ب إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫فُر الذ ُّنو َ‬ ‫ن ي َغْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫فُروا ل ِذ ُُنوب ِهِ ْ‬ ‫ست َغْ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫الية‪.‬‬
‫يقول ابن كثير رحمه الله‪) :‬أي ل يغفرها أحد سواه()‪.(1‬‬
‫وروى المام أحمد بسنده عن السود بن سريع أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أتى بأسير فقال‪} :‬اللهم إني أتوب إليك ول أتوب إلى‬
‫محمد‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬عرف الحق لهله{)‪.(2‬‬
‫أبعد كل هذا التعريف والبيان من الله تعالى ورسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم يعدل إلى الستدلل بالشعار والحكايات واستحسانات‬
‫الرجال لبيان أن أحدا ً من الخلق يقدر على ما ل يقدر عليه إل الله‬
‫تعالى والقول بوجود وسائط بين الخالق والمخلوق؛ لتحصل المنفعة‬
‫للمخلوق بما لم ُيشرع أو يباح لهم فيه‪ .‬فمن حكاياتهم في ذلك ما رواه‬
‫النبهاني عن سيده مصطفى البكري قال‪ُ) :‬يحكى أن سيدي محمدا ً‬
‫الحنفي قدس الله سره‪ ،‬فرش سجادته على البحر‪ ،‬وقال لمريده‪ :‬قل‬

‫‪1‬‬
‫)( تفسير القران العظيم )‪.(1/416‬‬
‫‪2‬‬
‫)( حم )‪.(3/435‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫م تقول يا حنفي؟ هل‬ ‫يا حنفي وامش‪ ،‬فمشى المريد خلفه فخطر له ل ِ َ‬
‫قلت يا الله؟ فلما قالها غرق‪ ،‬فأمسك الشيخ بيده‪ ،‬وقال له‪ :‬أنت‬
‫الحنفي تعرفه؟ فكيف بالله؟ فإذا عرفت الله فقل يا الله؟ قال البكري‬
‫يشير إلى أن الوسائط ل بد منهم(‪ ،‬ومن تلك الحكايات ما حكاه محمد‬
‫صادق القادري في مناقب الشيخ عبد القادر الكيلني‪ .‬قال‪) :‬جاءت‬
‫امرأة ذات يوم إلى حضرة الغوث والتمست من حضرته الدعاء‬
‫ليعطيها الله ولدًا‪ ،‬فراقب اللوح المحفوظ فلم ير لها ولدا ً مكتوبا ً فيه‪،‬‬
‫فسأل الله أن يعطيها ولدين‪ ،‬فجاءه النداء من الله‪ :‬ليس لها ولد‬
‫مكتوب في اللوح المحفوظ وأنت تطلب لها ولدين؟ فسأل الله أن‬
‫يعطيها ثلثة أولد‪ ،‬فجاءه النداء مثل الول‪ ،‬فسأل أن يعطيها أربعة‬
‫أولد‪ ،‬فجاءه النداء أيضا ً مثله‪ ،‬فسأل أن يعطيها خمسة أولد‪ ،‬فجاء‬
‫النداء كالسابق‪ ،‬فسأل أن يعطيها ستة أولد‪ ،‬فجاءه النداء كالسابق‪،‬‬
‫فسأل أن يعطيها سبعة أولد‪ ،‬فجاءه النداء يكفي يا غوث ل تطلب‬
‫الزيادة‪ ،‬فبهذه الشارة جاءت البشارة بإعطاء الله لها سبعة أولد‬
‫ذكور‪ ،‬فأعطاه الغوث مقدارا ً من التراب‪ ،‬وكانت تلك المرأة حينئذ‬
‫كاملة الصدق والعتقاد في حضرة الغوث‪ ،‬فوضعت ذلك التراب في‬
‫فضة وعلقتها كالتعويذة‪ ،‬فأكرمها الله بسبعة أولد ذكور‪ ،‬وبعد مدة‬
‫فسد اعتقادها في حق الغوث‪ ،‬وقالت‪ :‬التراب الذي أعطانيه الغوث أي‬
‫فائدة تحصل منه؟! فمجرد تفوهها بهذا الكلم مات أولدها‪ ،‬فجاءت إلى‬
‫الغوث باكية وتضرعت فقالت‪ :‬يا غوث أغثني؟ فقال الغوث‪ :‬كان ذلك‬
‫الزمان زمانه‪ ،‬ففي هذا الزمان ليست فيه فائدة؟ وفي رواية قال لها‬
‫الغوث‪ :‬ارجعي إلى بيتك فبأي نية جئت بها تجديهم‪ ،‬فراحت إلى بيتها‬
‫فوجدتهم أحياء()‪.(1‬‬
‫فإذا كان هذا حال أحد الولياء عند الغلة من قراءة اللوح‬
‫المحفوظ واللحاح على الله تعالى أن ُيثبت فيه ما لم يكن مثبتا ً بعد أن‬
‫جفت القلم ورفعت الصحف قبل خلق السموات والرض بخمسين‬
‫ألف سنة‪ ،‬ثم يحصل لهذا الولي ما أراد ثم يميتهم بمجرد تغير معتقد‬
‫تلك المرأة فيه ثم يحيون بمجرد أن يرجع اعتقادها في قدرة ذلك‬
‫الشيخ على إرادة ما لم يرده الله جعل وعل فإذا كان هذا هو حال‬
‫الولياء مع الله تعالى عند القوم فكيف بحال النبياء؟‬
‫‪1‬‬
‫)( تفريح الخاطر في مناقب الشيخ عبد القادر الكيلني ص )‪.(43-42‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وكيف بحال سيد المرسين صلى الله عليه وسلم‪.‬‬


‫يقول مصطفى البكري‪) :‬إن الذين يفعلون ذلك إنما يتخذون‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره واسطة لمقامهم الرفيع عند‬
‫ربهم()‪.(1‬‬
‫وقبل مناقشة القوم فيما ذهبوا إليه من القول بتلك الوسائط‬
‫الشركية‪ ،‬أذكر شيئا ً عن الوسائط المشروعة‪:‬‬
‫ْ‬
‫س ٌ‬
‫ل‬ ‫م ُر ُ‬ ‫ما ي َأت ِي َن ّك ُ ْ‬ ‫م إِ ّ‬‫‪ -1‬الرسل واسطة تبليغ‪ :‬قال تعالى‪َ)) :‬يا ب َِني آد َ َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫م َول هُ ْ‬ ‫ف ع َل َي ْهِ ْ‬ ‫خوْ ٌ‬ ‫ح َفل َ‬ ‫صل َ َ‬
‫قى وَأ ْ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫م آَياِتي فَ َ‬ ‫ن ع َل َي ْك ُ ْ‬ ‫صو َ‬ ‫ق ّ‬ ‫م يَ ُ‬‫من ْك ُ ْ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ست َك ْب َُروا ع َن َْها أوْل َئ ِ َ‬
‫م‬‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا َوا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ُ‬
‫ي‬‫ما أل ْقِ َ‬ ‫ن(( ]العراف‪ ،[36:‬وقال تعالى عن أهل النار‪)) :‬ك ُل ّ َ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫ِفيَها َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذيٌر فَك َذ ّب َْنا‬ ‫جاَءَنا ن َ ِ‬ ‫ذيٌر * َقاُلوا ب ََلى قَد ْ َ‬ ‫م نَ ِ‬ ‫م ي َأت ِك ُ ْ‬ ‫خَزن َت َُها أل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأل َهُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ِفيَها فَوْ ٌ‬
‫شيٍء إ َ‬
‫ر(( ]الملك‪.[9-8 :‬‬ ‫ل ك َِبي ٍ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫م إ ِّل ِفي َ‬ ‫ن أن ْت ُ ْ‬ ‫ن َ ْ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما ن َّز َ‬ ‫وَقُل َْنا َ‬
‫ن((‬ ‫منذ ِِري َ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن إ ِّل ُ‬
‫مب َ ّ‬ ‫سِلي َ‬‫مْر َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ما ن ُْر ِ‬ ‫وقال تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫]النعام‪ [48 :‬الية‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم‪) :‬وهذا ما أجمع عليه أهل الملل من المسلمين‬
‫واليهود والنصارى‪ ،‬فإنهم ُيثبتون الوسائط بين الله تعالى وعباده وهم‬
‫الرسل الذين بلغوا عن الله أمره وخبره‪ ،‬قال الله تعالى‪)) :‬الل ّ ُ‬
‫ه‬
‫س(( ]الحج‪ [75 :‬الية‪.‬‬‫ن الّنا ِ‬ ‫سًل وَ ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ملئ ِك َةِ ُر ُ‬ ‫م َ‬ ‫صط َ ِ‬
‫في ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ومن أنكر هذه الوسائط فهو كافر بإجماع أهل الملل()‪.(2‬‬
‫‪ -2‬ومن ذلك ما يحدث بين الخلق من الشفاعات المحمودة‪ ،‬قال‬
‫من َْها(( ]النساء‪.[85 :‬‬
‫ب ِ‬
‫صي ٌ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه نَ ِ‬ ‫ة ي َك ُ ْ‬
‫سن َ ً‬
‫ح َ‬
‫ة َ‬
‫فاع َ ً‬ ‫فعْ َ‬
‫ش َ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫ش َ‬ ‫م ْ‬
‫تعالى‪َ )) :‬‬
‫قال مجاهد‪) :‬نزلت هذه الية في شفاعات الناس بعضهم لبعض(‬
‫)‪.(3‬‬
‫)‪(4‬‬
‫الحديث‪ ،‬أي من يسعى‬ ‫وثبت في الصحيح‪} :‬اشفعوا تؤجروا{‬
‫‪1‬‬
‫)( لمع برق المقامات العوالي في زيارة سيدي حســن الراعــي وولــده عبــد العــال لمصــطفى‬
‫البكري الحلوتي‪ ،‬ص )‪ (442‬ضمن شواهد الحق للنبهاني‪ ،‬وانظر الدرر السنية لزيــن دحلن ص‬
‫)‪.(17‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الواسطة بين الحق والخلق‪ ،‬ص )‪.(19‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تفسير القرآن العظيم )‪.(1/544‬‬
‫‪4‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الزكاة‪ ،‬ب‪ .‬التحريض على الصدقة والشفاعة فيها )‪ (3/299‬مع الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫في أمر يترتب عليه مصلحة من مصالح العباد يكن له نصيب من الخير‬
‫في ذلك‪ ،‬كما يحدث بين الرعية والملك والرئيس والمرؤوس‪ ،‬ونحوه‪.‬‬
‫وتلك الوسائط التي تكون بين الملوك والناس على أحد ثلثة أوجه‬
‫قاله شيخ السلم‪.‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫إما لخبارهم من أحوال الناس بما ل يعرفونه ‪-‬أي الملوك‪ -‬ومن‬
‫قال إن الله ل يعلم أحوال عباده حتى يخبره بذلك الملئكة أو النبياء أو‬
‫غيرهم فهو كافر‪ ،‬بل سبحانه يعلم السر وأخفى‪ ،‬ل تخفى عليه خافية‬
‫في الرض ول في السماء وهو السميع البصير‪ .‬يسمع ضجيج الصوات‬
‫باختلف اللغات على تفنن الحاجات ل يشغله سمع عن سمع ول تغلطه‬
‫المسائل ول يتبرم بإلحاح الملحين‪ .‬فهل عرف النبهاني تلك الصفات‬
‫ل وعل وهو الذي يقول‪ :‬سيدي أبا البتول أغثني أنت أدرى‬ ‫التي لله ج ّ‬
‫بما حواه الضمير‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫أن يكون الملك عاجزا ً عن تدبير رعيته ودفع أعدائه إل بأعوان‬
‫ُيعينونه‪ ،‬فل بد من أنصار وأعوان لذله وعجزه‪ ،‬والله سبحانه وتعالى‬
‫م‬
‫مت ُ ْ‬
‫ن َزع َ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫عوا ال ّ ِ‬ ‫ش له ظهير ول ولي من الذل قال تعالى‪)) :‬قُ ِ‬
‫ل اد ْ ُ‬ ‫)‪(1‬‬
‫لي ِ‬
‫َ‬
‫ما‬‫ض وَ َ‬ ‫ت َول ِفي الْر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬‫س َ‬‫ل ذ َّرةٍ ِفي ال ّ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫كو َ‬‫مل ِ ُ‬ ‫ن الل ّهِ ل ي َ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫ر(( ]سبأ‪ ،[22:‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ن ظ َِهي ٍ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫شْر ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ما ِ‬ ‫م ِفيهِ َ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫م‬‫ك وَل َ ْ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ك ِفي ال ْ ُ‬ ‫ري ٌ‬‫ش ِ‬‫ه َ‬‫ن لَ ُ‬‫م ي َك ُ ْ‬‫دا وَل َ ْ‬‫خذ ْ وَل َ ً‬ ‫م ي َت ّ ِ‬ ‫ذي ل َ ْ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫))وَقُ ِ‬
‫ل وَك َب ّْره ُ ت َك ِْبيًرا(( ]السراء‪ [111:‬وكل ما في‬ ‫ن الذ ّ ّ‬ ‫م َ‬‫ي ِ‬ ‫ه وَل ِ ّ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ي َك ُ ْ‬
‫الوجود من السباب فهو خالقه وربه ومليكه فهو الغني عن كل ما‬
‫سواه وما سواه فقير إليه‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أن يكون الملك ليس مريدا ً لنفع رعيته والحسان إليهم ورحمتهم‬
‫إل بمحرك يحركه من الخارج‪ ،‬فإذا خاطب الملك من ينصحه ويعظمه‬
‫أو من ُيدل عليه بحيث يكون يرجوه ويخافه تحركت إرادة الملك وهمته‬
‫في قضاء حوائج رعيته إما لما يحصل في قلبه من كلم الناصح الواعظ‬
‫‪1‬‬
‫)( معاون‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المشير وإما لما يحصل من الرغبة والرهبة من كلم المدل عليه‪ ،‬والله‬
‫تعالى هو رب كل شيء ومليكه وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها‪،‬‬
‫وكل الشياء إنما تكون بمشيئته فما شاء كان وما لم يشألم يكن)‪.(1‬‬
‫وسبب اتخاذهم الواسطة الشركية هو تشبيههم الخالق ج ّ‬
‫ل وعل‬
‫بالمخلوق‪.‬‬
‫يقول مصطفى البكري‪) :‬إن العبد إذا سمع أو رأى عبدا ً صالحا ً‬
‫وشاهد أو أخبر عن كرامات أكرمه الله تعالى بها وأحوال وعلوم وهبها‬
‫له تحقق له أنه أقرب منه لدى الحق جل وعل كما يتحقق أحدنا بقرب‬
‫الوزير من قلب السلطان أكثر منا‪ ،‬فإذا أراد قضاء حاجته من السلطان‬
‫اتخذ له واسطة يوصله إلى السلطان()‪.(2‬‬
‫يقول شيخ السلم‪) :‬وهذا كما يظنه جهال الُعباد من أن لهم على‬
‫الله سبحانه وتعالى حقا ً بعبادتهم وذلك أن النفوس الجاهلية تتخيل أن‬
‫النسان بعبادته وعمله يصير له على الله حق من جنس ما يصير‬
‫لكهم فيجلبون‬ ‫للمخلوق على المخلوق‪ ،‬كالذين يخدمون ملوكهم وم ّ‬
‫لهم منفعة ويدفعون عنهم مضرة‪ ،‬ويبقى أحدهم يتقاضى العوض‬
‫والمجازاة على ذلك‪ ،‬ويقول له عند جفاء أو إعراض يراه منه ألم أفعل‬
‫كذا؟ يمن عليه بما يفعله معه‪ ،‬وإن لم يقله بلسانه كان ذلك في نفسه‬
‫وتخيل هذا في حق الله تعالى من جهل النسان وظلمه؟ ولهذا بين‬
‫سبحانه أن عمل النسان يعود نفعه عليه وأن الله غني عن الخلق كما‬
‫م فَل ََها((‬ ‫لنفُسك ُم وإن أ َ ْ‬ ‫حسنت ُم ِ َ‬ ‫في قوله تعالى‪)) :‬إن أ َحسنت َ‬
‫سأ ت ُ ْ‬
‫ِ ْ َِ ْ َ‬ ‫مأ ْ َ ْ‬ ‫ِ ْ ْ َ ُ ْ‬
‫ساَء‬ ‫َ‬ ‫حا فَل ِن َ ْ‬ ‫م َ‬
‫نأ َ‬ ‫م ْ‬‫سه ِ و َ َ‬‫ف ِ‬ ‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫ن عَ ِ‬
‫م ْ‬ ‫]السراء‪ ،[7 :‬وقوله تعالى‪َ )) :‬‬
‫شك ََر‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ب ِظ َّلم ٍ ل ِل ْعَِبيدِ(( ]فصلت‪ ،[46:‬وقوله تعالى‪)) :‬وَ َ‬ ‫ما َرب ّ َ‬ ‫فَعَل َي َْها وَ َ‬
‫م(( ]النمل‪.(3)[40:‬‬ ‫ي كَ ِ‬
‫ري ٌ‬ ‫ن َرّبي غ َن ِ ّ‬ ‫فَر فَإ ِ ّ‬‫ن كَ َ‬
‫م ْ‬
‫سه ِ و َ َ‬ ‫شك ُُر ل ِن َ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫فَإ ِن ّ َ‬
‫ومما يجب أن يعلم أن في كلم هؤلء المتصوفة إجمال وتدليس‬
‫وتلبيس على العوام يجب أن يحذر‪ ،‬يقول محمد بن علوي المالكي‪:‬‬
‫)فالواسطة ليست شركا ً وليس كل من اتخذ بينه وبين الله واسطة‬
‫يعتبر مشركا ً وإل لكان البشر كلهم مشركين لن أمورهم جميعا ً تبني‬

‫‪1‬‬
‫)( الواسطة بين الحق والخلق )باختصار وتصرف يسير( ص )‪.(27-26‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لمع برق المقامات العوالي للبكري‪ ،‬ص )‪ (446‬بذيل شواهد الحق للنبهاني‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( قاعدة جليلة ص )‪ ،(103‬ط‪ .‬مكتبة لينة‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قى القرآن بواسطة‬ ‫على الواسطة‪ ،‬فالنبي صلى الله عليه وسلم تل ّ‬
‫جبريل‪ ،‬فجبريل واسطة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله‬
‫عليه وسلم الواسطة العظمى للصحابة رضي الله تعالى عنهم فقد‬
‫كانوا يفزعون إليه في الشدائد‪ ..‬إلخ()‪ .(1‬نفى المالكي أن يكون من‬
‫الوسائط ما هو شرك‪ ،‬ولم يفهم من بعثة الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم إل أن الصحابة يفزعون إليه عند الشدائد‪ ،‬وغفل عن أهم ما ُبعث‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لجله من تعريف الخلق بحقوق الخالق‬
‫وحقائق التوحيد واليمان‪ ،‬بل إن ما ذكره ل يدل على مراده لن ما‬
‫ذكره من فزع الصحابة رضوان الله عليهم إلى الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم من التوسل المشروع الذي هو في حال حياته وفيما يقدر عليه‬
‫صلى الله عليه وسلم وهذا بخلف الواسطة الشركية التي يفهمها‬
‫الغلة والتي نفاها الدكتور المالكي والذي يصرح بها البكري بقوله‪:‬‬
‫ل‪ :‬يا سيدي عبد القادر‪ ،‬فمراده كن شفيعي عند الله في‬ ‫)فمن قال مث ً‬
‫قبول ما سألته من ربي فإني أعتقد أنك أقرب مني إليه والقربون‬
‫أولى بالمعروف‪ ،‬أو فتشفع لي عند سيد المرسلين وهو عند رب‬
‫العالمين في قبولي وإجابتي ما دعوته أو في قضاء حاجتي‪ ،‬وهذا مما ل‬
‫بأس به()‪ .(2‬ومن هنا دخلت الفة على هؤلء الغلة وهو اعتقادهم أن‬
‫للموات سعيا ً في مصالح الحياء وقد قال سيد المرسلين‪} :‬إذا مات‬
‫ابن آدم انقطع عمله إل من ثلثة‪ :‬إل من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪،‬‬
‫أو ولد صالح يدعو له{)‪ .(3‬أبعد هذا البيان ُيظن أن الولياء وهم أموات‬
‫يسعون في مصالح الحياء؟!‬
‫وهؤلء الغلة إذا قلت لهم ما الفرق بين سؤالكم الولياء حتى‬
‫م‬
‫ما ن َعْب ُد ُهُ ْ‬
‫يقربوكم إلى الله زلفى وبين قول المشركين لصنامهم‪َ )) :‬‬
‫فى(( ]الزمر‪ [3 :‬فالولياء انقطع عملهم بعد‬ ‫قّرُبوَنا إ َِلى الل ّهِ ُزل ْ َ‬
‫إ ِّل ل ِي ُ َ‬
‫موتهم إل من ثلثة‪ ،‬والصنام جمادات ل تنفع ول تضر؟ ما كان جوابهم‬
‫إل الصياح والعويل إذا دمغتهم الحجة والدليل وقالوا لتباعهم ومريديهم‬
‫الذين يخافون أن ينفضوا من حولهم هؤلء يحتجون علينا باليات التي‬
‫نزلت في المشركين‪ُ ،‬يلبسون على مريديهم حتى أني ناقشت أحد‬
‫‪1‬‬
‫)( مفاهيم يجب أن تصحح للدكتور محمد علوي المالكي ص )‪.(26‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لمع برق المقامات‪ ،‬ص )‪.(446‬‬
‫‪3‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الوصية‪ ،‬ب‪ .‬ما يلحق النسان من الثواب بعد وفاته )‪ (11/85‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المريدين في بعض مسائل التوحيد فلما قطعه الله وُبهت وخشي أن‬
‫يترك ما عليه الباء وتذكر المواثيق الغليظة التي أخذت عليه عند أخذ‬
‫الطريق من الشيخ قال لي‪) :‬نحن مع الشيخ إن دخل الجنة دخلنا معه‬
‫وإن دخل النار دخلنا معه(‪.‬‬
‫فهل ينظر هذا التابع إل أن يأتي يوم يتبرأ فيه المتبوع منه إل بحق‬
‫ب‬
‫ذا َ‬ ‫ن ات ّب َُعوا وََرأ َُوا ال ْعَ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ات ّب ُِعوا ِ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬
‫قال تعالى‪)) :‬إ ِذ ْ ت َب َّرأ ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن ل ََنا ك َّرة ً فَن َت َب َّرأ ِ‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫ن ات ّب َُعوا ل َوْ أ ّ‬‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬‫ب * وََقا َ‬ ‫سَبا ُ‬
‫م ال ْ‬ ‫قط ّعَ ْ‬
‫ت ب ِهِ ُ‬ ‫وَت َ َ‬
‫ك يريهم الل ّ َ‬
‫م‬
‫ما هُ ْ‬ ‫م وَ َ‬‫ت ع َل َي ْهِ ْ‬‫سَرا ٍ‬ ‫ح َ‬‫م َ‬‫مال َهُ ْ‬ ‫ه أع ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫مّنا ك َذ َل ِ َ ُ ِ ِ ُ‬ ‫ما ت َب َّرُءوا ِ‬‫كَ َ‬
‫ى لهم ذلك‪.‬‬ ‫ن الّناِر(( ]البقرة‪ [167-166 :‬وأن ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جي َ‬
‫خارِ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫والمقصود هنا أن هؤلء الغلة يعرفون الحق ولكن يحرفونه‪،‬‬
‫يعرفون أن اليات التي نزلت تحذر من الشرك لم ُتنسخ ولم تكن‬
‫خاصة بكفار قريش‪ ،‬فمن جعل لله شريكا ً تارة يدعوه وتارة يدعو الله‬
‫فقد أشرك ول ريب‪.‬‬
‫يقول شاعرهم‪:‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وتارة يا خير شافع‬ ‫ب‬ ‫طورا ً أنادي ر ّ‬
‫ب ّ‬
‫فهل فهم هذا الشاعر مدلول ل إله إل الله؟ بل إني أجزم أن‬
‫أكثرهم ل يعرف معناها حيث تجد الواحد منهم يعد على مسبحته )ل إله‬
‫إل الله( آلف المرات‪ ،‬فإذا سقطت المسبحة من يده قال‪ :‬يا سيدي‬
‫فلن! تعلق بشيخه‪ .‬فالمشركون الوائل كانوا على جانب من الفهم‬
‫مكنهم من معرفة مدلول )ل إله إل الله( فلما قال لهم الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬قولوا كلمة تدين لكم بها العرب والعجم{‪ ،‬أبى‬
‫المشركون؛ لنهم فهموا من مدلول ل إله إل الله ترك التعلق بآلهتهم‬
‫م إفراد الله ج ّ‬
‫ل‬ ‫التي كانوا يعتقدون أنها تقربهم إلى الله زلفى‪ ،‬ومن ث ّ‬
‫وعل بجميع أنواع العبادات‪ ،‬في حالتي الشدة والرخاء‪.‬‬
‫وحسبنا من القوم إنصافا ً ما أجراه الله على لسان ابن حجر‬
‫الهيتمي الذي يقول‪) :‬وهنا أمران ل بد منهما‪ ،‬أحدهما‪ :‬وجوب تعظيم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ورفع رتبته على سائر الخلق‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد‬
‫‪1‬‬
‫)( انظر ص )‪.(196‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫بذاته وأفعاله عن جميع خلقه‪ ،‬فمن اعتقد في مخلوق مشاركة البارىء‬


‫سبحانه وتعالى في شيء من ذلك فقد أشرك‪ ،‬ومن قصر بالرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم عن شيء من مرتبته فقد عصى أو كفر‪ ،‬ومن‬
‫بالغ في تعظيمه صلى الله عليه وسلم بأنواع التعظيم ولم يبلغ به ما‬
‫يختص بالبارىء سبحانه وتعالى فقد أصاب الحق وحافظ على جانب‬
‫الربوبية والرسالة جميعًا‪ .‬وذلك القول الذي ل إفراط فيه ول تفريط(‬
‫)‪.(1‬‬
‫فكون الهيتمي يفرق بين خصائص الرب جل وعل وبين خصائص‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ثم يحكم على من اعتقد في مخلوق‬
‫مشاركة البارىء سبحانه وتعالى في شيء من خصائصه سبحانه فقد‬
‫أشرك‪ ،‬فهذا قد يقنع القوم بإمكان وقوع الشرك في هذه المة بعد‬
‫إسلمها‪ ،‬وبالتالي ل يقال أنتم تفهمون من النصوص ما لم يفهمه أئمتنا‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما حوته عبارة الهيتمي من جوانب مضيئة إل أنها ل تخلو‬
‫من ملحظات‪.‬‬
‫الملحظة الولى‪ :‬عندما ذكر المرين اللذين ل بد منهما جعل الول‬
‫فيما يتعلق بحق النبي صلى الله عليه وسلم والثاني فيما يتعلق بحق‬
‫الرب تعالى‪ ،‬وكان الولى أن يقدم الكلم فيما يتعلق بحق الرب جل‬
‫وعل‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قوله‪) :‬إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد‬
‫بذاته وأفعاله عن جميع خلقه(‪ .‬فل يعتقد وجود خالق أو رازق مع الله‬
‫تعالى‪ .‬وعلى فرض التسليم للقوم أن المطلوب من المكلفين إفراد‬
‫الله بالربوبية دون التنبيه من علمائهم على توحيد اللوهية‪ .‬فإن من‬
‫عارفي القوم من ادعى انفراده بملك الدنيا والخرة وربوبية العباد‪.‬‬
‫يقول عبد الكريم الجيلي‪:‬‬
‫لي الملك في الدارين لم أر فيهما سواي فأرجو فضله أو فأخشاه‬
‫ول قبل من قبلي فألحق شأنه ول بعد من بعدي فأسبق معناه وقد‬
‫حزت أنواع الكمال وأنني جمال جلل الكل ما أنا إل هو إلى قوله‪:‬‬
‫جميع الورى اسم وذاتي‬ ‫وإني رب للنام وسيد‬

‫‪1‬‬
‫)( الهيتمى‪ :‬الجوهر المنظم‪ ،‬ص )‪.(13‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مسماه‬
‫مع العلم أن هذا النوع من التوحيد الذي خصه الهيتمي بالذكر‪،‬‬
‫أعني توحيد الربوبية كان المشركون الوائل يقرون به‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫س َوال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَر‬ ‫ق َ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬‫خَر ال ّ‬ ‫س ّ‬‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأل ْت َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫))وَل َئ ِ ْ‬
‫ن‬‫ن(( ]العنكبوت‪ [61:‬الية‪ ،‬وقال تعالى‪)) :‬وَل َئ ِ ْ‬ ‫كو َ‬ ‫ه فَأ َّنى ي ُؤ ْفَ ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫قول ُ ّ‬ ‫ل َي َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قول ُ ّ‬
‫ن‬ ‫موْت َِها ل َي َ ُ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫حَيا ب ِهِ الْر َ‬ ‫ماًء فَأ ْ‬ ‫ماِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬‫ن ن َّز َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأل ْت َهُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأل ْت َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه(( ]العنكبوت‪ (1) [63 :‬الية‪ ،‬وقال تعالى‪)) :‬وَل َئ ِ ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ن(( ]الزخرف‪ [87:‬ومع ذلك فقد‬ ‫كو َ‬ ‫ه فَأ َّنى ي ُؤ ْفَ ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫قول ُ ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬ ‫قه ُ ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫خ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ذا ان َ‬ ‫سماهم الله تعالى مشركين وأمر بقتالهم‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬فَإ ِ َ‬
‫م(( ]التوبة‪ [5 :‬الية‬ ‫موهُ ْ‬ ‫جد ْت ُ ُ‬‫ث وَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م َفاقْت ُُلوا ال ْ ُ‬ ‫حُر ُ‬ ‫شهُُر ال ْ ُ‬ ‫ال َ ْ‬
‫َ‬
‫قَرُبوا‬ ‫س َفل ي َ ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫كو َ‬‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬‫ما ال ْ ُ‬‫مُنوا إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذا(( ]التوبة‪ [28 :‬الية‪.‬‬ ‫م هَ َ‬ ‫مه ِ ْ‬ ‫عا ِ‬‫م ب َعْد َ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫جد َ ا ل ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫إذا ً ل ب ُد ّ مع إفراد الله تعالى بالربوبية إفراده باللوهية فل ُيشرك‬
‫فيها مع الله أحد بمعنى ل ُتجعل الصلة والزكاة لله تعالى وُيدعى‬
‫ويستغاث بغيره تعالى ليمحو الذنوب ويفرج الكروب‪ .‬فل حجة إذا ً‬
‫للغلة من عدم تنزيل اليات التي وردت في شأن المشركين على من‬
‫صرف حقا ً من حقوق الله تعالى للمخلوقين‪ ،‬فللسلم نواقض كما‬
‫للوضوء والصلة نواقض‪ .‬فمن دخل في السلم ثم حدث منه ناقض‬
‫من نواقضه انتقض دون شك‪ .‬فمن نواقض السلم‪:‬‬
‫َ‬
‫شَر َ‬
‫ك‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل ي َغْفُِر أ ْ‬ ‫‪ -1‬الشرك في عبادة الله‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬إ ِ ّ‬
‫ه‬
‫شاُء(( ]النساء‪ [116 :‬وقال تعالى‪)) :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ن يَ َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫ك لِ َ‬ ‫دو َ‬
‫ما ُ‬‫فُر َ‬ ‫ب ِهِ وَي َغْ ِ‬
‫ما ِلل ّ‬ ‫قد حرم الل ّه عل َيه ال ْجنة و ْ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫مأَواه ُ الّناُر وَ َ‬ ‫ُ َ ْ ِ َ ّ َ َ َ‬ ‫ك ِبالل ّهِ فَ َ ْ َ ّ َ‬‫شرِ ْ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫صاٍر(( ]المائدة‪.[72:‬‬ ‫م َ‬
‫ن أن َ‬ ‫ِ ْ‬
‫‪ -2‬من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة‬
‫ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعا ً)‪.(2‬‬
‫وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن من أمته من سيعبد الوثان وأن‬
‫قبائل منهم ستلحق بالمشركين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)( النسان الكامل في معرفة الواخر والوائل لعبد الكريم الجيلي )‪.(32-1/31‬‬
‫‪2‬‬
‫)( نواقض السلم للشيخ ابن باز‪ .‬الناشر مكتبة القدس السلمية بجدة‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أخرج ابن ماجة من حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم الطويل وفيه‪} :‬وإن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين‪ .‬وستعبد‬
‫قبائل من أمتي الوثان‪ .‬وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين‪ .‬وإن بين‬
‫يدي الساعة دجالين كذابين قريبا ً من ثلثين كلهم يزعم أنه نبي‪ .‬ولن‬
‫تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين ل يضرهم من خالفهم حتى‬
‫يأتي أمر الله عز وجل{)‪ .(1‬وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من أمته‬
‫من يتبع سنن اليهود والنصارى‪ ،‬فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪} :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم‬
‫شبرا ً بشبر ذراعا ً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه‪ .‬قلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الله اليهود والنصارى؟ قال‪ :‬فمن؟{)‪ .(2‬قوله‪) :‬فمن( استفهام‬
‫استنكاري والتقدير‪ :‬فمن هم غير أولئك)‪ .(3‬ومن اليهود من عبد العجل‬
‫ومن النصارى من عبد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلم‪ ،‬وأما‬
‫هؤلء فمنهم من عبد الكلب والخنزير ‪-‬نسأل الله السلمة والعافية‪.-‬‬
‫قال شاعرهم‪:‬‬
‫وما الله إل راهب في‬ ‫وما الكلب والخنزير إل إلهنا‬
‫)‪(4‬‬
‫كنيسة‬
‫ة إن َ َ‬ ‫ن ل َد ُن ْ َ‬
‫ت‬
‫ك أن ْ َ‬ ‫م ً ِّ‬
‫ح َ‬
‫ك َر ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫))َرب َّنا ل ت ُزِغ ْ قُُلوب ََنا ب َعْد َ إ ِذ ْ هَد َي ْت ََنا وَهَ ْ‬
‫ب(( ]آل عمران‪.[8:‬‬ ‫ال ْوَ ّ‬
‫ها ُ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليسسه وسسسلم عنسسد الغلة بعلسسم‬
‫الغيب وعلم ما في الضمير واللوح المحفوظ‪:‬‬
‫قال شعراؤهم‪) :‬ناداك من برع( )تعلم ما حواه الضمير( )ومن‬
‫علومك علم اللوح والقلم(‪.‬‬
‫ما‬
‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫وهذه من خصائص رب الرض والسموات قال تعالى‪)) :‬فَ ُ‬
‫ق ْ‬
‫ن(( ]يونس‪ ،[20:‬وقوله‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْت َظ ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫م ِ‬ ‫ب ل ِل ّهِ َفان ْت َظ ُِروا إ ِّني َ‬
‫معَك ُ ْ‬ ‫ال ْغَي ْ ُ‬
‫‪1‬‬
‫)( أخرجه ابن ماجة فــي ســننه )‪ (2/1304‬ح )‪ ،(3952‬وقــال اللبــاني‪ :‬حــديث صــحيح‪ ،‬انظــر‬
‫صحيح ابن ماجة لللباني )‪ (2/353‬ح )‪.(3192‬‬
‫‪2‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬العتصام‪ ،‬ب‪ .‬قول النبي صلى الله عليه وســلم‪) :‬لتتبعــن ســنن مــن كــان قبلكــم( )‬
‫‪ (13/300‬مع الفتح؛ م‪ :‬ك‪ .‬العلم )‪ (16/219‬مع النووي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(13/301‬‬
‫‪4‬‬
‫)( النفحات القدسية لمحمد بهاء الــدين البيطــار )‪ ،(1/338‬ط‪1314) .‬هـــ(‪ ،‬نقل ً عــن خطــاب‬
‫مفتوح إلى شيخ مشايخ الطرق الصوفية من عبد الرحمن الوكيل ص )‪.(44‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه(( ]هود‪:‬‬ ‫مُر ك ُل ّ ُ‬ ‫جعُ ال ْ‬ ‫ض وَإ ِل َي ْهِ ي ُْر َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬‫ب ال ّ‬ ‫تعالى‪)) :‬وَل ِل ّهِ غ َي ْ ُ‬
‫ما ِفي‬ ‫م َ‬ ‫مَها إ ِّل هُوَ وَي َعْل َ ُ‬ ‫ب ل ي َعْل َ ُ‬ ‫ح ال ْغَي ْ ِ‬ ‫فات ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن ْد َه ُ َ‬ ‫‪ ،[123‬وقال تعالى‪)) :‬وَ ِ‬
‫َ‬
‫ض‬
‫ت الْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫حب ّةٍ ِفي ظ ُل ُ َ‬ ‫مَها َول َ‬ ‫ن وََرقَةٍ إ ِّل ي َعْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬‫ق ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫حرِ وَ َ‬ ‫ال ْب َّر َوال ْب َ ْ‬
‫ن(( ]النعام‪ ،[59:‬بل إن الله تبارك‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ب ُ‬ ‫س إ ِّل ِفي ك َِتا ٍ‬ ‫ب َول َياب ِ ٍ‬ ‫َول َرط ْ ٍ‬
‫وتعالى أمر نبينا محمدا ً صلى الله عليه وسلم أن ينفي الغيب عن نفسه‬
‫َ‬ ‫ل ل أ َُقو ُ‬
‫ب َول‬ ‫م ال ْغَي ْ َ‬ ‫ن الل ّهِ َول أع ْل َ ُ‬ ‫خَزائ ِ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫عن ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫َ‬ ‫كإ َ‬ ‫أ َُقو ُ‬
‫مى‬ ‫وي الع ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ل هَ ْ‬ ‫ي قُ ْ‬ ‫حى إ ِل َ ّ‬ ‫ما ُيو َ‬ ‫ن أت ّب ِعُ إ ِّل َ‬ ‫مل َ ٌ ِ ْ‬ ‫م إ ِّني َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫صيُر أ ََفل ت َت َ َ‬
‫ك‬‫مل ِ ُ‬ ‫للأ ْ‬ ‫ن(( ]النعام‪ ،[50:‬وقوله تعالى‪)) :‬قُ ْ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫َوال ْب َ ِ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ست َك ْث َْر ُ‬ ‫بل ْ‬ ‫م ال ْغَي ْ َ‬ ‫ت أع ْل َ ُ‬ ‫كن ُ‬ ‫ه وَل َوْ ُ‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ضّرا إ ِّل َ‬ ‫فًعا َول َ‬ ‫سي ن َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ِن َ ْ‬
‫خير وما مسن ِي السوُء إ َ‬
‫ن((‬ ‫مُنو َ‬ ‫قوْم ٍ ي ُؤ ْ ِ‬ ‫شيٌر ل ِ َ‬ ‫ذيٌر وَب َ ِ‬ ‫ن أَنا إ ِّل ن َ ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن ال ْ َ ْ ِ َ َ َ ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫]العراف‪ ،[188:‬وأخبر سبحانه وتعالى أنه العليم بذات الصدور‪ ،‬قال‬
‫َ‬
‫دوِر((‬ ‫ص ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه ع َِلي ٌ‬ ‫ض إ ِن ّ ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫م غ َي ْ ِ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫تعالى‪)) :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫واهُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫سّرهُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫م ي َعْل َ ُ‬ ‫]فاطر‪ ،[38:‬وقال تعالى‪)) :‬أل َ ْ‬
‫َ‬
‫ب(( ]التوبة‪ ،[78:‬وقال نبي الله عيسى عليه وعلى‬ ‫م ال ْغُُيو ِ‬ ‫ه ع َّل ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وَأ ّ‬
‫سي َول‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ِفي ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫نبينا الصلة والسلم مخاطبا ً ربه جل وعل‪)) :‬ت َعْل َ ُ‬
‫ك إن َ َ‬ ‫َ‬
‫ب(( ]المائدة‪ [116:‬ول ُيعترض‬ ‫م ال ْغُُيو ِ‬ ‫ت ع َّل ُ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫س َ ِّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ِفي ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫أع ْل َ ُ‬
‫م‬
‫عال ِ ُ‬ ‫بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب بقوله تعالى‪َ )) :‬‬
‫سل ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ل فَإ ِن ّ ُ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ضى ِ‬ ‫ن اْرت َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫دا * إ ِّل َ‬ ‫ح ً‬ ‫ب َفل ي ُظ ْهُِر ع ََلى غ َي ْب ِهِ أ َ‬ ‫ال ْغَي ْ ِ‬
‫دا(( ]الجن‪ ،[27-26:‬قال ابن عباس‬ ‫ص ً‬ ‫فهِ َر َ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ي َد َي ْهِ وَ ِ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫واختاره ابن جرير‪]] :‬أعلم الله الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم‬
‫عليه بما أوحى إليهم من غيبه وما يحكم الله فإنه ل يعلم ذلك غيره[[‬
‫)‪ .(1‬فالذي يعلمه الرسل من الغيب إنما هو عن طريق الوحي‪.‬‬
‫وأما بيت البوصيري‪ :‬فيرد عليه الشيخ عبد الله بن الصديق‬
‫الغماري وهو من القوم الذين فيهم إنصاف حيث يقول معلقا ً على‬
‫البيت‪) :‬ومن علومك علم اللوح والقلم(‪ .‬ففي هذه الدعوى مبالغة‬
‫ليس عليها دليل‪ .‬وقد أصلحت هذا البيت بقولي‪:‬‬
‫وفي كتابك علم اللوح‬ ‫فإن جودك في الدنيا وضرتها‬
‫والقلم‬
‫إلى قوله‪ :‬والمقصود أن الغلو في المدح مذموم لقوله تعالى‪)) :‬ل‬
‫‪1‬‬
‫)( تفسير ابن جرير )‪ (29/76‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫م(( ]النساء‪ [171 :‬وأيضا ً فإن مادح النبي صلى الله عليه‬‫ت َغُْلوا ِفي ِدين ِك ُ ْ‬
‫وسلم بأمر لم يثبت عنه يكون كاذبا ً عليه فيدخل في وعيد‪} :‬من كذب‬
‫ي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار{ وليست الفضائل النبوية مما‬ ‫عل ّ‬
‫يتساهل فيها برواية الضعيف ونحوه لتعلقها بصاحب الشريعة ونبي‬
‫المة الذي حّرم الكذب عليه وجعله من الكبائر العظيمة حتى قال أبو‬
‫محمد الجويني والد إمام الحرمين بكفر الكاذب عليه صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ .‬وعلى هذا فما يوجد في كتب المولد النبوي وقصة المعراج من‬
‫مبالغات وغلو ل أساس له من الواقع يجب أن تحرق لئل يحرف‬
‫أصحابها وقارئها في نار جهنم نسأل الله السلمة والعافية()‪.(1‬‬
‫وقول الغماري‪) :‬وليست الفضائل النبوية مما يتساهل فيها برواية‬
‫الضعيف‪ (...‬إلخ يصحح مفاهيم صاحب كتاب )مفاهيم يجب أن تصحح(‬
‫الذي يقول‪) :‬ولم يزل العلماء يتسامحون في نقل الخصائص النبوية‬
‫وينظرون إليها على أنها داخلة في فضائل العمال ول تتعلق بالحلل‬
‫والحرام وعلى هذا بنى العلماء قاعدتهم في العمل بالحديث الضعيف‬
‫في فضائل العمال ما دام أنه ليس موضوعا ً ول باطل ً بشروطهم‬
‫المعتبرة في هذا الباب ول يشترطون فيها الصحيح بالمعنى المصطلح‬
‫عليه‪ ،‬ولو ذهبنا إلى اشتراط هذا الشرط الشاذ لما أمكن لنا ذكر شيء‬
‫من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعد البعثة مع أنك‬
‫تجد كتب الحفاظ الذين عليهم العمدة وعلى صنيعهم المعول والذين‬
‫منهم عرفنا ما يجوز وما ل يجوز ذكره من الحديث الضعيف نجد كتبهم‬
‫مملوءة بالمقطوعات والمراسيل وما ُأخذ عن الكهان وأشباههم في‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لن ذلك مما يجوز ذكره في هذا‬
‫المقام()‪ .(2‬ومن العجيب في المر أن صاحب كتاب المفاهيم المذكور‬
‫ذكر في مقدمة كتابه أن الغماري يوافق موافقة تامة ويؤيد تأييدا ً كامل ً‬
‫)‪(3‬‬
‫ض الغماري الطرف‬ ‫ما جاء في كتابه مفاهيم يجب أن تصحح ‪ ،‬فهل غ ّ‬
‫عن مقالة المالكي تلك في التساهل برواية الضعيف في خصائص النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وبذا يكون قد كتم الحق الذي يدين الله به‬

‫‪1‬‬
‫)( ملحق عن قصيدة البردة لعبد الله بــن الصــديق الغمــاري ص )‪ (77‬بــذيل كتــاب البوصــيري‬
‫مادح الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مفاهيم يجب أن تصحح لمحمد علوي المالكي‪ ،‬ص )‪.(110-109‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر كتاب مفاهيم يجب أن تصحح للمالكي‪ ،‬ص )‪.(19‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ويعتقده؟ ول أظن أن هذه المسألة تخفى عليه وهو المتخصص في‬


‫علوم الحديث والسناد وهو محدث المغرب بل محدث الدنيا كما قال‬
‫صاحب المفاهيم)‪ (1‬أو أن صاحب المفاهيم نسب إلى الغماري ما لم‬
‫يقله‪ .‬وهناك مفهوم آخر يجب أن ُيصحح لصاحب كتاب مفاهيم يجب أن‬
‫تصحح في مفهوم العمل بالحاديث الضعيفة في فضائل العمال وهو‬
‫أن الذين قالوا بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل العمال إنما يعنون‬
‫بالحديث الضعيف الحديث الحسن‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪) :‬ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث‬
‫الضعيف الذي ليس بصحيح ول حسن فقد غلط عليه‪ ،‬ولكن كان في‬
‫عرف أحمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى‬
‫نوعين‪ :‬صحيح وضعيف‪ .‬والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك ل‬
‫عرف أنه قسم‬ ‫يحتج به وإلى ضعيف حسن‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وأول من ُ‬
‫الحديث ثلثة أقسام صحيح وحسن وضعيف هو أبو عيسى الترمذي في‬
‫جامعه‪ ،‬والحسن عنده ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس‬
‫بشاذ‪ .‬فهذا الحديث وأمثاله يسميه أحمد ضعيفا ً ول يحتج به؛ ولهذا مثل‬
‫أحمد للحديث الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث‬
‫إبراهيم الهجري()‪.(2‬‬
‫وجاء أيضا ً من جملة تلك الخصائص المزعومة قول شاعرهم‬
‫يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫ومن تنصره ل يغلب‬ ‫بك استنصرت فانصرني‬
‫ن‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫م وَإ ِ ْ‬ ‫ه َفل َ‬
‫غال ِ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫صْرك ُ ُ‬
‫ن ي َن ْ ُ‬
‫فالذي ل ُيغلب هو الله تعالى‪)) :‬إ ِ ْ‬
‫ن((‬ ‫مُنو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ب َعْد ِهِ وَع ََلى الل ّهِ فَل ْي َت َوَك ّ ِ‬‫م ْ‬ ‫صُرك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬
‫ذي ي َن ْ ُ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫خذ ُل ْك ُ ْ‬
‫م فَ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫]آل عمران‪ [160:‬هذه الية خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫وللمؤمنين وقد جاءت هذه الية في سياق الكلم على غزوة أحد التي‬
‫انهزم فيها المسلمون بسبب اجتهاد الرماة في فهم أمره صلى الله‬
‫عليه وسلم بعدم نزولهم من الجبل‪ .‬قال القرطبي في تفسير هذه‬
‫الية‪) :‬إن ينصركم الله فل غالب لكم( أي عليه توكلوا فإنه إن ي ُِعنكم‬
‫ويمنعكم من عدوكم لن ُتغلبوا )وإن يخذلكم( يترككم من معونته )فمن‬
‫‪1‬‬
‫)( انظر مفاهيم يجب أن تصحح لمحمد بن علوي المالكي ص )‪.(19‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لبن تيمية‪ .‬ص )‪ (164-163‬باختصار‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ذا الذي ينصركم من بعده( أي من بعد خذلنه إياكم؟ لنه قال‪) :‬وإن‬
‫يخذلكم( والخذلن ترك العون والمخذول المتروك ل يعبأ به()‪ .(1‬فإذا‬
‫علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا نصره الله تعالى فل غالب‬ ‫ُ‬
‫له وإذا منع منه النصر فل ناصر له وأن الله تعالى أمر الرسول الكريم‬
‫صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالعتماد والتوكل عليه فهل بعد ذلك‬
‫ُيسوي بين الله تعالى الذي ل غالب له وبين الرسول صلى الله عليه‬
‫جعَل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ما َ‬ ‫وسلم؟ والله سبحانه وتعالى هو القائل لنبيه وللمؤمنين‪)) :‬وَ َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫عن ْد ِ الل ّهِ إ ِ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫صُر إ ِّل ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫ن ب ِهِ قُُلوب ُك ُ ْ‬
‫م وَ َ‬ ‫شَرى وَل ِت َط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه إ ِّل ب ُ ْ‬
‫الل ّ ُ‬
‫م(( ]النفال‪.[10:‬‬ ‫كي ٌ‬‫ح ِ‬‫زيٌز َ‬ ‫عَ ِ‬
‫بل جميع النبياء يعلمون أنه ل ناصر لهم من الله إن هم خالفوا‬
‫صُرِني‬ ‫ن َين ُ‬ ‫م ْ‬ ‫أمره‪ ،‬قال تعالى حاكيا ً قول نوح عليه السلم‪)) :‬وََيا قَوْم ِ َ‬
‫ل َيا‬ ‫م(( ]هود‪ [30:‬وقول صالح عليه السلم‪َ)) :‬قا َ‬ ‫ن ط ََرد ْت ُهُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫صُرِني‬ ‫ن َين ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬
‫ه َر ْ‬‫من ْ ُ‬
‫ن َرّبي َوآَتاِني ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ع ََلى ب َي ّن َةٍ ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫قَوْم ِ أَرأي ْت ُ ْ‬
‫ر(( ]هود‪ ،[63:‬وقال تعالى‬ ‫سي ٍ‬ ‫خ ِ‬‫دون َِني غ َي َْر ت َ ْ‬ ‫زي ُ‬ ‫ه فَ َ‬
‫ما ت َ ِ‬ ‫صي ْت ُ ُ‬‫ن عَ َ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ؤلِء‬ ‫ما ي َعْب ُد ُ هَ ُ‬ ‫م ّ‬‫مْري َةٍ ِ‬‫ك ِفي ِ‬ ‫مخاطبا ً نبيه صلى الله عليه وسلم‪َ)) :‬فل ت َ ُ‬
‫م غ َي َْر‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫م نَ ِ‬‫موَّفوهُ ْ‬ ‫ل وَإ ِّنا ل َ ُ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫ما ي َعْب ُد ُ آَباؤ ُهُ ْ‬ ‫ن إ ِّل ك َ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ي َعْب ُ ُ‬ ‫َ‬
‫موا‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ص(( ]هود‪ [109:‬إلى قوله تعالى‪َ)) :‬ول ت َْرك َُنوا إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫قو ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن(( ]هود‪:‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ل ُتن َ‬ ‫ن أوْل َِياَء ث ُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫م الّناُر وَ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫فَت َ َ‬
‫‪ [113‬فل يطلب النصر إل من الله وحده الذي ل يغلب‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عند الغلة بأنه إليسسه الملذ والمهسسرب فسسي الشسسدائد والكسسرب‬
‫فيما ل يقدر عليه إل الله تعالى‪:‬‬
‫قال النبهاني‪) :‬قال محمد الجمالي الحلبي‪:‬‬
‫يا معاذي يا مقصدي يا‬ ‫يا ملذي يا منجدي يا منائي‬
‫رجائي‬
‫يا خفيري يا عدتي يا‬ ‫يا نصيري يا عمدتي يا مجيري‬
‫شفائي‬
‫عند ربي واعطف‬ ‫أدرك أدرك أغث أغث يا شفيعي‬

‫‪1‬‬
‫)( القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن )‪.(4/163‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وجد بالرضاء‬
‫)‪(1‬‬
‫وجل كربتي وأنت غنائي‬ ‫أنت عوني وملجئي وغياثي‬
‫وقال النبهاني‪) :‬قال عبد العزيز الزمزمي المكي‪:‬‬
‫عطفة جذبة جوابا ً نداء‬ ‫نفحة لمحة غياثا ً عياذا ً‬
‫أنا في فكرها صباح مساء‬ ‫كم هموم من الديون علتني‬
‫بك أرجو وضعا ً لها أو وفاء‬ ‫ثقلت حملها غير أني‬
‫ل أرى لي إل سواك‬ ‫أنت في كل مطلب نصب عيني‬
‫التجاء‬
‫كربة القلب واكشف‬ ‫يا مجلي بحبه الكرب فرج‬
‫الغماء‬
‫عندما ترجى الخطوب‬ ‫جي‬‫مَر ّ‬
‫يا مرجي الخطوب أنت ال ُ‬
‫الرجاء‬
‫)‪(2‬‬
‫قاصدا ً للعظائم العظماء‬ ‫عظمت كربتي فجئتك قصدا ً‬
‫)‪(1‬‬
‫وقال‪) :‬قال مجد الدين الوتري‪:‬‬
‫إليك رسول الّله‬ ‫ب ِذُل ِ ّ‬
‫ي بإفلسي بفقري بفاقتي‬
‫)‪(3‬‬
‫أصبحت أهرب‬
‫وقال أيضًا‪) :‬قال شمس الدين التواجي المصري(‪:‬‬
‫فاشفني أنت مقصد‬ ‫يا رسول الله إني ضعيف‬
‫للشفاء‬
‫فإلى من ترى يكون‬ ‫يا رسول الله إن لم تغثني‬
‫)‪(4‬‬
‫التجائي‬
‫خص الغلة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن إليه الملذ والمعاذ‬

‫‪1‬‬
‫)( شواهد الحق ص )‪.(355‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(353‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(361‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(352‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫في كشف الضر والكربات في النصوص السابقة‪.‬‬


