Professional Documents
Culture Documents
السلفي
سلسلة لقاءات مع :
فضيلة الشيخ
عبيد بن عبدالله بن
سليمان الجابري
المدرس بالجامعة السلمية سابقًا
الجزء الول /26ربيع الول1421/هـ
أصول وقواعد في (( 2 ))
المنهج السلفي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد ل نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره ،ونستهديه ،ونعوذ بال من
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له .
وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله .
يا أيها اللذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم
مسلمون .
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها
زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء واتقوا ال الذي تساءلون به
والرحام إن ال كان عليكم رقيبا .
يا أيها اللذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم
ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .
أما بعد :
فإن خير الكلم :كلم ال ،وخييير الَهيْدي هييدي محمييد صييلى الي عليييه
وسلم ،وشر المور محدثاتها ،وكل محدثيية بدعيية ،وكييل بدعيية ضييللة،
وكل ضللة في النار .
ثم أما بعد :
فيا أيها البناء اقتضت حكمة ال سبحانه وتعالى أنه في كل زمييان وفييي
كيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل
صر ديَنه وُيْعلي كلمتييه وييدعوا مكان أن يهيء ال سبحانه وتعالى من ين ُ
إليه على بصيرة ،كما أنييه فييي مقابييل هييذا َيْنييبري ميين ينييبري ميين أهييل
الهواء اللذين يناصييبون السييلفية وأهَلهييا العييداء؛ والي سييبحانه وتعييالى
حكيم عليم لطيف خبير ،لن يضّيع دينه ،ولكن يضْيع من يبتغي غير مييا
جاءت به النبيون و المرسلون عليهم الصيلة والسيلم عين الي سيبحانه
وتعالى إلى أهل الرض؛ فال سبحانه وتعالى لم يجعل أحدا سفيرا بينييه
وبين خلقه يبلغهم عنه شرعه سوى من اصطفاه من النبيين والمرسييلين،
ولئن كان في بعض الزمنة والمكنة تعصييف بالنياس عاصيفة الهيوى،
(( أصول وقواعد في 3 ))
المنهج السلفي
ويسييتوحش كييثير ميين أهييل السيينة لكييثرة مخييالفيهم ،فييإنه يسييليهم ثلثيية
أمور :
المر الول :في قوله جل في عله ومن يطع ال والرسول
فأولئك
مع اللذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا فمن استوحش بكثرة المخالفين،
ووجد الغربة لقلة السالكين مسلكه إذا تذكر أن رفاقه على طريق الحق
والهدى أولئكم الصناف الربعة زالت عنه الوحشة ،وأصبح قوي
العزيمة ،مشدودا به أزره ل يخشى في ال لومة لئم ،ول تزعزعه ثقته
بنصر ال لجنده كثرة الهالكين ول قلة السالكين؛ لن أولئكم الصفوة هم
خير عباد ال من البشر؛ فمن كان رفيَقه خيُر عباد ال فلن يستوحش،
بل يزداد ثباتا وصبرا ويقينا وقوة .
المر الثاني :ما جاء في حديث السبعين ألفًا اللذين يدخلون الجنة بل
ج عن ابن عباس رضي ال عنهما عن النبي صلى ال حساب وهو مخّر ٌ
عليه وسلم في الصحيحين؛ فقد جاء فيه )) :فرأيت النبي ومعه الرهط،
والنبي ومعه الرجل والرجلن ،والنبي وليس معه أحد(( .لنتأمل في
هذا الحديث قليل ،فهذا النبي الذي جاء وليس معه أحد إلى من بعث ؟،
إلى أمة أم إلى غير أمة ؟! إلى أمة بعث بماذا ؟ ألم يكن مبعوثا ذلكم
النبي صلى ال عليه وسلم الذي لم يجبه أحد أو النبي الذي أجابه
الرجلن أو الرهط ي وهم من الثلثة إلى العشرة أو إلى التسعة ي ألم
يكونوا جاءوا بالهدى ودين الحق ؟ ،ألم يكونوا أعظم الناس مكانا عند
ال سبحانه وتعالى ؟؛ فما أظن أن أحدا منكم يخالفني في الجواب ببلى،
فكيف بمن دوَنهم ممن يدعوا إلى ال على بصيرة .
وثانيا :هذا الحديث فيه دليل على أن العبرة ليس بالكثرة ،بل العبرة في
طن إلى هذا المجدد الثالث للسلفية ي رحمه ال ي إصابة الحق .وقد تف ّ
الشيخ محمد بن عبد الوهاب :قال في مسائله على الباب والحديث :
))ل يجوز الغترار بالكثرة ،ول الزهد في القلة(( .وهذا المعنى يزيُده
ح بمجموع طرقه؛ فقد جاء وضوحًيا حديث افتراق المم الذي هو صحي ٌ
(( أصول وقواعد في 4 ))
المنهج السلفي
ث وسبعين فرقة ،كلها ق هذه المة على ثل ٍ في بعض طرقه )) :وستفتر ُ
في النار إل واحدة(( ،قالوا َ :من هي يا رسول ال ؟ ،قال :
سرها ابن مسعود رضي ))الجماعة(( ،وهذه الرواية الصحيحة ،وقد ف ّ
ال عنه فقال ) :الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ،فإنك حين إذ
الجماعة( .وفي رواية أخرى ضعيف إسنادها لكنها صحيحة المعنى
والشواهد عليها كثيرة ،وهي قوله صلى ال عليه وسلم َلّما سئل عن
الفرقة الواحدة ؟ قال َ)) :من كان مثل ما أنا عليه اليوَم وأصحابي(( .
