You are on page 1of 20

‫أصول و قواعد في المنهج‬

‫السلفي‬
‫سلسلة لقاءات مع ‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ‬
‫عبيد بن عبدالله بن‬
‫سليمان الجابري‬
‫المدرس بالجامعة السلمية سابقًا‬
‫الجزء الول ‪/26‬ربيع الول‪1421/‬هـ‬
‫‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫((‬ ‫‪2‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد ل نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونستهديه‪ ،‬ونعوذ بال من‬
‫شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ‪.‬‬
‫من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪.‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله ‪.‬‬
‫‪ ‬يا أيها اللذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم‬
‫مسلمون ‪. ‬‬
‫‪ ‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها‬
‫زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء واتقوا ال الذي تساءلون به‬
‫والرحام إن ال كان عليكم رقيبا ‪. ‬‬
‫‪ ‬يا أيها اللذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم‬
‫ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فإن خير الكلم ‪ :‬كلم ال‪ ،‬وخييير الَهيْدي هييدي محمييد صييلى الي عليييه‬
‫وسلم‪ ،‬وشر المور محدثاتها‪ ،‬وكل محدثيية بدعيية‪ ،‬وكييل بدعيية ضييللة‪،‬‬
‫وكل ضللة في النار ‪.‬‬
‫ثم أما بعد ‪:‬‬
‫فيا أيها البناء اقتضت حكمة ال سبحانه وتعالى أنه في كل زمييان وفييي‬
‫كيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‬
‫صر ديَنه وُيْعلي كلمتييه وييدعوا‬ ‫مكان أن يهيء ال سبحانه وتعالى من ين ُ‬
‫إليه على بصيرة‪ ،‬كما أنييه فييي مقابييل هييذا َيْنييبري ميين ينييبري ميين أهييل‬
‫الهواء اللذين يناصييبون السييلفية وأهَلهييا العييداء؛ والي سييبحانه وتعييالى‬
‫حكيم عليم لطيف خبير‪ ،‬لن يضّيع دينه‪ ،‬ولكن يضْيع من يبتغي غير مييا‬
‫جاءت به النبيون و المرسلون عليهم الصيلة والسيلم عين الي سيبحانه‬
‫وتعالى إلى أهل الرض؛ فال سبحانه وتعالى لم يجعل أحدا سفيرا بينييه‬
‫وبين خلقه يبلغهم عنه شرعه سوى من اصطفاه من النبيين والمرسييلين‪،‬‬
‫ولئن كان في بعض الزمنة والمكنة تعصييف بالنياس عاصيفة الهيوى‪،‬‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪3‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫ويسييتوحش كييثير ميين أهييل السيينة لكييثرة مخييالفيهم‪ ،‬فييإنه يسييليهم ثلثيية‬
‫أمور ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬في قوله جل في عله ‪ ‬ومن يطع ال والرسول‬
‫فأولئك‬
‫مع اللذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‬
‫والصالحين وحسن أولئك رفيقا ‪ ‬فمن استوحش بكثرة المخالفين‪،‬‬
‫ووجد الغربة لقلة السالكين مسلكه إذا تذكر أن رفاقه على طريق الحق‬
‫والهدى أولئكم الصناف الربعة زالت عنه الوحشة‪ ،‬وأصبح قوي‬
‫العزيمة‪ ،‬مشدودا به أزره ل يخشى في ال لومة لئم‪ ،‬ول تزعزعه ثقته‬
‫بنصر ال لجنده كثرة الهالكين ول قلة السالكين؛ لن أولئكم الصفوة هم‬
‫خير عباد ال من البشر؛ فمن كان رفيَقه خيُر عباد ال فلن يستوحش‪،‬‬
‫بل يزداد ثباتا وصبرا ويقينا وقوة ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬ما جاء في حديث السبعين ألفًا اللذين يدخلون الجنة بل‬
‫ج عن ابن عباس رضي ال عنهما عن النبي صلى ال‬ ‫حساب وهو مخّر ٌ‬
‫عليه وسلم في الصحيحين؛ فقد جاء فيه ‪)) :‬فرأيت النبي ومعه الرهط‪،‬‬
‫والنبي ومعه الرجل والرجلن‪ ،‬والنبي وليس معه أحد(( ‪ .‬لنتأمل في‬
‫هذا الحديث قليل ‪ ،‬فهذا النبي الذي جاء وليس معه أحد إلى من بعث ؟‪،‬‬
‫إلى أمة أم إلى غير أمة ؟! إلى أمة بعث بماذا ؟ ألم يكن مبعوثا ذلكم‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم الذي لم يجبه أحد أو النبي الذي أجابه‬
‫الرجلن أو الرهط ي وهم من الثلثة إلى العشرة أو إلى التسعة ي ألم‬
‫يكونوا جاءوا بالهدى ودين الحق ؟‪ ،‬ألم يكونوا أعظم الناس مكانا عند‬
‫ال سبحانه وتعالى ؟؛ فما أظن أن أحدا منكم يخالفني في الجواب ببلى‪،‬‬
‫فكيف بمن دوَنهم ممن يدعوا إلى ال على بصيرة ‪.‬‬
‫وثانيا ‪ :‬هذا الحديث فيه دليل على أن العبرة ليس بالكثرة‪ ،‬بل العبرة في‬
‫طن إلى هذا المجدد الثالث للسلفية ي رحمه ال ي‬ ‫إصابة الحق ‪ .‬وقد تف ّ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوهاب ‪ :‬قال في مسائله على الباب والحديث ‪:‬‬
‫))ل يجوز الغترار بالكثرة‪ ،‬ول الزهد في القلة(( ‪ .‬وهذا المعنى يزيُده‬
‫ح بمجموع طرقه؛ فقد جاء‬ ‫وضوحًيا حديث افتراق المم الذي هو صحي ٌ‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪4‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫ث وسبعين فرقة‪ ،‬كلها‬ ‫ق هذه المة على ثل ٍ‬ ‫في بعض طرقه ‪)) :‬وستفتر ُ‬
‫في النار إل واحدة((‪ ،‬قالوا ‪َ :‬من هي يا رسول ال ؟‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫سرها ابن مسعود رضي‬ ‫))الجماعة((‪ ،‬وهذه الرواية الصحيحة‪ ،‬وقد ف ّ‬
‫ال عنه فقال ‪) :‬الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك‪ ،‬فإنك حين إذ‬
‫الجماعة( ‪ .‬وفي رواية أخرى ضعيف إسنادها لكنها صحيحة المعنى‬
‫والشواهد عليها كثيرة‪ ،‬وهي قوله صلى ال عليه وسلم َلّما سئل عن‬
