Professional Documents
Culture Documents
أصول و
قواعد
في المنهج
السلفي
سلسلة لقاءات مع :
فضيلة الشيخ
عبيد بن عبدالله بن
سليمان الجابري
المدرس بالجامعة السلمية سابقاً
الجزء الول /26ربيع الول1421/هـ
2
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
بمجموع طرقه؛ فقد جاء في بعض طرقه )) :وستفترقُ هذه المة
على ثلثٍ وسبعين فرقة ،كلها في النار إل واحدة(( ،قالوا :مَن هي
يا رسول ال ؟ ،قال )) :الجماعة(( ،وهذه الرواية الصحيحة ،وقد
فسّرها ابن مسعود رضي ال عنه فقال ) :الجماعة ما وافق الحق
وإن كنت وحدك ،فإنك حين إذ الجماعة( .وفي رواية أخرى
ضعيف إسنادها لكنها صحيحة المعنى والشواهد عليها كثيرة ،وهي
قوله صلى ال عليه وسلم لَمّا سئل عن الفرقة الواحدة ؟ قال )) :مَن
كان مثل ما أنا عليه اليومَ وأصحابي(( .
والشواهدُ إن لم تكن مستفيضةً عن النبي صلى ال عليه وسلم على
معنى هذه الرواية فإنها متواترة؛ إمّا متواترة وإما مستفيضة .
فبان بهذا التقرير أنه ل عبرة بغير إصابة الحق ،ل عبرة بغير
السداد في القوال والعمال؛ وهذا السداد هو :تجريد المتابعة
للنبي صلى ال عليه وسلم .
المر الثالث :الثر الذي يصححُ رفعَه بعضُ طلب العلم بعض
أهل العلم ،وذلكم الثرُ )) :يحمل هذا العلم من كل خلَفٍ عدولُه،
ينفون عنه تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين(( .
فإذا تقرر بعد هذا وتحصّل لدينا أنّ العبرةَ كل العبرة والميزان
الحق هو في متابعة النبي صلى ال عليه وسلم؛ لن ال سبحانه
وتعالى لم ينصب أحدًا من البشر قدوةً حسنة سواه لذاته ،كما قال
جل وعل :لقد كان لكم في رسول ال أسوة حسنة لمن كان
يرجوا ال واليوم الخر وذكر ال كثيرا .
فلننتقل أيها البناء إلى بعض القواعد في المنهج السلفي .
وقبل أن أُلقي عليكم _ فهّمنا الُ وإياكم صوابَ الحجة في الدنيا
والخرة _ بعض ما تيسّر لديّ الليلة :
أريد أن أُعرّف المنهج السلفي .وتعريف المنهج السلفي يستدعي
منا شيئين :
الول في السلفية .
والثاني في تحديد هذا المنهج ما هو ؟ ،وبيان معناه :
5
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
فالسلفية :ـ المر فيها واضح؛ فهي من حيث اللغة :نسبة إلى مَن
سلف ،بمعنى مضى؛ فيقال للماضي :السالف ،وإذا أمضى النسان
شيئا قيل له :أسلفه ،وفي الحديث )) :أسلمتَ على ما أسلفتَ من
خير(( ،يعني ما أمضيت من قبل .
وهي في اصطلح أهلها .وهم خاصة أهل النبي صلى ال عليه
وسلم ،وخالصة أتباعه؛ كلّ مَن مضى بعد النبي صلى ال عليه
وسلم على أَثَرِه من أصحابه وأئمة التابعين ومَن بعدهم .
وإذا أطلق لفظ السلف الصالح فإنه ل ينصرف إل إلى القرون
الثلثة المفضّلة؛ وهم :أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ،ثم
التابعون ،ثم أتباع التابعين؛ وعلى هذا يُنَ ّزلُ المحققون من أهل العلم
حديث ))خير الناس قرني ،ثم اللذين يلونهم ،ثم اللذين يلونهم(( وما
في معناه من الحاديث الصحيحة عن النبي صلى ال عليه وسلم .
وأئمة السلفية بعد أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم من التابعين
مثل :السعيدين ،والشعبي ،وعكرمة ،ومجاهد .
