You are on page 1of 19

‫تلخيص‬

‫شرح متن‬
‫‪-‬‬
‫ميرات النبوة‬
‫‪.‬‬ ‫المنهاج من‬

‫َباٌب ِف ي الَح ِّث َع َل ى االْع ِت َد اِل ِف ي‬


‫الِّد يِن َو الَّت يِس يِر ِف يِه ‪ ،‬والَّت ْح ِذ يِر ِم َن‬
‫الُغ ُل ِّو والَّتْش ِد يِد َع َل ى الَّنْف ِس َأ‬
‫ِو‬
‫الَغ يِر‬

‫‪5‬‬
‫تنبيه‬

‫المادة المعتمدة في االختبار‪:‬‬


‫الشرح المرئي للكتاب‬
‫هذا المخلص ال يغني عن مراجعة‬
‫الشرح‪.‬‬
‫ي الِّدي‬ ‫ي الَح ِّث َع َلى االْع َد ا‬ ‫َباٌب‬
‫ِف‬ ‫ِف‬
‫ي ‪ ،‬والَّتْح يِت ِل َن الُغ ُلِنِّو‬ ‫َو الَّتي ي‬
‫َغ ِم‬ ‫ِذ‬ ‫والَّتْشِس يِر َع َلِفى ِهالَّنْف‬
‫َأ ال ِر ي‬
‫ِر‬ ‫ِس ِو‬ ‫ِد ِد‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذا الباب من محاسن الدين من وجهين‪:‬‬
‫باعتبار اليسر‪.‬‬
‫ما في هذا الدين من الرّب انية‪ ،‬ووجه ذلك‪ :‬أن هذا‬
‫الدين جاء بمرحلة مليئة بالظلمات والكفر والشرك‪،‬‬
‫وكانت هناك مرحلة إقبال عظيمة جًد ا مّم ن دخل في‬
‫هذا الدين‪ ،‬ومن محاسن هذا الدين أّن ه جعل حالة‬
‫اإلقبال منّظ مة؛ ألن هذا اإلقبال إذا زاد عن حّد ه‬
‫سيأتي بنتائج عكسية‪ ،‬ومثل هذا الموضوع يدركه‬
‫البشر – عادة – بعد تجارب طويلة‪ ،‬لكن من ربانية هذا‬
‫الدين أّن ه جاء من بدايته بالحّث على االعتدال‪.‬‬
‫‪ -2‬الغلّو صّو ر متنوعة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الغلّو في األشخاص‪ ،‬وهو غلو مذموم‪ ،‬واألشخاص‬
‫الذين يغلو الناس فيهم عادة يكونون مّم ن ُيعتقد‬
‫فيهم الصالح وأّن هم وسيلة إلى هللا تعالى‪ ،‬وأكثر َم ن‬
‫يمكن أن تعتقد األمة فيه ذلك من حيث التصّو ر‬
‫العقلي هو النبي ﷺ‪ ،‬لكن يأتي الحديث الصحيح عن‬
‫النبي ﷺ محّذ ًرا من الغلو في شخصه‪َ« :‬ل ا ُتْط ُر وِني‬
‫َك َم ا أْط َر ِت الَّن َص اَرى اْب َن َم ْر يَم ‪َ ،‬ف ِإ َّن َم ا َأ نا َع بُد هُ؛ فقولوا‪:‬‬
‫عبُد الّل ِه ورسوُله» ([‪ )]1‬رواه البخاري‪.)3445( :‬‬
‫الغلّو المتعّل ق بالعبادة‪ ،‬وله بابان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬االستكثار الزائد عن الحد منها‪ ،‬والذي‬
‫يعود على النفس بعد ذلك بالفتور‪.‬‬
‫واآلخر‪ :‬في منع النفس عّم ا أباحه هللا تعالى‪.‬‬
‫الغلّو في الحكم على اآلخرين‪.‬‬
‫الغلو في التشديد على اآلخرين‪.‬‬
‫اآليات‬
‫ٰۤـ‬
‫َلا‬ ‫اآلية األولى‪ :‬قال هللا تعالى‪َ{ :‬ی َأۡه َل ٱۡل َتٰـ‬
‫ِك ِب‬ ‫َتۡغ ُلو۟ا ی ی ُك م}‬
‫ِف ِد ِن‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬أهل الكتاب كان غلّو هم في شيئين‪:‬‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫العبادة‪ ،‬وذلك من جهة المنع‪.‬‬

