You are on page 1of 12

‫الصابئة في الشريعة اإلسالمية‬

‫عِ ـماد عبد الرحيم الماجدي‬

‫بسم الحي العظيم‬


‫*هـُـو الـحـَي العـظـيـم ‪ ،‬الـبَـصـيـر الـقــَـديـر العـلـيـم ‪ ،‬العـَـزيـز الحـَـكـيـم * هو األزلي القـديـم ‪ ،‬الغـريب‬
‫عن أكـوان الـنور ‪ ،‬الغـني عن أكوان النور * هو القول والسمع والبصر ‪ ،‬الشفاء والظفر ‪ ،‬القوة والثبات *‬
‫هو الحي العظيم ‪َ ،‬مََ ـ َسرة القـلب وغـُـفران الخطايا * يا رب األكوان جميعا ً ‪ ..‬مسبّح أنت مبار ٌ‬
‫ك ‪ُ ،‬م َُمجـ ّ ٌد ‪،‬‬
‫معظ ٌم ‪ ،‬موقّـ ٌر ‪ ،‬قيـّوم * العظيم السامي ‪ .‬ملك النور السامي * الحنان الت ّواب الرؤوف الرحيم ‪ .‬الحي العظيم‬
‫الذي ال يـُرى وال‬ ‫المنــتـشـرة قــ ُ ّوتـه ‪ .‬العـَـظـيمة قــُدرتـه * هو العـظـيم ّ‬
‫ِ‬ ‫* ال حد لبهائه ‪ .‬وال مدى لضيائه *‬
‫صـولجانه * من يتـَـكـّـل عليه فـَـلن يخـيـب ‪ ،‬ومن‬‫َ‬ ‫في‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬‫صاح‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫ك لـَه في سـُـلـطانـِه‬
‫يـُـ َحـد ‪ ،‬ال شريـ َ‬
‫يـُـسبّـح بإس ِمـه فـَـلن يــَـستـريـب ‪ ،‬ومن يسأله فهو السـَميع الـمـُـجـيـب * ما كان ألنه ما كان ‪ ،‬وال يـَـكون‬
‫ألنـّـه ال يكون * خالد فوق األكوان * ال موت يـَـدنو منه وال بـُطالن ‪ * ..‬األول مـُـنـذ األزل ‪ .‬خالق كل شيئ‬
‫‪.‬‬
‫صــدق الـحـَـي الـمـُـزكـي‬

‫الشريعـة في اللـغـة ‪ :‬الـسـنة ‪ ،‬وهي ما شرع هللا الحي القيوم مسبح اسمه لعبامن من السنن واألحكام‪.‬‬
‫والـشريعة في اإلصطالح ‪ :‬مجموعة األوامر واألحكام اإلعتقامية والعملية‬

‫شريعتنا الصابئية السمحة جاءت عامة شاملة لكل مفرمات الحياة الدنيا [ تـيبـَـل ‪ :‬مار الفناء ‪ ،‬مار الزوال ]‬
‫كمرحلة لالنتقال إلى الحياة اآلخـرة [ اآللما منهورا ‪ :‬مار القرار ‪ ،‬مار البقاء ] وعكس ما يقوله الكثير ‪ ،‬من أن‬
‫تعاليمها وأحكامها صعبة التطبيق ‪ ،‬فإن أحكام شريعـتـنا الصابئية الغراء ‪ ،‬سهلة التطبيق ‪ ،‬وليس فيها ما‬
‫يصعب على الصابئي أن يعتقدن بخالقه الذي ال إله إالّ هو ‪ ..‬الحي العـليـم الواحد األحد ( الشهامة والتوحيد ‪،‬‬
‫وقيامه بممارسة طقـوس ميننا الصابئى الحنـيـف من [ البراخا ‪ :‬الصالة ] و [ المصبتـّـا ‪ :‬الصباغـَـة ] و [‬
‫صـوم [ صوم ربـّـا ] ‪ ،‬والتي هي بنـفس الـوقـت أركان الـدين الصابئي الحنيف‪.‬‬ ‫الزمقـا ‪ :‬الصدقة ] وال َ‬

‫كما جاءت نصوص أحكام الشريعة الصابئية ‪ ،‬وسنن رسلها و أنبيائها ( آمم وشيتل ونوح وسام بن نوح‬
‫وإمريس ويحيى بن زكريا ) عـلـيـهـم السـالم كاملة شاملة جامعة ‪ ،‬لترشد الصابئي إلى الطريق اإليماني باهلل‬
‫الحي األزلي ‪ ،‬وتهديه من خالل تعاليمها للسير في جامة الحق والصواب ‪ ،‬والتعامل الصحيح مع نفسه وعقله‬
‫ونسله وماله ‪ ،‬فطريق اإليمان بوحدانية هللا الحي المزكي مسبح إسمه ‪ ،‬هو طريق الحق طريق النور للقائه‪.‬‬

‫كما ال تنفي شريعتنا أي تـَطـّـور حاصل أو يحصل على المجتمع المحيط باإلنسان الصابئي المتواجـد به أو‬
‫الذي يعـيش فيه ‪ ،‬فـفـتحت باب [ االجــتهام ] لرجال الدين ممن تتوفر فيه شروط المجتهد لالجتهام ‪ ،‬على أن‬
‫ال يخالف نصا ً شرعيا أو سُـنـّـة نبـَوية ‪ ،‬وملـيلـنا على ذلك االجـتهامات التي قـام بها نبي هللا الكريم يهـيا ‪:‬‬
‫يحيى عليه السـالم بأمر هللا الهيّي ربي مسبح اسمه ‪ ،‬وأبرزها الجواز الشرعي للصابئي بأماء الصالة والقيام‬
‫بها ثالث مرات بدال من خـمسة مرات ‪ ،‬وتـقـليص عدم الصلوات ال يعـني نفيها أو ينفي الزام الصابئي من‬
‫القيام بها ويعفيه عن إمائها في أوقاتها ‪ ،‬فجوهر الصالة باق ‪ ،‬من خالل الـقيام بها للوقوف بين يـَدي الخالـق‬
‫مسبح إسمه ومناجاته وطلب المغفرة منه ‪ ،‬ولكن تحقق الضرورة الشرعية المتمثلنه بالظروف الحياتية ألجأ‬
‫نبينا الكريم يهيا ‪ :‬يحيى عليه السـالم القيام بهذا االجتهام بأمر من هللا القامر الكريم مسبح إسمه ‪ ،‬وبعد وقوفه‬
‫على ما يحيط الصابئي من ظروف عـباميـّـة واقتصامية واجتماعية وطبيعية‪.‬‬

‫الــصـابـِـئـَـة‬
‫في‬
‫الـشـريـعـَـة اإلسـال ِمـيـّـة‬
‫قـبل الدخول في أساس الموضوع علينا أن نقف على أسئلة الكثير من إخواننا في اإليمان والتوحـيد هلل الحي‬
‫القيوم من أبناء الديانات األخرى ‪ ،‬من اليهـوم والنصارى والمسلمين ‪ ،‬واألسئـلة كثيرة منها على سبيل المثال‬
‫ال الحصر ‪:‬‬

‫*هل الصابئة موحّدون ‪ ،‬يؤمنون باهلل الحي القيوم الواحد األحد ‪ ،‬وما أرسله من الرساالت واألنبياء والرسل‬
‫؟‬
‫*هل الصابئة يؤمنون بالموت واليوم اآلخر والبعث ؟‬
‫*هل إن الصابئة مشركون ‪ ،‬وعبدة كواكبا ً ونجوما ً كما يزعم البعض ؟‬
‫*من أين جاء هذا االتهام ‪ ،‬ولماذا نحن به مستهدفون ؟‬
‫*ما سبب هذا التصور ‪ ،‬من يقف وراءن ؟‬
‫*على من تقع المسؤولية التقصيرية في عدم التصدي والرم على ما نعتنا ونعت به ميننا الصابئي الحنيف ‪،‬‬
‫عـلينا نحن الصابئة أم على رجال الدين الصابئة ‪ ..‬؟‬

‫قبل اإلجابة على هذن األسئلة ‪ ،‬البد لنا من وقفة عند قواميس اللغة ومختصيها ‪ ،‬لتبيان معنى كلمة [ صابـئـة ]‬
‫صـبَـأتَ ‪ :‬إذا خرجت من‬
‫‪ .‬ذهب فريق من اللغويين إلى القول بأن كلمة صابئة جاءت من الفعل [ صـَـبا ] ‪ ،‬و َ‬
‫شيئ إلى شيئ آخر ‪ .‬وذهب آخرون إلى القول ‪ ،‬صبا من شيئ آخر ‪ :‬صبـوءاً ‪ :‬انتقل ‪ ،‬ويقال صبأ الرجل ‪:‬‬
‫ترك مينه ومان بدين آخر‪ ،‬فهو صابئ‬

