You are on page 1of 46

‫‪5‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل الذي جعل يف كل زمان فرتة من الرسل بقايا من أهل‬
‫العلم ينفون عن الكتاب والسنة حتريف الغالني وانتحال املبطلني وبدع‬
‫املبتدعني ويثبتون احلق بالرباهني‪.‬‬
‫حممدا‬
‫وأشهد أن ال إله إال اهلل امللك احلق املبني‪ ،‬وأشهد أن ً‬
‫عبد اهلل ورسوله الصادق الوعد األمني صلى اهلل عليه وعلى آله‬
‫وأصحابه والتابعني‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذا شرح لطيف غزير الفائدة لشيخ اإلسالم اإلمام تقي الدين‬
‫أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن تيمية على احلديث النبوي‬
‫«إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» وهو كتاب فريد‬
‫يف بابه ال غىن عنه لكل مسلم وحسب القارئ أن شارحه ابن تيمية‬
‫ويف ذلك كفاية‪.‬‬
‫نسأل اهلل أن ينفع به املسلمني يف كل مكان‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫الناشر‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪6‬‬

‫الرِح ِ‬
‫يم‬ ‫بِ ْس ِم اللَّ ِه َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ات الح َم حد ِح َوالح َك َم ِال الح ُم حستَ ِحق‬ ‫ص َف ِ‬ ‫ب لِ ِ‬ ‫احلَ حم ُد لِلَّ ِه الحمستَ حوِج ِ‬
‫ح‬
‫ُح‬
‫َح ٌد ثَنَاءً َعلَحي ِه؛ بَ حل ُه َو َك َما أَثح َىن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل حل َح حمد َعلَى ُكل َحال‪َ ،‬ال ُحُيصي أ َ‬
‫َح َس ِن الح َم َق ِال؛ فَ ُه َو الح ُمحنعِ ُم َعلَى الحعِبَ ِاد‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َعلَى نَ حفسه بِأَ حك َم ِل الثَّنَاء َوأ ح‬
‫صالِ ِح حاأل حَع َم ِال‬ ‫الرس ِل إلَي ِهم وِبِِ َداي ِة الحمؤِمنِ ِ ِ‬
‫ني محن ُه حم ل َ‬ ‫اْلَحل ِق َوبِِإ حر َس ِال ُّ ُ ح ح َ َ ُ ح َ‬ ‫بِ ح‬
‫اب الدَّائِ ِم بِ َال انح ِقطَاع َوَال‬ ‫‪ ،‬وُهو الحمتَ َفضل َعلَحي ِهم بِالحع حف ِو َعحن هم وبِالثَّو ِ‬
‫ُح َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُوَل َو حاْلخَرةِ محَح ًدا َكث ًريا طَيبًا ُمبَ َارًكا فيه ُمتَّص ًال‬‫ِ‬ ‫احلَ حم ُد ِيف حاأل َ‬ ‫َزَوال ‪ ،‬لَهُ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يك لَهُ ‪َ ،‬عاِلُ‬ ‫صال‪َ ،‬وأَ حش َه ُد أَ حن َال إلَهَ َّإال اللَّهُ َو حح َدهُ َال َش ِر َ‬ ‫بِ َال انحف َ‬
‫َن ُحمَ َّم ًدا َعحب ُدهُ َوَر ُسولُهُ الَّ ِذي‬ ‫َّه َادةِ الح َكبِريُ املتعال‪َ ،‬وأَ حش َه ُد أ َّ‬ ‫ب َوالش َ‬ ‫الحغَحي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َه َدى بِِه ِم حن الض َ‬
‫اه حم َع حن الح ُمحن َك ِر ‪،‬‬‫ني بِالح َم حع ُروف َونَ َه ُ‬ ‫َّال ِل َوأ ََمَر الح ُم حؤمن َ‬
‫ص َار‬ ‫اْلَبَائِ َ‬
‫ات َو َحَّرَم َعلَحي ِه حم ح‬ ‫وأَح َّل ََلم الطَّيب ِ‬
‫ض َع َعحن ُه حم حاْل َ‬ ‫ث َوَو َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُح‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحيه و َعلَى آله َخ حِري آل و َعلَى أ ح ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫َص َحابه الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو حاألَ حغ َال َل‪ ،‬فَ َ‬
‫َّال ِل‪.‬‬
‫ت أ حَع َال ُم الض َ‬ ‫احلَ ُّق َوانحطَ َم َس ح‬ ‫صَرًة لِلدي ِن َح َّّت ظَ َهَر ح‬ ‫َكانُوا نُ ح‬
‫حمتِ ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫أ ََّما ب ع ُد ‪ :‬فَِإ َّن اللَّه تَع َاَل خلَق ح ِ‬
‫اْلَحل َق ل َما َشاءَ م حن حك َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫اف َكَر َامتِ ِه‬‫وأَسب َغ علَي ِهم ما َال ُُيصونَه ِمن نِعمتِ ِه وَكَّرم ب ِِن آدم بِأَصنَ ِ‬
‫ح ُ ُ ح ح َ َ َ َ ََ ح‬ ‫َ حَ َ ح ح َ‬
‫ص ِعباده الحم حؤِمنِني بِ ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫اصط َفائه َوه َدايَته‪َ ،‬و َج َع َل أ َُّمةَ ُحمَ َّمد َ‬ ‫َو َخ َّ َ َ ُ ُ َ ح‬
‫ث فِي ِه حم َر ُس ًوال‬ ‫َّاس ِم حن بَِريَّتِ ِه ‪َ ،‬وبَ َع َ‬ ‫ت لِلن ِ‬ ‫ُخ ِر َج ح‬
‫ِ‬
‫َعلَحيه َو َسلَّ َم َخحي َر أ َُّمة أ ح‬
‫يل ِس َريتِِه‪ ،‬يَحت لُو َعلَحي ِه حم آيَاتِِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫م حن أَنح ُفسه حم يَ حعلَ ُمو َن ص حدقَهُ َوأ ََمانَتَهُ َو ََج َ‬
‫ِ‬
‫لِيُ حخ ِر َج ُه حم ِم حن ظُحل َم ِة الح ُك حف ِر َو َححي َرتِِه‪َ ،‬ويَ حه ِدي ِه حم َإَل ِصَراط ُم حستَ ِقيم‬
‫ض َل كِتَاب أُنح ِزَل َإَل َخلِي َقتِ ِه‪،‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫وه حم َإَل عبَ َادته ‪َ ،‬وأَنح َزَل َعلَحي ِه حم أَفح َ‬ ‫َويَ حدعُ ُ‬
‫اهَرًة ُمحب ِديَةً َع حن ُح َّجتِ ِه َوبَي نَتُِه‬ ‫وجعلَه آيةً باقِيةً َإَل قِي ِام ساعتِ ِه مع ِجزًة ب ِ‬
‫َ َ َ ُح َ َ‬ ‫َ ََ ُ َ َ َ‬
‫اهَرةٌ ُم َوض َحةٌ لِ َد حع َوتِِه‪ ،‬يَ حه ِدي بِِه اللَّهُ َم حن اتَّبَ َع ِر ح‬
‫الس َالِم‬ ‫ض َوانَهُ ُسبُ َل َّ‬ ‫ظَ ِ‬
‫‪7‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ات َإَل النُّوِر بِِإ حذنِِه َويَ ُد َُّلُ حم َعلَى طَ ِر ِيق َجنَّتِ ِه‪،‬‬ ‫وُُيح ِرجهم ِمن الظُّلُم ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ ح ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ِيف ُسنَّته َو َش ِر َيعته ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اب اللَّه َواتَّبَ َع َّ‬
‫الر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫يد من حاعتَصم بِكتَ ِ‬ ‫فَ َّ ِ‬
‫ََ‬ ‫السع ُ َ ح‬
‫آخَرتِِه‪،‬‬ ‫اْل حل ِق ِيف دنحياه و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َُُ َ‬ ‫ض ُل حَ‬ ‫َوالح ُم حهتَدي ِِبَنَا ِرهِ الح ُم حقتَفي ْلثَا ِرهِ ُه َو أَفح َ‬
‫َج ُر َم حن َع ِم َل ِِبَا ِم حن َغ حِري‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َج ُرَها َوأ ح‬‫َوالح ُم ححيِي ل َش حيء م حن ُسنَّته لَهُ أ ح‬
‫ف‬ ‫نُ حقصان ِيف أَج ِر طَاعتِ ِه؛ فَإِ َّن اللَّه َال يظحلِم ِمثح َق َال َذ َّرة ؛ بل ي ِ‬
‫ضاع ُ‬ ‫َح ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضله َوَر حمحَته ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلَ َسنَات بَِف ح‬
‫ح‬
‫ض ِل اللَّ ِه َوَكَر َامتِ ِه؛‬ ‫اع ا ِم حن الح ِرب لِ ِس َع ِة فَ ح‬ ‫ِِ‬
‫َوإِ ححيَ اءُ ُس نَّته يَ حش َم ُل أَنح َو ً‬
‫اإل َعانَِة‬
‫صرتِِه‪َ ،‬ويَ ُكو ُن بِ حِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫احلَق َونُ ح َ‬ ‫َج ِل ظُ ُهوِر ح‬ ‫فَيَ ُكو ُن بِالتحَّبلي ِغ ََلَا َوالحبَ يَان أل ح‬
‫اْلِه ِاد إعانَةً علَى ِدي ِن اللَّ ِه وعلُو َكلِمتِ ِه؛ فَ حِ‬ ‫ِ‬
‫اد‬
‫اْل َه ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َعلَحي َها بِِإنح َفاق الح َم ِال َو ح َ َ َ‬
‫اْلِ َه ِاد بِ النَّ حف ِ ‪ ،‬قَ حد ذَ َك َرهُ اللَّ هُ تَ َع َاَل قَ حب لَ هُ َوِيف َغ حِري‬
‫بِالح َم ِال َم حق ُرو ٌن بِ ح‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َس لَّ َم‪َ « :‬م ْن‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َِّب َ‬‫َم حوضع لعظَ ِم َمحن ِزلَته َوََثََرته‪َ ،‬وقَ حد قَ َال النِ ُّ‬
‫َج َّه َز غَا ِزيًا فَ َق ْد غَ َزا َوَم ْن َخلَ َفهُ فِي أ َْهلِ ِه بِ َخ ْي ِر فَ َق ْد غَ َزا» (‪َ .)1‬وقَ َال‬
‫ِ‬
‫َج ِر » (‪َ )2‬وَمثُوبَتِ ِه ‪َ ،‬ال ِس يَّ َما َم ا يَحب َق ى‬ ‫صائِ ًما فَ لَ هُ مْ ُل أ ْ‬ ‫‪َ « :‬م ْن فَطََّر َ‬
‫احل ِد ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ت حِ ِ ِ ِ‬ ‫نَ حفع ه ب ع َد م و ِ‬
‫يث‬ ‫اإلنح َس ان َوَمص ِريه َإَل تُ حربَت ه؛ َك َم ا قَ َال ِيف حَ‬ ‫ُ ُ َح َ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آد َم انْ َقطَ َع َع َملُهُ َّإَّل م ْن ثَََلث» ؛ فَ َهذهِ ال ث ََّال ُ‬
‫)‬‫‪3‬‬ ‫(‬
‫ُ‬ ‫ات ابْ ُن َ‬ ‫‪«:‬إذَا َم َ‬
‫ف َم ا يَحن َفعُ هُ بَ حع َد َم حوتِ ِه ِم حن‬ ‫ِه ي ِم ن أَعمالِ ِه الحباقِي ِة ب ع َد ِميتتِ ِه ِِِب َال ِ‬
‫َ ح ح َ َ َ َح َ‬
‫ك لَ حي َ ِم حن َس حعيِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ُّع ِاء َو َّ‬
‫الص َدقَِة َوالحعِحت ِق ؛ فَِإ َّن َذل َ‬ ‫ِِ‬
‫أ حَع َم ِال َغ حِريه م حن ال د َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)2482‬ومسلم حديث رقم (‪ ، )126( ، )125‬واللفظ له‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه الرتمذي يف كتاب الصيام‪ ،‬باب (‪.)42‬‬
‫(‪ )2‬رواه مسلم يف باب لوصية حديث رقم (‪ ،)18‬والرتمذي بلفظ‪« :‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله‬
‫إال من ثالُ» ‪ ،‬إال من صدقة جارية ‪ ،‬أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو له‪.‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ل ِم ن س ع ِي َغ ِريهِ و َش َف ِ ِ‬
‫اعته‪َ ،‬وَك َم ا يَ حل َح ُق بِ الح ُم حؤم ِن َم حن يُ حدخلُ هُ اللَّ هُ‬ ‫َح ح َح ح َ َ‬
‫اْلَنَّةَ ِم حن ذُريَّتِ ِه‪.‬‬
‫ح‬
‫د الح َعحب ِد لِلَّ ِه ِيف نِيَّتِ ِه؛ فَِإنَّهُ ‪-‬‬ ‫إخ َال ُ‬ ‫الص ال ِح ُه َو ح‬
‫وأَص ل الحعم ِل َّ ِ‬
‫َ ح ُ ََ‬
‫اْلَحل َق لِعِبَ َادتِ ِه‪َ ،‬وِه َي‬ ‫الر ُس َل َو َخلَ َق ح‬
‫ب َوأ حَر َس َل ُّ‬ ‫َّ‬
‫ُس حب َحانَهُ‪ -‬إَّنَا أَنح َزَل الح ُكتُ َ‬
‫ك ِيف كِتَابِ ِه َعلَ ى أَلح ِس نَ ِة ُر ُس لِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُس ِل ل َكافَّ ِة بَِريَّتِ ِه َك َم ا ذَ َك َر َذل َ‬ ‫َد حع َوةُ ُّ‬
‫ف يَ حس تَ ِحبُّو َن أَ حن يَ حفتَتِ ُح وا ََالِ َس ُه حم‬ ‫ض ِح َدَاللَتِ ِه ؛ َوَِلَ َذا َك ا َن َّ‬
‫الس لَ ُ‬ ‫بِأ حَو َ‬
‫ات»‪ِ .‬يف أ ََّوِل حاأل حَم ِر‬ ‫ال بِالني يَّ ِ‬ ‫يث ‪«:‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬ ‫ك ِِب ِد ِ‬ ‫ِ‬
‫َوُكتُبَ ُه حم َو َغحي َر َذل َ َ‬
‫ض ل َج حي ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َوبِ َدايَتِ ِه؛ فَنَ حج ِري ِيف َذل َ‬
‫ك َعلَ ى محن َه اجه حم؛ إ حذ َك انُوا أَفح َ َ‬
‫ول مس تَعِينِني بِاَللَّ ِه علَ ى س لُ ِ‬
‫وِ َس بِ ِيل أ حَه ِل‬ ‫َ ُ‬ ‫اإل حس َالِم َوُم َقد َمتَ هُ‪ ،‬فَنَ ُق ُ ُ ح َ‬ ‫حِ‬
‫ص ا ِري ‪َ ،‬ع حن ُحمَ َّم د بح ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِِ‬
‫ِوَاليَت ه َوأَحبَّت ه ‪َ :‬ع حن َحُي َي بح ِن َس عيد حاألَنح َ‬
‫اب‬‫اْلَطَّ ِ‬ ‫يم التيمي ‪َ ،‬ع حن َع حل َق َمةَ بح ِن َوقَّاد الليثي ‪َ ،‬ع حن عُ َم َر بح ِن ح‬ ‫ِ‬
‫إبح َراه َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪-‬‬ ‫‪ -‬ر ِضي اللَّه عحنه‪ -‬قَ َال ‪َِ :‬سعت رس َ ِ‬
‫ول اللَّه ‪َ -‬‬ ‫ح َُ‬ ‫َ َ ُ َُ‬
‫ات ‪َ ,‬وإِنَّ َم ا لِ ُك يل ْام ِرئ َم ا نَ َوى‬ ‫)‬ ‫‪1‬‬ ‫(‬ ‫ال بِالني يَّ ِ‬‫ول ‪« :‬إنَّ َم ا ْاألَ ْع َم ُ‬ ‫يَ ُق ُ‬
‫ت ِه ْج َرتُهُ إلَى اللَّ ِه َوََ ُُ ولِ ِه فَ ِه ْج َرتُهُ إلَ ى اللَّ ِه َوََ ُُ ولِ ِه َوَم ْن‬ ‫فَ َم ْن َكانَ ْ‬
‫ص ي ُ َها أ َْو ْام َرأَ يَََ َزَّو ُج َه ا فَ ِه ْج َرتُهُ إلَ ى َم ا‬ ‫ت ِه ْجرتُهُ إلَى ُدنْ يا ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َكانَ ْ َ‬
‫اج َر إلَْي ِه»‪.‬‬
‫َه َ‬
‫ول‬‫يث ص ِحيح متَّ َف ٌق َعلَ ى ِص َّحتِ ِه ؛ تَلَ َّقحت ه حاأل َُّم ةُ بِالح َقب ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه ذا َح د ٌ َ ٌ ُ‬
‫الص ِح ِ ِ ِ‬ ‫َّص ِد ِيق َم َع أَنَّهُ ِم حن َغرائِ ِ‬
‫ي َع حن‬ ‫يح ؛ فَإنَّهُ َوإ حن َك ا َن قَ حد ُرِو َ‬ ‫ب َّ‬ ‫َ‬ ‫َوالت ح‬

‫(‪ ) 1‬النيات‪َ :‬جع نية‪ ،‬واملشهور يف الرواية تشديد الياء يف اْلمع‪ ،‬وحكى فيه النووي التخفيف‪،‬‬
‫وقد ورد احلديث بلفظ اإلفراد أيضا‪ ،‬ويف العمل أيضا‪ ،‬وكما يف الصحيح‪ ،‬و اختلف يف‬
‫حقيقة النية؛ فقيل‪ :‬هي الطلب‪ ،‬وقيل‪ :‬هي اْلد يف الطلب‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ص لَّى اللَّ هُ َعلَحي ِه َو َس لَّ َم‪ِ -‬م حن طُ ُرق ُمتَ َع د َدة َك َم ا ََجَ َع َه ا ابح ُن‬ ‫النَّ ِِب ‪َ -‬‬
‫ص ُّح ِمحن َها‬ ‫يث مت َِّف ُقو َن علَى أَنَّه َال ي ِ‬ ‫َّاظ‪ ،‬فَأَهل ح ِ ِ‬ ‫احلف ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫احلَد ُ‬ ‫حُ‬ ‫منده َو َغحي ُرهُ م حن حُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّإال ِمن طَ ِر ِيق عُمر بح ِن ح ِ‬
‫اْلَطَّاب ‪َ -‬رض َي اللَّهُ َعحن هُ‪َ -‬ه ذه الح َم حذ ُك َورةِ‪َ ،‬وَِلح‬ ‫ََ‬ ‫ح‬
‫يَ حرِوهِ َعحن هُ َّإال َع حل َق َم ةُ بح ُن َوقَّاد الليث ي ‪َ ،‬وَال َع حن َع حل َق َم ةَ َّإال ُحمَ َّم ٌد بح ُن‬
‫اضي الح َم ِدينَ ِة ‪.‬‬ ‫ي قَ ِ‬ ‫صا ِر ُّ‬ ‫ِ‬
‫يم ؛ َوَال َع حن ُحمَ َّمد َّإال َحُي َي بح ُن َسعيد حاألَنح َ‬
‫ِ‬
‫إبح َراه َ‬
‫ال‪ :‬إنَّهُ َرَواهُ َعحن هُ َحو ٌو‬ ‫َوَرَواهُ َع حن َحُيي بح ِن َسعِيد أَئِ َّمةُ حِ‬
‫اإل حس َالِم؛ يُ َق ُ‬ ‫َ‬
‫اِل ِمثح ُل‪َ :‬مال ك ‪َ ،‬والثَّ حوري ‪َ ،‬وابح ِن عيين ة‪َ ،‬و َمحَّاد ب ن زي د ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ِم ائ ع ِ‬
‫ح َ َح َ‬
‫َمحَ ِر ‪َ ،‬وَزائِ َد َة‬‫اب الثَّ َق ِف ي ؛ َوأَِِب َخالِد حاأل ح‬ ‫و َمحَّاد بن سلمة ‪ ،‬و َعحب ِد الحوَّه ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ،‬وَحُي َي بح ِن َس عيد الح َقط ان ‪َ ،‬ويَزي َد بح ِن َه ُارو َن ‪َ ،‬و َغحي ُر َه ُؤَالء َخ حل ٌق م حن‬
‫الش ِام‪َ ،‬و َغ حِريَه ا ِم حن ُش يُو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َرةِ َو َّ‬ ‫أ حَه ِل َم َّك ةَ َوالح َمدينَ ة َوالح ُكوفَ ة َوالحبَ ح‬
‫اق َوطَبَ َقتِ ِه حم‪َ ،‬وَحُي َي بح ِن َمعِني َو َعلِ ي بح ِن الح َم ِد ِيِن‬ ‫َمحَد َوإِ حس َح َ‬ ‫الشَّافِعِي َوأ ح‬
‫َوأَِِب عُبَ حيد ‪.‬‬
‫يث ابح ِن‬‫اح‪ِ ،‬مثح ل‪ :‬ح ِد ِ‬ ‫يث نَظَائِر ِم حن َغرائِ ِ‬ ‫احل ِد ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الص َح ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َوَلَ َذا حَ‬
‫عمر ‪ ،‬عن النَِِّب ‪ -‬صلَّى اللَّه علَي ِه وس لَّم‪ :‬أَنَّه «نَه ى ع ن ب ي ِع الْ وََّل ِ‬
‫ُ َ ح َ َ َ ُ َ َ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ َ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوهََِه» أ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخَر َجاهُ ؛ تَ َفَّرَد بِه َعحب ُد اللَّه بح ُن دينَار َع حن ابح ِن عُ َمَر ‪َ .‬ومثح ُل‬ ‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬

‫ص لَّى اللَّ هُ َعلَحي ِه َو َس لَّ َم َد َخ َل َم َّك ةَ َو َعلَ ى‬ ‫يث أَنَ ‪ :‬أ َّ‬ ‫ح ِد ِ‬
‫ِب َ‬ ‫َن النَِّ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َستَا ِر الح َك حعبَة‪ .‬فَ َق َال ‪:‬‬ ‫إن ابح َن َخطَل ُمتَ َعل ٌق بِأ ح‬
‫)‬ ‫‪2‬‬ ‫(‬
‫يل ‪َّ :‬‬ ‫َرأحسه الحم حغ َف ُر ‪ ،‬فَق َ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬والعتق باب (‪ )11‬رقم (‪ )6756‬ج ‪ ،12‬د ‪ ،82‬فتح الباري‪.‬‬
‫(‪ )2‬ما يلبسه الدراع فوق رأسه من الزرد وووه وهو من آالت احلرب‪ ( ..‬خمتار الصحاح)‪.‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪11‬‬
‫ي َع حن أَنَ ‪َ ،‬وقِي َل ‪ :‬تَ َف َّرَد بِ ِه‬ ‫َخَر َج اهُ ‪ ،‬تَ َف َّرَد بِ ِه ُّ‬
‫الزحه ِر ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫«اُقَُْ لُو ُ»‪ .‬أ ح‬
‫اح ٌد‪َ ،‬وقَ حد يَ ُك و ُن‬ ‫يث الحغَ ِري ب ‪ :‬م ا تَ َف َّرد بِ ِه و ِ‬ ‫الزه ِري؛ فَ ح ِ‬ ‫َمالِ ٌ‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫احلَد ُ‬ ‫ك َع حن ُّ ح‬
‫يحا ِم حن‬ ‫اإلس نَ ِاد‪ ،‬وِمثح ل أَ حن ي ُك و َن محت نُ ه ِ‬ ‫ِ‬
‫صح ً‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ب حِ ح‬ ‫ب الح َم حأ أ حَو َغ ِري َ‬ ‫َغ ِري َ‬
‫ُخَرى َغ ِريبَة‪.‬‬ ‫طَ ِريق معروفَة ورِو ِ‬
‫ي م حن طَ ِريق أ ح‬ ‫َ حُ َُ َ‬
‫ص ِحيح‪َ ،‬ك َم ا قَ َال‬ ‫ِ‬ ‫ب ما هو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يح‪َ ،‬و َغالبُ َه ا َغحي ُر َ‬ ‫صح ٌ‬ ‫َوم حن الحغََرائ ِ َ ُ َ َ‬
‫ني ‪َ .‬وَِلَ َذا يَ ُق ُ‬
‫ول‬ ‫ب؛ فَِإ َّن َع َّامتَ َه ا َع حن الح َك َّذابِ َ‬
‫ِِ ِ‬
‫َمحَد ‪ :‬اتَّ ُق وا َه ذه الحغََرائ َ‬ ‫أح‬
‫يب ِم حن َه َذا الح َو حج ِه ‪.‬‬‫َحاديث ‪ :‬إنَّهُ َغ ِر ٌ‬
‫ض حاأل ِ ِ‬
‫ي ِيف بَ حع ِ َ‬ ‫الت حرِم ِذ ُّ‬
‫ص ِحيح َو َح َس ن َو َغ ِري ب‬ ‫والرتمذي أ ََّو ُل من قَ َّسم حاأل ِ‬
‫يث َإَل َ‬ ‫َحاد َ‬ ‫َح َ َ‬
‫ِ‬
‫َحد؛ ولَك حن َك انُوا يُ َقس ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫ضعِيف َوَِلح يُ حعَر ح‬
‫يم َع حن أ َ‬ ‫ف قَ حب لَهُ َه َذا التَّ حقس ُ‬ ‫َو َ‬
‫ض عِيف‬ ‫ث َإَل ص ِحيح و ِ‬ ‫حاأل ِ‬
‫ض عيف َك َم ا يُ َقس ُمو َن الر َج َال َإَل َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َحادي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يف َال ُحُي تَ ُّه بِه‪َ ،‬وُه َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضع ٌ‬ ‫يف عحن َد ُه حم نَ حو َع ان ‪َ :‬‬ ‫الض ع ُ‬ ‫ض عيف‪َ ،‬و َّ‬ ‫َو َغ حِري َ‬
‫يف ُحُي تَ ُّه بِ ِه‪َ ،‬وُه َو‬ ‫ِِ‬
‫ض عِ ٌ‬ ‫اص ط َال ِح الت حرم ذي‪َ .‬والثَّ اِ ‪َ :‬‬
‫الض عِيف ِيف ِ‬
‫ح‬ ‫َّ ُ‬
‫اص ِط َال ِح‬ ‫ي ِيف ح‬ ‫ف الح َم َر ِ‬ ‫ض حع َ‬ ‫َن َ‬ ‫اص ِط َال ِح الت حرِم ِذي‪َ ،‬ك َم ا أ َّ‬ ‫احلَ َس ُن ِيف ح‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ات ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َار‬ ‫صاحبِه م حن الثُّلُث؛ َك َم ا إ َذا َ‬ ‫الح ُف َق َهاء نَ حو َعان ‪ :‬نَ حوعٌ َحَي َع ُل تَبَ ُّر َع َ‬
‫احبِ ِه ِم حن َرأح ِس الح َم ِال؛‬ ‫احب فَ را ‪ .‬ونَ وعٌ ي ُك و ُن تَب ُّرع ات ص ِ‬
‫ََ ُ َ‬ ‫ص َ َ َ ح َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫وج ُد ِيف َك َالِم أ ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمحَد‬ ‫ص احبَهُ‪َ .‬وَلَ َذا يُ َ‬ ‫ي الحيَس ِري الَّذي َال يَ حقطَ ُع َ‬ ‫َك الح َمَر ِ‬
‫يف ؛ َكح ِد ِ‬ ‫الض عِ ِ‬ ‫احل ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يث َع حم رو‬ ‫َ‬ ‫يث َّ‬ ‫َو َغ حِريه م حن الح ُف َق َهاء أَن ُ‬
‫َّه حم َحُيتَ ُّج و َن ب حَ‬
‫ب ِن ش عيب وإِب ر ِاهيم ا حَلِج ِري و َغ ِريَِ ا ؛ فَِإ َّن َذلِ ِ‬
‫ك‬‫ك الَّذي َسَّاهُ أُولَِِ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ ح َ‬ ‫ح ُ َح َ ح َ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم يف احله باب (‪ )48‬حديث رقم (‪ .)851‬قال العلماء‪ :‬إَّنا قتله ألنه كان ارتد‬
‫عن اإلسالم‪ ،‬وقتل مسلما كان ُيدمه‪ ،‬وكان يهجو النِب ‪ ،‬ويسبه‪ ،‬وكانت له قبيلتان‬
‫تغنيان ِبجاء النِب ‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫اس‬ ‫احلَ َس ِن ؛ بَ حل ُه َو ِِمَّا َحَي َعلُهُ َكثِريٌ ِم حن النَّ ِ‬
‫ضعِي ًفا ُه َو أ حَرفَ ُع ِم حن َكثِري ِم حن ح‬
‫َ‬
‫يحا‪ ،‬والرتمذي قَ حد فَ َّسَر ُم َر َادهُ بِ ح‬ ‫ِ‬
‫ت طُُرقُهُ َوَِلح‬ ‫احلَ َس ِن أَنَّهُ ‪َ :‬م ا تَ َع د َ‬
‫َّد ح‬ ‫صح ً‬ ‫َ‬
‫َّه ٌم ‪َ ،‬وَِلح يَ ُك حن َشاذًّا ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يَ ُك حن ف َيها ُمت َ‬

