Professional Documents
Culture Documents
شرح متن
-
ميرات النبوة
. المنهاج من
5
تنبيه
الفوائد:
-1هذه اآلية فيها خطاب فيه أمر للنبي ﷺ باالستقامة
كما أمر ،فاللُه تعالى أمر باالستقامة ،وحّد طريق
االستقامة ،فالذي ينبغي على اإلنسان أن يستقيم
على طريق هللا بنور من هللا تعالى.
ِ -2م ن المفسرين َم ن فّس ر «الطغيان» بمجاوزة الحّد
من جهة الغلّو .
األحاديث
الحديث األولَ :ع ْن َأ ي ُه َر يَر َة – َر َي الّلُه َع ْن ُه –
ّن ِض
الِّديَن ُيْس ٌر ،وَلْن َق اَل َ :ق اَل َرُس وُل الّلِب ﷺ« :إ
ُيشاَّد الِّديَن أَح ٌد إّلا ِهَغ َلَبُه [َ ،]1ف َس ِّدُد وا وقا ُبوا،
وشيِر وَأْب ُر وا ،واْس َت يُنوا بالَغ ْد َو والَّرْو َح
ٍء ِة ِة ِع ِش
َن الُّدْل َج » أخرجه البخاري.)39( :
ِم[ ]1لن يشادِة الدين أحد إال غلبه :أي :لن يغالب الدين أحد
ويكّل ف نفسه من العبادة فيه فوق طاقته؛ إال غلبه الدين.
الفوائد:
-1غريب الكلمات:
الغدوة :السير في أّو ل النهار.
الروحة :السير في آخر النهار.
الُد لجة :السير في آخر الليل.
-2هذا الحديث يبّي ن قاعدة كبرى ،وهي أّن الدين يسر،
وأّن ه ال ُيغلب ،فمهما أردت أن تصل فيه إلى مرحلة
تظّن فيها أنك انتهيت فيها من أمر الدين؛ لن
تستطيع.
-3بما أن العبد لن يستطيع أن ُيشاّد هذا الدين؛
فالمطلوب منه:
أن ُيصيب فيما يتعّب د لله به ،وهذا الصواب ال
يكون إال بالعلم.
أن ما ال نستطيع فيه الصواب دائًم ا فلنقارب
الصواب.
-4الغدوة والروحة تكون في أوقات النشاط ،والدلجة
يكون الوقت فيها وقت راحة ،وحال المؤمن في السير
إلى هللا تعالى ينبغي أن يكون باستثمار أوقات النشاط
واإلقبال في عمل الواجبات األساسية والتمّس ك بها
ثم بأخذ حٍّظ من الكمال من القيام في الليل ،أو في
األوقات التي ُيمكن أن ُتقتنص من أوقات الراحة.
الفوائد:
-1أّك د النبي ﷺ وشّد د على قضية «األخّو ة بين
المؤمنين» ،وهذا المعنى مؤّك د في كتاب هللا تعالى،
وهو من محكمات الشريعة ،ومن األمور العظيمة
التي جاء الحّث عليها من أّو ل اإلسالم ،ولعظمة هذا
الباب في الدين جاء إطالق وصف «الكفر» على َم ن
خالف فيه المخالفة الكبيرة ،قال رسول هللا ﷺ:
«ِس باُب الُم ْس ِلِم ُف ُس وٌق ،وِق تاُلُه ُك ْف ٌر»[ ،]1وقال ﷺ:
«ال َت ْر ِج ُع وا َبْع ِد ي ُك ّف اًراَ ،ي ْض ِرُب َبْع ُض ُك ْم ِرقاَب
َبْع ٍض »[ ]2وليس الُم راد بـ«الكفر» هنا الكفر المخرج
من الملة ،وإنما هو كفر دون كفر.
