You are on page 1of 6

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫موقع العقيدة والحياة‬


‫‪www.al-aqidah.com‬‬
‫حديث األسبوع‬

‫اإلعالن العالمي لحقوق‬


‫اإلنسان‬
‫(خطبة حجة الوداع)‬
‫[‪ ]2‬الحقوق االقتصادية‬

‫بقلم الدكتور ‪ /‬أحمد بن عبد الرحمن القاضي‬


‫‪al-aqidah@al-aqidah.com‬‬

‫[‪ 14‬ذو الحجة ‪ 1431‬هـ]‬


‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫‪2‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫بسم اهلل الرحمنـ الرحيم‬


‫حديث األسبوع‬
‫اإلعالن العالميـ لحقوق اإلنسانـ [‪]2‬‬
‫(خطبة حجة الوداع)‬
‫‪     ‬الحمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نبي بعده ‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫‪     ‬فقد تقدم الحديث عن فخامة خطبة حجة الوداع‪ ،‬وفضل زمانها‪ ،‬ومكانها‪،‬‬
‫وجاللة خطيبها‪ - ،‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،-‬وفضيلة المخاطبين‪ .‬كما تقدم الحديث‬
‫عن بند من بنود هذه الخطبة العالمية‪ ،‬وهي (الحقوق األمنية)ـ ‪ .‬ونتناول في هذا‬
‫الحديث‪ ،‬الحق الثاني‪،‬ـ الذي أرساه‪ ،‬نبي العالمين‪ ،‬ومعلم الناس الخير ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪: -‬‬
‫‪ ‬‬
‫ثانياًـ ‪ :‬الحقوق االقتصادية‬
‫‪(     ‬المال)ـ عصب الحياة‪ ،‬وزينة الحياة الدنيا‪،‬ـ ال قوام للناس إال به في معاشهم‪،‬‬
‫ومصالحهم‪ ،‬وحركتهم‪ .‬واإلسالم ليس دين (رهبانية)‪ ،‬كالنصرانية‪،‬ـ يصرف الناس عن‬
‫مقتضى فطرتهم‪ ،‬وضرورات حياتهم‪،‬ـ كما أنه ليس مذهباً مادياً‪،‬ـ يقيم نظام الدنيا على‬
‫حسابات عنصرية‪ ،‬كاليهودية‪ ،‬أو تجارية محضة‪ ،‬كما النظام االقتصادي الحديث‪.‬‬
‫‪     ‬لم يكن مستغرباً‪،‬ـ في هذا المحفل العظيم‪ ،‬أن ينأى خاتمـ النبيين باالقتصادـ‬
‫السليم‪ ،‬عن األصول الجاهلية‪ ،‬القائمةـ على (الربا)‪.‬ـ ذلك أن (الربا)ـ ورم سرطاني‪،‬‬
‫يتضاعف في مال فئة محدودة من التجار‪ ،‬ويستنزف دماء‪ ،‬وعرق‪ ،‬الكادحينـ من‬
‫الفقراء‪ ،‬بغير حق‪ ،‬دون أن يحدث في المجتمع حراكاً اقتصادياً‪ ،‬أو تجارياً‪ ،‬أو‬
‫صناعياً‪ ،‬سليماً‪ ،‬مستديماً‪.‬‬
‫‪     ‬وألجلـ ذا‪ ،‬أطلق النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،-‬إعالناً عالمياً‪ ،‬صريحاً‪ ،‬مدوياً‪،‬ـ‬
‫بتجريم الربا‪،‬ـ وإهدار الربا؛ـ قليله‪ ،‬وكثيره‪ ،‬وبدأ بأقرب الناس إليه‪ ،‬عمه العباس بن‬
‫عبد المطلب‪ ،‬لتبدو النزاهة‪،‬ـ والمصداقية‪ ،‬بأبهىـ تطبيقاتها‪ ،‬فيحصل التأسي‪،‬ـ‬

‫‪3‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫ِِ ِ‬
‫ضوعٌ‪َ ،‬و ََّأو ُل ِربًا َ‬
‫َأض ُع‬ ‫واالمتثال‪ ،‬بأصدق‪ ،‬وأقنع‪ ،‬صوره‪ ،‬فقال ‪َ ( :‬و ِربَا اجْلَاهليَّة َم ْو ُ‬
‫ضوعٌ ُكلُّهُ)‪.‬‬ ‫اس بْ ِن َعْب ِد الْمطَّلِ ِ‬
‫ب‪ ،‬فَِإنَّهُ َم ْو ُ‬ ‫ِربَانَا؛ ِربَا َعبَّ ِ‬
‫ُ‬
‫‪     ‬اهلل أكبر! ما أروع الوضوح! ما أجلىـ الصورة! هل أبقى ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‬
‫عابث‪ ،‬متالعب ؟ ال واهلل!‬ ‫لمراب‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬موضعاً‬

