You are on page 1of 6

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫موقع العقيدة والحياة‬


‫‪www.al-aqidah.com‬‬
‫حديث األسبوع‬

‫اإلعالن العالمي لحقوق‬


‫اإلنسان‬
‫(خطبة حجة الوداع)‬
‫[‪ ]3‬الحقوق االجتماعية‬

‫بقلم الدكتور ‪ /‬أحمد بن عبد الرحمن القاضي‬


‫‪al-aqidah@al-aqidah.com‬‬

‫[‪ 20‬ذو الحجة ‪ 1431‬هـ]‬


‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫‪2‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫بسم اهلل الرحمنـ الرحيم‬


‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان [‪]3‬‬
‫(خطبة حجة الوداع)‬
‫‪     ‬الحمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نبي بعده ‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫‪     ‬فال زال المسلمون يعيشون أجواء موسم الحج‪ ،‬وآثاره‪ ،‬وينقلون إلى أهليهم‬
‫الصور البديعة للمناسك العظيمة‪ ،‬ويقطفون ثمار (المنافع) العديدة‪ ،‬لحجهم‪ .‬ولكن‬
‫ذلك‪ ،‬عما قليل‪ ،‬ستنسخه ماجرياتـ الحياة‪ ،‬وحوادث األيام‪ .‬وتبقى تلك الخطبة‬
‫النبوية الرائعة‪،‬ـ خطبة حجة الوداع‪ ،‬يوم عرفة‪ ،‬مدويةً في الخافقين‪ ،‬تحمل مقاصد‬
‫اإلسالم‪ ،‬ومحاسن الشريعة‪.‬ـ ونتناول في هذه الحلقة أحد الحقوق العظيمة ألتي‬
‫أرساها معلم الناس الخير‪ ،‬في ذلك المجمع الحافل‪:‬‬
‫ثالثاًـ ‪ :‬الحقوق االجتماعية‬
‫‪     ‬وتتمثل هذه الحقوق االجتماعية‪،‬ـ ببيان الحقوق الزوجية؛ إذ (األسرة)ـ نواة‬
‫المجتمع‪ ،‬ولبنته األولى‪،‬ـ فإن كانت آمنة‪ ،‬مستقرة‪ ،‬وادعة‪ ،‬صار المجتمع كذلك!‬
‫وإن طغى عليها الشقاق‪ ،‬والظلم‪ ،‬وسوء العشرة‪ ،‬استحال المجتمع إلى عش دبابير‪،‬‬
‫يلسع بعضهم بعضاً‪.‬‬
‫ِّس ِاء! فَِإ نَّ ُك ْم‬ ‫َّ ِ‬
‫‪     ‬جاء في سياق خطبته‪ - ،‬صلى اهلل عليه وسلم ‪( :-‬فَ َّات ُقوا اللهَ في الن َ‬
‫وطْئ َن‬‫ان اللَّ ِه‪ ،‬واستحلَلْتم ُفروجه َّن بِ َكلِم ِة اللَّ ِه‪ .‬ولَ ُكم َعلَي ِه َّن َأ ْن اَل ي ِ‬ ‫وه َّن بَِأم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ْ ُ ْ ُ َ ُ‬ ‫َأخ ْذتُ ُم ُ َ‬ ‫َ‬
‫ض ْربًا غَْي َر ُمَب ِّر ٍح‪َ .‬ولَ ُه َّن َعلَْي ُك ْم‬ ‫ض ِربُ ُ‬
‫وه َّن َ‬ ‫ك‪ ،‬فَا ْ‬ ‫ْن ذَلِ َ‬
‫َأح ًدا تَ ْك َر ُهونَهُ‪ .‬فَِإ ْن َف َعل َ‬
‫ُف ُر َش ُك ْـم َ‬
‫وف) [رواه مسلم]‪.‬‬ ‫ِر ْز ُقه َّن وكِسو ُته َّن بِالْمعر ِ‬
‫ُ َ ْ َ ُ َ ُْ‬
‫‪     ‬إن هذه الجمل المحكمة‪ ،‬تتضمن توزيع الحقوق والواجبات‪ ،‬على طرفي الحياة‬
‫الزوجية‪ ،‬وتستند في االلتزامـ بها على أفضل الضمانات‪ ،‬وأعظمها‪ ،‬وهي (التقوى) ‪:‬‬
‫(فاتقوا اهلل في النساء)‪ ،‬والتذكير العميق بحقيقة الوشيجة الزوجية‪ ،‬وسر رباطها‪:‬‬
‫وج ُه َّن بِ َكلِ َم ِة اللَّ ِه)‪ .‬إن هذه الكلمات‬
‫استَ ْحلَلْتُ ْم ُف ُر َ‬
‫ِ ِ‬
‫وه َّن بِ ََأمان اللَّه‪َ ،‬و ْ‬ ‫(فَِإ نَّ ُك ْـم َ‬
‫َأخ ْذتُ ُم ُ‬
‫لتزرع الحرج الواعي في ضمائر األزواج‪ ،‬الذين يجدون في أنفسهمـ نوع قدرة‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫وسلطة‪ ،‬على النساء الضعيفات‪،‬ـ وتحملهم على الوفاء بالواجبات‪ ،‬كما أنهاـ ال‬
‫تبخسهم حقوقهم ‪:‬‬

