Professional Documents
Culture Documents
الشريعـة في اللـغـة :الـسـنة ،وهي ما شرع هللا الحي القيوم مسبح اسمه لعبامن من السنن واألحكام.
والـشريعة في اإلصطالح :مجموعة األوامر واألحكام اإلعتقامية والعملية
شريعتنا الصابئية السمحة جاءت عامة شاملة لكل مفرمات الحياة الدنيا [ تـيبـَـل :مار الفناء ،مار الزوال ]
كمرحلة لالنتقال إلى الحياة اآلخـرة [ اآللما منهورا :مار القرار ،مار البقاء ] وعكس ما يقوله الكثير ،من أن
تعاليمها وأحكامها صعبة التطبيق ،فإن أحكام شريعـتـنا الصابئية الغراء ،سهلة التطبيق ،وليس فيها ما
يصعب على الصابئي أن يعتقدن بخالقه الذي ال إله إالّ هو ..الحي العـليـم الواحد األحد ( الشهامة والتوحيد ،
وقيامه بممارسة طقـوس ميننا الصابئى الحنـيـف من [ البراخا :الصالة ] و [ المصبتـّـا :الصباغـَـة ] و [
صـوم [ صوم ربـّـا ] ،والتي هي بنـفس الـوقـت أركان الـدين الصابئي الحنيف. الزمقـا :الصدقة ] وال َ
كما جاءت نصوص أحكام الشريعة الصابئية ،وسنن رسلها و أنبيائها ( آمم وشيتل ونوح وسام بن نوح
وإمريس ويحيى بن زكريا ) عـلـيـهـم السـالم كاملة شاملة جامعة ،لترشد الصابئي إلى الطريق اإليماني باهلل
الحي األزلي ،وتهديه من خالل تعاليمها للسير في جامة الحق والصواب ،والتعامل الصحيح مع نفسه وعقله
ونسله وماله ،فطريق اإليمان بوحدانية هللا الحي المزكي مسبح إسمه ،هو طريق الحق طريق النور للقائه.
كما ال تنفي شريعتنا أي تـَطـّـور حاصل أو يحصل على المجتمع المحيط باإلنسان الصابئي المتواجـد به أو
الذي يعـيش فيه ،فـفـتحت باب [ االجــتهام ] لرجال الدين ممن تتوفر فيه شروط المجتهد لالجتهام ،على أن
ال يخالف نصا ً شرعيا أو سُـنـّـة نبـَوية ،وملـيلـنا على ذلك االجـتهامات التي قـام بها نبي هللا الكريم يهـيا :
يحيى عليه السـالم بأمر هللا الهيّي ربي مسبح اسمه ،وأبرزها الجواز الشرعي للصابئي بأماء الصالة والقيام
بها ثالث مرات بدال من خـمسة مرات ،وتـقـليص عدم الصلوات ال يعـني نفيها أو ينفي الزام الصابئي من
القيام بها ويعفيه عن إمائها في أوقاتها ،فجوهر الصالة باق ،من خالل الـقيام بها للوقوف بين يـَدي الخالـق
مسبح إسمه ومناجاته وطلب المغفرة منه ،ولكن تحقق الضرورة الشرعية المتمثلنه بالظروف الحياتية ألجأ
نبينا الكريم يهيا :يحيى عليه السـالم القيام بهذا االجتهام بأمر من هللا القامر الكريم مسبح إسمه ،وبعد وقوفه
على ما يحيط الصابئي من ظروف عـباميـّـة واقتصامية واجتماعية وطبيعية.
الــصـابـِـئـَـة
في
الـشـريـعـَـة اإلسـال ِمـيـّـة
قـبل الدخول في أساس الموضوع علينا أن نقف على أسئلة الكثير من إخواننا في اإليمان والتوحـيد هلل الحي
القيوم من أبناء الديانات األخرى ،من اليهـوم والنصارى والمسلمين ،واألسئـلة كثيرة منها على سبيل المثال
ال الحصر :
*هل الصابئة موحّدون ،يؤمنون باهلل الحي القيوم الواحد األحد ،وما أرسله من الرساالت واألنبياء والرسل
؟
*هل الصابئة يؤمنون بالموت واليوم اآلخر والبعث ؟
*هل إن الصابئة مشركون ،وعبدة كواكبا ً ونجوما ً كما يزعم البعض ؟
*من أين جاء هذا االتهام ،ولماذا نحن به مستهدفون ؟
*ما سبب هذا التصور ،من يقف وراءن ؟
*على من تقع المسؤولية التقصيرية في عدم التصدي والرم على ما نعتنا ونعت به ميننا الصابئي الحنيف ،
عـلينا نحن الصابئة أم على رجال الدين الصابئة ..؟
قبل اإلجابة على هذن األسئلة ،البد لنا من وقفة عند قواميس اللغة ومختصيها ،لتبيان معنى كلمة [ صابـئـة ]
صـبَـأتَ :إذا خرجت من
.ذهب فريق من اللغويين إلى القول بأن كلمة صابئة جاءت من الفعل [ صـَـبا ] ،و َ
شيئ إلى شيئ آخر .وذهب آخرون إلى القول ،صبا من شيئ آخر :صبـوءاً :انتقل ،ويقال صبأ الرجل :
ترك مينه ومان بدين آخر ،فهو صابئ
ومنهم من قال :صابئ وصابئة وصابئون ،وصابئ من تدين بدين الصابئين ،والصابئة يزعمون أنهم على
مين نوح ،وقبلتهم من الشمال عند منتصف النهار وآخر قال :الفعل صبأ :خرج من مين إلى آخر :من تدين
بدين الصابئة فهو صابئ وجمعها صابئون وصابئة .والصابئة من فعل صابئ ،من مال وزاغ من مين إلى
مين آخر ،وحيث أن الجزيرة العربية كانت تدين لألوثان ،فقد جاء هذا القول !...