والشواهُد إن لم تكن مستفيضًة عن النبي صلى ال عليه وسلم على
معنى هذه الرواية فإنها متواترة؛ إّما متواترة وإما مستفيضة .
فبان بهذا التقرير أنه ل عبرة بغير إصابة الحق ،ل عبرة بغير السداد
في القوال والعمال؛ وهذا السداد هو :تجريد المتابعة للنبي صلى ال
عليه وسلم .
ض طلب العلم ي بعض أهل ح رفَعه بع ُ المر الثالث :الثر الذي يصح ُ
ف عدوُله ،ينفون عنه العلم ي ،وذلكم الثُر )) :يحمل هذا العلم من كل خَل ٍ
تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين(( .
ن العبرَة كل العبرة والميزان الحق هو صل لدينا أ ّفإذا تقرر بعد هذا وتح ّ
في متابعة النبي صلى ال عليه وسلم؛ لن ال سبحانه وتعالى لم ينصب
أحًدا من البشر قدوًة حسنة سواه لذاته ،كما قال جل وعل :لقد كان
لكم في رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجوا ال واليوم الخر وذكر
ال كثيرا .
فلننتقل أيها البناء إلى بعض القواعد في المنهج السلفي .
ب الحجــة فــي الــدنيالـ وإيــاكم صــوا َ
وقبــل أن ُألقــي عليكــم _ فّهمنــا ا ُ
ي الليلة :
سر لد ّوالخرة _ بعض ما تي ّ
أريد أن ُأعّرف المنهج السلفي .وتعريف المنهج السلفي يستدعي منا
شيئين :
الول في السلفية .
والثاني في تحديد هذا المنهج ما هو ؟ ،وبيان معناه :
(( أصول وقواعد في 5 ))
المنهج السلفي
فالسلفية :المر فيها واضح؛ فهي من حيث اللغة :نسبة إلى َمن
سلف ،بمعنى مضى؛ فيقال للماضي :السالف ،وإذا أمضى النسان
ت من ت على ما أسلف َ شيئا قيل له :أسلفه ،وفي الحديث )) :أسلم َ
خير(( ،يعني ما أمضيت من قبل .
وهي في اصطلح أهلها .وهم خاصة أهل النبي صلى ال عليه وسلم،
ل َمن مضى بعد النبي صلى ال عليه وسلم على َأَثِره وخالصة أتباعه؛ ك ّ
من أصحابه وأئمة التابعين وَمن بعدهم .
وإذا أطلق لفظ السلف الصالح فإنه ل ينصرف إل إلى القرون الثلثة
ضلة؛ وهم :أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ،ثم التابعون ،ثم المف ّ
ل المحققون من أهل العلم حديث ))خير أتباع التابعين؛ وعلى هذا ُيَنّز ُ
الناس قرني ،ثم اللذين يلونهم ،ثم اللذين يلونهم(( وما في معناه من
الحاديث الصحيحة عن النبي صلى ال عليه وسلم .
وأئمة السلفية بعد أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم من التابعين مثل :
السعيدين ،والشعبي ،وعكرمة ،ومجاهد .
ومن أتباع التابعين ي َمن بعد التابعين ي :كالئمة الربعة ،والوزاعي،
لم،والحمادين ،والسفيانين ،والليث بن سعد ،وأبي عبيد القاسم ابن س ّ
والبخاري ،ومسلم ،وَمن سلك سبيل هؤلء؛ فإنهم أئمة السلف الصالح .
واعلموا ي بارك ال فيكم ي :أن السلفية لم يؤسسها أحٌد من البشر في أ ّ
ي
ن أو مكان؛ فلم يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب المجدد الثالث زما ٍ
للسلفية مع أخيه المام محمد بن سعود رحم ال الجميع _ مجّدَدْين
للسلفية ،ول من قبَلهما من أهل العلم وأئمة الدين ودعاة الحق إلى هذه
الملة الحنيفّية مؤسسين لها مثل شيخ السلم ابن تيميه وتلمذته ،وَمن
قبَله كالئمة الربعة ،وَمن سّمْينا من الئمة ،،ول التابعون ،ول
أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم ،ول محمد صلى ال عليه وسلم،
ول َمن مضى ِمن قبله من النبيين والمرسلين مؤسسين للسلفية .بل هي
من عند ال جاءت؛ فالنبيون والمرسلون بلغوا عن ال ما أراده من
عية؛ ولهذا فإنه ليس لها شْر ِ
الشْرع ،وَمن بعدهم دعاة إلى ال ِوْفق هذه ال ّ
مستند سوى النص والجماع .
(( أصول وقواعد في 6 ))
المنهج السلفي
فجميع أقوال الناس وأعمالهم ميزانها عندنا شيئان :النص والجماع؛
فمن وافق نصّيا أو إجماعا ُقبل منه ،ومن خالف نصا أو إجماعا ُرّد
عليه ما جاء به من قول أو فعل كائنا َمن كان .