‫اآلية الثانية‪ :‬قال هللا تعالى‪َ{ :‬ف ٱۡس َت ۡم َك َم ۤا‬


‫ُأ ۡر َت َوَم ن َتاَب َم َع َك َو َلا َتۡط َغ ۡو ۟ا} ال تطغوا‪ :‬ال‬
‫ِق‬
‫ِم‬
‫تتجاوزوا حدود هللا‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذه اآلية فيها خطاب فيه أمر للنبي ﷺ باالستقامة‬
‫كما أمر‪ ،‬فاللُه تعالى أمر باالستقامة‪ ،‬وحّد طريق‬
‫االستقامة‪ ،‬فالذي ينبغي على اإلنسان أن يستقيم‬
‫على طريق هللا بنور من هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ِ -2‬م ن المفسرين َم ن فّس ر «الطغيان» بمجاوزة الحّد‬
‫من جهة الغلّو ‪.‬‬
‫األحاديث‬
‫الحديث األول‪َ :‬ع ْن َأ ي ُه َر يَر َة – َر َي الّلُه َع ْن ُه –‬
‫ّن ِض‬
‫الِّديَن ُيْس ٌر‪ ،‬وَلْن‬ ‫َق اَل ‪َ :‬ق اَل َرُس وُل الّلِب ﷺ‪« :‬إ‬
‫ُيشاَّد الِّديَن أَح ٌد إّلا ِهَغ َلَبُه [‪َ ،]1‬ف َس ِّدُد وا وقا ُبوا‪،‬‬
‫وشي‬‫ِر‬ ‫وَأْب ُر وا‪ ،‬واْس َت يُنوا بالَغ ْد َو والَّرْو َح‬
‫ٍء‬ ‫ِة‬ ‫ِة‬ ‫ِع‬ ‫ِش‬
‫َن الُّدْل َج » أخرجه البخاري‪.)39( :‬‬
‫ِم[‪ ]1‬لن يشادِة الدين أحد إال غلبه‪ :‬أي‪ :‬لن يغالب الدين أحد‬
‫ويكّل ف نفسه من العبادة فيه فوق طاقته؛ إال غلبه الدين‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬غريب الكلمات‪:‬‬
‫الغدوة‪ :‬السير في أّو ل النهار‪.‬‬
‫الروحة‪ :‬السير في آخر النهار‪.‬‬
‫الُد لجة‪ :‬السير في آخر الليل‪.‬‬
‫‪ -2‬هذا الحديث يبّي ن قاعدة كبرى‪ ،‬وهي أّن الدين يسر‪،‬‬
‫وأّن ه ال ُيغلب‪ ،‬فمهما أردت أن تصل فيه إلى مرحلة‬
‫تظّن فيها أنك انتهيت فيها من أمر الدين؛ لن‬
‫تستطيع‪.‬‬
‫‪ -3‬بما أن العبد لن يستطيع أن ُيشاّد هذا الدين؛‬
‫فالمطلوب منه‪:‬‬
‫أن ُيصيب فيما يتعّب د لله به‪ ،‬وهذا الصواب ال‬
‫يكون إال بالعلم‪.‬‬
‫أن ما ال نستطيع فيه الصواب دائًم ا فلنقارب‬
‫الصواب‪.‬‬
‫‪ -4‬الغدوة والروحة تكون في أوقات النشاط‪ ،‬والدلجة‬
‫يكون الوقت فيها وقت راحة‪ ،‬وحال المؤمن في السير‬
‫إلى هللا تعالى ينبغي أن يكون باستثمار أوقات النشاط‬
‫واإلقبال في عمل الواجبات األساسية والتمّس ك بها‬
‫ثم بأخذ حٍّظ من الكمال من القيام في الليل‪ ،‬أو في‬
‫األوقات التي ُيمكن أن ُتقتنص من أوقات الراحة‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪َ :‬ع ْن َأ ي ُه َر يَر َة – َر َي الّلُه َع ْن ُه –‬


