You are on page 1of 8

‫اخلطبة امللزمة‬

‫الرضا جنة الدنيا‬

‫عناصر الخطبة‪:‬‬

‫• الرضا أعظم أبواب السعادة‪.‬‬


‫• من هو الراضي باهلل وعن هللا؟‪.‬‬
‫• كيف نحقق الرضا؟‪.‬‬
‫• نماذج من رضا السلف‪.‬‬
‫• عاقبة عدم الرضا‪.‬‬

‫افتتاحية الخطبة‪:‬‬

‫بور‪َّ ﴿ُ:‬ال ِذي َخَل َق اْل َم ْو َت َواْل َحَيا َة لَِيْبُل َوُك ْم‬
‫الص ُِ‬ ‫ِ‬
‫الشكور‪ُ،‬الحليُِمُ َ‬ ‫هللُِالكريُِمُ‬ ‫الحمدُ ُ‬‫الحمدُهللِ‪ُ ُ،‬‬ ‫ُ‬
‫يك ُلهُ‪ُ،‬‬ ‫للا ُوحدهُ ُل ُشر َُ‬ ‫لُ ُ‬ ‫إله ُإ ُ‬
‫ل ُ َُ‬‫أشهد ُأنُ ُ ُ‬
‫ور﴾ ُ[الملك‪ُ ،]2ُ :‬و ُ‬ ‫يز اْل َغ ُف ُ‬ ‫َح َس ُن َع َم ًل َو ُه َو اْل َع ِز ُ‬
‫أَُّي ُك ْم أ ْ‬
‫حمدا ُعبدهُُ‬ ‫َعُي ِن َو َما ُت ْخ ِفي ُّ‬ ‫ِ‬
‫أشهد ُأنُ ُم ً‬ ‫ور﴾ ُ[غافر‪ُ ،]19ُ :‬و ُ‬ ‫الص ُد ُ‬ ‫الرحيمُ ُالغفور‪َ﴿ُ ،‬ي ْعَل ُم َخائَن َة ْاْل ْ‬
‫يُُوخاتمُُُرسلِ ِه‪ُ،‬‬ ‫هوُُصفوةُُالبارُِ‬ ‫النور‪َُ ُُ،‬‬ ‫ُِ‬
‫الرحمةُُو ِ‬ ‫المبعوثُُبالهدىُُو‬
‫ُ‬ ‫ورسوله‪ُُ،‬ومصطفاهُُُوخليلهُ‪ُُ،‬‬
‫ُِ‬
‫بفضله‪ُ .‬‬ ‫المخصوصُمنهُُ‬
‫ُ‬ ‫وأمينهُُ‬
‫منثور‬
‫ًا‬ ‫لؤلؤا‬
‫أحمد ً‬
‫َ‬ ‫ُمِل ِه * في مد ِح‬‫إن َل ْم أ ْ‬ ‫ِ‬
‫الشعر ْ‬ ‫در‬
‫ال َدَّر ُّ‬
‫النشورُ‪ُ،‬‬ ‫ى ُيوم ُ ُِ‬
‫البعث ُو ِ‬ ‫ن ُتَِبعهم ُبإحسانُ ُإل ُ‬
‫وم ُ‬ ‫ُِ‬
‫وصحبه ُوالتابعين‪َ ُ ،‬‬ ‫صلى ُللا ُعليه ُوسلُم ُوعلى ُآله ُ‬
‫بعدُ‪ُ :‬‬
‫كثيرا‪ُ،‬أماُ ُ‬
‫تسليماُ ً‬
‫وسلمُ ً‬
‫نُ‬
‫تتقلبُبي ُ‬ ‫ياةُ ُِ‬
‫العبدُلُبُدُأنُ َُ‬ ‫أنُ َح َُ‬ ‫ِ‬
‫المحال‪ُ،‬و َُ‬‫الُ ِمنُُ‬
‫الح ُِ‬
‫امُ َ‬ ‫ضتُ ِحك َمةُُللاُُتَعالىُأ ُ‬
‫نُ َدو َُ‬ ‫اقتَ ُ‬
‫قالُ ِ‬
‫الشاع ُرُ‬ ‫نىُوَفقر؛ُ َُ‬
‫وغ ُ‬ ‫ِشدةُُورخاء‪ُ،‬وعسرُُويسر‪ُ،‬وَفرحُُوحزن‪ُ،‬وراحةُُوتَعب‪ِ ُ،‬‬
‫وص َحةُُومرض‪ِ ُ،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الحكيمُ‪ُ :‬‬
‫الثم ِانَية‬ ‫لإلنس ِ‬
‫ان َي َلقى َ‬ ‫َ‬ ‫الناس ُك ِ‬
‫له ْم *** وال ُبد‬ ‫ِ‬ ‫َث ِ‬
‫مانية َتجرِي على‬
‫افية‬ ‫اجتماع وُفرَقة *** وعسر ويسر ثم س ْقم وع ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫وهم و َ‬
‫ُسرور َ‬
‫آمَّنا‬
‫َن َيُقوُلوا َ‬ ‫َن ُي ْتَرُكوا أ ْ‬ ‫اس أ ْ‬ ‫َح ِس َب َّ‬
‫الن ُ‬ ‫إليمان ُالناس؛ ُقال ُتعالى‪﴿ُ :‬الم * أ َ‬ ‫ُِ‬ ‫تمحيص ُ‬
‫ُ‬ ‫وكل ُذلك ُ‬
‫ين َص َد ُقوا َوَلَي ْعَل َم َّن اْل َك ِاذ ِبين﴾‪ُ،‬‬ ‫وهم َال ي ْف َتُنو َن * وَلَق ْد َف َتَّنا َّال ِذين ِمن َقبلِ ِهم َفَليعَلم َّن َّ ِ‬
‫ّللا َّالذ َ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ْ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُْ‬
‫ُِ‬
‫البتالءاتُ‬ ‫الش ِر َواْل َخ ْي ِر ِف ْتَن ًة َوِإَل ْيَنا ُتْر َج ُعو َن﴾‪ُ ،‬ومنُبين ُأكواُِمُتلك ُ‬