‫ويتبين بطلن ذلك بالنصوص التية‪:‬‬
‫ه‬
‫عون َ ُ‬ ‫حرِ ت َد ْ ُ‬ ‫ت ال ْب َّر َوال ْب َ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ظ ُل ُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫جيك ُ ْ‬ ‫ن ي ُن َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫ة ل َئ ِ َ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ن * قُ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ن هَذ ِهِ ل َن َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫جاَنا ِ‬ ‫ن أن َ‬ ‫ْ‬ ‫في َ ً‬ ‫خ ْ‬‫عا وَ ُ‬ ‫ضّر ً‬ ‫تَ َ‬
‫شرِ ُ‬ ‫ل ك َرب ث ُ َ‬
‫ن(( ]النعام‪ ،[64-63:‬وقال‬ ‫كو َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫م أن ْت ُ ْ‬ ‫ن كُ ّ ْ ٍ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫من َْها وَ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫جيك ُ ْ‬ ‫ي ُن َ ّ‬
‫ذا مسك ُم الضر فَإل َيه ت َ‬
‫ن‬‫جأُرو َ‬ ‫ّ ّ ِ ْ ِ َ ْ‬ ‫م إِ َ َ ّ ُ‬ ‫ن الل ّهِ ث ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫مة ٍ ف َ ِ‬ ‫ن ن ِعْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ب ِك ُ ْ‬ ‫تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫ن(( ]النحل‪:‬‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫م ب َِرب ّهِ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ريقٌ ِ‬ ‫ذا فَ ِ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ضّر ع َن ْك ُ ْ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش َ‬ ‫ذا ك َ َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫* ثُ ّ‬
‫‪ ،[54-53‬وقال تعالى مخاطبا ً نبيه صلى الله عليه وسلم وأمته معه‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ك إِ ً‬ ‫ت فَإ ِن ّ َ‬ ‫ن فَعَل ْ َ‬ ‫ك فَإ ِ ْ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ك َول ي َ ُ‬ ‫فعُ َ‬ ‫ما ل ي َن ْ َ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫))َول ت َد ْع ُ ِ‬
‫ر‬
‫خي ْ ٍ‬‫ك بِ َ‬ ‫ن ي ُرِد ْ َ‬ ‫ه إ ِّل هُوَ وَإ ِ ْ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ضّر َفل َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ن * وَإ ِ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫م((‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫عَباد ِهِ وَهُوَ ال ْغَ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شاُء ِ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ب ِهِ َ‬ ‫صي ُ‬ ‫ضل ِهِ ي ُ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫َفل َراد ّ ل ِ َ‬
‫ه إ ِّل‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ضّر َفل َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫]يونس‪ ،[107:‬وقال تعالى‪)) :‬وَإ ِ ْ‬
‫ديٌر(( ]النعام‪ ،[17:‬وقوله‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خي ْرٍ فَهُوَ ع ََلى ك ُ ّ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫هُوَ وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ه قُ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫قول ُ ّ‬ ‫ض ل َي َ ُ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأل ْت َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫تعالى‪)) :‬وَل َئ ِ ْ‬
‫عون من دون الل ّه إ َ‬ ‫َ َ‬
‫ت‬‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل هُ ّ‬ ‫ضّر هَ ْ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ن أَراد َن ِ َ‬ ‫ِ ِ ْ‬ ‫ما ت َد ْ ُ َ ِ ْ ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫أفََرأي ْت ُ ْ‬
‫َ َ‬
‫ه ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫سب ِ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مت ِهِ قُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ت َر ْ‬ ‫كا ُ‬ ‫س َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل هُ ّ‬ ‫مةٍ هَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ضّرهِ أوْ أَراد َِني ب َِر ْ‬ ‫ُ‬
‫ن(( ]الزمر‪.[38:‬‬ ‫مت َوَك ُّلو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ي َت َوَك ّ ُ‬
‫ل إ ِّني‬‫وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول‪)) :‬قُ ْ‬
‫ل إني ل َن يجيرِني من الل ّه أ َحد ول َ َ‬ ‫َ‬
‫جد َ‬
‫نأ ِ‬ ‫ِ َ ٌ َ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ُ ِ َ‬ ‫دا * قُ ْ ِ ّ‬ ‫ش ً‬‫ضّرا َول َر َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ل َك ُ ْ‬
‫مل ِ ُ‬‫لأ ْ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ص الل ّ َ‬
‫ه وََر ُ‬ ‫ن ي َعْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن الل ّهِ وَرِ َ‬
‫سالت ِهِ وَ َ‬ ‫م َ‬
‫غا ِ‬ ‫دا * إ ِّل َبل ً‬‫ح ً‬ ‫مل ْت َ َ‬
‫دون ِهِ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫دا(( ]الجن‪.[23-21:‬‬ ‫ن ِفيَها أب َ ً‬ ‫دي َ‬
‫خال ِ ِ‬
‫م َ‬
‫جهَن ّ َ‬‫ه َناَر َ‬ ‫ن لَ ُ‬‫فَإ ِ ّ‬
‫وقد أخبر سبحانه وتعالى عن حال المشركين الوائل أنهم إذا‬
‫أصابهم الضر دعوا الله منيبين إليه قال تعالى‪:‬‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫ة ِ‬‫م ً‬‫ه ن ِعْ َ‬‫خوّل َ ُ‬‫ذا َ‬ ‫م إِ َ‬‫مِنيًبا إ ِل َي ْهِ ث ُ ّ‬‫ه ُ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬ ‫ضّر د َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫سا َ‬ ‫س ال ِن ْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫))وَإ ِ َ‬
‫َ‬
‫سِبيل ِهِ قُ ْ‬
‫ل‬ ‫ن َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ض ّ‬‫دا ل ِي ُ ِ‬‫دا ً‬‫ل ل ِل ّهِ أن ْ َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عوا إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬
‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ي َ‬ ‫س َ‬ ‫نَ ِ‬
‫ب الّناِر(( ]الزمر‪ ،[8:‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ك قَِليًل إ ِن ّ َ‬ ‫فرِ َ‬ ‫مت ّعْ ب ِك ُ ْ‬
‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫ك ِ‬ ‫تَ َ‬
‫م إ َِلى‬
‫جاهُ ْ‬ ‫ما ن َ ّ‬‫ن فَل َ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬‫وا الل ّ َ‬ ‫ك د َع َ ُ‬‫فل ْ ِ‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِفي ال ْ ُ‬ ‫))فَإ ِ َ‬
‫ن(( ]العنكبوت‪ [65:‬وأما غلة الصوفية والقبوريون‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬‫ذا هُ ْ‬ ‫ال ْب َّر إ ِ َ‬
‫إذا أصابهم الضر دعوا غير الله تعالى نعوذ بالله من الخذلن‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم‬


‫عند الغلة بأنه ُيجيب الدعاء وترفع إليه أكف الضراعة‪:‬‬
‫قال البراعي‪:‬‬
‫جاءت بخط أسير‬ ‫وهاك جوهر أبيات بك افتخرت‬
‫الذنب يرقمه‬
‫ف‬
‫م صر ُ‬
‫يليه إن ه ّ‬ ‫فانهض بقائلها عبد الرحيم ومن‬
‫الدهر يدهمه‬
‫م به من ليس‬
‫إذا أل ّ‬ ‫اجعله منك بمرعى العين مرحمة‬
‫يرحمه‬
‫يا خير من دفنت في القاع‬ ‫وإن دعا فأجبه وأحم ِ جنابه‬
‫)‪(1‬‬
‫أعظمه‬
‫وقال أيضًا‪:‬‬
‫أفديك لو ولد بوالده‬ ‫ي طال بك السقام فليتني‬
‫أُبن ّ‬
‫ُ‬
‫فدي‬
‫لكن أمد إلى ابن آمنة‬ ‫ي ما بيدي لمثلك حيلة‬
‫أبن ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫يدي‬
‫قال النبهاني‪ :‬قال فتح الله بن النحاس‪:‬‬
‫ورجاي فيك وفيه طامع‬ ‫يا رب بابك بابه‬
‫)‪(3‬‬
‫وتارة يا خير شافع‬ ‫طورا ً أنادي رب رب‬
‫قال البرعي‪:‬‬
‫سوى هاشمي بالبهاء‬ ‫وليس معي زاد ول لي وسيلة‬
‫متوج‬
‫بمن هو عند الكرب للكرب‬ ‫ألوذ به ذاك الجناب فأحتمي‬
‫مفرج‬

‫‪1‬‬
‫)( ديوان البرعي ص )‪ (75-74‬مع شرحه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(176‬‬
‫‪3‬‬
‫)( شواهد الحق‪ ،‬ص )‪.(380‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وإني إليه في‬ ‫وأدعوه في الدنيا فتقضى حوائجي‬


‫)‪(1‬‬
‫القيامة أحوج‬
‫ص الغلة الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم فيمسسا سسسبق‬
‫خ ّ‬
‫من النصوص )بأنه يجيب الدعاء وترفع إليه أكف الضراعة‪:‬‬
‫وهذا أيضا ً من خصائص الله تعالى التي ل يجوز صرف شيء منها‬
‫لغيره تعالى‪ .‬فقد أمر سبحانه بإخلص الدعاء له وحده‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫مد ُ ل ِل ّهِ َر ّ‬
‫ب‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬‫صي َ‬‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬
‫عوه ُ ُ‬ ‫ه إ ِّل هُوَ َفاد ْ ُ‬ ‫ي ل إ ِل َ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫))هُوَ ال ْ َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬‫عوا الل ّ َ‬ ‫ن(( ]غافر‪ ،[65:‬وقال تعالى‪َ)) :‬فاد ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ال َْعال َ ِ‬
‫عا‬
‫ضّر ً‬‫م تَ َ‬ ‫عوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫ن(( ]غافر‪ ،[14:‬وقوله تعالى‪)) :‬اد ْ ُ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫وَل َوْ ك َرِه َ ال ْ َ‬
‫ن(( ]العراف‪ ،[55:‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫دي َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫معْت َ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ة إ ِن ّ ُ‬
‫في َ ً‬
‫خ ْ‬‫وَ ُ‬
‫َ‬ ‫عوا الرحم َ‬ ‫ه أ َوِ اد ْ ُ‬
‫ماُء‬ ‫س َ‬‫ه ال ْ‬ ‫عوا فَل َ ُ‬ ‫ما ت َد ْ ُ‬ ‫ن أّيا ّ‬ ‫ّ ْ َ َ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫))قُ ِ‬
‫سِبيًل((‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ت ب َِها َواب ْت َِغ ب َي ْ َ‬‫خافِ ْ‬‫ك َول ت ُ َ‬ ‫صلت ِ َ‬ ‫جهَْر ب ِ َ‬ ‫سَنى َول ت َ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫]السراء‪.[110:‬‬
‫وقد نهى الله تعالى نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم أن يعبد‬
‫ل إني نهيت أ َ َ‬
‫ن‬ ‫ن أع ْب ُد َ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الذين ُيدعون من دون الله تعالى‪)) :‬قُ ْ ِ ّ ُ ِ ُ ْ‬
‫ن الّله(( ]غافر‪ [66:‬الية فخص الله تعالى الدعاء بالذكر‬ ‫دو ِ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫عو َ‬ ‫ت َد ْ ُ‬
‫من دون سائر عبادات المشركين لوثانهم لمكانة الدعاء من بين‬
‫ُ‬
‫م فَ َ‬
‫قد ْ‬ ‫عاؤ ُك ُ ْ‬‫ول د ُ َ‬‫م َرّبي ل َ ْ‬
‫ما ي َعْب َأ ب ِك ُ ْ‬ ‫العبادات؛ لذلك قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫ل َ‬
‫ما(( ]الفرقان‪.[77:‬‬ ‫ن ل َِزا ً‬ ‫ف يَ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫م فَ َ‬
‫سوْ َ‬ ‫ك َذ ّب ْت ُ ْ‬
‫قال ابن جرير نقل ً عن مجاهد واختاره‪) :‬قل ما يعبؤا بكم ربي(‬
‫قال‪ :‬يعبؤا‪ :‬يفعل‪ ،‬وقوله‪) :‬لول دعاؤكم( يقول‪ :‬لول عبادة من يعبده‬
‫وطاعة من يطيعه منكم()‪ .(2‬قال ابن كثير في قوله‪) :‬قل ما يعبوا بكم‬
‫ربي(‪) :‬أي ل يبالي ول يكترث بكم إذا لم تعبدوه()‪ ،(3‬فسمى الله تعالى‬
‫الدعاء عبادة وخصه بالذكر من دون سائر العبادات ولول تلك العبادة لم‬
‫يكترث الله بنا؛ لذلك مدح الله عباده الذين ل يدعون غيره قال تعالى‪:‬‬
‫جاه ُِلو َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫خاط َب َهُ ُ‬
‫ذا َ‬ ‫ض هَوًْنا وَإ ِ َ‬ ‫شو َ َ‬
‫ن ع َلى الْر ِ‬ ‫م ُ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م ِ‬
‫ح َ‬
‫عَباد ُ الّر ْ‬
‫))وَ ِ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ل ي َد ْ ُ‬ ‫ما(( ]الفرقان‪ [63:‬إلى قوله تعالى‪َ)) :‬وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سل ً‬‫َقاُلوا َ‬
‫‪1‬‬
‫)( ديوان البرعي ص )‪ (190‬مع شرحه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تفسير ابن جرير )‪ (19/35‬دار المعرفة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تفسير ابن كثير )‪.(3/343‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن‬
‫م ْ‬‫ن وَ َ‬ ‫حقّ َول ي َْزُنو َ‬ ‫ه إ ِّل ِبال ْ َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫س ال ِّتي َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫قت ُُلو َ‬ ‫خَر َول ي َ ْ‬ ‫الل ّهِ إ ِل ًَها آ َ‬
‫َ‬
‫ما(( ]الفرقان‪ ،[68:‬وضرب الله تعالى المثل للناس‬ ‫ك ي َل ْقَ أَثا ً‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫مُعوا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ست َ ِ‬‫ل َفا ْ‬ ‫مث َ ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫ضرِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫زيادة في البيان‪ ،‬قال تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها الّنا ُ‬
‫ن‬
‫ه وَإ ِ ْ‬ ‫مُعوا ل َ ُ‬ ‫جت َ َ‬‫قوا ذ َُباًبا وَل َوِ ا ْ‬ ‫خل ُ ُ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ن الل ّهِ ل َ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َد ْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫ب((‬ ‫مط ُْلو ُ‬ ‫ب َوال ْ َ‬ ‫ف ال ّ‬
‫طال ِ ُ‬ ‫ضعُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ذوه ُ ِ‬ ‫ق ُ‬‫سَتن ِ‬ ‫شي ًْئا ل ي َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫م الذ َّبا ُ‬ ‫سل ُب ْهُ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫مَثال ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫عَباد ٌ أ ْ‬ ‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َد ْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫]الحج‪ .[73:‬وقال تعالى‪)) :‬إ ِ ّ‬
‫ن(( ]العراف‪ ،[194:‬وقد‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫م ِإن ُ‬ ‫جيُبوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫ست َ ِ‬‫م فَل ْي َ ْ‬ ‫عوهُ ْ‬ ‫َفاد ْ ُ‬
‫عّلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته آداب الدعاء التي يدعو بها العبد‬
‫ربه‪ ،‬فمن ذلك رفع اليدين في الدعاء‪ ،‬وبذلك بوب البخاري في صحيحه‬
‫ل‪) :‬باب رفع اليدي في الدعاء(‪ .‬وقال أبو موسى الشعري‪} :‬دعا‬ ‫قائ ً‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم رفع يديه ورأيت بياض إبطيه{‪ .‬وقال‬
‫ابن عمر‪} :‬رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال‪ :‬اللهم إني أبرأ‬
‫إليك مما صنع خالد{‪ ،‬ثم روى بسنده إلى أنس بن مالك عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪} :‬رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه{)‪ .(1‬وغير‬
‫ذلك من الحاديث الكثيرة التي تبين أن رفع اليدين من الداب‬
‫المستحبة في الدعاء‪ .‬فدعاء غير الله تعالى من الشرك الكبر والظلم‬
‫العظيم الذي رتب عليه رب العزة والجلل من العقوبات ما لم يرتبه‬
‫على ذنب سواه‪.‬‬
‫يقول ابن القيم)‪) :(2‬إن الشرك لما كان أظلم الظلم‪ ،‬وأقبح‬
‫القبائح‪ ،‬وأنكر المنكرات‪ ،‬كان أبغض الشياء إلى الله وأكرهها له‪،‬‬
‫وأشدها مقتا ً لديه‪.‬‬
‫ورتب عليه من عقوبات الدنيا والخرة ما لم يرتبه على ذنب‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫شَر َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫فُر أ ْ‬ ‫ه ل ي َغْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫سواه‪ ،‬وأخبر أنه ل يغفره قال تعالى‪)) :‬إ ِ ّ‬
‫ما‬‫قد ِ افْت ََرى إ ِث ْ ً‬‫ك ِبالل ّهِ فَ َ‬‫شرِ ْ‬ ‫ن يُ ْ‬‫م ْ‬ ‫ن يَ َ‬
‫شاُء وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫ك لِ َ‬ ‫دو َ‬
‫ما ُ‬
‫فُر َ‬
‫وَي َغْ ِ‬
‫جس‪ ،‬ومنعهم من قربان حرمه‪ ،‬قال‬ ‫ما(( ]النساء‪ ،[48:‬وأن أهله ن َ َ‬ ‫ظي ً‬‫عَ ِ‬

‫‪1‬‬
‫)( ك‪ .‬الدعوات )‪ (11/141‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي ثم الدمشقي الفقيه الصولي المفسر اللغوي‬
‫شمس الدين أبو عبد الله بن قيم الجوزية‪ .‬تفنن في سائر علوم السلم وكان عارف ـا ً بالتفســير‬
‫ل ُيجارى فيه وبأصول الدين وإليــه فيهــا المنتهــى والحــديث ومعــانيه وفقهــه وبــالفقه والصــول‬
‫والعربية وله فيها اليد الطولى‪ ،‬له تصانيف كثيرة منها‪ :‬تهذيب ســنن أبــي داود وزاد المعــاد فــي‬
‫هدي خير العباد‪ ،‬وجلء الفهام فــي الصــلة والســلم علــى خيــر النــام ت‪ .‬ســنة ‪751‬هـــ‪ .‬ذيــل‬
‫طبقات الحنابلة لبن رجب )‪.(4/449‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫َ‬
‫جد َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قَرُبوا ال ْ َ‬ ‫س َفل ي َ ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫مُنوا إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذا(( ]التوبة‪ ،[28:‬وحرم ذبائحهم قال تعالى‪َ)) :‬ول‬ ‫م هَ َ‬ ‫مهِ ْ‬ ‫عا ِ‬ ‫م ب َعْد َ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫حو َ‬ ‫ن ل َُيو ُ‬ ‫طي َ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سقٌ وَإ ِ ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫م الل ّهِ ع َل َي ْهِ وَإ ِن ّ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ي ُذ ْك َرِ ا ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ت َأك ُُلوا ِ‬
‫إَلى أ َول ِيائ ِهم ل ِيجادُلوك ُم وإ َ‬
‫ن(( ]النعام‪:‬‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫م إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫ن أط َعْت ُ ُ‬ ‫ْ َِ ْ‬ ‫ْ َ ِ ْ ُ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م ّ‬ ‫حّتى ي ُؤ ْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫كا ِ‬ ‫شرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫حوا ال ُ‬ ‫‪ ،[121‬ومناكحتهم قال تعالى‪َ)) :‬ول َتنك ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حّتى‬ ‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حوا ال ْ ُ‬ ‫م َول ُتنك ِ ُ‬ ‫جب َت ْك ُ ْ‬ ‫شرِك َةٍ وَل َوْ أع ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫من َ ٌ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ة ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫وََل َ‬
‫َ‬
‫م(( ]البقرة‪،[221:‬‬ ‫جب َك ُ ْ‬ ‫ك وَل َوْ أع ْ َ‬ ‫شرِ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫مُنوا وَل َعَب ْد ٌ ُ‬ ‫ي ُؤ ْ ِ‬
‫َ‬
‫مُنوا ل‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقطع الموالة بينهم وبين المؤمنين‪ ،‬قال تعالى‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫خوانك ُ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫فَر ع ََلى ا ِ‬ ‫حّبوا ال ْك ُ ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م أوْل َِياَء إ ِ ِ‬ ‫م وَإ ِ ْ َ َ ْ‬ ‫ذوا آَباَءك ُ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫ت َت ّ ِ‬
‫م ال ّ‬ ‫م فَأوْل َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ن(( ]التوبة‪ ،[23:‬وجعلهم أعداء له‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫ن ع َد ُّوا ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سبحانه ولملئكته ورسله وللمؤمنين قال تعالى‪َ )) :‬‬
‫ن(( ]البقرة‪[98:‬‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫ه ع َد ُوّ ل ِل ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل فَإ ِ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫مي َ‬ ‫ل وَ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫جب ْ ِ‬ ‫سل ِهِ وَ ِ‬ ‫ملئ ِك َت ِهِ وَُر ُ‬ ‫وَ َ‬
‫)‪ ،(1‬وأباح لهل التوحيد أموالهم ونساءهم وأبناءهم‪ ،‬وأن يتخذوهم‬
‫عبيدًا‪ ،‬وهذا لن الشرك هضم لحق الربوبية وتنقيص لعظمة اللهية‪،‬‬
‫ن‬
‫قي َ‬ ‫مَنافِ ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫وسوء ظن برب العالمين‪ ،‬كما قال تعالى‪)) :‬وَي ُعَذ ّ َ‬
‫سوِْء ع َل َي ْهِ ْ‬
‫م‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن ِبالل ّهِ ظ َ ّ‬ ‫ظاّني َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫كا ِ‬ ‫شرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َوال ْ ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫مَنافِ َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ساَء ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م وَأع َد ّ ل َهُ ْ‬ ‫م وَل َعَن َهُ ْ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ ْ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫سوِْء وَغ َ ِ‬ ‫دائ َِرة ُ ال ّ‬ ‫َ‬
‫صيًرا(( ]الفتح‪ ،[6:‬فلم يجمع على أحد من الوعيد والعقوبة ما جمع‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫على أهل الشراك فإنهم ظنوا به ظن السوء‪ ،‬حتى أشركوا به‪ ،‬ولو‬
‫أحسنوا به الظن لوحدوه حق توحيده‪ ،‬ولهذا أخبر سبحانه عن‬
‫المشركين أنهم ما قدروه حق قدره في ثلثة مواضع من كتابه‪ ،‬وكيف‬
‫يقدره حق قدره من جعل له عدل ً وندًا‪ ،‬يحبه‪ ،‬ويخافه‪ ،‬ويرجوه ويذل‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫له‪ ،‬ويخضع له‪ ،‬ويهرب من سخطه‪ ،‬ويؤثر مرضاته؟ قال تعالى‪)) :‬وَ ِ‬
‫ب الّله(( ]البقرة‪[165:‬‬ ‫َ‬
‫ح ّ‬ ‫م كَ ُ‬ ‫حّبون َهُ ْ‬ ‫دا ي ُ ِ‬ ‫دا ً‬ ‫ن الل ّهِ أن َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ ُ ِ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ما ِ‬ ‫ل الظ ّل ُ َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫وقال تعالى‪)) :‬ال ْ َ‬
‫ن(( ]النعام‪ [1:‬أي يجعلون له عدل ً‬ ‫م ي َعْد ُِلو َ‬ ‫فُروا ب َِرب ّهِ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫َوالّنوَر ث ُ ّ‬
‫في العبادة والمحبة والتعظيم‪ .‬وهذه هي التسوية التي أثبتها‬
‫المشركون بين الله وبين آلهتهم‪ ،‬وعرفوا ‪-‬وهم في النار أنها كانت‬
‫في‬ ‫ن ك ُّنا ل َ ِ‬ ‫ل‪ ،‬فيقولون للهتهم وهم في النار معهم‪َ)) :‬تالل ّهِ إ ِ ْ‬ ‫ضلل ً وباط ً‬

‫‪ ()1‬لم يذكر ابن القيم رحمه الله هذه الية واليات التي قبلها ضمن كلمه وإنما ذكرتهــا إكمــال ً‬
‫للفائدة‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن(( ]الشعراء‪.[98-97 :‬‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬


‫مي َ‬ ‫ويك ُ ْ‬
‫م ب َِر ّ‬ ‫ن * إ ِذ ْ ن ُ َ‬
‫س ّ‬ ‫مِبي ٍ‬
‫ل ُ‬
‫ضل ٍ‬
‫َ‬
‫ومعلوم أنهم ما ساووهم به في الذات والصفات والفعال‪ ،‬ول‬
‫قالوا‪ :‬إن آلهتهم خلقت السموات والرض‪ ،‬وأنها تحيي وتميت‪ ،‬وإنما‬
‫ساووها به في محبتهم لها وتعظيمهم لها وعبادتهم إياها‪ ،‬كما ترى عليه‬
‫أهل الشراك ممن ينتسب إلى السلم‪ .‬ومن العجب أنهم ينسبون أهل‬
‫التوحيد إلى التنقص بالمشايخ والنبياء والصالحين‪ ،‬وما ذنبهم إل أن‬
‫قالوا‪ :‬إنهم عبيد ل يملكون لنفسهم ول لغيرهم ضرا ً ول نفعًا‪ ،‬ول موتا ً‬
‫ول حياة ول نشورًا‪ ،‬وأنهم ل يشفعون لعابدهم أبدًا‪ ،‬بل قد حرم الله‬
‫شفاعتهم لهم‪ ،‬ول يشفعون لهل التوحيد إل بعد إذن الله لهم في‬
‫الشفاعة‪ ،‬فليس لهم من المر شيء‪ ،‬بل المر كله لله‪ ،‬والشفاعة كلها‬
‫له سبحانه‪ ،‬والولية له فليس لخلقه من دونه ولي ول شفيع()‪.(1‬‬
‫وهنا قد يتساءل أصحاب الفطر السليمة أل يكفي في الرد على‬
‫هؤلء الغلة بشأن مقالتهم المزعومة في جعل خصائص للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم هي من جنس خصائص الربوبية واللهية أن تعرض‬
‫مجرد عرض؛ فإن مجرد العرض يكفي لمجها والنفرة منها؟!‬
‫أقول‪ :‬هذا التساؤل وجيه؛ ولكن إذا عرف السبب فعسى أن يزول‬
‫العجب وهو أن أولياء الغلة أحكموا القبضة على مريديهم وأتباعهم‬
‫بتأليف أوراد مبتدعة صرفوهم بها عن كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأخذوا عليهم العهود والمواثيق في الشتغال بها صباح‬
‫مساء وأن من نسيها فعليه القضاء وأن من تركها بالكلية فسيقع عليه‬
‫الهلك والدمار‪ ،‬وفي هذا يقول طاهر ميغري البرناوي ‪ -‬وكان خليفة‬
‫من خلفاء الطريقة التجانية‪) :‬لما رسم الشيخ التجاني لتباعه دائرته‬
‫التي قرر أنها كانت مكنوزة وراء جميع دوائر دين السلم‪ ،‬بقصد محوه‬
‫وإزالة جميع آثاره ومبادئه وتعاليمه من قلوبهم أدرك أنه إذا تركهم‬
‫يقرؤون القرآن فإنهم ل محالة ينسون أنهم كانوا في تلك الدائرة لنها‬
‫في الحقيقة ل وجود لها إل في الوهم فقط‪ ،‬بل يدركون ضللته في‬
‫النهاية ويتخلون عنه بالمرة مستعيذين بالله من همزاته؛ ولذلك فكر‬
‫في طريقة سهلة يصرفهم بها عن قراءة القرآن وهم ل يعلمون ومن‬
‫ثم ذهب يزين لهم صلة الفاتح التي زعم أن الملك هو الذي نزل بها‬
‫‪1‬‬
‫)( إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان لبن القيم )‪.(155-1/99‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫في صحيفة من نور وأنها أفضل من القرآن ستمائة مرة أو ستة آلف‬
‫مرة‪.(1)(...‬‬
‫فأتباع كبار الغلة من أبعد الناس عن الكتاب والسنة وفهمهما‬
‫والعمل بهما وربما لول مرة تطرق مثل هذه الحجج والبراهين قلوبهم‬
‫وأنهم مخاطبون بها أيضا ً وأن القرآن لم ينزل يتوعد مشركي العرب‬
‫فقط كما سبق بيانه‪ .‬فعسى أن يفيق من ألقى السمع وهو شهيد‪ ،‬وأما‬
‫الذين لهم شيء من علم الكتاب والسنة منهم فإن غالبهم ُيسخر ذلك‬
‫في تتبع المتشابه وإلقاء الشبه وتزيينها للعوام والله المستعان‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسسسلم‬
‫عند الغلة بخروج يده الشسسريفة مسسن القسسبر لمصسسافحة أحمسسد‬
‫الرفاعي‪:‬‬
‫وهذه خطوة أخرى من خطوات الغلو فيه صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فبعد أن كان ُيدعى وُيسأل قضاء الحاجات‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬وهو صلى‬
‫الله عليه وسلم في قبره‪ .‬بدأ الغلة مرحلة أخرى من مراحل الغلو فيه‬
‫صلى الله عليه وسلم وهو إخراجه من قبره‪ ،‬وأول ذلك زعمهم خروج‬
‫يده الشريفة ليقبلها أحمد الرفاعي)‪:(2‬‬
‫قال أبو الهدى الصيادي الرفاعي‪) :‬ولما حج ‪-‬يعني أحمد الرفاعي‪-‬‬
‫وقف تجاه الحجرة الشريفة وأنشد‪:‬‬
‫تقبل الرض‬ ‫في حالة البعد روحي كنت أرسلها‬
‫عني وهي نائبتي‬
‫فأمدد يمينك كي‬ ‫وهذه نوبة الشباح قد ظهرت‬
‫تحظى بها شفتي‬
‫قال‪ :‬فخرجت إليه يده الشريفة من القبر حتى قبلها والناس‬
‫ينظرون()‪.(3‬‬

‫‪1‬‬
‫)( انظر التحفة السنية في توضيح الطريقة التجانية لطاهر ميغري البرناوي‪ ،‬ص )‪.(127‬‬
‫‪2‬‬
‫)( هو‪ :‬أحمد بــن أبــي الحســين الرفــاعي ُتنســب إليــه الطريقــة الرفاعيــة ت‪575 .‬هـــ‪ .‬ط‪ .‬ك‬
‫للشعراني )‪ ،(2/62‬جامع كرامات الولياء للنبهاني )‪.(1/283‬‬
‫‪3‬‬
‫)( قلدة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الكابر‪ ،‬لمحمد أبي الهــدى أفنــدي الرفــاعي‬
‫الصيادي‪ ،‬ص )‪ ،(68-76‬وانظر البرهان المؤيد لحمد الرفاعي ‪ -‬ترجمة الرفاعي لمحمد أفنــدي‬
‫الصيادي الرفاعي‪ ،‬ص )‪.(13‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فالناظر في هذه الحادثة المزعومة ل يشك أنها كذب على رسول‬


‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل كذب حتى على أحمد الرفاعي نفسه‬
‫وذلك من أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬ثبت بهذه الحادثة المزعومة أن محبة الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم لحمد الرفاعي تفوق محبة الخلفاء الراشدين‪ ،‬بل تفوق‬
‫محبة كل من آمن به من عصره صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا؛‬
‫لن هذه الحفاوة المزعومة التي قابل بها النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أحمد الرفاعي لم تحدث لحد قبله أو بعده ممن آمن به وزاره بعد‬
‫وفاته‪ .‬وهذا بل شك كذب واضح وبهتان فاضح لتلك الشرذمة التي‬
‫تؤلف كتب المناقب والكرامات في زعمائها لستجلب عاطفة العوام‬
‫وضعفاء العقول نحو مشايخهم‪ ،‬وما يحصل لهم بذلك من الجاه‬
‫العريض في الدنيا بكثرة التباع‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬كما لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم حال حياته أن‬
‫يمد يده كي يقبلها المسّلم عليه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ذكر تاج الدين السبكي الصوفي في ترجمة أحمد‬
‫الرفاعي‪) :‬أن من فضائله رأفته على الهرة والبعوضة والجرادة‬
‫والكلب()‪ ،(1‬ولم يذكر شيئا ً عن حادثة اليد‪ ،‬ولو كان لها وجود لما توانى‬
‫السبكي في ذكرها وقد ذكر ما هو دونها‪ .‬وقد ترجم ابن خلكان‬
‫للرفاعي وهو قريب العهد به‪ ،‬وقد ذكر أن لتباع الرفاعي أحوال ً عجيبة‬
‫من أكل الحيات وهي حية ودخول النار وهي متوقدة‪ ،‬ولم يذكر حادثة‬
‫تقبيل اليد)‪ .(2‬وترجم له أيضا ً ابن كثير ولم يذكر له حادثة تقبيل اليد)‪.(3‬‬
‫فعلم بذلك كذب الصيادي الذي ذكر شهادة الناس على هذه الحادثة‬
‫بقوله‪) :‬والناس ينظرون(‪ .‬فهؤلء أصحاب كتب التراجم والتاريخ‪،‬‬
‫أتراهم الصيادي‪ ،‬ص )‪ ،(68-67‬وانظر البرهان المؤيد لحمد الرفاعي‬
‫‪-‬ترجمة الرفاعي لمحمد أفندي الصيادي الرفاعي‪ ،‬ص )‪.(13‬‬
‫غفلوا عن تدوين هذه الحادثة التي لم تحدث لحد قبل الرفاعي؟‬
‫أم هو الكذب والبهتان حتى على مشايخهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)( طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي )‪.(6/23‬‬
‫‪2‬‬
‫)( وفيات العيان لبن خلكان )‪.(172-1/171‬‬
‫‪3‬‬
‫)( البداية والنهاية )‪.(12/333‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫قالى الذهبي‪) :‬وقد كثر الزغل في أصحابه ‪-‬يعني الرفاعي‪-‬‬


‫وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق‪ .‬من دخول‬
‫النيران وركوب السباع واللعب بالحيات وهذا ل يعرفه الشيخ ول صلحاء‬
‫أصحابه نعوذ بالله من الشيطان الرجيم()‪.(1‬‬
‫وقد ذكر الصيادي حادثة أخرى في مناقب شيخه الرفاعي قريبة‬
‫من حادثة اليد‪ ،‬يقول فيها‪ :‬ولما حج الرفاعي عام وفاته وزار قبر النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل من الجنة بل من العرش‬
‫والكرسي‪ ،‬أنشد قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫يا أشرف الرسل ما تقول‬ ‫إن قيل زرتم بما رجعتم‬
‫فخرج صوت من القبر سمعه كل من حضر وهو يقول‪:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫واجتمع الفرع والصول‬ ‫قولوا رجعنا بكل خير‬
‫ويعلق الشيخ عبد الرحمن دمشقية على هذه الحادثة بقوله‪:‬‬
‫)فالرفاعي نجده في كل مرة ل يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم إل‬
‫بالشعر‪ ،‬والنبي صلى الله عليه وسلم ل يجيبه إل بالشعر‪ .‬لماذا ل‬
‫يخاطبه بلغة القرآن من غير شعر ول نثر ول سجع؟ وهل نسي القوم‬
‫ه(( ]يس‪ .[69:‬ألم‬ ‫ما ي َن ْب َِغي ل َ ُ‬
‫شعَْر وَ َ‬ ‫ما ع َل ّ ْ‬
‫مَناه ُ ال ّ‬ ‫قول الله تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبغض الشعر؟()‪.(4)(3‬‬
‫وقد ذكر دمشقية في دراسته المستفيضة عن الرفاعية‪ :‬أنهم‬
‫زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي في الرؤيا أنه شد الرحال‬
‫إلى قرية الرفاعي والكعبة تسير معه وقد قال‪) :‬ها أنا والكعبة‬
‫زائرون(‪ ،‬وجلس ينادي أهل القرى في طريقه أن يزوروا معه )الشيخ‬
‫أحمد الرفاعي( ثم تبين للراوي أن الرؤيا حقيقة فقام وذهب إلى قرية‬
‫الرفاعي مشاركا ً موكب النبي عليه الصلة والسلم والكعبة(!!!)‪.(5‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬اختصاص النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫‪1‬‬
‫)( العبر )‪.(3/75‬‬
‫‪2‬‬
‫)( قلدة الجواهر ص )‪.(104‬‬
‫‪3‬‬
‫)( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبغض الشعر على إطلقه بدليل سماعه لشعر حســان‬
‫بن ثابت رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الرفاعية‪ :‬لعبد الرحمن دمشقية‪ ،‬ص )‪.(44‬‬
‫‪5‬‬
‫)( انظر المرجع السابق ص )‪.(44-43‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عند الغلة برؤيته بعد موته في الحياة الدنيا يقظة ل منامًا‪:‬‬


‫دعى القوم خروج يد النبي صلى الله عليه وسلم من قبره‬ ‫بعد أن ا ّ‬
‫ذبة في أوساط القوم‪ ،‬تجرأوا في‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وراجت الك ِ ْ‬
‫ادعاء خروجه صلى الله عليه وسلم من قبره صلى الله عليه وسلم‬
‫ورؤية مشايخ القوم له يقظة ل مناما ً في الحياة الدنيا والتلقي منه‪،‬‬
‫على اختلف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه‬
‫)‪(1‬‬
‫ضمن هذا المبحث فممن قال بذلك منهم‪ :‬ابن حجر الهيتمي‬
‫والسيوطي)‪ (2‬وأبو المواهب الشاذلي)‪ (3‬والشعراني)‪ (4‬وأحمد التجاني‬
‫)‪(6‬‬
‫وخلفاؤه)‪ .(5‬ومن المتأخرين‪ :‬خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم‬
‫ومحمد بن علوي المالكي)‪ (7‬ومحمد فؤاد الفرشوطي)‪ (8‬وغيرهم‪.‬‬
‫أدلتهم‪:‬‬
‫أكثر ما يستدل به هؤلء‪ :‬الحكايات‪ ،‬والدعاءات المنقولة عن أرباب‬
‫الحوال الصوفية‪ ،‬ومنهم من استدل بحديث أبي هريرة الذي رواه‬
‫البخاري ولفظه‪} :‬من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ول يتمثل‬
‫الشيطان بي{)‪ .(9‬والكلم على هذا الستدلل من عدة أوجه سيأتي‬
‫بيانها إن شاء الله‪ .‬وأورد الن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في‬
‫معرض الحتجاج أو الستشهاد أو الكرامات‪:‬‬
‫قال الشعراني)‪) :(10‬قال أبو المواهب الشاذلي‪) :‬رأيت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه لست بميت وإنما موتي‬
‫تستري عمن ل يفقه عن الله فها أنا أراه ويراني()‪(11‬وقال‪) :‬كان أبو‬
‫‪1‬‬
‫)( الهيتمي‪ :‬الفتاوى الحديثية ص )‪.(217‬‬
‫‪2‬‬
‫)( السيوطي‪ :‬تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك )‪.(2/255‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ط‪ -‬ك للشعراني )‪.(2/69‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ط‪ -‬الصغرى ص )‪.(89‬‬
‫‪5‬‬
‫)( رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم )‪.(1/210‬‬
‫‪6‬‬
‫)( من مشايخ الطرق الصوفية بالسودان‪ .‬انظر طبقات ابن ضيف الله ص )‪.(190‬‬
‫‪7‬‬
‫)( الذخائر المحمدية ص )‪.(259‬‬
‫‪8‬‬
‫)( القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية ص )‪.(25‬‬
‫‪9‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التعبير )‪ (12/383‬ح )‪ (6993‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫)( عبد الوهاب بن أحمد الشعراني صاحب الطبقات الكبرى والصــغرى فــي تراجــم الصــوفية‬
‫والجواهر في عقائد الكابر ت‪ .‬سنة ‪973‬هـ‪ .‬شذرات الذهب لبن العماد )‪.(10/544‬‬
‫‪11‬‬
‫)( ط‪ .‬ك‪ .‬للشعراني )‪.(2/69‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكان يقول‪:‬‬
‫قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة‬
‫رؤيتي لك‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬وعزة الله وعظمته‬
‫من لم يؤمن بها أو كذبك فيها ل يموت إل يهوديا ً أو نصرانيا ً أو مجوسيًا‪.‬‬
‫وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب()‪.(1‬‬
‫وقال أيضًا‪) :‬رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن‬
‫الحديث المشهور‪} :‬اذكروا الله حتى يقولوا مجنون{‪ .‬في صحيح ابن‬
‫حبان‪} :‬أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون{ فقال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله‪ ،‬فإني‬
‫قلتهما معًا‪ ،‬مرة قلت هذا ومرة قلت هذا()‪.(2‬‬
‫ويزعم بعض تلمذة خوجلي بن عبد الرحمن‪) :‬أن شيخهم يرى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة)‪ (3‬وعشرين مرة والرؤيا‬
‫يقظة()‪.(4‬‬
‫مرسي‪ -‬لي‬ ‫ويقول الشعراني‪) :‬وكان يقول ‪-‬يعني أبا العباس ال ُ‬
‫أربعون سنة ما حجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولو‬
‫حجبت طرفة عين ما أعددت نفسي من جملة المسلمين(‪.‬‬ ‫ُ‬
‫هذا هو حال طائفة من الغلة الذين عبدوا الله على جهل وغرور‬
‫فتلعب بهم الشيطان أيما تلعب‪ ،‬فإن ماتوا على تلك الحال ولم‬
‫يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان النبي‬
‫المختار)‪ (5‬صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن‪ ،‬يستعمل ما آتاه‬
‫الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو ل يشعرون‪.‬‬
‫سئل ابن حجر الهيتمي‪) :‬هل يمكن الجتماع بالنبي صلى الله‬ ‫ما ُ‬
‫ل ّ‬
‫عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب بقوله‪) :‬نعم يمكن ذلك وصرح‬
‫بأدن ذلك من كرامات الولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي‬
‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك‪.(2/67) .‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/70‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الصواب‪ :‬كل يوم أربعا ً وعشرين مرة )خطأ نحوي في نص(‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( طبقات ابن ضيف الله ص )‪.(190‬‬
‫‪5‬‬
‫)( انظر‪ :‬ص )‪.(72‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫والعفيف اليافعي من الشافعية‪ ،‬والقرطبي وابن أبي جمرة من‬


‫حكي عن بعض الولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك‬ ‫المالكية‪ .‬وقد ُ‬
‫الفقيه حديثا ً فقال له الولي‪ :‬هذا الحديث باطل‪ ،‬قال‪ :‬ومن أين لك‬
‫هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول‪ :‬إني‬
‫لم أقل هذا الحديث و ُ‬
‫كشف للفقيه فرآه()‪.(1‬‬
‫وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫للسيوطي في بيته يقظة ل مناما ً وقراءة السيوطي للحاديث بين يدي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع‪.‬‬
‫قال الشعراني‪) :‬أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال‪ :‬بينا أنا‬
‫جالس في الخضيرية على باب المام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت‬
‫جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور‪ ،‬يقصدونني من‬
‫ناحية الجبل‪ .‬فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ض معنا‬ ‫وأصحابه‪ ،‬فقبلت يده‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬ام ِ‬
‫إلى الروضة‪ .‬فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ‬
‫جلل الدين‪ ،‬فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم‬
‫على أصحابه‪ ،‬ثم أدخله الدار‪ ،‬وجلس بين يديه‪ .‬فصار الشيخ جلل‬
‫الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الحاديث وهو يقول‪:‬‬
‫هات يا شيخ السنة()‪.(2‬‬
‫وقال الشعراني أيضًا‪) :‬وكان رضي الله عنه ‪-‬يعني السيوطي‪-‬‬
‫يقول‪ :‬رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي‪ :‬يا شيخ‬
‫الحديث‪ .‬فقلت‪ :‬يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال‪ :‬نعم‪ .‬فقلت‪:‬‬
‫من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬لك ذلك()‪.(3‬‬
‫أل يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث‪ ،‬بل وله فتاوى حديثية‬
‫في ذلك والسيوطي ‪-‬والعهدة على الشعراني‪ -‬وله ألفية في علوم‬
‫الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والدعاءات ل يجوز‬
‫الحتجاج ول الستشهاد بها في شيء من أمور الدين‪ .‬بل هي الباطلة‬
‫ومن أبين الدلة على بطلنها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله‬

‫‪1‬‬
‫)( الفتاوى الحديثية ص )‪.(217‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ط‪ -‬الصغرى للشعراني ص )‪.(29-28‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(30‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عليه وسلم يقظة ل منامًا‪ ،‬فلو كالن مثل هذا السؤال ممكنا ً لما أفنى‬
‫علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف‪ ،‬ولكان‬
‫تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعا ً من العبث وتضييعا ً‬
‫للوقات‪ ،‬ولستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن‬
‫صحة الحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة!!‬
‫بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا‬
‫التأليف في مسائل الزيارة والستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ويسودوا صفحات كتبهم بالحاديث الضعيفة والمنكرة‪ ،‬وكان الولى لهم‬
‫أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيها‬
‫خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة!!! أم أنه ل يوجد أولياء لله‬
‫في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم ُيحّرفون‪.‬‬
‫وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والدعاءات المنقولة عن‬
‫أرباب الحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يقظة والتلقي منه‪ ،‬وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى‪ ،‬ننتقل إلى‬
‫الرواية التي استدلوا بها‪ .‬وهذا سندها ومتنها‪:‬‬
‫قال البخاري رحمه الله‪ :‬حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس‬
‫عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال‪ :‬سمعت النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪} :‬من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ول‬
‫يتمثل الشيطان بي{)‪.(1‬‬
‫والكلم على الستدلل بهذه الرواية من عدة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه‪ :‬جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من‬
‫خمسة طرق‪ ،‬أربعة منها تخالف تلك الرواية‪ ،‬وتفصيلها على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫الطريق الول‪ :‬عن أبي صالح ذكوان السمان)‪ (2‬عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه مرفوعًا‪} :‬تسموا باسمي ول تكنوا بكنيتي‪ ،‬ومن رآني‬
‫في المنام فقد رآني ول يتمثل الشيطان في صورتي{)‪.(3‬‬
‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التعبير )‪ ،(12/383‬ح )‪ (6993‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المدني ثقة ثبت من الثالثة مات سنة إحدى ومائة‪ .‬التقريب )‪.(1/239‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الدب‪ ،‬ح ‪ 6197‬مع الفتح‪ ،‬حم‪.(2/463) ،(1/455) :‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الطريق الثاني‪ :‬عن محمد بن سيرين)‪ (1‬عن أبي هريرة رضي‬


‫الله عنه مرفوعًا‪} :‬من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان ل‬
‫يتمثل بي{)‪.(2‬‬
‫)‪(4‬‬
‫)‪ (3‬عن‬ ‫الطريق الثالث‪ :‬عن العلء بن عبد الرحمن)‪ (3‬عن أبيه‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ً بمثل اللفظ السابق)‪.(5‬‬
‫)‪(7‬‬
‫عن أبي‬ ‫الطريق الرابع‪ :‬عن عاصم بن كليب)‪ (6‬عن أبيه‬
‫هريرة رضي الله عنه مرفوعا ً بمثل اللفظ السابق)‪.(8‬‬
‫)‪(9‬‬
‫بن عبد الرحمن بن عوف‬ ‫الطريق الخامس‪ :‬عن أبي سلمة‬
‫عن أبي هريرة‪.‬‬
‫ورواه عن أبي سلمة اثنان‪:‬‬
‫أ‪ -‬محمد)‪ (10‬بن عمرو بن علقمة الليثي‪ .‬ولفظه‪} :‬من رآني في‬
‫المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان ل يتشبه بي{)‪ (11‬كلفظ الجماعة‪.‬‬
‫)‪(12‬‬
‫بن شهاب الزهري‪ ،‬واخُتلف على الزهري في لفظ‬ ‫ب‪ -‬محمد‬
‫الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬فرواه محمد)‪ (13‬بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ‬
‫الشك‪} :‬من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في‬

‫‪1‬‬
‫)( النصاري ثقة ثبت عابد كبير القدر من الثالثة مات سنة ‪115‬هـ‪ .‬التقريب )‪.(2/169‬‬
‫‪2‬‬
‫)( م‪ :‬الرؤيا )‪ (15/24‬مع النووي‪ ،‬حم‪.(2/472) ،(2/411) :‬‬
‫‪3‬‬
‫حَرقي المدني صدوق ربما وهم من الخامسة‪ .‬التقريب )‪.(93-2/92‬‬ ‫)( ال ُ‬
‫‪4‬‬
‫حَرقي‪ ،‬ثقة من الثالثة‪ .‬التقريب )‪.(1/503‬‬
‫)( الجهني المدني مولى ال ُ‬
‫‪5‬‬
‫)( جه‪ :‬ك‪ .‬الرؤيا ح )‪.(3901‬‬
‫‪6‬‬
‫)( الجرمي الكوفي صدوق ُرمي بالرجاء‪ ،‬من الخامسة‪ .‬التقريب )‪.(1/385‬‬
‫‪7‬‬
‫)( صدوق من الثانية‪ .‬التقريب )‪.(2/136‬‬
‫‪8‬‬
‫)( حم‪.(342 ،2/232) :‬‬
‫‪9‬‬
‫)( الزهري المدني‪ ،‬قيل اسمه عبد الله وقيل إسماعيل ثقة مكثر من الثالثة مات سنة ‪94‬هـــ‪.‬‬
‫التقريب )‪.(2/430‬‬
‫‪10‬‬
‫)( المدني صدوق له أوهام من السادسة‪ .‬التقريب )‪.(2/430‬‬
‫‪11‬‬
‫)( حم )‪.(2/261‬‬
‫‪12‬‬
‫)( القرشي الفقيـه الحـافظ متفـق علــى جللتــه واتقــانه‪ ،‬وهـو مــن رؤوس الطبقـة الرابعــة‪.‬‬
‫التقريب )‪.(2/207‬‬
‫‪13‬‬
‫)( ابن أخي الزهري‪ ،‬صدوق له أوهام‪ ،‬من السادسة‪ .‬التقريب )‪.(2/180‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫اليقظة ل يتمثل الشيطان بي{)‪.(1‬‬


‫وتابعه سلمة بن عقيل على الرواية بالشك)‪.(2‬‬
‫)‪(3‬‬
‫بن يزيد عن الزهري‪ ،‬واخُتلف على يونس في لفظ‬ ‫ورواه يونس‬
‫الحديث كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬فرواه عبد الله)‪ (4‬بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي‬
‫ابن شهاب وسلمة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق)‪.(5‬‬
‫‪ -‬ورواه أنس بن عياض)‪ (6‬عن يونس بلفظ‪} :‬من رآني في المنام‬
‫فقد رأى الحق{)‪ (7‬كلفظ الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬ورواه عبد الله)‪ (8‬بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل‬
‫الطرق السابقة عن أبي هريرة‪} :‬من رآني في المنام فسيراني في‬
‫اليقظة{)‪.(9‬‬
‫ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الخركما‬
‫لصحاب أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬بل خالف جميع اللفاظ التي وردت‬
‫عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا‬
‫الحديث‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الخرين‪:‬‬
‫روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم المنام جمع من‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة‪،‬‬
‫وتفصيل ذلك على النحو التالي‪ :‬اللفظ الول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( حم‪.(5/306) :‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الخطيب‪ :‬تاريخ بغداد )‪.(10/284‬‬
‫‪3‬‬
‫)( اليلي‪ .‬ثقة إل أن في روايتـه عـن الزهـري وهمـا ً قليل ً وفـي غيـر الزهـري خطـأ‪ ،‬مـن كبـار‬
‫السابعة‪ .‬التقريب )‪.(2/386‬‬
‫‪4‬‬
‫)( القرشي مولهم الفقيه‪ ،‬ثقة عابد من التاسعة‪ .‬التقريب )‪.(1/460‬‬
‫‪5‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الرؤيا )‪ (15/24‬مع النووي‪ ،‬د‪.(445-4/444) :‬‬
‫‪6‬‬
‫)( أنس بن عياض بن ضمرة الليثي أبو حمزة ثقة ت‪ .‬سنة ‪255‬هـ‪ .‬التقريب )‪.(1/84‬‬
‫‪7‬‬
‫)( ابن حبان )‪.(7/617‬‬
‫‪8‬‬
‫)( المروزي‪ ،‬ثقة‪ ،‬ثبت‪ ،‬فقيه‪ ،‬عالم‪ ،‬جواد‪ ،‬جمعت فيه خصــال الخيــر‪ ،‬مــن الثامنــة‪ .‬التقريــب )‬
‫‪.(1/445‬‬
‫‪9‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬التعبير ح )‪ (12/383) ،(6993‬مع الفتح‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫رواه أنس بن مالك)‪ (10‬وجابر بن عبد الله)‪ ،(11‬وأبو سعيد‬


‫الخدري)‪ ،(12‬وابن عباس)‪ (13‬وابن مسعود)‪ ،(14‬وأبو جحيفة)‪ (15‬رضي الله‬
‫عنهم مرفوعًا‪} :‬من رآني في المنام فقد رآني{‪.‬‬
‫اللفظ الثاني‪:‬‬
‫رضي الله عنهما مرفوعًا‪:‬‬ ‫)‪(8‬‬
‫رواه أبو قتادة)‪ (7‬وأبو سعيد الخدري‬
‫}من رآني فقد رأى الحق{‪.‬‬
‫اللفظ الثالث‪:‬‬
‫رضي الله عنه مرفوعًا‪} :‬من رآني في النوم فقد‬ ‫)‪(9‬‬
‫رواه جابر‬
‫رآني{‪.‬‬
‫فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت‬
‫مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ونتيجة لهذا الختلف ولكون الرواية في‬
‫صحيح البخاري أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة‬
‫لتتوافق مع روايات الجمهور‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل‪:‬‬
‫ذكر ابن حجر ملخصا ً لتلك الجوبة بقوله‪) :‬وحاصل تلك الجوبة‬
‫ستة‪:‬‬
‫‪ -‬أحدها‪ :‬أنه على التشبيه والتمثيل‪ ،‬ودل عليه قوله في الرواية‬
‫الخرى‪} :‬فكأنما رآني في اليقظة{‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫)( المصدر السابق ح )‪.(6994‬‬
‫‪11‬‬
‫)( جه‪ :‬ك‪ .‬الرؤيا‪ ،‬ح )‪.(3902‬‬
‫‪12‬‬
‫)( المصدر السابق‪ ،‬ح )‪.(3953‬‬
‫‪13‬‬
‫)( المصدر السابق‪ ،‬ح )‪.(3905‬‬
‫‪14‬‬
‫)( ت‪.(3/238) :‬‬
‫‪15‬‬
‫سوائي‪ ،‬صحابي ت‪ .‬سنة ‪64‬هـ‪ .‬الصــابة )‪ (322/15‬رقــم )‬ ‫)( وهب بن عبد الله بن مسلم ال ّ‬
‫‪ ،(9167‬جه‪ :‬ك‪ .‬الرؤيا‪ ،‬ح )‪.(3904‬‬
‫‪7‬‬
‫)( الحارث ويقال عمــرو أو النعمــان بــن رِْبعــي الســلمي صــحابي‪ ،‬مــات ســنة ‪54‬هـــ‪ .‬تقريــب‬
‫التهذيب )‪ ،(2/463‬خ‪ :‬ك‪ .‬التعبير )‪ ،(12/383‬ح )‪ (6996‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( المصدر السابق ح )‪.(6997‬‬
‫‪9‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬الرؤيا )‪ (15/26‬مع النووي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -‬ثانيها‪ :‬أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو‬


