You are on page 1of 9

‫المقدمة ‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل الذي هدانا لمقامات الدين اإلسالمي الكامل الثالث ‪ :‬اإلسالم‬
‫واإليمان واإلحسان ‪ ،‬الشريعة والطريقة والحقيقة التي تقابل عوالم الملك‬
‫والملكوت والجبروت ‪ ،‬الدنيا والبرزخ واآلخرة ‪ .‬وفي اإلنسان الجسد‬
‫والقلب والروح ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫قال تعالى في محكم تنزيله { وما كان المؤمنون لينفروا كافة ‪ ،‬فلوال‬
‫نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم لعلهم‬
‫يحذرون } اآلية ‪ .‬وقال عليه السالم إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ‪.‬‬
‫قالوا يا رسول هللا وما رياض الجنة ؟ قال مجالس الذكر‪.‬‬
‫وفيه قال الشيخ الخديم‪:‬‬
‫بالمصطفى بنى لي القدوس مدرسة‬
‫بها يزيل األذى والجهل والكمــد‬
‫اعتمادا على ذلك إنه لشرف عظيم ولسرور جسيم أن أشارك في هذه‬
‫الجلسة العلمية التي جاءت في وقتها ‪ ،‬وأدعو هللا أن يجعله في ميزان‬
‫حسناتنا ‪ ،‬ووفقنا هللا بما وعد لكل من دعا إلى سبيل ربه بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنة ‪.‬ألن سيدنا موسى قال لربه ‪ :‬أرني ثواب من دعا‬
‫إخوانه إلى هللا ‪ .‬قال ‪ :‬أجازيه بكل كلمة عبادة سنة وأستحي أن أعذبه‬
‫في النار ‪ .‬كما أدعو النجاة والفالح في تلك الدارين لكل من شارك من‬
‫بعيد أو قريب إلى نجاه هذه الجلسة العلمية النيّرة ‪.‬‬
‫وأما بعد ‪ ،‬فموضوعنا ينقسم إلى هذه النقاط األربعة ‪:‬‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫‪ -1‬ما هو التصوف ؟‬
‫‪ -2‬أهمية التصوف ‪.‬‬
‫‪ -3‬مفهوم التصوف عند السلف الصالح‬
‫‪ -4‬التعايش السلمي بين المشايخ الصوفية ( عالقة الشيخ الخديم‬
‫بالشيخ سيدي خوي الكنتي نموذجا‬
‫الخاتمة‬

‫‪1‬‬
‫ماهو التصوف ( تعريف التصوف )‬
‫للتصوف معان كثيرة وتعريفات عديدة نستخلص منها ‪:‬‬
‫قال القاضي شيخ اإلسالم ذكريا األنصاري رحمة هللا تعالـــــى‪:‬‬
‫(( التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية األخالق‬
‫وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة األبدية ))‬
‫قال سيد الطائفتين اإلمام الجنيد رحمه هللا ‪ (( :‬التصوف استعمال‬
‫ي))‬‫ي وترك كل خلق دن ّ‬ ‫كل خلق سن ّ‬
‫وقال بعضهم ‪ (( :‬التصوف كله أخالق فمن زاد عليك باألخالق زاد‬
‫عليك بالتصوف ))‬
‫وقال ابن عجيبة رحمه هللا ‪ (( :‬التصوف هو علم يعرف به كيفية‬
‫السلوك إلى حضرة ملك الملوك وتصفية البواطن من الرذائل وتحليتها‬
‫بأنواع الفضائل ‪ ،‬وأوله علم سعة عمل وآخره موهبة ))‬
‫وقال بعضهم في معنى التصوف ‪:‬‬
‫أهل الصفا من دواعي اللوم‬ ‫حقيقة التصوف عند القوم‬
‫ال غير يا مبتــــغي الخالص‬ ‫العالم العامل باإلخـــــــالص‬
‫وقال الشيخ الخديم في مسالك الجنان‪:‬‬
‫بعلمه حقيقة ولم يمـــل‬ ‫والحاصل الصوفي عالم عمل‬
‫ممتأل القــلب من األفكـــار‬ ‫فصار صافية من األكـــــدار‬
‫مسويا دينار عين بالمــدر‬ ‫منقطعا لربه من البشـــــــر‬