‫****‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪12‬‬

‫صل في المعنى الذي دل عليه الحديث‬


‫فَ ْ‬
‫ول‬‫َص ل َع ِظ يم ِم ن أُص ِ‬ ‫والحمع ىن الَّ ِذي د َّل علَي ِه ه َذا ح ِ‬
‫يث أ ح ٌ ٌ ح ُ‬ ‫احلَد ُ‬ ‫َ َح َ‬ ‫َ َحَ‬
‫اإلس َالِم علَ ى ثََالثَةِ‬ ‫ِ‬
‫َص ُل ُكل َع َمل‪َ ،‬وَلََذا قَالُوا ‪َ :‬م َد ُار حِ ح َ‬ ‫الدي ِن‪ ،‬بَ حل ُه َو أ ح‬
‫ال‬‫يث ‪« :‬إنَّ َم ا ْاألَ ْع َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ث‪ .‬فَ َذ َك ُروهُ ِمحن َه ا‪َ ،‬ك َق حوِل أ ح‬ ‫أ ِ‬
‫َمحَ د َح د َ‬ ‫َحادي َ‬ ‫َ‬
‫ع َعلَْي ِه أ َْم ُرنَا فَ ُه َو ََدٌّ» (‪ ،)1‬و‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َل‬ ‫م‬‫ع‬ ‫ل‬
‫َ َ ْ َ َ َ َ (ً‪َ ْ َ )2‬‬
‫ِ‬
‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫و‬ ‫»‪،‬‬ ‫ات‬‫ِ‬ ‫بِ ي َّ‬
‫ي‬ ‫الن‬
‫ين فِ حع ُل‬‫َن ال د َ‬ ‫يث أ َّ‬ ‫احل ِد ِ‬
‫ْح َر ُام بَ ين» ‪َ ،‬وَو حج هُ َه َذا حَ‬ ‫ْح ََل ُل بَ ين َوال َ‬ ‫«َال َ‬
‫َما أ ََمَر اللَّهُ بِِه‪َ ،‬وتَ حرُِ َما نَ َهى َعحنهُ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫احل َال ِل ب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني» فيه بَيَا ُن َما نَ َهى َعحنهُ ‪َ ،‬واَلَّذي أ ََمَر اللَّهُ‬ ‫يث « حَ َ ٌ‬ ‫فَ َحد ُ‬
‫اه ُر؛ َوُه َو َم ا َك ا َن َو ِاجبً ا أ حَو ُم حس تَ َحبًّا‪،‬‬ ‫ان ‪ :‬أَح ُد َُا‪ :‬الحعمل الظَّ ِ‬
‫َ َ ََ ُ‬
‫بِِه نَوع ِ‬
‫حَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫د ال دي ِن للَّه ؛ فَ َق حولُهُ ‪َ « :‬م ْن َعم َل‬ ‫إخ َال ُ‬ ‫َوالثَّاِ ‪ :‬الح َع َم ُل الحبَاط ُن؛ َوُه َو ح‬
‫ب َإَل اللَّ ِه بِغَ حِري َما أ ََمَر اللَّهُ بِِه أ حَمَر إَيَاب أ حَو‬ ‫ِ‬
‫َع َم ًَل»‪...‬إ َلح‪ ،‬يَحنفي التَّ َقُّر َ‬
‫استِ ححبَاب ‪.‬‬ ‫أ حَمَر ح‬
‫اط َن‬ ‫ات» ‪...‬إ َلح‪ ،‬ي ب ني الحعم ل الحب ِ‬ ‫ال بِالني يَّ ِ‬ ‫َوقَ حولُهُ ‪« :‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬
‫َُ ُ َ َ َ َ‬
‫د ِيف ال دي ِن لِلَّ ِه ؛ َك َم ا قَ َال‬ ‫اإل حخ َال ِ‬‫ب َإَل اللَّ ِه َّإَّنَا يَ ُك و ُن بِ حِ‬ ‫َن التَّ َق ُّر(‪َ2‬‬‫َوأ َّ‬
‫ِ‬
‫الفض يل ِيف قَ حول ه تَ َع ا ََل‪ :‬ليَْ لُ َوُك ْم أَيم ُك ْم أ ْ‬
‫)‬
‫َح َس ُن َع َم ًَل‪ ‬قَ َال ‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري يف كتاب‪ :‬االعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب ‪ ،21‬ج‪ ،2‬د‪ ،217‬فتح‬
‫الباري‪ ،‬ومسلم يف كتاب األقضية حديث رقم‪ ،)14( ،)17( :‬د‪ ،1282 :‬ج‪.2‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري يف كتاب اإلميان‪ ،‬باب (‪ ،)29‬حديث (‪ )52‬فتح الباري‪ .‬ورواه مسلم يف‬
‫املساقاة‪ ،‬حديث رقم‪ ،114 ،117 :‬قال ابن حجر‪ :‬قوله‪« :‬مشتبهات»‪ :‬أي شبهت‬
‫بغريها ما ِل يتبني به حكمها على التعيني‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو الفضيل بن مسعود التيمي أبو علي الزاهد املشهور‪ ،‬أصله من خراسان‪ ،‬وسكن مكة‪،‬‬
‫وهو ثقة عابد أمام‪ ،‬تويف سنة‪ )147( :‬هجريا‪ ،‬وقيل‪ :‬قبلها‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ِ‬
‫ص َوابًا َِلح‬ ‫ص ا َوَِلح يَ ُك حن َ‬ ‫َص َوبُهُ‪ .‬قَ َال ‪ :‬فَِإ َّن الح َع َم َل إ َذا َك ا َن َخال ً‬ ‫صهُ َوأ ح‬ ‫َخلَ ُ‬
‫أح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صا‬‫ص ا َِلح يُ حقبَ حل َح َّّت يَ ُك و َن َخال ً‬ ‫ص َوابًا َوَِلح يَ ُك حن َخال ً‬ ‫يُ حقبَ حل‪َ ،‬وإِذَا َك ا َن َ‬
‫السن َِّة‪َ ،‬و َعلَى‬‫اب أَ حن يَ ُكو َن َعلَى ُّ‬ ‫الص َو ُ‬‫ص أَ حن يَ ُكو َن لِلَّ ِه‪َ ،‬و َّ‬ ‫صوابا‪ ،‬و ح ِ‬
‫اْلَال ُ‬ ‫ََ ً َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَل‪ :‬فَ َم ْن َك ا َ يَ ْر ُج وا ل َق ا َ ََبي ه فَ لْيَ ْع َم ْل َع َم ًَل‬ ‫َه َذا َد َّل قَ حول ه ‪ -‬تَ َع َ‬
‫اد ِ َبي ِه أَح ًدا‪‬؛ فَالحعم ل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ال ُح ُه َو َم ا أ ََم َر اللَّهُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫صال ًحا َوََّل يُ ْش ِر ْك بِعَ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫بِ ِه ورس ولُه أَم ر إَي اب أَو أَم ر اس تِحباب‪ ،‬وأَ حن َال ي حش ِرَِ الحعب ُد بِعِب ادةِ‬
‫َح َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُ ح َ َ ح ح َ ح ح َ َ‬
‫د الدي ِن لِلَّ ِه ‪.‬‬ ‫إخ َال ُ‬ ‫َح ًدا ‪َ ،‬وُه َو ح‬
‫ِ‬
‫َربه أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُلَ َم َو ْج َههُ للَّ ِه َو ُه َو ُم ْح ِسن فَ لَ هُ‬ ‫اَل ‪‬بَلَى َم ْن أ ْ‬ ‫ك قَ حوله تَ َع َ‬‫َوَك َذل َ‬
‫أَجر ِع ْن َد َبيِه‪ ...‬حاْليةَ ‪ .‬وقَولُه ‪ :‬ومن أَح ِ ِ‬
‫َُلَ َم َو ْج َههُ‬ ‫س ُن دينًا م َّم ْن أ ْ‬ ‫َ َ ح ُ ََ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُُ‬
‫ِ‬
‫يم َحنِي ًفا‪َ ‬وقَ حولُهُ ‪َ  :‬وَم ْن يُ ْسل ْم َو ْج َههُ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬
‫لله َو ُه َو ُم ْحسن َواتَّ َ َع ملةَ إبْ َراه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ بِالْعُ ْرَو الْ ُوثْ َقى‪‬؛ فَِإ َّن ح‬
‫إس َال َم‬ ‫س َ‬‫إلَ ى الل ه َو ُه َو ُم ْحس ن فَ َق د ا ََُْ ْم َ‬
‫إح َس ا ُن الح َع َم ِل‬
‫اإل حح َس ا ُن ُه َو ح‬ ‫د الح َع َم ِل لِلَّ ِه‪َ ،‬و حِ‬ ‫إخ َال َ‬ ‫ض َّم ُن ح‬
‫ِ ِِ‬
‫الح َو حجه للَّه يَتَ َ‬
‫َج َر َم ْن‬ ‫ِ‬
‫اَل ‪ :‬إنَّا ََّل نُض ُ‬
‫يع أ ْ‬ ‫لِلَّ ِه؛ َوُه َو فِ حع ُل َما أ ََمَر بِِه فِ ِيه‪َ ،‬ك َما قَ َال تَ َع َ‬
‫ض َّم ُن ِاال حس تِ َهانَةَ‬ ‫اإلس اء َة ِيف الحعم ِل َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ال ِح تَتَ َ‬ ‫ََ‬ ‫َح َس َن َع َم ًَل‪‬؛ فَ إ َّن حِ َ َ‬ ‫أْ‬
‫بِ حاأل حَم ِر بِ ِه َو ِاال حس تِ َهانَةَ بِ نَ حف ِ الح َع َم ِل َو ِاال حس تِ َهانَةَ ِِبَ ا َو َع َدهُ اللَّ هُ ِم حن‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫الثَّو ِ‬
‫َح َس َن الح َع َم َل لَهُ َك ا َن ِمَّ حن أ ح‬
‫َس لَ َم‬ ‫ص الح َعحب ُد دينَ هُ للَّه َوأ ح‬ ‫َخلَ َ‬ ‫اب؛ فَِإ َذا أ ح‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج ُرُه حم عحن َد َرِب حم َوَال‬ ‫ين ََلُ حم أ ح‬ ‫َو حج َه هُ للَّ ه َوُه َو ُححمس ٌن‪ ،‬فَ َك ا َن م حن ال ذ َ‬
‫ف َعلَحي ِه حم َوَال ُه حم َحُيَزنُو َن‪.‬‬ ‫َخ حو ٌ‬

‫****‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪18‬‬

‫صل‬ ‫فَ ْ‬
‫ظ " الني يَّ ِة " فِي َك ََلِم ال َْعر ِ‬
‫ب‬ ‫في لَ ْف ُ‬
‫َ‬
‫اإلرادةِ‬ ‫ب ِمن ِجحن ِ لَحف ِظ الح َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صد َو حِ َ َ‬ ‫ح‬ ‫ظ الن يَّة ِيف َك َالم الح َعَر ح‬ ‫لَحف ُ‬
‫َي ‪ :‬أ ََر َادِ اهلل ِِبَحري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ‪ :‬نَ َواِ اللَّهُ ِبَحري‪ ،‬أ ح‬ ‫ول الح َعَر ُ‬ ‫ك؛ تَ ُق ُ‬ ‫َوَحو ِو ذَل َ‬
‫َويَ ُقولُو َن ‪ :‬نَ َوى َمحن ِويَّهُ‪َ ،‬وُه َو الح َم َكا ُن الَّ ِذي يَحن ِو ِيه‪ ،‬يُ َس ُّمونَهُ «نَ َوى»‪،‬‬
‫ض‪ِِ .‬بَحع َىن َم حقبُوي‪َ ،‬والن يَّةُ يُ َعبَّ ُر ِِبَا َع حن نَ حوع ِم حن‬ ‫َك َما يَ ُقولُو َن ‪ :‬قَ حب َ‬
‫َإر َادة‪َ ،‬ويُ َعبَّ ُر ِِبَا َع حن نَ حف ِ الح ُمَر ِاد؛ َك َق حوِل الح َعَرب ‪َ :‬ه ِذهِ نِيَِّ ؛ يَ حع ِِن ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يدةٌ‪.‬‬ ‫ت إتح يَانَ َها‪َ .‬ويَ ُقولُو َن ‪ :‬نِيَّتُهُ قَ ِريبَةٌ‪ .‬أ حَو بَعِ َ‬‫َهذه الحبُ حق َعةُ ه َي الَِّ نَ َويح ُ‬
‫ول ‪ :‬إن ََّها‬ ‫َّاس َم حن يَ ُق ُ‬ ‫ص َد َها‪ ،‬لَ ِك حن ِم َن الن ِ‬ ‫َي ‪ :‬الحبُ حق َعةُ الَِّ نَ َوى قَ ح‬ ‫أح‬
‫ان تَتَ َعلَّ ُق بِ َع َملِ ِه َو َع َم ِل َغ حِريهِ‪،‬‬
‫اإلنحس ِ‬‫ِ‬ ‫َخ ُّ ِ ِ ِ ِ‬
‫ص م حن حاإل َر َادة ؛ فَإ َّن َإر َادةَ ح َ‬ ‫أَ‬
‫ول ‪ :‬أ ََرحدت ِم حن فَُالن َك َذا‪َ .‬وَال‬ ‫َوالن يَّةُ َال تَ ُكو ُن َّإال لِ َع َملِ ِه؛ فَِإنَّك تَ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬نَ َويحت ِم حن فَُالن َك َذا‪.‬‬ ‫تَ ُق ُ‬

‫****‬
‫‪15‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫النيات‪ :‬هل هي أضماَ أو تخصيص‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬ ‫ِِ‬
‫ال‬ ‫َّاس ِيف قَ حوله َ‬ ‫ع الن ُ‬ ‫َوقَ حد تَنَ َاز َ‬
‫ِ‬
‫وم ِه‬
‫اه ِرهِ وعم ِ‬
‫يص ؟ أ حَو ُه َو َعلَى ظَ َ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫إض َم ٌار أ حَو ََتحص ٌ‬ ‫ات»‪َ :‬ه حل فِ ِيه ح‬ ‫بِالني يَّ ِ‬
‫َن الحمراد بِالن يَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات‬ ‫ين َإَل حاأل ََّوِل؛ قَالُوا ‪ :‬أل َّ ُ َ َ‬ ‫؟ فَ َذ َهبَت طَائ َفةٌ م حن الح ُمتَأَخ ِر َ‬
‫ال ُكلُّ َها َال تُ حشتَ َر ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ط‬ ‫ب‪َ ،‬و حاأل حَع َم ُ‬ ‫ب أ حَو تُ حستَ َح ُّ‬ ‫ال الش حَّرعيَّةُ ال ِ ََت ُ‬ ‫حاأل حَع َم ُ‬
‫وق الح َو ِاجبَ ِة ِم حن الغصوب‬ ‫احل ُق ِ‬
‫ضاءَ حُ‬ ‫ات؛ فَِإ َّن قَ َ‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫ِيف ص َّحت َها َهذه الن يَّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون تَرب ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ئ ذ َّمةُ الدَّاف ِع َوإِ حن َِلح يَ ُك حن لَهُ ِيف ذَل َ‬ ‫َوالح َع َوا ِري َوالح َوَدائ ِع َوالدُّيُ ح‬
‫نِيَّةٌ َش حر ِعيَّةٌ ‪ ،‬بَ حل تَ حربأُ ِذ َّمتُهُ ِمحن َها ِم حن َغ حِري فِ حعل ِمحنهُ؛ َك َما لَ حو تَ َسلَّ َم‬
‫الحمست ِح ُّق ع ِ‬
‫وب‬‫ص َ‬ ‫ع أ حَو الح َم حغ ُ‬ ‫ود َ‬
‫ب الح ُم َ‬ ‫يح الث حَّو َ‬‫ت الر ُ‬ ‫ني َمال ِه‪ ،‬أ حَو أَطَ َار ح‬ ‫ُ حَ َحَ‬
‫ِ‬ ‫فَأَوقَعحته ِيف ي ِد ص ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫احبِ ِه‪َ ،‬وَحو ِو ذَل َ‬ ‫ح َُ َ َ‬
‫اب حاأل حَع َم ِال الح ُمتَ َرت بَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َه ُؤَالء ‪ :‬تَ حقد ُيرهُ‪َّ :‬إَّنَا ثَ َو ُ‬ ‫ُُثَّ قَ َال بَ حع ُ‬
‫ض ُه حم ‪ :‬تَ حق ِد ُيرهُ َّإَّنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَحي َها بِالن يَّات‪ ،‬أ حَو‪َّ :‬إَّنَا تُ حقبَ ُل بِالن يَّات‪َ ،‬وقَ َال بَ حع ُ‬
‫ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ال الش حَّر ِعيَّةُ‪ ،‬أ حَو َّإَّنَا ِص َّحتُ َها‪ ،‬أ حَو َّإَّنَا إ حجَز ُاؤَها‪َ ،‬وَحو ُو َذل َ‬ ‫حاأل حَع َم ُ‬
‫وم ِه؛ فَِإنَّهُ َِلح يُِرحد‬
‫اه ِرهِ وعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلمهور ‪ :‬بل ح ِ‬
‫يث َعلَى ظَ َ ُ ُ‬ ‫احلَد ُ‬ ‫َوقَ َال حُ ح ُ ُ َ ح‬
‫ودةَ‬ ‫ات فِ ِيه حاألَعم َال َّ ِ‬ ‫بِالن يَّ ِ‬
‫الصاحلَةَ َو حح َد َها‪ ،‬بَ حل أ ََر َاد الن يَّةَ الح َم حح ُم َ‬ ‫حَ‬
‫وم‪َ ،‬وَِلََذا قَ َال ِيف ََتَ ِام ِه ‪« :‬فَ َم ْن‬ ‫ود َوالح َم حذ ُم َ‬‫ومةَ‪َ ،‬والح َع َم َل الح َم حح ُم َ‬
‫َوالح َم حذ ُم َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َكانَ ْ ِ‬
‫ت ه ْج َرتُهُ إلَى اللَّه َوََ ُُوله»‪...‬إ َلح‪ ،‬فَ َذ َكَر الن يَّةَ الح َم حح ُم َ‬
‫ود َة‬
‫ومةَ َوِه َي ا حَلِ حجَرةُ َإَل حامَرأَة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫با حَل حجَرةِ َإَل اللَّه َوَر ُسوله فَ َق حط‪َ ،‬والن يَّةَ الح َم حذ ُم َ‬
‫ال‬‫إَجَال فَ َق َال ‪« :‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬ ‫ص ًيال بَ حع َد ح‬ ‫أَو مال‪ ،‬وه َذا ذَ َكره تَ حف ِ‬
‫َُ‬ ‫ح َ ََ‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪16‬‬
‫ك بَِق حولِِه ‪« :‬فَ َم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َل َذل َ‬ ‫بالني يَّات َوإِنَّ َما ل ُك يل ْام ِرئ َما نَ َوى» ‪ُُ ،‬ثَّ فَ َ‬
‫ت ِه ْج َرتُهُ»‪...‬إ َلح‪.‬‬ ‫َكانَ ْ‬
‫احل ِد ِ‬
‫اجَر‬‫َن َر ُج ًال َكا َن قَ حد َه َ‬ ‫يث ‪ :‬أ َّ‬ ‫ب َه َذا حَ‬ ‫َن َسبَ َ‬ ‫ي أ َّ‬‫َوقَ حد ُرِو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫َج ِل حامَرأَة َكا َن ُُيبُّ َها تُ حد َعى أ َُّم قَ حي ‪ ،‬فَ َكانَ ح‬ ‫م حن َم َّكةَ َإَل الح َمدينَة أل ح‬
‫اجَر أُم قَ حي ‪ ،‬فَلِ َه َذا ذَ َكَر فِ ِيه‪« :‬أ َْو‬ ‫ِهجرتُه ِألَجلِها‪ ،‬فَ َكا َن يس َّمى مه ِ‬
‫ُ َ َُ‬ ‫حَ ُ ح َ‬
‫ض ِاء‬ ‫ِ ِ‬
‫ص الح َم حرأََة بِالذ حك ِر القحت َ‬ ‫ْام َرأَ يَََ َزَّو ُج َها‪َ -‬وِيف ِرَوايَة‪ -‬يَ ْن ِك ُح َها»؛ فَ َخ َّ‬
‫ك ‪َ .‬واَللَّهُ أ حَعلَ ُم ‪.‬‬ ‫احل ِد ِ ِ ِ‬ ‫َسبَ ِ‬
‫يث ل َذل َ‬ ‫ب حَ‬
‫ظ الحع ُّام َال ََيوز إخر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجهُ محنهُ‬ ‫ُ ُ حَ ُ‬ ‫السبب الَّذي َخَر َج َعلَحيه اللَّ حف ُ َ‬ ‫َو َّ‬
‫اه ِر ِه َي ‪َ :‬س َفٌر ِم حن َم َكان َإَل َم َكان‪،‬‬ ‫َّاس‪ ،‬وا حَلِجرةُ ِيف الظَّ ِ‬
‫بات َفاق الن ِ َ ح َ‬
‫ِ ِ‬
‫احبِ ِه؛ فَ َق حد‬‫ف نِيَِّة ص ِ‬ ‫الس َفر ِجحن َححتته أَنحواع خمُحتلِ َفةٌ ََتحتلِف بِاختِ َال ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ح‬ ‫ٌ َُ َ ٌ َ‬ ‫َو َّ ُ‬
‫يَ ُكو ُن َس َفًرا َو ِاجبًا َك َحه أ حَو ِج َهاد ُمتَ َع َّني‪َ ،‬وقَ حد يَ ُكو ُن ُحمََّرًما َك َس َف ِر‬
‫ني‪َ ،‬والح َعحب ِد حاْلبِ ِق‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫اعة الح ُم حسلم َ‬
‫اغي علَى ََج ِ‬
‫َ ََ‬
‫الحع ِادي لَِقطح ِع الطَِّر ِيق‪ ،‬والحب ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالح َم حرأَة النَّاش ِز ‪.‬‬
‫اصي ِيف‬ ‫اصي بِس َف ِرهِ والحع ِ‬ ‫وَِل َذا تَ َكلَّم الح ُف َقهاء ِيف الح َفرِق ب ني الحع ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ح َح َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ََ‬
‫احله والحعمرِة و حِ ِ‬
‫اْل َهاد َج َاز لَهُ‬ ‫احا َك حَ َ ُ ح َ َ‬ ‫َس َف ِرهِ‪ ،‬فَ َقالُوا ‪ :‬إ َذا َسافَ َر َس َفًرا ُمبَ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫الس َف ِر ‪،‬‬
‫ك َّ‬ ‫صى ِيف َذل َ‬ ‫ص ُر َوالحفطحُر بِات َفاق حاألَئ َّمة حاأل حَربَ َعة‪َ ،‬وإِ حن َع َ‬ ‫فيه الح َق ح‬
‫ِ‬ ‫وأ ََّما إ َذا َكا َن ع ِ‬
‫وز لَهُ‬ ‫ك‪ ،‬فَ َه حل ََيُ ُ‬ ‫اصيًا بِ َس َف ِرهِ؛ َك َقطح ِع الطَِّر ِيق َو َغ حِري َذل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صر ؟ فيه نَزاعٌ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ب ُر َخ ِ‬
‫الس َفر َكالحفطحر َوالح َق ح‬ ‫ص َّ‬ ‫الت ََّر ُّخ ُ‬
‫ص ُر‬‫وز لَهُ الح َق ح‬ ‫َمحَد ‪ :‬أَنَّهُ َال ََيُ ُ‬ ‫ب َمالِك َوالشَّافِعِي َوأ ح‬ ‫فَ َم حذ َه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ك‪َ ،‬وإِ َذا َكا َن النِ ُّ‬
‫َِّب َ‬ ‫وز لَهُ َذل َ‬ ‫ب أَِِب َحني َفةَ‪ََ :‬يُ ُ‬ ‫َوالحفطحُر‪َ ،‬وَم حذ َه ُ‬
‫ودهُ ِذ حك ُر‬ ‫صَ‬ ‫َن َم حق ُ‬ ‫الس َفَر عُلِ َم أ َّ‬
‫الس َفَر‪َ ،‬وَه َذا َّ‬ ‫َعلَحي ِه َو َسلَّ َم قَ حد ذَ َكَر َه َذا َّ‬
‫‪17‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ِجحن ِ حاأل حَع َم ِال ُمطحلَ ًقا‪َ ،‬ال نَ حف ُ الح َع َم ِل الَّ ِذي ُه َو قُ حربَةٌ بِنَ حف ِس ِه‪-‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫الص َالةِ والصي ِام‪ -‬وم حقص ِ ِ‬
‫َن قَ حولَهُ‬ ‫ودهُ ذ حك ُر جحن ِ الن يَّة‪َ ،‬وحينَِذ يَتَبَ َّ ُ‬
‫ني أ َّ‬ ‫َك َّ َ َ َ َ ُ ُ‬
‫صهُ اللَّهُ تَ َع َاَل بِِه ِم حن َج َو ِام ِع الح َكلِ ِم‪،‬‬‫ات» ِِمَّا َخ َّ‬‫ال بِالني يَّ ِ‬
‫‪« :‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬
‫يث ِم حن أ ح‬
‫ََجَ ِع‬ ‫َكما قَ َال ‪« :‬ب ِعْت بِجو ِام ِع الْ َكلِ ِم»(‪ ،)1‬وه َذا ح ِ‬
‫احلَد ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث ِبَا؛ فَِإ َّن ُك َّل َع َمل يَ حع َملُهُ َعام ٌل م حن َخ حري َو َشٍّر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلََوام ِع الَِّ بُع َ‬‫الح َكل ِم ح‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ُهو ِِبَس ِ‬
‫ك‬‫ودا َح َسنًا َكا َن لَهُ َذل َ‬ ‫صً‬ ‫ص َد بِ َع َمله َم حق ُ‬ ‫ب َما نَ َواهُ؛ فَِإ حن قَ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ودا َسيًِا َكا َن لَهُ َما نَ َواهُ‪.‬‬ ‫صً‬ ‫ص َد بِه َم حق ُ‬
‫احلَ َس ُن‪َ ،‬وإِ حن قَ َ‬
‫ود ح‬ ‫صُ‬ ‫الح َم حق ُ‬