‫ومنهم من قال ‪ :‬صابئ وصابئة وصابئون ‪ ،‬وصابئ من تدين بدين الصابئين ‪ ،‬والصابئة يزعمون أنهم على‬
‫مين نوح ‪ ،‬وقبلتهم من الشمال عند منتصف النهار وآخر قال ‪ :‬الفعل صبأ ‪ :‬خرج من مين إلى آخر ‪ :‬من تدين‬
‫بدين الصابئة فهو صابئ وجمعها صابئون وصابئة ‪ .‬والصابئة من فعل صابئ ‪ ،‬من مال وزاغ من مين إلى‬
‫مين آخر ‪ ،‬وحيث أن الجزيرة العربية كانت تدين لألوثان ‪ ،‬فقد جاء هذا القول !‪...‬‬
‫صـبَـع ) وتـَعـني ‪:‬‬
‫أما في اللغة اآلرامية ‪ ،‬فـَـقـد جاءت كلمة ( صابئـَـة ) من اشـتـقاق فـعـلها (صـَـبا ) أو ( َ‬
‫وصـفـوا وسُمـّـوا بالمغـتـَسلة ‪ ،‬وكلمة الصابئة ال تزال تطلق‬‫ـس بالماء الجاري ‪ ،‬ومنها ِ‬ ‫اغـتسـَـ َل أو ارتَـ َم َ‬
‫على الذين يـَـصطـَـبغـون في الماء الجاري في العراق وإيران ‪ ،‬وعلى الصابئة المتواجدين والمشتـّـتين في‬
‫أرجاء المعمورة ‪.‬‬

‫هـَـلْ الـصّابـِـئـَـةُ ‪ُ ...‬مـشركـون ‪ ،‬كـا ِفـرون أم ُمـ َو ِحـ ّد ْ‬


‫ون ؟‬

‫علينا أن نتعرض لهذن الكلمات ‪ ،‬مستندين على ما بينه لنا المختصين من علماء اللغة وفقهاء االصطالح ‪ ،‬لكي‬
‫نصل إلى الحقيقة فيما ذهب إليه ‪ ،‬من الذين كتبوا عنا ـ نحن الصابئة ـ وعن ميننا الصابئي الحنيف‪.‬‬

‫الـ ُمـ ْشــرك ‪:‬‬

‫أشرك ‪ ،‬إشراكـا ً ‪ ،‬أشركه في أمرن ‪ :‬جعله شريكا له فيه ‪ ،‬وأشرك باهلل ‪ :‬جعل له شريكا ً ‪ ،‬فهو مـُـشـْ ْ‬
‫ـرك ‪،‬‬
‫الشريك ‪ :‬المشارك ‪ ،‬يقال [ هللا ال شريك له ] أي ال يشارك في ملكه وال في ذاته وال في صفاته ‪ .‬جاء الدين‬
‫الصابئي ليبطل ماكان عليه الناس من عبامات لغير هللا الحي المزكي ‪ ،‬وليقرر ويبين بوضوح أسس التوحيد‬
‫المطلق هلل في الذات والصفات واألفعال والعبامة له وحدن ال شريك له‪:‬‬

‫بسم الحي العظيم‬


‫*إنه رب الملوك جميعا ‪ ،‬ال وجوم بدونه ‪ ،‬وما من شيئ لوالن ‪ ،‬أزلي ليس له بداية ‪ ،‬وأبدي ليس له نهاية‬

‫وجاء ليقول‪:‬‬
‫*إم ليتال إهبارا بتاجا والشو تابا بشلطانا ‪ :‬ال كفو له بعظمته ‪ ،‬وال شريك له بسلطانه‪ * .‬هو الملك منذ األزل‬
‫‪ .‬ثابت عرشه ‪ .‬عظيم ملكوته * ال أب له وال ولد ‪ .‬وال يشاركه ملكه أحد * مبارك هو في كل زمان ‪ ،‬ومسبح‬
‫هو في كل زمان * موجوم منذ القدم ‪ .‬باق إلى األبد ]‬

‫وفي نص آخر ‪:‬‬

‫*ال تسجدوا للشيطان ‪ ،‬وال تعبدوا األصنام واألوثان * من يسجد للشيطان فمصيرن النار ‪ .‬بئس المنتهى ‪،‬‬
‫وبئس القرار ‪ ،‬خالداً فيها الى يوم الدين * إمسكوا ركبكم عن السجوم للشيطان وألصنام الزيف‬

‫الــكـافـِـــــر‪:‬‬

‫عرف الفقهاء الكـُـفـر ( لـُـغـَةً ) بأنه الجُحوم واإلنكار ‪ .‬وفي االصطالح ‪ :‬فإنه الكـُـفر باهلل ورسـُـله واليوم‬
‫اآلخر ‪ ،‬أو بما ِيؤمي إلى ذلك ‪ .‬وموجبات التكفير ‪ :‬هي إعالن الشخص الجحوم للعقائد الضرورية للدين‬
‫بالقول والفعل‬

‫إذن فإن الكفـر حقيقة موضوعية ‪ ،‬وال يكفي الشك وحدن لتحقق هذن الحقيقة في الحكم بالكفر بمجرم الشك على‬
‫إنسان أو مين أو جماعة ‪ ،‬وإنما البد من الجحوم واإلنكار المعلن لذلك ‪ ،‬ولم يبين أو يذكر لنا من كتب عنا من‬
‫هؤالء ‪ ،‬أن هناك صابئيا ً واحد كفر باهلل الحي القيوم أو كفر بأي نبي من أنبياءن أو حتى راوم الشك عقله بذلك‬
‫‪ .‬لقد ذهب سماحة آية هللا العظمى محمد حسين فضل هللا ( حفظه هللا ) في فتوان المؤرخة في ‪ 27‬ذى القعدة ‪/‬‬
‫‪ 4147‬هجرية من القول ‪:‬‬

‫*البد في الحكم بالتـكفير من الثقافة اإلسالمية ‪ ،‬التي يملك فيها اإلنسان أن يتعرف طبيعة العقائد اإلسالمية ‪،‬‬
‫وطبيعة الكالم من الشخص اآلخر الذي يتعلق به التـكفير‪ ،‬فإذا اجتمع لإلنسان ذلك ‪ ،‬جاز الحديث له عن كفر‬
‫الكافر ولكن البد من االحتياط‪.‬‬
‫الـــ ُمـ َوحــّـد‪:‬‬

‫عرف اللغويّون بأن الموحـّـد هو من يـعـتـقـِـد بوحدانية هللا الحي القيوم ‪ ،‬والتوحيد هو االعتقام بوحدانية هللا‬
‫تعالى ‪ ،‬وعبامة اإلله الواحد ضد اإلشراك والوحدانيّة ‪ :‬صفة من صفات هللا تعالى ‪ ،‬معناها أنه يمتنع أن‬
‫يشاركه شيئ في ذاته أو صفاته ‪ ،‬وإنه منفرما ً باإليجام والتدبير العام بال واسطة ‪ .‬وفي االصطالح ‪ ،‬فإن‬
‫التوحيد ‪ :‬هو اإليمان باهلل الواحد األحد ‪ ،‬وهذا اإليمان هو المحور والقاعدة األساسية في العقيدة والتفكير‬
‫والسلوك عند اإلنسان ‪ .‬والتوحيد هو القاعدة األولى في ميننا الصابئي ‪ ،‬والتي يجب أن يؤمن بها اإلنسان‬
‫الصابئي وينطق بها لسانه ‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬

‫بسم الحي العظيم‬


‫ٌ‬
‫*آب هام بان هام جابرا ناصيبا ‪ :‬أبي واحد أحـَـد هو الذي خلقني‪.‬‬

‫كما أن الدين الصابئي الحنيف ‪ ،‬جاء ليقول عن لسان أنبياءن بأن ل ايجوز إقتران عبامة هللا الحي القيوم بعبامة‬
‫غيرن ‪ ،‬من كواكب أو نجوم ‪ ،‬أو أصنام أو أشجار أو حـيوان أو قـبور أو أية قوى طبيعية ‪ ،‬أو الـزعـم أو‬
‫اإلمعاء بأن هلل الحي المزكى أب أو أخ أو بـنين أو بـنات‬