[ ]1أخرجه البخاري ،)48( :ومسلم.)64( :
[ ]2رواه البخاري.)6868( :
الحديث الثالثَ :ع ْن عا َش َة – َر َي الّلُه َع ْن َه ا –
ِض ِئ
َق اَلْت :كاَنْت ن ي اْم َر َأٌة ن َب ي أَس َ ،ف َد َخ َل
ه؟» ُق لُت : ِهللاِدﷺَ ،ف قاَلِمَ« :م ِنْن َه ٍد
ِع
َع َلَّي َرُس وُل
ِذ
ُف الَنُة ال َتناُم بالَّلْي َ ،ف ُذ َر ْن َص ال هاَ ،ف قاَل :
«َم ْه [ ،]1عَلْي ُك ْم ماِلُت يُقِكوَنِم َن األْعِت َم ا ،فإّن
ِم ِط
َهللا ال َيَم ُّل حّتى َتَم ُّلوا» أخرجه البخاريِ:ل(،)1151
ومسلم.)785( :
[َ ]1م ْه :كلمة زجر.
الفوائد:
-1هذا الحديث عجيب من وجوه ،منها:
نهي النبي ﷺ عن هذه الصورة من العبادة ،مع أن
الُم حب للدين في بادئ الرأي قد يستحسنها.
نهي النبي ﷺ عن هذا في مرحلة النبوة عجيب،
نعم؛ لو أّن ه جاء بعد تجربة طويلة من العّب اد ثم
رأوا أنها تؤول باإلنسان إلى االنقطاع؛ فإن هذا
مفهوم ،لكن هذا النهي جاء من رسول هللا ﷺ في
مرحلة النبوة ،وهذا مما يؤكد رّب انية هذا الدين.
– َر ضَي الّلُه َب َم ا الحديث الرابعَ :ع ْن َأَن
إلى ُبُيو أْز وا َع ْن ُه – َق اَل :جاَء َثالَثُةِس َرْه ِن [ِ ]1لٍك
ﷺَ ،ف َلّمِجا النبِّي ﷺَ ،يْس َأُلوَن عن ٍطباَد النبِّي ِت
قالوا :وَأْي َن َنْح ُن َن َفِع ِة
ُأْخ ُر وا َك أّنُه ْم َتقاُّلوها،
ِم
النبِّي ﷺ؟ قْد ُغ َر له ما َتَق َّدَم ن َذْن وما َتَأَّخَر ، ِب
الَّلْي َل أَبًد ا، قا أَح ُدُه ْم :أِفّم ا أَنا فإِّني ُأِمَص ِّلي ِب ِه
َل
وقاَل آَخ ُر :أنا أُص وُم الَّدْه َر وال ُأْف ُر ،وقاَل آَخ ُر :
َتَز ُج َبًد ِط
ُل سو َر َء جا َف أنا أْع َت ُل الِّنساَء فال أ َّو أ ا،
ِهللا ﷺِز إلي مَ ،ف قاَل « :أْنُتُم اَّل يَن ُق لُتْم َك ذا
ِذ وَك ذا ،أما ِه
وِهللا إِّني َلَأْخ شاُك ْم َّل وَأْت قاُك ْم له،
َل ِّني أُص وُم وُأْف ُر ،وُأَص ِّلي ِل وِهَأْر ُق ُد ،وَأَتَز َّوُج
ِط ِك
ِّني» الِّنساَء ،فَم ن َر َب عْن ُس َّنتي فليَس
ِم ِغ
أخرجه البخاري ،)5063( :ومسلم.)1401( :
[ ]1الرهط :اجماعة من ثالثة إلى عشرة.
الفوائد:
-1هذا الحديث قانون عظيم في اّتباع النبّي ﷺ ،ففيه
بيان أن الشأن كّل الشأن في اّتباع النبي ﷺ ،وليس
في كثرة العبادة.
-2قياس األمور القلبية المتعّل قة بالخشية من هللا
ومحّب ته بناء على محض الكثرة التعبدية قياس خاطئ.
-3لو لم يأِت الدين بتهذيب النفوس من حيث الزيادة
التعّب دية لوجدنا الصحابة مذاهب شّت ى ،لكّن النبي ﷺ
كان يزّك يهم.