‫‪     ‬لقد كان ربا الجاهلية مؤسساً على قاعدة بسيطة ‪ ( :‬إما أن توفي‪ ،‬وإما أن‬
‫تربي)‪،‬ـ ونال من وعيد اهلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬وذمه‪ ،‬ما تقشعرـ منه األبدان‪ ،‬وتشمئز منه‬
‫وم الَّ ِذي َيتَ َخبَّطُهُ‬
‫ومو َن ِإاَّل َك َما َي ُق ُ‬ ‫ين يَْأ ُكلُو َن ِّ‬
‫الربَا اَل َي ُق ُ‬ ‫النفوس‪ ،‬كقوله ‪( :‬الَّ ِذ َـ‬
‫َأح َّل اللَّهُ الَْب ْي َع َو َح َّر َم ِّ‬
‫الربَا‬ ‫ك بِ ََّأن ُه ْم قَالُوا ِإنَّ َما الَْب ْي ُع ِمثْ ُل ِّ‬
‫الربَا َو َ‬ ‫س ذَلِ َ‬ ‫الش ْيطَا ُن ِم َن ال َْم ِّ‬
‫َّ‬
‫ك‬ ‫اد فَُأولَِئ َ‬ ‫ف َو َْأم ُرهُ ِإلَى اللَّ ِه َو َم ْن َع َ‬‫اءهُ َم ْو ِعظَةٌ ِم ْن َربِِّه فَا ْنَت َهى َفلَهُ َما َسلَ َ‬ ‫فَ َم ْن َج َ‬
‫ب ُك َّل‬ ‫ات َواللَّهُ اَل يُ ِح ُّ‬ ‫الص َدقَ ِـ‬‫الربَاـ َو ُي ْربِي َّ‬ ‫اب النَّا ِر ُه ْم فِ َيها َخالِ ُدو َن‪.‬ـ يَ ْم َح ُق اللَّهُ ِّ‬ ‫َأص َح ُ‬ ‫ْ‬
‫الصاَل ةَ َو َآَت ُوا َّ‬
‫الز َكاةَ لَ ُه ْم‬ ‫ات َوَأقَ ُاموا َّ‬ ‫الصالِ َح ِـ‬
‫ين آ ََمنُوا َو َع ِملُوا َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َك َّفا ٍر َأث ٍيم‪ِ .‬إ َّن الذ َ‬
‫ين آ ََمنُوا َّات ُقوا اللَّهَ‬ ‫َّ ِ‬
‫ف َعلَْي ِه ْم َواَل ُه ْم يَ ْح َزنُو َن‪ .‬يَا َُّأي َها الذ َ‬ ‫َأج ُر ُه ْم ِع ْن َد َربِّ ِه ْم َواَل َخ ْو ٌ‬ ‫ْ‬
‫ب ِم َن اللَّ ِه َو َر ُسولِ ِه‬ ‫ين‪ .‬فَِإ ْن لَ ْم َت ْف َعلُوا فَْأ َذنُوا بِ َح ْر ٍ‬ ‫ِِ‬
‫الربَا ِإ ْن ُك ْنتُ ْم ُمْؤ من َ‬ ‫َو َذ ُروا َما بَِق َي ِم َن ِّ‬
‫‪.‬وِإ ْن َكا َن ذُو ُع ْس َر ٍة َفنَ ِظ َرةٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس َْأم َوال ُك ْم اَل تَظْل ُمو َن َواَل تُظْلَ ُمو َن َ‬ ‫َو ْن ُت ْبتُ ْم َفلَ ُك ْم ُرءُ ُ‬
‫ِإ‬
‫ص َّدقُوا َخ ْي ٌر لَ ُك ْم ِإ ْن ُك ْنتُ ْم َت ْعلَ ُمو َن َو َّات ُقوا َي ْو ًما ُت ْر َجعُو َن فِ ِيه ِإلَى اللَّ ِه‬ ‫ِإلَى مي ٍ‬
‫س َرة َوَأ ْن تَ َ‬‫َْ َ‬
‫ت َو ُه ْم اَل يُظْلَ ُمو َن‪[  .‬البقرة‪]281-275/‬‬ ‫سبَ ْ‬ ‫س َما َك َ‬ ‫ثُ َّم ُت َوفَّى ُك ُّل َن ْف ٍ‬
‫‪     ‬وربا النظام االقتصادي العالمي‪ ،‬اليوم‪ ،‬مؤسس على نظريات‪ ،‬وقواعد‪ ،‬تدرس في‬
‫الجامعات‪ ،‬ويهيمن على المصارف‪ ،‬والبنوك‪ ،‬في كل زاوية من الكرةـ األرضية‪،‬‬
‫ويتمظهر بصو ٍر‪ ،‬وأشكال‪ ،‬ومنتجات‪ ،‬ال حصر لها‪ .‬لقد تمكن اليهود‪ ،‬دهاقنة الربا‪،‬‬
‫من إرساء االقتصاد العالميـ على أساس خبيث‪ ،‬هو الربا‪،‬ـ المذموم‪ ،‬في كتاب اهلل‪،‬‬
‫الربَا َو ُموكِلَهُ)‬
‫الملعون على لسان رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪( : -‬لَ َع َن آكِ َل ِّ‬
‫اه َدهُ َو َكاتِبَهُ) [رواه أحمد‪ ،‬وأبو‬ ‫الرباـ ومْؤ كِلَه و َش ِ‬ ‫ِ‬
‫رواه البخاري‪ ،‬وفي رواية‪( :‬آك َل ِّ َ َ ُ ُ َ‬
‫داود‪ ،‬والنسائي]‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫‪      ‬لقد اجتاح النظام الربوي العالمي‪،‬ـ جميع بالد الدنيا‪،‬ـ وانخرطت الدول‬
‫اإلسالمية‪،‬ـ في هذا المساق اللعين‪ ،‬وانصاعت مؤسساتها النقدية‪ ،‬ومصارفها‪ ،‬لقواعد‬
‫اللعبة اليهودية‪،‬ـ التي تسرق المال العام من أيدي مستحقيه‪ ،‬لتصبه في جيوبهم‬
‫الربَا َوقَ ْد ُن ُهوا َع ْنهُ َوَأ ْكلِ ِه ْم َْأم َو َ‬
‫ال‬ ‫البخيلة‪ ،‬كما وصفهم الخبير بهم ‪َ ( :‬وَأ ْخ ِذ ِه ُـم ِّ‬
‫َّاس بِالْب ِ‬
‫اط ِل) [النساء‪.]161/‬‬‫الن ِ َ‬