صـبَـع ) وتـَعـني :
أما في اللغة اآلرامية ،فـَـقـد جاءت كلمة ( صابئـَـة ) من اشـتـقاق فـعـلها (صـَـبا ) أو ( َ
وصـفـوا وسُمـّـوا بالمغـتـَسلة ،وكلمة الصابئة ال تزال تطلقـس بالماء الجاري ،ومنها ِ اغـتسـَـ َل أو ارتَـ َم َ
على الذين يـَـصطـَـبغـون في الماء الجاري في العراق وإيران ،وعلى الصابئة المتواجدين والمشتـّـتين في
أرجاء المعمورة .
علينا أن نتعرض لهذن الكلمات ،مستندين على ما بينه لنا المختصين من علماء اللغة وفقهاء االصطالح ،لكي
نصل إلى الحقيقة فيما ذهب إليه ،من الذين كتبوا عنا ـ نحن الصابئة ـ وعن ميننا الصابئي الحنيف.
أشرك ،إشراكـا ً ،أشركه في أمرن :جعله شريكا له فيه ،وأشرك باهلل :جعل له شريكا ً ،فهو مـُـشـْ ْ
ـرك ،
الشريك :المشارك ،يقال [ هللا ال شريك له ] أي ال يشارك في ملكه وال في ذاته وال في صفاته .جاء الدين
الصابئي ليبطل ماكان عليه الناس من عبامات لغير هللا الحي المزكي ،وليقرر ويبين بوضوح أسس التوحيد
المطلق هلل في الذات والصفات واألفعال والعبامة له وحدن ال شريك له:
وجاء ليقول:
*إم ليتال إهبارا بتاجا والشو تابا بشلطانا :ال كفو له بعظمته ،وال شريك له بسلطانه * .هو الملك منذ األزل
.ثابت عرشه .عظيم ملكوته * ال أب له وال ولد .وال يشاركه ملكه أحد * مبارك هو في كل زمان ،ومسبح
هو في كل زمان * موجوم منذ القدم .باق إلى األبد ]
*ال تسجدوا للشيطان ،وال تعبدوا األصنام واألوثان * من يسجد للشيطان فمصيرن النار .بئس المنتهى ،
وبئس القرار ،خالداً فيها الى يوم الدين * إمسكوا ركبكم عن السجوم للشيطان وألصنام الزيف
الــكـافـِـــــر:
عرف الفقهاء الكـُـفـر ( لـُـغـَةً ) بأنه الجُحوم واإلنكار .وفي االصطالح :فإنه الكـُـفر باهلل ورسـُـله واليوم
اآلخر ،أو بما ِيؤمي إلى ذلك .وموجبات التكفير :هي إعالن الشخص الجحوم للعقائد الضرورية للدين
بالقول والفعل
إذن فإن الكفـر حقيقة موضوعية ،وال يكفي الشك وحدن لتحقق هذن الحقيقة في الحكم بالكفر بمجرم الشك على
إنسان أو مين أو جماعة ،وإنما البد من الجحوم واإلنكار المعلن لذلك ،ولم يبين أو يذكر لنا من كتب عنا من
هؤالء ،أن هناك صابئيا ً واحد كفر باهلل الحي القيوم أو كفر بأي نبي من أنبياءن أو حتى راوم الشك عقله بذلك
.لقد ذهب سماحة آية هللا العظمى محمد حسين فضل هللا ( حفظه هللا ) في فتوان المؤرخة في 27ذى القعدة /
4147هجرية من القول :
*البد في الحكم بالتـكفير من الثقافة اإلسالمية ،التي يملك فيها اإلنسان أن يتعرف طبيعة العقائد اإلسالمية ،
وطبيعة الكالم من الشخص اآلخر الذي يتعلق به التـكفير ،فإذا اجتمع لإلنسان ذلك ،جاز الحديث له عن كفر
الكافر ولكن البد من االحتياط.
الـــ ُمـ َوحــّـد:
عرف اللغويّون بأن الموحـّـد هو من يـعـتـقـِـد بوحدانية هللا الحي القيوم ،والتوحيد هو االعتقام بوحدانية هللا
تعالى ،وعبامة اإلله الواحد ضد اإلشراك والوحدانيّة :صفة من صفات هللا تعالى ،معناها أنه يمتنع أن
يشاركه شيئ في ذاته أو صفاته ،وإنه منفرما ً باإليجام والتدبير العام بال واسطة .وفي االصطالح ،فإن
التوحيد :هو اإليمان باهلل الواحد األحد ،وهذا اإليمان هو المحور والقاعدة األساسية في العقيدة والتفكير
والسلوك عند اإلنسان .والتوحيد هو القاعدة األولى في ميننا الصابئي ،والتي يجب أن يؤمن بها اإلنسان
الصابئي وينطق بها لسانه ،فهو يقول:
كما أن الدين الصابئي الحنيف ،جاء ليقول عن لسان أنبياءن بأن ل ايجوز إقتران عبامة هللا الحي القيوم بعبامة
غيرن ،من كواكب أو نجوم ،أو أصنام أو أشجار أو حـيوان أو قـبور أو أية قوى طبيعية ،أو الـزعـم أو
اإلمعاء بأن هلل الحي المزكى أب أو أخ أو بـنين أو بـنات
*ال تمجدوا الشمس والقمر * هو هللا الذي أمر * فكان لهما ولهذن الكواكب هذا الضياء لكي ينيروا به الظلماء
* فإذا نامى الحي العـظيم سقطت كلها في قرار بهيم.