-4تنقسم حاالت الناس من حيث اإلقبال على الدين
واإلعراض عنه إلى قسمين:
قسم المقبلين على الدين ،ومن أعظم ما ُيخاف على
المقبلين من الفتن :فتنة «الغلو» ،ففي هذه الحال
ينبغي أن تكون مركزية الخطاب في الحديث عن
التوازن.
قسم المعرضين ،وفي هذه الحال ينبغي أن تكون
مركزية الخطاب في الحديث في تليين القلوب
واستصالح النفوس للتمّس ك بالعبادة.
وفي زماننا هذا نحن بحاجة إلى الخطابين ،وذلك بحسب
الُم خاَط ب.
-5هذا الحديث في بيان بركة النبي ﷺ وفضل اّتباعه.
-6في الحديث تحذير لمن رغب عن سنة النبي ﷺ ،والرغبة
عن السنة تشمل جهتين:
الزهد في السنة وعدم التمسك بها.
السير على السنة إلى درجة معّي نة ،ثم الزيادة عليها
بما ليس منها.
فكال الطرفين راغب ،إما بإفراط أو بتفريط ،والقسطاس
المستقيم في موافقة هدي النبي ﷺ.
-7من أعظم أسباب رضوان هللا :موافقة هدي النبي ﷺ،
وهذه الموافقة ال تكون إال بالعلم ،وعليه؛ فإن من أعظم
بركات العلم :القدرة على موافقة الهدي النبوي ،وهذا
يوّج ه النفس ألبواب من العلم ،فالعلم بسنة النبي ﷺ
من أشرف أبواب العلم ،وَم ن رام العلم بالسنة النبوية
فإن لها بابين كبيرين:
باب تفصيلي ،وهو المذكور في كتب الحديث.
باب إجمالي ،وهو المذكور في كتب السير والمغازي.
– َر َي الّلُه الحديث الخامسَ :ع اب َع َّبا
َع ْن ُه ما – َق اَل :قالِن ي ِنَرُس وُلٍس ِهللا ِضﷺ غداَة
اْل َع َق َب [َ« :]1ه ا الُق ِلْط ي» ،قال فلقطُت َلُه
ِة
َح َص َيا ُه َّن َح َصِت ى الَخ َذ ِل [َ ،]2ف لَّما َو َض ْع ُتُه َّن
ِف
ي َي ٍت َق اَل َ « :أْم َثا َه ؤَلا ،وإّياُك ْم والغلَّو في
ِء ِف ِدِه
الِّدي ،فإّنما َأِبْه َلَك ِلَم ْن َك اَن َق ْب َلُك ْم الغُلُّو في
الِّديِن » أخرجه النسائي.)3057( :
غداة العقبة :أي :صباح رمي جمرة العقبة ،وهو [ِ ]1ن
صباح يوم النحر.
[ ]2حصى الخذف :أن يجعل اإلنسان الحصاة بين
السبابة من اليمنى واإلبهام من اليسرى ثم
يقذفها بالسبابة من اليمن.
الفوائد:
-1في هذا الحديث طلب النبي ﷺ من ابن عباس أن
يلتقط له حصيات ليرمي الجمرات ،فلقط له ابن عباس
حصيات صغيرات ،فأرشد النبُّي ﷺ ابَن عباس وغيره
أن هذه الحصيات الصغيرات تؤدي غرض العبادة ،وال
داعي لإلتيان بحجارة كبيرة ،فهذا الحد المقتصد يؤدي
الغرض.
-2في الحديث بيان خطورة الغلو ،وأنه سبب للهالك.