ومن أتباع التابعين مَن بعد التابعين :كالئمة الربعة،
والوزاعي ،والحمادين ،والسفيانين ،والليث بن سعد ،وأبي عبيد
القاسم ابن سلّم ،والبخاري ،ومسلم ،ومَن سلك سبيل هؤلء؛ فإنهم
أئمة السلف الصالح .
واعلموا بارك ال فيكم :أن السلفية لم يؤسسها أحدٌ من البشر في
أيّ زمانٍ أو مكان؛ فلم يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب المجدد
الثالث للسلفية مع أخيه المام محمد بن سعود رحم ال الجميع _
مج ّددَيْن للسلفية ،ول من قبلَهما من أهل العلم وأئمة الدين ودعاة
الحق إلى هذه الملة الحنيفيّة مؤسسين لها مثل شيخ السلم ابن
تيميه وتلمذته ،ومَن قبلَه كالئمة الربعة ،ومَن سمّيْنا من الئمة،،
ول التابعون ،ول أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم ،ول محمد
صلى ال عليه وسلم ،ول مَن مضى مِن قبله من النبيين والمرسلين
مؤسسين للسلفية .بل هي من عند ال جاءت؛ فالنبيون والمرسلون
بلغوا عن ال ما أراده من الشرْع ،ومَن بعدهم دعاة إلى ال ِوفْق
هذه الشّرْعِية؛ ولهذا فإنه ليس لها مستند سوى النص والجماع .
6
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
)السلف( دارجةٌ عند أئمة هذه الملة أهل السنة والجماعة؛ ويزيد هذا
وضوحًا :الجماع على صحة النتساب إلى السلفية ،وأنه ل
غضاضة في ذلك؛ واسمعوا حكاية الجماع :قال شيخ السلم ابن
تيميه رحمه ال )) :ل عيبَ على من أظهر مذهب السلف،
وانتسب إليه ،واعتزى إليه؛ بل يجب قَبول ذلك منه اتفاقا؛ فإن
مذهب السلف ل يكون إل حقا …(( إلخ العبارة .وراجعوها إن
شئتم في الصفحة التاسعة والربعين بعد المائة ،من المجلد الرابع
علَمٌ من أعلم منهجنامن ))مجموع الفتاوى(( لبن قاسم؛ فهذا َ
المشهود لهم بجللة القدْر والسابقة في الفضْل ينقل الجماع؛ ومَن
هو ابن تيميه إذا نقل الجماع ؟ ،إنه حجة في نقل الجماع ،ضمن
قِلة من أهل العلم يُحتج بهم في نقل الجماع .
فيا شباب السلم خاصة ويا أيها المسلمون عامة ل يكوننّ في
صدوركم حرجٌ من النتساب إلى السلفية ،بل ارفعوا بها رؤوسكم،
واصدعوا بها ،ول تأخذكم في ذلك لومة لئم .
وأزيدُكم شيئا آخر :ذكر شيخ السلم ابن تيميه في المصدر السابق
وبالتحديد في الصفحة على ما أظنّ الخامسة والخمسين بعد
المائة أن ))من علمات البدع :ترك انتحال السلف الصالح((؛ فل
خلَفِيّا ل سيما المنتسبون إلى الجماعات الدعويّة الحديثة تجد َ
الظاهرة في الساحة اليوم والمناوئة لهل السنة والجماعة إلّ وهو
يكرهُ السلفية ،ويكره النتساب إلى السلفية؛ لن السلفية ليست مجرّد
نسبة ،بل السلفية :تجريد إخلص ل وتجريد متابعة للنبي صلى ال
ي حزبان :حزب الرحمن ،وحزب عليه وسلم؛ فالناسُ يا بَ ِن ّ
الشيطان؛ فحزب الشيطان :الكفار والمنافقون نفاقا اعتقاديّا،
وحزب الرحمن هم المسلمون اللذين لم يَ ْركَبوا ما يُخرجهم من
مسمى اليمان إخراجا كامل .وخالصوا حزب الرحمن :اللذين لم
يَضلوا ولن يَضلوا ولم يتنكبوا جادة الهدى والحق في كل زمان
ومكان ،ولم يجتمعوا على ضللة هم السلفيون ،أهل السنة
والجماعة ،الطائفة المنصورة ،الفرقة الناجية .