‫‪2‬‬
‫و قال أبو الحسن الشاذلي ‪ :‬التصوف تدريب النفس على العبودية‬
‫وردها ألحكام الربوبية ‪.‬‬
‫فعماد التصوف تصفية القلب من أوضار المادة ‪ ،‬وقوامه صلة اإلنسان‬
‫بالخلق العظيم ‪ .‬فالصوفي من صفا قلبه هلل وصفت هلل معاملته فصفت له‬
‫من هللا تعالى كرامته ‪ ،‬إذا فإنكار بعض الناس على هذا اللفظ بأنه لم يسمع‬
‫في عهد الصحابة والتابعين مردود ‪ ،‬إذ كثير من االصطالحات أحدثت بعد‬
‫زمان الصحابة واستعملت ولم تنكر كالنحو والفقه والمنطق ‪.‬‬
‫وهللا تعالى لم يخلق األمور واألشياء هباء منثورا بل جعل لكل‬
‫شيء أهمية وفائدة ‪ .‬ومعرفتنا ألهمية الشيء يزيدنا شوقا وحرصا‬
‫على حب ذلك الشيء ‪ ،‬ولذلك ال بد من معرفة أهمية التصوف ‪.‬‬
‫‪ -2‬أهمية التصوف ‪:‬‬
‫إن التكاليف الشرعية التي أمر بها اإلنسان في خاصة نفسه ترجع‬
‫إلى قسمين ‪ :‬أحكام تتعلق باألعمال الظاهرة وأحكام تتعلق باألعمال‬
‫الباطنة ‪ ،‬أي أحكام تتعلق ببدن اإلنسان وجسمه وأعمال تتعلق بقلبه ‪.‬‬
‫هذا القسم الثاني المتعلق بالقلب أهم من القسم األول عند الشارع ‪،‬‬
‫ألن الباطن أساس الظاهر ومصدره ‪ ،‬ولهذا كان رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم يوجه اهتمام الصحابة إلصالح قلوبهم ويبين لهم أن صالح‬
‫اإلنسان متوقف على إصالح قلبه وشفائه من األمراض الخفية والعلل‬
‫الكامنة ‪ .‬وهو الذي يقول (( أال إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح‬
‫الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله أال وهي القلب ))‬
‫كما كان عليه الصالة والسالم يعلمهم أن محل نظر هللا غلى‬
‫عباده إنما هو القلب (( إن هللا ال ينظر إلى أجسادكم وال إلى صوركم‬
‫ولكن ينظر إلى قلوبكم ))‬
‫فما دام صالح اإلنسان مربوطا بصالح قلبه الذي هو مصدر‬
‫أعماله الظاهرة تعيّن عليه العمل على إصالحه بتخليته من الصفات‬
‫‪3‬‬
‫المذمومة التي نهانا هللا عنها وتحليته بالصفات الحسنة التي أمرنا هللا‬
‫بها ‪ ،‬وعندئذ يكون القلب سليما صحيحا ويكون صاحبه من الفائزين‬
‫الناجين ‪ .‬قال هللا تعالى { يوم ال ينفع مال وال ينون إال من أتى هللا‬
‫بقلب سليم } سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪89-88‬‬
‫قال اإلمام جالل الدين السيوطي رحمه هللا ‪ :‬وأما علم القلب‬
‫ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها فقال الغزالي إنها‬
‫فرض عين ‪ ،‬فتنقية القلب وتهذيب النفس من أهم الفرائض العينية‬
‫وأوجب األوامر اإللهية بدليل ما ورد في الكتاب وأقوال العلماء ‪.‬‬
‫‪ -‬فمن الكتاب قوله تعالى ‪ { :‬قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر‬
‫منها وما بطن } األعراف‬
‫‪ -‬وقوله تعالى ‪ { :‬وال تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن }‬
‫األنعام ‪151‬‬
‫والفواحش الباطنة كما قال المفسرون هي الحقد والحسد والرياء والحسد ‪.‬‬
‫ومن السنة ‪:‬‬
‫كل األحاديث التي وردت في النهي عن الحقد والكبر والرياء والحسد ‪.‬‬
‫قال عليه السالم ‪ (( :‬إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل‬
‫النار الحطب ))‬
‫أما أقوال العلماء ‪:‬‬
‫فقد عد العلماء األمراض القلبية من الكبائرالتي تحتاج إلى توبة‬
‫مستقلة ‪ .‬قال صاحب جوهرة التوحيد ‪:‬‬
‫وغيبة وخصلة ذميـــمة‬ ‫وأمر بعرف واجتــنب نميمة‬
‫وكالمراء والجدل فاعتمد‬ ‫كالعجب والكبر وداء الحسد‬
‫فالتصوف هو الذي اهتم بهذا الجانب القلبي باإلضافة إلى ما يقابله‬
‫من العبادات البدنية والمالية ورسم الطريق العملي الذي يوصل‬
‫المسلم إلى أعلى درجات الكمال اإليماني والخلقي ‪ ،‬وليس كما يظن‬
‫‪4‬‬
‫بعض الناس قراءة أوراد وحلق أذكار فحسب ‪ ،‬فلقد غاب عن أذهان‬