‫الفرقة الواحدة ؟ قال ‪َ)) :‬من كان مثل ما أنا عليه اليوَم وأصحابي(( ‪.‬‬
‫والشواهُد إن لم تكن مستفيضًة عن النبي صلى ال عليه وسلم على‬
‫معنى هذه الرواية فإنها متواترة؛ إّما متواترة وإما مستفيضة ‪.‬‬
‫فبان بهذا التقرير أنه ل عبرة بغير إصابة الحق‪ ،‬ل عبرة بغير السداد‬
‫في القوال والعمال؛ وهذا السداد هو ‪ :‬تجريد المتابعة للنبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫ض طلب العلم ي بعض أهل‬ ‫ح رفَعه بع ُ‬ ‫المر الثالث ‪ :‬الثر الذي يصح ُ‬
‫ف عدوُله‪ ،‬ينفون عنه‬ ‫العلم ي‪ ،‬وذلكم الثُر ‪)) :‬يحمل هذا العلم من كل خَل ٍ‬
‫تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين(( ‪.‬‬
‫ن العبرَة كل العبرة والميزان الحق هو‬ ‫صل لدينا أ ّ‬‫فإذا تقرر بعد هذا وتح ّ‬
‫في متابعة النبي صلى ال عليه وسلم؛ لن ال سبحانه وتعالى لم ينصب‬
‫أحًدا من البشر قدوًة حسنة سواه لذاته‪ ،‬كما قال جل وعل ‪  :‬لقد كان‬
‫لكم في رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجوا ال واليوم الخر وذكر‬
‫ال كثيرا ‪. ‬‬
‫فلننتقل أيها البناء إلى بعض القواعد في المنهج السلفي ‪.‬‬
‫ب الحجــة فــي الــدنيا‬‫لـ وإيــاكم صــوا َ‬
‫وقبــل أن ُألقــي عليكــم _ فّهمنــا ا ُ‬
‫ي الليلة ‪:‬‬
‫سر لد ّ‬‫والخرة _ بعض ما تي ّ‬
‫أريد أن ُأعّرف المنهج السلفي ‪ .‬وتعريف المنهج السلفي يستدعي منا‬
‫شيئين ‪:‬‬
‫الول في السلفية ‪.‬‬
‫والثاني في تحديد هذا المنهج ما هو ؟‪ ،‬وبيان معناه ‪:‬‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪5‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫فالسلفية ‪ :‬المر فيها واضح؛ فهي من حيث اللغة ‪ :‬نسبة إلى َمن‬
‫سلف‪ ،‬بمعنى مضى؛ فيقال للماضي ‪ :‬السالف‪ ،‬وإذا أمضى النسان‬
‫ت من‬ ‫ت على ما أسلف َ‬ ‫شيئا قيل له ‪ :‬أسلفه‪ ،‬وفي الحديث ‪)) :‬أسلم َ‬
‫خير((‪ ،‬يعني ما أمضيت من قبل ‪.‬‬
‫وهي في اصطلح أهلها ‪ .‬وهم خاصة أهل النبي صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ل َمن مضى بعد النبي صلى ال عليه وسلم على َأَثِره‬ ‫وخالصة أتباعه؛ ك ّ‬
‫من أصحابه وأئمة التابعين وَمن بعدهم ‪.‬‬
‫وإذا أطلق لفظ السلف الصالح فإنه ل ينصرف إل إلى القرون الثلثة‬
‫ضلة؛ وهم ‪ :‬أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ثم التابعون‪ ،‬ثم‬ ‫المف ّ‬
‫ل المحققون من أهل العلم حديث ))خير‬ ‫أتباع التابعين؛ وعلى هذا ُيَنّز ُ‬
‫الناس قرني‪ ،‬ثم اللذين يلونهم‪ ،‬ثم اللذين يلونهم(( وما في معناه من‬
‫الحاديث الصحيحة عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وأئمة السلفية بعد أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم من التابعين مثل ‪:‬‬
‫السعيدين‪ ،‬والشعبي‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬ومجاهد ‪.‬‬
‫ومن أتباع التابعين ي َمن بعد التابعين ي ‪ :‬كالئمة الربعة‪ ،‬والوزاعي‪،‬‬
‫لم‪،‬‬‫والحمادين‪ ،‬والسفيانين‪ ،‬والليث بن سعد‪ ،‬وأبي عبيد القاسم ابن س ّ‬
‫والبخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وَمن سلك سبيل هؤلء؛ فإنهم أئمة السلف الصالح ‪.‬‬
‫واعلموا ي بارك ال فيكم ي ‪ :‬أن السلفية لم يؤسسها أحٌد من البشر في أ ّ‬
‫ي‬
‫ن أو مكان؛ فلم يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب المجدد الثالث‬ ‫زما ٍ‬
‫للسلفية مع أخيه المام محمد بن سعود رحم ال الجميع _ مجّدَدْين‬
‫للسلفية‪ ،‬ول من قبَلهما من أهل العلم وأئمة الدين ودعاة الحق إلى هذه‬
‫الملة الحنيفّية مؤسسين لها مثل شيخ السلم ابن تيميه وتلمذته‪ ،‬وَمن‬
‫قبَله كالئمة الربعة‪ ،‬وَمن سّمْينا من الئمة‪ ،،‬ول التابعون‪ ،‬ول‬
‫أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول محمد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ول َمن مضى ِمن قبله من النبيين والمرسلين مؤسسين للسلفية ‪ .‬بل هي‬
‫من عند ال جاءت؛ فالنبيون والمرسلون بلغوا عن ال ما أراده من‬
‫عية؛ ولهذا فإنه ليس لها‬ ‫شْر ِ‬
‫الشْرع‪ ،‬وَمن بعدهم دعاة إلى ال ِوْفق هذه ال ّ‬
‫مستند سوى النص والجماع ‪.‬‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪6‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫فجميع أقوال الناس وأعمالهم ميزانها عندنا شيئان ‪ :‬النص والجماع؛‬
‫فمن وافق نصّيا أو إجماعا ُقبل منه‪ ،‬ومن خالف نصا أو إجماعا ُرّد‬
‫عليه ما جاء به من قول أو فعل كائنا َمن كان ‪.‬‬
‫ثم إن كان هذا المخالف أصوله سنة‪ ،‬ودعوته سنة‪ ،‬وكل ما جاء عنه‬
‫ن خطَأه يرد ول ُيتابع على زلته وُتحفظ كرامته ‪ .‬وإن كان ضا ّ‬
‫ل‬ ‫سنة فإ ّ‬
‫مبتدعا لم يعرف للسنة وزنا ولم َتقم لها عنده قائمة مؤسسًيا أصوله على‬
‫لل‪ ،‬ويقابل بالّزجر‬ ‫ضّ‬‫الضلل فإنه ُيرد عليه كما ُيرد على المبتدعة ال ُ‬
‫والغلظ والتحذير منه‪ ،‬إل إذا ترتبت مفسدة أكبر من التحذير منه ‪.‬‬
‫وأما المنهج السلفي فلعله بان لكم من هذا البيان ‪ :‬أنه إّتباع كل ما جاء‬
‫عن ال وعن رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والتمسك بذلك قول وعمل ‪.‬‬
‫هذا هو المنهج السلفي‪ ،‬وهو الطريق السلفي وهو‪ ،‬مسلك أهل السنة‬
‫والجماعة؛ لن السلفية لها عدة مسّميات ول اختلف بينها في المعنى ‪:‬‬