القاعدة الثانية :يُعرف الرجا ُل بالحق ول يُعرف الحق بالرجال
8
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
فنقول :
أول ـ:ـ هذا الجتماع الذي تؤسسون له بما تؤسسون ،وتُقَ ّعدُون له
بما تقعدون ،وتدعون إليه بشتّى العبارات أهو في ذات ال أم في
ذات الشخاص ؟!؛ ذات الشخاص ل علقة لنا بهم ،لكن هم
بزعمهم يريدونه في ذات ال؛ فما كان من أجل ال وفي ذاته من
أين تُسْتَمدّ أصولُه وقواعُده ؟؛ من نص الكتاب والسنة ،ومن إجماع
السلف الصالح .وكتاب ال ،وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم،
وإجماع أهل الحق والهدى من أئمة هذه الملة على :أنه ل يجتمعُ
الناس إل على ما َرضِيَه الُ سبحانه وتعالى من دينِ الحقّ الذي
أساسُه الدعوةُ إلى التوحيد والنهي عن الشرك ،ثم بعد ذلك سائرُ
فرائض الدين العملية .
إذن قاعدة ما رضيه ال عز وجل للعباد والبلد ولم يرض غيره
تنحصر في أمرين:
المر الول :إخلص الدين ل؛ وأساسه :توحيد ال سبحانه
وتعالى ،ثم فرائض الدين العملية .
والمر الثاني :التحذير من كل مَغَاضِب ال سبحانه وتعالى
ومَسِاخطه ،وأعظم ما يُعصى ال به وأعظم مغاضبه :الشرك بال،
ثم بعد ذلك التحذير من كبائر الذنوب والمعاصي ،والبدع،
والخرافات؛ لنها تكدر صفوَ اليمان وتُنْ ِقصُه .
وثانيا :أنتم تريدون أن ل يفترق المسلمون ؟ ،فإذا قالوا :نعم،
نسألهم :تريدونهم أن يجتمعوا عل ماذا ؟ ،على منهجٍ معين ؟،
فالجواب :نعم .نقول :اسمعوا ما جاء به عبد ال ورسوله
ومصطفاه وخليلُه محمد صلى ال عليه وسلم )) :وستفترقُ هذه
المة على ثلثٍ وسبعين فرقة ُكلّها في النار إل واحدة((،
قالوا :مَن هي ؟ ،قال )) :الجماعة(( وقد قدمت شيئا من الكلم
على هذا الحديث .هذا ما رضيه ال سبحانه وتعالى .
فإذًا :الجماعة الجماعة وهي السلفية ،والطائفة المنصورة ،والفرقة
الناجية :مَنْ كانوا على مثل ما كان عليه رسول ال صلى ال عليه
وسلم وأصحابُه ،يأبى ال أن يجتمع الناسُ على غير ذلك .
10
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
وثالثا :أل ترون يا هؤلء الفرقانَ بين الحق والباطل ؟ ،فإن قالوا :
ل ،لَمْ يُ ِقرّهم أحد ،ل بدّ من فرقان بين الحق والباطل ،سواء في
العبادات ،أو في المعاملت ،أو في السلوك الشخصي في كلّ شيء،
ل ُبدّ من فرقان .