َر – ِّي ْد ُخ ال ي َس ي الحديث السادسَ :ع ْن َأ
َي
الّلُه َع ْن ُه – َق اَل :بْي َنما ِبَنْح ُن ْن َدٍد َر سوِر ِهللا ﷺ
ِض ِع
ِع
وهو َيْق ُم ْس ًم ا ،أتاُه ُذ و الُخ َوْي ِلَر ،وهو
ِص ِة ِق ِس
َرُج ٌل ن َب ي َت ي َ ،ف قاَل :يا َر سوَل ِهللا اْع ْل ،
َف قاَلِم« :وِنْي َلَك ِ،م وٍمَم ن َيْع ُل إذا َلْم أْع ْل ِ ،دقْد
ِد ِد
ْب َت وَخ ْر َت إْن َلْم أُك ْن أْع ُل » َف قاَل ُع َم ُر :يا
ِد ِس ِخ
َر سوَل ِهللا ،اْئ َذ ْن لي فيه فأْض َب ُع ُنَق ُه ؟ َف قاَل :
«َدْع ُه ،فإّن له أْص حاًبا َيْح ُر أِرَح ُد ُك ْم َص الَتُه مع
َص ال ْم ،و ياَم ُه مع ِق يا ْم َ ،يْق َر ُؤ وَن
َن ِتِه ال ُيِصجا ُز َترا َيُه ْمِص[ِ،]1م ِهَيْم ُر ُق وَنالُق ْر آَن
ِم ِق الِّدي [ ]2كما ِو
َيْم ُر ُق الَّسْه ُم َن الَّر َّي [»]3
ِم ِة ِم ِن
أخرجه البخاري ،)3610( :ومسلم.)1064( :
[ ]1ال يجاوز تراقيهم :أي :ليس لهم فيه حظ إال مروره على
لسانهم ال يصل إلى حلوقهم ،فضًل ا عن أن يصل إلى قلوبهم.
[ ]2يمرقون من الدين :يخرجون منه.
[ ]3يمرق السهم من الرمية :أي :ينفصل السهم من الرمية إذا
أنفذها.
الفوائد:
-1في الحديث إخبار من النبي ﷺ عن أمور من الغيب
ستحصل ،ثم حصلت كما أخبر؛ لذلك فإن العلماء
يذكرون هذا الحديث في دالئل النبوة ،وهو من أصح
األحاديث ،وورد بطرق كثيرة صحيحة.
-2في هذا الحديث كشف عن بعض النفسيات
المتشددة ،فهناك رابط معين من الممكن أن يجمع
النفوس المتشددة ،وهو أن صاحب هذه النفسية
المتشددة يجمع بين أمرين:
أمر يتعّل ق بنفسه ،وهو :مجاوزة الحّد بها عما هي
عليه.
أمر يتعّل ق بغيره ،وهو :التقليل من شأن غيره ،وإنزاله
عّم ا هو عليه.
وفي هذا الحديث المذكور ظن هذا القائل للنبي ﷺ أّن ه
محقق ألمر التقوى إلى أعلى درجة ،ثم قّل ل من شأن غيره،
وهذا شأن الخوارج دائًم ا ،فهو ال يستطيع أن يبصر
حسنات غيره إذا لم يوافقه في الجزئية التي يؤمن بها.
-3من سمات الخوارج:
الجرأة على الحدود الدينية المحكمة ،والتي منها:
«عصمة دم المسلم وماله وعرضه» ،و«األخوة بين
المؤمنين» ،و«الجرأة على التكفير».
عدم أخذ سنة النبي ﷺ بشمولية.
عدم النظر الشمولي للفقه في الدين؛ لذلك تجدهم
ينتقون آيات معّي نة يبنون عليها فقههم دون غيرها.
-4مما يدل على اعتدال أهل العلم :أّن هم لم يكفروا
الخوارج مع كثرة النصوص الواردة فيهم من الوعيد ،فما
بالنا بأناس لم ترد فيهم نصوص كهذه ،ووقعوا بمسائل
حصل فيها التباس وخطأ ،وتقليد ألناس من أهل العلم
لكنهم أخطؤوا في مسائل ،ثم يأتي َم ن يكّف رهم؟!
-5العالقة مع القرآن ال ينبغي أن تكون أّي عالقة ،وإنما
العالقة األساسية التي ينبغي أن تكون هي «االهتداء»
من جهة العلمية والعملية؛ ألن من أهم أسباب العصمة
من الضاللُ :ح سن األخذ للقرآن.