‫وك ْم ِب َّ‬
‫ويقولُ ُجل ُوعال‪َ ﴿ُ :‬وَنْبُل ُ‬ ‫َ‬
‫طرِائ َُ‬
‫ق ُ ِق َدَدا‪ُ،‬‬ ‫حث ِهم ُهذُا ُ َ‬ ‫الطيبة‪ُ ،‬وهم ُفي ُب ِ‬‫ِ‬ ‫الحياة ُ‬ ‫مأن ُِ‬
‫ينة ُو ُِ‬ ‫السعادة ُوالط ِ‬ ‫ُِ‬ ‫نُ‬
‫ث ُالناسُ ُ َع ُ‬ ‫بح ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫المتنو َعة‪َ ُ ،‬ي َ‬
‫بُ َشتى‪ُ،‬وَقليلُُ ِمنهمُ َمنُُيوَفقُُلله َدى‪ُ،‬ويَيسرُُلليس َرى؛ُيقولُُجلُوعال‪﴿ُ:‬أَ َف َم ْن َي ْم ِشي ُم ِكًّبا‬ ‫وم ِ‬
‫ذاه َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بح َانهُ‪﴿ُ:‬أَ َف َم ِن َّاتَب َع ِر ْض َو َ‬
‫ان‬ ‫َم ْن َي ْمشي َس ِوًّيا َعَلى صَراط ُم ْس َتقيم﴾‪ُ ،‬ويقولُ ُس َ‬ ‫َعَلى َو ْج ِهه أ ْ‬
‫َه َدى أ َّ‬
‫س اْل َم ِص ُير﴾‪ُ .‬‬ ‫ّللا َكمن باء ِبس َخط ِمن َّ ِ‬
‫ِ‬
‫اه َج َهَّن ُم َوبِْئ َ‬
‫ّللا َو َمأ َْو ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ‬
‫أحي ِان ِه‪ُُ،‬وعلىُُ َجمي ُِعُ‬ ‫بدُُعنُُ ُِ‬
‫للاُُتَعالىُُفيُُكلُُ َ‬ ‫الع ُ َ‬ ‫رضىُُ َ‬ ‫أنُُ َي َ‬ ‫للاِ‪ُ ُُ:‬‬
‫الرضاُُياُُ ِعباُدُُ ُ‬
‫إنهُُ َ‬
‫كماُ َعرَفهُُ َبعضهم‪ُ:‬هوُسكونُُ‬ ‫ِِ‬
‫الرضاُ َ‬
‫طاه‪َ ُ،‬‬ ‫نعهُُأوُأع َ‬ ‫أحواله‪َ ُ،‬عافاهُُللاُُأوُابتاله‪ُ،‬أفَقرهُُأوُأغ َناه‪َ ُ،‬م َ‬
‫قولُ‬
‫الرضاُُكماُُي ُ‬ ‫الخيرُُو ِ‬ ‫ُِ‬
‫دره‪َ ُُ،‬‬ ‫للاُُوَق َ‬
‫الخ َي َرَةُ‪ُُ،‬فيماُُقضاهُُُ ُ‬ ‫القلبُُلماُُاختارهُُُلكُُالرب‪ُُ،‬واليقينُُُأنُُ َُ‬
‫لبهُ‬
‫لَُُق ُ‬ ‫بابُُللاُُُاألعظمِ‪ُُ،‬وجنةُُُالدنيا‪ُُ،‬ومستراحُُُالع ِ‬
‫ابدين‪َ ُُ،‬منُُُ َم ُ‬ ‫هللا‪ُ ُُ:‬‬ ‫اإلمام ابن القيمِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مه ُ‬ ‫رح ُ‬
‫ضا‪ُ،‬ملُللاُُصد َرهُُأمًناُ ِ‬
‫وغ ًنىُ‪ُ .‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫بالر َ َ‬
‫العنصر األول‪ :‬الرضا أعظم أبواب السعادة‪.‬‬
‫إن ُاألمة ُفي ُهذا ُالعصر ُالذي ُتموج ُفيه ُالفتن ُوتتنوع ُفيه ُالمحن ُوتتصارع ُفيه ُالشرورُ‬
‫لهيُأحوجُماُتكونُُإلىُقوةُالتمسكُبعرىُُاإليمان‪ُ،‬وه ُ‬
‫يُبحاجةُإلىُأنُترىُُحقيقةُتقواهاُوإيمانهُاُ‬
‫س ُحقيقة ُالتوحيد‪ُ ،‬فهذا ُنهاي ُة ُالمطاف ُوغايةُ ُالمقصُد ُالذي ُنحن ُبحاج ُةُ‬
‫ض ُالواقع ُلتالم ُ‬
‫على ُأر ُ‬
‫ب ُحتى ُتعوُد ُاألمة ُإلى ُبساط ُالريادة ُوالسيادة‪ُ ،‬والرضاُُ ُمن ُأعظُمُ‬
‫إليه ُأكثر ُمن ُالطعام ُوالش ار ُ‬
‫حُ ُالعابدينُوجنةُالدنيا‪ُ،‬منُلمُيدخلُُعالم ُهُفيُالدنيُاُلمُيتذوقُُطعم ُهُ‬
‫بُالسعادة‪ُ،‬وهوُمست ار ُ‬
‫أبوا ُ‬
‫بُُكلِها‪ُُ،‬إنهُُالرضُاُُباهللُُ‪-‬تباركُُوتعالى‪ُُ-‬إن ُهُُقمةُُُاإليما ُ‬
‫نُ‬ ‫فيُُاآلخرةُ‪ُُ،‬وه ُوُُأعظمُُُأعمالُُالقلو ُ‬