وإن قالوا :نعم ،قلنا :لقد فرّق ال سبحانه وتعالى وفرّق رسوله
صلى ال عليه وسلم ،وأجمع أئمة الدين وال ِملّة على َنبْذ كل ما
خالف منهج ال الذي جاءت النبيون والمرسلون؛ واسمعوا :قال
صلى ال عليه وسلم )) :مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو
رَد(( مُخَرّجٌ في الصحيحين ،وفي رواية لمسلم )) :من عمل
عمل ليس عليه أمرُنا فهو رَد(( .والردّ معناه المردود ،وما كان
مردودا فكأنه غير موجود؛ قال أهل العلم :والردّ إذا أضيف إلى
العبادة فإنه يقتضي فسادها وعدم العتداد بها ،وإذا أضيف إلى
المعاملة فإنه يقتضي إلغائها وعدم نفوذها .ثم اسمعوا ثانيا :
))سيكون أقوامٌ يُحدّثونكم بما لم تسمعوا أنتم ول آباؤكم فإياكم
وإياهم(( ،ثم اسمعوا ثالثًا وهو بعض من حديث العِ ْربَاض بن
عظَنَا رسول ال صلى ال عليه سَارِية الصحيح المشهور قال :وَ َ
جلَت منها القلوب وذَرَفَت منها العيون ،فقلنا :يا وسلم موعظةً وَ ِ
رسول ال كأنها موعظة مودّع فأوصنا وفي رواية :فبما تعهد
إلينا قال )) :أوصيكم بتقوى ال ،والسمع والطاعة وإن تَأَمّرَ عليكم
عبدٌ حَبَشي ،وإياكم ومحدَثَات المور؛ فإنه من يَعِش منكم فسيرى
اختلفًا كبيرا ،فعليكم بسنّتِي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين مِن
عضّوا عليها بالنواجذ(( .هذا بعض سنة بعدي ،تَمَسّكوا بها ،و َ
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وهي مجتمعةٌ على القضاء بأنه ل
يصلح للناس ويجمع شَتَاتَهم إل اتباعُ النبي صلى ال عليه وسلم .
ويزيد هذا وضوحًا :ما رواه أحمد ومسلم عن عبد ال بن عَمرو
بن العاص رضي ال تعالى عنهما :أن رسولَ ال صلى ال عليه
وسلم قال )) :إنه لم يكن نبيّ قَبْلي قَط إلّ كان حقا عليه أن َي ُدلّ أُمّتَه
على خيرِ ما َي ْعلَمُه لهم ،وأن يُنذرَهم شَرّ ما يعلمُه لهم؛ وإن أُمّتَكُم
هذه جُعل عافيتُها في أوّلِها ،وسيصيب آخرها بلء وأمور
11
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
تُنكرونها(( وهذا الحديث يا بَنِي مصداقٌ لِمَا رواه أبو عُمر بن عبد
البر في ))تمهيده(( بسنده إلى المام مالك رحمه ال قال ) :كان
وهبُ بن كيسان يقعدُ إلينا ول يقوم حتى يقول لنا :اعلموا أنه لن
ح آخر هذا المر إل ما أصلح أوله( . صلِ َ
ُي ْ
[ انتهى الوجه الول ؛ والنص التي من الوجه الثاني من الشريط
].
… أو يريد التقوى .
وقد تواتر النقلُ عن أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم على ردّ
المخالفة وإن لم تكن بدعيّة؛ وأنا ذاكرٌ بعضَ ما صحّ عنهم رضي
ال عنهم :
فهذا الفاروق رضي ال عنه يقول ) :إياكم وأهل الرأي فإنهم أَعْيَتْهُم
أحاديث رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يحفظوها فقالوا بالرأيِ
فضلوا وأضلوا( .
وقال ابن عباس رضي ال عنهما ) :وال ما أظنّ أنّ أحدًا أحبّ إلى
حدُثُ البدعة في الشيطان هلكا مني اليوم( ،فقيل :وكيف ؟ قال ) :تَ ْ
ي قَ َمعْتُهاي فإذا حملها إل ّ المشرق أو المغرب فيحملُها الرجل إل ّ
بالسنة فَتُ َردّ عليه( .
وقال ابن مسعود رضي ال عنه ) :اتبعوا ول تبتدعوا؛ فقد ُكفِيتُم( .
وقال الشعبي رحمه ال ) :إياكم والمُقَايَسَة( يعني الرأي )فو الذي
حلّنَ الحرام ولَتُحَرّمُنّ الحلل؛ فما نفسي بيده لن أخذتم بالقياس لتُ ِ
بلغكم عمّن حفظ من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم فخذوه( أو
قال ) :فخذوا به( .