‫بسم الحي العظيم‬


‫*لتشبهون لشوبا وتريش * وال تشابا الشامش * وسيرا منهرانا إم هازن إلما منطول هازن زيوا * ال وميلون‬
‫هو هنيال تهبلون ‪ * :‬ال تسبحوا للكواكب واألبراج * وال تسبحوا للشمس والقمر المنورين هذا العالم * فإنه‬
‫هو الذي وهبها النور‪.‬‬
‫كما جاء في ميننا الصابئي القويم‪:‬‬

‫بسم الحي العظيم‬


‫ً‬
‫*لـَـيس له أب يكـبرن سنا ‪ ،‬وما من أ َحـد قـبله أصبح األول في والمتـِـه وليس له أخ ‪ * ..‬ال شريك له بملكه‬
‫وال منازع له في عرشه وسلطانه‪.‬‬

‫*ال تمجدوا الشمس والقمر * هو هللا الذي أمر * فكان لهما ولهذن الكواكب هذا الضياء لكي ينيروا به الظلماء‬
‫* فإذا نامى الحي العـظيم سقطت كلها في قرار بهيم‪.‬‬

‫الصابئة أول من قال ونطق بشهامة أن ال إله إال هللا ‪ ،‬هللا الواحد األحد ونصلي إليه وحـدن مسبح اسمه‪:‬‬

‫أكا هيي أكـا ماري أكا مندا إمهي‪:‬‬

‫موجوم الحي ‪ ،‬موجوم الرب ‪ ،‬موجوم عارف الحياة‬


‫*عـلمهم الصالة تقيمونها لملك النور السامي ثالث مرات في النهار ‪ ،‬ومرتين في الليل ‪ * ..‬وإلى الصالة‬
‫تـتوجهون * فبالصالة تطهر القلوب * وبها تغـفر الذنوب‬

‫*حين تقومون وحين تقعدون * حين تذهبون وحين تؤوبون * تأكلون أو تشربون * أو في مضاجعكم ‪ ،‬أو‬
‫وأنتم تعملون * أذكروا هللا وسبحون كثيراً‬
‫قال نبينا الكريم يهيا يهانا ‪ :‬يحيي بن زكريا عليه السالم‪:‬‬
‫رأس الصـالة والتـسـبـيـح أن ال تحب الـنوم‬

‫كل نفس للصابئي تـُسأل عن أعمالهـا يوم الحساب‪:‬‬


‫ك نـَـفـْـسٌ نفساً‪ ،‬وال تـتحمل نفس نفسـا ً‬
‫*كل نـفس تـُـسأل هي عن أعمالها ‪ .‬ال تـُـشـْـر َ‬

‫نـز ّكي أمـوالنا ونؤمي الصـدقـة‬


‫*إرشدوا األعمى * واحسنوا إلى الفقير * وإذا تهبون صدقة ياأصفيائي ال تشهدوا عليها * ال تعلم يمينكم بما‬
‫بـئس من وهب صدقة فأفسدها بالتشهير * والصدقة أعطوها‬ ‫َ‬ ‫وهبت شمالكم ‪ ،‬وال شمالكم بما وهبت يمينكم *‬
‫‪.‬‬

‫قال نبينا الكريم يهيا يهانا ‪ :‬يحيى بن زكريا [ عليه السالم ] ‪ :‬رأس الصـدقـة أن تطعم الجائع وتسقي‬
‫العـطـشـان‬

‫نصوم كما أمرنا ميننا به وفسرته لنا شريعتنا‪:‬‬

‫بسم هللا الحي القيوم‬


‫*صوموا الصوم الكبير * صوم القلب والعقل والضمير * إنه الصوم الكبير فال تكسرون ‪ ،‬حتى تفارقوا هذن‬
‫الدنيا * لتصم عيونكم ‪ ،‬وأفواهكم ‪ ،‬وأيديكم ‪ ..‬ال تغمز وال تلمز * ال تنظروا للشر وال تفعلون * والباطل ال‬
‫تسمعون * وال تنصتوا خلف األبواب * ونزهوا أفواهكم عن الكذب * والزيف ال تقربون * أمسكوا قلوبكم عن‬
‫الضغينة والحسد والتفرقة * أمسكوا أيديكم عن القتل والسرقة * أمسكوا أجسامكم عن معاشرة أزواج غيركم‬
‫‪ ،‬فتلك هي النار المحرقة ‪ .‬أمسكوا أرجلكم عن السير إلى ما ليس لكم ‪ * .‬إنه الصوم الكبير فال تكسرون ‪،‬‬
‫حتى تفارقوا هذن الدنيا * من أخطأ ثم تاب ‪ ،‬ثم إلى رشدن ثاب ‪ ،‬فإن هللا غفور رحيم‬
‫نـقوم بما أمرنا به هللا مسبح اسمه و نبتعـد عن ما حرّمه‪:‬‬

‫*احترموا آباءكم ‪ ،‬واحترموا أمهاتكم ‪ ،‬و احترموا اخوتكم الكبار أجمعين ‪ ،‬إن من ال يحترم والديه مدان إلى‬
‫يوم الدين و * ال تأكلوا الدم ‪ ،‬وال الميت ‪ * ..‬ال تحلفوا كذبا ً وال تبدلوا إيمانكم ‪ ،‬وال تأكلوا مال الربا ‪ ،‬ال‬
‫تزنوا وال تسرقوا ‪ ،‬وال تنتهكوا حرمات الناس * ال تسجدوا للشيطان ‪ ،‬وال تعبدوا األصنام واألوثان‬

‫*ال تـَـقـْـربـوا الملوك والسالطين والـمـَـ َرمة في هذا العالم وال تـثِـقوا بهم ‪ ..‬ال بأسلحتهم ‪ ،‬وال بحشومهم *‬
‫وال تلووا أعناكم للذهب والفضة التي يكنزون * إنها سبب كل فتنة * سيتركونها وراءهم يوم إلى النار‬
‫يذهبون *يمسكون لظاها بأيديهم ‪ ،‬وينفخون لهيبها بأفواههم‬

‫نؤمن بقضاء هللا عـَـظـمت قـدرته ‪ ،‬وال َعـمل الصالح وحُـب الـناس و بالتوبة له وحـدن‪:‬‬

‫*ال تعـترضوا على أمر ربكم ‪ ،‬وكـونوا صالحين وامعين متواضعين * ولتكن فـيكم التوبة‬
‫*أحبوا ألصحابكم ما تحبون ألنفسكم ‪ ،‬واكرهوا لهم ما تكرهون لها * وتزوموا آلخرتكم بالعمل الصالح ‪..‬‬
‫فانظروا ‪ ،‬واسمعوا ‪ ،‬وآمنوا ‪ ،‬وتقبلوا كلمات ربكـّـم‪.‬‬

‫نـَـهانا ميننا الصابئي الحنيف عن كل ما ينافي القيم والمبامئ التي حدمها وبينها في كتبنا المقدسة ‪:‬‬

‫*واعلموا أن السحرة والمنجمـّـين في الظالم قابعون ‪ * ..‬ال تأكلوا الدم ‪ ،‬وال الميت ‪ ،‬وال المشـ َ ّون وال الحامل‬
‫وال المرضعة ‪ ،‬وال التي أجهضت ‪ ،‬وال الجارح ‪ ،‬وال الكاسر ‪ ،‬وال الذي هاجمه حيوان مفترس ‪ * .‬وإذا‬
‫ذبحتم فاذبحوا بسكيّـن من حديد ‪ ...‬ال تزنوا ‪ ،‬وال تفسقوا وال تمل قلوبكم إلى غواية الشيطان ‪ ،‬إن غواية‬
‫الشيطان ضالل مبين * ال يبت عندكم أجر أجير * وال تسرقوا شريكا * وال تنتقموا بغدر من صديق * إن‬
‫من يسرق صاحبه وشريكه لن ترى عينان النور * ال تحلفوا كذبا ً ‪ ،‬وال تبدلوا إيمانكم ‪ ،‬وال تأكلوا مال الربا *‬
‫وإن أقرضتم فال تـقـرضوا سراً‬