الصابئة أول من قال ونطق بشهامة أن ال إله إال هللا ،هللا الواحد األحد ونصلي إليه وحـدن مسبح اسمه:
*حين تقومون وحين تقعدون * حين تذهبون وحين تؤوبون * تأكلون أو تشربون * أو في مضاجعكم ،أو
وأنتم تعملون * أذكروا هللا وسبحون كثيراً
قال نبينا الكريم يهيا يهانا :يحيي بن زكريا عليه السالم:
رأس الصـالة والتـسـبـيـح أن ال تحب الـنوم
قال نبينا الكريم يهيا يهانا :يحيى بن زكريا [ عليه السالم ] :رأس الصـدقـة أن تطعم الجائع وتسقي
العـطـشـان
*احترموا آباءكم ،واحترموا أمهاتكم ،و احترموا اخوتكم الكبار أجمعين ،إن من ال يحترم والديه مدان إلى
يوم الدين و * ال تأكلوا الدم ،وال الميت * ..ال تحلفوا كذبا ً وال تبدلوا إيمانكم ،وال تأكلوا مال الربا ،ال
تزنوا وال تسرقوا ،وال تنتهكوا حرمات الناس * ال تسجدوا للشيطان ،وال تعبدوا األصنام واألوثان
*ال تـَـقـْـربـوا الملوك والسالطين والـمـَـ َرمة في هذا العالم وال تـثِـقوا بهم ..ال بأسلحتهم ،وال بحشومهم *
وال تلووا أعناكم للذهب والفضة التي يكنزون * إنها سبب كل فتنة * سيتركونها وراءهم يوم إلى النار
يذهبون *يمسكون لظاها بأيديهم ،وينفخون لهيبها بأفواههم
نؤمن بقضاء هللا عـَـظـمت قـدرته ،وال َعـمل الصالح وحُـب الـناس و بالتوبة له وحـدن:
*ال تعـترضوا على أمر ربكم ،وكـونوا صالحين وامعين متواضعين * ولتكن فـيكم التوبة
*أحبوا ألصحابكم ما تحبون ألنفسكم ،واكرهوا لهم ما تكرهون لها * وتزوموا آلخرتكم بالعمل الصالح ..
فانظروا ،واسمعوا ،وآمنوا ،وتقبلوا كلمات ربكـّـم.
نـَـهانا ميننا الصابئي الحنيف عن كل ما ينافي القيم والمبامئ التي حدمها وبينها في كتبنا المقدسة :
*واعلموا أن السحرة والمنجمـّـين في الظالم قابعون * ..ال تأكلوا الدم ،وال الميت ،وال المشـ َ ّون وال الحامل
وال المرضعة ،وال التي أجهضت ،وال الجارح ،وال الكاسر ،وال الذي هاجمه حيوان مفترس * .وإذا
ذبحتم فاذبحوا بسكيّـن من حديد ...ال تزنوا ،وال تفسقوا وال تمل قلوبكم إلى غواية الشيطان ،إن غواية
الشيطان ضالل مبين * ال يبت عندكم أجر أجير * وال تسرقوا شريكا * وال تنتقموا بغدر من صديق * إن
من يسرق صاحبه وشريكه لن ترى عينان النور * ال تحلفوا كذبا ً ،وال تبدلوا إيمانكم ،وال تأكلوا مال الربا *
وإن أقرضتم فال تـقـرضوا سراً
صونوا أنفسكم من الغش واإلثم وازور ،والكذب والزيف والشرور ،واتقوا الدجل واإلفك والظاللة ،والفتنة
والقسوة والجهالة ،وال تكفروا وال تقربوا الزنى .واجتنبوا الحسد ،والحقد والكرن وعدم الحياء.
الموت حـق ،والنفس أسيرة الجسد يحررها الموت بإذن هللا في ميننا الصابئي القويم.
إن الثابت في ميننا الصابئي القويم ،إن الجسد ما هو إال وعاء لنفس اإلنسان ،وإن النفس هي نسمة من ذات
هللا الحي القيوم ،ولم يخلقها جلـّت قدرته عبثا وهي إليه ستعوم بأجلها المحدم منه ،لذلك فديننا يقـَـيـّـم هذن
الحياة الدنيا [ أرض تـيبـل :مار الزوال ) مار الفناء وليست مار بقاء:
*يا آمم ال تبتئس ،وال تكتئب ..فعالمك هذا خـَـرب ،عالم زيف وكذب .بيوته مقبرة ..وطرقه معثرة ..
وميارن مقفرة .األبناء بآبائهم يكفرون ،واإلخوة بعضهم بعضا يقتلون ،البنات يكفرن بأمهاتهن ،واألخوات
يأكلن لحم أخواتهن .كل رجل يترك زوجته وكل امرأة تترك زوجها ،أرامل ويتامى ..ذكوراً وإناثا ً .أبناء
السبي هؤالء .فقم يا آمم .أخرج من هذا العـالم
والموت غاية الحياة وكمال نظامها ‘ وليس هناك أمق وأوضح من الموت وال حقيقة أصدق منها ،جاء في
كتاب هللا المقدس الكنزا ربـّـا الكنز العظيم بأن النفس قالت لمن خلقها:
*أبي واحد أحد ،واحد هو الذي خاـقني ثم أخذني ، ،وحلَـلَـت الجسد بغدمن ومرارته وأعالقه ،وبقيت
ألنتظر وأنا في ضيافة الجسد حتى أكملت قدري * ..حين أكملت النفس قدرها جاء من يحررها ،ولحقت
النفس بمحررّها إلى عالم الخلوم ،الذي ال تغرب شمسه ،وال يداخل نورن الظالم
*كل من يولد يموت ،وكل ما يصنع باأليدي يفسد ،والعالم كله يفنى ...ال تبكوا موتاكم ،وال تقيموا عليهم
األحزان * إن من مـزق ثيابه على ميّـت فقد منسها * ومن قلع شعرة على ميت فسيربط بجبل الظالم بجبل ال
يبيد * ...من أحب موتان فليطلب ألنفسهم الرحمة * وأقيموا عليها الصالة والتسبيح.