‫وحالوته‪ُ ،‬يقول ُ‪-‬عليه ُالصالة ُوالسالم‪"ُ :-‬ذاق طعم اإليمان من رضي باهلل رباً وباإلسلم ديناً‬
‫وبمحمد رسوالً"‪ُ.‬أخرجهُمسلم‪ُ .‬‬
‫ت ُباهلل ُربُاًُ‬
‫ومساء‪"ُ:‬رضي ُ‬
‫ًُ‬ ‫ن ُنقول ُصباحُاً ُ‬
‫وقُد ُأرشدنا ُالرسول ُ‪-‬صلى ُللا ُعليه ُوسلم‪ُ -‬أ ُ‬
‫ثلث‬
‫لً"‪ُ ،‬فقال‪" :‬ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي َ‬
‫وباإلسالم ُدينُاً ُوبمحمُد ُرسوُ‬
‫مرات‪ :‬رضيت باهلل رباً وباإلسلم ديناً وبمحمد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬نبياً إال كان حقاً على‬
‫هللا أن يرضيه يوم القيامه"‪ُ.‬أخرجهُأحمُد‪ُ .‬‬
‫نُُيرضيك‪ُُ،‬وقالُُ‪-‬عليهُُالصالُةُ‬
‫تُُكانُُحقُاًُُعلىُُللاُُأ ُ‬
‫تُُهذهُُالكلما ُ‬
‫فهنيئُاًُُلك‪ُُ،‬إذاُُقل ُ‬
‫تُله ُالجنة"‪ُ .‬أخرج ُهُ‬
‫وبمحمدُنبيُاًُوجب ُ‬
‫ُ‬ ‫والسالم‪"ُ:-‬يا ُأبا ُسعيُد‪ُ :‬من ُرضي ُباهلل ُربُاًُوباإلسالم ُدينُاًُ‬
‫مسلم‪ُ.‬ومنُقالهاُأيضُاًُكماُفيُصحيحُمسلمُغفرُللاُل ُهُذنبهُ‪ُ .‬‬
‫تُ‬
‫ُفتأملُُ‪-‬ياُُعبُدُُللا‪ُُ-‬عظيمُُالجزاءُُواألج ُرُُالذيُُيحصلُُعليهُُالمسلمُُإذاُُقا ُلُُهذهُُالكلما ُ‬
‫تُُتقولُُهذاُ‬
‫الثالث‪ُُ،‬لكنُُه ُلُُهذاُُاألجرُُالعظيُمُُللذيُُيقولُُهذاُُالكالمُُبلسانهُُأمُُبأفعاله؟!ُُأن ُ‬
‫نُ‬
‫تُباهللُربُاًُأمُمجرُدُمقولةُُعلىُطرفُاللسان؟!ُم ُ‬
‫ومساء‪ُ،‬فهلُرضي ُ‬
‫ً‬ ‫تُصباحُاًُ‬
‫ثُم ار ُ‬
‫الذكرُثال ُ‬
‫تُلهُالجنةُ‪ُ .‬‬
‫رضيُباهللُربُاًُوجب ُ‬