وقال الوزاعي رحمه ال ) :اصبر نفسك على السنة ،وقلُ ما قالوا،
سلُك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه َيسَعُك وكُفّ عما َكفّ القوم عنه ،وا ْ
ما وسعهم( أو كما قال .
فبانَ بهذا أنّ أصحاب نبيكم صلى ال عليه وسلم والتابعين ومَن
بعدَهم مُتّ ِفقُون على ردّ كل ما يخالف سنة رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وأُسْوتهم في ذلك نبيكم صلى ال عليه وسلم؛ فقد رد
12
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
المخالَفات َردّا قويّا وزجرًا شديدًا يجعل مَن سمعَه وكان له قلب
وكان ذا بصيرة يَنْ َزجِر عن مخالفته .
لَمّا خرج إلى ثَقِيف وهَوازِن بعد الفتح َمرّ صلى ال عليه وسلم
بسدرة يَعْكِف المشركون عندها ويَنُوطون أسلحتهم يقال لها :ذات
أنواط ،فقال الحدثاء :يا رسول ال اجعل لنا ذات أنواط كما لهم
ذات أنواط اجعل لنا مثلهم ،فقال صلى ال عليه وسلم )) :ال
أكبر !! ،إنها السنن ،قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل
لموسى :اجعل لنا إلها كما لهم آله .إذا نظرنا إلى محتوى
المقولة وزمانها يظهر العجب العجاب ،ويشتدّ ساعد الداعية إلى ال
على بصيرة فيمضي إلى ما يدعو إليه من الحق :
فأول :مِن حيث لفظها :هي مختلفة فأصحاب محمد صلى ال عليه
وسلم
قالوا :يا رسول ال وأصحاب موسى قالوا :يا موسى؛ أليس الفئتان
مختلفتان باللفظ ؟ ،أصحاب محمد نادوه باسم الرسالة غاية في
والتأدب التوقير
معه ،وأصحاب موسى باسمه فيه غاية الجلفة وسوء الدب ،
أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم قالوا :اجعل لنا ذات أنواط ،ما
قالوا اجعل لنا إلها ؟ ،أما أصحاب موسى صرّحوا وقالوا :اجعل
لنا إلها كما لهم آلهه؛ ومع هذا لم يُفَرّق نبيّنا صلى ال عليه وسلم
بين المقولتين؛ لن النتيجة واحدة وهي عبادة غير ال تعالى .
أما من حيث الزمان :فإنّ رسول ال صلى ال عليه وسلم كان في
غزوة ،وقائلوا هذه المقولة يشكّلون نحو ألفين أو أكثر من المعسكر،
فلم يمنع رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يقول مقولته الزاجرة
فيهم؛ لنهم لو كانت منه صلى ال عليه وسلم مجاملة وحاشاه
صلى ال عليه وسلم لكن على سبيل الفتراض ما ارتدعوا عن
مقولتهم ،ولذهبوا مع الغزو وهم في نفوسهم شئ من الشرك ،لو
ذهبوا وهم يعتقدون ذلك دون ما يقلعه من قلوبهم؛ فإن انتصروا لم
يكن انتصارهم انتصار إسلم أعني بالنسبة لهذا العدد ،القائلين
هذه المقالة ل أعني كلّ من كان مع النبي صلى ال عليه وسلم ولو
13
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
مات أحدٌ من أصحاب هذه المقالة مات على الكفر؛ فزجرهم النبي
صلى ال عليه وسلم هذا الزجر الذي سمعتم زجرًا اقتلع راسبة
الشرك واجْتَثّها من قلوبهم فلم يقل هذا ،ولم يقل نحن في غزو وفي
سدُس المعسكر تقريبا ،ل ،ل ُبدّ حرب مع عدو ،وهؤلء يُشَ ّكلُون ُ
من التربية والتصفية ،ل ُبدّ من سياسة ،سياسة
التوحيد لبد من قلع جذور الشرك من قلوبهم واجتثاثه منها حتى ل
تبقى له راسبة .
والنقل عنه عليه الصلة والسلم كثير ،وكثيرٌ جدا ،لكن مقصودنا :
البيان بأن الر ّد على المخالف من أصل هذا الدين ومن قواعد
الدعوة إلى ال على بصيرة .