‫قال نبينا الكريم يهيا يهانا ‪ :‬يحيى بن زكريا ( عليه السالم )‬

‫صونوا أنفسكم من الغش واإلثم وازور ‪ ،‬والكذب والزيف والشرور ‪ ،‬واتقوا الدجل واإلفك والظاللة ‪ ،‬والفتنة‬
‫والقسوة والجهالة ‪ ،‬وال تكفروا وال تقربوا الزنى ‪ .‬واجتنبوا الحسد ‪ ،‬والحقد والكرن وعدم الحياء‪.‬‬

‫الموت حـق ‪ ،‬والنفس أسيرة الجسد يحررها الموت بإذن هللا في ميننا الصابئي القويم‪.‬‬

‫إن الثابت في ميننا الصابئي القويم ‪ ،‬إن الجسد ما هو إال وعاء لنفس اإلنسان ‪ ،‬وإن النفس هي نسمة من ذات‬
‫هللا الحي القيوم ‪ ،‬ولم يخلقها جلـّت قدرته عبثا وهي إليه ستعوم بأجلها المحدم منه ‪ ،‬لذلك فديننا يقـَـيـّـم هذن‬
‫الحياة الدنيا [ أرض تـيبـل ‪ :‬مار الزوال ) مار الفناء وليست مار بقاء‪:‬‬

‫*يا آمم ال تبتئس ‪ ،‬وال تكتئب ‪ ..‬فعالمك هذا خـَـرب ‪ ،‬عالم زيف وكذب ‪ .‬بيوته مقبرة ‪ ..‬وطرقه معثرة ‪..‬‬
‫وميارن مقفرة ‪ .‬األبناء بآبائهم يكفرون ‪ ،‬واإلخوة بعضهم بعضا يقتلون ‪ ،‬البنات يكفرن بأمهاتهن ‪ ،‬واألخوات‬
‫يأكلن لحم أخواتهن ‪ .‬كل رجل يترك زوجته وكل امرأة تترك زوجها ‪ ،‬أرامل ويتامى ‪ ..‬ذكوراً وإناثا ً ‪ .‬أبناء‬
‫السبي هؤالء ‪ .‬فقم يا آمم ‪ .‬أخرج من هذا العـالم‬

‫والموت غاية الحياة وكمال نظامها ‘ وليس هناك أمق وأوضح من الموت وال حقيقة أصدق منها ‪ ،‬جاء في‬
‫كتاب هللا المقدس الكنزا ربـّـا الكنز العظيم بأن النفس قالت لمن خلقها‪:‬‬
‫*أبي واحد أحد ‪ ،‬واحد هو الذي خاـقني ثم أخذني ‪ ، ،‬وحلَـلَـت الجسد بغدمن ومرارته وأعالقه ‪ ،‬وبقيت‬
‫ألنتظر وأنا في ضيافة الجسد حتى أكملت قدري ‪ * ..‬حين أكملت النفس قدرها جاء من يحررها ‪ ،‬ولحقت‬
‫النفس بمحررّها إلى عالم الخلوم ‪ ،‬الذي ال تغرب شمسه ‪ ،‬وال يداخل نورن الظالم‬

‫*كل من يولد يموت ‪ ،‬وكل ما يصنع باأليدي يفسد ‪ ،‬والعالم كله يفنى ‪ ...‬ال تبكوا موتاكم ‪ ،‬وال تقيموا عليهم‬
‫األحزان * إن من مـزق ثيابه على ميّـت فقد منسها * ومن قلع شعرة على ميت فسيربط بجبل الظالم بجبل ال‬
‫يبيد ‪ * ...‬من أحب موتان فليطلب ألنفسهم الرحمة * وأقيموا عليها الصالة والتسبيح‪.‬‬

‫نؤمن باآلخـرة والبعث والحساب ‪:‬‬

‫نحن نصعـدكم إلى جنات عدن حين تموتون ‪ ..‬يوم من أجسامكم تخرجون ‪ ..‬انظروا ‪ ..‬أين أنتم مقيمون‬

‫*أفـهذن جنات عدن التي كنتم بها توعدون ؟ هذا الظالم الذي أنتم فيه موثقون ؟ أرواحكم تبلى ‪ ..‬ونفوسكم‬
‫بالعذاب تصلى ‪ ،‬مقيمين فيه إلى يوم الدين ‪ * .‬يومها األرض والسماء تتهدمان ‪ ..‬وليس لكم بينهما مكان ‪،‬‬
‫الكواكب تتساقط ويلفها الدخان ‪ ،‬والشمس والقمر يتبعثران ‪ ..‬فأين تذهبون ؟ ‪ ..‬إني معوتكم إلى الحياة التي ال‬
‫موت فيها ‪ ،‬وإلى النور الذي ال ظالم فيه ‪ ..‬فاخرجوا إلى طريق الحياة أُخرجكم إلى طريق السماء ‪ ،‬حيث ال‬
‫موت وال ظلـماء‪.‬‬

‫وصفت شريعتنا الصابئية الغـراء [ المارقين ‪ :‬المرت ّديـن ] عن شريعتهم بشكل مطلق‬

‫*هؤالء الذين يبيعون ما لم يشتروا ال بذهبهم ‪ ،‬وال بفضتهم ‪ ،‬ويقاضون ما لم يقتنوا ال بمالهم وال بتجارتهم *‬
‫هؤالء الذين أرهبوا ‪ ،‬ونهبوا ‪ ،‬وبيوت الناس سلبوا * جعلوا األحرار عبيداً ‪ ،‬والحرائر إما ًء ‪ ،‬والرجال زناةً ‪،‬‬
‫والنساء زانيات * يأمرون األمر وال يفعلون الخير * وينفعون أنفسهم وال ينفعون الغير * ينصرون االبن‬
‫على أبـيه ‪ ،‬ثم يـَـسلبون من بـَـيته كل ما فيه * إن هؤالء أتـباع الشيطان ‪ ،‬مصيـرهـم الظـلمة والـنيران ‪ ،‬ال‬
‫شفاعة لهم وال غـُـفران‪.‬‬

‫أليس من الحق واإلنصاف أن نسأل من اتهمنا بما هو أرام ‪ ،‬نسأله من خالل ما ورم وجاء في شريعتنا‬
‫الصابئية الغراء ‪ ،‬وقدمنان له من نصوص وأحكام شرعية ‪ ...‬نعم نسأله هل نحن قوم موحد ّون ‪ ،‬مشركون ‪..‬‬
‫كافرون أم عبدة نجوما وكواكب كما هم يدعون ويزعمون ‪...‬؟‬

‫ما هي األسباب التي تقف وراء إتهامنا بما ذكرنان ؟‬


‫لقد استهدف الصابئة ‪ ،‬ومينهم الصابئي ‪ ،‬الكثير من المستشرقين والباحثين والمترجمين ‪ ،‬و بعض علماء‬
‫الآلهوت المسيحيين ‪ ،‬وبعض علماء الدين المسلمين والمؤرخين [ بقصد أو مون قصد ] ‪ ،‬فقال قسم منهم إننا‬
‫مشركين ‪ ،‬ومنهم من قال إننا عبدة كواكب ونجوم ‪ ،‬وآخر قال إننا أصحاب كتاب ‪ ،‬وآخر قسمنا إلى صابئة‬
‫موحّدين وصابئة كافرين ‪ ،‬وآخر فرّق بين صابئة حرّان وصابئة البطائح ‪ ،‬وآخر من قال إن بعضنا موحدين‬
‫وبعضنا وثنيين ‪ ،‬وضعـونا [ طـَـ َرحـُـونـا ] على طاولة التشريح ‪ ،‬وبدون أية جرعة تخدير ‪ ،‬وبأماة تشريح‬
‫غير معقمة تاريخيا ً ‪ !...‬أخذوا تشريح هذن الملّة الصابئية الموحدة ‪ ،‬صاحبة أول ورابع مين موحّد ‪،‬‬
‫واشترطوا علينـا أن ال نـتألم ‪ ،‬أراموا استئصال إيماننا المطلق باهلل الحي القيوم‪...‬‬