‫****‬

‫(‪ ) 1‬رواه البخاري يف كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ .‬انظر فتح الباري ج ‪ ،2‬د ‪،287‬‬
‫حديث رقم ‪.7272‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪14‬‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في إنما األعمال بحسب ما نوا العامل‬
‫ي‪،‬‬ ‫ص َد ِر‪َ ،‬ويَُر ُاد ِِبَا الح َمحن ِو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ الن يَّة يَُر ُاد ِبَا الن حَّوعُ م حن الح َم ح‬
‫ولَحف ُ ِ‬
‫َ‬
‫ب‪ ،‬فَيَ ُكو ُن الح ُمَر ُاد‪ :‬إََّّنَا‬ ‫استِ حعما َُلَا ِيف َه َذا لَعلَّهُ أَ حغلَب ِيف َك َالِم الحعر ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َو ح َ‬
‫ب َمحن ِوي ِه‪َ ،‬وَِلََذا قَ َال ِيف‬ ‫َي ‪ِِ :‬بَس ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ب َما نَ َواهُ الح َعام ُل‪ ،‬أ ح‬ ‫ال ِِبَس ِ‬
‫حاأل حَع َم ُ َ‬
‫ت ِه ْج َرتُهُ إلَى اللَّ ِه َوََ ُُولِ ِه‪ ,‬فَ ِه ْج َرتُهُ إلَى اللَّ ِه‬ ‫ََتَ ِام ِه‪« :‬فَ َم ْن َكانَ ْ‬
‫ِ‬
‫يدهُ بِ َع َملِ ِه َوُه َو الحغَايَةُ الح َمطحلُوبَةُ لَهُ؛‬ ‫َوََ ُُول ِه» فَ َذ َكَر َما يَحن ِو ِيه الح َع ِام ُل َويُِر ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَِإ َّن ُك َّل متحرِ بِ حِ ِ‬
‫اإل َر َادة َال بُ َّد لَهُ م حن ُمَراد‪َ ،‬وَلََذا قَ َال‪َ -‬‬ ‫َُ َ‬
‫َُ َما إلَى اللَّ ِه َع ْ ُد اللَّ ِه َو َع ْ ُد َّ‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َم ِن َوأَقْ َ ُح َها‬ ‫ب ْاأل ْ‬ ‫َح م‬ ‫َو َسلَّ َم‪« :‬أ َ‬
‫آد ِم ٍّي‪َ :‬حا ِر ٌ‬ ‫َص َدقُ َها َحا َِث َو َه َّمام» ؛ فَِإ َّن ُك َّل َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُ‬ ‫َح ْرب َوُم َّرُ َوأ ْ‬
‫يد‪ .‬قَ َال‬ ‫ب‪َ ،‬وا حَلََّم ُام‪ :‬الَّ ِذي يَ ُه ُّم َويُِر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‪ُ :‬ه َو الح َعام ُل الح َكاس ُ‬ ‫احلَا ِر ُ‬
‫َوَََّ ٌام‪َ ،‬و ح‬
‫ث ْاْل ِخ َرِ نَ ِز ْد لَهُ فِي َح ْرثِِه َوَم ْن َكا َ يُ ِري ُد‬ ‫اَل‪َ  :‬م ْن َكا َ يُ ِري ُد َح ْر َ‬ ‫تَ َع َ‬
‫صيب‪ ‬؛ فَ َق حولُهُ‪:‬‬ ‫ث ال مدنْ يا نُ ْؤتِِه ِم ْن َها وما لَهُ فِي ْاْل ِخرِ ِمن نَ ِ‬ ‫َح ْر َ‬
‫َ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ي َم َق َاماتِِه‬ ‫احلَ ِري ِر ُّ‬
‫ض َع ح‬ ‫ِ‬
‫َي‪َ :‬ك حسبَ َها َو َع َملَ َها‪َ ،‬وَلََذا َو َ‬ ‫ُ الدُّنحيَا» أ ح‬ ‫« َح حر َ‬
‫َحد‪.‬‬ ‫ص حد ِق َه َذا الحو ح ِ‬ ‫ُ ب ِن َََّام؛ لِ ِ‬ ‫احلا ِر ِ‬ ‫علَى لِ‬
‫صف َعلَى ُكل أ َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬‫ح‬ ‫ان‬ ‫س‬
‫َ َ‬

‫****‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد ج‪ ،8‬د ‪ ،285‬وأبو داود‪ ،‬كتابه األدب‪ ،‬حديث رقم‪،8989 :‬ج ‪ ،5‬د‬
‫‪.226‬‬
‫‪19‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في كَلم العلما في لفظ النية‬
‫يدو َن‬ ‫ني ‪ :‬فَتَ َارةً يُِر ُ‬ ‫ظ الن يَّ ِة َحَي ِري ِيف َك َالِم الحعُلَم ِاء َعلَى نَ حو َع ح ِ‬ ‫َولَحف ُ‬
‫َ‬
‫يدو َن ِِبَا َتَحيِ َيز‬ ‫ِِبَا َتَحيِ َيز َع َمل ِم حن َع َمل َو ِعبَ َادة ِم حن ِعبَ َادة‪َ ،‬وتَ َارةً يُِر ُ‬
‫َم حعبُود َع حن َم حعبُود َوَم حع ُمول لَهُ َع حن َم حع ُمول لَهُ‪:‬‬
‫اُ‬ ‫ط ِيف طَهارةِ حاألَح َد ِ‬
‫ََ ح‬ ‫فَ حاأل ََّو ُل‪َ :‬ك َال ُم ُه حم ِيف الن يَّ ِة‪َ :‬ه حل ِه َي َش حر ٌ‬
‫يت ِيف الصيَ ِام ؟ َوإِ َذا نَ َوى بِطَ َه َارتِِه َما‬ ‫ني والتَّبيِ ِ‬
‫ط نيَّةُ الت حَّعيِ ِ َ ح‬
‫؟ وهل تُ حشتَ ر ُ ِ‬
‫ََ ح َ‬
‫الص َالةِ ِمن نِيَّةِ‬ ‫ب ؟ أ حَو أَنَّهُ َال بُ َّد ِيف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ََلَا َهل ُحَت ِزيه َع حن الحواج ِ‬ ‫يُ حستَ َح ُّ‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫الت حَّعيِ ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ني ؟ َوَحو ِو َذل َ‬
‫ني أ حَه ِل الريَ ِاء‬ ‫ِِ‬
‫د الح َع َم ِل للَّه َوبَ ح َ‬ ‫إخ َال ِ‬‫ني ح‬ ‫َوالثَّاِ ‪َ :‬كالت حَّميِي ِز بَ ح َ‬
‫الر ُج ِل يُ َقاتِ ُل‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪َ -‬ع حن َّ‬ ‫َِّب‪َ -‬‬
‫و ُّ ِ‬
‫الس حم َعة َك َما َسأَلُوا النِ َّ‬ ‫َ‬
‫ك ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِه ؟ فَ َق َال ‪َ « :‬م ْن قَاتَ َل‬ ‫ِ‬ ‫محيَّةً َوِريَاءً؛ فَأ ُّ‬‫َشجاعةً و َِ‬
‫َي ذَل َ‬ ‫َ َ َ‬
‫يث‬‫احلَد ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ (‪)1‬‬
‫يل الله» ‪َ ،‬وَه َذا ح‬ ‫لََِ ُكو َ َكلِ َمةُ اللَّ ِه ِه َي الْعُلْيَا فَ ُه َو فِي َُِ ِ‬
‫يد اللَّهَ بِ َع َملِ ِه‬ ‫ني َم حن يُِر ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫يَ حد ُخ ُل فيه َسائ ُر حاأل حَع َم ِال‪َ ،‬وَهذه الن يَّةُ َُتَي ُز بَ ح َ‬
‫ني َم حن يُِر ُ‬ ‫ِ‬
‫اها َوَم حد ًحا َوثَنَاءً‬ ‫يد الدُّنحيَا ‪َ :‬م ًاال َو َج ً‬ ‫َّار حاْلخَرةَ‪َ ،‬وبَ ح َ‬ ‫َوالد َ‬
‫ص ِد َوإِ حن َكا َن‬ ‫ِِ ِ‬
‫يث َد َّل َعلَى َهذه الن يَّة بِالح َق ح‬
‫وتَع ِظيما و َغي ر ذَلِك‪ ،‬و ح ِ‬
‫احلَد ُ‬ ‫َ ح ً َ حَ َ َ‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري يف كتاب العلم‪ ،‬انظر فتح الباري‪ ،‬حديث ‪ ،122‬ج‪ ،1‬ورواه مسلم يف‬
‫اإلمارة باب ‪ ،82‬رقم ‪ ،151 ،151‬ج‪ ، 2‬د ‪ ،1512‬ولفظه‪« :‬عن أِب موسى قال‪:‬‬
‫سِل رسول اهلل ‪ ‬عن الرجل يقاتل بشجاعة‪ ،‬ويقاتل محية‪ ،‬ويقاتل رياء‪ ،‬أي ذلك يف‬
‫سبيل اهلل؟ فقال رسول اهلل ‪َ « :‬م ْن قَاتَ َل لََِ ُكو َ َكلِ َمةُ اللَّ ِه ِه َي ال ُْعلْيَا فَ ُه َو فِي َُ ِ ِ‬
‫يل اللَّ ِه‬
‫»‪.‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪21‬‬

‫يد اللَّهَ‬ ‫ني؛ فَِإنَّهُ فَ َّر َق بَ ح َ‬


‫ني َم حن يُِر ُ‬ ‫ومهُ يَتَنَاو ُل الن حَّو َع ح ِ‬
‫َ‬ ‫َن عُ ُم َ‬ ‫ال أ َّ‬ ‫قَ حد يُ َق ُ‬
‫ني َم حع ُمول لَهُ َوَم حع ُمول لَهُ‬ ‫يد ُدنحيَا أ حَو حامَرأًَة؛ فَ َفَّر َق بَ ح َ‬ ‫ني َم حن يُِر ُ‬‫َوَر ُسولَهُ َوبَ ح َ‬
‫ني َع َمل َو َع َمل ‪.‬‬ ‫َوَِلح يُ َفر حق بَ ح َ‬
‫د ِيف كِتَابِِه ِيف َغ حِري َم حو ِضع‪َ ،‬ك َق حولِِه‬ ‫اإل حخ َال َ‬ ‫َوقَ حد ذَ َكر اللَّهُ تَ َع َاَل حِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يين‪َ ،‬وقَ حوله ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ين لَهُ الد َ‬ ‫اَل ‪َ  :‬وَما أُم ُروا إَّل ليَ ْع ُ ُدوا اللهَ ُم ْخلص َ‬ ‫تَ َع َ‬
‫ص‪َ ‬وقَ حولِِه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫يين الْ َخال ُ‬
‫ِِ‬
‫يين‪ ،‬أ َََّل للَّه الد ُ‬ ‫صا لَهُ الد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪‬فَا ْع ُد اللَّهَ ُم ْخل ً‬
‫ك ِمن حاْلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ات ‪.‬‬ ‫صا لَهُ ديني‪َ ، ‬و َغ حِري َذل َ ح َ‬ ‫‪‬قُ ِل اللَّهَ أَ ْع ُ ُد ُم ْخل ً‬
‫ِِ‬ ‫َصل ِدي ِن حِ‬
‫ك ذُ َّم الريَاءُ ِيف‬ ‫اإل حس َالِم‪َ ،‬ول َذل َ‬ ‫د الدي ِن ُه َو أ ح ُ‬ ‫َوإ حخ َال ُ‬
‫ِ‬
‫ص ََلتِ ِه ْم َُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اهو َ ‪‬‬ ‫ين‪ ‬الَّذي َن ُه ْم َع ْن َ‬ ‫صلي َ‬ ‫مثح ِل قَ حوله ‪ :‬فَ َويْل لل ُ‬
‫ْم َ‬
‫ين ُه ْم يُ َرا ُو َ ‪ ‬ويمنعو الماعو ‪َ ، ‬وقَ حولِِه ‪َ  :‬وإِ َذا قَ ُاموا إلَى‬ ‫َّ ِ‬
‫‪‬الذ َ‬
‫َّاس َوََّل يَ ْذ ُك ُرو َ اللَّهَ َّإَّل قَلِ ًيَل‪َ ، ‬وقَ َال‬ ‫سالَى يُ َرا ُو َ الن َ‬
‫َّ ِ‬
‫الص ََل قَ ُاموا ُك َ‬
‫َّاس‪ ...‬حاْليَةَ‪ ،‬وقَ حوله تَ َع َاَل‬ ‫اَل ‪َ  :‬كالَّ ِذي يُ ْن ِف ُق َمالَهُ َِئَا َ الن ِ‬ ‫تَ َع َ‬
‫َّاس‪ ...‬حاْليَةَ‪.‬‬ ‫ين يُ ْن ِف ُقو َ أ َْم َوال َُه ْم َِئَا َ الن ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫‪َ ‬والذ َ‬

‫****‬
‫‪21‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في الع اد الَي َّل تصلح إَّل بالنية‬
‫ود َة لِنَ حف ِس َها‪-‬‬ ‫صَ‬
‫وقَ حد اتَّ َفق الحعلَماء علَى أ َّ ِ‬
‫َن الحعبَ َادةَ الح َم حق ُ‬ ‫َ َُُ َ‬ ‫َ‬
‫ص ُّح َّإال بِنِيَّ ِة‪َ ،‬وتَنَ َازعُوا ِيف الطَّ َه َارةِ‪ِ ،‬مثح َل‬ ‫احله‪َ -‬ال تَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َك َّ ِ‬
‫الص َالة َوالصيَام َو حَ‬
‫ك‬‫اها َويَ حغتَ ِس ُل لِلنَّظَافَِة‪ ،‬فَ َق َال َمالِ ٌ‬ ‫ِ‬
‫َم حن يَ ُكو ُن َعلَحيه َجنَابَةٌ فَيَ حن َس َ‬
‫اُ ُكل َها‪َ ،‬وقَ َال أَبُو‬ ‫ط لِطَهارةِ احألَح َد ِ‬ ‫َوالشَّافِعِ ُّي َوأ ح‬
‫ح‬ ‫َمحَد ‪ :‬الن يَّةُ َش حر ٌ َ َ‬
‫ف التَّيَ ُّم ِم‪َ ،‬وقَ َال ُزفَ ُر‪َ :‬ال‬ ‫ط ِيف الطَّهارةِ بِالحم ِاء ِِِب َال ِ‬ ‫َحنِي َفةَ ‪َ :‬ال تُ حشتَ َر ُ‬
‫ََ َ‬
‫اب‬‫َصح ِ‬ ‫ط َال ِيف ه َذا وَال ِيف ه َذا‪ ،‬وقَ َال ب عض الحمتَأَخ ِر ِ‬
‫ين م حن أ ح َ‬ ‫َ َ َح ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫تُ حشتَ َر ُ‬
‫اس ِة‪َ ،‬وَه َذا الح َق حو ُل َشاذ؛ فَِإ َّن َإزالَةَ‬ ‫َمحد ‪ :‬تُ حشتَ ر ُ ِ ِ‬ ‫الشَّافِعِ‬
‫َّج َ‬‫ط ِإل َزالَة الن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ط فِ َيها َع َم ُل الح َعحبد‪ ،‬بَ حل تَ ُز ُ‬
‫ول بِالح َمطَ ِر النَّا ِزِل َوالن حَّهرِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ِة َال يُ حشتَ َر ُ‬ ‫َّج َ‬‫الن َ‬
‫ِ‬
‫ط ََلَا الن يَّةُ‪.‬‬ ‫ف تُ حشتَ َر ُ‬
‫ك‪ ،‬فَ َكحي َ‬ ‫اْلَا ِري َوَحو ِو ذَل َ‬ ‫ح‬
‫اب‬‫اب الرتوِ َال ِمن ب ِ‬ ‫ضا فَِإ َّن َإزالَةَ النَّجاس ِة ِمن ب ِ‬ ‫َوأَيح ً‬
‫ح َ‬ ‫َ َ ح َ‬
‫ِ‬ ‫حاألَعم ِال‪ ،‬وَِل َذا لَو َِل َُيحطُر بَِق حلبِ ِه ِيف َّ ِ‬
‫اسةَ‬ ‫َّج َ‬
‫ب الن َ‬ ‫الص َالة أَنَّهُ ُحتَن ٌ‬ ‫حَ َ َ ح ح ح‬
‫َمحَد ِيف الح َم حش ُهوِر‬ ‫ك َوأ ح‬ ‫ص َالتُهُ إ َذا َكا َن ُحتَنِبًا ََلَا‪َ ،‬وَِلََذا قَ َال َمالِ ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫ص َّح ح‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسةٌ َِلح يَ حعلَ حم ِبَا َّإال‬ ‫صلَّى َو َعلَحيه ََنَ َ‬ ‫َحد قَ حولَحيه ‪ :‬لَحو َ‬ ‫َعحنهُ َوالشَّافع ُّي ِيف أ َ‬
‫اب الرتوِ‪َ .‬وقَ حد ذَ َكَر اللَّهُ َع حن‬ ‫الص َالةِ َِل يعِ حد ؛ ِألَنَّهُ ِمن ب ِ‬ ‫بَ حع َد َّ‬
‫ح َ‬ ‫ح ُ‬
‫ت َع حن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ني قَ حوََلُ حم ‪ََ  :‬بَّنَا ََّل تُ َؤاخ ْذنَا إ ْ نَسينَا أ َْو أَ ْخطَأْنَا ‪َ ،‬وثَبَ َ‬ ‫الح ُم حؤمن َ‬
‫َن اللَّهَ تَ َع َاَل قَ َال‪« :‬قَ ْد فَ َعلْت»؛‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪ -‬أ َّ‬ ‫النَِِّب‪َ -‬‬
‫اسيا أَو خمُح ِطِا فَ َال حإُث علَي ِه‪ِِِ ،‬ب َال ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َم حن تَ َرَِ َما‬ ‫َ َح‬ ‫فَ َم حن فَ َع َل َما ُُن َي َعحنهُ نَ ِ ً ح ً‬
‫ضائِ َها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الص َال َة‪ -‬فَ َال بُ َّد م حن قَ َ‬ ‫أ ُِمَر بِِه‪َ -‬ك َم حن تَ َرَِ َّ‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪22‬‬
‫ني َم حن‬ ‫الص َالةِ َوالصيَ ِام َو حِ‬
‫اإل ححَرِام بَ ح َ‬ ‫َوَِلََذا فَ َّر َق أَ حكثَ ُر الحعُلَ َم ِاء ِيف َّ‬
‫اسيًا؛ َك َم حن تَ َكلَّ َم ِيف‬ ‫اسيا‪ ،‬وب ني من تَرَِ الحو ِاجب نَ ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ َع َل الح َم ححظُ َور نَ ً َ َ ح َ َ ح َ َ َ‬
‫اسيًا‬ ‫اسيا‪ ،‬ومن تَطَيَّب أَو لَبِ نَ ِ‬ ‫الص َالةِ نَا ِسيا‪ ،‬ومن أَ َكل ِيف الصي ِام نَ ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً ََ ح َ‬
‫اُ َحُيتَ ُّجو َن ِِبَ َذا‬ ‫وجبو َن الن يَّةَ ِيف طَهارةِ حاإلح َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِيف حِ ِ َّ ِ‬
‫ََ ح‬ ‫ين يُ ُ‬ ‫اإل ححَرام‪َ ،‬واَلذ َ‬
‫َن الطَّ َه َارَة َغحي َر الح َمحن ِويَِّة‬‫يث َعلَى أَِِب َحنِي َفةَ‪َ ،‬وأَبُو َحنِي َفةَ يُ َسل ُم أ َّ‬ ‫احل ِد ِ‬
‫حَ‬
‫لَيست ِعباد ًة‪ ،‬وَال ثَواب فِيها؛ وإََِّّنَا الن زاع ِيف ِص َّح ِة َّ ِ ِ‬
‫الص َالة ِبَا؛ فَ َق حولُهُ‬ ‫َُ‬ ‫حَ ح ََ َ َ َ َ َ‬
‫ال بِالني يَّات» َال يَ ُد ُّل َعلَى َحمَل‬‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬ ‫َ‬
‫َن الطَّ َه َارَة َال تَ ُكو ُن َّإال‬ ‫ِ‬
‫ُخَرى‪َ ،‬وُه َو أ َّ‬ ‫ت إلَحيه ُم َقد َمةٌ أ ح‬ ‫ض َّم ح‬‫الن َز ِاع‪َّ ،‬إال إ َذا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِعباد ًة‪ ،‬والحعِبادةُ َال تَ ِ‬
‫ت َِلح َححتتَ حه‬ ‫ص ُّح َّإال بِنيَّة‪َ ،‬وَهذه الح ُم َقد َمةُ إ َذا َسل َم ح‬ ‫ََ َ ََ‬
‫َّاس ُمتَّف ُقو َن َعلَى أَ َّن َما َال يَ ُكو ُن َّإال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َإَل اال حست حدَالل ِبَ َذا؛ فَإ َّن الن َ‬
‫ف َما يَ َق ُع ِعبَ َاد ًة َو َغحي َر ِعبَ َادة‪َ ،‬كأ ََد ِاء‬ ‫ص ُّح َّإال بِنِيَّة‪ِِِ ،‬ب َال ِ‬ ‫ِعباد ًة َال ي ِ‬
‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضاء الدُّيُون ‪َ ،‬وحينَِذ فَالح َم حسأَلَةُ َم َد ُارَها َعلَى أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوءَ‬ ‫َن الح ُو ُ‬ ‫حاأل ََمانَات َوقَ َ‬
‫ود الح َوا ِرَدةِ ِيف‬ ‫ُّص ِ‬ ‫ور َحُيتَ ُّجو َن بِالن ُ‬ ‫َه حل يَ َق ُع على َغ حِري ِعبَ َادة ؟ َو ح‬
‫اْلُ حم ُه ُ‬
‫ت َخطَايا مع الْما ِ‬ ‫ضأَ ال َْع ْ ُد ال ُْم ْسلِ ُم َخ َر َج ْ‬ ‫ثَ َوابِِه‪َ ،‬ك َق حولِِه ‪« :‬إ َذا تَ َو َّ‬
‫َُ ََ َ‬
‫اب؛‬ ‫َّو‬ ‫الث‬ ‫ك فَي ُقولُو َن ‪ :‬فَِف ِ‬
‫يه‬ ‫آخ ِر قَطْ ِر الْما ِ » (‪ ،)1‬وأَمث ِال َذلِ‬ ‫أَو مع ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ حَ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ضوءُ َال يَ ُكو ُن‬ ‫اب َال يَ ُكو ُن َّإال َم َع الن يَّة؛ فَالح ُو ُ‬ ‫ود‪َ ،‬والث ََّو ُ‬ ‫ُّص ِ‬‫لعُ ُموم الن ُ‬
‫الص َالةِ؛ فَ َال‬ ‫ط ِم حن َشَرائِ ِط َّ‬ ‫ول ‪ :‬الطَّ َه َارةُ َش حر ٌ‬ ‫َّإال بِنِيَّ ِة ‪َ .‬وأَبُو َحنِي َفةَ يَ ُق ُ‬
‫اس‬
‫ك يَ ُقولُو َن ‪ :‬اللبَ ُ‬ ‫اس ِة‪َ ،‬وأُولَِِ َ‬ ‫َّج َ‬
‫ط ََلا الن يَّةُ َكاللب ِ ِ ِ‬
‫اس َوإ َزالَة الن َ‬ ‫َ‬ ‫تُ حشتَ َر ُ َ‬
‫اإلنحس ِ‬
‫ان‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َو حاإل َزالَةُ يَ َق َعان عبَ َاد ًة َو َغحي َر عبَ َادة‪َ ،‬وَلََذا َِلح يَرحد نَص بثَ َواب ح َ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم يف كتاب الطهارة‪ ،‬حديث رقم‪ ،288 :‬ج ‪ ،1‬د ‪ ،215‬بزيادة «فإذا غسل‬
‫ش َْها َجَل »‪.‬‬
‫َجليه خرجت كل خطيئة َم َ‬
‫‪22‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫اب َعلَى ِجحن ِ‬ ‫ت النُّصود بِالثَّو ِ‬
‫اس َو حاإل َزالَة‪َ ،‬وقَ حد َوَرَد ح ُ ُ َ‬
‫علَى ِجحن ِ اللب ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ضوء ‪.‬‬ ‫الح ُو ُ‬
‫اب علَى الحوض ِ‬ ‫َوأَبُو َحنِي َفةَ يَ ُق ُ‬
‫وء‬ ‫ت بِالث ََّو ِ َ ُ ُ‬ ‫ود َوَرَد ح‬ ‫ُّص ُ‬ ‫ول ‪ :‬الن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اْلَ ِاِل َع حن‬ ‫ضوءُ ح‬ ‫ضؤو َن بِالن يَّة‪َ ،‬والح ُو ُ‬ ‫ني َّإَّنَا يَتَ َو َّ‬‫الح ُم حعتَاد‪َ ،‬و َع َّامةُ الح ُم حسلم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ور‬
‫اْلُ حم ُه ُ‬‫ك‪َ ،‬و ح‬ ‫يم َغ حِريه َوَحو َو َذل َ‬ ‫الن يَّة نَادٌر َال يَ َق ُع إال لمثح ِل َم حن أ ََر َاد تَ حعل َ‬
‫ضوءُ الش حَّر ِع ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوءُ الَّذي حاعتَ َادهُ الح ُم حسل ُمو َن ُه َو الح ُو ُ‬ ‫يَ ُقولُو َن ‪َ :‬ه َذا الح ُو ُ‬
‫ِ‬ ‫ص ُّح بِِه َّ‬ ‫الَّ ِذي تَ ِ‬
‫ود الشَّا ِرِع؛‬ ‫ص ِ‬ ‫الص َالةُ‪َ ،‬وَما س َوى َه َذا َال يَ حد ُخ ُل ِيف نُ ُ‬
‫ث‬ ‫َح َد َ‬ ‫َك َقولِِه صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم‪ََّ « :‬ل تُ ْق ل ص ََل ُ أ ِ‬
‫َحد ُك ْم إذَا أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫(ُ‪ َ )1‬ح َ َ َ‬ ‫ح َ‬
‫ضوءَ الح َمأح ُم َور بِِه‪،‬‬ ‫ني َال يَ حع ِرفُو َن الح ُو ُ‬ ‫ضأَ» ؛ فَِإ َّن الح ُم َخاطَبِ َ‬ ‫َحََّى يَََ َو َّ‬
‫ث َعلَحي ِه‪َ ،‬و َغحي ُر َه َذا َال يَ حع ِرفُونَهُ؛ فَ َال‬ ‫ضوءَ الَّ ِذي أَثح َىن َعلَحي ِه َو َح َّ‬ ‫َّإال الح ُو ُ‬
‫ص ُد حإد َخالَهُ ِيف عُ ُم ِوم َك َال ِم ِه َوَال يَتَ نَ َاولُهُ الن ُّ‬
‫َّص‪.‬‬ ‫ي حق ِ‬
‫َ‬