هذا ما يسر ال سبحانه وتعالى في هذه الكلمة ،ولعلي أطلت
عليكم كثيرا ،ولعل السئلة تكشف شيئا غفلنا عنه أو تُنَبّه إلى أمرٍ
ضروري المقام يحتاج إلى بسطه وقد اختصرناه .
وفّق ال الجميع لما فيه مرضاته .
وصلى ال وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه وسلم .
[ جزى ال فضيلة شيخنا خير الجزاء على هذه الكلمة التربوية
التوجيهية في المنهج السلفي .
جلّها قد أجاب عنها الشيخ فجزاه ال خيرا ،لم يُ ْبقِ شُبْه إل والسئلة ُ
وأَجْلَها في هذه الكلمة التوجيهية ،ولكن ل بُد من أن نعرض على
بعض السئلة ،لن بعض المور تحتاج إلى مزيد من التفصيل :
السئلة :
السؤال الول :ما الجواب على الشبهة التي تقول بأن السلفية تفرق
؟]
[ الجواب ] :
أقول هذه المقولة ناشئةٌ عن أحد شيئين :إمّا سوء القصد ،وإما سوء
الفهم؛ وسوء الفهم بمعنى الخطأ أمرُه سهل؛ لنّ مَن فهم فهمًا سيّئا
وكان قصدُه الحق إذا استبان له المر قَبِل ،إذا بُيّن له الحق بدليلِه
يقبل .
14
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
على سب أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ،وإنما يستنكر ذلك إذا
علَنا؛ لنه يجرح المشاعر ويسيء إلى وحدة الصف كان هذا ظاهرا َ
والهدف .ولعله قال هذا في وقت انتخابات.
هذا في الحقيقة نبذة موجزة عن السويدن من هو ؟ ،وما هو ؟ ،وما
ينطلق منه؟! فلعلكم عرفتم السبب وقديما قيل :إذا عُرف السبب
بطل العجب .
[ السؤال الثالث :ما هو توجيهكم نحو شبه أهل البدع التي ل تكاد
تنتهي شبه أهل البدع للشباب حيال هذا المر ؟ ] .
[ الجواب ] :
تذكرون الحديث )) :إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية(( .فمن
القاصي منا ؟ ،هو الذي ل يرتبط بأهل العلم والفضل المعروفين
وسداد الطلع، بسعة
المنهج ،وقوة الرأي والبصيرة في الدعوة إلى ال عز وجل؛ هذا
أن لب ّد
تتوارد عليه الشبه .
وعصر هذا اليوم اتصل بي شخص يقول أنه طالب علم وكذا وكذا
ودرس على بعض هيئة كبار العلماء إلى آخر ما قال ،فقال :أنه إذا
قرأ آيات الوعيد يتأثّر ويقول هذا عذاب مؤلم وكيف يكون عذابهم
معنى كلمه .
هذه شبه ألقاها الشيطان في قلبه؛ فالذي يب ّددُ عنكم الشبه عافانا ال
وإياكم في الدنيا والخرة ويقوّي عزيمتكم ،ويرسخُ أقدامَكم ،ويمل
قلوبكم يقينا بمنهجكم وثباتا عليه :التفقّه في دين ال؛ وسبيل ذلك :
الرتباط بأهل العلم والفضل ،ممن عُرفوا بصحة المعتقد وسداد
المنهج .
وثانيا :أَكِبّو على طلب العلم ،ل تشبعوا من العلم ،تَ َز ّودُوا .
وثالثا :ل تُعَ ّرضُوا أنفسكم لهل الشبه ،ل تحاول أن تُعَرّض نفسك
وتقول أنا أنظر إلى ما عند هؤلء ،ل ،ل ،ل؛ كَثّر سواد أهل السنة
واعتصم بال ثم بهم ،انضم إليهم ،كن معهم ،دَع عنك هؤلء ما أنت
مسؤول ،ول تفكر في يوم من اليام أنك َتحْرِف الخوانيين أو
18
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
التبلغيين أو الصوفيين إلى السنة؛ هذا فيما يظهر لنا مما جرت به
السّنّة في قدرة البشر مستحيل ،هذه السنة الكونية؛ لكن ُنصْح أفراد
يمكن ،ونفع ال بنصح أفراد؛ فابتعدوا عن مجالس هؤلء فإنها
وخيمة ،والساحة النظيفة التي هي أفضل من سبائك الذهب :ساحة
أهل السنة والجماعة ،ليس فيها كدر ،ليس فيها إل السنة :قال ال
وقال رسوله قال الصحابة .