‫فهم الفرقة الناجية‪ ،‬والطائفة المنصورة‪ ،‬وأهل الحديث‪ ،‬وأهل السنة‬
‫والجماعة ‪.‬‬
‫فإذا تقّرر هذا فإني أورُد لكم بعض القواعد ‪:‬‬
‫القاعدة الولى ‪ :‬النتساب إلى السلفية ‪:‬‬
‫عون أنهم أهل السنة والجماعة وأنهم على الهدى‬ ‫فإن كثيًرا ممن َيّد ُ‬
‫ن قلوبهم إلى هذه‬
‫شَمِئّزون من النتساب إلى السلفية؛ وحتى تطمئ ّ‬ ‫َي ْ‬
‫النسبة ي أعني النتساب إلى السلفية ي وتقَوى عزيمُتهم؛ لن ما وقر في‬
‫قلوبهم من الشمئزاز منها فهي وسوسة شيطانية‪ ،‬وقّواها في قلوبهم‬
‫ف العزيمة وقّلة الفقه في الدين؛ فلو كانت عزائمهم قوية‪،‬‬ ‫ضع ُ‬
‫وتحصيلهم من الفقه في الدين قويّيا ما اشمئّزوا من ذلك‪ ،‬ولم يجدوا في‬
‫أنفسهم غضاضة منه ‪ .‬فنقول لهم ‪:‬‬
‫ل على ذلك ‪:‬‬ ‫أول ‪ :‬جاء من أحاديث النبي صلى ال عليه وسلم ما يد ّ‬
‫من ذلكم ‪ :‬قوله عليه الصلة والسلم لبنته فاطمة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫))فنعم السلف أنا لك(( ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬أن هذه النسبة لم تكن محَدثة‪ ،‬بل هي من عهد أصحاب‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم؛ فيقال لهم ‪ :‬السلف ‪ .‬وكلمة )السلف( دارجٌة‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪7‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫عند أئمة هذه الملة أهل السنة والجماعة؛ ويزيد هذا وضوحًيا ‪ :‬الجماع‬
‫على صحة النتساب إلى السلفية‪ ،‬وأنه ل غضاضة في ذلك؛ واسمعوا‬
‫حكاية الجماع ‪ :‬قال شيخ السلم ابن تيميه ي رحمه ال ي ‪)) :‬ل عي َ‬
‫ب‬
‫على من أظهر مذهب السلف‪ ،‬وانتسب إليه‪ ،‬واعتزى إليه؛ بل يجب‬
‫َقبول ذلك منه اتفاقا؛ فإن مذهب السلف ل يكون إل حقا …(( إلخ‬
‫العبارة ‪ .‬وراجعوها ي إن شئتم ي في الصفحة التاسعة والربعين بعد‬
‫عَلٌم‬
‫المائة‪ ،‬من المجلد الرابع من ))مجموع الفتاوى(( لبن قاسم؛ فهذا َ‬
‫ضل ينقل‬ ‫من أعلم منهجنا المشهود لهم بجللة القْدر والسابقة في الف ْ‬
‫الجماع؛ وَمن هو ابن تيميه إذا نقل الجماع ؟‪ ،‬إنه حجة في نقل‬
‫الجماع‪ ،‬ضمن ِقلة من أهل العلم ُيحتج بهم في نقل الجماع ‪.‬‬
‫ن في‬
‫فيا شباب السلم خاصة ويا أيها المسلمون عامة ل يكون ّ‬
‫ج من النتساب إلى السلفية‪ ،‬بل ارفعوا بها رؤوسكم‪،‬‬ ‫صدوركم حر ٌ‬
‫واصدعوا بها‪ ،‬ول تأخذكم في ذلك لومة لئم ‪.‬‬
‫وأزيُدكم شيئا آخر ‪ :‬ذكر شيخ السلم ابن تيميه في المصدر السابق‬
‫ن ي الخامسة والخمسين بعد المائة أن‬ ‫وبالتحديد في الصفحة ي على ما أظ ّ‬
‫خَلِفّيا ل‬
‫))من علمات البدع ‪ :‬ترك انتحال السلف الصالح((؛ فل تجد َ‬
‫سيما المنتسبون إلى الجماعات الدعوّية الحديثة الظاهرة في الساحة‬
‫ل وهو يكرُه السلفية‪ ،‬ويكره‬ ‫اليوم والمناوئة لهل السنة والجماعة إ ّ‬
‫النتساب إلى السلفية؛ لن السلفية ليست مجّرد نسبة‪ ،‬بل السلفية ‪:‬‬
‫س يا‬‫تجريد إخلص ل وتجريد متابعة للنبي صلى ال عليه وسلم؛ فالنا ُ‬
‫ي حزبان ‪ :‬حزب الرحمن‪ ،‬وحزب الشيطان؛ فحزب الشيطان ‪:‬‬ ‫َبِن ّ‬
‫الكفار والمنافقون نفاقا اعتقاديّيا‪ ،‬وحزب الرحمن هم المسلمون اللذين لم‬
‫َيْرَكبوا ما ُيخرجهم من مسمى اليمان إخراجا كامل ‪ .‬وخالصوا حزب‬
‫الرحمن ‪ :‬اللذين لم َيضلوا ولن َيضلوا ولم يتنكبوا جادة الهدى والحق‬
‫في كل زمان ومكان‪ ،‬ولم يجتمعوا على ضللة هم السلفيون‪ ،‬أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،‬الطائفة المنصورة‪ ،‬الفرقة الناجية ‪.‬‬
‫القاعدة الثانية ‪ُ :‬يعرف الرجاُل بالحق ول ُيعرف الحق بالرجال‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪8‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫ن النسان يوصف بالتمسك‪ ،‬وأنه من أهل السنة‪،‬‬ ‫ومعنى هذه القاعدة ‪ :‬أ ّ‬
‫وأنه على الحق الذي لم تشبُه شائبة البدعة والخرافة إذا كان على‬
‫ق في أقواله وأعماله؛ وهذا‬ ‫الحق ‪ .‬العلمة الدالة عليه ‪ :‬ما انتهجه من ح ّ‬
‫هو الشطر الول ‪.‬‬
‫ول يعرف الحق بالرجال ‪ :‬والمعنى أنه ليس مجرد سلوك الرجل بقو ٍ‬
‫ل‬
‫ت لكم الحكم على القوال‬ ‫ل هو دللٌة على أنه مصيب‪ ،‬بل كما قّدم ُ‬ ‫أو فع ٍ‬
‫والعمال عند السلفيين عند أهل السنة والجماعة عند الطائفة المنصورة‬
‫عند أهل الحديث عند الفرقة الناجية ‪ :‬ميزانان فقط ‪ :‬النص‪ ،‬والجماع ‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة ‪ :‬في الحب والبغض‬
‫حيفون ويجورون في مسلك‬ ‫فإن كثيًرا ممن يّدعون أنهم دعاة إلى ال َي ِ‬
‫الحب والبغض؛ فمعيار الحب والبغض عند هؤلء‪ ،‬ولنكن صريحين‬
‫معكم ومع َمن تصل إليهم هذه الرسالة بل الحب والبغض عندهم في‬
‫ب لحٍد‬ ‫الشخاص‪ ،‬في ذوات الشخاص؛ وقد أجمع أهل الحق أنه ل ح ّ‬
‫من البشر لذاته سوى محمد صلى ال عليه وسلم؛ لنه المبلغ عن ال‬
‫وهو معصوم في ما يبّلغ به عن ال عز وجل؛ بّلغ البلغ المبين‪ ،‬لم يزد‬
‫على ما ُأمر به ولم ينقص منه‪ ،‬وكذلك سائر النبيين والمرسلين عليهم‬
‫جميعا الصلة والسلم من لدن نوح إلى محمد صلى ال على الجميع‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫ب والبغض ليس في الشخاص‪ ،‬بل هو‬ ‫ن معياَر الح ّ‬‫وأما في السنة ‪ :‬فإ ّ‬
‫ن الحب في ال‪ ،‬والبغض‬ ‫حت الخبار بأ ّ‬ ‫في ال سبحانه وتعالى؛ فقد ص ّ‬