نحن نصعـدكم إلى جنات عدن حين تموتون ..يوم من أجسامكم تخرجون ..انظروا ..أين أنتم مقيمون
*أفـهذن جنات عدن التي كنتم بها توعدون ؟ هذا الظالم الذي أنتم فيه موثقون ؟ أرواحكم تبلى ..ونفوسكم
بالعذاب تصلى ،مقيمين فيه إلى يوم الدين * .يومها األرض والسماء تتهدمان ..وليس لكم بينهما مكان ،
الكواكب تتساقط ويلفها الدخان ،والشمس والقمر يتبعثران ..فأين تذهبون ؟ ..إني معوتكم إلى الحياة التي ال
موت فيها ،وإلى النور الذي ال ظالم فيه ..فاخرجوا إلى طريق الحياة أُخرجكم إلى طريق السماء ،حيث ال
موت وال ظلـماء.
وصفت شريعتنا الصابئية الغـراء [ المارقين :المرت ّديـن ] عن شريعتهم بشكل مطلق
*هؤالء الذين يبيعون ما لم يشتروا ال بذهبهم ،وال بفضتهم ،ويقاضون ما لم يقتنوا ال بمالهم وال بتجارتهم *
هؤالء الذين أرهبوا ،ونهبوا ،وبيوت الناس سلبوا * جعلوا األحرار عبيداً ،والحرائر إما ًء ،والرجال زناةً ،
والنساء زانيات * يأمرون األمر وال يفعلون الخير * وينفعون أنفسهم وال ينفعون الغير * ينصرون االبن
على أبـيه ،ثم يـَـسلبون من بـَـيته كل ما فيه * إن هؤالء أتـباع الشيطان ،مصيـرهـم الظـلمة والـنيران ،ال
شفاعة لهم وال غـُـفران.
أليس من الحق واإلنصاف أن نسأل من اتهمنا بما هو أرام ،نسأله من خالل ما ورم وجاء في شريعتنا
الصابئية الغراء ،وقدمنان له من نصوص وأحكام شرعية ...نعم نسأله هل نحن قوم موحد ّون ،مشركون ..
كافرون أم عبدة نجوما وكواكب كما هم يدعون ويزعمون ...؟
وإن ُمـتـْـنـا فمقابر التأريخ مليئة بالعقائدييّن وبالمضطهدين والمستضعفين والمظلومين من مجهولي االسم
مدفون بعمله أو [ :ما مات من مات وخلف واحد من ثالث ،عـِل ٌم ينتفع به ٌ والهوية ،متناسين أن المرء َ
ً ً ً
الناس وصدقة جارية ،وول ٌد صالح ] ،أ َو لـَم يُـخلِــّـف الصابئة ،علوما وماال وأوالما صالحين ،احتل ّوا و
شغلوا مساحة تاريخية ظاهرة ،مما جعل المنصفين من الناس ذكر ميراثهم أو أرثهم الفكري والعلمي
واإلنساني هذا لحد اآلن!...
هناك من األسباب الكثيرة التي مفع البعض ممن كتب عن ميننا الصابئي الحنيف ،وعن أتباع هذا الدين من
الصابئة الموحدين ،المؤمنين باهلل الحي المز ّكي ،إن األسباب التي سأمرجها ،وأتناول البعض منها ،ال
يمكننا تجزئتها وأخذ كل واحدة منها على حدة ،وأعتقد جازما أن هناك ربطا جدليا بينهما ،لذا يجب التعرف
إليها مجتمعة ومفعة واحدة ،ومن هذن األسباب على سبيل المثال ال الحصر ما يلي:
3.ازمهار الـفـكر الوضعي ،وانخراط معظم مثقفي ومتعلمي الصابئة والكثير من عامتهّم ،في أحزاب مختلفة
تبنت هذا الفكر ،ألسباب سياسية واقتصامية واجتماعية ،أفرزتها ونسجتها وأملتها عليهم مرحلتهم التاريخية
التي شغلوها وعاصروها .
َ 4.ربـط المؤسّسة الدينّية ـ كيانها ونشاطها وحركتها بـ ( رأس المال الصابئي ) مما جعلها عاجزة على
الوقوف أمام أصحابه والتعرض لما يقومون به وذويهم من تصرفات خارجة عن أحكام شريعتنا الصابئية
السمحة ،كما جعل هذن المؤسسة الدينية عاجزة عن نشر أي نشاط يخصهـا ،و يخص ميننا الصابئي الحنيف
من نشرات وترجمات لكتبنا الدينية المقدسة ،ونشاطات المفكرين الصابئة في هذا الميدان ،والتي تشكل حتما
مراجعا تـُـجبر من يريد الكـتابة عـَـنا [ مينا وأتباعا ً ] من الرجوع لهذن المصامر.
5.اتـِـّـكــال المؤسّسة الدينّية على ( المتعلمين و المثقفين ) الصابئة ،في الرم على أي طرح ضد الصابئة
ومينهم الصابئي الحنيف ،مما انعكس ذلك على رموم وإجابات خلفيتها ،والء هذا المتعلم أو المثقف لثقافته ،
ولوالئه الفكري الوضعي ،الذي لم يستطع التخلص منه ليفصل بين اإلنتماء لدينه الصابئي الحنيف ،وبين
استقراءن وتفسيرن من خالل والءن الفكري لنصوص هذا الدين.
6.احـتـكار المؤسسة الدينية للكتب الدينية الصابئية ،وعدم القيام بتـَـرجـَمتها [ ترجمة مينية صابئية متكاملة ،
صحيحة وبأمانة شرعية ] ،لكل ما هو وارماً فيها ولحد اآلن ! ....مما ساعد على ظهور ترجمات
المستشرقين ،وترجمات شخصية ال يمكن الركـون إلى أغـلب نصوصها ،أملت تـرجمتها موافع وظـروف
معـروفة لدى الجميع من صابئتنا !...بل سببت إشـكاالت شرعية لبعض رجال الدين في مول معينة معروفة .