‫وإن ُمـتـْـنـا فمقابر التأريخ مليئة بالعقائدييّن وبالمضطهدين والمستضعفين والمظلومين من مجهولي االسم‬
‫مدفون بعمله أو ‪ [ :‬ما مات من مات وخلف واحد من ثالث ‪ ،‬عـِل ٌم ينتفع به‬ ‫ٌ‬ ‫والهوية ‪ ،‬متناسين أن المرء َ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الناس وصدقة جارية ‪ ،‬وول ٌد صالح ] ‪ ،‬أ َو لـَم يُـخلِــّـف الصابئة ‪ ،‬علوما وماال وأوالما صالحين ‪ ،‬احتل ّوا و‬
‫شغلوا مساحة تاريخية ظاهرة ‪ ،‬مما جعل المنصفين من الناس ذكر ميراثهم أو أرثهم الفكري والعلمي‬
‫واإلنساني هذا لحد اآلن!‪...‬‬
‫هناك من األسباب الكثيرة التي مفع البعض ممن كتب عن ميننا الصابئي الحنيف ‪ ،‬وعن أتباع هذا الدين من‬
‫الصابئة الموحدين ‪ ،‬المؤمنين باهلل الحي المز ّكي ‪ ،‬إن األسباب التي سأمرجها ‪ ،‬وأتناول البعض منها ‪ ،‬ال‬
‫يمكننا تجزئتها وأخذ كل واحدة منها على حدة ‪ ،‬وأعتقد جازما أن هناك ربطا جدليا بينهما ‪ ،‬لذا يجب التعرف‬
‫إليها مجتمعة ومفعة واحدة ‪ ،‬ومن هذن األسباب على سبيل المثال ال الحصر ما يلي‪:‬‬

‫‪1.‬الـغـُـمـوض الغير ُمـبَـرّر ‪.‬‬


‫‪2.‬الـجـهـل والسكوت والخوف والعـجـَـز من قبل غالبية الصابئة ‪ ،‬ومن قبل رجال ميننا في النقاش الهامف مع‬
‫أبناء الديانات األخرى التي تدعو إلى وحدانية هللا الخالق الناصر ‪ ،‬والسبب يعرفه جميع المنصفين ‪ ،‬بانعدام‬
‫فسحة التعبير والنقاش مع اآلخر التي صامرها بعض من ال يؤمن بها‪.‬‬

‫‪3.‬ازمهار الـفـكر الوضعي ‪ ،‬وانخراط معظم مثقفي ومتعلمي الصابئة والكثير من عامتهّم ‪ ،‬في أحزاب مختلفة‬
‫تبنت هذا الفكر ‪ ،‬ألسباب سياسية واقتصامية واجتماعية ‪ ،‬أفرزتها ونسجتها وأملتها عليهم مرحلتهم التاريخية‬
‫التي شغلوها وعاصروها ‪.‬‬

‫‪َ 4.‬ربـط المؤسّسة الدينّية ـ كيانها ونشاطها وحركتها بـ ( رأس المال الصابئي ) مما جعلها عاجزة على‬
‫الوقوف أمام أصحابه والتعرض لما يقومون به وذويهم من تصرفات خارجة عن أحكام شريعتنا الصابئية‬
‫السمحة ‪ ،‬كما جعل هذن المؤسسة الدينية عاجزة عن نشر أي نشاط يخصهـا ‪ ،‬و يخص ميننا الصابئي الحنيف‬
‫من نشرات وترجمات لكتبنا الدينية المقدسة ‪ ،‬ونشاطات المفكرين الصابئة في هذا الميدان ‪ ،‬والتي تشكل حتما‬
‫مراجعا تـُـجبر من يريد الكـتابة عـَـنا [ مينا وأتباعا ً ] من الرجوع لهذن المصامر‪.‬‬

‫‪5.‬اتـِـّـكــال المؤسّسة الدينّية على ( المتعلمين و المثقفين ) الصابئة ‪ ،‬في الرم على أي طرح ضد الصابئة‬
‫ومينهم الصابئي الحنيف ‪ ،‬مما انعكس ذلك على رموم وإجابات خلفيتها ‪ ،‬والء هذا المتعلم أو المثقف لثقافته ‪،‬‬
‫ولوالئه الفكري الوضعي ‪ ،‬الذي لم يستطع التخلص منه ليفصل بين اإلنتماء لدينه الصابئي الحنيف‪ ،‬وبين‬
‫استقراءن وتفسيرن من خالل والءن الفكري لنصوص هذا الدين‪.‬‬

‫‪6.‬احـتـكار المؤسسة الدينية للكتب الدينية الصابئية ‪ ،‬وعدم القيام بتـَـرجـَمتها [ ترجمة مينية صابئية متكاملة ‪،‬‬
‫صحيحة وبأمانة شرعية ] ‪ ،‬لكل ما هو وارماً فيها ولحد اآلن !‪ ....‬مما ساعد على ظهور ترجمات‬
‫المستشرقين ‪ ،‬وترجمات شخصية ال يمكن الركـون إلى أغـلب نصوصها ‪ ،‬أملت تـرجمتها موافع وظـروف‬
‫معـروفة لدى الجميع من صابئتنا ‪ !...‬بل سببت إشـكاالت شرعية لبعض رجال الدين في مول معينة معروفة ‪.‬‬

‫‪7.‬افتقار الصابئي ألي خلفية وثقافة مينية معرفية صابئية ‪ ،‬تجعله ملما ً بأحكام شريعته الصابئية ‪ ،‬ومطلعا على‬
‫األميان السماوية األخرى ‪ ،‬والمذاهب الوضعية ليتمكن من الرم والتصدي لما يلصق و يوصم به وبدينه‬
‫الموحد القويم‪.‬‬

‫‪8.‬وأخطر ما تقدم من أسباب هو عدم أو انعدام وجوم المرجعية الدينية الصابئية الموحـّدة ( في الوقت‬
‫الحاضر ) والتي يجب أن تفرض وجومها وهيبتها على عـُـموم الصابئة ‪ ،‬لما تـَـتمتع به من معرفة مينية‬
‫إيمانية مستندة ومرتكزة على أحكام الشريعة الصابئية ‪ ،‬وسنة أنبيائها عليهم السالم ‪ ،‬ومن أقوال وأفعال‬
‫واجتهامات رجال الدين من العلماء الصابئة األعالم ‪ ،‬ومطلعة على بقية الشرائع السماوية األخرى ‪ ،‬اليهومية‬
‫والمسيحية واإلسالمية ‪.‬‬
‫لقد ساهم البعض الكثير من رجال ميننا الصابئي األفاضل ـ من مات منهم رحمهم هللا ‪ ،‬وبعض من األحياء‬
‫منهم حفظهم الحي المزكى ‪ ،‬إلى ازمهار واستمرار والتصاق هذن النعوت المفتقرة إلى الدليل والحجة بل حتى‬
‫القرينة ‪ ،‬والطارئة على ميننا الصابئي الموحد ألسباب كثيرة ‪ ،‬وأهم األسباب إضافة لما تقدم ذكرن ‪ ،‬ما ذهب‬
‫إلى بيانه المفكـّر الصابئي الجليل عـزيز سباهـي ‪ ،‬في مقاله الموسوم المنشور في مجلة الثقافة الجديدة في‬
‫العدمين ‪ 41‬و‪ 11‬ـ الصفحة ‪ 77‬من سنة ‪ 4991‬وأقـتطف منه ما يلي ‪:‬‬

‫ولكي تحـتفظ هذن الفئـَـة الكهنوتية بمنزلتها الخاصة أصبحت تحرص على توارث المركز الديني وتحيط‬
‫نفسها بهالة خاصة بصفتها الفئة التي يحق لها وحدها أن تتعرف على األسـرار الدينية والتي ال تفشى إالّ‬
‫للمر ّشـح لهذن الفئة وبأقساط ‪ ،‬عندما يجري تكريمه ‪ ...‬فهُـناك كتب ونصوص ال يجوز اإلطالع عليها ‪ ،‬إنها‬
‫نصوص سريـّـة خاصة برجال الدين وحـدهم ‪ ...‬وال يسلمها إلى آخرين ـ حتى من عائلته ـ إالّ حـين يقترب‬
‫من ال َمـوت ‪.‬‬

‫إن سكوت وعجز وخوف بعض رجال الدين الصابئة للدفاع عن جوهر مينهم وأمور منياهم ‪ ،‬ترك صابئتنا‬
‫ومفعهم لالبتعام عن االنقيام لهم ‪ ،‬والتمرم على ما يطرحون وإن كان صحيحا ‪ ،‬وبذلك إستسلم رجال الدين‬
‫لواقعهم الذي قيدوا أنفسهم بأغالله ‪ ،‬تاركين واجبهم الرسالي المكلفين به من قبل الهيي ربي ‪ ،‬والذي عاهدون‬
‫عند طراستهم للقيام به ‪ ،‬والموت في سبيله ‪ ،‬مانعين وحاجبين عقولهم من تبني رسالة الحي القيوم ‪ ،‬المكلفين‬
‫بها شرعا والمتمثلنة بتثقيف وتحصين أنفسهم عقائديا ً ‪ ،‬والقيام بما يماثل ذلك تجان صابئتنا األفاضل‪.‬‬