‫****‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب ‪ ،2‬ج ‪ ،1‬د ‪ ،242‬فتح الباري‪ ،‬ومسلم كتاب‬
‫الطهارة باب ‪ ،2‬رقم ‪ ،225‬ج ‪ ،1‬د ‪ ،218‬واللفظ له‪.‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪28‬‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في النية هي إخَلص الدين هلل‬
‫َّاس ِيف‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫د الدي ِن لِلَّ ِه فَ َق حد تَ َكلَّ‬ ‫ُ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫إخ‬
‫ح‬ ‫ي‬ ‫ه‬‫وأ ََّما الن يَّةُ الَِّ ِ‬
‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ُه َو الَّذي َال يُبَ ِاِل‬ ‫د‪َ ،‬ك َق حول بَ حعض ِه حم ‪ :‬الح ُم حخل ُ‬ ‫اإل حخ َال ِ‬ ‫َحد َها َو َحد حِ‬
‫ص َال ِح قَ حلبِ ِه َم َع اللَّ ِه َعَّز‬ ‫َج ِل َ‬
‫وب الن ِ ِ‬
‫َّاس م حن أ ح‬ ‫لَو َخرج ُك ُّل قَ حدر لَهُ ِيف قُلُ ِ‬
‫ح ََ‬
‫ِ‬
‫الذر ِم حن َع َمل ِه‪َ ،‬وأ حَمثَ ِال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب أَ حن يَطَّل َع النَّاس َعلَى َمثَاق ِيل َّ‬ ‫َو َج َّل‪َ ،‬وَال ُُِي ُّ‬
‫ُ‬
‫د ِيف َسائِِر‬ ‫ض َّم ُن حِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِم حن َك َال ِم ِه ِم ح‬ ‫ِ‬
‫اإل حخ َال َ‬ ‫احلَ َس ِن‪ ،‬لَك َّن َك َال َم ُه حم يَتَ َ‬ ‫ذَل َ‬
‫َّاس‪ ،‬بَ حل َال يَ َق ُع ِم حن أَ حكثَ ِرِه حم‪ ،‬بَ حل‬ ‫حاأل حَع َم ِال‪َ ،‬وَه َذا َال يَ َق ُع ِم حن َسائِِر الن ِ‬
‫صو َن لِلَّ ِه ِيف َكثِري ِم حن أ حَع َماَلِِ حم؛ َكِإ حخ َال ِص ِه حم ِيف‬ ‫َغالِب الحمسلِ ِم ِ‬
‫ني ُُيحل ُ‬ ‫ُ ُح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬
‫ب الح ُم حسلم َ‬ ‫ضا َن؛ فَغَال ُ‬ ‫ص حوم َش حه ِر َرَم َ‬ ‫احأل حَع َمال الح ُم حشتَ َرَكة بَحي نَ ُه حم‪ ،‬مثح َل َ‬
‫صلي َّإال لِلَّ ِه‬ ‫ك من داوم علَى َّ ِ‬
‫الصلَ َوات؛ فَِإنَّهُ َال يُ َ‬
‫ِ‬
‫ومونَهُ للَّه‪َ ،‬وَك َذل َ َ ح َ َ َ َ‬
‫ِِ‬
‫صُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫صلي َحيَاءً أ حَو ِريَاءً أ حَو‬ ‫َعَّز َو َج َّل‪ِ ،‬ب َالف َم حن َِلح ُُيَاف حظ َعلَحي َها؛ فَِإََّّنَا يُ َ‬
‫يما َرَواهُ الت حرِم ِذ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ي‪:‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحيه َو َسلَّ َم‪ -‬ف َ‬ ‫لعلَّة ُدنحيَ ِويَّة ؛ َوَلََذا قَ َال‪َ -‬‬
‫يما ِ » (‪ )1‬؛ فَإِ َّن‬ ‫اد ال َْم ْس ِج َد فَا ْش َه ُدوا لَهُ بِ ِْ‬
‫اْل َ‬ ‫الر ُج َل يَ ْعََ ُ‬‫«إذَا ََأَيْ َُ ْم َّ‬
‫آم َن بِاللَّ ِه َوالْيَ ْوِم‬ ‫ِ‬
‫ساج َد اللَّه َم ْن َ‬
‫ول ‪ :‬إنَّما ي ْعمر م ِ‬
‫َ َ ُُ َ َ‬ ‫اللَّهَ تَ َع َاَل يَ ُق ُ‬
‫ش َّإَّل اللَّهَ‪ ...‬حاْليَةَ‪.‬‬ ‫الص ََل َ َوآتَى َّ‬ ‫ِ‬
‫َم يَ ْخ َ‬ ‫الزَكا َ َول ْ‬ ‫ام َّ‬ ‫ْاْلخ ِر َوأَقَ َ‬
‫ك َّإال لِلَّ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ومن َِل يصل َّإال بِو ِ‬
‫ضوء َوا حغتِ َسال فَِإنَّهُ َال يَ حف َع ُل َذل َ‬ ‫ُُ‬ ‫ََ ح ح ُ َ‬
‫َمحد وابن ماجه ِمن ح ِديثِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َ‬ ‫يما َرَواهُ أ ح َ َ ح ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحيه َو َسلَّ َم ف َ‬ ‫َوَلََذا قَ َال َ‬

‫(‪ )1‬أخرجه الرتمذي‪ ،‬حديث رقم ( ‪ ،)2617‬ج ‪ ،5‬د ‪ ،12‬كتاب اإلميان‪ ،‬وقال‪ :‬حديث‬
‫حسن غريب‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫صوا َوا ْعلَ ُموا أَ َّ َخ ْي َر أَ ْع َمالِ ُك ْم‬ ‫يموا َولَ ْن تُ ْح ُ‬
‫ثوبان عحنه قَ َال‪ِ « :‬‬
‫اََُق ُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضو َ ُ ٌّر بَ ْي َن‬ ‫ضو َّإَّل ُم ْؤمن فَِإ َّ ال ُْو ُ‬ ‫ظ َعلَى ال ُْو ُ‬ ‫الص ََل ُ َوََّل يُ َحاف ُ‬
‫َّ‬
‫ضوؤهُ َوَال يَ حد ِري بِِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َْع ْد َوبَ ْي َن اللَّه َع َّز َو َج َّل» ‪َ .‬وقَ حد يُحنتَ َق ُ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫ض ُو ُ‬
‫ظ َعلَحي ِه َِلح ُُيَافِ حظ َعلَحي ِه َّإال لِلَّ ِه ُسحب َحانَهُ‪َ ،‬وَم حن َكا َن‬ ‫َح ٌد؛ فَِإ َذا َحافَ َ‬
‫أَ‬
‫د ِيف النَّ حف ِع الح ُمتَ َعدي أَقَ ُّل ِمحنهُ ِيف‬ ‫ك َال يَ ُكو ُن َّإال ُم حؤِمنًا‪َ ،‬و حِ‬ ‫ِ‬
‫اإل حخ َال ُ‬ ‫َك َذل َ‬
‫يث الح ُمتَّ َف ِق َعلَى ِص َّحتِ ِه‪َ ْ َُ « :‬عة‬ ‫احل ِد ِ‬ ‫ِ ِ ِِ ِ‬
‫الحعبَ َادات الحبَ َدنيَّة‪َ ،‬وَلََذا قَ َال ِيف حَ‬
‫يث‪.‬‬ ‫ي ِظلمهم اللَّه فِي ِظلي ِه ي وم ََّل ِظ َّل َّإَّل ِظلمه»‪ ...‬ح ِ‬
‫احلَد َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ ُْ ُ‬

‫****‬

‫(‪ )1‬أخرجه الدارمي يف كتاب الصالة والطهارة‪ ،‬باب ‪ ،2‬د ‪ ،122‬رقم ‪ ،66‬عن ُيي بن‬
‫بشري‪ ،‬ورواه ابن حبان يف صحيحه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب ‪ ،16‬حديث رقم ‪ ،168‬د‬
‫‪.69‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪26‬‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في النية محلها القلب‬
‫اق الحعُلَ َم ِاء؛ فَِإ حن نَ َوى بَِق حلبِ ِه َوَِلح يَتَ َكلَّ حم‬ ‫والن يَّةُ َحملُّها الح َق حلب بِات َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اب الشَّافعِي‬ ‫َصح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ض أحَ‬ ‫َجَزأَتحهُ الن يَّةُ بِات َفاق ِه حم‪َ ،‬وقَ حد َخَّر َج بَ حع ُ‬ ‫بِل َسانه أ ح‬
‫ط فِ ِيه َعلَى الشَّافِعِي؛ فَِإ َّن الشَّافِعِ َّي َّإَّنَا‬ ‫َو حج ًها ِم حن َك َالِم الشَّافِعِي َغلِ َ‬
‫الص َالةَ ِيف أ ََّوَِلَا َك َال ٌم؛ فَظَ َّن‬ ‫َن َّ‬ ‫اإل ححَرِام بِأ َّ‬‫الص َالةِ َو حِ‬ ‫ني َّ‬ ‫ذَ َكَر الح َف حر َق بَ ح َ‬
‫ض الغالطني أَنَّهُ أ ََر َاد التَّ َكلُّ َم بِالن يَّ ِة‪َ ،‬وإََِّّنَا أ ََر َاد التَّ حكبِ َري‪َ ،‬والن يَّةُ تَ حتبَ ُع‬ ‫بَ حع ُ‬
‫الحعِحلم؛ فَمن علِم ما ي ِر ُ ِ‬
‫ني‬
‫َّم بَ ح َ‬‫ض ُر َورةً‪َ ،‬ك َم حن قَد َ‬ ‫يد ف حعلَهُ فَ َال بُ َّد أَ حن يَحن ِويَهُ َ‬ ‫َ َح َ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫يَ َديح ِه طَ َع ًاما لِيَأح ُكلَهُ‪ ،‬فَِإذَا َعل َم أَنَّهُ يُِر ُ‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫يد حاألَ حك َل فَ َال بُ َّد أَ حن يَحن ِويَهُ‪َ ،‬وَك َذل َ‬
‫ف الحعِبَ َاد أَ حن يَ حع َملُوا َع َم ًال بِغَ حِري نِيَّة ُكل ُفوا َما‬ ‫وب َو َغحي ُرهُ؛ بَ حل لَ حو َكلَّ َ‬ ‫الرُك ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعا أ حَو َغحي َر‬ ‫َحد إذَا أ ََر َاد أَ حن يَ حع َم َل َع َم ًال َم حش ُر ً‬ ‫َال يُطي ُقو َن؛ فَإ َّن ُك َّل أ َ‬
‫اإلنح َسا ُن أَنَّهُ‬ ‫ك ُهو الن يَّةُ‪َ ،‬وإِذَا َعلِم حِ‬ ‫َ‬
‫م حشروع فَعِحلمه سابِق َإَل قَ حلبِ ِه‪ ،‬وذَلِ‬
‫ُُ َ ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ض ُر َورةً‪َ ،‬وإََِّّنَا‬ ‫ِ‬ ‫يد الطَّ َه َارةَ َو َّ‬
‫الص حوَم فَ َال بُ َّد أَ حن يَحن ِويَهُ إذَا َعل َمهُ َ‬ ‫الص َالةَ َو َّ‬ ‫يُِر ُ‬
‫اْلَنَابَةَ َوا حغتَ َس َل‬ ‫يد‪ِ ،‬مثح َل َم حن نَ ِس َي ح‬ ‫ص َّوُر َع َد َم الن يَّ ِة إذَا َِلح يَ حعلَ حم َما يُِر ُ‬ ‫يُتَ َ‬
‫ضأُ‬ ‫ضوءَ َوَِلح يُِرحد أَنَّهُ يَتَ َو َّ‬‫يد أَ حن يُ َعل َم َغحي َرهُ الح ُو ُ‬ ‫لِلنَّظَافَِة أ حَو لِلتَّبَ ُّرِد‪ ،‬أ حَو َم حن يُِر ُ‬
‫لص حوِم‪،‬‬ ‫صبِ ُح َغحي َر نَاو لِ َّ‬ ‫ضا َن‪ ،‬فَيُ ح‬
‫ِ‬
‫َن َغ ًدا م حن َرَم َ‬ ‫لِنَ حف ِس ِه‪ ،‬أ حَو َم حن َال يَ حعلَ ُم أ َّ‬
‫ضا َن‬ ‫ص حوَم َرَم َ‬‫يد َ‬ ‫ضا َن َوُه َو يُِر ُ‬ ‫ِ‬
‫َن َغ ًدا م حن َرَم َ‬ ‫َوأ ََّما الح ُم حسلِ ُم الَّ ِذي يَ حعلَ ُم أ َّ‬
‫اج أَ حن يَتَ َكلَّ َم بِِه‪َ ،‬وأَ حكثَ ُر َما يَ َق ُع‬ ‫ض ُر َورةً‪َ ،‬وَال َحُيتَ َ‬ ‫فَ َه َذا َال بُ َّد أَ حن يَحن ِويَهُ َ‬
‫ضا َن ِعحن َد ِاال حشتِبَاهِ‪ِ ،‬مثح َل َم حن َال يَ حعلَ ُم أ َّ‬
‫َن‬ ‫ني ِيف َرَم َ‬ ‫يت والت حَّعيِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َع َد ُم التحَّبي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬
‫ص حوًما ُمطحلَ ًقا أ حَو يَ حقص ُد تَطَُّو ًعا ُُثَّ يَتَبَ َّ ُ‬ ‫ضا َن أ حَم َال‪ ،‬فَيَ حن ِوي َ‬ ‫َغ ًدا م حن َرَم َ‬
‫ت الحعِحب َرةُ‬ ‫ضا َن‪ ،‬ولَو تَ َكلَّم بِلِسانِِه بِ َشي ِء وِيف قَ حلبِ ِه ِخ َالفُه َكانَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أَنَّهُ م حن َرَم َ َ ح َ َ‬
‫‪27‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ظ بِِه‪ ،‬ولَو حاعتَ َق َد ب َقاء الحوقح ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َال َة أ ََداءً‬‫ت فَنَ َوى َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِبَا ِيف قَ حلبه َال ِبَا لََف َ َ ح‬
‫ِ‬
‫ني لَهُ‬ ‫ضاءً ُُثَّ تَبَ َّ َ‬ ‫وجهُ فَنَ َو َاها قَ َ‬‫وج الح َوقحت أ حَو حاعتَ َق َد ُخ ُر َ‬ ‫ني ُخ ُر َ‬ ‫ُُثَّ تَبَ َّ َ‬
‫اق ‪.‬‬ ‫ب َق ُاؤه‪ ،‬أَجزأَتحه ص َالتُه بِ ِاالت َف ِ‬
‫َ ُ حَ ُ َ ُ‬
‫َن الن يَّةَ َم َع الحعِحل ِم ِيف َغايَِة الحيُ حس ِر؛ َال‬ ‫ني لَهُ أ َّ‬
‫ف َه َذا تَبَ َّ َ‬ ‫َوَم حن َعَر َ‬
‫ض الحعُلَ َم ِاء ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫آصار َوأَ حغ َالل ‪َ ،‬وَلََذا قَ َال بَ حع ُ‬ ‫اج َإَل َو حس َو َسة َو َ‬ ‫َححتتَ ُ‬
‫ص ُل ل َلعحب ِد ِم حن َج حهل بِالش حَّرِع أ حَو َخبَل ِيف الح َع حق ِل‪.‬‬ ‫الح َو حس َو َسةُ َّإَّنَا َححت ُ‬
‫ت طَائَِفةٌ‬ ‫ب التَّلَ ُّف ُ ِ‬
‫ظ بِالن يَّة ؟ فَ َقالَ ح‬ ‫َّاس ‪َ :‬ه حل يُ حستَ َح ُّ‬ ‫ع الن ُ‬ ‫َوقَ حد تَنَ َاز َ‬
‫ب؛ لِيَ ُكو َن أَبحلَ َغ؛‬ ‫َمحَد ‪ :‬يُ حستَ َح ُّ‬ ‫اب أَِِب َحنِي َفةَ َوالشَّافِعِي َوأ ح‬ ‫َصح ِ‬
‫م حن أ ح َ‬
‫ِ‬
‫ب ذلِك‪ ،‬بَ ِل‬ ‫َمحَد‪َ :‬ال يُ حستَ َح ُّ‬ ‫اب َمالِك َوأ ح‬ ‫َصح ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت طَائ َفةٌ م حن أ ح َ‬ ‫َوقَالَ ح‬
‫ِ‬ ‫التَّلَ ُّف ُ ِ‬
‫َص َحابَهُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحيه َو َسلَّ َم‪َ -‬وأ ح‬ ‫َِّب‪َ -‬‬ ‫ظ ِبا بِ حد َعةٌ ؛ فَِإ َّن النِ َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َالة‬ ‫ني َِلح يُحن َق حل َع حن َواحد محن ُه حم أَنَّهُ تَ َكلَّ َم بِلَ حفظ الن يَّة‪َ ،‬ال ِيف َ‬ ‫َوالتَّابِع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُر َورًة؛‬‫ص ُل َم َع الحع حل ِم بِالحف حع ِل َ‬ ‫َوَال طَ َه َارة َوَال صيَام‪ ،‬قَالُوا ‪ :‬ألَن ََّها َححت ُ‬
‫ب‬‫فَالتَّ َكلُّم ِِبَا نَ حوعُ َهوس و َعبَث وَه َذيَان‪ ،‬والن يَّةُ تَ ُكو ُن ِيف قَ حل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل‬
‫يد َححتصيلَ َها بل َسانه َوَححتص ُ‬ ‫ت ِيف قَ حلبِه‪ ،‬فَ ُِري ُ‬ ‫اإلنح َسان‪َ ،‬ويَ حعتَق ُد أَن ََّها لَحي َس ح‬ ‫حِ‬
‫اس‪،‬‬ ‫َّاس ِيف أَنح َواع ِم حن الح َو حس َو ِ‬ ‫ك يَ َق ُع َكثِريٌ ِم حن الن ِ‬ ‫اص ِل ُحم ٌ ِ ِ‬ ‫احل ِ‬
‫ال‪ ،‬فَل َذل َ‬ ‫َ‬ ‫حَ‬
‫اْلَ حه ُر بِالن يَّ ِة َال ِِإل َم ِام َوَال لِ َمأح ُم ِوم َوَال‬‫َواتَّ َف َق الحعُلَ َماءُ َعلَى أَنَّهُ َال يَ ُسوغُ ح‬
‫ب تَ حك ِر ُيرَها‪َ ،‬وإََِّّنَا الن َزاعُ بَحي نَ ُه حم ِيف التَّ َكلُّ ِم ِِبَا ِسًّرا؛‬ ‫لِ ُمحن َف ِرد‪َ ،‬وَال يُ حستَ َح ُّ‬
‫ب؟‬ ‫َه حل يُكَحرهُ أ حَو يُ حستَ َح ُّ‬