قال عبد هللا بن عمَر – رضي هللا عنهما َ«: -ل َق ْد ِع ْش َن ا
ُبْر َه ًة ِم ْن َد ْه ِرَن اَ ،و َأ َح ُد َن ا ُيْؤ َت ى اْل ِإ يَم اَن َق ْب َل اْل ُق ْر آِن َ ،و َتْن ِزُل
الُّس وَر ُة َع َل ى ُم َح َّم ٍد َص َّل ى ُهللا َع َل ْي ِه َو َس َّل َم َف َنَت َع َّل ُم َح َل اَل َه ا
َو َح َراَم َه اَ ،و آِم َرَه ا َو َز اِج َرَه اَ ،و َم ا َي ْن َب ِغ ي َأ ْن َي ِق َف ِع ْن َد ُه ِم ْن َه ا،
َك َم ا َت َع َّل ُم وَن َأ ْنُت ُم اْل َيْو َم اْل ُق ْر آَن ُ ،ثَّم َل َق ْد َر َأ ْي ُت اْل َيْو َم ِرَج اًل ا
ُيْؤ َت ى َأ َح ُد ُه ُم اْل ُق ْر آَن َق ْب َل اْل ِإ يَم اِن َ ،ف َي ْق َر ُأ َم ا َبْي َن َف اِتَح ِتِه ِإَل ى
َخ اِتَم ِتِه َم ا َيْد ِري َم ا آِم ُرُه َو َل ا َز اِج ُرُه َ ،و َل ا َم ا َي ْن َب ِغ ي َأ ْن َي ِق َف
ِع ْن َد ُه ِم ْن ُه َ ،ف َي ْن ُث َرُه َن ْث َر الَّد َق ِل »[ ،]1وقال ابن تيمية:
«المطلوب من القرآن :هو فهم معانيه ،والعمُل به ،فإن
لم تكن هذه هّم ة حافظه لم يكن من أهل العلم
والدين»[]2
وهذه المسألة من األمور المركزية في اإلصالح اليوم،
فمن أعظم األعمال التي ينبغي أن يقوم بها المصلحون
اليوم :إعادة تعريف العالقة بالقرآن بحيث يكون تعريًف ا
صحيًح ا ،وأن تكون طبيعة العالقة مع القرآن طبيعة
محكومة بطبيعة العالقة التي كانت في زمن النبي ﷺ.
[ ]1رواه الحاكم ( )101في «المستدرك» ،والبيهقي ()5290
واللفظ له.
[ ]2مجموع الفتاوى (.)55/23
َق اَل ُ :ك ّنا الحديث السابعَ :ع اْل َأْز َر َب َق ي
أنا على ُج ُر [َ ،]1فِنبْي نا ٍس
باألْه وا ُنقا ُل الَحِنُر و َّيَة ِق
ِف َنَه [ِ ]2زإذا ِت
َرُج ٌل ُيَص ِر
ِّلي ،وإذا جاُم داَّب بَي ،
ّد ُة ُت ُع ُه َج َع ِل َيْت َبُع ِتِه ِدِه َف َجٍرَع َل
ها -قاَل و َل ال اَّب نا
ِت هو أبو َبْر َزَة ِزاألْس َل ُّي َ -ف َج َع َل َرُج ٌل َن ُش ْع َبُة :
ِم ِم
الَخ وا يقوُل :الَّلُه َّم اْف َع ْل بهذا الَّشْي َ ،ف َلّم ا
اْنَص َر َفِرِج الَّشْي ُخ ،قاَل :إِّني َس ْع ُت َق ْو َلُكِخْم وإِّني
َغ َز ْو ُت مع َر سو ِهللا ﷺ َّتِم َغ َز وا -أْو َس ْبَع
ٍت ،وإِّني إْن َغ َز وا -وَثما ِلَي وَش ْدِسُت َتْي يَرُه
ِس ِه
داَّبتي أَح ُّب إَلَّي ن أْن أَدَع ها ٍتْن ُأرا َع ِنمعُك ْن ُت أ
ِم
َتْر ُع إلى ِج َم ْأ َل ها[َ ]3ف َيُش ُّق َع َلَّي» أخرجه
ِف ِج
البخاري.)1211( :
[ ]1الحرورية :طائفة من الخوارج ابتدأ خروجها من قرية
حروراء في العراق.