7.افتقار الصابئي ألي خلفية وثقافة مينية معرفية صابئية ،تجعله ملما ً بأحكام شريعته الصابئية ،ومطلعا على
األميان السماوية األخرى ،والمذاهب الوضعية ليتمكن من الرم والتصدي لما يلصق و يوصم به وبدينه
الموحد القويم.
8.وأخطر ما تقدم من أسباب هو عدم أو انعدام وجوم المرجعية الدينية الصابئية الموحـّدة ( في الوقت
الحاضر ) والتي يجب أن تفرض وجومها وهيبتها على عـُـموم الصابئة ،لما تـَـتمتع به من معرفة مينية
إيمانية مستندة ومرتكزة على أحكام الشريعة الصابئية ،وسنة أنبيائها عليهم السالم ،ومن أقوال وأفعال
واجتهامات رجال الدين من العلماء الصابئة األعالم ،ومطلعة على بقية الشرائع السماوية األخرى ،اليهومية
والمسيحية واإلسالمية .
لقد ساهم البعض الكثير من رجال ميننا الصابئي األفاضل ـ من مات منهم رحمهم هللا ،وبعض من األحياء
منهم حفظهم الحي المزكى ،إلى ازمهار واستمرار والتصاق هذن النعوت المفتقرة إلى الدليل والحجة بل حتى
القرينة ،والطارئة على ميننا الصابئي الموحد ألسباب كثيرة ،وأهم األسباب إضافة لما تقدم ذكرن ،ما ذهب
إلى بيانه المفكـّر الصابئي الجليل عـزيز سباهـي ،في مقاله الموسوم المنشور في مجلة الثقافة الجديدة في
العدمين 41و 11ـ الصفحة 77من سنة 4991وأقـتطف منه ما يلي :
ولكي تحـتفظ هذن الفئـَـة الكهنوتية بمنزلتها الخاصة أصبحت تحرص على توارث المركز الديني وتحيط
نفسها بهالة خاصة بصفتها الفئة التي يحق لها وحدها أن تتعرف على األسـرار الدينية والتي ال تفشى إالّ
للمر ّشـح لهذن الفئة وبأقساط ،عندما يجري تكريمه ...فهُـناك كتب ونصوص ال يجوز اإلطالع عليها ،إنها
نصوص سريـّـة خاصة برجال الدين وحـدهم ...وال يسلمها إلى آخرين ـ حتى من عائلته ـ إالّ حـين يقترب
من ال َمـوت .
إن سكوت وعجز وخوف بعض رجال الدين الصابئة للدفاع عن جوهر مينهم وأمور منياهم ،ترك صابئتنا
ومفعهم لالبتعام عن االنقيام لهم ،والتمرم على ما يطرحون وإن كان صحيحا ،وبذلك إستسلم رجال الدين
لواقعهم الذي قيدوا أنفسهم بأغالله ،تاركين واجبهم الرسالي المكلفين به من قبل الهيي ربي ،والذي عاهدون
عند طراستهم للقيام به ،والموت في سبيله ،مانعين وحاجبين عقولهم من تبني رسالة الحي القيوم ،المكلفين
بها شرعا والمتمثلنة بتثقيف وتحصين أنفسهم عقائديا ً ،والقيام بما يماثل ذلك تجان صابئتنا األفاضل.
كما يتحمل البعض الكثير من المتعلمين الصابئة والمثقفين منهم نفس التقصير وذاته ،حيث أنهم تخلوا عن
البحث والتقصي والغور في بحر نصوص وأحكام ميننا الحنيف ،والعـمل على إبـراز الهوية الديـنية
الصابـئية ،بل اعـتـبـر الكثير مــنهم أن الديـن الصابئي [ موروثا ] أمبيا ليس إالّ ،مما مفع الكثير منهم لخدمة
ق إالّ من ال يقدر على أفكار ونظريات وضعية خلقها إنسانا ً مثله ،انتحرت ذاتها وسقط جوهرها ،ولم يب َ
تطبيقها ،أو الخائف من االستمرار في تبنيها والدعوة إليها ،أو من يحلم بالرهان عليها ،بل مفع حياته
وعمرن بسخاء من أجل هذن العقائد ونشرها ،وبَـخـَـ َل في تقديم مثل هذا التفاني واإلخالص والتضحية ،من
أجل أو تجان مينه وأبناء مينه الصابئة ،وهذ حال بعض المتعلمين من األميان السماوية الكريمة األخرى ،
أصحاب الفكر الوضعي وتابعيه ،والداعين إليه.
ولما كان ميننا الصابئي الحنيف من أول ورابع األميان ،التي معت إلى وحدانية هللا الحي القيوم ،فقد حمان هللا
سبحانه ،وصان ميمومته ،وحفظ استمرارن لحد اآلن ...مين موحد ،وتابعيه من الصابئة قوم موحدين ،
يؤمنون بالحي األزلي ،هللا الواحد األحد ،الذي ال شريك له بسلطانه ،ويؤمنون باليوم اآلخر ،ويحترمون
كل األميان التي بعثها لهداية خلقه من البشر ،ويوقرون كل األنبياء والرسل عليهم السالم ،ويقر ّون رساالتهم
،وخاتمة هذن الرساالت ،رسالة خاتم األنبياء محمد صلوات هللا عليه.