‫العنصر الثاني‪ :‬من هو الراضي باهلل وعن اهلل؟‪.‬‬


‫ت ُبقضاء ُللا ُوقدره ُفيُ ُكل ُحال؟! ُهلُ‬
‫من ُهو ُالراضي ُمنا ُباهلل ُوعن ُللا؟! ُهل ُرضي ُ‬
‫ىُ‬
‫ض ُكما ُترضى ُبالصحة ُوالعافية؟! ُهل ُترض ُ‬
‫ت ُبالمر ُ‬
‫ت ُإذا ُأعطاك ُأو ُمنعك؟! ُهل ُرضي ُ‬
‫رضي ُ‬
‫نُ‬
‫ىُُبرهان‪ُُ،‬إلىُُعملُُوتطبيق‪ُُ،‬كثيرُُُم ُ‬
‫بالفقرُُكماُُترضىُُبالغنى؟!ُُإنُُهذاُُالرضاُُيحتاجُُإل ُ‬
‫ىُ‬
‫ت ُالنظر ُويحيرُ ُالعقل‪ُ ،‬أقبلوا ُعلى ُالدنيا ُبكل ُقلوبهمُ‪ُ ،‬تسابقوا ُعل ُ‬
‫المسلمين ُاليوم ُفي ُحالُ ُيلف ُ‬
‫همهُمُُومبلغُُعلمهم‪ُُ،‬بلُُبعضهمُُلُُيباليُُه ُلُُمكسب ُهُُمنُُح ارُمُُأ ُوُ‬
‫أكبرُُ ّ‬
‫المالُُ َُ‬
‫زخارفهاُُوجعلواُُ َُ‬
‫ضُباهللُربُاًُوباإلسالمُدينُاً‪ُ .‬‬
‫حاللُألنهُلمُير ُ‬
‫ِ‬
‫البـدن‬ ‫ُخ ِذ القناع َة من دنياك وارض بها * واجعل نصيبك منها راح َة‬
‫ملك الدنيا بأجمعـها * هل راح منها بغير القطن و ِ‬
‫الكفن‬ ‫انظر لمن َ‬
‫و ْ‬
‫نُغبر ُمعتبر؟!ُ‬
‫هل ُرأيتم ُتاج ُاًرُأو ُوزي ُاًرُأو ُملكُاًُدخل ُالقبر ُبماله ُومناصبه ُومراكبه!! ُأما ُلنا ُفيم ُ‬
‫نصفُُالكرةُُاألرضيةُُوحكمهاُُاثنتيُُعشرةُُسن ًُةُُلماُُكانُُعلىُُسري ُرُ‬
‫اإلس َكندرُُالمقدونيُُحكمُُ َُ‬
‫ثُوصايا‪ُ ،‬قال ُألحُدُحاشيته ُالخاصين‪ُ :‬وصيتي ُاألولى‪ُ :‬أل ُيحمل ُنعشي ُإلُ‬
‫تُأوصى ُبثال ُ‬
‫المو ُ‬
‫نُمكانُموتيُإلىُقبريُُالذه ُ‬
‫بُوالفض ُةُوكلُماُجمعت ُهُ‬ ‫ي ُم ُ‬
‫األطباء‪ُ،‬والثانية‪ُ:‬أنُينثرُعلىُطريق ُ‬
‫جُ‬
‫ى ُالنعش ُأخرجوا ُ َيدي ُمن ُالكفن ُواجعلوهُاُمعلقة ُللخارُ‬
‫ي ُعل ُ‬
‫نُترفعونن ُ‬
‫طيل َُة ُحياتي‪ُ ،‬والثالثة‪ُ :‬حي ُ‬
‫بُالقائُدُمنُوصاياهُثمُقال‪ُ:‬ياُسيدي‪ُ:‬سأنفُذُوصاياكُدونُُإخالل‪ُ ،‬لكنُ‬
‫وهماُمفتوحتان‪ُ،‬فاستغر ُ‬
‫ت ُأنُ‬
‫ي ُهذه ُالوصايا!! ُفأخُذ ُالملك ُنفسُاً ُعميقُاً ُثُم ُقال‪ُ :‬الوصيةُ ُاألولى‪ُ :‬أرد ُ‬
‫أخبرني ُما ُالسر ُف ُ‬
‫ضرُُفلنُُيردهُُأحُدُُحتىُُاألطباءُُالذينُُنسعىُُإليهُمُُإذاُُأصابنُاُ‬
‫الموتُُإذاُُُ َح َ‬
‫يعرفُُالناسُُُأنُُ َُ‬
‫هباء ُمنثو اًر‪ُ ،‬لنُ‬
‫تُقضيناُهُفي ُجمع ُالمال ُليس ُإل ُ ًُ‬
‫نُكل ُوق ُ‬
‫المكروه‪ُ ،‬والثانية‪ُ :‬حتى ُيعلُمُالناس ُأ ُ‬
‫كُ‬
‫ب ُلمن ُبعدنا‪ُ ،‬والثالثة‪ُ :‬ليعلم ُالناسُ ُأننا ُقدمنا ُإلى ُهذه ُالدنيا ُل ُنمل ُ‬
‫نأخُذ ُمعنا ُمنه ُشيئُاً ُوسيذه ُ‬
‫شيئاً‪ُُ،‬فارغيُُاأليدي‪ُُ،‬وسنخرجُُمنهاُُفارغيُُاأليدي‪ُُ،‬وأصدقُُمنُُذلكُُقولهُُ‪-‬تباركُُوتعالى‪ُ:-‬‬
‫ال واْلَو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الد)‪ُ .‬‬ ‫الدْنَيا َلعب َوَل ْهو َو ِزيَنة َوَت َفا ُخر َبْيَن ُك ْم َوَت َكا ُثر في اْل َْم َو ِ َ ْ‬
‫اعَل ُموا أََّن َما اْل َحَيا ُة ُّ‬
‫﴿ ْ‬
‫ن ُترضى ُباهلل ُربُاً ُوأن ُترضى ُعنُ‬ ‫إن ُسعادة ُالمرء ُالحقيقية ُفي ُالرضا ُباهلل ُوعن ُللا‪ُ ،‬أ ُ‬
‫بُماُ‬
‫نُسب ُ‬
‫للا‪ُ-‬ع ُ‬ ‫قُوالنكُدُوالكتئاب‪ُ،‬لماُسئ ُلُالحس ُ‬
‫نُ‪-‬رحمهُ ُ‬ ‫بُواألر ُ‬
‫مدبرُ‪ُ،‬وهذاُعالجُالقل ُ‬
‫للاُ ًا‬
‫بُُقلةُُالرضاُُعنُُللا؟!ُُقال‪ُُ:‬منُُقلةُ‬
‫عليهُُالخلقُُفقال‪ُُ:‬منُُقلةُُالرضاُُعنُُللا‪ُُ.‬قيل‪ُُ:‬وماُُسب ُ‬
‫المعرفةُباهلل‪ُ .‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬كيف حنقق الرضا؟‪.‬‬