ثم إن كان هذا المخالف أصوله سنة ،ودعوته سنة ،وكل ما جاء عنه
ن خطَأه يرد ول ُيتابع على زلته وُتحفظ كرامته .وإن كان ضا ّ
ل سنة فإ ّ
مبتدعا لم يعرف للسنة وزنا ولم َتقم لها عنده قائمة مؤسسًيا أصوله على
لل ،ويقابل بالّزجر ضّالضلل فإنه ُيرد عليه كما ُيرد على المبتدعة ال ُ
والغلظ والتحذير منه ،إل إذا ترتبت مفسدة أكبر من التحذير منه .
وأما المنهج السلفي فلعله بان لكم من هذا البيان :أنه إّتباع كل ما جاء
عن ال وعن رسوله صلى ال عليه وسلم ،والتمسك بذلك قول وعمل .
هذا هو المنهج السلفي ،وهو الطريق السلفي وهو ،مسلك أهل السنة
والجماعة؛ لن السلفية لها عدة مسّميات ول اختلف بينها في المعنى :
فهم الفرقة الناجية ،والطائفة المنصورة ،وأهل الحديث ،وأهل السنة
والجماعة .
فإذا تقّرر هذا فإني أورُد لكم بعض القواعد :
القاعدة الولى :النتساب إلى السلفية :
عون أنهم أهل السنة والجماعة وأنهم على الهدى فإن كثيًرا ممن َيّد ُ
ن قلوبهم إلى هذه
شَمِئّزون من النتساب إلى السلفية؛ وحتى تطمئ ّ َي ْ
النسبة ي أعني النتساب إلى السلفية ي وتقَوى عزيمُتهم؛ لن ما وقر في
قلوبهم من الشمئزاز منها فهي وسوسة شيطانية ،وقّواها في قلوبهم
ف العزيمة وقّلة الفقه في الدين؛ فلو كانت عزائمهم قوية، ضع ُ
وتحصيلهم من الفقه في الدين قويّيا ما اشمئّزوا من ذلك ،ولم يجدوا في
أنفسهم غضاضة منه .فنقول لهم :
ل على ذلك : أول :جاء من أحاديث النبي صلى ال عليه وسلم ما يد ّ
من ذلكم :قوله عليه الصلة والسلم لبنته فاطمة رضي ال عنها :
))فنعم السلف أنا لك(( .
المر الثاني :أن هذه النسبة لم تكن محَدثة ،بل هي من عهد أصحاب
النبي صلى ال عليه وسلم؛ فيقال لهم :السلف .وكلمة )السلف( دارجٌة
(( أصول وقواعد في 7 ))
المنهج السلفي
عند أئمة هذه الملة أهل السنة والجماعة؛ ويزيد هذا وضوحًيا :الجماع
على صحة النتساب إلى السلفية ،وأنه ل غضاضة في ذلك؛ واسمعوا
حكاية الجماع :قال شيخ السلم ابن تيميه ي رحمه ال ي )) :ل عي َ
ب
على من أظهر مذهب السلف ،وانتسب إليه ،واعتزى إليه؛ بل يجب
َقبول ذلك منه اتفاقا؛ فإن مذهب السلف ل يكون إل حقا …(( إلخ
العبارة .وراجعوها ي إن شئتم ي في الصفحة التاسعة والربعين بعد
عَلٌم
المائة ،من المجلد الرابع من ))مجموع الفتاوى(( لبن قاسم؛ فهذا َ
ضل ينقل من أعلم منهجنا المشهود لهم بجللة القْدر والسابقة في الف ْ
الجماع؛ وَمن هو ابن تيميه إذا نقل الجماع ؟ ،إنه حجة في نقل
الجماع ،ضمن ِقلة من أهل العلم ُيحتج بهم في نقل الجماع .
ن في
فيا شباب السلم خاصة ويا أيها المسلمون عامة ل يكون ّ
ج من النتساب إلى السلفية ،بل ارفعوا بها رؤوسكم، صدوركم حر ٌ
واصدعوا بها ،ول تأخذكم في ذلك لومة لئم .
وأزيُدكم شيئا آخر :ذكر شيخ السلم ابن تيميه في المصدر السابق
ن ي الخامسة والخمسين بعد المائة أن وبالتحديد في الصفحة ي على ما أظ ّ
خَلِفّيا ل
))من علمات البدع :ترك انتحال السلف الصالح((؛ فل تجد َ
سيما المنتسبون إلى الجماعات الدعوّية الحديثة الظاهرة في الساحة
ل وهو يكرُه السلفية ،ويكره اليوم والمناوئة لهل السنة والجماعة إ ّ
النتساب إلى السلفية؛ لن السلفية ليست مجّرد نسبة ،بل السلفية :
س ياتجريد إخلص ل وتجريد متابعة للنبي صلى ال عليه وسلم؛ فالنا ُ
ي حزبان :حزب الرحمن ،وحزب الشيطان؛ فحزب الشيطان : َبِن ّ
الكفار والمنافقون نفاقا اعتقاديّيا ،وحزب الرحمن هم المسلمون اللذين لم
َيْرَكبوا ما ُيخرجهم من مسمى اليمان إخراجا كامل .وخالصوا حزب
الرحمن :اللذين لم َيضلوا ولن َيضلوا ولم يتنكبوا جادة الهدى والحق
في كل زمان ومكان ،ولم يجتمعوا على ضللة هم السلفيون ،أهل السنة
والجماعة ،الطائفة المنصورة ،الفرقة الناجية .