‫كما يتحمل البعض الكثير من المتعلمين الصابئة والمثقفين منهم نفس التقصير وذاته ‪ ،‬حيث أنهم تخلوا عن‬
‫البحث والتقصي والغور في بحر نصوص وأحكام ميننا الحنيف ‪ ،‬والعـمل على إبـراز الهوية الديـنية‬
‫الصابـئية ‪ ،‬بل اعـتـبـر الكثير مــنهم أن الديـن الصابئي [ موروثا ] أمبيا ليس إالّ ‪ ،‬مما مفع الكثير منهم لخدمة‬
‫ق إالّ من ال يقدر على‬ ‫أفكار ونظريات وضعية خلقها إنسانا ً مثله ‪ ،‬انتحرت ذاتها وسقط جوهرها ‪ ،‬ولم يب َ‬
‫تطبيقها ‪ ،‬أو الخائف من االستمرار في تبنيها والدعوة إليها ‪ ،‬أو من يحلم بالرهان عليها ‪ ،‬بل مفع حياته‬
‫وعمرن بسخاء من أجل هذن العقائد ونشرها ‪ ،‬وبَـخـَـ َل في تقديم مثل هذا التفاني واإلخالص والتضحية ‪ ،‬من‬
‫أجل أو تجان مينه وأبناء مينه الصابئة ‪ ،‬وهذ حال بعض المتعلمين من األميان السماوية الكريمة األخرى ‪،‬‬
‫أصحاب الفكر الوضعي وتابعيه ‪ ،‬والداعين إليه‪.‬‬

‫ولما كان ميننا الصابئي الحنيف من أول ورابع األميان ‪ ،‬التي معت إلى وحدانية هللا الحي القيوم ‪ ،‬فقد حمان هللا‬
‫سبحانه ‪ ،‬وصان ميمومته ‪ ،‬وحفظ استمرارن لحد اآلن ‪ ...‬مين موحد ‪ ،‬وتابعيه من الصابئة قوم موحدين ‪،‬‬
‫يؤمنون بالحي األزلي ‪ ،‬هللا الواحد األحد ‪ ،‬الذي ال شريك له بسلطانه ‪ ،‬ويؤمنون باليوم اآلخر ‪ ،‬ويحترمون‬
‫كل األميان التي بعثها لهداية خلقه من البشر ‪ ،‬ويوقرون كل األنبياء والرسل عليهم السالم ‪ ،‬ويقر ّون رساالتهم‬
‫‪ ،‬وخاتمة هذن الرساالت ‪ ،‬رسالة خاتم األنبياء محمد صلوات هللا عليه‪.‬‬

‫لقد عَــّد القرآن الكريم الصابئة من أهل الكتاب الموحدين المؤمنين باهلل الحي القيوم ورسله وأنبيائه ‪ ،‬مثلهم‬
‫مثل المؤمنين الموحدين من اليهوم والنصارى ‪ ،‬إذ جاء في سورة المائدة اآلية ‪ 69‬ما نصه‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫ً‬
‫إن الذين آمنوا والذين هاموا والصابئون والنصارى ومن آمن باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحا فال خوف عليهم‬
‫وال هم يحزنون‬

‫وذهـب السيد قطب رحمه هللا في كـتابـه الموسوم [ في ظالل القرآن ـ ج‪ 6‬ـ ص ‪ ] 911‬عـنـد تـفسيـرن اآلية‬
‫إلى الـقـول [ والصابئون هم في الغالب تلك الفئة التي تركت عبامة األوثان قبل الرسول محمد وعبدت هللا‬
‫وحدن ]‬

‫وقد ورم ذكر الصابئة في سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪ 62‬ما نصه ‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫إن الذين آمنوا والذين هاموا والنصارى والصابئين من آمن باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند‬
‫ربهم وال خوف عليم وال يحزنون‬

‫وهذن اآلية الكريمة تدل ماللة واضحة على أن هناك من األمم السالفة من آمن باهلل واليوم اآلخر ‪ ،‬كاليهوم‬
‫والنصارى ‪ ،‬وإن الصابئة من ضمن هذن األمم بل قبلها ومن أولها ‪ ،‬فلهم أجرهم عند ربهم من خالل أعمالهم‬
‫الصالحة ‪ ،‬فال خوف عليهم يوم الحساب وال هم يحزنون‪.‬‬

‫لقد جاء في كتاب ( إمتاع اإلسماع ـ المقريزي ـ ص ‪ ) 67‬ما نصه ‪ :‬كان المشركون من قريش يطلقون على‬
‫النبي محمد ( ع ) وأتباعه في معوته للتبشير بالدين اإلسالمي إسم الصبأة ‪ ،‬كما أن سهيل بن عمر ‪ ،‬صا َح ‪:‬‬
‫يا آل غالب أتاركون محمدا والصبأة من أهل يثرب يأخذون اموالكم ‪.‬‬

‫والصبأة هنا جمع لكلمة صابئ ‪ ،‬وهو اإلنسان الموحد الداعي لوحدانية الحي المزكي‪.‬‬

‫وقال أبو العالية والربيع بن أنس والسدي وأبو الشعشاء جابر بن زيد والضحاك واسحق بن راهــويه ‪ ،‬إن‬
‫الصابئين فرقة من أهـل الكتاب ‪ .‬ولهذا قال أبـو حـنيفة النعـمان بن ثابت ( رحمه هللا ) ‪ ،‬صاحب المذهب‬
‫الحنفي ‪ ،‬من أكبر المذاهب اإلسالمية‪:‬‬

‫ال بأس بذبائحهم ومناكحتهم ‪ .‬وأورم بمثل هذا المآل تلميذن أبو يوسف‬

‫وقال بن أبي حاتم ‪ ،‬حدثنا أبي ‪ ،‬حدثنا عمر بن أبي عمر العدوي ‪ ،‬حدثنا سفيان ‪ ،‬قال سلمان الفارسي ‪ :‬سألت‬
‫النبي محمد ( ص ) عن أهل مين كنت معهم ‪ ،‬فذكرت من صالتهم وعبامتهم ‪ ،‬فنزلت تلك اآلية [ إن الذين‬
‫آمنوا والذين هاموا والنصارى والصابئين ‪ ] ...‬مما إن ابن جرير قال ‪ ،‬حدثنا محمد بن عبد األعلى ‪ ،‬حدثنا‬
‫المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن ‪ ،‬قال أخبرنا زيام‪:‬‬

‫إن الصابئة يصلون إلى القبلة ‪ ،‬ويصلون الخمس‪.‬‬

‫وقال بن أبي حاتم ‪ ،‬حدثنا يونس بن عبد األعلى ‪ ،‬أخبرنا بن وهب ‪ ،‬أخبرني بن أبي الزنام قال‪:‬‬
‫الصابـئون قـَـوم مما يلي العراق ‪ ،‬وهُـم بـ ( كوثى ) ـ اسم مديـنة ـ يؤمنون بالنبيـيـّـن كـلـّهم ‪ ،‬ويـَـصومون من‬
‫كل سنة ثـَـالثين يوما ‪ ،‬ويصلـ ّـون إلى ( الـيـَمن ) كل يوم خمس صلوات‪.‬‬

‫وسُـئـِل وهـَب بن منبه عن الصابئي فقال ‪ :‬الذي يعرف هللا وحدن ‪ ،‬وليست له شريعة يعمل بها ‪ ،‬ولم يحدث‬
‫كـُفـراً‪.‬‬

‫وجاء في [ مجمع البيان في تفسير القرآن ـ للشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ المجلد األول ـ ص‬
‫‪ ، ] 426‬قال عبد هللا بن وهب ‪ ،‬قال عبد الرحمن بن زيد ‪ :‬الصابئة أهل مين من األميان بجزيرة الموصل‬
‫يقولون [ ال إله إالّ هللا ] فـمن أجـل ذلك كان المـشركون يقـولون للنبي محمد صلى هللا عليه وسلـّـم وأصحابه‬
‫‪:‬‬

‫هؤالء الصابئة ‪ ،‬يشبهـونهم به ‪ ،‬يعني في قوله ‪ ،‬ال إله إالّ هللا ‪.‬‬

‫وجاء في تفسير الجاللين لإلمامين جالل الدين بن أحمد المحلي ‪ ،‬والعالمة جالل الدين عبد الرحمن بن أبي‬
‫بكر السيوطي ـ الصامرعن مار المعرفة ـ بيروت ـ في شرح سورة البقرة‪:‬‬