‫التعبير‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثها‪ :‬أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه‪.‬‬
‫‪ -‬رابعها‪ :‬أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك‪ ،‬وهذا من‬
‫أبعد المحامل‪.‬‬
‫‪ -‬خامسها‪ :‬أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية ل مطلق من يراه‪.‬‬
‫‪ -‬سادسها‪ :‬أنه يراه في الدنيا حقيقة وُيخاطبه‪ ،‬وفيه ما تقدم من‬
‫الشكال)‪.(1‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬ما يرد على القوم من الشكال على المعنى الذي‬
‫قالوا به‪ :‬والشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله‪:‬‬
‫وُنقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها‬
‫متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء المر كذلك‪ .‬قلت)‪ :(2‬وهذا‬
‫حمل على ظاهره لكان هؤلء صحابة ولمكن بقاء‬ ‫مشكل جدا ً ولو ُ‬
‫الصحبة إلى يوم القيامة‪ ،‬وي ُعَك ُّر عليه أن جمعا ً جما ً رأوه في المنام ثم‬
‫لم ُيذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق ل يتخلف‪،‬‬
‫وقد اشتد إنكار القرطبي)‪ (3‬على من قال‪) :‬من رآه في المنام فقد رأى‬
‫حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة()‪.(4‬‬
‫والنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي‪) :‬اختلف في‬
‫معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى‬
‫حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء‪ ،‬وهذا قول ُيدرك فساده بأوائل‬
‫العقول‪ ،‬ويلزم عليه أن ل يراه أحد إل على صورته التي مات عليها‪،‬‬
‫وأن ل يراه رائيان في َان واحد في مكانين وأن يحيا الن ويخرج من‬
‫قبره ويمشي في السواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك‬
‫أن يخلو قبره من جسده فل يبقى من قبره فيه شيء‪ ،‬فيزار مجرد‬
‫‪1‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(12/385‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أي ابن حجر‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أبو العباس أحمد بن عمر النصاري القرطبي المالكي الفقيه المحدث صاحب المفهــم فــي‬
‫شرح مسلم ت‪656 .‬هـ‪ .‬البداية والنهاية )‪ .(13/226‬وكتاب المفهم توجد منه أجزاء مخطوطــة‬
‫ناقصة بالمكتبة المركزية بالجامعة السلمية برقم ‪) 5959/1‬فلم(‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(12/385‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫القبر ويسلم على غائب؛ لنه جائز أن ُيرى في الليل والنهار مع اتصال‬
‫الوقات على حقيقته في غير قبره‪ ،‬وهذه جهالت ل يلتزم بها من له‬
‫أدنى مسكة من عقل(‪.‬‬
‫وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫الدنيا يقظة القاضي أبو بكر بن العربي)‪ (1‬قال‪) :‬وشذ بعض القدرية‬
‫فقال‪ :‬الرؤية ل حقيقة لها أصل ً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع‬
‫بعيني الرأس()‪.(2‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬اضطراب مقالت القوم في كيفية الرؤية‪:‬‬
‫فلما اشتد النكار على هؤلء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم‬
‫في الدنيا بعد وفاته يقظة ل منامًا‪ ،‬اضطربت مقالتهم في كيفية تلك‬
‫الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالثم فنفى الموت عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره‬
‫عمن ل يفقه عن الله)‪.(3‬‬
‫‪ -‬ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو‬
‫مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الرض في‬
‫الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته)‪.(4‬‬
‫‪ -‬ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل‬
‫والظهور في صور مشايخ الصوفية)‪.(5‬‬
‫وفريق لن بعض الشيء‪:‬‬
‫‪ -‬فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب ل يقظة‬
‫الحواس الجسمانية)‪.(6‬‬
‫‪ -‬ومنهم من قال إن الجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون‬

‫‪1‬‬
‫)( محمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي الشبيلي المالكي‪ْ ،‬اكبر علماء الندلس‪،‬‬
‫له كتب كثيرة منها‪ :‬عارضة الحوذي في شرح الترمذي وأحكام القرآن ت‪ .‬سنة ‪543‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫سير أعلم النبلء )‪ ،(20/197‬وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص )‪.(136‬‬
‫‪2‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(12/384‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تقدم ص )‪.(208‬‬
‫‪4‬‬
‫)( عمر الفوتي‪ :‬رماح حزب الرحيم )‪ (1/215‬بهامش جواهر المعاني‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( عبد الكريم الجيلي‪ :‬النسان الكامل )‪.(75-2/74‬‬
‫‪6‬‬
‫)( الشعراني‪ :‬ط‪ .‬ك‪ .‬نقل ً عن محمد المغربي الشاذلي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫في حالة بين النائم واليقظان)‪.(1‬‬


‫‪ -‬ومنهم من قال إن الذي ُيرى هي روحه صلى الله عليه وسلم)‪.(2‬‬
‫وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن‬
‫روايات الجمهور‪ ،‬وتلك الحتمالت التي تأولها أهل العلم في المراد‬
‫بمعناها‪ ،‬وتلك الشكالت والنكارات التي وردت على المعنى الذي‬
‫قصده القوم‪ ،‬واضطراب مقالتهم في كيفية تلك الرؤيا‪ ،‬بكل ذلك‬
‫يسقط استدللهم بها‪ ،‬والقاعدة المشهورة في ذلك‪ :‬إذا ورد على‬
‫الدليل الحتمال بطل به الستدلل‪.‬‬
‫وبعد هذا سأذكر لك أيها القارىء الكريم نموذجا ً واحدا ً من‬
‫الخصائص المزعومة التي ُفرعت عن خصيصة رؤيته صلى الله عليه‬
‫وسلم يقظة ل منامًا‪ ،‬تدل على بطلن ذلك المعتقد‪ ،‬ليرجع إلى الله‬
‫السالك لنهج أولئك‪ ،‬وليتعظ المتعاطف معهم؛ وليحمد الله المعافى في‬
‫دينه‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬اختصاص النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫عنسسد الغلة بتلقيسسن مشسسايخ الصسسوفية الوراد وحضسسور حلسسق‬
‫ذكرهم بعد موته يقظة ل منامًا‪:‬‬
‫فبعد أن وصل القوم إلى مرحلة دعوى مقابلة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يقظة ل مناما ً والتلقي منه‪ ،‬سنحت لهم الفرصة لتغيير‬
‫معالم الدين بإحداث ما ليس منه‪ .‬بعد أن كان الباب موصدا ً أمامهم‬
‫بالسؤال عن الدليل ومن أي كتب السنة ُأخذ؟ وهل هو صحيح أم‬
‫ضعيف؟ فشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله‪ .‬بل شّرع بعضهم دينا ً‬
‫جديدا ً له واجباته ومحرماته وشروطه ومبطلته‪ ...‬الخ)‪ (3‬كما سيأتي‬
‫بيانه إن شاء الله‪.‬‬
‫قال عمر الفوتي‪) :‬ولما أذن له صلى الله عليه وسلم ‪-‬أي لحمد‬
‫التجاني)‪ - (4‬في هذه الطريقة الحمدية والسيرة المصطفوية النبوية‬
‫‪1‬‬
‫)( الشعراني‪ :‬ط‪ .‬الصغرى ص )‪.(89‬‬
‫‪2‬‬
‫)( محمد علوي المالكي‪ :‬الذخائر المحمدية ص )‪ ،(259‬والقرب والتهاني فــي حضــرة التــداني‬
‫شرح الصلوات‪ .‬لفؤاد الفرشوطي ص )‪.(25‬‬
‫‪3‬‬
‫)( سأقتصر في هذا المبحث على الطريقــة التيجانيــة فقــط كنمــوذج لبيــان تلــك المــور الــتي‬
‫أشرت إليها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أحمد بن محمد المختار التجاني‪ ،‬لبعض أصحابه كتب في سيرته منها جواهر المعــاني لعلــي‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وفتح الله تعالى على يديه صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه مربيه‬
‫وكافله وأنه ل يصل شيء من الله إليه إل على يديه وبواسطته صلى‬
‫الله عليه وسلم وقال له‪ :‬ل منة لمخلوق عليك من أشياخ الطريق‪ ،‬فأنا‬
‫واسطتك وممدك على التحقيق‪ ،‬فاترك عنك جميع ما أخذت من جميع‬
‫الطرق‪ .‬وقال له الزم هذه الطريقة من غير خلوة ول اعتزال عن‬
‫الناس حتى تصل إلى مقامك الذي وعدت به وأنت على حالك من غير‬
‫ضيق ول حرج ول كثرة مجاهدة واترك عنك جميع الولياء()‪.(1‬‬
‫وقال أيضًا‪) :‬لما وقع الفتح ‪-‬للتجاني‪ -‬وأذن له صلى الله عليه‬
‫وسلم في تلقين الخلق بعد أن كان فارا ً من ملقاتهم لعتنائه بنفسه‬
‫وعدم ادعاء المشيخة إلى أن وقع له الذن منه يقظة ل مناما ً بتربية‬
‫الخلق على العموم والطلق وعين له الورد الذي يلقنه‪ ...‬وهذا بعد‬
‫إخباره بعلو مقامه وارتفاع قدره ومكانه وأخبره صلى الله عليه وسلم‬
‫بفضل ورده وقدره‪ ،‬وما أعد الله تعالى لمن أحبه من أتباعه وحزبه()‪.(2‬‬
‫فمن تلك الوراد التي أملها الرسول صلى الله عليه وسلم لحمد‬
‫التجاني كما زعموا‪ ،‬صلة جوهرة الكمال‪ ،‬التي جاء في فضلها ما يلي‪:‬‬
‫ي‪) :‬وأما جوهرة الكمال فهي من إملء رسول‬ ‫قال محمد سعد الُرباطاب ّ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا الشيخ رضي الله عنه يقظة ل منامًا‪.‬‬
‫فمن فضلها أن المرة الواحدة منها تعدل تسبيح العالم ثلث مرات‬
‫بشرط الطهارة المائية‪ ،‬وأن من لزمها كل يوم سبع مرات يحبه النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الربعة‬
‫يحضرون مع الذاكر عند السابعة منها ول يفارقونه حتى يفرغ من‬
‫ذكرها()‪.(3‬‬
‫وقال محمد السيد التجاني في فضل ذكرها‪) :‬يحضر الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم مع الخلفاء الربعة والشيخ ‪-‬يعني أحمد التجاني‪ -‬مع‬
‫عدد عظيم من الملئكة في الوظيفة)‪ (4‬السابعة من الجوهرة إلى‬
‫الختتام ويشفع في جميع الحاضرين شفاعة خاصة تلحقهم وتلحق‬
‫حرازم ت‪ .‬سنة ‪1235‬هـ‪ .‬العلم للزركلي )‪.(1/245‬‬
‫‪1‬‬
‫)( رماح حزب الرحيم )‪.(1/191‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/191‬‬
‫‪3‬‬
‫)( محمد سعد الرباطابي‪ :‬شروط وأحكام أوراد الطريقة التجانية ص )‪.(25‬‬
‫‪4‬‬
‫)( كيفية خاصة لقراءة الورد‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫السابع من أولده ولو لم يكن فقيرا ً)‪ (1‬إن حضرها بمحبة في الذكر‬
‫وأهله‪ ،‬ولو لم يعرف خاصيتها‪ ،‬بل يحضر النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لكل من قرأها في غير الوظيفة حتى يختم‪ ،‬ولو سار عمره ما فارقه‬
‫صلى الله عليه وسلم صاحبا ً)‪ (2‬أو فقيرا ً أو تلميذًا‪ ،‬وهذا أغرب من كل‬
‫غريب تفضل به الحق سبحانه على أهل هذه الطريقة ل غير‪ ،‬فمن لم‬
‫يؤذن له فيها فل ثواب لخاصيتها له()‪.(3‬‬
‫‪ -‬ومن تلك الوراد‪ ،‬ما جاء في فضل دعاء السيفي ودعاء يا من‬
‫أظهر الجميل‪ :‬يقول علي حرازم)‪ (4‬عن أحمد التجاني‪) :‬ففي المرة‬
‫الواحدة منه ثواب صوم رمضان وقيام ليلة القدر وعبادة سنة وسورة‬
‫القدر مثله كما أخبرني سيدنا رضي الله عنه عن سيد الوجود صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ .‬ثم قال‪ :‬وأعظم من السيفي دعاء يا من أظهر الجميل‪...‬‬
‫إلخ قال الراوي‪ :‬جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال‬
‫له‪ :‬أتيتك بهدية‪ ،‬قال‪ :‬وما تلك الهدية؟ فذكر هذا الدعاء‪ ،‬فقال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬ما ثواب من قرأ هذا الدعاء؟ فقال جبريل‪ :‬لو‬
‫اجتمعت ملئكة سبع سموات على أن يصفوه ما وصفوه إلى يوم‬
‫القيامة وكل واحد يصف ما ل يصفه الخر فل يقدرون عليه‪ ،‬ومن جملة‬
‫ذلك أن الله يقول فيه‪ :‬أعطيه من الثواب بعدد ما خلقت في سبع‬
‫سموات وفي الجنة والنار وفي العرش والكرسي وعدد القطر والمطر‬
‫والبحار وعدد الحصى والرمل‪ ،‬ومن جملتها أن الله تعالى يعطيه ثواب‬
‫جميع الخلئق‪ ،‬ومن جملتها أن الله يعطيه ثواب سبعين نبيا ً كلهم بلغ‬
‫الرسالة()‪.(5‬‬
‫‪ -‬ومن تلك المبالغات ما ذكروه في خاصية صلة الفاتح لما أغلق‪:‬‬
‫يقول علي حرازم نقل ً عن شيخه‪) :‬وخاصية صلة الفاتح لما أغلق أمر‬
‫إلهي ل مدخل للعقول فيه‪ ،‬فلو قدرت مائة ألف أمة في كل أمة مائة‬
‫ألف قبيلة في كل قبيلة مائة ألف رجل وعاش كل منهم مائة ألف عام‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫)( أي صوفيا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أي سواء كان القارىء من أصحابهم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( محمد السيد التجاني‪ :‬الهداية الربانية في فقه الطريقة التجانية ص )‪.(12‬‬
‫‪4‬‬
‫)( علي حرازم بن الحزمي برادة المغربي التجاني الصوفي من تصانيفه جواهر المعاني‪ ،‬كــان‬
‫حيا ً سنة ‪1214‬هـ معجم المؤلفين لرضا كحالة )‪.(7/57‬‬
‫‪5‬‬
‫)( جواهر المعاني )‪.(1/136‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يذكر كل واحد منهم في كل يوم ألف صلة على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من غير صلة الفاتح لما أغلق‪ ...‬وجميع ثواب هذه المم كلها في‬
‫هذه السنين كلها في هذه الذكار كلها ما لحقوا كلهم ثواب واحدة من‬
‫صلة الفاتح لما أغلق()‪.(1‬‬
‫ولم يقتصر أحمد التجاني على هذه الدعاوى‪ ،‬بل تطاول ليصل إلى‬
‫القرآن الكريم كتاب الله تعالى؛ منتقصا ً له في مقابل الدعوة والترغيب‬
‫في أوراده وأذكاره الموضوعة‪.‬‬
‫يقول التجاني عن فضل صلة الفاتح لما أغلق‪) :‬لما أمرني صلى‬
‫الله عليه وسلم بالرجوع إليها سألته عن فضلها؟ فأخبرني أن المرة‬
‫الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات‪ ،‬ثم أخبرني ثانيا ً أن المرة‬
‫الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن‬
‫كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلف مرة()‪ .(2‬فالناظر في‬
‫أذكار التجانية تلك وفضلها ُيلزمهم بواحد من المور التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إما أن يقولوا بخيانة الرسول صلى الله عليه وسلم للمانة وعدم‬
‫تبليغه للرسالة لخفائه هذه الذكار وهذا الفضل العظيم الذي يسع‬
‫ثواب الخلق أجمعين بما فيهم النبياء والمرسلين عن أصحابه رضوان‬
‫الله عليهم أجمعين الذين ماتوا ولم يدركوا ما أدركه التجانيون من‬
‫الفضل‪ ،‬فإن قالوا بهذا فقد كفروا بالله ورسوله وذلك للقدح في علم‬
‫الله الذي خفي عليه ما أخفاه الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولثبات‬
‫الخيانة لخيرة رسله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإن فروا من هذا وقالوا ل‬
‫نقدح في علم الله ول نثبت الخيانة لرسوله صلى الله عليه وسلم وإنما‬
‫هذه الذكار وهذا الفضل لم يكن يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫وقت حياته وإنما أوحاه الله له بعد وفاته‪ .‬وعلى هذا أيضا ً يلزمهم أحد‬
‫أمرين‪:‬‬
‫‪ -‬إما أن يقولوا إن هذه الذكار من جملة شرائع السلم أو أنها من‬
‫غير شرائع السلم‪ .‬فإن قالوا إنها من جملة شرائع السلم نقول لهم‬
‫ذبتم الله تعالى الذي أخبر عن إكمال شرائع دينه وإتمام النعمة‬ ‫لقد ك ّ‬
‫َ‬ ‫علينا بذلك‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬ال ْيو َ‬
‫ت ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ُ‬
‫م ْ‬
‫م وَأت ْ َ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين َك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬
‫َ ْ َ‬
‫‪1‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/139‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/136‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫م ِديًنا(( ]المائدة‪.[3 :‬‬


‫سل َ‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬
‫م ال ِ ْ‬ ‫ضي ُ‬
‫مِتي وََر ِ‬
‫ن ِعْ َ‬
‫وتكذيب الله كفر به‪ ،‬إذ يخبر تعالى عن إكمال الدين ثم يزعم‬
‫التجانيون أن تلك الذكار أمور إلهية جاء بها جبريل لرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم بعد وفاته وأنها من جملة شرائع السلم‪ .‬فإن فروا من‬
‫وق عنقهم اللزام الخر وهو أن يقولوا‪ :‬إنها من شريعة غير‬ ‫هذا ط ّ‬
‫شريعة السلم وإنها دين آخر غير دين السلم‪ .‬فإن قالوا بهذا فلنا‬
‫معهم طرق أخرى منها الدعوة إلى السلم أو أخذ الجزية عن يد وهم‬
‫صاغرون أو القتال‪.‬‬
‫وإلى القول بأن الطريقة التجانية دين جديد ذهب الشيخ طاهر‬
‫ميغري البرناوي وهو أحد مشايخ الطريقة التجانية السابقين الذين‬
‫تدرجوا في مراتبها إلى أن وصل إلى أعلى هذه المراتب وهي رتبة‬
‫خليفة للشيخ أحمد التجاني‪.‬‬
‫يحدثنا الشيخ طاهر في مقدمة كتابه‪) :‬الطريقة التيجانية دين جديد‬
‫دام لعقيدة السلم وشريعته)‪ ((1‬عن تجربته مع الطريقة التجانية‬ ‫ه ّ‬
‫ل‪) :‬ينبغي أن يعرف القارىء لكتابي هذا أنني كنت تجانيا ً شديد‬ ‫قائ ً‬
‫اليمان بعقائد الطريقة التجانية‪ ،‬والتمسك بمبادئها والعتقاد في‬
‫مؤسسها الشيخ التجاني وجميع شيوخها ول سيما الشيخ إبراهيم إيناس‬
‫السنغالي‪ ،‬بل كنت من علماء الطريقة التجانية المتعصبين لها‪،‬‬
‫المدافعين عن حوزتها‪ ،‬الذين يعرفونها ظاهرا ً وباطنا ً علما ً وذوقًا‪ ،‬ومن‬
‫القائمين بامتحان المريدين الذين أسلكوا في تربيتها الباطنة‪ ،‬وتوجيههم‬
‫فيها إلى أن يصلوا إلى اعتقاد وحدة الوجود الذي يعبرون عنه بالفناء أو‬
‫الوصول أو الفتح وهلم جرا‪ ،‬فقد وصل على يدي عدد من المريدين‬
‫ت في‬ ‫إلى اعتقاد هذه الطريقة الخبيثة ‪-‬غفرانك اللهم‪ -‬حتى وصل ُ‬
‫الطريقة التجانية إلى أعز مقام يتمنى أدن ايصل إليه المريد التجاني‬
‫وهو الحصول على الذن المطلق الذي يجعله خليفة للشيخ التجاني‪ .‬ثم‬
‫أنقذني الله سبحانه وتعالى من قبضة الزندقة واللحاد بغير علم‬
‫وأخرجني من ظلمات الجهل والبدع والخرافات والشراك بالله في‬
‫عبادته‪ ،‬ورفع عن عنقي نير عبودية العلج والخضوع لحكم الطواغيت‪،‬‬

‫‪ُ ()1‬‬
‫طبع هذا الكتاب بعنوان‪ :‬التحفة السنية بتوضيح الطريقة التجانية‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(3‬‬
‫قب)‪ِ (1‬غرسه)‪ (2‬والرأل‬ ‫س ْ‬
‫فرفضت الطريقة التجانية رفض ال ّ‬
‫ريكته)‪ ،(4‬ولو خطر بخلدي قبل ذلك أنني سوف أنسلخ من الطريقة‬ ‫تَ ِ‬
‫التجانية لعذت بالله من ذلك الخاطر وقطعت أنه من خواطر‬
‫الشياطين‪ ...‬إلى قوله‪ :‬ومن أجل ذلك عزمت على أن أكتب بكثرة‬
‫لنبه إخواني المسلمين المخلصين على الخطر الكامن في الطريقة‬
‫التجانية على عقيدة السلم وشريعته‪ ،‬ليحاربوها بكل ما يستطيعون‬
‫من قوة حتى يخرجوها من أوساطهم()‪.(5‬‬
‫ومما يؤيد ما ذهب إليه الشيخ طاهر ميغري من أن التجانية دين‬
‫جديد أمور منها‪:‬‬
‫‪ -1‬إن كل من رأى أحمد التجاني فهو من المنين إن مات على‬
‫اليمان‪ ،‬وكل من أحسن إليه بخدمة أو أطعمه طعاما ً يدخلون الجنة بل‬
‫حساب ول عقاب)‪.(6‬‬
‫وهذا الفضل الذي حصل لحمد التيجاني لم يحصل لنبينا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬إن كل من أخذ ذكرا ً من أحمد التجاني فهو مغفور له وتؤدى‬
‫تبعاته من خزائن فضل الله)‪.(7‬‬
‫‪ -3‬إن اتباع التجاني كلهم معه في عليين مع الضمان)‪.(8‬‬
‫‪ -4‬إن من قرأ بعض أوراد التجانية له ثواب سبعين نبيا ً كلهم بلغ‬
‫الرسالة)‪.(9‬‬
‫‪ -5‬إن بعض أوراد التجانية أفضل من القرآن آلف المرات)‪.(10‬‬
‫‪1‬‬
‫)( ولد الناقة انظر‪ :‬لسان العرب )‪.(2/162‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الِغرس بالكسر‪ :‬الجلدة التي تخــرج علــى رأس الولــد أو الفصــيل سـاعة يولــد فــإن ُتركــت‬
‫قتلته‪ .‬لسان العرب )‪.(2/976‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ولد الّنعام‪ .‬القاموس المحيط ص )‪.(1296‬‬
‫‪4‬‬
‫ص بالّنعام‪ .‬القاموس المحيط ص )‪.(1207‬‬‫)( البيضة بعد أن يخرج منها الفرخ‪ ،‬وُيخ ّ‬
‫‪5‬‬
‫)( طاهر ميغري‪ :‬التحفة السنية ص )‪.(7-6‬‬
‫‪6‬‬
‫)( جواهر المعاني )‪.(1/129‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/130‬‬
‫‪8‬‬
‫)( جواهر المعاني )‪.(1/131‬‬
‫‪9‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/136‬‬
‫‪10‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/136‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -6‬إن لورادهم شروطا ً ومبطلت منها‪:‬‬


‫‪ -‬حكم أورادها اللزمة الوجوب العيني على كل من التزمها كالنذر‬
‫فتصير فرضا ً عينيا ً يجب الوفاء به)‪.(1‬‬
‫‪ -‬لورادهم وقت مختار ووقت ضروري)‪.(2‬‬
‫‪ -‬من شك هل نقص في ورده أو زاد فيه فيبني على اليقين وهو‬
‫القل ثم بعد الفراغ يستغفر الله مائة مرة بنية الجبر)‪.(3‬‬
‫‪ -‬يجوز للمسافر أن يقرأ أوراده على ظهر الدابة فإذا وصل إلى‬
‫جوهرة الكمال نزل وذكرها ماشيا ً فإذا وصل إلى السابعة منها فإنه‬
‫يجلس حتى يتم الوظيفة إل لضرورة فادحة)‪.(4‬‬
‫‪ -‬ترك الكلم من مبتدأ الورد إلى انتهائه إل لضرر فل يضره الكلم‬
‫كالكلمة والكلمتين لكن يشير أول ً برأسه أو يده)‪.(5‬‬
‫‪ -‬ويبطل الورد بالنقص أو الزيادة أو التنكيس عمدًا‪ ،‬كما يبطل‬
‫بالكل والشرب)‪.(6‬‬
‫‪ -7‬أمور تخرج المريد عن دائرة الديانة التجانية‪:‬‬
‫‪ -‬من أخذ وردا ً على وردهم‪.‬‬
‫‪ -‬من زار الولياء الحياء أو الموات من غير مشايخ الطريقة‬
‫التجانية‪.‬‬
‫‪ -‬من ترك الورد تركا ً كليًا‪ .‬وأما من تركه تكاسل ً فل يخرجه من‬
‫الطريقة لنه لم يتركه تركا ً قلبيا ً ول أعرض عنه‪ ،‬إل أنه عّرض نفسه‬
‫للمصائب وحل به الهلك في الدنيا والخرة)‪.(7‬‬
‫ب أحمد التجاني ل يموت إل كافرا ً)‪.(8‬‬
‫‪ -8‬إن من س ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( محمد سعد الرباطابي‪ :‬الدرر السنية في شروط وأحكام الطريقة التجانية‪ .‬ص )‪.(15 ،13‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المصدر السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المصدر السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المصدر السابق ص )‪.(6‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المصدر السابق ص )‪.(9‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المصدر السابق ص )‪.(21‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المصدر السابق ص )‪.(4‬‬
‫‪8‬‬
‫)( جواهر المعاني )‪.(1/133‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فواحد من هذه المور يكفي لثبات أن الطريقة التجانية دين جديد‪،‬‬


‫فكيف بها إذا اجتمعت‪ .‬والطريقة التجانية نموذج واحد خصصته‬
‫بالتناول؛ لنتشارها الواسع خاصة في القارة الفريقية؛ ولعظم البلء‬
‫بها‪ .‬ويقاس على الطريقة التجانية عشرات بل مئات الطرق الصوفية‬
‫دعي مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ل‬ ‫إذ إن جل مشايخها ي َ ّ‬
‫مناما ً والتلقي منه ولكل طريقة طقوسها وشروطها وأورادها الخاصة‪،‬‬
‫عن ْد ِ غ َي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ولهم من الفضل ما ليس للخرين‪ .‬قال تعالى‪)) :‬وَل َوْ َ‬
‫كا َ‬
‫خِتلًفا ك َِثيًرا(( ]النساء‪.[82:‬‬ ‫دوا ِفيهِ ا ْ‬ ‫الل ّهِ ل َوَ َ‬
‫ج ُ‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الباب الثالث‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الجفاة‬
‫وفيه فصلن‪:‬‬
‫الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تقديم الجفاة أولياءهم على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في الخصائص‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪:‬‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الفلسفة المنتسبين للسلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫القاديانية‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى اللسسه‬
‫عليه وسلم عند الفلسفة المنتسبين للسلم‪:‬‬
‫تأثر بعض المسلمين ممن ولد أو عاش في بيئات أعجمية بأفكار‬
‫تلك البيئات وأخذوا ينظرون إلى السلم من خللها وحاولوا أن يصوغوا‬
‫تعاليم السلم بأفكار تلك المجتمعات وما يوجد فيها من فلسفات‬
‫تخالف تعاليم السلم‪ ،‬أو ممن لبس ثوب السلم منهم‪ .‬وقد عمل‬
‫بعضهم على الخلط بين السلم وبين تلك الفلسفات‪ .‬فحدث بذلك من‬
‫النحراف في عقائد المسلمين ما نعاني منه إلى هذه الساعة‪.‬‬
‫ومن هؤلء الذين سعوا في الخلط بين السلم وبين تلك‬
‫الفلسفات العجمية أبو نصر الفارابي)‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫)( محمد بن محمد بن طْرخان بن أولغ الفارابي المنطقي شــيخ الفلســفة‪ ،‬أخــذ المنطــق عــن‬
‫متى بن يونس النصراني‪ ،‬وسار إلى حّران فلزم بها يوحنا بن جيلن النصراني‪ ،‬له مصنفات مـن‬
‫ابتغــى الهــدى منهــا ض ـ ّ‬
‫ل وحــار‪ .‬منهــا تخــرج ابــن ســينات‪ .‬ســنة ‪339‬هـــ‪ .‬ســير أعلم النبلء )‬
‫‪.(15/416‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫يقول الدكتور ابراهيم مدكور‪) :‬وقد كان فلسفة السلم‬
‫حريصين كل الحرص على أن يوفقوا بين الفلسفة والدين وبين العقل‬
‫والنقل‪ ...‬وبينوا الدين في اختصار على أساس عقلي؛ فكونوا نظرية‬
‫النبوة التي هي أهم محاولة قاموا بها للتوفيق بين الفلسفة والدين‪.‬‬
‫صل القول فيها‪ .‬وقد كتب الفارابي‬ ‫والفارابي هو أول من ذهب إليها وف ّ‬
‫كتابا ً سماه‪) :‬آراء أهل المدينة الفاضلة( جارى فيه أفلطون في كتابه‪:‬‬
‫)الجمهورية( إلى حد كبير‪ ،‬ويحوي كثيرا ً من الراء الفلطونية التي‬
‫ضمنها نظريته في النبوة)‪.(2‬‬
‫حيث تظهر تفاصيل هذه النظرة إلى النبوة عند الفارابي فيما‬
‫وضعه من شروط لرئيس مدينته الفاضلة حيث يقول في ذلك‪:‬‬
‫جعلت الهيئة الطبيعية)‪ (3‬مادة العقل المنفعل)‪ (4‬الذي صار‬‫)وإذا ُ‬
‫عقل ً بالفعل)‪ ،(5‬والمنفعل مادة المستفاد‪ ،‬والمستفاد مادة العقل‬
‫الفّعال‪ ،‬وأخذت جملة ذلك كشيء واحد‪ ،‬كان هذا النسان هو الذي يحل‬
‫فيه العقل الفّعال‪.‬‬
‫وإذا حصل ذلك في كل جزئي قوته الناطقة وهما النظرية‬
‫والعملية)‪ ،(6‬ثم في قوته المتخيلة‪ ،‬كان هذا النسان هو الذي يوحى‬
‫‪1‬‬
‫)( تسميتهم بفلسفة السلم ليس صحيحًا؛ لّنه ل يوجــد فــي الســلم فلســفة حــتى ُيضــافون‬
‫إليها‪ ،‬فعلماء الســلم ُيســمون بالفقهــاء والمحــدثين والمــؤرخين ونحــوه‪ .‬فالفلســفة كمــا يعلــم‬
‫الدكتور لفظ يوناني دخيل على السلم‪ .‬وانظر مجموع الفتاوى )‪.(9/186‬‬
‫‪2‬‬
‫)( في الفلسفة السلمية )منهج وتطبيق( ص )‪.(70-69‬‬
‫‪3‬‬
‫)( هي النفس الناطقة القابلة للدراك والتي هي مادة العقل المنفعل‪ .‬انظر‪ :‬المدينة الفاضــلة‬
‫للفارابي ص )‪ ،(74‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علي عبد الواحد وافي )وهو عبارة عن نصوص نقلها المؤلف مــن‬
‫كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ثم شرحها وعلق عليها؛ لذا إن ورد اســم هــذا الكتــاب‬
‫مرة أخرى فإني أشير إليه بقولي‪) :‬المدينة الفاضلة نصوص مختارة مع شرحها(‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( والعقل المنفعل عندهم هو العقل في حالة تقبله للصور الذهنية‪ .‬انظـر‪ :‬المعجـم الفلسـفي‬
‫ص )‪.(125‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ذهب أرسطو إلى أن هنــاك عقل ً بالفعــل وعقل ً بــالقوة فأحــدهما فاعــل والخــر منفعــل ول‬
‫يستغني واحد منهما عن الخر‪ .‬وذهب شراح فلسفته المتأخرون إلى تسمية العقل بالفعل عقل ً‬
‫فّعال ً وأغدقوا عليهم صفات تسمو به على عالم المــادة وتــبرئه مــن الفنــاء‪ .‬وذهــب )الفلســفة‬
‫المنتسبون إلى السلم إلى عد العقل الفعال في نهاية سلسلة العقول الفلكية وســموه العقــل‬
‫العاشر الذي يدبر شؤون الرض‪ .‬قال الفارابي‪ :‬العقل الفعال صورة مفارقة لم تكن فــي مــادة‬
‫ده ابن سينا حلقة الوصل بين عالم الغيــب وعــالم الشــهادة‪ .‬انظــر‪ :‬المعجــم‬ ‫ول تكون أص ً‬
‫ل‪ ،‬وع ّ‬
‫الفلسفي ص )‪.(120‬‬
‫‪6‬‬
‫)( يقصد بالعملية‪ :‬الناحية النزوعية المتصلة بالفكر والتي تتمثل في النزوع إلى فهم شيء ما‪.‬‬
‫أما النواحي الخرى من القوة العملية النزوعيــة الــتي تتمثــل فــي عمــل شــيء مــا أو إحســاس‬
‫شيء ما فليست من القوة الناطقة في شــيء‪ .‬انظــر المدينــة الفاضــلة‪) .‬نصــوص مختــارة مــع‬
‫شرحها ص ‪.(75‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫إليه‪ .‬فيكون الله عز وجل يوحي إليه بتوسط العقل الفعال‪ .‬فيكون ما‬
‫يفيض من الله تبارك وتعالى إلى العقل الفعال يفيضه العقل الفعال‬
‫إلى عقله المنفعل بتوسط العقل المستفاد ثم إلى قوته المتخيلة؛‬
‫فيكون بما يفيض منه إلى عقله المنفعل حكيما ً فيلسوفا ً ومتعقل ً على‬
‫التمام‪ ،‬وبما يفيض منه إلى قوته المتخيلة نبيا ً منذرا ً بما سيكون ومخبرا ً‬
‫بما هو الن‪ ...‬وهذا النسان هو في أكمل مراتب النسانية وفي أعلى‬
‫درجات السعادة‪ ،‬وتكودن نفسه متحدة بالعقل الفعال على الوجه الذي‬
‫قلنا‪ .‬وهذا النسان هو الذي يقف على كل فعل يمكن أن يبلغ به‬
‫السعادة‪ .‬فهذا أول شرائط الرئيس()‪.(1‬‬
‫فمن هذا النص نلحظ التي‪:‬‬
‫‪ -1‬يذهب الفارابي إلى أن الوحي إنما يكون لمن حل العقل الفعال‬
‫في قوتيه الناطقة والمتخيلة‪ .‬ويجعل هذه القوى من خصائص النبوة‬
‫التي تؤثر على العالم الخارجي فتكون بذلك المعجزات‪.‬‬
‫وفي هذا يقول الفارابي‪) :‬النبوة تختص في روحها بقوة قدسية‬
‫ُتذعن لها غريزة عالم الخلق الكبر‪ ،‬كما تذعن لروحك عالم الخلق‬
‫الصغر‪ ،‬فتأتي بمعجزات خارجة عن الحيلة()‪.(2‬‬
‫‪ -2‬يسوي في الرتبة بين الفلسفة والنبياء من حيث الخذ عن‬
‫العقل الفعال‪ .‬ثم يقدم الفلسفة على النبياء‪ ،‬حيث جعل إفاضة العقل‬
‫الفعال إلى صاحب العقل المنفعل حكيما ً فيلسوفا ً ومتعقل ً على التمام‪،‬‬
‫وبعد الفاضة على العقل المنفعل التي هي مرتبة الفلسفة‪ ،‬تأتي‬
‫الفاضة على القوة المتخيلة التي هي مرتبة النبياء متراخية عن رتبة‬
‫الفلسفة‪ .‬كذلك الفاضة إذا كانت على العقول فهي أولى من أن تكون‬
‫على آلة الخيال‪.‬‬
‫‪ -3‬يقول الدكتور علي وافي معلقا ً على قول الفارابي‪) :‬فهذا أول‬
‫شرائط الرئيس(‪ ،‬ويلحظ أن هذا الشرط الروحي قد انفرد الفارابي‬
‫باشتراطه في رئيس المدينة الفاضلة دون فلسفة اليونان الذين‬
‫اغترف فلسفته من معينهم‪ ،‬فلم يرد لمثل هذا الشرط ذكر في‬
‫جمهورية أفلطون التي اعتمد عليها الفارابي اعتمادا ً كبيرًا‪ .‬ويظهر أنه‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(75-74‬‬
‫‪2‬‬
‫)( فصوص الحكم لبي نصر محمد بن طرخان الفارابي ص )‪.(72‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫استمد هذا الشرط مما فهمه عن روح الدين السلمي وما سار عليه‬
‫العمل في صدر السلم إذ تولى الرياسة الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ومن بعده خلفاؤه الراشدون)‪.(1‬‬
‫فظهر بهذا سوء اعتقاد الفارابي في النبوة‪ ،‬وأنه إذا وجد شخص‬
‫لديه قوة تخيل سيكون نبيًا‪ ،‬واستمرار وجود أنبياء إلى قيام الساعة‪،‬‬
‫وهذا رد واضح لعقيدة ختم النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫بجانب اعتقاده عدم اصطفاء الله تعالى لنبيائه ورسله صلوات الله‬
‫وسلمه عليهم‪.‬‬
‫وفي هذا المعنى يعلق ابن طفيل)‪ (2‬على مقالة للفارابي حول‬
‫ل‪) :‬فهذا قد أيأس الخلق جميعا ً عن رحمة الله‬ ‫السعادة النسانية قائ ً‬
‫تعالى‪ ،‬وصير الفاضل والشرير في رتبة واحدة؛ إذ جعل مصير الكل‬
‫إلى العدم‪ ،‬وهذه زلة ل تقال وعثرة ليس بعدها جبر‪ .‬هذا مع ما صرح‬
‫به من سوء معتقده في النبوة‪ ،‬وأنها بزعمه للقوة الخيالية‪ ،‬وتفضيله‬
‫الفلسفة عليها()‪.(3‬‬
‫ومما يبطل قول الفارابي وغيره من الفلسفة من أن النبوة‬
‫مكتسبة‪ ،‬وأنها تعتمد على قوة التخيل التي تكتسب بالمجاهدات‬
‫والرياضات ونحوها واقع النبياء وحياتهم فعلى سبيل المثال نبي الله‬
‫عيسى عليه السلم جعله الله نبيا ً وهو ما زال في المهد صبيًا‪ .‬قال‬
‫م لَ َ‬ ‫َ‬
‫قد ْ‬ ‫ه َقاُلوا َيا َ‬
‫مْري َ ُ‬ ‫مل ُ ُ‬ ‫ح ِ‬‫مَها ت َ ْ‬ ‫ت ب ِهِ قَوْ َ‬ ‫تعالى في شأنه عليه السلم‪)) :‬فَأت َ ْ‬
‫ُ‬ ‫ما َ‬ ‫كان أ َبوك ا َ‬ ‫شي ًْئا فَرِّيا * َيا أ ُ ْ‬
‫ك‬
‫م ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫سوٍْء وَ َ‬ ‫مَرأ َ‬ ‫ما َ َ ُ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ت َ‬ ‫خ َ‬ ‫ت َ‬ ‫جئ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ل إ ِّني‬ ‫صب ِّيا * َقا َ‬ ‫مهْد ِ َ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫ف ن ُك َل ّ ُ‬ ‫ت إ ِل َي ْهِ َقاُلوا ك َي ْ َ‬
‫شاَر ْ‬ ‫ب َغِّيا * فَأ َ‬
‫ت‬ ‫ما ُ‬ ‫ع َبد الل ّه آتان ِي ال ْكتاب وجعل َِني نبيا * وجعل َِني مبار ً َ‬
‫كن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا أي ْ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َِّ‬ ‫َِ َ َ َ َ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫َ‬
‫جّباًرا‬‫جعَل ِْني َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫وال ِد َِتي وَل َ ْ‬ ‫حّيا * وَب َّرا ب ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما د ُ ْ‬ ‫كاةِ َ‬ ‫صلةِ َوالّز َ‬ ‫صاِني ِبال ّ‬ ‫وَأوْ َ‬
‫حّيا(( ]مريم‪:‬‬ ‫ث َ‬ ‫م أ ُب ْعَ ُ‬ ‫ت وَي َوْ َ‬ ‫مو ُ‬
‫شقيا * والسلم ع َل َي يوم ول ِدت ويو َ‬
‫مأ ُ‬ ‫ّ َ ْ َ ُ ْ ُ ََ ْ َ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫َ ِ ّ‬
‫‪ ،[33-27‬فهل اكتسب عيسى عليه السلم النبوة بقوة مخيلته وعن‬
‫طريق الرياضة والمجاهدات؟!! وغير ذلك من قصص النبياء وسيرهم‪.‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫في ِ‬ ‫صط َ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫فالنبوة اصطفاء من الله تعالى قال جل شأنه‪)) :‬الل ّ ُ‬
‫‪1‬‬
‫)( المدينة الفاضلة للفارابي )نصوص مختارة مع شرحها( ص )‪.(77-76‬‬
‫‪2‬‬
‫)( محمد بن عبد الملك بن طفيل الندلســي‪ ،‬فيلســوف صــاحب القصــة الفلســفية )حيــي بــن‬
‫يقظان( ت‪ .‬سنة ‪581‬هـ‪ .‬العلم للزركلي )‪.(6/249‬‬
‫‪3‬‬
‫ي بن يقظان‪ :‬لبي بكر بن طفيل الندلسي ص )‪.(62‬‬ ‫)( حي ُ‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫صيٌر(( ]الحج‪.[75:‬‬
‫ميعٌ ب َ ِ‬
‫س ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫س إِ ّ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫سًل وَ ِ‬
‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ملئ ِك َةِ ُر ُ‬
‫فهل قرأ هؤلء الذين يزعمون أنهم عقلء وحكماء كتاب الله‬
‫وعقلوا ما فيه؟!‪ .‬وقد تأثر جماعة من الفلسفة المنتسبين إلى السلم‬
‫بنظرة الفارابي السابقة للنبوة منهم‪ :‬ابن سينا)‪ :(1‬الذي يجعل معجزات‬
‫النبياء من قبيل السحر والطلسم‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬قد يشاهد قوم من المرضى والممرورين صورا ً‬
‫محسوسة ظاهرة‪ ،‬حاضرة ول نسبة لها إلى محسوس خارجي‪ ،‬فيكون‬
‫انتقالها إذن من سبب باطني أو سبب مؤثر في سبب باطن‪ ،‬والحس‬
‫المشترك قد ينتقش أيضا ً من الصور الجائلة في معدن التخيل والتوهم‬
‫كما كانت تنتقش في معدن التخيل والتوهم من لوح الحس المشترك‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫وقريبا ً مما يجري بين المرايا المتقابلة(‬
‫ويقول في شأن معجزات النبياء‪) :‬إن المور الغريبة‪ ،‬تنبعث في‬
‫عالم الطبيعة من مبادىء ثلثة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬الهيئة النفسانية‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬خواص الجسام العنصرية‪ ،‬مثل‪ :‬جذب المغنطيس للحديد‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬قوى سماوية بينها وبين أمزجة أجسام أرضية مخصوصة‬
‫بهيئات وضعية أو بينها وبين قوى نفوس أرضية مخصوصة بأحوال ملكية‬
‫فعلية أو انفعالية مناسبة تستنبع حدوث آثار غريبة‪.‬‬
‫والسحر من قبيل القسم الول‪ ،‬بل المعجزات والكرامات‪.‬‬
‫والنيرنجات من قبيل القسم الثاني‪.‬‬
‫والطلسمات من قبيل القسم الثالث()‪.(3‬‬
‫جعل ابن سينا معجزات النبياء من قبيل ما يأتي به السحرة‪ ،‬كما‬
‫وى بين المعجزات والكرامات وجعلهما في مصاف واحد‪ .‬وهنا‬ ‫أنه س ّ‬
‫‪1‬‬
‫)( الحسين بن عبد الله بن الحسين بن سينا البلخي ثم البخاري صاحب التصانيف فــي الطــب‬
‫والفلسفة والمنطق‪ ،‬كان أبوه من دعاة السماعيلية‪ ،‬له كتــاب الشــفاء وأشــياء ل تحتمــل وقــد‬
‫فره الغزالي في المنقذ من الضلل‪ .‬قال ابــن خلكــان‪ :‬تــاب قبــل مــوته ورد ّ المظــالم وأعتــق‬
‫ك ّ‬
‫مماليكه وجعل يختم القرآن في كل ثلث ت‪ .‬سنة ‪428‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء )‪،(17/531‬‬
‫وفيات العيان )‪.(2/160‬‬
‫‪2‬‬
‫)( الشارات والتنبيهات لبن سينا )‪.(245-3/244‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الشارات )‪.(255-3/254‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫تنكشف لنا حقيقة هامة وهي أن ادعاء كثير من مشايخ الصوفية‬


‫والمامية الثني عشرية كرامات هي من قبيل المعجزات أو أعظم‪،‬‬
‫إنما يرجع إلى نظريات فلسفية ورياضات هندية وأحوال شيطانية)‪،(1‬‬
‫وطلمسات سحرية‪.‬‬
‫وممن تأثر بنظرية الفارابي في النبوة علي بن مسكويه)‪ (2‬فنجده‬
‫صل تلك النظرية ورتبها ترتيبا ً زاد في وضوحها حيث يقول‪) :‬يرتقي‬ ‫قد ف ّ‬
‫النسان من قوة الحس إلى قوة التخيل‪ ،‬إلى قوة الفكر‪ ،‬ومن قوة‬
‫الفكر إلى إدراك حقائق المور التي في العقل‪ ،‬فيؤثر حينئذ العقل في‬
‫القوة الفكرية‪ ،‬وتؤثر القوة الفكرية في القوة المتخيلة‪ ،‬وتؤثر القوة‬
‫المتخيلة في الحس‪ ،‬فيرى النسان أمثلة المور المعقولة‪ :‬أعني حقائق‬
‫الشياء ومباديها وأسبابها كأنها خارجة عنه‪ ،‬وكأنما يراها بنظره‬
‫ويسمعها بأذنه‪ .‬فإذا شاهد هذه الحال ولحظ تلك المور لم يشك في‬
‫صحتها‪ .‬وخضعت لها نفسه‪ ،‬واعترفت بها‪ .‬وهذه رتبة واسعة العرض‬
‫تتفاوت فيها درج النبياء صلوات الله وسلمه عليهم ومنازلهم‪ ،‬فربما‬
‫ظهر لهم من المور ظهورا ً بينًا‪ ،‬وربما كان فيه غموض‪ ،‬فيلوح لهم ما‬
‫يلوح وكأن عليه سترا ً من دونه حجاب‪ .‬وكذلك حال ما يرونه من المور‬
‫المستقبلة في عالمنا هذا من الفتن والحروب وغيرها‪ .‬فإنهم ربما رأوا‬
‫الشيء الذي يكون إلى مائة سنة فقط‪ ،‬وربما بلغ نظرهم إلى ألف‬
‫سنة()‪.(3‬‬
‫قال ابن تيمية‪) :‬فهؤلء الفلسفة ما قدروا النبوة حق قدرها‪ ،‬وقد‬
‫ضل بهم طوائف من المتصوفة المدعين للتحقيق وغيرهم‪ ،‬وابن عربي‬
‫وابن سبعين ضلوا بهم فإنهم اعتقدوا مذهبهم وتصوفوا عليه؛ ولهذا‬
‫يقول ابن عربي‪ :‬إن الولياء أفضل من النبياء‪ ،‬وإن النبياء وسائر‬
‫الولياء يأخذون عن خاتم النبياء علم التوحيد وأنه هو يأخذ من المعدن‬
‫الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول فإن الملك عنده هو‬
‫الخيال الذي في النفس وهو جبريل عندهم وذلك الخيال تابع للعقل‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫)( انظر مباحث الفصل الثاني من الباب الثالث‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه‪ ،‬اشتغل بالفلســفة والكيميــاء والمنطــق مــدة ت‪ .‬ســنة‬
‫‪421‬هـ‪ .‬العلم )‪.(1/211‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الفوز الصغر لبي علي أحمد بن مسكويه‪ ،‬ص )‪ ،(153-151‬باختصار‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فالنبي عندهم يأخذ عن هذا الخيال ما يسمعه من الصوت في نفسه(‬


‫)‪.(4‬‬
‫ومن الذين تأثروا بنظرية الفارابي السابقة محيي الدين بن عربي‪،‬‬
‫الذي فّرع منها نظريته )أنبياء الولياء(‪ ،‬والتي ختمها بتفضيل الولياء‬
‫على رسل الله تعالى وزاد على ذلك أن الرسل إنما يأخذون علمهم‬
‫عن طريق الوحي أما أنبياء الولياء فيأخذون علمهم من الله تعالى‬
‫مباشرة بدون واسطة‪.‬‬
‫نظرية أنبياء الولياء عند ابن عربي‪:‬‬
‫يقول ابن عربي‪) :‬وأما حالة أنبياء الولياء في هذه المة‪ ،‬فهو كل‬
‫شخص أقامه الحق في تجل من تجلياته‪ ،‬وأقام له مظهر محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم ومظهر جبريل عليه السلم‪ ...‬فأسمعه ذلك المظهر‬
‫الروحاني خطاب الحكام المشروعة لمظهر محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ...‬حتى إذا فرغ من خطابه‪ ،‬وُفزع عن قلب هذا الولي‪ ،‬عقل‬
‫صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الحكام‬
‫المشروعة‪ ،‬الظاهرة في هذه المة المحمدية‪ .‬فيأخذها هذا الولي كما‬
‫أخذها المظهر المحمدي‪ ،‬للحضور الذي حصل له في هذه الحضرة مما‬
‫أمر ذلك المظهر المحمدي من التبليغ لهذه المة في ُّرد الولي إلى‬
‫نفسه‪ ،‬وقد وعى ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ...‬وعلم صحته علم يقين‪ ،‬بل عين يقين‪ ،‬فأخذ حكم هذا النبي‪،‬‬
‫وعمل به على بينة من ربه‪ ...‬فهؤلء هم أنبياء الولياء‪ ،‬ول يتفردون قط‬
‫بشريعة‪ ،‬ول يكون لهم خطاب بها إل بتعريف‪ :‬إن هذا هو شرع محمد‬
‫منّزل عليه بذلك الحكم في حضرة‬ ‫صلى الله عليه وسلم أو ُيشاهد ال ُ‬
‫التمثل الخارج عن ذاته والداخل‪ ،‬والمعّبر عنه بالمبشرات في حق‬
‫النائم‪ .‬غير أن الولي يشترك في إدراك ما تدركه العامة في النوم‪ ،‬في‬
‫حال اليقظة‪ ،‬سواء بسواء‪ .‬وقد أثبت هذا المقام للولياء أهل طريقنا؛‬
‫وإتيان غير هذا هو الفعل بالهمة؛ والعلم من غير معلم من المخلوقين‬
‫غير الله‪ ،‬وهو علم الخضر‪ .‬فإن آتاه الله العلم بهذه الشريعة التي‬
‫تعّبده بها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بارتفاع الوسائط‪،‬‬
‫أعني الفقهاء وعلماء الرسوم‪ ،‬كان ‪-‬هذا‪ -‬من العلم اللدني‪ ،‬فل يكون‬
‫‪4‬‬
‫)( ابن تيمية‪ :‬النبوات ص )‪.(285‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫من يكون من الولياء وارث نبي إل على هذه الحالة الخاصة‪ .‬من‬
‫مشاهدة الملك عند اللقاء على حقيقة الرسول‪ .‬فافهم! فهؤلء هم‬
‫أنبياء الولياء‪ ...‬فهم في هذه المة مثل النبياء في بني إسرائيل‪ ،‬على‬
‫مرتبة تعَّبد هارون بشريعة موسى عليه السلم‪ ،‬مع كونه نبيًا‪ .‬فإن الله‬
‫قد شهد بنبوته وصرح بها في القرآن‪ .‬فمثل هؤلء الولياء يحفظون‬
‫الشريعة الصحيحة التي ل شك فيها‪ ،‬على أنفسهم وعلى هذه المة‬
‫ممن اتبعهم‪ .‬فهم أعلم الناس بالشرع‪ ،‬غير أن الفقهاء ل ُيسلمون لهم‬
‫ذلك‪ .‬وهؤلء الولياء ل يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم‪ .‬بل يجب‬
‫دون على علماء الرسوم فيما ثبت عندهم‪،‬‬ ‫عليهم الكتم لمقامهم‪ .‬ول ي َُر ّ‬
‫مع علمهم بأن ذلك خطأ في نفس المر‪ .‬فحكمهم حكم المجتهد الذي‬
‫ليس له أن يحكم في المسألة بغير ما أداه إليه اجتهاده‪ ،‬وأعطاه دليله‪.‬‬
‫وليس له أن ُيخطىء المخالف له في حكمه‪ ،‬فإن الشارع قد قرر ذلك‬
‫طىء ما قرره الشارع‬ ‫الحكم في حقه‪ .‬فالدب يقتضي له أن ل ُيخ ّ‬
‫حكمًا‪ .‬ودليله وكشفه يحكم عليه باتباع حكم ما ظهر له وشاهده()‪.(1‬‬
‫تناقضات ابن عربي‪:‬‬
‫تناقض ابن عربي فيما ذهب إليه من القول بوجود ما يسميه بأنبياء‬
‫الولياء تناقضا ً فاضحا ً لمذهبه‪ :‬حيث أثبت في عنوان الباب الذي عقده‬
‫لهم )أنبياء( بقوله‪) :‬الباب الرابع عشر في معرفة أسرار النبياء( ثم‬
‫عدل عن تسميتهم بأنبياء فسماهم )أنبياء الولياء( في نفس العنوان‪.‬‬
‫فأتى بهذه التسمية العجيبة والغريبة تمويها ً للناس‪ ،‬حتى ينفي عن‬
‫نفسه تهمة القول بوجود أنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ومع ذلك لم يستطع أن يخفي حقيقة مذهبه القائل بوجود أنبياء بعد‬
‫نبينا محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬فعدل عن تسميتهم أنبياء مع‬
‫إعطائهم خصائص النبياء حيث يأخذون علومهم من نفس المصدر الذي‬
‫أخذ عنه النبياء‪ .‬وهذا ظاهر من قوله‪) :‬حتى إذا فرغ من خطابه ‪-‬يعني‬
‫جبريل عليه السلم‪ -‬وفّزع عن قلب ذلك الولي‪ ...‬فيأخذها هذا الولي‬
‫كما أخذها المظهر المحمدي(‪ .‬وهذا ما ذهب إليه الفلسفة من القولى‬
‫باتحاد رتبة الفلسفة مع النبياء في الخذ عن الملك المسمى عندهم‬
‫بالعقل الفعال‪ .‬ثم استدرك ابن عربي على نفسه حتى ل يقال له‪ :‬بما‬

‫‪1‬‬
‫)( الفتوحات المكية )‪ (360-1/356‬ط‪ .‬وزارة الثقافة المصرية‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أن أنبياء الولياء يشتركون مع النبياء في الخذ من مصدر واحد هل‬