‫ِض‬
‫َق اَل ‪َ :‬ق اَل َرُس وُل الّلِب ﷺ‪َ « :‬ذ ا َق اَل الَّرُج ُل َأ ي‬
‫َيا َك ا ُر ؛ فَق ْد باَء ِه أَح ُدُه ِإما» أخرجه ِل ِخ ِه‬
‫البخاري‪:‬‬
‫ِبِه‬ ‫ِف‬
‫(‪.)6103‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬أّك د النبي ﷺ وشّد د على قضية «األخّو ة بين‬
‫المؤمنين»‪ ،‬وهذا المعنى مؤّك د في كتاب هللا تعالى‪،‬‬
‫وهو من محكمات الشريعة‪ ،‬ومن األمور العظيمة‬
‫التي جاء الحّث عليها من أّو ل اإلسالم‪ ،‬ولعظمة هذا‬
‫الباب في الدين جاء إطالق وصف «الكفر» على َم ن‬
‫خالف فيه المخالفة الكبيرة‪ ،‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬
‫«ِس باُب الُم ْس ِلِم ُف ُس وٌق ‪ ،‬وِق تاُلُه ُك ْف ٌر»[‪ ،]1‬وقال ﷺ‪:‬‬
‫«ال َت ْر ِج ُع وا َبْع ِد ي ُك ّف اًرا‪َ ،‬ي ْض ِرُب َبْع ُض ُك ْم ِرقاَب‬
‫َبْع ٍض »[‪ ]2‬وليس الُم راد بـ«الكفر» هنا الكفر المخرج‬
‫من الملة‪ ،‬وإنما هو كفر دون كفر‪.‬‬
‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري‪ ،)48( :‬ومسلم‪.)64( :‬‬
‫[‪ ]2‬رواه البخاري‪.)6868( :‬‬
‫الحديث الثالث‪َ :‬ع ْن عا َش َة – َر َي الّلُه َع ْن َه ا –‬
‫ِض‬ ‫ِئ‬
‫َق اَلْت ‪ :‬كاَنْت ن ي اْم َر َأٌة ن َب ي أَس ‪َ ،‬ف َد َخ َل‬
‫ه؟» ُق لُت ‪:‬‬ ‫ِهللاِدﷺ‪َ ،‬ف قاَلِم‪َ« :‬م ِنْن َه ٍد‬
‫ِع‬
‫َع َلَّي َرُس وُل‬
‫ِذ‬
‫ُف الَنُة ال َتناُم بالَّلْي ‪َ ،‬ف ُذ َر ْن َص ال ها‪َ ،‬ف قاَل ‪:‬‬
‫«َم ْه [‪ ،]1‬عَلْي ُك ْم ماِلُت يُقِكوَنِم َن األْعِت َم ا ‪ ،‬فإّن‬
‫ِم‬ ‫ِط‬
‫َهللا ال َيَم ُّل حّتى َتَم ُّلوا» أخرجه البخاري‪ِ:‬ل(‪،)1151‬‬
‫ومسلم‪.)785( :‬‬
‫[‪َ ]1‬م ْه ‪ :‬كلمة زجر‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذا الحديث عجيب من وجوه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫نهي النبي ﷺ عن هذه الصورة من العبادة‪ ،‬مع أن‬
‫الُم حب للدين في بادئ الرأي قد يستحسنها‪.‬‬
‫نهي النبي ﷺ عن هذا في مرحلة النبوة عجيب‪،‬‬
‫نعم؛ لو أّن ه جاء بعد تجربة طويلة من العّب اد ثم‬
‫رأوا أنها تؤول باإلنسان إلى االنقطاع؛ فإن هذا‬
‫مفهوم‪ ،‬لكن هذا النهي جاء من رسول هللا ﷺ في‬
‫مرحلة النبوة‪ ،‬وهذا مما يؤكد رّب انية هذا الدين‪.‬‬
‫– َر ضَي الّلُه‬ ‫َب َم ا‬ ‫الحديث الرابع‪َ :‬ع ْن َأَن‬
‫إلى ُبُيو أْز وا‬ ‫َع ْن ُه – َق اَل ‪ :‬جاَء َثالَثُةِس َرْه ِن [‪ِ ]1‬لٍك‬
‫ﷺ‪َ ،‬ف َلّمِجا‬ ‫النبِّي ﷺ‪َ ،‬يْس َأُلوَن عن ٍطباَد النبِّي ِت‬
‫قالوا‪ :‬وَأْي َن َنْح ُن َن‬ ‫َفِع ِة‬
‫ُأْخ ُر وا َك أّنُه ْم َتقاُّلوها‪،‬‬
‫ِم‬
‫النبِّي ﷺ؟ قْد ُغ َر له ما َتَق َّدَم ن َذْن وما َتَأَّخَر ‪،‬‬ ‫ِب‬
‫الَّلْي َل أَبًد ا‪،‬‬ ‫قا أَح ُدُه ْم ‪ :‬أِفّم ا أَنا فإِّني ُأِمَص ِّلي ِب ِه‬
‫َل‬
‫وقاَل آَخ ُر ‪ :‬أنا أُص وُم الَّدْه َر وال ُأْف ُر ‪ ،‬وقاَل آَخ ُر ‪:‬‬
‫َتَز ُج َبًد ِط‬
‫ُل‬ ‫سو‬ ‫َر‬ ‫َء‬ ‫جا‬ ‫َف‬ ‫أنا أْع َت ُل الِّنساَء فال أ َّو أ ا‪،‬‬
‫ِهللا ﷺِز إلي م‪َ ،‬ف قاَل ‪« :‬أْنُتُم اَّل يَن ُق لُتْم َك ذا‬
‫ِذ‬ ‫وَك ذا‪ ،‬أما ِه‬
‫وِهللا إِّني َلَأْخ شاُك ْم َّل وَأْت قاُك ْم له‪،‬‬
‫َل ِّني أُص وُم وُأْف ُر ‪ ،‬وُأَص ِّلي ِل وِهَأْر ُق ُد ‪ ،‬وَأَتَز َّوُج‬
‫ِط‬ ‫ِك‬
‫ِّني»‬ ‫الِّنساَء ‪ ،‬فَم ن َر َب عْن ُس َّنتي فليَس‬
‫ِم‬ ‫ِغ‬