‫‪ -1 ‬فالزوجة مأمورة بحفظ غيبة زوجها‪ ،‬وطاعته‪ ،‬كما وصف اهلل بقوله‪:‬‬
‫ظ اللَّهُ)‪[  ‬النساء‪ ،]34/‬فيدخل في ذلك‬ ‫ات لِ ْلغَْي ِ‬
‫ب بِ َما َح ِف َ‬ ‫ات َحافِظَ ٌـ‬ ‫الصالِ َح ُـ‬
‫ات قَانِتَ ٌ‬ ‫(فَ َّ‬
‫أن تحفظ بيت بعلها أن يغشاهـ من ال يحب؛ من رجل‪ ،‬أو امرأة‪.‬ـ فللزوج حق الطاعة‬
‫َّل اللَّهُ‬ ‫ال َق َّو ُامو َن َعلَى الن ِ ِ‬ ‫بالمعروف‪ ،‬لما علَّل اهلل به‪ ،‬بقوله ‪ِّ ( :‬‬
‫ِّساء ب َما فَض َ‬
‫َ‬ ‫الر َج ُ‬
‫ض َوبِ َما َأْن َف ُقوا ِم ْن َْأم َوالِ ِه ْم) [النساء‪]34/‬‬
‫ض ُه ْم َعلَى َب ْع ٍ‬
‫َب ْع َ‬

‫‪      ‬إن نظام األسرةـ في اإلسالم مبني بشكلـ واضح على (قوامة) أو (قيام) الزوج‬
‫على أهل بيته‪ ،‬وتحمله المسؤولية التامةـ على من تحت يده‪ ،‬وذلك يمنحه‪ ،‬بطبيعة‬
‫الحال‪ ،‬حق الطاعة على زوجته بالمعروف‪ .‬وال يمكن أن يقود السفينة ربانان‪،‬وإال‬
‫أفضى إلى غرقها‪ .‬و(الزوجة) في النظام األسري المعاصر‪ ،‬متحررة‪ ،‬متمردة‪ ،‬غير‬
‫خاضعة لتوجيه زوجها؛ فيكفل لها القانون أن تصاحب من تشاء‪ ،‬وتخلوا بمن تشاء‪،‬‬
‫وتستضيف من تشاء‪ ،‬وتعمل حيث تشاء‪ ،‬دون الرجوع إلى الزوج‪ ،‬والحصول على‬
‫إذنه‪.‬ـ وقد أفرزت هذه الممارسات شراً عظيماً‪ ،‬وخطراً مستطيراً‪ ،‬لم يعد خافياً على‬
‫ذي عينين‪ .‬وليس من حق الزوج في النظام األسريـ المعاصر‪ ،‬أن يمارس أي لون من‬
‫ألوان التأديب‪ ،‬ألن القانون يحميها‪ ،‬ويدينه‪ ،‬فعليه أن يغمض على قذى‪ ،‬ويصبر على‬
‫مضض‪.‬‬