‫يأتون بشرع جديد؟ قال‪) :‬ل يتفردون قط بشريعة‪ ،‬ول يكون لهم‬
‫خطاب بها إل بتعريف‪ :‬إن هذا هو شرع محمد صلى الله عليه وسلم(‪،‬‬
‫وهذا يناقض قوله‪) :‬فالدب يقتضي له أن ل يخطىء ‪-‬يعني الولي‪ -‬ما‬
‫قرره الشارع حكمًا‪ .‬ودليله وكشفه يحكم عليه باتباع حكم ما ظهر له‬
‫وشاهده(‪ .‬فمع إقراره بأن الشارع قد قرر حكما ً معينا ً إل أن أنبياء‬
‫الولياء ل يتبعون ذلك الحكم وإنما يتبعون ما حصل لهم عن طريق‬
‫الكشف‪ .‬مع تصريحه أنهم ل يتفردون بشريعة قط‪ .‬وتارة يجعل هؤلء‬
‫الذين سماهم أنبياء الولياء يأخذون العلم والوحي من الملك الذي أخذ‬
‫عنه النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يجعل حكم أنبياء الولياء كحكم‬
‫المجتهد الذي ل يأخذ العلم عن طريق الوحي وإنما يحكم في المسألة‬
‫بما أداه إليه اجتهاده‪ .‬وتارة يأخذ علمه عن طريق الكشف وتارة من‬
‫الله تعالى مباشرة من غيره معلم من المخلوقين‪.‬‬
‫هذا بالضافة إلى تنقص ابن عربي للفقهاء والمحدثين بتسميتهم‬
‫بعلماء الرسوم‪ ،‬الذين ل يعرفون حقيقة ما جاء به النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ويسميهم أيضا ً بحفظة الحكم النبوي‪ .‬و َ‬
‫مث ّ‬ ‫)‪(1‬‬
‫ل لهم ببعض الصحابة‬
‫والتابعين وذكر منهم الئمة الربعة‪ .‬وأما السادة عنده فهم حفظة‬
‫الحال النبوي)‪ (2‬وهم‪ :‬ذو النون المصري)‪ (3‬والجنيد)‪ (4‬وغيرهم‪ .‬فََرفُْعه‬
‫لمقام علماء الحال النبوي أو الحقيقة كما زعم وتنقصه لعلماء الشريعة‬
‫خاصة علماء الحديث‪ ،‬وتزهيد الناس في العلم خاصة علم الكتاب‬
‫والسنة ليس مذهب ابن عربي وحده بل هو مذهب أغلب الصوفية؛‬
‫حتى يظل أتباعهم في ظلمات الجهل والعمى ليس عندهم ما ُيفرقون‬
‫به بين الحق والباطل‪ ،‬والسنة والبدعة‪ ،‬وفي مقابل تنفير الناس عن‬
‫دعون الناس إلى بدعهم التي قد توصلهم إلى‬ ‫العلم الشرعي وأهله ي َ ْ‬
‫الجنون والكفر في الدنيا وإلى جهنم وبئس المصير في الخرة؛ ولعظم‬
‫البلء بهؤلء واغترار العامة بأقوالهم وأفعالهم أذكر بعض المثلة التي‬
‫‪1‬‬
‫)( الفتوحات المكية )‪.(1/361‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المصدر السابق ص‪ .‬ن‪ .‬ويسمونهم أيضا ً بأهل الحقيقــة والعلــم اللـ ُ‬
‫دني البــاطن وكــل هــذه‬
‫تسميات بدعية للتنصل من أحكام الشريعة انظر ص )‪.(219‬‬
‫‪3‬‬
‫)( هو‪ :‬ثوبان بن إبراهيم وكان أبوه نوبيًا‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪245‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ط‪ .‬ك )‪.(65-1/59‬‬
‫‪4‬‬
‫)( هو‪ :‬أبو القاسم الجنيد بن محمد الزجاج أصله من نهاونــد‪ ،‬كــان مــن كبــار أئمــة القــوم‪ ،‬ت‪.‬‬
‫سنة ‪297‬هـ ط‪ .‬ك )‪.(1/72‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫توضح ذلك‪:‬‬
‫يقول سيد طائفة الصوفية أبو القاسم الجنيد‪) :‬إذا رأيت الفقير فل‬
‫تبدأه بالعلم وابدأه بالرفق؛ فإن العلم يوحشه والرفق يؤنسه()‪.(1‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬المريد الصادق غني عن علم العلماء‪ ،‬بالمريد خيرا ً‬
‫أوقعه إلى الصوفية ومنعه صحبة القراء()‪.(2‬‬
‫ويقول أبو بكر الدقاق)‪) :(3‬آفة المريد ثلثة أشياء‪ :‬التزويج‪ ،‬وكتابة‬
‫الحديث‪ ،‬معاشرة الضد()‪.(4‬‬
‫ويقول أبو العباس أحمد بن مسروق)‪) :(5‬رأيت القيامة قد قامت‪،‬‬
‫ورأيت موائد نصبت‪ ،‬فأردت أدى أجلس عليها فقالوا لي‪ :‬هذه للصوفية‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬أنا منهم‪ ،‬فقال لي ملك‪ :‬قد كنت منهم‪ ،‬ولكن شغلك عن‬
‫اللحوق بهم كثرة الحديث‪ ،‬وحبك التميز عن القران‪ ،‬فقلت‪ :‬تبت إلى‬
‫الله تعالى‪ ،‬واستيقظت فأقبلت على طريق القوم‪ ،‬وقلت‪ :‬للحديث‬
‫رجال غيري()‪.(6‬‬
‫ويقول أبو الحسن النحراني)‪) :(7‬كنت شديد النكار على الصوفية‬
‫في علومهم‪ ،‬وأبغض كل من اجتمع بهم‪ ،‬فدخلت بغداد‪ ،‬وأنا أكتب‬
‫الحديث‪ ،‬فرأيت إبراهيم الخواص وحوله جماعة يتكلم عليهم‪ ،‬فسمعت‬
‫كلمه‪ ،‬فدخل قلبي صدق قوله‪ ،‬فرأيته علما ً صحيحا ً ل بد للخلق من‬
‫استعماله‪ ،‬فلزمته من ذلك المجلس ولم أفارقه‪ ،‬وفرقت ما كنت‬
‫جمعته من الكتب وقد كانت نحو حملين()‪.(8‬‬
‫ويقول الشعراني‪) :‬كان أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي‬
‫إماما ً في أكثر علوم الشرع‪ ،‬مقدما ً في كل فن منه‪ ،‬ثم عطل أكثر‬

‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك‪.(1/72) ،‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(1/73‬‬
‫‪3‬‬
‫)( هو‪ :‬نصر بن أحمد بن نصر الدقاق الكبير‪ ،‬كان من أقران الجنيد ط‪ .‬ك )‪.(1/76‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(10/76‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الطوسي‪ ،‬كان من كبار مشايخ القوم‪ ،‬ت‪ .‬سنة ‪299‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك )‪.(1/85‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(1/85‬‬
‫‪7‬‬
‫)( صاحب إبراهيم الخواص‪ ،‬لم يفــرد بترجمــة ول ذكــر ســنة وفــاة‪ ،‬ذكــر قــوله ضــمن ترجمــة‬
‫إبراهيم الخواص‪ .‬ط‪ .‬ك )‪.(1/83‬‬
‫‪8‬‬
‫)( ط‪ .‬ك‪.(1/83) ،‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫علومه واشتغل بعلم التصوف وبه ظهر التصوف بنيسابور()‪.(1‬‬


‫ولم يكتف هؤلء بالتنفير إجمال ً عن علم الحديث وغيره من علوم‬
‫الشرع‪ ،‬بل أخذوا في الطعن على أئمة هذه المة الذين شهد لهم‬
‫السلف والخلف بالمامة والقبول التام‪ ،‬ومنهم المام أحمد بن حنبل‬
‫رحمه الله حيث أساؤوا الدب معه بقولهم له‪) :‬أثقلك أكل الشهوات(‬
‫بعد أن كذبوا عليه أنه أذعن لعلوم الصوفية‪.‬‬
‫أورد النبهاني في جامع كرامات الولياء ما نصه‪) :‬وبلغنا أن المام‬
‫أحمد ما أذعن للصوفية إل بعد أن أرسل له أبو حمزة الخراساني‬
‫جماعة من الفقراء الطيارة‪ ،‬فنزلوا عليه في الليل من دور القاعة‪،‬‬
‫فتحادثوا مع المام أحمد طويل ً في أحوال أهل الطريق‪ ،‬وأظهروا له‬
‫علوما ً ومعارف لم يكن سمعها قبل ذلك‪ .‬فاعترف بفضل أهل الطريق‬
‫بعد ذلك‪ ،‬ثم لما أرادوا النصراف قالوا له‪ :‬يا أحمد طر معنا في الهواء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ل أطيق‪ .‬فقالوا‪ :‬قد أثقلك أكل الشهوات‪ ،‬ثم صعدوا من صحن‬
‫الدار نحو السماء وهو ينظر()‪.(2‬‬
‫والسر في تنفير الصوفية من علوم الشرع بعامة وعلم الحديث‬
‫ورجاله بخاصة هو عزل أتباعهم ومريديهم عن نور الحق الذي يكشف‬
‫دجلهم‪ ،‬وكذبهم‪ ،‬ومخالفتهم لشرع الله تعالى‪.‬‬
‫فهؤلء الصوفية ينفرون الناس عن تعلم علوم الشريعة السلمية‬
‫التي ُيعرف بها مراد الشارع حتى يعبد الناس ربهم على بينة‪ .‬وفي‬
‫الوقت نفسه يدعون الناس إلى ما لم يأت به النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من رياضات أهل الهند ومجاهدات التعذيب‪ .‬فمن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫ما ذكره الشعراني في ترجمة أبي بكر الشبلي)‪) :(3‬وكانت‬
‫مجاهداته في بدايته فوق الحد‪ ،‬وكان رضي الله عنه يقول‪ :‬اكتحلت‬
‫بالملح كذا وكذا ليلة لعتاد السهر‪ ،‬فلما زاد المر حميت الميل‬
‫واكتحلت به()‪.(4‬‬
‫وقيل للشبلي‪) :‬مزقت ملبوسك والعيد قد أقبل والناس يتزينون‬
‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك‪.(92-1/91) ،‬‬
‫‪2‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(1/449‬‬
‫‪3‬‬
‫)( هو‪ :‬أبو بكر بن جحدر الشبلي خراساني الصل‪ ،‬صار أوحد عصره في علوم الصوفية‪ ،‬ت‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(1/89‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫على فقره()‪.(3‬‬ ‫)‪(2‬‬


‫فقره وصبره‬ ‫)‪(1‬‬
‫وأنت هكذا؟! قال‪ :‬زينة الفقير‬
‫وقال الشعراني في ترجمة عبد القادر الجيلي)‪) :(4‬وكان رضي الله‬
‫عنه يقول‪ :‬قاسيت الهوال في بدايتي‪ ،‬فما تركت هول ً إل ركبته‪ ،‬وكان‬
‫لباسي الصوف‪ ،‬وكنت أمشي حافيا ً في الشوك وغيره‪ ،‬وكنت أقتات‬
‫بخرنوب الشوك‪ ،‬وقمامة البقل‪ ،‬وورق الخس من شاطىء النهر‪ .‬ولم‬
‫أزل آخذ نفسي بالمجاهدات حتى طرقني من الله تعالى الحال ‪-‬أي‬
‫الحال الشيطاني‪ ،-‬فإذا طرقني الحال صرخت‪ ،‬وهمت على وجهي‪،‬‬
‫سواء كنت في الصحراء أو بين الناس وكنت أتظاهر بالتخارس‬
‫والجنون‪ ،‬وحملت إلى البيمارستان‪ ،‬وطرقتني مرة الحوال حتى مت‪،‬‬
‫سري‬ ‫وجاؤوا بالكفن والمغسل‪ ،‬وجعلوني على المغتسل ليغسلوني ثم ُ‬
‫عني()‪.(5‬‬
‫وقال في ترجمة أحمد البدوي)‪) :(6‬وكان طول ليل ونهاره شاخصا ً‬
‫ببصره إلى السماء وقد انقلب سواد عينيه إلى حمرة تتوقد كالجمر‪،‬‬
‫وكان يمكث الربعين يوما ً وأكثر ل يأكل ول يشرب ول ينام()‪.(7‬‬
‫وقال أيضا ً في ترجمة سيده عبد الرحمن المجذوب)‪) :(8‬وكان من‬
‫أرباب الحوال‪ ،‬وكان مقطوع الذ ّك َرِ قطعه بنفسه أوائل جذبه‪ ،‬وكان‬
‫جالسا ً على الرمل صيفا ً وشتاء‪ ،‬وكان ثلثة أشهر يتكلم وثلثة أشهر‬
‫يسكت()‪.(9‬‬
‫فمثل هذه المجاهدات والرياضات التي ل تخالف هدي نبينا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم فحسب‪ ،‬بل تخالف حتى الطبع والفطر السليمة؛‬
‫لذا فقد أصيب أكثر هؤلء في عقولهم‪ ،‬فمنهم يرى الحيات والهوام‬
‫فواكها ً فيأكلها‪ ،‬ومنهم من يصعد إلى المنبر فيخطب في الناس عريانًا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫)( أي الصوفي‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪2‬‬
‫م إ ِل َــى الت ّهْل ُك َـ ِ‬
‫ة(( ]البقــرة‪:‬‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫)( فعلهم هذا وما في معناه مخالف لقوله تعالى‪َ)) :‬ول ت ُل ْ ُ‬
‫قوا ب ِأي ْـ ِ‬
‫‪.[195‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أحيانا ً يقال له الجيلني وأخرى الكيلني‪ ،‬مات سنة ‪561‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك‪.(1/108) ،‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(1/109‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المتوفى سنة ‪675‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ط‪ .‬ك‪ (1/159) .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(1/159‬‬
‫‪8‬‬
‫)( مات سنة ‪944‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك )‪.(128-2/127‬‬
‫‪9‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(128-2/127‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ومنهم من يقول‪ :‬ل إله لكم إل إبليس‪ ،‬نعوذ بالله من الخذلن‪ .‬وشاهد‬
‫ذلك ما رواه الشعراني والنبهاني في تراجم أوليائهم‪ .‬حيث يقول‬
‫النبهاني في ترجمة محمد المعروف بأكل الحيات)‪) :(1‬كان يرى‬
‫الخنافس زبيبًا‪ ،‬والحية قثاء‪ ،‬وكان من أكابر الصالحين()‪.(2‬‬
‫ويقول الشعراني في ترجمة سيده إبراهيم العريان)‪) :(3‬وكان‬
‫رضي الله عنه يطلع المنبر ويخطب عريانا ً فيقول‪) :‬السلطان ودمياط‬
‫باب اللوق بين القصرين وجامع طليون‪ ،‬الحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫فيحصل للناس بسط عظيم‪ ،‬وكان ُيخرج الريح بحضرة الكابر‪ ،‬ثم‬
‫يقول‪ :‬هذه ضرطة فلن ويحلف على ذلك فيخجل الكبير منه()‪.(4‬‬
‫ويقول أيضا ً في ترجمة سيده محمد الحضري)‪) :(5‬إن الناس سألوه‬
‫أن يخطب فيهم يوم الجمعة‪ ،‬فقال‪ :‬بسم الله فطلع المنبر فحمد الله‬
‫وأثنى عليه ومجده ثم قال‪ :‬وأشهد أن ل إله لكم إل إبليس عليه الصلة‬
‫والسلم()‪.(6‬‬
‫فل يبلغ الرجل عندهم مبلغ الرجال إل بتلك المجاهدات والرياضات‬
‫البدعية التي تكسب نفوسهم قدرة على التأثير على الكائنات ‪-‬كما‬
‫يزعمون‪ -‬فيحصل لهم التصرف في الكون وانقياد الوحوش وغير ذلك‬
‫من المور الغريبة‪ ،‬وهم والفلسفة سيان في هذه المعتقدات‪ .‬يقول‬
‫ابن سينا‪) :‬ولعلك قد تبلغك عن العارفين أخبار تكاد تأتي بقلب العادة‪،‬‬
‫فتبادر إلى التكذيب‪ ،‬وذلك مثل ما يقال إن عارفا ً استسقى للناس‬
‫فسقوا‪ ،‬أو استشفى لهم فشفوا‪ ،‬أو دعا عليهم فخسف بهم وزلزلوا‪ ،‬أو‬
‫هلكوا بوجه آخر‪ ...‬أو خشع لبعضهم سبع‪ ،‬أو لم ينفر عنه طير‪ ،‬أو مثل‬
‫ذلك‪ .‬فتوقف ول تتعجل‪ ،‬فإن لمثال هذا سببا ً في أسرار الطبيعة()‪.(7‬‬
‫ويقول في موضعا ً آخر‪) :‬فل تستبعدن أن تكون لبعض النفوس‬
‫ملكة يتعدى تأثيرها بدنها‪ ،‬وتكون نفوسها كأنها نفس ما للعالم‪ .‬فل‬
‫‪1‬‬
‫)( المتوفى سنة ‪832‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/260‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مات سنة نيف وثلثين وتسعمائة‪ .‬ط‪ .‬ك )‪.(2/129‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المصدر السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( توفي سنة ‪897‬هـ‪ .‬المرجع السابق )‪.(98-2/97‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(2/97‬‬
‫‪7‬‬
‫)( الشارات والتنبيهات لبن سينا )‪.(3/252‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫تستنكرن أن تكون لبعض هذه النفوس هذه القوة حتى تفعل في‬
‫أجرام أخر تنفعل عنه انفعال بدنه‪ .‬ول تستنكرن أن تتعدى عن قواها‬
‫الخاصة إلى نفوس أخرى تنفعل فيها()‪ .(1‬وهو المسمى عند الصوفية‬
‫بالتصرف في الكون)‪.(2‬‬
‫قال الشعراني في ترجمة شمس الدين محمد الحنفي)‪) :(3‬هو أحد‬
‫من أظهره الله تعالى إلى الوجود وصّرفه في الكون‪ ،‬ومكنه من‬
‫الحوال وأنطقه بالمغيبات وخرق له العوائد وقلب له العيان‪.(4)(...‬‬
‫واص فقال له‪ :‬ما تقول في رجل رحى الوجود‬ ‫)واجتمع مع علي الخ ّ‬
‫بيده يدورها كيف يشاء‪ ،‬فقال له سيدي محمد‪ :‬فما تقول فيمن يضع‬
‫يده عليها فيمنعها أن تدور()‪.(5‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة سيده محمد الشويمي)‪) :(6‬مرض‬
‫سيدي مدين رضي الله عنه مرة حتى أشرف فيها على الموت فوهبه‬
‫‪-‬أي الشويمي‪ -‬من عمره عشر سنين ثم مات في غيبة الشويمي رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬فجاء وهو على المغتسل‪ .‬فقال‪ :‬وكيف مت؟!! وعزة ربي لو‬
‫كنت حاضرا ً ما خليتك تموت‪ ،‬ثم شرب ماء غسله كله()‪.(7‬‬
‫وبهذا الحد قد فاق هؤلء الصوفية ما ذهب إليه الفلسفة من تأثير‬
‫النفوس على الكائنات الخرى فتحصل بذلك المعجزات لمشايخهم‬
‫بزعمهم وإنما هي خوارق شيطانية‪ ،‬أما الصوفية فقد بلغ تأثير نفوسهم‬
‫إلى أبعد من ذلك‪ ،‬إلى درجة العتراض على الله تعالى ومنازعته في‬
‫أمره‪ ،‬تعالى الله عما يقول الظالمون علوا ً كبيرًا‪ .‬ويزعمون أن ذلك‬
‫كرامات لهؤلء المجانين بذلك زين لهم الشيطان أعمالهم حتى جعلوا‬
‫أولياءهم أعلى مكانة من أولي العزم من الرسل‪ .‬كما صرح بذلك‬
‫كبريتهم الحمر بن عربي حيث يقول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫)( المصدر السابق )‪.(3/253‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر‪ :‬ص )‪.(297‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مات سنة ‪847‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(82-2/81‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/81‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/83‬‬
‫‪6‬‬
‫)( لم يذكر له الشعراني سنة وفـاة وهـو مـن أصـحاب مـدين الشـموني المتـوفى سـنة نيـف‬
‫وخمسين وثمانمائة انظر‪ :‬ط‪ .‬ك )‪.(2/94‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/94‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فويق الرسول ودون الولي‬ ‫مقام النبوة في برزخ‬
‫أي أن النبياء أعلى مكانة من الرسل‪ ،‬والنبياء أدنى من أولياء‬
‫الصوفية الذين يسميهم ابن عربي أنبياء الولياء‪ ،‬وسبب تفضيل أنبياء‬
‫الولياء على النبياء والرسل هو أن هؤلء الولياء يأخذون العلوم بل‬
‫واسطة وأما النبياء والرسل فيأخذون بواسطة الوحي‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم‪) :‬وبالجملة فهو ‪-‬يعني ابن عربي‪ -‬لم يتبع النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في شيء‪ ،‬فإنه أخذ بزعمه عن الله ما هو متابع‬
‫فيه في الظاهر‪ ،‬كما يوافق المجتهد المجتهد‪ ،‬والرسول الرسول‪،‬‬
‫فليس عنده شيء من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتلقي عنه‬
‫شيء أص ً‬
‫ل‪ ،‬ل في الحقائق الخبرية‪ ،‬ول في الحقائق الشرعية()‪.(2‬‬
‫فبعد أن زعم ابن عربي وجود أنبياء بعد النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم سماهم أنبياء الولياء‪ ،‬ل يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫في شيء مما جاء به‪ .‬جاء بعده عبد الكريم الجيلي بفرية أعظم مما‬
‫جاء به ابن عربي‪ ،‬فليس جميع بني آدم يمكن أن يكونوا أنبياء فحسب‪،‬‬
‫بل يمكن أن تتقمص روح النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم أرواح‬
‫مشايخ الصوفية ويتصور النبي صلى الله عليه وسلم بصورهم‪ ،‬بحيث‬
‫إذا قال هذا الصوفي أنا رسول الله يجب أن ُيصدق‪ .‬بل وصل عند‬
‫الجيلي الستهزاء والستخفاف بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم يظهر في الكنائس إلى غير ذلك‬
‫من أنواع الكفر واللحاد‪.‬‬
‫يقول الجيلي‪) :‬اعلم حفظك الله أن النسان الكامل هو القطب‬
‫الذي تدور عليه أفلك الوجود من أوله إلى آخره‪ ،‬وهو واحد منذ كان‬
‫الوجود إلى أبد البدين‪ ،‬ثم تنوع في ملبس ويظهر في كنائس‪ ،‬فُيسمى‬
‫به باعتبار لباس ول ُيسمى به باعتبار لباس آخر؛ فاسمه الصلي الذي‬
‫هو له محمد‪ ،‬وكنيته أبو القاسم ووصفه عبد الله ولقبه شمس الدين‪،‬‬
‫ثم له اعتبار بملبس أخرى أسام‪ ،‬وله في كل زمان اسم ما يليق‬
‫بلباسه في ذلك الزمان‪ ،‬فقد اجتمعت به صلى الله عليه وسلم وهو في‬
‫صورة شيخي الشيخ شرف الدين إسماعيل الجبرتي‪ ،‬ولست أعلم أنه‬
‫‪1‬‬
‫)( لطائف السرار لبن عربي‪ ،‬ص )‪.(49‬‬
‫‪2‬‬
‫)( نقض المنطق لشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬ص )‪.(141‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكنت أعلم أنه الشيخ‪ ،‬وهذا من جملة‬
‫مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين وسبعمائة‪ ،‬وسر هذا‬
‫المر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة‪ ،‬فالديب إذا‬
‫رآه في صورة المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه‪،‬‬
‫وإذا رآه في الصورة ما من الصور‪ ،‬وعلم أنه محمد فل يسميه إل باسم‬
‫تلك الصورة‪ ،‬ثم ل يوقع ذلك السم إل على الحقيقة المحمدية‪ ،‬أل تراه‬
‫صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه قال‬
‫الشبلي لتلميذه‪ :‬أشهد أني رسول الله‪ ،‬وكان التلميذ صاحب كشف‬
‫فعرفه‪ ،‬فقال‪ :‬أشهد أنك رسول الله‪ ،‬وهذا أمر غير منكور‪ ،‬وهو كما‬
‫يرى النائم فلنا ً في صورة فلن‪ .‬وأقل مراتب الكشف أن يسوغ به في‬
‫اليقظة كما يسوغ به في النوم‪ ،‬لكن بين النوم والكشف فرق‪ ،‬وهو‬
‫أدت الصورة التي ُيرى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في النوم ل‬
‫يوقع اسمها في اليقظة على الحقيقة المحمدية؛ لن عالم المثال يقع‬
‫التعبير فيه‪ ،‬فيعبر عن الحقيقة المحمدية إلى حقيقة تلك الصورة في‬
‫كشف لك عن الحقيقة المحمدية أنها‬ ‫اليقظة‪ .‬بخلف الكشف فإنه إذا ُ‬
‫متجلية في صورة من صور الدميين فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة‬
‫على الحقيقة المحمدية‪ ،‬ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة‬
‫تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم لما أعطاك الكشف أن محمدا ً‬
‫صلى الله عليه وسلم متصور بتلك الصورة فل يجوز ذلك بعد شهود‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها من قبل(‬
‫)‪.(1‬‬
‫فهذا الكلم يلزم منه لوازم باطلة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله‪) :‬إن النسان الكامل ‪-‬الذي يعنون به النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬تدور عليه أفلك الوجود‪ ...‬وهو واحد منذ أن كان الوجود إلى أبد‬
‫البدين(‪ .‬هذا كله مفرع عن نظرية الفيض التي تمت مناقشتهم)‪ (2‬فيها‬
‫وبيان ما فيها من مفاسد‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله‪) :‬له التصور بكل صورة( يفسر قوله‪) :‬ويظهر في كنائس(‬
‫فيلزمه أن النبي صلى الله عليه وسلم يظهر في صورة النصارى‪ :‬من‬

‫‪1‬‬
‫)( النسان الكامل )‪.(75-2/74‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر ص )‪.(105‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫رهبان وقساوسة‪ ،‬وهو على هذه الصورة إما أن يدعو الناس إلى‬
‫السلم‪ ،‬وهذا ما ل يتصور‪ .‬وإما أن يدعوهم إلى النصرانية وهذا هو‬
‫القريب من فهم الجيلي‪.‬‬
‫‪ -3‬كما يلزم من قوله‪) :‬يتصور بكل صورة( اختصاصه صلى الله‬
‫عليه وسلم بخصائص لم تكن عنده من قبل‪ ،‬وإنما خاصية التشكل أو‬
‫التصور ثبتت للملئكة عليهم السلم‪ ،‬والشياطين‪.‬‬
‫‪ -4‬كما يلزم من قوله‪) :‬يتصور بكل صورة( العموم من لفظ كل‬
‫فيشمل التصور بالصور الدمية وغير الدمية من الكائنات والمخلوقات‬
‫الخرى‪ .‬سبحانك هذا بهتان عظيم‪.‬‬
‫فمن هذا المبحث ظهر أن الفلسفة المنتسبين إلى السلم ينفون‬
‫ختم النبوة بالنبوة المحمدية بجعل النبوة أمرا ً اكتسابيا ً يحصل لكل أحد‬
‫من أصحاب الخيالت والجهالت‪ ،‬بل النبياء عموما ً يتأخرون في الرتبة‬
‫عن الفلسفة في زعمهم وهذا كفر عظيم بالله ورسله‪ ،‬ومن هؤلء من‬
‫اختل عقله وقال بوجود أنبياء الولياء الذين يوحى إليهم كما يوحى إليه‬
‫صلى الله عليه وسلم ول يتبعونه في شيء من الدين أو أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يتصور بأشكال بعضهم فكل ما أتى به ذلك البعض‬
‫يعتبر عندهم من مشكاة النبوة‪ ،‬وفي كل هذا هدم صريح لمعالم الدين‬
‫بجعل مشرعين بعد سيد المرسلين‪ .‬ولم تقف معاول الهدم عند أولئك‬
‫المحرومين من الهداية القدامى بل ظهر في وقتنا الحاضر من أنكر‬
‫ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم وادعاها لنفسه‪ ،‬ومن هؤلء غلم‬
‫أحمد القادياني مؤسس الديانة القاديانية التي انتشرت في أوساط‬
‫المسلمين بشكل كبير ينذر بالخطر العظيم الذي يحف بالمة‬
‫السلمية‪ .‬وفي المبحث التالي يتم تسليط الضوء على نبي القاديانية‬
‫وفرقته وفضح دعواهم النبوة بعد النبوة المحمدية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى اللسسه‬
‫عليه وسلم عند القاديانية‪:‬‬
‫ظهور القاديانية في أوساط المسلمين‪:‬‬
‫ظهرت القاديانية في أوائل القرن الرابع عشر الهجري في قرية‬
‫من قرى الهند ُتسمى قاديان بعد استقرار الحكم النجليزي فيها‪ .‬وهي‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫مؤامرة سياسية خطط لها النجليز لضرب السلم من الداخل بزعزعة‬


‫اعتقاد المسلمين في ختم النبوة بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ولبطال شرائع الدين؛ وإحداث الفرقة بين المسلمين‪.‬‬
‫يقول أبو الحسن الندوي‪) :‬إن وجد لها نظير في الخطر والضرر‬
‫على السلم‪ ،‬ففي السماعيلية الباطنية التي تولى كبرها عبد الله بن‬
‫داح في القرن الثالث الهجري‪ ،‬وأشك أنها بلغت مبلغ الولى‬ ‫ميمون الق ّ‬
‫‪-‬القاديانية‪ -‬في أصالة الفساد ودقة المؤامرة ومعاداة السلم)‪.(1‬‬
‫وقد بذل القاديانيون جهودا ً ضخمة من أجل التبشير بدينهم الجديد‬
‫في أوساط المسلمين‪.‬‬
‫يقول وكيل التبشير بالقاديانية مبارك أحمد ماك‪) :‬وقد نجحت‬
‫اليوم الحركة الحمدية في تأسيس المراكز التبشيرية والمساجد في‬
‫أقطار العالم كافة‪ ،‬وأن معظم كتبه ‪-‬أي القادياني‪ -‬الثمانين بالردية‬
‫وأقلها بالعربية والفارسية)‪.(2‬‬
‫)‪(3‬‬
‫بباكستان‪.‬‬ ‫كما أنشأوا الجامعة الحمدية في مدينة ربوة‬
‫وُيسمي القاديانيون أنفسهم بالحمدية تدليسا ً على المسلمين حتى‬
‫يفهموا أنهم ينتسبون إلى نبي السلم أحمد صلى الله عليه وسلم‬
‫فيحصل لهم الغرر بذلك وإنما هم في الحقيقة يعنون بذلك النتساب‬
‫إلى متنبئهم أحمد القادياني‪.‬‬
‫يقول إحسان إلهي ظهير‪) :‬إن القاديانية في إفريقيا وغيرها من‬
‫البلد يسمون أنفسهم )أحمدية( تزويرا ً وتمويها ً على المسلمين‪،‬‬
‫والحقيقة ل علقة لهم برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اسمه‬
‫أحمد‪ ،‬وأما اسم متنبئهم فغلم أحمد القادياني‪ ،‬وبهذه النسبة ُيعرفون‬
‫في باكستان والهند أي القاديانية()‪.(4‬‬
‫متنبىء القاديانية غلم أحمد‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( أبو الحسن الندوي‪ :‬القادياني والقاديانية دراسة وتحليل ص )‪.(7‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انظر‪ :‬المسيح الناصري في الهند‪ ،‬تأليف مؤسـس الحركـة القاديانيـة‪ ،‬الصـفحة الثانيـة مـن‬
‫الغلف‪ ،‬أحد مطبوعات التبشير الحمدية ‪-‬ربوة باكستان‪ ،‬تعريب وكيل التبشير للتحريك الجديــد‬
‫ورئيس القسم العربي بالجامعة الحمدية مبارك أحمد ماك‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مدينة صغيرة في باكستان الغربي بناها القاديانيون‪ ،‬وجعلوها مركــزا ً لهــم‪ .‬انظــر القاديانيــة‬
‫دراسة وتحليل‪ :‬لحسان إلهي ظهير ص )‪.(8‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(1‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫مولده وأسرته‪:‬‬
‫ولد غلم أحمد القادياني عام ‪1835‬م)‪ (1‬وقيل ‪1839‬م وقيل عام‬
‫‪1840‬م في قرية قاديان إحدى مقاطعات البنجاب بالهند في أسرة‬
‫مجهولة الصل والنسب تدين بالولء للحتلل النكليزي ضد المسلمين‪.‬‬
‫وفي هذا يقول غلم أحمد نفسه‪) :‬اسمي أحمد واسم أبي غلم‬
‫مرتضى‪ ،‬واسم أبيه عطا محمد وقومي مغول برلس‪ ،‬ويظهر من‬
‫الوراق المحفوظة أن آبائي جاؤوا من سمرقند)‪.(2‬‬
‫ثم يزعم أن الله تعالى كلمه بأن أسرته فارسية‪ ،‬يقول في ذلك‪:‬‬
‫)والظاهر أن أسرتي من المغول‪ ...‬لكن الن ظهر لي من كلم الله أن‬
‫أسرتي حقيقة أسرة فارسية‪ ،‬وأنا أؤمن بهذا‪ ،‬لنه ل يعرف أحد حقائق‬
‫السر مثل ما يعرفها الله()‪ .(3‬ومرة يعلن أنه صيني الصل يقول‪:‬‬
‫)محيي الدين بن عربي تنبأ عني في كتابه )فصوص الحكم(‪ ،‬حيث‬
‫يقول‪ :‬يولد في آخر الزمان ولد يدعو إلى الله‪ ،‬يكون مولده بالصين‪،‬‬
‫ولغته لغة بلده‪ ،‬فأنا هو المقصود؛ لني صيني الصل)‪ .(4‬ومرة أخرى‬
‫يعلن أنه من آل البيت‪ ،‬وأسرته إسرائيلية الصل‪ .‬حيث يقول‪) :‬أنا‬
‫فاطمي من بني فاطمة بنت الرسول رضي الله عنها وأسرتي من أولد‬
‫إسحاق()‪.(5‬‬
‫وإذا سئل عن هذه التقلبات في أصله قال‪) :‬ل دليل عندي سوى‬
‫إلهام الله في ذلك()‪.(6‬‬
‫فمتنبىء القاديانية ل يعرف أصله بل إن إله القادياني )شيطانه( ل‬
‫يعرف أصله‪ .‬هذا هو نسب أسرة متنبىء القاديانية المجهول‪ .‬وأما رب‬
‫هذه السرة فقد اشتهر بالولء الشديد للحكومة البريطانية وبمعاونتهم‬
‫بكل ما يستطيع ضد المسلمين‪ .‬فيحدثنا متنبىء القاديانية عن أبيه قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫)إن والدي كان من الذين شرفهم حاكم المقاطعة بتخصيص مقعد لهم‬
‫‪1‬‬
‫)( المسيح الناصري لغلم أحمد القادياني‪ ،‬صفحة الغلف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( حاشية )أربعين( نمرة ‪ 2‬ص )‪ (17‬لغلم أحمد القاديــاني نقل ً عــن القاديانيــة لحســان ص )‬
‫‪.(125‬‬
‫‪4‬‬
‫)( حقيقة الوحي لغلم أحمد القادياني ص )‪ ،(77‬نقل ً عن القاديانية لحسان ص )‪.(126‬‬
‫‪5‬‬
‫)( تحفة كولرة للغلم أحمد القادياني ص )‪ ،(29‬نقل ً عن القاديانية لحسان ص )‪.(126‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(29‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫في قصره خلل المناسبات الرسمية‪ .‬وكان والدي من الموالين‬


‫المخلصين للحكومة النكليزية‪ .‬وقد أمد الحكومة السامية خلل الثورة‬
‫الكبرى التي قامت عام ‪1857‬م)‪ (1‬بخمسين فرسا ً اشترها من خالص‬
‫ماله وبخمسين فارسًا‪ .‬وكان هذا العون أكثر من طاقته‪ ،‬ولكن بعد ذلك‬
‫بدأ الزوال والنحطاط لسرتي حتى بقيت أسرتي كأسرة مزارع‬
‫فقير)‪.(2‬‬
‫في وسط هذه السرة العميلة لبريطانيا نشأ غلم أحمد القادياني‬
‫ل‪) :‬ولقد قضيت معظم‬ ‫عميل ً للنكليز‪ ،‬حيث يصرح بهذه العمالة قائ ً‬
‫عمري في تأييد الحكومة النحليزية ونصرتها‪ ،‬وقد ألفت في منع الجهاد‬
‫ووجوب طاعة أولي المر النكليز()‪.(3‬‬
‫ويقول في موضع آخر‪) :‬وقد ألفت من الكتب والعلنات‬
‫والنشرات‪ ...‬وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلد العربية وتركيا‪،‬‬
‫وكان هدفي دائما ً أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة()‪.(4‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬لقد ظللت منذ حداثة سني وقد ناهزت اليوم الستين‬
‫أجاهد بلساني وقلمي لصرف قلوب المسلمين إلى الخلص للحكومة‬
‫النكليزية والنصح لها والعطف عليها‪ ...‬وأرى أن كتاباتي قد أثرت في‬
‫قلوب المسلمين‪ ،‬وأحدثت تحول ً في مئات اللف منهم()‪.(5‬‬
‫تعليم القادياني‪:‬‬
‫لم ينل القادياني نصيبا ً وافرا ً من أي نوع من أنواع العلوم‪ ،‬كما‬
‫يصرح بذلك حيث يقول‪) :‬ولما ترعرعت ووضعت قدمي في الشباب‬
‫قرأت قليل ً من الفارسية ونبذة من رسائل الصرف والنحو وعدة من‬
‫العلوم‪ ،‬وشيئا ً من كتب الطب‪ ،‬وكان أبي عرافا ً حاذقا ً وكانت له يد‬
‫طولى في هذا الفن‪ ،‬فعلمني بعض كتب هذه الصناعة‪ ،‬وأطال القول‬

‫‪1‬‬
‫)( يقصــد بــالثورة الكــبرى الــتي قــام بهــا أهــل الهنــد ‪-‬مــن المســلمين وغيرهــم‪ -‬ضــد الحكــم‬
‫النكليزي‪ ،‬لكن لم يحالفهم النجاح‪ .‬انظر القادياني والقاديانية لبي العلى المودودي ص )‪.(10‬‬
‫‪2‬‬
‫)( التحفة القيصرية‪ :‬تأليف الميرزا غلم أحمد ص )‪ ،(16‬نقل ً عــن المرجــع الســابق ص )‪،(10‬‬
‫والقاديانية لحسان ص )‪.(127‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الميرزا غلم أحمد‪ :‬ترياق القلوب ص )‪ (15‬نقل ً عن القاديانيــة والســتعمار النجليــزي لعبــد‬
‫الله سلوم السامرائي ص )‪.(26‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫في الترغيب لكسب الكمال فيها‪ ...‬وكذلك لم يتفق لي التوغل في علم‬


‫الحديث والصول والفقه إل كطل الوبل()‪.(1‬‬
‫أمراض القادياني‪:‬‬
‫كان غلم أحمد القادياني مستنقعا ً من المراض الخطيرة التي‬
‫جاءت في مؤلفاته ومؤلفات أتباعه فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬الهستريا والصداع ودوار الرأس‪:‬‬
‫تقول زوجة غلم أحمد القادياني‪) :‬إن حضرة المسيح الموعود‬
‫أصيب بالصداع ودوار الرأس والهستريا أول مرة حين ولدة البشير‬
‫الول‪ ...‬ثم توالت نوبات هذه المراض الخطيرة مرة بعد أخرى()‪.(2‬‬
‫‪ -2‬سلس البول‪:‬‬
‫يقول القادياني نفسه‪ :‬يلزمني مرضان خطيران‪ :‬مرض في‬
‫النصف العلى فهو دوار الرأس‪ ،‬وأما الذي في النصف السفل فهو‬
‫سلس البول‪ .‬وهذان المرضان يلزمانني منذ نشرت ادعائي بكوني‬
‫مأمورا ً من الله()‪(3‬سبحان الله العظيم! ُيصرح القادياني بأن دعواه‬
‫مجرد ادعاء ومع ذلك ُيصدق‪ .‬ويصاب بهذه المراض المنفرة بمجرد‬
‫حصول الدعاء منه بدل ً من التأييد باليات البينات!!‬
‫‪ -3‬ضعف الذاكرة‪:‬‬
‫يقول القادياني‪) :‬ذاكرتي سيئة جدًا‪ .‬إلى حد أني مهما قابلت أحدا ً‬
‫من الناس مرارا ً وتكرارا ً أنساه‪ .‬ول أستطيع العراب عما أعاني من‬
‫فساد الذاكرة من اللم()‪.(4‬‬
‫‪ -4‬ضعف عصبي‪:‬‬
‫يقول القادياني‪) :‬إن هذا العاجز ‪-‬غلم أحمد‪ -‬مصاب بضعف في‬
‫العصاب‪ ،‬إن الهواء البارد والمطر يسببان لي الضرار والمتاعب()‪.(5‬‬
‫‪1‬‬
‫)( التبليغ إلى مشايخ الهند‪ :‬للغلم القادياني ص )‪ ،(59‬نقل ً عن القاديانية لحسان ص )‪.(127‬‬
‫‪2‬‬
‫)( سيرة المهدي‪ :‬لبشير الدين محمد أحمد القادياني )ابــن المتنــبئ( )‪ ،(1/35‬نقل ً عــن مــاهي‬
‫القاديانية للمودودي ص )‪.(16‬‬
‫‪3‬‬
‫)( حقيقة الوحي للميرزا غلم أحمد ص )‪ (207-206‬نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(18‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المكتوبــات الحمديــة ج )‪ (5‬رقــم )‪ ،(2‬تــأليف‪ :‬يعقــوب علــي القاديــاني‪ ،‬نقل ً عــن المرجــع‬
‫السابق ص )‪.(19‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المكتوبات الحمدية ج )‪ (5‬رقم )‪ (3‬ص )‪ ،(21‬نقل ً عن المرجع السابق‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -5‬مرض الكوليرا‪:‬‬
‫وهو المرض الذي هلك بسببه في ‪ /26‬مايو‪1908/‬م‪.‬‬
‫يقول إحسان إلهي‪) :‬هذا وقد نشرت الجرائد الهندية آنذاك‪ :‬أن‬
‫غلم أحمد المتنبي القادياني لما ابتلي بالكوليرا كانت النجاسة تخرج‬
‫من فمه قبل الموت‪ ،‬ومات وكان جالسا ً في بيت الخلء لقضاء الحاجة(‬
‫)‪.(1‬‬
‫دعوى كلم أحمد النبوة ونزول الوحي إليه‪:‬‬
‫بعد أن فشلت ثورة الهند الكبرى )‪1857‬م( ضد الحتلل‬
‫البريطاني‪ ،‬استولى على المسلمين اليأس من إصلح الوضاع‬
‫بالساليب المعتادة فبدأوا يتطلعون إلى منقذ جديد‪ ،‬فنشط المحترفون‬
‫بالتصوف في نشر شطحاتهم وإلهاماتهم‪ ،‬وقويت رغبة العامة والدهماء‬
‫في المور الغريبة‪ ،‬والخوارق العجيبة‪ ،‬والخبار الغيبية‪ ،‬وكثر المتطفلون‬
‫والدعياء‪ ،‬وهيئوا العقول والنفوس لكل أمر غريب وشيء جديد)‪.(2‬‬
‫فاستغلت بريطانيا هذه الوضاع لمصلحتها وذلك بإيجاد مثل هذا‬
‫المنقذ والمصلح الذي تتعلق به آمال المسلمين والذي يخدم سياستها‬
‫من خلل ذلك‪ .‬فاختاروا عملء وتخيروهم ُبلهاء فكان غلم أحمد أحد‬
‫هؤلء)‪.(3‬‬
‫ولكي تنطلي المكيدة على المسلمين ويلتفوا حول المنقذ الجديد‪،‬‬
‫أرسلت الحكومة البريطانية القساوسة يدعون إلى المسيحية)‪،(4‬‬
‫وأوعزت من جهة أخرى إلى غلم أحمد بالتصدي لدعوة القساوسة‬
‫والدخول معهم في مناظرات بعد العلن لها لكي يعرف المسلمون‬
‫المنقذ الجديد ويلتفوا حوله‪ .‬يقول أغا كشميري عن غلم أحمد‪) :‬فقد‬
‫رد على الديانات السائدة في الهند كالمسيحية والبة والبرهمية()‪.(5‬‬

‫‪1‬‬
‫)( القاديانية لحسان ص )‪.(158‬‬
‫‪2‬‬
‫)( القادياني والقادبانية لبي الحسن الندوي ص )‪ (20-19‬بتصرف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( عبارة للشيخ عطية محمد سالم في تصديره لكتاب إحســان إلهــي ظهيــر )القاديانيــة( ص )‬
‫‪.(5‬‬
‫‪4‬‬
‫)( القادياني والقاديانية ص )‪.(19‬‬
‫‪5‬‬
‫ة السلم ص )‪ (4‬لغاشورش كشميري‪ ،‬نقل ً عن القاديانية والســتعمار النجليــزي ص )‬ ‫ون ُ‬
‫خ َ‬
‫)( َ‬
‫‪.(59‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يقول أحمد القادياني‪) :‬فكل ما وقع مني بإزاء المبشرين‬


‫المسيحيين لم يدفعني إليه إل رغبتي في أخذ المسلمين بالحكمة‬
‫والسياسة وأن أدخل السرور على نفوسهم وأميت ثورة نفوسهم‬
‫المتوحشة()‪ ،(1‬وكان يضفي على جميع مواقفه صفة القدسية وأنه‬
‫مأمور من الله تعالى لقامة الحجة على الخلق‪ ،‬يقول في ذلك‪) :‬لقد‬
‫كلفني الله بإصلح الخلق بمسكنة وتواضع وفقر وتذلل على طريقة‬
‫النبي الناصري السرائيلي المسيح‪ ،‬وقد ألفت لهذا الغرض كتاب‬
‫براهين أحمدية‪ ،‬وقد بشرني الله أن كل من يقرأ هذه الرسالة الموجهة‬
‫إليه‪ ،‬ثم ل ُيقر بالحق يكتب له الهزيمة والخذلن)‪.(2‬‬
‫دعى أن الله تعالى كلفه بإصلح الخلق على طريقة‬ ‫فبعد أن ا ّ‬
‫المسيح عيسى ابن مريم عليه السلم تدرج في دعواه وادعى بأنه‬
‫المسيح الموعود الذي سيكون في آخر الزمان؛ ولذا كان ل بد أن ينكر‬
‫القادياني نزول عيسى ابن مريم عليه السلم في آخر الزمان‪ .‬ولكي‬
‫يقنع سفهاء الحلم بذلك ألف كتابه )المسيح الناصري في الهند(‪ ،‬جاء‬
‫في مقدمته‪) :‬إنني أنا النور لهذا العصر المظلم الحالك‪ ،‬والذي يتبعني‬
‫هو وحده سيجنب من تلك الُهوات والخنادق والتي أعدها الشيطان‬
‫لسراة الليل‪ ،‬إنه بعثني لكي أرشد العالم نحو الله الحق‪ ،‬بكل سلم‬
‫وحلم وأشيد بناء المثل الخلقية للسلم‪ ،‬وأنه شرفني بآيات تورث‬
‫طلب الحق الطمأنينة والسلوان‪ ،‬ولقد أظهر لي العجائب وكشف لي‬
‫من الغيوب‪ ،‬وأسرار المستقبل ما تتأسس عليه معرفة الصادقين‪،‬‬
‫ووهب لي من العلوم والمعارف ما يعاديه أبناء الظلم وأخلف الباطل‪،‬‬
‫لكنني عزمت على مواساة بني النسان ما استطعت إلى ذلك سبي ً‬
‫ل‪...‬‬
‫إلى قوله‪ :‬وإن أعظم مواساة للمسلمين اليوم أن نقوم بإصلح‬
‫خلقية‪ ،‬وُنبدد آمالهم الراسخة في صدورهم عن ظهور‬ ‫أوضاعهم ال ُ‬
‫مسيح أفاك‪ ،‬وهي تنافي التعاليم السلمية أشد المنافاة‪ ...‬ومجمل‬
‫القول أن هذا هو الدليل الوحيد الذي يكفي لدحض مثل هذه العقائد‪،‬‬
‫لكن تطلبت مواساة هؤلء أن أدعم إبطال هذه العقائد بشواهد‬
‫تاريخية‪ ،‬وأخرى تلقيناها من كتب الطب‪ ،‬وأخرى بلغتنا بالمشافهة‬

‫‪1‬‬
‫)( ترياق القلوب للقادياني ص )‪ ،(309‬نقل ً عن المسألة القاديانية لبي العلــى المــودودي ص‬
‫)‪.(81-85‬‬
‫‪2‬‬
‫)( براهين الحمدية )‪ ،(83-1/82‬نقل ً عن المرجع السابق‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المتواترة‪ ،‬وأخرى استنبطناها من القرائن المتفرقة‪ ،‬وأخرى جمعناها‬


‫من الدلة العقلية‪ ،‬وشواهد تلقيناها من الوحي السماوي المتجدد‪ ...‬إلى‬
‫قوله‪ :‬والباب العاشر سيحوي شرحا ً وافيا ً للغايات التي ُبعثت لجلها‪،‬‬
‫وسأتناول الدلة على كوني المسيح الموعود من عند الله تعالى‪.‬‬
‫ميرزا غلم أحمد القادياني‪ ،‬في ‪ 25‬أبريل ‪1899‬م)‪.(1‬‬
‫ففي طيات كلم القادياني بدأت تظهر خيوط المؤامرة النكليزية‬
‫وذلك بإبطال عقيدة الجهاد ضد أعداء الله‪ ،‬حتى ل يفكر المسلمون في‬
‫الجهاد ضدهم ول ضد غيرهم من أعداء الله في كل مكان حيث يقول‬
‫القادياني‪) :‬إنه بعثني لكي أرشد العالم نحو الله الحق بكل سلم‬
‫وحلم(‪ .‬ومن خلل قوله‪) :‬أن نقوم بإصلح أوضاعهم الخلقية ونبدد‬
‫آمالهم الراسخة في صدورهم عن ظهور مسيح أفاك‪.(...‬‬
‫بل قد صرح غلم أحمد بإلغاء الجهاد علنية حيث يقول‪) :‬وقد سبق‬
‫أن ترحمت على قومي وكتبت عدة كتب أردية وعربية وفارسية‬
‫صرحت فيها بأن فكرة الجهاد العدواني في المسلمين وعقيدة ظهور‬
‫مهدي سفاك للدماء وقضية معاداة غير المسلمين بغير داع‪ ،‬كل أولئك‬
‫من صنع العلماء المتهورين الطائشين وأخطائهم‪.(2)(...‬‬
‫ويقول‪) :‬وجملة القول إن طائفة أهل السنة أو الوهابيين كما‬
‫يسميهم الناس‪ ،‬يحددون غاية نزول المسيح بأنه سيدمر الدنيا عن‬
‫آخرها‪ ،‬كما يفعل )مهاديو( إله الهنادك()‪.(3‬‬
‫فبعد دعوى القادياني أنه المسيح الموعود‪ ،‬دعا الناس إلى مبايعته‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫يقول وكيل التبشير القادياني مبارك أحمد ماك‪) :‬استهل مؤسس‬
‫الحركة الحمدية كفاحه بكتابه التاريخي العظيم )براهين أحمدية( في‬
‫أربعة مجلدات‪ .‬أعلن فيه أن الله عز وجل قد بعثه مسيحا ً موعودا ً طبق‬
‫أنباء التوراة والقرآن الكريم‪ ،‬وفي عام ‪1889‬م اختار لتباعه طريق‬
‫المبايعة للنضمام للحركة الحمدية()‪.(4‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المسيح الناصري لغلم أحمد القادياني‪ ،‬ص )‪.(14-12‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(2‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(4‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المسيح الناصري لغلم أحمد القادياني‪ ،‬الوجه الثاني من صفحة الغلف‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فمن شروط المبايعة للنضمام للجماعة القاديانية‪:‬‬


‫ما قاله غلم أحمد‪) :‬أن يعقد مع هذا العبد المسيح الموعود عليه‬
‫السلم عهد الخوة خالصا ً لوجه الله تعالى على أن يطيعني في كل ما‬
‫آمره به من المعروف‪ ،‬ثم ل ُيحيد عنه ول ينكثه حتى الممات‪ ،‬ويكون‬
‫في هذا العقد بصورة ل تعدلها العلئق الدنيوية سواء كانت علئق قرابة‬
‫أو صداقة أو عمل)‪ .(1‬فبعد أن ضمن القادياني الطاعة له على القل‬
‫من أتباعه‪ ،‬ساغ له أن يحدثهم بما أوحاه إليه شيطانه من الخزعبلت‬
‫والمضحكات‪ ،‬وحاول أن يضفي على ذلك الوحي المزعوم ما يشعر أن‬
‫صاحبه صادق فيما يدعي فمن ذلك قول غلم أحمد‪) :‬ما الله محرمكم‬
‫من نعمة الوحي والتحديث والخطاب والمكالمة أبدا ً إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ول على‬ ‫إنه لمتم عليكم جميع النعم التي أوتيها الولون‪ .‬غير أنه من تق ّ‬
‫الله كذبا ً عن وقاحة نفس‪ ،‬وقال للناس‪ :‬أوحي إلي وحي الله‪ ،‬ولم يوح‬
‫إليه أو قال شرفني الله بخطابه وكلمه‪ ،‬ولم يكن منه شيء‪ ،‬فأقول‬
‫وأشهد الله وملئكته على ما أقول إنه ليهلكن هذا الكذاب المتقول لنه‬
‫قال الكذب على خالقه وخدع وتوقح واجترأ جراءة كبيرة()‪.(2‬‬
‫يقول ابن غلم أحمد‪ ،‬ميرزا بشير‪) :‬صار المسلمون منذ أكثر من‬
‫قرن ينكرون نزول الوحي‪ ،‬واعتقدوا أن بابه مسدود‪ ،‬ولم يعد الله يكلم‬
‫أحدا ً من عباده‪ ...‬ولكن الفتنة نزلت بالمسلمين منذ قرن‪ ،‬وأصيبوا‬
‫بعاهة في اعتقادهم ذاك‪ ،‬إذ أنكروا الوحي بتاتا ً وزعموا انقطاعه‪...‬‬
‫وكان القوم على هذه الحال وإذا بالمسيح الموعود عليه السلم‬
‫ُيفاجئهم بدعواه‪ ،‬ويقول إن الله أوحى إليه وكلمه()‪.(3‬‬
‫نماذج من وحي القادياني المزعوم‪:‬‬
‫النموذج الول‪) :‬إنا أنزلناه قريبا ً من القاديان وبالحق أنزلناه‬
‫وبالحق نزل صدق الله ورسوله وكان أمر الله مفعو ً‬
‫ل()‪.(4‬‬
‫النموذخ الثاني‪) :‬يا أحمد بارك الله فيك‪ ...‬أول نائب عن الله بأمر‬

‫‪1‬‬
‫)( سفينة نوح أو تقوية اليمان لغلم القادياني ص )‪.(96‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(32‬‬
‫‪3‬‬
‫)( دعوة الحمدية وغرضها لبشير محمد أحمد القادياني ص )‪.(37‬‬
‫‪4‬‬
‫)( براهين أحمدية لغلم أحمد ص )‪،498‬ـ ‪ ،(499‬نقل ً عن كتاب المحكمة الشـرعية الفيدراليــة‬
‫بجمهورية الباكستان السلمية تقرر أن القاديانية فئة كافرة ص )‪.(46‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الله في هذا الزمان‪ ،‬قل جاء الحق وزهق الباطل‪ ،‬قل إن افتريته فعلي‬
‫إجرامي‪ ،‬هو الذي أرسل رسوله بالهدى‪ ،‬يا أحمد فاضت الرحمة على‬
‫شفتيك‪ ،‬إنك بأعيننا‪ ،‬يرفع الله ذكرك‪ ،‬يا أيها المدثر قم فأنذر‪ ،‬وربك‬
‫فكبر‪ ،‬إني رافعك إلي وألقيت عليك محبة مني()‪.(1‬‬
‫النموذج الثالث‪:‬‬
‫عندما وقع الطاعون في الهند عام ‪1952‬م ادعى القادياني أن الله‬
‫نبأه بهذا البلء العظيم‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬ولقد كنت أنبئت بوقوع هذا البلء العظيم قبل اليوم‬
‫بعشرين سنة‪ ،‬وأن هذا النبأ لموجود بحرفه في كتابي )البراهين‬
‫الحمدية( مع ما كنت بشرت به إذ ذاك من البركات الخاصة في‬
‫دعوتي هذه‪ ،‬فليراجع النبأ المذكور هناك في الصحيفة )‪.(2)((518‬‬
‫ولما طلبت منه الحكومة أن يتطعم بمصل الطاعون اعتذر لها بأن‬
‫عدم تطعيمه جاء بأمر سماوي‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬بيد أننا بكل احترام نعتذر إلى الحكومة المحسنة بأنه‬
‫لول أن هنالك عائق سماوي لكنا من بين الرعايا أول الناس تطعيما ً‬
‫بمصل الطاعون‪ ،‬وذلك العائق السماوي أن الله أراد أن ُيري الناس في‬
‫هذا الزمان آية من آيات رحمته‪ ،‬فشافهني بالخطاب وقال لي‪) :‬إنك‬
‫ومن كان في دارك‪ ،‬ومن تفانى فيك بكامل الطاعة والتباع وبخالص‬
‫التقوى كل أولئك ُيحفظون من الطاعون‪ ،‬وأن ذلك يكون آية الله في‬
‫هذه اليام الخيرة كي يميز بها المم بعضها عن بعض‪.‬‬
‫ي الذي هو رب السموات‬ ‫ومن قبل هذا اليوم بزمان أوحى إل ّ‬
‫والرض‪ ،‬والذي أحاط بكل شيء علما ً وسلطانا ً وقال لي‪) :‬إنه لواق كل‬
‫من في حظيرة هذا البيت من ميتة الطاعون بشرط الخلص والطاعة‬
‫والتواضع‪ ،‬ولم يكن إزاء الوامر اللهية وتجاه رسوله متكبرا ً متمردا ً ذا‬
‫نخوة متهاونا ً عنودا ً معجبا ً بنفسه‪ .‬هذا وقد قال لي مخاطبًا‪) :‬إن القرية‬
‫)القاديان( ل يغشاها الطاعون الجارف الطام المبيد‪ ،‬فيموتون منه‬
‫كمثل الكلب ويهيمون على وجوههم من شدة الكرب والحزن‪ ،‬وأن‬

