Professional Documents
Culture Documents
-1الربانية
أي أن الدعوة ربانية املصدر ،فيلزم على الداعي أن يأخذ مبادئ الدعوة وأصوهلا وأساليبها ووسائلها
من الوحي اخلالص :القرآن والسنة .وكون الدعوة ربانية تقتضي أهنا حمررة ،تبتغي وجه اهلل ورضوانه
فحسب ،بعيدة عن األهواء اإلنسانية ،ساملة من الشوائب النفسانية ،واملصاحل األخرى ما عدا
املصلحة الدينية املطلقة أخذاً بقوله تعاىل (إن صاليت ونسكي وحمياي ،وممايت هلل رب العاملني ال
شريك له وبذلك أمرت وأنا أول املسلمني) [األنعام.]261-261 :
هذا فإن مصادر الدعوة حمفوظة من الزيادة أو النقصان أو التبديل إىل قيام الساعة ،حيفظها اهلل تعاىل
الذ ْكحر حوإِنَّا لحهُ حَلحافِظُو حن ﴾[اَلجر.]٩ :
على لسانه قائالً ﴿:إِنَّا حَْنن نزلْنحا ِّ
ُ
-2الوسطية
فاملراد بالوسطية :التوازن والتعادل بني الطرفني حبيث ال يطغى طرف على آخر ،فال إفراط وال تفريط،
وال غلو وال تقصري ،وإمنا اتباع لألفضل واالعدل ،واألجود واألكمل.
وللوسطية معامل خاصة هلا اليت جيب على الداعية االلتزام هبا ليكون الواجب الذي يقوم به على
بصرية من األمر وهي ما يلي :ـ
1
أوالً -ال إكراه فيه وال تشديد مهمة الداعية إىل اهلل تعاىل متوقفة على البالغ والبيان فقط ،أخذا
الرس ِ
ول إَِّال الْبح حالغُ بقوله تعاىل( :إِ ْن حعلحْي ح ِ
ك إَّال الْبح حالغُ) [الشورى ،]84 :وقوله أيضاً ( :حوحما حعلحى َّ ُ
ني) [العنكبوت .]24 :هذا هو حد الداعي الذي ال ميكن جتاوزه .أما هداية الناس فليس األمر الْ ُمبِ ُ
بيد الداعي وإن بذل أقصى جهوده وأعباءه ،وإمنا هي بيد اهلل سبحانه على اإلطالق ،يهدي من
ت حولح ِك َّن اللَّهح يحـ ْه ِدي حمن يح حشاء حوُه حو
ححبحْب ح
ِ
يشاء ،ويضل من يشاء ،لقوله تعاىل ( :إِن ح
َّك حال تحـ ْهدي حم ْن أ ْ
ين) [القصص.]66 : ِ ِ
أ ْحعلح ُم بالْ ُم ْهتحد ح
ثانيا -فعلى الداعية أن يعلم أيضا أن مسألة اإلميان والكفر مرتوك الختيار اإلنسان ،فمن شاء أن
الر ْش ُد ِم ْن الغح ِّي) [ البقرة: يؤمن ،ومن شاء أن يكفر متسكاً بقوله تعاىل( :حال إِ ْكحر حاه ِِف الدِّي ِن قح ْد تحـبحـ َّ ح
ني ُّ
ك اح حد ًة والح يـزالُو حن ُمُْتلِ ِفني إِالَّ من َّرِحم ربُّ ِ ِ ك حَلعل النَّاس أ َُّمةً و ِ
ك حول حذل ح
حح ح ح ح ح ح حح ]166وقوله ( :حولحْو حشاء حربُّ ح ح ح ح ح ح
حخلح حق ُه ْم) [هود.]224 :
-3اإلجياابية
إن اإلجيابية هي وقود الدفع ألي دعوة تريد أن تتطور وتتقدم ،وهي اَلقيقة اليت يريدها اإلسالم من
الفرد املسلم الغيور الواعي.
وهلذا جند صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قد فهموا أن الدعوة ليست منصباً تشريفياً فقط،
وليس صاحبها جمرد رجل ينفذ ما متلى عليه من أوامر دون أن يبتكر ويبدع َلماية مصاحل دعوته.
فإذا قرأنا كتب السرية جند اإلجيابية تتجلى بأروع صورها ِف فعل صحابتنا رضوان اهلل عليهم ،ومنهم:
-2أبو بكر الصديق – رضي اهلل عنه – مل يكتف بأن يكون أول املسلمني وينال شرف األسبقية،
بل كان ممن بادروا وساعدوا على تقوية صفوف الدعوة ودعمها باألشخاص املخلصني منهم ستة من
العشرة املبشرين باَلنة.
2
إن اإلجيابية حينما تفقد من حياة الداعية جتعل منه موظفاً مهمالً ،ال يقوم إال مبا يأمره به سيده،
فيقوم بتكاسل وملل ،ورمبا يتمىن أن حيمل غريه عنه أعباء هذا األمر أو ذاك .إن الداعية اإلجيايب
حينما حيرص على دعوته كحرصه على نفسه ،فإن دعوته ستكون أكثر قوة ومتاسكاً ،وستكون سبل
الوصول للغاية أكثر وضوحاً واختصاراً وجناحاً.