‫في ال‪ ،‬والموالة في ال‪ ،‬والمعادة في ال‪ ،‬والمنع ل‪ ،‬والعطاء ل؛‬
‫جها في معاملته للخرين استكم َ‬
‫ل‬ ‫هذه ست صفات َمن استكمَلها واْنَتَه َ‬
‫عرى اليمان ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫القاعدة الرابعة ‪ :‬في الرد على المخالف‬
‫ت من الناس ُيَهّوُنون هذا الجانب‪ ،‬وَيَرْوَنُه عام َ‬
‫ل‬ ‫إن لم يكن مئات فعشرا ٌ‬
‫ن المة ي كما زعموا ي محتاجة إلى الجتماع ورْأ ِ‬
‫ب‬ ‫َتْفرقة للمة؛ ل َ‬
‫الصْدع وَلّم الشمل إلى آخر ما ُيرّدُدونه ‪.‬‬
‫فنقول ‪:‬‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪9‬‬ ‫‪)) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫أول ‪ :‬هذا الجتماع الذي تؤسسون له بما تؤسسون‪ ،‬وُتَقّعُدون له بما‬
‫تقعدون‪ ،‬وتدعون إليه بشّتى العبارات أهو في ذات ال أم في ذات‬
‫الشخاص ؟!؛ ذات الشخاص ل علقة لنا بهم ‪ ،‬لكن هم بزعمهم‬
‫سَتمّد‬
‫يريدونه في ذات ال؛ فما كان من أجل ال وفي ذاته من أين ُت ْ‬
‫عده ؟؛ من نص الكتاب والسنة‪ ،‬ومن إجماع السلف الصالح‬ ‫أصوُله وقوا ُ‬
‫‪ .‬وكتاب ال‪ ،‬وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإجماع أهل الحق‬
‫ضَيه‬
‫والهدى من أئمة هذه الملة على ‪ :‬أنه ل يجتمُع الناس إل على ما َر ِ‬
‫سه الدعوُة إلى التوحيد‬ ‫ق الذي أسا ُ‬ ‫ن الح ّ‬
‫ل سبحانه وتعالى من دي ِ‬ ‫ا ُ‬
‫والنهي عن الشرك‪ ،‬ثم بعد ذلك سائُر فرائض الدين العملية ‪.‬‬
‫إذن قاعدة ما رضيه ال عز وجل للعباد والبلد ولم يرض غيره‬
‫تنحصر في أمرين‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬إخلص الدين ل؛ وأساسه ‪ :‬توحيد ال سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫ثم فرائض الدين العملية ‪.‬‬
‫ساخطه‪،‬‬ ‫ضب ال سبحانه وتعالى وَم ِ‬ ‫والمر الثاني ‪ :‬التحذير من كل َمَغا ِ‬
‫وأعظم ما ُيعصى ال به وأعظم مغاضبه ‪ :‬الشرك بال‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫التحذير من كبائر الذنوب والمعاصي‪ ،‬والبدع‪ ،‬والخرافات؛ لنها تكدر‬
‫صه ‪.‬‬
‫صفَو اليمان وُتْنِق ُ‬
‫وثانيا ‪ :‬أنتم تريدون أن ل يفترق المسلمون ؟‪ ،‬فإذا قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬نسألهم ‪:‬‬
‫ج معين ؟‪ ،‬فالجواب ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫تريدونهم أن يجتمعوا عل ماذا ؟‪ ،‬على منه ٍ‬
‫نقول ‪ :‬اسمعوا ما جاء به عبد ال ورسوله ومصطفاه وخليُله محمد‬
‫ث وسبعين فرقة‬ ‫ق هذه المة على ثل ٍ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ‪)) :‬وستفتر ُ‬
‫ُكّلها في النار إل واحدة((‪،‬‬
‫قالوا ‪َ :‬من هي ؟‪ ،‬قال ‪)) :‬الجماعة(( ي وقد قدمت شيئا من الكلم على‬
‫هذا الحديث ي ‪ .‬هذا ما رضيه ال سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫فإًذا ‪ :‬الجماعة الجماعة وهي السلفية‪ ،‬والطائفة المنصورة‪ ،‬والفرقة‬
‫ن كانوا على مثل ما كان عليه رسول ال صلى ال عليه‬ ‫الناجية ‪َ :‬م ْ‬
‫س على غير ذلك ‪.‬‬ ‫وسلم وأصحاُبه‪ ،‬يأبى ال أن يجتمع النا ُ‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪10 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫ن بين الحق والباطل ؟‪ ،‬فإن قالوا ‪ :‬ل‪،‬‬ ‫وثالثا ‪ :‬أل ترون يا هؤلء الفرقا َ‬
‫َلْم ُيِقّرهم أحد‪ ،‬ل بّد من فرقان بين الحق والباطل‪ ،‬سواء في العبادات‪،‬‬
‫ل شيء‪ ،‬ل ُبّد من‬ ‫أو في المعاملت‪ ،‬أو في السلوك الشخصي في ك ّ‬
‫فرقان ‪.‬‬
‫وإن قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قلنا ‪ :‬لقد فّرق ال سبحانه وتعالى وفّرق رسوله صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬وأجمع أئمة الدين والِمّلة على َنْبذ كل ما خالف منهج ال‬
‫الذي جاءت النبيون والمرسلون؛ واسمعوا ‪ :‬قال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ج في‬
‫خّر ٌ‬
‫ن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو َرد(( ي ُم َ‬ ‫))َم ْ‬
‫الصحيحين ي‪ ،‬وفي رواية لمسلم ‪)) :‬من عمل عمل ليس عليه أمُرنا فهو‬
‫َرد(( ‪ .‬والرّد معناه المردود‪ ،‬وما كان مردودا فكأنه غير موجود؛ قال‬
‫أهل العلم ‪ :‬والرّد إذا أضيف إلى العبادة فإنه يقتضي فسادها وعدم‬
‫العتداد بها‪ ،‬وإذا أضيف إلى المعاملة فإنه يقتضي إلغائها وعدم‬
‫نفوذها‪ .‬ثم اسمعوا ثانيا ‪)) :‬سيكون أقواٌم ُيحّدثونكم بما لم تسمعوا أنتم‬
‫ول آباؤكم فإياكم وإياهم((‪ ،‬ثم اسمعوا ثالثًيا ي وهو بعض من حديث‬
‫ظَنا رسول ال صلى‬ ‫عَ‬ ‫ساِرية الصحيح المشهور ي قال ‪َ :‬و َ‬ ‫الِعْرَباض بن َ‬
‫جَلت منها القلوب وَذَرَفت منها العيون‪ ،‬فقلنا ‪:‬‬ ‫ال عليه وسلم موعظًة َو ِ‬
‫يا رسول ال كأنها موعظة موّدع فأوصنا ي وفي رواية ‪ :‬فبما تعهد إلينا‬
‫ي قال ‪)) :‬أوصيكم بتقوى ال‪ ،‬والسمع والطاعة وإن َتَأّمَر عليكم عبٌد‬
‫حَبشي‪ ،‬وإياكم ومحَدَثات المور؛ فإنه من َيِعش منكم فسيرى اختلفًيا‬ ‫َ‬
‫كبيرا‪ ،‬فعليكم بسّنِتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدّيين ِمن بعدي‪،‬‬
‫ضوا عليها بالنواجذ(( ‪ .‬هذا بعض سنة رسول ال‬ ‫ع ّ‬‫سكوا بها‪ ،‬و َ‬ ‫َتَم ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهي مجتمعٌة على القضاء بأنه ل يصلح للناس‬
‫ع النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬ ‫شَتاَتهم إل اتبا ُ‬