‫‪1‬‬
‫)( براهين أحمدية ص )‪ ،(233‬نقل ً عن المصدر السابق ص )‪.(45‬‬
‫‪2‬‬
‫)( غلم القادياني‪ :‬تقوية اليمان ص )‪.(2‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫جميع أفراد الجماعة الحمدية مهما يكن تعدادهم سيسلمون منه عموما ً‬
‫بالنسبة لعدائهم اللهم إل أولئك الذين لم يراعوا فهم عهدهم حق‬
‫الرعاية‪ ،‬أولئك سبق فيهم أمر مكتوم كان في علم الله()‪.(1‬‬
‫تصدير دعوة القاديانية إلى الخارج‪:‬‬
‫ون القادياني اتباعا ً له في داخل الهند وباكستان نشر‬‫وبعد أن ك ّ‬
‫دعوته إلى الخارج فوجهها أول ً إلى العرب حيث يقول‪) :‬إن ربي قد‬
‫بشرني في العرب وألهمني أن أمونهم وأريهم طريقهم وأصلح لهم‬
‫شؤونهم‪ ،‬وستجدوني في هذا المر إن شاء الله من الفائزين‪ ،‬أيها‬
‫ي لتأييد السلم وتجديده‬ ‫العزة إن الرب تبارك وتعالى قد تجلى عل ّ‬
‫ي بأنواع النعامات‪،‬‬
‫ي وابل البركات‪ ،‬وأنعم عل ّ‬‫بأخص التجليات‪ ،‬ومنح عل ّ‬
‫وبشرني في وقت عبوس للسلم‪ ،‬وعيش بؤس لمة خير النام‪،‬‬
‫بالتفضلت والفتوحات والتأييدات‪ ،‬فصبوت إلى إشراككم يا معشر‬
‫العرب في هذه النعم‪ ،‬وكنت لهذا اليوم من المتشوقين‪ ،‬فهل ترغبون‬
‫أن تلحقوا بي لله رب العالمين()‪.(2‬‬
‫ثم وجه القادياني بعد ذلك دعوته إلى جميع أرجاء العالم السلمي‬
‫بما فيها القليات السلمية)‪.(3‬‬
‫ثم يتدرج القاديانيون في دعوتهم ليصلوا إلى القول بأن غلم أحمد‬
‫هو خاتم النبياء‪ ،‬فيصفون أصحاب القادياني بأنهم صحابة حيث يقول‬
‫أحد أتباعها‪) :‬إن الحمديين بما أنهم يؤمنون بأن بعثة حضرة ميرزا غلم‬
‫أحمد كمسيح موعود‪ ،‬إنما هي البعثة الثانية لحضرة المسيح عليه‬
‫السلم؛ فلذلك يحق لهم طبق التعاليم السلمية ومعتقدات الحمدية‬
‫أن يصفوا رفاق حضرة المؤسس عليه السلم بالصحابة‪ ،‬ول يمكن بتاتا ً‬
‫أن ُيكرهوا على النحراف عن العمل بعقيدتهم هذه()‪.(4‬‬
‫تطاول القادياني على الرسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫وإخوانه النبياء‪:‬‬
‫لم يقف هذا المتنبىء الكذاب عند ادعاء النبوة‪ ،‬فأبت نفسه‬
‫‪1‬‬
‫)( سفينة نوح )تقوية اليمان( لغلم أحمد ص )‪.(2‬‬
‫‪2‬‬
‫)( حب العرب من اليمان لمؤسس الجماعة الحمدية ص )‪.(6‬‬
‫‪3‬‬
‫)( انظر كتاب المسألة القاديانية لبي العلى المودودي ص )‪ .(85‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( النصيحة‪ ،‬المؤلف‪ :‬الجماعة الحمدية ص )‪.(32‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المريضة وأبى أسياده النجليز إل أذية المسلمين بالحط من قدر نبيهم‬


‫صلى الله عليه وسلم فمن ذلك‪:‬‬
‫ادعاء القادياني مشاركة النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫في خصوصية الختم به‪:‬‬
‫يقول المتنبىء الكذاب‪) :‬ليس باستطاعة أحد في الدنيا أن يدرك‬
‫حقيقة ختم النبوة المحمدية غير الذي هو أيضا ً خاتم الولياء مثل سيدنا‬
‫خاتم النبياء( لن إدراك حقيقة أصل الشيء يتوقف على أهله‪،‬‬
‫والختمية مخصوصة بسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو‬
‫بحضرة المسيح الموعود()‪.(1‬‬
‫ادعاء القادياني أنه خاتم النبياء‪:‬‬
‫تستمر موجة الجنون والهستريا بهذا الدجال إلى أن يدعي أنه خاتم‬
‫النبياء‪ ،‬حيث يقول‪) :‬وقد ذكرت مرارا ً أنني أنا ذلك النبي الخاتم بروزا ً‬
‫بموجب الية وآخرين منهم لما يلحقوا بهم()‪.(2‬‬
‫‪ -‬ولم يرض القادياني بمرتبة خاتم النبياء بما فيها من خصائص بل‬
‫زعم الفضل عليه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫يقول القادياني في معرض المقارنة بينه وبين الرسول الكريم‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫له خسف القمر المنير وأن لي غسا القمران المشرقان أتنكر وكل‬
‫كلم معجز آية له كذلك قولي على الكل يبهر)‪ (3‬ويقول هذا الشقي‬
‫أيضًا‪) :‬إن النبي صلى الله عليه وسلم له ثلثة آلف معجزة‪ ،‬ولكن‬
‫معجزاتي زادت على المليون()‪.(4‬‬
‫دعى القادياني الفضل على سيد المرسلين صلى الله عليه‬ ‫ولما ا ّ‬
‫وسلم كان ادعاؤه وادعاء أتباعه له الفضل على بقية النبياء من باب‬

‫‪1‬‬
‫)( تشحيذ الذهان‪ ،‬قاديان عدد )‪ (8‬ج )‪ 2 ،(12‬أغسطس ‪1917‬م‪ .‬نقل ً عن المحكمة الشرعية‬
‫ص )‪.(89‬‬
‫‪2‬‬
‫)( إبك غلطي كازاله ص )‪ (5‬نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(95‬‬
‫‪3‬‬
‫)( در ثمين للغلم القادياني ص )‪ ،(266‬نقل ً عن عقيدة ختم النبوة بــالنبوة المحمديــة للــدكتور‬
‫أحمد سعد حمدان الغامدي ص )‪.(248‬‬
‫‪4‬‬
‫)( تحفــة كــولرة ص )‪ ،(40‬وتــذكرة الشــهادتين ص )‪ (41‬كلهمــا للغلم‪ ،‬نقل ً عــن القاديانيــة‬
‫لحسان ص )‪.(72‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أولى‪.‬‬
‫يقول بشير أحمد بن الغلم‪) :‬إن غلم أحمد أفضل من بعض أولي‬
‫العزم من الرسل()‪.(1‬‬
‫ويقول القادياني‪) :‬إنه أفضل من جميع النبياء والرسل()‪.(2‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬إنه ُأعطي كل ما أعطي لجميع النبياء والمرسلين(‬
‫)‪.(3‬‬
‫تكفير القاديانية للمسلمين‪:‬‬
‫كان من البديهي أن تحدث العداوة والبغضاء بين المسلمين وبين‬
‫القاديانيين لما في دعوة القاديانية من هدم للسلم ومبادئه؛ ولن من‬
‫مقتضيات الدعوة إلى اليمان بالنبوة تكفير كل من ل يؤمن بها‪.‬‬
‫يقول بشير بن الغلم وخليفته‪) :‬إن جميع المسلمين الذين لم‬
‫يشتركوا في مبايعة المسيح الموعود كافرون خارجون عن دائرة‬
‫السلم ولو كانوا لم يسمعوا باسم المسيح الموعود()‪.(4‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬كل رجل ل يؤمن بموسى ول يؤمن بعيسى‪ ،‬أو يؤمن‬
‫بعيسى ول يؤمن بمحمد‪ ،‬أو يؤمن بمحمد ول يؤمن بالمسيح الموعود‪.‬‬
‫فما هو بكافر فحسب‪ ،‬بل هو راسخ في الكفر وخارج عن دائرة‬
‫السلم()‪.(5‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬من الواجب علينا أل نعتقد بإسلم غير الحمديين وأل‬
‫نصلي خلفهم إذ إنهم عندنا كافرون بنبي من أنبياء الله()‪.(6‬‬
‫ويقول خليفة القادياني‪ :‬بشير أحمد‪) :‬وقد أكد المسيح الموعود‬
‫النهي عن صلة الحمديين خلف رجل من غير الحمديين‪ .‬وكثيرا ً ما ترد‬

‫‪1‬‬
‫)( حقيقة النبوة لبشير بن الغلم ص )‪ ،(257‬نقل ً عن القاديانيــة ثــورة علــى النبــوة المحمديــة‬
‫والسلم لبي الحسن الندوي ص )‪.(39‬‬
‫‪2‬‬
‫)( هامش حقيقة الوحي للغلم ص )‪ ،(72‬نقل ً عن القاديانية لحسان ص )‪.(71‬‬
‫‪3‬‬
‫)( در ثمين للغلم ص )‪ ،(288-287‬نقل ً عن المرجع السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( آيينة صداقت ‪-‬مرآة الصدق‪ -‬لبشــير بــن الغلم ص )‪ (35‬نقل ً عــن المســألة القاديانيــة لبــي‬
‫العلى المودودي ص )‪ (56‬الناشر رابطة العالم السلمي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( كلمة الفصل لبشير أحمد القادياني‪ ،‬المنشورة فــي ريفيــوآف ريلجــتر ص )‪ ،(115‬نقل ً عــن‬
‫المرجع السابق ص )‪.(57-56‬‬
‫‪6‬‬
‫)( أنوار خلفتي لبشير بن الغلم ص )‪ ،(89‬نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(60-59‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ي من الخارج رسائل يسألني أصحابها عن هذا المر المرة بعد‬ ‫عل ّ‬


‫ي السؤال عن هذا المر‪،‬‬‫المرة؛ ولذلك فإني أقول لهم‪ :‬مهما أعدتم عل ّ‬
‫فإني لن أجيبكم إل بأنه ل تجوز ل تجوز ل تجوز الصلة خلف رجل من‬
‫غير الحمديين()‪.(1‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬وقد أبدى المسيح الموعود سخطه العظيم على‬
‫أحمدي يريد أن يزوج ابنته لرجل من غير الحمديين‪ .‬وقد سأله الرجل‬
‫عن ذلك مرة بعد مرة‪ ،‬وعرض عليه ضروبا ً من العذار‪ ،‬ولكن لم يجب‬
‫في كل مرة إل بقوله‪ :‬أمسك عليك بنتك ول تزوجها رجل ً من غير‬
‫الحمديين‪ .‬ثم إن هذا الرجل زوج ابنته بعد وفاة المسيح الموعود رجل ً‬
‫من غير الحمديين‪ ،‬فعزله الخليفة الول عن إمامة الحمديين ولم يقبل‬
‫له توبة ست سنين من سني خلفته مع أنه لم يزل يتوب من فعلته‬
‫مرة بعد مرة()‪.(2‬‬
‫وقد صرح غلم أحمد القادياني بمخالفة المسلمين حتى في‬
‫اليمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك حيث يقول‪) :‬من‬
‫الخطأ إننا ل نخالف المسلمين إل في مسألة وفاة المسيح‪ ،‬إننا‬
‫نخالفهم في ذات الله تعالى وفي الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫والقرآن والصلة والحج والزكاة()‪.(3‬‬
‫ويقول ابن الغلم‪) :‬فقد قال المسيح الموعود‪ :‬إن إسلمهم ‪-‬غير‬
‫الحمديين‪ -‬غير إسلمنا‪ ،‬وإلههم غير إلهنا‪ ،‬وحجهم غير حجنا‪ ،‬وهكذا‬
‫نخالفهم في كل شيء()‪(4‬وقد صدق وهو كذوب‪.‬‬
‫القاديانية فئة كافرة‪:‬‬
‫دعون فيها نبوة غلم أحمد‪،‬‬
‫فيما أوردته عن القاديانية من نصوص ي ّ‬
‫وأنهم ل يؤمنون بشيء مما يؤمن به المسلمون كفاية لثبات كفرهم‬
‫بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وخروجهم عن ملة السلم‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫)( أنوار خلفتي‪ :‬بثير بن أحمد ص )‪ ،(89‬نقل ً عن المسألة القاديانيــة لبــي العلــى المــودودي‬
‫ص )‪.(59‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أنوار خلفتي ص )‪ ،(94-93‬نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(65‬‬
‫‪ ()3‬جريدة )الفضل( عددها الصادر في ‪ 35‬يوليو ســنة ‪1931‬م‪ ،‬خطبــة لخليفــة القاديــاني‪ ،‬نقل ً‬
‫عن المرجع السابق ص )‪.(58‬‬
‫‪4‬‬
‫)( جريدة الفضل في عددها الصــادر ‪ 21‬أغســطس ســنة ‪1927‬م‪ ،‬خطبــة لخليفــة القاديــانيين‬
‫بعنوان )نصائح للطلب( نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(57‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫شبها ً قامت‬
‫ولم أتعرض لتلك النصوص بالمناقشة أو الرد؛ لنها ليست ُ‬
‫بقلوب مسلمين قد ُيعذرون بذلك وإنما هي مجموعة من الدعاءات‬
‫التي تسيء للسلم ولرسول السلم صلى الله عليه وسلم جمع فيها‬
‫أصحابها بين الكذب والخلط والخبط والتناقض‪ ،‬وأن أصحابها في حاجة‬
‫إلى دعوتهم للدخول في دين السلم من جديد‪ ،‬هذا وقد شهد على‬
‫كفر القاديانيين‪ ،‬القرَآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬والقادياني نفسه‪،‬‬
‫وعامة المسلمين‪.‬‬
‫ل‪ :‬شهادة القرآن والسنة‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫َ َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫م وَل َك ِ ْ‬
‫ن َر ُ‬ ‫جال ِك ُ ْ‬
‫ن رِ َ‬
‫م ْ‬
‫حد ٍ ِ‬‫مد ٌ أَبا أ َ‬‫ح ّ‬
‫م َ‬‫ن ُ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫قال تعالى‪َ )) :‬‬
‫ما(( ]الحزاب‪.[40:‬‬ ‫يٍء ع َِلي ً‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫ن وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫م الن ّب ِّيي َ‬
‫خات َ َ‬
‫وَ َ‬
‫يقول ابن كثير‪) :‬فهذه الية نص في أنه ل نبي بعده صلى الله عليه‬
‫وسلم()‪.(1‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪} :‬مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا ً فأحسنه‬
‫وأجمله إل موضع لبنة من زاوية‪ ،‬فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له‬
‫ويقولون‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة؟ قال‪ :‬فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين{)‪.(2‬‬
‫فقد نص الله تعالى ونص رسوله صلى الله عليه وسلم على ختم‬
‫النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فمن ادعاها بعد ذلك فهو‬
‫مكذب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم كافر خارج عن ملة‬
‫السلم‪.‬‬
‫ي‬
‫ح َ‬ ‫ل ُأو ِ‬ ‫ن افْت ََرى ع ََلى الل ّهِ ك َذ ًِبا أ َوْ َقا َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ّ‬‫م ِ‬‫ن أظ ْل َ ُ‬
‫قال تعالى‪)) :‬وم َ‬
‫َ َ ْ‬
‫ما َأنَز َ‬ ‫ُ‬
‫ه وَل َوْ ت ََرى إ ِذِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫سأنزِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫م ْ‬ ‫يٌء وَ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ح إ ِل َي ْهِ َ‬‫م ُيو َ‬ ‫ي وَل َ ْ‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫جوا‬
‫خرِ ُ‬‫م أَ ْ‬ ‫ديهِ ْ‬
‫ة باس ُ َ‬
‫طوا أي ْ ِ‬ ‫ملئ ِك َ ُ َ ِ‬ ‫ت َوال ْ َ‬‫مو ْ ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن ِفي غ َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ُ‬
‫ن ع ََلى الل ّهِ غ َي َْر‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ب ال ُْهو ِ‬
‫ن بِ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫جَزوْ َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫م ال ْي َوْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫َأن ُ‬
‫ن(( ]النعام‪.[93:‬‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫ن آَيات ِهِ ت َ ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫حقّ وَ ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ثانيًا‪ :‬شهادة القادياني على نفسه بالكفر‪:‬‬
‫وذلك من خل التي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( تفسير القرآن العظيم )‪.(3/501‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تقدم تخريجه ص )‪.(41‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -1‬تصريحه أن من يدعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم‬


‫فهو كافر‪.‬‬
‫حيث يقول‪) :‬إن من يدعي النبوة بعد محمد هو أخو مسيلمة‬
‫الكذاب وكافر وخبيث()‪.(1‬‬
‫ويقول‪) :‬نحن نلعن من يدعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم()‪.(2‬‬
‫‪ -2‬تطاوله وإهانته لنبياء الله تعالى ورسله‪:‬‬
‫يقول ابن الغلم‪) :‬قال أبي إنه أفضل من آدم ونوح وعيسى؛ لن‬
‫آدم أخرجه الشيطان من الجنة؛ وأنه ُيدخل بني آدم في الجنة‪ ،‬وعيسى‬
‫صلبه اليهود وهو يكسر الصليب‪ ،‬وهو أفضل من نوح؛ لن ابنه الكبير‬
‫حرم من الهداية‪ ،‬وأما ابنه فدخل في الهداية()‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫ويقول القادياني عدو الله ورسله‪) :‬إن أسرة عيسى أسرة عجيبة‪،‬‬
‫ون وجود‬‫كانت جداته الثلثة فاجرات‪ ،‬زانيات‪ ،‬ومن هذا الدم تك ّ‬
‫عيسى‪ ...‬ولعله كان ميلن عيسى إلى المومسات)‪ (4‬لهذه النسبة)‪.(5‬‬
‫ويشهد على نفسه قائ ً‬
‫ل‪) :‬الذي يسب أو يشتم الخيار المقدسين‬
‫فليس إل خبيث ملعون لئيم()‪.(6‬‬
‫ويقول أيضًا‪) :‬والذي يستعمل ألفاظا ً يلزم منها انتقاص أحد‬
‫الزعماء الدينيين كناية أو صراحة نعتبره خبيثا ً كبيرا ً وأشر الناس نفسًا(‬
‫)‪.(7‬‬
‫‪ -3‬موالة القادياني لعداء السلم‪:‬‬
‫فموالة غلم أحمد القادياني لعداء الله النجليز النصارى ل تخفى‬

‫‪1‬‬
‫)( انجام آثم للغلم ص )‪ ،(28‬نقل ً عن القاديانية لحسان ص )‪.(139‬‬
‫‪2‬‬
‫)( إعلن الغلم المندرج في )تبليغ رسالت( ج )‪ ،(6/2‬نقل ً عن المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ ()3‬ملخصا ً من خطاب محمود أحمد بن الغلم المنقول فــي )الفضــل( ‪ 18‬يوليــو ‪1931‬م‪ ،‬نقل ً‬
‫عن المرجع السابق ص )‪.(66‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الزانيات‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ضميمة انجام آتتهم للغلم ص )‪ ،(7‬نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(68-67‬‬
‫‪6‬‬
‫)( البلغ المبين للغلم ص )‪ ،(19‬نقل ً عن المرجع السابق ص )‪.(69‬‬
‫‪7‬‬
‫)( عين المعرفة ص )‪(18‬؛ وبراهين أحمدية ص )‪ (109‬للغلم‪ ،‬نقل ً عن المرجــع الســابق ص )‬
‫‪.(70‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫على أحد‪ ،‬بل يتقرب إليهم بهذه الموالة‪.‬‬


‫دمه إلى الحكومة البريطانية بالهند‬ ‫حيث كتب في التماس ق ّ‬
‫بعنوان‪) :‬التماس متواضع إلى جناب الحكومة العالية( يقول فيه‪) :‬ل‬
‫أزال منذ عشرين عاما ً أنشر بالحماسة القلبية كتبا ً باللغات الفارسية‬
‫والعربية والنكليزية والردية‪ ،‬تكرر فيها مرة بعد مرة أن المسلمين من‬
‫واجبهم أن يكونوا أولياء مخلصين وفيين لهذه الحكومة ويكفوا أيديهم‬
‫عن الجهاد والنتظار للمهدي السفاك للدماء‪ ...‬وإن هم أبوا القلع عن‬
‫هذا الخطأ فمن واجبهم على القل أن ل يكونوا كافرين لنعمة هذه‬
‫الحكومة المحسنة وإل يكونوا آثمين عند الله بعدم الوفاء لها()‪.(1‬‬
‫ثم جاء في هذا اللتماس‪) :‬وها قد آن لي أن أقول لجناب حكومتي‬
‫المحسنة بكل جراءة إن هذه هي خدماتي التي قمت بها خلل‬
‫العشرين سنة الماضية ول يمكن أن تأتي بمثلها أسرة إسلمية من أسر‬
‫الهند البريطانية()‪.(2‬‬
‫ويقول في عريضة قدمها للحاكم البريطاني في الهند‪) :‬إن العمل‬
‫المهم الذي أنا منصرف إليه بلساني وقلمي ومنذ أول عهدي بهذه‬
‫ول قلوب المسلمين إلى‬ ‫الحياة إلى هذا اليوم وأنا ابن الستين هو أن أح ّ‬
‫طريق الحب والولء والخلص والوفاء الخالص الصادق للحكومة‬
‫النكليزية وأزيل عن نفوس بعض سفهائهم الوهام الخاطئة كالجهاد‬
‫وغيره مما يصدهم عن صفاء القلوب ويصرفهم عن الصلة القائمة‬
‫على الخلص‪ ...‬إلى قوله‪ :‬أليست تلك المور من المور الثابتة‬
‫الواضحة؟ وإني لقول بكل قوة وأعلن للحكومة بكل تأكيد إن فرقتنا‬
‫الجديدة هي في الدرجة الولى في الولء للحكومة‪ ،‬وهي أكثر الفرق‬
‫السلمية إخلصا ً وحبا ً ووفاء واستعدادا ً للتضحية في سبيلها وليس في‬
‫مبادئها ما يعد خطرا ً عليها بأي وجه من الوجوه)‪.(3‬‬
‫لقد صدق عدو الله في ولئه للنصارى حتى صار منهم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫م أ َوْل َِياُء‬
‫ضه ُ ْ‬
‫َ‬
‫ذوا ال ْي َُهود َ َوالن ّ َ‬
‫صاَرى أوْل َِياَء ب َعْ ُ‬ ‫خ ُ‬
‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬
‫نآ َ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬
‫))َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫‪1‬‬
‫)( ترياق القلوب للغلم ص )‪ ،(307‬الملحــق رقــم ‪ 3‬مطبعــة ضــياء الســلم بقاديــان فــي ‪28‬‬
‫أكتوبر سنة ‪1902‬م‪ ،‬نقل ً عن المسألة القاديانية لبي العلى المودودي ص )‪.(79-78‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تبليغ الرسالة )‪ ،(17-7/15‬ط‪ .‬ســنة ‪1922‬م‪ ،‬قاديــان‪ ،‬نقل ً عــن المرجــع الســابق ص )‪-81‬‬
‫‪.(82‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ن((‬
‫مي َ‬ ‫م ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫دي ال ْ َ‬
‫قو ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫م إِ ّ‬
‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫م ْ‬
‫ض وَ َ‬
‫ب َعْ ٍ‬
‫]المائدة‪.[51:‬‬
‫‪ -4‬تكفيره للمسلمين‪:‬‬
‫وقد تقدمت النصوص في ذلك قريبا ً)‪.(1‬‬
‫‪ -5‬تكفير عامة المسلمين للقادياني وفرقته‪:‬‬
‫لما أصاب المسلمين الذى من دعوة هذا المتنبىء الكذاب رفع‬
‫مسلمو الباكستان إلى حكومتهم مطالبتهم بإعلن أن فرقة الحمدية‬
‫من غير المسلمين ووضعهم بجانب الهندوس والمسيحيين وغيرهم من‬
‫الطوائف الكافرة‪.‬‬
‫قرار المحكمة الشرعية الفيدرالية بجمهورية الباكستان السلمية‪:‬‬
‫)بما أن ممثلي المسلمين في البرلمان والجمعية الوطنية قرروا تعديل‬
‫الدستور الثاني لعام ‪1974‬م بعدما استمعوا لموقف القاديانية‪ ،‬بإضافة‬
‫تعريف إلى المادة رقم ‪ 260‬من دستور عام ‪1973‬م باعتبار‬
‫القاديانيين من الفرقتين المعروفتين)‪ (2‬غير مسلمين‪ ،‬ووضعهم جنبا ً إلى‬
‫جنب مع القليات الخرى من المسيحيين والبارسيين والهندوس‬
‫وغيرهم بإدخال تعديل على المادة رقم ‪ ،156‬ونتيجة لهذا العلن الذي‬
‫أجيز على أثر المطالبة الجماعية للمسلمين لم يكن للقاديانيين أن‬
‫ُيسموا أنفسهم مسلمين أو أن ينشروا ديانتهم باسم السلم الحق()‪.(3‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تقديم الجفاة أولياءهم على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في الخصائص‪:‬‬
‫وفيه ثلثة مباحث‪:‬‬
‫الول‪ :‬مشاركة أولياء الجفاة للنبياء عليهم السلم في‬
‫خصائصهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬خصائص لولياء الجفاة فاقت خصائص النبي صلى الله‬

‫‪1‬‬
‫)( انظر ص )‪.(263‬‬
‫‪2‬‬
‫)( انقسمت القاديانية بعد وفاة الغلم إلى فرقتين‪ ،‬فرقــة قاديــان بزعامــة محمــود بــن الغلم‪،‬‬
‫والفرقــة اللهوريــة بزعامــة محمــد علــي اللهــوري والخيــرة هــذه تخــالف الول فــي بعــض‬
‫المعتقدات‪ ،‬انظر‪ :‬طائفة القاديانية لمحمد الخضر حسين ص )‪.(126‬‬
‫‪3‬‬
‫)( كتاب المحكمة الشرعية الفيدرالية ص )‪.(187‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عليه وسلم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬خصائص لولياء الجفاة فارقت هدي النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫المبحسسث الول‪ :‬مشسساركة أوليسساء الجفسساة للنبيسساء عليهسسم‬
‫السلم في خصائصهم‪:‬‬
‫بعد أن استجاز الغلة وأتباعهم إعطاء خصائص الربوبية للنبياء‬
‫عليهم السلم‪ ،‬رغبوا في مشاركة النبياء عليهم السلم فيما اختصوا به‬
‫كخطوة أولى من خطوات تقديم أوليائهم على النبي صلى الله عليه‬
‫من هو بريء مما يفتريه هؤلء الغلة‪.‬‬ ‫من المغالى فيهم َ‬ ‫وسلم‪ ،‬مع أن ِ‬
‫وفي ذلك جفاء عظيم للنبياء بعامة ولخاتمهم صلى الله عليه وسلم‬
‫ظمين ما‬ ‫ظمين من المحبة والطاعة للمع َ‬ ‫مع ِ‬
‫بخاصة؛ لنه يقوم بقلوب ال ُ‬
‫ل يكون لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم‪) :‬والذين يغلون في هؤلء هو إن قصدوا‬
‫تعظيمهم بذلك ففيه غض ونقص بمن هو خير منهم‪ ،‬وهم النبياء‬
‫والرسل‪ ،‬كما أن الذي يغلو في النبياء والرسل يكون غلوه عيبا ً وغضا ً‬
‫باللوهية‪ ،‬كما قال تعالى‪)) :‬ول يأ ْمرك ُ َ‬
‫ن‬
‫ة َوالن ّب ِّيي َ‬ ‫ذوا ال ْ َ‬
‫ملئ ِك َ َ‬ ‫خ ُ‬
‫ن ت َت ّ ِ‬
‫مأ ْ‬ ‫َ َ ُ َ ْ‬
‫َ‬ ‫م ِبال ْك ُ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن(( ]آل عمران‪.(1)[80:‬‬ ‫مو َ‬‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫فرِ ب َعْد َ إ ِذ ْ أن ْت ُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫مُرك ُ ْ‬
‫أْرَباًبا أي َأ ُ‬
‫صور من زعم الجفاة مشاركة النبياء عليهم السلم في‬
‫خصائصهم‪:‬‬
‫دعوى الوحي إلى أوليائهم بغفران ذنوبهم وهم أحياء‪:‬‬
‫قال المناوي‪ :‬قال ذو النون المصري‪) :‬رأيت شابا ً عند الكعبة يكثر‬
‫الركوع والسجود‪ ،‬فقلت له فيه‪ ،‬فقال‪ :‬أنتظر الذن من ربي‬
‫بالنصراف‪ ،‬فسقطت عليه رقعة فيها‪ :‬من العزيز الغفور إلى عبدي‬
‫الصادق انصرف مغفورا ً لك()‪.(2‬‬
‫وقال النبهاني في ترجمة أحمد الفاروقي السهرندي)‪ :(3‬قال‪) :‬كنت‬

‫‪1‬‬
‫)( بغية المرتاد في الرد على الفلســفة والقرامطــة والباطنيــة أهــل اللحــاد لبــن تيميــة ص )‬
‫‪.(502‬‬
‫‪2‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء للنبهاني )‪.(1/625‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أحد أركان الطريقة النقشبندية‪ ،‬مات سنة ‪1034‬هـ‪ .‬انظر المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يوما ً في حلقة الذكر مع أصحابي فخطر لي أني في قصور ونقص‪،‬‬


‫فألقى إلي في الحال‪ :‬أني قد غفرت لك()‪.(1‬‬
‫فقد شارك هؤلء الجفاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه‬
‫الخصيصة‪ ،‬بل زادوا عليه طريقا ً آخرا ً من طرق الوحي وهو نزول الرقع‬
‫من السماء من الله تعالى‪ .‬وكذب هؤلء أبين من أن يرد عليه‪ ،‬وإنما‬
‫يكفي عرضه لولي اللباب‪.‬‬
‫زعمهم نزول موائد من السماء على أولياء الجفاة‪:‬‬
‫يقول النبهاني في ترجمة محمد البكري بن أبي الحسن البكري)‪:(2‬‬
‫ومن كراماته رضي الله عنه ما ذكره الشيخ محمد بن أبي القاسم‬
‫المالكي حيث قال‪) :‬سألت الستاذ رضي الله عنه أن يعلمني السم‬
‫العظم‪ ،‬فوعدني فطال علي الوعد‪ ،‬فقلت في نفسي‪ :‬طال وعد‬
‫ي وإلى متى؟ فما شعرت إل والستاذ رضي الله عنه خلفي‪،‬‬ ‫الستاذ عل ّ‬
‫فدفعني فوجدت نفسي خلف جبل قاف‪ ،‬ووجدت عندي ثلثة أنفار‬
‫ي السلم‪ ،‬فقلت لهم‪ :‬ماذا‬ ‫يعبدون الله‪ ،‬فابتدأتهم بالسلم فردوا عل ّ‬
‫تفعلون في هذا المكان؟ فقالوا‪ :‬نحن عبيد الله نوحده ونعبده ول‬
‫نشرك بعبادته أحدًا‪ ،‬ونحن إلى الن منذ خلقنا إلى يومنا هذا على هذا‬
‫المنوال في هذا الجبل‪ ،‬وكل واحد منا عليه يوم‪ ،‬فيدعو الله تعالى‬
‫فتنزل علينا مائدة من السماء فنأكل مما رزقنا الله تعالى حلل ً طيبًا‪،‬‬
‫فقلت لهم‪ :‬هل من سبيل أن أمكث معكم ثلثة أيام؟ فأجابوه‪ ،‬وصاروا‬
‫على عادتهم يدعون الله تعالى فتنزل عليهم المائدة‪ ،‬فلما كان اليوم‬
‫الرابع قالوا له‪ :‬هذا يومك إن كنت تريد القامة عندنا وإل فل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فبسطت يدي بنية صادقة وقلت‪ :‬اللهم إني أدعوك بما يدعوك به هؤلء‬
‫العباد أن تنزل علينا المائدة المعهودة‪ ،‬قال فما استتم الكلم إل‬
‫والمائدة نزلت‪ ،‬فتعجبوا من ذلك‪ ،‬ثم إنهم أكلوا فلما فرغوا‪ ،‬قالوا له‪:‬‬
‫سألناك بالله تعالى بماذا دعوت حتى أكرمك الله بهذه الكرامة؟ فقلت‬
‫لهم‪ :‬إن أخبرتموني أخبرتكم‪ ،‬قالوا نحن نقول‪ :‬اللهم أنت ربنا ورب كل‬
‫شيء نسألك ببركات سيدي محمد البكري إل أنزلت علينا مائدة من‬
‫السماء‪ ،‬فتنزل علينا المائدة من السماء ببركة اسمه‪ ،‬ونحن على هذا‬

‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/556‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة ‪1013‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/327‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫إلى وقتنا هذا‪ ،‬قال‪ :‬وأنا قلت‪ :‬اللهم إني أدعوك بما يدعوك به هؤلء‬
‫العباد‪ ،‬فاستجاب الله دعائي‪ ،‬فما أتممت كلمي معهم إل ويد قد‬
‫ي من خلف ظهري‪ ،‬فوجدتها يد سيدي محمد البكري رضي‬ ‫خرجت إل ّ‬
‫الله عنه فجذبني فوجدت نفسي جالسا ً في مجلسه‪ ،‬فتبت إلى الله‬
‫تعالى مما صدر مني()‪.(1‬‬
‫وقد شاركوا في هذه الخصيصة عيسى عليه السلم‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫ن‬
‫كو ُ‬ ‫ماِء ت َ ُ‬
‫س َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬
‫مائ ِد َة ً ِ‬ ‫م َرب َّنا َأنزِ ْ‬
‫ل ع َل َي َْنا َ‬ ‫م الل ّهُ ّ‬ ‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫))َقا َ‬
‫َ‬ ‫دا ِل َوّل َِنا َوآ ِ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫خيُر الّرازِِقي َ‬ ‫ت َ‬ ‫ك َواْرُزقَْنا وَأن ْ َ‬ ‫من ْ َ‬
‫ة ِ‬ ‫خرَِنا َوآي َ ً‬ ‫عي ً‬ ‫ل ََنا ِ‬
‫ذابا ل أ ُع َذ ّب َ‬ ‫ُ‬
‫دا‬
‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ه عَ َ ً‬ ‫م فَإ ِّني أع َذ ّب ُ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫فْر ب َعْد ُ ِ‬ ‫ن ي َك ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م فَ َ‬‫من َّزل َُها ع َل َي ْك ُ ْ‬‫إ ِّني ُ‬
‫ن(( ]المائدة‪.[115:‬‬ ‫مي َ‬‫ن ال َْعال َ ِ‬ ‫م َ‬‫ِ‬
‫زعمهم أن أولياءهم يعلمون منطق الطير وسائر لغات الوحوش‬
‫يقول الشعراني في ترجمة إبراهيم الدسوقي)‪) :(2‬كان رضي الله عنه‬
‫يتكلم بالعجمي والسرياني والعبراني والزنجي وسائر لغات الطيور‬
‫والوحوش()‪ .(3‬ويقول محمد باقر المجلسي في بيان معجزات موسى‬
‫الكاظم)‪) :(4‬إن المام يعلم منطق الطير ومنطق كل ذي روح خلقه‬
‫الله وما يخفى على المام شيء()‪.(5‬‬
‫وقد شاركم نبي الله سليمان عليه السلم في هذه الخصيصة‪ ،‬قال‬
‫َ‬
‫منط ِقَ الط ّي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫س ع ُل ّ ْ‬
‫مَنا َ‬ ‫ل َيا أي َّها الّنا ُ‬ ‫داوُد َ وََقا َ‬ ‫ن َ‬‫ما ُ‬ ‫سل َي ْ َ‬‫ث ُ‬‫تعالى‪)) :‬وَوَرِ َ‬
‫ُ‬
‫ن(( ]النمل‪.[16:‬‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫مِبي ُ‬ ‫ض ُ‬‫ف ْ‬ ‫ذا ل َهُوَ ال ْ َ‬
‫ن هَ َ‬‫يٍء إ ِ ّ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬‫ن كُ ّ‬‫م ْ‬
‫وَأوِتيَنا ِ‬
‫دعواهم أن أولياءهم يحيون الموتى يقول المناوي)‪ (6‬في ترجمة‬
‫مفرج المجذوب الصاحي)‪) :(7‬أحضروا له فراخا ً مشوية‪ ،‬فقال له طيري‬
‫فطارت()‪.(8‬‬
‫‪1‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪ ،(319-1/318‬وانظر أيضًا‪ :‬نفس المصدر )‪.(1/388‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ترجم له الشعراني في خمسة عشر صفحة‪ ،‬مات سنة ‪676‬هـ‪ ،‬ط‪ .‬ك )‪.(1/157‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/145‬‬
‫‪4‬‬
‫)( موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طــالب كــان كــثير العبــادة‬
‫والمروءة ت‪ .‬سنة ‪183‬هـ‪ .‬البداية والنهاية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( بحار النوار )‪ ،(48/71‬وانظر طبقات ابن ضيف الله ص )‪.(325‬‬
‫‪6‬‬
‫)( محمد عبد الرؤوف المناوي صوفي من المصنفين في الحــديث وغيــره ت‪ .‬ســنة ‪1031‬هـــ‪.‬‬
‫العلم للزركلي )‪.(6/204‬‬
‫‪7‬‬
‫)( لم يذكر له المناوي تاريخ وفاة )‪.(2/106‬‬
‫‪8‬‬
‫)( الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية لعبد الرؤوف المناوي ‪.(2/106‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ويقول النبهاني في ترجمة أحمد الرفاعي‪) :‬تكلم الشيخ إبراهيم‬


‫الفاروثي فجعل يذكر فضائل المشايخ ويقول الشيخ فلن‪ ،‬وإذا ذكر‬
‫سيد أحمد ‪-‬الرفاعي‪ -‬يقول شيخنا سيدي أحمد‪ ،‬فاعترضه بعض الفقراء‬
‫فقال له‪ :‬كيف تقول للشيخ منصور الشيخ فلن‪ ،‬وتقول شيخنا سيدي‬
‫أحمد وكلهم صالحون؟ فقال‪ :‬وكيف ل أقول ذلك لرجل أحيا الله على‬
‫يديه ميتًا‪ ،‬فقال‪ :‬كيف؟ قال‪ :‬حدثني والدي الشيخ عمر أنه جاء مع‬
‫جماعة إلى الفاروث فلما حضروا وغنى الحادي عصرية الجمعة‪ ،‬وصلوا‬
‫المغرب‪ ،‬وأكلوا الطعام‪ ،‬وصلوا العشاء‪ ،‬ودخلوا الرباط الذي ينام فيه‬
‫الفقراء والقراء‪ ،‬وقد نام القراء‪ ،‬وفي الرباط طفل لبعض مشايخ‬
‫القوم نائم تحت الكساء‪ ،‬فلما استقروا‪ ،‬وغنوا كعادتهم بالسحر‪ ،‬ثم‬
‫رقصوا‪ ،‬وداسوا الطفل‪ ،‬ورقصوا عليه ليلتهم حتى ترضرض وبقي وجهه‬
‫كالرغيف ل يعرف من ظهره‪ ،‬حتى خرجوا لصلة الفجر‪ ،‬جاء الخادم‬
‫يرفع الفراش‪ ،‬فنفض الكساء فوقع الطفل ميتا ً مرضوضًا‪ ،‬فأتى والدي‬
‫وحكى له‪ ،‬فضاق صدره‪ ،‬وأتى سيدي أحمد ‪-‬الرفاعي‪ -‬وعّرفه وقال‪:‬‬
‫م قدامي لننظره‪ ،‬فأتيا والطفل تحت الكساء‪ ،‬وقد أضحى‬ ‫أي عمر ق ْ‬
‫النهار‪ ،‬فوقف سيدي أحمد وبسط خرقة وصلى ركعتين ثم مد يده ودعا‬
‫بدعوات ثم نادى الطفل‪ :‬يا فلن اقعد صل‪ ،‬قال والدي‪ :‬فوالله ما فرغ‬
‫من ندائه حتى رفع الطفل رأسه من تحت الكساء وقال لبيك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أي ولدي قد علت الشمس قم‪ ،‬ثم مد ّ يده المباركة عليه فقام كأن لم‬
‫يكن به ألم‪.(1)(...‬‬
‫ويقول النبهاني في ترجمة أبي بكر بن هوار البطائحي)‪) :(2‬إن‬
‫امرأة جاءت من البطائح إلى الشيخ أبي بكر بن هوار وقالت‪ :‬إن ابني‬
‫غرق في الشط وليس لي سواه‪ ،‬وأنا أقسم بالله إن الله أقدرك على‬
‫رده‪ ،‬فإن لم تفعل شكوتك غدا ً إلى الله ورسوله أقول‪ :‬أتيته ملهوفة‬
‫وكان قادرا ً على رد لهفتي فلم يفعل‪ ،‬فأطرق ثم قال‪ :‬أرني أين غرق؟‬
‫فأرته‪ ،‬فإذا ابنها قد طفا ميتًا‪ ،‬فسبح وحمله وأعطاه لمه‪ ،‬وقال‪ :‬قد‬
‫وجدته فانصرفت به‪ ،‬وهو يمشي معها()‪.(3‬‬
‫‪1‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(1/491‬‬
‫‪2‬‬
‫)( من قبيلة من الكراد تعرف بالهواريين‪ ،‬لم يــذكر لــه تاريــخ وفــاة‪ ،‬انظــر المرجــع الســابق )‬
‫‪.(426-1/424‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪ ،(1/425‬وانظــر المرجــع نفســه )‪ ،(1/576‬وانظــر ابــن ضــيف اللــه ص )‬
‫‪.(143‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫رئون الكمه‬
‫ويقول البريلوي‪) :‬إن الولياء ُيحيون الموات وُيب ِ‬
‫والبرص ويطوون الرض كلها بقدم واحد()‪.(1‬‬
‫وقال أيوب الرضوي في البريلوي‪) :‬إن المرضى كانوا يستشفون‬
‫بعيسى‪ ،‬ولكن أحمد رضا ُيحيي الموات()‪.(2‬‬
‫فقد شارك أولياء الجفاة عيسى عليه السلم في هذه الخصيصة‬
‫بل وزادوا عليه أن لهم القدرة على إحياء الموات من قبل أنفسهم‬
‫وطي الرض كلها بقدم واحدة‪ ،‬قال الله تعالى في شأن عيسى عليه‬
‫م أ َّني‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِبآي َةٍ ِ‬ ‫جئ ْت ُك ُ ْ‬ ‫ل أّني قَد ْ ِ‬
‫السلم‪)) :‬ورسوًل إَلى بِني إسراِئي َ َ‬
‫ِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ََ ُ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن ط َي ًْرا ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫خ ِفيهِ فَي َ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ك َهَي ْئ َةِ الط ّي ْرِ فَأن ُ‬ ‫ّ‬
‫ن الطي ِ‬ ‫م َ‬‫م ِ‬ ‫خل ُقُ ل َك ُ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬
‫ن وَ َ‬ ‫ما ت َأك ُُلو َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ن الل ّهِ وَأن َب ّئ ُك ُ ْ‬ ‫موَْتى ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ح ِ‬
‫ص وَأ ْ‬‫ه َوالب َْر َ‬ ‫م َ‬‫وَأب ْرِئُ الك ْ َ‬
‫ن(( ]آل‬ ‫مني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫م إِ ْ‬‫ة ل َك ُ ْ‬ ‫ك َلي َ ً‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ن ِفي ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ت َد ّ ِ‬
‫عمران‪.[49:‬‬
‫مساواة علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في الفضل عند الشيعة‪:‬‬
‫يقول الكليني‪) :‬جرى من الفضل لعلي عليه السلم مثل ما جرى‬
‫لمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولمحمد صلى الله عليه وسلم الفضل‬
‫على جميع من خلق الله عز وجل‪ ،‬المتعقب عليه في كل شيء من‬
‫أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله‪ ،‬والراد عليه في صغيرة أو‬
‫كبيرة على حد الشرك بالله‪ ،‬كان أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬باب الله‬
‫الذي ل يؤتى إل منه‪ ،‬وسبيله الذي من سلك بغيره هلك‪ ،‬وكذلك جرى‬
‫لئمة الهدى واحدا ً بعد واحد‪ ،‬جعلهم الله أركان الرض أن تميد بأهلها‪،‬‬
‫وحجته البالغة على من فوق الرض ومن تحت الثرى‪ ،‬وكان أمير‬
‫المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ً ما يقول‪ :‬لقد أقرت لي جميع النبياء‬
‫والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولقد‬
‫ملت مثل حمولته‪ ،‬وهي حمولة الرب‪ ،‬وأن رسول الله صلى الله عليه‬ ‫ح ّ‬
‫ُ‬
‫وسلم ُيدعى فُيكسى‪ ،‬وُأدعى فأكسى‪ ،‬ويستنطق‪ ،‬واستنطق على حد‬

‫‪1‬‬
‫)( الحكايات الرضوية ص )‪ ،(44‬لخليل البركــاتي‪ ،‬ط‪ .‬كراتشــي‪ -‬باكســتان‪ ،‬نقل ً عــن البريلويــة‬
‫عقائد وتاريخ لحسان إلهي ظهير ص )‪.(74‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مداح أعلى حضرت ليوب الرضــوي‪ ،‬ص )‪ ،(9‬ط‪ .‬الهنــد‪ .‬نقل ً عــن البريلويــة لحســان ص )‬
‫‪.(75‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫منطقه()‪.(1‬‬
‫ملت‪ :‬يعني كلفني ربي مثل ما كلف محمدا ً من‬‫ح ّ‬
‫يقول الشارح‪ُ ) :‬‬
‫أعباء التبليغ والهداية()‪.(2‬‬
‫ويقول الخميني‪) :‬قال أستاذنا في المعارف اللهية شاه أبادي أدام‬
‫الله ظله‪ :‬لو كان علي عليه السلم ظهر قبل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم لظهر الشريعة كما أظهرها النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ولكان نبيا ً مرس ً‬
‫ل‪ ،‬وذلك لتحادهما في الروحانية‪ ،‬والمقامات المعنوية‬
‫والظاهرية()‪.(3‬‬
‫هذه هي الخطوة الولى في تفضيل الجفاة لوليائهم على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وفي الخطوة التي تليها جعلوا لهم من الخصائص‬
‫ما فاقوا به خصائصه صلى الله عليه وسلم وفارقوا به شريعته‪.‬‬
‫والمبحث التالي يبين لنا ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثاني خصائص لوليسساء الجفسساة فسساقت خصسسائص‬
‫سيد النبياء صلى الله عليه وسلم)‪:(4‬‬
‫هذا المبحث لم يعقد للثارة وإنما هي الحقيقة التي تخفى على‬
‫كثير من أتباع أولياء الجفاة ومريديهم‪ ،‬والتي كتموها عن صغارهم أو‬
‫الجدد منهم‪ ،‬فل ُيصرحون لهم بها حتى يأمنوا جانبهم بأخذ المواثيق‬
‫والعهود ونحوه‪.‬‬
‫فمن ذلك‪:‬‬
‫ضل القرآن الكريم آلف المرات عند‬ ‫ف ُ‬‫صلة )الفاتح( لما أغلق ت ْ‬
‫التجانية‪ .‬يقول أحمد التجاني‪) :‬لما أمرني صلى الله عليه وسلم‬
‫بالرجوع إليها ‪-‬أي إلى صلة الفاتح لما أغلق‪ -‬سألته صلى الله عليه‬
‫ل‪ :‬بأن المرة الواحدة منها تعدل من‬ ‫وسلم عن فضلها؟ فأخبرني أو ً‬
‫القرآن ست مرات‪ ،‬ثم أخبرني ثانيًا‪ :‬أن المرة الواحدة منها تعدل من‬
‫‪1‬‬
‫)( الصول من الكافي للكليني )‪.(197-1/196‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مصباح الهداية إلى الخلفة والولية لية الله الخميني‪ ،‬ص )‪.(153‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المقصود بخصائصهم هنا ما جعلوه لوليائهم من المناقب والكرامــات وإن كــان بعضــها مــن‬
‫خصائص الربوبية أو ل تليق بمقام العبودية‪ .‬وقد تركت التعليق على أكثرها؛ لوضوح الكذب فيها‬
‫الذي ُيعرف بأوائل العقول؛ ولكيل أقطع على القارىء ما يقرؤه من المضحكات المبكيــات فــي‬
‫خصائص أولياء الجفاة‪..‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ح وقع في الكون‪ ،‬ومن كل ذكر‪ ،‬ومن كل دعاء كبير أو صغير‪،‬‬‫كل تسبي ِ‬


‫ومن القرآن ستة الف مرة()‪.(1‬‬
‫يصلون في مكة المكرمة وهم في بلدانهم‪!!!.‬‬
‫قال النبهاني في ترجمة محمد بن عمر العباسي)‪) :(2‬إن بعض‬
‫المجاورين بمكة من أهل دمشق رآه يصلي الوقات الخمسة بالمسجد‬
‫الحرام بالمقام الحنبلي وهو بالشام()‪.(3‬‬
‫ويقول في ترجمة محمد الشربيني)‪) :(4‬كان ربما أنكر عليه بعض‬
‫الفقهاء ترك الجمعة‪ ،‬فوجدوه ُيصلي الجمعة بمكة المشرفة()‪.(5‬‬
‫ونقل النبهاني عن بعضهم قوله‪) :‬إياكم أن تنكروا على أحد من‬
‫الولياء كونه لم يصل معكم في جماعة‪ ،‬فإن لله تعالى رجال ً يصلون‬
‫كل صلة من الخمس في مكان غير بلدهم‪ ،‬فبعضهم ل يصلي الجمعة‬
‫دائما ً إل بمكة أو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وبعضهم ل‬
‫يصلي الظهر كل يوم إل في الجامع البيض برملة ُلد‪ ،‬ومنهم من ل‬
‫يصلي العصر كل يوم إل ببيت المقدس‪ ...‬وكان سيدي إبراهيم‬
‫المتبولي وجماعة يصلون الظهر كل يوم بالجامع البيض برملة ُلد()‪.(6‬‬
‫دعواهم أن الكعبة تطوف بهم وتعانقهم‪:‬‬
‫قال النبهاني في ترجمة أبي بكر العردوك الفراتي)‪) :(7‬ومما روينا‬
‫أن الشيخ أبا بكر العردوك تحدث معه شخص من أصحابه في أحوال‬
‫الرجال وما أعطاهم الله تعالى إلى أن وصل إلى أن من الرجال من‬
‫يطوف بالكعبة شرفها الله تعالى وهو جالس في مكانه‪ ،‬ومنهم من‬
‫تطوف به الكعبة تشريفا ً وتكريمًا‪ ،‬قال ‪ -‬الراوي‪ -‬فصار في باطني من‬
‫ذلك شيء‪ ...‬فعلصت أن الشيخ أبا بكر القائل ممن له ذلك الحال‪،‬‬
‫ي بالمبيت عنده‪ ،‬فلما كان نصف الليل سمعت قائل ً يقول‪ :‬قم‬ ‫فأشار إل ّ‬

‫‪1‬‬
‫)( جواهر المعاني لعلي حرازم الفاسي )‪.(1/136‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة ‪1076‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/336‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/336‬‬
‫‪4‬‬
‫)( مات سنة ‪ 927‬هـ‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(1/296‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/297‬‬
‫‪6‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(1/458‬‬
‫‪7‬‬
‫)( مات سنة ‪673‬هـ‪ ،‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/428‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫انظر إلى ما قال الشيخ‪ ،‬فخرجت فوجدت الكعبة بهيئتها وصفتها التي‬
‫أعرفها وهي طائفة حول دار الشيخ‪ ،‬وفي أرجائها رجال يترنمون‬
‫بأصوات طيبة‪ .‬بأشياء من جملتها‪ :‬سبحانه وتعالى قد اصطفى رجال ً‬
‫ي‪ ،‬فسمعت الشيخ يقول‪ :‬ل تنكر بعد ذلك تهلك(‬ ‫دللهم دل ً‬
‫ل‪ ،‬فأغمي عل ّ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ونقل النبهاني عن الشعراني في )الجوبة المرضية( قوله‪:‬‬
‫)أخبرني سيد علي الخواص رحمه الله أن الكعبة طافت بالشيخ‬
‫إبراهيم المتبولي حجرا ً حجرا ً ثم رجع كل حجر إلى مكانه()‪.(2‬‬
‫وذكر في ترجمة محمد معصوم)‪) :(3‬أنه حينما حج البيت الحرام‬
‫وزار النبي صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬لما دخلت الحرم وشرعت في‬
‫الطواف‪ ،‬رأيت جماعة من الرجال والنساء في غاية الحسن يطوفون‬
‫معي باشتياق وتقرب شديد‪ ،‬بحيث يقبلون البيت ويعانقونه في كل‬
‫وقت‪ ،‬أقدامهم على الرض ورؤوسهم بلغت عنان السماء‪ ،‬فظهر لي‬
‫أن الرجال ملئكة والنساء حور‪ ،‬ورأيت الكعبة المعظمة تعانقني‬
‫وتقبلني باشتياق تام‪ ،‬وكشف لي أن تلك البركات والنوار ظهرت مني‬
‫حتى ملت الصحراء‪ ،‬وأحاطت بالشياء‪ ،‬وأن محبتها لي بسبب التحقق‬
‫بحقيقة الكعبة الربانية‪ ،‬ورأيت كثيرا ً من الروحانيين حضورا ً في كل‬
‫وقت كالخدم بين يدي السلطان‪ ،‬فلما فرغت من طواف الزيارة‪ ،‬جاء‬
‫ملك بكتاب قبول الحج من رب العالمين!!! ثم دخلت المدينة المنورة‪،‬‬
‫فلما وقفت تلقاء الوجه الوجه‪ ،‬رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد‬
‫خرج من الحجرة المطهرة وعانقني‪ ...‬الخ()‪.(4‬‬
‫فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو أحرص خلق الله على الجر‬
‫والثواب لم ينقل عنه ول مرة واحدة أنه صلى وقتا ً واحدا ً بالمسجد‬
‫الحرام وهو بالمدينة‪ ،‬وهو أحب الخلق إلى الله تعالى وتحبه الجمادات‪،‬‬
‫وتحن إليه الشجار‪ ،‬ما رؤي ول مرة واحدة أن الكعبة طافت به أو‬
‫عانقته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإنما أضر الجوع بعقول هؤلء‬
‫واستحوذت عليهم الشياطين حتى رأوا مثل تلك الخيالت‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪ ،(1/427‬وانظر )‪ (1/501‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/408‬‬
‫‪3‬‬
‫)( أحد أئمة الطريقة النقشبندية‪ ،‬لم يذكر تاريخ وفاة )‪ 0(1/333‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/334‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫تحملهم الشياطين فيمشون على المسساء ويطيسسرون فسسي‬