‫الكثرين أن التصوف منهج عملي كامل يحقق انقالب اإلنسان من‬
‫شخصية منحرفة إلى شخصية مسلمة مثالية متكاملة ‪ ،‬وذلك من‬
‫الناحية اإليمانية السليمة والعبادة الخالصة والمعاملة الصحيحة الحسنة‬
‫واألخالق الفاضلة ‪.‬‬
‫مفهوم التصوف عند السلف الصالح ‪:‬‬
‫يفهم السلف الصالح بأن الصوفية ليست مذهبا وإنما هي أحد أركان‬
‫الدين الثالثة ( اإلسالم واإليمان واإلحسان ) فمثلما اهتم الفقيه‬
‫بتعاليم شريعة اإلسالم وعلم العقيدة باإليمان ‪ ....‬للتصوف اهتم بتحقيق‬
‫مقام اإلحسان ‪ ،‬مقام التربية والسلوك ‪ ،‬مقام تربية النفس والقلب‬
‫وتطهيرهما من الرذائل ‪ ،‬وتحليتهما بالفضائل التي هي الركن الثالث‬
‫من أركان الدين اإلسالمي الكامل بعد ركني اإلسالم واإليمان ‪ ،‬وقد‬
‫جمعها حديث جبريل عليه السالم‪.‬‬
‫قال العارف باهلل ابن عجيبة ‪ :‬مقام اإلسالم يعبر عنه بالشريعة ومقام‬
‫اإليمان بالطريقة ومقام اإلحسان بالحقيقة ‪ ،‬فالشريعة تكليف الظواهر‬
‫والطريقة تصفية الضمائر والحقيقة شهود الحق في تجليات المظاهر ‪،‬‬
‫فالشريعة أن تعبده ‪ ،‬والطريقة أن تقصده ‪ ،‬والحقيقة أن تشهده ‪.‬‬
‫وزاد أيضا الصوفية (( إن العمل إذا كان حده الجوارح الظاهرة‬
‫يسمى مقام اإلحسان وإذا انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة‬
‫يسمى مقام اإليمان وإذا فتح على العبد بأسرار الحقيقة يسمى مقام‬
‫اإلحسان )) ويقولون إنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة‬
‫النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص ‪ ،‬فهو علم كعلم الفقه له‬
‫مذاهبه ومدارسه ومجتديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده كغيره‬
‫من العلوم جيال بعد جيل حتى جعلوه علما سموه بعلم التصوف وعلم‬
‫التزكية وعلم األخالق وعلم السلوك أو علم السالكين إلى هللا فألفوا‬
‫فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده ‪ .‬ومن أشهر هذه‬
‫‪5‬‬
‫الكتب الحكم العطائية البن عطاء هللا السكندري ‪ ،‬قواعد التصوف‬
‫للشيخ أحمد زروق ‪ ،‬وإحياء علوم الدين لإلمام الغزالي ‪ ،‬والرسالة‬
‫القشرية لإلمام القشيري ‪ ،‬والتعرق لمذهب أهل التصوف لإلمام أبي‬
‫بكر الكال باذي وغيرها ‪.‬‬
‫وفهم اإلمام النووي وهو من السلف الصالح أصول التصوف خمسة‪:‬‬
‫تقوى هللا في السر والعالنية ‪ ،‬واتباع السنة في األقوال واألفعال ‪،‬‬
‫واإلعراض عن الخلق في اإلقبال واإلدبار ‪ ،‬والرضا عن هللا في القليل‬
‫والكثير ‪ ،‬والرجوع إلى هللا في السراء والضراء ‪.‬‬
‫ومفهوم التصوف البن تيمية كما أشار إليه في مجموع فتاويه هو ‪:‬‬
‫وأولياء هللا هم المؤمنون المتقون سواء سمى أحدهم فقيرا أو صوفيا أو‬
‫فقيها أو عالما أو تاجرا أو صانعا أو أميرا أو حاكما أو غير ذلك ‪.‬‬
‫قال تعالى { أال إن أولياء هللا ال خوف عليهم وال هم يحزنون الذين‬
‫آمنوا وكانوا يتقون }‬
‫وهكذا أثنى اإلمام ابن تيمية على الصوفية بأن اهتمامهم بالعمل أكثر‬
‫من اهتمامهم بالقول ‪ ( .‬أرباب أحوال ال أرباب أقوال )‪.‬‬
‫التعايش السلمي بين المشايخ الصوفية ‪:‬‬
‫( عالقة الشيخ الخديم بالشيخ سيدي خوي الكنتي نموذجا )‬
‫األخوة في هللا نعمة جمة من هللا وفضل فيض من هللا يغدقها على‬
‫المؤمنين الصادقين ‪ ،‬األخوة شراب طهور يسقيه هللا للمؤمنين األصفياء‬
‫واألزكياء ‪ .‬قال تعالى { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم }‬
‫وقال أيضا { واعتصموا بحبل هللا جميعا وال تفرقوا }‬
‫فاألخوة نعمة هللا امتن بها على المؤمنين فقال تعالى { فألف بين‬
‫قلوبكم ‪ }...‬و قال أيضا ‪ { :‬وألف بين قلوبكم لو أنفقت ما في األرض‬
‫جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن هللا ألف بينهم ‪} ...‬‬