‫ويجمع َ‬
‫عمرو بن‬ ‫ويزيد هذا وضوحًيا ‪ :‬ما رواه أحمد ومسلم عن عبد ال بن َ‬
‫العاص رضي ال تعالى عنهما ‪ :‬أن رسولَ ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫ل ُأّمَته على خيِر ما‬ ‫ل كان حقا عليه أن َيُد ّ‬
‫ي َقْبلي َقط إ ّ‬‫‪)) :‬إنه لم يكن نب ّ‬
‫جعل عافيُتها‬ ‫شّر ما يعلُمه لهم؛ وإن ُأّمَتُكم هذه ُ‬
‫َيْعَلُمه لهم‪ ،‬وأن ُينذَرهم َ‬
‫في أّوِلها‪ ،‬وسيصيب آخرها بلء وأمور ُتنكرونها(( وهذا الحديث يا‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪11 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫عمر بن عبد البر في ))تمهيده(( بسنده إلى‬ ‫ق ِلَما رواه أبو ُ‬ ‫َبِني مصدا ٌ‬
‫ب بن كيسان يقعُد إلينا ول يقوم‬ ‫المام مالك ي رحمه ال ي قال ‪) :‬كان وه ُ‬
‫ح آخر هذا المر إل ما أصلح أوله( ‪.‬‬ ‫صِل َ‬
‫حتى يقول لنا ‪ :‬اعلموا أنه لن ُي ْ‬
‫] انتهى الوجه الول ؛ والنص التي من الوجه الثاني من الشريط [ ‪.‬‬
‫… أو يريد التقوى ‪.‬‬
‫ل عن أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم على رّد‬ ‫وقد تواتر النق ُ‬
‫ح عنهم رضي ال‬ ‫المخالفة وإن لم تكن بدعّية؛ وأنا ذاكٌر بعضَ ما ص ّ‬
‫عنهم ‪:‬‬
‫فهذا الفاروق رضي ال عنه يقول ‪) :‬إياكم وأهل الرأي فإنهم َأعَْيْتُهم‬
‫أحاديث رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يحفظوها فقالوا بالرأ ِ‬
‫ي‬
‫فضلوا وأضلوا( ‪.‬‬
‫ب إلى‬ ‫ن أحًدا أح ّ‬ ‫نأّ‬ ‫وقال ابن عباس رضي ال عنهما ‪) :‬وال ما أظ ّ‬
‫ث البدعة في‬ ‫حُد ُ‬
‫الشيطان هلكا مني اليوم(‪ ،‬فقيل ‪ :‬وكيف ؟ قال ‪َ) :‬ت ْ‬
‫ي َقَمْعُتها بالسنة‬ ‫ي فإذا حملها إل ّ‬ ‫المشرق أو المغرب فيحمُلها الرجل إل ّ‬
‫َفُتَرّد عليه( ‪.‬‬
‫وقال ابن مسعود رضي ال عنه ‪) :‬اتبعوا ول تبتدعوا؛ فقد ُكِفيُتم( ‪.‬‬
‫سة( يعني الرأي )فو الذي نفسي‬ ‫وقال الشعبي رحمه ال ‪) :‬إياكم والُمَقاَي َ‬
‫ن الحلل؛ فما بلغكم عّمن‬ ‫حّرُم ّ‬‫ن الحرام وَلُت َ‬ ‫حّل َ‬
‫بيده لن أخذتم بالقياس لُت ِ‬
‫حفظ من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم فخذوه( أو قال ‪) :‬فخذوا‬
‫به( ‪.‬‬
‫ل ما قالوا‪،‬‬ ‫وقال الوزاعي رحمه ال ‪) :‬اصبر نفسك على السنة‪ ،‬وق ُ‬
‫سُعك ما‬ ‫سُلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه َي َ‬ ‫ف القوم عنه‪ ،‬وا ْ‬ ‫ف عما َك ّ‬ ‫وُك ّ‬
‫وسعهم( أو كما قال ‪.‬‬
‫ن أصحاب نبيكم صلى ال عليه وسلم والتابعين وَمن بعَدهم‬ ‫ن بهذا أ ّ‬‫فبا َ‬
‫ُمّتِفُقون على رّد كل ما يخالف سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫سوتهم في ذلك نبيكم صلى ال عليه وسلم؛ فقد رد المخاَلفات َرّدا‬ ‫وُأ ْ‬
‫قويّيا وزجًرا شديًدا يجعل َمن سمَعه وكان له قلب وكان ذا بصيرة‬
‫جر عن مخالفته ‪.‬‬ ‫َيْنَز ِ‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪12 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫َلّما خرج إلى َثِقيف وَهواِزن بعد الفتح َمّر صلى ال عليه وسلم بسدرة‬
‫َيْعِكف المشركون عندها وَيُنوطون أسلحتهم يقال لها ‪ :‬ذات أنواط‪ ،‬فقال‬
‫الحدثاء ‪ :‬يا رسول ال اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ي اجعل‬
‫لنا مثلهم ي‪ ،‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪)) :‬ال أكبر !!‪ ،‬إنها السنن‪ ،‬قلتم ي‬
‫والذي نفسي بيده ي كما قالت بنو إسرائيل لموسى ‪  :‬اجعل لنا إلها‬
‫كما لهم آله ‪ . ‬إذا نظرنا إلى محتوى المقولة وزمانها يظهر العجب‬
‫العجاب‪ ،‬ويشتّد ساعد الداعية إلى ال على بصيرة فيمضي إلى ما يدعو‬
‫إليه من الحق ‪:‬‬
‫فأول ‪ِ :‬من حيث لفظها ‪ :‬هي مختلفة فأصحاب محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول ال وأصحاب موسى قالوا ‪ :‬يا موسى؛ أليس الفئتان‬
‫مختلفتان باللفظ ؟‪ ،‬أصحاب محمد نادوه باسم الرسالة ي غاية في‬
‫التوقير والتأدب‬
‫معه ي‪ ،‬وأصحاب موسى باسمه ي فيه غاية الجلفة وسوء الدب ي‪،‬‬
‫أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم قالوا ‪ :‬اجعل لنا ذات أنواط‪ ،‬ما‬
‫قالوا اجعل لنا إلها ؟‪ ،‬أما أصحاب موسى صّرحوا وقالوا ‪ :‬اجعل لنا‬
‫إلها كما لهم آلهه؛ ومع هذا لم ُيَفّرق نبّينا صلى ال عليه وسلم بين‬
‫المقولتين؛ لن النتيجة واحدة وهي عبادة غير ال تعالى ‪.‬‬
‫ن رسييول الي صييلى الي عليييه وسييلم كييان فييي‬ ‫أما من حيث الزمان ‪ :‬فإ ّ‬
‫غزوة‪ ،‬وقائلوا هذه المقولة يشّكلون نحو ألفين أو أكثر من المعسكر‪ ،‬فلم‬
‫يمنع رسول ال صلى الي عليييه وسييلم أن يقييول مقييولته الزاجييرة فيهييم؛‬
‫لنهم لو كانت منه صلى ال عليه وسلم مجاملة ي وحاشاه صلى ال عليه‬
‫وسلم ي لكن على سبيل الفتراض ما ارتدعوا عن مقولتهم‪ ،‬ولذهبوا مييع‬
‫الغزو وهم في نفوسهم شئ ميين الشييرك‪ ،‬لييو ذهبييوا وهييم يعتقييدون ذلييك‬
‫دون ما يقلعه من قلوبهم؛ فإن انتصروا لم يكن انتصارهم انتصار إسلم‬
‫ل ميين كييان مييع‬
‫ي أعني بالنسبة لهذا العدد‪ ،‬القائلين هذه المقالة ل أعني ك ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ي ولو مات أحٌد من أصحاب هذه المقالة مييات‬
‫على الكفر؛ فزجرهم النبي صلى ال عليه وسلم هذا الزجر الذي سييمعتم‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪13 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫جَتّثها من قلوبهم فلم يقل هذا‪ ،‬ولم يقل نحيين‬ ‫زجًرا اقتلع راسبة الشرك وا ْ‬