‫الهواء‪:‬‬
‫قال النبهاني في ترجمة محمد السروي)‪) :(1‬كان يطير في الهواء‬
‫ويحمل زير الماء‪ ،‬ويمشي على الماء جهارا ً حتى يغيب عن العيون()‪.(2‬‬
‫ي الهمة كثير الطيران من بلد إلى‬ ‫وقال عنه المناوي‪) :‬كان ع َل ِ ّ‬
‫آخر‪ ،‬وكان يغلب عليه الحال ليل ً فيتكلم بألسنة غير عربية من عجم‬
‫وهند ونوبة وغيرها‪ ،‬وربما يقول‪ :‬قاق قاق طول الليل‪ ،‬ويزعق‪،‬‬
‫ويخاطب قوما ً ل يرون‪ ،‬وإذا قال شيئا ً في غلبة الحال نفذ()‪.(3‬‬
‫وقال ابن ضيف الله)‪ (4‬في ترجمة محمد بن الزين)‪) :(5‬إن رجل ً من‬
‫الحضور في مركب)‪ (6‬المالح‪ ،‬هاج عليهم الريح‪ ،‬كادت المركب تغرق‪،‬‬
‫قال‪ :‬يا محمد بن الزين‪ .‬فرآه عيانا ً جاء طايرا ً)‪ (7‬بعكازه فهبط البحر‬
‫وسلمت المركب()‪.(8‬‬
‫وقال النبهاني في ترجمة أحمد بن محمد المستعجل الرفاعي)‪:(9‬‬
‫)إنه تاب على يديه بعض الغنياء وقال‪- :‬أي التائب‪ -‬أعطني جنونًا‪ ،‬ومد‬
‫يديه فحثى له الشيخ حثيات في الهواء وسماها أرطال ً معلومة‪ ،‬فصار‬
‫‪-‬أي الغني‪ -‬مولها ً لوقته وترك دنياه وأهله وخرج إلى نهر ووقف في‬
‫الماء إلى عنقه مدة سنة أو أكثر‪ ،‬فجاء جيرانه وأصحابه يسألون الشيخ‬
‫رده إلى حاله الول وعقله الدنياوي‪ ،‬فرسم الشيخ بطلبه‪ ،‬فلما حضر‬
‫وحكى له قولهم فقال‪ :‬بالله يا سيدي ل تفعل‪ ،‬ولكن زدني كذا وكذا‬
‫أرطال ً من الجنون‪ ،‬فزاده‪ ،‬وذهب إلى مكانه فبقي حتى مات()‪.(10‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المعروف عندهم بابن أبي الحمــائل‪ ،‬مــات ســنة ‪932‬هـــ‪ ،‬جــامع كرامــات الوليــاء) ‪-1/299‬‬
‫‪.(300‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/299‬‬
‫‪3‬‬
‫)( لم أجده في نسخة المناوي المطبوعة‪ ،‬فنقلته عن المرجع السابق )‪.(1/299‬‬
‫‪4‬‬
‫)( محمد النور بــن ضــيف اللــه‪ ،‬مــن صــوفية الســودان ت ‪12240‬هـــ‪ .‬انظــر‪ :‬مقدمــة محقــق‬
‫طبقات ابن ضيف الله ص )‪.(15‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المشهور بالزرق ولم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬طبقات ابن ضيف الله ص )‪.(356‬‬
‫‪6‬‬
‫)( السفينة أو الباخرة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( هكذا تنطق باللهجة العامية السودانية‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(357‬‬
‫‪9‬‬
‫)( مات سنة ‪672‬هـ‪ ،‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/512‬‬
‫‪10‬‬
‫)( المرجع السابق )‪ ،(1/519‬وانظر )‪ (1/337) ،(1/395) ،(1/515‬المرجع السابق؛ ط‪ .‬ابن‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫لقد حفظ لنا كّتاب السيرة النبوية ومؤرخو السلم أخباره صلى‬
‫الله عليه وسلم بكل دقة في حركاته وسكناته صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فأخبرونا أنه كان صلى الله عليه وسلم يمشي على الرض‪ ،‬ويركب‬
‫ناقته القصواء‪ .‬فلم يبلغنا أنه صلى الله عليه وسلم طار في الهواء أو‬
‫مشى في الماء‪ ،‬بل حتى في ليلة السراء كان راكبا ً على الُبراق‬
‫صلوات ربي وسلمه عليه‪ ،‬أما هؤلء المجانين فكانت تتلعب بهم‬
‫الشياطين كما يتلعب الصبية بالكرة‪ ،‬ويظنون أن هذا من هدي‬
‫الصالحين‪ .‬سبحانك هذا بهتان عظيم!!‬
‫دعوى ضسسمان الجنسسة وغفسسران السسذنوب وحصسسول الرحمسسة‬
‫لتباعهم‪:‬‬
‫يقول علي حرازم‪) :‬قال رضي الله عنه ‪-‬يعني أحمد التجاني‪-‬‬
‫أخبرني سيد الوجود يقظة ل منامًا‪ ،‬قال لي‪ :‬أنت من المنين‪ ،‬وكل من‬
‫رآك من المنين إن مات على اليمان‪ ،‬وكل من أحسن إليك بخدمة أو‬
‫غيرها أو كل من أطعمك يدخلون الجنة بل حساب ول عقاب‪ ...‬إلى‬
‫قوله‪ :‬فلما رأيت منه هذه المحبة صلى الله عليه وسلم سألته من‬
‫ي بشيء من مثقال فأكثر ولم‬ ‫أحبني ولم يعادني ولكل من أحسن إل ّ‬
‫يعادني بعدها‪ ،‬وأكد ذلك لمن أطعمني طعامه قال رضي الله عنه‪:‬‬
‫يدخلون الجنة بغير حساب ول عقاب‪ ،‬ثم قال رضي الله عنه‪ :‬وسألته‬
‫صلى الله عليه وسلم لكل من أخذ عني ذكرا ً أن تغفر لهم جميع‬
‫ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر‪ ،‬وأن تؤدي عنهم تبعاتهم من خزائن‬
‫فضل الله ل من حسناتهم‪ ،‬وأن يرفع الله عنهم محاسبتهم على كل‬
‫شيء وأن يكونوا آمنين من عذاب الله من الموت إلى دخول الجنة‪،‬‬
‫وأن يدخلوا الجنة بل حساب ول عقاب في أول الزمرة الولى‪ ،‬وأن‬
‫يكونوا كلهم معي في عليين في جوار النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فقال لي صلى الله عليه وسلم‪ :‬ضمنت لهم هذا كله ضمانة ل تنقطع‬
‫‪)(1).‬حتى تجاورني أنت وهم في عليين‬
‫ويقول أحمد التجاني‪) :‬من رآني فقط غايته يدخل الجنة بل حساب‬
‫ول عقاب ول يعذب‪ ،‬ول مطمع له في عليين إل أن يكون ممن ذكرتهم‬

‫ضيف الله ص )‪.(332‬‬


‫‪1‬‬
‫)( جواهر المعاني )‪ (131-1/129‬باختصار‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وهم أحبابنا ومن أحسن إلينا‪ ،‬ومن أخذ عنا ذكرا ً فإنه يستقر في عليين‬
‫خلف له‪ ،‬إل أني استثنيت من‬ ‫ضمن لنا هذا بوعد صادق ل ُ‬
‫معنا‪ ،‬وقد ُ‬
‫عاداني بعد المحبة والحسان فإنه ل مطمع له في ذلك‪ ...‬فإن كنتم‬
‫متمسكين بمحبتنا فأبشروا بما أخبرتكم به‪ ،‬فإنه واقع لجميع الحباب‬
‫قطعًا()‪.(1‬‬
‫ويقول الشعراني في ترجمة عبد القادر الجيلي‪) :‬وكان رضي الله‬
‫عنه يقول‪ :‬أيما امرىء مسلم عبر على باب مدرستي خفف الله عنه‬
‫العذاب يوم القيامة‪ ،‬وكان رجل يصرخ في قبره ويصيح حتى آذى‬
‫الناس‪ ،‬فأخبروه به‪ ،‬فقال إنه رآني ول بد أن الله تعالى يرحمه لذلك‪،‬‬
‫فمن ذلك الوقت ما سمع له أحد صراخًا()‪ .(2‬قال النبهاني في ترجمة‬
‫غفر لهلها‪،‬‬‫أبي بكر بن محمد بن عمران)‪) :(3‬ما مر الفقيه بقرية إل ُ‬
‫ورأى بعضهم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال له‪ :‬من قّبل‬
‫قدم الفقيه أبي بكر دخل الجنة()‪.(4‬‬
‫توفي النبي صلى الله عليه وسلم وترك الكثير من أصحابه‪ ،‬بل من‬
‫خيرة أصحابه ولم يضمن لحد منهم الجنة‪ ،‬وإنما شهد لبعضهم بها‪،‬‬
‫وعليه فأهل السنة والجماعة ل يشهدون بالجنة لحد إل بنص‪ ،‬ول تقبل‬
‫النصوص التي يفترونها على النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أخذت‬
‫منه يقظة ل منامًا‪.‬‬
‫يقول ابن أبي العز الحنفي‪) :‬للسلف في الشهادة بالجنة ثلثة‬
‫أقوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن ل ي ُ ْ‬
‫شهد لحد إل للنبياء‪ ،‬وهذا ُينقل عن محمد ابن‬
‫الحنفية والوزاعي‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه ُيشهد بالجنة لكل عبد مؤمن جاء فيه النص‪ ،‬وهذا‬
‫قول كثير من العلماء وأهل الحديث‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن ُيشهد بالجنة لهؤلء ولمن شهد له المؤمنون)‪.(5‬‬
‫‪1‬‬
‫)( جواهر المعاني )‪.(1/132‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪ ،(1/109‬وانظر الصول من الكافي للكليني )‪.(224-1/223‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مات سنة ‪776‬هـ‪ .‬انظر جامع كرامات الولياء )‪.(1/434‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( شرح العقيدة الطحاوية لبن أبي العز الحنفي )‪.(2/538‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وأما حصول المن وتخفيف العذاب‪ ،‬ودخول الجنة بل حساب ول‬


‫عقاب لمجرد من رأى مشايخ الجفاة مجرد رؤية‪ ،‬فإن هذا مما فاقوا به‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فكم من رؤوس للكفر والشرك والنفاق‬
‫رأت النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم تنفعهم مجرد تلك الرؤية من‬
‫غير إيمان‪ ،‬وإنما نفعت رؤية أحمد التجاني والجيلني سبحان الله!!!‬
‫فريتهم منازعة ملك الموت وقهسسره ورد أرواح مريسسديهم‬
‫منه بعد قبضها‪:‬‬
‫دام الغوث العظم عبد‬ ‫قال محمد صادق القادري‪) :‬توفي أحمد خ ّ‬
‫القادر الكيلني‪ ،‬وجاءت زوجته إلى الغوث‪ ،‬فتضرعت‪ ،‬والتجأت إليه‪،‬‬
‫وطلبت حياة زوجها‪ ،‬فتوجه الغوث إلى المراقبة‪ ،‬فرأى في عالم‬
‫الباطن أن ملك الموت عليه السلم يصعد إلى السماء ومعه الرواح‬
‫المقبوضة في ذلك اليوم‪ ،‬فقال‪ :‬يا ملك الموت قف‪ .‬واعطني روح‬
‫خادمي فلن‪ ،‬وسماه باسمه‪ ،‬فقال ملك الموت‪ :‬إني أقبض الرواح‬
‫بأمر إلهي‪ ،‬وأؤديها إلى باب عظمته‪ ،‬كيف يمكنني أن أعطيك روح الذي‬
‫قبضته بأمر ربي؟! فكرر الغوث عليه إعطاء روح خادمه إليه فامتنع عن‬
‫إعطائه‪ ،‬وفي يده ظرف مطوي كهيئة الزنبيل فيه الرواح المقبوضة‬
‫في ذلك اليوم‪ ،‬فبقوة المحبوبية جّر الزنبيل‪ ،‬وأخذه من يده‪ ،‬فتفرقت‬
‫الرواح ورجعت إلى أبدانها()‪.(1‬‬
‫وقال ابن ضيف الله في ترجمة خوجلي بن عبد الرحمن‪) :‬ومن‬
‫كراماته أن فاطمة بنت عبيد مرضت مرضا ً شديدا ً أشرفت فيه على‬
‫الموت‪ ،‬وجاءه الفقير النور وقال له‪ :‬يا سيدي الشيخ حسن)‪ (2‬أحيا‬
‫)‪(5‬‬
‫الميت)‪ (3‬دايرك)‪ .(4‬دا الحين تسأل الله أن يحييها‪ ،‬ناذر لك بفرخها‬
‫قسم السيد)‪ ...(6‬فإن آخر الليل خاطبت فاطمة بنت عبيد النور بصوت‬

‫‪1‬‬
‫)( تفريح الخاطر في مناقب الشيخ عبد القادر الكيلنــي لمحمــد صـادق قــادري الريلــي‪ ،‬ص )‬
‫‪.(17‬‬
‫‪2‬‬
‫سونة بن الحاج موسى‪ ،‬انظر ابن ضيف الله ص )‪.(133‬‬ ‫ح ُ‬
‫)( حسن بن ُ‬
‫‪3‬‬
‫)( ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(143‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أي‪ :‬أريد منك‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الفرخ في اللهجة السودانية بمعنى العبد أو الرقيق‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( هذا السم يطلق على العبيد أو الرقيق خاصة في اللهجة السودانية‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫هادي وقالت‪ :‬أنا طيبة‪ ،‬فإني رأيت الشيخ خوجلي واقف عند‬
‫الصندوق)‪ .(1‬فوكزني بعصاه وقال لي‪ :‬قومي‪ ،‬ثم إن النور قام في ليله‬
‫دام المسجد‪،‬‬‫وركب وسار إلى توتي)‪ .(2‬فوجد الفقيه أحمد ابن الشيخ ق ّ‬
‫وقال له‪ :‬البشارة بنت عبيد طيبة‪ ،‬وقال له أحمد‪ :‬الفقيه ساد الخلوة‬
‫عليه إلى الن‪ .‬وقال‪ :‬أنا غلبان كنا أنا وملك الموت نتنازع في روح بنت‬
‫عبيد فتركها لي()‪.(3‬‬
‫ضُعف ولده‬‫وقال الشعراني في ترجمة محمد الشربيني)‪) :(4‬ولما َ‬
‫أحمد وأشرف على الموت‪ ،‬وحضر عزرائيل لقبض روحه‪ ،‬قال له‬
‫شفي‬ ‫الشيخ‪ :‬ارجع إلى ربك وراجعه فإن المر ُنسخ‪ ،‬فرجع عزرائيل و ُ‬
‫أحمد من تلك الضعفة وعاش بعدها ثلثين عامًا()‪.(5‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة مدين بن أحمد الشموني)‪) :(6‬ومن‬
‫أصحابه محمد الشويمي)‪ ،(7‬مرض سيدي مدين رضي الله عنه مرة‬
‫أشرف فيها على الموت‪ ،‬فوهبه ‪-‬الشويمي‪ -‬من عمره عشر سنين‪ ،‬ثم‬
‫مات في غيبة الشويمي رضي الله عنه‪ ،‬فجاء وهو على المغتسل‬
‫فقال‪ :‬كيف مت وعزة ربي لو كنت حاضرك ما خليتك تموت‪ ،‬ثم شرب‬
‫ماء غسله كله()‪.(8‬‬
‫كذبهم أن الشيخ عبد القادر الجيلني خّلص مريسده السذي‬
‫ل يعرف الله تعالى من ملئكة العذاب‪:‬‬
‫قال محمد صادق قادري في مناقب عبد القادر الكيلني‪) :‬ذكروا‬
‫أنه كان رجل ً من مريديه يعتقد في حضرة الغوث العظم اعتقادا ً‬
‫جازمًا‪ ،‬وصار فانيا ً في محبته فلما توفي ودفنوه‪ ،‬جاءه الملكان‬
‫للسؤال‪ ،‬فسأله ما ربك وما نبيك وما دينك؟ فقال لهما‪ :‬ما أعرف شيئا ً‬

‫‪1‬‬
‫)( صندوق في بيت المرأة مما يدل على أن الشيخ كان حاضرا ً عندها وهو فــي نفــس الــوقت‬
‫ببلده‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( جزيرة صغيرة في الخرطوم في وسط النيل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(199‬‬
‫‪4‬‬
‫)( مات سنة ‪937‬هـ‪ ،‬ط‪ .‬ك )‪.(2/123‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مات سنة نيف وخمسين وثمانمائة ط‪ .‬ك‪ .‬للشعراني )‪.(2/95‬‬
‫‪7‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(95-2/94‬‬
‫‪8‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/94‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫إل شيخي عبد القادر‪ ،‬فتحير الملكان‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب أنت أعلم أن عبدك‬
‫فلن يقول كذا‪ ،‬فأمرهما بعذابه‪ .‬فأرادا أن يعذباه فظهر حضرت الغوث‬
‫وقال لهما‪ :‬إنه ل يعرف الله ورسوله ودينه لجهله أمر دينه فإنه يعرفني‬
‫واقتدى بي‪ ،‬وأنا أعرف كل ما سألتماه عنه‪ ،‬فلجلي ل تعذباه‪ .‬فسأل‬
‫الله تعالى وقال‪ :‬يا رب أنت أعلم أن محبوبك ومجذوبك الغوث العظم‬
‫السلطان محيي الدين عبد القادر يقول كذا وكذا‪ ،‬فأمرهما الله بتعذيبه‪،‬‬
‫فأرادا أن يعذباه‪ ،‬فأخذ الغوث مطرقتهما من أيديهما‪ ،‬وقال لهما‪ :‬ل‬
‫تقربا إليه‪ ،‬فإن كثرة العشق في باطني ل تقاس بشيء وإل أحرق‬
‫الجنة والنار‪ ،‬بأن ل تكون راحة في الجنة ول عذاب في النار‪ ،‬فجاءهما‬
‫النداء من الله تعالى عفوت عنه ل تعذباه()‪.(1‬‬
‫سخرت لهم الوحوش‪:‬‬
‫ُ‬
‫قال المناوي في ترجمة أبي مدين)‪) :(2‬كان الوحش يذل له‪ ،‬فإذا‬
‫رآه ارتعد لهيبته‪ ،‬ومر يوما ً بحمار أكل السبع نصفه‪ ،‬وصاحبه ينظر من‬
‫ُبعد‪ .‬فذهب بصاحب الحمار إلى السد وقال‪ :‬أمسك بأذنيه واستعمله‬
‫مكان حمارك حتى يموت‪ ،‬فركبه واستعمله سنين حتى مات()‪.(3‬‬
‫وقال في ترجمة عقيل المنيحي)‪) :(4‬إنه إذا نادى وحوش الفلوات‬
‫جاءت صاغرة حتى تسد الفق()‪.(5‬‬
‫وقال النبهاني في ترجمة محمد الصعيدي)‪) :(6‬له كرامات كثيرة‬
‫سخر له يركبه متى شاء()‪.(7‬‬
‫منها أن السد ُ‬
‫وقال الشعراني في ترجمة إبراهيم عصيفير)‪) :(8‬كان ينام في‬
‫الغيط ويأتي البلد وهو راكب الذئب أو الضبع()‪.(9‬‬

‫‪1‬‬
‫)( تفريح الخاطر ص )‪.(44-43‬‬
‫‪2‬‬
‫)( شعيب المغربي‪ ،‬مات سنة نيف وثمانين وخمسمائة‪ ،‬الكواكب الدرية للمناوي )‪.(2/85‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/84‬‬
‫‪4‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬المرجع السابق )‪.(2/94‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مات أوائل القرن الحادي عشر‪ ،‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/324‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( مات سنة ‪942‬هـ ‪ -‬ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/127‬‬
‫‪9‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/126‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وقال في ترجمة محمد بن أحمد الفرغل)‪) :(1‬خطف التمساح بنت‬


‫مخيمر النقيب‪ ،‬فجاء وهو يبكي إلى الشيخ‪ ،‬فقال له‪ :‬اذهب إلى‬
‫الموضع الذي خطفها منه وناد بأعلى صوتك تمساح تعال كلم الفرغل‪،‬‬
‫فخرج التمساح من البحر وطلع كالمركب والخلق بين يديه جارية يمينا ً‬
‫وشمال ً إلى أن وقف على باب الدار‪ ،‬فأمر الشيخ رضي الله عنه الحداد‬
‫بقلع جميع أسنانه‪ ،‬وأمره بلفظها من بطنه‪ ،‬فلفظ البنت حية مدهوشة‪.‬‬
‫وأخذ على التمساح العهد أن ل يعود يخطف أحدا ً من بلده ما دام‬
‫يعيش‪ ،‬ورجع التمساح ودموعه تسيل حتى نزل البحر()‪ .(2‬وقال‬
‫ذكر عنده بعض‬ ‫النبهاني في ترجمة أبي العباس أحمد أبي الخير)‪ُ ) :(3‬‬
‫الصالحين يركب السد‪ ،‬فقال‪ :‬والله إن الناس لو يحتملون لكنت أربط‬
‫لهم سبعين أسدًا‪ ،‬ولو أحبوا تركتها تمشي بين الناس في الشارع ول‬
‫تضر أحدًا()‪.(4‬‬
‫دعواهم أن أولياءهم يعلمون ما بالقلوب‪:‬‬
‫قال المناوي في ترجمة محمد المجذوب الصاحي‪) :‬كان عجيب‬
‫الكشف الصريح‪ ،‬يقف النسان عنده ول يتكلم فيخبره بما في قلبه‪،‬‬
‫وبما جاء لجله‪ ،‬ويقول له‪ :‬افعل أو ل تفعل! وكان إذا خطر لبعض‬
‫أصحابه شيء في بيوتهم أو عزم على فعل شيء في نفسه يرسل إليه‬
‫يقول له افعل أو ل تفعل()‪.(5‬‬
‫وقالى النبهاني في ترجمة محمد سيف الدين الفاروثي)‪) :(6‬ومن‬
‫كراماته أن رجل ً من الواقفين لديه خطر بباله أن الشيخ متكبر‪ ،‬فالتفت‬
‫إليه‪ ،‬وقد كوشف بخاطره فقال له‪ :‬تكبري من كبرياء الحق تعالى()‪.(7‬‬
‫وقال في ترجمة أحمد بن عبد الرحمن السقاف)‪) :(8‬ومن كراماته‬

‫‪1‬‬
‫)( مات سنة نيف وخمسين وثمانمائة‪ ،‬ط‪ .‬ك )‪.(20/96‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/95‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المعروف بالصياد اليمني‪ ،‬مات سنة ‪559‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(490-1/487‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪ ،(1/489‬وانظر المرجع نفســه )‪،(1/396‬ـ )‪ ،(1/515‬ط‪ .‬ك للشــعراني )‬
‫‪ ،(1/93) ،(1/260‬وطبقات ابن ضيف الله ص )‪.(333‬‬
‫‪5‬‬
‫)( الكواكب الدرية )‪.(2/106‬‬
‫‪6‬‬
‫)( النقشبندي‪ ،‬مات سنة ‪1596‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(341-1/340‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/340‬‬
‫‪8‬‬
‫)( مات سنة ‪ ،829‬المرجع السابق )‪.(532-1/530‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫أنه أرسل إلى الشيخ الجليل موسى بن علي باجرش وقال له‪ :‬هات‬
‫الذي نويت لنا به‪ ،‬فبهت الشيخ موسى وقال‪ :‬هذا شيء نويت به الن‬
‫في قلبي ولم يطلع عليه أحد من الناس()‪.(1‬‬
‫ونقل النبهاني عن الشعراني في كتابه المنن في ترجمة إبراهيم‬
‫العزب)‪) :(2‬كان له بالعراق خمسون ألف مريد‪ ،‬فورد عليه فقير فقال‪:‬‬
‫كيف يقدر هذا على تربية هؤلء ومعرفتهم؟ فلما دخل على الشيخ قال‬
‫ي تعب في تربيتهم لن الله تعالى جعل قلوب‬ ‫له مكاشفًا‪ :‬ليس عل ّ‬
‫الكل بيدي‪ ،‬ثم قام فوقف على باب الرواق وجمع أصابع كفه في الهواء‬
‫وإذا بهم يهرولون من كل مكان حتى امتل الرواق‪ ،‬ثم بسط أصابعه‬
‫فرجع كل واحد منهم من حيث جاء حتى لم يبق في الرواق واحد‪ ،‬فل‬
‫هو كلمهم ول هم كلموه()‪ .(3‬وهذه القدرة لم تكن للنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ُتلبي الشياطين شهواتهم في الحال‪:‬‬
‫قال النبهاني في ترجمة أبي البركات بن صخر بن مسافر)‪ .(4‬حاكيا ً‬
‫قول أحد مريديه‪) :‬كنت يوما ً عنده‪ ،‬فخطر لي لحم مشوي على رغيف‬
‫بر ساخن‪ ،‬واشتد الخاطر‪ ،‬فدخل أسد في فمه رغيف وقصد أبا‬
‫البركات‪ ،‬فقال له‪ :‬ضعه بين يدي الشيخ عمر ‪-‬صاحب الخاطر‪ -‬فإذا به‬
‫ما أردت‪ .‬فلم يلبث حتى نزل من الجو رجل أشعث أغبر‪ ،‬فذهبت عني‬
‫تلك الشهوة‪ ،‬فأكل الجميع وجعل يتحدث مع الشيخ ثم ذهب في الهواء‪،‬‬
‫فقال الشيخ‪ :‬يا عمر الشهوة إنما كانت شهوة الرجل‪ ،‬وإنه من‬
‫المدللين إذا خطر له شيء لم تتم الخطرة حتى ُيقضى‪ ،‬وإنه الن ببلد‬
‫الصين القصى()‪.(5‬‬
‫حكي عنه أنه قال‪ :‬مررت‬ ‫وقال في ترجمة أبي علي الرازي)‪ُ ) :(6‬‬
‫يوما ً على الفرات فعرضت لنفسي شهوة السمك الطري‪ ،‬فإذا الماء‬
‫قد قذف سمكة نحوي‪ ،‬وإذا برجل يعدو ويقول أشويها لك؟ فقلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/531‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(396 ،393 ،372 ،1/347‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(396-1/395‬‬
‫‪4‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬انظر جامع كرامات الولياء )‪.(423-1/421‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/422‬‬
‫‪6‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(1/467‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فشواها لي فقعدت وأكلتها()‪.(1‬‬


‫وقال في ترجمة أبي العباس بن الحجاج بن مروان المغربي)‪:(2‬‬
‫)صاحب الكرامات المدهشة منها‪ :‬كان إذا اشتهى أحد أصحابه طعاما ً‬
‫معينا ً وهو ببلد آخر‪ ،‬أكل عنه ذلك الطعام بعينه‪ ،‬فيجد ذلك الشخص‬
‫طعم ذلك الطعام في جوفه‪ ،‬ويشبع منه وهو في محله()‪.(3‬‬
‫وقال المناوي في ترجمة الحلج‪) :‬من كراماته أنه يخرج فاكهة‬
‫الشتاء في الصيف وعكسه()‪.(4‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة محمد بن أحمد الفرغل‪) :‬ومن كراماته‬
‫)‪(5‬‬
‫أن امرأة اشتهت الجوز الهندي فلم يجدوه في مصر‪ ،‬فقال للنقيب‬
‫مخيمر‪ :‬يا مخيمر ادخل هذه الخلوة واقطع لها خمس جوزات من‬
‫الشجرة التي تجدها داخل الخلوة‪ ،‬فدخل فوجد شجرة جوز قطع لها‬
‫منها خمس جوزات‪ ،‬ثم دخل بعد ذلك فلم يجد الشجرة()‪.(6‬‬
‫در اللسسه‬
‫ُيعطون الجنة في بطسسون المهسسات‪ ،‬وإن لسسم ُيق س ّ‬
‫ذلك )سبحانك هذا بهتان عظيم(‬
‫قال محمد صادق قادري في مناقب عبد القادر الكيلني‪) :‬جاءت‬
‫امرأة ذات يوم إلى حضرة الغوث والتمست من حضرته الدعاء‬
‫ليعطيها الله ولدًا‪ ،‬فراقب اللوح المحفوظ فلم ير لها ولدا ً مكتوبا ً فيه‬
‫فسأل الله أن يعطيها ولدين‪ ،‬فجاءه النداء من الله‪ :‬ليس لها ولد‬
‫مكتوب في اللوح وأنت تطلب لها ولدين؟! فسأل أن يعطيها ثلثة‬
‫أولد‪ ،‬فجاءه النداء مثل الول‪ ،‬فسأل أن يعطيها أربعة أولد فجاءه‬
‫النداء أيضا ً مثله‪ ،‬فسأل أن يعطيها خمسة أولد كالسابق‪ ،‬فسأل أن‬
‫يعطيها ستة أولد‪ ،‬فجاءه النداء كالسابق‪ ،‬فسأل أن يعطيها سبعة أولد‬
‫ذكور فأعطاها الغوث مقدارا ً من التراب‪ ،‬وكانت تلك المرأة حينئذ‬
‫كاملة الصدق والعتقاد في حضرة الغوث‪ ،‬فوضعت ذلك التراب في‬

‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ .‬ص‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات في القرن السادس‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(1/460‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(460-1/459‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الكواكب الدرية للمناوي )‪.(2/27‬‬
‫‪5‬‬
‫)( درجة من درجات المريدين في السلم الصوفي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪ ،(2/95‬وانظر جامع كرامات الولياء )‪.(1/533) ،(1/487‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فضة وعلقتها في عنقها كالتعويذة‪ ،‬فأكرمها الله بسبعة أولد ذكور‪،‬‬


‫وبعد مدة فسد اعتقادها في حق الغوث وقالت‪ :‬التراب الذي أعطانيه‬
‫الغوث أي فائدة تحصل منه؟ فمجرد تفوهها بهذا الكلم مات أولدها‪،‬‬
‫فجاءت إلى الغوث باكية وتضرعت إليه فقالت‪ :‬يا غوث أغثني‪ ،‬فقال‬
‫الغوث‪ :‬كان ذلك الزمان زمانه‪ ،‬ففي هذا الزمان ليست فيه فائدة‪.‬‬
‫وفي رواية قال لها الغوث‪ :‬ارجعي إلى بيتك فبأي نية جئت بها إلينا‬
‫تجديهم‪ ،‬فراحت إلى بيتها فوجدتهم أحياء()‪.(1‬‬
‫وقال ابن ضيف الله في ترجمة عووضة بن عمر)‪ .(2‬بعد أن ساق‬
‫سند روايته‪) :‬كان في ضنقله رجل ً)‪ (3‬غنيا ً وعنده امرأة عاقر قاطعة من‬
‫الحيض‪ ،‬فإذا جاء شهر الحيض تلطخ ثديها بدم جداده)‪ .(4‬فقالت‬
‫لزوجها‪ :‬وديني)‪ (5‬للشيخ عووضة يديني جنى)‪ .(6‬عندها قدحا ً)‪ .(7‬ملته)‪.(8‬‬
‫فطير قمح وحمام ودجاج‬
‫وشّيلته)‪ .(9‬فرختها)‪ .(10‬وقال لها‪ :‬أي الشيخ عووضة‪ :‬تديني فرختك‬
‫وأسورتك وحجولك)‪ ،(11‬فقالت‪ :‬خير‪ ،‬فقال لهما‪ :‬ادخلوا ارقدوا فوق‬
‫عنقريبي)‪ ،(12‬وصار يأكل في فطير القمح والدجاج والحمام‪ .‬فأنكر عليه‬
‫رجل حاضر في المجلس قال‪ :‬الحضري)‪ (13‬أ ّ‬
‫كال الرغيف يتعد ّ على‬
‫أحكام الله‪ .‬فقال لهما الشيخ‪ :‬أديتكم ولد ثم أديتكم ولد ثم أديتكم ولد‬

‫‪1‬‬
‫)( تفريح الخاطر ص )‪.(43-42‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬انظر ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(277-272‬‬
‫‪3‬‬
‫)( هكذا في مصدر الرواية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( أي دجاجة وهي لهجة سودانية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أي اذهب معي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( أي يعطيني ولدًا‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( أي لديها قدح‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫)( أي ملته وهي لهجة سودانية‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫)( أي حملته‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫)( أي خادمتها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫)( نوع من الزينة يوضع على الرجل‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫)( نوع من السرر السودانية يصنع من جذوع الشجار القوية‪ ،‬وفي الوسط ُيشد عليه الحبــال‬
‫بطريقة معينة‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫)( الذي ظهر لي أن الشيخ نسب القــائل إلــى الحضــر وهــم أهــل المــدن بــدليل قــوله أك ّــال‬
‫الرغيف وهو الخبز وهو يؤكل في المدن غالبا ً دون البوادي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ثم أديتكم بنت تمسك البيت قال)‪ :(1‬عووضة إن قال للعود اليابس ألد‬
‫يلد()‪.(2‬‬
‫زعموا أن أولياءهم يقولون للشيء )كن( فيكون‪:‬‬
‫قال الشعراني في ترجمة ممشاد الدينوري)‪) :(3‬تركت قولي‬
‫للشيء )كن( فيكون منذ عشرين سنة أدبا ً مع الله عز وجل()‪.(4‬‬
‫وقال ابن ضيف الله في ترجمة عووضة بن عمر‪) :‬وقد أعطاه الله‬
‫الدرجة الكونية وهي لغة كن فيكون()‪.(5‬‬
‫وقولهم للشيء )كن فيكون( يتمثل في مظاهر متعددة منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬تنقلب لهم العيان‪:‬‬
‫قال النبهاني في ترجمة الشيخ محمد المعروف بأكل الحيات)‪:(6‬‬
‫)يرى‬
‫الخنافس زبيبًا‪ ،‬والحية قثاء‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وكان من أكابر الصالحين‬
‫ممن تنقلب لهم العيان()‪.(7‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة بركات الخياط)‪) :(8‬وكان رضي الله‬
‫دموا له لحم الضاني واشتهى لحم حمام ينقلب في الحال‬ ‫عنه إذا ق ّ‬
‫حمامًا()‪ .(9‬ونقل النبهاني عن الشعراني قوله‪) :‬زرته مرة بعد موته ‪-‬أي‬
‫بركات الخياط‪ -‬فأخرج لي خادمه طعاما ً فيه أعضاء آدمي وذراعه‬
‫ورجله‪ ،‬فنفرت منه‪ ،‬فصار الخادم يقول‪ :‬هذا لحم ضاني‪ ،‬وأنا أرى‬
‫مشط ِرجل الطفل وأصابعه وذراعه‪ ،‬فقلت لخي أفضل الدين ‪-‬القائل‬
‫الشعراني‪ :-‬كان هذا حاله في حياته‪ ،‬تأكل معه مرة حماما ً فيقلبه‬
‫سمكًا‪ ،‬ثم دجاجا ً ونحن ننظر ويذبح خروفا ً ويضعوه في الدست فيصير‬
‫‪1‬‬
‫)( أي قال الشيخ للرجل الذي أنكر عليه في سره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(274-273‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مات سنة ‪297‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك )‪.(1/87‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/88‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(273‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مات سنة ‪832‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/261‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/260‬‬
‫‪8‬‬
‫)( مات سنة ‪ 923‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك )‪.(1/130‬‬
‫‪9‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(130‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫كلبا ً فيأكله وحده()‪.(1‬‬


‫وقال الشعراني في ترجمة أبي بكر الدسوقي)‪) :(2‬أخبرني سيدي‬
‫عثمان الحطاب أنه حج مع سيدي أبي بكر رضي الله عنه في سنة من‬
‫السنين‪ ،‬فكان الشيخ يقترض طول الطريق اللف دينار فما دونها على‬
‫يدي‪ ،‬فإذا طالبني الناس أجيء إليه فأخبره بذلك فيقول‪ :‬عد لك من‬
‫هذا الحصا بقدر الدين‪ ،‬فكنت أعد اللف حصاة‪ ،‬والخمسمائة والمائة‬
‫والربعين والثلثين وأذهب بها إلى الرجل فيجدها دنانير‪ ،‬قال‪ :‬وكان له‬
‫صاحب يضع الحشيش)‪ .(3‬بباق اللوق‪ ،‬وكان الشيخ يرسل إليه أرباب‬
‫الحوائج فيقضيها لهم‪ ،‬قال سيدي عثمان رضي الله عنه‪ :‬فسألته يوما ً‬
‫عن ذلك وقلت المعصية تخالف طريق الولية؟! فقال‪ :‬يا ولدي ليس‬
‫ب الناس في صورة بيع‬ ‫هذا من أهل المعاصي إنما هو جالس ُيتوّ ُ‬
‫الحشيش)‪ ،(4‬فكل من اشترى منه ل يعود يبلعها أبدًا()‪.(5‬‬
‫وقال المناوي في ترجمة أحمد بن الحسين)‪) :(6‬له أشجار يخرج‬
‫من بطونها الدنانير()‪.(7‬‬
‫وقال ابن ضيف الله في ترجمة علي الل َّبدي)‪ ،(8‬قالت له أمه‪ :‬يا‬
‫مجذوب أختك يتزوجها ابن الخطيب أين السمن والعسل؟ قال لها‪:‬‬
‫سقيه)‪ .(9‬وأملوه ماء‪ .‬ثم قال لها‪ :‬جيبي آخر‪ .‬فملته كذلك‪.‬‬ ‫جيبي زيرا ً ُ‬
‫ثم قال لها‪ :‬جيبي ثالثا ً فضحكت عليه هي والنساء وقالت له‪ :‬امل‬
‫داه)‪ .(10‬كلم‬‫الثنين‪ ،‬قال لها‪ :‬جيبي ثالثا ً فضل المولى كثير‪ ،‬فامتنعت عا ّ‬

‫‪1‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(1/607‬‬
‫‪2‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة وانظر ترجمته ط‪ .‬ك )‪.(2/96‬‬
‫‪3‬‬
‫)( نوع من المخدرات‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( هذا من ضحك الصوفية على عقول البسطاء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/96‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المعروف بابن قسي‪ ،‬صاحب كتاب خلع النعلين الذي شرحه ابن عربي‪ ،‬لم يـذكر لـه تاريـخ‬
‫وفاة‪ ،‬انظر الكواكب الدرية )‪.(2/74‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/74‬‬
‫‪8‬‬
‫)( لم يذكر له تاريخ وفاة‪ .‬انظر ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(263-262‬‬
‫‪9‬‬
‫)( قربة كبيرة تصنع من جلد البقر‪ ،‬انظر تعليق المحقق‪ ،‬المرجع السابق ص )‪.(262‬‬
‫‪10‬‬
‫)( أي تحسبه‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫غيبة)‪ .(1‬ثم أدخل عكازه في الزير وساطه)‪ (2‬وقال بسم الله الرحمن‬
‫الرحيم أب ت ث ج ح خ‪ ،‬فانقلب الماء سمنا ً أصفرا ً له دريش والثاني‬
‫عس ً‬
‫ل‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬نجيب لك الثالث؟ قال لها‪ :‬فات()‪.(3‬‬
‫وقال النبهاني في ترجمة إبراهيم بن سعيد الشاغوري)‪) :(4‬أتت‬
‫امرأة وسألته الدعاء وأمّرت يدها على أطماره الرثة‪ ،‬ثم أمّرتها على‬
‫وجهها‪ ،‬وهناك فقيهان روميان فقال أحدهما‪ :‬يا حرمة تنجست يدك بما‬
‫مّرت عليه‪ ،‬فنظر إليه الشيخ مغضبا ً ثم جلس وغاط‪ ،‬ثم نهض‪ ،‬فتقدم‬
‫الفقيه المنكر وجعل يلعق غائطه‪ ،‬ورفيقه متمسك بأثوابه ويضمه‬
‫ويقول‪ :‬ويلك هذا غائط الشيخ؟ إلى أن لعلق الجميع ببعض التراب‪،‬‬
‫فلما نهض جعل يعاتبه‪ ،‬فقال‪ :‬والله ما لعقت إل عس ً‬
‫ل()‪.(5‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة محمد الشربيني‪) :‬وكان رضي الله عنه‬
‫يقول للعصا التي كانت معه كوني إنسانا ً فتكون إنسانا ً ويرسلها تقضي‬
‫دي‬‫الحوائج ثم تعود كما كانت()‪ .(6‬وزاد النبهاني‪) :‬وكان إذا أراد أن ُيع ّ‬
‫دي‪) :‬هات كراء‪ ،‬فيقول الشيخ عندنا الله يا‬ ‫مع ِ‬
‫في البحر يقول له ال ُ‬
‫فقير فيعديه‪ ،‬فأبى عليه يوما ً وقال له‪ :‬زمقتنا بحمارتك‪ ،‬فقال الشيخ‪:‬‬
‫ها الله وطأطأ البريق فأخذ ماء البحر كله فيه‪ ،‬ووقف المركب على‬
‫ب البريق في البحر ورجع الماء‬ ‫ص ّ‬‫الرض‪ ،‬فاستغفر المعدي وتاب‪ ،‬ف َ‬
‫كما كان‪ .‬وكان إذا احتاج لضيفه أو لبيته عسل ً أو لبنا ً أو غير ذلك فيقول‬
‫للنقيب‪ :‬خذ هذا البريق وامله من ماء البحر‪ ،‬فيملؤه فيجده عسل ً أو‬
‫لبنا ً أو غير ذلك على وفق ما يحتاجون إليه‪ .‬وكان بعض خطباء مكة‬
‫المشرفة ينكر على الشيخ‪ ،‬فكان الخطيب ذات يوم يخطب على المنبر‬
‫فأحدث أو تذكر أنه كان قد احتلم ولم يغتسل‪ ،‬وكان الشيخ حاضرًا‪،‬‬
‫م الشيخ مثل الزقاق‪ ،‬فدخله فوجد‬ ‫فمد ّ الشيخ يده إليه‪ ،‬فوجد ك ُ ّ‬

‫‪1‬‬
‫)( أي في حالة غيبوبة وانجذاب‪.‬‬
‫‪ ()2‬أي حّركه يمينا ً وشما ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(263-262‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المعروف بالجيعانة‪ ،‬مات سنة ‪68‬هـ‪ .‬انظر جامع كرامات الولياء )‪.(1/399‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/399‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/123‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫من ك ُ ّ‬
‫م الشيخ‪ ،‬فزال إنكار الخطيب()‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫مطهرة وماء‪ ،‬فتطهر وخرج‬
‫ب‪ -‬يتصرفون في الكون في حياتهم وبعد مماتهم‪:‬‬
‫قال الشعراني في ترجمة شمس الدين محمد الحنفي‪) :‬هو أحد‬
‫من أظهره الله تعالى إلى الوجود وصّرفه في الكون‪ ،‬ومكنه من‬
‫الحوال وأنطقه بالمغيبات وخرق له العوائد وقلب له العيان‪.(3)(...‬‬
‫واص فقال له‪ :‬ما تقول في رجل رحى الوجود‬ ‫)واجتمع مع علي الخ ّ‬
‫بيده يدورها كيف يشاء‪ ،‬فقال له سيدي محمد‪ :‬فما تقول فيمن يضع‬
‫يده عليها فيمنعها أن تدور()‪.(4‬‬
‫وقال في ترجمة أبو بكر الدسوقي‪) :‬كان من أصحاب التصريف‬
‫النافذ‪ ،‬والعيان تنقلب له()‪.(5‬‬
‫وقال النبهاني في ترجمة إبراهيم العزب‪) :‬قال الشيخ العارف أبو‬
‫المجد سعد الله بن سعدون الواسطي رحمه الله قال‪ :‬كنت بمجلس‬
‫الشيخ إبراهيم ابن الشيخ علي الملقب بالعزب وهو يتكلم‪ ،‬فمما قال‪:‬‬
‫أعطاني ربي التصريف في كل من حضرني فل يتحرك إل وأنا متصرف‬
‫فيه‪ ،‬فقلت باطنًا‪ :‬أنا أقوم وأقعد‪ ،‬فالتفت إل ّ‬
‫ي وقال‪ :‬يا سعد الله إن‬
‫قدرت فقم‪ ،‬فلم أستطع‪ ،‬وإذا أنا كالمقيد‪ ،‬فحملوني إلى داري‪ ،‬وبطل‬
‫نصفي‪ ،‬فبقيت شهرا ً كامل ً وعلمت أنه باعتراضي‪ ،‬فعقدت التوبة‬
‫وأمرت أهلي فحملوني إليه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا سيدي إنما كانت خطرة‪ ،‬فنهض‬
‫وأخذ بيدي فمشيت معه وذهب ألمي()‪ .(6‬ومثل هذا يفعله السحرة‬
‫دامهم من مردة الشياطين لذية عباد‬ ‫خ ّ‬
‫والمشعوذون وذلك بإرسال ُ‬
‫الله في حال بعدهم عن الله تعالى‪ ،‬ثم إذا طلب منهم هؤلء المرضى‬
‫الشفاء أمر أولئك السحرة شياطينهم بالخروج من أجساد المرضى في‬
‫مقابل الشرك بالله من المريض وأهل المريض وأكل أموال الناس‬

‫‪1‬‬
‫)( ل أدري هل كان الناس ينتظرون إلى أن عــاد خطيبهــم أم تفرقــوا؟ هــذا مــا لــم تخبرنــا بــه‬
‫القصة الخرافية!!!‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪ ،(1/297‬وانظر المرجع السابق ) ‪،487 ،467 ،437 ،318 ،1/288‬‬
‫‪ ،(533‬وانظر بحار النوار للمجلسي )‪.(50/270) ،(46/284) ،(46/48‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(2/81‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/83‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/96‬‬
‫‪6‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(394-1/393‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫بالباطل‪.‬‬
‫وقال في ترجمة أحمد الرفاعي‪) :‬أتاه الرجل الذي يحفظ الله به‬
‫البحر المحيط()‪.(1‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة سيده إبراهيم المجذوب)‪) :(2‬كان رضي‬
‫الله عنه كل فلوس حصل عليها يعطيها للمطّبلين ويقول‪ :‬طّبلوا لي‬
‫وزمروا لي‪ ،‬وكان كل قميص لبسه يخيطه ويحزقه على رقبته فإن‬
‫ضيقه جدا ً حتى يختنق حصل للناس شدة عظيمة‪ ،‬وإن وسعه حصل‬
‫للناس الفرج()‪.(3‬‬
‫وقال المجلسي‪) :‬في حديث جابر الجعفي أنه لما شكت الشيعة‬
‫إلى زين العابدين عليه السلم مما يلقونه من بني أمية‪ ،‬فدعا الباقر‬
‫عليه السلم وأمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبريل إلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ويحركه تحريكًا‪ ،‬قال‪ :‬فمضى إلى المسجد فصلى‬
‫ركعتين‪ ،‬ثم وضع خده على التراب‪ ،‬وتكلم بكلمات‪ ،‬ثم رفع رأسه‬
‫مه خيطا ً رقيقا ً يفوح منه رائحة المسك‪ ،‬وأعطاني طرفا ً‬ ‫فأخرج من ك ُ ّ‬
‫منه‪ ،‬فمشيت رويدا ً فقال‪ :‬قف يا جابر فحرك الخيط تحريكا ً لينا ً خفيفا ً‬
‫ثم قال‪ :‬اخرج فانظر ما حال الناس‪ .‬قال‪ :‬فخرجت من المسجد فإذا‬
‫صياح وصراخ من كل ناحية‪ ،‬وإذا زلزلة شديدة وهدة ورجفة‪ ،‬وقد‬
‫أخربت عامة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلثين ألف إنسان()‪.(4‬‬
‫وقال النبهاني في ترجمة محمد بن أحمد الفرغل‪) :‬أنا من‬
‫المتصرفين في قبورهم‪ ،‬فمن كانت له حاجة فليأت إلى قبالة وجهي‬
‫ويذكرها لي أقضيها له()‪.(5‬‬
‫قال النبهاني نقل ً عن الشعراني في ترجمة محمد الحنفي)‪) :(6‬قال‬
‫سيدي محمد الحنفي رضي الله عنه في مرض موته‪ :‬من كان له حاجة‬
‫فليأت إلى قبري ويطلب حاجته أقضيها له‪ ،‬فإن ما بيني وبينكم غير‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/495‬‬
‫‪2‬‬
‫)( يعرف بإبراهيم النوبة‪ ،‬لم يذكر له تاريخ وفاة‪ ،‬انظر ط‪ .‬ك )‪.(2/128‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/128‬‬
‫‪4‬‬
‫)( بحار النوار )‪.(46/260‬‬
‫‪5‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(1/274‬‬
‫‪6‬‬
‫ت إلى ترجمة الشعراني له في الطبقات فلم أجد ذلك النقل‪ ،‬ربما نقله من كتاب آخــر‬‫)( رجع ُ‬
‫للشعراني‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ذراع من تراب‪ ،‬وكل رجل يحجبه عن أصحابه ذراع من تراب فليس‬


‫برجل()‪.(1‬‬
‫وقال في ترجمة أحمد الرفاعي‪) :‬وروينا عن الشيخ الفاروقي‬
‫رحمة الله تعالى عليه أنه حضر مرارا ً عند قبره وكّلمه وقال له من‬
‫القبر بصوت جهوري‪ :‬الحاجة ُقضيت()‪.(2‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة سيده أحمد البدوي‪) :‬قلت ‪-‬أي‬
‫الشعراني‪ -‬وسبب حضوري مولده كل سنة أن شيخي محمد الشناوي‬
‫ي العهد في‬‫رضي الله عنه أحد أعيان بيته رحمه الله‪ ،‬قد كان أخذ عل ّ‬
‫القبة تجاه وجه سيدي رضي الله عنه‪ ،‬وسلمني إليه بيده‪ ،‬فخرجت اليد‬
‫الشريفة من القبر يقول‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬لما دخلت بزوجتي فاطمة أم عبد‬
‫الرحمن وهي بكر مكثت خمسة أشهر لم أقرب منها‪ ،‬فجاءني ‪-‬أي‬
‫سيده أحمد‪ ،-‬وأخذني وهي معي وفرش لي فرشا ً فوق ركن القبة التي‬
‫على يسار الداخل وطبخ لي حلوى ودعا الحياء والموات إليه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫أزل بكارتها هنا‪ ،‬فكان المر تلك الليلة‪ .‬وتخلفت عن حضوري للمولد‬
‫سنة ثمان وأربعين وتسعمائة وكان هناك بعض الولياء فأخبرني أن‬
‫سيدي أحمد رضي الله عنه كان ذلك اليوم وكشف الستر عن الضريح‬
‫ويقول أبطأ عبد الوهاب ما جاء()‪.(3‬‬
‫فمثل هذه الفتراءات في مناقب أوليائهم ُتبين لنا سّر تعلق العامة‬
‫والبسطاء بأولياء الجفاة الحياء منهم والموات؛ وهو اعتقاد أنهم‬
‫يتصرفون في الكون ويقضون لهم الحاجات‪.‬‬
‫يتطورون بأشكال مختلفة‪:‬‬
‫قال المناوي في ترجمة الحلج‪) :‬كان من شأن الحلج التطور في‬
‫البيت حتى يمله()‪.(4‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة محمد الحنفي‪) :‬كان يتطور في بعض‬
‫الوقات حتى يمل الخلوة بجميع أركانها ثم يصغر قليل ً قليل ً حتى يعود‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(270‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/491‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ط‪ .‬ك الشعراني )‪ ،(1/161‬وانظر جامع كرامات الولياء ) ‪) ،(1/328) ،(162/1) ،(1/161‬‬
‫‪ ،(1/624) ،(1/609) ،(1/595) ،(1/523) ،(1/477) ،(1/362) ،(1/355‬ط‪ .‬ابن ضيف الله‬
‫ص )‪ ،(258‬الكواكب الدرية )‪.(2/97‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الكواكب الدرية للمناوي )‪.(2/25‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫إلى حالته المعهودة()‪ .(1‬وقال في ترجمة أبي علي)‪) :(2‬كان كثير‬