‫إن الذين آمنوا باألنبياء من قبل ‪ ،‬والذين هاموا هم اليهوم ‪ ،‬والصابئة طائفة من اليهوم أو من النصارى ‪ ،‬من‬
‫آمن منهم باهلل واليوم اآلخرة في زمن نبينا ‪ ،‬وعمل صالحا بشريعته فلهم أجرهم ‪ ،‬أي ثواب أعمالهم عند ربهم‬
‫وال خوف عليهم والهم يحزنون‬

‫وفي الصفحة ‪ 77‬من كتاب ( في ظالل القرآن ـ السيد قـطب ) رحمه هللا ‪ ،‬عند تـفسيرن آلية البقرة قال‪:‬‬

‫الصابئون ‪ ،‬إنها تلك الطائفة التي بحثوا ألنفسهم عن عقيدة يرتضونها ‪ ،‬فاهتدوا إلى التوحيد ‪ ،‬وقال إنهم‬
‫يتعبدون على الحنيفية األولى ‪ ،‬ملة إبراهيم ‪ ،‬واعتزلوا عبامة قومهم مون أن تكون لهم معوة ‪ ،‬فقال عنهم‬
‫س ّموا‬
‫المشركون إنهم صبأوا ‪ ،‬أي مالوا عن مين آبائهم كما كانوا يقولون عن المسلمين بعد ذلك ‪ ،‬وثم ُ‬
‫بالصابئة ‪ ،‬وهذا القول أرجح من القـَول بأنهم عـَـبدة نجوم‪.‬‬

‫وعن اإلمام القرطبي أبو عبد هللا محمد بن أحمد األنصاري رحمه هللا في كتابه ـ الجامع ألحكام القرآن ـ ص‬
‫‪ ، 297‬عند تفسيرن لآلية ‪ 62‬من سورة البقرة المار ذكرها فيما تقدم ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫ب ) ‪ ،‬ولذلك اختلفوا في همزة الجمهور ـ جمهور اللغـويين ـ إالّ نافعـا ً (‬‫الصابئون جمع صابئ وقيل ( صا ٍ‬
‫اللغـوي نافع ‪ ،‬أحد أعالم اللغة العرب ـ فمن هَـ َمـ َزنُ جعله من ‪ :‬صبأت النجوم إذا طـَـلعـَت ‪ ،‬وصبأت ثنـيـة‬
‫الغالم إذا خرجت ‪ .‬ومن لم يَـه ِمـزن ‪ ،‬جعله من ‪ :‬صبا يصبو ‪ ،‬إذا ما َل ‪ ،‬فالصابئ في اللغة ‪ ،‬من خـَـرج ومال‬
‫من ميـن إلى ميـن ‪ ،‬ولهذا كانـَـت العرب تـَقول لمن ( أسلم ) ‪ ،‬قد ( صبا‪) .‬‬

‫من خالل ما تقدم ‪ ،‬يمكننا القول للجميع من أننا قوم موح ّدون ‪ ،‬نؤمن باهلل الحي القيوم سبحانه واليوم اآلخر ‪،‬‬
‫وإن ميننا الصابئي الحنيف من أول األميان التي معت إلى وحدانية الهيي ربي هللا الحي المزكـّي مسبح اسمه‬
‫كما جاء في كتابنا المقدس ـ الكنزا ربا‪:‬‬

‫*واحـد أحـد * العـَـزيز الحكيم العليم البصير * سلطان األشياء كلها * اليُـرى وال يـُـ َحـد * ليس له كفواً وال‬
‫شريك له بسلطانه * وهو الرب العلي ‪ :‬ساجا ليتال * أزيزا ويامويا * هازيا وشليطـا * إم لكل آسيو إم ال‬
‫متهزيا وال مستيتح * إم ليتال هبارا بتاجا وال شوتابا بشلطانا * أها ربا وشبيها‪.‬‬
‫نحن الصابئة قوم موحدون ‪ ،‬ال نسجد لغير هللا الحي سبحانه ‪ ،‬وال نعبد غيرن ـ كما نعتنا البعض الكثير ـ من‬
‫إننا عبدة نجوم وكواكب ‪ ،‬وميننا الصابئي الموحد الحنيف ينهانا عن الشرك به ‪ ،‬قال هللا الواهب القدير‪:‬‬

‫*ال تسبحـّـوا للكواكب واألبراج * وال تـسبحـّوا للشمس والقمـَـر المنوريّن هذا العالم فإنه هو الذي وهبها‬
‫النور‬
‫*ال تشبهون الشوبا وتريش الشالبا وسيرا منهرانا * إم هازن إلما منطول هازن زيوا ال وميلون * هو هنيال‬
‫إتهبلون‪.‬‬

‫واالستـنتاج وارم من خالل ما تـَـقـَدم ‪ ،‬من أن الـدوافع واألسباب الرئيسية وراء هذا االتـهام تـَـكـمنُ في‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬عـدم قــُـدرة أو إمكانية العلماء األعالم ‪ ،‬والمفكريـّـن من أبناء الديانات األخرى في ذلك العـَـصر من‬
‫اإلطالع على ماهـيـّة الدين الصابئي الحنيف وأحكامه ‪ ،‬ونصوص شريعته ال َسمحة ‪ ،‬ب َسـبب احـ ِتـكار رجال‬
‫الديـّن لهذن الكتب ‪ ،‬وعـَدم تـَمكيـن الغـَـير من اإلطالع عليها ‪.‬‬

‫إضافة إلى التنافس ال ِعـلمي وال َمعـرفي من قبل معاصريهم ‪ ،‬لما وصل إليه أجدامنا الصابئة في اكتشاف الكثير‬
‫من العالقات الجدليـّـة الكونيـّـة ضمن معارف ذلك العصر ‪ ،‬وبراعتهم في الكثير من العلوم اإلنسانية ومنها‬
‫الفلسفة والطب والكيمياء واألمب ‪ ،‬وغيرها من العلوم ‪ ،‬فقد شغل أهلنا الصابئة ‪ ،‬عظمة الخالق هللا الهيي ربي‬
‫مسبح إسمه ‪ ،‬وقدرة صنعه لهذا الكون ‪ ،‬فانكبوا على مراسة الظواهر الكونية وتعليل وجومها و ِعـلـل تأثيرها‬
‫‪ ،‬فـبـَرعـوا في أكثر هذن العلوم أهمية ولحد عصرنا الحاضر ‪ ،‬وهو علم الفلك وفـنونه فـَـكشفوا الكثير من‬
‫أسرار الكون ‪ ،‬وما يحتويه من سماء وكواكب ونجوم من خالله ‪ ،‬وأمرك الصابئة قبل غيرهم عظمة الخالق‬
‫الواحـد األحـَـد مسبـّـح اسمه الذي ليس لنورن حدوم ‪ ،‬حيث‬
‫ِ‬ ‫الصانع لهذا الكون تـَسييراً وتـنظيما ً وتـَـدبيراً ‪ ،‬هللا‬
‫جاء في كتابنا المقدس ( الكنزا ربا ‪ :‬الكنز العظيم‪) :‬‬

‫*الذي ال كيل وال قياس لنـورن وجـالله ‪ * :‬إم ليتال كيال ومنياتا وساجا الزيوا ولنهورا وال قارا‬

‫وهنا يمكننا التساؤل ‪ ،‬هل أن العالم لشيئ أو بشيئ وأبدع فيه وأمرك أسرارن ‪ ،‬وهو الذي يدرك تماما كونه‬
‫مخلوقا ‪ ،‬مثله مثل المخلوق الذي خلقه وأبدع فيه ـ ؟ وهل يمكن للمخلوق أن يعبد مخلوقا ً مثله ‪ ...‬؟‬

‫الثابت إن العلم واإليمان يتكامالن وال يتنافيان ‪ ،‬إن أكبر عقـل ظهر في القرن الماضي العالمة باسـتـور يقول‬
‫‪:‬‬
‫اإليمان ال يمنع أي ارتقاء كان ‪ ،‬الن كل ترّق يُبيّن ويسجـّـل االتساق البامي في مـَخـلوقات هللا ‪ ،‬ولو كنت قد‬
‫عـلمـت أكثر مما أعلمـه اليوم لكان إيماني باهلل أشـَـد وأعمـَـق ممـّا هو عليه اآلن‪.‬‬