[ُ ]2ج ُر ف نهر :هو المكان الذي أكله السيل.
[ ]3مألفها :الموضع الذي ألفته واعتادته.
الفوائد:
-1لم يكن عند أبي برزة – رضي هللا عنه – نص مباشر
عن النبي ﷺ في منازعة الدابة للعبد أثناء الصالة ،لكّن ه
شهد الهدي العام للنبِّي ﷺ ،وأخذ منه مظّل ة التيسير،
وهنا الفرق بين الفقيه وغيره ،فهو وإن لم يكن عنده
نص لكّن ه فهم ذلك من التيسير المأخوذ من الهدي
الشمولي للنبي ﷺ.
-2الموازنة التي فعلها أبو برزة – رضي هللا عنها – ونحوها؛
قد تدخل في عقل كّل أحد ،إال أصحاب الغلّو ،فهم أبعد
الناس عن الموازنة بين دفع شّر الشّر ين ،ونحو ذلك من
الموازنات.
الفوائد:
-1هذان الحديثان من األحاديث التي تبّي ن شيًئ ا من المنهج
الدعوي اإلصالحي.
-2هذه الوصايا المذكورة في الحديث مهمة لكّل من يريد
أن يكون وارًثا للنبي ﷺ ولو في أبواب معّي نة.
-3الروح التي ينبغي أن ُتصاحب أثناء دعوة الناس هي روح
التيسير ،وهذا التيسير يكون – في األساس – متوّج ًه ا ِلَم ا
لم َي ِرْد فيه نّص .
-4التبشير وتحبيب الدين للنفوس من مقاصد الدين
العظيمة ،والعمل الذي يؤّد ي للتنفير من أعظم ما حّر مته
الشريعة.
-5الحديث عن الجنة والنار ،والرحمة والعذاب ،والثواب
والعقاب كّل ه من الدين ،وليس من التنفير ،والتنفير قد
يكون باختيار أشياء من الدين في غير مقامها ،فيكون
الشخص بهذا منّف ًرا؛ وإن كان الذي فعله من الدين.
« -6تطاوعا وال تختلفا» عنوان من العناوين الكبرى
بالنسبة للمجال اإلصالحي الذي يضّم أكثر من عامل،
وهذا «التطاوع» ال يعني – ضرورة – توّح د الرأي ،وإنما
يشمل حالة من التنازل وعدم اإلصرار على ما قد يكون
سبًبا في الخالف.
الفوائد:
-1هذا الحديث يؤكد المعنى المركزي الذي سيق هذا
الباب ألجله ،وهو :التيسير على المسلمين ،وعدم
التشديد عليهم.
-2قد يدخل في المعنى الشمولي للحديثَ :م ن حّر م
على المسلمين أشياء لم تحّر م عليهم.