‫أخرجه البخاري‪ ،)5063( :‬ومسلم‪.)1401( :‬‬
‫[‪ ]1‬الرهط‪ :‬اجماعة من ثالثة إلى عشرة‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذا الحديث قانون عظيم في اّتباع النبّي ﷺ‪ ،‬ففيه‬
‫بيان أن الشأن كّل الشأن في اّتباع النبي ﷺ‪ ،‬وليس‬
‫في كثرة العبادة‪.‬‬
‫‪ -2‬قياس األمور القلبية المتعّل قة بالخشية من هللا‬
‫ومحّب ته بناء على محض الكثرة التعبدية قياس خاطئ‪.‬‬
‫‪ -3‬لو لم يأِت الدين بتهذيب النفوس من حيث الزيادة‬
‫التعّب دية لوجدنا الصحابة مذاهب شّت ى‪ ،‬لكّن النبي ﷺ‬
‫كان يزّك يهم‪.‬‬
‫‪ -4‬تنقسم حاالت الناس من حيث اإلقبال على الدين‬
‫واإلعراض عنه إلى قسمين‪:‬‬
‫قسم المقبلين على الدين‪ ،‬ومن أعظم ما ُيخاف على‬
‫المقبلين من الفتن‪ :‬فتنة «الغلو»‪ ،‬ففي هذه الحال‬
‫ينبغي أن تكون مركزية الخطاب في الحديث عن‬
‫التوازن‪.‬‬
‫قسم المعرضين‪ ،‬وفي هذه الحال ينبغي أن تكون‬
‫مركزية الخطاب في الحديث في تليين القلوب‬
‫واستصالح النفوس للتمّس ك بالعبادة‪.‬‬
‫وفي زماننا هذا نحن بحاجة إلى الخطابين‪ ،‬وذلك بحسب‬
‫الُم خاَط ب‪.‬‬
‫‪ -5‬هذا الحديث في بيان بركة النبي ﷺ وفضل اّتباعه‪.‬‬
‫‪ -6‬في الحديث تحذير لمن رغب عن سنة النبي ﷺ‪ ،‬والرغبة‬
‫عن السنة تشمل جهتين‪:‬‬
‫الزهد في السنة وعدم التمسك بها‪.‬‬
‫السير على السنة إلى درجة معّي نة‪ ،‬ثم الزيادة عليها‬
‫بما ليس منها‪.‬‬
‫فكال الطرفين راغب‪ ،‬إما بإفراط أو بتفريط‪ ،‬والقسطاس‬
‫المستقيم في موافقة هدي النبي ﷺ‪.‬‬
‫‪ -7‬من أعظم أسباب رضوان هللا‪ :‬موافقة هدي النبي ﷺ‪،‬‬
‫وهذه الموافقة ال تكون إال بالعلم‪ ،‬وعليه؛ فإن من أعظم‬
‫بركات العلم‪ :‬القدرة على موافقة الهدي النبوي‪ ،‬وهذا‬
‫يوّج ه النفس ألبواب من العلم‪ ،‬فالعلم بسنة النبي ﷺ‬
‫من أشرف أبواب العلم‪ ،‬وَم ن رام العلم بالسنة النبوية‬
‫فإن لها بابين كبيرين‪:‬‬
‫باب تفصيلي‪ ،‬وهو المذكور في كتب الحديث‪.‬‬
‫باب إجمالي‪ ،‬وهو المذكور في كتب السير والمغازي‪.‬‬
‫– َر َي الّلُه‬ ‫الحديث الخامس‪َ :‬ع اب َع َّبا‬
‫َع ْن ُه ما – َق اَل ‪ :‬قالِن ي ِنَرُس وُلٍس ِهللا ِضﷺ غداَة‬
‫اْل َع َق َب [‪َ« :]1‬ه ا الُق ِلْط ي»‪ ،‬قال فلقطُت َلُه‬
‫ِة‬
‫َح َص َيا ُه َّن َح َصِت ى الَخ َذ ِل [‪َ ،]2‬ف لَّما َو َض ْع ُتُه َّن‬
‫ِف‬
‫ي َي ٍت َق اَل ‪َ « :‬أْم َثا َه ؤَلا ‪ ،‬وإّياُك ْم والغلَّو في‬
‫ِء‬ ‫ِف ِدِه‬
‫الِّدي ‪ ،‬فإّنما َأِبْه َلَك ِلَم ْن َك اَن َق ْب َلُك ْم الغُلُّو في‬
‫الِّديِن » أخرجه النسائي‪.)3057( :‬‬
‫غداة العقبة‪ :‬أي‪ :‬صباح رمي جمرة العقبة‪ ،‬وهو‬ ‫[‪ِ ]1‬ن‬
‫صباح يوم النحر‪.‬‬
‫[‪ ]2‬حصى الخذف‪ :‬أن يجعل اإلنسان الحصاة بين‬
‫السبابة من اليمنى واإلبهام من اليسرى ثم‬
‫يقذفها بالسبابة من اليمن‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬في هذا الحديث طلب النبي ﷺ من ابن عباس أن‬
‫يلتقط له حصيات ليرمي الجمرات‪ ،‬فلقط له ابن عباس‬
‫حصيات صغيرات‪ ،‬فأرشد النبُّي ﷺ ابَن عباس وغيره‬
‫أن هذه الحصيات الصغيرات تؤدي غرض العبادة‪ ،‬وال‬
‫داعي لإلتيان بحجارة كبيرة‪ ،‬فهذا الحد المقتصد يؤدي‬
‫الغرض‪.‬‬
‫‪ -2‬في الحديث بيان خطورة الغلو‪ ،‬وأنه سبب للهالك‪.‬‬
‫َر‬ ‫–‬ ‫ِّي‬ ‫ْد‬ ‫ُخ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫َس‬ ‫ي‬ ‫الحديث السادس‪َ :‬ع ْن َأ‬
‫َي‬