‫****‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪24‬‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في لفظة إنما للحصر‬
‫ِ‬
‫ف‬ ‫اه ِري الحعُلَ َم ِاء َوَه َذا ِمَّا يُ حعَر ُ‬ ‫لَحفظَةُ َّإَّنَا لِحلحص ِر ِعحن َد ََج ِ‬
‫َ‬ ‫َ ح‬
‫وف النَّ حف ِي‬ ‫ف معاِ حر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِاال ح ِ ِ ِ‬
‫ضطَرار م حن لُغَة الح َعَرب‪َ ،‬ك َما تُ حعَر ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫َّاس ‪َ :‬ه حل َدَاللَتُ َها َعلَى‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ع‬ ‫از‬ ‫ن‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك‪ ،‬لَ ِ‬
‫ك‬ ‫و ِاالستِ حفه ِام والشَّر ِط و َغ ِري ذَلِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ ح َ َ ح َ ح‬
‫ِ‬
‫وق أ حَو الحم حف ُهوم؟ َعلَى قَ حولَ ح ِ‬
‫ني‪:‬‬ ‫احلص ِر بِطَ ِر ِيق الحمحنطُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫حَ ح‬
‫ض‬ ‫وق‪َ .‬والح َق حو ُل حاْل َخ ُر قَ حو ُل بَ حع ِ‬ ‫اْلمهور علَى أَنَّه بِطَ ِر ِيق الحمحنطُ ِ‬
‫َ‬ ‫َو حُ ح ُ ُ َ ُ‬
‫ض الحغُ َالةِ ِم حن‬ ‫َح ِد قَ حولَحي ِه‪َ ،‬وبَ حع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمثحبِِ الح َم حف ُهوم َكالح َقاضي أَِِب يَ حعلَى ِيف أ َ‬
‫جوا ِبِِثح ِل قَ حولِِه‪ : ‬إنَّ َما‬ ‫احتَ ُّ‬‫صَر َو ح‬ ‫احلَ ح‬
‫يد ح‬ ‫ِ‬
‫نفاته‪َ ،‬وَه ُؤَالء َز َع ُموا أَن ََّها تُِف ُ‬
‫ص ِر‬ ‫ِ‬ ‫الْم ْؤِمنو َ ‪ . ‬وقَ حد احت َّجت طَائَِفةٌ ِمن حاأل ِ‬
‫ني َعلَى أَن ََّها ل حل َح ح‬ ‫ُصولي َ‬ ‫ح ُ‬ ‫َ حَ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫إن» لِ حِْلثحب ِ‬ ‫بِأ َّ‬
‫ص َل‬‫اجتَ َم َعا َح َ‬ ‫ف َما للنَّ حف ِي‪ ،‬فَِإ َذا ح‬ ‫ات َو َح حر َ‬ ‫َ‬ ‫ف « َّ‬ ‫َن َح حر َ‬
‫َج ًيعا‪َ ،‬وَه َذا َخطَأٌ ِعحن َد الحعُلَ َم ِاء بِالح َعَربِيَّ ِة ؛ فَِإ َّن َما‬ ‫اإلثحبات َِ‬
‫النَّ حف ُي َو حِ َ ُ‬
‫ت َما النَّافِيَةُ‪َ ،‬وَه ِذهِ الح َكافَّةُ تَدخل َعلَى «إ َّن»‬ ‫ِ‬
‫ُهنَا ه َي َما الح َكافَّةُ‪ ،‬لَحي َس ح‬
‫احلر َ ِ‬ ‫ك ِأل َّ‬ ‫ِ‬ ‫وأ ِ‬
‫َصلُ َها أَ حن‬ ‫وف الح َعاملَةَ أ ح‬ ‫َن حُُ‬ ‫ُّها َع حن الح َع َم ِل؛ َو َذل َ‬ ‫َخ َواِتَا‪ ،‬فَتَ ُكف َ‬ ‫َ َ‬
‫اْلزءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬‫ِ‬
‫ت باال حس ِم أَ ِو الحف حع ِل َوَِلح تَ ُك حن َك حُح‬ ‫صح‬ ‫اختَ َّ‬‫اد ‪ ،‬فَِإ َذا ح‬ ‫ص ِ‬ ‫تَ ُكو َن لال حخت َ‬
‫ت فِ ِيه‪،‬‬ ‫ص ِ‬
‫ت بِاال حس ِم فَ َع ِملَ ح‬ ‫اختَ َّ ح‬ ‫َخ َواتُ َها ح‬ ‫ف«إ َّن» َوأ َ‬ ‫ت فِ ِيه؛ َ‬ ‫محنهُ َع ِملَ ح‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫صبًا َوَرفح ًعا َوَكثَُر ح‬ ‫ت نَ ح‬ ‫وف الح ُم حشبِ َهةَ ل حْلَفح َع ِال ؛ ألَن ََّها َع ِملَ ح‬ ‫احلُُر َ‬ ‫َوتُ َس َّمى ح‬
‫وف الش حَّر ِط‬ ‫ت فِ ِيه‪َ ،‬و ُح ُر ُ‬ ‫ص ِ‬
‫ت بِاال حس ِم فَ َع ِملَ ح‬ ‫اختَ َّ ح‬ ‫اْلَر ح‬ ‫وف ح‬‫ُح ُروفُ َها‪َ ،‬و ُح ُر ُ‬
‫ات ِاال حستِ حف َه ِام فَِإن ََّها تَ حد ُخ ُل‬ ‫ف أَدو ِ‬ ‫صت بِالح ِفع ِل فَع ِملَ ِ ِ ِِ ِ‬
‫ت فيه‪ِ ،‬ب َال َ َ‬ ‫اختَ َّ ح ح َ ح‬ ‫ح‬
‫اس ِيف‬ ‫ص َد ِريَّةُ‪َ ،‬وَِلََذا الح ِقيَ ِ‬‫ك « َما» الح َم ح‬
‫ِ‬
‫ني َوَِلح تَ حع َم حل‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫اْلُ حملَتَ ح ِ‬
‫َعلَى ح‬
‫ضا َعلَى لُغَ ِة ََتِيم‪َ ،‬ولَ ِك حن تَ حع َم ُل َعلَى اللُّغَ ِة‬ ‫ِِ‬
‫« َما» النَّافيَة أَ حن َال تَ حع َم َل أَيح ً‬
‫‪29‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫احلِ َجا ِزيَِّة الَِّ نََزَل ِِبَا الح ُق حرآ ُن‪ِ ،‬يف ِمثح ِل قَ حوله تَ َع َ‬
‫اَل‪َ  :‬ما ُه َّن أ َُّم َهاتِ ِه ْم‪‬‬ ‫ح‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ‪‬ما َه َذا ب َشرا ‪ِ ‬‬
‫است حح َسانًا ل ُم َشابَ َهت َها لَحي َ ُهنَا‪ ،‬لَ َّما َد َخلَ ح‬ ‫َ ً ح‬ ‫َ‬
‫إن» أَزالَت ِ‬
‫ت تَ حد ُخ ُل َعلَى‬ ‫ص َار ح‬
‫اص َها فَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫اخت َ‬ ‫« َما» الح َكافَّةُ َعلَى « َّ َ ح ح‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫اْلُ حملَ ِة الح ِف حعلِيَّ ِة فَبَطَ َل َع َملُ َها‪َ ،‬ك َق حول ِه ‪ :‬إنَّ َما أَنْ َ‬ ‫اْلُ حملَ ِة ِاال حِسيَّ ِة َو ح‬ ‫ح‬
‫ُم ْن ِذَ‪َ ‬وقَ حولِِه‪ : ‬إنَّ َما تُ ْج َزْو َ َما ُك ْنَُ ْم تَ ْع َملُو َ ‪َ ، ‬وقَ حد تَ ُكو ُن « َما»‬
‫اسا َال حرفًا‪َ ،‬ك َقولِِه ‪ :‬إنَّما صن عوا َكي ُد ُ ِ‬
‫احر‪‬؛‬ ‫َ ََ ُ ْ َ‬ ‫ح‬ ‫َح‬ ‫الَِّ بَ حع َد «إ َّن» حً‬
‫ف قَ حولِِه ‪ :‬إنَّ َما‬ ‫احر‪ِ ،‬خ َال َ‬ ‫َن الَّ ِذي صنَ عوه َكي ُد س ِ‬
‫َُُ ح َ‬ ‫َي ‪ :‬أ َّ‬ ‫الرفح ِع‪ ،‬أ ح‬ ‫بِ َّ‬
‫يم إ َذا‬ ‫ِ‬ ‫ْحيَا َ ال مدنْ يَا‪‬؛ فَِإ َّن الح ِقراء َة بِالن ح ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َّصب َال تَ حستَق ُ‬ ‫ََ‬ ‫تَ ْقضي َهذ ال َ‬
‫ود لَ ِك حن‬ ‫ص ُر َم حو ُج ٌ‬ ‫ني ا ححلَ ح‬‫ت « َما» ِِبَحع َىن «الَّ ِذي»‪ ،‬وِيف كال الحم حعنَ يَ ح ِ‬ ‫َكانَ ح‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫َن الح َم َعا ِر َ‬ ‫ص ُر َجاءَ ِم حن ِج َه ِة أ َّ‬ ‫احلَ ح‬‫ت « َما» ِِبَحع َىن «الَّ ِذي» فَ ح‬ ‫إ َذا َكانَ ح‬
‫ف‬‫ات‪َ ،‬والح َم َعا ِر ُ‬ ‫ِ‬
‫ف َوإِ َّما نَكَر ٌ‬ ‫َسَاءَ َّإما َم َعا ِر ُ‬ ‫ِه َي ِم حن ِصيَ ِغ الحعُ ُم ِوم؛ فَِإ َّن حاأل ح‬
‫ب َكالنَّ حف ِي َو َغ حِريهِ ِم حن ِصيَ ِغ‬ ‫وج ِ‬‫َّكرةُ ِيف َغ ِري الحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ح ُ‬ ‫م حن صيَ ِغ الحعُ ُموم‪َ ،‬والن َ‬
‫احر‪ ‬تَ حق ِديره ‪ :‬أ َّ ِ‬ ‫الحعم ِوم؛ فَ َقولُه ‪ :‬إنَّما صن عوا َكي ُد ُ ِ‬
‫صنَ عُوهُ‬ ‫َن الَّذي َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ََ ُ ْ َ‬ ‫حُ‬ ‫ُُ‬
‫ِ‬
‫َكحي ُد َساحر ‪.‬‬
‫ص ِر بِالنَّ حف ِي‬ ‫احلَ ح‬‫َّإَّنَا فَ ُه َو ِم حن ِجحن ِ ح‬ ‫ص ُر ِيف‬ ‫احلَ ح‬‫َوأ ََّما ح‬
‫شر ِمْ لُنَا‪َ  ،‬وَما ُم َح َّمد َّإَّل‬ ‫ت َّإَّل بَ َ‬ ‫اَل ‪َ  :‬ما أَنْ َ‬ ‫َو ِاال حستِثح نَ ِاء؛ َك َق حولِِه تَ َع َ‬
‫ور ِيف الثَّاِ ‪َ ،‬وقَ حد يُ َعبَّ ُر‬ ‫صٌ‬ ‫َن حاأل ََّوَل َححم ُ‬ ‫ص ُر قَ حد يُ َعبَّ ُر َعحنهُ بِأ َّ‬
‫احلَ ح‬‫ََ ُُول‪َ . ‬و ح‬
‫عحنه بِالحع حك ِ ‪ ،‬والحمعىن و ِ‬
‫ت لَهُ‬ ‫َن الثَّاِ َ أَثحبَتَهُ حاأل ََّو ُل َوَِلح يَثحبُ ح‬ ‫اح ٌد؛ َوُه َو أ َّ‬ ‫َ َ حَ َ‬ ‫َُ َ‬
‫ت لَهُ‪َ ،‬ولَحي َ الح ُمَر ُاد أنَّك تَحن ِفي َع ِن حاأل ََّوِل ُك َّل َما‬ ‫ِ‬
‫َغحي ُرهُ ِمَّا يُتَ َوَّه ُم أَنَّهُ ثَابِ ٌ‬
‫َي ‪ :‬إنَّك لَ حست َربًّا ََلُ حم َوَال‬ ‫ِسوى الثَّاِ ؛ فَ َقولُه ‪ :‬إنَّما أَنْ َ ِ‬
‫ت ُم ْنذَ‪ ‬أ ح‬ ‫َ‬ ‫حُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَْيه ْم‬ ‫َس َ‬ ‫ال ‪ :‬ل ْ‬ ‫ُحمَاسبًا َوَال َُازيًا َوَال َوك ًيال َعلَحيه حم ؛ َك َما قَ َ‬
‫يح ابْ ُن‬ ‫ِ‬
‫َ الَْ ََلغُ‪َ  ،‬ما ال َْمس ُ‬ ‫ال ‪ :‬فَِإنَّ َما َعلَْي َ‬ ‫بِ ُم َس ْي ِطر‪َ ،‬وَك َما قَ َ‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪21‬‬
‫َ ُه َو إ ََلًا‬ ‫ت ِم ْن قَ ْلِ ِه ال مر ُُ ُل َوأُمهُ ِصديي َقة‪‬؛ لَحي‬ ‫َم ْريَ َم َّإَّل ََ ُُول قَ ْد َخلَ ْ‬
‫أَ حن يَ ُكو َن‬ ‫َوَال أ ُُّمهُ إ ََلَةً؛ بَ حل َغايَتُهُ أَ حن يَ ُكو َن َر ُس ًوال‪َ ،‬ك َما َغايَةُ ُحمَ َّمد‬
‫َر ُس ًوال‪َ ،‬و َغايَةُ َم حرََيَ أَ حن تَ ُكو َن ِصدي َقةً‪.‬‬
‫ين ‪ :‬إن ََّها‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َخ‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ح‬ ‫ا‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫وه َذا ِِمَّا اُستُ ِد َّل بِِه َعلَى بطح َال ِن قَوِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫ََ‬
‫اضي أَبُو‬ ‫اإل حَجاع علَى ع َدِم نُب َّوةِ أَحد ِمن النس ِاء الح َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نَبيَّةٌ‪َ .‬وقَ حد َح َكى ح َ َ َ َ ُ َ ح َ‬
‫ُستَاذُ أَبُو الح َم َع ِاِل اْلويِن‬ ‫ِ‬ ‫بَكحر ابحن الطَّي ِ‬
‫ب َوالح َقاضي أَبُو يَ حعلَى َو حاأل ح‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اَل‪َ  :‬وَما ُم َح َّمد إَّل ََ ُُول قَ ْد َخلَ ْ‬ ‫ك قَ حوله تَ َع َ‬ ‫ِ‬
‫ت م ْن‬ ‫َو َغحي ُرُه حم ‪َ ،‬وَك َذل َ‬
‫ِِ‬
‫وز‬
‫وت َوَال يُ حقتَ ُل‪ ،‬بَ حل ََيُ ُ‬ ‫َي ‪ :‬لَحي َ ُخمَلَّ ًدا ِيف الدُّنحيَا َال ميَُ ُ‬ ‫قَ ْله ال مر ُُلُ‪‬؛ أ ح‬
‫ات‬‫ت أ حَو الح َقحت ِل‪ ،‬أَفَِإ ْ َم َ‬ ‫علَي ِه ما جاز علَى إخوانِِه الحمرسلِني ِمن الحمو ِ‬
‫َ ح َ َ َ َ ح َ ُح َ َ ح َ ح‬
‫ِ‬
‫يل أ َّ‬
‫َن ُحمَ َّم ًدا قَ حد‬ ‫ُحد لَ َّما ق َ‬ ‫ت يَ حوَم أ ُ‬‫أ َْو قَُِ َل انْ َقلََُْ ْم َعلَى أَ ْع َقابِ ُك ْم‪ ،‬نََزلَ ح‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم فَ َق َال‬ ‫قُتِل‪ ،‬وتَ َالها الصديق ي وم مات رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ُ َح َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ات َوَم حن َكا َن يَ حعبُ ُد اللَّهَ فَِإ َّن‬ ‫‪َ :‬م حن َكا َن يَ حعبُ ُد ُحمَ َّم ًدا فَِإ َّن ُحمَ َّم ًدا قَ حد َم َ‬
‫وها َح َّّت‬ ‫َّاس َِلح يَ حس َمعُ َ‬ ‫َن الن َ‬ ‫وت‪َ .‬وتَ َال َه ِذهِ حاْليَةَ‪ ،‬فَ َكأ َّ‬ ‫اللَّهَ َحي َال ميَُ ُ‬
‫ِ‬
‫وها ‪.‬‬‫َح ٌد َّإال يَحت لُ َ‬
‫وج ُد أ َ‬‫تَ َال َها أَبُو بَكحر َرض َي اللَّهُ َعحنهَ‪ ،‬فَ َكا َن َال يُ َ‬

‫****‬
‫‪21‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في المواضع الَي تنازع الناس في نفيها‬
‫ين إذَا ذُكِ َر اللَّهُ َو ِجلَ ْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫اَل‪ :‬إنَّ َما ال ُْم ْؤمنُو َ الذ َ‬
‫َوأ ََّما قَ حوله تَ َع َ‬
‫اإلميَا َن َِلَُؤَال ِء‪َ ،‬ونَ َفاهُ َع حن‬
‫ت فِ َيها حِ‬ ‫ِِ‬
‫قُلُوبُ ُه ْم‪ ...‬حاْليَةَ‪ ،‬فَ َهذه حاْليَةُ أَثحبَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم َع َّم حن نَ َفاهُ َعحنهُ ِيف‬ ‫ِ‬
‫َِّب َ‬ ‫َغ حِريه حم‪َ ،‬ك َما نَ َفاهُ النِ ُّ‬
‫ين يَ ْزنِي َو ُه َو ُم ْؤِمن َوََّل‬ ‫يث؛ ِمثحل قَولِِه ‪ََّ « :‬ل ي زنِي َّ ِ ِ‬
‫الزاني ح َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ح‬
‫حاألَح ِاد ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ْخ ْم َر ح َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ين يَ ْس ِر ُق َو ُه َو ُم ْؤمن َوََّل يَ ْش َر ُ‬ ‫السا َِ ُق ح َ‬‫يَ ْس ِر ُق َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْش َربُ َها َو ُه َو ُم ْؤمن فَِإيَّا ُك ْم َوإِيَّا ُك ْم» ‪َ ,‬وَك َذل َ‬
‫(‪)1‬‬
‫إيما َ‬ ‫ك قَ حولُهُ ‪ََّ « :‬ل َ‬
‫اب قَ حوله‬ ‫لِم ْن ََّل أ ََمانَةَ لَهُ وََّل ِدين لِم ْن ََّل َع ْه َد لَهُ» (‪ ،)2‬وِمن َه َذا الحب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا باللَّه َوََ ُُوله ثُ َّم ل ْ‬
‫َم‬ ‫ين َ‬ ‫اَل‪ :‬إنَّ َما ال ُْم ْؤمنُو َ الذ َ‬ ‫تَ َع َ‬
‫آمنُوا بِاللَّ ِه َوََ ُُولِ ِه‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْرتَابُوا‪ ...‬حاْليَةَ‪َ ،‬وقَ حولُهُ‪ : ‬إنَّ َما ال ُْم ْؤمنُو َ الذ َ‬
‫َوإِذَا َكانُوا َم َعهُ َعلَى أ َْمر َج ِامع‪ ...‬حاْليَةَ ‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ع الن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّاس يف نَ حفي َها‪َ ،‬واَلذي َعلَحيه ََجَاهريُ‬ ‫َوَهذه الح َم َواض ُع قَ حد تَنَ َاز َ ُ‬
‫ض‬ ‫ان ِالنحتِ َف ِاء بَ حع ِ‬ ‫اإلميَ ِ‬
‫َن نَ حفي حِ‬ ‫يث َو َغحي ُرُه حم ‪ :‬أ َّ‬ ‫احل ِد ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫السلَف َوأ حَه ُل حَ‬
‫َ‬
‫ات فِ ِيه‪َ ،‬والشَّا ِرعُ َدائِ ًما َال يَحن ِفي الح ُم َس َّمى الش حَّر ِع َّي َّإال ِالنحتِ َف ِاء‬ ‫الحو ِاجب ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال نَ حو َعان‪:‬‬ ‫ك نَ حف ُي الح َك َمال‪ ،‬فَالح َك َم ُ‬ ‫يل ‪ :‬الح ُمَر ُاد بِ َذل َ‬ ‫ِ‬
‫َواجب فيه َوإ َذا ق َ‬
‫ض الح ُف َق َه ِاء ‪ :‬الحغُ حس ُل يَحن َق ِس ُم‬ ‫ب َك َق حوِل بَ حع ِ‬ ‫ب َوُم حستَ َحب‪ ،‬فَالح ُم حستَ َح ُّ‬ ‫ِ‬
‫َواج ٌ‬
‫ال ُه َو‬ ‫ات‪َ ،‬ولَحي َ َه َذا الح َك َم ُ‬ ‫َإَل َك ِامل وُح ِزئ أَي ‪َ :‬ك ِامل الحمستَحبَّ ِ‬
‫ُ ُح َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه ابن ماجه يف الفأ رقم ‪ ،2926‬باب ‪.2‬‬


‫(‪)2‬رواه أمحد يف املسند ج ‪.2‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪22‬‬
‫ب‪َ ،‬وإَِّال‬ ‫الحمحن ِفي ِيف لَحف ِظ الشَّا ِرِع‪ ،‬بل الحمحن ِفي هو الح َكم ُ ِ‬
‫ال الح َواج ُ‬ ‫َ ح َ ُّ ُ َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫الص َال َة‪َ ،‬وَال الصيَ َام‪َ ،‬وَال الطَّ َه َارَة‪َ ،‬وَال‬ ‫اإلميَا َن‪َ ،‬وَال َّ‬ ‫ف حِ‬ ‫فَالشَّا ِرعُ َِل ي حن ِ‬
‫حَ‬
‫ِ‬
‫ض ُم حستَ َحبَّاِتَا ؛ إ حذ لَحو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ِم حن الح ُم َس َّميَات الش حَّرعيَّة النحت َفاء بَ حع ِ‬ ‫ِ‬
‫َحو َو َذل َ‬
‫ني‪ ،‬بَ حل َّإَّنَا نَ َفاهُ ِالنحتِ َف ِاء‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اإلميَا ُن َع حن ََجَاه ِري الح ُم حؤمن َ‬
‫ك َالنحتَ َفى حِ‬ ‫ِ‬
‫َكا َن َك َذل َ‬
‫ت‬ ‫ام لِ َم ْن لَ ْم يُ َ ي ْ‬ ‫ِ‬
‫الس َال ُم ‪ََّ « :‬ل صيَ َ‬ ‫ات؛ َك َق حولِِه‪َ -‬علَحي ِه َّ‬
‫الص َالةُ َو َّ‬ ‫الحو ِاجب ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫ع‬
‫ظ تَنَ َاز َ‬ ‫ت َعحنهُ أَلح َفا ٌ‬ ‫ص ََل َ َّإَّل بِأُ يم الْ ُق ْرآ » ‪َ .‬وقَ حد ُرِويَ ح‬ ‫الني يَّةَ‪ ,‬وََّل َ‬
‫ام ِم ْن‬ ‫صيَ َ‬‫ت ال ي‬ ‫صيام لِمن لَم ي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس ِيف ثُبُوِتَا َعحنهُ مثح َل قَ حوله‪ََّ « :‬ل َ َ َ ْ ْ َُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الن‬
‫ضو لِ‬ ‫ضوِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫َّ‬
‫اُ َم‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ ُ َ َْ ْ َ ْ ْ‬ ‫م‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫َّل‬
‫َ‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ب‬ ‫إَّل‬ ‫َ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫َّل‬‫َ‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫و‬‫الل ْي ِل» َ‬
‫‪,‬‬
‫ص ََل َ لِ َجا َِ ال َْم ْس ِج ِد َّإَّل فِي ال َْم ْس ِج ِد»‪َ .‬م حن‬ ‫َ‬ ‫َّل‬
‫َ‬ ‫«‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ (‪)3‬‬
‫اللَّ ِه َعلَْيه»‬
‫ِ‬ ‫ظ فَ َعلَحي ِه أَ حن يَ ُق َ ِ ِ ِ‬ ‫ت ِعحن َدهُ َه ِذهِ حاألَلح َفا ُ‬
‫ض َّمنَحتهُ‬ ‫ب َما تَ َ‬ ‫ول ِبُوجب َها؛ فَيُوج ُ‬ ‫ثَبَتَ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫اس ِم اللَّ ِه ‪َ ،‬وإِ َجابَِة الح ُم َؤذ ِن ‪َ ،‬وَحو ِو َذل َ‬‫م حن ‪ :‬التحَّبيِيت ‪َ ،‬وذ حك ِر ح‬
‫ِ‬

‫ات الحعِبَ َادةِ ‪َ ،‬ه حل يُ َق ُ‬ ‫اإلنحسا ُن ب عض و ِاجب ِ‬


‫ال ‪:‬‬ ‫ُُثَّ إ َذا تَ َرَِ حِ َ َ ح َ َ َ‬
‫اب َعلَى َما فَ َعلَهُ‬ ‫ال ‪ :‬يُثَ ُ‬ ‫اب لَهُ َعلَحي َها ؟ أ حَم يُ َق ُ‬ ‫ت ُكلُّ َها فَ َال ثَ َو َ‬ ‫بَطَلَ ح‬
‫ب‬‫ك ؟ َه َذا يَ ُكو ُن ِِبَس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫إع َادةُ َذل َ‬ ‫ب َعلَى َما تَ َرَكهُ ؟ َوَه حل َعلَحيه َ‬ ‫َويُ َعاقَ ُ‬
‫ات ِيف الحعِبَ َادةِ ِما َال تَ حبطُ ُل الحعِبَ َادةُ بِتَ حركِ ِه‬ ‫حاأل َِدلَِّة الشَّر ِعيَّ ِة؛ فَ ِمن الحو ِاجب ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ح‬