‫‪6‬‬
‫قال عليه الصالة والسالم ‪ (( .‬الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ‪،‬‬
‫فخيارهم في اإلسالم خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا ‪ ،‬واألرواح جنود‬
‫مجندة ‪ ،‬فما تعارف منها ائتلف ‪ ،‬وما تناكر منها اختلف ))‬
‫فاألخوة الصادقة في الدين ‪ ،‬أي في اإلسالم واإليمان واإلحسان ال‬
‫تبنى إال على أواصر العقيدة وأواصر اإليمان ‪ .‬تلكم األواصر التي ال‬
‫تنفك عراها أبدا ‪ .‬فهذه األخوة هي التي كانت تربط مشايخ الصوفية في‬
‫السنغال‪ ،‬كانوا يتزاورون ويتراسلون خالصا لوجه هللا ‪ .‬وكانوا يحرصون‬
‫جدا على تداول الهدايا لجذب روح المودة والمحبة واأللفة ‪ .‬وهذه األبيات‬
‫للشيخ الحاج مالك سه إلى الشيخ الخديم لخير دليل على ذلك ‪ .‬قال الشيخ‬
‫الحاج مالك سه ‪:‬‬
‫محبة يا أيها الحــباب‬ ‫هدية موجبها اجتـالب‬
‫وكفنا شر عدا وصال‬ ‫أدام ربنا حبل الوصال‬
‫فأجابه الشيخ الخديم‪:‬‬
‫وفي صفا الوداد ال ترتاب‬ ‫جزاكم خير الجزا الوهاب‬
‫إمامنا والقتـــــل ال نهــاب‬ ‫فكيف ال والمصطفى المجاب‬
‫إن مشايخ الصوفية لم يكتفوا بإنشاء روح التعايش السلمي وجذب‬
‫العالقات الوطيدة بينهم ‪ ،‬بل ذهبوا إلى نصيحة جميع المسلمين وخاصة‬
‫أتباعهم على ذلك ‪ ،‬وعالقة الشيخ الخديم بالشيخ سيدي خوي الكنتي التي‬
‫تولدت من عالقة هذا األخير مع مام مور أنت سل امباكي لخير دليل‬
‫على ذلك ‪.‬‬
‫عالقة الشيخ سيدي األمين خوي مع الشيخ الخديم ‪:‬‬
‫تولدت هذه العالقة من عالقة الشيخ سيدي خوي بمام مور أنت سل‬
‫امباكي ألن مام مور أنت سل كان مريدا للشيخ تسلم جابي ‪ ،‬وكان هذا‬
‫األخير من تالميذ الحاج عبد هللا والد الشيخ سيدي خوي ‪ ،‬وكان مام مور‬
‫‪7‬‬
‫أنت سل يعرف ذلك ‪ .‬وكان يعتبره شيخا ألن ولده هو شيخ شيخه ‪ .‬ولذلك‬
‫كانت عالقتهما متينة جدا ‪ ،‬ومام مور أنت سل كان يزوره في اندير‬
‫باستمرار ‪ .‬وفي بعض الزيارات كان يأتي مع الشيخ أحمد بمب في وقت‬
‫صغره وهو في سن التعلم ‪ .‬وكان الشيخ سيدي خوي يخبر مام مور أنت‬
‫سل بأمور الشيخ الخديم وهو صغير السن ‪ .‬وذات يوم رأى مام مور أنت‬
‫سل رؤية عجيبة فتحدث به للشيخ سيدي خوي فأخبره بأنه من ذريته ‪.‬‬
‫ومن األمور التي قالها الشيخ سيدي خوي عن الشيخ الخديم أنه جلس ذات‬
‫يوم يتحدث مع أبيه مام مور أنت سل في اندير فمر الشيخ الخديم فقال له‬
‫هل تالحظ ما في ولدنا هذا ؟ فقال مام مور أنت سل ما هو ؟ فقال الشيخ‬
‫سيدي خوي ‪ :‬وجدته واضعا قدمه على قدم رسول هللا وال يتركها حتى‬
‫يصل ‪ .‬ولما توفي مام مور أنت سل ما زال الشيخ يحيي هذه العالقة‬
‫الوطيدة التي كانت بينها وبين الشيخ سيدي خوي ‪ .‬ومن بين القصص‬
‫المشهورة زار الشيخ الخديم الشيخ سيدي خوي في اندير وأرسل هذا‬
‫األخير إلى عبد هللا سل لكي يأتي بأكبر ثور لقرى وضيافة الشيخ ‪ .‬ولما‬
‫أتى به كان الناس يعجبون به ويقولون كيف يذبح الشيخ هذا الثور الكبير‬
‫لضيافة هذا الولد الصغير ولم يحدث أي مناسبة كبيرة ؟ فأجاب الشيخ‬
‫سيدي خوي للناس ‪ :‬لو كان قتل اإلنسان إكراما إلنسان جائزا لفعلته ‪.‬‬
‫وأخبرهم بأنه سيأتي على الناس زمان يذبحون بقرات كثيرة إكراما‬
‫وتعظيما له ‪ .‬وكان الشيخ سيدي خوي يقول أشياء كثيرة في أمور الشيخ‬
‫الخديم ال يجوز إبرازها لكونها أسرارا إلهية ‪.‬‬
‫وكتب الشيخ الخديم هذه الرسالة إلى الشيخ سيدي خوي مجددا فيها‬
‫عالقته معه ومع أبيه مام مور أنت سل امباكي ‪:‬‬
‫قال الشيخ الخديم ‪ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم وصلى هللا تعالى على‬
‫نبيه الكريم ‪ ،‬أما بعد ‪ ،‬فمن كاتب هذه الحروف أمنه هللا تعالى من كل‬
‫مخوف إلى قرة عينه وأحبة سره شيخ سيدي األمين ال زلنا متحابين في‬
‫ذات رب العالمين بسالم تام مشيع بزيارة واحترام موجبه أن تعلم بأني‬