‫التطورات‪ ،‬تدخل عليه بعض الوقات تجده جنديًا‪ ،‬ثم تدخل فتجده سبعا ً‬
‫ل‪ ،‬ثم تدخل فتجده صبيًا()‪.(3‬‬
‫ثم تدخل فتجده شب ً‬
‫سونة‪) :‬إنه ذهب إلى‬ ‫ح ُ‬
‫وقال ابن ضيف الله في ترجمة حسن ود ُ‬
‫الخلء يتعبد فيه ثم رجع وهو رجل قصير أصلع له قرون()‪ .(4‬وقال‬
‫النبهاني في ترجمة محمد بن عمر الواسطي)‪) :(5‬دخل عليه أحمد‬
‫الّنخال فوجد له سبعة أعين فغشي عليه‪ ،‬فلما أفاق قال له الشيخ‪ :‬إذا‬
‫كمل الرجل صار له سبعة أعين على عدد أقاليم الدنيا()‪ .(6‬نعوذ بالله‬
‫العظيم من الشيطان الرجيم وأوليائه‪.‬‬
‫خصائص انفرد بها بعضهم‪:‬‬
‫قال رجب البرسي في مناقب علي رضي الله عنه‪) :‬من خطبه‬
‫عليه السلم‪ :‬أنا مخرج من في القبور‪ ،‬أنا صاحب يوم النشور‪ ،‬أنا‬
‫صاحب نوح ومنجيه‪ ،‬أنا صاحب أيوب المبتلى وشافيه‪ ،‬أنا الذي ل ُيبدل‬
‫القول لدي‬
‫ي()‪.(7‬‬
‫وحساب الخلق إل ّ‬
‫وقال محمد صادق القادري في مناقب عبد القادر الجيلني‪) :‬إن‬
‫صفة الجللية كانت غالبة عليه في بداية حاله‪ ،‬فمن ذكر اسمه بغير‬
‫وضوء يفارق رأسه جسده فيموت()‪.(8‬‬
‫وقال‪) :‬وشفع عبد القادر في أحد مريديه‪ ،‬فجاءه الخطاب من‬
‫الملك المالك‪ :‬قبلت توبته وعفوت عنه لجلك‪ ،‬وأعطيك عهدا ً أن ل‬
‫أخرج أحدا ً من مريديك من الدنيا بغير توبة وأن ل أقبض أرواحهم إل‬
‫على اليمان()‪.(9‬‬
‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/86‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة نيف وتسعين وثمانمائة‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(2/85‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪ (139‬باختصار‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( مات سنة نيف وخمسين وثمانمائة‪ ،‬انظر جامع كرامات الولياء )‪.(1/270‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/275‬‬
‫‪7‬‬
‫)( مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين ص )‪.(171-170‬‬
‫‪8‬‬
‫)( تفريح الخاطر ص )‪.(14‬‬
‫‪9‬‬
‫)( المرجع السابق ص )‪.(32‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وقال ابن ضيف الله في ترجمة هجا بن عبد اللطيف‪) :‬ظهرت له‬
‫كرامة عجيبة توفي في العصر‪ ،‬ما أمكن الناس أن يمرقوا نعشه لضيق‬
‫النهار‪ ،‬ثم إن الشمس انقلبت إلى محل الطلوع فحينئذ ٍ مرقوا جنازته(‬
‫)‪ .(1‬وكذب هذه القصة أبين من الشمس في رابعة النهار‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصائص وأحوال لولياء الجفسساة فسسارقت‬
‫هدي النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫ن من الجفاء تقديم غير النبي صلى الله عليه وسلم عليه‪،‬‬
‫بما أ ّ‬
‫كذلك من الجفاء جعل خصائص لبعض أولياء الجفاة تخالف هديه صلى‬
‫الله عليه وسلم الذي هو أكمل الهدى وسنته التي هي أكمل السنن‪.‬‬
‫ومخالفة الجفاة في هذا مما ل حصر له‪ ،‬ولكني أكتفي بذكر بعض‬
‫النماذج والحالة إلى البعض الخر‪ ،‬خاصة مما يستحي المسلم من‬
‫ذكره‪.‬‬
‫خصائصهم في الصيام‪:‬‬
‫قال الشعراني في ترجمة أحمد البدوي)‪) :(2‬وكان يمكث الربعين‬
‫يوما ً وأكثر ل يأكل ول يشرب ول ينام()‪.(3‬‬
‫وقال المناوي في ترجمة مفرج المجذوب الصاحي‪) :‬كان ستة‬
‫أشهر ل يتناول طعاما ً ول شرابًا()‪.(4‬‬
‫وقال في ترجمة بهاء الدين المجذوب القادري‪) :‬صرخ وهام على‬
‫وجهه في الجبل ثلثة أيام‪ ،‬ثم ثقل عليه الحال فمكث خمس سنين ل‬
‫يأكل ول يشرب ول ينام(‪.‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة شيخه مرشد)‪) :(5‬أخبرني أنه مكث نحو‬
‫أربعين سنة يأكل كل يوم زبيبة واحدة حتى لصق بطنه على ظهره()‪.(6‬‬
‫لو أمسكنا عقولنا عن التفكير‪ ،‬وغضضنا الطرف عن كذب تلك‬
‫الدعاوى‪ ،‬وسلمنا جدل ً أن صوفيا ً يستطيع الصبر عن الكل والشرب‬
‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(368‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة ‪675‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(1/160‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/159‬‬
‫‪4‬‬
‫)( الكواكب الدرية )‪.(2/106‬‬
‫‪5‬‬
‫)( مات سنة نيف وأربعين وتسعمائة ط‪ .‬ك )‪.(2/134‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/133‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫خمس سنين وأن الساعة عند الصوفي كألف سنة مما نعد‪ ،‬فأقل ما‬
‫يقال إن مثل هذا النوع من الصيام ل ُيسمى صياما ً شرعيا ً ول يتجاوز‬
‫التعريف اللغوي للصوم وهو المساك ومنه المساك عن الطعام‬
‫والشراب‪ ،‬وهذا النوع من الصيام اشتهر به البراهمة)‪ .(1‬والهنادك‬
‫وغيرهم من الوثنيين وُيسمى عندهم بالرياضات والمجاهدات لتصفية‬
‫النفوس فجاراهم الصوفية في صيامهم هذا‪.‬‬
‫قال المناوي في ترجمة علي بن خفيف الضبي)‪) :(2‬دعاه برهمي‬
‫إلى الصبر عن الطعام أربعين يوما ً فأكملها وعجز البرهمي‪ ،‬ودعاه‬
‫برهمي آخر إلى المكث تحت الماء مدة فأتمها وعجز البرهمي()‪.(3‬‬
‫وأما الصوم المشروع فهو )المساك عن المفطرت من طلوع‬
‫الفجر الثاني إلى غروب الشمس()‪.(4‬‬
‫هذا التعريف يشمل صوم الفرض والنفل‪ ،‬وأما الوصال فكان خاصا ً‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد نهى أمته عنه‪ ،‬أورد البخاري في كتاب‬
‫العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في‬
‫الدين والبدع حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬ل تواصلوا‪ ،‬قالوا‪ :‬إنك تواصل‪ ،‬قال‪ :‬إني لست‬
‫مثلكم‪ ،‬إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني‪ ،‬فلم ينتهوا عن الوصال‪ .‬قال‪:‬‬
‫فواصل بهم النبي صلى الله عليهم وسلم يومين أو ليلتين‪ ،‬ثم رأوا‬
‫الهلل‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬لو تأخر الهلل لزدتكم{‪.‬‬
‫كالمنكي لهم)‪ .(5‬وفي رواية‪} :‬لو تأخر لزدتكم{ كالتنكيل لهم حين أبوا‬
‫أن ينتهوا)‪ .(6‬وفي رواية‪} :‬فاكلفوا من العمل ما تطيقون{)‪ .(7‬وأخرج‬
‫خب َِر رسول الله صلى‬ ‫البخاري من حديث عبد الله بن عمرو قوله‪} :‬أ ُ ْ‬
‫الله عليه وسلم أني أقول‪ :‬والله لصومن النهار ولقومن الليل ما‬

‫‪1‬‬
‫)( هم طائفة من الهنود يعبدون )براهما( المعبود العلى عندهم‪ ،‬انظر‪ :‬المعجم الفلســفي ص‬
‫)‪.(32‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة ‪341‬هـ‪ .‬الكواكب الدرية )‪.(2/49‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/49‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المغني لبن قدامة )‪ ،(3/3‬وانظر غيره من كتب الفقه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( خ‪ (13/725) :‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق ك‪ .‬الصوم‪ ،‬ب‪ .‬التنكيل لمن أكثر الوصال )‪.(206-4/205‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/206‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عشت‪ ،‬فقلت له‪ :‬قد قلته بأبي أنت وأمي‪ .‬قال‪ :‬فإنك ل تستطيع ذلك‪،‬‬
‫فصم وافطر‪ ،‬وقم ونم‪ ،‬وصم من الشهر ثلثة أيام فإن الحسنة بعشر‬
‫أمثالها‪ ،‬وذلك مثل صيام الدهر‪ .‬قلت‪ :‬إني أطيق أفضل من ذلك‪ ،‬قال‪،‬‬
‫فصم يوما ً وافطر يومين‪ .‬قلت‪ :‬إني أطيق أفضل من ذلك‪ .‬قال‪ :‬فصم‬
‫يوما ً وافطر يوما ً فذلك صيام داود عليه الصلم‪ ،‬وهو أفضل الصيام‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬إني أطيق أفضل من ذلك‪ .‬فقال صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل‬
‫ل فَ ُ‬
‫خ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ذوهُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫أفضل من ذلك{ ‪ .‬وقد قال الله تعالى‪)) :‬وَ َ‬
‫ه َفان ْت َُهوا(( ]الحشر‪.[7 :‬‬ ‫ما ن ََهاك ُ ْ‬
‫م ع َن ْ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫خصائصهم في القيام‪:‬‬
‫قال المناوي في ترجمة شاه بن شجاع الكرماني)‪) :(2‬أقام شهرا ً ل‬
‫ينام()‪ .(3‬وقال الشعراني في ترجمة علي الكازروني)‪) :(4‬كان رضي الله‬
‫عنه كثير المجاهدة والرياضة‪ ،‬أخبرني رضي الله عنه أنه ربما يمكث‬
‫الخمسة شهور أو أكثر ل يضع جنبه على الرض ل ليل ً ول نهارًا()‪.(5‬‬
‫وقال في ترجمة علي العياش)‪) :(6‬ومكث رضي الله عنه نحو نيف‬
‫وسبعين سنة ل يضع جنبه على الرض إل من مرض شديد()‪.(7‬‬
‫على فرض أن هؤلء القوم استطاعوا قيام هذه المدة التي‬
‫زعموها ذاكرين الله تعالى يعبدونه ل يشركون به شيئًا‪ .‬فإنهم قد جفوا‬
‫هدى المصطفى صلى الله عليه وسلم ورغبوا عنه‪ ،‬إما عن علم وإما‬
‫عن جهل‪ .‬فعن أنس رضي الله عنه يقول‪} :‬جاء ثلثة رهط إلى بيوت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فلما ُأخبروا بها كأنهم تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬وأين نحن من النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ .‬قال‬
‫أحدهم‪ :‬أما أنا أصلي الليل أبدًا‪ ،‬وقال الخر‪ :‬أنا أصوم الدهر ول أفطر‪،‬‬
‫وقال الخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدًا‪ .‬فجاء رسول الله صلى‬
‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬الصوم‪ ،‬ب‪ .‬صوم الدهر )‪ (4/220‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة ‪275‬هـ‪ ،‬الكواكب الدرية )‪.(2/37‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/36‬‬
‫‪4‬‬
‫)( مات سنة ‪965‬هـ‪ .‬ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/164‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/163‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مات سنة نيف وتسعمائة‪ .‬المرجع السابق )‪.(2/170‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/169‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الله عليه وسلم فقال‪ :‬أنتم قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لخشاكم لله‬
‫وأتقاكم له‪ ،‬لكني أصوم وأفطر‪ ،‬وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن‬
‫رغب عن سنتي فليس مني{)‪ .(1‬وعن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫قال‪} :‬بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم‪،‬‬
‫فسأل عنه فقالوا‪ :‬أبو إسرائيل)‪ .(2‬نذر أن يقوم ول يقعد ول يستظل ول‬
‫يتكلم ويصوم‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬مْره فليتكلم‬
‫وليستظل وليقعد وليتم صومه{)‪ .(3‬وأخرج مسلم من حديث أم‬
‫المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت‪ ...} :‬وما رأيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح وما صام شهرا ً متتابعا ً إل‬
‫رمضان{)‪.(4‬‬
‫فل شرع أفضل من شرعه ول هدى أكمل من هديه صلى الله عليه‬
‫وسلم فمن رغب عن سنته فليس منه‪.‬‬
‫انقطاعهم عن الخلوات والفلوات‪:‬‬
‫قال ابن ضيف الله في ترجمة مصطفى الشريف المغربي)‪:(5‬‬
‫)كانت مجاهداته فوق الحد‪ ،‬ويدخل الخلوة اثنا عشر شهرا ً ما يمرق‬
‫منها إل يوم العيد()‪.(6‬‬
‫حبب‬‫وقال النبهاني في ترجمة محمد شمس الدين الحنفي‪) :‬ثم ُ‬
‫إليه الخلوة فاختلى سبع سنين لم يخرج من خلوة تحت الرض()‪.(7‬‬
‫وقال المناوي في ترجمة إبراهيم المعروف بمرشد‪) :‬أقام في‬
‫خربة عشر سنين ل يجتمع بأحد(‪.‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة الشيخ أبي علي‪) :‬كان هذا الشيخ من‬
‫كُ ّ‬
‫مل العارفين‪ ..‬مكث نحو أربعين سنة في خلوة مسدود بابها ليس لها‬

‫‪1‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬النكاح‪ ،‬ب‪ .‬الترغيب في النكاح )‪ (9/104‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( قال ابن حجر ل يشاركه في كنيته أحد من الصحابة واختلف في اســمه فقيــل قشــير وقيــل‬
‫يسير وقيل قيصر وهو قرشي ثم عامري‪ ،‬فتح الباري )‪.(11/590‬‬
‫‪3‬‬
‫)( خ‪ :‬ك‪ .‬اليمان والنذور‪ ،‬ب‪ .‬النذر فيما ل يملك أو في معصية )‪ (11/586‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( م‪ :‬ك‪ .‬صلة المسافرين‪ ،‬ب‪ .‬قيام الليل )‪ (6/28‬مع النووي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( اتخذ مذهب الصوفية‪ ،‬ودفن غرب الجزيرة اسلنج‪ ،‬ط‪ .‬ابن ضيف الله ص )‪.(339‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( جامع كرامات الولياء )‪.(1/262‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫غير طاقة يدخل منها الهواء()‪.(1‬‬


‫وقال المناوي في ترجمة أبي يعزي)‪) :(2‬لزم البراري والقفار‬
‫خمس عشرة سنة()‪.(3‬‬
‫كثيرا ً ما نشتكي ونتحسر ونتأوه على حال أمتنا السلمية‪ ،‬مما‬
‫أصابها من الوهن والضعف‪ ،‬ومن تكالب أعداء الله عليها ونرجو لها‬
‫النهوض من كبوتها‬
‫وتحقيق النتصارات بحيث تكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين‬
‫ولكن كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟! كيف تتحقق النتصارات لهذه‬
‫المة وتنتشر الدعوة إلى دين الله في أرجاء الرض وكبار الصوفية في‬
‫خلواتهم وفلواتهم ل يغزون في سبيل الله ول يحثون على الغزو‪ ،‬ول‬
‫يأمرون بمعروف ول ينهون عن منكر بل ول يشهدون الجمعة ول‬
‫الجماعة؟! ول حجة لهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم اختلى في‬
‫بداية أمره؟ لن هذا كان قبل البعثة فلو كان مشروعا ً بعد البعثة لمر‪،‬‬
‫أمته صلى الله عليه وسلم؛ ولفعله صحابته من بعده‪ ،‬بل بعد البعثة‬
‫كان يرسل الجيوش والسرايا ويخرج بنفسه للغزو في سبيل الله‪ ،‬وكذا‬
‫أصحابه من بعده واصلوا الفتوحات في سبيل الله حتى انتشر السلم‬
‫في مشارق الرض ومغاربها‪ .‬ول يمكن تحقيق ذلك إذا عكف الصحابة‬
‫في خلوات تحت الرض أو لزموا الصحاري مع الوحوش‪.‬‬
‫خصائصهم في الزهد والورع‪:‬‬
‫قال الشعراني في ترجمة الشبلي‪) :‬وقيل له مزقت جميع‬
‫ملبوسك والعيد قد أقبل والناس يتزينون وأنت هكذا؟! فقال‪ :‬زينة‬
‫الفقير فقره وصبره على فقره()‪ .(4‬وقال في ترجمة أبي سعيد‬
‫الخّراز)‪) :(5‬ما لبس أبو سعيد قميصا ً منذ ثلثين سنة()‪.(6‬‬

‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/80‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ينكور بن عبد الرحمن المغربي‪ ،‬لم يذكر له تاريخ وفـاة‪ ،‬انظــر الكــواكب الدريــة للمنــاوي )‬
‫‪.(2/72‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( أحمد بن عيسى‪ ،‬مات سنة ‪279‬هـ‪ .‬المرجع السابق )‪.(1/78‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/88‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وقال في ترجمة عبد القادر الجيلي‪) :‬كان رضي الله عنه يقتات‬
‫بخرنوب الشوك وقمامة البقل والخس()‪.(1‬‬
‫وحكي عن شيخه محمد السروي قوله لمريد‪) :‬إن كنت تطلب‬
‫الطريق فاجعل ثيابك مسحة ليدي الفقراء‪ ،‬فكان كل من أكل سمكا ً أو‬
‫زفرا ً يمسح في‬
‫ثوبه يده مدة سنة وسبعة شهور حتى صارت ثيابه كثياب الزياتين‬
‫أو السماكين()‪.(2‬‬
‫وقال المناوي في ترجمة الحسن الف ّ‬
‫لس‪) :‬كان يلبس صافي‬
‫المزابل ول يأكل إل القمامة()‪.(3‬‬
‫وقال الشعراني في ترجمة إبراهيم بن أدهم)‪) :(4‬كان رضي الله‬
‫عنه إذا لم يجد الطعام الحلل يأكل التراب‪ ،‬ومكث شهرا ً يأكل الطين(‬
‫)‪.(5‬‬
‫قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس على الزهاد‪) :‬ومن تلبيسه‬
‫عليهم‪ :‬أنه يوهمهم أن الزهد ترك المباحات‪ ،‬فمنهم من ل يزيد على‬
‫خبز الشعير ومنهم من ل يذوق الفاكهة ومنهم من يقلل المطعم حتى‬
‫سه بلبس الصوف ويمنعها الماء البارد‪ ،‬وما هذه‬ ‫ييبس بدنه‪ ،‬وُيعذ ّ ُ‬
‫ب نف َ‬
‫طريقة رسول صلى الله عليه وسلم وطريقة أصحابه وأتباعهم‪ .‬وإنما‬
‫كانوا يجوعون إذا لم يجدوا شيئا ً فإذا وجدوا أكلوا‪ .‬وقد كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يأكل اللحم ويحبه‪ ،‬ويأكل الدجاج‪ ،‬ويحب الحلوى‪،‬‬
‫ويستعذب الماء البارد()‪.(6‬‬
‫وقال‪) :‬ومن هؤلء قوم لو سئل أحدهم أن يلبس اللين من ثوبه ما‬
‫فعل لئل يتوكس جاهه في الزهد‪ ،‬ولو خرجت روحه ل يأكل والناس‬
‫يرونه‪ ،‬ويحفظ نفسه عن التبسم فضل ً عن الضحك‪ .‬ويوهمه إبليس أن‬

‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(1/109‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/115‬‬
‫‪3‬‬
‫)( الكواكب الدرية )‪.(1/222‬‬
‫‪4‬‬
‫)( إبراهيم بن أدهم بن منصور كــان مــن أبنــاء الملــوك ت‪162 .‬هـــ‪ .‬جــامع كرامــات الوليــاء )‬
‫‪.(1/385‬‬
‫‪5‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(1/59‬‬
‫‪6‬‬
‫)( تلبيس إبليس لبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ص )‪.(168‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫هذا لصلح الخلق‪ ،‬وإنما هو رياء يحفظ به قانون الناموس‪ ،‬فتراه‬


‫مطأطىء الرأس وعليه آثار الحزن فإذا خل رأيته ليث شري()‪.(1‬‬
‫أولياء الله تعالى عقلء ليسوا مجانين‪:‬‬
‫ترجم الشعراني وغيره لعدد من المجانين من أصحاب الحوال‬
‫الشيطانية ونسبوهم إلى الولية مما أساؤوا به إلى أولياء الله تعالى‬
‫الصالحين غاية الساءة‪ .‬وإليك طرفا ً من ذلك‪:‬‬
‫قال الشعراني في ترجمة سيده إبراهيم بن عصيفير‪) :‬وكان يغلب‬
‫عليه الحال فيخاصم ذباب وجهه وكان يتشوش من قول المؤذن الله‬
‫أكبر‪ ،‬فيرجمه ويقول‪ :‬عليك يا كلب نحن كفرنا يا مسلمين حتى تكبروا‬
‫علينا‪ ،‬وكان ل ينام إل في الكنيسة ويقول‪ :‬أنا ما عندي من يصوم‬
‫حقيقة إل النصارى لنهم ل يأكلون اللحم الضاني والدجاج أيام الصوم‪،‬‬
‫أما المسلمون فصومهم باطل عندي لنهم يأكلون اللحم الضاني‬
‫والدجاج()‪.(2‬‬
‫وقال في ترجمة خليل المجذوب)‪) :(3‬كان يطوف حول بلده طول‬
‫النهار ويزغرت)‪ ،(4‬وتارة يصيح‪ ،‬وتارة يصمت‪ ،‬ورأيته مرة من بعيد وهو‬
‫صاعد كوم بلده‪ ،‬فقلت في سري‪ :‬يا ترى هل هو أحمدي أم برهاني؟‬
‫فصاح يا دائم يا دائم يشير إلى أنه برهاني رضي الله عنه()‪.(5‬‬
‫وقال في ترجمة أحمد المجذوب)‪) :(6‬كان رضي الله عنه ل يلبس‬
‫إل الحرير على بدنه وكان قمعه طول ذراع ونصف‪ ،‬وكان رضي الله‬
‫عنه يقف على الدكان ويصيح يا مالي ومالي السلطان عند صاحب هذا‬
‫الدكان فل يزال كذلك‬
‫إلى أن يأخذ ما يطلبه منه‪ ،‬ثم يدفنه تحت الجدار وكراماته كثيرة(‬
‫)‪.(7‬‬

‫‪1‬‬
‫)( تلبيس إبليس ص )‪.(174‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ط‪ .‬ك‪ .‬للشعراني )‪.(2/126‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مات سنة نيف وعشرين وتسعمائة )‪ ،(2/129‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)( هو صوت تصدره النساء في حالة الفرح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/168‬‬
‫‪6‬‬
‫)( مات سنة نيف وعشرين وتسعمائة )‪ (2/129‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫)( )‪ (2/128-129‬المرجع السابق‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وقال في ترجمة شعبان المجذوب)‪) :(1‬كان من أهل التصريف‬


‫بمصر المحروسة‪ ...‬وكان يقرأ سورا ً غير التي في القرآن على كراسي‬
‫المساجد يوم الجمعة وغيرها فل ينكر عليه أحد‪ ،‬وكان العامي يظن أنها‬
‫من سور القرآن لشبهها باليات في الفواصل‪ ،‬وقد سمعته مرة يقرأ‬
‫على باب دارٍ على طريقة الفقهاء الذين يقرؤون في البيوت فسمعته‬
‫يقول‪) :‬وما أنتم في تصديق هود بصادقين‪ ،‬ولقد أرسل الله لنا قوما ً‬
‫بالمؤتفكات يضربوننا ويأخذون أموالنا ومالنا من ناصرين‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫اللهم اجعل ثواب ما قرأناه من الكلم العزيز في صحائف فلن وفلن‬
‫إلى آخر ما قال(‪ ،‬وكان رضي الله عنه عريانا ً ل يلبس إل قطعة جلد أو‬
‫بساط أو حصير أو لباد يغطي به قبله ودبره فقط‪ ،‬وكان يرى حلل زينة‬
‫الدنيا كالحرام في الجتناب‪ ،‬وكانت الخلئق تعتقده اعتقادا ً زائدًا‪ ،‬ولم‬
‫أسمع أحدا ً ينكر عليه شيئا ً من حاله‪ ،‬ويعدودن رؤيته عيدا ً عندهم تحنينا ً‬
‫من الله تعالى()‪.(2‬‬
‫وقال في ترجمة عبد الرحمن المجذوب)‪) :(3‬كان رضي الله عنه‬
‫من أكابر الولياء‪ ...‬وكان مقطوع الذكر‪ ،‬قطعه بنفسه أوائل جذبه‪،‬‬
‫وكان جالسا ً على الرمل صيفا ً وشتاء‪ ،‬وإذا جاع أو عطش يقول‪:‬‬
‫أطعموه‪ ،‬أسقوه‪ ،‬وكان ثلثة أشهر يتكلم وثلثة أشهر يسكت وكان‬
‫يتكلم بالسرياني()‪.(4‬‬
‫وقال في ترجمة سعدون المجنون)‪) :(5‬كان يجن ستة أشهر ويفيق‬
‫ستة أشهر‪ ،‬وكان إذا هاج صعد السقف ونادى بالليل‪.(6)(...‬‬
‫وقال في ترجمة سيده بركات الخياط‪) :‬كان رضي الله عنه يقول‬
‫لمن يخيط له‪ :‬هات معك فوطة وإل يتسخ قماشك من ثيابي‪ ،‬وكان‬
‫دكانه منتنا ً قذرًا؛ لن كل كلب وجده ميتا ً أو قطا ً أو خروفا ً يأتي به‬
‫فيضعه داخل الدكان‪ ،‬فكان ل يستطيع أحد يجلس عنده()‪.(7‬‬
‫‪1‬‬
‫)( مات سنة نيف وتسعمائة )‪ (2/168‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/168‬‬
‫‪3‬‬
‫)( مات سنة ‪944‬هـ‪ .‬المرجع السابق )‪.(2/128‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(128-2/127‬‬
‫‪5‬‬
‫)( لم يذكر له صاحب الطبقات سنة وفاة‪ ،‬انظر المرجع السابق )‪.(1/58‬‬
‫‪6‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/58‬‬
‫‪7‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/130‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وأخبرني الشيخ عبد الواحد رضي الله عنه أحد جماعة سيد أبي‬
‫السعود الجارحي رضي الله عنه قال‪) :‬مدحته ‪-‬أي صاحب الترجمة‪-‬‬
‫للشيخ جمال الدين الصائغ مفتي الجامع الزهر وجماعة فقالوا‪ :‬امضوا‬
‫بنا نزوره‪ ،‬وكان يوم الجمعة‪ ...‬فقالوا له‪ :‬نصلي الجمعة‪ ،‬فقال‪ :‬ما لي‬
‫عادة بذلك‪ ،‬فأنكروا عليه فقال‪ :‬نصلي اليوم لجلكم‪ ،‬فخرج إلى جامع‬
‫المارداني فوجد في الطريق مسقاة الكلب فتطهر منها‪ ،‬ثم وقع في‬
‫مشخة الحمير‪ ،‬ففارقوه‪ ،‬وصاروا يوبخون الشيخ عبد الواحد الذي جاء‬
‫بهم إلى هذا الرجل()‪.(1‬‬
‫جذب‬‫وقال النبهاني في ترجمة بهاء الدين)‪) :(2‬إن زوجته لما ُ‬
‫انتظرت إفاقته سبع سنين فلم يفق‪ ،‬فاستفتت العلماء فأفتوها بأنها‬
‫تتزوج‪ ،‬فجاء تلك الليلة حين دخل بها زوجها وطعنهما فماتا جميعًا‪،‬‬
‫وضرب القاضي فعمي وتكسح إلى أن مات()‪.(3‬‬
‫وقال في ترجمة أبي عزيزة المغربي)‪) :(4‬غلب عليه الجذب‬
‫والستغراق(‪.‬‬
‫ومن كراماته‪ :‬أنه كان إذا غلب عليه الحال أكل رطل كبريت‬
‫وأكثر‪ .‬ومنها أنه كان يأخذ صحن المسجد في وثبة واحدة‪ ،‬وكان يقيم‬
‫صارخا ً شاخصا ً اليوم والليلة()‪.(5‬‬
‫وقال في ترجمة أبي العباس أحمد بن أبي الخير)‪) :(6‬وكان يطرأ‬
‫عليه حال الفناء كثيرًا‪ ،‬حتى كان يقيم أياما ً مطروحا ً تسفي عليه الرياح‬
‫وينبت عليه العشب()‪.(7‬‬
‫قال ابن تيمية في قوله صلى الله عليه وسلم‪} :‬رفع القلم عن‬
‫ثلثة‪ :‬عن المجنون حتى يفيق‪ ،‬وعن الصبي حتى يحتلم‪ ،‬وعن النائم‬
‫حتى يستيقظ{‪ ،‬هذا الحديث قد رواه أهل السنن من حديث علي‬
‫وعائشة رضي الله عنهما‪ .‬واتفق أهل المعرفة على تلقيه بالقبول‪ .‬لكن‬
‫‪1‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪.(2/130‬‬
‫‪2‬‬
‫)( مات سنة ‪ 922‬هـ‪ ،‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/613‬‬
‫‪3‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/612‬‬
‫‪4‬‬
‫)( مات سنة ‪1010‬هـ‪ ،‬المرجع السابق )‪.(1/466‬‬
‫‪5‬‬
‫)( المرجع السابق الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫)( ُيعرف بالصياد اليمني ت ‪5790‬هـ‪ .‬جامع كرامات الولياء )‪.(1/488‬‬
‫‪7‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(1/488‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الصبي المميز تصح عبادته ويثاب عليها عند جمهور العلماء‪ ،‬وأما‬
‫المجنون الذي رفع عنه القلم فل يصح شيء من عباداته باتفاق العلماء‪،‬‬
‫ول يصح منه إيمان ول كفر ول صلة ول غير ذلك من العبادات )بل ل‬
‫يصلح هو عند عامة العقلء لمور الدنيا كالتجارة والصناعة‪ ..‬إلى قوله‪:‬‬
‫وإذا كان المجنون ل يصح منه اليمان ول التقوى ول التقرب إلى الله‬
‫بالفرائض والنوافل‪ ،‬وامتنع أن يكون وليا ً لله فل يجوز لحد أن يعتقد أنه‬
‫ولي الله( ل سيما أن تكون حجته على ذلك إما مكاشفة سمعها منه‪ ،‬أو‬
‫نوع من تصرف‪ ،‬مثل أن يراه قد أشار إلى واحد فمات أو صرع فإنه قد‬
‫علم أن الكفار والمنافقين ‪-‬من المشركين وأهل الكتاب‪ -‬لهم‬
‫مكاشفات وتصرفات شيطانية كالكهان والسحرة وعباد المشركين‬
‫وأهل الكتاب‪ ،‬فل يجوز لحد أن يستدل بمجرد ذلك على كون الشخص‬
‫وليا ً لله()‪.(1‬‬
‫مفاسدهم الخلقية‪:‬‬
‫ولهم في الخروج عن شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم‬
‫صلة حياء‪ ،‬حتى ل‬‫مخالفات يندى لها الجبين‪ ،‬أعرضت عن ذكرها مف ّ‬
‫يتأذى بها من كانت فيه شعرة من حياء؛ ولكن لعظم البلء بهؤلء الذين‬
‫جثوا زمانا ً طويل ً على صدر هذه المة وما زالوا؛ ونصحا ً لمتي من‬
‫التدرج الشيطاني حتى ل يصلوا إلى مصير هؤلء المفارقين لهدي سيد‬
‫المرسلين صلى الله عليه وسلم‪ ،‬اكتفيت بالشارة إلى بعض مفاسدهم‬
‫الخلقية دون الكثار منها‪ ،‬وأعرضت عن ذكر صاحب الترجمة‪ ،‬وأحلت‬
‫إلى الكتاب بالجزء والصفحة لمن أراد التأكد أو التثبت‪.‬‬
‫‪ -‬فمن مفاسدهم الخلقية‪ :‬يختلون بالمردان ويجلسون مع‬
‫النساء)‪.(2‬‬
‫‪ -‬يتعرون أمام المل)‪.(3‬‬
‫‪ -‬يقترفون الفواحش)‪.(4‬‬
‫قال ابن القيم‪) :‬ومحبة الصور المحرمة وعشقها من موجبات‬
‫‪1‬‬
‫)( مجموع الفتاوى‪.(192-11/191) :‬‬
‫‪2‬‬
‫)( ط‪ .‬ك للشعراني )‪ ،(78/2‬جامع كرامات الولياء )‪.(510 ،1/266‬‬
‫‪3‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪.(166 ،2/128‬‬
‫‪4‬‬
‫)( ط‪ .‬ك )‪ ،(122 ،119 ،94 ،2/135‬جامع كرامات الولياء )‪.(414 ،1/406‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الشرك‪ ،‬وكلما كان العبد أقرب إلى الشرك وأبعد من الخلص كانت‬
‫محبته بعشق الصور أشد‪ ،‬وكلما كان أكثر إخلصا ً وأشد توحيدًا‪ ،‬كان‬
‫أبعد من عشق الصور؛ ولهذا أصاب امرأة العزيز ما أصابها من العشق‬
‫لشركها‪ ،‬ونجا منه يوسف الصديق بإخلصه‪ ،‬قال تعالى‪)) :‬ك َذ َل ِ َ‬
‫ك‬
‫ن(( ]يوسف‪.[24:‬‬ ‫خل َ ِ‬
‫صي َ‬ ‫عَباد َِنا ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ح َ‬
‫شاَء إ ِن ّ ُ‬ ‫سوَء َوال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫ه ال ّ‬
‫ف ع َن ْ ُ‬
‫صرِ َ‬
‫ل ِن َ ْ‬
‫فالسوء‪ :‬العشق‪ ،‬والفحشاء‪ :‬الزنا‪ ،‬فالمخلص قد خّلص حبه لله‪،‬‬
‫فخلصه من فتنة عشق الصور‪ ،‬والمشرك قلبه متعلق بغير الله‪ ،‬لم‬
‫يخلص توحيده وحبه لله()‪.(1‬‬
‫قال‪) :‬ومن أبلغ كيد الشيطان وسخريته بالمفتونين بالصور‪ :‬أنه‬
‫ُيمّني أحدهم أنه إنما يحب ذلك المرد‪ ،‬أو تلك المرأة الجنبية لله ل‬
‫للفاحشة‪ ،‬ويأمره بمصاحبته()‪.(2‬‬
‫وقال ابن الجوزي‪) :‬ومن هؤلء من قارب الفتنة فوقع فيها فلم‬
‫تنفعه دعوى الصبر والمجاهدة‪ .‬والحديث بإسناد عن إدريس بن إدريس‪،‬‬
‫قال‪ :‬حضرت بمصر قوما ً من الصوفية‪ ،‬ولهم غلم أمرد يغنيهم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فغلب على رجل منهم أمره فلم يدر ما يصنع‪ ،‬فقال‪ :‬يا هذا قل ل إله‬
‫ل الفم الذي قال‪ :‬ل إله‬‫إل الله‪ ،‬فقال الغلم‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬فقال‪ُ :‬أقب ّ ُ‬
‫إل الله()‪.(3‬‬
‫قال‪) :‬وفيهم من فُّرق بينه وبين حبيبه فقتل حبيبه‪ .‬بلغني عن بعض‬
‫الصوفية أنه كان في رباط عندنا ببغداد ومعه صبي في البيت الذي هو‬
‫فيه‪ ،‬فشّنعوا عليه وفّرقوا بينهما‪ ،‬فدخل الصوفي إلى الصبي ومعه‬
‫سكين فقتله‪ ،‬وجلس عنده يبكي‪.(4)(...‬‬
‫مت نفسه إلى الفاحشة فقتل نفسه‪ .‬حدثني أبو‬ ‫قال‪) :‬وفيهم من ه ّ‬
‫عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني قال‪ :‬كان ببلد فارس صوفي‬
‫ث فلم يملك نفسه أن دعته إلى الفاحشة‪ ،‬فراقب‬‫كبير‪ ،‬فابتلي بحد ٍ‬
‫الله عز وجل ثم ندم على هذه الهمة‪ ،‬وكان منزله على مكان عال‬
‫ووراء منزله بحر من الماء‪ ،‬فلما أخذته الندامة صعد السطح ورمى‬

‫‪1‬‬
‫)( إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان لبن القيم )‪.(198-2/197‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق )‪.(2/1298‬‬
‫‪3‬‬
‫)( تلبيس إبليس ص )‪.(304‬‬
‫‪4‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫م َفاقْت ُُلوا‬
‫بنفسه إلى الماء وتل قوله تعالى‪)) :‬فَُتوُبوا إ َِلى َبارِئ ِك ُ ْ‬
‫م(( ]البقرة‪ .[54 :‬فغرق في البحر()‪.(1‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫َأن ُ‬
‫ف َ‬
‫ثم عّلق ابن الجوزي على هذه القصة التي تدل على فقه القوم‬
‫ل‪) :‬انظر إلى إبليس كيف درج هذا المسكين من رؤية هذا المرد‬ ‫قائ ً‬
‫إلى إدمان النظر إليه إلى أن مكن المحبة من قلبه‪ ،‬إلى أن حّرضه‬
‫سن له بالجهل قتل نفسه‪ ،‬ولعله‬ ‫على الفاحشة‪ ،‬فلما رأى استعصامه ح ّ‬
‫م بالفاحشة ولم يعزم‪ ،‬والهمة معفو عنها لقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬ ‫ه ّ‬
‫عفي لمتي ما حدثت به نفوسها{‪ ،‬ثم إنه ندم على همته والندم توبة‪.‬‬ ‫} ُ‬
‫فأراه إبليس أن من تمام الندم قتل نفسه كما فعل بنو إسرائيل‪،‬‬
‫سك ُ ْ‬
‫م(( ]البقرة‪،[54 :‬‬ ‫ف َ‬‫فأولئك أمروا بذلك لقوله تعالى‪َ)) :‬فاقْت ُُلوا َأن ُ‬
‫َ‬
‫م(( ]النساء‪ .[29 :‬فلقد‬ ‫سك ُ ْ‬‫قت ُُلوا أنفُ َ‬ ‫ونحن نهينا عنه بقوله تعالى‪َ)) :‬ول ت َ ْ‬
‫أتى بكبيرة عظيمة‪ ،‬وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪} :‬من تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم‬
‫خالدا ً مخلدا ً فيها أبدا ً{()‪.(2‬‬
‫قال ابن القيم‪) :‬وعشقهم يجمع المحرمات الربع‪ :‬من الفواحش‬
‫الظاهرة والباطنة‪ ،‬والثم والبغي بغير الحق‪ ،‬والشرك بالله ما لم ينزل‬
‫به سلطانًا‪ ،‬والقول على الله ما ل يعلمون‪ ،‬فإن هذا من لوازم الشرك‪،‬‬
‫فكل مشرك يقول على الله ما ل يعلم‪ .‬فكثيرا ً ما يوجد في هذا العشق‬
‫من الشرك الكبر والصغر‪ ،‬ومن قتل النفوس تغايرا ً على المعشوق‪،‬‬
‫وأخذ أموال الناس بالباطل ليصرفها في رضا المعشوق‪ ،‬ومن الفاحشة‬
‫والكذب والظلم ما ل خفاء به‪ .‬وأصل ذلك كله من خلو القلب من محبة‬
‫الله تعالى والخلص له‪ ،‬والتشريك بينه وبين غيره في المحبة‪ ،‬ومن‬
‫ب لغير الله‪ ،‬فيقوم ذلك بالقلب‪ ،‬ويعمل بموجبه بالجوارح‪،‬‬ ‫ح ّ‬‫محبة ما ي ُ َ‬
‫َ َ‬
‫واهُ‬ ‫خذ َ إ ِل َهَ ُ‬
‫ه هَ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬‫م ِ‬‫ت َ‬‫وهذا هو حقيقة اتباع الهوى‪ .‬قال تعالى‪)) :‬أفََرأي ْ َ‬
‫َ‬
‫شاوَةً‬‫صرِهِ ِغ َ‬ ‫ل ع ََلى ب َ َ‬ ‫جعَ َ‬‫معِهِ وَقَل ْب ِهِ وَ َ‬
‫س ْ‬‫م ع ََلى َ‬ ‫خت َ َ‬‫عل ْم ٍ وَ َ‬
‫ه ع ََلى ِ‬‫ه الل ّ ُ‬ ‫ضل ّ ُ‬‫وَأ َ‬
‫َ‬
‫ن(( ]الجاثية‪.(3)[23:‬‬ ‫ن ب َعْد ِ الل ّهِ أَفل ت َذ َك ُّرو َ‬
‫م ْ‬‫ديهِ ِ‬ ‫ن ي َهْ ِ‬ ‫م ْ‬‫فَ َ‬
‫مجمسل الفسروق بيسن آيسات النبيساء وكرامسات الصسالحين‬

‫‪1‬‬
‫)( تلبيس إبليس ص )‪.(303‬‬
‫‪2‬‬
‫)( تلبيس إبليس ص )‪.(304-303‬‬
‫‪3‬‬
‫)( وانظر إغاثة اللهفان )‪.(2/217‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫وخوارق الشياطين)‪: (1‬‬


‫الول‪ :‬إن ما تخبر به النبياء ل يكون إل صدقًا‪ ،‬وأما ما يخبر به‬
‫من خالفهم من السحرة والكهان وعباد المشركين وأهل الكتاب وأهل‬
‫البدع والفجور من المسلمين فإنه ل بد فيه من الكذب‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إن النبياء ل يأمرون إل بالعدل ول يفعلون إل العدل‬
‫وهؤلء المخالفون لهم ل بد لهم من الظلم فما خالف العدل ل يكون إل‬
‫ظلمًا‪ ،‬فيدخلون في العدوان على الخلق وفعل الفواحش والشرك‬
‫والقول على الله بل علم وهي المحرمات التي حرمها الله مطلقا ً كما‬
‫ن َوال ِث ْ َ‬
‫م‬ ‫ما ب َط َ َ‬ ‫ما ظ َهََر ِ‬
‫من َْها وَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫م َرب ّ َ‬‫حّر َ‬‫ما َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫قال تعالى‪)) :‬قُ ْ‬
‫قوُلوا‬ ‫َ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن تَ ُ‬‫طاًنا وَأ ْ‬ ‫ل ب ِهِ ُ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫م ي ُن َّز ْ‬ ‫كوا ِبالل ّهِ َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ن تُ ْ‬‫حقّ وَأ ْ‬ ‫ي ب ِغَي ْرِ ال ْ َ‬
‫َوال ْب َغْ َ‬
‫ن(( ]العراف‪.[33:‬‬ ‫مو َ‬ ‫ما ل ت َعْل َ ُ‬ ‫ع ََلى الل ّهِ َ‬
‫الثالث‪ :‬إن ما تأتي به السحرة والكهان والمشركون وأهل البدع‬
‫من أهل الملل ل يخرج عن كونه مقدورا ً للنس والجن‪ ،‬وآيات النبياء ل‬
‫ت‬
‫معَ ِ‬
‫جت َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫يقدر على مثلها ل النس ول الجن‪ ،‬كما قال تعالى‪)) :‬قُ ْ َ‬
‫ل لئ ِ ِ‬
‫مث ْل ِهِ وَل َوْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ن بِ ِ‬
‫ن ل ي َأُتو َ‬
‫قْرآ ِ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ل هَ َ‬ ‫ن ع ََلى أ ْ‬
‫ن ي َأُتوا ب ِ ِ‬ ‫س َوال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫لن ُ‬‫ا ِ‬
‫ض ظ َِهيًرا(( ]السراء‪.[88:‬‬ ‫م ل ِب َعْ ٍ‬‫ضهُ ْ‬
‫ب َعْ ُ‬
‫الرابع‪ :‬إن ما تأتي به السحرة والكهان وكل مخالف للرسل تمكن‬
‫معارضته بمثله وبأقوى منه كما هو الواقع لمن عرف هذا الباب‪ ،‬وآيات‬
‫النبياء ل يمكن لحد أن يعارضها ل بمثلها ول بأقوى منها‪ ،‬وكذلك‬
‫كرامات الصالحين ل ُتعارض بمثلها ول بأقوى منها لنها متصادقة‬
‫متعاونة على مطلوب واحد وهو عبادة الله وتصديق رسله‪ .‬ولهذا كان‬
‫المشايخ)‪ (2‬الذين يتحاسدون ويتعادون ويقهر بعضهم بعضا ً بخوارقه إما‬
‫بقبل وإمراض وإما بسلب حاله وعزله عن مرتبته وغير ذلك‪ ،‬فخوارقهم‬
‫شيطانية ليست من آيات النبياء والولياء‪ ،‬وكثير من هؤلء يكون في‬
‫الباطن كافرا ً منافقا ً وكثير منهم يموت على غير السلم وكثير منهم‬
‫يكون مسلما ً مع ظلم يعرف أنه ظالم‪ ،‬ومنهم من يكون جاهل ً يحسب‬
‫أن ما هو عليه مما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)( نقلت هذه الفروق من كتاب النبــوات لشــيخ الســلم ابــن تيميــة باختصــار وتصــرف يســير‪،‬‬
‫انظر‪ :‬ص )‪.(449-439‬‬
‫‪2‬‬
‫)( أي مشايخ الصوفية‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الخامس‪ :‬إن آيات النبياء ل يقدر عليها مخلوق فل تكون مقدورة‬


‫للملئكة ول للجن ول للنس وإن كانت الملئكة قد يكون لهم سبب‬
‫فيها بخلف تلك فإنها مقدورة للجن والنس أو مما يمكنهم التوصل‬
‫إليها بسبب‪ ،‬وأما كرامات الصالحين فهي من آيات النبياء ولكن ليست‬
‫من آياتهم الكبرى ول يتوقف إثبات النبوة عليها وليست خارقة لعادة‬
‫الصالحين‪ ،‬بل هي معتادة في الصالحين من أهل الكتاب والمسلمين‪،‬‬
‫وآيات النبياء التي يختصون بها خارقة لعادة الصالحين‪.‬‬
‫السادس‪ :‬إن خوارق غير النبياء‪ :‬من الصالحين والسحرة‬
‫والكهان وأهل الشرك والبدع تنال بأفعالهم كعباداتهم ودعائهم وشركهم‬
‫وفجورهم ونحو ذلك‪ ،‬وأما آيات النبياء فل تحصل بشيء من ذلك‪ ،‬بل‬
‫الله يجعلها آية وعلمة لهم وقد يكرمهم بمثل كرامات الصالحين‪،‬‬
‫وأعظم من ذلك مما يقصد به إكرامهم لكن هذا النوع يقصد به الكرام‬
‫والدللة بخلف اليات المجردة كانشقاق القمر‪ ،‬وقلب العصا حية‪،‬‬
‫وإخراج يده بيضاء‪ ،‬والتيان بالقرآن‪ ،‬والخبار بالغيب الذي يختص الله‬
‫به فأمر اليات إلى الله ل إلى اختيار المخلوق والله يأتي بها بحسب‬
‫علمه وحكمته وعدله ومشيئته ورحمته‪ ،‬كما ينزل ما ينزله من آيات‬
‫القرآن‪ ،‬وكما يخلق من يشاء من المخلوقات بخلف ما حصل باختيار‬
‫العبد إما لكونه يفعل ما يوجبه أو يدعو الله به فيجيبه‪ ،‬فالخوارق التي‬
‫ليست آيات تارة تكون بدعاء العبد‪ ،‬والله تعالى يجيب دعوة المضطر‪،‬‬
‫وإن كان كافرا ً لكن للمؤمنين من إجابة الدعاء ما ليس لغيرهم وتارة‬
‫تكون بسعيه في أسبابها مثل توجهه بنفسه وأعوانه‪ ،‬وبمن يطيعه من‬
‫الجن والنس في حصولها وأما آيات النبياء فل تحصل بشيء من ذلك‪.‬‬
‫السابع‪ :‬إن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر النبياء عليهم‬
‫السلم والمؤمنين ل يخبرون إل بحق ول يأمرون إل بعدل فيأمرون‬
‫بالمعروف‪ ،‬وينهون عن المنكر‪ ،‬ويأمرون بمصالح العباد في المعاش‬
‫والمعاد ل يأمرون بالفواحش ول الظلم ول الشرك ول القول بغير علم‬
‫فهم بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها ل بتبديلها وتغييرها‪ ،‬فل يأمرون إل‬
‫بما يوافق المعروف في العقول الذي تتلقاه القلوب السليمة بالقبول‪،‬‬
‫فكما أنهم ل يختلفون فل يناقض بعضهم بعضًا‪ ،‬بل دينهم واحد‪ ،‬وإن‬
‫تنوعت الشرائع فهم أيضا ً موافقون لموجب الفطرة التي فطر الله‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عليها عباده موافقون للدلة العقلية ل يناقضونها قط‪ ،‬بل الدلة العقلية‬
‫الصحيحة كلها توافق النبياء ل تخالفهم‪ ،‬وآيات الله السمعية‪ ،‬والعقلية‪:‬‬
‫العيانية والسماعية كلها متوافقة متصادقة متعاضدة ل يناقض بعضها‬
‫بعضًا‪ ،‬والذين يخالفون النبياء من أهل الكفر وأهل البدع كالسحرة‬
‫والكهان وسائر أنواع الكفار وكالمبتدعين من أهل الملل‪ ،‬فهؤلء‬
‫مخالفون للدلة السمعية والعقلية والعيانية مخالفون لصريح المعقول‪،‬‬
‫ُ‬
‫ي ِفيَها فَوْ ٌ‬
‫ج‬ ‫ق َ‬‫ما أل ْ ِ‬ ‫وصحيح المنقول كما أخبر الله عنهم بقوله‪)) :‬ك ُل ّ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ذيٌر فَك َذ ّب َْنا وَقُل َْنا َ‬ ‫جاَءَنا ن َ ِ‬ ‫ذيٌر * َقاُلوا ب ََلى قَد ْ َ‬ ‫م نَ ِ‬‫م ي َأت ِك ُ ْ‬ ‫خَزن َت َُها أل َ ْ‬
‫م َ‬ ‫سأل َهُ ْ‬ ‫َ‬
‫شيٍء إن أ َنتم إّل في ضلل ك َبير * وَقاُلوا ل َو ك ُنا نسمع أوَ‬
‫ْ ّ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍ ِ ٍ‬ ‫ن َ ْ ِ ْ ُْ ْ ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ن َّز َ‬
‫ح ً َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫حا ِ‬ ‫ص َ‬
‫قا ِل ْ‬ ‫س ْ‬‫م فَ ُ‬ ‫سِعيرِ * َفاع ْت ََرُفوا ب ِذ َن ْب ِهِ ْ‬
‫ب ال ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ما ك ُّنا ِفي أ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ن َعْ ِ‬
‫ر(( ]الملك‪ [11-8 :‬الية‪.‬‬ ‫سِعي ِ‬ ‫ال ّ‬
‫فهؤلء يخالفون أقوال النبياء إما بالتكذيب وإما بالتحريف من‬
‫التأويل وإما بالعراض عنها وكتمانها فإما أن ل يذكروها أو يذكروا‬
‫ألفاظها ويقولون ليس لها معنى يعرفه مخلوق‪ ،‬كما أخبر الله عن أهل‬
‫الكتاب أن منهم من يكذب في اللفظ ومنهم من يحرف الكلم في‬
‫ن‬ ‫المعنى ومنهم جهال ل يفقهون ما يقرؤون قال تعالى‪)) :‬أ َفَتط ْمعو َ‬
‫نأ ْ‬‫َ َ ُ َ‬
‫َ‬
‫ما‬‫م ّ‬
‫م ِ‬‫ل ل َهُ ْ‬
‫م وَوَي ْ ٌ‬
‫ديهِ ْ‬ ‫ما ك َت َب َ ْ‬
‫ت أي ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫مُنوا ل َك ُ ْ‬
‫م(( إلى قوله‪)) :‬فَوَي ْ ٌ‬ ‫ي ُؤ ْ ِ‬
‫ن(( ]البقرة‪،[79:‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫ي َك ْ ِ‬
‫ملوا الفطر وبصروا‬‫وكذلك هم مخالفون للدلة العقلية فالنبياء ك َ ّ‬
‫الخلق كما تقدم في صفة محمد صلى الله عليه وسلم أن الله يفتح به‬
‫أعينا ً عميا ً وآذانا ً صما ً وقلوبا ً غلفًا‪ ،‬ومخالفوهم يفسمدون الحس‬
‫والعقل كما أفسدوا الدلة السمعية‪ ،‬والحس والعقل بهما تعرف الدلة‪.‬‬
‫أما إفسادهم لما جاء عن النبياء فظاهر‪ ،‬وأما إفسادهم للحس والعقل‬
‫لل‬‫ض ّ‬
‫فإنهم قسمان‪ :‬قسم أصحاب خوارق حسية كالسحرة والكهان و ُ‬
‫العُّباِد‪ ،‬وقسم أصحاب كلم واستدلل بالقياس والمعقول‪ ،‬وكل منهما‬
‫يفسد الحس والعقل‪.‬‬
‫عرف أن السحر يغير الحس‬ ‫أما أصحاب الحال الشيطاني فقد ُ‬
‫والعقل حتى يخيل إلى النسان الشيء بخلف ما هو عليه‪ ،‬وكذلك‬
‫سائر الخوارق الشيطانية ل تأتي إل مع نوع فساد في الحس والعقل‬
‫كالمؤلهين الذين ل تأتيهم إل مع زوال عقولهم وآخرين ل تأتيهم إل في‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الظلم وآخرين تتمثل لهم الجن في صور النس فيظنون أنهم إنس أو‬
‫يرونهم مثال الشيء فيظنون أن الذي رأوه هو الشيء نفسه أو‬
‫يسمعونهم صوت من يعرفونه فيظنون أنه صوت ذلك المعروف‬
‫عندهم‪ ،‬وهذا كثير موجود في أهل العبادات البدعية التي فيها نوع من‬
‫الشرك ومخالفة الشريعة‪.‬‬
‫والمقصود هنا التنبيه على أن من خالف النبياء فإنه كما أنه مكذب‬
‫لما جاؤوا به من النبوة والسمع فهو مخالف للحس والعقل‪.‬‬
‫وبعد‪ :‬فهذا نزر يسير مما تحتاج إليه المة السلمية من الحقائق‬
‫والبراهين من الكتاب الكريم وهدي سيد المرسلين صلى الله عليه‬
‫وسلم فيما يجب عليها أن تعتقده في نبيها صلوات ربي وسلمه عليه‪،‬‬
‫ب الكذب عنه‬ ‫وفيما يجب عليها من حماية جنابه العظيم طلخص بذ ّ‬
‫مما ألصقه به الغلة أو انتقصه الجفاة بسبب شبهة قامت على دليل‬
‫ضعيف‪ ،‬أو عاطفة مجردة عن العلم‪ ،‬أو بسبب عدم التفريق بينما هو‬
‫معجزة وخصوصية له صلى الله عليه وسلم وبينما هو حق خاص لله‬
‫تبارك وتعالى‪ ،‬أو بين ما هو كرامة للولياء وخوارق للشياطين؛ فحدث‬
‫نتيجة لهذا الخلط مفاسد عقدية عظيمة من إعطاء بعض خصائص‬
‫اللوهية والربوبية لنبي المة صلى الله عليه وسلم أو الغلو في كرامات‬
‫الولياء إلى حد يصل إلى معجزات النبياء وخصائصهم‪ ،‬بل قد بلغ الغلو‬
‫في كرامات الولياء إلى حد العتداد على خصائص الربوبية واللوهية‬
‫مع وقوع كثير من هؤلء الولياء في براثن الشرك وتلعب الشياطين‬
‫وعمل السحر والشعوذة وزعم أن ذلك من الكرامات تلبيسا ً على‬
‫العوام‪.‬‬
‫فببيان خصائص النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ينجلي الحق‬
‫الذي يقوم على موازين العدل والعلم فل إفراط ول تفريط ول غلو ول‬
‫جفاء بل توسط واعتدال فيما يجب أن يعتقد المسلم في نبيه صلوات‬
‫ربي وسلمه عليه‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الخاتمه‬
‫بعد حمد الله تعالى على توفيقه لي بإتمام هذا البحث ُأبين في‬
‫خاتمته ما وصلت إليه من نتائج‪.‬‬
‫‪ -1‬إن مصطلح الخصائص عند ك ُّتاب السيرة النبوية أعم من‬
‫مصطلح الدلئل لشتماله على الدلئل التي تدل على صدق النبوة‬
‫وغيرها‪ .‬وأعم من مصطلح الشمائل لشتماله على الخصال الحميدة‬
‫وغيرها من المعجزات والدلئل‪ ...‬الخ‪ .‬وأعم من مصطلح الفضائل‬
‫لشتماله على الخصائص التفضيلية والتشريعية معًا‪ .‬وبالنظر لمصطلح‬
‫الخصائص مع كل مصطلح من المصطلحات السابقة على حدة نجده‬
‫أخص‪.‬‬
‫‪ -2‬إن مجال الدراسة في الخصائص التشريعية فقهي بخلف‬
‫الخصائص التفضيلية فمجال الدراسة فيها عقدي لوجود الفراط‬
‫والتفريط فيها وموضوع هذا البحث هو دراسة هذا الجانب الخير منهما‪.‬‬
‫‪ -3‬أثبتت الدراسة أن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند‬
‫الغلة بأنه مخلوق من نور الله تعالى مستمد من الفلسفة الهرمسية‬
‫والفلوطينية والهندية القديمة وهو المدخل الذي استغله الفلسفة‬
‫المنتسبون إلى السلم في التقريب بين الدين وبين تلك الفلسفات‬
‫القديمة القائلة بصدور العالم عن الله تعالى‪.‬‬
‫‪ -4‬أثبتت الدراسة أن القول بوحدة الوجود والتحاد بالله تعالى‬
‫مستمد من تلك الفلسفات خاصة نظرية الفيض الفلوطينية‪ ،‬نقلها إلى‬
‫المسلمين فلسفة الصوفية ووضعوا لها أحاديث النور المحمدي لتأخذ‬
‫الصبغة السلمية‪.‬‬
‫‪ -5‬أدى الغلو في خصائصه صلى الله عليه وسلم إلى الغلو في‬
‫ما عن طريق أخذ الفضائل والخصائص لمشايخهم من‬ ‫مشايخ الغلة إ ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ل منامًا‪ ،‬أو بالستمداد من خصائصه‬
‫صلى الله عليه وسلم المزعومة عن طريق النتساب إليه صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -6‬أثبتت الدراسة أن اتخاذ الوسائط الشركية ناتج عن تشبيه‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الخالق ج ّ‬
‫ل وعل بالمخلوق‪.‬‬
‫‪ -7‬اعتماد الغلة في الستدلل على الحاديث الضعيفة‬
‫والموضوعة‪ ،‬واعتماد الجفاة على الكذب والدعاوى المجردة عن الدلة‪.‬‬
‫‪ -8‬بنى الغلة غلوهم في كرامات ومناقب مشايخهم على الغلو‬
‫في خصائصه صلى الله عليه وسلم فلما تبين بطلن ما زعموه للنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم من خصائص كان بطلن ما زعموه لمشايخهم‬
‫من باب أولى‪.‬‬
‫دى الغلو بجعل مناقب وكرامات لمشايخ الغلة تفوق خصائص‬ ‫‪ -9‬أ ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم إلى تعظيمهم فوق تعظيمه وطاعتهم وترك‬
‫طاعته ومحبتهم ودعوى محبته صلى الله عليه وسلم وهذا هو الجفاء‬
‫الحقيقي له صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعليه ظهر كذب دعواهم أن أهل‬
‫السنة الذين يتبعون سنته صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به هم‬
‫جفاة النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫دى جهل الكثير من المسلمين بالصحيح من خصائصه صلى‬ ‫‪ -15‬أ ّ‬
‫الله عليه وسلم إلى انحرافات عقدية خطيرة كجعل خصائص للرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم هي من جنس خصائص الربوبية واللهية أو يؤدي‬
‫إلى هدم الشريعة عموما ً بتصديق كل من ادعى النبوة أو أخذ الذكار‬
‫والضمانات والفضائل منه صلى الله عليه وسلم يقظة ل مناما ً ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ -11‬وجوب اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح رضوان‬
‫الله تعالى عليهم فيما يدين به المسلم ربه عموما ً وفيما يتعلق بشخص‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم خصوصًا‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫)أ(‬
‫‪ -1‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية‪ .‬للدكتور أبو الوفا التفتازاني ‪-‬‬
‫دار الكتاب اللبناني‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1973‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬أثولوجيا أرسطاطاليس‪ .‬لفلوطين‪ ،‬ضمن كتاب أفلوطين عند‬
‫العرب‪ .‬للدكتور عبد الرحمن بدوي ‪ -‬طبعة وكالة المطبوعات ‪-‬‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪ .‬الثالثة لسنة ‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬أحكام الجنائز‪ .‬لللباني ‪ -‬المكتب السلمي‪ ،‬ط‪ .‬الرابعة لسنة‬
‫‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -4‬الحكام في أصول الحكام‪ .‬للمدي ‪ -‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -5‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ .‬لبن عبد البر‪ .‬تحقيق‪ :‬علي‬
‫البجاوي ‪ -‬مكتبة نهضة مصر‪.‬‬
‫‪ -6‬أسد الغابة في أسماء الصحابة‪ .‬لبن الثير‪ .‬تحقيق‪ :‬البنا‬
‫وعاشور ‪ -‬دار الشعب‪.‬‬
‫‪ -7‬الشارات والتنبيهات‪ .‬لبن سينا‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬سليمان دنيا ‪ -‬طبعة‬
‫الحلبي‪.‬‬
‫‪ -8‬الصابة لي تمييز الصحابة‪ .‬لبن حجر‪ .‬وبذيله الستيعاب لبن‬
‫عبد البر‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬طه الزيني ‪ -‬الناشر مكتبة ابن تيمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.‬‬
‫سنة ‪1414‬هـ‪.‬‬
‫‪ -9‬الصول من الكافي‪ .‬للكليني ‪ -‬طهران‪ ،‬سنة ‪1381‬هـ‪.‬‬
‫‪ -10‬العلم‪ .‬لخير الدين الزركلي ‪ -‬دار العلم للمليين ‪ -‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ .‬الخامسة لسنة ‪1980‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬أعلم النبوة‪ .‬للماوردي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -12‬إعلم النبيل بما في شرح الجزائري من التلبيس والتضليل‪.‬‬
‫لراشد المريخي ‪ -‬دولة البحرين‪.‬‬
‫‪ -13‬إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان‪ .‬لبن القيم‪ .‬تحقيق‪ :‬عمر‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫عفيفي ‪ -‬المكتب السلمي ومكتبة الخاني‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1407‬هـ‪.‬‬