‫(‪ )1‬عن عبادة بن الصامت عن النِب صلى اهلل عليه وسلم قال‪َّ« :‬ل صَل لمن لم يقرأ بفاتحة‬
‫الكَاب»‪ .‬رواه اْلماعة‪.‬‬
‫قال علي بن أِب طالب‪« :‬كل صالة ِل يقرأ فيها بفاحتة الكتاب فهي خداج»‪ ،‬واْلداج‪-‬‬
‫بكسر اْلاء‪ -‬أي النقصان‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه أمحد وأبو داود والنسائي والرتمذي وابن خزمية يف صحيحه وابن ماجه والدارقطِن‬
‫واختلف األئمة فيه‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه أمحد وأبو داود والرتمذي يف العلل‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ات ِيف احلَه الَِّ‬ ‫وِ‪َ ،‬كالحو ِاجب ِ‬ ‫إع َاد َة َعلَى تَا ِركِ ِه‪ ،‬بَ حل ُحَيبَ ُر الح َمحت ُر ُ‬
‫َ َ‬ ‫َوَال َ‬
‫ات َوَحو ِو‬ ‫اْلِما ِر‪ ،‬وأَ حن ُُي ِرم ِمن َغ ِري الح ِمي َق ِ‬ ‫ِ‬
‫ت أ حَرَكانًا‪ ،‬مثح َل َرحمي ح َ َ ح َ ح ح‬ ‫لَحي َس ح‬
‫َمحَد َو َغ حِريِه حم فِ َيها‬ ‫ك َوأ ح‬ ‫اْلمهوِر َكمالِ ِ‬
‫َ‬
‫ك َّ ِ‬
‫الص َالةُ عحن َد حُ ح ُ‬
‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬وَك َذل َ‬
‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫ول أَبُو َحنِي َفةَ ِيف الح َف ِاحتَ ِة‬ ‫الص َالةُ بِتَ حركِ ِه ِعحن َد ُه حم َك َما يَ ُق ُ‬
‫ب َال تَ حبطُ ُل َّ‬ ‫َواج ٌ‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫َّش ُّه ِد حاأل ََّوِل‪ ،‬لَ ِك حن َمالِ ٌ‬ ‫َمحَد ِيف الت َ‬ ‫ك َوأ ح‬ ‫ول َمالِ ٌ‬ ‫َوالطُّ َمأحنِينَ ِة‪َ ،‬وَك َما يَ ُق ُ‬
‫لس حه ِو‪َ ،‬وأ ََّما‬‫َمحَد يَ ُق َوال ِن‪َ :‬ما تََرَكهُ ِم حن َه َذا َس حه ًوا فَ َعلَحي ِه أَ حن يَ حس ُج َد لِ َّ‬ ‫َوأ ح‬
‫َّش ُّه ِد حاأل ََّوِل‬
‫الص َالةُ بِتَ حرِِ الت َ‬
‫ص َالتُهُ َك َما تَ حبطُ ُل َّ‬ ‫إ َذا تَ َرَكهُ َع حم ًدا فَتَحبطُ ُل َ‬
‫اب َمالِك يُ َس َّم حو َن َه َذا‬ ‫َص َح ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع حم ًدا‪ِ .‬يف الح َم حش ُهوِر م حن َم حذ َهبَ حي ِه َما‪ ،‬لَك حن أ ح‬
‫ب ِعحن َد ُه حم ‪.‬‬ ‫ُسنَّةً ُم َؤَّك َد ًة‪ ،‬وَم حعنَاهُ َم حع َىن الحو ِاج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫ب الَّ ِذي لَحي بَِف حر ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ‪َ :‬م حن تَ َرَِ الح َواج َ‬ ‫َوأ ََّما أَبُو َحنِي َفةَ فَيَ ُق ُ‬
‫َ‬
‫اْلمهور ي ُقولُو َن ‪َ :‬ال نَعه ُد ِيف الحعِبادةِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫حَ‬ ‫إع َاد َة َعلَحيه‪َ .‬و حُ ح ُ ُ َ‬ ‫َساءَ َوَال َ‬ ‫َع حم ًدا أ َ‬
‫إع َاد َة َعلَحي ِه؛ فَ َال بُ َّد ِم حن‬ ‫ِ ِ‬
‫اإلنح َسا ُن َإَل َغ حِري بَ َدل‪َ ،‬وَال َ‬ ‫يما يَحت رُكهُ حِ‬
‫َواجبًا ف َ ُ‬
‫َن َم حن‬ ‫ت حاألَئِ َّمةُ َعلَى أ َّ‬ ‫وب الحب َد ِل لِ حِْلعادةِ ‪ ،‬ولَ ِكن مع ه َذا اتَّ َف َق ِ‬ ‫وج ِ‬
‫َ َ َ ح ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ِ‬
‫الدم الذي َعلَحيه َِلح يَحبطُ حل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلَه لَحي َ ب ُرحك ِن َوَِلح َحَيبُ حرهُ ب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَ َرَِ َواجبًا يف ح‬
‫يث ‪:‬‬ ‫احل ِد ِ‬ ‫ول َجُحهور َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫السلَف َوأ حَه ُل حَ‬ ‫إع َادتُهُ‪ ،‬فَ َه َك َذا يَ ُق ُ ُ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫َح ُّجهُ َوَال ََت ُ‬
‫اإلميَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات حِ ِ ِ‬ ‫َن من تَرَِ و ِاجبا ِمن و ِاجب ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ول حِ‬‫ُص َ‬‫ضأ ُ‬ ‫اإلميَان الَّذي َال يُنَاق ُ‬ ‫أ َّ َ ح َ َ ً ح َ َ‬
‫ات الح ُم َكفَرةِ ‪ .‬فَالح َكبَائُِر‬ ‫احلسنَ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ َعلَحيه أَ حن َحَيبُ َر إميَانَهُ َّإما بالت حَّوبَة ‪َ ،‬وإ َّما ب حَ َ‬
‫الص َدقَةُ َو حاأل حَم ُر‬
‫الص َالةُ َوالصيَ ُام َو َّ‬ ‫الصغَائُِر تُ َكف ُرَها َّ‬ ‫وب ِمحن َها َو َّ‬ ‫يَتُ ُ‬
‫وف َوالن حَّه ُي َع حن الح ُمحن َك ِر‪ ،‬فَِإ حن َِلح يَ حف َع حل َِلح َحُيبَ حط إميَانُهُ َجُحلَةً ‪.‬‬ ‫بِالحمعر ِ‬
‫َ حُ‬
‫ضهُ‪َ ،‬ك َما ِيف‬ ‫ضهُ َويَحب َقى بَ حع ُ‬ ‫ب بَ حع ُ‬ ‫ض؛ فَيَ حذ َه ُ‬ ‫َن حِ‬
‫اإلميَا َن يَتَبَعَّ ُ‬ ‫َصلُ ُه حم أ َّ‬
‫َوأ ح‬
‫ج ِم ْن النَّا َِ َم ْن َكا َ فِي قَ ْلِ ِه‬ ‫الس َال ُم‪« :‬يَ ْخ ُر ُ‬ ‫الص َالةُ َو َّ‬‫قَ حولِِه َعلَحي ِه َّ‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪28‬‬
‫اض ُل‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫مي‬ ‫ِ‬
‫اإل‬‫ح‬ ‫َّ‬
‫َن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ذ‬
‫ح‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ال َذ ََّ ِمن إيما » (‪ .)1‬وِ‬
‫َل‬ ‫ِمْ َق ُ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ ح‬ ‫ْ َ‬
‫َمحَد َو َغ حِريِه حم ‪.‬‬ ‫ب َمالِك َوالشَّافِعِي َوأ ح‬ ‫ض‪ ،‬وَه َذا َم حذ َه ُ‬ ‫َويَتَبَ َّع ُ‬
‫َّ ِ‬
‫ب‬ ‫َّه حم قَالُوا ‪َ :‬م َّت َذ َه َ‬ ‫اضلَهُ َكأَن ُ‬ ‫ضهُ َوتَ َف ُ‬ ‫ين أَنح َك ُروا تَبَ عُّ َ‬ ‫َوأ ََّما الذ َ‬
‫ِج َوالح ُم حعتَ ِزلَةُ ‪:‬‬ ‫ني ‪ :‬فَ َقالَ ِ‬ ‫ضهُ َذ َهب َسائِرهُ‪ُُ ،‬ثَّ انح َقسموا قِسم ح ِ‬
‫اْلََوار ُ‬
‫ت ح‬ ‫َُ حَ‬ ‫َ ُ‬ ‫بَ حع ُ‬
‫ك‬ ‫ان‪ ،‬فَِإ َذا َذهب ب ع ِ‬ ‫ات ِم َن حِ‬
‫اإلميَ ِ‬ ‫ات وتَرُِ الحمحَّرم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َذل َ‬ ‫َ َ َح ُ‬ ‫ف حع ُل الح َواجبَ َ ح ُ َ َ‬
‫ت‬ ‫اس ِق إميَا ٌن أَص ًال ِِبال‪ُُ .‬ثَّ قَالَ ِ‬ ‫اإلميَا ُن ُكلُّه؛ فَ َال ي ُكو ُن مع الح َف ِ‬ ‫ب حِ‬
‫ح َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َذ َه َ‬
‫ت الح ُم حعتَ ِزلَةُ ‪ :‬لَحي َ بِ َكافِر َوَال ُم حؤِمن؛ بَ حل ُه َو‬ ‫اْلَوا ِرج ‪ :‬هو َكافِر وقَالَ ِ‬
‫ح َ ُ َُ ٌ َ‬
‫ِ‬ ‫ني الحمحن ِزلَتَ ح ِ‬ ‫ِ‬
‫وه حم‬ ‫ِج ِيف اال حس ِم َوَوافَ ُق ُ‬ ‫اْلََوار َ‬
‫ني؛ فَ َخالَُفوا ح‬ ‫فَاس ٌق نُحن ِزلُهُ َمحن ِزلَةً بَ ح َ َ‬
‫ِ‬
‫اعة َوَال َغ حِريَها‪.‬‬ ‫احلُ حك ِم‪َ ،‬وقَالُوا ‪ :‬إنَّهُ ُخمَلَّ ٌد ِيف النَّا ِر َال َُيحُر ُج محن َها بِ َش َف َ‬ ‫ِيف ح‬
‫السن َِّة َعلَى أَنَّهُ َال ُُيَلَّ ُد ِيف النَّا ِر ِم حن‬ ‫ب الثَّاِ َوافَ ُقوا أ حَه َل ُّ‬ ‫و حِ‬
‫احل حز ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َن َه َذا َال يَ ُكو ُن َّإال َم َع ُو ُجود َك َم ِال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ٌد‪ُُ ،‬ثَّ ظَنُّوا أ َّ‬ ‫أ حَه ِل الت حَّوحيد أ َ‬
‫اسق فَ ُه َو‬ ‫اإلميَا َن َال ي تَب َّعض‪ ،‬فَ َقالُوا‪ُ :‬ك ُّل فَ ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫َن حِ‬ ‫ان؛ ِال حعتِ َق ِاد ِه حم أ َّ‬ ‫اإلميَ ِ‬
‫حِ‬
‫اْلَحل ِق متَماثِل َال متَ َف ِ‬ ‫َك ِامل حِ ِ ِ‬
‫اض ُل ِيف َغ حِري‬ ‫اض ٌل‪َ ،‬وإََِّّنَا التَّ َف ُ‬ ‫اإلميَان‪َ ،‬وإميَا ُن ح ُ َ ٌ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلميَان م َن حاأل حَع َم ِال‪َ .‬وقَالُوا ‪ :‬حاأل حَع َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن اللَّهَ‬ ‫اإلميَان؛ أل َّ‬ ‫ت م َن حِ‬ ‫ال لَحي َس ح‬ ‫حِ‬
‫ان َو حاأل حَع َم ِال ِيف كِتَابِِه‪ُُ .‬ثَّ قَ َال الح ُف َق َهاءُ الح ُم حعتَبَ ُرو َن ِم حن‬ ‫اإلميَ ِ‬
‫ني حِ‬ ‫فَ َّر َق بَ ح َ‬
‫ب وقَو ُل اللس ِ‬ ‫اإلميا َن هو تَ ِ‬ ‫أ حَه ِل َه َذا الح َق حوِل ‪َّ :‬‬
‫ان‪َ .‬وَه َذا‬ ‫َ‬ ‫يق الح َق حل ِ َ ح‬ ‫صد ُ‬ ‫إن حِ َ ُ َ ح‬
‫ول َع حن َمحَّاد بح ِن أَِِب ُسلَحي َما َن َوَم حن َوافَ َقهُ َكأَِِب َحنِي َفةَ َو َغ حِريهِ‪َ .‬وقَ َال‬ ‫الح َمحن ُق ُ‬
‫احلَ َس ِن َو َغ حِريهِ ‪:‬‬ ‫الصاحلِِ ُّي َوَم حن َوافَ َق ُه َما ِم حن أ حَه ِل الح َك َالِم َكأَِِب ح‬ ‫َج حه ٌم َو َّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ص ِد ِيق الح َق حل ِ‬‫إنَّهُ ََُّرُد تَ ح‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري معلقا يف كتاب اإلميان‪ ،‬باب ‪ ،22‬ج ‪ ،1‬د ‪ ،127‬فتح الباري‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫اإلميَ ِ‬ ‫اسم حِ‬ ‫اب‪ :‬أ َّ‬ ‫اب فِي َه َذا الَْ ِ‬ ‫ْخطَ ِ‬ ‫صل ال ِ‬
‫ان قَ حد يُ حذ َك ُر‬ ‫َن ح َ‬ ‫َوفَ ْ ُ‬
‫اإل حس َالِم ؛ فَِإ َذا ذُكَِر ََُّرًدا تَنَ َاوَل‬ ‫ََُّرًدا ‪َ ،‬وقَ حد يُ حذ َكر َم حقرونًا بِالح َع َم ِل أ حَو بِ حِ‬
‫ُ ُ‬
‫ضع َوَُمو َ ‪-‬أ حَو بِ ح‬ ‫ِ‬ ‫يما ُ بِ ْ‬ ‫ني ‪ِْ « :‬‬ ‫يح ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫حاأل حَع َم َال‪َ ،‬ك َما ِيف َّ‬
‫ض ٌع‬ ‫اْل َ‬ ‫الصح َ‬
‫اها َإماطَةُ‬ ‫َو َسحب عُو َن‪ُ -‬ش ْعَةً أَ ْع ََل َها قَ ْو ُل ‪ََّ :‬ل إلَهَ َّإَّل اللَّهُ ‪َ ,‬وأَ ْدنَ َ‬
‫آم ُرُك ْم‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫ح‬ ‫ا‬ ‫ْاألَ َذى عن الطَّ ِر ِيق» (‪ . )1‬وفِي ِهما أَنَّه قَ َال لِوفح ِد عب ِ‬
‫د‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َح ح‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َْ‬
‫اد ُ أَ ْ ََّل إلَهَ َّإَّل اللَّهُ‬ ‫يما ُ بِاَللَّ ِه ؟ َش َه َ‬ ‫يما ِ بِاَللَّ ِه‪ ,‬أَتَ ْد َُو َ َما ِْ‬
‫اْل َ‬ ‫بِ ِْ‬
‫اْل َ‬
‫الزَكا ِ َوأَ ْ تُ َؤ مدوا‬ ‫الص ََل ِ َوإِيََا ُ َّ‬ ‫ام َّ‬ ‫وأَ َّ مح َّم ًدا َُ ُ ِ‬
‫ول اللَّه َوإِقَ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َُ‬
‫اإلس َالِم ‪َ -‬كما ِيف ح ِديثِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع َما غَن ْمَُ ْم»‪َ ، .‬وإِ َذا ذُكَر َم َع حِ ح‬
‫)‬‫‪2‬‬ ‫(‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُخ ُم َ‬
‫اإل حس َالِم‬
‫ان َو حِ‬ ‫اإلميَ ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّم َع حن حِ‬ ‫َِّب َ‬‫يل أَنَّهُ َسأ ََل النِ َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ج حرب َ‬
‫يما ُ أَ ْ تُ ْؤِم َن بِاَللَّ ِه َوَم ََلئِ َكَِ ِه‬ ‫ان ‪ -‬فَ َّر َق بَحي نَ ُه َما فَ َق َال ‪ِْ « :‬‬
‫اْل َ‬
‫اإلحس ِ‬
‫َ‬ ‫َو حِ ح‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه‬ ‫ِ‬
‫َِّب‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫د‬‫آخ ِرهِ‪ .‬وِيف الحمسن ِ‬
‫َ‬ ‫وُكَُِ ِه وَُلِ ِه» (‪َ ...)2‬إَل ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ح َح‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ْب» فَلَ َّما ذَ َكَرََُا‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ِ‬
‫يما ُ في الْ َقل ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل ُْ ََل ُم َع ََلنيَة َو ِْ‬ ‫َو َسلَّم‪ِْ « :‬‬
‫اْل َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإل حس َال َم َما يَظح َه ُر م حن حاأل حَع َم ِال‪.‬‬ ‫ب َو حِ‬ ‫اإلميَا َن ِيف الح َق حل ِ‬
‫َن حِ‬ ‫َِ‬
‫َج ًيعا ذَ َكَر أ َّ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب ‪ ،12‬رقم ‪.54‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري يف املغازي‪ ،‬باب ‪ ،69‬ج ‪ ،4‬رقم ‪ ،8264‬فتح الباري‪.‬‬
‫(‪)2‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬ج ‪ ،1‬د ‪ ،181‬فتح الباري‪.‬‬
‫(‪ )8‬قال القرطِب‪ :‬هذا احلديث يصلح أن يقال له‪ :‬أم السنة؛ ملا تضمنه من َجل علم السنة‪.‬‬
‫وقال القاضي عياي‪ :‬اشتمل هذا احلديث على َجيع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من‬
‫عقود اإلميان ابتداء وحاال ومآال‪ ،‬ومن أعمال اْلوارح ومن إخالد السرائر والتحفظ من‬
‫آفات األعمال؛ حّت إن علوم الشريعة راجعة إليه ومتشعبة منه‪.‬‬
‫انظر فتح الباري‪ ،‬ج ‪ ،1‬د ‪.181‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪26‬‬
‫اهَرَة ِألَن ََّها لََوا ِزُم َما ِيف‬ ‫اإلميا َن أَدخل فِ ِيه حاألَعم َال الظَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حَ‬ ‫َوإ َذا أَفح َرَد ح َ ح َ َ‬
‫َخبَ َر بِِه َّ‬ ‫ب والتَّص ِد ِ‬ ‫الح َق حل ِ ِ‬
‫ول‬‫الر ُس ُ‬ ‫يق ِبَا أ ح‬ ‫اإلميَا ُن ِيف الح َق حل ِ َ ح ُ‬ ‫ت حِ‬ ‫ب؛ ألَنَّهُ َم َّت ثَبَ َ‬
‫َح ٌد َس ِر َيرًة َّإال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسَّر أ َ‬ ‫ض ُر َورًة؛ فَإنَّهُ َما أ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ول ُم حقتَضى َذل َ‬ ‫صُ‬ ‫ب ُح ُ‬ ‫َو َج َ‬
‫ات لِسانِِه؛ فَِإذَا ثَبت الت ِ‬ ‫ات وج ِه ِه وفَلَتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫يق‬
‫َّصد ُ‬ ‫ََ ح‬ ‫َ‬ ‫ص َف َح َ ح َ‬ ‫أَبح َد َاها اللَّهُ َعلَى َ‬
‫ضاهُ أَلحبَتَّةَ؛ فَ َال تَ حستَ ِقُّر َم حع ِرفَةٌ تَ َّامةٌ‬‫ف الح َع َم ُل ِِبُحقتَ َ‬ ‫ب َِل ي تَ َخلَّ ِ‬
‫ِيف الح َق حل ِ ح َ‬
‫اإلميَا َن‬‫اه ِر‪َ ،‬وَِلََذا يَحن ِفي اللَّهُ حِ‬ ‫وَحمبَّةٌ ص ِحيحةٌ‪ ،‬وَال ي ُكو ُن ََلا أَثَر ِيف الظَّ ِ‬
‫َ ٌ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الال ِزم يَ حقتَضي انحت َفاءَ الح َم حل ُزوم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعحنهُ لَوا ِزُمهُ؛ فَِإ َّن انحت َفاءَ َّ‬
‫َ‬ ‫َع َّم حن انحتَ َف ح‬
‫اَل‪َ  :‬ول َْو َكانُوا يُ ْؤِمنُو َ بِاللَّ ِه َوالنَِّ يي َوَما أُنْ ِز َل إل َْي ِه َما‬ ‫َك َق حولِِه تَ َع َ‬
‫وه ْم أ َْولِيَا َ‪َ ‬وقَ حولِِه ‪ََّ  :‬ل تَ ِج ُد قَ ْوًما يُ ْؤِمنُو َ بِاللَّ ِه َوالْيَ ْوِم ْاْل ِخ ِر‬ ‫اتَّ َخ ُذ ُ‬
‫اهر والحب ِ‬ ‫ِ‬
‫اط ُن‬ ‫اد اللَّهَ َوََ ُُولَهُ‪ ...‬حاْليَةَ‪َ ،‬وَحو َوَها؛ فَالظَّ ُ َ َ‬ ‫يُ َوادمو َ َم ْن َح َّ‬
‫اط ِن؛ َوإِ َذا‬ ‫اهر مستَ ِقيما َّإال مع استِ َقام ِة الحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ ح َ َ‬ ‫ُمتَ َالزَمان؛ َال يَ ُكو ُن الظَّ ُ ُ ح ً‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫يم الظَّاه ُر‪َ ،‬وَلََذا قَ َال النِ ُّ‬
‫َِّب َ‬ ‫استَ َق َام الحبَاط ُن فَ َال بُ َّد أَ حن يَ حستَق َ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَ َح لَ َها‬ ‫ت َ‬ ‫صلَ َح ْ‬ ‫ضغَةً إ َذا َ‬ ‫سد ُم ْ‬ ‫ْج َ‬ ‫َعلَحيه َو َسلَّ َم‪« :‬أ َََّل إ َّ في ال َ‬
‫س ِد‪ ,‬أ َََّل َو ِه َي‬ ‫ْج َ‬
‫ِ‬
‫س َد لَ َها َُائ ُر ال َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫س َد ْ‬ ‫ْج ِ ِ‬
‫سد‪َ ,‬وإ َذا فَ َ‬ ‫َُائ ُر ال َ َ‬
‫ِ‬
‫ث ِيف ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب َه َذا‬ ‫ص َالته‪ :‬لَحو َخ َش َع قَ حل ُ‬ ‫َ‬ ‫ب»‪َ .‬وقَ َال عُ َم ُر ل َم حن َرآهُ يَ حعبَ ُ‬ ‫الْ َق ْل ُ‬
‫إيما ُ َع ْد َحََّى‬ ‫ِ‬ ‫ت جوا ِرحه‪ .‬وِيف ح ِ ِ‬
‫يم َ‬ ‫احلَديث ‪ََّ « :‬ل يَ ْسََق ُ‬ ‫َْلَ َش َع ح َ َ ُ ُ َ‬
‫يم قَ ْل ُهُ»‪َ .‬وَِلََذا َكا َن‬ ‫ِ‬ ‫يسَ ِقيم لِسانُه‪ ,‬وََّل يسَ ِق ِ‬
‫سانُهُ َحََّى يَ ْسََق َ‬ ‫يم ل َ‬ ‫َ َْ َ َ ُ َ َ َْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يل َعلَحيه م حن‬ ‫وما لَهُ م حن َو حجه‪َ ،‬وُه َو َدل ٌ‬ ‫الظَّاه ُر َال ِزًما ل حلبَاط ِن م حن َو حجه َوَم حل ُز ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫وم‬
‫يل َم حل ُز ُ‬ ‫وما‪َ ،‬ال م حن ج َهة َك حونه َالزًما؛ فَإ َّن الدَّل َ‬ ‫ج َهة َك حونه َم حل ُز ً‬
‫ول‪ ،‬وَال ي حلزم ِمن وج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحم حدلُ ِ‬
‫ود‬ ‫ود الح َم حدلُ َ َ َ ُ ح ُ ُ‬ ‫ول؛ يَ حلَزُم م حن ُو ُجود الدَّل ِيل ُو ُج ُ‬ ‫َ‬
‫احلَد؛‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يل يَطَِّرُد َوَال يَحن َعك ُ ؛ ِب َالف ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ود َما يَ ُدل َعلَحيه‪َ ،‬والدَّل ُ‬ ‫َّيء ُو ُج ُ‬ ‫الش ح‬
‫فَِإنَّهُ يَطَِّرُد َويَحن َع ِك ُ ‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ث تَبطُل بِالتَّخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫يص‬‫ص ِ‬ ‫ب طَحرُد َها ِبَحي ُ ح ُ ح‬ ‫َوتَنَ َازعُوا يف الحعلَّة َه حل ََي ُ‬
‫اي؟‬‫َو ِاالنحتِ َق ِ‬
‫َّام ِة َوُه َو َح ُموعُ َما‬ ‫ظ الحعِلَّ ِة يُ َعبَّ ُر بِِه َع حن الحعِلَّ ِة الت َّ‬
‫َن لَحف َ‬ ‫اب أ َّ‬
‫الص َو ُ‬‫َو َّ‬
‫ضي لِحل ُح حك ِم‬ ‫احلكحم‪ ،‬فَه ِذهِ ََِيب طَردها‪ ،‬وي عبَّر بِِه عن الحم حقتَ ِ‬
‫ُ ح ُ َ ََُ ُ َ ح ُ‬ ‫يَ حستَ حل ِزُم حُ َ َ‬
‫وط َوانحتِ َف ِاء الح َم َوانِ ِع؛ فَ َه ِذهِ إ َذا‬ ‫وت الشُّر ِ‬
‫ُ‬
‫الَّ ِذي ي تَ وقَّف اقحتِض ُاؤه علَى ثُب ِ‬
‫ََ ُ َ ُ َ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ك بَطَلَ ح‬ ‫حم َعحن َها لغَ حِري َذل َ‬‫احلُك ُ‬ ‫ف ح‬ ‫ََتَلَّ َ‬
‫اس َها؛ َوُه َو أَنَّهُ‪َ :‬ه حل يَ حلَزُم ِم حن َع َدِم‬ ‫ك تَنَازعوا ِيف انحعِ َك ِ‬ ‫ِ‬
‫َوَك َذل َ َ ُ‬
‫احلُ حك ِم َع َد ُم َها؟‬
‫ح‬
‫يل ‪:‬‬ ‫فَِقيل ‪َ :‬ال ََِيب انحعِ َكاسها؛ ِْلوا ِز تَعلِ ِيل ح ِ ِ َِّ ِ ِ‬
‫احلُ حكم بعلتَ حني‪َ .‬وق َ‬ ‫ُ َ ََ ح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫احلكحم مّت ثَبت مع ع َد ِمها َِل تَ ُكن مؤث رًة فِيه؛ِ‬ ‫ِ‬
‫اس؛ أل َّ‬ ‫ََِي ِ ِ‬
‫َن حُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ح ح ُ َ َ‬ ‫ب االنحع َك ُ‬ ‫ُ‬
‫ول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بَ حل َكا َن َغنيًّا َعحن َها‪َ ،‬و َع َد ُم التَّأحثري َمحبطلَةٌ ل حلعلة‪َ .‬وَكثريٌ م حن النَّا ِس يَ ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫َن الح َع حك َ لَحي َ بِ َش حرط فِ َيها‪،‬‬ ‫ول بِأ َّ‬‫َن َع َد َم التَّأحثِ ِري يُحب ِط ُل الحعِلَّةَ‪َ ،‬ويَ ُق ُ‬ ‫بِأ َّ‬
‫ض‪.‬‬ ‫آخ ُرو َن يَ ُقولُو َن ‪َ :‬ه َذا تَنَاقُ ٌ‬ ‫َو َ‬
‫حم الح ُمتَ َعل ُق‬ ‫احلُك ُ‬‫ت عُ ِد َم ح‬ ‫ِ‬ ‫والتَّح ِقيق ِيف ه َذا ‪ :‬أ َّ ِ‬
‫َن الحعلَّةَ إ َذا عُد َم ح‬ ‫َ ح ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ُخَرى‪ ،‬فَِإ َذا ُوج َد‬ ‫احلُ حك ِم بِعلَّة أ ح‬ ‫ك ح‬ ‫ود مثح ِل َذل َ‬ ‫ِبَا بِ َعحينه‪ ،‬ولك حن َُيَ َّوُز ُو ُج ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪َ ،‬وأ ََّما إ َذا‬ ‫ُخَرى عُل َم أَن ََّها َعدميَةُ التَّأحث ِري َوبَطَلَ ح‬ ‫حم بِ ُدون علَّة أ ح‬ ‫احلُك ُ‬ ‫ك ح‬ ‫َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلُ حك ِم ُم َعلَّ ًال‬
‫ك ح‬ ‫ُخَرى َكا َن نَ حوعُ َذل َ‬ ‫احلُ حك ِم بِعلَّة أ ح‬ ‫ك ح‬ ‫ُوج َد نَ ِظريُ َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِّ ِ‬
‫ت بَ حع َد‬ ‫يل ِيف الح َم حرأَة الح ُم حرتَدَّة ‪َ :‬ك َفَر ح‬ ‫بعلتَ حني‪َ ،‬وَه َذا َجائٌز‪َ ،‬ك َما إ َذا ق َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل‪ .‬ول َق حول النَِِّب‪َ -‬‬ ‫اسا َعلَى َّ‬ ‫إس َالم َها‪ ،‬فَتُ حقتَ ُل قيَ ً‬ ‫ح‬
‫ِ‬
‫َو َسلَّ َم‪ََّ « :‬ل يَح مل َد ُم ْام ِرئ ُم ْسلم يَ ْش َه ُد أَ ْ ََّل إلَهَ َّإَّل اللَّهُ َّإَّل‬ ‫ِ‬
‫صانِِه أ َْو‬ ‫ِِ‬
‫إح َ‬ ‫إُ ََلمه أ َْو َزنَى بَ ْع َد ْ‬ ‫بِِإ ْح َدى ثَََلث ‪ُ ََ :‬جل َك َف َر بَ ْع َد ْ‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪24‬‬
‫يل لَهُ ‪َ :‬ال تَأحثِ َري لَِق حولِك ‪َ « :‬ك َفَر‬ ‫َ‬
‫قَ َل نَ ْفسا فَ ُقَِل بِها»‪ ،)1(.‬فَِإ َذا قِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج َل يُ حقتَ ُل ِبُ َجَّرد الح ُك حف ِر‪َ ،‬وحينَِذ فَالح َم حرأَةُ َال تُ حقتَ ُل‬ ‫ِ‬
‫إس َالمه»؛ فَِإ َّن َّ‬‫ِ‬
‫بَ حع َد ح‬
‫ِ‬
‫ول ‪َ :‬هذه ِعلَّةٌ ثَابِتَةٌ بِالنَّص َوبَِق حول ِه ‪َ « :‬م ْن بَ َّد َل ِدينَهُ‬
‫ِِبُجَّرِد الح ُك حف ِر‪ .‬فَي ُق ُ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الرجل فَما قَتَ حلتُه لِمجَّرِد ُك حف ِرهِ؛ بل لِ ُك حف ِرهِ وجراءتِه‪ِ،‬‬
‫َ ََ َ‬ ‫َح‬ ‫َُ‬ ‫فَاقَُْ لُو ُ»‪َ .‬وأ ََّما َّ ُ ُ َ‬
‫اجًزا َع حن الح ِقتَ ِال؛ َكالشحَّي ِخ ا حَلَِرِم َوَحو ِوهِ‪َ ،‬وأ ََّما‬ ‫وَِل َذا َال أَقح تل من َكا َن ع ِ‬
‫َ‬ ‫ُُ َح‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يحةٌ للدَِّم ؛ َوَلََذا قُت َل بِالرَّدة َم حن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُخَرى ُمبِ َ‬ ‫اإل حس َالِم‪ ،‬فَعلَّةٌ أ ح‬ ‫الح ُك حفر بَ حع َد حِ‬
‫ُ‬
‫َمحَد َوإِ حن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكا َن َعاجًزا َع حن الحقتَ ِال َكالشحَّي ِخ الح َكبِ ِري‪َ . ،‬وَه َذا قَ حو ُل َمالك َوأ ح‬ ‫ِ‬
‫يح الح ِقتَ َال َكالشَّافِعِي‪ ،‬قَ َال ‪ :‬الح ُك حف ُر‬ ‫ِ‬
‫َن ََُّرَد الح ُك حف ِر يُب ُ‬ ‫َكا َن ِِم حَّن يََرى أ َّ‬
‫ُخَرى ‪َ .‬ولَحي َ َه َذا َم حو ِض َع بَ حس ِط‬ ‫ِ‬
‫اإل حس َالِم علَّةٌ أ ح‬ ‫َو حح َدهُ ِعلَّةٌ َوالح ُك حفر بَ حع َد حِ‬
‫ُ‬
‫َه ِذهِ حاأل ُُموِر َوإََِّّنَا نُنَبهُ َعلَحي َها‪.‬‬
‫اإلطح َال ِق َو ِاالقحِ َرت ِان؛‬‫ف َدَاللَتُهُ بِ حِ‬ ‫ظ حِ ِ ِ‬ ‫ود ‪ :‬أ َّ‬
‫اإلميَان ََتحتَل ُ‬ ‫َن لَحف َ‬ ‫صُ‬ ‫َوالح َم حق ُ‬
‫ضي لِحل َع َم ِل‪َ ،‬وإِ َذا ذُكَِر‬ ‫ان الحم حقتَ ِ‬‫يد بِِه أَصل حِ ِ‬
‫اإلميَ ُ‬ ‫حُ‬ ‫فَِإ َذا ذُكَِر َم َع الح َع َم ِل أُ ِر َ‬
‫ك إ َذا ذُكِر بِ ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإل حس َالِم‬ ‫ون حِ‬
‫َ‬ ‫َص ِل‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫ك حاأل ح‬ ‫َو حح َدهُ َد َخ َل ف ِيه لََوا ِزُم َذل َ‬
‫اإل حس َالِم‬‫ظ حِ‬ ‫اإل حس َال ُم ُج حزءًا ِمحنهُ َوَكا َن ُك ُّل ُم حسلِم ُم حؤِمنًا‪ ،‬فَِإ َذا ذُكَِر لَحف ُ‬ ‫َكا َن حِ‬
‫يل َوَك َما ِيف‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع حِ ِ‬
‫َح ُد ََُا َع حن حاْل َخر‪َ ،‬ك َما يف َحديث ج حرب َ‬ ‫اإلميَان ََتَيَّ َز أ َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َوال ُْم ْؤمنَات‪،‬‬ ‫ين َوال ُْم ْسل َمات َوال ُْم ْؤمن َ‬ ‫اَل‪ :‬إ َّ ال ُْم ْسلم َ‬ ‫قَ حوله تَ َع َ‬
‫ِ‬ ‫اإلحس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك؛‬ ‫ان َو َغ حِري َذل َ‬ ‫ِ‬
‫َوَلََذا نَظَائ ُر َكلَ حفظ الح َم حع ُروف َوالح ُمحن َكر َوالح َع حدل َو ح ح َ‬
‫اه ْم َع ِن ال ُْم ْن َك ِر‪ ‬يَ حد ُخ ُل ِيف لَحف ِظ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫فَفي قَ حوله ‪ :‬يَأ ُْم ُرُه ْم بِال َْم ْع ُروف َويَ ْن َه ُ‬
‫وف ُك ُّل َمأح ُمور بِِه‪َ ،‬وِيف لَحف ِظ الح ُمحن َك ِر ُك ُّل َمحن ِه ٍّي َعحنهُ‪َ ،‬وِيف قَ حوله‬ ‫الحمعر ِ‬
‫َ حُ‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد يف املسند‪ ،‬ج ‪ ،1‬د ‪ ،71‬عن أِب أمامة بن سهل من طريق سليمان بن حرب‪،‬‬
‫وهو ثقة إمام حافظ‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫الص ََل َ تَ ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َشا ِ َوال ُْم ْن َك ِر وال غي‪َ ‬ج َع َل‬ ‫اَل‪ :‬إ َّ َّ‬ ‫تَ َع َ‬
‫شا ِ َوال ُْم ْن َك ِر‬ ‫الح َف حح َشاءَ َغحي َر الح ُمحن َك ِر‪َ ،‬وقَ حولِِه ‪َ  :‬ويَ ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َ‬
‫يل ‪َ :‬ه َذا ِم حن‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َوالَْ غْ ِي ‪َ ‬ج َع َل الح َف حح َشاءَ َوالحبَ حغ َي َغحي َر الح ُمحن َكر‪َ ،‬وإ َذا ق َ‬
‫َّاس ُهنَا قَ حوَال ِن ‪:‬‬ ‫اْلَاد َعلَى الح َعام َوالح َعام َعلَى ا حْلَاد فَلِلن ِ‬ ‫ف ح‬ ‫اب َعطح ِ‬ ‫ب ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ص بِالذ حك ِر؛ فَ َق حد ذُكَر‬ ‫اد َد َخ َل ِيف الح َعام َو ُخ َّ‬ ‫اْلَ ُّ‬‫ول ‪ :‬ح‬ ‫ِمحن ُه حم َم حن يَ ُق ُ‬
‫ضي أَنَّهُ َِلح يَ حد ُخ حل ِيف‬ ‫صيصه بِالذ حك ِر ي حقتَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ول ‪ََ :‬تح ُ ُ‬ ‫ني ‪َ .‬وِمحن ُه حم َم حن يَ ُق ُ‬ ‫َمَّرتَ ح ِ‬
‫اد َعلَى الح َعام َك َما ِيف قَ حولِِه ‪َ  :‬وَم ََلئِ َكَِ ِه َوَُ ُُلِ ِه‬ ‫اْلَ َّ‬‫ف ح‬ ‫ِ‬
‫الح َعام‪َ ،‬وقَ حد يَ حعط ُ‬
‫ين ِميَْاقَ ُه ْم َوِم ْن َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ‪ ... ‬حاْليَةَ‪،‬‬ ‫يل‪َ ،‬وقَ حوله ‪َ  :‬وإِ ْذ أَ َخ ْذنَا م َن النَّ ي َ‬ ‫َوج ْ ِر َ‬
‫اَل‪َ  :‬وأ َْوََثَ ُك ْم أ ََْ َ‬ ‫اْلَاد َك َما ِيف قَ حوله تَ َع َ‬ ‫ف الح َع َّام َعلَى ح‬ ‫ِ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫َوقَ حد يَ حعط ُ‬
‫وها‪. ‬‬ ‫َم تَطَئُ َ‬
‫ضا ل ْ‬ ‫َو ِديَ َاَُه ْم َوأ َْم َوال َُه ْم َوأ ََْ ً‬
‫ان أ َّ ِِ‬ ‫َصل الشحُّب َه ِة ِيف حِ‬
‫اإلميَ ِ‬
‫ض قَالُوا ‪:‬‬ ‫ني ‪ :‬أَنَّهُ َال يَتَبَعَّ ُ‬ ‫َن الح َقائل َ‬ ‫َوأ ح ُ‬
‫ك‬ ‫ت تِحل َ‬ ‫احل ِقي َقةَ الحمرَّكبةَ ِمن أُمور مّت َذهب ب عض أ ِ‬ ‫َّ‬
‫َجَزائ َها انحتَ َف ح‬ ‫َُ َ ح ُ َ َ َ َ َ ح ُ ح‬ ‫إن حَ‬
‫ِِ‬ ‫حِ‬
‫ض‪ .‬لَ ِزَم َزَو ُال‬ ‫آحاد؛ فَلَ حو قُ حلنَا ‪ :‬إنَّهُ يَتَبَ عَّ ُ‬ ‫شرةِ الح ُمَرَّكبَة م حن َ‬ ‫احلَقي َقةُ؛ َكالح َع َ‬
‫َجَز ِاء‬‫ض أح‬ ‫ال ََلُ حم ‪ :‬إ َذا َز َال بَ حع ُ‬ ‫ض َها‪ ،‬فَيُ َق ُ‬ ‫احل ِقي َق ِة مع ب َق ِاء ب ع ِ‬
‫ض حَ َ َ َ َ ح‬ ‫بَ حع ِ‬
‫يب‪ ،‬لَ ِك حن َال يَ حلَزُم أَ حن‬ ‫اصلَةُ بِالتَّركِ ِ‬
‫ح‬
‫احل ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ول ا حَلَحيَِةُ اال حجت َماعيَّةُ حَ‬ ‫ب تَ ُز ُ‬ ‫الحمرَّك ِ‬
‫َُ‬
‫ف ِمن حاألَقح و ِال الحو ِاجب ِة و حاأل حَعمالِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجَزاء‪َ ،‬و حاإلميَا ُن الح ُم َؤل ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ول َسائ ُر حاأل ح‬ ‫يَ ُز َ‬
‫ب الح َك ِام ُل‪َ ،‬وَه ِذهِ ا حَلَحيَِةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫الح َواجبَة الحبَاطنَة َوالظَّاهَرة ُه َو الح َم حج ُموعُ الح َواج ُ‬
‫اب‬ ‫َجز ِاء‪ ،‬وَه ِذهِ ِهي الحمحن ِفيَّةُ ِيف الح ِكتَ ِ‬ ‫ول بَِزَو ِال بَ حع ِ‬ ‫ِاالجتِم ِ‬
‫َ َ‬ ‫ض حاأل ح َ َ‬ ‫اعيَّةُ تَ ُز ُ‬ ‫ح َ‬
‫ك َجاءَ‬
‫ِ‬
‫الزانِي» ‪...‬إ َلح‪َ ،‬و َعلَى َذل َ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫السن َِّة ِيف ِمثح ِل قَ حولِِه ‪ََّ « :‬ل يَ ْزنِي َّ‬ ‫َو ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا باللَّه َوََ ُُوله ثُ َّم ل ْ‬
‫َم‬ ‫ين َ‬ ‫اَل‪ :‬إنَّ َما ال ُْم ْؤمنُو َ الذ َ‬ ‫قَ حوله تَ َع َ‬