‫‪8‬‬
‫رددت إليك الطرائف ليمكث أيضا عندك أيضا ما شئت امتثاال ويؤثرون‬
‫على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ‪ .‬اآلية ‪ .‬قال اإلمام السيوطي رحمه‬
‫هللا تعالى ‪:‬‬
‫وشأنه إيثار ال في القرب‬ ‫نعم على الصوفي ترك اللعب‬
‫ونيتي أن نكون فوق كل متحابين سرا وعالنية ‪.‬وما أصدق قول من قال ‪:‬‬
‫هللا يعلم إني لم أقل فـنـــدا‬ ‫ما أكثر الناس ال بل ما أقلمهم‬
‫على كثير ولكن ال أرى أحـــدا‬ ‫إني ألفتح عيني حين أفتحها‬
‫هذا أطلب منك أن تجمع لي جميع ما عندك من أحزاب شيخنا الكبير بخط‬
‫يمينك في يد حامل البراوة ‪ ،‬وأما مالقاة األشباح فتكفي عنها مالقاة‬
‫األرواح ‪ ،‬فطب نفسا وقر عينا‪ .‬فسالم عليكم كلكم ‪ .‬محبك في هللا هلل أحمد‬
‫بن أحمد البكي‪.‬‬
‫وما زالت عالقة الشيخ الخديم مع الشيخ سيدي خوي وطيدة حتى توفي‬
‫هذا األخير سنة ‪1895‬م حيث ذهب الشيخ إلى منفى ‪ .‬وعند رجوعه‬
‫وهو ماكث في جربل جدد هذه العالقات التي ما زالت موجودة بين األحفاد‬
‫حتى يومنا هذا ‪.‬‬

‫الشيخ محمد جلت الكنتي‬


‫حفيد الشيخ سيدي أمين خوي الكنتي‬
‫في اندير نار‬
‫‪2019 / 10 / 13‬م‬
‫‪ 14‬صفر ‪1441‬هـ‬

‫‪9‬‬

You might also like