‫تُالنتيجةُ﴿َيا‬
‫تُبربكُ َحكمُاًُومدب ُاًرُكان ُ‬
‫يسكنُقلبكُإلىُاختيارُللا‪ُ،‬وإذاُرضي ُ‬
‫والرضاُأنُ َُ‬
‫الن ْفس اْلم ْطم ِئَّن ُة * ارِج ِعي ِإَلى ربِ ِك ر ِ‬
‫اضَي ًة َمْر ِضَّي ًة﴾‪ُ ،‬يقول ُلقمان ُلبنه‪ُ :‬أوصيك ُبخصالُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫أََّي ُت َها َّ ُ ُ َ‬
‫تُ‬
‫هلل ُفيما ُأحبب ُ‬
‫تقربك ُمن ُللا ُوتباعدك ُمن ُسخطه‪ُ :‬أن ُتعبُد ُللا ُل ُتشرك ُبه ُشيئاً‪ُ ،‬وأن ُترضى ُبا ُ‬
‫ت‪ُ .‬‬
‫وكره ُ‬
‫فإن استقرت هذه المعاني في نفس العبد المسلم ورثته آثار نافعة طيبة أهمها‪:‬‬
‫للا ُالشرعية ُوأقداره ُالكونية‪ُ :‬فإنُ ُأول ُمعصي ُةُ‬
‫ض ُعلى ُأحكاُم ُ ُ‬
‫️◼ ُالرضا ُفيه ُالسالم ُة ُمن ُالعت ار ُ‬
‫ضُ ِبحكمُللاُالكوني؛ُم ُ‬
‫نُ‬ ‫تُمنُعدمُالرضُا‪ُ.‬فإبليسُلُمُير ُ‬
‫يُللاُُبهاُفيُهذاُالعالم؛ُإنماُنشأ ُ‬
‫صُ‬‫عِ‬
‫َ‬
‫تفضيلُآدمُوتكريمه‪ُ،‬ولُ ِبحكمهُالشرعي؛ُمنُأمرهُبالسجوُدُآلدم‪ُ،‬فكانُجزاؤهُأنُُط ِرَُدُمنُالجنة‪ُ .‬‬
‫لعل ِمه ُأنُ ُللا ُتعالى ُل ُيقضي ُ ًُ‬
‫قضاء ُإلُ ُوفي ُه ُتمام ُالعدلُ‬ ‫ظن ُالعبُد ُبربِه‪ِ ُ :‬‬
‫ّ‬ ‫سن ُ ُِّ‬
‫ث ُح َُ‬
‫️◼الرضا ُيور ُ‬
‫والرحمةُوالحكمة‪ُ ُ.‬‬
‫ب‪ُ:‬كالستعانةُباهللُتعالى‪ُ،‬والتوكلُعليهُ‪ُ،‬والستغاثةُ‪ُ،‬‬
‫الحقائقُاإليماني َُةُفيُالقلو ُ‬
‫َُ‬ ‫️◼ُالرضاُيغرسُ‬
‫والخشية‪ُ،‬واإلنابة‪ُ،‬ونحوهاُ‪ُ .‬‬
‫الهموم‪ُ،‬وي َخِّففُالمآسي‪ُ .‬‬
‫َ‬ ‫️◼ُالرضاُيحِّققُاألمنُالنفسيُلصاحبه‪ُ:‬فهوُي ِزيلُ‬
‫القلبُُسليماً‪ُُ،‬نقيًّاُُمنُُالغشُُوالحقد‪ُُ،‬‬ ‫سببُُلسالمةُُصدورنا‪ُِ ُُ،‬‬
‫ونقاءُُقلوبنا‪ُُ:‬فيجعلُُ َُ‬ ‫️◼ُُالرضاُُ ُ‬
‫هللُ‬ ‫ُِ‬
‫الكونية ُوالشرعية‪ُ ،‬يعلم ُأنُ ُ ُ‬ ‫والحسُد ُوالشحناء؛ ُألنه ُيوقن ُبحكمة ُللا ُورحمته ُفي ُك ُِّ‬
‫ل ُأقضيته ُ‬
‫تعالىُ ِ‬
‫الحكم َُةُالبالغةُفيُإعطاءُ َمنُُيشاء‪ُ،‬ومن ُِعُ َمنُُيشاء‪ُ،‬وإعز ُِ‬
‫ازُ َمنُُيشاء‪ُ،‬وإذللُ َمنُُيشاءُ‪ُ .‬‬
‫ت ُمراد‪ُ ،‬أو ُحصولُ‬
‫طارد ُللقلق ُوالضجر؛ ُعنُد ُفوا ُ‬ ‫️◼ ُالرضا ُيخّلِصنا ُمن ُاألزما ُ‬
‫ت ُالنفسية‪ُ :‬ألنه ُ ُ‬
‫مكروه‪ُ ُ.‬‬
‫️◼الرضاُي ِ‬