الحديث الحادي عشرَ :ع ْن َع ْب الِّل َبْن َع ْم رو ب
ِد
– َر َي الّلُه َع ْن ُه ما – َق اَل ُ :كِهنُت أُص وُم الَّدْهِنَر الَع ا
ِض ِص
وَأْق َر ُأ الُق ْر آَن ُك َّل َلْي َل ،قاَل َ :ف إّم ا ُذ ْر ُت للنبِّي ﷺ،
لي«:أَلْم ُأْخ َبْر أّنَك ِك
وإّم ا أْر َس َل إَلَّي فأَتْيٍةُتُه َ ،ف قاَل
َتُص وُم الَّدْه َر وَتْق َر ُأ الُق ْر آَن ُك َّل َلْي َل ؟» َف ُق لُت َ :بلى ،يا
قاَل « :فإّن بَح ْس َك َن َّي ِهللا ،وَلْم ُأ ْد بذلَك إّلا الَخ ْيَر ٍ ،ة
ِهللا،أ ِبْن َتُص وَم ن ُكِر ِّل َش ْه َثالَثَة أّيا » ُق لُت :يا َن َّي ِب
ذلَك ،قاَل ٍ:م «فإّن َز ْو َكِب َع َلْي َك إِّني ُأ يُق ِمأْف َض َل ن ٍر
ِل ِم ِط
َح ًّقا ،و َز ْو َك َع َلْي َك َح ًّقا[ ،]1و َج َس َك َع َلْيِج َك َح ًّقا»
ِد ِل ِل
ِهللا ﷺ ،فإّنه َك اَن أْع َبَد قاَل َ« :ف ُص ِر ْم َص ْو َم داُوَد َن ِّي
الّنا » قاَل ُق لُت :يا َن َّي ِبِهللا ،وما َص ْو ُم داُوَد ؟ قاَل :
«كاِسَن َيُص وُم َيْو ًم ا وُيْف ِب ُر َيْو ًم ا» قاَل « :واْق َر الُق ْر آَن
إِّني ُأ يُقِأ ِط
في ُك ِّل َش ْه » قاَل ُق لُت :يا َن َّي ِهللا،
ْش َن ِط أْف َض َل ن ذلٍرَك ،قاَل « :فاْق َر ْأ ُه ِب
ي » َل
قا في ُك ِّل
ذلَك ،قاَل : ُق لُت :ياِم َن َّي ِهللا ،إِّني ُأ يُق أْف َض َل ِعن ِر
ِم ِط «فاْق َر ْأ ُه ِب
في ُك ِّل َع ْش » قاَل ُق لُت :يا َن َّي ِهللا ،إِّني
في ُك ِّل َس ْب ، ُأ يُق أْف َض َل ن ذلَكٍر ،قاَل « :فاْق َر ْأ ُه ِب
ِم ِط
ذلَك ،فإّن َز ْو َك َع َلْي َك َح ًّقا ،و َز ْو ٍعَك وال َت ْد على
ِل ِل
َع َلْي َك ِز َح ًّقا ،و َج َس َك َع َلْي َكِج َح ًّقا» .قاَل َ :ف َش َّدْد ِرُت ،
ِد ِل
َف ُش ِّدَد َع َلَّي .قاَل :وقاَل لي النبُّي ﷺ« :إّنَك ال َتْد ي
َلَع َّلَك َيُط وُل بَك ُع ْم ٌر» .قاَل َ :ف ْر ُت إلى الذي قاِرَل
أِّني ُك ْن ُت َق ْلُت ُر ْخ َص َة ُت ِص
لي النبُّي ﷺَ ،ف َلّم ا َك ْر ُت و ْد
ِب ِد
ومسلم،)1159( : َن ِّي ِهللا ﷺ» أخرجه ِبالبخاري،)1975( :
واللفظ له. ِب
[ ]1ولزورك عليه حًق ا :أي :لضيفك.
الفوائد:
-1هذا الحديث فيه تربية من النبي ﷺ ألصحابه ،وقد
حصل تقصير في هذه التربية من بعض اآلخذين
بميراث النبوة في بعض المراحل من هذه األمة ،بل
حتى في زماننا هذا ،فهناك نقص في كون العالم مربًيا،
ومما ُيعين على أن يكون العالم مربًيا :استحضار معنى
الوراثة النبوية ،قال الشاطبي« :المنتصب للناس في
بيان الدين؛ منتصب لهم بقوله وفعله ،فإنه وارث
النبي ،والنبي كان مبّي ًن ا بقوله وفعله؛ فكذلك الوارث ال
بد أن يقوم مقام الموروث؛ وإال لم يكن وارًثا على
حقيقة» الموافقات)87/4( :
-2التربية ال تكون بمجرد إلقاء الدروس وخطب
الجمعة ،وإنما تكون كذلك بمثل هذه المواقف،
والحاجة ماّس ة على مّر األعصار للقيام بنفس الدور
واالقتداء بالدور التربوي من أهل العلم.
-3في الحديث استحسان للمداومة على الفعل وإن
قّل ،والمداومة على العمل مركزية في فقه العبادة في
اإلسالم ،ومن يفقهها ويوّف ق للحفاظ عليها؛ فقد أخذ
بأمر وثيق في الدين.