‫(‪ )1‬رواه ابن ماجه يف الفأ‪ ،‬رقم ‪.2926‬‬


‫األعمال بالنيات‬ ‫‪81‬‬
‫َجَز ِاء‪َ ،‬وَال أ َّ‬
‫َن‬ ‫ات‪ ،‬ولَ ِكن َال ي حلزم أَ حن تَز َ ِ‬
‫ول َسائ ُر حاأل ح‬ ‫ُ‬ ‫َ ح َ َُ‬
‫ي رتَابوا‪ ...‬حاْلي ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلميَان بَ حع َد َزَو ِال بَ حعضه‪َ ،‬ك َما أ َّ‬
‫َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجَزاء الحبَاقيَة َال تَ ُكو ُن م حن حِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسائَر حاأل ح‬
‫احله الحو ِاج ِ ِ‬ ‫ات ح ِ‬ ‫و ِاجب ِ‬
‫ال‬‫ت َز َال َه َذا الح َك َم ُ‬ ‫ب الح َكام ِل‪َ ،‬وإِ َذا َزالَ ح‬ ‫احلَه م حن حَ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنح َسا ُن الح َكام ُل يَ حد ُخ ُل ِيف ُم َس َّماهُ‬ ‫ك حِ‬ ‫احلَه‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫َوَِلح يََزحل َسائ ُر ح‬
‫اإلنحس ِ‬ ‫ت يَ َداهُ َوِر حج َالهُ َِلح َُيحر حج َع حن ح ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫اسم ح َ‬ ‫ُ‬ ‫ض ُاؤهُ ُكلُّ َها‪ُُ ،‬ثَّ لَ حو قُط َع ح‬ ‫أ حَع َ‬
‫ِ‬
‫ظ‬‫ك لَحف ُ‬ ‫ض َما يَ حد ُخ ُل ِيف ِاال حس ِم الح َك ِام ِل‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ حن َكا َن قَ حد َز َال محنهُ بَ حع ُ‬
‫ِ‬
‫ك يَتَ نَ َاو ُل الح ُم َس َّمى ِيف َح ِال‬ ‫احلَائِ ِط َو َغ حِري َذل َ‬ ‫ت َو ح‬ ‫اب والحب ي ِ‬
‫َّجَرةِ َوالحبَ ِ َ َ ح‬ ‫الش َ‬
‫َجَزائِِه‪.‬‬
‫ضأح‬ ‫اب بَ حع ِ‬ ‫َجزائِِه ب حع َد َذ َه ِ‬
‫َك َمال أ ح َ َ‬
‫ِ‬
‫ي َوَم حن اتَّبَ َعهُ كاألصبها‬ ‫الرا ِز ُّ‬
‫ول الشحُّب َهةُ الَِّ أ حَوَرَد َها َّ‬ ‫َوِِبَ َذا تَ ُز ُ‬
‫احل ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َغ حِريه َعلَى الشَّافعِي؛ فَِإ َّن َم حذ َهبَهُ ِيف َذل َ‬
‫ِ‬
‫يث‬ ‫ب َجُح ُهوِر أ حَه ِل حَ‬ ‫ك َم حذ َه ُ‬
‫ف‪،‬‬ ‫اس َدةِ َعلَى َّ‬
‫السلَ ِ‬ ‫ف‪ ،‬وقَ حد حاعتَ ري هؤَال ِء ِِب ِذهِ الشُّب ه ِة الح َف ِ‬ ‫و َّ ِ‬
‫حَ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫السلَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اض ُل م حن ج َهة الشَّا ِرِع؛ فَلَحي َ َما أ ََمَر اللهُ به ُك َّل َعحبد ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو حاإلميَا ُن يَتَ َف َ‬
‫ب َعلَى‬ ‫ِ‬ ‫ما أَمر اللَّهُ بِِه َغحي ره‪ ،‬وَال حِ َّ ِ ِ‬
‫ب َعلَى ُكل َعحبد ََي ُ‬ ‫اإلميَا ُن الذي ََي ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ ََ‬
‫اإلميَانِ‬‫الر ُجل ُم حؤِمنًا َك ِامل حِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َغ حريه؛ بَ حل َكانُوا يف أ ََّول حاإل حس َالم يَ ُكو ُن َّ ُ‬
‫اب إ َذا فَ َع َل َما أ حَو َجبَهُ اللَّهُ َعلَحي ِه َوَر ُسولُهُ‪َ ،‬وإِ حن َكا َن َِلح يَ َق حع‬ ‫مستَ ِحقًّا لِلثَّو ِ‬
‫َ‬ ‫ُح‬
‫ضا َن َوَِلح َُيُ َّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص حم َرَم َ‬ ‫َّل ِبَا َِلح يَحنزحل م حن الح ُق حرآن َوَِلح يَ ُ‬ ‫يق الح ُم َفض ُ‬ ‫َّصد ُ‬ ‫محنهُ الت ح‬
‫ات قَبل ُدخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫َن َم حن َآم َن ِيف َزَمننَا َه َذا إميَانًا تَ ًّاما َوَم َ ح َ ُ‬ ‫ت‪َ ،‬ك َما أ َّ‬ ‫الحبَ حي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َعلَحيه‪َ ،‬ك َما أَنَّهُ‬ ‫ات ُم حستَكحم ًال ل حْلميَان الذي َو َج َ‬ ‫ص َالة َعلَحيه َم َ‬ ‫َوقحت َ‬
‫ِ‬ ‫مستَ ِحق لِلثَّو ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫اب َعلَى إميَانِِه َذل َ‬ ‫َ‬ ‫ُح‬
‫آن وإَِيَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َما أ حَو َجبَهُ اللَّهُ َوَر ُسولُهُ‬ ‫َوأ ََّما بَ حع َد نُُزول َما نََزَل م حن الح ُق حر َ‬
‫اب‬‫ك‪ ،‬فَِإنَّهُ َال ي ُكو ُن مستَ ِحقًّا لِلثَّو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات َوََتَ َّك َن ِم حن ف حع ِل َذل َ‬ ‫ِمن الحو ِاجب ِ‬
‫َ‬ ‫ُح‬ ‫َ‬ ‫ح َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ول َه ُؤَالء ‪َِ :‬لح‬ ‫ك يَ ُق ُ‬ ‫ك‪ ،‬فَل َذل َ‬ ‫اب قَ حب َل َذل َ‬ ‫ِبُ َجَّرد َما َكا َن يَ حستَح ُّق به الث ََّو َ‬
‫‪81‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫اإلميَا َن الَّ ِذي‬ ‫َن حِ‬ ‫ك‪َ ،‬وَه َذا ِأل َّ‬ ‫ِ‬
‫يَ ُك حن َه َذا ُم حؤِمنًا ِِبَا َكا َن بِِه ُم حؤِمنًا قَ حب َل َذل َ‬
‫احلَ َّه‬
‫يع ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان الَّ ِذي ش ِر ِ‬ ‫اإلميَ ِ‬‫ع َِلََذا أ حَعظَم ِم حن حِ‬
‫ك الح ُم حستَط ُ‬ ‫ع َلََذا‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُش ِر َ‬
‫ب َعلَحي ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫اج ِز عحنه‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الح َمال ََي ُ‬ ‫صاح ُ‬ ‫ب َعلَى الح َع َ ُ َ َ‬ ‫ب َعلَحيه َما َال ََي ُ‬ ‫ََي ُ‬
‫ب َعلَى الح َف ِق ِري‪َ ،‬ونَظَائُِرهُ ُمتَ َعد َدةٌ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزَكاة َما َال ََي ُ‬
‫ِمن َّ ِ‬
‫ح‬
‫وم َه َذا ِم حن حِ‬
‫اإلقح َرا ِر‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫َوأ ََّما تَ َفاصيلُهُ م حن ج َهة الح َعحبد فَتَ َارةً يَ ُق ُ‬
‫ب ِم حن‬ ‫َن َما ِيف الح َق حل ِ‬ ‫َحد يَ حعلَ ُم أ َّ‬ ‫والحعم ِل بِأ حَعظَم ِِمَّا ي ُق ِِ‬
‫وم به َه َذا‪َ ،‬وُك ُّل أ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫َحيَانًا أ حَعظَ َم ُحبًّا لِلَّ ِه‬ ‫اإلنح َسا َن ََِي ُد نَ حف َسهُ أ ح‬ ‫إن حِ‬ ‫اض ُل‪َ ،‬ح َّّت َّ‬ ‫حاأل ُُموِر يَتَ َف َ‬
‫صا ِمحنهُ ِيف بَ حع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ض‬ ‫َوَر ُسوله َو َخ حشيَةً للَّه َوَر َجاءً لَر حمحَته َوتَ َوُّك ًال َعلَحيه‪َ ،‬وإِ حخ َال ً‬
‫َصح الح َق حولَ ح ِ‬ ‫ات‪ ،‬وَك َذلِك الحمع ِرفَةُ والت ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪َ ،‬وَه َذا‬ ‫اض ُل ِيف أ َ‬ ‫يق تَتَ َف َ‬‫َّصد ُ‬ ‫حاأل حَوقَ َ َ َ ح َ ح‬
‫الص َحابَِة َكعُ َم ِر بح ِن‬ ‫احد ِم حن َّ‬ ‫َمحد‪ ،‬وقَ حد قَ َال َغي ر و ِ‬
‫حُ َ‬
‫ِ‬
‫َص ُّح الرَوايَتَ حني َع حن أ ح َ َ‬ ‫أَ‬
‫ِ‬
‫ص‪ ،‬فَِإ َذا ذَ َك حرنَا اللَّهَ َو َمح حدنَاهُ‬ ‫يد َويَحن ُق ُ‬ ‫َحبِيب اْلُطمي َو َغ حِريهِ ‪ :‬حِ‬
‫اإلميَا ُن يَِز ُ‬
‫صانُهُ‪َ ،‬وَِلََذا‬ ‫ك نُ حق َ‬
‫ِ‬
‫ضيَّ حعنَا فَ َذل َ‬ ‫ِ‬
‫ك ِزيَ َادتُهُ َوإِ َذا َغ َف حلنَا َونَسينَا َو َ‬ ‫َو َسبَّ ححنَاهُ فَتِحل َ‬
‫ِ‬ ‫ف ِمن َّ ِ‬ ‫ان؛ فَِإ َّن َكثِريا ِمن َّ ِ‬ ‫ُس َّن ِاال حستِثح نَاءُ ِيف حِ‬
‫اإلميَ ِ‬
‫الص َحابَة َوالتَّابِع َ‬
‫ني‬ ‫السلَ ح‬ ‫ً ح‬
‫آخ ُرو َن أَنح َك ُروا ِاال حستِثح نَاءَ فِ ِيه َوقَالُوا ‪َ :‬ه َذا‬ ‫و َغ ِريِهم استَثح نَ وا ِيف حِ ِ‬
‫اإلميَان‪َ ،‬و َ‬ ‫َ ح ح ح ح‬
‫وجحبهُ‪ ،‬بَ حل‬ ‫شك‪ ،‬واَلَّ ِذين استثح ن وا فِ ِيه؛ ِمحن هم من أَوجبه‪ ،‬وِمحن هم من َِل ي ِ‬
‫ُ ح َ ح ح ََُ َ ُ ح َ ح ح ُ‬ ‫َ َ َ حَ َح‬
‫َص ُّح حاألَقح َو ِال‪َ ،‬وَه َذ ِان الح َق حوَال ِن ِيف‬ ‫ني‪َ ،‬وَه َذا أ َ‬ ‫اعتِبَا ِر َحالَتَ ح ِ‬‫َج َّوَز تَ حرَكهُ بِ ح‬
‫ات‬‫َمحد و َغ ِريهِ؛ فَمن استَثح ىن لِع َدِم ِع حل ِم ِه بِأَنَّه َغي ر قَائِم بِالحو ِاجب ِ‬ ‫َم حذ َه ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ حُ‬ ‫ب أ حَ َ ح َ ح ح َ َ‬
‫استَثح َىن لِ َع َدِم ِع حل ِم ِه‬ ‫ك َم حن ح‬
‫ِ‬
‫َح َس َن‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫َك َما أ ََمَر اللَّهُ َوَر ُسولُهُ فَ َق حد أ ح‬
‫استَثح َىن تَ حعلِي ًقا لِ حْل حَم ِر ِِبَ ِشيَِ ِة اللَّ ِه تَ َع َاَل َال َش ًّكا‪،‬‬ ‫ك َم حن ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بِالح َعاقبَ ِة‪َ ،‬وَك َذل َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن جزم ِِبَا هو ِيف نَ حف ِس ِه ِيف ه ِذهِ ح ِ‬
‫احلَال‪َ ،‬ك َم حن يَ حعلَ ُم م حن نَ حفسه أَنَّهُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ح َ ََ ُ َ‬
‫ول اللَّ ِه‪ ،‬فَ َجَزَم ِِبَا ُه َو ُمتَ يَ ق ٌن‬ ‫َن ُحمَ َّم ًدا َر ُس ُ‬‫َش ِه َد أَ حن َال إلَهَ َّإال اللَّهُ َوأ َّ‬
‫ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫صولَهُ ِيف نَ حف ِس ِه‪ ،‬فَ ُه َو ُححم ِس ٌن ِيف َذل َ‬ ‫ُح ُ‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪82‬‬
‫َسَ ِاء‬
‫ان َوَم َسائِ ِل حاأل ح‬ ‫َّاس ِيف َمسائِ ِل حِ‬
‫اإلميَ ِ‬
‫َ‬ ‫ات الن ِ‬ ‫وَكثِري ِمن منَازع ِ‬
‫َ ٌ ح ُ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫اب َز َال اال حرتيَ ُ‬‫اْلطَ ُ‬ ‫َح َك ِام ه َي ُمنَ َاز َع ٌ‬
‫ات لَحفظيَّةٌ؛ فَِإ َذا فُص َل ح‬ ‫َو حاأل ح‬
‫الصو ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َواَللهُ ُسحب َحانَهُ أ حَعلَ ُم ب َّ َ‬