‫ورثناُالتزانُفيُالسراءُوالضراء‪ُ:‬فيجعلُالمسلمُيمضيُفيُحياتهُعلىُمنهجُسواء‪ُ،‬لُ‬
‫تبطرهُنعمة‪ُ،‬ولُتَيِّئسهُمصيبة‪ُ .‬‬
‫اب ِم ْن م ِص َيبة ِإالَّ‬
‫َص َ‬
‫المصائب ُإلى ُأجور‪ُ :‬قال ُتعالى‪َ ﴿ُ :‬ما أ َ‬
‫َُ‬ ‫ن ُإلى ُ ِم َنح‪ُ ،‬و‬ ‫حول ُ ِ‬
‫الم َح َُ‬ ‫️◼الرضا ُي ِّ‬
‫ُ‬
‫ّللا ِب ُك ِل َشيء َعلِيم﴾ ُ[التغابن‪ُ .]11:‬ومعنى ُاآلية‪ُ :‬أنُ ُم ُ‬ ‫ّللا ومن ي ْؤ ِمن ِب َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫نُ‬
‫ْ‬ ‫اهلل َي ْهد َقْلَب ُه َو َّ ُ‬ ‫ِبِإ ْذ ِن َّ َ َ ْ ُ ْ‬
‫فعلَُِم ُأنها ُبقدر ُللا‪ُ ،‬فصبر ُواحتسب‪ُ ،‬واستسلم ُلقضاء ُللا‪ُ ،‬ورضي ُبه؛ ُهدى ُ ُ‬
‫للاُ‬ ‫أصابته ُمصيبة‪َ ُ ،‬‬
‫قلبه‪ُ،‬وعوضهُعماُفاتهُخي ُاًرُفيُالدنياُواآلخرةُ‪ُ .‬‬
‫َ‬
‫يستوفيُ‬
‫ُ‬ ‫تُحتى ُ‬
‫وعزَُةُالنفس‪ُ :‬فالمؤمن ُيعلم ُأنُ ُرزقه ُمكتوب‪ُ ،‬وأنه ُلن ُيمو ُ‬‫️◼الرضا ُيثمر ُالقناع َُة ُ ِ‬
‫َ‬
‫ِرزَقه‪ُ ،‬وأنُ ُالعباُد ُمهمُا ُحاولوا ُإيصال ُالرزقُ ُله‪ُ ،‬أ ُو ُمنعه ُعنه ُفلن ُيستطيعوا ُإلُ ُبشيء ُقُد ُكتب ُهُ‬
‫بُعلىُالدنيا‪ُ،‬وقط ُِعُالطم ُعُمماُفيُأيديُ‬ ‫وعزُِةُالنفسُ‪ُِ ُ،‬‬
‫وتركُالتكال ُ‬ ‫ثُبذلكُإلىُالقناعةُ ِ‬
‫للا‪ُ،‬فينبع ُ‬
‫الناس‪ُ .‬‬
‫اض َُع ُهلل؛ُ‬
‫غير ُذلك ُتو َ‬
‫لًُأو ُجاهُاًُأوُعلماً‪ُ ،‬أو ُ َُ‬
‫المؤمن ُما ُ‬
‫َُ‬ ‫بُالتواضع‪ُ :‬فإذا ُ َرَز َقُ ُللاُ ُ‬
‫️◼الرضا ُيوج ُ‬
‫ألنُُماُبهُمنُنعمةُفمنُللا‪ُ،‬ولوُشاءُلنتزعهاُمنهُ‪ُ .‬‬
‫فإن ُغاية ُالعبادُةُ‬
‫ت ُاإليمان‪ُ ،‬بل ُهو ُحقيقة ُاإليمان‪ُ ُ ،‬‬
‫ُ️◼ ُالرضا ُيثمر ُالشكر‪ُ :‬وهو ُأعلى ُمقاما ُ‬
‫نعهُوتدبيره‪ُ،‬وأخ ِذهُوع ِ‬
‫طائهُ‪ُ،‬‬ ‫أحكامه‪ُ،‬وص ِ‬
‫للاُمنُُلُيرضىُبمواهبهُو ِ‬
‫َ‬ ‫هيُشكرُالمولى‪ُ،‬ولُيشكرُ َُ َ‬
‫لًُ‪ُ .‬‬
‫أنعمُُالناسُبالً‪ُ،‬وأحسنهمُحا ُ‬
‫فالشاكرُ َ‬
‫سُوالقنوط‪ُ،‬فإذاُ‬
‫️◼الرضاُفيهُمحاربةُُلليأس‪ُ:‬فالذيُُلُيرضىُبماُقدرهُللاُعليه؛ُربماُيصيبهُاليأ ُ‬
‫نُالخير‪ُ،‬ولُ‬
‫سُع ُ‬
‫وسجنُمظلم‪ُ،‬يصُدُالنف ُ‬ ‫بُِبَبلي ُةُ ُ‬
‫ظنُأنهُاُقاصمةُُلظهره‪ُ،‬فاليأسُسمُُقاتل‪ِ ُ،‬‬ ‫أصي ُ‬
‫يزالُباإلنسانُحتىُيهلِ َكهُأ ُوُي َن ِّغ َ ُ‬
‫صُعليهُحياتهُ‪ُ .‬‬