القاعدة الثانية ُ :يعرف الرجاُل بالحق ول ُيعرف الحق بالرجال
(( أصول وقواعد في 8 ))
المنهج السلفي
ن النسان يوصف بالتمسك ،وأنه من أهل السنة، ومعنى هذه القاعدة :أ ّ
وأنه على الحق الذي لم تشبُه شائبة البدعة والخرافة إذا كان على
ق في أقواله وأعماله؛ وهذا الحق .العلمة الدالة عليه :ما انتهجه من ح ّ
هو الشطر الول .
ول يعرف الحق بالرجال :والمعنى أنه ليس مجرد سلوك الرجل بقو ٍ
ل
ت لكم الحكم على القوال ل هو دللٌة على أنه مصيب ،بل كما قّدم ُ أو فع ٍ
والعمال عند السلفيين عند أهل السنة والجماعة عند الطائفة المنصورة
عند أهل الحديث عند الفرقة الناجية :ميزانان فقط :النص ،والجماع .
القاعدة الثالثة :في الحب والبغض
حيفون ويجورون في مسلك فإن كثيًرا ممن يّدعون أنهم دعاة إلى ال َي ِ
الحب والبغض؛ فمعيار الحب والبغض عند هؤلء ،ولنكن صريحين
معكم ومع َمن تصل إليهم هذه الرسالة بل الحب والبغض عندهم في
ب لحٍد الشخاص ،في ذوات الشخاص؛ وقد أجمع أهل الحق أنه ل ح ّ
من البشر لذاته سوى محمد صلى ال عليه وسلم؛ لنه المبلغ عن ال
وهو معصوم في ما يبّلغ به عن ال عز وجل؛ بّلغ البلغ المبين ،لم يزد
على ما ُأمر به ولم ينقص منه ،وكذلك سائر النبيين والمرسلين عليهم
جميعا الصلة والسلم من لدن نوح إلى محمد صلى ال على الجميع
وسلم .
ب والبغض ليس في الشخاص ،بل هو ن معياَر الح ّوأما في السنة :فإ ّ
ن الحب في ال ،والبغض حت الخبار بأ ّ في ال سبحانه وتعالى؛ فقد ص ّ
في ال ،والموالة في ال ،والمعادة في ال ،والمنع ل ،والعطاء ل؛
جها في معاملته للخرين استكم َ
ل هذه ست صفات َمن استكمَلها واْنَتَه َ
عرى اليمان . ُ
القاعدة الرابعة :في الرد على المخالف
ت من الناس ُيَهّوُنون هذا الجانب ،وَيَرْوَنُه عام َ
ل إن لم يكن مئات فعشرا ٌ
ن المة ي كما زعموا ي محتاجة إلى الجتماع ورْأ ِ
ب َتْفرقة للمة؛ ل َ
الصْدع وَلّم الشمل إلى آخر ما ُيرّدُدونه .
فنقول :
(( أصول وقواعد في 9 ))
المنهج السلفي
أول :هذا الجتماع الذي تؤسسون له بما تؤسسون ،وُتَقّعُدون له بما
تقعدون ،وتدعون إليه بشّتى العبارات أهو في ذات ال أم في ذات
الشخاص ؟!؛ ذات الشخاص ل علقة لنا بهم ،لكن هم بزعمهم
سَتمّد
يريدونه في ذات ال؛ فما كان من أجل ال وفي ذاته من أين ُت ْ
عده ؟؛ من نص الكتاب والسنة ،ومن إجماع السلف الصالح أصوُله وقوا ُ
.وكتاب ال ،وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،وإجماع أهل الحق
ضَيه
والهدى من أئمة هذه الملة على :أنه ل يجتمُع الناس إل على ما َر ِ
سه الدعوُة إلى التوحيد ق الذي أسا ُ ن الح ّ
ل سبحانه وتعالى من دي ِ ا ُ
والنهي عن الشرك ،ثم بعد ذلك سائُر فرائض الدين العملية .
إذن قاعدة ما رضيه ال عز وجل للعباد والبلد ولم يرض غيره
تنحصر في أمرين:
المر الول :إخلص الدين ل؛ وأساسه :توحيد ال سبحانه وتعالى،
ثم فرائض الدين العملية .
ساخطه، ضب ال سبحانه وتعالى وَم ِ والمر الثاني :التحذير من كل َمَغا ِ
وأعظم ما ُيعصى ال به وأعظم مغاضبه :الشرك بال ،ثم بعد ذلك
التحذير من كبائر الذنوب والمعاصي ،والبدع ،والخرافات؛ لنها تكدر
صه .
صفَو اليمان وُتْنِق ُ
وثانيا :أنتم تريدون أن ل يفترق المسلمون ؟ ،فإذا قالوا :نعم ،نسألهم :
ج معين ؟ ،فالجواب :نعم . تريدونهم أن يجتمعوا عل ماذا ؟ ،على منه ٍ
نقول :اسمعوا ما جاء به عبد ال ورسوله ومصطفاه وخليُله محمد
ث وسبعين فرقة ق هذه المة على ثل ٍ صلى ال عليه وسلم )) :وستفتر ُ
ُكّلها في النار إل واحدة((،
قالوا َ :من هي ؟ ،قال )) :الجماعة(( ي وقد قدمت شيئا من الكلم على
هذا الحديث ي .هذا ما رضيه ال سبحانه وتعالى .