لقد عَــّد القرآن الكريم الصابئة من أهل الكتاب الموحدين المؤمنين باهلل الحي القيوم ورسله وأنبيائه ،مثلهم
مثل المؤمنين الموحدين من اليهوم والنصارى ،إذ جاء في سورة المائدة اآلية 69ما نصه:
وذهـب السيد قطب رحمه هللا في كـتابـه الموسوم [ في ظالل القرآن ـ ج 6ـ ص ] 911عـنـد تـفسيـرن اآلية
إلى الـقـول [ والصابئون هم في الغالب تلك الفئة التي تركت عبامة األوثان قبل الرسول محمد وعبدت هللا
وحدن ]
وقد ورم ذكر الصابئة في سورة البقرة ،اآلية 62ما نصه :
وهذن اآلية الكريمة تدل ماللة واضحة على أن هناك من األمم السالفة من آمن باهلل واليوم اآلخر ،كاليهوم
والنصارى ،وإن الصابئة من ضمن هذن األمم بل قبلها ومن أولها ،فلهم أجرهم عند ربهم من خالل أعمالهم
الصالحة ،فال خوف عليهم يوم الحساب وال هم يحزنون.
لقد جاء في كتاب ( إمتاع اإلسماع ـ المقريزي ـ ص ) 67ما نصه :كان المشركون من قريش يطلقون على
النبي محمد ( ع ) وأتباعه في معوته للتبشير بالدين اإلسالمي إسم الصبأة ،كما أن سهيل بن عمر ،صا َح :
يا آل غالب أتاركون محمدا والصبأة من أهل يثرب يأخذون اموالكم .
والصبأة هنا جمع لكلمة صابئ ،وهو اإلنسان الموحد الداعي لوحدانية الحي المزكي.
وقال أبو العالية والربيع بن أنس والسدي وأبو الشعشاء جابر بن زيد والضحاك واسحق بن راهــويه ،إن
الصابئين فرقة من أهـل الكتاب .ولهذا قال أبـو حـنيفة النعـمان بن ثابت ( رحمه هللا ) ،صاحب المذهب
الحنفي ،من أكبر المذاهب اإلسالمية:
ال بأس بذبائحهم ومناكحتهم .وأورم بمثل هذا المآل تلميذن أبو يوسف
وقال بن أبي حاتم ،حدثنا أبي ،حدثنا عمر بن أبي عمر العدوي ،حدثنا سفيان ،قال سلمان الفارسي :سألت
النبي محمد ( ص ) عن أهل مين كنت معهم ،فذكرت من صالتهم وعبامتهم ،فنزلت تلك اآلية [ إن الذين
آمنوا والذين هاموا والنصارى والصابئين ] ...مما إن ابن جرير قال ،حدثنا محمد بن عبد األعلى ،حدثنا
المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن ،قال أخبرنا زيام:
وقال بن أبي حاتم ،حدثنا يونس بن عبد األعلى ،أخبرنا بن وهب ،أخبرني بن أبي الزنام قال:
الصابـئون قـَـوم مما يلي العراق ،وهُـم بـ ( كوثى ) ـ اسم مديـنة ـ يؤمنون بالنبيـيـّـن كـلـّهم ،ويـَـصومون من
كل سنة ثـَـالثين يوما ،ويصلـ ّـون إلى ( الـيـَمن ) كل يوم خمس صلوات.
وسُـئـِل وهـَب بن منبه عن الصابئي فقال :الذي يعرف هللا وحدن ،وليست له شريعة يعمل بها ،ولم يحدث
كـُفـراً.
وجاء في [ مجمع البيان في تفسير القرآن ـ للشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ المجلد األول ـ ص
، ] 426قال عبد هللا بن وهب ،قال عبد الرحمن بن زيد :الصابئة أهل مين من األميان بجزيرة الموصل
يقولون [ ال إله إالّ هللا ] فـمن أجـل ذلك كان المـشركون يقـولون للنبي محمد صلى هللا عليه وسلـّـم وأصحابه
:
هؤالء الصابئة ،يشبهـونهم به ،يعني في قوله ،ال إله إالّ هللا .
وجاء في تفسير الجاللين لإلمامين جالل الدين بن أحمد المحلي ،والعالمة جالل الدين عبد الرحمن بن أبي
بكر السيوطي ـ الصامرعن مار المعرفة ـ بيروت ـ في شرح سورة البقرة:
إن الذين آمنوا باألنبياء من قبل ،والذين هاموا هم اليهوم ،والصابئة طائفة من اليهوم أو من النصارى ،من
آمن منهم باهلل واليوم اآلخرة في زمن نبينا ،وعمل صالحا بشريعته فلهم أجرهم ،أي ثواب أعمالهم عند ربهم
وال خوف عليهم والهم يحزنون
وفي الصفحة 77من كتاب ( في ظالل القرآن ـ السيد قـطب ) رحمه هللا ،عند تـفسيرن آلية البقرة قال:
الصابئون ،إنها تلك الطائفة التي بحثوا ألنفسهم عن عقيدة يرتضونها ،فاهتدوا إلى التوحيد ،وقال إنهم
يتعبدون على الحنيفية األولى ،ملة إبراهيم ،واعتزلوا عبامة قومهم مون أن تكون لهم معوة ،فقال عنهم
س ّموا
المشركون إنهم صبأوا ،أي مالوا عن مين آبائهم كما كانوا يقولون عن المسلمين بعد ذلك ،وثم ُ
بالصابئة ،وهذا القول أرجح من القـَول بأنهم عـَـبدة نجوم.