ثم أيضًا إذا عرضت لهؤلء شبه ُبلِيت بها فَ ُردّها فورا ،وإن لم
تستطع فاسأل أهل العلم ،قال تعالى :فاسألوا أهل الذكر إن كنتم
ل تعلمون اسأل أهل العلم .
فالحقيقة نحن نعاني من صِنْفَين أو ثلثة من شباب السلفية ،ومِن
خللهم جاء التفكك والضعف :
الصنف الول :صنف ل يَسْتَقِر؛ فتجده كل يوم في جهة؛ فهو أشبه
بحامل الكشكول يعني :الكرّاسة العامة ما يتحرّز عن أي مجلس
إخواني تبليغي صوفي؛ والنتيجة بلبلة الفكار ،بل وبعضهم انسلخ
وانحرف عن السنة وتَمَيّع ،وبعضهم والعياذ بال أصابته حَيْرة
ل يدري ماذا يصنع وانتابته الوساوس والقلق والتشويش الفكري .
الصنف الثاني :صنف متعجل ،قرأ شيئا من الكتب فتصدّر؛ يعني
ما ارتبط بأهل العلم حتى ينبت فكره ويشتدّ ساعده ويعرف أصول
العلم الذي درسه والمنهج الذي ينتهجه .وهذا كثيرًا ما سبّب النّفرة
بين الشباب؛ لنه يُصدرُ أحكاما ل يعرف كيف يُصدرها .المام
مالك رحمه ال رُوي عنه أنه قال ) :ما أفتيت حتى أذن لي
سبعون من مشائخي( ،قيل :ولو لم يأذنوا لك ؟ ،قال ) :ما أفتيت( .
أما شبابنا بعضهم ل يعلم عنه شيخه أين يجلس ،وكانوا قديما ل
يجرؤ التلميذ على التعليم والفتوى حتى يستأذن مشايخه يأذن منهم
إذنًا ،بل ويُحدّدُون له المكان الذي يجلس فيه؛ هذا توقيرٌ عظيم
جداَ ،ترَبّى السلف على هذا ،تربى منهم اللحق والسابق ،أخذ هذا
على تربّوا السابق، عن اللحق
هذا .وقديما قالوا ) :امتحنوا أهل مصر بالليث ،وأهل الشام
بالوزاعي ،وأهل الموصل بالمعافى بن عمران …( وغير ذلك .
19
المنهج السلفي (( أصول وقواعد في ))
ضالة مضلة ،وهي صوفية ُمقَنّعة ،ينتهي المر يعني أمر من
ينخرط فيها إلى المبايعة على أربع طرق صوفية :وهي الجشثية،
والقادرية ،والنقشبندية ،والسهروندية؛ واقرأ بارك ال فيك ما
كتبه الشيخ سعد الحصين حفظه ال ،وما كتبه الخ نزار
الجربوعي ،وما كتبه الشيخ حمود التويجري رحمه ال ،كذلك
من كتب قبل الشيخ محمد أسلم رحمه ال ،وشرح كتاب الشيخ
محمد أسلم أظن )) :جماعة التبليغ ما لها وما عليها(( أو كذا ،لكن
الشيخ تقي الدين سراج رحمه ال عمل شرحا سماه ))السراج
المنير(( .
[ وختاما نسأل ال العظيم رب العرش الكريم أن يثيب الشيخ على
هذه الكلمة العظيمة ،وأن يجعل هذه الكلمة في ميزان حسناته ،وأن
ُيبِيّض وجهَ شيخنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ،وأن يجعله في
علّين .
ِ
وصلى ال على محمد وعلى آله وصحبه ]