فإًذا :الجماعة الجماعة وهي السلفية ،والطائفة المنصورة ،والفرقة
ن كانوا على مثل ما كان عليه رسول ال صلى ال عليه الناجية َ :م ْ
س على غير ذلك . وسلم وأصحاُبه ،يأبى ال أن يجتمع النا ُ
(( أصول وقواعد في 10 ))
المنهج السلفي
ن بين الحق والباطل ؟ ،فإن قالوا :ل، وثالثا :أل ترون يا هؤلء الفرقا َ
َلْم ُيِقّرهم أحد ،ل بّد من فرقان بين الحق والباطل ،سواء في العبادات،
ل شيء ،ل ُبّد من أو في المعاملت ،أو في السلوك الشخصي في ك ّ
فرقان .
وإن قالوا :نعم ،قلنا :لقد فّرق ال سبحانه وتعالى وفّرق رسوله صلى
ال عليه وسلم ،وأجمع أئمة الدين والِمّلة على َنْبذ كل ما خالف منهج ال
الذي جاءت النبيون والمرسلون؛ واسمعوا :قال صلى ال عليه وسلم :
ج في
خّر ٌ
ن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو َرد(( ي ُم َ ))َم ْ
الصحيحين ي ،وفي رواية لمسلم )) :من عمل عمل ليس عليه أمُرنا فهو
َرد(( .والرّد معناه المردود ،وما كان مردودا فكأنه غير موجود؛ قال
أهل العلم :والرّد إذا أضيف إلى العبادة فإنه يقتضي فسادها وعدم
العتداد بها ،وإذا أضيف إلى المعاملة فإنه يقتضي إلغائها وعدم
نفوذها .ثم اسمعوا ثانيا )) :سيكون أقواٌم ُيحّدثونكم بما لم تسمعوا أنتم
ول آباؤكم فإياكم وإياهم(( ،ثم اسمعوا ثالثًيا ي وهو بعض من حديث
ظَنا رسول ال صلى عَ ساِرية الصحيح المشهور ي قال َ :و َ الِعْرَباض بن َ
جَلت منها القلوب وَذَرَفت منها العيون ،فقلنا : ال عليه وسلم موعظًة َو ِ
يا رسول ال كأنها موعظة موّدع فأوصنا ي وفي رواية :فبما تعهد إلينا
ي قال )) :أوصيكم بتقوى ال ،والسمع والطاعة وإن َتَأّمَر عليكم عبٌد
حَبشي ،وإياكم ومحَدَثات المور؛ فإنه من َيِعش منكم فسيرى اختلفًيا َ
كبيرا ،فعليكم بسّنِتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدّيين ِمن بعدي،
ضوا عليها بالنواجذ(( .هذا بعض سنة رسول ال ع ّسكوا بها ،و َ َتَم ّ
صلى ال عليه وسلم ،وهي مجتمعٌة على القضاء بأنه ل يصلح للناس
ع النبي صلى ال عليه وسلم . شَتاَتهم إل اتبا ُ
ويجمع َ
عمرو بن ويزيد هذا وضوحًيا :ما رواه أحمد ومسلم عن عبد ال بن َ
العاص رضي ال تعالى عنهما :أن رسولَ ال صلى ال عليه وسلم قال
ل ُأّمَته على خيِر ما ل كان حقا عليه أن َيُد ّ
ي َقْبلي َقط إ ّ)) :إنه لم يكن نب ّ
جعل عافيُتها شّر ما يعلُمه لهم؛ وإن ُأّمَتُكم هذه ُ
َيْعَلُمه لهم ،وأن ُينذَرهم َ
في أّوِلها ،وسيصيب آخرها بلء وأمور ُتنكرونها(( وهذا الحديث يا
(( أصول وقواعد في 11 ))
المنهج السلفي
عمر بن عبد البر في ))تمهيده(( بسنده إلى ق ِلَما رواه أبو ُ َبِني مصدا ٌ
ب بن كيسان يقعُد إلينا ول يقوم المام مالك ي رحمه ال ي قال ) :كان وه ُ
ح آخر هذا المر إل ما أصلح أوله( . صِل َ
حتى يقول لنا :اعلموا أنه لن ُي ْ
] انتهى الوجه الول ؛ والنص التي من الوجه الثاني من الشريط [ .
… أو يريد التقوى .
ل عن أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم على رّد وقد تواتر النق ُ
ح عنهم رضي ال المخالفة وإن لم تكن بدعّية؛ وأنا ذاكٌر بعضَ ما ص ّ
عنهم :
فهذا الفاروق رضي ال عنه يقول ) :إياكم وأهل الرأي فإنهم َأعَْيْتُهم
أحاديث رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يحفظوها فقالوا بالرأ ِ
ي
فضلوا وأضلوا( .
ب إلى ن أحًدا أح ّ نأّ وقال ابن عباس رضي ال عنهما ) :وال ما أظ ّ
ث البدعة في حُد ُ
الشيطان هلكا مني اليوم( ،فقيل :وكيف ؟ قال َ) :ت ْ
ي َقَمْعُتها بالسنة ي فإذا حملها إل ّ المشرق أو المغرب فيحمُلها الرجل إل ّ
َفُتَرّد عليه( .
وقال ابن مسعود رضي ال عنه ) :اتبعوا ول تبتدعوا؛ فقد ُكِفيُتم( .