‫العنصر الرابع‪ :‬مناذج من رضا السلف‪.‬‬


‫وتعالواُُنتجولُُفيُُعالمُُوحياةُُالراضينُُباهللُُليتبينُُحالناُُمعُُحالهم‪ُُ،‬إبراهيمُُ‪-‬علي ُهُ‬
‫للاُبغالمُحليمُ‪ُ،‬‬
‫بُلهُغالمُاًُفبشرهُ ُ‬
‫السالم‪ُ-‬تأملواُقصتهُوتدبروهاُبقلوبكم؛ُجلسُيدعوُربهُأنُيه ُ‬
‫ىُ‬
‫ب ُوصار ُيسع ُ‬
‫وكان ُعمر ُإبراهيم ُستة ُوثمانين ُعاماً‪ُ ،‬فوهبه ُللا ُإسماعيل‪َُ ،‬ف َكبر ُإسماعيل ُوش ُ‬
‫حُ‬
‫كماُيسعىُأبوهُوأحبهُإبراهيُمُحبُاًُشديداً‪ُ،‬وتعّلقُبهُفرأىُإبراهيمُُفيُالمنامُرؤياُيأمرهُربهُأنُيذب ُ‬
‫َوَل َده‪ُ ،‬يا ُهلل ُالعجب‪ُ ،‬بعُد ُانتظار ُطويل ُلقدوم ُالغالم ُيأمره ُالملك ُالعالم ُبذبح ُولده‪ِ(ُ :‬إ َّن َه َذا َل ُه َو‬
‫ضُماُيستطيعُأنُيطلقُلحيت ُهُ‬ ‫ين)‪ ،‬يذبحُولدهُفلذةُكبدهُمنُأجلُُأنُيرضيُربه‪ُ،‬البع ُ‬ ‫لء اْل ُم ِب ُ‬
‫اْلَب ُ‬
‫ت ُباهلل ُرباً‪ُ ،‬يا ُبني‪ِ(ُ :‬إ ِني أََرى ِفي اْل َمَنامِ‬‫ويقصر ُثوب ُه ُويهجر ُاألغاني ُوالدخان ُثم ُيقول‪ُ :‬رضي ُ‬
‫ّللا ِم ْن َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصا ِب ِر َ‬
‫ين)‪ُ ،‬إن ُهُ‬ ‫أَني أَ ْذَب ُح َك َفانظُْر َما َذا َتَرى)‪َ(ُ ،‬يا أََبت ا ْف َع ْل َما ُت ْؤ َمُر َس َتج ُدني ِإ ْن َش َ‬
‫اء َّ ُ‬
‫الرضاُوالستسالمُألمرُللاُ‪-‬عزُوج ُل‪ُ .ُ-‬‬
‫وهذا ُرسولنا ُ‪-‬عليه ُالصالُة ُوالسالم‪ُ -‬يدخل ُعليه ُعم ُر ُوقُد ُرأى ُالحصير ُقُد ُأثرُُعلىُ‬
‫تُرأس ُهُوسادة ُمن ُجلد‪ُ ،‬وعنُدُرأسهُجلُدُمعلق‪ُ ،‬فبكىُعمر ُفقال‪ُ :‬ماُيبكيك ُيُاُعمر؟!ُ‬ ‫ِ‬
‫جسده ُوتح ُ‬
‫ى ُوقيص ُر ُفيما ُهم ُفي ُه ُوأن ُ‬
‫ت ُعلى ُحصير!! ُفقال ُله ُ‪-‬علي ُه ُالصالة ُوالسالم‪"ُ:-‬أمُاُ‬ ‫فقال‪ُ :‬كسر ُ‬
‫ترضىُأنُتكونُُلهمُفيُالدنياُولناُفيُاآلخرة"‪ُ.‬كلُحياتهُرضاُوتسليم‪ُ .‬‬
‫حُ‬
‫نائما ُعلى ُظهره ُطري ُ‬
‫وهذا ُعمران ُبن ُحصين ُ‪-‬رضي ُللا ُعن ُه‪ُ -‬استسقى ُبطنه ُفبقي ُ ً‬
‫الفراشُثالثينُسنةُلُيقومُولُيقعد‪ُ،‬حفرواُلهُفيُسريرُهُ‪-‬وكانُمنُجريُدُالنخل‪ُ-‬حفرواُلهُفتح ًُةُ‬
‫لقضاءُحاجته‪ُ،‬فدخلُعليهُ ِّ‬
‫مطرفُبنُالشخيرُفجعلُيبكيُلماُي ارُهُمنُحاله‪ُ،‬فقالُلهُعمران‪ُ:‬لُمُ‬
‫ى ُللا ُتعالى ُأحبهُ‬ ‫تبكي؟! ُقال‪ُ :‬ألني ُأراك ُعلى ُهذه ُالحالة ُالعظيمة‪ُ ،‬قال‪ُ :‬ل ُ ُِ‬
‫تبك ُفإنُ ُأحبه ُإل ُ‬
‫يُ‬
‫إلي‪ُُ،‬ثمُُقال‪ُُ:‬أحدثكُُحديثُاًُُلعلُُللاُُأن ُينفع ُبه‪ُُ،‬واكتُمُُعنيُُحتىُُأموت‪ُُ،‬إنُُالمالئك َُةُُتزورن ُ‬
‫وتسلِمُ ُعلي‪ُ ،‬فأعلمُ ُبذلك ُأن ُهذا ُليس ُبعقوب ُة ُبل ُهو ُنعمةُ ُجسيمة‪ُ .‬هكذا ُفهموا ُمعنىُ‬
‫فآنسُ ُبها ُ ّ‬
‫َ‬
‫اإليمانُوالرضاُبالرحيمُالرحمن‪ُ.‬يقولونُ‪ُ:‬رضيناُباهللُصدقُاًُوحقُاً‪ُ .‬‬
‫يُ‬
‫ت‪ُ :‬أما ُتستح ُ‬ ‫ُقال ُسفيان ُالثوريُ ُيومُاًُعنُدُالعابدة ُرابعة ُالعدوية‪ُ :‬اللهم ُار ُ‬
‫ضُعنا‪ُ ،‬فقال ُ‬
‫اض ُعن ُللا ُولو ُقال ُبلسان ُهُ‬
‫اض ُعنه!! ُكم ُواحُد ُمنا ُغيرُ ُر ُ‬
‫ت ُغيرُ ُر ُ‬
‫أن ُتسأل ُه ُالرضا ُعنك ُوأن ُ‬
‫أحد ُالجلوس‪ُ :‬متى ُيكونُ ُالعبُد ُراضيُاًُ‬
‫هلل ُربُاً!! ُفقال‪ُ :‬أستغفر ُللا‪ُ .‬فقال ُلها ُ ُ‬
‫ت ُبا ُ‬
‫ألف ُمرة‪ُ :‬رضي ُ‬
‫ت‪ُ :‬إذا ُكان ُسرورُهُ‬
‫هلل ُثم ُاحكم ُعلى ُنفسك‪ُ ،‬فقال ُ‬
‫نُ ُللا؟! ُاسم ُع ُ‪-‬يا ُعبُد ُللا‪ُ -‬حقيق ُة ُالرضا ُبا ُ‬
‫عُ‬
‫ُِ‬
‫بالنعمة‪ُ .‬‬ ‫ُِ‬
‫بالمصيبةُمثلُسرورهُ‬
‫قُهذهُالمقولةُ‪ُ،‬قِتلُولدهُولماُأ ارُدُدفنهُأصابت ُهُ‬
‫للاُعنه‪ُ-‬وهوُيطب ُ‬
‫واسمعواُلعروةُ‪-‬رضيُ ُ‬
‫األكلةُ َُفق ِط ُ‬
‫عت ُرجله‪ُ ،‬وكل ُذلك ُفي ُنفس ُاليوم‪ُ ،‬فجاء ُالناس ُيعزونه ُول ُيدرونُ ُه ُل ُيعزونه ُف ُ‬
‫يُ‬
‫ولدهُأمُفيُ ُِ‬
‫رجلهُفقال‪ُ:‬اللهُمُلكُالحمُدُعلىُماُأعطيتُ‪ُ،‬ولكُالحمُدُعلىُماُأبقيتُ‪ُ،‬أشهدكمُأنيُ‬
‫اضُعنُربي‪ُ،‬ثمُقال‪ُ :‬‬
‫ر ُ‬
‫لعمـرك ما أهويت كفي لريبة * وال حملتني نحو فاحشة رجلي‬
‫وال قادني سمعي وال بصري لها * وال دلني رأيي عليها وال عقلي‬
‫وأعلـم أني لم تصـبني مصيبة * من هللا إال قد أصابت فتى قبلي‬
‫يُ‬
‫ت ُكبدها ُفي ُسبيل ُللا ُوه ُ‬
‫تقدم ُفلذا ُ‬
‫طر ُأهل ُفلسطين ُأعظم ُمعاني ُالرضا‪ُ ،‬فأم ُالشهيُد ُ ّ‬
‫ولقُد ُس ّ‬
‫ب ُهذهُ‬
‫اض ُبقضاء ُللا ُمحتس ُ‬
‫صابرة ُراضية ُمحتسبة‪ُ ،‬وذاك ُيهدم ُبيت ُه ُأمام ُعينيه ُوهو ُصابر ُر ُ‬
‫تُعنُدُللاُ‪ُ .‬‬
‫التضحيا ُ‬
‫هؤالء الذين عرفوا ربهم ورضوا به رباً‪ ،‬فاللهم ِ‬
‫رضنا وارض عنا يا رب العالمين‪.‬‬