وعن اإلمام القرطبي أبو عبد هللا محمد بن أحمد األنصاري رحمه هللا في كتابه ـ الجامع ألحكام القرآن ـ ص
، 297عند تفسيرن لآلية 62من سورة البقرة المار ذكرها فيما تقدم ،قال:
ب ) ،ولذلك اختلفوا في همزة الجمهور ـ جمهور اللغـويين ـ إالّ نافعـا ً (الصابئون جمع صابئ وقيل ( صا ٍ
اللغـوي نافع ،أحد أعالم اللغة العرب ـ فمن هَـ َمـ َزنُ جعله من :صبأت النجوم إذا طـَـلعـَت ،وصبأت ثنـيـة
الغالم إذا خرجت .ومن لم يَـه ِمـزن ،جعله من :صبا يصبو ،إذا ما َل ،فالصابئ في اللغة ،من خـَـرج ومال
من ميـن إلى ميـن ،ولهذا كانـَـت العرب تـَقول لمن ( أسلم ) ،قد ( صبا) .
من خالل ما تقدم ،يمكننا القول للجميع من أننا قوم موح ّدون ،نؤمن باهلل الحي القيوم سبحانه واليوم اآلخر ،
وإن ميننا الصابئي الحنيف من أول األميان التي معت إلى وحدانية الهيي ربي هللا الحي المزكـّي مسبح اسمه
كما جاء في كتابنا المقدس ـ الكنزا ربا:
*واحـد أحـد * العـَـزيز الحكيم العليم البصير * سلطان األشياء كلها * اليُـرى وال يـُـ َحـد * ليس له كفواً وال
شريك له بسلطانه * وهو الرب العلي :ساجا ليتال * أزيزا ويامويا * هازيا وشليطـا * إم لكل آسيو إم ال
متهزيا وال مستيتح * إم ليتال هبارا بتاجا وال شوتابا بشلطانا * أها ربا وشبيها.
نحن الصابئة قوم موحدون ،ال نسجد لغير هللا الحي سبحانه ،وال نعبد غيرن ـ كما نعتنا البعض الكثير ـ من
إننا عبدة نجوم وكواكب ،وميننا الصابئي الموحد الحنيف ينهانا عن الشرك به ،قال هللا الواهب القدير:
*ال تسبحـّـوا للكواكب واألبراج * وال تـسبحـّوا للشمس والقمـَـر المنوريّن هذا العالم فإنه هو الذي وهبها
النور
*ال تشبهون الشوبا وتريش الشالبا وسيرا منهرانا * إم هازن إلما منطول هازن زيوا ال وميلون * هو هنيال
إتهبلون.
واالستـنتاج وارم من خالل ما تـَـقـَدم ،من أن الـدوافع واألسباب الرئيسية وراء هذا االتـهام تـَـكـمنُ في:
أوالً :عـدم قــُـدرة أو إمكانية العلماء األعالم ،والمفكريـّـن من أبناء الديانات األخرى في ذلك العـَـصر من
اإلطالع على ماهـيـّة الدين الصابئي الحنيف وأحكامه ،ونصوص شريعته ال َسمحة ،ب َسـبب احـ ِتـكار رجال
الديـّن لهذن الكتب ،وعـَدم تـَمكيـن الغـَـير من اإلطالع عليها .
إضافة إلى التنافس ال ِعـلمي وال َمعـرفي من قبل معاصريهم ،لما وصل إليه أجدامنا الصابئة في اكتشاف الكثير
من العالقات الجدليـّـة الكونيـّـة ضمن معارف ذلك العصر ،وبراعتهم في الكثير من العلوم اإلنسانية ومنها
الفلسفة والطب والكيمياء واألمب ،وغيرها من العلوم ،فقد شغل أهلنا الصابئة ،عظمة الخالق هللا الهيي ربي
مسبح إسمه ،وقدرة صنعه لهذا الكون ،فانكبوا على مراسة الظواهر الكونية وتعليل وجومها و ِعـلـل تأثيرها
،فـبـَرعـوا في أكثر هذن العلوم أهمية ولحد عصرنا الحاضر ،وهو علم الفلك وفـنونه فـَـكشفوا الكثير من
أسرار الكون ،وما يحتويه من سماء وكواكب ونجوم من خالله ،وأمرك الصابئة قبل غيرهم عظمة الخالق
الواحـد األحـَـد مسبـّـح اسمه الذي ليس لنورن حدوم ،حيث
ِ الصانع لهذا الكون تـَسييراً وتـنظيما ً وتـَـدبيراً ،هللا
جاء في كتابنا المقدس ( الكنزا ربا :الكنز العظيم) :
*الذي ال كيل وال قياس لنـورن وجـالله * :إم ليتال كيال ومنياتا وساجا الزيوا ولنهورا وال قارا
وهنا يمكننا التساؤل ،هل أن العالم لشيئ أو بشيئ وأبدع فيه وأمرك أسرارن ،وهو الذي يدرك تماما كونه
مخلوقا ،مثله مثل المخلوق الذي خلقه وأبدع فيه ـ ؟ وهل يمكن للمخلوق أن يعبد مخلوقا ً مثله ...؟
الثابت إن العلم واإليمان يتكامالن وال يتنافيان ،إن أكبر عقـل ظهر في القرن الماضي العالمة باسـتـور يقول
:
اإليمان ال يمنع أي ارتقاء كان ،الن كل ترّق يُبيّن ويسجـّـل االتساق البامي في مـَخـلوقات هللا ،ولو كنت قد
عـلمـت أكثر مما أعلمـه اليوم لكان إيماني باهلل أشـَـد وأعمـَـق ممـّا هو عليه اآلن.