‫الّلُه َع ْن ُه – َق اَل ‪ :‬بْي َنما ِبَنْح ُن ْن َدٍد َر سوِر ِهللا ﷺ‬
‫ِض‬ ‫ِع‬
‫ِع‬
‫وهو َيْق ُم ْس ًم ا‪ ،‬أتاُه ُذ و الُخ َوْي ِلَر ‪ ،‬وهو‬
‫ِص ِة‬ ‫ِق‬ ‫ِس‬
‫َرُج ٌل ن َب ي َت ي ‪َ ،‬ف قاَل ‪ :‬يا َر سوَل ِهللا اْع ْل ‪،‬‬
‫َف قاَلِم‪« :‬وِنْي َلَك ‪ِ،‬م وٍمَم ن َيْع ُل إذا َلْم أْع ْل ‪ِ ،‬دقْد‬
‫ِد‬ ‫ِد‬
‫ْب َت وَخ ْر َت إْن َلْم أُك ْن أْع ُل » َف قاَل ُع َم ُر ‪ :‬يا‬
‫ِد‬ ‫ِس‬ ‫ِخ‬
‫َر سوَل ِهللا‪ ،‬اْئ َذ ْن لي فيه فأْض َب ُع ُنَق ُه ؟ َف قاَل ‪:‬‬
‫«َدْع ُه ‪ ،‬فإّن له أْص حاًبا َيْح ُر أِرَح ُد ُك ْم َص الَتُه مع‬
‫َص ال ْم ‪ ،‬و ياَم ُه مع ِق يا ْم ‪َ ،‬يْق َر ُؤ وَن‬
‫َن‬ ‫ِتِه ال ُيِصجا ُز َترا َيُه ْمِص[‪ِ،]1‬م ِهَيْم ُر ُق وَن‬‫الُق ْر آَن‬
‫ِم‬ ‫ِق‬ ‫الِّدي [‪ ]2‬كما ِو‬
‫َيْم ُر ُق الَّسْه ُم َن الَّر َّي [‪»]3‬‬
‫ِم ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِن‬
‫أخرجه البخاري‪ ،)3610( :‬ومسلم‪.)1064( :‬‬
‫[‪ ]1‬ال يجاوز تراقيهم‪ :‬أي‪ :‬ليس لهم فيه حظ إال مروره على‬
‫لسانهم ال يصل إلى حلوقهم‪ ،‬فضًل ا عن أن يصل إلى قلوبهم‪.‬‬
‫[‪ ]2‬يمرقون من الدين‪ :‬يخرجون منه‪.‬‬
‫[‪ ]3‬يمرق السهم من الرمية‪ :‬أي‪ :‬ينفصل السهم من الرمية إذا‬
‫أنفذها‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬في الحديث إخبار من النبي ﷺ عن أمور من الغيب‬
‫ستحصل‪ ،‬ثم حصلت كما أخبر؛ لذلك فإن العلماء‬
‫يذكرون هذا الحديث في دالئل النبوة‪ ،‬وهو من أصح‬
‫األحاديث‪ ،‬وورد بطرق كثيرة صحيحة‪.‬‬
‫‪ -2‬في هذا الحديث كشف عن بعض النفسيات‬
‫المتشددة‪ ،‬فهناك رابط معين من الممكن أن يجمع‬
‫النفوس المتشددة‪ ،‬وهو أن صاحب هذه النفسية‬
‫المتشددة يجمع بين أمرين‪:‬‬
‫أمر يتعّل ق بنفسه‪ ،‬وهو‪ :‬مجاوزة الحّد بها عما هي‬
‫عليه‪.‬‬
‫أمر يتعّل ق بغيره‪ ،‬وهو‪ :‬التقليل من شأن غيره‪ ،‬وإنزاله‬
‫عّم ا هو عليه‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث المذكور ظن هذا القائل للنبي ﷺ أّن ه‬
‫محقق ألمر التقوى إلى أعلى درجة‪ ،‬ثم قّل ل من شأن غيره‪،‬‬
‫وهذا شأن الخوارج دائًم ا‪ ،‬فهو ال يستطيع أن يبصر‬
‫حسنات غيره إذا لم يوافقه في الجزئية التي يؤمن بها‪.‬‬
‫‪ -3‬من سمات الخوارج‪:‬‬
‫الجرأة على الحدود الدينية المحكمة‪ ،‬والتي منها‪:‬‬
‫«عصمة دم المسلم وماله وعرضه»‪ ،‬و«األخوة بين‬
‫المؤمنين»‪ ،‬و«الجرأة على التكفير»‪.‬‬
‫عدم أخذ سنة النبي ﷺ بشمولية‪.‬‬
‫عدم النظر الشمولي للفقه في الدين؛ لذلك تجدهم‬
‫ينتقون آيات معّي نة يبنون عليها فقههم دون غيرها‪.‬‬
‫‪ -4‬مما يدل على اعتدال أهل العلم‪ :‬أّن هم لم يكفروا‬
‫الخوارج مع كثرة النصوص الواردة فيهم من الوعيد‪ ،‬فما‬
‫بالنا بأناس لم ترد فيهم نصوص كهذه‪ ،‬ووقعوا بمسائل‬
‫حصل فيها التباس وخطأ‪ ،‬وتقليد ألناس من أهل العلم‬
‫لكنهم أخطؤوا في مسائل‪ ،‬ثم يأتي َم ن يكّف رهم؟!‬
‫‪ -5‬العالقة مع القرآن ال ينبغي أن تكون أّي عالقة‪ ،‬وإنما‬
‫العالقة األساسية التي ينبغي أن تكون هي «االهتداء»‬
‫من جهة العلمية والعملية؛ ألن من أهم أسباب العصمة‬
‫من الضالل‪ُ :‬ح سن األخذ للقرآن‪.‬‬
‫قال عبد هللا بن عمَر – رضي هللا عنهما ‪َ«: -‬ل َق ْد ِع ْش َن ا‬
‫ُبْر َه ًة ِم ْن َد ْه ِرَن ا‪َ ،‬و َأ َح ُد َن ا ُيْؤ َت ى اْل ِإ يَم اَن َق ْب َل اْل ُق ْر آِن ‪َ ،‬و َتْن ِزُل‬