‫****‬
‫‪82‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫صل‬
‫فَ ْ‬
‫في‪« :‬فمن كانت هجرته»‬
‫ت ِه ْج َرتُهُ إلَى اللَّ ِه‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬فَ َم ْن َكانَ ْ‬ ‫قَ حولُهُ‪َ -‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َوََ ُُوله فَ ِه ْج َرتُهُ إلَى اللَّه َوََ ُُوله»‪ .‬لَحي َ ُه َو َححتص ًيال ل حل َحاص ِل؛ لَكنَّهُ‬
‫ِِ‬
‫ص َد‬ ‫َي ‪َ :‬م حن قَ َ‬ ‫َن َم حن نَ َوى بِ َع َمله َشحيًِا فَ َق حد َح َ‬
‫ص َل لَهُ َما نَ َواهُ أ ح‬ ‫إخبَ ٌار بِأ َّ‬
‫ح‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِِ‬
‫ص ُدهُ ا حَل حجَرةَ َإَل‬ ‫ص َدهُ‪َ ،‬وَم حن َكا َن قَ ح‬ ‫ص َل لَهُ َما قَ َ‬ ‫ِب حجَرته اللَّهَ َوَر ُسولَهُ َح َ‬
‫ال‬ ‫يل لَِق حولِِه ‪« :‬إنَّ َما ْاألَ ْع َم ُ‬
‫ٌ‬
‫ك؛ فَه َذا تَ حف ِ‬
‫ص‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دنحيا أَو امرأَة فَلَي لَه َّإال ذَلِ‬
‫ُ َ ح حَ ح َ ُ‬
‫ِ‬ ‫َن ل ُكل حام ِرئ َما نَ َوى ذَ َكَر أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َخبَ َر أ َّ‬ ‫بِالني يَّ ِ‬
‫َن َلََذا َما نَ َواهُ‬ ‫ات»‪َ .‬ولَ َّما أ ح‬
‫َوَِلََذا َما نَ َواهُ‪.‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّح َع حن النَِِّب‪َ -‬‬ ‫َوا حَل حجَرةُ ُم حشتَ َّقةٌ م حن ا حَلَ حج ِر َوقَ حد َ‬
‫اجر من هجر ما نَهى اللَّه َع ْنه والْمج ِ‬
‫اه ُد‬ ‫ُ َُ َُ‬ ‫َو َسلَّ َم‪ -‬أَنَّهُ قَ َال ‪« :‬ال ُْم َه ِ ُ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫ات اللَّ ِه»(‪َ ،)1‬ك َما قَ َال ‪« :‬الْ ُم ْسلِ ُم َم ْن َُلِ َم‬ ‫اه َد نَ ْفسهُ فِي َذ ِ‬
‫َ‬ ‫َم ْن َج َ‬
‫َّاس َعلَى ِد َمائِ ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الْمسلِمو َ ِمن لِ ِِ ِ ِ‬
‫سانه َويَد ‪َ ,‬وال ُْم ْؤم ُن َم ْن أَمنَهُ الن ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫َوأ َْم َوالِ ِه ْم»‪َ .‬وَه َذا بَيَا ٌن محنهُ ل َك َمال ُم َس َّمى َه َذا اال حس ِم َك َما قَ َال ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف» (‪...)2‬إ َلح‪َ ،‬وقَ حد يُ حشبِهُ َه َذا قَ حولَهُ ‪:‬‬ ‫«لَيع ال ِْمس ِكين بِه َذا الطََّّو ِ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد ج ‪ ،6‬د ‪ ، 22‬وقد روى من طريق محاد بن سلمة عنه أمحد بإسناد رجال‬
‫ثقات‪ ،‬بلفظ‪« :‬المؤمن من أمنه الناس‪ ,‬والمسلم من ُلم المسلمو من لسانه ويد ‪,‬‬
‫والمهاجر من هجر السو ‪ ,‬والذي نفسي بيد َّل يدخل الجنة ع د َّل يأمن جاَ‬
‫بوائقه»‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب ‪ ،52‬ورواه مسلم كتاب الزكاة باب ‪ ،28‬حديث رقم‬
‫‪ ،111‬واللفظ له‪ :‬عن أِب هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ليع المسكين بهذا الطواف‬
‫=‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪88‬‬
‫ع فِي ُك ْم ؟» قَالُوا ‪َ :‬م حن لَحي َ لَهُ ِد حرَه ٌم َوَال ِدينَ ٌار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫« َما تَ عُ مدو َ ال ُْم ْفل َ‬
‫ع َم ْن يَأْتِي يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع َولَك َّن ال ُْم ْفل َ‬ ‫ع َه َذا ال ُْم ْفل ُ‬ ‫قَ َال ‪« :‬لَْي َ‬
‫َخ َذ‬ ‫ب َه َذا‪َ ,‬و َشََ َم َه َذا‪َ ,‬وأ َ‬ ‫ض َر َ‬ ‫ال‪ ,‬فَ يَأْتِي َوقَ ْد َ‬ ‫ْجَ ِ‬‫ال ال ِ‬‫ات أ َْمَْ ُ‬ ‫بِحسنَ ِ‬
‫ََ‬
‫سنَاته‪ ,‬فَِإ َذا لَ ْم‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سنَاته‪َ ,‬و َه َذا م ْن َح َ‬ ‫ال َه َذا‪ ,‬فَ يُ ْعطَى َه َذا م ْن َح َ‬ ‫َم َ‬
‫ح فِي‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَْيه‪ ,‬ثُ َّم طُ ِر َ‬ ‫َخ َذ ِم ْن َُيئَاتِ ِه ْم فَطُ ِر َح ْ‬ ‫سنَة أ َ‬ ‫يَ ْ َق لَهُ َح َ‬
‫وب فِي ُك ْم ؟ قَالُوا‪َ :‬م حن َال يُولَ ُد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫ق‬‫الر‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬
‫د‬ ‫ع‬
‫َ ُ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬‫و‬‫النَّا َِ»‪َ .‬‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫يم ِم ْن َولَ ِد ِ َش ْيئًا»(‪َ ،)2‬وِمثح لُهُ قَ حولُهُ‪:‬‬ ‫وب َم ْن لَ ْم يُ َقد ْ‬ ‫الرقُ ُ‬‫لَهُ‪ .‬قَ َال‪َّ « :‬‬
‫سهُ ِع ْن َد‬ ‫َ نَ ْف َ‬ ‫الش ِدي ُد الَّ ِذي يَ ْملِ ُ‬ ‫ص َر َع ِة‪َ ,‬وإِنَّ َما َّ‬ ‫الش ِدي ُد بِال م‬‫ع َّ‬ ‫َ‬ ‫«لَْي‬
‫ب»(‪.)2‬‬ ‫ضِ‬ ‫الْغَ َ‬
‫َسَ ِاء‬‫َح ُّق بِأ ح‬ ‫ود َوبَيَا ُن َما ُه َو أ َ‬ ‫صُ‬ ‫َحاديث َم حق ُ‬
‫لَ ِكن ِيف ه ِذهِ حاأل ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ني أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َن‬ ‫ك َمك ُحروه؛ فَبَ َّ َ‬ ‫اجةٌ َو َذل َ‬‫س َح َ‬ ‫الح َم حد ِح َوالذم ِمَّا يَظُنُّونَهُ؛ فَإ َّن حاإلفح َال َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َح ِقي َقةَ ح‬
‫ك َع َد ُم الح َولَد تَكَحرُههُ‬ ‫اج ِة َّإَّنَا تَ ُكو ُن يَ حوَم الحقيَ َام ِة‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫احلَ َ‬
‫اع بِالح َولَ ِد َح ِقي َقةً َّإَّنَا يَ ُكو ُن‬ ‫النُّ ُفوس؛ لِع َدِم الحولَ ِد النَّافِ ِع؛ فَب َّني أ َّ ِ ِ‬
‫َن االنحت َف َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك الش َّدةُ َوالح ُق َّوةُ َححمبُوبَةٌ‪،‬‬ ‫َّم أ حَوَال َدهُ بَ حني يَ َديح ِه‪َ ،‬وَك َذل َ‬
‫ِيف حاْلخَرةِ ل َم حن قَد َ‬
‫=‬
‫الذي يطوف على الناس‪ ,‬فَرد اللقمة واللقمَا ‪ ,‬والَمر والَمرتا »‪ .‬قالوا‪ :‬فما‬
‫املسكني يا رسول اهلل؟ قال‪« :‬الذي َّل يجد غنى يغنيه‪ ,‬وَّل يفطن له فيَصدق عليه‪,‬‬
‫وَّل يسأل الناس شيئا»‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه مسلم‪ ،‬يف كتاب الرب والصلة واْلداب‪ ،‬باب ‪ ،15‬حديث رقم ‪.59‬‬
‫(‪ )2‬رواه مسلم‪ ،‬يف كتاب الرب والصلة واْلداب‪ ،‬باب ‪ ،21‬حديث رقم ‪ .116‬وأصل الرقوب‬
‫يف كالم العرب‪ :‬الذي ال يعي له ولد‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه مسلم يف كتاب الرب والصلة واْلداب‪ ،‬باب ‪ ،21‬حديث رقم ‪ ،117‬عن أِب هريرة‪،‬‬
‫الصرعة أصله‪ :‬الذي يصرع الناس كثريا‪.‬‬
‫‪85‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫َح ُّق بِالح َم حد ِح ِم حن قُ َّوة الحبَ َد ِن؛ َوُه َو أَ حن ميَحل َ‬ ‫وس أ َ‬ ‫ني أَ َّن قُ َّوَة النُّ ُف ِ‬ ‫فَبَ َّ َ‬
‫يدكم‬ ‫ال عبِ ِ‬ ‫ات الحعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‪َ ،‬ك َما قِيل لِبَ حع ِ‬ ‫ضِ‬ ‫ِ‬
‫ب ‪َ :‬ما بَ ُ َ‬ ‫ض َس َاد ََ‬ ‫َ‬ ‫نَ حف َسهُ عحن َد الحغَ َ‬
‫َج َس ًادا‪،‬‬ ‫احلَحر ِب َو َعلَى حاأل حَع َم ِال ؟ قَ َال ‪ُ :‬ه حم أ ح‬
‫َصبَ ُر أ ح‬ ‫َصبَ ُر ِمحن ُك حم ِعحن َد ح‬ ‫أح‬
‫وسا‪.‬‬
‫َصبَ ُر نُ ُف ً‬‫َوَحو ُن أ ح‬
‫ني فَ ُه َو ِم حن ِجحن ِ قَ حولِِه ِيف الح ُم حسلِ ِم‬ ‫ِِ‬
‫اس ِم الح ُم حسلم َ‬ ‫َوأ ََّما قَ حولُهُ ِيف ح‬
‫َّم ِم حن أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن الشَّا ِر َ‬
‫ع‬ ‫َوالح ُم حؤم ِن َوالح ُم َهاج ِر َوالح ُم َجاهد‪َ ،‬وَه َذا ُمطَابِ ٌق ل َما تَ َقد َ‬
‫ب؛ فَِإ َّن َه حجَر َما‬ ‫اسم َش حر ِع ٍّي َّإال ِالنحتِ َف ِاء َكمالِِه الحو ِاج ِ‬ ‫َال يَحنفي ُم َس َّمى ح‬
‫ِ‬
‫َ َ‬
‫ان بِلِ َسانِِه‬‫اإلنحس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ني م حن عُ حد َوان ح َ‬
‫نَهى اللَّه عحنه و ِاجب‪ ،‬وس َالمةُ الحمسلِ ِم ِ‬
‫َ ُ ََُ ٌ ََ َ ُح َ‬
‫َّاس‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ب‪َ ،‬والح ُم حؤم ُن َعلَى د َمائه حم َوأ حَم َواَل حم َال يَ ُكو ُن َم حن أَمنَهُ الن ُ‬ ‫َويَده َواج ٌ‬
‫ني الَّ ِذي َال يَ حسأ َُل َوَال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّإال إ َذا َكا َن أَمينًا‪َ ،‬و حاأل ََمانَةُ َواجبَةٌ‪َ ،‬والحم حسك ُ‬
‫ِ‬ ‫ي عرف هو أَح ُّق بِ حِ ِ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫اجتَهُ َو ُس َؤالَهُ‪َ ،‬و َعطَ ُاؤهُ َواج ٌ‬ ‫اإل حعطَاء ِم حَّن أَظح َهَر َح َ‬ ‫ُ حَ ُ ُ َ َ‬
‫يص الَّ ِذي َال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيص َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫وز؛ بَ حل ََتحص ُ‬ ‫السائ ِل بِالح َعطَاء ُدو َن َه َذا َال ََيُ ُ‬ ‫َوََتح ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫َح ُّ‬‫ب َوأ َ‬ ‫يَ حسأ َُل أ حَوََل َوأ حَو َج ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه َو َسلَّ َم‪ََّ « :‬ل ِه ْج َرَ بَ ْع َد الْ َف َْ ِح‬ ‫َوقَ حد قَ َال‪َ -‬‬
‫اَُُ ْن ِف ْرتُ ْم فَانْ ِف ُروا»(‪َ ،)1‬وقَ َال‪ََّ « :‬ل تَ ْن َق ِط ُع‬ ‫َولَك ْن ِج َهاد َونِيَّة ‪َ ,‬وإِ َذا ْ‬
‫ِ‬
‫الْ ِه ْج َرُ َما قُوتِ َل ال َْع ُد مو»(‪َ ,)2‬وكِ َال ََُا َحق؛ فَ حاأل ََّو ُل أ ََر َاد بِِه ا حَلِ حجَرَة‬
‫ي‬‫ود َة ِيف َزَمانِِه‪َ ،‬وِهي ا حَلِ حجَرةُ َإَل الح َم ِدينَ ِة ِم حن َم َّكةَ َو َغ حِريَها ِم حن أ حَر ِ‬ ‫الح َم حع ُه َ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري يف كتاب الصيد باب رقم ‪ ،11‬كتاب اْلهاد باب رقم ‪ ،1‬وكتاب مناقب‬
‫األنصار‪ ،‬باب رقم ‪ ،85‬وكتاب املغازي باب رقم ‪ ،52‬ورواه مسلم يف كتاب اإلمارة‪،‬‬
‫باب رقم ‪ ،21‬حديث رقم ‪.46 ،45‬‬
‫(‪ )2‬رواه أمحد‪ ،‬ج ‪ ،8‬د ‪ ،99‬والدارمي يف السري‪ ،‬باب ‪ ،71‬رقم ‪.2516‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪86‬‬
‫ِِ ِ‬ ‫الحعر ِ‬
‫ت َم َّكةُ َو َغحي ُرَها َد َار‬ ‫وعةً لَ َّما َكانَ ح‬‫ت َم حش ُر َ‬ ‫ب؛ فَِإ َّن َهذه ا حَل حجَرَة َكانَ ح‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلميَا ُن بِالح َمدينَة‪ ،‬فَ َكانَت ا حَل حجَرةُ م حن َدا ِر الح ُك حف ِر َإَل‬ ‫ُك حفر َو َح حرب‪ ،‬وَكا َن حِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َد َار‬ ‫ص َار ح‬ ‫ت َم َّكةُ َو َ‬ ‫اإل حس َالِم َواجبَةً ل َم حن قَ َد َر َعلَحي َها‪ ،‬فَلَ َّما فُت َح ح‬ ‫َدا ِر حِ‬
‫اإلس َالِم صار ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حِ ِ‬
‫ي ُكلُّ َها َد َار‬ ‫ت َهذه حاأل حَر ُ‬ ‫ََح‬ ‫ب ِيف حِ ح‬ ‫اإل حس َالم َوَد َخلَت الح َعَر ُ‬
‫اإل حس َالِم‪ ،‬فَ َق َال ‪ََّ « :‬ل ِه ْج َرَ بَ ْع َد الْ َف َْ ِح»‪.‬‬ ‫حِ‬
‫ت ِص َفةً‬ ‫ِِ‬ ‫َوَك حو ُن حاأل حَر ِ‬
‫ني لَحي َس ح‬ ‫ي َد َار ُك حفر َوَد َار إميَان أ حَو َد َار فَاسق َ‬
‫ب ُس َّك ِاُنَا؛ فَ ُك ُّل أ حَري ُس َّكانُ َها‬ ‫ضةٌ ِِبَس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َالزَمةً ََلَا؛ بَ حل ه َي ص َفةٌ َعار َ َ‬
‫ِ‬
‫ت‪َ ،‬وُك ُّل أ حَري‬ ‫ك الحوقح ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ُم حؤمنُو َن الح ُمتَّ ُقو َن ه َي َد ُار أ حَوليَاء الله يف َذل َ َ‬
‫ت‪َ ،‬وُك ُّل أ حَري ُس َّكانُ َها‬ ‫ك الحوقح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُس َّكانُ َها الح ُكف ِ‬
‫َّار فَه َي َد ُار ُك حفر يف َذل َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك الح َوقحت‪ ،‬فَإ حن َس َكنَ َها َغحي ُر َما ذَ َك حرنَا‬ ‫الح ُف َّسا ُق فَ ِه َي َد ُار فُ ُسوق يف َذل َ‬
‫ِ‬
‫ت بِغَ حِريِه حم فَ ِه َي َد ُارُه حم‪.‬‬‫َوتَبَ َّدلَ ح‬
‫ص َار َد َار فِ حسق أ حَو َد َار‬ ‫ك الحمس ِج ُد إ َذا تَبد َ ِ‬
‫َّل ِبَ َّم َارة أ حَو َ‬ ‫َ‬ ‫َوَك َذل َ َ ح‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ظُحلم أ حَو َكنِيسةً يُ حشرُِ فِ َيها بِاَللَّ ِه َكا َن ِِبَس ِ‬
‫ك َد ُار‬ ‫ب ُس َّكانِِه‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وق وَحووها إ َذا جعِلَت مس ِج ًدا ي عب ُد اللَّه‪ -‬ج َّل وعَّز‪ -‬فِيهِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ح َ ح ُ حَ ُ َ َ َ‬ ‫اْلَ حم ِر َوالح ُف ُس َ ُ َ‬ ‫ح‬
‫اس ًقا‪َ ،‬والح َكافُِر‬ ‫صري فَ ِ‬ ‫الرجل َّ ِ ِ‬
‫الصال ُح يَ ُ‬ ‫ك َّ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬وَك َذل َ‬
‫َكا َن ِِبس ِ ِ‬
‫ب َذل َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب انحت َق ِال‬ ‫ِ‬
‫ك؛ ُكل ِبَس ِ‬
‫َ‬ ‫صريُ ُم حؤِمنًا‪ ،‬أ حَو الح ُم حؤم ُن يَصريُ َكافًرا‪ ،‬أ حَو َحو ُو َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫ب اللَّهُ َمَْ ًَل قَ ْريَةً‬ ‫اَل ‪َ  :‬و َ‬ ‫َح َو ِال م حن َحال َإَل َحال‪َ ،‬وقَ حد قَ َال تَ َع َ‬ ‫ِ‬
‫ض َر َ‬ ‫حاأل ح‬
‫ت َد َار ُك حفر َوِه َي‬ ‫ت ِيف َم َّكةَ لَ َّما َكانَ ح‬ ‫ت آمنَةً ُمط َْمئِنَّةً‪ ...‬حاْليَةَ‪ .‬نََزلَ ح‬
‫َكانَ ْ ِ‬
‫ي اللَّ ِه إلَحي ِه‪َ ،‬وإََِّّنَا أ ََر َاد‬ ‫ب أ حَر ِ‬ ‫َح َّ‬ ‫ما زالَت ِيف نَ حف ِسها خي ر أَر ِ ِ‬
‫ي اللَّه َوأ َ‬ ‫َ َحَ ح‬ ‫َ َ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫وعا‪ :‬أَنَّهُ قَ َال ل َم َّكةَ َوُه َو َواق ٌ‬ ‫ي َم حرفُ ً‬ ‫ُس َّكانَ َها؛ فَ َق حد َرَوى الت حرمذ ُّ‬
‫ض اللَّ ِه إلَى اللَّ ِه‪,‬‬ ‫ب أ ََْ ِ‬ ‫َح م‬ ‫احلزورةِ‪« :‬واَللَّ ِه إنََّ لَ َخي ر أََ ِ ِ‬
‫ض اللَّه‪َ ,‬وأ َ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫بِ حَح َ َ َ‬
‫َولَ ْوََّل أَ َّ قَ ْوِمي أَ ْخ َر ُجونِي ِم ْنَ لَ َما َخ َر ْجت»‪َ .‬وِيف ِرَوايَة ‪َ « :‬خ ْي ُر‬
‫‪87‬‬ ‫األعمال بالنيات‬
‫ي اللَّ ِه َإَل‬ ‫ب أََ ِ َّ ِ‬ ‫أََ ِ ِ‬
‫ض اللَّه َوأ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ب أ حَر ِ‬ ‫ض الله إلَ َّي» َ َ َ َ‬
‫َح ُّ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫َّه‬‫َن‬‫أ‬ ‫ني‬‫َّ‬ ‫ب‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫؛‬ ‫َح م ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُل‬ ‫ني أَفح َ‬‫اللَّه َوَر ُسوله‪َ ،‬وَكا َن َم َق ُامهُ بِالح َمدينَة‪َ ،‬وَم َق ُام َم حن َم َعهُ م حن الح ُم حؤمن َ‬
‫ط بِالثُّغُوِر‬ ‫َج ِل أَن ََّها َد ُار ِه حجَرِِتِ حم‪َ ،‬وَِلََذا َكا َن الربَا ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫م حن َم َقام ِه حم ِبَ َّكةَ أل ح‬
‫ِ‬
‫الص ِح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أَفح ِ‬
‫ط يَ ْوم‬ ‫يح ‪َِ « :‬بَا ُ‬ ‫ت ِيف َّ‬ ‫ض َل م حن َُ َاوَرةِ َم َّكةَ َوالح َمدينَة‪َ ،‬ك َما ثَبَ َ‬ ‫َ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل اللَّه َخ ْي ر م ْن صيَ ِام َش ْهر َوقيَامه‪َ ,‬وَم ْن َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَْي لَة في َُِ ِ‬
‫ْجن َِّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُم َرابِطًا‪َ ,‬م َ‬
‫ي َِْزقُهُ م ْن ال َ‬ ‫ُج ِر َ‬ ‫ات ُم َجاه ًدا َو َج َرى َعلَْيه َع َملُهُ َوأ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَحي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪-‬‬ ‫َِّب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ن‬
‫َح ُ َ َح‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ث‬
‫ح‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫الس‬
‫ُّ‬ ‫يف‬ ‫و‬‫َوأَم َن الْ َفََّا َ » َ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط ي وم فِي ُِ ِ ِ‬
‫يما‬‫يل اللَّه َخ ْي ر م ْن أَلْف يَ ْوم ف َ‬ ‫َ‬ ‫َو َسلَّ َم‪ -‬أَنَّهُ قَ َال ‪َِ « :‬بَا ُ َ ْ‬
‫ط لَحي لَةً ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِه‬ ‫ُِ َوا ُ ِم ْن ال َْمنَا ِزِل» َوقَ َال أَبُو ُهَريح َرَة ‪َ :‬ألَ حن أ َُرابِ َ‬
‫َس َوِد ؛ َوَِلََذا َكا َن‬ ‫احلَ َج ِر حاأل ح‬ ‫وم لَحي لَةَ الح َق حد ِر ِعحن َد ح‬ ‫ب إ ََّ ِ‬
‫ِل م حن أَ حن أَقُ َ‬ ‫َح ُّ‬‫أَ‬
‫ع لِلَّ ِه َوَر ُسولِِه‬ ‫ِ‬
‫ي يَ ُكو ُن ف َيها أَطح َو َ‬ ‫ي ِيف َحق ُكل إنح َسان أ حَر ٌ‬ ‫ضل حاأل حَر ِ‬
‫أَفح َ ُ‬
‫اإلنحس ِ‬ ‫وه َذا َُيحتلِف بِ ِ ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬
‫ي يَ ُكو ُن ُم َق ُام ح َ‬ ‫ني أ حَر ٌ‬ ‫َح َو ِال َوَال تَتَ َع َّ ُ‬
‫اخت َالف حاأل ح‬ ‫ََ َ ُ ح‬
‫ب التَّ حق َوى‬ ‫ِ‬
‫ضل ِيف َحق ُكل إنحسان ِبَس ِ‬ ‫فِ َيها أَفح َ َِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َل َوإَّنَا يَ ُكو ُن حاألَفح َ ُ‬
‫ب أَبُو الد حَّرَد ِاء َإَل‬ ‫ضور َوقَ حد َكتَ َ‬
‫احلُ ُ ِ‬‫وع َو ح‬ ‫ضِ‬ ‫اْلُ ُ‬
‫وع َو ح‬ ‫اع ِة َو ح‬
‫اْلُ ُش ِ‬ ‫َوالطَّ َ‬
‫ي‬‫َن حاأل حَر َ‬ ‫ب إلَحي ِه َس حل َما ُن ‪ :‬أ َّ‬ ‫َّسة فَ َكتَ َ‬
‫ي الحم َقد ِ‬
‫َس حل َما َن ‪َ :‬هلُ َّم َإَل حاأل حَر ِ ُ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫س الح َعحب َد َع َملُهُ ‪َ  .‬وَكا َ النَِّ مي َ‬ ‫َال تُ َقدس أ َ َِّ‬
‫َح ًدا َوإَّنَا يُ َقد ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الد َْ َدا ‪َ ‬وَكا َن َس حل َما ُن أَفح َقهَ م حن أَِِب‬ ‫ِ‬ ‫َو َُلَّ َم قَ ْد آ َخى بَ ْي َن َُل َْما َ َوأَبِي َّ‬
‫وسى َعلَحي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الد حَّرَداء ِيف أَ حشيَاءَ م حن َجُحلَت َها َه َذا ‪َ .‬وقَ حد قَ َال اللَّهُ تَ َع َاَل ل ُم َ‬
‫ِ‬
‫َّار الَِّ َكا َن ِِبَا أُولَِِ َ‬
‫ك‬ ‫ين‪َ ‬وه َي الد ُ‬
‫ِِ‬
‫الس َال ُم ‪َُ ‬أُ َِي ُك ْم َد َاَ الْ َفاُق َ‬ ‫َّ‬
‫َّار الَِّ َد َّل َعلَحي َها‬ ‫الحعمالَِقةُ ُُثَّ صارت ب ع َد ه َذا دار الحمؤِمنِ ِ‬
‫ني َوه َي الد ُ‬ ‫َ َ ح َح َ َ َ ُح َ‬ ‫ََ‬
‫(‪ )1‬أخرجه الرتمذي‪ ،‬كتاب املناقب‪ ،‬باب ‪.69‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب اْلهاد‪ ،‬باب ‪ ،72‬ومسلم يف اإلمارة‪ ،‬حديث رقم ‪.162‬‬
‫األعمال بالنيات‬ ‫‪84‬‬
‫ي ِمصر الَِّ أَورثَها اللَّه ب ِِن ِ‬ ‫ي الحم َقد ِ‬ ‫ِ‬
‫يل‬
‫إسَرائ َ‬ ‫حَ َ ُ َ ح‬ ‫َّسة َوأ حَر ِ ح َ‬ ‫الح ُق حرآ ُن م حن حاأل حَر ِ ُ َ‬
‫الر ُج ُل تَ َارةً ُم حسلِ ًما َوتَ َارًة َكافًِرا‬‫َح َو ِال الحعِبَ ِاد فَيَ ُكو ُن َّ‬ ‫ِ‬
‫َح َو ُال الحبِ َالد َكأ ح‬ ‫فَأ ح‬
‫اجًرا َش ِقيًّا‬ ‫اس ًقا وتَارًة فَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوتَ َارًة ُم حؤمنًا ؛ َوتَ َارًة ُمنَاف ًقا َوتَ َارًة بًَّرا تَقيًّا َوتَ َارًة فَ َ َ‬
‫ان ِمن م َك ِ‬ ‫ب س َّك ِاُنَا فَ ِهجرةُ حِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان الح ُك حف ِر‬ ‫اإلنح َس ح َ‬ ‫حَ‬ ‫‪َ .‬وَه َك َذا الح َم َساك ُن ِبَ َس ِ ُ‬
‫اع ِة َكتَ حوبَتِ ِه َوانحتِ َقالِِه ِم حن الح ُك حف ِر‬ ‫ان حِ ِ‬
‫اإلميَان َوالطَّ َ‬
‫اصي َإَل م َك ِ‬
‫َ‬
‫والحمع ِ‬
‫َ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعة َوَه َذا أ حَمٌر بَاق َإَل يَ حوم الحقيَ َامة َواَللَّهُ‬ ‫اإلميَان َوالطَّ َ‬ ‫َوالح َم حعصيَة َإَل حِ‬
‫اه ُدوا َم َع ُك ْم فَأُولَئِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫اج ُروا َو َج َ‬‫آمنُوا م ْن بَ ْع ُد َو َه َ‬ ‫ين َ‬ ‫ال ‪َ  :‬والذ َ‬ ‫تَ َع َاَل قَ َ‬
‫اجَر‬ ‫ِِ‬ ‫ت طَائَِفةٌ ِمن َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫السلَف‪َ :‬ه َذا يَ حد ُخ ُل فيه َم حن َآم َن َوَه َ‬ ‫ح‬ ‫م ْن ُك ْم‪ . ‬قَالَ ح‬
‫اج ُروا‬ ‫ين َه َ‬
‫اَل ‪‬ثُ َّم إ َّ َبَّ َ ِ ِ‬
‫َ للَّذ َ‬ ‫َ‬ ‫اه َد َإَل يَ حوِم الح ِقيَ َام ِة َوَه َك َذا قَ حوله تَ َع َ‬‫َو َج َ‬
‫َ ِم ْن بَ ْع ِد َها لَغَ ُفوَ ََِحيم‪‬‬
‫صَ ُروا إ َّ ََبَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن بَ ْعد َما فَُِنُوا ثُ َّم َج َ‬
‫اه ُدوا َو َ‬
‫ي حدخل ِيف معنَاها ُك ُّل من فَتَ نَه الشَّيطَا ُن عن ِدينِ ِه أَو أَوقَعه ِيف مع ِ‬
‫صيَة‬ ‫ح ح َُ َ ح‬ ‫َح‬ ‫َح ُ ح‬ ‫َ ُ ُ َح َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه َد الح ُمنَافق َ‬
‫اه َد نَ حف َسهُ َو َغحي َرَها م حن الح َع ُدو َو َج َ‬ ‫السيَِات َو َج َ‬ ‫ُُثَّ َه َجَر َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َصابَهُ‬
‫صبَ َر َعلَى َما أ َ‬‫ك َو َ‬ ‫بِ حاأل حَم ِر بِالح َم حع ُروف َوالن حَّه ِي َع حن الح ُمحن َك ِر َو َغ حِري َذل َ‬
‫ِم حن قَ حول أ حَو فِ حعل ‪َ .‬واَللَّهُ ُسحب َحانَهُ َوتَ َع َاَل أ حَعلَ ُم‪.‬‬

‫****‬
‫‪89‬‬ ‫األعمال بالنيات‬

‫الفهرس‬

‫مقدمة الناشر ‪5 ...............................................‬‬


‫املقدمة ‪6 .....................................................‬‬
‫ص ٌل يف املعىن الذي دل عليه احلديث ‪12 .......................‬‬ ‫فَ ح‬
‫ظ الن يَِّة ِيف َك َالِم الح َعَر ِب ‪18 .......................‬‬
‫ص ٌل يف لَحف ُ‬
‫فَ ح‬
‫ص ٌل النيات‪ :‬هل هي أضمار أو َتصيص ‪15 ...................‬‬ ‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف إَّنا األعمال ِبسب ما نواه العامل ‪14 ..................‬‬ ‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف كالم العلماء يف لفظ النية ‪19 ..........................‬‬ ‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف العبادة ال ال تصلح إال بالنية ‪21 ......................‬‬
‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف النية هي إخالد الدين هلل ‪28 .........................‬‬ ‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف النية حملها القلب ‪26 ..................................‬‬
‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف لفظة إَّنا للحصر ‪24 ..................................‬‬‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف املواضع ال تنازع الناس يف نفيها ‪21 ....................‬‬
‫فَ ح‬
‫ص ٌل يف‪« :‬فمن كانت هجرته» ‪82 .............................‬‬
‫فَ ح‬
‫الفهرس ‪89 ..................................................‬‬

‫****‬

You might also like