-4الواقعية
فاإلنسان طبيعته مزدوجة من املادة والروح ،وقد يرتقي إىل أمسى درجات املثالية ،وقد يهبِط إىل أدىن
مستوى من الشر وسوء اخلُلق ،على أن هذا االزدواج منصوص عليه ِف قوله تعاىل ﴿:فحأح ْهلححم حها فُ ُج حورحها
اها ﴾[الشمس ،]21- 4 :وقد راعى اإلسالم اب حم ْن حد َّس ح اها * حوقح ْد حخ ح حوتحـ ْق حو حاها *قح ْد أحفْـلح حح حم ْن حزَّك ح
هذه الطبيعة ،كما راعى قدرات اإلنسان ،وإمكاناته النفسية واملادية ،فلم يف ِرض عليه من التكاليف
ف اللَّهُ نـح ْف ًسا إَِّال ُو ْس حع حها ﴾[البقرة.]146 :
وراء وسعه ،قال تعاىل ﴿:حال يُ حكلِّ ُ
وواقعية الدعوة تتجلى ِف مجيع جوانب اَلياة كلها :العقيدة والعبادات واملعامالت واالقتصاد والتشريع
والقانون وغريها.
فنجاح الداعية وفشله ِف دعوته متوقف متاماً على مدى فهمه لفقه الواقع كما يقول الشيخ ناصر
الدين األلباين ِف رسالة" فقه الواقع" :على أنه ينبغي على حمن يتولَّون توجيه األمة ،ووضع األجوبة
َلل مشاكلهم ،أن يكونوا عالِمني وعارفني بواقعهم لذلك كان من مشهور كالمهم" :اَلكم على
الشيء فرعٌ عن تصوره" ،وال يتحقَّق ذلك إال مبعرفة الواقع احمليط باملسألة املراد حبثها ،وهذا من قواعد
الفتيا خباصة ،وأصول العلم بعامة ومناهج الدعوة.
3
-5الشمولية
حقيقة الدعوة اإلسالمية تقضي بأن اإلسالم نظام شامل ينتظم كل مناحي اَلياة ،فهو جيمع بني
الدنيا واآلخرة ،بني الروحانية واملادية ،بني الواقعية واملثالية ،وهو يدير شةون الفرد وشةون األسرة
وشةون اجملتمع ،كما أنه نظام سياسي واجتماعي ،واقتصادي ،وصاحل ِف كل عصر ومصر ،وأمهه
باي حوممحح ِايت هللِ حر ِّ ِ وأعظمه أنه صلة بني العبد وربه ،لقوله تعاىل ﴿ :قُل إِ َّن ح ِ
صالحيت حونُ ُسكي حوحْحميح ح ْ
ني ﴾ [األنعام.]261/ ِ
الْ حعالحم ح
-6العالمية
فالدعوة اإلسالمية هي ليست ُمصوصة للعرب وحدهم أو ألهل اَلجاز ،وإمنا هي للجن واإلنس
عني من البشر ،أو ُمصوصة مبكان حمدد ،بل
كافة إىل قيام الساعة ،وأهنا غري مقتصرة على جنس ُم ن
مجيعاِ ،ف مشارق األرض ومغارهبا ،لتقوم اَلجة على
جيب أن تنتشر الدعوة ،وأن تبلغ إىل الناس ً
العباد ،ولكي تصل دعوة الرسول صلى اهلل عليه وسلم إىل كل من بعث إليهم.
فهي ختاطب كل األمم ،وكل األجناس ،وكل الشعوب ،وكل الطبقات وتواجه مجيع أقاليم األرض،
ألهنا هداية رب الناس لكل الناس ،ورمحة اهلل َلميع عباده كما أخرب قائالً وقوله﴿ :قُ ْل يحا أحيـُّ حها
مج ًيعا﴾[ األعراف ،]264 :وقوله تعاىل﴿:إِ ْن ُه حو إَِّال ِذ ْكٌر لِْل حعالح ِمني ﴾ ول اهللِ إِلحي ُكم حِ
ْ ْ َّاس إِ ِّين حر ُس ُ
الن ُ
ِ ِ
اك إَِّال حر ْمححةً ل ْل حعالحم ح
ني ﴾[األنبياء.]211: [يوسف ﴿]218:حوحما أ ْحر حس ْلنح ح
فاملقصود من هذه اآلية هو أن اهلل أرسل نبيه حممدا صلى اهلل عليه وسلم رمحة َلميع العامل ،مؤمنهم
وكافرهم .فأما مؤمنهم فإن اهلل هداه به ،وأدخله باإلميان به ،وبالعمل مبا جاء من عند اهلل اَلنة .وأما
كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البالء الذي كان ينـزل باألمم املك نذبة رسلها من قبله.
فالدعوة اإلسالمية هي رسالة إهلية لإلنسان ِف كل جماالت حياهتم وميادين نشاطهم ،فال تدع ناحية
من نواحي اَلياة اإلنسانية إال أن الدعوة فيه موقف معني ذلك ألن الدعوة موجهة إىل اإلنسان
املنفرد واجملتمع ،وإىل روحه وجسده ،وإىل دنياه وآخرته ،وهذه الشمولية تتجلى ِف العقيدة وِف العبادة
والتقرب ،وِف األخالق والفضائل ،وِف التشريع والتنظيم.
4