‫الُّس وَر ُة َع َل ى ُم َح َّم ٍد َص َّل ى ُهللا َع َل ْي ِه َو َس َّل َم َف َنَت َع َّل ُم َح َل اَل َه ا‬
‫َو َح َراَم َه ا‪َ ،‬و آِم َرَه ا َو َز اِج َرَه ا‪َ ،‬و َم ا َي ْن َب ِغ ي َأ ْن َي ِق َف ِع ْن َد ُه ِم ْن َه ا‪،‬‬
‫َك َم ا َت َع َّل ُم وَن َأ ْنُت ُم اْل َيْو َم اْل ُق ْر آَن ‪ُ ،‬ثَّم َل َق ْد َر َأ ْي ُت اْل َيْو َم ِرَج اًل ا‬
‫ُيْؤ َت ى َأ َح ُد ُه ُم اْل ُق ْر آَن َق ْب َل اْل ِإ يَم اِن ‪َ ،‬ف َي ْق َر ُأ َم ا َبْي َن َف اِتَح ِتِه ِإَل ى‬
‫َخ اِتَم ِتِه َم ا َيْد ِري َم ا آِم ُرُه َو َل ا َز اِج ُرُه ‪َ ،‬و َل ا َم ا َي ْن َب ِغ ي َأ ْن َي ِق َف‬
‫ِع ْن َد ُه ِم ْن ُه ‪َ ،‬ف َي ْن ُث َرُه َن ْث َر الَّد َق ِل »[‪ ،]1‬وقال ابن تيمية‪:‬‬
‫«المطلوب من القرآن‪ :‬هو فهم معانيه‪ ،‬والعمُل به‪ ،‬فإن‬
‫لم تكن هذه هّم ة حافظه لم يكن من أهل العلم‬
‫والدين»[‪]2‬‬
‫وهذه المسألة من األمور المركزية في اإلصالح اليوم‪،‬‬
‫فمن أعظم األعمال التي ينبغي أن يقوم بها المصلحون‬
‫اليوم‪ :‬إعادة تعريف العالقة بالقرآن بحيث يكون تعريًف ا‬
‫صحيًح ا‪ ،‬وأن تكون طبيعة العالقة مع القرآن طبيعة‬
‫محكومة بطبيعة العالقة التي كانت في زمن النبي ﷺ‪.‬‬
‫[‪ ]1‬رواه الحاكم (‪ )101‬في «المستدرك»‪ ،‬والبيهقي (‪)5290‬‬
‫واللفظ له‪.‬‬
‫[‪ ]2‬مجموع الفتاوى (‪.)55/23‬‬
‫َق اَل ‪ُ :‬ك ّنا‬ ‫الحديث السابع‪َ :‬ع اْل َأْز َر َب َق ي‬
‫أنا على ُج ُر‬ ‫[‪َ ،]1‬فِنبْي نا ٍس‬
‫باألْه وا ُنقا ُل الَحِنُر و َّيَة ِق‬
‫ِف‬ ‫َنَه [‪ِ ]2‬زإذا ِت‬
‫َرُج ٌل ُيَص ِر‬
‫ِّلي‪ ،‬وإذا جاُم داَّب بَي ‪،‬‬
‫ّد ُة ُت ُع ُه َج َع ِل َيْت َبُع ِتِه ِدِه‬ ‫َف َجٍرَع َل‬
‫ها ‪ -‬قاَل‬ ‫و َل‬ ‫ال اَّب نا‬
‫ِت هو أبو َبْر َزَة ِزاألْس َل ُّي ‪َ -‬ف َج َع َل َرُج ٌل َن‬ ‫ُش ْع َبُة ‪:‬‬
‫ِم‬ ‫ِم‬
‫الَخ وا يقوُل ‪ :‬الَّلُه َّم اْف َع ْل بهذا الَّشْي ‪َ ،‬ف َلّم ا‬
‫اْنَص َر َفِرِج الَّشْي ُخ ‪ ،‬قاَل ‪ :‬إِّني َس ْع ُت َق ْو َلُكِخْم وإِّني‬
‫َغ َز ْو ُت مع َر سو ِهللا ﷺ َّتِم َغ َز وا ‪ -‬أْو َس ْبَع‬
‫ٍت ‪ ،‬وإِّني إْن‬ ‫َغ َز وا ‪ -‬وَثما ِلَي وَش ْدِسُت َتْي يَرُه‬
‫ِس‬ ‫ِه‬
‫داَّبتي أَح ُّب إَلَّي ن أْن أَدَع ها‬ ‫ٍتْن ُأرا َع ِنمع‬‫ُك ْن ُت أ‬
‫ِم‬
‫َتْر ُع إلى ِج َم ْأ َل ها[‪َ ]3‬ف َيُش ُّق َع َلَّي» أخرجه‬
‫ِف‬ ‫ِج‬
‫البخاري‪.)1211( :‬‬
‫[‪ ]1‬الحرورية‪ :‬طائفة من الخوارج ابتدأ خروجها من قرية‬
‫حروراء في العراق‪.‬‬
‫[‪ُ ]2‬ج ُر ف نهر‪ :‬هو المكان الذي أكله السيل‪.‬‬
‫[‪ ]3‬مألفها‪ :‬الموضع الذي ألفته واعتادته‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬لم يكن عند أبي برزة – رضي هللا عنه – نص مباشر‬
‫عن النبي ﷺ في منازعة الدابة للعبد أثناء الصالة‪ ،‬لكّن ه‬
‫شهد الهدي العام للنبِّي ﷺ‪ ،‬وأخذ منه مظّل ة التيسير‪،‬‬
‫وهنا الفرق بين الفقيه وغيره‪ ،‬فهو وإن لم يكن عنده‬
‫نص لكّن ه فهم ذلك من التيسير المأخوذ من الهدي‬
‫الشمولي للنبي ﷺ‪.‬‬
‫‪ -2‬الموازنة التي فعلها أبو برزة – رضي هللا عنها – ونحوها؛‬
‫قد تدخل في عقل كّل أحد‪ ،‬إال أصحاب الغلّو ‪ ،‬فهم أبعد‬
‫الناس عن الموازنة بين دفع شّر الشّر ين‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫الموازنات‪.‬‬