‫‪ -14‬النسان الكامل في معرفة الوائل والواخر‪ .‬لعبد الكريم‬
‫الجيلي ‪ -‬دار الفكر ‪ -‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الرابعة لسنة ‪1395‬هـ‪.‬‬
‫‪ -15‬النوار ومصباح السرور والفكار وذكر نور محمد المصطفى‬
‫المختار‪ .‬لبي الحسن بن عبد الله البكري ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العربية‬
‫الكبرى‪ ،‬مصر )ليس بها تاريخ(‪.‬‬
‫‪ -16‬أوضح الشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة‪.‬‬
‫لحمد يحيى النجمي‪ ،‬ط‪ .‬الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية لسنة‬
‫‪1455‬هـ‪.‬‬
‫)ب(‬
‫‪ -17‬بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار‪ .‬لمحمد باقر‬
‫المجلسي ‪ -‬مؤسسة الوفاء ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪ .‬الثانية ‪1403‬هـ‪-‬‬
‫‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ -18‬بداية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم‪ .‬للعز‬
‫بن عبد السلم‪ .‬تحقيق‪ :‬اللباني ط‪ .‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الرابعة ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -19‬البداية والنهاية‪ .‬لسماعيل بن كثير‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد أبو‬
‫ملحم‪ ،‬د‪ .‬علي نجيب‪ ،‬فؤاد السيد‪ ،‬مهدي ناصر الدين‪ ،‬علي عبد الستار‬
‫‪ -‬دار الريان للتراث‪ ،‬ط‪ .‬سنة ‪1408‬هـ‪.‬‬
‫‪ -20‬ب ُد ّ العارف‪ .‬لعبد الحق بن سبعين‪ .‬تحقيق د‪ .‬جورج كتورة ‪-‬‬
‫دار الندلسي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬سنة ‪1978‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬بردة المديح‪ .‬لبي عبد الله محمد البوصيري ‪ -‬المكتبة‬
‫الثقافية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -22‬البرهان المؤيد‪ .‬لحمد الرفاعي ‪ -‬ط‪ .‬سنة ‪1322‬هـ وبهامشه‬
‫كتاب النظام الخاص لهل الختصاص لحمد الرفاعي ‪ -‬مكتبة الظاهر‬
‫بمصر‪.‬‬
‫‪ -23‬بغية المرتاد في الرد على الفلسفة والقرامطة والباطنية أهل‬
‫اللحاد‪ .‬لبن تيمية‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬موسى الدويش ‪ -‬مكتبة العلوم والحكم‪،‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ط‪ .‬الولى لسنة ‪1458‬هـ‪.‬‬


‫‪ -24‬البريلوية عقائد وتاريخ‪ .‬لحسان إلهي ظهير ‪ -‬الناشر إدارة‬
‫ترجمان السنة‪.‬‬
‫)ت(‬
‫‪ -25‬تاريخ بغداد‪ .‬لبي بكر أحمد بن الخطيب البغدادي ‪ -‬مطبعة‬
‫الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬والمكتبة العربية‪ ،‬ببغداد‪ .‬ط‪ .‬سنة ‪1349‬هـ‪.‬‬
‫‪ -26‬تاريخ الفلسفة العربية‪ .‬لحنا الفاخوري‪ ،‬د‪ .‬خليل الجر‪،‬‬
‫منشورات دار الجيل‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1982‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬تاريخ الفلسفة اليونانية‪ .‬يوسف كرم ‪ -‬لجنة التأليف والترجمة‬
‫والنشر‪ ،‬ط‪ .‬السادسة‪.‬‬
‫‪ -28‬التاريخ الكبير‪ .‬للبخاري ‪ -‬إدارة الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -29‬تبرئة الذمة في نصح المة‪ .‬محمد عثمان عبده البرهاني‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الخرطوم‪.‬‬
‫‪ -35‬التحفة السنية بتوضيح الطريقة التجانية‪ .‬محمد طاهر ميغري‬
‫البرناوي ‪ -‬طبعة الجامعة السلمية لسنة ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪ -31‬تدريب الراوي‪ .‬للسيوطي‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد الوهاب عبد اللطيف‪،‬‬
‫ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1385‬هـ‪.‬‬
‫‪ -32‬تذكرة الحفاظ‪ .‬للذهبي ‪ -‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -33‬ترتيب القاموس المحيط‪ .‬الطاهر أحمد الزاوي ‪ -‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثالثة )بدون تاريخ(‪.‬‬
‫‪ -34‬التصوف وتأثره بالنصرانية والفلسفات القديمة‪ .‬للدكتور‬
‫إبراهيم بن خلف التركي‪) .‬رسالة دكتوراه ‪ -‬مطبوعة على اللة‬
‫الكاتبة(‪.‬‬
‫‪ -35‬التعريفات‪ .‬لعلي بن محمد الجرجاني ‪ -‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1453‬هـ‪.‬‬
‫‪ -36‬تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس‪ .‬لبن‬
‫حجر‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد الغفار سليمان‪ ،‬ومحمد أحمد عبد العزيز ‪ -‬دار‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬


‫‪ -37‬التعريف والعلم فيما أبهم من السماء والعلم‪ .‬لبي‬
‫القاسم عبد الرحمن السهيلي‪ ،‬ط‪ .‬الزهر الكبرى‪.‬‬
‫‪ -38‬تفريح الخاطر في مناقب الشيغ عبد القادر الكيلني‪ .‬ألفه‬
‫بالفارسية‪ :‬محمد صادق القادري‪ .‬ترجمه عبد القادر الريلي‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الرابعة لسنة ‪1377‬هـ‪ ،‬مطبعة الحلبي بمصر‪.‬‬
‫‪ -39‬تفسير القرآن العظيم‪ .‬لسماعيل بن كثير ‪ -‬دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1407‬هـ‪.‬‬
‫‪ -40‬تقريب التهذيب‪ .‬لبن حجر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الوهاب عبد اللطيف‪،‬‬
‫دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫تقريب التهذيب‪ .‬لبن حجر‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد عوامة ‪ -‬دار الرشد ‪-‬‬
‫حلب‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪ .‬لسنة ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -41‬التقييد واليضاح شرح مقدمة ابن الصلح‪ .‬للعراقي‪ ،‬بهامش‬
‫مقدمة ابن الصلح ‪ -‬دار الحديث للطباعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة‬
‫‪1455‬هـ‪.‬‬
‫‪ -42‬التلخيص‪ .‬للذهبي‪ ،‬بهامش المستدرك‪ ،‬ط‪ .‬دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -43‬تنزيه الشريعة المرفوعة عن الحاديث الشنيعة الموضوعة‪.‬‬
‫لعلي بن عراق الكناني‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله‬
‫محمد الصديق ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1401‬هـ‪.‬‬
‫‪ -44‬تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك‪ .‬للسيوطي )ضمن‬
‫الحاوي له( ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪ 395‬هـ‪.‬‬
‫‪ -45‬تهذيب التهذيب‪ .‬لبن حجر العسقلني‪ ،‬دائرة المعارف‬
‫العثمانية‪ ،‬ط‪ .‬الولى سنة ‪1325‬هـ‪.‬‬
‫)ج(‬
‫‪ -46‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ .‬لبن جرير الطبري ‪ -‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى ‪1412‬هـ‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫جامع البيان في تأويل القرآن لبن جرير الطبري‪ ،‬دار المعرفة ‪-‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -47‬جامع الترمذي‪ .‬لبي عيسى الترمذي ‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثالثة سنة ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪ -48‬جامع كرامات الولياء‪ .‬ليوسف بن إسماعيل النبهاني ‪ -‬دار‬
‫الفكر ‪ -‬تحقيق إبراهيم عطوة‪ .‬طبعة سنة ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪ -49‬الجامع لحكام القرآن‪ .‬لبي عبد الله محمد بن أحمد النصاري‬
‫القرطبي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1458‬هـ‪.‬‬
‫‪ -50‬الجرح والتعديل‪ .‬لبن أبي حاتم ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ .‬الولى لسنة ‪1372‬هـ‪.‬‬
‫‪ -51‬الجوهر المنظم في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وكّرم لبن حجر الهيتمي ‪ -‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة المصرية ببولق‬
‫لسنة ‪1279‬هـ‪.‬‬
‫)ح(‬
‫‪ -52‬حب العرب من اليمان‪ .‬لمؤسس الجماعة الحمدية ‪ -‬الناشر‪:‬‬
‫الجماعة الحمدية بلندن‪.‬‬
‫‪ -53‬حقيقة مذهب التحاديين‪ .‬لبن تيمية‪ .‬تعليق‪ :‬محمد رشيد رضا‬
‫‪ -‬مطبعة المنار‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1349‬هـ‪.‬‬
‫‪ -54‬حلية الولياء وطبقات الصفياء‪ .‬لبي نعيم الصبهاني ‪ -‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية ‪1967‬م‪.‬‬
‫‪ -55‬حصي بن يقظان‪ .‬لبي بكر بن طفيل الندلسي‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫عبد الحليم محمود‪ -‬الناشر مكتبة النجلو المصرية‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫)خ(‬
‫‪ -56‬خصائص أفضل المخلوقين‪ .‬لبن الملقن‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله‬
‫بحر الدين )رسالة ماجستير( ‪ -‬الجامعة السلمية‪.‬‬
‫‪ -57‬الخصائص الكبرى‪ .‬للسيوطي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ .‬الولى لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -58‬خطاب مفتوح إلى شيخ مشائخ الطرق الصوفية‪ .‬من عبد‬


‫الرحمن الوكيل ‪ -‬الناشر‪ :‬عبد الكريم المالكي‪.‬‬
‫)د(‬
‫‪ -59‬الدرر السنية في الرد على الوهابية‪ .‬لحمد زيني دحلن‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الحلبي ‪ -‬مصر‪ ،‬ط‪ .‬الخامسة لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -60‬الدرر السنية في شروط وأحكام وأوراد الطريقة التجانية‪.‬‬
‫لمحمد سعد الرباطابي ‪ -‬مكتبة القاهرة‪ ،‬ط‪ .‬الثالثة لسنة ‪1375‬هـ‪.‬‬
‫‪ -61‬الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة‪ .‬لبن حجر العسقلني‪،‬‬
‫دار الجيل ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -62‬دعوة الحمدية وغرضها‪ .‬لبشير الدين محمد أحمد القادياني ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬الجماعة الحمدية بلندن‪.‬‬
‫‪ -63‬دلئل النبوة‪ .‬لبي بكر البيهقي‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد المعطي‬
‫قلعجي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -64‬دلئل النبوة‪ .‬لبي نعيم الصبهاني ‪ -‬توزيع دار الباز‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫‪ -65‬الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب‪ .‬لبن‬
‫فرحون المالكي‪ .‬تحقيق د‪ .‬محمد أبو النور‪ ،‬دار التراث ‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪ -66‬ديوان البرعي‪ .‬لعبد الرحيم البرعي‪ ،‬مع شرحه )لم يذكر‬
‫الشارح( ‪ -‬مكتبة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -67‬ديوان الحلج‪ .‬أصلحه أبو طريف الشيبي ‪ -‬دار الفاق العربية‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪ -68‬ديوان ابن الفارض‪ .‬ط‪ .‬المكتبة الثقافية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫)ذ(‬
‫‪ -69‬الذخائر المحمدية‪ .‬للدكتور محمد علوي المالكي ‪ -‬مطبعة‬
‫حسان‪ ،‬مصر‪ -70 .‬ذيل طبقات الحنابلة‪ .‬لبن رجب الحنبلي‪ ،‬دار‬
‫المعرفة ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫)ر(‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -71‬الرد على الخنائي‪ .‬لبن تيمية بهامش الرد على البكري ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬الدار العلمية‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫‪ -72‬الرد على البكري‪ .‬لبن تيمية وبهامشه الرد على الخنائي ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬الدار العلمية للطباعة والنشر‪ ،‬دلهي‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫‪ -73‬الرسالة القشيرية‪ .‬لعبد الكريم القشيري‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحليم‬
‫محمود ‪ -‬دار الشعب‪ ،‬ط‪ .‬سنة ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪ -74‬الرفاعية‪ .‬لعبد الرحمن دمشقية‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1410‬هـ )ل‬
‫توجد معلومات عن الناشر(‪.‬‬
‫‪ -75‬رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم‪ .‬لعمر الفوتي ‪-‬‬
‫دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1488 .‬هـ بهامش جواهر المعاني‪ .‬لعلي برادة‪.‬‬
‫‪ -76‬روح المعاني‪ .‬لللوسي ‪ -‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫)س(‬
‫‪ -77‬سفينة نوح أو تقوية اليمان‪ .‬لغلم أحمد القادياني ‪ -‬تعريب‪:‬‬
‫ولي الله شاه‪ ،‬أحد مطبوعات التبشير الحمدية ‪ -‬ربوة باكستان‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الثانية‪.‬‬
‫‪ -78‬السلسلة الصحيحة‪ .‬لمحمد ناصر الدين اللباني ‪ -‬مكتبة دار‬
‫المعارف‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -79‬السلسلة الضعيفة‪ .‬لمحمد ناصر الدين اللباني ‪ -‬المكتب‬
‫السلمي‪ ،‬دمشق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى‪.‬‬
‫‪ -85‬سنن الدارقطني‪ .‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1403‬هـ ‪ -‬عالم الكتب‪،‬‬
‫بيروت‪ .‬وبذيله المغني لمحمد شمس الحق العظيم أبادي‪.‬‬
‫‪ -81‬سنن ابن ماجة‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ .‬ط‪ .‬سنة‬
‫‪1395‬هـ ‪ -‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -82‬سنن النسائي‪ .‬ط‪ .‬الحلبي الولى لسنة ‪1383‬هـ‪ ،‬وبهامشه‬
‫زهر الربى على المجتبى‪ .‬للسيوطي‪.‬‬
‫‪ -83‬سؤالت أبي عبيد الجري أبا داود السجستاني في الجرح‬
‫والتعديل‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد قاسم العمري ‪ -‬مطبوعات المجلس العلمي‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫بالجامعة السلمية بالمدينة المنورة‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1402‬هـ‪.‬‬


‫‪ -84‬سير أعلم النبلء‪ .‬للذهبي‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.‬‬
‫‪ 1453‬هـ‪ -85 .‬السيرة النبوية‪ .‬لبن هشام‪ .‬تحقيق‪ :‬السقا والبياري‬
‫والشلبي ‪ -‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫)ش(‬
‫‪ -86‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ .‬لبن العماد الحنبلي‪،‬‬
‫تحقيق محمود الرناؤوط‪ ،‬دار ابن كثير ‪ -‬دمشق ط‪ .‬الولى ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ -87‬شجرة النور الزكية في طبقات المالكية‪ .‬لمحمد مخلوف‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي ‪ -‬بيروت‪ ،‬صورة من الطبعة السلفية لسنة ‪1349‬هـ‪.‬‬
‫‪ -88‬الشرائع السابقة ومدى حجيتها في الشريعة السلمية‪.‬‬
‫للدكتور عبد الرحمن الدرويش‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1410‬هـ ‪ -‬شركة‬
‫العبيكان للنشر‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -89‬شرح العقيدة الطحاوية‪ .‬لبن أبي العز الحنفي‪ .‬تحقيق‬
‫وتخريج‪ :‬د‪ .‬عبد الله بن عبد المحسن التركي‪ ،‬وشعيب الرناؤوط ‪-‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1411‬هـ‪.‬‬
‫‪ -95‬شطحات الصوفية‪ .‬للدكتور عبد الرحمن بدوي‪ ،‬الناشر وكالة‬
‫المطبوعات ‪ -‬الكويت ط‪ .‬الثالثة لسنة ‪1976‬م‪.‬‬
‫‪ -91‬شعب اليمان‪ .‬للبيهقي‪ .‬تحقيق محمد السعيد بسيوني ‪ -‬دار‬
‫الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ -92‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى‪ .‬للقاضي عياض‪ .‬تحقيق علي‬
‫محمد البجاوي ‪ -‬دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ -93‬شفاء السقام في زيارة خير النام‪ .‬لبي الحسن السبكي ‪-‬‬
‫لجنة التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -94‬شواهد الحق في الغاثة بسيد الخلق‪ .‬ليوسف النبهاني‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الحلبي‪،‬‬
‫)ص(‬
‫‪ -95‬الصارم المنكي في الرد على السبكي‪ .‬لبن عبد الهادي‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫تعليق إسماعيل النصاري ‪ -‬مكتبة التوعية السلمية )ط‪ .‬بدون تاريخ(‪.‬‬


‫‪ -96‬صحيح البخاري‪ .‬لمحمد بن إسماعيل البخاري مع فتح الباري‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬الشيخ ابن باز ‪ -‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -97‬صحيح الترمذي‪ .‬لللباني ‪ -‬الناشر‪ :‬مكتب التربية العربية لدول‬
‫الخليج‪ ،‬ط‪1408 .‬هـ‪.‬‬
‫‪ -98‬صحيح ابن ماجة‪ .‬لللباني ‪ -‬ط‪ .‬الثالثة ‪1408‬هـ‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫مكتب التربية العربية لدول الخليج‪.‬‬
‫‪ -99‬صحيح مسلم بن الحجاج مع النووي‪ .‬المطبعة المصرية بمصر‪.‬‬
‫‪ -100‬الصحيح المسند في أسباب النزول‪ .‬لمقبل بن هادي‬
‫الوادعي‪ .‬دار ا لرقم‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫‪ -101‬صحيح النسائي‪ .‬لللباني‪ .‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1409‬هـ ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتب التربية العربي لدول الخليج‪.‬‬
‫‪ -102‬الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية‪.‬‬
‫لسليمان بن سحمان النجدي الحنبلي‪ .‬تحقيق عبد السلم آل عبد‬
‫الكريم ‪ -‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪ -153‬صيانة النسان عن وسوسة الشيخ دحلن‪ .‬لمحمد بشير‬
‫السهسواتي‪ .‬تعليق‪ :‬النصاري ‪ -‬مطابع نجد لسنة ‪1395‬هـ‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الخامسة‪.‬‬
‫)ض(‬
‫‪ -104‬الضعفاء الصغير‪ .‬للبخاري‪ ،‬ضمن المجموعة في الضعفاء‬
‫والمتروكين‪ .‬تحقيق عبد العزيز السيروان ‪ -‬دار القلم‪.‬‬
‫‪ -105‬الضعفاء والمتروكون‪ .‬لبن الجوزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله‬
‫القاضي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -106‬الضعفاء والمتروكون‪ .‬للدارقطني‪ ،‬ضمن المجموعة في‬
‫الضعفاء والمتروكين‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد العزيز السيروان ‪ -‬دار القلم‪.‬‬
‫‪ -107‬الضعفاء والمتروكون‪ .‬للدارقطني‪ .‬تحقيق موفق بن عبد الله‬
‫‪ -‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -108‬الضعفاء الكبير‪ .‬لبي جعفر محمد بن عمر بن موسى‬


‫العقيل‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد المعطي قلعجي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ .‬الولى‪.‬‬
‫‪ -109‬الضعفاء والمتروكون‪ .‬للنسائي‪ .‬تحقيق محمود إبراهيم زايد‬
‫‪ -‬دار الوعي‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1396‬هـ‪.‬‬
‫)ط(‬
‫‪ -110‬طائفة القاديانية‪ .‬لمحمد الخضر حسين‪ ،‬ضمن مجموعة‬
‫رسائل عن القادياني ‪ -‬الناشر‪ :‬رابطة العالم السلمي‪.‬‬
‫‪ -111‬طبقات الشافعية الكبرى‪ .‬لتاج الدين بن عبد الوهاب‬
‫السبكي‪ .‬تحقيق‪ :‬الحلور الطناحي ‪ -‬مطبعة الحلبي‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ .‬الولى‬
‫لسنة ‪1968‬م‪.‬‬
‫‪ -112‬طبقات الشافعية‪ .‬لجمال الدين عبد الرحيم السنوي‪،‬‬
‫تحقيق عبد الله الجبوري‪ ،‬دار العلوم ‪ -‬الرياض ط‪ .‬سنة ‪1400‬هـ‪.‬‬
‫‪ -113‬الطبقات الكبرى‪ .‬لعبد الوهاب الشعراني ‪ -‬المطبعة‬
‫التوقيفية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -114‬الطبقات الصغرى‪ .‬للشعراني‪ .‬تحقيق عبد القادر أحمد عطا‪،‬‬
‫ط‪ .‬الولى لسنة ‪1390‬هـ‪.‬‬
‫‪ -115‬الطبقات في خصوص الولياء الصالحين والعلماء والشعراء‬
‫في السودان‪ .‬لمحمد النور بن ضيف الله‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬يوسف فضل ‪-‬‬
‫دار جامعة الخرطوم للنشر‪ ،‬ط‪ .‬الثالثة لسنة ‪1985‬م‪.‬‬
‫‪ -116‬الطواسين‪ .‬للحلج‪ .‬تحقيق لويس ماسيتون‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة‬
‫المثنى‪ ،‬بغداد‪:‬‬
‫)ع(‬
‫‪ -117‬العبر في خبر من غبر‪ .‬للذهبي‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد السعيد‬
‫زغلول ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -118‬العجاب في بيان السباب‪ .‬لبن حجر العسقلني‪ .‬تحقيق‬
‫خالد السامرائي ‪ -‬مطبوع على اللة الكاتبة‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -119‬عقيدة ختم النبوة‪ .‬للدكتور‪ :‬أحمد سعد حمدان‪ ،‬دار طيبة‪،‬‬


‫الرياض‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -120‬العقيدة والشريعة في السلم‪ .‬لجناس جولد تسهير‪ .‬ترجمة‬
‫الدكتور محمد يوسف وآخرون‪.‬‬
‫‪ -121‬علمات النبوة‪ .‬لحمد أبي بكر البوصيري‪ .‬تحقيق أم عبد الله‬
‫العسلي‪ -‬مكتبة السوادي‪ ،‬جده‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1411‬هـ‪.‬‬
‫‪ -122‬العلل ومعرفة الرجال‪ .‬لحمد بن حنبل ‪ -‬الناشر د‪ .‬طلعت‬
‫نوح‪ ،‬د‪ .‬إسماعيل جراح‪.‬‬
‫‪ -123‬عمل اليوم والليلة‪ .‬لبن السني‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد القادر عطا ‪-‬‬
‫مكتبة الكليات الزهرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ .‬سنة ‪1389‬هـ‪.‬‬
‫)ف(‬
‫‪ -124‬الفتاوى الحديثية‪ .‬لبن حجر الهيتمي‪ ،‬وبهامشه الدرر‬
‫المنتثرة في الحاديث المنتشرة‪ .‬للسيوطي ‪ -‬المطبعة الميمنية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫لسنة ‪1307‬هـ‪.‬‬
‫‪ -125‬فتح الباري‪ .‬لبن حجر العسقلني ‪ -‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -126‬فتح القدير‪ .‬للشوكاني‪ .‬ط‪ .‬الحلبي‪ ،‬لسنة ‪1351‬هـ‪.‬‬
‫‪ -127‬فتح الكريم القريب شرح أنموذج اللبيب في خصائص‬
‫الحبيب‪ .‬لمحمد بن أحمد بن عبد الباري الهدل ‪ -‬مطبعة النهضة‬
‫الحديثة‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬لسنة ‪1405‬هـ‪ ،‬ط‪ .‬الولى‪.‬‬
‫‪ -128‬الفتوحات المكية‪ .‬لبن عربي ‪ -‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫عثمان يحيى ‪ -‬الناشر‪ :‬وزارة الثقافة والعلم بمصر‪ ،‬لسنة ‪1392‬هـ‪.‬‬
‫‪ -129‬فصوص الحكم‪ .‬لبن عربي‪ .‬تعليق د‪ .‬أبو العلء عفيفي‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي بيروت‪ ،‬ط‪ .‬سنة ‪1946‬م‪.‬‬
‫‪ -130‬فصوص الحكم‪ .‬لبي نصر محمد بن طرخان الفارابي ‪-‬‬
‫طبعة المعارف‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1396‬هـ‪.‬‬
‫‪ -131‬الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫لسماعيل بن كثير‪ .‬تحقيق وتعليق‪ :‬د‪ .‬محمد السعيد الخطراوي‪،‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫ومحيي الدين مستو ‪-‬دار ابن كثير‪ ،‬دمشق‪ ،‬بيروت‪ -‬مكتبة دار التراث‪،‬‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ .‬السادسة لسنة ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ -132‬الفوز الكبر‪ .‬لبي علي أحمد بن مسكويه ‪ -‬دار مكتبة الحياء‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ -133‬في الفلسفة السلمية‪ .‬منهج وتطبيق‪ .‬د‪ .‬إبراهيم مدكور ‪-‬‬
‫دار المعارف بمصر‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫)ق(‬
‫‪ -134‬القاديانية ثورة على النبوة المحمدية والسلم‪ .‬لبي الحسن‬
‫الندوي ‪ -‬الناشر‪ :‬رابطة العالم السلمي بمكة‪ ،‬لسنة ‪1392‬هـ‪ ،‬ضمن‬
‫مجموعة رسائل عن القاديانية‪.‬‬
‫‪ -135‬القاديانية‪ ،‬دراسة وتحليل‪ .‬لحسان إلهي ظهير‪ ،‬ط‪ .‬الولى‬
‫لسنة ‪1387‬هـ‪ ،‬الناشر‪ :‬المكتبة العلمية بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫‪ -136‬القاديانية والستعمار النجليزي‪ .‬لعبد الله سلوم السامرائي‬
‫‪ -‬منشورات وزارة الثقافة والعلم العراقية‪ ،‬لسنة ‪1981‬م‪.‬‬
‫‪ -137‬القادياني والقاديانية‪ ،‬دراسة وتحليل‪ .‬لبي الحسن الندوي ‪-‬‬
‫الدار السعودية للنشر‪ ،‬جدة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬لسنة ‪1387‬هـ‪.‬‬
‫‪ -138‬قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة‪ .‬لبن تيمية‪ .‬تحقيق د‪.‬‬
‫ربيع بن هادي‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1409‬هـ ‪ -‬مكتبة لينة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -139‬القاموس المحيط‪ .‬للفيروز آبادي‪ .‬تحقيق مكتب تحقيق‬
‫التراث في مؤسسة الرسالة ‪ -‬النشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫سوريا‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪ ،‬لسنة ‪1407‬هـ‪.‬‬
‫‪ -140‬القرب والتهاني في حضرة التداني‪ .‬شرح الصلوات‬
‫المحمدية للسادة الصوفية‪ ،‬ط‪ .‬لسنة ‪1397‬هـ‪.‬‬
‫‪ -141‬قلدة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الكابر‪.‬‬
‫لمحمد أبي الهدى الصيادي الرفاعي ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الولى لسنة‪.‬‬
‫)ك(‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -142‬الكامل في ضعفاء الرجال‪ .‬لبن عدي ‪ -‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪،‬‬


‫ط‪ .‬الولى لسنة ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪ -143‬كتاب المجروحين من الضعفاء والمتروكين‪ .‬لبن حبان‬
‫البستي‪ .‬تحقيق محمد إبراهيم زايد ‪ -‬دار الوعي‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪ .‬سنة‬
‫‪1395‬هـ‪.‬‬
‫‪ -144‬كتاب المحكمة الشرعية الفيدرالية بجمهورية باكستان‬
‫السلمية‪ ،‬تقرر أن القاديانية فئة كافرة ‪ -‬تعريب‪ :‬محمد بشير‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫حديث أكاديمي فيصل أباد باكستان‪.‬‬
‫‪ -145‬الكنى والسماء‪ .‬لمحمد بن حماد الدولبي ‪ -‬المكتبة الثرية‪،‬‬
‫جامع أهل الحديث‪ ،‬باغوالي‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫)ل(‬
‫‪ -146‬لباب النقول في أسباب النزول‪ .‬للسيوطي ‪ -‬دار إحياء‬
‫العلوم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -147‬لسان الميزان‪ .‬لبن حجر ‪ -‬منشورات مؤسسة العلمي‬
‫للمطبوعات بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -148‬لسان العرب‪ .‬لبن منظور‪ ،‬أعاده على الحرف الول‪،‬‬
‫يوسف خياط ونديم مرعشلي‪.‬‬
‫‪ -149‬لطائف السرار‪ .‬لبن عربي‪ .‬تحقيق‪ :‬أحمد زكي عطية‪ ،‬وطه‬
‫عبد الباقي سرور ‪ -‬دار الفكر العربي‪ ،‬لسنة ‪1385‬هـ‪.‬‬
‫‪ -150‬لمع برق المقامات العوالي في زيارة حسن الراعي وولده‬
‫عبد العالي‪ .‬لمصطفى البكري الخلوتي‪ ،‬ضمن شواهد الحق‪.‬‬
‫)م(‬
‫‪ -151‬مجلة الجامعة السلمية‪ .‬بالمدينة المنورة‪ .‬السنة الحادية‬
‫عشرة ‪ -‬العدد الثاني لسنة ‪1398‬هـ‪.‬‬
‫‪ -152‬مجمع البحرين في زوائد المعجمين‪ .‬للهيثمي‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫القدوس نذير‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1413‬هـ ‪ -‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -153‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ .‬لعلي بن أبي بكر الهيثمي ‪ -‬دار‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1967‬م‪.‬‬


‫‪ -154‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ .‬للهيثمي ‪ -‬مكتبة القدس‬
‫بالقاهرة‪ ،‬لسنة ‪1353‬هـ‪.‬‬
‫‪ -155‬المجموع شرح المهذب‪ .‬دار الفكر‪ .‬وبذيله فتح العزيز شرح‬
‫الوجيز‪ .‬للرافعي‪ ،‬والتلخيص الحبير لبن حجر‪.‬‬
‫‪ -156‬مجموع الفتاوى‪ .‬لبن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب عبد الرحمن‬
‫محمد بن قاسم النجدي وابنه محمد ‪ -‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬لسنة‬
‫‪1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -157‬مختصر زوائد البزار على الكتب الستة‪ .‬لبن حجر‬
‫العسقلني‪ .‬تحقيق‪ :‬صبري عبد الخالق ‪ -‬مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الولى لسنة ‪1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -158‬المدخل إلى الصحيح‪ .‬للحاكم النيسابوري‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬ربيع‬
‫بن هادي ‪ -‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪ -159‬المدينة الفاضلة للفارابي‪ .‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علي عبد الواحد وافي ‪-‬‬
‫الناشر‪ :‬شركة مكتبات عكاظ‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪ -160‬المسألة القاديانية‪ .‬لبي العلى المودودي ‪ -‬دار القلم‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪ .‬لسنة ‪1389‬هـ‪.‬‬
‫‪ -161‬المسألة القاديانية‪ .‬طبعة أخرى‪ ،‬الناشر رابطة العالم ضمن‬
‫المجموعة من الرسائل عن القاديانية‪.‬‬
‫‪ -162‬المستدرك على الصحيحين‪ .‬للحاكم النيسابوري ‪ -‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬وبذيله التلخيص للذهبي‪.‬‬
‫‪ -163‬مسند المام أحمد بن حنبل وبهامشه منتخب كنز العمال‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ -164‬مسند المام أحمد بن حنبل‪ .‬شرح أحمد شاكر ‪ -‬دار‬
‫المعارف‪ ،‬مصر لسنة ‪1372‬هـ‪.‬‬
‫‪ -165‬المسيح الناصري‪ .‬لغلم أحمد القادياني ‪ -‬الناشر‪ :‬أحد‬
‫مطبوعات التبشير الحمدية‪ ،‬ربوة باكستان‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -166‬مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين علي بن أبي‬


‫طالب‪ .‬لرجب البرسي ‪ -‬مؤسسة العلمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -167‬مصباح الهداية إلى الخلفة والولية‪ .‬للخميني ‪ -‬مؤسسة‬
‫الوفا‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -168‬المعجم الفلسفي‪ .‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬عالم الكتب‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -169‬المعجم الكبير‪ .‬للطبراني‪ .‬تحقيق حمد السلفي‪ ،‬ط‪ .‬الولى‪،‬‬
‫بغداد‪.‬‬
‫‪ -170‬معجم مصطلحات الصوفية‪ .‬للدكتور عبد المنعم الحفني ‪-‬‬
‫دار المسيرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1400‬هـ‪.‬‬
‫م‪ :‬عاتق‬
‫قد ّ ِ‬
‫م َ‬
‫‪ -171‬معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية‪ .‬لل ُ‬
‫بن غيث البلدي ‪ -‬دار مكة للنشر‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة‬
‫‪1402‬هـ‪.‬‬
‫‪ -172‬المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ -173 .‬معجم‬
‫المؤلفين‪ .‬لعمر رضا كحالة‪ ،‬مكتبة المثنى ‪ -‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -174‬المغني‪ .‬لبن قدامة ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .‬وبهامشه‬
‫الشرح الكبير‪.‬‬
‫‪ -175‬المغني في الضعفاء‪ .‬للذهبي‪ .‬تحقيق‪ :‬نور الدين عتر ‪-‬‬
‫)ليس به معلومات عن الناشر(‪.‬‬
‫‪ -176‬المفاخر العلية في المآثر الشاذلية‪ .‬لحمد بن عباد الشافعي‬
‫‪ -‬طبعة الحلبي‪ ،‬مصر‪ ،‬لسنة ‪1381‬هـ‪.‬‬
‫‪ -177‬مفاهيم يجب أن تصحح‪ .‬لمحمد علوي المالكي‪ ،‬ط‪ .‬الولى‬
‫لسنة ‪1405‬هـ ‪ -‬دار النسان ‪ -‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -178‬مقالت الكوثري‪ .‬لمحمد زاهد الكوثري ‪ -‬مطبعة الندلس‬
‫بحمص‪ ،‬ط ‪1388‬هـ‪.‬‬
‫‪ -179‬مقدمة ابن الصلح وبهامشها التقييد واليضاح‪ .‬للعراقي ‪-‬‬
‫دار الحديث للطباعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -180‬ملحق قصيدة البردة‪ .‬كتبه‪ :‬عبد الله الصديق الغماري‪ ،‬بذيل‬


‫كتاب البوصيري مادح الرسول صلى الله عليه وسلم‪ .‬لعبد العال‬
‫الحمامصي ‪ -‬مكتبة الهداية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الثانية لسنة ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ -181‬ميزان العتدال‪ .‬لشمس الدين الذهبي‪ .‬تحقيق علي محمد‬
‫البجاوي ‪ -‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1382‬هـ‪.‬‬
‫)ن(‬
‫‪ -182‬النبوات لبن تيمية‪ ،‬تحقيق محمد عبد الرحمن عوض‪ ،‬الناشر‬
‫دار الكتاب العربي ‪ -‬بيروت ط‪ .‬الولى لسنة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -183‬نشأة الفكر الفلسفي في السلم‪ .‬للدكتور علي سامي‬
‫النشار ‪ -‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ .‬السابعة لسنة ‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ -184‬النصيحة‪ .‬المؤلف الجماعة الحمدية ‪ -‬الناشر الجماعة‬
‫الحمدية‪ ،‬لندن‪.‬‬
‫‪ -185‬نظرية المعرفة الشراقية وأثرها في النظرة إلى النبوة‪.‬‬
‫للدكتور إبراهيم هلل ‪ -‬الناشر‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬لسنة‬
‫‪1397‬هـ‪.‬‬
‫‪ -186‬نقض المنطق‪ .‬لبن تيمية‪ .‬تصحيح محمد حامد الفقي ‪-‬‬
‫مكتبة السنة المحمدية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -187‬النكت على كتاب ابن الصلح‪ .‬لبن حجر‪ .‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬ربيع بن‬
‫هادي ‪ -‬مطبوعات المجلس العلمي بالجامعة السلمية‪ ،‬بالمدينة‬
‫المنورة‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة ‪1402‬هـ‪.‬‬
‫‪ -188‬النكت والعيون‪ .‬تفسير أبي الحسن الماوردي‪ .‬تعليق السيد‬
‫بن عبد المقصود ‪ -‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫داب‬
‫‪ -189‬النور المحمدي بين هدى الكتاب المبين وغلو الغالين‪ .‬ع ّ‬
‫الحمش دار حسان‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار الماني‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ .‬الولى لسنة‬
‫‪1407‬هـ‪.‬‬
‫‪ -190‬النور من كلمات أبي طيفور‪ .‬لبي الفضل الفلكي‪ ،‬ضمن‬
‫كتاب شطحات الصوفية للدكتور عبد الرحمن بدوي‪.‬‬
‫)هـ(‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫‪ -191‬الهداية الربانية في فقه الطريقة التجانية‪ .‬لمحمد السيد‬


‫التجاني ‪ -‬الناشر‪ :‬مكتبة مضوي‪ ،‬ود مدني‪ ،‬السودان‪.‬‬
‫)و(‬
‫‪ -192‬الواسطة بين الحق والخلق‪ .‬لبن تيمية‪ ،‬راجعها محمد جميل‬
‫زينو‪ ،‬ط‪ .‬الجامعة السلمية‪ ،‬بالمدينة المنورة‪ ،‬ط‪ .‬الولى‪.‬‬
‫‪ -193‬وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان‪ .‬لحمد بن خلكان‪ .‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬إحسالت عباس ‪ -‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫)ي(‬
‫‪ -194‬يحيى بن معين وكتـابه التاريـخ‪ .‬تحقيـق د‪ .‬أحمـد محمـد نـور‬
‫ســيف ‪ -‬طبعــة جامعــة الملــك عبــد العزيــز‪ ،‬بجــدة‪ ،‬ط‪ .‬الولــى لســنة‬
‫‪1399‬هـ‪.‬‬
‫تم بحمد الله‪...‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫أصل الكتاب‪1................................................................:‬‬
‫المقدمة‪1.....................................................................:‬‬
‫أهمية الموضوع‪4.........................................................:‬‬
‫أهداف البحث وأسباب اختياري له‪4................................. :‬‬
‫خطة البحث‪5..............................................................:‬‬
‫منهجي في البحث‪7......................................................:‬‬
‫المدخل إلى الموضوع‪11..................................................:‬‬
‫الخصائص‪11..............................................................:‬‬
‫التعريف بالخصائص النبوية‪12........................................ :‬‬
‫أقسام الخصائص النبوية‪12............................................:‬‬
‫مظان الخصائص‪13......................................................:‬‬
‫المصطفى‪15............................................................. :‬‬
‫الغلو‪16.....................................................................:‬‬
‫الجفاء‪16...................................................................:‬‬
‫الباب الول‪18................................................................:‬‬
‫الخصائص النبوية الصحيحة‪18.............................................‬‬
‫الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الول‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع النبياء‪18.................‬‬
‫المبحث الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وســلم دون جميــع‬
‫النبياء عليهم السلم في الحياة الدنيا‪18..................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بــأن آيتــه العظمــى فــي‬
‫كتابه‪18.......................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بتعهد الله تعالى بحفــظ‬
‫الكتاب المنزل عليه‪20.....................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن كتابه مشتمل علــى‬
‫ما اشتملت عليه الكتب السابقة وفُ ّ‬
‫ضل بالمفصل‪21................:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بخواتيم سورة البقرة‪. .:‬‬
‫‪21‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بــأن فــي كتــابه الناســخ‬
‫والمنسوخ‪22.................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين‪22..:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بإرساله إلى الثقلين‪23 :‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالنصر بالرعب مســيرة‬
‫شهر وجعلت له الرض مسجدا ً وطهورا ً وأحلت له الغنائم‪24......:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بيوم الجمعة‪25.........:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بنداء الله تعالى له بأعّز‬
‫أوصافه‪25....................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليــه وســلم بــأن اللــه تعــالى نهــى‬
‫الناس أن ينادوه باسمه العلم‪26.........................................:‬‬
‫حرســت‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليــه وســلم بــأن الســماء ُ‬
‫بمبعثه‪27.....................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بــأن اللــه تعــالى أقســم‬
‫بحياته‪27......................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم بــأن أدل ّــه تعــالى تــولى‬
‫الدفاع عنه مما رماه به قومه‪27.........................................:‬‬
‫دمه‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم بــأن اللــه تعــالى قـ ّ‬
‫على جميع أنبيائه في الذكر في أغلب آيات القرآن‪28...............:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بإمامة النبياء فــي بيــت‬
‫المقدس‪28..................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بانشقاق القمر آية له‪. .:‬‬
‫‪29‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن من معجزاتة ما هــو‬


‫أظهر في العجاز من معجزات غيره‪29................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بحنين الجذع إليه‪30. . .:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بتسليم الحجر عليه قبل‬
‫البعثة‪30......................................................................:‬‬
‫اختصــاص النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم بــأنه بعــث رحمــة‬
‫للعالمين‪31...................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى جمــع لــه‬
‫من مراتب الوحي مراتب عديدة‪32.....................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليــه وســلم بأخــذ الميثــاق لــه مــن‬
‫جميع النبياء باليمان به ونصرته‪34.....................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم بــأن أهــل الكتــاب لهــم‬
‫علم به‪34.....................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم بكــونه أمي ـا ً ل يقــرأ ول‬
‫يكتب‪34......................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أوتي مفاتيح خزائن‬
‫الرض‪35.....................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى جمــع لــه‬
‫بين القبلتين‪35..............................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى أح ـ ّ‬
‫ل لــه‬
‫مكة ساعة من نهار‪36.....................................................:‬‬
‫ن الــدجال ل يــدخل‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليــه وســلم بــأ ّ‬
‫بلدتيه‪37......................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بــأن الطــاعون ل يــدخل‬
‫مدينته‪37.....................................................................:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الصلة في مسجده‬


‫أفضل من ألف صلة‪37...................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن ما بين بيتــه ومنــبره‬
‫ن منبره على حوضه‪37....................:‬‬
‫روضة من رياض الجنة وأ ّ‬
‫المبحث الثاني خصائص النبي صلى الله عليه وســلم دون جميــع‬
‫النبياء عليهم السلم في الحياة الخرة‪38................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أول من تنشق عنــه‬
‫الرض وبإعطائه لواء الحمد وأول من يدخل الجنة يوم القيامة‪38 :‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم بــأن اللــه تعــالى يبعثــه‬
‫يوم القيامة مقاما ً محمودًا‪39.............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ســيد ولــد آدم يــوم‬
‫القيامة ويفتح الله عليه من المحامد مــا ل يفتحــه علــى غيــره وأن‬
‫الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪39..................:‬‬
‫اختصاص النبي صــلى اللــه عليــه وســلم بــأنه أول شــفيع فــي‬
‫الجنة وأول من يقرع بابها‪41.............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بــأنه أكــثر النبيــاء تابع ـا ً‬
‫يوم القيامة ويدخل من أمته الجنة سبعون ألفا ً بغير حساب‪41....:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة أمته على المم‬
‫يوم القيامة‪42...............................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى اللــه عليــه وســلم بالشــهادة علــى أمتــه‬
‫بإبلغ الرسالة‪43............................................................:‬‬
‫اختصاص النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم بــأنه أول مــن يجــوز‬
‫الصراط من الرسل بأمته‪43.............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الوسيلة‪43......:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائه الكوثر‪44......:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته وقــد‬
‫يشاركه فيها النبياء أو بعضهم‪45..............................................:‬‬
‫اختصــاص النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم دون أمتــه بوجــوب‬
‫محبته‪45......................................................................:‬‬
‫اختصاص النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم دون أمتــه بــأن اللــه‬
‫تعالى عصمه من الناس‪45...............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بإسلم قرينه‪:‬‬
‫‪46‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأن من كــذب‬
‫عليه متعمدا ً مختلف في كفره‪48........................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم دون أمتــه بــأنه ل يحــل‬
‫لحد أن يرفع صوته فوق صوته صلى الله عليه وسلم‪48...........:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأنه تنام عينــه‬
‫ول ينام قلبه‪49..............................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأنه يــرى مــن‬
‫وراء ظهره كما يرى أمامه‪49............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بأنه يسمع مــا‬
‫ل يسمعه الناس‪50.........................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بطيــب عرقــه‬
‫وريحه ولين مسه‪50........................................................:‬‬
‫اختصــاص النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم دون أمتــه بتفضــيل‬
‫نسائه على سائر النساء‪51...............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وســلم دون أمتــه بــأن أزواجــه‬
‫ن محرمات على غيره أبدًا‪52........................:‬‬
‫اللتي توفي عنه ّ‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليــه وســلم دون أمتــه بــأنه يوعــك‬
‫في مرضه كما يوعك الرجلن من أمته‪52.............................:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بتخييــره قبــل‬
‫قبضه بين الدنيا والخرة‪52...............................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى اللــه عليــه وســلم دون أمتــه بــدفنه فــي‬
‫المكان الذي قبض فيه‪53.................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته بــأن الرض ل‬
‫تأكل جسده وعرض صلة أمته عليه في قبره‪53.....................:‬‬
‫الباب الثاني‪54................................................................‬‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‪54....................‬‬
‫الفصل الول‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة قبل‬
‫وجوده‪54...........................................................................:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عنــد الغلة‬
‫بأنه أول النبيين في الخلق وأنه مرسل إلى جميع النبياء وأممهم‪54 :‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأنه مخلوق من نور الله تعــالى وأن الوجــود كلــه مخلــوق مــن نــوره‬
‫صلى الله عليه وسلم‪61......................................................:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬ذكر دليلهم والكلم عليه من جهة الثبوت‪61. :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المفاسد العقدية المترتبة على هذا الحديث‪. :‬‬
‫‪64‬‬
‫المصدر الهرمسي‪67.................................................:‬‬
‫المصدر الفلوطيني‪70...............................................:‬‬
‫نظرية الفيض الفلطونية‪71........................................:‬‬
‫المصدر الهندي‪73.....................................................:‬‬
‫نتيجة‪74.................................................................:‬‬
‫الخميني وشيوخه‪83..................................................:‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بتوسل النبياء به قبل وجوده‪86............................................:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫التوسل المشروع‪105................................................:‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عنــد الغلة‬
‫باستفتاح أهل الكتاب بحقه قبل وجوده‪107..............................:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص النبي صلى الله عليـه وسـلم عنـد الغلة‬
‫في حياته البرزخية‪111.......................................................:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بأن من زار قبره وجبت له شفاعته‪112...................................:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫صّلى عليه في بيــت‬
‫بأن من حج حجة السلم وزار قبره وغزا غزوة و َ‬
‫المقدس لم يسأله الله تعالى فيما افترض عليه‪122...................:‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بمحو الذنوب وعلم ما في اللوح المحفوظ والقلوب‪128..............:‬‬
‫ص الغلة النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم بمحــو الــذنوب‬
‫خــ ّ‬
‫وغفرانها‪130................................................................:‬‬
‫اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة بعلــم الغيــب‬
‫وعلم ما في الضمير واللوح المحفوظ‪140............................:‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عنــد الغلة‬
‫بأنه إليه الملذ والمهرب في الشدائد والكرب فيمــا ل يقــدر عليــه إل‬
‫الله تعالى‪144..................................................................:‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬اختصاص النبي صــلى اللــه عليــه وســلم عنــد‬
‫الغلة بأنه ُيجيب الدعاء وترفع إليه أكف الضراعة‪147.................:‬‬
‫ص الغلة الرسول صلى اللــه عليــه وســلم فيمــا ســبق مــن‬
‫خ ّ‬
‫النصوص )بأنه يجيب الدعاء وترفع إليه أكف الضراعة‪148.........:‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬اختصاص النبي صــلى اللــه عليــه وســلم عنــد‬
‫الغلة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي‪152. .:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫المبحث الســابع‪ :‬اختصــاص النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم عنــد‬


‫الغلة برؤيته بعد موته في الحياة الدنيا يقظة ل منامًا‪154............:‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلة‬
‫بتلقين مشايخ الصوفية الوراد وحضور حلق ذكرهم بعد مــوته يقظــة‬
‫ل منامًا‪164.....................................................................:‬‬
‫الباب الثالث‪172.............................................................‬‬
‫خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الجفاة‪172.................‬‬
‫الفصل الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫‪172‬‬
‫المبحث الول‪ :‬رد خصيصة ختم النبــوة بــالنبي صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم عند الفلسفة المنتسبين للسلم‪172.............................:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رد خصيصة ختم النبــوة بـالنبي صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم عند القاديانية‪188.....................................................:‬‬
‫متنبىء القاديانية غلم أحمد‪189...................................:‬‬
‫تطاول القادياني على الرسول صلى الله عليه وسلم وإخــوانه‬
‫النبياء‪198...................................................................:‬‬
‫ادعاء القادياني مشــاركة النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم فــي‬
‫خصوصية الختم به‪199....................................................:‬‬
‫ادعاء القادياني أنه خاتم النبياء‪199...............................:‬‬
‫تكفير القاديانية للمسلمين‪200.....................................:‬‬
‫القاديانية فئة كافرة‪201.............................................:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬شهادة القرآن والسنة‪202....................................:‬‬
‫ثانيًا‪ :‬شهادة القادياني على نفسه بالكفر‪202...................:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تقديم الجفاة أولياءهم على النــبي صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم في الخصائص‪205........................................................:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬مشاركة أولياء الجفاة للنبياء عليهم الســلم فــي‬
‫خصائصهم‪206.................................................................:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫صور مــن زعــم الجفــاة مشــاركة النبيــاء عليهــم الســلم فــي‬


‫خصائصهم‪206..............................................................:‬‬
‫دعوى الوحي إلى أوليائهم بغفران ذنوبهم وهم أحياء‪206. . . .:‬‬
‫زعمهم نزول موائد من السماء على أولياء الجفاة‪207........:‬‬
‫مساواة علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وســلم فــي‬
‫الفضل عند الشيعة‪210...................................................:‬‬
‫المبحــث الثــاني خصــائص لوليــاء الجفــاة فــاقت خصــائص ســيد‬
‫النبياء صلى الله عليه وسلم)(‪211........................................:‬‬
‫يصلون في مكة المكرمة وهم في بلدانهم‪212.............!!!.‬‬
‫دعواهم أن الكعبة تطوف بهم وتعانقهم‪212.....................:‬‬
‫تحملهم الشياطين فيمشون على الماء ويطيرون في الهواء‪..:‬‬
‫‪214‬‬
‫دعــوى ضــمان الجنــة وغفــران الــذنوب وحصــول الرحمــة‬
‫لتباعهم‪215.................................................................:‬‬
‫فريتهم منازعة ملك المــوت وقهــره ورد أرواح مريــديهم منــه‬
‫بعد قبضها‪217..............................................................:‬‬
‫كذبهم أن الشيخ عبــد القــادر الجيلنــي خل ّــص مريــده الــذي ل‬
‫يعرف الله تعالى من ملئكة العذاب‪218...............................:‬‬
‫سخرت لهم الوحوش‪219...........................................:‬‬
‫ُ‬
‫دعواهم أن أولياءهم يعلمون ما بالقلوب‪220....................:‬‬
‫ُتلبي الشياطين شهواتهم في الحال‪221..........................:‬‬
‫در اللــه ذلــك‬
‫ُيعطون الجنة فــي بطــون المهــات‪ ،‬وإن لــم ُيقـ ّ‬
‫)سبحانك هذا بهتان عظيم(‪222..........................................‬‬
‫زعموا أن أولياءهم يقولون للشيء )كن( فيكون‪224..........:‬‬
‫ب‪ -‬يتصرفون في الكون في حياتهم وبعد مماتهم‪227........:‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لخوانكم في موقع‪www.alsoufia.com :‬‬

‫يتطورون بأشكال مختلفة‪229......................................:‬‬


‫خصائص انفرد بها بعضهم‪230......................................:‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصائص وأحــوال لوليــاء الجفــاة فــارقت هــدي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪231............................................:‬‬
‫خصائصهم في الصيام‪231..........................................:‬‬
‫خصائصهم في القيام‪233...........................................:‬‬
‫انقطاعهم عن الخلوات والفلوات‪234............................:‬‬
‫خصائصهم في الزهد والورع‪235..................................:‬‬
‫أولياء الله تعالى عقلء ليسوا مجانين‪237........................:‬‬
‫مفاسدهم الخلقية‪240..............................................:‬‬
‫مجمل الفروق بين آيات النبياء وكرامات الصــالحين وخــوارق‬
‫الشياطين)( ‪242...........................................................:‬‬
‫الخاتمه‪247....................................................................‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪249.............................................‬‬
‫فهرس الموضوعات‪266....................................................‬‬

You might also like