‫سُدس المعسييكر تقريبييا‪،‬‬ ‫شّكُلون ُ‬
‫في غزو وفي حرب مع عدو‪ ،‬وهؤلء ُي َ‬
‫ل‪ ،‬ل ُبّد من التربية والتصفية‪ ،‬ل ُبّد من سياسة‪ ،‬سياسة‬
‫التوحيد لبد من قلع جذور الشرك من قلوبهم واجتثاثه منها حتى ل‬
‫تبقى له راسبة ‪.‬‬
‫والنقل عنه عليه الصلة والسلم كثير‪ ،‬وكثيٌر جدا‪ ،‬لكن مقصودنا ‪:‬‬
‫البيان بأن الرّد على المخالف من أصل هذا الدين ومن قواعد الدعوة‬
‫إلى ال على بصيرة ‪.‬‬
‫هذا ما يسر ال ي سبحانه وتعالى ي في هذه الكلمة‪ ،‬ولعلي أطلت عليكم‬
‫كثيرا‪ ،‬ولعل السئلة تكشف شيئا غفلنا عنه أو ُتَنّبه إلى أمٍر ضروري‬
‫المقام يحتاج إلى بسطه وقد اختصرناه ‪.‬‬
‫وّفق ال الجميع لما فيه مرضاته ‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫] جزى ال فضيلة شيخنا خير الجزاء على هذه الكلمة التربوية‬
‫التوجيهية في المنهج السلفي ‪.‬‬
‫شْبه إل‬‫ق ُ‬‫جّلها قد أجاب عنها الشيخ فجزاه ال خيرا‪ ،‬لم ُيْب ِ‬ ‫والسئلة ُ‬
‫لها في هذه الكلمة التوجيهية‪ ،‬ولكن ل ُبد من أن نعرض على‬ ‫جَ‬
‫وَأ ْ‬
‫بعض السئلة‪ ،‬لن بعض المور تحتاج إلى مزيد من التفصيل ‪:‬‬
‫السئلة ‪:‬‬
‫السؤال الول ‪ :‬ما الجواب على الشبهة التي تقول بأن السلفية تفرق ؟ [‬
‫] الجواب [ ‪:‬‬
‫أقول هذه المقولة ناشئٌة عن أحد شيئين ‪ :‬إّما سوء القصد‪ ،‬وإما سوء‬
‫ن َمن فهم فهمًيا سّيئا‬ ‫الفهم؛ وسوء الفهم بمعنى الخطأ أمُره سهل؛ ل ّ‬
‫وكان قصُده الحق إذا استبان له المر َقِبل‪ ،‬إذا ُبّين له الحق بدليِله يقبل ‪.‬‬
‫وأما سوء القصد ي وهو في الحقيقة الهوى والتعصب والعمى عن كل ما‬
‫ل من يهتدي من‬ ‫يخالف مشرَبه ي فهذا ي في الغالب ي ليس فيه حيلة‪ ،‬وق ّ‬
‫أصحاب هذا المسلك؛ فالقوم إما أصحاب أهواء وأصحاب بدع ورأوا‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪14 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫شِهم وخداعهم‬ ‫غّ‬‫جّلي حقيقة ِ‬‫ف عوارهم وزيَفهم وُي ِ‬ ‫ن المنهج السلفي يكش ُ‬ ‫أّ‬
‫للناس في ادعائهم كذبا أنهم دعاة إلى ال ي وليسوا كذلك ي ‪.‬‬
‫وإما أنهم يجهلون المنهج السلفي فهؤلء ندعوهم إلى العلم‪ ،‬كما قال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪)) :‬من يرد ال به خيرا يفقه في الدين(( ‪.‬‬
‫] السؤال الثاني ‪ :‬كيف نرد على طارق السويدان ؟ [‬
‫] الجواب [‪:‬‬
‫أول ‪ :‬من هو طارق السويدان ؟‪ ،‬وما هو طارق السويدان ؟!؛ فمن‬
‫هو ؟ ‪.‬‬
‫ل من أهل الكويت‪ ،‬وكثيُر الُكُتب وكثيُر الشرطة‪ ،‬وليس هو من‬ ‫رج ٌ‬
‫ذوي العلم الشرعي‪ ،‬تخصصه علم آخر‪ ،‬وآخر ما بلغني أنه مساعد في‬
‫كلية تكنولوجّية أو تقنية ي أستاذ مساعد ي وهذا ‪ ...‬كافي في عدم‬
‫حِكيه ويقوله؛ لنه لكل علم أصول وقواعد‬ ‫العتماد عليه وعلى ما َي ْ‬
‫حَذق أصول ذلكم العلم وقواعده إل المتخصصون من‬ ‫َيْنَبني عليها‪ ،‬ول َي ْ‬
‫أهله؛ فالعلم الشرعي له أصوله وقواعده‪ ،‬ولم يكن طارق السويدان‬
‫حاذقا له ‪.‬‬
‫ق من قاعدتهم المشهورة التي‬ ‫وأما ما هو ؟‪ ،‬فالرجل إخواني‪ ،‬وينطل ُ‬
‫ل‪ ،‬ثم هي قاعدة الخوان ثانيا‪،‬‬ ‫َوِرُثوها عن المنار‪ ،‬فهي قاعدة المنار أو ً‬
‫طها ي ‪) :‬نتعاون فيما‬‫قاعدة )المعذرة والتعاون( والتي هي ي أي ‪ :‬بس ُ‬
‫اتفقنا عليه‪ ،‬ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه( ‪ .‬هذه القاعدة دخلت‬
‫على أهل السلم منها بليا‪ ،‬وَرَزأ الخوان المسلمين منها برزايا‬
‫عظيمة؛ أسأل ال الكريم رب العرش العظيم أن يوقف من لم يكن منهم‬
‫ب مفتوح على أهل‬ ‫ُمْهتديا إلى الحق للخصومة يوم القيامة؛ فهي با ٌ‬
‫السلم لكل نحلة َتْرَزُأ السلم‪ ،‬سواء كانت هذه النحلة منتسبة إلى‬
‫السلم كالرافضة ي الذين يسمونهم الشيعة ي‪ ،‬أو غير إسلمية كاليهود‬
‫والنصارى ‪.‬‬
‫والسويدان له شريط عندي يتضمن كلمة ي أو مشاركة ي في ندوة ألقيت‬
‫سْيِنّية ي والحسينيات معاقل الرافضة وأماكن تجمعهم وعباداتهم ي‬ ‫حَ‬‫في ُ‬
‫يظهر من هذا الشريط الّتقريب الصريح بين أهل السنة والرافضة ‪.‬‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪15 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫ل ينطلق من هذه القاعدة؛ فله سلف ي وبئس‬ ‫فإًذا ل غرابَة ما دام الرج ُ‬
‫السلف وبئس القدوة ي ‪.‬‬
‫فأول ‪ :‬حينما نشئت جماعة الخوان المسلمين ي التي أنشئها حسن البنا‬
‫في مصر‪ ،‬أظن في منتصف القرن العشرين الميلدي‪ ،‬هذا على‬
‫تاريخهم هم ونحن ل نؤرخ بالميلدي‪ ،‬كيف أظهر حسن البنا هذه‬
‫س لها‪ ،‬ودعا بها ؟ ي‪.‬‬‫س َ‬‫القافلة‪ ،‬وأ ّ‬
‫فأول ‪ :‬أنشأ )دار التقريب بين السنة والشيعة( في مصر‪ ،‬وقال كلمات‬
‫منها ‪ :‬أن مراكز الخوان وبيوت الخوان مفتوحة للشيعة‪ ،‬وكان‬
‫ل بهم في الحج‬ ‫يستضيف كبار الرافضة مثل نواف صفوي‪ ،‬وكان َيّتص ُ‬
‫وُيدغدغ عواطفهم ويلّينهم بمقولت منها ‪) :‬ليس بيننا وبينكم اختلف‪،‬‬
‫ب أصحاب‬ ‫وبيننا وبينكم أمور بسيطة يمكن حلها كالمتعة( ‪ .‬فأين س ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بل أين تكفيرهم ي إل ثلثة أو عشرة أو‬
‫سبعة ي ؟‪ ،‬أين قولهم إن القرآن محّرف ؟ ‪ .‬فهم يتعاملون معه حتى‬
‫يظهر المهدي المنتظر‪ ،‬وأين قولهم على عائشة رضي ال عنها أم‬