‫‪ -2 ‬والزوج في شريعةـ اهلل ملزم بالنفقةـ على أهل بيته‪ ،‬وأخصهمـ الزوجة‪:‬ـ ( َولَ ُه َّن‬
‫وف)‪ .‬حتى إن نفقةـ الوالدين‪،‬ـ واألوالد‪ ،‬تسقط‬ ‫َعلَي ُكم ِر ْز ُقه َّن وكِسو ُته َّن بِالْمعر ِ‬
‫ْ ْ ُ َ ْ َ ُ َ ُْ‬
‫باستغنائهم‪،‬ـ وال تسقط نفقة الزوجة بحال! ولو كانت من أغنى الناس‪ .‬بل قد أذن‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬للزوجة التي تعاني من بخل زوجها‪ ،‬وتقتيره‪ ،‬أن‬
‫تأخذـ كفايتها‪ ،‬وكفاية ولدها‪،‬ـ من ماله‪،‬ـ دون علمه‪ ،‬بالمعروف‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫ول اللَّ ِه‪ِ .‬إ َّن َأبَا ُس ْفيَا َن‬


‫ت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫َأن ِه ْن َد بِْن َ‬
‫ت ُع ْتبَةَ قَالَ ْ‬ ‫شةَ‪،‬ـ رضي اهلل عنها‪َّ ،‬‬ ‫فع ْن َعاِئ َ‬
‫‪َ    ‬‬
‫ت ِم ْنهُ‪َ ،‬و ُه َو اَل َي ْعلَ ُم‪.‬‬ ‫س ُي ْع ِطينِي َما يَ ْك ِفينِي‪،‬ـ َو َولَ ِدي‪ِ ،‬إاَّل َما َ‬
‫َأخ ْذ ُـ‬ ‫يح‪َ ،‬ولَْي َ‬
‫ِ‬
‫َر ُج ٌل َشح ٌ‬
‫وف) [رواه البخاري]‪.‬‬ ‫يك وولَ َد ِك بِالْمعر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ال‪ُ ( :‬خذي َما يَ ْكف َ َ‬ ‫َف َق َ‬
‫‪    ‬وكثيراً ما تلجأ الزوجة في المجتمعات الغربية‪ ،‬ومن تأثر بها‪ ،‬إلى ابتذال نفسهاـ‬
‫بالعمل‪،‬ـ بغرض تحصيل الرزق‪ ،‬وتتعرض لصنوف األذى الحسي‪ ،‬والمعنوي‪،‬‬
‫والتحرش الجنسي‪ ،‬بسبب الحاجة للكسب‪ .‬في حين تضمن الشريعةـ للمرأة‬
‫المسلمة‪ ،‬نفقاتها‪ ،‬وتحملها أباها‪ ،‬وزوجها‪ ،‬لتبقى درة مصونة‪ ،‬تزاول ما خلقت له‪،‬‬
‫وال تلقي بنفسها في مواطن االبتذال‪ ،‬واالبتزاز‪.‬ـ‬

‫‪      ‬وتتعاظم القوانينـ الحديثة‪ ،‬باسمـ حقوق اإلنسان‪ ،‬استعمالـ (الضرب) وسيلةً‬