‫–‬ ‫َب َم ا‬ ‫الحديث الثامن والتاسع‪َ :‬ع ْن َأَن‬


‫واٍكوال‬ ‫َر ض الّلُه َع ْن ُه – ع الَّن ِّي ﷺ َق اِس ‪َ« :‬يِنِّسُر ِل‬
‫َل‬ ‫َي‬
‫ِن والِب ُتَنِّفُر وا»[‪ ،]1‬وَع ْن َأ ي‬ ‫ُتَع ِّسُر وا‪ ،‬وَبِّشُر وا‪،‬‬
‫الّلُه َع ْن ُه – َأَّن الَّن َّي ﷺ َبَع ِبَث‬
‫ُم وَس ى – َر َي‬
‫ِض‬
‫ُم عاًذ ا وَأبا ُم وسى إلى الَيَم قاَل ‪ِ:‬ب «َيِّسرا وال‬
‫ِّفرا‪ ،‬وَتطاَو عا وال‬ ‫ُتَع ِّسرا‪ ،‬وَبِّشرا وال ُتَن ِن‬
‫َتْخ َت فا»[‪]2‬‬
‫[‪ِ ]1‬لأخرجه البخاري‪ ،)69( :‬ومسلم‪.)1734( :‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه البخاري‪ ،)3038( :‬ومسلم‪.)1733( :‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذان الحديثان من األحاديث التي تبّي ن شيًئ ا من المنهج‬
‫الدعوي اإلصالحي‪.‬‬
‫‪ -2‬هذه الوصايا المذكورة في الحديث مهمة لكّل من يريد‬
‫أن يكون وارًثا للنبي ﷺ ولو في أبواب معّي نة‪.‬‬
‫‪ -3‬الروح التي ينبغي أن ُتصاحب أثناء دعوة الناس هي روح‬
‫التيسير‪ ،‬وهذا التيسير يكون – في األساس – متوّج ًه ا ِلَم ا‬
‫لم َي ِرْد فيه نّص ‪.‬‬
‫‪ -4‬التبشير وتحبيب الدين للنفوس من مقاصد الدين‬
‫العظيمة‪ ،‬والعمل الذي يؤّد ي للتنفير من أعظم ما حّر مته‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫‪ -5‬الحديث عن الجنة والنار‪ ،‬والرحمة والعذاب‪ ،‬والثواب‬
‫والعقاب كّل ه من الدين‪ ،‬وليس من التنفير‪ ،‬والتنفير قد‬
‫يكون باختيار أشياء من الدين في غير مقامها‪ ،‬فيكون‬
‫الشخص بهذا منّف ًرا؛ وإن كان الذي فعله من الدين‪.‬‬
‫‪« -6‬تطاوعا وال تختلفا» عنوان من العناوين الكبرى‬
‫بالنسبة للمجال اإلصالحي الذي يضّم أكثر من عامل‪،‬‬
‫وهذا «التطاوع» ال يعني – ضرورة – توّح د الرأي‪ ،‬وإنما‬
‫يشمل حالة من التنازل وعدم اإلصرار على ما قد يكون‬
‫سبًبا في الخالف‪.‬‬

‫الحديث العاشر‪َ :‬ع ْن َس ْع – َر َي الّلُه َع ْن ُه –‬


‫ِض‬
‫يَن‬ ‫َق اَل ‪َ :‬ق اَل َرُس وُل الّل ﷺ‪ٍ:‬د «َأْع َظ ُم الُم ْس‬
‫يَن ُج ْر ًمِها‪َ :‬م ْن َس أَل َع ْن َأْمِلِم َلْم‬ ‫ي الُم ْس‬
‫ِم‬ ‫ِف‬
‫ن أْج َم ْس َأَلٍر »‬ ‫ُيَح َّرْم ؛ َف ُح ِّرِلَم على الّنا‬
‫ِتِه‬ ‫ومسلم‪ِ :‬ل‬ ‫ِس ِم‬
‫واللفظ‬ ‫(‪)2358‬‬ ‫أخرجه البخاري‪،)7289( :‬‬
‫له‪.‬‬

‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذا الحديث يؤكد المعنى المركزي الذي سيق هذا‬
‫الباب ألجله‪ ،‬وهو‪ :‬التيسير على المسلمين‪ ،‬وعدم‬
‫التشديد عليهم‪.‬‬
‫‪ -2‬قد يدخل في المعنى الشمولي للحديث‪َ :‬م ن حّر م‬
‫على المسلمين أشياء لم تحّر م عليهم‪.‬‬
‫الحديث الحادي عشر‪َ :‬ع ْن َع ْب الِّل َبْن َع ْم رو ب‬
‫ِد‬
‫– َر َي الّلُه َع ْن ُه ما – َق اَل ‪ُ :‬كِهنُت أُص وُم الَّدْهِنَر‬ ‫الَع ا‬
‫ِض‬ ‫ِص‬
‫وَأْق َر ُأ الُق ْر آَن ُك َّل َلْي َل ‪ ،‬قاَل ‪َ :‬ف إّم ا ُذ ْر ُت للنبِّي ﷺ‪،‬‬
‫لي‪«:‬أَلْم ُأْخ َبْر أّنَك‬ ‫ِك‬
‫وإّم ا أْر َس َل إَلَّي فأَتْيٍةُتُه ‪َ ،‬ف قاَل‬
‫َتُص وُم الَّدْه َر وَتْق َر ُأ الُق ْر آَن ُك َّل َلْي َل ؟» َف ُق لُت ‪َ :‬بلى‪ ،‬يا‬
‫قاَل ‪« :‬فإّن بَح ْس َك‬ ‫َن َّي ِهللا‪ ،‬وَلْم ُأ ْد بذلَك إّلا الَخ ْيَر ‪ٍ ،‬ة‬
‫ِهللا‪،‬‬‫أ ِبْن َتُص وَم ن ُكِر ِّل َش ْه َثالَثَة أّيا » ُق لُت ‪ :‬يا َن َّي ِب‬
‫ذلَك ‪ ،‬قاَل ‪ٍ:‬م «فإّن َز ْو َكِب َع َلْي َك‬ ‫إِّني ُأ يُق ِمأْف َض َل ن ٍر‬
‫ِل‬ ‫ِم‬ ‫ِط‬
‫َح ًّقا‪ ،‬و َز ْو َك َع َلْي َك َح ًّقا[‪ ،]1‬و َج َس َك َع َلْيِج َك َح ًّقا»‬
‫ِد‬ ‫ِل‬ ‫ِل‬
‫ِهللا ﷺ‪ ،‬فإّنه َك اَن أْع َبَد‬ ‫قاَل ‪َ« :‬ف ُص ِر ْم َص ْو َم داُوَد َن ِّي‬
‫الّنا » قاَل ُق لُت ‪ :‬يا َن َّي ِبِهللا‪ ،‬وما َص ْو ُم داُوَد ؟ قاَل ‪:‬‬
‫«كاِسَن َيُص وُم َيْو ًم ا وُيْف ِب ُر َيْو ًم ا» قاَل ‪« :‬واْق َر الُق ْر آَن‬
‫إِّني ُأ يُق‬‫ِأ‬ ‫ِط‬
‫في ُك ِّل َش ْه » قاَل ُق لُت ‪ :‬يا َن َّي ِهللا‪،‬‬
‫ْش َن ِط‬ ‫أْف َض َل ن ذلٍرَك ‪ ،‬قاَل ‪« :‬فاْق َر ْأ ُه ِب‬
‫ي » َل‬
‫قا‬ ‫في ُك ِّل‬
‫ذلَك ‪ ،‬قاَل ‪:‬‬ ‫ُق لُت ‪ :‬ياِم َن َّي ِهللا‪ ،‬إِّني ُأ يُق أْف َض َل ِعن ِر‬
‫ِم‬ ‫ِط‬ ‫«فاْق َر ْأ ُه ِب‬
‫في ُك ِّل َع ْش » قاَل ُق لُت ‪ :‬يا َن َّي ِهللا‪ ،‬إِّني‬
‫في ُك ِّل َس ْب ‪،‬‬ ‫ُأ يُق أْف َض َل ن ذلَكٍر‪ ،‬قاَل ‪« :‬فاْق َر ْأ ُه ِب‬
‫ِم‬ ‫ِط‬
‫ذلَك ‪ ،‬فإّن َز ْو َك َع َلْي َك َح ًّقا‪ ،‬و َز ْو ٍعَك‬ ‫وال َت ْد على‬
‫ِل‬ ‫ِل‬
‫َع َلْي َك ِز َح ًّقا‪ ،‬و َج َس َك َع َلْي َكِج َح ًّقا»‪ .‬قاَل ‪َ :‬ف َش َّدْد ِرُت ‪،‬‬
‫ِد‬ ‫ِل‬
‫َف ُش ِّدَد َع َلَّي‪ .‬قاَل ‪ :‬وقاَل لي النبُّي ﷺ‪« :‬إّنَك ال َتْد ي‬
‫َلَع َّلَك َيُط وُل بَك ُع ْم ٌر»‪ .‬قاَل ‪َ :‬ف ْر ُت إلى الذي قاِرَل‬
‫أِّني ُك ْن ُت َق ْلُت ُر ْخ َص َة‬ ‫ُت ِص‬
‫لي النبُّي ﷺ‪َ ،‬ف َلّم ا َك ْر ُت و ْد‬
‫ِب‬ ‫ِد‬
‫ومسلم‪،)1159( :‬‬ ‫َن ِّي ِهللا ﷺ» أخرجه ِبالبخاري‪،)1975( :‬‬
‫واللفظ له‪.‬‬ ‫ِب‬
‫[‪ ]1‬ولزورك عليه حًق ا‪ :‬أي‪ :‬لضيفك‪.‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬هذا الحديث فيه تربية من النبي ﷺ ألصحابه‪ ،‬وقد‬
‫حصل تقصير في هذه التربية من بعض اآلخذين‬
‫بميراث النبوة في بعض المراحل من هذه األمة‪ ،‬بل‬
‫حتى في زماننا هذا‪ ،‬فهناك نقص في كون العالم مربًيا‪،‬‬
‫ومما ُيعين على أن يكون العالم مربًيا‪ :‬استحضار معنى‬
‫الوراثة النبوية‪ ،‬قال الشاطبي‪« :‬المنتصب للناس في‬
‫بيان الدين؛ منتصب لهم بقوله وفعله‪ ،‬فإنه وارث‬
‫النبي‪ ،‬والنبي كان مبّي ًن ا بقوله وفعله؛ فكذلك الوارث ال‬
‫بد أن يقوم مقام الموروث؛ وإال لم يكن وارًثا على‬
‫حقيقة» الموافقات‪)87/4( :‬‬
‫‪ -2‬التربية ال تكون بمجرد إلقاء الدروس وخطب‬
‫الجمعة‪ ،‬وإنما تكون كذلك بمثل هذه المواقف‪،‬‬
‫والحاجة ماّس ة على مّر األعصار للقيام بنفس الدور‬
‫واالقتداء بالدور التربوي من أهل العلم‪.‬‬
‫‪-3‬في الحديث استحسان للمداومة على الفعل وإن‬
‫قّل ‪ ،‬والمداومة على العمل مركزية في فقه العبادة في‬
‫اإلسالم‪ ،‬ومن يفقهها ويوّف ق للحفاظ عليها؛ فقد أخذ‬
‫بأمر وثيق في الدين‪.‬‬

You might also like