‫المؤمنين زوج سيد الخْلق صلى ال عليه وسلم بالبهتان ؟؛ هذه كلها من‬
‫مقولت الرافضة تغافل عنها حسن البنا‪ ،‬ولم َيَرها شيئا؛ لنه يجمع‬
‫وُيَقّمش وُيَلّفق ‪.‬‬
‫وثانيا ‪ :‬قال مقولة هي كفرية في الحقيقة ي ول تنقلوا عّني أني أكفر البنا‬
‫ي‪ ،‬لكن المقالة كفرية‪ ،‬قال ‪) :‬ليس بيننا وبين اليهود خصومة دينّية‪،‬‬
‫ل أمرنا بمودتهم‬‫وإنما بيننا وبينهم خصومة اقتصادية‪ ،‬وا ُ‬
‫ومصافحتهم(‪ ،‬واستدل بقوله بهذه الية ‪  :‬ول تجادلوا أهل الكتاب‬
‫إل بالتي هي أحسن ‪ ،‬وهذه رواها عنه محمود عبد الحليم ي وهو من‬
‫خواصه ي في كتابه ))الخوان أحداث صنعت التاريخ(( ‪.‬‬
‫ل َمن كان على منهج البّنا ومنهج الخوان المسلمين في‬ ‫ثم بعد ذلك ك ّ‬
‫الدعوة هو على هذه القاعدة؛ فانطلقت منها الدعوة إلى وحدة الديان‪،‬‬
‫ل وهو على التقريب؛‬ ‫جْلدا إ ّ‬
‫والحوار بين الديان؛ فل تجد إخوانيّيا َ‬
‫وأجلد من عرفنا في هذه الدعوة ‪ :‬حسن بن عبد ال الترابي السوداني‪،‬‬
‫ويوسف القرضاوي المصري؛ فيوسف القرضاوي ي وعندي وثائق‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪16 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫ل بالدعوة‬ ‫على ما أنقله عنه ي ُيسمي هذه القاعدة بالقاعدة الذهبية‪ ،‬ويعّل ُ‬
‫ن الحياة تتسع لكثر من حضارة‪ ،‬وتّتسع لكثر من‬ ‫إلى وحدة الديان بأ ّ‬
‫طاطية ي يعني دين‬ ‫دين‪ ،‬بل الدين الواحد يتسع لكثر من اتجاه؛ فهي م ّ‬
‫طاط يتسع لعدة مشاريع ينشئها القرضاوي وَمن على شاكلته‪ ،‬ليس هو‬ ‫مّ‬
‫دين السلم الذي جاءت به الرسل عليهم الصلة والسلم وهو‬
‫)الستسلم ل بالتوحيد‪ ،‬والنقياد له بالطاعة‪ ،‬والبراءة من الشرك‬
‫وأهله( ل‪ ،‬السلم مجرد دعوة تجميعية تلفيقية تضم َمن تضم ‪ .‬هكذا‬
‫عند القرضاوي؛ فالرافضة‪ ،‬والصوفية أصحاب وحدة الوجود‪،‬‬
‫والباطنية‪ ،‬والحلولية‪ ،‬والقبورية هم مسلمون حقّيا بناء على هذه‬
‫القاعدة؛ لنهم مجتمعون مع سائر أهل السلم وأهل السنة على قول ل‬
‫إله إل ال‪ ،‬ومختلفون فيما عدا ذلك؛ إًذا كلّ اجتهد فوصل إلى ما أّدى به‬
‫اجتهاُده ‪.‬‬
‫والمقصود ‪ :‬أن طارق السويدان ينطلق من هذه القاعدة؛ هذا في الطابع‬
‫العام لدعوته ‪.‬‬
‫أما مفردات دعوته‪ ،‬فمنها ‪:‬‬
‫ق على‬ ‫نشر ما شجر بين أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم؛ وهذا ُمّتف ٌ‬
‫َتْرِكه بالجماع؛ وأنه محرم ل يجوز نشر ما شجر بين أصحاب النبي‬
‫حِدُثه في أوساط المسلمين من الفتنة والتحّيز‬ ‫صلى ال عليه وسلم ِلَما ُي ْ‬
‫إلى ما أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم منه براء ‪.‬‬
‫صي‪ ،‬وليس هو السلوب القائم على‬ ‫ص ِ‬ ‫كذلك هو يعتمد السلوب الَق َ‬
‫الكتاب والسنة ‪ .‬بل الرجل قال مرة في نفس الشريط الذي ذكرُته لكم‬
‫آنفا وهو يدعوا إلى التقريب وهو يدعوا إلى وحدة الصف واحترام‬
‫المشاعر ما دام دعوتهم واحدة وهدفهم واحد‪ ،‬فقال ي مثل ي ‪) :‬ل تسب‬
‫أبا هريرة أمامي‪ ،‬بل سبوه في بيوتكم(؛ فهذا إقراٌر منه على سب‬
‫أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإنما يستنكر ذلك إذا كان هذا‬
‫عَلنا؛ لنه يجرح المشاعر ويسيء إلى وحدة الصف والهدف ‪.‬‬ ‫ظاهرا َ‬
‫ولعله قال هذا في وقت انتخابات‪.‬‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪17 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫هذا في الحقيقة نبذة موجزة عن السويدن من هو ؟‪ ،‬وما هو ؟‪ ،‬وما‬
‫عرف السبب بطل‬ ‫ينطلق منه؟! فلعلكم عرفتم السبب ي وقديما قيل ‪ :‬إذا ُ‬
‫العجب ي ‪.‬‬
‫] السؤال الثالث ‪ :‬ما هو توجيهكم نحو شبه أهل البدع التي ل تكاد‬
‫تنتهي شبه أهل البدع للشباب حيال هذا المر ؟ [ ‪.‬‬
‫] الجواب ‪[ :‬‬
‫تذكرون الحديث ‪)) :‬إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية(( ‪ .‬فمن القاصي‬
‫منا ؟‪ ،‬هو الذي ل يرتبط بأهل العلم والفضل المعروفين بسعة الطلع‪،‬‬
‫وسداد‬
‫المنهج‪ ،‬وقوة الرأي والبصيرة في الدعوة إلى ال عز وجل؛ هذا لبّد أن‬

‫تتوارد عليه الشبه ‪.‬‬


‫وعصر هذا اليوم اتصل بي شخص يقول أنه طالب علم وكذا وكذا‬
‫ودرس على بعض هيئة كبار العلماء إلى آخر ما قال‪ ،‬فقال ‪ :‬أنه إذا قرأ‬
‫آيات الوعيد يتأّثر ويقول هذا عذاب مؤلم وكيف يكون عذابهم ي معنى‬
‫كلمه ي ‪.‬‬
‫هذه شبه ألقاها الشيطان في قلبه؛ فالذي يبدُّد عنكم الشبه ي عافانا ال‬
‫خ أقداَمكم‪ ،‬ويمل‬ ‫وإياكم في الدنيا والخرة ي ويقّوي عزيمتكم‪ ،‬ويرس ُ‬
‫قلوبكم يقينا بمنهجكم وثباتا عليه ‪ :‬التفّقه في دين ال؛ وسبيل ذلك ‪:‬‬
‫عرفوا بصحة المعتقد وسداد‬ ‫الرتباط بأهل العلم والفضل‪ ،‬ممن ُ‬
‫المنهج ‪.‬‬
‫وثانيا ‪َ :‬أِكّبو على طلب العلم‪ ،‬ل تشبعوا من العلم‪َ ،‬تَزّوُدوا ‪.‬‬
‫ضوا أنفسكم لهل الشبه‪ ،‬ل تحاول أن ُتَعّرض نفسك‬ ‫وثالثا ‪ :‬ل ُتَعّر ُ‬
‫وتقول أنا أنظر إلى ما عند هؤلء ‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل؛ َكّثر سواد أهل السنة‬
‫واعتصم بال ثم بهم‪ ،‬انضم إليهم‪ ،‬كن معهم‪َ ،‬دع عنك هؤلء ما أنت‬
‫مسؤول‪ ،‬ول تفكر في يوم من اليام أنك َتحِْرف الخوانيين أو التبلغيين‬
‫سّنة في قدرة‬‫أو الصوفيين إلى السنة؛ هذا فيما يظهر لنا مما جرت به ال ّ‬