‫‪     ‬إن في العالمـ اإلسالمي‪،‬ـ من المخزون المالي‪،‬ـ والسلع االقتصادية العالميةـ‬


‫يمكنها من االستقالل‪،‬ـ بنظام مصرفي‪ ،‬إسالمي‪ ،‬متحرر‪ ،‬من أوهاق الربا‪،‬ـ‬ ‫المؤثرة‪ ،‬ما ِّ‬
‫ومصائده‪،‬ـ لو أن المسلمين جددواـ االستماع إلى خطبة حجة الوداع‪.‬‬
‫‪     ‬وإنه لمن دواعي األسى‪،‬ـ أن تعمد البنوك‪ ،‬والمصارف اإلسالمية‪،‬ـ الواعدة بأسلمة‬
‫االقتصاد‪ ،‬إلى صنوف من الحيل‪ ،‬والممارسات‪،‬ـ والتعامالت‪،‬ـ تشبه الربا‪ ،‬أو دخنه‪.‬‬
‫لقد ملَّت تلك المصارف من المشاريع االقتصادية الحقيقية‪ ،‬التي تتطلب جهداً‪،‬ـ‬
‫تدور المال بطريقة‬
‫ووقتاً‪ ،‬وآثرت صناعة (منتجات) سريعة المردود‪ ،‬قليلة الجهد‪ِّ ،‬‬
‫ابتزازية‪ ،‬وال تنشئ اقتصاداً حقيقياً‪ ،‬وال حراكاً سوقياً منتجاً‪ .‬وقامت كثير من‬
‫(الهيئاتـ الشرعية) بـ (تكييف) و (شرعنة) بعض التعامالتـ الربوية‪ ،‬لتعيد إخراجها‪،‬ـ‬
‫بثوب (إسالمي) ممهور بختم (فقهاء)‪ ،‬ال (خبراء)‪ ،‬وتحمل أسماء (التورق) و‬
‫(المرابحة)ـ و (التمويل) و (الصكوك)‪ ،‬ال (الفائدة)ـ و (الهامش)ـ و (السندات)ـ و‬
‫(الكمبياالت)‪.‬ـ‬

‫‪      ‬إن على المجامع الفقهية‪ ،‬والمتخصصين من المفتين بشؤون االقتصاد‪ ،‬أن‬


‫يمحضوا النصح للمسلمين‪ ،‬ويحملوهم على ما حملهم عليه نبيهم ‪ -‬صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ -‬في خطبته البليغة‪ ،‬الصريحة‪ ،‬الواضحة‪ ،‬وأال يتذرعوا بدعاوى(التيسير)ـ و‬
‫(التدرج) لتأنيس الربا‪ ،‬وتسليكه بين المسلمين‪ ،‬فلن يزيدهم ذلك‪ ،‬كما يشهد‬
‫ف ُي ْغنِي ُك ُم اللَّهُ ِم ْن‬
‫س ْو َ‬ ‫ِإ ِ‬
‫الواقع‪ ،‬إال تتبعاً للرخص‪ ،‬وإمعاناً في الربا‪َ ( ،‬و ْن خ ْفتُ ْم َع ْيلَةً فَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَ ْ ِ ِ‬
‫يم) [التوبة‪ .]28/‬وقى اهلل المسلمين مغبة الربا‪،‬‬ ‫يم َحك ٌ‬‫اء ِإ َّن اللَّهَ َعل ٌ‬
‫ضله ِإ ْن َش َ‬
‫وشؤم عاقبته‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫كتبه ‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبد الرحمنـ بن عثمان القاضي‬


‫‪al-aqidah@al-aqidah.com‬‬

‫‪6‬‬

You might also like