‫العنصر اخلامس‪ :‬عاقبة عدم الرضا‪.‬‬


‫حُشاكياُمتبرماُمماُقدرُللاُلهُمنُ‬
‫إنُأسوأُماُيلحقُالعبُدُأنُيحرمُالرضا‪ُ،‬فيمسيُويصب ُ‬
‫ب ُفي ُمحكم ُتنزيله ُبرزقه ُالموصولُ‬ ‫رزق‪ُ ،‬أو ُما ُامتحنه ُبه ُم ُ‬
‫ن ُبالء‪ُ ،‬فإنه ُسبحانه ُطمأن ُالقلو ُ‬
‫ضوا‬
‫ّللا َعْن ُه ْم َوَر ُ‬ ‫ِ‬
‫تُقولهُتعالى‪َ{ُ:‬رض َي َّ ُ‬
‫لًُدخولهُتح ُ‬
‫بُالمؤمنُكدُاًُوانشغا ُ‬ ‫ورحمتهُالواسعة‪ُ،‬وحس ُ‬
‫َعْنهُ َذلِ َك لِ َم ْن َخ ِشي َرَّبهُ}ُُ[سورةُالبينةُ‪ُ .ُ]8:‬‬
‫َ‬
‫بُعيش ُالمؤمن؟ ُقال‪ُ :‬إذا ُرضي ُعن ُللا ُتعالى ُبكل ُماُ‬ ‫سئل ُيحيى ُبن ُمعاُذ‪“ُ:‬متىُيطي ُ‬
‫نُُالبالءُُومرُُ‬
‫قضىُُوقدرُُوحكمُُودبر”‪ُُ،‬فالرضاُُهناُُثمرةُُوقوفُُالعبُدُُعلىُُم ارُدُُللاُُتعالىُُم ُ‬
‫كُ‬
‫القضاء‪ُ،‬وهوُمقامُلُيبلغهُالمؤمنُإلُحينُيصدقُفيُمحبت ُهُهلل‪ُ،‬والتسليمُلمشيئتهُفيماُلُيدر ُ‬
‫ب ُهلل ُتعالى‪ُ ،‬واستغراق ُالهم ُب ُهُ‬
‫ت ُتصور ُالح ُ‬
‫العقل ُكنهه ُومغزاه‪ُ ،‬يقول ُأبو ُحامُد ُالغزالي‪“ُ:‬إذا ُثب ُ‬
‫ثُُالرضاُُبأفعالُُالحبيب‪ُُ،‬ويكونُُُذلكُُمنُُوجهين‪ُُ:‬أحدهماُُأنُُيبط ُلُ‬
‫بُُيور ُ‬
‫فالُُيخفىُُأنُُالح ُ‬
‫يُُعليهُُالمؤلم ُول ُيحسُُوتصيبهُُجراحةُُول ُيدركُُألمها‪ُُ،‬وأماُُالوجهُ‬
‫اإلحساس ُباأللمُُحتى ُيجر ُ‬
‫الثاني ُفهو ُأن ُيحس ُبه ُويدرك ُألمه ُولكن ُيكونُ ُراضياُبه‪ُ ،‬بل ُراغبا ُفيه ُمريدا ُله ُبعقله ُوإن ُكا ُ‬
‫نُ‬
‫كارهاُبطبعهُولعلُمماُتضيقُبهُصدورُالخلقُاليومُماُينشأُعنُحيرةُالعقلُأمامُقسمةُاألرزاقُ‪ُ،‬‬
‫بُفيهُكثي ُرُمنُأهلُالباطلُمنُرغُدُالعيشُوبحبوحته‪ُ،‬وهيُحيرةُيغذيهاُالجه ُلُ‬
‫والفتتانُبماُيتقل ُ‬
‫ي ُتتراوح ُبين ُالتفضل ُوالستدراج‪ُ ،‬والرضاُ‬
‫ق ُالمبثوثة ُفي ُثنايا ُاإلنعام ُالدنيوي‪ُ ،‬والت ُ‬
‫بحكمة ُالخال ُ‬
‫ل ُتثي ُرُ‬
‫ىُ ُ‬
‫ى ُله ُخير ُمن ُقضائ ُه ُلنفسه‪ُ ،‬فيحكُم ُزمامهُا ُحت ُ‬
‫ن ُبأن ُقضاء ُللا ُتعال ُ‬
‫ثمرة ُيقين ُالمؤم ُ‬
‫ث ُصاحبها ُعلى ُالنسالخ ُمن ُالطاعة‪ُ ،‬ولإلمام ابن القيم في‬
‫نوازع ُالسخط ُوالتذمر‪ُ ،‬أو ُتستح ُ‬
‫تُمنُعدُمُ‬
‫يُللاُبهُاُفيُهذاُالعالمُإنمُاُنشأ ُ‬
‫هذا الباب معنى لطيف إذ يقول‪“ُ:‬أولُمعصيةُعص ُ‬
‫يُ‬
‫لُبحكمهُالدين ُ‬
‫كونُاُمنُتفضيلُآدُمُوتكريمهُ‪ُ،‬وُ‬
‫للاُالذيُحكُمُب ُهُ ً‬
‫ضُبحكمُ ُ‬
‫الرضا‪ُ،‬فإبليسُلمُير ُ‬
‫ن ُالجنة‪ُ ،‬حتى ُضم ُإليه ُاألكل ُمن ُشجرُةُ‬
‫ض ُبما ُأبيح ُله ُم ُ‬
‫من ُأمره ُبالسجوُد ُآلدم‪ُ ،‬وآدم ُلم ُير ُ‬
‫يُ‬
‫ب ُالنفس ُمعان ُ‬
‫ت ُمعاصي ُالذرية ُعلى ُعدم ُالصبر ُوعدم ُالرضا”‪ُ .‬وحين ُتتشر ُ‬
‫الحمى‪ُ ،‬ثم ُترتب ُ‬
‫ي ُيسكن ُمعهاُ‬ ‫الرضا ُيستويُ ُلدى ُصاحبهُا ُإقبال ُالدنيا ُوإدبارها‪ُ ،‬ويله ُ‬
‫ج ُاللسان ُبحقيقة ُالتوكل ُالت ُ‬
‫ن ُوالهم ُمخالفة ُأفعال ُالنا ُ‬
‫سُ‬ ‫ث ُاليوُم ُمظاهر ُالحز ُ‬
‫ب ُويرتاح ُمن ُعبادة ُاألسباب‪ُ ،‬فإن ُمما ُيور ُ‬
‫القل ُ‬
‫لمنطوقهم‪ُ،‬وادعاؤهمُالوقوفُعلىُحقيقةُالرضاُوالتوكلُوالمحبة‪ُ،‬بينماُتضجُأوصالهمُبالشكوى‪ُ،‬‬
‫ب ُعنهم ُالرجس ُأ ُو ُيرفع ُالدرجات‪ُ ُ،‬ومما ُرويُ ُعن ُشقيق ُب ُ‬
‫نُ‬ ‫وتذهل ُعقولهم ُعنُد ُوروُد ُبالء ُيذه ُ‬
‫إبراهيمُرحمهُللاُأنهُقال‪“ُ:‬وافقنيُالناسُفيُأربعةُأشياءُقولُوخالفونيُفيهاُفعال‪ُ،‬قالوا‪ُ:‬إناُعبيُدُ‬
‫هللُتعالىُويعملونُُعملُاألحرار‪ُ،‬وقالوا‪ُ:‬إنُللاُكفيلُألرزاقناُولُتطمئنُقلوبهمُإ ُ‬
‫لُمعُشيءُمنُُ‬
‫ن ُالدنيُا ُوهُم ُيجمعونُ ُالمال ُللدنيُا ُوالذنو ُ‬
‫ب ُلآلخرة‪ُ ،‬وقالوا‪ُ :‬ل ُبُدُ‬ ‫الدنيا‪ُ ،‬وقالوا‪ُ :‬إن ُاآلخرُة ُخير ُم ُ‬
‫نُُيحرمُُالرضا‪ُ،‬‬ ‫نُُعملُُأقوامُُلُُيموتونُ!”‪ُُ.‬إنُُأسوأُُماُُيلح ُ‬
‫قُُالعبُدُُأ ُ‬ ‫تُُوهُمُُيعملو ُ‬
‫لناُُمنُُالمو ُ‬
‫فيمسي ُويصبح ُشاكيا ُمتبرما ُمما ُقدر ُللا ُله ُمن ُرزق‪ُ ُ،‬أو ُما ُامتحنه ُبه ُمن ُبالء‪ُ ،‬فإنه ُسبحان ُهُ‬
‫لًُ‬
‫كداُُوانشغا ُ‬
‫بُُالمؤمنُُ ً‬
‫بُُفيُُمحكمُُتنزيلهُُبرزقهُُالموصولُُورحمتهُُالواسعة‪ُُُ،‬وحس ُ‬
‫طمأنُُالقلو ُ‬
‫ضوا َعْن ُه َذلِ َك لِ َم ْن َخ ِشي َرَّب ُه}ُ[سورةُالبينةُ‪ُ .ُ]8:‬‬
‫ّللا َعْن ُه ْم َوَر ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫تُقولهُتعالى‪َ{ُ:‬رض َي َّ ُ‬
‫دخولهُتح ُ‬
‫ُ‬

‫ُ‬

‫اإلدارة العامة للدعوة واإلرشاد‬

You might also like