سة( يعني الرأي )فو الذي نفسي وقال الشعبي رحمه ال ) :إياكم والُمَقاَي َ
ن الحلل؛ فما بلغكم عّمن حّرُم ّن الحرام وَلُت َ حّل َ
بيده لن أخذتم بالقياس لُت ِ
حفظ من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم فخذوه( أو قال ) :فخذوا
به( .
ل ما قالوا، وقال الوزاعي رحمه ال ) :اصبر نفسك على السنة ،وق ُ
سُعك ما سُلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه َي َ ف القوم عنه ،وا ْ ف عما َك ّ وُك ّ
وسعهم( أو كما قال .
ن أصحاب نبيكم صلى ال عليه وسلم والتابعين وَمن بعَدهم ن بهذا أ ّفبا َ
ُمّتِفُقون على رّد كل ما يخالف سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم،
سوتهم في ذلك نبيكم صلى ال عليه وسلم؛ فقد رد المخاَلفات َرّدا وُأ ْ
قويّيا وزجًرا شديًدا يجعل َمن سمَعه وكان له قلب وكان ذا بصيرة
جر عن مخالفته . َيْنَز ِ
(( أصول وقواعد في 12 ))
المنهج السلفي
َلّما خرج إلى َثِقيف وَهواِزن بعد الفتح َمّر صلى ال عليه وسلم بسدرة
َيْعِكف المشركون عندها وَيُنوطون أسلحتهم يقال لها :ذات أنواط ،فقال
الحدثاء :يا رسول ال اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ي اجعل
لنا مثلهم ي ،فقال صلى ال عليه وسلم )) :ال أكبر !! ،إنها السنن ،قلتم ي
والذي نفسي بيده ي كما قالت بنو إسرائيل لموسى :اجعل لنا إلها
كما لهم آله . إذا نظرنا إلى محتوى المقولة وزمانها يظهر العجب
العجاب ،ويشتّد ساعد الداعية إلى ال على بصيرة فيمضي إلى ما يدعو
إليه من الحق :
فأول ِ :من حيث لفظها :هي مختلفة فأصحاب محمد صلى ال عليه
وسلم
قالوا :يا رسول ال وأصحاب موسى قالوا :يا موسى؛ أليس الفئتان
مختلفتان باللفظ ؟ ،أصحاب محمد نادوه باسم الرسالة ي غاية في
التوقير والتأدب
معه ي ،وأصحاب موسى باسمه ي فيه غاية الجلفة وسوء الدب ي،
أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم قالوا :اجعل لنا ذات أنواط ،ما
قالوا اجعل لنا إلها ؟ ،أما أصحاب موسى صّرحوا وقالوا :اجعل لنا
إلها كما لهم آلهه؛ ومع هذا لم ُيَفّرق نبّينا صلى ال عليه وسلم بين
المقولتين؛ لن النتيجة واحدة وهي عبادة غير ال تعالى .
ن رسييول الي صييلى الي عليييه وسييلم كييان فييي أما من حيث الزمان :فإ ّ
غزوة ،وقائلوا هذه المقولة يشّكلون نحو ألفين أو أكثر من المعسكر ،فلم
يمنع رسول ال صلى الي عليييه وسييلم أن يقييول مقييولته الزاجييرة فيهييم؛
لنهم لو كانت منه صلى ال عليه وسلم مجاملة ي وحاشاه صلى ال عليه
وسلم ي لكن على سبيل الفتراض ما ارتدعوا عن مقولتهم ،ولذهبوا مييع
الغزو وهم في نفوسهم شئ ميين الشييرك ،لييو ذهبييوا وهييم يعتقييدون ذلييك
دون ما يقلعه من قلوبهم؛ فإن انتصروا لم يكن انتصارهم انتصار إسلم
ل ميين كييان مييع
ي أعني بالنسبة لهذا العدد ،القائلين هذه المقالة ل أعني ك ّ
النبي صلى ال عليه وسلم ي ولو مات أحٌد من أصحاب هذه المقالة مييات
على الكفر؛ فزجرهم النبي صلى ال عليه وسلم هذا الزجر الذي سييمعتم
(( أصول وقواعد في 13 ))
المنهج السلفي
جَتّثها من قلوبهم فلم يقل هذا ،ولم يقل نحيين زجًرا اقتلع راسبة الشرك وا ْ
سُدس المعسييكر تقريبييا، شّكُلون ُ
في غزو وفي حرب مع عدو ،وهؤلء ُي َ
ل ،ل ُبّد من التربية والتصفية ،ل ُبّد من سياسة ،سياسة
التوحيد لبد من قلع جذور الشرك من قلوبهم واجتثاثه منها حتى ل
تبقى له راسبة .
والنقل عنه عليه الصلة والسلم كثير ،وكثيٌر جدا ،لكن مقصودنا :
البيان بأن الرّد على المخالف من أصل هذا الدين ومن قواعد الدعوة
إلى ال على بصيرة .
هذا ما يسر ال ي سبحانه وتعالى ي في هذه الكلمة ،ولعلي أطلت عليكم
كثيرا ،ولعل السئلة تكشف شيئا غفلنا عنه أو ُتَنّبه إلى أمٍر ضروري
المقام يحتاج إلى بسطه وقد اختصرناه .
وّفق ال الجميع لما فيه مرضاته .
وصلى ال وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه وسلم .