‫تأديبية‪،‬ـ وتنبز اإلسالم بهذه الشائنة‪،‬ـ زعموا! وتتلجلج العبارات في أفواه كثير من‬
‫المنهزمين‪،‬ـ روحياً‪ ،‬وفكرياً‪،‬ـ من اإلسالميينـ بسبب سياط النقد الالذع الذي تنهالـ من‬
‫الغربيين‪ ،‬وأذنابهم‪،‬ـ فيتكلفون المحامل االعتذارية الوعرة‪ ،‬ويلوون أعناق النصوص‪،‬‬
‫َّص َارى َحتَّى َتتَّبِ َع ِملََّت ُه ْم قُ ْل ِإ َّن ُه َدى اللَّ ِه‬
‫ود َواَل الن َ‬
‫ك الَْي ُه ُ‬‫ضى َع ْن َ‬‫ليرضوهم ( َولَ ْن َت ْر َ‬
‫ك ِم َن اللَّ ِه ِم ْن َولِ ٍّي‬
‫اء َك ِم َن ال ِْعل ِْم َما لَ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫اء ُه ْم َب ْع َد الذي َج َ‬ ‫ُه َو ال ُْه َدىـ َولَِئ ِن َّاتَب ْع َ‬
‫ت َْأه َو َ‬
‫صي ٍر) [البقرة‪.]120/‬‬ ‫واَل نَ ِ‬
‫َ‬
‫‪      ‬إن األنظمة الحديثة تعتمد مبدأ (الثواب) و (العقاب)‪ ،‬وتدرك أنه ال غنى لسياسةـ‬
‫فلم تستعظم أن يلجأ الزوج في‬
‫الناس‪ ،‬وكبح جماح الناشزين‪،‬ـ من لون من الردع‪َ .‬‬
‫درجة ثالثة‪،‬ـ بعد استنفاد الوسيلتين األوليين‪ ،‬الموعظة‪ ،‬والهجر‪ ،‬إلى تأديب زوجته‬
‫الناشز‪ ،‬بإيالم جسدي‪ ،‬غير مبرح‪ ،‬يكسر فوعة النشوز‪ ،‬ويردهاـ إلى حال السواء؟!‬

‫‪      ‬إن دين اهلل ليس (مزاداًـ علنياً) و (كًأل مباحاً)ـ لكل من هب‪ ،‬ودب‪ ،‬ومشى‪،‬‬
‫ودرج‪ ،‬وليس خاضعاً لتغير األمزجة‪،‬ـ والنظم البشرية‪.‬ـ إن الذي خلق الخلق أعلم‬
‫بمصالحهم‪َ( :‬أاَل َي ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َق َو ُه َو اللَّ ِط ُ‬
‫يف الْ َخبِ ُير) [الملك‪.]14/‬‬

‫‪5‬‬
‫موقع العقيدة والحياة ــــــــــــــــــــــــــ ‪ www.al-aqidah.com‬ـــــــــــــــــــــــــ حديث األسبوع‬

‫‪     ‬ولو تفحص هؤالء المنهزمون ما يجري في بالد الغربـ من إساءة للنساء‪،‬‬


‫بمختلف أنواع اإلساءة‪ ،‬ألدركوا ما تتمتع به المرأة المسلمة من كرامة‪ ،‬ورعاية‪،‬‬
‫وصيانة‪ .‬لقد بات ما يسمى‪ )Women Abuse( :‬ظاهرة سائدةـ في المجتمعات‬
‫الغربية‪ ،‬تحكي االنهيارـ األخالقي‪ ،‬والمجتمعي للنظام االجتماعي الحديث‪ ،‬المستظل‬
‫بمظلة حقوق اإلنسانـ‪.‬‬

‫‪      ‬إنهما منظومتان اجتماعيتان متمايزتان‪:‬‬

‫‪ -    ‬منظومة اإلسالم التي جرى إعالنها في خطبة حجة الوداع‪،‬‬


‫‪ -   ‬ومنظومة الجاهلية الحديثة التي جرى تدشين بعض فقراتها في اإلعالن العالميـ‬
‫لحقوق اإلنسان‪َ ( .‬وِإنَّا َْأو ِإيَّا ُك ْم لَ َعلَى ُه ًدى َْأو فِي َ‬
‫ضاَل ٍل ُمبِي ٍن) [سبأ‪.]24/‬‬

‫كتبه ‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبد الرحمنـ بن عثمان القاضي‬


‫‪al-aqidah@al-aqidah.com‬‬

‫‪6‬‬

You might also like