‫وثانيا ‪ :‬سُبات رجال الدين الصابئة ‪ ،‬وسكوتهم عن ما يحيط بهم وبأبناء مينهم من مخاطر ازمهار النظريات‬
‫الفكرية الوضعية بكافة أنواعها وأشكالها وطروحاتها ‪ ،‬التي استحوذت أو سيطرت بل وبتعبير أمق‬
‫استعـ َمـرت عقل اإلنسان الصابئي كغيرن من أبناء الديانات األخرى ‪ ،‬لعدم امتالكهم السالح اإليماني المعرفي‬
‫لمقاومة مثل هذا االستعمار ‪ ،‬فأصبح مورهم هامشيا ً ومحدماً ومحصوراً فقط في إجراء بعض المراسيم ‪،‬‬
‫والطقوس الشرعية فيما يخص [ الزواج والوفاة ] ‪ ،‬ولم نقف على أي نشاط لهم آخر وحتى بعد اغترابهم‬
‫وتمتعهم بمناخ تتوفر فيه كل اإلمكانات التي من خاللها يستطيعوا العومة إلى [ الجامة الشرعية المتمثلنة في ما‬
‫جاءت به الشريعة الصابئية السمحة ] ‪ ،‬وهذا عكس ما قام به رجال مين الديانات األخرى من تطوير أسلحتهم‬
‫اإليمانية المعرفية التي أمت واجبها في إنقاذ أبناء مينهم من ما‬
‫وقعوا فيه من أوهام الفكر الوضعي وإخفاقاته وزيفه‪.‬‬

‫وثالثا ‪ :‬هو أن بعض من انتمى واعتـَـنق الفكر الوضعي بكل أطيافه من الصابئة ‪ ،‬نسي أو تـَـناسى خالـق‬
‫صاحب هذا الخلق بمن فيه ومن عليه [ هللا الحي المزكي الواحد األحد ] فانـدفع وبكل ما يحيطه بالفراغ‬
‫العقائدي المعـرفي اإليماني ماخل عـقـله وروحه وقـلبه ‪ ،‬مون أن يقف على ما جاء في مينه من أحكام ومراسة‬
‫ما فيه من ‪ ،‬وما في شريعـته من متغيرات وثوابت وما في الشرائع السماوية األخرى ‪ ،‬اندفع لمحاربة مينه‬
‫والسخريـّـة من أحكامه وااللتفاف على نصوص شريعته ‪ ،‬يغـيـر ما هـو ثابت ويثبت ما هو متغـير أو قابل‬
‫للتـَـغـييـر ‪ ،‬ولم يكـتـف بذلك ‪ ،‬وإنما أخـذ الـنـَـيل واالستهزاء بـرجال ميـنه األجـالّء وإحراجهم ببعض‬
‫الطروحات التي كانت رائجة آنذاك !‪...‬‬

‫لقد أمرك واستدرك بعض من كتب عـنا ‪ ،‬تـَسر ّعه في ما ذهب إليه من رأي في مصامرة إيماننا باهلل العظيم‬
‫مسبح اسمه واتهمنا بعبامة النجوم والكواكب ‪ ،‬ومنهم أستاذنا الفاضل الكبير ال ُمؤ ِّرخ الباحث عبد الـرزاق‬
‫الحسني رحمه هللا فقد ذهب في مراسته األولى عن الصابئة إلى القول بأنهم عبدة كواكب ‪ ،‬ووحـّد بينهم وبين‬
‫[ الحرانـّية ] ‪ ،‬الذين امعـوا أنهم صابئة ‪ ،‬لتخـليص أنفسهم من الخليفة العباسي [ المأمون ] ‪ .‬وبعد أن وقف‬
‫األستاذ الحسني على ما تيسر له مما جاء في كتبنا المقدسة ‪ ،‬وإعامتـه مراجعة القرآن الكريم ‪ ،‬وتفاسيرن‬
‫المتعدمة ‪ ،‬وأقوال وآراء أئمة الفقه اإلسالمي وعلمائه األعالم ‪ ،‬قال في مراسته الثانية عن الصابئة في مقالته‬
‫المنشورة في مجلة العربي ـ الكويت ـ العدم ‪ 442‬من سنة ‪ 4967‬ما نصّـه‪:‬‬

‫الصابئة قوم يؤمنون بالخالِـق جل شأنه ‪ ،‬وإنه واحد أزلي ال أول لوجومن والنهاية ‪ ،‬منَـ ّزن عن المامة ‪ ،‬ال تناله‬
‫الحواس وال يفضي إليه مخلوق ‪ ،‬وإنه لم يلد ولم يولد ‪ ،‬وهو علـّـة وجوم األشياء ومكونّها ‪ ،‬وال يختلف‬
‫اعتقامهم في الخالق عن اعتقام المسلمين‪.‬‬
‫كما ذهب سماحة العالمة المجتهد ( أبو القاسم الخوئي ) رضوان هللا ورحمته عليه في فتوان التي حصلت فيها‬
‫على قرار بكسب الدعوى المقامة من قبل موكلتي ( ر‪ .‬ف ‪ .‬س ) الصابئية ‪ ،‬على المدعى عليه زوجها المسلم‬
‫‪ ،‬الجعفري المذهب ‪ ( ،‬م ‪ .‬غ ‪ ،‬ا ) أمام المحكمة الشرعية السنية في الكرخ ‪ ،‬من قاضيها السيد اسماعيل‬
‫األيوبي ) ‪ ،‬والفتوى ال زلت محتفظا بها ‪ ،‬وزومت استاذنا المرحوم ( غضبان رومي ) بنسخة منها ‪ ،‬والتي‬
‫على ضوئها استحصل الصابئة قراراً من وزارة األوقاف بوجوب تقاضيهم أمام محاكم الموام الشخصية ‪ ،‬بعد‬
‫أن كانوايتقاضون أمام المحاكم الشرعية ‪ ،‬كما وعلى أساس فتوان رحمه هللا وأسكنه فسيح جنانه ‪ ،‬استحصلوا‬
‫على قرار بكتابة الموام الشرعية التي ألزمت محاكم الموام الشخصية بوجوب تطبيقها عند تقاضيهم أمامها ‪،‬‬
‫والفتوى هي ‪ ( :‬بما أن الصابئة من أهل الكتاب على الظاهر فإن المدعية تستحق النفقة وهللا أعلم ) ‪ ،‬وأصل‬
‫الفتوى موجومة عندي لحد اآلن‪.‬‬

‫نحن صابئة ونبقى ‪ ،‬قوم موحديّن ملتزمين بما أمرنا به هللا الحي المزكي من أوامر ونواهي عن طريق‬
‫شريعته الصابئية ‪ ،‬وأنبياءن ورسله ‪ ،‬عـقـيدتنا تـلزمنا باإليمان باهلل الحي األزلي القـَـيوم المزكي ‪ ،‬الواحد‬
‫األحـد [ آب هـام بنان هـام ] صابـئة ونـبقى صابئة ‪ ،‬وهللا وحدن يعـلم ‪ ،‬ويـشهـد ويـفصل بـينـنا وبين كل‬
‫إخواننا من اتـباع األميان والمعتقدات األخرى ‪ ،‬وال ُمـشركــيـن والمجـوس يـَـوم القـيامة ‪ ،‬لقد جاء في سـورة [‬
‫ال َحـج ] من القرآن الكريم ‪ ،‬اآلية ‪: 47‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫إن الذين آمنوا والذين هاموا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن هللا يفصل بينهم يوم القيامة‬
‫إن هللا على كل شيئ شهيد‬

‫والقرآن الكريم كما قال اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم‪:‬‬
‫كتاب هللا تبـصرون به ‪ ،‬وتـنطـقون بـه ‪ ،‬و تـسمعـون بـه‪.‬‬

‫وأختم به مقالي هذا ‪ ،‬النص الوارم في كتابنا المقدس ( الكنزا ربـّـا ‪ :‬الكنز العـظـيم‪) :‬‬

‫*إذا نـَـزل بالء عـَـلـَـيكم فـَـتـقيدوا بالصبر وتـمسكـّوا باإليـمان بعــقيدتكـم‬


‫*ال تغـَيّـروا شيئا وال تنحرفوا عن صحة أقوالكم‪.‬‬
‫*إن كلمة الـحق أتـَـتـكم ‪ ..‬كلمة الـحـق أتـت للصالحين ‪ ،‬والكلمة الصامقة تأتي لـلـمؤمـنـيـن والـحي نــاصـر‬
‫‪.‬‬

You might also like