‫صح أفراد يمكن‪ ،‬ونفع ال‬ ‫البشر مستحيل‪ ،‬هذه السنة الكونية؛ لكن ُن ْ‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪18 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫بنصح أفراد؛ فابتعدوا عن مجالس هؤلء فإنها وخيمة‪ ،‬والساحة النظيفة‬
‫التي هي أفضل من سبائك الذهب ‪ :‬ساحة أهل السنة والجماعة‪ ،‬ليس‬
‫فيها كدر‪ ،‬ليس فيها إل السنة ‪ :‬قال ال وقال رسوله قال الصحابة ‪.‬‬
‫ثم ي أيضًيا ي إذا عرضت لهؤلء شبه ُبِليت بها َفُرّدها فورا‪ ،‬وإن لم‬
‫تستطع فاسأل أهل العلم‪ ،‬قال تعالى ‪  :‬فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل‬
‫تعلمون ‪ ‬اسأل أهل العلم ‪.‬‬
‫صْنَفين ي أو ثلثة ي من شباب السلفية‪ ،‬وِمن‬ ‫فالحقيقة نحن نعاني من ِ‬
‫خللهم جاء التفكك والضعف ‪:‬‬
‫سَتِقر؛ فتجده كل يوم في جهة؛ فهو أشبه‬ ‫الصنف الول ‪ :‬صنف ل َي ْ‬
‫بحامل الكشكول ي يعني ‪ :‬الكّراسة العامة ي ما يتحّرز عن أي مجلس‬
‫إخواني تبليغي صوفي؛ والنتيجة بلبلة الفكار‪ ،‬بل وبعضهم انسلخ‬
‫حْيرة ل‬ ‫وانحرف عن السنة وَتَمّيع‪ ،‬وبعضهم ي والعياذ بال ي أصابته َ‬
‫يدري ماذا يصنع وانتابته الوساوس والقلق والتشويش الفكري ‪.‬‬
‫الصنف الثاني ‪ :‬صنف متعجل‪ ،‬قرأ شيئا من الكتب فتصّدر؛ يعني ما‬
‫ارتبط بأهل العلم حتى ينبت فكره ويشتّد ساعده ويعرف أصول العلم‬
‫الذي درسه والمنهج الذي ينتهجه ‪ .‬وهذا كثيًرا ما سّبب الّنفرة بين‬
‫الشباب؛ لنه ُيصدُر أحكاما ل يعرف كيف ُيصدرها ‪ .‬المام مالك ي‬
‫رحمه ال ي ُروي عنه أنه قال ‪) :‬ما أفتيت حتى أذن لي سبعون من‬
‫مشائخي(‪ ،‬قيل ‪ :‬ولو لم يأذنوا لك ؟‪ ،‬قال ‪) :‬ما أفتيت( ‪ .‬أما شبابنا‬
‫بعضهم ل يعلم عنه شيخه أين يجلس‪ ،‬وكانوا قديما ل يجرؤ التلميذ على‬
‫التعليم والفتوى حتى يستأذن مشايخه ي يأذن منهم إذنًيا ي‪ ،‬بل وُيحّدُدون‬
‫له المكان الذي يجلس فيه؛ هذا توقيٌر عظيم جدا‪َ ،‬تَرّبى السلف على‬
‫هذا‪ ،‬تربى منهم اللحق والسابق‪ ،‬أخذ هذا اللحق عن السابق‪ ،‬ترّبوا‬
‫على‬
‫هذا ‪ .‬وقديما قالوا ‪) :‬امتحنوا أهل مصر بالليث‪ ،‬وأهل الشام‬
‫بالوزاعي‪ ،‬وأهل الموصل بالمعافى بن عمران …( وغير ذلك ‪.‬‬
‫ف ي في الحقيقة ي ما عندهم فرقان‪ ،‬ما يستطيع أن‬ ‫الصنف الثالث ‪ :‬صن ٌ‬
‫يستوعب‪ ،‬عندهم نية طيبة فقط؛ فيمكن أن َيِرد عليه عدة مشارب في‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪19 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫اليوم الواحد؛ هو من حيث معتقده طيب ومن حيث محبته للسلفية طيبة‪،‬‬
‫لكنه ليس عنده فرقان حتى يعرف من ُيوالي ومن ُيعادي ومن يستنكر‬
‫سع له صدره؛ وهذا ي أيضا ي َبِلّية على السلفيين‪ ،‬قد يقوى به‬ ‫له ومن ُيو ّ‬
‫المبتدعة من حيث ل يشعر‪َ ،‬يُقوون به؛ فل بد من الفرقان‪ ،‬النصيحة‬
‫مقبولة ول بد منها ‪ ،‬لكن ي يا أبنائي ي النصيحة لها حد محدود؛‬
‫حّدته في البدعة‬ ‫ن قربك يؤثر فيه ويكسُر ِ‬ ‫فالشخص المبتدع إذا رأيت أ ّ‬
‫ويقّرُبه إلى السلفية فعليك به‪ ،‬كن معه‪ ،‬لكن إذا لم يكن ُنصحك نافعا له‬
‫ض يديك منه‪ ،‬ثم بعد ذلك عامله بما يستحق ‪ :‬قد ُيهجر‪،‬‬ ‫ول ُمفيدا فانُف ْ‬
‫حَذر من أفكاره؛ هذا أمر راجع إلى قاعدة النظر‬ ‫وقد ل ُيهجر‪ ،‬ولكنه ُي ْ‬
‫في المفاسد والمصالح المترتبة على ذلك؛ المهم أنه ل بد أن يكون عند‬
‫السلفي فرقان يعرف من يوالي‪ ،‬ويعرف من يعادي‪ ،‬ويعرف من ُيِقّوي‬
‫شوكته من الناس ومن ُيَكّثر سواَدهم ‪.‬‬
‫حبّ‬ ‫بل يمكن أن يكون هناك صنف رابع ‪ :‬يوجد من الشباب من ُي ِ‬
‫المنهج السلفي ولكن ل يسلكه في دعوته‪ ،‬هو ينتسب للسلفية هكذا‬
‫ويحب السلفيين‪ ،‬لكنه قد يقع في بعض المخالفات البدعية‪ ،‬بحجة أنه‬
‫يريد أن يقّرب هؤلء ‪ .‬أبًدا ما كان السلف على هذا ي بارك ال فيكم ي‪،‬‬
‫عون بالمنهج السلفي‪ ،‬ول يرون كرامَة عين لمن َتَنّكر له ‪.‬‬ ‫صَد ُ‬
‫السلف َي ْ‬
‫] السؤال الرابع ‪ :‬هذا سائل يدعي أنه عامي ويشتكي من كثرة توافد‬
‫جماعة التبليغ على بابه ول يدري ماذا يفعل معهم ؟ [‬
‫] الجواب ‪[ :‬‬
‫عرفوا بسداد المنهج وصحة‬ ‫أول ‪ :‬عليك بأهل العلم ي كما قدمنا ي الذين ُ‬
‫المعتقد‪ ،‬خذ عنهم تعّلم ‪.‬‬
‫وثانيا ‪ :‬اطردهم‪ ،‬قل لهم‪ :‬ل أريدكم‪ ،‬ول تأتون أبدا‪ ،‬ما أنا منكم ولستم‬
‫مني‪ ،‬اذهبوا عني ل أريدكم؛ فجماعة التبليغ جماعٌة بدعية ضالة‬
‫مضلة‪ ،‬وهي صوفية ُمَقّنعة‪ ،‬ينتهي المر ي يعني أمر من ينخرط فيها ي‬
‫إلى المبايعة على أربع طرق صوفية ‪ :‬وهي الجشثية‪ ،‬والقادرية‪،‬‬
‫والنقشبندية‪ ،‬والسهروندية؛ واقرأ ي بارك ال فيك ي ما كتبه الشيخ سعد‬
‫الحصين ي حفظه ال ي‪ ،‬وما كتبه الخ نزار الجربوعي‪ ،‬وما كتبه الشيخ‬
‫(( ‪ ‬أصول وقواعد في‬ ‫‪20 )) ‬‬
‫المنهج السلفي‬
‫حمود التويجري ي رحمه ال ي‪ ،‬كذلك من كتب قبل الشيخ محمد أسلم ي‬
‫رحمه ال ي‪ ،‬وشرح كتاب الشيخ محمد أسلم ي أظن ‪)) :‬جماعة التبليغ ما‬
‫لها وما عليها(( أو كذا‪ ،‬لكن الشيخ تقي الدين سراج ي رحمه ال ي عمل‬
‫شرحا سماه ))السراج المنير(( ‪.‬‬
‫] وختاما نسأل ال العظيم رب العرش الكريم أن يثيب الشيخ على هذه‬
‫الكلمة العظيمة‪ ،‬وأن يجعل هذه الكلمة في ميزان حسناته‪ ،‬وأن ُيِبّيض‬
‫عّلين ‪.‬‬
‫وجَه شيخنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه‪ ،‬وأن يجعله في ِ‬
‫وصلى ال على محمد وعلى آله وصحبه [‬

You might also like