] جزى ال فضيلة شيخنا خير الجزاء على هذه الكلمة التربوية
التوجيهية في المنهج السلفي .
شْبه إلق ُجّلها قد أجاب عنها الشيخ فجزاه ال خيرا ،لم ُيْب ِ والسئلة ُ
لها في هذه الكلمة التوجيهية ،ولكن ل ُبد من أن نعرض على جَ
وَأ ْ
بعض السئلة ،لن بعض المور تحتاج إلى مزيد من التفصيل :
السئلة :
السؤال الول :ما الجواب على الشبهة التي تقول بأن السلفية تفرق ؟ [
] الجواب [ :
أقول هذه المقولة ناشئٌة عن أحد شيئين :إّما سوء القصد ،وإما سوء
ن َمن فهم فهمًيا سّيئا الفهم؛ وسوء الفهم بمعنى الخطأ أمُره سهل؛ ل ّ
وكان قصُده الحق إذا استبان له المر َقِبل ،إذا ُبّين له الحق بدليِله يقبل .
وأما سوء القصد ي وهو في الحقيقة الهوى والتعصب والعمى عن كل ما
ل من يهتدي من يخالف مشرَبه ي فهذا ي في الغالب ي ليس فيه حيلة ،وق ّ
أصحاب هذا المسلك؛ فالقوم إما أصحاب أهواء وأصحاب بدع ورأوا
(( أصول وقواعد في 14 ))
المنهج السلفي
شِهم وخداعهم غّجّلي حقيقة ِف عوارهم وزيَفهم وُي ِ ن المنهج السلفي يكش ُ أّ
للناس في ادعائهم كذبا أنهم دعاة إلى ال ي وليسوا كذلك ي .
وإما أنهم يجهلون المنهج السلفي فهؤلء ندعوهم إلى العلم ،كما قال
صلى ال عليه وسلم )) :من يرد ال به خيرا يفقه في الدين(( .
] السؤال الثاني :كيف نرد على طارق السويدان ؟ [
] الجواب [:
أول :من هو طارق السويدان ؟ ،وما هو طارق السويدان ؟!؛ فمن
هو ؟ .
ل من أهل الكويت ،وكثيُر الُكُتب وكثيُر الشرطة ،وليس هو من رج ٌ
ذوي العلم الشرعي ،تخصصه علم آخر ،وآخر ما بلغني أنه مساعد في
كلية تكنولوجّية أو تقنية ي أستاذ مساعد ي وهذا ...كافي في عدم
حِكيه ويقوله؛ لنه لكل علم أصول وقواعد العتماد عليه وعلى ما َي ْ
حَذق أصول ذلكم العلم وقواعده إل المتخصصون من َيْنَبني عليها ،ول َي ْ
أهله؛ فالعلم الشرعي له أصوله وقواعده ،ولم يكن طارق السويدان
حاذقا له .
ق من قاعدتهم المشهورة التي وأما ما هو ؟ ،فالرجل إخواني ،وينطل ُ
ل ،ثم هي قاعدة الخوان ثانيا، َوِرُثوها عن المنار ،فهي قاعدة المنار أو ً
طها ي ) :نتعاون فيماقاعدة )المعذرة والتعاون( والتي هي ي أي :بس ُ
اتفقنا عليه ،ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه( .هذه القاعدة دخلت
على أهل السلم منها بليا ،وَرَزأ الخوان المسلمين منها برزايا
عظيمة؛ أسأل ال الكريم رب العرش العظيم أن يوقف من لم يكن منهم
ب مفتوح على أهل ُمْهتديا إلى الحق للخصومة يوم القيامة؛ فهي با ٌ
السلم لكل نحلة َتْرَزُأ السلم ،سواء كانت هذه النحلة منتسبة إلى
السلم كالرافضة ي الذين يسمونهم الشيعة ي ،أو غير إسلمية كاليهود
والنصارى .
والسويدان له شريط عندي يتضمن كلمة ي أو مشاركة ي في ندوة ألقيت
سْيِنّية ي والحسينيات معاقل الرافضة وأماكن تجمعهم وعباداتهم ي حَفي ُ
يظهر من هذا الشريط الّتقريب الصريح بين أهل السنة والرافضة .
(( أصول وقواعد في 15 ))
المنهج السلفي
ل ينطلق من هذه القاعدة؛ فله سلف ي وبئس فإًذا ل غرابَة ما دام الرج ُ
السلف وبئس القدوة ي .
فأول :حينما نشئت جماعة الخوان المسلمين ي التي أنشئها حسن البنا
في مصر ،أظن في منتصف القرن العشرين الميلدي ،هذا على
تاريخهم هم ونحن ل نؤرخ بالميلدي ،كيف أظهر حسن البنا هذه
س لها ،ودعا بها ؟ ي.س َالقافلة ،وأ ّ
فأول :أنشأ )دار التقريب بين السنة والشيعة( في مصر ،وقال كلمات
منها :أن مراكز الخوان وبيوت الخوان مفتوحة للشيعة ،وكان
ل بهم في الحج يستضيف كبار الرافضة مثل نواف صفوي ،وكان َيّتص ُ
وُيدغدغ عواطفهم ويلّينهم بمقولت منها ) :ليس بيننا وبينكم اختلف،
ب أصحاب وبيننا وبينكم أمور بسيطة يمكن حلها كالمتعة( .فأين س ّ
النبي صلى ال عليه وسلم ،بل أين تكفيرهم ي إل ثلثة أو عشرة أو
سبعة ي ؟ ،أين قولهم إن القرآن محّرف ؟ .فهم يتعاملون معه حتى
يظهر المهدي المنتظر ،وأين قولهم على عائشة رضي ال عنها أم
المؤمنين زوج سيد الخْلق صلى ال عليه وسلم بالبهتان ؟؛ هذه كلها من
مقولت الرافضة تغافل عنها حسن البنا ،ولم َيَرها شيئا؛ لنه يجمع
وُيَقّمش وُيَلّفق .