وثانيا :سُبات رجال الدين الصابئة ،وسكوتهم عن ما يحيط بهم وبأبناء مينهم من مخاطر ازمهار النظريات
الفكرية الوضعية بكافة أنواعها وأشكالها وطروحاتها ،التي استحوذت أو سيطرت بل وبتعبير أمق
استعـ َمـرت عقل اإلنسان الصابئي كغيرن من أبناء الديانات األخرى ،لعدم امتالكهم السالح اإليماني المعرفي
لمقاومة مثل هذا االستعمار ،فأصبح مورهم هامشيا ً ومحدماً ومحصوراً فقط في إجراء بعض المراسيم ،
والطقوس الشرعية فيما يخص [ الزواج والوفاة ] ،ولم نقف على أي نشاط لهم آخر وحتى بعد اغترابهم
وتمتعهم بمناخ تتوفر فيه كل اإلمكانات التي من خاللها يستطيعوا العومة إلى [ الجامة الشرعية المتمثلنة في ما
جاءت به الشريعة الصابئية السمحة ] ،وهذا عكس ما قام به رجال مين الديانات األخرى من تطوير أسلحتهم
اإليمانية المعرفية التي أمت واجبها في إنقاذ أبناء مينهم من ما
وقعوا فيه من أوهام الفكر الوضعي وإخفاقاته وزيفه.
وثالثا :هو أن بعض من انتمى واعتـَـنق الفكر الوضعي بكل أطيافه من الصابئة ،نسي أو تـَـناسى خالـق
صاحب هذا الخلق بمن فيه ومن عليه [ هللا الحي المزكي الواحد األحد ] فانـدفع وبكل ما يحيطه بالفراغ
العقائدي المعـرفي اإليماني ماخل عـقـله وروحه وقـلبه ،مون أن يقف على ما جاء في مينه من أحكام ومراسة
ما فيه من ،وما في شريعـته من متغيرات وثوابت وما في الشرائع السماوية األخرى ،اندفع لمحاربة مينه
والسخريـّـة من أحكامه وااللتفاف على نصوص شريعته ،يغـيـر ما هـو ثابت ويثبت ما هو متغـير أو قابل
للتـَـغـييـر ،ولم يكـتـف بذلك ،وإنما أخـذ الـنـَـيل واالستهزاء بـرجال ميـنه األجـالّء وإحراجهم ببعض
الطروحات التي كانت رائجة آنذاك !...
لقد أمرك واستدرك بعض من كتب عـنا ،تـَسر ّعه في ما ذهب إليه من رأي في مصامرة إيماننا باهلل العظيم
مسبح اسمه واتهمنا بعبامة النجوم والكواكب ،ومنهم أستاذنا الفاضل الكبير ال ُمؤ ِّرخ الباحث عبد الـرزاق
الحسني رحمه هللا فقد ذهب في مراسته األولى عن الصابئة إلى القول بأنهم عبدة كواكب ،ووحـّد بينهم وبين
[ الحرانـّية ] ،الذين امعـوا أنهم صابئة ،لتخـليص أنفسهم من الخليفة العباسي [ المأمون ] .وبعد أن وقف
األستاذ الحسني على ما تيسر له مما جاء في كتبنا المقدسة ،وإعامتـه مراجعة القرآن الكريم ،وتفاسيرن
المتعدمة ،وأقوال وآراء أئمة الفقه اإلسالمي وعلمائه األعالم ،قال في مراسته الثانية عن الصابئة في مقالته
المنشورة في مجلة العربي ـ الكويت ـ العدم 442من سنة 4967ما نصّـه:
الصابئة قوم يؤمنون بالخالِـق جل شأنه ،وإنه واحد أزلي ال أول لوجومن والنهاية ،منَـ ّزن عن المامة ،ال تناله
الحواس وال يفضي إليه مخلوق ،وإنه لم يلد ولم يولد ،وهو علـّـة وجوم األشياء ومكونّها ،وال يختلف
اعتقامهم في الخالق عن اعتقام المسلمين.
كما ذهب سماحة العالمة المجتهد ( أبو القاسم الخوئي ) رضوان هللا ورحمته عليه في فتوان التي حصلت فيها
على قرار بكسب الدعوى المقامة من قبل موكلتي ( ر .ف .س ) الصابئية ،على المدعى عليه زوجها المسلم
،الجعفري المذهب ( ،م .غ ،ا ) أمام المحكمة الشرعية السنية في الكرخ ،من قاضيها السيد اسماعيل
األيوبي ) ،والفتوى ال زلت محتفظا بها ،وزومت استاذنا المرحوم ( غضبان رومي ) بنسخة منها ،والتي
على ضوئها استحصل الصابئة قراراً من وزارة األوقاف بوجوب تقاضيهم أمام محاكم الموام الشخصية ،بعد
أن كانوايتقاضون أمام المحاكم الشرعية ،كما وعلى أساس فتوان رحمه هللا وأسكنه فسيح جنانه ،استحصلوا
على قرار بكتابة الموام الشرعية التي ألزمت محاكم الموام الشخصية بوجوب تطبيقها عند تقاضيهم أمامها ،
والفتوى هي ( :بما أن الصابئة من أهل الكتاب على الظاهر فإن المدعية تستحق النفقة وهللا أعلم ) ،وأصل
الفتوى موجومة عندي لحد اآلن.
نحن صابئة ونبقى ،قوم موحديّن ملتزمين بما أمرنا به هللا الحي المزكي من أوامر ونواهي عن طريق
شريعته الصابئية ،وأنبياءن ورسله ،عـقـيدتنا تـلزمنا باإليمان باهلل الحي األزلي القـَـيوم المزكي ،الواحد
األحـد [ آب هـام بنان هـام ] صابـئة ونـبقى صابئة ،وهللا وحدن يعـلم ،ويـشهـد ويـفصل بـينـنا وبين كل
إخواننا من اتـباع األميان والمعتقدات األخرى ،وال ُمـشركــيـن والمجـوس يـَـوم القـيامة ،لقد جاء في سـورة [
ال َحـج ] من القرآن الكريم ،اآلية : 47
والقرآن الكريم كما قال اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم:
كتاب هللا تبـصرون به ،وتـنطـقون بـه ،و تـسمعـون بـه.
وأختم به مقالي هذا ،النص الوارم في كتابنا المقدس ( الكنزا ربـّـا :الكنز العـظـيم) :