وثانيا :قال مقولة هي كفرية في الحقيقة ي ول تنقلوا عّني أني أكفر البنا
ي ،لكن المقالة كفرية ،قال ) :ليس بيننا وبين اليهود خصومة دينّية،
ل أمرنا بمودتهموإنما بيننا وبينهم خصومة اقتصادية ،وا ُ
ومصافحتهم( ،واستدل بقوله بهذه الية :ول تجادلوا أهل الكتاب
إل بالتي هي أحسن ،وهذه رواها عنه محمود عبد الحليم ي وهو من
خواصه ي في كتابه ))الخوان أحداث صنعت التاريخ(( .
ل َمن كان على منهج البّنا ومنهج الخوان المسلمين في ثم بعد ذلك ك ّ
الدعوة هو على هذه القاعدة؛ فانطلقت منها الدعوة إلى وحدة الديان،
ل وهو على التقريب؛ جْلدا إ ّ
والحوار بين الديان؛ فل تجد إخوانيّيا َ
وأجلد من عرفنا في هذه الدعوة :حسن بن عبد ال الترابي السوداني،
ويوسف القرضاوي المصري؛ فيوسف القرضاوي ي وعندي وثائق
(( أصول وقواعد في 16 ))
المنهج السلفي
ل بالدعوة على ما أنقله عنه ي ُيسمي هذه القاعدة بالقاعدة الذهبية ،ويعّل ُ
ن الحياة تتسع لكثر من حضارة ،وتّتسع لكثر من إلى وحدة الديان بأ ّ
طاطية ي يعني دين دين ،بل الدين الواحد يتسع لكثر من اتجاه؛ فهي م ّ
طاط يتسع لعدة مشاريع ينشئها القرضاوي وَمن على شاكلته ،ليس هو مّ
دين السلم الذي جاءت به الرسل عليهم الصلة والسلم وهو
)الستسلم ل بالتوحيد ،والنقياد له بالطاعة ،والبراءة من الشرك
وأهله( ل ،السلم مجرد دعوة تجميعية تلفيقية تضم َمن تضم .هكذا
عند القرضاوي؛ فالرافضة ،والصوفية أصحاب وحدة الوجود،
والباطنية ،والحلولية ،والقبورية هم مسلمون حقّيا بناء على هذه
القاعدة؛ لنهم مجتمعون مع سائر أهل السلم وأهل السنة على قول ل
إله إل ال ،ومختلفون فيما عدا ذلك؛ إًذا كلّ اجتهد فوصل إلى ما أّدى به
اجتهاُده .
والمقصود :أن طارق السويدان ينطلق من هذه القاعدة؛ هذا في الطابع
العام لدعوته .
أما مفردات دعوته ،فمنها :
ق على نشر ما شجر بين أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم؛ وهذا ُمّتف ٌ
َتْرِكه بالجماع؛ وأنه محرم ل يجوز نشر ما شجر بين أصحاب النبي
حِدُثه في أوساط المسلمين من الفتنة والتحّيز صلى ال عليه وسلم ِلَما ُي ْ
إلى ما أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم منه براء .
صي ،وليس هو السلوب القائم على ص ِ كذلك هو يعتمد السلوب الَق َ
الكتاب والسنة .بل الرجل قال مرة في نفس الشريط الذي ذكرُته لكم
آنفا وهو يدعوا إلى التقريب وهو يدعوا إلى وحدة الصف واحترام
المشاعر ما دام دعوتهم واحدة وهدفهم واحد ،فقال ي مثل ي ) :ل تسب
أبا هريرة أمامي ،بل سبوه في بيوتكم(؛ فهذا إقراٌر منه على سب
أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ،وإنما يستنكر ذلك إذا كان هذا
عَلنا؛ لنه يجرح المشاعر ويسيء إلى وحدة الصف والهدف . ظاهرا َ
ولعله قال هذا في وقت انتخابات.
(( أصول وقواعد في 17 ))
المنهج السلفي
هذا في الحقيقة نبذة موجزة عن السويدن من هو ؟ ،وما هو ؟ ،وما
عرف السبب بطل ينطلق منه؟! فلعلكم عرفتم السبب ي وقديما قيل :إذا ُ
العجب ي .
] السؤال الثالث :ما هو توجيهكم نحو شبه أهل البدع التي ل تكاد
تنتهي شبه أهل البدع للشباب حيال هذا المر ؟ [ .
] الجواب [ :
تذكرون الحديث )) :إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية(( .فمن القاصي
منا ؟ ،هو الذي ل يرتبط بأهل العلم والفضل المعروفين بسعة الطلع،
وسداد
المنهج ،وقوة الرأي والبصيرة في الدعوة إلى ال عز وجل؛ هذا لبّد أن